الأمن الدولي والدراسات الأمنية بين الاتجاه التفسيري والطرح الإنساني الشاملInternation security and security studies between the interpretive trend and the comprehensive humanitarian proposal
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°28 Vol 15- 2018

الأمن الدولي والدراسات الأمنية بين الاتجاه التفسيري والطرح الإنساني الشامل

Internation security and security studies between the interpretive trend and the comprehensive humanitarian proposal
pp 156-167

رضا شوادرة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تعتبر الدراسات الأمنية جزءا كبيرا من البحوث العلمية التي اختلفت في تحليلها وتفسيراتها وفقا لأراء ونظرة المفكرين والباحثين عبر الزمان والمكان، فلكل زمان خصوصياته ولكل مكان حدوده وميزاته. لهذا السبب تمايزت الأفكار والنظريات في تناول مفهوم الأمن بالدراسة، بدءا بالجانب الفلسفي من التفكير مع التصور المثالي مرورا بالطرح العقلاني للمدرسة الواقعية وروادها التقليديين والجدد، ووصولا إلى الاتجاهات الجديدة التي ميزت فترة ما بعد الحرب الباردة، وذلك من خلال حركية التفاعل النظري بين العديد من المدارس وفي كل المجالات.

الكلمات المفاتيح:الأمن، الامن الانساني، التنمية الاقتصادية، التدهور البيئي، حقوق الانسان، النزاعات الدولية، الديمقراطية والحوكمة.

Les études sur la sécurité constituent une part importante de la recherche scientifique, dont l'analyse et l'interprétation ont différé selon les points de vue et les vues des penseurs et des chercheurs, à travers le temps et l'espace, et ce, à chaque fois de ses particularités et de ses limites et caractéristiques. C'est pourquoi les idées et les théories différaient dans le concept de sécurité de l'étude, en commençant par l'aspect philosophique de la pensée avec la perception idéale par l'introduction rationnelle de l'école du réalisme et de ses pionniers traditionnels et nouveaux, et par les nouvelles tendances qui ont caractérisé l'après-guerre froide, par l'interaction théorique dynamique entre plusieurs écoles. Dans tous les domaines.

Mots clés :Sécurité, Sécurité humaine, Développement économique, Dégradation de l'environnement, Droits de l'homme, Conflits internationaux, Démocratie et gouvernance

Security studies are an important part of scientific research, whose analysis and interpretation have differed according to the views of thinkers and researchers, across time and space, depending on its peculiarities, limits and characteristics. That is why the ideas and theories differed in the concept of study safety, starting with the philosophical aspect of thought with the ideal perception through the rational introduction of the school of realism and its traditional pioneers, and by the new tendencies that characterized the post-cold war era, through the dynamic theoretical interaction between several schools.

Key words:Security, Human security, Economic development, Environmental degradation, Human rights, International conflicts, Democracy and governance

Quelques mots à propos de :  رضا شوادرة

جامعة محمد لمين دباغين سطيف2chouadra.ridha@yahoo.fr

مقدمة

بنهاية الحرب الباردة شهد المجتمع الدولي تحولا في المنظومة المفاهيمية التي سادت ولفترة طويلة مسار العلاقات الدولية وميزت مختلف مجالات الدراسة فيها. من هذه المفاهيم: القوة، السيادة، الخطر، الأمن وغيرها من المصطلحات التي استجدت في إطار محاولات لصياغة أو وضع أسس نظرية وعلمية جديدة قادرة على تبرير وتفسير كل تلك التحولات سيما المتعلقة بمفهوم الأمن الذي شكل ومنذ الأزل العنصر الأهم في الحياة البشرية. واتخذت الدراسات الأمنية جزءا كبيرا من البحوث العلمية التي اختلفت في تحليلها وتفسيراتها وفقا لأراء ونظرة المفكرين والباحثين عبر الزمان والمكان، فلكل زمان خصوصياته ولكل مكان حدوده وميزاته. لهذا السبب تمايزت الأفكار والنظريات في تناول مفهوم الأمن بالدراسة، بدءا بالجانب الفلسفي من التفكير مع التصور المثالي مرورا بالطرح العقلاني للمدرسة الواقعية وروادها التقليديين والجدد، ووصولا إلى الاتجاهات الجديدة التي ميزت فترة ما بعد الحرب الباردة، وذلك من خلال حركية التفاعل النظري بين العديد من المدارس وفي كل المجالات ، وقد ظل حقل الدراسات الأمنية في حالة من التطور الدائم نظرا لصعوبة تحديد معنى شامل للدلالة على مفهوم الأمن من جهة، ولإتساع طبيعة ومجال وكذا مستويات التحليل المرتبطة بالظواهر ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بالأمن من جهة أخرى. ولان هذه الدراسات هي محاولة لبناء مقاربة تحليلية متكاملة لتفسير الظاهرة الأمنية في كل مستوياتها وبجميع مظاهرها. وسأحاول من خلال هذه الورقة البحثية تجميع أهم الأفكار النظرية التي تناولت الأمن ليس كوضع وإنما كمسار، وذلك بالإجابة على الإشكالية الآتية:

هل تمكنت الإتجاهات النظرية الأمنية التقليدية من تفسير الواقع الأمني الدولي الراهن؟ أم أن هناك إتجاهات نظرية حديثة لتحليل المعضلة الأمنية الدولية الراهنة؟

الإجابة على هذا التساؤل ستكون عبر تناول شرح المعادلة الأمنية الآتية:

     1) ما أو من، نؤمن؟   2) من يؤمن؟  3) كيف ولماذا؟

في إجابتنا على السؤال الأول سنتطرق إلى الشيء (objet) أو الشخص الذي يتلقي فعل التأمين.

في الجواب الثاني ستكون الجهة المعنية بوظيفة التامين هي وحدة التحليل سواء كانت الدولة أو الفرد أو المنظمة أو...

سؤال كيف ولماذا هو بحث في الوسائل والأدوات المستخدمة لضمان الأمن في كل مستوياته وكذا معرفة سبب القيام بفعل التامين الذي يرتبط بمختلف أنواع التهديد والخطر التي تحدد كيفية المواجهة.

وستكون هذه الورقة لمحة عن جل النظريات التي تناولت مفهوم الأمن وذلك بتقديم الأسس الفكرية التي انطلقت منها لدراسة الظاهرة الأمنية بكل عناصرها، ولكن قبل ذلك تجدر الإشارة إلى بعض التعريفات اللغوية والإصطلاحية للمفهوم.

 -1تعريف الأمن

الأمنلغة من فعل "أمن" ومن "الأمان" و"الأمانة"، ويقول الشخص أمنت فانا آمن، وأمنت غيري أي ضمنته ضد الخوف(1)، وأصل الأمن في اللغة” طمأنينة النفس وزوال الخوف “، ولا يكون الإنسان آمنا حتى يستقر الأمن في قلبه. فكلمة الأمن ككلمة السلم أو السلام من الكلمات المتداولة في العلاقات الدولية وهي مثلها مثل كلمة السلم تفقد إلى تعريف قاطع يمكن الرجوع إليه، وكثيرا ما يتم الحديث عن امن المواطن ولكن الأمن يقصد به في العادة” امن الدولة” ولأنه يرتبط بفكرة السلطة التي تتدخل لتنظيم المجتمع حتى يتوافر للمواطن أمنه. ولما كان الأمن من طمأنينة النفس وزوال الخوف فهو مرتبط بالإنسان وهو الحاجة الأولى والمطلب الدائم له.(2)

واشتقتكلمة الأمن من الكلمة اللاتينية (Securitas/Securus) وهي كلمة مركبة من: «sine» و«cura»«Sine» وتعني "دون"(without)، و(cura) أو(curio) وتعني "الخوف"(troubling)، أو الألم ((painأو القلق(anxiety) أو الحزن (sorrow and grief) (3)الخ...

كما جاء في القاموس الانجليزي التعريف اللغوي التالي (The Oxford English Dictionnary) أن الأمن هو الوضعية التي تكون فيها آمنا والتي تتضمن:

      -أ- أن تكون بعيدا عن أي خطر أو تهديد.

      -ب- الحرية من أي شكل من القلق والخوف.

      -ج-الشعور بالاستقرار.        

وبذلك تكون كلمة (securitas) الحرية والتحرر من الخوف، القلق، الألم، الحزن وغيرها. وقد استعمل "شيشرون" الكلمة للتعبير عن الحرية من أي خلل عقلي، سلامة واستقرار العقل، وفي الفترة الأوغستينية استعملت الكلمة للدلالة على ضمان الأمن من كل شك أو واجب.أما مفهومالأمن اصطلاحا فحسب دائرة المعارف البريطانية هو:"حماية الأمة من خطر القهر على يد أجنبية"(4). ولكن المصطلح ارتبط أكثر بحالة اللاأمن الناتجة عن التهديد العسكري لما بعد الحرب العالمية الثانية، ومرحلة السباق نحو التسلح وتم إغفال باقي المعاني التي يحملها الأمن في مضمونه الإنساني.                                                                                            

وقد اختلفتالتعاريف الاصطلاحية للمفهوم حسب اختلاف الآراء والمفكرين، حيث عرف "ارنولد وولفرز"(Arnold WOLFERS) منذ 1950الأمن على "أنه من جانب موضوعي يحدد غياب التهديدات على القيم المركزية (الموجودة) أو من جانب ذاتي هو الخوف من أن تتعرض هذه القيم المركزية للهجوم."(5)وذهب "كوفمان"(KAUFMAN) إلى أن أغلب وجهات النظر حول مفهوم الأمن تلتقي في جوهرها عند قاسم مشترك وهو إدراكها أن الأمن وإن دل على شيء فإنما يدل عموما على الخوف، ويدعم جوزيف ناي ذلك بقوله:"الأمن لا يعني بالمحصلة إلا الشعور بغياب التهديد أو الخطر. "(6)    

ويعرفه باري بوزان (BARRY Bazan) "بأنه العمل على التحرر من تهديد"(7)وقد أثار هذا" العديد من التساؤلات أكثر مما فسر مفهوم الأمن، ومنها:              

ما هو موضوع الأمن؟ أي ما هي الوحدة المرجع المعنية بحماية قيمها المركزية: الدولة-الأمة، وحدة مشتركة غير الدولة، الإنسانية أم الفرد ما هي التهديدات التي يجب أن تختفي؟،هل هي تهديدات عسكرية، غير عسكرية (اقتصادية، بيئية، أيديولوجية،)؟ كيف تتحدد الأخطار؟ هل موضوعية أو ذاتية؟ وما هو الخطاب الذي يجعل من الخطر رهان للأمن؟                                                                                                   ما هي القيم التي يجب حمايتها؟ هل الاستقلال الوطني، الوحدة الترابية، الرفاه الاقتصادي، الهوية الثقافية، الحريات الإنسانية...؟(8)

الإجابة على هذه الأسئلة تباينت حسب الإطار الفكري تبعا للنظرية التي تم من خلالها النظر للمصطلح. فالتوسع الوظيفي لمفاهيم الخطر والأمن أخذ حيزا كبيرا من عمليات الدفاع التقليدي وهي عمليات اتسمت بمظهرين:(9)

الأول:وهو أشكال العنف التي تمثل قلب السياسة الأمنية الذي اتسع وتحول من الحروب بين الدول ليشمل أنماطا مختلفة من الصراعات، كالحروب الأهلية والمتمردين داخل وخارج الدول (الإرهابيين مثلا)، انتشار الجريمة، العنف بكل أنواعه. وبغض النظر عن إلحاق الضرر بالناس فان ما هو مشترك بين هذه الأشكال جميعا هو تهديدها باحتكار القوة. لهذا فان الهدف الأمني لأية دولة وحكومة وطنية هو توفير الحماية لمواطنيها وحقوقهم ضد كل أشكال الاضطرابات دون الفصل بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي.

الثاني: هو مدى أهمية الأمنكظاهرة حتى ولو لم يكن هناك أي شكل من أشكال الصراع. وهذا بسبب ما يعيشه سكان العالم من آفاق وأمراض (ايدز، الفلوانزا الخنازير ...) فقر مدقع، وكذا الاضطرابات المناخية والبيئية التي قد تصيب البشر والمحاصيل وأحداث أخرى قد يسببها الاحتباس الحراري، التصحر وتناقص الموارد الطبيعية.

وقبل أن نقدم أهم الأفكار النظرية ربما سنجيب عن سؤال: هل فعلا توجد نظريات للأمن؟  

الإجابة هي نعم إذا ما لاحظنا الوسائل المتاحة للتفكير في الأمن، وإذا أحصينا الجهود المبذولة لتقديم مصطلحات لمختلف الممارسات.                           ونقول لا: لأن الأمن يتعلق بإشكالية خاصة ورغم كونه جزء من العلاقات الدولية، فيمكن اعتباره مستقل؛ ولقد قدم عدد من الكتاب الخطوط العامة للدراسة الأمنية التي ترتبط بثلاث عناصر أساسية(10):

1- التهديد ((La menace   

2- المعني بالتهديد (Ce qui est menacé)

3- المحافظة على هذا الشيء (Maintenir l’objet menacé) ومع تنوع أشكال الأمن وأهميته فلقد تناولته العديد من المقارباتللبحث في هذه العناصر، والتي سنتناولها في بحثنا هذا وفق محورين:

 المحور الأول وفيه لمحة عن أهم النظريات التقليدية لمفهوم الأمن.

 المحور الثاني يتطرق إلى أهم الأفكار الحديثة في الدراسات الأمنية.

Iالنظريات التقليدية ومفهوم الأمن

قبل الحربالعالمية الثانية كانت الدراسات الأمنية من اختصاص العسكريين والإستراتجيين، ولأن الحرب العالمية الأولى أوضحت أنه لا يمكن أن تترك الحرب بيد الجنرالات، أدى تدخل المدنيين في الحرب العالمية الثانية إلى تحول الدراسة في المجال الأمني والتي عرفت حسب المفكر"ماك سويني"(Mc Sweeney) أربعة مراحل في تطورها:

المرحلة الأولى: وتبدأ مع انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى أواسط الخمسينيات وارتبطت بمصطلح الأمن الجماعي وكانت دراسة الأمن جزء من دراسة القانون الدولي والمنظمات الدولية والنظرية السياسية. 

المرحلة الثانية: منذ منتصف الخمسينيات بدأت مرحلة جديدة مع تطور البحث في علم السياسة. وأثناء الحرب الباردة تطور البحث في المقاربات العلمية للتهديد واستعمال القوة للدفاع عن مصلحة الدولة واستتباب الأمن.كما ظهرت مصطلحات جديدة كنظام الأمن((Régime de sécuritéوالأمن الدولي(Sécurité Internationale( تؤكد اعتماد الدول يما بينها.

المرحلة الثالثة: وكانت مع بداية الثمانينيات وعرفت إعادة النظر في المقاربات النظرية الموجودة ونجاح نظريات الاعتماد المتبادل ومقاربات السياسة الاقتصادية الدولية مع "جيلبان"(Gilpin) و"كيوهان"(Keohane).

المرحلة الرابعة:وهي مرحلة ما بعد الحرب الباردة، أين اتخذت الدراسات الأمنية أبعادا أخرى بدخولها كل الميادين والمجالات.(11)

2- التصور الواقعي للأمن 

لقد اعتبرت معظم الدراسات في السياسة الدولية أن الدولة أهم وحدات النظام السياسي وأن الوحدات- الدول تتباين من حيث الإمكانات المادية والبشرية، الحضارية والقيمية، لذا تختلف تصوراتها وتتمايز مصالحها الوطنية القومية ووسائل تحقيقها ولما اختلفت التصورات وتتمايزت المصالح وأصرت الدول على تحقيقها لتأكيد مركزها وهيبتها الدولية؛ أصبحت حالة صراع واصطدام المصالح السياسية وغير السياسية حالة قائمة ومستمرة. لهذا لا تمانع الدول من اللجوء راغبة أو مكرهة إلى القوة كوسيلة نهائية لحسم الصراع إذا تعذر سلميا، وهي بذلك لا تحمي مصالحها وأمنها العسكري فحسب بل وقيمها، عاداتها، تقاليدها الاجتماعية وأهدافها السياسية والاقتصادية(12).ولقد أتفق الواقعيون على أن الأمن هو الهدف الدائم للسياسة الخارجية للدول رغم أنهم اختلفوا في أهمية مقارنته بالأهداف الأخرى:القوة، الثروة، الشهرة....فمن ناحية يرى "ارنولد وولفرز"  (Arnold WOLFERS)أنه": ليست كل الأمم تجعل القيم الأخرى تابعة للأمن... حتى وان اهتمت وفي أغلب الوقت-وهذا من حقها- بأمنها وقبلت بتقديم التنازلات لدعم نفسها"(13). ومن ناحية أخرى اعتبر "كينث والتز Kinth Waltz" أن "الأمن هو الهدف الأول للدولة والذي يشجعه النظام الدولي، لأنه بضمان بقائها-الدول- تبحث عن تحقيق أهداف مثل الاستقرار، المصلحة والقوة"(12).فبعد أن أثبتت الحربين العالميتين الأولى والثانية أن القوة هي المفسر للعلاقات الدولية، هيمنت الواقعية  في تفسير الظاهرة الأمنية؛ خاصة وقد ارتبط مفهوم المصلحة الوطنية بالأمن  القومي وكذلك من منطلق أن الأمن ملائم للعلاقة بين الدول فقط وأن ضمانه مرتبط ببناء توازنات عسكرية سواء كانت تقليدية أو نووية.وهذا ما يضمن القضاء على مصادر التهديد(14)، خاصة في ظل الفوضى الأبدية التي ميزت النظام الدولي في تلك الفترة ووصفها"والتر ليبمان" بالحرب الباردة وعرف الأمن من خلالها على أن:" الدولة تكون آمنة عندما لا تضحي بشرعية مصالحها لتجنب الحرب...وتكون قادرة في حالة المواجهة على إبقاء هذه المصالح بالحرب"(15).ولأن العلاقات الدولية تدور في وسط تغيب فيه السلطة المركزية، وكل دولة تجد نفسها باستمرار عرضة للخطر من قبل دولة أخرى عسكريا؛ وفق مبدأ (الاعتماد على النفس لوالتز)، وفي إطار يغذيه خوف دولة "أ" من "ب" أو ما يعرف حسب "اوبر بترفيلد" BUTTERFIELD Hubert)) بالخوف الهوبزي (La peur Hobbesienne)(16).كما ساعد ميزان التهديد الذي ساد بفضل النووي في النصف الثاني من القرن العشرين على ربط أمن الأفراد بحكوماتهم بصفة أكثر، وجعل من الدولة المسؤول الأول والوحيد على حماية مواطنيها مقابل الحصول على ولائهم ؛ وذلك في شكل عقد اجتماعي(*)وخاصة مع تأثر زعيم الطرح الواقعي "هانس مورغنتو" بهوبز(17)

ولكن السؤال الجوهري الذي يطرح هو عن طبيعة الأخطار والتهديدات، وكيف يمكن أن يحدد التهديد؟   

يرى الواقعيون في الأخطار العسكرية أهم تهديد لأمن الدولة وخاصة التهديدات الخارجية، وعليه فان الدراسات الأمنية حسب "والتز" Waltzيجب أن تركز على دراسة التهديد واستعمال ومراقبة القوة العسكرية(18)، وإبقاء الأمن في نطاق دولاتي-عسكري من خلال استعمال الوسائل التقليدية كأضمن (*) اتفاق شبيه بالعقد الاجتماعي لهوبز ولوكحل وأكثرضمان للأمن.على هذا الأساس يمكن تحديد مفهوم الأمن تقليديا على أنه"حماية مصالح الدولة الوطنية والقومية من التهديدات الخارجية التي تحول دون تحقيقها باستخدام القوة كوسيلة نهائية لاستئصال مصادر التهديد وضمان استمرارية تحقيق تلك المصالح."(19)                                     

لذلك كان أمن الدولة يفهم على أنه أمنها العسكري فقط؛ وأدى إلى أن لجأت الدول الأكثر مقدرة إلى التحالفات لمواجهة الأخطار المحتملة لضمان الأمن الجماعي للدول كدعم لفكرة الاعتماد المتبادل فيما بينها. ورغم ما قدمته الواقعية من أفكار-لا يعتبرها كثيرون نظرية- إلا أنها اعتبرت بعيدة عن الدراسات الأمنية لأنها استندت إلى مفاهيم غامضة؛ لعدم وجود مناهج أكيدة لدراستها. فمثلا فكرة توازن القوى كمفهوم أمني قائم على فكرة عقلانية لم يكن واضحا؛ وهو كثقافة ارتكز على تحقيق الحد الأقصى للأمن بدلا من ثقافة التوازن بمرتكزاتها الأساسية كالدبلوماسية، التحكيم، الوساطة وكل الوسائل السلمية. وهذا ما أدى إلى المأزق الأمني الذي حاول الواقعيون الجدد إيجاد تفسير له وتدارك اللبس الفكري الذي وقع فيه الواقعيون التقليديون.

ارتكزت الواقعية الجديدة على فكرة أن الفوضى هي سمة النظام الدولي الذي تغيب فيه سلطة مركزية قادرة على ضبط سلوك الدول، وأن ازدياد درجات الصراع حتى في وضعية اللاحرب يجعل من احتمال قيام الحروب أمرا متوقعا على الدوام.ولأن الريبة والشك تؤدي إلى فقدان الثقة(20)وأن وجود التعاون بين الدول أمر متوقع وقائم ولكنه محدود ومقيد بمنطق التنافس الأمني المسيطر عليه والذي لا يزول مهما كان حجم التعاون،فالسلام الحقيقي والدائم في العالم مرهون بالمعضلة الأمنية.(21)

-3مبادرات لإعادة النظر في إشكالية الأمن    

لتفاديتفاقم المعضلة الأمنية كانت هناك العديد من الاقتراحات لبعض المفكرين اللذين ورغم انتمائهم للواقعية كنظرية وطرح إلا أنهم طالبوا بضرورة توسيع مفهوم الأمن وكان ذلك في إطار ما عرف بمدرسة كوبنهاغن؛ وعرفوا بالتوسعون (Widners). ولقد انطلق هؤلاء من أن تحليل مفهوم الأمن يجب أن يكون بعيدا عن سؤال القوة والسلام، وأن التعاون الدولي هو الحل لمعضلة الأمن، ولأن مفهوم الأمن كما يقول "باري بوزان"((BUZAN Barryيثير النقاش حول مقاربة فهم السلوك، فالقوة والسلام ما هما إلا محوران لفهم السلوك(22). كما أضاف "اول ويفر" (WAEVER Ole) و"غالتغ" (GULTUNG)وآخرون من رواد المدرسة مصطلحات جديدة للدراسات الأمنية مثل "الفوضى الأكثر نضوجا"؛ والتي تدرك فيها الدول الأخطار الشديدة التي تنطوي عليها مواصلة المنافسة الشديدة في عالم النووي.(23)واستخدمت المدرسة لتوضيح ذلك بتوظيف منهجية "فعل الكلام"(The Speech Act)*)لمعرفة وتقدير إن كان الخطر يهدد الأمن أم لا، وقد يكون الخطر

يعرف(Waever) أنه من خلال نظرية الكلام يمكن اعتبار الأمن كفعل، وفي هذه الحالةيكون الأمن غير مهم كدليل ومرجع لشيء واقعي، ولكن النطق بكلمة "أمن" بحد ذاته فعل يتطلب تمثيل سياسي من جهة وضمان الحق باستعمال الوسائل الضرورية للتحكم في النتائج من ناحية أخرى.

عسكري أو غير عسكري. هذه المنهجية تسمح بتقديم تعريف سلوكي للأمن أكثر من كونه تعريف تعاقدي (الطرح الواقعي)؛ على اعتبار أن الفرد هو وحدة للتحليل كذلك(24)، وأن الدولة لم تعد الموضوع المرجعي الوحيد لفهم وتفسير الظواهر الأمنية على المستوى الإقليمي والعالمي، والموضوع المرجع يتغير بتغير القطاع الأمني قيد الدراسة ويتأثر بعوامل وبمجالات خمسة وعليه نكون أمام أشكال الأمن الآتية(25):

1-الأمن العسكري: ويرتبط بالقدرات الهجومية والدفاعية للدول وكذلك القدرات التصورية للقدرات العسكرية لدولة أخرى.

2-الأمن السياسي: ويتعلق بالهجوم ضد استقرار التنظيم داخل الدولة وهو موجه ضد الحكومة وضد مؤسسات وأيديولوجيات تعبر عنها الدولة.

3-الأمن البيئي: ويتعلق بالحفاظ على البيئة والطبيعة كعنصر متغير أساسي للحياة والتهديد، قد تكون في شكل زلازل، براكين، فيضانات أو تلويث للبيئة...وقد يكون التهديد العسكري خطرا على القطاعات الخمس.

4-الأمن الاقتصادي: الحصول على الموارد، المال، الثروة بهدف المحافظة على الصحة كأهم مؤشر للأمن.

5-الأمن الاجتماعي: ويرتبط بالأخطار ضد الهوية الوطنية أو الاجتماعية والقيمية...                       

إذن لقد حاولالتوسعيون الإجابة على السؤال المتكرر والمرتبط بما يجب تأمينه، وقالوا "الجماعات"(collectivités)(26)دون تحديد الجماعات المعنية والواجب تأمينها. وقام " باري بوزان" كأهم مفكر في مدرسة "كوبنهاجن" (Copenhagen) بتطوير مفاهيم أخرى مرتبطة للأمن، كالأمن الإقليمي، الأمن المجتمعي وغيرها.

     وحسب "بوزان" لا يمكن فهم أمن الدول دون الأخذ بعين الاعتبار "الإطار الذي يوجد فيه (الإقليم)، ودراسة الوحدات "تحت-الأنظمة"(Sous-systèmes) التي تتميز بجمع الدول المتقاربة جغرافيا. ولأن الأمن هنا يفهم وفقا للعلاقة صديق/عدو؛ والتركيز على الأخطار المشتركة لهذه المجموعة من الدول التي لا يمكن أن يقوم أمن إحداها بعيدا عن الأخرى مع وجود شعور موحد لتهديد بعينه(27). على هذا الأساس ربط مفكرو المدرسة دراسة التهديد بالتركيز على نوعية إدارة التهديد باستعمال وسائل متميزة، وعلى التهديداتالموجودة وتهدد الأشياء (الدول، المجتمعات، الأمم...). ويتم هذا تحت القطاعات سابقة الذكر ووفق مستويات التحليل الآتية(28):

1-   النظام الدولي، 2- تحت النظام (Sous-système Le)، 3- الوحدات (مثل الدول)، 4- ما تحت الوحدات (Les Sous-Unites) (كاللولبيات، البيروقراطيات...) 5- الأفراد.

2-الطرح الليبرالي للأمن

انطلقت اللبراليةمن فكر سياسي كلاسيكي وبمجموعة من الأهداف العملية والمثاليات أساسها أن الفرد هو وحدة التحليل الأهم؛ والمطلوب توفير الحقوق له. وأن دور الدولة هو دور جزئي في المجتمع اللبرالي، وهي تتصرف بشكل أساسي كحكم ي النزاعات بين الأفراد وضمان توفير الشروط التي يتابعون بها الحصول على حقوقهم كاملة. فرغم وجود اختلاف بين المنظرين اللبراليين إلا أنهم أجمعوا على أهمية الفرد وعلى دور الدولة كوجود محدود لتحقيق الاستقرار السياسي، الاجتماعي، البيئي والاقتصادي يمكن الأفراد من التفاعل والكفاح للوصول بخياراتهم إلى النهاية(29). ومع اختلاف اللبراليون كذلك مع الواقعيون في مبادئهم، فقد التقوا معهم في فكرة أن حالة الفوضى التي تميز عالم السياسة تساهم في زيادة اللاثقة والإرتياب فيما بين الدول، وتكون عائقا أمام التعاون والسلام. ولكنها تفترض انه وكما يمكن أن يكون انسجام في المصالح بين الأفراد داخل الدولة، سيكون انسجام في المصالح بين الدول(30). وتضمنت اللبرالية اتجاهات فكرية أهمها اللبرالية البنيوية واللبرالية المؤسساتية.

2- 1- اللبرالية البنيوية

وإستندت إلى فكرة السلام الديمقراطي التيظهرت في ثمانينات القرن العشرين موضحة إن انتشار الديمقراطية من شانه أن يؤدي إلى زيادة الأمن زيادة الأمن الدولي، وهي مصدر أساسي للسلام.

   وتعود فكرة السلام الديمقراطي إلى الأبحاث التي قام بها كل من "سمول مالفين" (Melvin SMALL) و"دافيد سينغر"(David SINGER) وكانت في مقال نشر لهما سنة 1976في صحيفة القدس للعلاقات الدولية؛ بعد أن قاما بتوسيع فكرة "ايمانويل كانط"(Immanuel Kant) لعام 1796في مقاله "السلام الدائم" والذي اعتبر فيه أن الحكومات الجمهورية تجنح للسلم عكس الحكومات التي يحكمها متسلطون يسعون لتحقيق رغباتهم(30). كما دعم الفكرة فيما بعد "مايكل دويل" (DOYLE Michael) و"بروس روست" (RUSSET Bruce). وأشار "دويل"إلى أن التمثيل الديمقراطي والالتزام الأيديولوجي بحقوق الإنسان والترابط العابر للحدود الوطنية هي العناصر الأساسية المفسرة لاتجاه (الميل للسلام) الذي يميز الدول الديمقراطية، وأن اهتزاز الأمن مرتبط بغياب الصفات والقيم الديمقراطية التي من دونها يحل منطق القوة محل منطق التوفيق(31).  

كما يؤكد اللبراليون أن الحروب بين الديمقراطيات نادرة أو لا وجود لها، وأنه من الأكثر احتمال أن تسوي الديمقراطيات خلافاتها المتعلقة بتعارض المصالح فيما بينها دوناستخدام القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها، ولأن المعايير والقيود المؤسسية المشتركة تعني عدم لجوءها إلى تصعيد النزاعات إلى حد التهديد باستخدام القوة ضد بعضها البعض، وتلجا إلى الوساطة والمفاوضات لحل خلافاتها أو إلى أي شكل من أشكال الدبلوماسية السلمية. ويرى "روست Roust" أن القيم الديمقراطية ليست العامل الوحيد الذي يجنب الدول الحرب؛ بل أن القوة والاعتبارات الإستراتيجية تؤثر كذلك في حسابات جميع الدول بما في ذلك الديمقراطيات. وأحيانا يكون لهذه الاعتبارات القول الفصل رغم ما للقيم الديمقراطية المشتركة من دور في كبح المعضلة الأمنية وتحقيق المزيد من الأمن وإيجاد عالم أكثر سلام(32).  

2-2- اللبرالية المؤسساتية

وجاءت للرد على الواقعية الجديدة التي تزعمها "كنيث والتز Kinth Waltz"، وظهرت في ثمانينات وأوائل القرن العشرين. ويعتمد أصحاب هذا الطرح أن النمط الناشئ للتعاون المؤسساتي بين الدول يفتح المجال أمامفرص لم يسبق لها مثيل في السنوات القادمة، وأن المؤسسات الدولية تلعب دورا في المساعدة على تحقيق التعاون والاستقرار. ويرى "كيوهان"(Keohane)و"مارتن" (Martin):"أن بإمكان المؤسسات توفير المعلومات وخفض تكاليف العمليات، وجعل الالتزامات أكثر موثوقية وإقامة نقاط تركيز من أجل التنسيق والعمل على تسهيل إجراءات المعاملة بالمثل(33)". فالمؤسسات تساهم في التغلب على العداوة التقليدية بين الدول الأوروبية، ولو أن الأوروبيون تأثرت بالحسابات الضيقة للقوة لما قام أو تلاشى الاتحاد الأوروبي أو حلف الأطلسي. ومع أن المؤسسات قد لا تمنع الحروب إلا أنها تخفف من مخاوف الغش وتلطيف المخاوف التي تنشا أحيانا من المكاسب غير المتكافئة الناتجة عن التعاون، وهي آلية مهمة في تحقيق الأمن الدولي رغم استمرار القوة العسكرية في العلاقات الدولية (الطرح الواقعي).  

من ابرز اللبراليين كذلك نجد"جوزيف ناي"(NYE Joseph) الذي قدم مقاربة (القوة الناعمة) كفكرة وسط بين الواقعية واللبرالية؛ الأمر الذي جعله واقعي-لبرالي (مثل ستانلي هوفمان Hofman). وعرف"ناي Ney" القوة الناعمة بـ:"القدرة على تحقيق النتائج المرجوة من خلال الجذب والإقناع، بدلا من اللجوء إلى الوسائل الإكراهية التقليدية، فهي باهضة وغير مضمونة، وبدلا من تستعمل تكنولوجيا المعلومة والمعرفة: أهم استراتجيات لضمان الأمن.(43)"

 II- المقاربات الحديثة للأمن                                 

لفترة طويلة ظل حجم التهديدات ومدى المخاطر أثناء الحرب الباردة مركزا على الصفقات التي تضم دولا- أمما تقليدية والتحالفات التي تقودها (نموذج وستفاليا).بعد 1990أصبح تحليل المشكلات الأمنية وحلولها يتصدر الاهتمامات ويلقي الضوء على فواعل أخرى داخل الدولة وخارجها؛ كحركات التمرد، المجتمعات الاثنية والإقليمية، الشركات متعددة الجنسيات والأطراف وغيرها. كما تناولت البعد الدولي كالأعمال الإرهابية الإجرامية، واتسعت لتشمل الأبعاد الإنسانية التنموية. ولقد حدث هذا التحول لأسباب عدة أهمها(35):   

1-أن مشاكل الأمن ليست نفسها بالنسبة للدول(متطورة-نامية)، وتحليل المشاكل لا يكون بنفس الطريقة.

2-التهديد بالنسبة للدول يتطور وفقا للتحول في العنف (إستراتيجية غير مباشرة، نزاعات، إرهاب...) ووفقا للمحيط الدولي. ولهذا كان الحديث عن الأمن الطاقوي في السبعينيات وتغير الحديث بعد أحداث 11سبتمبر 2001.

  السلطات السياسية لم ترغب ولا تريد أن يكون تعريف الأمن   ضيق حتى لا تتحدد قدراتها أمام مواجهة الأخطار ضد أي مصلحة حيوية.

   هذا ما أدىإلى ظهور مجموعة من الأفكار النقدية التي ومع اختلافها في نواحي إلا أنها اشتركت في جوانب عدة، وبالنسبة للنقديين فالأمن هو بناء اجتماعي ويعرفونه على أنه الانعتاق؛ وهو غياب التهديدات وتحرر الأفراد والجماعات من المشاكل المادية والإنسانية التي تمنعهم من القيام بخياراتهم. فالأمن والانعتاق هما وجهان لعملة واحدة، وأن الانعتاق وليس القوة هي التي تؤدي إلى الأمن(36الذي أصبحت الدولة عاجزة عن ضمانه.والأمن الحقيقي حسب "كنيث بوث"(K.BOOTH)  لا يمكن تحقيقه إلا إذا تمكنت الدولة من رؤية الآخرين ليس كوسيلة ولكن كهدف ،وأن الأمن الدائم لن يكون لأحد إلا إذا ضمنه الآخر(37).

 1-النظرية التفسيرية الاجتماعية  

قامت على فكرة تفسيرية(*)مفادها أن البني الإنسانية للسياسة هي بني اجتماعية وليست مادية فقط، وأن تغير الطريقة التي نفكر بها في شان العلاقات الدولية يمكن أن يحدث مزيد من التحول على مستوى الأمن. ويركز أصحاب هذا الطرح على أن البنية تتكون من توزيع القدرات المادية، وهي نتاج لعلاقة اجتماعية أساسها المعرفة المشتركة والموارد المادية والممارسات. وهذه البني تعرف جزئيا من خلال المفاهمات والتوقعات والمعارف المشتركة، ورغم أن سياسة القوة هي التي تحدد تصرفات الدول إلا أنها لا تصف كل السلوكيات –بين الدول-التي تتأثر بأفكار أخرى كحكم القانون وأهمية التعاون والمؤسسات الفاعلة(37).وبالنظر إلى دور المنظمات  الإقليمية والدولية في تفعيل عملية التعاون وخلق نقاط للالتقاء بين دول كانت في السابق أعداء لبعضها البعض، فان الفهم الصحيح للبنى الاجتماعية من شانه تطوير عمليات التفاعل والسياسات (*)تفسيرية لأنها تشارك الواقعيةفي مبدأ أن الهدف الأسمى للدولة هو البقاء وأن المعضلة الأمنية هي نتيجة انعدام الثقة التعاونية للقضاءعلى أوجه العنف؛ خاصة مع انتشار التراخ(38) كمظهر ساعد على أن تغيير السلم الاجتماعي والتحول نحو السلام بدلا من اللجوء إلى القوة.

2- آراء ما بعد الحداثة   

تطور استعمالهذا المصطلح مع ثلاثينيات القرن العشرين، ويشير إلى اثر الأفكار في بناء مفهوم الأمن والى أهمية الخطاب وكيفية الحديث من الناس عن السياسة والأمن في التأثير على سلوك الدول وتصرفاتها. وأن الدراسات الأمنية هي دراسة مقارنة لخطابات أمنية متباينة ومحاولة استبدال القوة للواقعية والمنافسة الأمنية بخطاب اجتماعي يؤكد على السلام والانسجام. ووفقا لنظرية المعرفة(Epistémologie) شديدة الاختلاف عن الواقعية، فقد قال "جون ميرشيمر" (John MEARSHEIMER) : "أنه لا يوجد عالم ثابت يمكن معرفته ولا معان ثابتة، لا أرض آمنة ،ولا أسرار عميقة، لا بني اجتماعية أو حدود للتاريخ...لا يوجد إلا التفسير...والتاريخ نفسه يفهم على أنه سلسلة من التفسيرات المفروضة على تفسيرات-ما من واحد منها أساسي وجميعها اعتباطية(39)."   

وحسب "ديفيد كومبل"(David Campbell)فان الأخطار تقدم الوسائل اللازمة لتامين هوية مجتمع في مرحلة فقدان مرجعياتها (une perte de repères)، وتكون الدولة بحاجة إلى تطوير خطابها حول الأمن لتقديم أو وصف دين، حقيقة معينة أو جديدة، أيديولوجيا...وتوضيح حول من نكون وما يجب أن نخاف. ولقد ركز "كومبل" وآخرون على الكيفية التي يشكل بها الخطاب (الآخر)(L’autre) ويقدمه كتهديد، لأن الأمن هو نوع من الاتفاق حول ما يجب اعتباره في وقت معين كخطر على الأمن(40). وما يهم في هذه الحالة هو فهم المكانيزمات التي تؤمن شيء (sécuriser un objet)(دولة، أمة، أفراد، جماعات...) وكيف نفهم المشاكل (العيش، الحس، البيئة، العنف، الهجرة...) على أنها رهانات أمنية؛فالأمن هو مجموعة خطابات تاريخية وممارسات تقوم على شرح المؤسسات. وهنا نعود إلى فكرة "ويفر"(Ole Weaver) التي تطرح سؤال: متى يمكن أن نتكلم عن الأمن؟ حول ماذا؟ وما هي نسبة توفيقه؟ للإجابة على السؤال قدم "ويفر" ثلاثة اقتراحات(41):

1-                       أن معرفتنا بالمواضيع والمبادئ والممارسات في السياسة الدولية ليست موضوعية (بالمفهوم المادي للمعنى)، وهي مرتبطة بالتفسيرات التي نحملها.

2-    يجب استعمال طريقة للتفسير تسمح بفهم الشروح التي يقدمها الفواعل للعالم وللتهديدات التي يجب مواجهتها.

3-    الهدف من الدراسة هي فهم وتقدير المكانيزمات التي يقدر بها الفواعل الحقيقة. ولقد ساهمت أفكار ما بعد الحداثة في إعادة تقديم تصور جديد لمفهوم الأمن الشامل من خلال إثارة أسئلة جديدة كانت مهمشة وتحتاج الى خطاب جماعي جديد بشأن الأمن.

3-التصور البنائي للأمن

لقد اقترن التصورالبنائي للأمن بإسهامات "ألكسندر وانت"(A .WENDT) التي قامت على أساس البحث في جذور الأمن والتساؤل ما إذا كانت الحقيقة تسبق الفكرة أو العكس. واعتبر "وانت" أن العلاقات الدولية لا تتأثر بعلاقات القوة بقدر ما تتأثر بالمصطلحات والصور التي تمنحهامعنا، والأمن ما هو إلا مسالة تصور وصناع القرار هم اللذين يقدمون تصورات للعناصر المادية والمحتملة وليس العكس(42). كما حاول "وانت" تفسير الأمن عبر تناوله لمعضلة الأمن كبنية اجتماعية تتألف من مفاهيم ذاتية بين الأفراد وتفرض على الدول سلوكيات معينة وتفرض عليها طريقة تحديدها لمصالحها من منطلقات (العون الذاتي)(43).واقترح بدلا منها( المعضلة الأمنية ) الجماعة الأمنية التي هي معرفة مشتركة تثق فيها الدول يبعضها البعض وتلجأ إلى الحلول السلمية؛ خاصة مع صعوبة الجزم بإمكانية تفادي المعضلة الأمنية بتركيباتها التي تبنى اجتماعيا، وهذا لا يعني بالضرورة أنها تتغير إذ "أن البني الاجتماعية تفيد التصرف في بعض الأحيان لدرجة أن تصبح الاستراتيجيات التحويلية متعذرة وغير ممكنة(44)". إذن الدراسات الأمنية عند البنائيين هي دراسة لدور الأفكار والبني الاجتماعية في تفسير التفاعل بين الوحدات السياسية المكونة للبناء الدولي، ومدى إدراك هذه الوحدات وتصورها لمفهوم التهديد والقوة التي تعتبر تصورا ماديا وإدراكها  من قبل الدول يختلف لأن التهديد ليس محصورا في الخطر الخارجي أو الداخلي وإنما إدراكه مرهون بالأفكار المسبقة عن التهديد والتصور الجماعي لمدى خطورته.         

واعتبرت البنائية أن متغير الهوية كذلك جزء من الأمن؛ وهو عنصر أهملته جل النظريات رغم أهميته في تشكيل مصالح الفواعل وتحديد اتجاه سلوكاتهم إما عن طريق التعاون أو التنافس.

4-التوظيف الجديد للأمن

بعد أن تناولنا مفهوم الأمن بدلالة علاقته بالعامل النفسي من خلال فكرة التحرر من الخوف، وبدلالة علاقته بالبعد السياسي في دور الدولة كوحدة تحليل، تغيرت الدلالات وتعددت استعمالات الأمن بعد الحرب الباردة لتكون أكثر تعقيد وبعلاقات متشعبة أضافت خانات للأجندة الأمنية من خلال طبيعة التهديد(عنف جسدي وعنف غير عسكري) وكذا الموضوع المعني بالتهديد(من الدولة إلى الفرد).وكلها تهديدات تقلص من فضاء الممارسة للإنسان باعتباره وحدة التحليل الأساسية في الدراسات الأمنية الجديدة  التي أخذت التوأمة أمن=إنسان وإنسان=أمن بعين الاعتبار وأصبح الحديث عن امن إنساني .

 ما هو الأمن الإنساني؟

يركز مفهوم الأمن الإنساني على الفرد بدلا من الدولة كوحدة للتحليل. ولقد حاول كثيرون تعريف المفهوم إلا أن حدوده كانت أكثر غموض؛ لأننا حينما نتكلم عن أمن الدولة فذلك يعني وجود سياسة أمنية تهدف إلى تحقيق أمن الدولة بجانب أمن الفرد، ولكن كثيرا ما يتعارض أمن الدولة مع أمن مواطنيها وقد تكون هي نفسها مصدرا لتهديدهم فكان لا بد من الفصل بينهما فظهر مفهوم الأمن الإنساني. وكان ذلك في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين بعد أن تأكد قصور المنظور الواقعي في التعاطي مع طبيعة القضايا الأمنية، وضرورة إعادة النظر في المعادلة الأمنية التقليدية خاصة مع تراجع دور الدولة أمام تزايد عدد الفواعل الدولية من غير الدول من ناحية والتحول في مصادر التهديد وأشكالها من ناحية أخرى. هذه التهديدات هي أكثر مساسا بالحرية وأكثر إثارة للخوف من التهديدات العسكرية، وقد تعجز الدولة عن الإحاطة بها أو حتى التنبؤ والتحكم بها؛ كالأوبئة والأمراض الفتاكة، الفقر، التلوث البيئي، الجريمة المنظمة، الإرهاب الدولي... كلها أخطار قد تفوت أخطارها آثار التهديد العسكري المباشر. ويقول "رولاند باريز"(PARIS Roland):"مصطلح الأمن الإنساني واسع ومطاط ويحمل عددا من التقديرات بدءا من الاهتمامات الغذائية إلى بقاء الجماعات...فالأمن الإنساني كالعلامة المميزة لكل أنواع البحوث حول التهديدات غير العسكرية التي تمس أمن الأفراد، الجماعات والمجتمعات"(45).والتهديد وفقا للأمن الإنساني ليس من خارج الدولة فقط بل هو من داخل حدودها كذلك (كالنزاعات المسلحة، الصراعات الإثنية...). وجاء في تقرير الأمم المتحدة لعام 1999"عولمة ذات وجهين" أن المخاطر على الأمن البشري تتزايد وتصيب الأفراد في الدول الغنية والفقيرة على حد السواء، وحدد سبعة تحديات تهدد أمن الإنسان(46)

-عدم الاستقرار المالي) أزمات مالية مثلا).

-غياب الأمان الوظيفي وعدم استقرار الداخل.

-غياب الأمان الصحي كانتشار الأوبئة.

-غياب الأمان الثقافي: انتقال الأفكار والمعرفة مثلا أدى إلى امتزاج الثقافات وخلطها.

-غياب الأمان الشخصي: انتشار الجريمة المنظمة وبتكنولوجيا عالية.

-غياب الأمان البيئي كتلويث الطبيعة وازدياد المصانع ونفاياتها.

-غياب الأمان السياسي والمجتمعي: تزايد النزاعات الداخلية مثلا.                                  

وجود هذه التهديدات كانت سببا في مراجعة مفهوم الأمن والتحول إلى الأمن الإنساني كمقاربة مستقلة رغم ارتباطها بالاقترابات الحديث في دراسة الأمن والسلم الدوليين؛ والتي تقوم على أن امن وسلم أية دولة هو أمن وسلامة الدول الأخرى، وأمن الدولة هو جزء من أجزاء البناء الأمني المتكامل الذي ينطلق من أسفل(الفرد) إلى أعلى (العالم). فالبناء الأول هو أمن الفرد وتحدد على أنه الحرية من الخوف وهو بهذا أمن مجتمعي (Sécurité Societale(47)والبناء الثاني هو تكامل بين الدول لمواجهة مصادر التهديد الإنساني؛ وهوأمن عالمي (Sécurité Globale).

الخاتمة

رغم تعقد وتشعب جوانب موضوعنا هذا، إلا أننا حاولنا قدر الإمكان الإلمام ولو على الأقل بأهم العناصر وذلك بما يتوافق والإشكالية المطروحة والفرضية التي تناولناها، فمن خلال دراستنا هذه توصلنا إلى جملة من النتائج، يمكن تقديمها كالتالي:

ـإن البحث في موضوع الأمن وبالأخص في مفهومه وبالتالي في أطره الفكرية، يعد عملا صعبا نظرا لتنامي النقاشات النظرية بالأساس من جهة واختلافها من جهة أخرى.

مع ذلك فإن هذه النقاشات وعلى تعددها واختلافها، قد ساهمت بشكل كبير في تطوير البحث في حقل الدراسات الأمنية، خاصة من خلال التحول الذي طرأ على مفهوم الأمن.

ـأخذ التصور حول مفهوم الأمن مسارات عديدة، انطلاقا من تلك الدراسات والأبحاث التي غطت مدة زمنية طويلة والتي تدخل في إطار ما يسمى بالمنظور التقليدي أو الطرح التقليدي، الذي يرتكز بشكل أساسي على التفسير الواقعي للتفاعلات على المستوى الدولي، وصولا إلى تلك التحولات التي شكلت نقاشا واسعا وحادا، في ظل واقع ما بعد الحرب الباردة، وهذا فيما طرحته الدراسات النقدية حول "معضلة الأمن".

 ارتباط مفهوم الأمن في إطار الطرح التقليدي، سواء الواقعي أو الليبرالي بحدود ضيقة وذلك على الرغم من ظهور تصورات توسيعية داخل الطرح ذاته.

     فالمقاربة الواقعية تحصر مفهوم الأمن في أمن الدولة، من خلال وضع الأمن ضمن المسائل التي توفر شروط تطوير القدرات العسكرية للدولة، دون النظر إلى الجوانب الأخرى للحياة الاجتماعية والسياسية، وبالتالي ارتبط مفهوم الأمن هنا بمفهوم الدفاع، توازن القوى والتحالفات الدولية.    

أما المقاربة الليبرالية وحتى وإن عرضت نوعا من التصور التوسيعي لمفهوم الأمن، من خلال إدخال عوامل أخرى كالسياسية والاقتصادية، إلى جانب الطروحات حول السلام الديمقراطي، التي تؤكد على أن تنامي القيم الديمقراطية من شأنه أن يقلل من التصادم بين الدول وبالتالي تحقيق السلم العالمي، إلا أنها لم تخرج عن دائرة الحدود الضيقة للمفهوم.

وقد اعتبر ذلك بداية التحول نحو تصورات جديدة لمفهوم الأمن، خاصة من خلال التراجع الذي بدأت تعرفه النظرة المهيمنة للدولة كمصدر للأمن والتهديد في ذات الوقت.

 لقد شكل واقع ما بعد الحرب الباردة، أرضية خصبة لتنامي النقاشات النظرية بشكل كبير حول مفهوم الأمن، بما ينسجم وطبيعة التوجهات الديناميكية المعاصرة، حيث شكل ظهور طروحات حديثة بمثابة تحدي قوي بالنسبة للمقاربات التقليدية، من خلال تقديم بدائل تجمل فيما تطرحه النظرية النقدية للأمن، في واقع تزايد فيه الاعتماد المتبادل الدولي وظهور فواعل دولية جديدة على غرار الدول، كالمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، مما يعني أن الدولة لم تعد محور التركيز في الدراسات الأمنية، بل يقدم الفرد كموضوع مرجعي أساسي وما على الدولة سوى ضمان أمنه ورفاهيته.

فالنظرية النقدية تطرح وجود تحديات جديدة للأمن تتجاوز الطابع العسكري التقليدي، حيث تجملها في مختلف صور الحياة، من أزمات اقتصادية، مشاكل الصحة والتعليم، الكوارث الطبيعية أزمات الهوية، الهجرة غير الشرعية، تجارة المخدرات والإرهاب الدولي وغيرها. 

ومنه فإن التوجه في مفهوم الأمن يتجه نحو الإنسان بشكل أساسي، من خلال طرح مفهوم مستحدث وهو مفهوم الأمن الإنساني وترابطه بكل من الأمن المجتمعي والأمن العالمي، هذا إلى جانب توسع المفهوم من ناحية شمولية مستويات التحليل، من بعد إنساني، مجتمعي، وطني وإقليمي فالعالمي.

الهوامش

1.الفيروز، أبادي، القاموس المحيط، ص199.

2Elkek rahmann , security collective good or commadity ? european jornal of international relations 2008.P56.

3.paul viotti mark .v koupp(eds) . international relations theory: realism. pluralism. globalism and beyond. USA. boston .allymand bacon 199

4DILLON (Michael), Politics of Security: Towards a Political Philosophy, London and New York, Roudledge, 1996. P162.

5.فائزة الباشا، "الأمن الاجتماعي والعولمة"، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر،2006.ص18.

6WOLFERS (Arnold) (1952), National Security as an Ambiguous Symbol, Dans WOLFERS(Arnold)(Discord and Collaboration Baltimore, Johns Hopkins University Press,1962, pp147­-165.

7.مازن إسماعيل الرمضاني، "مقدمة في الجوانب النظرية لمفهوم الأمن الخارجي"، (في الأمن والجماهير، السنة الثانية،العدد 04- تموز-يوليو 1981)، ص70.

8BATTISTELLA(Dario), Théories des Relations Internationales, Paris, Presses deبعSciences Po, 2006, p462.

9.أليسون.ج.ك.بيلز،"عالم أبحاث الأمن والسلام في منظور أربعين عاما"،(في التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي، مركز دراسات الوحدة العربية،الطبعة، نوفمبر 2006،ص ص75-76.

10نفس المرجع، ص78.

11-Ayse ceyhan « analyser la sécurité » dans cultures et conflits n 31-32-1998.P68.

12McSWEENEY (Bill), Security, Identity and Interests. A Sociology of International Relations, Cambridge, Cambridge University Press, 1999.pp20-21.

13ثامر كامل الخزرجي، العلاقات السياسية الدولية وإستراتيجية إدارة الأزمات، ط1،2005، ص 317.

14.BATTISTELLA(Dario), Opcit, p 464.

15.WALTZ(Kenneth), Theory of International Politics, New York, Mac-Graw-Hill,1979, p126.

16.RICHMOND(Olivier),  " Broading Concepts of Security in The Post Gold Era: Implications for The EU and The Mediterranean Region", (In www.vdg.ac.uk/eis/research/emc/puplication/rishmond.htm,26Mars,2000).

17.WALTER(Lippmann), US Foreign Policy, London: Hamish Hamilton,1943, p32.

18.BATTISTELLA(Dario), Opcit, p 465.

19.The concept of security must change- from an exclusivestress on national. Security to a much greater stress on people’s security. from Security through armament to securitythrough humain develop-ment. from territorial to food. employment and environmental se curity.( UNDP 1993.P258.

20.HOUGH (Peter),Understanding GlobalSecurity, London New York, Routledge,2004, p11.

21.Walt, Stephen M. (1991) ‘The Renaissance of Security Studies’, International Studies Quarterly, 35, p. 212.

22.ثامر كامل الخزرجي، مرجع سابق، ص 319.

23.جون بيليس وستيف سميث، عولمة السياسة العالمية، ترجمة مركز الخليج للأبحاث، دبي، طبعة عربية أولى، 2004.ص417.

24.HERZ(John),"Idealist Internationalism and The Security Dilemma",World Politics(2),Jannuary,1950,PP157-180.

25.مارتن غريفيش وتيري أوكالاهان، المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية، ترجمة مركز الخليج للأبحاث، دبي طبعة عربية 2008، ص389.

26.مارتن غريفيش وتيري أوكالاهان، مرجع سابق، ص ص390-391.

27.GUNNARSSON (Malin), “Regionalism and Security – Two Concepts in the Wind of Change”, Dans BUZAN (Barry) (1991), People, States and Fear. An Agenda for International Security Studies in the Post-Cold War Era, Boulder: Lynne Rienner Publishers, p187.

28.جون بيليس وستيف سميث، المرجع السابق، ص 423.

29.HOUGH (Peter), p17.

30.BUZAN (Barry) (1991), People, States and Fear. An Agenda for International Security Studies in the Post-Cold War Era, Boulder: Lynne Rienner Publishers, pp 116–134.

31.VIAU(Helene), "La Théorie Critique et Le Concept de Sécurité en Relations Internationales" ,Notes de Recherches CEPES, Université de Québec-Montréal .N° :08,(In www.upama/note/cepes/note 8.htm).

32.Notes provisoires rédigées par Barbara Delcourt "Théories de La Sécurité", Année académique 2006-2007, Dans BUZAN (Barry), WAEVER(Ole) & DE WILDE(Jaap), Security –A New Framework for, Analysis, Boulder/London, Lynne Rienner, 1998.P40.

33.Ibidem, p41.

34.د.عامر مصباح، الاتجاهات النظرية في تحليل العلاقات الدولية، ا لجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية،12-2006،ص 301،300.

35.نفس المرجع، ص303.

36.ROCHE(Jean-Jacques), Théories de La Sécurité ; Définitions, approches, et concepts de la sécurité internationales, Paris, Editions Montchrestien, E.J.A, 2002, p95.

37.M.W.Doyle, "On The Democratic Peace", International Security, n°:180, p4.

38.RUSSET(Bruce),"The Democratic Peace",International Security 19(4),1995,p175.

39.Keohane and Martin,"The Promise of Institutionalist Theory",International Security 20(1), 1995, p42.

40.ROCHE(Jean-Jacques), Théories de La Sécurité ; Définitions, approches, et concepts de la sécurité internationales, p98.voir NYE(Joseph), Le Leadership -Americain,Quand les règles du jeu changent, Nancy, Press Universitaire,1992.

41.أليسون.ج.ك.بيلز، المرجع السابق،ص77.

42.ROCHE(Jean-Jacques), Opcit, p19.

43.BOOTH.K,"Security and Emancipation", Review of International Studies, 17(4), oct1991, pp313-326.

44.جون بيليس وستيف سميث، مرجع سابق، ص434.

45.نفس المرجع، ص435.

46.نفس المرجع، ص437.

47.CAMPBELL (David), Writing Security-United States Foreign Policy and The Politics of Identity, Minneapolis, University of Minnesota Press, 1998, p1.

@pour_citer_ce_document

رضا شوادرة, «الأمن الدولي والدراسات الأمنية بين الاتجاه التفسيري والطرح الإنساني الشامل»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp 156-167,
Date Publication Sur Papier : 2019-01-09,
Date Pulication Electronique : 2019-01-09,
mis a jour le : 09/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=5264.