المكوّن السّردي في مسرحيّة "البحث عن الشّمس" لعزالدّين جلاوجي ـمقاربة سيميائيّة ـThe narrative component of the play "The Quest for the Sun" of Azzedin Djalawdji, semiotic approach
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N:03 vol 17-2020

المكوّن السّردي في مسرحيّة "البحث عن الشّمس" لعزالدّين جلاوجي ـمقاربة سيميائيّة ـ

The narrative component of the play "The Quest for the Sun" of Azzedin Djalawdji, semiotic approach
ص ص 391-403
تاريخ الإرسال: 2019-09-01 تاريخ القبول: 2020-10-14

وليد شموري / بلخير عقاب
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

 حاولنا انطلاقًا من هذه المقاربة السّيميائية السّردية أن نميطَ اللّثام عن المكوّن السّردي في نص " البحث عن الشّمس "لعز الدّين جلاوجي، نظرا لكونه إجراءً تحليليا مهمّا في سيمياء السّرد التي رسمها غريماس(Greimas) وأتباعه، والتي أثبتت نجاعتهاالتحّليلية والاستقرائية في مقاربة النّصوص والخطابات السّرديّة، خاصّة من حيث جانبها التّطبيقي، وتهدف هذه الدّراسة في إطارها السّردي التركيبي إلى إبراز عناصر السّرد بواسطة الكشف عن ملفوظات الحالات والتحّويلات  التي ميّزت شخوصها مع ربطها بالبرامج السّردية التي أسّستها الذّوات في النّص بحثًا عن مواضيع القيمة، وكذا أطوار تلك البرامج السّردية ممثلة في عناصر أربعة هي :التحّريك، الكفاءة، الأداء، التقويم .ويندرج هذا كله ضمن المستوى السّطحي للنّظرية السّيميائية.

الكلمات المفاتيح: المكون السّردي، سيميائية، البرامج السردية، موضوع القيمة، البناء العاملي.

 Sur la base de cette approche sémiotique narrative, nous avons tenté de dévoiler la composante narrative du texte « La recherche du soleil » de Azzedine djellaoudji ; étant donné qu’il s'agit d'une procédure analytique importante dans le semi-credo narratif dessiné par Greimas et ses partisans, ce qui a prouvé son efficacité analytique et inductive dans l'approche des textes narratifs et des discours surtout en termes de praticité. Cette étude, dans son cadre narratif synthétique, vise à mettre en évidence les éléments du récit en révélant les dossiers et les conversions qui caractérisent ses personnages et en les reliant aux programmes narratifs établis par les sujets du texte à la recherche de sujets de valeur. Ces programmes narratifs sont représentés en quatre éléments : animation, efficacité, performance et évaluation, tous au niveau superficiel de la théorie de la sémiotique.

Mots-clés: composante narrative, sémiotique, programmes narratifs, sujet, structure globale.

Based on this narrative semiotic approach, we have attempted to unveil the narrative component of the text “The Search for the Sun” by Azzedine djellaoudji since it is an important analytical procedure in the narrative semi-creed drawn by Greimas and his followers, which proved its analytical and inductive efficiency in approaching narrative texts and speeches, especially in its application. This study, in its synthetic narrative framework, aims to highlight the elements of the narrative by revealing case files and conversions that characterize its characters and link them to narrative programs established by the subjects in the text in search of valuable topics. These narrative programs are represented in four elements: animation, efficiency, performance, and evaluation.

Keywords:narrative component, semiotics, narrative programs, subject matter, global structure.

Quelques mots à propos de :  وليد شموري

وليد شموري، جامعة محمد بوضياف المسيلة، oualidchemouri@gmail.com   
 

Quelques mots à propos de :  بلخير عقاب

عقاب بلخير، جامعة محمد بوضياف المسيلة،ougab1@yahoo.fr

مقدمة

لقد حصل تحولّ بارز في النّظريّة السّيميائيّة مع ظهور سيمياء السّرد لمدرسة باريس التي قادها (غريماس)، إذ معه لاقت النّظرية تحوّلا إبستيمولوجيا وفرضت سلطتها المعرفيّة على مختلف البحوث، واِرتكزت على جملة من القواعد والمفاهيم الّتي من شأنها أن تفكّك الخطاب السّردي في مختلف النّصوص، ولعلّ مقاربة (غريماس) للنّصوص تنطلق بواسطة مستويين:  مستوى سطحي يقوم على الكشف عن المقوّم السّردي الّذي يشمل الحالات والتّحولات ومختلف البرامج السرديّة؛ أي محتوى النّص المسرود من البداية إلى النّهاية، ومقوّم خطابي يشتغل على تنظيم الصّور والمسارات الصورية الّتي تنظّم المعنى بغية الكشف عن الأدوار الغرضيّة للممثلين، ومستوى عميق يعنى بالبحث في قيم المعنى الّتي تصنّف بواسطة شبكة العلاقات.

ويشكّل المكوّن السّردي جهازا نظريا غاية في الأهمّية؛ كونه مفتاحا للقارئ لتجاوز تلك الإشكاليات الّتي تطرحها النّصوص السّرديّة، وذلك بالبحث في العلاقات بين شخصيات النّص السّردي وتجلية مواضيع القيمة الّتي ترغب في الوصول إليها. من هنا، كان مرحلة أولى مهمّة من مراحل التّحليل السّيميائي السّردي ترتبط بمرحلة ثانية تتعلّق بالمكوّن الخطابي الذي يعطي للنص تماسكه الدّلالي. وبطبيعة الحال فإنّ النّص المسرحيّ من منظور سيمياء السّرد يكتسي بعده السّردي مثله مثل بقية الأجناس والفنون، ومن هذه المنطلقات سنحاول أن نميط اللّثام عن المكوّن السّردي في مسرحيّة "البحث عن الشمس" لعز الدين جلاوجي. ونطرح الإشكالية الآتية: ما هي المسارات العاملية التي تحركت وفقها الذّوات في النّص المسرحي؟ وما الرّهانات التي شّكلتها مواضيع القيمة بالنّسبة لها؟

وللإجابة عن هذه التّساؤلات سعينا إلى تشريح البنية السّردية في النّص المسرحي بواسطة تناول المكوّن السّردي الّذي يشمل الحالات والتحوّلات، وجملة البرامج السّرديّة الّتي شكّلتها الذّوات والأدوار العاملية الّتي قامت بها أثناء التحويل، وللحديث عن تجلّيات البنية العامليّة، سيقتصر الأمر على الذّوات الكبرى في النّص، وربطها ببرامجها السّرديّة، وعليه فإنّ تحديد العلاقات التي تقيمها الشّخصيّات بعضها ببعض، يمكّننا من الكشف عن أطراف الصّراع، وتحديد المنطق العاملي بواسطة العلاقات المنظّمة للسّرد. ويتعيّن قبل الولوج في البحث تقطيع النّص السّردي.

أوّلا: تقطيع النّص

التّحليل السيّميائي السّردي تقطيع النّص إلى مقاطع، وقد يضمّ كل مقطع حكاية مستقلة وعليه فقد لمسنا ثلاث مقطوعات سردية أساسيّة يمكن أن نعدّها حالات في تحليلنا السّردي.

ــــ المقطع الأول: ويبدأ من" كانت الظلمة حالكة تبتلع الحجرة إلى...يندفع باحثا عنه في كلّ مكان.."

ـــ المقطع الثاني: ويبدأ من:" ينظر يمنة ويسرة يبحث عنه في حيرة إلى..... يصيح المقهور من فرط الدهشة فرحا وقد رمى أدوات النقر "

ـــــ المقطع الثّالث: ويبدأ من:(إن المقهور يا ملك الشمس يزعج راحتنا... إلى...امتلأ قوة وابتهاجا "

ثانيا: تشكّل البرامج السّرديّة في النّص المسرحيّ

سعى (جلاوجي) إلى بناء عوالم نصّه بطريقة لا تكشف عن الشّخصيات، موظفا لغة رمزيّة طغت على نصّه، حيث يكشف عن دواخل الشّخصيات ونوازعها ويقدّم حالاتها، ويمكن أن نسلّم في البداية بأنّ البحث عن البنية السّردية في النّص يقتضي الوقوف على مختلف الحالات والتحويلات المتتابعة الّتي تؤطر العلاقات المتنوّعة القائمة بين العوامل. إنّ الحالة في النّظرية السيميائية تعبّر عن الكينونة «وجدت زيدا مريضا» أو الملك «يملك زيد ثروة» ( Groupe d’entervernes, 1984, p. 14). ومن الواضح أنّ التمثيل المنطقي الدّلالي للنّص السّردي ينهض على ملفوظ الحالة الّذي يستعمل  للدّلالة على العلاقة الموجودة بين الفاعل وموضوع القيمة (صلات، وصلات وفصْلات) الفاعل بالموضوع يملك زيد قصرا «فقد زيد ماله». (بن مالك، المكون السردي في النظرية السيميائية، 2010، صفحة 38)

إنّ التّحليل السّردي ــ عموماــ يميّز بين الحالات والتحوّلات بمعنى التّمييز بين الحالة الدّالة على الكينونة(e’tre)أو الملك (avoir) وما بين الفعل (Faire) المنجز، لذلك يقدّم التّحليل السّردي للنّص بإتّباع ترتيب لملفوظات الحالة، وملفوظات الفعل، لا تعمل هذه الملفوظات على تغطية جمل النّص بقدر ما تعمل على إعادة النّظام تحت الكلمات، تحت التّعابير والجمل المتجلّية في أشكال متعدّدة. (بوشفرة، 2011)الذّات الفاعلة في حالة عدم وقوع الفعل والّتي يجدها (غريماس) معزّزة ،إمّا بقابلية الفصل بمعنى فقدان موضوع القيمة المرغوب فيه،أو بقابلية الوصل أي امتلاكه إياه ويرمز له بـــ (ف∪م) أو (ف∩م). (بوشفرة، معالم سيميائية في مضمون الخطاب السردي، 2011، صفحة 39)

1.                       المقطع الأول: ويجسد لنا البرامج السردية الآتية:

‌أ)البرنامج السّردي الرّئيس للذّات (المقهور)

كما ذكرنا آنفا، يقتضي وجود برنامج سرديّ ما وجود تحوّل؛ لأنّ الحالات والتّحولات هي الّتي تسهم في إنتاج المعنى وعلاقة الذّات بالموضوع تكون من الاتّصال إلى الانفصال أو العكس، ونطلق على هذا التحوّل البرنامج السّردي. إذا، فهذا البرنامج السّردي هو "سلسلة من الحالات والتّحويلات المنتظمة على أساس العلاقة بين الفاعل والموضوع وتحويلها" (بن مالك، البنية السّردية في النّظرية السيميائية، 2001، صفحة 24)فما وجود ملفوظات للفعل إلّا دليل واضح للتّحويل وتغيير مجرى ملفوظات الفعل  لتكوّن ما سماه (غريماس)  البرامج السّرديّة  إنّها جملة من الإنجازات الهادفة  إلى تحقيق تحويل رئيس . (بوشفرة، مباحث في السيميائية السّرديّة، د.ت، صفحة 54)

في الحالة البدئيّة للنّص تتأسّس الذّات الأولى البطلة (المقهور) الّذي يظهر في وضع حياتي مليء بالقهر، والحزن، والعزلة، والحصار، حيث يقبع في موقع مغلق تمامًا داخل حجرة صغيرة مظلمة ليس فيها باب، كما أنّها مملوءة بالصراصير، والعناكب، والجرذان..."ويكشف السّارد أيضا عن هذه الشّخصيّة ويظهرها محبطة مقزّمة تغطّ في النّوم العميق "كانت الظلمة حالكة تبتلع الحجرة بأكملها، تنبعث الرطوبة العالية من كل أنحائها، تكاد تفترس الأنفاس، حركات لفئران وصراصير تعبث في أرضية الحجرة، أصوات خفافيش تنتقل هنا وهناك. ..وسط الغرفة كان المقهور يتكوّر على نفسه مسبوتا، مغطى برداء رثّ ممزّق لا يكاد يستر كل جسده، يرتفع شخيره حينا ويخفت أحيانا.." (جلاوجي، د.ت، صفحة 7)

       تختزل جملة من الملفوظات في الحالة البدئيّة انهزامية (المقهور) وضعفه،" يتململ المقهور مرّة ثانية ولكنه لا يرد أيضا، ينحني الغريب على المقهور، يمد يده يزيل عنه الغطاء، يمسكه في يده، يحاول رفعه. (جلاوجي، د.ت، صفحة 7)لا يرد المقهور، ولكنّه يتحرّك قليلا ينكمش على نفسه، يلكزه الغريب مرّة ثانية، ولكن بقوّة... يتململ المقهور مرة ثانية ولكنه لا يرد أيضا..." (جلاوجي، د.ت، صفحة 7)ومع استمرار السّرد تتدخل الذّات (الغريب) الّذي يحاول ممارسة فعل إقناعي للذّات (المقهور) بضرورة الخروج من تقوقعه للبحث عن الشّمس التي تحوي في أبعادها دلالات الحياة والحرّية  "قم كفاك سباتا (جلاوجي، د.ت، صفحة 8)(...)والشمس ألا تحبها؟ أجل، أحبّها...ولكن ... قلت لك: قم.  اِسمع يا مقهور، إنّ الشّمس لن تخترق الجدران إليك، ولن تتسرب عبر الإسمنت والصّخور (جلاوجي، د.ت، صفحة 9).

       إنّ هذا الفعل ألإقناعي جعل الذّات (المقهور) تبحث جدّيا عن تشكيل برنامج سردي أساسي يرمي إلى تحقيق علاقة وصلية بموضوع القيمة (البحث عن الشّمس). ويعني هذا ضمنيا أنّ المقهور كان في علاقة فصلية مع موضوع القيمة. وتجسّد الملفوظات الآتية التّحوّل الاتّصالي: اُطلب الشّمس؟ (جلاوجي، د.ت، صفحة 9).ما هو لون الشّمس اليوم؟ (جلاوجي، د.ت، صفحة 10).. وأنت متأكّد من أنّني سأجد الشّمس؟" (جلاوجي، د.ت، صفحة 10)

‌ب)                    البرنامج الاستعمالي الملحق الأوّل للذات المقهور (محقق)

ونعني وهو الّذي نجده وسيلة أو ذريعة،  مدرجا ضمن البرنامج السّردي الأساس، لذلك فهو يعدّ برنامجا ثانويا، يحقّق إنجازا فرعيا. (بوشفرة، مباحث في السيميائية السّرديّة، د.ت، صفحة 57). هذا يعني أنّ لكلّ ذات فاعلة برنامج أساس وبرنامج أو برامج استعمالية تندرج ضمنها. وما ينبغي أن نشير إليه هو أنّ هذا البرنامج للاستعمال قد ينجزه الفاعل نفسه أو فاعل آخر ينوب عنه، كما أنّه قد ينتهي محقّقا أو غير محقق.

     يحدّد النّص البرنامج الاستعمالي الّذي أسّسه (المقهور) في التّغلبّ على انهزاميته وضعفه، حيث كانت تحفيزات الغريب أكبر داعم له على الاستيقاظ من سباته، والوقوف على قدميه، وتنظيف حجرته من الحشرات والصراصير كخطوة مبدئية في سبيل تحقيق موضوعه الأساسيّ (البحث عن الشّمس). ويتجسّد ذلك بواسطة الملفوظات الآتية: "قم على رجليك أوّلا... (جلاوجي، د.ت، صفحة 17)يحاول المقهور تحريك رجليه...حرك رجليك بقوة ...يحركهما.. يهتف فرحا...جميل لقد استطعت، هذه الخطوة الأولى .... يمسد المقهور ساقيه فرحا...لقد أحسست بالدّم يسري في رجلي. (جلاوجي، د.ت، صفحة 18.19)

يقف.. بعد لحظات وقد وقف يصيح فرحا.. جميل لقد وقفت، لقد وقفت.... يندفع المقهور بطلاقة، يصفّق له الغريب بفرح " (جلاوجي، د.ت، صفحة 24). الحمد لله لقد أنقذتني، لقد قطعت الوثاق الّذي كان يعيق حركت... آه، لقد حققت الوقوف، وقضيت على الحشرات التي كانت تزعجني.، لقد أصبح بيتي نظيفا، ما كنت أحلم يوما بهذا لولا ذلك الغريب.. (جلاوجي، د.ت، صفحة 25)

2.                       المقطع الثاني: وتتأسس فيه البرامج الآتية:

‌أ)البرنامج السّردي الضّديد

كل برنامج سردي وجود برنامج سردي ــ على الأقلّ ـــ نقيض له، منظور إليه بواسطة تحوّلات مضادّة، فيمكن أن نروي  حكاية نهاياتها سعيدة أو في المقابل حكاية نهايتها حزينة، ومن ثم وجود تحولات ضديدة مع تفاوت في حجم البرامج السّرديّة التي تتابع على المستوى النّظمي تتابعا عكسيا، وجب تحليله على المستوى الاستبدالي وفق آليات التّناقض والتّضاد. (بوشفرة، مباحث في السيميائية السّرديّة، د.ت، صفحة 56)و يتأسّس (ملك الشمس ) بوصفه فاعلا ضديدا ينجز أداء يمكّنه من تأسيس برنامج سردي أساس لتحقيق الوصل بموضوع القيمة الأساس(تقرير مصير المقهور) ، حيث حاول بكلّ قوّته أن يحرم (المقهور) من الشمس بواسطة التحكم في مصيره  وإغرائه وإيهامه  وحثّه على تتبع نهجه وقراراته وإملاءاته "... الشّمس يا مقهور ملكي وملك حلفائي. (جلاوجي، د.ت، صفحة 29)يجب أن نخرس هذا المشاكس، لقد أكثر علينا الدق وأقلق راحتنا... (جلاوجي، د.ت، صفحة 31)أن تكون لي خادما.. يندهش المقهور للعرض الذي لم يكن يتوقعه.. خادما! أنا لم أخدم في حياتي...وعبدا مطيعا ذلولا خنوعا.. يتملك الغضب المقهور.. وعبدا ذلولا؟ ولماذا أكون لك كذلك؟...وسأعطيك الشمس تنعم بها كيف تشاء (جلاوجي، د.ت، صفحة 30)

في هذه المقطوعة ــ وفي الحالة الأولى ــ كان الفاعل الضّديد (ملك الشمس) في وضع فصلة عن موضوع القيمة (تقرير مصير المقهور)، ويُعدّ دخوله حجرة المقهور وتهديده وإغراؤه فعلا تحويليا اتّصاليّا؛ أي تجسّدت علاقة وصلة بموضوع القيمة (تقرير مصير المقهور). ويمكننا استخلاص ذلك بواسطة الصياغة الآتية:

 ب.س [ ف1(ملك الشمس)      ف2(ذات ملك الشمس) م (تقرير مصير المقهور)

ب .س [ف 1( ملك الشمس)         ف2  م  تقرير مصير المقهور تحوّل اتصالي

‌ب)                    البرنامج الاستعمالي الملحق الأوّل للذّات ملك الشّمس (محقّق)

       رفض (المقهور) أن يكون عبدا ذليلا لملك الشّمس محاولا الخروج من حجرته المظلمة وتجاوز انهزاميته للنّقر على الجدار بغية كسره والبحث عن نور الشّمس لتعيد له طاقته وحيويته وترمّم نخاعها.." يجب أن أزيل الحاجز الذي وضعوه، إن الشمس من حقي أنا أيضا فلماذا أحرم منها؟ ..يشرع في النقب من جديد بكل قوته... بعد لحظات يتوقف وهو يمسح عرق جبينه ..مواصلة الحفر هكذا سيفني طاقتي، ولكن لا بأس، إما أن أرى الشمس وأنعم بدفئها وإما أن أموت دون ذلك، إن الحياة بلا شمس حياة دودة الأرض". (جلاوجي، د.ت، صفحة 31.30)وهذه ملفوظات تحققّ فصلة عن موضوع القيمة بالنّسبة للذات الضّديدة ( ملك الشّمس) فسعت لتقف في وجهه ؛لأنّ ذلك النقر على الجدار يسبب لها الإزعاج ،فقامت بتأسيس برنامج سردي مساعد (إسكات المقهور) بمساعدة حلفائها حيث تشاوروا على كيفية  إسكاته. وإشغاله عن موضوعه.

ويندرج هذا البرنامج الملحق كما أشرنا ضمن برنامجها الأساس لتتمكّن من تحقيقه لاحقا، وهذا ما تجسّده الملفوظات الآتية: "يجب أن نخرس هذا المشاكس، لقد أكثر علينا الدّق وأقلق راحتنا. (جلاوجي، د.ت، صفحة 31)يتحمّس الحلفاء للفكرة، يقول أحدهم: نقتله ونستريح.... فكرة منيرة، لقد نغّص علينا حياتنا، وأقلق راحتنا.... يبعد ملك الشمس المسدس من يد الحليف الأول ويبتعد مع حلفائه يناقش معهم الأمر ...لا يمكن أن نقهره، رغم ضعفه فهو قوي، عنيد. وما العمل إذن؟ نعيده إلى الغيبوبة من جديد. فكرة مقبولة، ولكن كيف؟ يسكت ملك الشمس لحظات كأنمّا يفكر: نقتله بالمماطلة والتّسويف، ونشكل له محكمة منا تتظاهر له بالعدل ونصرة المظلوم.. سنستدعيه ونشغله عن طلب الشمس.." (جلاوجي، د.ت، صفحة 32.31)ويمكن أن نختزل هذا البرنامج بواسطة الصّياغة الآتية:

    ب.س[ ف1(ملك الشمس)      ف2(ذات ملك الشمس) م (تقرير مصير المقهور)

  ب .س [ف 1( ملك الشمس)        ف2  م  تقرير مصير المقهور تحوّل اتّصـــــــالي

3.                       المقطع الثّالث: ونجد فيه البرامج السردية الآتية:

‌أ)البرنامج الاستعمالي الملحق الثّاني للذات (ملك الشمس) (غير محقق):

إنّ قرارات وأحكام هيئة الأخوّة والوئام الّتي شكلها (ملك الشمس) رفقة حلفائه للنّظر في قضية (المقهور) لم تعد للمقهور حقّه، حيث اكتفت تلك الهيئة بالتّنديد وعدم معاقبة (ملك الشمس) وشغلت المقهور عن موضوعه الأساس (البحث عن الشمس) وبذلك فقد تحقق برنامج الذات الضّديدة (ملك الشمس) إذن، يعني تحقيق علاقة فصلية عن موضوع القيمة بالنسبة للذات (المقهور) الذي رضي بقرار التنديد فقط. ثم ما يلبث أن يعود (المقهور) مجدّدا إلى محاولة تحقيق علاقة وصلية بموضوع القيمة الأساس (البحث عن الشمس) وذلك بمواصلة النّقر على الجدار بحثا عن الشّمس.

 وهذا يخلق علاقة فصل عن موضوع القيمة بالنسبة للذّات (ملك الشمس) هذا الأمر حذا بها إلى تأسيس برنامج سردي ثانٍ ملحقٍ يتعلّق بإسكان ربيبيها في بيت المقهور بعد إلهائه وإشغاله بقرارات وأحكام هيئة الأخوة والوئام وتحقيق أمن الربيب وتزويده بالسلاح والدفاع عنه فيها، وتهديده بنعته بالهمجية، والرجعية، والإرهاب إن هو عارض أو رفض قراراتها "عندي فكرة قد تكون ناجحة.. هاتها، عجّل هاتها. ربيبي... (جلاوجي، د.ت، صفحة 39)إذن، نحرض ربيبي، بل حرضه أنت على أن  يسكن مع المقهور، وهكذا سنتخلص من الربيب ونشغل المقهور عن أن ينقر الجدار علينا فيقلق راحتنا... (جلاوجي، د.ت)وسنمد الرّبيب بكل ما يحتاج. اسمع جيدا، نحن سنقوم بإلهاء هذا الغبي، ونشغله بالحديث، وأنت تسلل خلسة وابن بيتا لك في ركن بيته... (جلاوجي، د.ت، صفحة 40)إنّ ما قمت به يا مقهور لعمل وحشي، حيواني، رجعي، إرهابي... (جلاوجي، د.ت، صفحة 44)وتكون صياغة البرنامج كالآتي:

    ب.س[ ف1(ملك الشمس)      ف2(ذات ملك الشمس) م (تقرير مصير المقهور)

  ب .س [ف 1( ملك الشمس)        ف2  م  تقرير مصير المقهور تحوّل اتّصـــــــالي

‌ب)                    البرنامج الاستعمالي الملحق الثّاني للذّات (المقهور) محقّق

     ضمن برنامج سردي ملحق ثانٍ تظهر رغبة الفاعل (المقهور) في الوصل بموضوع القيمة الجيهي (طرد الربيب ومعارضة قرار ملك الشمس وحلفاؤه). ويندرج هذا البرنامج تحت البرنامج الأساس (البحث عن الشّمس). فقد أصرّ بعزيمة قويّة على مواصلة نقر الجدار، وعارض بشدة فكرة استيلاء الربيب على جانب من بيته في ظلّ صمت وانحياز هيئة الأخوة والوئام، التي تكتفي بالتنديد فقط، وتجرّم مقاومته في الدفاع عن بيته وتصفها بالإرهاب والرجعية ومخالفة قوانين حقوق الإنسان." نحن هيئة الأخوة والوئام نندد بشدة بأعمال الربيب كما نعبر عن أسفنا الشديد عن كل عمل وحشي رجعي من شأنه أن يحط من قيمة الإنسان، ويقضي على روح الأخوة الإنسانية...." (جلاوجي، د.ت، صفحة 48)وهذا القرار لم يقنع الفاعل( المقهور) وعاد للنقر والبحث عن الشمس مجددا " ولكن الربيب أخذ جزءًا من بيتي، وأنا مازلت مصرا على طلب ما سلب مني... (جلاوجي، د.ت)سمني كيفما شئت فأنا لن أتوقف عن النقر حتى أرى الشمس... لا تكذب كثيرا، لقد مللت وعودك المعسولة." (جلاوجي، د.ت، صفحة 52)ونصوغ البرنامج وفق ملفوظات الحالة والتحول كالآتي:

   ب.س[ ف1(المقهور)      ف2(المقهور) م] (طرد الربيب والتمرّد على قرار ملك الشمس وحلفاؤه)

  ب .س [ف 1( المقهور)        ف2(المقهور)  م ] (طرد الربيب..)تحوّل اتّـــصـــــــالي

‌ج)                    البرنامح الاستعمالي الملحق الثالث للذّاتملك الشمس(غيرمحقّق).

انفصل الفاعل (ملك الشّمس) عن موضوع القيمة بعد تمرّد المقهور على قراراته ومواصلته النقر بحثا عن الشّمس. ولضمان العودة إلى علاقة الوصل بموضوع القيمة الأساس، عمد  ملك الشّمس إلى تأسيس برنامج استعمالي مدعما برنامجه الأساس ممثلا  بموضوع القيمة الجديد (منح المقهور شمسا زائفة)، وسعى أن يقنعه بها،  ودعاه إلى المكوث في حجرته والخلوة بنفسه للدعاء فقط "مهمتك أيها المقهور أن تدعولنا بالتوفيق، إن الله يستجيب للضعفاء أمثالك.... (جلاوجي، د.ت، صفحة 51)وأقنعه أنه سيدافع عنه عند هيئة الأخوة والوئام؛ لأنّه صاحب حق." يقاطعه ملك الشمس مغريا... ولاتنس بأننا سنسمح لك برؤية الشمس...يهدأ صامتا لحظات وقد انبسطت أساريره.. إذا كان كذلك فقد رضيت، قد رضيت، هيا لنبدأ القسمة.. (جلاوجي، د.ت، صفحة 55)فجأة تفتح الكوة وتظهر منها الشمس، يقوم المقهور فرحا.. الله! ما أجمل الشمس!! لقد ظننت به سوءا، ما أحقرني، إن بعض الظن إثم، وظني من هذا البعض... يخر ساجدا للشمس.. لجلال وجهك أسجد أيتها الشمس العظيمة (جلاوجي، د.ت، صفحة 53)يمكن صياغة الترسيمة كالآتي:

    ب.س[ ف1(ملك الشمس)      ف2(ذات ملك الشمس)] م (منح شمس زائفة للمقهور)

  ب .س[ف 1( ملك الشمس)        ف2  م ]    منح للمقهور شمس زائفة تحوّل اتّصـــــــالي

‌د)                      البرنامج الاستعمالي الملحق الثالث للذات المقهور(محقق)

      إن اتصال المقهور بموضوع قيمته لم يكن حقيقة؛ بل زيفا، وهو ما يعني علاقة فصلية حيث يعود (الغريب) مجدّدا لزيارة المقهور ويجده نائما يملأ شخيره المكان، فيضطر لإيقاظه بالقوّة، ويقنعه بأنّ الشّمس الّتي منحها إياه ملك الشمس ليست حقيقية؛ بل هي مجرد صورة لخداعه وإيهامه، ويدعوه لإزاحة الربيب ومقاومته. "هذه أيها الأحمق ليست شمسا، لقد وضعوا لك صورتها ليخدعوك بها... يفرك عينيه غير مصدق ويمس جسده.. بل هي الحقيقة، أرادوا أن يخدعوك وينوموك ليقضوا حاجتهم، انظر. ..يمزقها أشلاء متناثرة، يصدم المقهور مما يرى، يدور بعينيه في الفراغ.. (جلاوجي، د.ت، صفحة 57)المهم هذا الربيب يجب أن ينزاح فورا، يجب أن تطهر بيتك منه...،.. إذا، يجب أن تقضي عليهم. (جلاوجي، د.ت، صفحة 63)"

     هذا التّنبيه جعل (المقهور) يغضب بشدّة وينتفض ضدّ ملك الشمس، يؤسس بذلك برنامجا استعماليا مساعدا يرمي إلى الانتفاضة ضد عدوّه (ملك الشمس) وحلفاؤه "سأقتلهم جميعا... يقعد أرضا، ويشرع في شحذ الرمح، موزعا نظره في كل الاتجاهات، ما يكاد يعده حتى يندفع إلى الجدران يدفعها بقوة، يسرع إليه الربيب وملك الشمس والحلفاء، يسعون لإقناعه بالتوقف دون جدوى، يدفعونه بعنف لكن إصراره يتغلب عليهم، وهو يصيح: لا بد لجدران الظلام أن تتهاوى.. لابد للشمس أن تشرق.. لابد للشمس أن تشرق ..فجأة تتهاوى الجدران، يشع النور في كل مكان، يسرع الجميع بالفرار إلى الزوايا المظلمة، يصرخ المقهور من أعماقه وقد امتلأ قوة وابتهاجا " (جلاوجي، د.ت، صفحة 64)

ثالثا: نسقية البناء العاملي: انطلاقا من التّقسيم الذي انتهجناه في البداية، والذي يقدّم على ثلاث محطّات أساسية حدّدناهما انطلاقا من وجهة نظر الفاعل الأساس حيث يكون في كلّ مرّة على علاقة بموضوع القيمة وسنحدّد نسقية البناء العاملي بواسطة المحاور الثلاثة التي تقوم على ثلاث ثنائيات:

1.                      الذّات ـــالموضوع (Sujet et Objet) (محور الرغبة)

وتجمع هذه العلاقة بين من يرغب (الذات) وما هو مرغوب فيه ( الموضوع)، وهذا المحور الرئيس  يوجد في أساس الملفوظات السّرديّة  البسيطة (لحميداني، 1991، صفحة 34.33)، ويوجه الفاعل إلى موضوعه ، ويشكلان علاقة فيما بينهما تدعى علاقة وصل. (طامر، د.ت، صفحة 198)  وبالعودة إلى نصّ "البحث عن الشمس  " فإنّ هناك ممثلان رئيسان يؤدّيان الدّور العاملي على مستوى خانة الذّات وهما: (المقهور) و(وملك الشّمس وحلفاؤه)،  حيث  يتّضح في البداية أنّ الذّات (المقهور) بعدّه ذات حالة غير مالكة وترغب في  امتلاك موضوعها (البحث عن الشّمس)"  .. الله...لم أر الشمس منذ قرون وأنت متأكد من أنّني سأجد الشمس؟ بينما تقف الذّات الضّديدة (الجوهر) كذات حالة مالكة وترغيب أيضا في حجب الشمس عن المقهور.. ويترواح الفاعل ضمن لحظات السّرد بين الوصل والفصل، ويحث ذلك بواسطة ملفوظات الفعل أو ملفوظ الإنجاز الّذي يتموقع بين لحظتي البدء والنهاية.

2.                      المرسل ــــ المرسل إليه (Destinateur et Destinataire) (محور الاتصال)

إنّ المرسل في هذه الثنائية هو "من يطلب تحقيق علاقة  وصل بين الفاعل وموضوع القيمة،  أمّا المرسل إليه فمن أجله تتحقّق الحاجة" (طامر، د.ت، صفحة 199)ويحتاج الفاعل الذّات في بحثه عن موضوع القيمة  محرّكا أو محفّزا يحثه على امتلاكه "إنّ المرسل هو الذي يجعل الذّات ترغب في شيء ما ،والمرسل إليه هو الذي يعترف لذات الإنجاز بأنّها قامت بالمهمة على أحسن وجه " (لحميداني، 1991، صفحة 36). ويعدّ (الغريب) بنصائحه وتحفيزاته دافعا أساسا جعل الذات (المقهور) ترغب في موضوع البحث عن الشّمس؛ لييتصل بعد ذلك بموضوع القيمة، ونجد في خانة المرسل إليه (التلقي) ممثلا واحدا هو الذات (المقهور)، أمّا بالنّسبة للذات (ملك الشّمس) فإنّ الدّافع الأساس الذي جعلها تحجب الشمس عن المقهور هو حماية مصلحتها ومصلحة حلفائها ونجد في خانة المرسل إليه (المقهور).

3.                      المساعد ـــ المعارض (Adjuvant et Oppossant) محور القدرة

يسعى المساعد إلى تحقيق الوصل بين الفاعل والموضوع  يساعده ويتكاثف معه،  أمّا المعارض فعكس ذلك يضر بمصلحة هذا التّوافق. (لحميداني، 1991، صفحة 198)كان( الغريب)  عاملا مساعدا بالنّسبة لـلذّات (المقهور) لإسهامه في تحقيق الانتفاضة والوصول إلى الشمس، بواسطة دعمه ومحاولة إيقاظه من غفلته وسباته كما يمكن أن نعدّ  حلفاء (ملك الشمس)  و (هيئة الأخوة والوئام)   عوامل مساعدة ضمن خانة المساعد؛ لأنهّا من العناصر التّي ساعدت (ملك الشمس ) على حرمان المقهور من الشّمس؛ أي كانت دعامة للذّات بغية توظيف الفعل الإقناعي لنجاح برنامجه. إنّ وجود عامل مساعد لا يعني بالضّرورة أنّ الذّات ستحصل على موضوع رغبتها فقد تحققه نسبيا أو لا تحققه أصلا. وهذا ما يبيّن وجود صراع في هذه المسرحيّة.  أمّا في خانة المعارض فنجد (ملك الشمس وحلفاؤه وهيئة الأخوة والوئام) الّتي كانت معيقات في وصول المقهور للشمس.

رابعا: إجرائية البناء العاملي في "البحث عن الشمس"


ويكتسي البرنامج السّرديّ في كلّيته بعدين اِثنين هما: البعد العملي والبعد المعرفي. ويشكلان ثنائية لتحليل الخطاب السّرديّ، يبسط البعد الأوّل في البنية الفعلية (Structure actionnelle) المحصورة بين مرحلتي الكفاءة والأداء ،بينما يقع البعد الآخر على مستوى البنية التعاقدية(Structre contractelle) ما بين التحريك والتّقويم. (بوشفرة، مباحث في السيميائية السّرديّة، د.ت، صفحة 59)

1.                      التّحريك أوالإيعاز(Manipulation):

وهو الطّور الأوّلي في الرّسم السّردي،  ويوظّف في النّظرية السّيميائية للدّلالة على (فعل يمارسه إنسان على إنسان ممارسة تلزمه تنفيذ برنامج معطى). (A .J GREIMAS, 1979, p. 220)وهو كذلك ( نقطة الانتشار السّردي من النّاحية السّردية البحتة ،وهو يشكل ــ من الناحية الخطابيةـــ نقطة إرساء إيديولوجي تتحكم في السير الآني  للأحداث) (بنكراد، 2001، صفحة 91)ويعدّ الانطلاقة السّردية الّتي يتحدّد من خلالها انتشار السّرد وتتحدد فيه الوجهة الّتي تقود الدلالة . (شقروش، 2015، صفحة 132)وعليه فإنّ هذا العنصر يعدّ مثل حافز أو دافع يجعل الذّات الفاعلة ترغب في موضوع ما، ويكتشف هذا العنصر بواسطة الملفوظات السّردية وبالسؤال عن الدّافع الّذي جعل هذه الذّات ترغب في الموضوع.

  إنّ المرسل الدّاخلي أو الدّافع الّذي جعل (المقهور) يرغب في البحث عن الشمس هو (الغريب) الّذي حثّه على الثورة والتمرد والعصيان ورفض الاستسلام للوضع؛ فقد طلب منه تدمير مظاهر العجز والخمول والخنوع التي حبس نفسه فيها زمنا طويلا. "منذ متى؟ لا تدري منذ متى وأنت نائم؟ ألم أقل لك أن النوم موت؟ كن أصلب منها وحطمها... لقد كبلوك... سرقوا منك الشمس، وكبلوك حتى لا تلحق بهم.. لا سيد للشمس ولا ملك، هي ملك لكل من يطلبها، لا تحجب ضوءها عن أي كان أبدا، إن الشمس تؤخذ ولا تعطى. (جلاوجي، د.ت)لقد مثلت توجيهات ونصائح الغريب فعلا إقناعيا للذات (المقهور).

بالنّسبة للذّات الضّديدة (ملك الشّمس) فقد كان المرسل الدّاخلي (المصلحة الشّخصية ومصلحة الحلفاء) محركّان لها على حجب الشّمس عن المقهور فالرّبيب يشكل خطرا على ملك الشمس وحلفائه، وهذا ما عزاه للتخلّص منه بطريقة ذكية وإسكانه مع المقهور.." الحقيقة أنّي سئمت من ربيبي، فهو يتدخّل في شؤوني، ويطمع في أملاكي...لقد حذرتك من كل ذلك.. لن أخالف لك رأيا، فما عهدتك إلا حصيفا سديد الرأي، والربيب مثلما يشكل عليك خطرا يشكل علي خطرا أيضا، بل وعلى كل الحلفاء. ونختزل عنصر التحريك عند الفاعلين (المقهور) وملك الشمس على النحو الآتي:


شكل رقم 1: بنية التحريك للفاعل ملك الشمس

شكل رقم:2بنية التحريك للفاعل المقهور

انطلاقا من شكلي بنيتي التحريك للذاتين المتضادّتين، يكون فعل المرسل إذا،إيجابا إلى الفاعل بواسطة إغرائه أو إغوائه (provocation ou seduction) ممّا يعني ترغيبه في موضوع أو تحذيره من خطر(Menace)وفي بنية التحريك لدى (المقهور) فالفعل ألإقناعي هو إغراء بالحرّيّة ويتأتى ذلك بالثورة والتمرّد. أما الفعل الإقناعي في بنية التحريك لدى الفاعل (ملك الشمس) فهو الشعور بالخطر (تهديد الربيب) وكذلك (ثورة المقهور وانتفاضته).

2.                      الأهليّة أو الكفاءة (La compétence)

وهي القدرة الّتي تمتلكها الذّات الفاعلة التي تسعى إلى موضوع رغبة تستحوذ عليه وهي أيضا (مؤهّلات الفاعل، ويستفاد منها في عملية الانجاز، لذلك وسمت بكينونة الفعل، وتكمن فاعليتها في حضور موجّهات للفعل وهي: قدرة الفعل بمعنى امتلاك القوّة البدنيّة أو السلطويّة التي عادة ما تكون مرتبطة بموجه معرفة الفعل الذي يقوم على رغبة الفاعل في أداء الفعل وموجه أخير، أضافه أتباع (غريماس)وهو وجوب الفعل. لما تقوّض الإرادة ،فيأتي الإجبار كإلزام يحتم على الفاعل بل ويفرض عنه القيام بالفعل (بوشفرة، معالم سيميائية في مضمون الخطاب السردي، 2011، صفحة 62)وانطلاقا من مسرحية (البحث عن الشّمس ) يمكننا أن نحدّد مدى تحقق شروط الكفاءة للذّاتين الفاعلتين كالآتي:

‌أ)الذّات الفاعلة (المقهور): ونلحظ قيمها الصّيغية كالآتي

 إرادة الفعل وجوب الفعل: اِمتلك (ملك) رغبة كبيرة في حجب الشّمس عن المقهور؛ ولهذا فقد حاول بكل السّبل حصاره وتخويفه وتأليب حلفائه وهيئة الأخوة والوئام عليه، ولم يكتفِ بهذا فقد حرّض عليه ربيبه ليقاسمه جزءٍا من بيته مدعّما ربيبه بالسّلاح والحماية." المهمّ أن لا يصل المقهور إلى الشّمس حتى لا ينبت له نخاع، أنت تعرف ماذا سيفعل بنا إن حقق ما يريد. ..لا تخش، سنزوّدك بما تحتاج عما قريب، لا تخف فنحن معك. نعبر عن أسفنا الشديد عن كل عمل وحشي رجعي من شأنه أن يحط من قيمة الإنسان، ويقضي على روح الأخوة الإنسانية."

-معرفة الفعل: يظهر جليّا أنّ (ملك الشّمس) امتلك فطنة وحيلة كبيرتين مكّنتاه من السّعي إلى تحقيق رغبته؛ ذلك أنهّ يسيطر على المقهور ويستغل ضعفه وانهزاميته وجهله بالقوانين ليضغط عنه.

-قدرة الفعل: لم تتوفّر قدرة الفعل لدى الذّات الفاعلة (ملك الشمس)؛ لأنّه لاقى رفضَ الذّات الّضديدة (المقهور) لسياسته في النّهاية، فقد لاقى انتفاضة وتمرّدا من المقهور، وهذا ما أدّى إلى انهزامه، فلم يستطع (ملك الشمس) أن يحقّق رغبته في حجب الشمس رغم كل المحاولات.

‌ب)                    الذّات الضّديدة (المقهور): ونلحظ قيمها الصّيغية كالآتي:

-إرادة الفعل وجوب الفعل: تمتلك الذّات الفاعلة الإجرائية (المقهور) رغبة كبيرة في البحث عن الشمس" سمني كيفما شئت فأنا لن أتوقف عن النقر حتى أرى الشمس. "كما امتلك رغبة كبيرة في الانتفاضة على (ملك الشمس) وحلفائه ودحرهم" لا تكذب كثيرا، لقد مللت وعودك المعسولة."

-معرفة الفعل: إنّ الذّات الفاعلة الإجرائية لم تكن على علم بواقعها الانهزامي في البداية، ولم تعلم أيضا أنّ (ملك الشمس) يستغل عجزها عن التغلّب على ضعفها لكن تدخل الغريب جعلها تكتسب هذه المعرفة مع استمرار السّرد.

-قدرة الفعل: لم تمتلك الذّات المقهور قدرتها على البحث عن الشّمس، كونه وحيدا لا يستطيع المقاومة على أربع جبهات، ولم يكن تقرير مصيره بيديه بل بيد (ملك الشّمس) وحلفائه الأقوياء. والعرف يقتضي أن يقرّر القويّ عن الضعيف ولا يحق للضعيف أن يعارض القرار، لكن(المقهور) امتلك قدرة الفعل بطريقة غير مباشرة، وذلك عن طريق إقناعات الغريب وتوجيهاته.

يقدّم النّص (المقهور) على أنّه اِمتلك  القدرة على الفعل؛ أي استمرّ وفعله  فمحاولته  الخروج من انهزاميته  للبحث عن الشّمس، وتجاوز سيطرة (ملك الشمس)  وسطوته على تقرير مصيره بالتّمرّد عليه جعلته يمتلك تلك القدرة فبقي ضمن محور الثابت، على النّقيض تماما من الفاعل (ملك الشّمس)  الّذي يقدّمه النّص ممتلكا لقدرة مرحلية ما يلبث أن يفقدها في النّهاية حيث يمتلكها في السيّطرة على المقهور وإيهامه ويفقدها في الأخير بسبب انتفاضة المقهورالتمرّد عليه .وحتى تتوضّح الفكرة نبسّطها عبر مربع القدرة للفاعلين معا على النّحو الآتي:


         شكل رقم 3: مربع القدرة للدات ملك الشمس

يبرز بواسطة المربع الذي بين أيدينا وضعان متمايزان: يتجلى الأول في محاولة ملك الشمس حجب الشمس عن المقهور وتقرير مصيره ويستحيل في الوضع الثاني غير قادر على ذلك بسبب ردة فعل المقهور الذي شجعه الغريب على ضرورة مواصلة النقر على الجدار للوصول إلى الشمس.

شكل رقم4: مربع القدرة للذات (المقهور)

ويبدو الأمر عكسيا بواسطة مربع القدرة للمقهور حيث اتسم في وضع أول بروح انهزامية ولم يقوَ معارضة ملك الشمس واستحال في وضع ثانٍ إلى ذات قادرة على تحدي ملك الشمس وخلفائه وواصل النقر على الجدار بحثا عن الشمس.

3.                      الأداء أو الإنجاز (La performance)

يشكل الأداء المرحلة الثّالثة في التّرسيمة الّسّردية ،والإنجاز هو كلّ عملية تحقق تحوّلا لحالة وهذه العمليّة تقتضي عاملا (Agent) هو الفاعل الإجرائي (Sujetoperation) (العابد، 2008، صفحة 72). وفي نصّ "البحث عن الشّمس" نجد فاعلين يبحث كل منهما عن موضوع قيمة فالمقهور يبحث عن الشمس ليستعيد مجده التاريخي ويحافظ على نخاعه فيما يبحث الفاعل الضّديد (ملك الشمس) عن حجبها عنه بأي ثمن، ويمكن أن نصوغ معادلة الأداء بالنّسبة إلى (المقهور) كالآتي:

-ذات المقهور ترغب في الحصول على الشمس.

-ذات المقهور تصارع للحصول الشمس.

-ذات المقهور تتصل بالحصول على الشمس.

    فبالنّسبة للفاعل الرئيس (المقهور) فقد تمكّن من تحقيق برامجه الاستعمالية الملحقة إذن، تمكّن من تحقيق برنامجه الأساس (الوصول إلى الشمس). وبهذا نحدّد البرنامج السّردي للذات (المقهور) في الصيغة الرّمزية الآتية:

ف1            [ (ف2∪م)                    (ف2  ∩م) الوصول إلى الشمس  تحول اتصالي.

بالنسبة للفاعل الضّديد (ملك الشمس) فإنّ برنامجها الاستعمالي تحققت نسبيا فقط ولم يتمكّن بذلك من تحقيق برنامجه الأساس ونحصل على إثر ذلك على الصّيغة الرّمزية الآتية:

ف1           [(ف2∩م)                     (ف2∪م)                      حجب الشّمس عن المقهو رتحول انفصالي.

4.                      التّقويم: (Sanction)

ويرتبط التقويم بطبيعة الحال اِرتباطا وثيقا بعنصر التحّريك ويشكّلان معا قطبي البرنامج السّردي، ويعرف التقويم بأنّه حكم ابستيمي للفعل يقوم به المرسل الحافظ للقيم تجاه الفاعل ليقوّم أعماله وفق الحالة البدئيّة والنهائية إن كانت ايجابية تستحقّ المكافأة أو كانت سلبية فيستحقّ عليها العقاب. ويقوم التقويم على أساس العلاقة التي تربط الفاعل وموضوعه من حيث الصدق والشرعية عبر مجموعة من الموجّهات. إذا، هو تلك الصورة الخطابية مرتبطة بالتحريك ؛ إذ فيها تقوم النّتائج المفضية إلى نهاية البرنامج السّردي وهو نوعان: تقويم عملي ( Sanctionparagmatique) وتقويم معرفي (Sanction cognitive)(...)  والعلاقة بين الفاعل وفعله لا تتعلّق بالاتصال أو الانفصال فحسب؛ إنما على مدى صدق العلاقة الحالية في حدّ ذاتها ، فقد تكون صادقة أو كاذبة أو باطلة. (بوشفرة، مباحث في السيميائية السّرديّة، د.ت، صفحة 73)

وبالعودة إلى مسرحية (البحث عن الشّمس) فقد سعى (ملك الشّمس) ليكون سيدا على (المقهور)، يقرّر مصيره بغية الحفاظ على مصالحه ومصالح حلفائه من تهديد خطر (الربيب) تقوده هذه المصلحة إلى الدّخول في حالة علاقة موجبة على المستوى المتجلي وسالبة على المستوى الإنّي [ظاهر+لا باطن] تحقّق الكذب الذي مارسه رفقة (الربيب) والحلفاء و(هيئة الأخوة والوئام) أمّا عن الفعل التأويلي لدى (ملك الشمس) فهو اعتقاده وثقته العمياء ببقاء المقهور تحت ظلّ الخنوع والانهزامية دون أن يدرك أنّه سينقلب ويتمرّد عليه.

وفي العلاقة الائتمانية (Relation fiduciaire) يربط الّتي تربط بين العامل المرسل(الغريب) والفاعل الإجرائي(المقهور) أو بين السّبب والنتيجة التي تتجلى بين المستوى الظاهر الجليّ والمستوى الإنّي الباطن، نجد أنّ الفعل التأويلي يظهر ويكافأ بواسطته(المقهور) على شرعية فعله المنجز " دونك بإرادتك تنتصر، بإرادتك تكون عملاقا". فنكون أمام علاقة موسومة بطابع الإيجاب بين المستويين (المتجلّي والإنّي). [ظاهر+ باطن] يترتّب عنها الصدق. الذي مارسه المقهور وكذلك الغريب. وقد أشار غري ماس إلى هذه العلاقات في مربع سيميائي يكون هنا على النّحو الآتي:

شكل رقم :5المربع التصديقي

يمكننا مربع التصديق إذن من فهم حقيقة اللعبة التي قام بها ملك الشمس حيث قدم ظاهرا معاكسا لباطنه فانتقل من وضع باطل إلى وضع كاذب بعد أن انتبه المقهور لمخططاته.


   خامسا: التّرسيمات العامليّة: نستخلص إذا التّرسيمتين العامليتين للذّاتين المقهور وملك الشمس حيث تكون على النحو الآتي:

        شكل رقم:6الترسيمة العاملية للذات ملك الشمس

     شكل رقم 7الترسيمة العاملية للذات المقهور

بتتبعنا للترسيمتين العامليتين يتّضح لنا جليّا في التّرسيمة العاملية للذّات المقهور أنّ الذات الرّئيسة (المقهور) وحيدة في مسعاها لتحقيق موضوع القيمة الذي يشير إليه السهم (البحث عن الشمس) وهو موضوع مجرّد تقريبا، في حين نجد أن خانة المعارض ثرية بالذوات (سبعة عوامل) التي تسهم في تحقيق دور عاملي واحد نجمله في عرقلة مشروع (المقهور). ومع ذلك استطاع (المقهور) تحيين موضوعه الجيهي وتحقيق الغائية (+) إذ بدأ بوضع انفصالي وانتهى بوضع اتصالي.

بينما تبرز لنا التّرسيمة العامليّة الثانية للذات (ملك الشمس) كيفية انتظام الذّوات وتموقعها ضمن المتن السردي العام، وهي هنا مقلوبة، وعلى النقيض من ذلك نجد أنّ برنامج (ملك الشمس) برنامج ضديد بالنسبة لبرنامج (المقهور). من هنا، فإن أي برنامج رئيس ما، له برنامج ضديد. إذن، فالترسيمة هنا تحديدا ستكون عكسية من حيث تموقع ذواتها؛ بمعنى أنّ موضوع القيمة للذات المقهور (البحث عن الشمس) يناقضه موضوع القيمة للذات (ملك الشمس) وهو (حرمان المقهور من الشمس)


فيما تقف العوامل المساعدة للذات (ملك الشمس) كعوامل معارضة للذات (المقهور) والعكس بالعكس.

          ونشير إلى أنّ برنامج (ملك الشمس) وفي الحالة البدئيّة كان متّصلا بموضوع القيمة وانتهى بحالة انفصال عن موضوع القيمة، أي رغم تحيينه لبرنامجه إلا أنه انفصل عن موضوع القيمة مما يعني فشل الغائية(ـــــ).

الخاتمـة


ينتظم هذا العمل ضمن إطار تحليلي يهتم بدراسة النّص المسرحي الجزائري وفق سيمياء السرد وقد اتخذ مسرحية البحث عن الشمس لعز الدين جلاوجي أنموذجا حيث تعد نصوصه المسرحية مشبّعة بالسرد. غير موغلة في الحوارية، وقد اعتمدنا في تحليل النص إلى إجراءات نظرية السيمياء السردية وانطلاقا من بعض مفاهيمها   ويمكن أن نخلص انطلاقا من تحليلنا لنص "البحث عن الشمس في شق المكون السردي إلى النتائج الآتية:

ــــ البرامج السردية مرتبطةٌ ارتباطا وثيقًا بالترسيمات العاملية في نص" البحث عن الشمس" ومنه فقد فتعدّدت أدوار الفواعل في النّص.

ــــ   جاء النص وفق آلية محكومة بجملة من العلاقات والعمليات التي شكلت تنظيمه السردي المنطقي إلي تجسد بواسطة سلسلة من الحالات والتحويلات المنتظمة في برامج سردية تخضع لمراحل الخطاطة السرديّة.

ــــ تنوع البرامج السردية وكثافتها بالنسبة للّذّاتين في النصهو نتاج تشكل كفاءات الفاعلين فيه، وهو ما مكّننا من الكشف عن رهانات الصراع الّذي بنى عليه النّص سرديته.

ــــ الحالات التي مرّ فيها موضوع القيمة استقطبت برنامجيين سرديين متضادين بحيث يناسب الامتلاك(acquisition) في برنامج ما الفقدان (privation) في البرنامج الضّديد (الموازي) أي؛ ما يحقق ملازمة (concomitaréce) تجمع بين التملّك والسّلب.

  ــــ تأسس الفاعل (ملك الشمس) لإفشال مشروع (المقهور) الّذي يرغب في البحث عن الشمس أي حرّيته وقد فشل في ذلك رغم وجود عوامل مساعدة له.وهو ما يعني أن السارد قد أبرز قيمة الحرّيّة التي ينشدها المظلوم وقيم الجشع والظلم والقهر  الممارس من طرف أصحاب المصالح  المشتركة وبيّن أنّ صاحب الحقّ إن أراد  الخلاص منهم  فمحتّم  عليه المقاومة والمواصلة دون يأس ودون التفات لأيّ  معيق مهما كانت سطوته.

ـــــ المكون السردي يكتسي ــ بعده جهازا نظريا مكانة مهمة في التحليل السيميائي السردي بالنظر إلى كشفه عن تلك العلاقات القائمة بين الشخصيات ومواضيع القيمة وكذا تتبعه للمسارات العاملية للفواعل ما يعني أن الخطاطة السردية كما أطلق عليها رشيد بن مالك قاعدية ونموذجا مرجعيا يمكن أن يحسب بالارتكاز عليه الانحرافات، التوسعات، والتموضعات الإستراتيجية.

ـــالبناء العاملي والبرنامج السردي يشكلان علاقة وثيقة لا يمكن الفصل بينهما بأيّ حال. حيث يشكل المسار السردي للفاعل نواة الخطاطة السردية.

ــــ يمكن التمييز بين ثلاثة مقاطع للتركيب السردي وهي كالآتي: المسارات السردية للفاعل المنفذ، والمرسل المحرك، والمرسل المقوم.

ـــــ نصّ "البحث عن الشّمس" متفرّد يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتنوعة التي تبيّن كيفية تمفصل المعنىفيه.

التّوصيات

 ـــ لقد أثبتت السّيمياء السّردية نجاعة تحليلية على مختلف    النّصوص والخطابات، لكن هذا لا يعني أن يتجاوز المحلّل تلك الخصوصيات الثقافية للنّصوص المدروسة.

ــــ من الطبيعي أن تبقى سيمياء السرد متجدّدة كونها منهجا حداثيّا إذا، فهي تبقى مفتوحة خاضعة للمناقشة والإضافة والبحث.

   ـــــلابد من تكثيف الجهود العربية لتبسيط النظرية السيميائية وفكّ تعقيداتها عموما سواء على مستوى التنظير أو الدراسات التطبيقية التي ينبغي أن تتجاوز تلك النّصوص والقصص التراثية الأدبية على أجناس أخرى.

-ما تزال إشكالية ترجمة المصطلحات السيميائية ونقل حمولاته المعرفيّة لدى العرب عائقا أمام الباحثين، وهو ما من شأنه أن يؤزّم وضعية النقد. وعليه ينبغي مراجعة أساليب ترجمة المصطلحات السّيميائية وفق المقاربة النّسقية وتوحيدها ونشرها في معاجم شارحة بلغة بسيطة.

ـــــــ ضرورة  توحيد جهود الباحثين العرب وتقريبها بغية تبسيط إجراءات النّظرية أمام الطلبة والباحثين.


  1. A. J GREIMAS, J. Courtés,)1979(. Dictionnaire raisonné de la théorie du langage,Hachette,paris .
  2. Groupe d’entervernes (1984(analyse sémioutique des textes, P U L,lyon .
  3. بن كراد سعيد، (2001)، السيمياء السّردية، مدخل نظري، منشورات الزمن، الدار البيضاء، المغرب.
  4. بن مالك رشيد (2010)،"المكون السردي في النظرية السيميائية"، فيلاديلفيا الثقافية، العدد (6) الأردن.
  5. بن مالك رشيد (2001)، البنية السّردية في النّظرية السيميائية، دار الحكمة الجزائر.
  6. بوشفرة نادية (2011) معالم سيميائية في مضمون الخطاب السردي، دار الأمل للنشر والتوزيع، تيزي وزو.
  7. بوشفرة نادية، (ب د ت) مباحث في السيميائية السّرديّة، دار الأمل للنشر والتوزيع، تيزي وزو.
  8. جلاوجي عز الدين، (ب د ت) البحث عن الشمس، دار المنتهى، سطيف.
  9. شقروش شادية (2015) «العوامل في السيميائيات السّرديّة"، مجلّة كلّية التربية، العدد (20) العراق.
  10. طامر أنوال، (ب د ت) المسرح والمناهج النقدية الحداثية ـ نماذج من المسرح الجزائري والعالمي ــ دار القدس العربي، وهران.
  11. العابد عبد المجيد، (2008)، مباحث في السيميائيات، دار القرويين، المغرب.
  12.  لحميداني حميد (1991)، بنية النّص السّرديّ من منظور النقد الأدبيّ، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، بيروت

@pour_citer_ce_document

وليد شموري / بلخير عقاب, «المكوّن السّردي في مسرحيّة "البحث عن الشّمس" لعزالدّين جلاوجي ـمقاربة سيميائيّة ـ»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 391-403,
Date Publication Sur Papier : 2020-10-26,
Date Pulication Electronique : 2020-10-26,
mis a jour le : 26/10/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7735.