Homicide factors and the most prominent personal characteristics of the murdererعوامل ارتكاب جريمة القتل وأبرز السمات الشخصية للمجرم القاتل
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 18-2021

عوامل ارتكاب جريمة القتل وأبرز السمات الشخصية للمجرم القاتل

Homicide factors and the most prominent personal characteristics of the murderer
ص ص 183-200
تاريخ الإرسال: 2019-09-25 تاريخ القبول: 2021-05-18

هاجر غندور / معمر داود
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تعدّجريمة القتل من أبشع الجرائم المرتكبة في حق النفس البشرية، لماتتركه من آثار وخيمة لا تقتصر على مرتكبيها فقط، وإنّماعلى الضحية وعلى المجتمع الكبير، وذلك راجع الى جملة من العوامل المتشابكة التي بالرغم من اختلاف مرتكبيها إلىأنهم يشتركون في الغالب في نفس العوامل والأسباب المؤدية الى ارتكابها. لذا فقد كان الهدف من هذه الدراسة هو:معرفة العوامل والأسباب التي تدفع بالمجرم القاتل الى اقتراف جريمته منعوامل وأسباب اجتماعية، نفسية، اقتصادية، دينية...الخ، وصولا إلىتحديد الملامح والسمات الشخصية بما فيها الديمغرافية،والاجتماعية،والنفسية التي يتميز بها هؤلاء المجرمين فضلا عن نوعية الأسلحة التي يتم الاعتماد عليها في تنفيذ الجريمة، وصولا الى معرفة الآثار المترتبة عنهذه الجريمة.

الكلمات المفاتيح: الجريمة، القتل، المجرم

Le meurtre est l'un des crimes les plus odieux commis contre la vie humaine et dont les graves conséquences ne se limitent pas aux seuls auteurs ou à la victime, mais affectent également la grande communauté, en raison de plusieurs facteurs interdépendants qui, bien que les auteurs soient différents, partagent souvent les mêmes facteurs et causes pour la commission du crime. Le but de cette étude est, donc, de découvrir les facteurs et les raisons qui conduisent le criminel à commettre un meurtre, de savoir s’ils sont à l’origine sociaux, psychologiques, économiques, religieux...etc. Identifier, par la même occasion, les traits et les caractéristiques personnelles du criminel, notamment les caractéristiques démographiques, sociales et psychologiques, ainsi que le type d'armes utilisées dans l'exécution du crime, pour déterminer, enfin, les conséquences de ce crime.

Mots clés : Crime, meurtre, criminel

The crime of murder is one of the most heinous crimes committed against human life and the dangerous consequences of which are not limited to the perpetrators alone or to the victim and to the large community, due to a number of interrelated factors, which, although the perpetrators are different, often share the same factors and causes for the commission of the crime. So the aim of this study was to find out the factors and reasons that lead the killer criminal to commit his crime, whether it was social factors and reasons, psychological, economic, religious...etc. To identify the personal characteristics, including the demographic, social and psychological characteristics of such criminals, as well as the type of weapons to be relied upon in the execution of the crime, in order to ascertain the consequences of this crime.

Keywords: Crime, murder, criminal

Quelques mots à propos de :  هاجر غندور

[1]، مخبر التربية الانحراف والجريمة في المجتمع، جامعة باجي مختار عنابة، hadjer.grandeur@univ-annaba.org
[1]المؤلف المراسل

Quelques mots à propos de :  معمر داود

 مخبرالتربية الانحراف والجريمة في المجتمع، جامعة باجي مختار عنابة،daoudmaamar5@gmail.com

المقدمة

تعد الجريمة ظاهرة كغيرها من الظواهر الأخرى الموجودة في البيئة الاجتماعية،فقبل أن تكون ظاهرة قانونية فهي ظاهرة سياسية واقتصادية،وخاصة اجتماعية خلقية سلبية مخالفة لقيم المجتمع ومعاييره، وكذا مختلفة عن بقية الظواهر الأخرى في المجتمع الكبير. فهي تعبير عن الصراع القائم بين القيم الاجتماعية والضغوطات المختلفة من قبل المجتمع، وترجمة هذا السلوك أيضا ما هو الا نتيجة لحالة الصراع بين الفرد وبيئته،وهذا إن دلّ على شيءفهو يدل على أن للمجتمع دورا كبيرافي إجرام الفردعلى غرار دوافعه الخاصة وهذا ما أكده جون جاك روسو في قوله:" إنّالإنسان يولد صالحا ويصبح فاسدا بواسطة المجتمع".1لذا فقد كانت مساهمة العلماء والباحثين في هذا الموضوع لدراسة الجريمة لما تشكله من أضرار وآثار التي لا تقتصر على مرتكبيها فقط،وانما تمس المجتمع الكبير باعتباره المحيط التي تحدث فيه مختلف هاته السلوكياتالإجرامية. وجريمة القتل سواء كان عمدي أو غير عمدي فهي تعد من أخطر الجرائم التي تحدث في مجتمعاتنا العربية الإسلامية والمجتمع الجزائري بالخصوص، كونها جريمة لا تتوقففقط في ارتكابها على التعدي على القوانين المسلطة على أفرادها، بل الأهم من ذلك أنها تتعدى على حق الضحية في العيش والحياة التي منحها الله سبحانه إياها،فضلا عن أن هاته الجريمة تعرض المجتمع الى الاضطراب،وفقدان الثقة وضياع الأمن الاجتماعي،وتصدع القيم الاجتماعية،وأن جميع هاته الآثار تكون بذلك هدامة للبناء الاجتماعي وكذا الفرد الذي ارتكب جريمة القتل2، وهذا ما هو الا نتيجة الانهيارالذي شمل منظومة القيم لهذا المجتمع،وتفككه وكذا انهيار الوازع الديني الذي هو من أساسيات تكوين المجتمع. لذا فالأديان،والأعراف والعادات والتقاليد،والضمير والوجودان كلها ترفض القتل وتعدّهجريمة تمس حق الإنسان في الحياة والوجود والقاتل يستحق أقسى العقوبات لما اقترفه من أعمال دنيئة ومنكرة وإجرامية.

وفي هذا السياق اهتم كثيرمن الباحثين في ميادين علم الاجتماع وعلم الإجرام وعلم النفس بدراسة هذه الجريمة محاولين معرفة الظروف والأسباب المختلفة التي تؤثر في بعض الأشخاص فتدفعهم إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة،غير أن البعض من هاته الدراسات كانت تهمل جانبا مهما في الدراسة ألا وهومرتكب هذا الفعل بصفته رجلا أو امرأة، وربما يعزى ذلك إلى نظرتنا الاجتماعية المتخصصة حول المجرم دائما هو أنه رجل خارج عن القانون. لهذا سنحاول في هذه المساهمة العلمية كباحثين أن نتطرق الى جريمة القتل ومعرفة أنواعها، معرجين في ذلك على أهم الأسباب والدوافع التي تدفع المجرم لقتلضحيته دون الأخذ  في عين الاعتبار قدسية النفس الإنسانية، وترتكب الجريمةتارة نتيجة أسباب اجتماعية(التصدع الأسري، العنف الأسري، ضعف الوازع الديني، ضعف وسائل الضبط الاجتماعي، التنشئة غيرالسوية...)، أو أسباب نفسية(أمراض نفسية، اضطرابات نفسية وكذا سلوكية...)، أو حتى أسباب اقتصادية(الفقر، البطالة) وغيرها من الأسباب  التي كانت ولا زالت تعدّ عواملمشجعة في ارتكاب الفرد لجريمة القتل. ما أدى بنا إلىطرح التساؤل الرئيسي:ما العوامل المؤدية إلى ارتكابجريمة القتل في المجتمع الجزائري؟والذي انبثقتمنه مجموعة من التساؤلات الفرعية:

ü                       ما الأسباب الدافعة للارتكاب المجرم جريمة القتل؟

ü                       ما السمات الشخصية التي يتميز بها المجرم القاتل؟

ü                       ما الآثار المترتبة عنهذه الجريمة على المجرم القاتل؟

- أهداف الدراسة: الكشف عن العوامل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي تجعل الأفراد يقدمون على ارتكاب جريمة القتل بنوعيها،فضلا عن تحديد السمات الشخصية للمجرم القاتل،وصولا الى معرفة أهم الآثار الاجتماعية،والنفسية،والاقتصادية المترتبة على جريمة القتل.

- أهمية الدراسة: كونها دراسة مهمة تتناول فيها أبشع وأخطر الجرائم المرتكبة في المجتمع الجزائري ألا وهي جريمة القتل، ومعرفة أهم الأسباب والعوامل التي تدفع بالمجرم القاتل إلىتنفيذ جريمته، ومدى خطورة الآثار التي تتركها هذه الظاهرة على الفرد والمجتمع، حتى أصبحت من المشاكل التي تؤرق المجتمع.

أولا-تحديد المفاهيم الرئيسة

1- مفهوم الجريمة: وتعني في مفهومها العام أنها:"كل فعل معارض للقانون سواء كان هذا القانون إنسانيا أو إلهيا. (منصور رحماني،2006م، ص78)فهي تعدّ نوعامن الخروج عن قواعد السلوك والمعايير التي وضعها المجتمع للأفراد وأن فاعلها يعتبر مجرما(إحسان محمد حسن،2008م، ص118)، وبالتالي فالمجتمع هو الذي يحدد ماهية السلوك العادي وماهية السلوك المنحرف أو الإجرامي وفقا لقيمه ومعاييره. (سامية حسن الساعاتي،1983م، ص16). كما تطلق لفظة الجريمة على ارتكاب كل ما هو مخالف للحق والعدل والطريق السوي فقد قال سبحانه وتعالى: "إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ ٢٩"(سورة المطففين، الآية 29)، وقوله أيضا: "كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجۡرِمُونَ ٤٦"(سورة المرسلات، الآية 46)، فجميع هذه الآيات تبين لنا أن الجريمة كفعل هي محرمة عند الله عزّ وجلّ،فالشريعة الإسلامية ترى أنالجريمة هي كل سلوك وفعل نهى الله عنه، وأن من قام بإتيانه يعدّمجرما وسلوكه يعد جريمة يلقى مقابل ذلك عقوبات نتيجة جرمه المقترف. وهذا ما قد أشار إليهالإمام الماوردي في تعريفه للجريمة: "على أنها محظورات شرعية، زجر الله عنها بعقوبة هي الحد أو التعزيز"(عزوز علي، 2011م، ص43).لذلك فالشريعة الإسلامية اهتمت بدراسة هذا السلوك لما فيه من خطورة لا تمس الفرد فقط بل المجتمع ككل.

  *التعريف السوسيولوجي: ونجد في مقدمة هذه التعريفات تعريف المدرسة الوضعية التي تنظر إلى الجريمةعلى أنها:" كل فعل ضار بمصالح المجتمع الأساسية ". لذلك فإنتكييف سلوك ما على أنه جريمة أم لا يقوم أساسا على وجود تعدٍّعلى مبادئ الأخلاق والقيم الاجتماعية التي تسود المجتمع. فقد عرفها دوركايم على أنها:" سلوك لابد منه لسلامة المجتمع، وأنها جزء لا يتجزأ من كل مجتمع سليم". معنى ذلك أن الجريمة في نظره هي ظاهرة ضرورية مرتبطة بالشروط الأساسية لكل حياة اجتماعية للآن كل مجتمع يحتوي في حالته الطبيعية على الإجرام لكن شرط أن يبلغ في كل نموذج اجتماعي حدا معينا لا يتجاوز فيه الإجرام.(حسين عبد الحميد أحمد رشوان،2009م، ص ص 17- 19لكن على الرغممن طرحه هذا فهو يراها من ناحية أخرى على أنها حالة من الأنوميا أو ما تعرف باللا معيارية، والتي تعني عدم توافق قيم ومعايير الفرد الخاصة به مع قيم ومعايير المجتمع،وعدم هذا التوافق ينتج عنه سلوك غير سوي بالنسبة للمجتمع، والجريمة في مفهومها تحمل هذا المعنى. أما الباحث الاجتماعيعاطف غيث فقد عرّفالجريمة أنها:" سلوك ينتهك القواعد الأخلاقية التي وضعت لها الجماعات جزاءات سلبية ذات طابع سامي"(عماد بن تروش،2013م، ص127). لذلك فوقوع الجريمة دائما يكون مرتبطابوجود المجتمع والمعايير الخاصةبه، فلولا وجود هذه الأخيرة لما كانت هناك سلوكيات إجرامية. وهذا ما أكده سيزاريبكاريا في قوله:" الجريمة هي جرح في جسد المجتمع" (أحسن طالب،2002م، ص27يعني أن الجريمة موجودة بوجود المجتمع ووجود أفرادها الذين تعدوا على قيم ومعايير مجتمعهم. لذا فهذا الاتجاه الاجتماعي ينظر إلى السلوكياتالتي تكون مخالفة لقيم المجتمع ومعاييره ومعتقداته وأخلاقياته على أنها سلوكياتاجرامية وسلوكياتغير أخلاقية حتى لو لم يكن هناك نص قانوني يجرمها أو يشرع على عقوبتها. فمجرد التعدي على قيم المجتمع يعدّ جريمةبحد ذاته.

*التعريف القانوني: فمن الناحية القانونية تعرف على أنها:" نوع من التعدي على القانون الجنائي، يحدث بلا دفاع أو مبرر وتعاقب عليه الدولة"(سامية محمد جابر، 2010م، ص07).وهناك من يعرفها بأنها:" كل فعل يخالف أحكام قانون العقوبات أو يكون تعديا على الحقوق العامة أو خرقا للواجبات المترتبة نحو الدولة أو المجتمع بوجه عام"(مزوز بركو،2006/2007م،ص116).وقد كان لرجل القانون بول تبان مجال في تعريفه للجريمة من الناحية القانونية إذيعرفها على أنها: "نوع من السلوك أو موقف يمكن أن يعرض صاحبه على المحكمة، ويصدر فيه حكم قضائي بالاستناد الى تشريع معين"(علي محمد جعفر،1984م، ص09).فمن خلال التعريفات السابقة توضح لنا أن الجريمة من الناحية القانونية ما هي إلا سلوكياتوأفعال مقصودة وعمدية خالفت جميع النصوص القانونية، وذلك حسب طبيعة ونوع كل جريمة وما يحيطها من ظروف وملابسات.

2-تعرف القتل:فالقتل من حيث معناه الاصطلاحيهو:" ازهاق لنفس انسانية بفعل انسان آخر، أو بفعل صاحبها". في حين يعرفه الآخرونعلى أنه قتل النفس عمدا أو بغير عمد بأي وسيلة كانت مثل: الحرق والاغراقوالإلقاء من مكان شاهق أو الخنق أو السم. (عبد الله سالم الدراوشة، مراد عبد الله المواجدة،2017م، ص119).

*تعريف الشريعة الإسلامية:لقد اتفقت جميع الشرائع السماوية على تحريمجريمةالقتل، وتقرير أقصى العقوبات الرادعة في حق مرتكبيها حتى يعيش الناس في أمن وسلام. فجريمة القتل هي جريمة قديمة قدم الإنسان منذ وقت قابيل وهابيل، لذلك فهي تعد من أقدم الظواهر في سلوك الإنسان، ولكن بالرغم من قدمها فقد ظلت من أخطر وأبشع الجرائم في جميع الديانات. والدين الإسلامي من بين الديانات التي تؤكد على أن القتل يعدّمن أخطر الجرائم التي تهز كيان البشرية فلذلك ورد تحريمها والوعيد عليها في كثير من نصوص الكتاب والسنة. كقوله تعالى:"وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ ٢٦"(سورةغافر، الآية 26وقوله تعالى: " فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٢٤" (سورةالعنكبوت، الآية 24). وعليه فتعريف القتل في الشريعة والدين الإسلامي كان أكثر وضوحا، والآيات القرآنية أكبر دليل في توضيحها للقتل كسلوك يرتكب من شخص ضد شخص آخر وكجريمة محرمة في جميع الشرائع السماوية. ويعرف الحنفية والشافعيةالقتل بأنه: "كل فعل من العباد يؤثر في ازهاق الروح، ويجب أن يكون لهذا الفعل من العباد أثرا يكون سببا في إزهاق روح إنسان آخر(السرخسي،1993م، ص262).كما يعرف أيضا على أنه: "إزهاق روح إنسان حي عمدا، وبأنه اعتداء على حياة الغير تترتب عليه وفاته، والموت في مفهومهم يعني مفارقة الروح الجسد"(خوجة الريامي، 2006م، ص 25).

*التعريف الاجتماعي:وقد كان للباحث الاجتماعيعبد القادر الزغل رؤية اجتماعية من حيث تعريفة لجريمة القتل والذي يعرفها على أنها: "الجريمة المرتكبة بطريقة مقصودة أو غير مقصودة لأدنىسبب ودونمبرر نتيجة عامل الفقر والبطالة بين الناس". وهو بدوره يرى أن جرائم القتل تندرج تحتها مجموعة من الجرائم الأخرى كجرائم الشرف وجرائم الثأر، وخاصة الأخيرة التي يرى أنها منتشرةبصورة كبيرة نتيجة لعدم وجود السلطة السياسية الحازمة وكذلك لعدمتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. علاوة على وجود العصبية القبلية في نفوس الناس (عبد القادر الزغل،1990م، ص20). في مقابل ذلك نجد زيد محمد ابراهيم يعرفها على أنها:" الجريمة التي تعمد فيها الجاني الاعتداء على المجني عليه – الضحية-، وتعمد قتله مستعملا في ذلك الآلة القاتلة مما أدى الى موت المجني عليه نتيجة لذلك الاعتداء".(زيد محمد إبراهيم،1980م، ص32).

*التعريف النفسي:ولقد ربط العديد من العلماء والباحثين في تعريفاتهم للقتل كجريمة من ناحية وكسلوك مرتبط بشخصية الإنسان من ناحية أخرى، بما يعرف به بالسلوك العدواني والعنيف من منطلق أن هذا الأخير-العنف-مرتبط ببعض الاضطرابات النفسية مثل: اضطراب الشخصية والدهانات، والتخلف العقلي، والتي كلها أمراض من شأنها أن تنبأ بوجود نزعة العنف لدى المجرم والتي قد تدفعه في النهاية إلىتنفيذ جريمته. وجريمة القتل تعد من بين الجرائم الأكثر ارتكابا وارتبطا بالشخصية العنيفة لدى المجرم القاتل. (لطفي الشربيني،2003م، ص75).فجريمة القتل بذلك ما هي الا التعدي الحاصل من فردأو عدة أفراد في مجتمع معين على القيم الخاصة بهذا المجتمع وانتهاك حقوق أفراده. (مصطفى العوجي، 1985م، ص64).

*التعريف القانوني: وتصنف جريمة القتل في القانون الجزائري على غرار القوانين والتشريعات الأخرى أنها من ضمن الجرائم التي تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية أو ما يعرف كذلك بالجرائم العمدية ضد الأشخاص أو الواقعة على النفس. ويعرفها قانون العقوبات الجزائري حسب المادة 254:" بأنها ازهاق روح إنسان عمدا"(فضيل العيش،2007م، ص224). وهناك من يعرفها على أنها جريمة ازهاق روح انسان، بفعل أو امتناع عمدي، بغير حق مقرر من الشريعة من إنسانمكلف شرعا. وجريمة القتل المضبوطة هي التي تم كشفها وضبط الجاني فيها، أما فيما يتعلق بجريمة القتل المجهولة فهي لاتزال مجهولة الفاعل(خالد مبارك القريوي القحطاني،2002م، ص08). لذلك فتحديد مصطلحجريمة القتل لا يختلف من حيث تعريفه في التشريعات الأخرى، وإنكان الاختلاف يكمن في العقوبات الجزائية المقررة لهاته الجريمة. إضافة إلىذلك فالاختلاف في مثل هاته الجريمة يكمن أيضا في أنوعاها فهناك: القتل العمدي، القتل غيرالعمدي.

 3-تعريف المجرم:ويعرف على أنه ذلك الشخص الذي يقع في أمر غير مستحسن مصرا عليه مستمرا عليه لا يحاول تركه ولا يرضى بتركه. (أكرم عبد الرزاقالمشهداني،2005م، ص34).

*التعريف السوسيولوجي: فقد عرفه محمد عاطف غيث على أنه كل شخص انتهك أحد القواعد الخاصة بالقانون الجنائي مع سبق الإصرار. (محمد عاطف غيث،2009م، ص95).أما أنه يعدّمجرما بمجرد انتهاكه أعراف المجتمع وقيمه فهو يعد كذلك حتى لو لم ينص القانون على تجريم ذلك السلوك المتعدي على المجتمع فهو في نظر هذا الأخير يبقى مجرما.

  *التعريف النفسي: وهو ذلك الشخص الذي يعاني من قصور في التوفيق بين غرائزه وميوله الفطرية، وبين مقتضيات البيئة الخارجية التي يعيش فيها. (جلال الدين عبد الخالق، السيد رمضان،2001م، ص187).

ثانيا– الدراسات السابقة

  1-دراسة سليمان فايز قديحسنة2003م،"الظروف الأسرية وعلاقتها ببعض خصائص الشخصية لدى مرتكبي جريمة القتل في سجن غزة المركزي "، وقد شملت عينة الدراسة 36سجينامن جميع السجناء الذين أدينوا بتهمة القتل العمديفي سجن غزة المركزي، وقد اعتمد الباحث في دراسته على مجموعة من الأدوات: مقياس الظروف الأسرية من اعداد الباحث، ومقياس مظاهر العدوان، استمارة تقدير المستوى الاجتماعي الاقتصادي للأسرة الفلسطينية، ومقياس تقدير الشخصية، ومقياس بيك للاكتئاب، مقياس الاتزان الانفعالي، مقياس الانحراف السيكوباتي،واستخدامالمتوسط الحسابي،والوزن النسبي،ومعامل ارتباط بيرسون، وقد هدفت الدراسة إلى: التعرف على الظروف الأسرية لدى مرتكبي جريمة القتل في سجن غزة المركزي "مركز الإصلاح والتأهيل المهني، وعلى بعض خصائصهم الشخصية، فضلا عن معرفة العلاقة بين الظروف الأسرية وبعض خصائصهم الشخصية، ومن النتائج التي بينتها هاته الدراسة أن الظروف الأسرية لمرتكبي جريمة القتل سيئة، وتمثلت في: التفكك الأسري، غياب الدعم النفسي، والتآزر الاجتماعي داخل البناء الأسري، المعاملة الأسرية. كما أوضحت الدراسة أن مرتكبي جريمة القتل في سجن غزة لديهم عدة خصائص: (العدوان مرتفع بدرجة كبيرة، الاكتئاب عالي جدا، الاتزان الانفعالي ضعيف جدا، الانحراف السيكوباتي مرتفع بدرجة كبيرة). (سليمانفايز قديح، 2003م، ص129).

 2- دراسة محمد ناصر القحطانيسنة2010م، "جرائم القتل: عواملها وآثارها الاجتماعية – دراسة ميدانية على مدينة أبها في المملكة العربية السعودية -"، وقد شملت عينة الدراسة 660مفردةمن النزلاء المرتكبين لجريمة القتل في سجن أبها في المملكة العربية السعودية، ولكن تم اختيار 200عينة من هؤلاء المجرمين بطريقةقصدية من أصل 660عينة. وقد اعتمد الباحث في دراسته منهج المسح الاجتماعي، وفي المعالجة الإحصائية اعتمد أسلوب الإحصاء الوصفي،وذلك لوصف خصائص أفراد العينة، المتوسطات الحسابية،والانحرافات المعيارية، كما استخدمتحليل التباين الثلاثي، التكرارات والنسب المئوية. ومن بين أهداف هاته الدراسة التعرف على أسباب جرائم القتل التي دفعت بأفراد عينة البحث لارتكابهاته الجريمة، والآثار المترتبة عن هاته الجريمة. ومن نتائج الدراسة: أنمن أهم أسباب جريمة القتل العامل الاجتماعي (الأسر المفككة، الاختلاط برفاق السوء)، والعامل الاقتصادي (الفقر والبطالة)، ومن ثم العامل النفسي (القلق والتوتر) ليأتي في الأخير العامل الديني. أما فيما يتعلق بأهم الآثار الاجتماعية الناجمة عن جريمة القتل فانتشارالجريمة الجنسية على النزلاء ثم البطالة، يليه فيما بعد عدم القدرة على تلبية احتياجات الأسرة المالية، ومن ثم فشل الأبناء في الدراسة، ليليه في الأخير القلق والتوتر عند أفراد الأسرة. كما أوضحت نتائج الدراسة أن أكثر أنواع الجرائم ارتكابا هي: القتل دفاعا عن النفس 34%، القتل دفاعا عن الشرف 28%، القتل العمدي 19%، القتل دفاع عن المال 19%، وأن أكثر مرتكبي هذه الجريمة في الأصل من خارج القبيلة بنسبة 67%، يليه أحد أفراد القبيلة بنسبة 24.5%، ومن ثم من الأقارب وبالتحديد أبناء العم بنسبة 8.5%، فهذه النسبة قليلة يمكن ارجاعها الى أن المجتمع السعودي مجتمع قبلي وعشائري يسودها التلاحم والأخوة، كما أن النزاعات بينهم لا تصل الى درجة القتل. (محمد ناصر القحطاني،2010م، ص ص 40-58).

  3- دراسة عمار سليم عبد العلوانيسنة2005م، "جريمة قتل الأصول – الأسباب والخصائص الاجتماعية –"، وقد اعتمد على منهج المسح الاجتماعي وبالتحديد طريقة المسح الاجتماعي الشامل أي الحصر الشامل، وذلك في تحديد عينات الدراسة، والتيمن خلالها تم شمول جميع مرتكبي قتل الأصول في الدراسة، والتي اقتصرت على مجموعة من المجرمين والمودعين في دائرتي اصلاح الكبار والأحداث ممن ارتكبوا جريمة قتل الأصول وبالتحديد في مدينة بغداد. وقدرت عينة الدراسة 95مجرما، وقسمت على مؤسستين هما:72مفردة من دائرة اصلاح الأحداث،23مفردة من دائرة اصلاح الكبار. كما اعتمد أيضا على المنهج المقارن وذلك من أجل مقارنة الظاهرة الاجتماعية في أكثر من مجتمع واحد،وخلال مدة زمنية محددة،أو مقارنة الظاهرة في مجتمع واحد وعبر مراحل زمنية مختلفة. فضلا عناستخدامه الاستبيان كأداة في البحث من أجل جمع كافة المعلومات المتعلقة بمفردات العينة. إضافة إلىاعتماده على الأساليب الإحصائية.  وهدفتالدراسة إلىمعرفة الأسبابالتي أدت بالمجرمين الى ارتكابهم جريمة قتل الأصول، وكذا معرفة الخصائص الاجتماعية للأشخاص المتورطين بهذه الجريمة، حيث إنههناك مجموعة خصائص اجتماعية وغير اجتماعية يتسم بها الأشخاص المسؤولون عن الجريمة لكي يتفاداها الأفراد الذين يمكن أن يكونوا متورطين في المشكلة. ومن نتائج الدراسة: أن 95من أفراد العينة أي بنسبة 100% غير ملتزمين وبالتحديد غير ملتزمين بتأدية فريضة الصلاة، وهذا ما يؤكد لنا أن أفراد العينة تفتقد لديهم وسيلة الضبط الاجتماعي المتعلقة بالجانب الديني. كذلك من أصل 95مفردة نجد أن %63.2كانت ولادتهم في المناطق الحضرية، أما الذين كانت ولادتهم من المناطق الريفية فقد قدرت 35% مبحوث من أصل 95مفردة.

فمن حيث الظروف الاجتماعية لوحدات العينة فأكثر الفئات العمرية السائدة بين مرتكبي جرائم قتل الأصول كانت تقع ضمن فئة الفتيان بنسبة 75أما من حيث جنس العينة فكانون من الذكور بنسبة %90من حجم العينة، وأنهم من العزاببنسبة %95.8، وأنهم ذو تحصيل علمي ضعيف يتراوح بين أمي وتحصيل ابتدائي، إضافةالى أنهم يتميزون بدخل اقتصادي يقل عن الحاجة، وأن غالبية عينة الدراسة كان مسقط رأسهم في المدينة مقارنة بالذين كانت ولادتهم في الريف. أما من حيث خصائص جرائم قتل الأصول: فقد أوضحت الدراسة الميدانية أن جرائم قتل الأصول تتسم بخاصية عدم التخطيط عند ارتكابها وبلغت بنسبة 85.3%أي أنها آنية وجريمة غير مخططة.وأن المجرم أثناء تنفيذ جريمته يقوم بها لوحده دون أن يكون هناك شركاء في الجريمة، وقدبلغت نسبة الذكور الذين ارتكبوا الجريمة بنسبة 80%، أما بالنسبة للإناث فقد شكلت نسبة المساهمة مع الجماعة 100% فهي تحتاج الى قوة جسدية والى جرأة لتقدم بمشاركة أحد أشخاص على ارتكاب جريمة قتل الأصول. أما من حيث الظرف الزماني الذي يتم فيه تنفيذ الجريمة هو في الليل بنسبة 79%مقابل 21قاموا بقتل أصولهم في بداية الصباح. وفي النتائج الأخيرة لهاته الدراسة أوضحت أن أسباب جريمة قتل الأصول تمثلت في الشكل التالي: أن التطرف في أسلوب التنشئة من حيث اللين أو الشدة فيكلا الحالتين كانوا سببافي وقوع الجريمة، اذ قدر نسبة اللين 50.7%ونسبة الشدة 49.4%كأسلوب في التنشئة. في حين نجد أن الخلافات العائلية والمشاجرة الأنية إحدىالأسباب المساهمة في وقوع الجريمة، حيث بلغت نسبة الإجابة بنعم 94.8%من حجم العينة. كذلك نلاحظ أن غالبية أفراد العينة غير ملتزمين بوسائل الضبط كثوابت للسلوك الإنساني، فقد بلغت نسبة غير الملتزمين 91.6%من حجم العينة. كما أكدت الدراسة بنسبة %100من ضعف التزام أفراد العينة وعدم التزامهم بوسائل الضبط الاجتماعي المتعلق بالجانب الديني. فضلا عنأثر عدم توفر الصحة النفسية عند مرتكبي جرائم قتل الأصول والتي بلغت نسبتهم 84.3% من حجم العينة.(عمار سليم عبد العلواني،2005م، ص26)

*التعقيب على الدراسات السابقة:من خلال العرض السابق للدراسات السابقة نلاحظ ما يلي:

   - أن جميع الدراسات كانت تتحدث على الأسباب والعوامل التي تدفع بالمجرمين إلىارتكاب جريمة القتل، فالبعض اقتصر على الأسباب والعوامل الاجتماعية والنفسية فقط، والبعض الآخر على العوامل الاجتماعية والاقتصادية، في حين نجد الجزء من الدراسات الأخرى اعتمدت على سبب وعامل واحد دون ذكر الأسباب والعوامل الأخرى. ولكن في العموم فجميعها تتفق مع الدراسة الحالية المتعلقة بموضوع البحث.

  - أيضا ركزت بعض الدراسات على جريمة القتل بشكل عام دون تحديد نوعها، ولا حتى أهم الخصائص والسمات المتعلقة بالجناة. إضافة إلىنوعية الأسلحة المستخدمة في تنفيذ الجريمة والمناطق التي تنشر فيها سواء حضرية أو ريفية.

ثالثا-أساليب ارتكاب جرائم القتل (الوسيلة المستعملة في تنفيذ جرائم القتل): لا أحد يجادل في أن الوسيلة الإجرامية هي الأداة التي يستعين بها الجاني لتنفيذ مخططه الإجرامي، وتحقيق ما هو عازم على بلوغه. وعلى الرغم من تجاهل دور الوسيلة الإجرامية والذي طبع الفكر الجنائي بحجة لا نرتضيها مفادها أن المشرع لا تعنيه الوسيلة في شيء، إلا أن هذه الأخيرة يبقى لها دور لايستهان به في تحليل وقائع الجريمة، كما أنه يلجأ إليها أحيانا لجعل الوسيلة التي تستخدم في ارتكاب الجريمة سببا لتشديد العقوبة. وهذا ما سلكه المشرع الجزائري عند تناوله لجريمة القتل وبالتحديد القتل العمدي بعدّهامن الجرائم ذات الوسيلة المطلقة، بمعنى أنها قد تتم باستعمال أية وسيلة دون تمييز. ثم خرج عن هذا الأصل من خلال إقراره بالوسيلة المقيدة، وقرر المشرع الجزائري على غرارها أن استخدام السم في القتل أو استخدام وسائل التعذيب والأعمال الوحشية حين ارتكاب الجريمة يضعنا أمام نموذج خاص جدير بعقوبة شديدة وخاصة، بل وأكثر من ذلك جعل مثل هذه الظروف تغير من وصف الجريمة. فاستعمال السم كوسيلة للقتل يغير الجريمة من قتل عمد إلى جريمة التسميم، والتي تشكل في القانون الجزائري جريمة مستقلة وقائمة بذاتها عن جريمة القتل. كما أن استعمال وسائل التعذيب والأعمال الوحشية يغير الجريمة من قتل عمد إلى قتل مكيف على أساس أنه اغتيال. (لريد محمد أحمد، دونسنة، ص455). وما تجدرالإشارة إليه هنا أن الوسيلة التي يستعين بها القاتل في تنفيذ جريمته مهما كان نوعها: الأسلحة النارية، الأسلحة البيضاء، السم، الخنق باستعمال الأيدي أو الحبل، الحرق، الضرب بآلة أو عصا، وغيرها من الأدوات أو الوسائل التي تحدد نوع جريمة القتل، هذا فضلا عن القصد الجنائي الخاص بالجريمة والذي يعدّ ركنا مهمامن أركان جريمة القتل، التيمن خلالها يحدد هذا الجرم على أساس جريمة قتل عمد، أو على أساس القتل الخطأ (القتل غيرالعمدي)، أو على أساس نوع آخر من الجرائم التي تخرج عن نطاق جرائم القتل. وبالتالي فسلاح الجريمة يعدّ عنصرا مهما لا بدّمن الوقوف عنده كباحثين في مجال الجريمة والإجرام عند البحث والتحري في جرائم القتل، باعتبار أن الوسيلة هي الأخرى تساعد على تحديد هوية الجاني وبسهولة، كما تحدد نوع جرائم القتل المرتكبة كما أشرنا سابقا. وفي هذا السياق تناول العديد من الباحثين في دراساتهم وأبحاثهم عن جريمة القتل، الوسيلة المستخدمة في تنفيذ الجريمة بعدّهانقطة مهمة للبحث. كدراسة معاوية 1410هوالذي أشار فيها إلى أن النساء في المجتمعات الإفريقية والغربية يستعملن غالبا السم في ارتكاب جرائم القتل. أما في مصر فقد لاحظت الدراسة أن كبار السن يستعملون السلاح الناري أكثر من غيره من الأدوات وأنه الأكثر استخداما في جرائم القتل بالأرياف. في حين يستخدم الصغار من الجناة الآلات الحادة. كما لاحظت أيضا أن الإناث وفي مرحلة الشباب يستخدمن الخنق. أما فيما يتعلق بالسلاح الناري فهو يستخدم أكثر في جرائم الثأر، بينما يشيع استخدام السكاكين في جرائم الشرف. وبصورة عامة توصلت الدراسة إلى أن أكثر الأدوات استخداما في جرائم القتل في الوطن العربي هي: السكاكين، الآلات الحادة، الأدوات الراضة، السلاح الناري. ولقد اتفقت دراسة عبد الرشيد ومخلوف2007م، مع دراسة معاوية حين أشار أن غالبية جرائم القتل بدافع الشرف ترتكب باستخدام السكين، يلي ذلك استخدام الخنق ومن ثم السم. أما دراسة الشناوي 1988م، فيأتي استخدام السكين في مقدمة الأدوات التي يستخدمها الذكور في جرائم القتل داخل الأسر المصرية. لنصل إلى دراسة نوار الطيب 1996م، الذي يوضح في نتائج دراسته عن نوعية الأسلحة المستعملة في ارتكاب جرائم القتل في المجتمع الجزائري، وبالضبط حسب عينة الدراسة والتي تمثلت في: السلاح الأبيض (السكين%40، وسيلة حديدية أو خشبية أو حجرية مؤدية للقتل 30%(قضيب حديدي/عصى)، استخدام القوة البدنية 20% (الدفع/ الضرب/الرمي من أعلى/الخنق)، وكذا سلاح ناري 10% (حمودة نوار النمر، 2015م، ص ص 499-500). وقد اتضحلنا من نتائج الدراسات السابقة والتي عرضناها سابقا فيما يتعلق بنوعية السلاح المستخدم في الجريمة، وتصنيف كل نوع معين من الوسيلة أو السلاح على نوع معين من الجرائم، على أنه هناك تنوع في وسائل ارتكاب جريمة القتل وإن اختلفت من حيث مستخدميها، وكذا من حيث الدافع إلى القتل. كما أنه يوجد البعض من الوسائل إذا تم استخدامها في تنفيذ جريمة القتل، فذلكيغير مسار نوع الجريمة من القتل إلى نوع آخر من الجريمة، كالتسميممثلا.

وعليه ومن خلال ما تم تحليله وتفسيره سابقا نستنتج نحن بدورنا أن سلاح الجريمة في جرائم القتل بما فيها: السلاح الأبيض، السلاح الناري، السم، الخنق بمختلف الطرق، الضرب بآلة حادة، أو العصا...وغيرها من الوسائل الأخرى، يعدّمن العناصر المهمة في تحليل وقائع جرائم القتل وتحديد العقوبة أيضا، كون أن نوع السلاح هو عنصرمهم يتم من خلاله تغيير مسار ومجرى نوع جريمة القتل- كما أشرنا سابقا في مثال جريمةالتسميم، إضافة إلى القتل باستخدام وسائل التعذيب والأعمال الوحشية-هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تشديد العقوبة في بعض الحالات. وبالتالي لا بد علىالباحثين في مجال الجريمة والإجرام أن يولوا اهتماما كبيرا أيضا بدراسة وسائل ارتكاب جرائم القتل بغض النظر عن العوامل المؤدية إلى ارتكابها والآثار المترتبة عنها، وبغض النظر أيضا على دراسة السمات والخصائص الديمغرافية والشخصية للمجرم القاتل، لكونها مهمة في تحليل جريمة القتل.

رابعا-السمات الشخصية لمرتكبي جريمة القتل:لقد كان للعديد من العلماء والباحثين في شتى التخصصات الفضل في دراسة المجرم القاتل وتحديد ملامحه وخصائصه من خلال أبحاثهم ودراساتهم الميدانية وبالتحديد فيما يتعلق بدراسة الخصائص الديمغرافية وكذا الاجتماعية والشخصية. وبمصطلح أدق السمات الشخصية للمجرم القاتل وذلك راجع لمدى مجاله الواسع في البحث فيه. ومن منطلق أيضا أن عملية تحديد وقائع الجريمة مرتبط بتحديد ملامح مرتكبيها، وهو الحال بالنسبة إلىجرائم القتل إذ لا بد من دراسة وتحليل شخصية المجرم القاتل وتحديد خصائصه حتى نكشف وقائع الجريمة وأسباب ارتكابها. وكثيرة هي الدراسات التي سعت إلى البحث وبتعمق في تحديد خصائص المجرم القاتل وسماته الشخصية مثل دراسة: أنعام سعيد فضل الله إبراهيم2011م، تقوى حسن محمد2017م، والدراسة الجزائريةلقادة بلغيتر يفضلون2008م،إذ حاول الباحثونمن خلال دراساتهم الميدانية التعرف على بعض السمات والخصائص الديمغرافية والاجتماعية لمرتكبي جرائم القتل. وسنحاولعرض الخصائص الديمغرافية وكذا الاجتماعية والنفسيةلمرتكبي جرائم القتل كل واحد على حدا، انطلاقا من جملة من الدراسات والبحوث التي أجريت في هذا السياق على مختلف مجالاتها. 

  1- الحالة الاجتماعية: يتصف مرتكبوجرائم القتل حسب دراسة (بولماين 2008) بالعلاقات الأسرية المتفككة، وذلك يتوافق مع ما توصلت إليهدراسة (معاوية 1410) التي ذكرت أن غالبية مرتكبي جرائم القتل نشأوا في جو عائلي مختل بحكم وفاة الوالدين أو أحدهما، أو بحكم التنافر العاطفي والخلافات المتكررة بين أفراد العائلة، أو بسبب الطلاق، أو غياب الوالد لفترة طويلة جدا خلال الطفولة مما قد يحدث أثرا سلبيا في تربية الأبناء. كما أوضحت الدراسة أن غالبية مرتكبي جرائم القتل نشأوا في كنف أسر كبيرة الحجم مع فقر وتردٍفي أحوالها المعيشية، مما يشير إلىصعوبات بالغة تواجهها الأم في تربية أبنائها، وقد لاحظت الدراسة أن الغالبية العظمىمن مرتكبي جرائم القتل هم الإخوان الأكبر سنا في الأسرة،وقد يرجع تبرير ذلك إلىأن الأخ الأكبر يتحمل في الغالب أعباء ومسؤوليات الأسرة، ومنوط به تدبير جميع شؤونها ورعاية إخوتهمن جميع النواحي، مما يجعله تحت ضغط نفسي وعصبي مستمرين، أو لعل مبرر ارتكابه للجريمة كونه أقرب أفراد الأسرة معايشة لمشاكلها، واحساسهبمعاناتها وبالتالي يكون أكثرهم تأثرا بها، لأنه الأكثر التصاقا وفهما وملاحظة لسلوك الأب مع الأم، أو لسلوك الأم بصورة عامة، أو لسلوك الأب مع أبنائه وكل ذلك ينعكس بلا شك سلبا عليه بصورة أوضح دون بقية الإخوان.

  2-المستوى التعليمي: أوضحت مجموعة من الإعلاميين أن مرتكبي جرائم قتلالمرأة دفاعا عن الشرف في الغالب ما يكون متحصلين على تعليم متدن، وهذا ما أكدته دراسة(عبد الرشيد ومخلوف2007)كما أنّغالبية الجناة في هذا النوع من الجريمة أميون أو من ذوي التعليم المنخفض. وقد اتفقت العديد من الدراسات على النتيجةنفسها. فضلا عن دراسة (الغامدي 2010) الذي يؤكد على أن ارتفاع معدلات ارتكاب جرائم القتل العمديبصورة واضحة لدى الأشخاص ذوي التعليم المنخفض(أقل من متوسط)، وكذلك أشارت دراسة(عبد المحمود 2012) إلىأن المتهمين بجرائم العنف الذين لم ينالوا نصيبا من التعليم يمثلون أكبر نسبة في جرائم القتل بالدول العربية، وهذا ما اتفقت معه دراسة (معاوية1410)التي بينت أن معظم الجناة في جرائم القتل في العالم العربي لا يتجاوز حظهم من التعليم صفوف المرحلة الابتدائية وما قبلها، بل وتنتشر بينهم الأمية.

 3-السمات السلوكية:بينت دراسة (معاوية 1410) أن تعاطي المخدرات من الأمور النادرة لدى مرتكبي جرائم القتل في  الدول العربية، وبالمقابل شرب الخمر والمسكرات عادة متفشية بينهم، وقد اختلفت نتائج دراسة (بوالماين2008) مع ما توصلت إليهدراسة (معاوية 1410) إذبينت أن غالبية مرتكبي جرائم القتل عاطلون عن العمل، ويهدرون جل أوقاتهم في لعب القمار وتعاطي المخدرات، وهذا ما اتفقت معه دراسة (الغامدي2010) التي ذهبت إلىأن جرائم القتل ترتفع لدى متعاطي المخدرات والمسكرات، فضلا عن ذلك فقد بينت دراسته على أن متابعة أفلام العنف لها تأثير واضح في زيادة معدلات جرائم إطلاق النار.(حمودة نوار النمر، 2015م، ص494).

  4-الحالة الاقتصادية: بينتدراسة (معاوية 1410) أن غالبية مرتكبي جرائم القتل في الوطن العربي من ذوي الدخل الضعيف والضعيف جدا في بعض الأحيان.

5-الحالة العملية: أكدت دراسة(عبد المحمود 2012) أن غالبية مرتكبي جرائم العنف في الدول العربية عاطلون عن العمل، وبالنظر فيقطاعات العامليين يتبين أن فئة العمال هي الأكثر ارتكابا لجرائم العنف، وهذا ما أشارت إليهفي السياق نفسه دراسة (دائرة الإحصاء العام 2006) أن العامليين في المهن الحرة هم الأكثر ارتكابا لجرائم القتل في الأردن، يليهم العاطلون عن العمل ثم الطلاب، في حين كانت فئة ربات المنازل الأقل ارتكابا. كما بينت دراسة (عبد الرشيد ومخلوف2007) أن غالبية مهن مرتكبي جرائم قتل النساء على خلفية الشرف من الحرفيين، تليهم ربات المنازل ثم المزارعون والموظفون والعاطلون عن العمل، ومن ثم العمال.33وعلى غرار ما تم عرضه فيما يتعلق بالسمات الخاصة بمرتكبي جرائم القتل، فلابد من الوقوف أيضا على الملامح النفسية الخاصة به والتي تعد من أهم الخصائص التي من خلالها نتعرف بها على شخصية المجرم القاتل، والتي تمثلت فيما يلي:

*الاتجاه النفسي نحو الأب: إذيلاحظ على أغلب المجرمين القتلة أنهم على علاقة سلبية مع الأب والتي تكشف عن عدم رضى، وعدم قبوله وكذا قسوة الأب وإهماله، مما يؤدي بهمإلى ارتكاب السلوك الإجرامي خاصة جرائم القتل. والعبرة في ذلك هي أن الأب قد يكون شريكا في صنع قاتل مجرم إذا كان قاسيا في تعامله مع ابنه أو محتقرا أو رافضا له.   *الاتجاه النفسي نحو النساء: تنوعت طبيعة علاقة الأفراد القتلة بالنساء فهي علاقةيسودها الشك والخيانة والفساد، إذ يشعرمعظمهم بالدونية أمام النساء، ويصفوهن بالغرور والتكبر ويعبرون عن شعورهم تجاههن بالرفض أو القبول.   *الاتجاه النفسي نحو الجنس: يعبر غالبية الأفراد القتلة عن عدم رضاهم عن حياتهم الجنسية، وعن وجود صراعات واحباطات بخصوص هذا الموضوع، ولعل بعضهم يعبر عن حالة هذه" لو كانت عندي حياة جنسية مستقرة لما ارتكبت هذه الجريمة" حيث يظهر المجرم القاتل نوعا من الغيرة حين يرىشابا وشابة سويا وفي حالة جيدة حيث إنمعظم جرائم القتل المرتكبة من طرف النساء كانت ضد الزوج في إطار الخيانة الزوجية ومن ثم قتل الزوج والتنكيل بجثته بالتعاون مع العشيق عادة.

*الاتجاه النفسي نحو المخاوف: يتسم المجرم القاتل عادة بوجود مخاوف من المستقبل والقدر، وأيضا الخوف من المجتمع واعتقاده بأنه يريد أن يؤذيه، بالإضافة إلى مخاوف أخرى مثل: الخوف من الإعدام، الانتحار، الله، الحق، الحرام، الصديق الخائن، الموت، السجن، السلطة.

  * الاتجاه النفسي نحو الشعور بالذنب: كشفت

الاختبارات النفسية المطبقة على المجرمين القتلة أن هؤلاء الأفراد المجرمين يشعرون بشكل مستمر بالذنب أو الندم، بسبب اعتداءهم على الناس أو بسببعدم سماعهم لكلام عائلاتهم، أو بسبب تركهمالمدرسة في سن مبكرة، ومعاشرة أصدقاء السوء وتقصيره تجاه المجتمع. فبالرغم من هذا الشعور المؤلم داخليا، إلا أنهم لا يقرون به. (حمودة نوار النمر،2015م، ص ص493-496).

وخلاصة لماتم عرضه فيما يتعلق بالسمات الشخصية،والديمغرافية،والاجتماعية،والنفسية لمرتكبي جريمة القتل، بإمكاننا أن نستنتج فكرة مفادها أن المجرمالقاتل له خصائص يتميز بها على غرار مرتكبي الجرائم الأخرى وبأشكال متنوعة، سواءكانت تلك الخصائص مولودبها أو اكتسبهابما يصيبهمن أمراض. بالإضافة إلى بعض السمات العقلية والنفسية، التي تؤدي إلى تطوير أنماط من السلوكيات المجرمة، وبعض من المجرمين يولدونبخلل مزمن في جزء من الجهاز العصبي المختص بردود الفعل الطبيعية لدى الإنسان، مما ينعكس سلبا على الاتزان الانفعالي لديهم، وهذا ما يفسر لجوء هؤلاء إلى أنماط أعلى من العنف، بالإضافة إلى ضعف تأثرهم بأساليب العقاب المختلفة. هذا وعلى غرار ذلك تتميز شخصياتهم بعدم الاستقرار وعدم المسؤولية اتجاه أفعالهم، وأنها تبحث دائما عن الإثارة الخارجية، ولا تقبل القوانين والأعراف والقيم، الأمر الذي يجعلها بعيدة عن التوافق مع المجتمع الذي يعيشون فيه.

    وبالتالي تتحدد الخصائص والسمات المميزة لشخصية مرتكبي جرائم القتل في عدد من الصفات، في مقدمتها كونهم: شخصيات غير متزنة انفعاليا، إحساسهم ضعيف تجاه الشعور بالذنب، متمركزةحول الذات، تفتقر للحس الأخلاقي والمسؤولية عن تصرفاتهم، ولا تستجيب للتعلم عن طريق الخبرة، وهي غير قادرة على تكوين علاقات جادة مع الآخرين، ولا تتحكم بدوافعها، ولا تستجيب للعقاب.ولقد أثبتت دراسات كثيرة أن مرتكبي الجرائم من هذه النوعية يتميزون بالسلوك العدواني وافتقارهملتقدير الذات بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني لديهم. كما وأضافت دراسات أخرى مجموعة من العوامل من قبيل الوضع الصحي لمرتكبي جرائم القتل، وما يعتريهم من اضطرابات في مراحل نموهم الاجتماعي (الجسمي، الجنسي، والنفسي وكذا العقلي)، والعجز والعاهات التي أصابتهم، فضلا عن الضعف العقلي الموروث والمكتسب.     

   وعليه فالباحثة تشير أنه إذا أردنا فهم طبيعة السلوك الإجرامي فلن يتقدم ذلك إلا إذا نجحنا في تصنيف الجرائم وحصرها في مجموعات متجانسة، كما أنه ليس هناك من مانع يمنع الباحثين من دراسة بعض الصفات المشتركة والخصائص العامة التي قد تتوافر لدى كثير من أرباب السلوك الإجرامي، خصوصا عندما تصبح الجريمة عندهم نمطا عاديا من أنماط السلوك. وهذا هو الحال في مجتمعنا الذي أصبح ينظر للقتل على أنه سلوك يرتكبه الفرد للتعبيرعما هو كامن بداخله وكنتيجة لرد فعل سلبي على الظروف المحيطة به. لذا فالباحثة ترى أنه من الضروري تكثيف الأبحاث والدراسات المحلية فيالسمات والخصائص الديمغرافية والاجتماعية والنفسية لمرتكبي جريمة القتل بما فيها القتل العمدي، حتى نتمكن من خلالها من إعطاء وصف عام لشخصية المجرم القاتل بغض النظر عن الدراسة في الأسباب والعوامل التي تدفعه إلى القتل هذا من جهة، ومن جهة أخرى حتى نتمكن من إعطاء وصف أكثر دقة لهؤلاء الجناة القتلى والذي من خلاله نستطيع التمييز بينهم وبين الجناة المرتكبين لجرائم أخرى من حيث خصائصهم وسماتهم، وإن اشتركوافي البعض منها.

خامسا- العوامل المؤدية إلى ارتكاب جرائم القتل: إن البحث والدراسة في جريمة القتل كظاهرة اجتماعية وكجريمة غير انسانية يدينها القانون،والدين،والأخلاق،والقيم،والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية كانت نتيجة لتفاقمها وارتفاع نسب معدلات ارتكابها،وبما تلحقه أيضا من آثار سلبية لا تقتصر على الفرد وحده بل تمس الجماعة والمجتمع الجزائري ككل، وذلك نتيجة لما يعيشه الفرد الجزائري من ضغوطات ومشاكل في حياته الاجتماعية إضافةالى اختلال القيم الإنسانية في المجتمع الكبير. فارتكاب هذا الجرم من قبل أفرادها ما هو الا انعكاس عن تلك الأوضاع والظروف المحيطة به، لذا فإنمرجعية ارتكاب جريمة القتل قد تختلف من مجرم لأخروذلك يعود إلىالاختلاف في السبب الذي أدى به إلىالاعتداء على الضحية دون الأخذ في عين الاعتبار حرمة تلك النفس الإنسانية. لذلك فقد تعددتالأسباب والعوامل بين هؤلاء الجناة بين الاجتماعية والنفسية، الاقتصادية، والثقافية،والتربوية والدينية.

  1- العوامل الاجتماعية:أشارت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية في مجال علم الجريمة والإجرام على أن للعوامل الاجتماعية دورا كبيرا في حدوث جريمة القتل. وبمجرد الحديث عن هاته العوامل فنحن بصدد التحدث عن العوامل الخارجية المحيطة بالقاتل،والتي لها تأثير وانعكاس كبير على سلوكه،وعلى شخصيته،هذا ما يؤثر على دوافعه الداخلية فيقوم بارتكاب الجريمة،35وكله راجع إلىالوسط والمحيط الاجتماعي الذي يحيط به ويعيش فيه بداية من؛البيئة الأسرية والمدرسية وصولا الى جماعة الرفاق،ومجال العمل،وكذا وقت الفراغ، وغيرها من الأسباب الأخرى التي كانت سببا في القتل. وعلى هذا الأساس نتطرق إلىمختلف هاته الأسباب في مختلف المجالات:

    1-1-البيئة الأسرية: ويعد الوسط الأسري من العوامل الاجتماعية التي تدفع بالفرد إلىدائرة الإجرام، وهذا ما أكدته دراسة(فخري الدباغ: أثر العوامل الأسرية في ظهور جرائم القتل) على عينة قدرت 150نزيلا من قسم الإصلاح الاجتماعي للكبار في نينوي، والتي أكدت دراسته على أنه هناك تلازم وثيق بين التنشئة الاجتماعية السيئة والإجرام. باعتبارها المجتمع الأول الذي يبدأ فيه الشخص حياته ويقضي طفولته بين أحضانها، ويبدأ فيه تشكيل الفرد وتكوين شخصيته وتوجيه سلوكياتهوتحديد معالم مستقبله. (النوىآمنة، 2013م، ص267). لذلك لا غرابة أن نجد علماء النفس والاجتماع والإجرام يهتمون بالأسرة من حيث البناء والوظيفة سعيا منهم لاكتشافالأسباب الحقيقة وراء إجرامهم. (حسناوي حيزية: 2011م/2012م، ص156).مشيرين في النهاية إلى أنهناك بعض المتغيرات الاجتماعية التيكانت سببافي زيادة معدل جريمة القتل في المجتمع الجزائري ومنها:

*سوء التنشئة الاجتماعية (التنشئة الخاطئة): وتقتصر عملية تلقين التنشئة الاجتماعية الصحيحة في البداية مع الأسرة والتي يأتي فيما بعد المجتمع مع عمليات الضبط حتى يعدل في سلوك النشء إذا وقع في خطأ ويجنبه من الانحراف والجريمة في جميع مراحله العمرية. إذيتوقف أثر الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية على مجموعة من العوامل البنيوية المكونة لها كالأصل الاجتماعي،ومستوى الدخل والمستوى التعليمي للأبوين،وعدد أفراد الأسرة والعلاقات القائمة بين أعضاء الأسرة،والمفاهيم والقيم التي تبنتهاالأسرة خاصة المفاهيم التي تتصل بأساليب التنشئة الاجتماعية،بحيث تحقق هذه العوامل المختلفة للأسرة نوعا من التوازن والتكامل في التأثير في تنشئة الفرد. ولكن كلما كانت التنشئة الأسرية غير صحيحة ووقع تقصير أثناء عملية التلقين واستعمال أساليب خاطئة من شأن ذلك أن ينشأ أفراد غير أسوياء في سلوكياتهم، كون الأسرة هي التي توجه الفرد وتسمح له بالتدرب على الحياة الاجتماعية. لآنما يضعه المجتمع من معايير وقواعد أخلاقية يتم صقلها فيالفرد عن طريق التنشئة الاجتماعية الأسرية في صغره، وهذا ما أكدته الدراسات النفسية والاجتماعية على أن تجارب التعلم الأولى للأطفال في التنشئة المبكرة تؤسس أنماط سلوك وعادات وتصورات تتسم بالديمومة، والتأثير فيها يكون في مرحلة النضج عند الشباب.38ويؤدي سوء التنشئة الأسرية دورا فعالا ومهمافي حدوث بعض الجرائم كالقتل مثلا وهذا ما أكدته دراسة "Bensinqوالمشار اليها في الدوري 1984"والتي هدفت إلىمعرفة الخصائصالاقتصادية والاجتماعية لمرتكبي جرائم القتل في مدينة كليفلاند في الولايات المتحدة الأمريكية وتكونت العينة من 600مجرم قاتل، وأظهرت نتائجها على أنه 75%من القتلة كانوا يعانون من سوء تنشئة اجتماعية(علي عبد القادر القهوجي، فتوح عبد الله الشاذلي، 2004م، ص272)،إضافة إلى  الدراسة التي أجراها (مركز أبحاث مكافحة الجريمة في المملكة العربية السعودية،1990: مدى تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية على ارتكاب الجريمة لدى النزلاء السجون في المملكة السعودية)، وقد اتضح من عينة الدراسة أن 125شخص منهم ارتكبوا جريمة القتل لأن آباءهمكانوا يستخدمون الضرب في تنشئتهم الاجتماعية.(محمد زكي أبو عامر، 1985م، ص  210).فمن منطلق أن الأسرة الكبيرة الحجم وذات امكانيات اقتصادية محدودة  لا تتمكن من انتهاج الأسس القويمة في التربية والإصلاح والمحافظة على الجيل الجديد من أخطار الانحراف والجريمة، إذأن معظم حوادث القتل التي يرتكبهاأبناء هذه الأسرة ترجع إلىالفقر والحاجة الماسة إلىالأموال وتردي الأوضاع البيئية والمحيطية وانخفاض المستوى التعليمي والثقافي لهاته الأسرة مع ضعف برامج التوجيه والإشراف على الأبناء، فضلا عن ذلك عدم قدرة مثل هاته الأسر على دفع أبنائها نحو السلوك القويم والعلاقات الاجتماعية السليمة، لذا ترتفع ممارسات القتل ومحاولات القتل بين هذه الأنواع من الأسرالفقيرة والمعدمة والتي تعيش في المناطق السكنية الموبوءة والمتخلفة. فالقتل في الغالب ما هو إلاسلوك غير سوي ومعبر عن هذا الاضطراب الكامن في شخصية القاتل. وهذا ما أكدته إحدى الدراسات التي قام بها الباحث(إحسان محمد حسن، جريمة القتل ومحاولات القتل –الأسباب والآثار والعلاج) على عينة تكونت من 350مبحوث من كلاالجنسين 150منهم كانوا من القتلة المدانين المقيمين في السجون العراقية و250مواطن من كلاالجنسين من الذين لا علاقة لهم بجريمة القتل، وكانت من بين نتائج دراسته أن الأسرة والتنشئة الاجتماعية وبالتحديد التنشئة الخاطئة تعد من العوامل المسببة لجريمة القتل وذلك وفق إجابات295مبحوث من أصل 350أي بنسبة 84%، (صونيا هانت، جينفر هيلتر، 1988م، ص 115). وهذا ما أكدته دراسة (فخري الدباغ، أثر العوامل الأسرية في ظهور جرائم القتل)، على عينة قدرت 150نزيلا من قسم الإصلاح الاجتماعي للكبار في نينويوقد تم اختيارهم عن طريق العينة العشوائية البسيطة، وأكدت نتائج دراسته على أنه هناك تلازم بين التنشئة الاجتماعية السيئة والجريمة وبالأخص جريمة القتل.وعلى هذا الأساس فالتنشئة الاجتماعية بقدر ما لهامن دور إيجابيفي تكوين شخصية سليمة للفرد فلها أيضا إسهامأكبر في تكون نزعة إجراميةلدى الفرد، وكله يعود الي الأسرة فيكيفية اختيارها لنوع أسلوبالتنشئة وبناءوتكوين شخصية الفرد. وأن ارتكاب المجرم للقتل هو نتيجة للتراكمات التي كان يعاني منها في إحدىمراحل حياته أو نتيجـةللانتهاكات التي تعرض لها من قبل أفراد الأسرة.

*التفكك الأسري:أو التصدع الأسري وهو ذلك الخلل أو الانحلال الذي قد يصيب العلاقات والروابط القائمة بين الوالدين، أو بينهما وبين أبنائهما نتيجة عجز أحد هذه الأطراف الثلاثة عن القيام بالدور الذي يتوجب عليهم القيام به، سواء كان ذلك بشكل إراديأو غير إرادي. (محمد ناصر القحطاني، 2010م، ص38).فالأسرة هي البنية الأساسية في بناء المجتمع، سواء كان ذلك المجتمع متحضرا أو ريفيا أو قبليا، فإنّ الأسباب والدوافع المؤدية إلى انهيار الأسرة قد تنعكس بشكل سلبي على المجتمع. فانعدام التفاهم بين الزوجينكما أشرنا سابقا والخلافات وحالات الطلاق أو الهجر كلها عوامل تؤدي بالنتيجة على الأبناء فتولد لديهم روح المشاكسة والعناد والعنف ومعاشرة رفقاء السوء والانحراف. إذيرى العالم وليم توماس وفول ورينبأن جريمة القتل تنشأ نتيجة مظاهر التفكك الاجتماعي والذي يؤدي إلى فقدان تأثير القواعد والقوانين المجتمعية في الفرد وهذا بدوره يؤدي إلى ظهور المشكلات الاجتماعية مثلا لجريمةعلى اختلاف أنواعها.

(محمد ناصر القحطاني، 2010م ، ص 30).وهذاما أكدته أحد وأهم النظريات العلمية في مجال الجريمة والإجرامنظرية سندرلاند مبرزا فيها العلاقة الكامنة بين التفكك الأسري والجريمة وأن غالبية الجرائم تنشأ نتيجة غياب دور الأسرة،(احسان محمد حسن2008م،ص ص 123- 124)إضافة إلى دراسة (إحسان محمد حسن، أثر تفكك العائلة في جنوح الأحداث- دراسة ميدانية عن دور العائلة في جنوح الأحداث في العراق-2008)، والتي هدفت الى معرفة العلاقة الجدلية ما بين جنوح الأحداث والتفكك الأسري وقد شملت عينة الدراسة على 160حدثا جانحا والتي استخلصت في النهاية أنه من بين الجرائم التي يرتكبونها الأحداث الجانحون نجد جريمة القتل ومحاولاته 18%. (ايديو ليلى، 2013م، ص46).

فضلا عن دراسة الباحثة المصرية (أمينة محمد بيومي عفيفي: التفكك الأسري وعلاقته بجريمة القتل في المحيط العائلي) وقد شملت عينة الدراسة على 110من المجرمون والمجرمات الذين ارتكبوا جريمة القتل في المحيط العائلي وأكدت نتائج الدراسة على مدى تأثير التفكك الأسري على أحد أفراد الأسرة وارتكابهم لجريمة القتل داخل الوسط العائلي.(عبد الله سالم الدراوشة، مراد عبد الله المواجدة،2017م، ص122).فالأسرة المفككة أو المتصدعة أيا كان السبب في ذلك فهي من شأنها أن تولد اضطرابات في نفسية الفرد بعدّه عضوامن الأسرة وينعكسذلكعلى عدم استقراره وشعوره بالخوف وانعدام الأمن، والذي ينشئ من بعد شخصية تعيش نوعا من الاضطراب النفسي،والاجتماعي الذي يؤدي بغالب أفرادها إلىالانطواء في السلوكياتالانحرافية والإجرامية. وهذا ما أكده عالم الاجتماع الأمريكي "تورستين سلين"على أن التفكك الأسري يلعب دورا هاما في تطور ظاهرة الإجرام، ويرى أن التكامل الاجتماعي وما يرتبط به من تناسق وانسجام داخل الأسرة هو الذي يصنع الضمير العام،أو الشعور بالتوازن والتكامل الاجتماعي،وهذا يعد أقوى حاجز للتغلب على الرغبات والميول نحو الانحراف والجريمة.(محمد ناصر القحطاني، 2010م، ص22).

 *العنف الأسري: كثيرةهي الجرائم المنتشرة داخل الأسرة الجزائرية نتيجة العنف الذي يكون بين أفراد الأسرة الواحدة كأن تقتل المرأة زوجها نتيجة العنف الجسدي التي تتلاقاه منه، والذي نجده في الغالب بين الزوج والزوجة أوبين الأب وباقي أفراد الأسرة. ففي نظر هؤلاء الذين يستعملون العنف أن هذا الأسلوب هو سيطرة وتحكم دون معرفة الآثار الوخيمة من هذا السلوك،الذي من شأنه أن ينتج أفراد غير أسوياء في شخصياتهم وحتى سلوكياتهمويتربون تربية سيئة إمّاأن يكونوا ضعفاء، أو ينشؤونمنحرفين يمارسون الجرائم والعنف وينتقمون من أسرهم ومن المجتمع نتيجة هذا العنف الذي مورس عليهم. وقد يكون هذا العنف نفسي كالإهانة،والشتم،والازدراء، وكذا تعذيب جسدي بالضرب المبرح الذي يؤدي في غالب الحالات إلىالوقوع في جرائم القتل.

 * القيم الأخلاقية السائدة داخل الوسط الأسري: ولهذه الأخيرة أيضا دور مؤثرفي طبيعة العلاقة بينها وبين الجريمة فحيثما تسود القيم السليمة التي يتشبع بها الطفل فإن سلوكه داخل الأسرة وخارجها يكون سويا، أما إذا سادت الأسرة قيم غير سليمة وكان الوالدان أو أحدهما مجرما أو سكيرا فإن الأسرة تكون فاسدة وتنتقل العدوى إلى الأبناء فتحول بعضهم إلى مجرمين تحت تأثير التقليد. فللأسرة مسؤولية كبيرة ودور هام في تقرير النماذج السلوكية التي يظهر عليها الطفل في كبره،فلا شك أن شخصية الإنسان وفكرته عن العالم وما يتسم به من تقاليد وعادات وقيم ومعايير للسلوك إنما هي نتاج ما يتلقاه الطفل في أسرته منذ ولادته. وتتأثر شخصية الطفل بعدد أفراد الأسرة وعلاقة الوالدين بالأبناء وعلاقة الأبناء بعضهم ببعض.

وخلاصة لما تقدم سلفا، يمكن القول إنالبيئة الأسرية لها دور هام لا يمكن تجاهله في تكوين شخصية الفرد، فالبيئة الأسرية السوية المتماسكة تفرز أفرادا أسوياء يحترمون القانون، ولا يخرجون عنأحكامه، والبيئة الأسرية المتصدعة قد تشكل عاملا من العوامل الدافعة إلى الإجرام، ومع ذلك لا يمكن تعميم هذه النتيجة. فالأسرة المتماسكة وإن كانت تقدم للمجتمع أشخاصا أسوياء إلا أنها قد تفرز بعض المجرمين، والحال كذلك في الأسرة المتصدعة فإنه قد ينشأ بظلها أفراد أسوياء، فإذا كان التصدع الأسري يقوي احتمالسلوك الفرد سبيل الجريمة، فإنه لا يمكن أن يعد بحال العامل الوحيد الذي يؤدي إلى الجريمة، لأنالدافع إلى الإجرام كما أشرنا أكثر من مرة وفي غير موضع لا يمكن أن يكون عاملا واحد، وإنما يقوم بتضافر مجموعة من العوامل تتفاعل فيما بينها للإحداث السلوك الإجرامي. (إحسان محمد حسن، 2008م، ص 334).

1-2- جماعة الرفاق: وهم مجموعة من الأفراد الذين يكونون في نفس العمر والاتجاهات والميول والمنزلة الاجتماعية. إذتفوق تأثيرات هاته الجماعة على الأطراف أكثر من الأوساط الأخرى المحيطة بالفرد خاصة إذا كان هذا الأخير يعاني من مشاكل فيالوسط الأسري والمدرسي أو حتى فيالمجتمع الكبير، فيرى في تلك الجماعة وبالضبط الجماعة الانحرافية والإجرامية الملجأ الوحيد لاستقبالهفيسلك سلوكياتهمواتجاهاتهم ومعاييرهم ظنّاأنها هي الأصلح من سلوكياتومعايير الجماعات الأخرى. وهذا ما أكده قول تارد أيضا في أن الإنسان لا يولد مجرما بل يتأثر بتصرفات الآخرين، ويكتسب السلوك الانحرافينتيجة تقليدهم. وهذا ما أشارت إليهدراسة(أبو حميدة: العوامل الاجتماعية وعلاقتها بالسلوك الإجرامي) والتي توصلت في نتائجها إلىأن %53.1كان أصدقاءهمسببا في ارتكابهم الجرائم،(أمينة محمد بيومي عفيفي،1994م،95). هذا فضلا عن نظرية الاختلاط التفاضلي لسندرلاند التي تشير إلىأن السلوك الإجرامي يتم تعلمه عن طريق الاختلاط والتفاعل،والتأثير المتبادل مع أشخاص أخرين خلال عمليات التواصل والاتصال. إذ يصبحلهاته الجهة تأثير كبير على هؤلاء الأفراد،وقد يكون أكثر من الأسرة والمدرسة من منطلق أن اتجاهاتهم تتعارض مع المنظومة القيمية الأسرية والمدرسية في حين يلقون تقبل لمنظومتهم وقيمهم من قبل تلك الجماعة. ولقد أشار الدين الإسلامي الى أهمية الرفقة والصداقة وأثرها في حياة الفرد في اكتسابالقيم والسلوكياتوالأفكار. وهذا ما جاءت به دراسة (شمس وعقاد 1992) مؤكدين على أن الدوافع وراء ارتكاب جريمة القتل هو الصحبة السيئة التي يتم تكوينها في الحي أو المدرسة وكذا الأقارب.

2-الأسباب النفسية: إناتزان شخصية الفرد ماهي إلاتعبير عن شخصية سوية والتي بطبيعة الحال تلقت رعاية وتكوينا جيداخالية من أي خلل أو اضطراب يعمل على عرقلتها، لآنعكس ذلك من شأنه أن يخلق فرداغير سوي مضطربايعاني من أمراض نفسية،أو حتى عقلية تدفعه إلىارتكاب الجريمة دون وعيه بذلك، وجريمة القتل إحدىهاته الجرائم التي ترتكبنتيجة اختلالات غريزية، أو أمراض نفسية،أو تخلف عقليأو غير ذلك، والتي لخصت فيما يلي:

*الفشل والإحباط: لقد جاء سبب الفشل والإحباط في مقدمة الأسبابفي ارتكاب جريمة القتل ومحاولات القتل، وهذا ما أشارت إليهدراسة (الشناوي1988) في أن وجود خلل في النظام الأسري، من حيث علاقات أفراده بعضهم ببعضيؤدي إلىعدم التوازن وإلىكثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية والتي تكون في العادة مسؤولة بشكل غير مباشر عن جرائم قتل متعددة، ويكون الإحباط النفسي بالتحديد من بين الأسباب الدافعة إلىالقتل، فالفرد الذي يفشل في دراسته وتحصيله العلمي ويفشل في ممارساته وطموحاته السياسية، ويفشل في الوصول إلى طموحاته الاقتصادية وحياته الأسرية، وتحقق في الزواج من شأنه أن تقود به إلى العدوان الذي يسلطه الفرد على الآخرين،وقد يأخذ صيغة القتل، الذي يعد من أبشع الجرائم التي يرتكبها الفرد ضد أبناء مجتمعه والمحيطين به، وهنا يرتكب الفرد جريمة القتل ضد فرد ضعيف يجعله مسؤولا عن فشله وإخفاقه في الحياة، وقد يكون الضحية غير ضعيف فيرتكب الفاشل جريمته، وتمنحه هذه الأخيرة درجة من الرضا النفسي والاستقرار الاجتماعي الذي سرعان ما يزول ويختفي لتحل محلهعقدة الذنب التي قد تلازمه طيلة حياته، والتي تعد جحيما لا يطاق، وعقدة الذنب هذه تكوّنلدى الفرد حالة نفسية متأزمة قد تدفع بالفرد إلى تسليط عدوانيته على ذاته فينتصر ليتحرر من الآلام النفسية.

*تصدع الشخصية: ويعدّالتصدع في الشخصية من بين العوامل النفسية التيتدفع بالفرد المجرم إلىالإجرام وإلىارتكاب جريمة القتل ضد الآخروهذا ما أكدته دراسة(احسان محمد حسن: جريمة القتل الأسباب والآثار،1997إذطبقت الدراسة على عينة مقدرة 350مبحوثمن داخل مؤسسات الإصلاح الاجتماعي في بغداد والمحافظات، وكانت من أهم نتائجهاأن تصدع الشخصية يعدمن أهم العوامل المشجعة للفرد والتي تؤدي به إلىارتكاب جريمة القتل وقد احتلت المرتبة السادسة مقارنة مع العوامل الأخرى. ضف إلىذلك فان الضغوط التي يتعرض لها الفرد في المجتمع نتيجة انتمائه إلى جماعات مرجعية متناقضة قد خلق عنده شخصية عدائية جافة، تسبب له أمراضا نفسية وعقلية أو قد تولد لديه الشعور بالانتقام والعداوة لأن الشخصية المضطربة، هي الشخصية غير المتكاملةالتي تتسم بعدم النضوج، إذ تتكون من عناصر متناقضة وغيرمتسقةللإسقاطات البيولوجية، والنفسية والاجتماعية المتنافرة التي تؤثر فيها سلبا، وتجعلها غير قادرة على إدخال وتمثيل قيم ومقاييس وتمثل المجتمع وعاجزة عن التكييف للبيئة الاجتماعية وغير مستعدة لآداء أدوارها ومسؤولياتها اتجاه المجتمع، وبالتالي تكون ممارسات صاحبها اليومية قاصرة ومنحرفة، إذ لا يتردد صاحب هذه الشخصية عن ارتكاب أنواع الجرائم لا سيماالقتل وكذا الاغتيال.(آمنة النوي،2013م، ص ص260-261).وتعدّالشخصية السيكوباتية من بين الشخصيات المتصدعة والتي تساهم في دفع أصحابها إلىارتكاب بعض الجرائم، وجريمة القتل مثال على ذلك وهذا ما أكدته دراسة(تقوى حسن محمد: بعض سمات الشخصية السيكوباتية لدى مرتكبي جرائم القتل العمد وعلاقتها ببعضالمتغيرات، 2017) على أن مرتكبي جرائم القتل يتميزون بشخصية سيكوباتية مرتفعة.(محمد عبد الإلهالوريكات، 2010م، ص368).فضلا عن ذلك دراسة(عادل صادق عامر: دراسة الخصائص النفسية والاجتماعية لمرتكبي جرائم القتل،1971)، وكانت من أهم نتائجها أن مرتكبي جرائم القتل يتميزون باضطراب في الشخصية وهذا ما كان سببافي دفعهم إلىالقتل. (حمودة نوار النمر،2015م، ص498).

  *انفصامفي الشخصية: ويعرف أيضا مرض الفصام، أو اضطراب الفصاموهو من أخطرالأمراض العقلية وأوسعها انتشارالاسيما في سن الشباب، ومن أعراضه اتجاهالمصاب به نحو الانعزال والانطواءوالعيش في عالم من الخيال، ويصحب ذلك اختلالفي التفكير، وكذا عدم الاكتراث بالحوادث التي تهز مشاعر الإنسان السوي، وعدم اهتمامهبنفسه وأسرته وعمله. كما وقد يصاحب هذه الأعراض هلاوس سمعية كأن يسمع المريض أصواتا لا وجود لها في الواقع، أو هلاوس بصرية تتمثل في رؤية أشياء غير ماثلة أمامه في الحقيقة، وهلاوس أخرى تتصل بحواس اللمس والذوق والشم. ويعد هذا المرض من أكثر الأمراض العقلية صلة بالإجرام، فقد أجريت دراسات في الولايات المتحدة الأمريكية تبين منها أن المصابين به بلغوا 525من مجموع المجرمون المصابين بمختلف الأمراض العقلية والعضوية والوظيفية والبالغ عددهم 1585مجرما. ونظرا لتفكك شخصية المصاب بهذا المرض وبلادة انفعالهافإنه قد يقدم على ارتكابجرائم العنف وبطرق بشعة، كأن يذبح شخصا بفصل رأسه عن جسده ثم يبدوبعد ذلك كمن لا يرتكب أي ذنب، كما وقد يشعل النار في المكان الذي يتواجد فيه. ولعل من أكثر الجرائم التي يقوم بارتكابهاالمصاب بمرض الفصام هي: جرائم القتل كما أشرنا سابقا، إضافة إلى جرائم العنف وكذا الانتحار. (محمد إحسانالحسن،1997م، ص17)

  *القلق: وهو شعور بعدم الاستقرارينتاب الشخص المصاب نتيجة لتخوفه من أمور لا يخشى أحد خطرا منها، لذلك يمتنع عن سلوك مسلك معين يبدو في نظر الناس طبيعيا، كالخوف من الجلوس في الأماكن المغلقة أو المرتفعة، أو الخوف من ركوب نوع معين من المركبات.(تقوى حسن محمد،2015/2017-،ص 74).والشعور بالقلق المستمر يترتب عليه عدم قدرة الفرد على مواجهة الحياة ومخاوفها الوهمية فيقدم على الانتحار، وقد يؤدي بههذا القلق لفقد الثقة بنفسه والخوف من المستقبل، فلا يستطيع أن يسلك الطريق القويم للإشباع حاجاته فيندفع إلى الجريمة، كما وقد يسلك سلوكا شاذا في نظر الأفراد العاديين. ونتائجدراسة (محمد ناصر القحطاني، جرائم القتل: عواملها وآثارها الاجتماعية، 2010م)، أكدت على أن القلق وكذا التوتر يعدان من بين العوامل النفسية المؤدية إلى ارتكابجرائم القتل.

 *الهوس والاكتئاب: ويتميز هذا المرض بتعاقب فترات من الاكتئابمع فترات من الهوس، فهذا المرض يغير أحوال المريض من فرح وسرور-وهذا هو الهوس-،إلى تشاؤم وقلق وهموم- ويسمى الاكتئاب-خلالفترات متتالية دون سبب لذلك، يشيعهذا المرض بين النساء أكثر من الرجال. وفي حالات نوبات الهوس يميل الفرد المصاب به إلى ارتكاب جرائم العنف والتدمير عليهم مما يتصوره لهم من مستقبل بائس حافل بالشقاء. ومن بين الدراسات التي أثبت فيها العلاقة بين الاكتئابودوره في ارتكابجرائم القتل، دراسة كليبي كانج Kelbi Kangالتي أجراها 1978م، تحت عنوان الخصائص المميزة للقتلة، والذي حاول من خلالها إبراز الخصائص التي يتميز بها القتلة، فاستخلصفي نتائج دراسته أن الاكتئابيعد من بين الخصائص التي يتميز بها المجرم القاتل والتي تكون في الغالب سببا في ارتكابهلجرائم القتل. (آمنة النوي،2013م، ص ص193-194).

وختاما ومن خلال عرضنا للعوامل النفسية أو ما يطلق عليها أيضا بالعوامل الداخلية، أي المتعلقة بصفة عامة بالتكوين الشخصي للفرد من الناحية البيولوجية،والنفسية،والعقلية، كعوامل مساهمة في اختيارالسلوك الإجرامي وبالأخص ارتكابجرائم القتل، نلاحظ أن مختلف الدراسات التي تطرقنا إليها في هذا العنصر قد أكدت على وجود علاقة بينها وبين السلوك الإجرامي من ناحية، وبينها وبين جريمة القتل من ناحية أخرى. ومع ذلك لا يمكن أن نحصر العامل النفسي كعامل مساهم لوحده في ارتكابجريمة القتل. ولعل السبب في ذلك أن الظاهرة الإجرامية بصفة عامة وجريمة القتل بصفة خاصة لا يجب تناولها أو معالجتها بالنظر إلى عامل واحد وإغفال العوامل الأخرى والتي قد يكون لها دورأيضا مساهمفي دفع الفرد إلى القتل، وأنهناك عوامل أخرى تعرف بالعوامل الخارجية بما فيها:العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، الدينية...وغير ذلك،والتي لها دور أيضا في ارتكابجرائم القتل.

3- الأسباب الاقتصادية: تعد العوامل الاقتصادية من أهم العوامل المسؤولة عن جريمة القتل في المجتمع على غرار العوامل السالفة الذكر، ذلك أن جريمة القتل لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن الظروف الاقتصادية التي يمربها المجتمع. فجرائم القتل ما هي إلا ردود أفعال للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأفراد والجماعات، كما أن معدلات مثل هاته الجرائم تكون مرتفعة في فترة الهبوط والكساد الاقتصادي، وهذا ما جاءت به دراسة (الشناوي، 1988) في أن تردي الأحوال الاقتصادية والضغوط الكثيرة التي تواجه الناس في حياتهم، خصوصا في ظل الانفتاح والتضخم والسعي الحثيث إلىكسب المال والاغتراب خارج البلدان من أجل تحقيق الضرورات الأساسية كالمسكن، والزواج، ترقية المستوى المعيشي والاجتماعي...الخ، من شأنه أن يتسبب في القيام بسلوكيات غير سوية فضلا عن التهافت والصراع على جني الأرباح ورفع مستوى الدخول بالاحتيال واتباع طرق غير مشروعة وهذا قد يؤدي بطريقة أو أخرى الى العديد من جرائم القتل. فلقد قام "وليام بو نكير" بدراسة الصلة بين الظروف الاقتصادية التي يعيشها المجتمع وبين جريمة القتل، فوجد بأن جذور جريمة القتل تتغلغل في طبيعة النظام الاقتصادي للمجتمع. فالنظام الاقتصادي وما ينطوي عليه من عوامل مادية وملامسات اجتماعية هو المسؤول بصورة مباشرة وغير مباشرة عن جرائم القتل المرتكبة في المجتمع، فجرائم القتل في الأعمال غالباهي ظواهر ترجع إلى الفقر والبطالة وانقطاع مصادر الدخل والحرمان الاقتصادي، فالفقير الذي لا يجد سبيلا للعيش يلجأ الى القتل أو بعض الجرائم الأخرى كالسرقة لكي يسد حاجته الأساسية وحاجات عائلته ومن يتحمل مسؤولياتهم. وهذا ما أكدته دراسة (الهوبي،2008)والتي رجحت أن الفقر هو العمود الفقري والعامل المشترك في غالبية جرائم القتل، فضلا عن الدراسة التي أجراها (مركز أبحاث مكافحة الجريمة في المملكة العربية السعودية 1990) التي أجريت على عينة قدرت 125شخصمنهم ارتكبوا جرائم القتل وكان السبب في ذلك هو العامل الاقتصادي والبطالة، وكذا دراسة (بوالماين،2008) التي تأكد على أن انتشار البطالة يعد من الأسباب المهمة في تزايد معدلات جرائم القتل، وبينت أن جرائم القتل متعددة وحدثت دفاعا عن الأموال.(آمنة النوي،2013م، ص ص 259- 260). ومن العوامل الاقتصادية الأخـرى نجد أيضا النزاعات الناشئة حول ملكية الأراضي الزراعية أو جزء منها. إضافة إلىأن عدم تكافؤ الفرص الاقتصادية بين المواطنين، الذي يعود إلى شيوع القيم والممارسات الاجتماعية التي تفضل جماعة أو شريحة أو طبقة على جماعة أخرى، وهذا التفضيل سرعان ما يدفع أبناء الطبقة الدنيا إلى إعلان التمرد والفرض على الجماعة المسؤولية عن التحيز والظلم والتي تنتهي عادة بارتكاب جريمة قتل. (محمد عبدا الله الوريكات،2009م، ص ص 228- 229). فضلا عن تلك الأسباب السالفة الذكر فهناك مجموعة من العوامل التي كان لها الدور الكبير في ارتكاب الفرد لجريمة القتل مثل: التعصب العنصري أو الطائفي، الثأر من الآخرين، التطرف في الدين، زوال القيم الأخلاقية والاجتماعية داخل الأسرة، غياب الأنظمة والقوانين الرادعة، الكراهية والحقد، ضعف الوازع الديني.

وبالتالي بإمكاننا القول إنالسبب في اكتسابالسلوك الإجرامي وجريمة القتل بالتحديد هي تلك الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها المجرم القاتل التي تعد كرد فعل لسلوك الفرد، وهذا وفقا لما جاء به البعض من العلماء وفي أن الوضع الاقتصادي السيئ يدرجضمن تلك العوامل التي تدفع بالفرد إلى ارتكاب الجريمة سواء من حيث: الفقر، انخفاض الدخل، الاضطراب الاقتصادي، عدم الشعور بالأمن،......إلخ، والذي من شأنه أن يؤثر في تماسك الأسرة وتكاملها، وقد تدفع  بالفرد إلى الإقدام على القتل كرد فعل سلبي لتلك الظروف، خصوصا عندما يشعر بعدم المساواة الاقتصادية الناتجة عن الفقر والذي يعد من أهم العوامل التي تدفع به إلى الإجرام، والذي ترتبط به ظواهر عدة مثل: البطالة، التشرد.......وغيرها من أوجه عدم التكيف الاجتماعي.

وفي ضوء تحليلنا للعوامل والأسباب التي من شأنها أن تدفع الفرد إلى ارتكاب جريمة القتل بما في ذلك: العوامل الاجتماعية، النفسية، الاقتصادية، نستنتج أن جريمة القتل هي جريمة واحدة وإن اختلفت فقطفي أنواعها وكذا في اختلافالظروف المحيطة بهؤلاء المجرمين القتلة، فما يجب التأكيد عليه هو أنه لايمكن أن نحصر عاملا واحدافي ارتكابجريمة القتل وإنما هناك عواملرئيسية كانت سببا في وقوع الجريمة، وعوامل أخرى ثانوية كانت مساعدة على ارتكابها. فالعوامل الخارجية تلعب دورا أساسيا في الدفع إلى ارتكابالجريمة خاصة إذا وجد لدى الفرد استعدادأو ميل إلى ارتكابهانتيجة ما يتوافرلديه مسبقا من عوامل داخلية. أي أنه يتعين عند البحث عن أسباب ارتكابجريمة القتل لدى شخصما لا بدمن أن ينظر إلى هذا الشخص نظرة تكاملية من خلال البحث عن العوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى إقدام هذا الشخص على القتل.

سادسا-الأثار الناجمة عنارتكاب جريمة القتل:

أ‌-الآثار النفسية للجريمة القتل

ü                       تصدع شخصية المجرم وانفصامها وتفكك عناصرها الأساسية. شعور المجرم القاتل بالخوف من أفراد المجتمع المحطين به ابتداء من المجتمع الصغير(أفراد الأسرة) وصولا إلىجماعات الرفاق والمجتمع الكبير وانسحابه منه.

ü                       تؤديجريمة القتل التي تسود في مجتمع ما إلى تفكك الجماعة وتصدعها وتشتت عناصرها الأساسية.

ب‌-                    الآثار الاجتماعية لجريمة القتل:

ü                       تؤدي جريمة القتل إلى انسحاب الفرد من المجتمع الكبير،فضلا عن الشعور بالعزلة الاجتماعية وكذا بالنبذ الاجتماعي نتيجة لنظرة المجتمع السلبية اتجاهه وعدم اطمئنانهللمجتمع وانتمائه إليه هذا ما يجعله انساناغير اجتماعي وأقل تكويناللعلاقات الاجتماعية.

ü                       تؤدي جريمة القتل إلى خوف الفرد من المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا الخوف يقلل من حجم عطاء الفرد للمجتمع ويقتل مبادراته في خدمة المجتمع والتضحية من أجله.

ü                       لاتهددجريمة القتل الفرد فحسب بل تهدد الجماعة أيضا، وتهديد الجماعة يدفعها إلى الانعزال والتمرد عليه، وعدم الاستعداد للتعاونمعه.

ü                       تدفع جريمة القتل إلىنشر الفوضى والارتباك في ربوع المجتمع، وهذه الفوضى وهذا الارتباك لا يشجع المجتمع على تحقيق وبلوغ ما يريد من أهداف.

ت‌-                    الآثار الاقتصادية لجريمة القتل

ü                       انقطاع مصادر الرزق والكسب عن الفرد، وإذا انقطعت هذه المصادرفإن أسرته سوف تتضرر اقتصاديا وماديا وهنا يقع الفرد وأسرته في مشكلة الفقر نتيجة القتل التي تعرض لها.

ان انتشار جريمة القتل في مجتمع معين من سلبياتها أن تعمل على تفكك الجماعة الاجتماعية وذلك عن طريق انهيار قيمها ومقاييسها وأهدافها وكذا طموحاتها، وهذا ممايؤثر سلبافي بنائها ووظائفها وعلاقاتها الداخلية والخارجية. وهذا من شأنه أن يعرقل نشاطها ويؤدي إلى تدهور واضمحلال الحياة الاقتصادية والمادية وتعرضها إلىمشكلة الفقر فضلا عن العوز المادي الذي قد يمزق نسيجها الاجتماعي.

ü                       انعدام الثقة وزعزعة الأمن وانعدام الطمأنينة عندالجماعة، وعدم الاستقرار في ذلك المجتمع التي تنتشر فيه جرائم القتل، وغياب الأمن منشأنه ألا يشجع على الاستثمار والإنتاج والتوفير، الأمر

الذي يقود إلى تقليص أو انعدامالأنشطة الاقتصادية في المجتمع، وهذا ينعـــــكس سلبا على المستوى المعيشي والاقتصادي لذلك المجتمع. (Ougdale, R,1977, p p 23-56)

خاتمة

وفي ضوء ما عرضتهالباحثة، وانطلاقامن التساؤلات التي تم طرحها سابقا، نستنتج في الأخير أنه لا يمكن أن نرجع سبب ارتكابجرائم القتل إلى عامل واحد دون غيره، ذلك أنالفرد يعيش في ظل وسط اجتماعيتتوغل فيها مجموعة من العوامل منها ماهي مساعدة في وقوع الجريمة ومنها ما هو مهيأ لها، وبذلك تؤثر على شخصية القاتلفيكون سلوك الاعتداءعلى الضحية وقتلها نتيجة لتلك العوامل الخارجية المرتبطة بالبيئة الاجتماعيةالتي يعيش فيها، أو عوامل داخلية تتعلق بشخصية القاتل، لذا لابد ومن الضروري قبل تحديد عوامل ارتكابجريمة القتل لابد من تحديد الخصائص الخاصة بالمجرم القاتل لأنّهاتعد كوسيط مساعد في تحديد عوامل ارتكابالجريمة، بما فيها الديمغرافية والاجتماعيةوكذا الاقتصادية.

* التوصيات

في ضوء ما تم سرده فيما يتعلق بالبناء النظري المتعلق بموضوع- عوامل ارتكاب جريمة القتل وأبرز السمات الشخصية للمجرم القاتل-، وتحليل وتفسير مختلف عناصره، نقترح نحن بدورنا جملة من

- توجيه المؤسسات المجتمعية لتقديم برامج من شأنها التخفيف من العوامل المؤدية إلى ارتكابجريمة القتل.

- العمل على زيادة فاعليــــــــــــــــــــة وســــــــائل الضبــــــــــط الاجتماعيفي المجتمع الجزائري.

* المقترحات

انطلاقامن أهمية الموضوع- عوامـــــل ارتكابجريمة القتل وأبرز السمات الشخصية للمجرم القاتل-،وقلة الدراسات السابقة بالأخص في مجتمعنا الجزائري في مثل هذا النوع من الجرائم، تقترح الباحثة إجراء المزيد من الدراسات العلمية وبالأخص الميدانية وذلك من خلال البحث في الموضوعات التالية:

- إجراء دراسة تحليلية للمتغيرات الديمغرافية تحدد من خلالها الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى ارتكابجريمة القتل.

- إجراء دراسة مقارنة لجرائم القتل عند الذكور والإناث.

   - إجراء دراسة بعنوان فاعلية البرامج الإرشادية في الحد من جريمة القتل

ثبتالمصادر والمراجع

  1. القرآن الكريم
  2. منصور، رحماني.2006، علم الإجرام والسياسة الجنائية، دار العلوم للنشر والتوزيع، عنابة.
  3. احسان، محمد حسن. 2008،علم اجتماع الجريمة، ط1، دار وايل للنشر والتوزيع. الأردن.
  4. أحسن، طالب. 2002، سوسيولوجيا الجريمة والعقوبة والمؤسسات الإصلاحية، دار الطليعة، بيروت.
  5. المشهداني، أكرم عبد الرزاق. 2005، واقع الجريمة واتجاهاتها في الوطن العربي، ط1، جامعة نايف العربية، الرياض.
  6. جلال الدين، عبد الخالق. السيد، رمضان. 2001،الجريمة والانحراف من منظور الخدمة الاجتماعية، المكتب الجامعي، مصر.
  7. حسين عبد الحميد، أحمد رشوان. 2009،القانون والمجتمع – دراسة في علم الاجتماع القانوني – ط2، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  8. خوجة، الريامي. 2006،مفهوم القتل واشكالياته الطبيعية – دراسة في فلسفة الخلاق التطبيقية –، ط1، الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع.
  9. زيد محمد، ابراهيم. 1980،مقدمة في علم الإجرام وعلم العقاب، ط2، دار للطباعة والنشر، القاهرة.
  10. حسن الساعاتي، سامية. 1983،الجريمة والمجتمع -بحوث في علم الاجتماع الجنائي-، ط 2، دار النهضة العربية، بيروت.
  11. محمد جابر، سامية. 2010،الجريمة والقانون والمجتمع، ط1، دار المعرفة الجامعية، مصر.
  12. السرخسي، 1993،المبسوط، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، المجلد 12، الجزء 13.
  13. صونيا، هانت. جينفر، هيلتر. 1988، نمو شخصية الفرد والخبرة الاجتماعية، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد.
  14. الزغل، عبد القادر. 1990،مشكلة العلاقة بين الفقر والجريمة، دار النشر بالمركز العربي للدراسات والتدريب، الرياض.
  15. القهوجي، علي عبد القادر.  الشاذلي، فتوح عبد الله. 2004، أصول علمي الإجرام والعقاب، الدار الجامعية، بيروت.
  16. علي محمد، جعفر.1984،الأحداث المنحرفون-دراسة مقارنة -، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان.
  17. فضيل، العيش. 2007،قانون الإجراءات الجزائية-قانون العقوبات-، دار بغدادي للطباعة والنشر والتوزيع.
  18. لطفي، الشربيني. 2003،معجم مصطلحات الطب النفسي، مركز تعريب العلوم الصحية.
  19. محمد، إحسانالحسن. 1997، جريمة القتل الأسباب والآثار، ط1، ديوان المطبوعات، عمان.
  20. أبو عامر، محمد زكي. 1982،دراسة في علم الاجتماع والعقاب دار المعارف، الإسكندرية.
  21. محمد عاطف، غيث.2009،قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، مصر.
  22. الوريكات، محمد عبد الله. 2010،مبادئ علم الإجرام، ط2، دار وائل للنشر، عمان.
  23. مصطفى، العوجي. 1985،دراسة في العلم الجنائي والجريمة والمجرم، بيروت.
  24. إيديو، ليلى.2013، "التفكك الأسري وأثره على البناء النفسي والشخصي للطفل – مقاربة سوسيو نفسية–"، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 11.
  25. حمودة نوار، النمر.2015،"جريمة القتل في المجتمع السعودي، مجلة دراسات وأبحاث، جامعة زيان عاشور، المجلد 07، العدد 19.
  26. عبد الله، سالم الدراوشة. مراد عبد الله، المواجدة.2017،"أثر المتغيرات الاجتماعية على ارتكاب جريمة القتل في المجتمع الأردني من وجهة نظر طلبة الجامعات الأردنية"، مجلة جامعة الحسين بن طلال للبحوث، المجلد 3، العدد 01.
  27. عزوز، علي.2011،"مقاصد العقوبة في الشريعة الإسلامية"، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، العدد 07.
  28. بن تروش، عماد. 2013، "العوامل المؤثرة في ظاهرة الجريمة بالمجتمع الجزائري"، مجلة الواحات للبحوث والدراسات، العدد 13.
  29. لريد محمد، أحمد. "الوسيلة المستعملة وأثرها على الجريمة في قانون العقوبات الجزائري والفقه الجنائي الإسلامي"، مجلة الحضارة الإسلامية، المجلد 16، العدد 27.
  30. مزوز، بركو. 2006/2007،"اجرام المرأة في المجتمع الجزائري -العوامل والآثار–"، أطروحة دكتوراه علم النفس الإكلينيكي، جامعة منتوري، قسنطينة.
  31. أمينة محمد بيومي، عفيفي. 1994، "التفكك الأسري وعلاقته بجريمة القتل في المحيط العائلي"، رسالة ماجستير، جامعة المنوفية، مصر.
  32. حسن محمد، تقوى. 2011، "بعض سمات الشخصية السيكوباتية لدى مرتكبي جرائم القتل العمد وعلاقتها بعض المتغيرات-دراسة تطبيقية على نزلاء سجن مدينة الهدى الإصلاحية في الفترة 2015/2017-"، رسالة ماجستير علم النفس، كلية الآداب، جامعة الخرطوم، مصر.
  33. حسناوي، حيزية. 2011/2012م،"أنماط ودوافع جريمة المرأة في المجتمع – تحليل مضمون جريدة النهار-"، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة باجي مختار، عنابة.
  34. القحطاني، خالد مبارك القريوي. 2002، "مهارات البحث الجنائي في جرائم القتل واسهامها في تحديد شخصية

 الجاني-دراسة تطبيقية على قضايا القتل بمدينة الرياض-"، رسالة ماجستير، الرياض.

  1. قديح، سليمانفايز. 2003،"الظروف الأسرية وعلاقتها ببعض خصائص الشخصية لدى مرتكبي جريمة القتل في سجن غزة المركزي"، رسالة ماجستير في الآداب، ضمن برنامج مشترك بين جامعة عين شمس وكلية التربية بغزة.
  2. عبد العلواني، عمار سليم. 2005،"جريمة قتل الأصول الأسباب والخصائص الاجتماعية – دراسة ميدانية-»، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة بغداد.
  3. القحطاني، محمد ناصر. 2010،"جرائم القتل عواملها وآثارها الاجتماعية – دراسة ميدانية على مدينة أبها في المملكة العربية السعودية-»، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة.
  4. النوى، آمنة. 2013،"الإجهاد الصدمي لدى الشاهد على جريمة القتل أو خيانة زوجية-دراسة ميدانية على حالات من شهود جرائم القتل أو الخيانة-"، رسالة ماجستير علم النفس الجنائي، جامعة المسيلة.
  5. Ougdale, R ,1997,Murer definition, causes and effects, Putnam press, 1st ed.

@pour_citer_ce_document

هاجر غندور / معمر داود, «عوامل ارتكاب جريمة القتل وأبرز السمات الشخصية للمجرم القاتل»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 183-200,
Date Publication Sur Papier : 2021-06-30,
Date Pulication Electronique : 2021-06-30,
mis a jour le : 30/06/2021,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=8357.