أثر التكريس الدستوري لآلية الدفع بعدم الدستورية على نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائرThe impact of the constitutionel consecration of mechanism of exception of unconstitutionality on the system of review of the constitutionality of laws in Algeria
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 19-2022

أثر التكريس الدستوري لآلية الدفع بعدم الدستورية على نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر

The impact of the constitutionel consecration of mechanism of exception of unconstitutionality on the system of review of the constitutionality of laws in Algeria
ص ص 09-23
تاريخ الإرسال: 2021-04-27 تاريخ القبول: 2021-10-12

الهام خرشي / وردة خلاف
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تهدف هذه الدراسة إلى تبيان أهمية الأثر الذي أحدثه إدراج آلية الدفع بعدم الدستورية ضمن التعديل الدستوري لسنة2016 ومن بعده التعديل الدستوري لسنة2020 على نظام الرقابة على دستورية القوانين. ومنه أثيرت الاشكالية الآتية: كيف أثر التكريس الدستوري لآلية الدفع بعدم الدستورية على هذا الأخير؟   وقد توصلت هذه الدراسة للنتائج التالية: تأكيد أثر هذا التكريس على مستوى أسلوب تحريك الرقابة ومجالها: بتوسيع آلية الإخطار إلى أطراف الدعوى وإقحام القضاء في مجال الرقابة بتطبيق نظام التصفية.وبالمساهمة في تجديدها: بإضفاء خصوصية على آجال وإجراءات الفصل في الدفع، إعمال مبدأ الوجاهية وتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية)، ومنه التحول مستقبلا نحو عدالة دستورية فعلية تمكن من تعميق النقاش الدستوري، وفي ذلك ضمانة أكبر لحماية الحقوق والحريات وتحقيق دولة الحق والقانون.

الكلمات المفاتيح: الرقابة على دستورية القوانين، الدفع بعدم الدستورية، إخطار، أطراف الدعوى، نظام الإحالة

Cette étude vise à montrer l'importance de l’impact de l'intégration du mécanisme de recours en inconstitutionnalité (dans la révision constitutionnelle de 2016 et celle de 2020) pour le système de contrôle de la constitutionnalité des lois. Du fait, la question suivante a été soulevée: quel est l’impact de cette intégration sur ce système ?  L’étude a conclu que ce système a évolué à différents niveaux  du mode d’utilisation du contrôle et en son domaine: - en élargissant le mécanisme de saisine aux parties de l’instance et l'implication du pouvoir judiciaire dans le domaine du contrôle, - en appliquant le système de liquidation ; - par la contribution à son renouvellement en ajoutant une spécificité aux délais et procédures pour la résolution du recours, en appliquant le principe du contradictoire ;- en élargissant les attributions du Conseil constitutionnel (la cour constitutionnelle). Cela contribuera à une transition future vers une véritable justice constitutionnelle qui permettra d'approfondir le débat constitutionnel, et dans cela une plus grande garantie des droits et libertés et la concrétisation de l'Etat de droit.

Mots-clés:Contrôle de la constitutionnalité des lois, recours en inconstitutionnalité, saisine-parties de l’instance, système de renvoi

This study aims to demonstrate the importance of the impact of the integration of the mechanism of exception of unconstitutionality claim in the constitutional revision of 2016 and after that of 2020, on the system of review of the constitutionality of laws. Thus, the following problematic is raised: how did this integration impact the system? This study has concluded that this system has been changed both in terms of the way of use of control and its fields: by the extension of the seisin mechanism to the parties of the instance and the involvement of the judiciary in the area of control by applying the liquidation system; and its contribution to its renewal: by adding specificity to the deadlines and procedures for the resolution of cases by applying the principle of adversarial proceedings and expanding the powers of the Constitutional Council (the constitutional court). This will contribute to a future transition towards genuine constitutional justice, which will deepen the constitutional debate, thus permitting a greater guarantee of rights and freedoms and the implementation of the rule of law.

Keywords: Review of the constitutionality of laws, Exception of unconstitutionality, Seisin-parts of the proceedings, system of referral

Quelques mots à propos de :  الهام خرشي

[1]، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، Kharchi_droit@yahoo.fr
[1]المؤلف المراسل

Quelques mots à propos de :  وردة خلاف

وردة خلاف، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، Khallaf_ouarda@yahoo.fr

مقدمة

تعد الرقابة على دستورية القوانين ضمانة أساسية في بناء دولة القانون وكفالة الحقوق والحريات وضمان مبدأ سمو الدستور. وتتخذ هذه الرقابة أكثر من نموذج، فهناك نموذج الرقابة السياسية وهناك نموذج الرقابة القضائية، ولكل من هذين النموذجين أكثر من نوع: فضمن أنواع الرقابة السياسية نجد الرقابة الوجوبية والرقابة الاختيارية، الرقابة السابقة والرقابة اللاحقة، وضمن أنواع الرقابة القضائية توجد الرقابة عن طريق الدعوى الأصلية والرقابة عن طريق الدفع أو الامتناع، ولكل نوع شروطه وإجراءاته.

وقد أنتج التفاعل الحاصل بين أنظمة العدالة الدستورية في العالم أسلوبا مختلطا للرقابة الدستورية بعد إدخال الرقابة عن طريق الدفع بعدم الدستورية (الشوابكة، 2012) (جعفر، 1999).

وهي الفكرة التي أصبحت تعرف في النموذج الفرنسي بنظام الرقابة السياسية اللاحقة على دستورية القوانين وهو ما يسمى في فرنسا بالمسألة ذات الأولوية الدستورية "Question prioritaire de constitutionnalité" (www.legifrance.gouv.fr)والتي تقابلها في الجزائر آلية الدفع بعدم الدستورية (حمريط، 2018، صفحة ص.448) (رواب، 2017، صفحة 34) (بوزيان، 2013، صفحة 71،97) (حسكر، 2019، الصفحات 156-159) (ذوادي، 2017، الصفحات 335-336).

أسست الجزائر نظام الرقابة على دستورية القوانين بواسطة مجلس دستوري، الذي واجه منذ إعادة إنشائه بدستور 1989العديد من الانتقادات بسبب ضعف نشاطه في مجال الرقابة على دستورية القوانين  بسبب تقييد سلطة الإخطار (http://www.conseil-constitutionnel.dz)، لذلك ركزت المساعي على تحسين وضع هذه الهيئة وتفعيل عملها، لكن توجب علينا الانتظار إلى غاية سنة 2016ليصدر التعديل الدستوري لسنة 2016 (ج.ر عدد 14بتاريخ 07/03/2016)ومن بعده التعديل الدستوري لسنة 2020(ج.ر عدد 82بتاريخ 20/12/2020)، والذي كان لهما  الأثر الواسع على نظام الرقابة على دستورية القوانين، حيث مس كلا من هذين التعديلين مسائل مهمة تعلقت ب: توسيع سلطة الاخطار إلى الوزير الأول وكلا من نواب وأعضاء غرفتي البرلمان وتكريس آلية الدفع بعدم الدستورية، والتي أثرت على نظام الرقابة على الدستورية من حيث شروطها وآجالها وإجراءات تحريكها وممارستها وساهمت بالتبعية في تجديدها وتجاوز بعض نقائصها وعيوبها. وقد أبقى التعديل الدستوري لسنة 2020على الاحكام نفسها في هذه المسائل مع استبداله المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية، وبعض الاختلافات التي سيتم ادراجها في هذه الدراسة.

تهدف هذه الدراسة إلى تبيان أهمية الأثر الذي أحدثه التكريس الدستوري لهذه الآلية على نظام الرقابة على دستورية القوانين، وذلك بتوسيع سلطة الاخطار إلى أطراف الدعوى، مما نتج عنه إقحام القضاء في مجال تحريك الرقابة عن طريق نظام الإحالة، وتجديد الرقابة على الدستورية من خلال تكريس آجال وإجراءات وصلاحيات جديدة للمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية)، تعرج بها نحو بداية تشكيل قضاء دستوري حقيقي يضمن تحقيق قدر كاف من العدالة الدستورية وكفالة حقوق وحريات الأفراد وبناء دولة الحق والقانون.

من هنا تطرح إشكالية هذه الدراسة كالآتي: كيف أثر التكريس الدستوري لآلية الدفع بعدم الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016ومن بعده التعديل الدستوري لسنة 2020على نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر؟

للإجابة على هذه الإشكالية تم اعتماد المنهج الوصفي التحليلي مع الاستعانة بأسلوب المقارنة لضرورته في سياق الموضوع كأسلوب حتمي، خصوصا مع النظام الفرنسي.

تم تقسيم هذه الدراسة إلى عنصرين:

أولا: تغيير أسلوب تحريك الرقابة على دستورية القوانين ومجالها

1-  توسيع آلية الإخطار إلى أطراف الدعوى

2- إقحام القضاء في الرقابة على دستورية القوانين بتطبيق نظام التصفية على درجتين

3-  تقليص مجال الرقابة اللاحقة في إطار الدفع بعدم الدستورية (باستثناء الأوامر والتنظيمات)

ثانيا: المساهمة في تجديد الرقابة على الدستورية

1- تميز الرقابة بطريق الدفع بعدم الدستورية بآجال معقولة وإجراءات خاصة أمام القضاء

2- خصوصية إجراءات الدفع بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري: بداية التحول نحو قضاء دستوري

أولا: تغيير أسلوب تحريك الرقابة على دستورية القوانين ومجالها

وسع المؤسس الدستوري بموجب التعديل الدستوري لسنة 2016 ومن بعده لسنة 2020  آلية تحريك الرقابة على الدستورية إلى الهيئات المنصوص عليها في المادة 193في فقرتها الثانية من هذا الأخير، والمتمثلة في رئيس الجمهورية او رئيسي غرفتي البرلمان أو الوزير الاول او اربعين (40) نائبا أو خمسة وعشرين (25) عضوا، كما أدرج نظام الإحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة في إطار الدفع بعدم الدستورية من قبل أحد أطراف دعوى مرفوعة أمام القضاء (المادة 188من التعديل الدستوري لسنة 2016تقابلها المادة 195ف1من التعديل الدستوري لسنة 2020).

ويكون المؤسس الدستوري بذلك قد مكن أطراف الدعوى من الطعن بعدم الدستورية لحماية حقوقهم وحرياتهم وأقحم القضاء ممثلا في المحكمة العليا ومجلس الدولة في عملية الرقابة على الدستورية عن طريق نظام الإحالة، كما حصر مجال الرقابة اللاحقة في إجراء الدفع بعدم الدستورية.

1/ توسيع آلية الإخطار إلى أطراف الدعوى

أثر تضييق سلطة الاخطار سلبا على حصيلة عمل المجلس الدستوري، التي اقتصرت تقريبا على مجال الرقابة الوجوبية القبلية (كوسة، 2018ص.430)،  المحركة من طرف رئيس الجمهورية بموجب نصوص الدستور (كوسة، 2018، صفحة 431). لكن بعد صدور التعديل الدستوري لسنة 2016، ومن بعده التعديل الدستوري لسنة 2020بموجب نص المادة 193-2من هذا الأخير، أصبحت تشمل الوزير الأول او رئيس الحكومة وأربعين (40) نائبا أو خمسة وعشرين (25) عضوا، مستلهما ذلك من التعديل الدستوري الفرنسي لسنة 1974، حيث تندرج هذه الآلية ضمن نظام الإخطار المباشر تمييزا له عن نظام الإخطار غير المباشر (يعيش، 2016، الصفحات 160-162)، الذي يتم في إطار الدفع بعدم الدستورية من قبل أطراف الدعوى المثارة أمام القضاء العادي أو الإداري بموجب نص المادة 195. وبذلك تكون التوسعة في آلية الإخطار قد تمت على مستويين (السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية)، بالإضافة إلى التوسعة التي شملت أطراف الدعوى، حيث يكون المؤسس الدستوري الجزائري بتكريسه آلية الدفع بعدم الدستورية من قبل أطراف الدعوى، أثناء نظرها أمام القضاء، بموجب المادة 195من التعديل الدستوري لسنة 2020، قد سار على خطى المؤسس الدستوري الفرنسي الذي اعترف لأطراف الدعوى بإمكانية الدفع بعدم الدستورية بموجب المادة 61في فقرتها الأولى من التعديل الدستوري لسنة 2008الآتي نصها:" "Lorsque, à l'occasion d'une instance en cours devant une juridiction, il est soutenu qu'une disposition législative porte atteinte aux droits et libertés que la Constitution garantit, le Conseil constitutionnel peut être saisi de cette question sur renvoi du Conseil d'État ou de la Cour de cassation qui se prononce dans un délai déterminé.
Une loi organique détermine les conditions d'application du présent article"
.

يشكل هذا التعديل خطوة هامة في تاريخ النظام الدستوري الجزائري وتوجه جديد نحو تفعيل نظام الرقابة على دستورية القوانين وحماية الحقوق والحريات. وهو يتلاءم مع ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية في التأكيد على أهمية دور الفرد في حماية حقوقه (المادة 8من الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948). وقد وضعت المادة 188من التعديل الدستوري لسنة 2016ومن بعدها المادة 195من التعديل الدستوري لسنة 2020الضوابط العامة لإعمال هذا الدفع وهي:

- وجود نزاع قائم أمام القضاء العادي أو الإداري.

- إثارة دفع فرعي من قبل أحد أطراف الدعوى بخصوص عدم دستورية الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع.

- انتهاك الحكم التشريعي للحقوق والحريات المضمونة بالدستور.

- إحالة الدفع بعدم الدستورية من المحكمة العليا أو مجلس الدولة للمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية).

وقد صدر القانون العضوي رقم 18-16الذي حدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية (ج.ر عدد 54بتاريخ 05/09/2018)، مكرسا نفس الضوابط التي كرسها المشرع الفرنسي ضمن القانون العضوي رقم 2009-1523المؤرخ في 10/12/2009(www.legifrance.gouv.fr). فهل وضح هذا القانون المقصود بكلمة أطراف الدعوى في ضوء القانون العضوي؟ وهل وضح المقصود بالحقوق والحريات المنتهكة بالحكم التشريعيوالمضمونة بالدستور؟

- ان اعتماد المؤسس الدستوري والمشرع مصطلح "أطراف الدعوى" بدل "أفراد" مقصود في حد ذاته، وهو مصطلح له معنى واسع في القانون، حيث يتضمن كل طرف في الدعوى: الشخص القانوني في الدولة سواء كان طبيعيا (مواطن أو أجنبي إذا كان الحق أو الحرية من الحقوق أو الحريات التي يتمتع بها الأجانب في الدولة) أو معنويا، مدعي ومدعى عليه، مستأنف ومستأنف عليه، معارض ومعارض ضده، طاعن بالنقض ومطعون ضده بالنقض، متدخلا في الدعوى، باستثناء كلا من: المدخل في الخصام الذي لا يجوز له اثارة الدفع لأنه لا يعد طرفا في الخصومة بل يقتصر دوره على تدعيم ادعاءات احد الخصوم وتأكيد موقفه؛ النيابة العامة ومحافظ الدولة لأنهما يمثلان الوزارة، بالإضافة الى ان مهمتهما تنحصر في تطبيق القانون، وكذلك القاضي حتى لا يكون هو المبادر بمنازعة العمل التشريعي وحتى لا يتم تشبيه الدفع بالمسائل القانونية الأخرى التي يمكن ان تثار من طرفه تطبيقا لنص المادة 4من القانون العضوي رقم 18-16، وهو المسلك نفسه المعتمد من طرف المشرع الفرنسي (Bertrand, 2013, p. 36). إذا كان الواضح من هذا الضابط أن مثير الدفع يجب أن تكون له مصلحة شخصية وصفة في الدفع، فهل يمكن ذلك في مواجهة المسائل المتعلقة بالشأن العام (المسائل البيئية مثلا)، الأكيد أن ممارسة الدفع بعدم الدستورية واجتهادات المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) الجزائري بخصوصه سيوضح أكثر حدود المصطلح.

-  إن ورود عبارة الحقوق والحريات المضمونة بالدستور، والتي لا يقبل الدفع بعدم الدستورية إلا إذا كان الحكم التشريعي يمس بها، غير واضحة، حيث يثير هذا الغموض التساؤل حول مصدر هذه الأخيرة ومجالها، هل هي الحقوق والحريات المكرسة صراحة في الدستور (كوثيقة رسمية) فقط، وهي القراءة الضيقة (الشكلية)، أم تلك المكرسة في الديباجة وفي النصوص التي يحيل اليها هذا الأخير، وهي القراءة الواسعة (أي النصوص ذات الطبيعة الدستورية)؟ والذي ستكون له نتائج هامة ومختلفة عن القراءة الأولى تتمثل في زيادة عدد الدفوع. هذا ما سننتظره من اجتهادات المحكمة الدستورية مستقبلا، لاسيما وان المجلس الدستوري سابقا كان قد تبنى القراءة الشكلية، هذا ما نستشفه من خلال الاطلاع على موقعه الالكتروني (خانة الدفع بعدم الدستورية)، "مجموعة الحقوق والحريات الواردة على وجه الخصوص في المواد من 32إلى 73ضمن الفصل الرابع من الدستور تحت عنوان "الحقوق والحريات" وديباجة الدستور تعد مصدرا للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور". بينما كان قد وسع من الكتلة الدستورية بمناسبة فصله في مختلف الاخطارات التي وجهت اليه، حيث شملت الديباجة، المعاهدات الدولية في قراره المؤرخ في 20/08/1989حول قانون الانتخابات، والاعراف الدستورية في قراره المؤرخ في 30/08/1989حول القانون الاساسي للنائب (www.conseil-constitutionnel.dz)(عباس، 2016، الصفحات 34-35). مقارنة بالمجلس الدستوري الفرنسي الذي حدد في قراره رقم 71/44المؤرخ في 16/07/1971القواعد المرجعية التي يفرض على المشرع احترامها (le bloc constitutionnel) وهي النصوص التي احالت اليها ديباجة دستور 1958وهي اعلان حقوق الانسان والمواطن لسنة 1789وديباجة دستور 1946، المبادئ الأساسية التي اعترفت بها قوانين الجمهورية الفرنسية المشار اليها في ديباجة دستور 1946وأخيرا الميثاق البيئي لسنة   2004                  (conseil-constitutionnel.fr)(Maugué, 2013, pp. 11-12).

 نستغرب، من جهة أخرى، ورود صياغة الحكم التشريعي الذي يمس بالحقوق والحريات، بدل النص التشريعي، لعل السبب في ذلك يرجع لاقتباسها من نص المادة 61-1من التعديل الدستوري الفرنسي لسنة 2008 (Disant, 2011, pp. 34-37)، ومنه إذا كان المؤسس الدستوري يقصد بالحكم التشريعي هو النص التشريعي العادي، وهو التفسير الأكثر ورودا، على اعتبار تمييزه في نص المادة  191من الدستور بين الفقرة الأولى التي ميز فيها صراحة بين النص التشريعي والنص التنظيمي، وفي الفقرة الثانية التي نص فيها صراحة على النص التشريعي، وهو المقصود بالرقابة عن طريق الدفع، فإنه يكون بذلك قد أقصى القوانين العضوية والتنظيمات من خضوعها للرقابة بواسطة الدفع بعدم الدستورية، وهو مسلك معقول بالنسبة لهذه الأخيرة، على اعتبار خضوعها لرقابة القضاء الإداري، ولو أن الاختلاف بين النوعين من الرقابة يسمح بفرضهما  معا، وهو ما استدركه التعديل الدستوري لسنة 2020ضمن نص المادة 195بإضافة الحكم التنظيمي، أما بالنسبة للقوانين العضوية فكونها تخضع لرقابة سابقة وجوبية، لا يلغي احتمال تغير الظروف إمكانية تحريك الرقابة بشأنها،أما الأوامر، التي طالما استبعدها المؤسس الدستوري من الرقابة، فسيكون من الملائم  إدراجها ضمن رقابة الدفع.

2/ إقحام القضاء في الرقابة على الدستورية بتطبيق نظام التصفية على درجتين

كرس التعديل الدستوري لسنة 2016بموجب نص المادة 188(المادة 195من التعديل الدستوري لسنة 2020) نظام الدفع بعدم الدستورية بواسطة الإحالة إلى المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) عن طريق القضاء المتمثل في هيئتيه العليتين وهما: مجلس الدولة والمحكمة العليا حسب الحالة، فإحالة الدفع بعدم الدستورية يكون من مجلس الدولة إذا كان النزاع معروضا أمام المحاكم الإدارية ومن المحكمة العليا إذا كان النزاع معروضا أمام المحاكم أو المجالس القضائية بموجب المادة 2من القانون العضوي رقم 18-16.

أقصى المشرع محكمة الجنايات الابتدائية من إمكانية إثارة الدفوع بعدم  الدستورية أمامها، ويمكن ذلك عند استئناف أحكامها أمام محكمة الاستئناف الجنائية، طبقا لنص المادة 3من القانون العضوي رقم 18-16، ولعل مبرر ذلك يكمن في تحقيق إدارة جيدة للعدالة بالنظر لخصوصيات تنظيم هذه المحكمة  وتشكيلتها، التي تضم محلفين من الشعب، الذين لا يملكون التخصصات والمؤهلات اللازمة للنطق في دفع خاص متميز يتعلق بمسألة قانونية، وسير الإجراءات أمامها، حيث لا يمكن قطع باب المناقشة بعد فتحه الا بعد النطق بقرار المحكمة حفاظا على مبدأ استمرارية سير المرافعات في مادة الجنايات، بينما اثارة الدفع يستوجب توقيف المحاكمة حتى يفصل في هذا الأخير   (أي الدفع) (Maugué, 2013, pp. 49-50)(Bertand, 2013, p. 21)، ونفس الحكم بالنسبة لمحكمة التنازع  (Maugué, 2013, p. 33)والمحاكم التحكيمية، حيث قضت في قرارها رقم 11/40030المؤرخ في 28/06/2011أن المحكم المتمتع بسلطة قضائية لا يشكل قضاءا تابعا لمحكمة النقض (Disant, 2011, p. 137) والسلطات الإدارية المستقلةالتي، وبالرغم من كونها تصدر قرارات عقابية، فلم يتم اعتبارها أجهزة قضائية في فرنسا، ومع ذلك يمكن اثارة مسألة الأولوية الدستورية بمناسبة نزاع ضد قرار من قراراتها (Bertrant, 2013, pp. 28-31)(Disant, 2011, p. 138)(Xavier, 2011, p. 185).

يكون بذلك كلا من المؤسس الدستوري والمشرع الجزائري  قد كرس نظام تصفية مزدوج مثيل لذلك الذي كرسه نظيره الفرنسي (Bonnet, www.droitconstitutionnel.org)(اليعقوبي، 2012، الصفحات 392-393)، مع ما يحمله هذا النظام في الجزائر من إيجابيات تتعلق بضمان إحالة الدفوع الجدية فقط للهيئات القضائية العليا وللمجلس الدستوري حتى لا يتم إغراقها بالمسائل غير الجدية، وسلبيات قد تتعلق بمدى تأهيل القاضي للنظر في مدى جدية الدفع وحياد هذا الأخير.

وقد حددت المادة 8من القانون العضوي رقم 18- 16اختصاص الجهات القضائية الدنيا في فحص مدى توفر الشروط الموضوعية التي يتم على أساسها إرسال الدفع بعدم الدستورية للهيئات القضائية العليا، وهي نفسها الشروط التي تعتمد عليها الهيئات القضائية العليا في إحالة الدفع بعدم الدستورية للمجلس الدستوري طبقا لنص المادة 13منه، وتتمثل في:

- توقف مآل النزاع على الحكم التشريعي المعترض عليه أو تشكيله لأساس المتابعة.

- ألا يكون الحكم التشريعي قد سبق التصريح بمطابقته للدستور من طرف المجلس الدستوري باستثناء حال تغير الظروف.

- أن يتسم الوجه المثار بالجدية.

الواضح من إرادة المؤسس الدستوري والمشرع أنها متجهة نحو الجمع بين هذه الشروط الثلاث، ومنه فإذا توفر شرط واحد من دون الشرطين الآخرين فلا مجال لقبول الدفع:

- فإذا تعلق الدفع بحكم تشريعي لا ينطبق على النزاع، لكن هناك شكوك حول مدى دستوريته فلا يقبل الإرسال ولا الإحالة بشأنه.

- إذا كان الحكم التشريعي قد سبق الفصل فيه من طرف المجلس الدستوري بالمطابقة للدستور أو بغير ذلك فيصرح به، وقد تم في قرار للمجلس الدستوري:وهوالقرار رقم 02/ق.م.د/د.ع.د/19المؤرخ في 20/11/2019 (www.conseil-constitutionnel.dz)،باستثناء  حال تغير الظروف، والتي تقابل في نص الفقرة الثانية من المادة 23من القانون العضوي رقم 2009-1523العبارة التالية:

 "Sauf changement de circanstances ما الذي يقصده المشرع من عبارة تغير الظروف؟

لم يوضح المشرع المقصود من عبارة "تغير الظروف"، حيث يمكن اعتماد حالة صدور تعديل دستوري جديد، كما يمكن الاستئناس بالممارسة  في فرنسا والمتعلقة بحدوث تغيير يمس الحياة السياسية والتنظيم المؤسساتي في الدولة، حيث اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي مسألة الاولوية الدستورية التي تقدمت بها Marine Lepenبخصوص نصوص من الدستور أقر هذا الأخير بدستورية من قبل، ذات طابع جديد وقبل النظر فيها (Fatin-Rouge, http://halshs.archives-ouvertes.fr.pdf.MFRS, p. 2013)، أو ظهور مسائل جديدة لم تعرض للنقاش أمام المجلس الدستوري من قبل، كأن يتعلق الأمر بتقديم تفسير جديد لنص أو مبدأ دستوري لم يطبق من قبل من طرف المجلس الدستوري، أو مسائل تتضمن موضوعات مجتمعية جديدة، وهو المسلك الذي سار عليه المجلس الدستوري الفرنسي في العديد من قراراته، من بينها القرار رقم 345193المؤرخ في 21/03/2011تعلق بتفسير المادة رقم 75-1  المتعلقة بانتماء اللغات الإقليمية للتراث الفرنسي، والتي أضيفت بالتعديل الدستوري لسنة 2008، القرار رقم 340939المؤرخ في 18-07-2011الذي تعلق بمشاركة الجمهور وفقا لنص المادة 7من ميثاق البيئة، القرار رقم 87103المؤرخ في 9مارس 2011المتعلق بإثارة مبدأ حرية العمل، حيث لم يسبق للمجلس الدستوري الاعتراف الصريح بالقيمة الدستورية لهذا المبدأ، أما بالنسبة للمسائل المجتمعية الجديدة، فيمكن ذكر المسائل المتعلقة بتطبيق المادتين 74و144من القانون المدني التي تحد من الحرية الفردية لإبرام عقد زواج مع شخص من نفس الجنس،  والمادة 66منه التي تمنع القاضي من الترخيص بعقد هذا الزواج: حيث جاء في تأسيس محكمة النقض الفرنسية أن هذه المسألة تشكل موضوع نقاشات واسعة في المجتمع بسبب تطور الاخلاق والاعتراف بزواج المثليين في تشريعات العديد من الدول الأجنبية، ومنه فهي تشكل مسائل جديدة(Maugué, 2013, pp. 63-67)(Bertand, 2013, pp. 147-155).

- ما هو المقصود بالجدية؟:يعتبر تقدير الجدية من اختصاص قضاة الموضوع والهيئات العليا، وهي مسألة مطاطة وذات تفسيرات متطورة. وقد حاول الفقه الفرنسي استنتاج بعض الخطوط التوجيهية لتقدير جدية المسألة، فميز بين تقدير الجدية أمام قضاة الموضوع، حيث يجب أن لا تتسم المسألة المثار بشأنها مسألة الأولوية بالخيال وألا يكون الهدف منها إطالة أمد النزاع لكسب الوقت والإضرار بالأطراف الآخرين في الدعوى، أما تقدير الجدية أمام الهيئات العليا، فيجب أن يكون أكثر دقة، إذ يجب أن ترتكز الإحالة على شك يقيني منطقي (Maugué, 2013, pp. 67-68). نفهم من ذلك، وهو الهدف من تكريس نظام التصفية على درجتين، أن مهمة قضاة الهيئات العليا في تقدير جدية المسألة تكون أكثر عمقا وتعقيدا من مهمة القضاة في الدرجة الدنيا، على اعتبار أن الإحالة بالدفع تتم من طرفهم.

السؤال الأخر الذي يطرح هنا: هل يملك القاضي، وفق نظام التصفية، مسألة تقدير مدى دستورية الحكم التشريعي؟ الإجابة تكون بالنفي، لأن الذي يملك الكلمة الأخيرة في تقدير الدستورية هو المجلس الدستوري وحده دون سواه، أما القاضي فتتوقف سلطته عند انتقاء الدفوع التي تحال إليه والتأكد من مدى توفر الشروط المفروضة بالقانون لقبول الدفع.

3/ تقليص مجال الرقابة اللاحقة من طرف المجلس الدستوري في إطار الدفع بعدم الدستورية (باستثناء الأوامر والتنظيمات)

يعتبر الكثير أن الرقابة السابقة، وإن كانت تحقق نوعا من الاستقرار الدستوري والقانوني كونها رقابة وقائية، فهي تحول دون الكشف عن عيوب النص القانوني التي تظهر بعد تطبيقه، ولذلك تساهم الرقابة اللاحقة- وفق آلية الأولوية الدستورية- ، بالرغم من إمكانية اعتبارها مصدر تهديد للأمن واستقرار المراكز القانونية، في تنقية وتطهير المنظومة القانونية الفرنسية من القوانين غير الدستورية التي أفلتت من الرقابة السابقة (اليعقوبي، 2012، صفحة 402)(Disant, 2011, pp. 22-24)، وبالنظر لماتقدمه من مزايا تتعلق بالأخذ في الاعتبار شروط تطبيق القانون في الواقع، ومنه الوضعيات الخاصة التي يثيرها هذا الأخير، والتي ستظهر نقاط القصور أو الضعف فيه، خصوصا وأن منطق الرقابة بواسطة الدفع يقتضي إعمال الرقابة بين نص تشريعي قديم ونصوص دستورية جديدة، أو مفاهيم دستورية جديدة (Maugué, 2013, pp. 210-213).

وهو ما كرسه المؤسس الدستوري الجزائري بالموازاة مع إدراجه آلية الدفع بعدم الدستورية، بتمييزه بين الإخطار الموجه إلى المجلس الدستوري بموجب نص المادة 187والإخطار الموجه إليه بموجب نص المادة 188من التعديل الدستوري، حيث يندرج الإخطار الأول في إطار الرقابة السابقةأو رقابة المطابقة،بموجب نص المادة 186، والمتعلقة برقابة المعاهدات والقوانين والتنظيمات، بينما يندرج الإخطار الثاني في إطار الرقابة اللاحقة أو رقابة الدستورية، والمتعلق بالدفع بعدم الدستورية، وقد اكد على ذلك النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019المؤرخ في 12/05/2019ضمن نصوص المواد 4،10،26و29منه (ج.ر عدد 42بتاريخ 30/06/2019). وهو ما ينعكس مباشرة على تضييق عملية الرقابة اللاحقة بواسطة الاخطار المقدم من طرف الهيئات الدستورية المنصوص عليها في المادة 187    بخصوص المعاهدات، القوانين العادية والتنظيمات.

إذا كان المنطق الذي فرض تبني نظام الرقابة اللاحقة في فرنسا بواسطة مسألة الأولوية الدستورية، هو ضعف الرقابة السابقة لتحكم الاعتبارات السياسية بها (اليعقوبي، 2012، الصفحات 398-399)، ولأن الدستور الفرنسي كان يكرس رقابة المطابقة فقط. فهل يمكن أن نؤسس هذا التغيير في الجزائر على المنطق نفسه؟في اعتقاديلا يتعارض منطق الدفع بعدم الدستورية في الجزائر مع امكانية تحريك الرقابة اللاحقة من طرف الهيئات المنصوص عليها في المادة 187، خصوصا بالنسبة للقوانين العادية وحتى الأوامر (التي كانت دائما محصنة ضد الرقابة عليها سواء السابقة أو اللاحقة) والتنظيمات، في مواجهة عدم تفعيل إجراء الدفع بعدم الدستورية بشكل واسع (بالنسبة للقوانين العادية)، ولأن أساس هذا الأخير هو انتهاك الحقوق والحريات من دون الاعتبارات الأخرى لعدم الدستورية، والتي يمكن ان تثيرها هذه الهيئات في رسالة الإخطار. وقد استدرك التعديل الدستوري لسنة 2020ذلك بالنسبة للاوامر والتنظيمات، ضمن نص المادة 198-3، مع حصر مدة تحريكها بالنسبة للتنظيمات خلال شهر من تاريخ نشرها، ولعل مبرر ذلك هو المحافظة على استقرار المعاملات والمراكز القانونية (المادة 190-3، مع سقوط كلمة أوامر في هذه الفقرة).

ثانيا: المساهمة في تجديد الرقابة على دستورية القوانين

يرتبط تجديد الرقابة الدستورية بضبط القانون العضوي رقم 18-16المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية أمام القضاء، بشكل دقيق ومعقول للآجال وللإجراءات التي يتم بواسطتها إحالة الدفع من القضاء إلى المجلس الدستوري والتي لم تكن مكرسة من قبل ( 1)، ومن خلال هذا القانون والنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، تم ضبط آجال وإجراءات الفصل في الدفع أمام المجلس الدستوري، حيث أضفى بذلك خصوصية على إجراءات الدفع بعدم الدستورية أمام هذا الأخير، مقارنة بما هي عليه في مجال الرقابة بواسطة الإخطار من طرف الهيئات الأخرى (رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة والوزير الأول واربعين عضوا من المجلس الشعبي الوطني وخمسة وعشرين عضوا من مجلس الأمة) (2).

1/ تميز الرقابة بواسطة الدفع بعدم الدستورية بآجال معقولة وإجراءات خاصة أمام القضاء

تخضع آجال وإجراءات سير الدفع بعدم الدستورية أمام القضاء لقانون الإجراءات المدنية والإدارية وقانون الإجراءات الجزائية حسب الجهة التي أثير أمامها الدفع، بالإضافة إلى الأحكام المنصوص عليها في القانون العضوي بموجب المادة 5من القانون العضوي رقم 18-16، - والتي تهمنا في هذه الدراسة-. وقد ميز المشرع بين الآجال والإجراءات أمام الجهات القضائية الدنيا وبين الآجال والإجراءات أمام الجهات القضائية العليا، وقد وفق في ذلك إلى حد كبير حتى لا يترك مصير الدفع بيد القضاء، من جهة، وحتى لا يطيل أمد الفصل في النزاع من جهة ثانية.

  • الآجال والإجراءات أمام الجهات القضائية الدنيا

- عند إيداع أحد أطراف الدعوى مذكرة تتضمن دفعا بعدم دستورية الحكم التشريعي، والتي فرض بشأنها المشرع الجزائري، على غرار نظيره الفرنسي، مجموعة من الشروط الشكلية لقبول الدفع بعدم الدستورية حددتها المادتين 6و7من القانون العضوي، والمتمثلة في وجوب تقديم الدفع بواسطة مذكرة مكتوبة ومنفصلة ومسببة، مرفقة بالتصريح بالاستئناف، إذا كان الدفع أمامه (المادة 3-2من القانون العضوي رقم 18-16) ،  يتوجب على الجهة القضائية الفصل،  بعد استطلاع رأي النيابة العامة أو محافظ الدولة، ومن دون حضور المساعدين اذا كانت تشكيلة المحكمة تظم هؤلاء،وقبل فتح باب المناقشة اذا كان الدفع مثار أمام محكمة الجنايات الاستئنافية، فورا،  طبقا لنص المادة 7من القانون العضوي، وكلمة فورا تعني انعدام اجل محدد لذلك، وقد تعني في اسرع وقت ممكن ((le plus tôt que possible(Maugué, 2013, p. 32). وهو مسلك إيجابي للمشرع، حيث يهدف من وراء الإسراع بالفصل في مسألة إرسال الدفع إلى الإسراع في حل النزاع الأصلي، بقرار مسبب، حيث يساهم التسبيب في التأسيس لتوفر الشروط المطلوبة لقبول الدفع، ومنه اقصاء الدفوع غير المؤسسة، فإما أن تقبل بموجبه الهيئة القضائية الدفع وإما ترفضه:

- في حالة قبول الدفع من طرف الهيئة القضائية، يوجه القرار مع عرائض الأطراف ومذكراتهم إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة خلال أجل عشرة (10) أيام من صدوره، كما يبلغ إلى الأطراف، ولا يكون قابلا لأي طعن طبقا لنص المادة 9في فقرتها الاولى من القانون العضوي رقم 18-16، مقارنة بنظيره الفرنسي الذي حددها بثمانية ايام بموجب المادة 23في فقرتها الثانية من القانون العضوي رقم 2009-1523.

- في حالة رفض إرسال الدفع من طرف الهيئة القضائية المقدم أمامها، يبلغ القرار المتضمن الرفض إلى الأطراف، ولا يمكن أن يكون محل اعتراض إلا بمناسبة الطعن ضد القرار الفاصل في النزاع أو في جزء منه، حيث يجب أن يقدم بموجب مذكرة مكتوبة ومنفصلة ومسببة طبقا لنص المادة 9في فقرتها الثانية من القانون العضوي رقم 18-16.

- في الحالة الأولى ترجئ الهيئة القضائية الفصل في الدعوى إلى غاية صدور قرار الهيئات القضائية العليا (المحكمة العليا أو مجلس الدولة) برفض إحالة الدفع إلى المجلس الدستوري، أو بقبول إحالة الدفع وصدور القرار من المجلس الدستوري، غير أنه لا يترتب على هذه الإحالة وقف سير التحقيق، ويكون بإمكان الهيئة القضائية أخذ التدابير المؤقتة أو التحفظية اللازمة طبقا لنص المادة 10من القانون العضوي رقم 18-16. لكن المشرع فرض استثناء على ذلك في الحالات التالية: الحالة التي يكون فيها شخص محروم من الحرية بسبب الدعوى أو عندما تهدف الدعوى لوضع حد للحرمان من الحرية، أو عندما ينص القانون على وجوب فصل الجهة القضائية خلال أجل محدد أو على سبيل الاستعجال، طبقا لنص المادة 11في فقرتها الاولى من القانون العضوي رقم 18-16. وقد وضع المشرع حلا في حالة فصل الجهة القضائية الابتدائية دون انتظار القرار المتعلق بالدفع من طرف الهيئات القضائية العليا أو المجلس الدستوري وتم استئناف قرارها أو نقضه، بأن تقوم جهة الاستئناف أو النقض بإرجاء الفصل فيه إلا إذا توفرت الحالات المذكورة أعلاه، وذلك بموجب نص المادتين 11في فقرتها الثانية و12من القانون العضوي رقم 18-16. وهو مسلك إيجابي حاول من خلاله المشرع منح الأولوية لاسترجاع المعني بالأمر حريته.

ب/ الآجال والإجراءات أمام الجهات القضائية العليا (المحكمة العليا ومجلس الدولة)

يوجه، طبقا لنص المادة 15من القانون العضوي رقم 18-16، قرار إرسال الدفع بعدم الدستورية إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا أو رئيس مجلس الدولة، اللذان يستطلعان فورا رأي النائب العام أو محافظ الدولة، ويتم تمكين الأطراف المعنية بالدفع من تقديم ملاحظاتهم المكتوبة، وذلك مسلك ايجابي، لأنه يسمح للأطراف توضيح وتأكيد حججهم فيما يخص جدية الدفع. وقد حدد هذا القانون أجلا للفصل في إحالة الدفع بعدم الدستورية،  يقدر بشهرين اثنين ابتداء من تاريخ استلام الإرسال المتضمن قرار الإحالة من الجهات القضائية الدنيا طبقا لنص المادة 13من القانون العضوي رقم 18-16، مقارنة بنظيره الفرنسي الذي حددها بثلاثة اشهر (المادة 23-5من القانون العضوي رقم 2009-1523) ، وهو نفس الأجل في حالة إثارة الدفع مباشرة أمام الجهات العليا يبدأ حسابه من تاريخ استلام مذكرة الدفع (المادة 14من القانون العضوي رقم 18-16)، وقد أكد المشرع على أولوية الفصل في هذا الدفع، وفي ذلك تأكيد ثان على ضرورة الاسراع بالفصل في الدفع المثار حتى لا يطول الفصل في النزاع المطروح. وفي حالة عدم فصل الجهات العليا خلال هذا الأجل يحال الدفع تلقائيا إلى المجلس الدستوري طبقا لنص المادة 20من القانون العضوي رقم 18-16. ما يمكن ملاحظته ان أجال تصفية الدفوع معقولة توفق بين مطلب سرعة الفصل في النزاعات أمام القضاء وتقدير جديتها.

حدد المشرع الجزائري في هذه المرحلة تشكيلة الجهة القضائية العليا الفاصلة في مسالة إحالة الدفع إلى المجلس الدستوري، والمتمثلة في رئيس الجهة القضائية أو نائبه عند تعذر ذلك، رئيس الغرفة المعنية وثلاثة (3) مستشارين بتعيين من الرئيس الأول لهذه الجهة (المادة 16من القانون العضوي رقم 18-16).

يرسل القرار المسبب الصادر عن الجهة القضائية العليا، بإحالة الدفع بعدم الدستورية للمجلس مرفقا بمذكرات وعرائض الأطراف، وذلك طبقا لنص المادة 17من القانون العضوي رقم 18-16.

يتم إرجاء الفصل في الطعن أمام المحكمة العليا أو مجلس الدولة إلى حين البت من طرف المجلس الدستوري في الدفع، إلا إذا تحققت حالة من الحالات المذكورة أعلاه، والتي تؤدي إلى الفصل مباشرة في الدعوى، وذلك بموجب نص المادة 18من القانون العضوي.

يتم إعلام الجهة القضائية التي أرسلت الدفع بعدم الدستورية بقرار الجهات القضائية العليا حسب الحالة، كما يتم تبليغه للأطراف في أجل عشرة (10) أيام من تاريخ صدوره، وذلك طبقا لنص المادة 19من القانون العضوي رقم 18-16.

مادامت الأحكام المتعلقة بآجال وإجراءات الدفع والمطبقة أمام الجهات القضائية التي يحكم سير الدعوى أمامها قانون الإجراءات المدنية والإدارية أو قانون الإجراءات الجزائية، فإنه سيكون من الملائم صدور تعديل لهذين القانونين يتوافق مع القانون العضوي رقم 18-16، فيما يخص تحديد شروط تقديم مذكرة الدفع وبياناتها، أثر الدفع على وقف سير الدعوى، وأثر قرار المجلس الدستوري على الدعوى محل النظر والدعاوى المماثلة.

2/ خصوصية إجراءات الدفع بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية): بداية التحول نحو قضاء دستوري

تختلف وتتميز إجراءات فصل المجلس الدستوري في الدفع بعدم الدستورية، المحال إليه من طرف جهات القضاء العليا المنصوص عليها في القانون العضوي رقم 18-16عن إجراءات فصله في الإخطارات الموجهة إليه من الهيئات الأخرى وقد أكد النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019على ذلك في المواد 4،10،26و29منه) (ج.ر عدد 42بتاريخ 30/06/2019)

وتظهر خصوصية الإجراءات من خلال الطريقة المتبعة لفصل المجلس الدستوري في الدفع بعدم الدستورية ومن خلال الضمانات التي كرسها القانون العضوي والنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري، والتي يمكن أن نعتبرها مؤشرا باتجاه تفعيل قضاء دستوري حقيقي، والتي تتجسد خلال ثلاث مراحل تتمثل في: مرحلة التحقيق في الدفع بعدم الدستورية، مرحلة تنظيم مبدأ الوجاهية وأخيرا مرحلة اصدار القرار.

المرحلة الأولى: التحقيق في الدفع بعدم الدستورية

   يملك المجلس الدستوري مدة أربعة أشهر للفصل في الدفع بعدم الدستورية طبقا لنص المادة 189بعد استقباله من طرفه قابلة للتجديد مرة واحدة، وهي مدة أطول نوعا ما مقارنة بالمدة التي حددها المشرع الفرنسي وهي ثلاثة (3) أشهر فقط بموجب المادة 23-10من القانون العضوي رقم 2009-1523، بعد أن يتم تسجيله  في السجل الخاص بالدفع بعدم الدستورية لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 11من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019،  بينما تقدر مدة الفصل في الإخطارات الأخرى بثلاثين يوما بناء على نص المادة 189من التعديل الدستوري لسنة 2016( تقابلها المادة 194من التعديل الدستوري لسنة 2020). ويتعلق مبرر وجود فارق المدة المحددة للفصل بين النوعين من الإخطارات، بخضوع إجراء الدفع بعدم الدستورية لإجراءات تحقيق ودراسة وإعمال مبدأ الوجاهية، وما يتطلبه من تبادل مذكرات وملاحظات بشأن الدفع ومرافعات، والتي تتطلب وقتا أطول مما هو الحال عليه في الإخطارات الأخرى التي تغيب فيها هذه الإجراءات.

   يكون قرار الإحالة للمجلس الدستوري، طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 11من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، مرفقا بعرائض ومذكرات الأطراف وعند الاقتضاء، بالوثائق المدعمة. ويتم بعد ذلك تعيين العضو المقرر من طرف رئيس المجلس الدستوري ومن بين أعضاء المجلس الدستوري طبقا لنص المادة 36من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، ويكون هذا التعيين سلطة تقديرية كاملة للرئيس من دون وجود اعتبارات تتحكم في ذلك، وقد بينت الممارسة في فرنسا ان اختيار العضو المقرر يتم بحسب مجال تخصصه المهني السابق على تعيينه (Disant, 2011, p. 264). وتكون مهمة العضو المقرر التحقيق في ملف الإخطار أو الإحالة. وقد بقي اسم المقرر سري في مواجهة الرأي العام منذ دخول مسألة الأولوية الدستورية حيز النفاذ في فرنسا، ولم يظهر في قرار المجلس الدستوري، وبالرغم من أن السرية هنا تحمي المقرر من الضغوطات التي يمكن أن يواجهها هذا الأخير، لكن ذلك تعارض ذلك مع نص المادة 12من النظام الداخلي للمجلس الدستوري الفرنسي، الذي تم تعديله بما يتماشى والممارسة بتاريخ 24جوان 2010 (Disant, 2011, p. 265).

   خولت المادة 37من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019المقرر جمع كل المعلومات والوثائق المتعلقة بملف الإخطار أو الإحالة، كما يمكنه  الاستعانة بأي خبير في الموضوع، بعد موافقة رئيس المجلس الدستوري، ومن دون شك سيستعين المقرر بالمصالح الموجودة على مستوى المجلس المنظمة طبقا للمرسوم الرئاسي رقم 16-201 (ج.ر عدد 43بتاريخ 17/07/2016).

المرحلة الثانية: تنظيم مبدأ الوجاهية

   قبل تكريس إجراء الدفع بعدم الدستورية لم يكن مبدأ الوجاهية مطبقا ولو في إطار ضيق، أما بعد تكريس هذا الإجراء فقد تبناه المشرع العضوي من خلال القانون العضوي رقم 18-16والمجلس الدستوري في نظامه المحدد لقواعد عمله لسنة 2019، بل توسع فيه وتناوله بشكل مفصل مقارنة بسابقه لسنة 2016.، ومبرر ذلك أن تنظيم إجراء الدفع يخضع لمطلب محاكمة عادلة وفق نص المادة 6-1من الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان، حيث اكدت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان في العديد من قراراتها، بأن الاجراء المنصوص عليه في المادة المذكورة اعلاه يطبق حتى امام القضاء الدستوري، كلما كان متعلقا بحقوق مدنية واتهامات جنائية (Maugué, 2013, pp. 81-83)والذي يتحقق من خلال العلنية وتمكين الأطراف من الاطلاع على المذكرات والملاحظات والدفوع المقدمة وحقوق الدفاع. ويتحقق مبدأ الوجاهية بواسطة مجموعة من الإجراءات الكتابية والشفهية:

  • الإجراءات الكتابية: تتمثل في الأتي:

- تبادل الملاحظات الكتابية والوثائق المدعمة: ويتم، فور تلقي قرار الإحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، إشعار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول والأطراف فورا بهذا القرار مرفقا بعرائض ومذكرات الأطراف والوثائق المدعمة، وهو ما ورد في القرار رقم 01/ق.م.د/19المؤرخ في 20/11/2019 (conseil-constitutionnel.dz)، على اعتبار أنهم معنيون بمصير الحكم التشريعي محل الدفع بعدم الدستوريةطبقا لنص المادة 12من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، وأنهم يعتبرون متدخلين بحكم القانون (Disant, 2011, p. 268)، وأن هذا الإشعار سيسمح لهم بتقديم ملاحظاتهم بناء على ما يملكونه من خبرة ودراية،طبقا لنص المادة 13من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019التي نصت على ما يلي:" يتضمن الاشعار الاجل المحدد للسلطات المعنية والأطراف لتقديم ملاحظاتهم مكتوبة مرفقة بالوثائق المدعمة الى كتابة ضبط المجلس الدستوري. وتبلغ الملاحظات للسلطات والأطراف للرد عليها في اجل ثان يمكن ان يحدده المقرر لذلك. يتم تبليغ الاشعارات والملاحظات والوثائق بكل وسائل الاتصال".  ويتم الإشعار بجميع وسائل الاتصال، حتى بالبريد الالكتروني ويكون ذلك لمحامي الأطراف، ويكون تقديم الملاحظات مقيدا بآجال محددة، لكن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019لم يحدد هذه الآجال تاركا ذلك سلطة تقديرية للمقرر طبقا لنص المادة 14من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الآتي نصها:" تستبعد الملاحظات والوثائق المرفقة التي ترسل بعد انقضاء الاجل المحدد لتقديمها".

- التدخل: أجاز المجلس الدستوري لكل ذي مصلحة في إجراء الدفع بعدم الدستورية بتقديم طلب التدخل مكتوب لرئيس المجلس، قبل إدراج الدفع في المداولة، وفي حالة الموافقة عليه يخضع الطرف المتدخل لنفس الإجراءات التي يخضع لها الأطراف طبقا لنص المادة 17من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019. ويقوم المتدخل بتقديم ملاحظاته، لكن لا يمكن اعتباره طرفا بالمعنى الدقيق للكلمة. والأكيد أن اعتبارات قبول التدخل ستتوضح من واقع الممارسة والذي مازال في بدايته في الجزائر، مقارنة بفرنسا التي قطعت شوطا كبيرا في مسألة الاولوية الدستورية، حيث افرزت الممارسة ثلاثة معايير لتقدير مدى توفر المصلحة في التدخل تتعلق إما بإثارة مسألة الأولوية الدستورية أمام القاضي، بينما هناك مسألة أولوية مماثلة قد أحيلت أمام المجلس الدستوري، أو عندما يكون المتدخل هو من الأشخاص النادرين الذين يطبق عليهم الحكم التشريعي، حيث يقدم مصلحة مباشرة، وأخيرا وجود مصلحة خاصة لإلغاء أو الإبقاء على الحكم التشريعي. كما ساهمت هذه المعايير في التحكم في كم التدخلات حتى لا تفقد خصوصيتها من جهة، وحماية مسألة الأولوية من بعض التدخلات الواسعة التي تندرج في إطار اجتماعي باسم حماية الحقوق والحريات من وجهة نظر البعض. (Disant, 2011, pp. 282-283)

  • الإجراءات الشفهية: بعد الانتهاء من تقديم الملاحظات الكتابية تأتي مرحلة الإجراءات الشفهية، وتدخل هذه الإجراءات في إطار تنظيم الجلسة وتسييرها وضبطها، وهي من اختصاص رئيس المجلس الدستوري بموجب نص المادة 22من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019أو نائبه في حالة غيابه، حيث يصدر رئيس المجلس الدستوري مقررا يتضمن ضبط سير الجلسات وتنظيم الحضور وضبط التسجيل والبث السمعي البصري والتغطية الإعلامية للجلسات بناء على نص المادة 27من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019. وقبل البدء في هذه الإجراءات، يتم تحديد تاريخ الجلسة بعد انتهاء التحقيق وجدولة الدفع بعدم الدستورية، طبقا لنص المادة 20من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، والتي أوجبت تبليغه للسلطات والأطراف المذكورة ضمن نص المادة 12من هذا النظام، وتعليق الجدول بمدخل قاعة الجلسات، كما ينشر في الموقع الالكتروني للمجلس الدستوري، وقد قام المجلس الدستوري بجدولة القضيتين الأولى رقم 2019/01المسجلة بتاريخ 23/07/ 2019والقضية رقم 2019/02المسجلة بتاريخ 23/09/2019اللتين تناولتا المسألة نفسها  أي الدفع بعدم دستورية المادة 416-1من قانون الإجراءات الجزائية على موقعه الالكتروني بتاريخ 13/11/2019 (www.conseil-constitutionnel.dz).

كرست المادة 22من القانون العضوي رقم 18-16، والنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019مبدأ علنية الجلسة، التي تتطلب ادخال تعديلات مادية لتأهيل القاعة لاستقبال الجمهور، مع إمكانية نقل الجلسة على المباشر على موقع المجلس على الانترنت، باستثناء الحالات التي قررها النظام المحدد لقواعد عمل المجلس وتتعلق بالمساس بالنظام العام والآداب العامة أو بمصلحة القصر أو بالحياة الخاصة، وذلك بطلب من رئيس المجلس أو أحد الأطراف.

يفتتح رئيس المجلس الدستوري الجلسة ويدعو كاتب الضبط لينادي على الأطراف وممثل الحكومة والتأكد من حضور محامي الأطراف طبقا لنص المادة 23من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، كما يدعو رئيس المجلس العضو المقرر لتلاوة تقريره حول الدفع بعدم الدستورية. ويطلب من الأطراف عن طريق محاميهم إبداء ملاحظاتهم الشفوية، التي اشترط فيها النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ان تكون باللغة العربية وأثناء الجلسة، ثم تمنح الكلمة لممثل الحكومة لتقديم ملاحظاته، ومنه سيتم تبادل العرائض وطرح أسس وحجج كل طرف، وبذلك يمكن ضمان تطبيق قواعد محاكمة عادلة (عباس، 2016، صفحة 47)، وضمان الموازنة بين حقوق الأطراف ويسمح ذلك من ناحية ثانية  بإثراء وتعميق النقاش الدستوري وبداية التحول نحو قضاء دستوري.

ولا يؤثر انقضاء الدعوى التي تمت بمناسبتها إثارة الدفع بعدم الدستورية، لأي سبب كان، على الفصل في الدفع بعدم الدستورية المثار أمام المجلس (المادة 23من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019).

 وفي الأخير يدرج رئيس المجلس الدستوري الدفع عند نهاية الجلسة في المداولة، التي لا يشارك فيها إلا الأعضاء الذين حضروا جلسة الملاحظات الوجاهية التي خصصت للدفع بناء على المادة 26من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019.

المرحلة الثالثة: اصدار القرار

يفصل المجلس الدستوري بقرار في الحكم التشريعي موضوع الدفع بعدم الدستورية، وقد اشترطت المادة 40من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري نصاب الحضور لصحة مداولات المجلس الدستوري وهو تسعة (9) من أعضائه على الأقل، وتكون المداولة في جلسة مغلقة. يصدر القرار بأغلبية أعضائه وفي حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس.

- مضمون القرار: يتضمن القرار أسماء الأطراف وممثليهم وتأشيرات النصوص التي استند إليها المجلس والملاحظات المقدمة إليه حول الحكم التشريعي وتسبيب القرار، كما يتضمن أسماء وألقاب وتوقيعات أعضاء المجلس الدستوري المشاركين في المداولة بموجب المادة 30من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019. ويكون القرار معللا وفقا لنص المادتين 189في فقرتها الثانية من التعديل الدستوري و46من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019.

ويكون مضمون القرار إما تأكيد دستورية الحكم التشريعي، ومنه الإبقاء عليه ضمن المنظومة القانونية وإما عدم دستوريته، وهو ما ثبت من قرار المجلس الدستوري بعدم دستورية الحكم التشريعي الوارد في الفقرة الأولى من المادة 416من قانون الإجراءات الجزائية (الحالة الثانية)، حيث قرر المجلس الدستوري في قراره رقم 01/ق.م د/د ع د/19 أولا: التصريح بالمطابقة الجزئية للمادة 416من قانون الإجراءات الجزائية؛ ثانيا: عدم دستورية الحكم التشريعي الوارد في الفقرة الأولى من المادة 416في شطرها الأول "إذا قضت بعقوبة حبس أو غرامة تتجاوز 20000د ج بالنسبة للشخص الطبيعي"؛ ثالثا: عدم دستورية الحكم التشريعي الوارد في الفقرة الأولى من المادة 416...و100000د ج بالنسبة للشخص المعنوي. رابعا: عدم دستورية الحكم التشريعي في الفقرة الثانية من المادة 416... القاضية بعقوبة الحبس بما في ذلك المشمولة بوقف التنفيذ.ومن قراره الثاني، القرار رقم 01/ ق م د/دع د/ 20المؤرخ في 06/05/2020،بدستورية المادة 496ف6من قانون الاجراءات الجزائية (الحالة الاولى) (ج.ر عدد 34بتاريخ 07/06/2020).

- أثر القرار: أعطى المؤسس الدستوري المجلس الدستوري السلطة التقديرية لتحديد التاريخ الذي يفقد ابتداء منه الحكم التشريعي أثره في قراره الذي يصدره، والذي حدد في القرار رقم 01/ 19كالآتي "الغاء الأحكام التشريعية المقرر عدم دستوريتها فورا". يكون المؤسس الدستوري بهذا التعديل قد وسع من صلاحيات المجلس الدستوري، ويفسر ذلك بمراعاة دواعي الأمن القانوني، وإعطاء البرلمان الوقت الكافي لإعداد تشريع يصحح الملغى بسبب عدم دستوريته (Maugué, 2013, pp. 221-223)، أما أثر القرار على الخصومة المثار بشأنها الدفع  فيكون فوريا. لكن يبقى السؤال المطروح بشأن الخصومات القضائية المماثلة المطروحة أمام الجهات القضائية وقت صدور هذا القرار؟ ننتظر اجتهادات المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية مستقبلا) لتوضح ذلك.

- تبليغ القرار: يبلغ القرار إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا أو رئيس مجلس الدولة، حسب الحالة في أجل أقصاه ثمانية (8) أيام، ويعلم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الامة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول بذلك القرار، وذلك وفقا لنص المادة 32من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019. الواضح أن التبليغ يخص الجهات القضائية التي أثير الدفع أمامها، أما الإعلام فيخص مؤسسات الدولة، لأن القرار يتعلق بمدى دستورية نص كانت هي المشرفة على إصداره وتطبيقه.

خاتمـة

يعد التعديل الدستوري لسنة 2016المكرس لآلية الدفع بعدم الدستورية ومن بعده التعديل الدستوري لسنة 2020خطوة هامة، في مسار نظام الرقابة على دستورية القوانين، نحو تأسيس قضاء دستوري إذا ما تم تفعيله.

وكانت النتائج والاقتراحات المتوصل إليها على مستويين كالآتي:

  • المستوى الأول يتعلق بإحداث تغيير في أسلوب تحريك الرقابة ومجالاتها:

1/ توسيع آلية الإخطار إلى أطراف الدعوى قد وسع في دائرة الأشخاص الذين يمكنهم تقديم الدفع بعدم الدستورية إلى (الأشخاص الطبيعية، المعنوية – المواطنين والأجانب...). وبالتبعية سيساهم في تمكين الفرد من حقوقه وحمايتها من تعدي السلطة التشريعية عليها، وتنقية النظام القانوني من القوانين غير الدستورية، وهي إضافة تحسب له، لكن من ناحية أولى، مازال الغموض يميز عبارة الحقوق والحريات المضمونة بالدستور، إذا ما كان المقصود بها تلك المكرسة في الوثيقة الرسمية (وهو التفسير الضيق للنص)، أم تلك المكرسة في الديباجة والنصوص الأخرى التي يحيل إليها هذا الأخير، ننتظر صدور قرارات من المجلس الدستوري وبعده المحكمة الدستورية لتوضح ذلك. ومن ناحية ثانية، تضييق المؤسس الدستوري لمجال الأحكام التشريعية التي تكون محلا للدفع بعدم الدستورية في إطار القوانين العادية فقط من دون القوانين العضوية، الأوامر والتنظيمات ليس له مبرر معقول، وهو ما استدركه التعديل الدستوري لسنة 2020بالنسبة للحكم التنظيمي (المادة 195منه).

2/ إقحام القضاء في مجال الرقابة على الدستورية بواسطة نظام الإحالة، بتطبيق نظام التصفية على درجتين مثيل لذلك الذي كرسه المشرع الفرنسي سيسمح من جهة، بإقصاء الدفوع غير الجدية، الكيدية أو غير المؤسسة المقدمة من أطراف الدعوى، ومنه تخفيف العبء على المحكمة الدستورية، ومن جهة ثانية، وبموجب الاستثناء المتعلق بحالة تغير الظروف، يمكن إحالة الدفع المتعلق بشأن حكم تشريعي، سبق الفصل في مدى دستوريته من طرف المحكمة الدستورية، إليه في حال تعديل الدستور مثلا. في انتظار صدور قرارات من المحكمة الدستورية تقدم نماذج أو حالات لذلك، تشكل اجتهادا دستوريا.

3/حصر نظام الرقابة اللاحقة على الدستورية في إطار الدفع بعدم الدستورية، مع إقصائها بالنسبة للرقابة بواسطة الإخطار الموجه من طرف الهيئات الأخرى بموجب نص المادة 187من التعديل الدستوري السابق، خصوصا بالنسبة للقوانين العادية، الأوامر والتنظيمات، افتقد للمنطق الذي أسس عليه هذا الإقصاء، في مواجهة عدم تفعيل إجراء الدفع بعدم الدستورية بشكل واسع، ولأن أساس هذا الأخير هو انتهاك الحقوق والحريات من دون الاعتبارات الأخرى لعدم الدستورية،وهو ما يمكن أن يؤثر على تفعيل الرقابة.  وهو ما تم استدراكه ضمن التعديل الدستوري لسنة 2020بالنسبة للأوامر والتنظيمات (مع سقوط كلمة أوامر ضمن نص المادة 190ف3منه بمقابلته مع نص المادة 198ف3).

  • المستوى الثاني: يتعلق بإضفاء خصوصية على آجال وإجراءات الفصل في الدفع بعدم الدستورية:

1/ تم ضبط الآجال والإجراءات بواسطة القانون العضوي رقم 18-16بشكل دقيق ومعقول بما لا يدع مجالا للتأويل وإطالة أمد الفصل في الدعاوى. وقد أضفى المشرع الجزائري بذلك خصوصية وتميزا عليها سواء على مستوى ممارسة الدفع أمام الهيئات القضائية بنوعيها الدنيا والعليا، أو على مستوى المجلس الدستوري، حيث تحولت إجراءات الفصل في دستورية نص ما من السرية إلى العلنية، وسمح تكريس مبدأ الوجاهية للأطراف بالإطلاع على المذكرات والملاحظات والدفوع وتبادل الحجج مع الاستعانة بمحامي، ومنه إمكانية التحول مستقبلا نحو قضاء دستوري فعلي يسمح في إطاره بتعميق النقاش الدستوري. ولكن سيكون من الملائم صدور تعديل لكل من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وقانون الإجراءات الجزائية يتوافق مع القانون العضوي الجديد المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية، فيما يخص تحديد شروط تقديم مذكرة الدفع وبياناتها، أثر الدفع على وقف سير الدعوى، وأثر قرار المحكمة الدستورية على الدعوى محل النظر والدعاوى المماثلة.

2/ وسع المؤسس الدستوري بهذا التعديل من صلاحيات المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية)، من خلال منحه السلطة التقديرية لتحديد التاريخ الذي يسري ابتداء منه إلغاء الحكم التشريعي في قراره الذي يصدره، ويفسر ذلك بمراعاة دواعي الأمن القانوني، على اعتبار حتمية الاستمرار في العمل بالنص الملغى في بعض الحالات، ولإعطاء البرلمان الوقت الكافي لإعداد تشريع يصحح الملغى بسبب عدم دستوريته (وقد حافظ التعديل الدستوري لسنة 2020على نفس الحكم).

 سيتأكد أثر التكريس الدستوري لآلية الدفع بعدم الدستورية على نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر في حالة وجود ممارسة جدية لهذه الآلية من قبل أطرف الدعاوى بواسطة محاميهم، بشرط توفر التأهيل والحياد المطلوب من جانب القضاة، الذي سيدعم عقلنة عملية إحالة الدفوع للمحكمة الدستورية، والذي سيساهم بدوره في إثراء الفقه الدستوري في هذا المجال.

أولا: قائمة المراجع باللغة العربية

1/ الكتب

  • الشوابكة محمد عبد الله، (2012)، رقابة الامتناع على دستورية القوانين دراسة مقارنة، دار الثقاقة للنشر والتوزيع، عمان.
  • قاسم جعفر محمد أنس، (1999)، الرقابة على دستورية القوانين "دراسة مقارنة تطبيقية"، الطبعة الثانية، دار التهضة العربية، القاهرة.

2/ المقالات والدراسات

  • اليعقوبي علي عيسى، (2012)، تعديل 23 تموز 2008 الدستوري وأثره في تطور الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا"، مجلة العلوم القانونية، جامعة بغداد، المجلد 27.
  • بوزيان عليان، (2013)، "ألية الدفع بعدم الدستورية وأثرها في تفعيل العدالة الدستورية"، مجلة المجلس الدستوري، العدد 2-.
  • حسكر مراد بن عودة، (2019)، "الدفع القضائي بعدم الدستورية كضمانة لنفاذ القواعد الدستورية للحقوق والحريات"، مجلةمعالم للدراسات القانونية والسياسية، مجلد 3، عدد 2.
  • حمريط كمال، (2018)، "الدفع بعدم الدستورية لقوانين في التعديل الدستوري الجزائري لسنة 2016: دراسة مقارنة"، مجلة العلوم القانونية والاجتماعية، جامعة زيان عاشور، الجلفة، العدد التاسع.
  • كوسة عمار، (2018)، "آلية إخطار المجلس الدستوري في الجزائر من نظام الاخطار المقيد إلى نظام الاخطار الموسع"، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عباس الغرور، خنشلة، العدد 9.
  • عباس عمار، (2016)، انفتاح القضاء الدستوري على المتقاضين ومساهمته في تنقية النظام القانوني، مجلة المجلس الدستوري، العدد 7.
  • يعيش تمام ودنش رياض، (2016)، "توسيع إخطار المجلس الدستوري ودوره في تطوير نظام الرقابة الدستورية: مقاربة تحليلية في ضوء التعديل الدستوري الجزائري لسنة 2016"، مجلة العلوم القانونية والسياسية، جامعة الوادي، العدد 14.
  • روابجمال،(2017)، "الدفع بعدم دستورية القوانين، قراءة في نص المادة 188 من الدستور الجزائري"، مجلة الدراسات الحقوقية، مجلد 4، العدد 1.
  • ذوادي عادل، (2017)، "الدفع بعدم الدستورية كآلية لحماية المكلفين بالضريبة في الجزائر بعد التعديل الدستوري لسنة 2016"، مجلة العلوم القانونية والسياسية، جامعة الوادي، عدد16 جوان.

4/ النصوص القانونية والتنظيمية

  • التعديل الدستوري لسنة 2016 بموجب القانون رقم 16-01 المؤرخ في 6 مارس 2016، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد 14، بتاريخ 07-03-2016.
  • التعديل الدستوري لسنة 2020 بالمرسوم الرئاسي رقم 20-442، المؤرخ في 30/12/2020 يتعلق باصدار التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر سنة 2020، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد 82، بتاريخ 30- 12-2020.
  • القانون العضوي رقم 18-16 المؤرخ في 07/03/2018، يحدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبيةعدد 54 بتاريخ 05/09/2018.
  • النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2019، 12/05/2019، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبيةعدد 42 بتاريخ 30/06/2019.

ثانيا: المراجع باللغة الأجنبية

1/ Ouvrages

Bertrand Mathieu, (2013), Rousseau Dominique, les grandes décisions de la question prioritaire de constitutionnalité, L.G.D.J, Paris.

Disant Mathieu, (2011),droit de la question prioritaire de constitutionnalité, cadre juridique pratiques jurisprudentielles, Lamy, Paris.

Maugué Christine Stahl Jacques-Henri, (2013), la question prioritaire de constitutionnalité, 2E édition, DALLOZ, Paris.

Xavier Magnon (sous la direction), (2011), QPC la question prioritaire de constitutionnalité pratique et contentieux, litec, Paris.

2/ Webographies

Le conseil constitutionnel, la question prioritaire de constitutionnalité ; www.conseil-constitutionnel.fr/conseil-constitutionnel/root/bank_mm/QC/plaqelle_qpc.pdf (16-05-2018).

Bonnet Julien, le control de la loi par le juge ordinaire ou les carences de la question préjudicielle en appréciation de la constitutionnalité des lois, http://www.droitconstitutionnel.org., (01-12-2018).

Marthe Fatin-Rouge Stefanini, le filtrage opéré par le conseil d’Etat, rapport de recherche Aix-Marseille université, France, 2013, http://halshs.archives-ouvertes.fr.pdf.MFRS, (24-11-2019).

Sites interne tes

www.legifrance.gouv.fr

http://www.conseil-constitutionnel.dz.

@pour_citer_ce_document

الهام خرشي / وردة خلاف, «أثر التكريس الدستوري لآلية الدفع بعدم الدستورية على نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 09-23,
Date Publication Sur Papier : 2022-04-27,
Date Pulication Electronique : 2022-04-27,
mis a jour le : 05/05/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=8490.