مظاهر الصراع بين الأجيال في مؤسستي الأسرة والجامعة- عناصر نظرية في مقاربة الواقع الجزائري-Generational conflict aspects within the institutions of family and university. Theoretical elements in approaching the Algerian reality.
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 19-2022

مظاهر الصراع بين الأجيال في مؤسستي الأسرة والجامعة- عناصر نظرية في مقاربة الواقع الجزائري-

Generational conflict aspects within the institutions of family and university. Theoretical elements in approaching the Algerian reality.
ص ص 278-289
تاريخ الإرسال: 2019-07-21 تاريخ القبول: 2020-12-22

عبد الرزاق أمقران / إسمهان مانع
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يدرس المقالمظاهر الصراع بين جيلي الآباء والأبناء في مؤسسة الأسرة الجزائرية، وبين جيلي الأساتذة والطلبة في مؤسسة الجامعة؛ والتي تعكس في جوهرها الاختلاف و/التناقض في أنماط التفكير، وأجهزة القيم، ومعايير السلوك بين أجيال تعيش الحقبة الزمنية نفسها ولكنها تملك تصورات، ومواقف متنافرة.  من هذا المنطلق يسلط المقال الضوء على ظاهرة صراع الأجيال عبْر دراسة أبعاد المفهوم على المستوى الغربي، العربي، والمحلي اعتمادا على التنظير السوسيولوجي الذي يتيح إبراز دلالات وأبعاد الظاهرة، والكشف عن دور بعض المتغيرات الاجتماعية في إثارة الصراع بين الأجيال. وعليه قراءة الأدبيات المهتمة بظاهرة صراع الأجيال التي أتاحت فرز مجموعة من العناصر التحليلية وُظّفت لاحقا في مقاربة الواقع الجزائري من الزاوية المقترحة في المقال، الأمر الذي أفضى إلى مجموعة من النتائج المؤقتة، تمت مناقشتها بشكل مركز بما يخدم غايات المقال.    

الكلمات المفاتيح

صراع الأجيال، الأسرة، الجامعة، الواقع الجزائري

Notre papier étudie les aspects du conflit des générations présentes au sein de la famille algérienne entre les parents et leurs enfants, d’une part, et au sein de l’université entre les enseignants et les étudiants d’autre part. Ce conflit exprime l’opposition et la contradiction existant entre deux générations vivant dans la même époque mais ayant des représentations et des positions opposées au niveau des modes de pensée, le système des valeurs et les normes de comportement. C’est à partir de cet angle d‘attaque que notre papier se penche sur les dimensions du concept qui s’appuie sur la littérature sociologique occidentale, arabe et locale, ce qui a révélé les signifiances et les dimensions liées au phénomène étudié, ainsi que quelques variables sociales et leur rôle influent. Par conséquent, cette littérature nous a permis de dégager un ensemble d’éléments analytiques que nous avons exploités dans l’approche de la réalité algérienne pour obtenir enfin de parcours quelques résultats temporaires discutés conformément aux objectifs de l’étude.

Mots clés :    Le conflit des générations, la famille, L’université, la réalité algérienne

The paper deals with the generational conflict occurring firstly within the Algerian family institution between parents and their children, and secondly within the university between teachers and students. A conflict reflecting the opposition and contradiction embodied in the frames of thinking, values apparatus and norms of behavior, between two generations living in the same era but with colliding representations and positions. According to this angle, the paper scrutinizes generational conflict phenomenon through dealing with the concept dimensions as elaborated in Western and Arab worlds and locally too, sustained in this task by sociological accounts revealing the significances and dimensions and some variables related to the phenomenon. Consequently, the literature contributed in defining some analytical components used in the second stage in approaching the Algerian reality. A step, which led to some outcomes, discussed according to the paper aims.

Keywords:generational conflict, the family, the university, Algerian reality

Quelques mots à propos de :  عبد الرزاق أمقران

جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، amokrane60@hotmail.fr

Quelques mots à propos de :  إسمهان مانع

[1]، جامعة محمد لمين دياغين سطيف2، manaismaahane@gmail.com
[1]المؤلف المراسل

مقدمة

صراع الأجيال من الأطاريح الفكرية التي عرفت رواجا كبيرا في الفضاء الأكاديمي في العقود الأخيرة وبخاصة في العالم الغربي وتجسدت في أشكال مختلفة. أحيا الجدل والنقاش اللذان حددا ملامح الأطروحة الأعمال الرائدة في هذا الموضوع فطرحت من جديد قضايا التصادم والتناقض بين جيلي الشباب وكبار السن والتمثُلات التي يملكانها تجاه بعضهما.

مكننا تتبع بعض الأدبيات التي أفرزها النقاش الوقوف على جملة من العناصر التحليلية، رشحناها لأن نبني عليها المقاربة التي نقتحم بها ظاهرة صراع الأجيال كما تحضر في الواقع الجزائري.

لا يخفى على الدارسين للمجتمع الجزائري أمر التحولات العميقة والمتسارعة التي تطال كل مناحي الحياة فيه، وما الصراع الجيلي على مستوى الأسرة والجامعة إلا مظهر قوي من مظاهره، صراع جيلي يكشف طموح الشباب، سواء أتمتعوا بمكانة الأبناء أم الطلبة، نحو مساءلة الوضع القائم منتقدين واقعا لا يهتم بهم ويتجاهل حاجياتهم الحيوية ويقف معيقا في وجه تحقيق أمالهم. التهمة موجهة في المقام الأول للكبار على اختلاف مراتبهم وأدوارهم الاجتماعية إذ يحملونهم مسؤولية الهشاشة التي يعانون منها.

أما كبار السن فيدافعون عما يؤمنون به من موقع العارف بالأمور، ومن ملك الخبرة، والتجربة في الحياة، مجاهرين بنسق من المسوغات التي تدحض برأيهم حجج الشباب، وبالتالي؛ ونظرا لاتساع الهوة بين الجيلين في المجتمع الجزائري في العقود الأخيرة، انسحب الصراع ليغطي أطيافا عديدة من القضايا؛ يلفها دوما سوء التفاهم الحاد والخصومة، وقد تحل العداوة بينهما في وضعيات شديدة الحساسية. جيلان يختلفان في مسألة اللباس، الأكل، أوقات العودة للبيت، جماعة الرفاق، الحضور في الوقت للحصص البيداغوجية، آليات النجاح في الدراسة وغيرها من الاختلافات.

استقطاب حاد في المواقف، تتبعه ممارسات تعزز يقينيات كل طرف، والنتيجة المنطقية لهذا الوضع هو: المزيد من الاحتقان والمواجهة المضرة لاستقرار الأسرة والجامعة.

على ضوء ما تقدم أعلاه؛ يتبين أن: المقال له غاية التفكير في كيفية توظيف العناصر التحليلية التي أفرزتها قراءتنا التي استهدفت قصدا مجموعة من الأدبيات المتفصلة مع موضوع الصراع الجيلي في فهم واقع الظاهرة التي لم تحظ بالاهتمام المناسب عند الباحثين في المجتمع الجزائري.

وعليه نصيغ التساؤل الرئيس للبحث على النحو الآتي: ما هي العناصر التحليلية ذات الطبيعة النظرية والحاضرة في الأدبيات التي اهتمت بظاهرة صراع الأجيال عالميا ومحليا، التي من شأنها الإسهام في مقاربة واقع الظاهرة في الجزائر؟

أولا/ الصراع بين الأجيال: قراءة في أبعاد المفهوم

يندرج تحديد مفهوم صراع الأجيال (Le conflit du générations) في إطار نسق متشعب من الدلالات والمعاني ناتج عن طابع التخصص الذي يميز الاتجاهات النظرية في حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية، وعليه فإن المقاربات النظرية والمنهجية تختلف كيفيا بحكم اتجاهاتها المتخصصة في تناولها للمفهوم،وهو ما يجعل من الصعوبة بما كان وضع  تعريف موحد للصراع الجيلي من جهة وللاتجاهات النظرية التي تناولت المفهوم من جهة ثانية، وعليه يظهر الاختلاف والتباين بين المشتغلين في ميدان العلوم الاجتماعية بصفة عامة، والدائرة البحثية المتخصصة في دراسة المسألة الجيلية على وجه الخصوص في تقديم تعريف موحد ونهائي لمفهوم صراع الأجيال.

ويكاد تعبير صراع الأجيال في بعض الأدبيات أن يكون نقيضا للصراع الطبقي على لسان الدكتور غالي شكري، وبخاصة أنه يمثل الشكل الحديث الملائم لروح العصر وتحدياته، وهو صراع بين جيل الكبار و/ جيل الشباب،  كون المتغيرات الحاصلة في عالمنا الحالي مزيجا مركبا من عناصر أشمل بكثير من الصراع العضوي للأجيال، والتي تتعداه إلى الصراع الاجتماعي ذلك أ ن اتساع الفجوة بين الأجيال ما هو إلا محصلة للمتغيرات الاجتماعية ذاتها، والثورة التكنولوجية بما حذفته، وعدلته، وأضافته للتصورات الفكرية والقيمية والمفاهيمية وإلى المناخ النفسي للأفراد والمجتمعات على حد السواء.(غالي شكري ،1994،6-8)

وكثيرا ما نجد تداول مصطلح صراع الأجيال في الحياة الثقافية بالمعنى الزمني، في حين المفهوم يتجاوز في معناه هذه الدلالة الأحادية الاتجاه إلى دلالة ثنائية تميز بين تجربتين، تجربة تشكلت وفرضت قيمها الفكرية، وعليه فصيرورة هذه التجربة وتحولاتها التي تتداخل فيها، عوامل متعددة تشكل سياقها العام، وتجربة في طور التشكيل وهنا يحدث الاختراق، ويغيب مفهوم الجيل عن استكمال معناه ودلالته على المستوى الزمني، ما يفسر تشكيل ملامح عامة تتسم بها شخصية كل جيل.( محمد عز، د س ،3) أما بالنسبة لعلماء الاجتماع والتربية فيعرف على أنه " الاختلاف في الرؤى بين الجيلين ،جيل الشباب وجيل الكبار واضطراب العلاقة بينهما وتأزمها"( غدير سالم، 2018،http://elaph.com/web/Elaphwriter /368795)

وهو ما يتناسب مع كتابات العالم الاجتماعي كارل منهايم من خلال قوله "إنّ الاختلاف بين الأجيال يبرز بشكل جلي أثناء انتقالهم إلى مرحلة الشباب والتي من شأنها العمل على خلق الهوة بين الأجيال سواء على مستوى مؤسسة الأسرة أو باقي مؤسسات المجتمع"، وعليه ظهرت النظرية الاجتماعية للفجوة بين الأجيال عندما بدأ الجيل الجديد بمعارضة جميع معتقدات آبائهم السابقة في مجال الموسيقى والقيم، والآراء السياسية. (السيد عبد العاطي السيد ،1987، 29)

وفي ذات السياق يؤكد الباحثون السوسيولوجيون المتخصصون في دراسة المسألة الجيلية على أن صراع الأجيال أو الفجوة بينهم يمثل عائقا وظيفيا لعملية التنشئة الاجتماعية، ينتج عن اختلال التكامل بين فئات المجتمع وجماعــــــــــات العمر المختلفة، ويمثل الشبــــــــاب هنا مرحلة إعداد لأدوار البالغين على أساس تقسيم العمل الاجتماعي وهنا يبرز اختلاف المجتمعات من خلال نسقها القيمي والثقافي في طبيعة وإجراء هذا الإعداد، وهذا ما يجعل الشباب يتبنون قيما تجسد حاجاتهم وتعبر عن طموحاتهم بعيدة في معظمها عما تقدمه الأسرة والمؤسسات التعليمية بمختلف أطوارها.( المرجع السابق، 56)

ويختلف الباحثين في تعريفهم لمفهوم الصراع بين الأجيال فمنهم من يراه يعبر عن الصراع بين الأعمار بمرجعية الزمن، والذي يترجم في جوهره صعوبة التواصل والاشتراك في الأفكار والقيم وأساليب التربية وتباين الآراء ووجهات النظر أين يصبح النزاع أمر لا مفر منه ومنهم من يتجاوز هذا التعريف على اعتبار أن الصراع بين الأجيال ليس فقط هو ذلك الاختلاف أو التغاير في المفاهيم والقيم والسلوك والنظرة العامة إلى الحياة الذي ينشأ ويلاحظ بين جيل الكبار عامة وجيل الناشئة والشباب، بل إن هذا الموضوع يمس مجالات حساسة وهامة جدا في حياتنا كالاقتصاد والسياسة والتعليم والإعلام. (سمير إبراهيم الحسن، 2003، 108)

وعلى مستوى الكتابات العربية يرى الباحث غريب زكي أن " الصراع بين الأجيال يجسد التفاعل بين علاقات وعناصر ومكونات المجتمع، وهو ما يجعلها ظاهرة ثقافية واجتماعية تعيشها جل المجتمعات، دون إغفال الجانب الإيديولوجي على اعتبار أن الصراع يكون بين جيل راديكالي محافظ يتجسد في فئة كبار السن وجيل من الشباب يدعو إلى الحداثة والمعاصرة ". (غريب زكي، 2016، 65)

أما  معن خليل عمر فيرى  أنه توجد فجوة أو هوة بين الجيل السابق والجيل الحاضر بسبب اختلاف أجيالهما أي أن كل جيل يحمل قيما  تعكس المرحلة العمرية التي عايشها ،وتكون مختلفة عن قيم الجيل الذي سبقه وهذه الحالة  طبيعية في حساب التطور، إلا أن بعض الآباء يلزمون أبناؤهم بالامتثال وطاعة قيمهم ومعاييرهم التي نشؤا وتربوا عليها دون مراعاة الزمن الذي يعيشونه الآن؛ والمختلف في معاييره وقيمه ،فنتج عن ذلك انقطاع جيلي مرده اعتماد الوالدين في تنشئة أبنائهم على أسس لا تعكــس روح العصر أو لا تمثل زمانهـــم بل ترجــع إلى ما مضى وهكذا لا يحصل الانسجام في عمليـة التنشئة". (معن خليل عمر،1994،89)

وهو ما يتفق مع تعريف فيصل الغرايبة الذي يرى أن " الصراع بين الأجيال ينطوي على تناقض الآراء وتنافر التصرفات بين الجيلين وهو الأمر الذي ازداد حدة في العصر الحديث."(فيصل الغرايبة،2018، http://alrai.com/article/10453144http://alrai.com/article/10453144)

مما تقدم نسجل أنه رغم تعدد دلالات المفهوم إلا أنها تتقاطع جميعها في فكرة مركزية تتضمن خصائص الصراع الجيلي، و لا تخرج عن نطاق العلاقات المتنازعة، مع الاختلاف في الأفكار، والقناعات، ووجهات النظر، والتي تعكس نمط التفاعل بين الأفراد ضمن جماعات العمر المختلفة، وعليه نجد أن مسألة التعريف بصراع الأجيال لا تقتصر على ما تحملـــــــــــــه التسمية من دلالات فقط ، بل الأمر يتعـــــــــدى ذلك إلى رصد واقع العلاقة الاجتماعية والثقافية والتاريخية بين الأجيال، وبشكل أدق بين جيل الكبار و/جيل الشباب على أساس نوع من الاختلاف القيمي، والفكري، والسلوكي ،كون المسألة تحمل في ثناياها أبعادا مختلفة وهوأهم ما يرسخ الصراع بين الأجيال، ويزيد من حدته، ويرســـــــــــــــــــم معالم هوية كل جيل، ويجعله مختلفا عن سابقه.

بناءعلى هذه التعريفات يمكن أن نخلص إلى تقديم تعريف إجرائي لمفهوم صراع الأجيال والذي يعني؛ التناقـــض والتصادم الحاصل راهنا حول النسق القيمي والفكري والسلوكي الأنسب بين فئة الشباب الجزائري التي تشغل مكانة الأبناء في فضاء الأسرة ومكانة الطلبة في فضاء الجامعة، وفئة الكبار التي تشغل مكانة الآباء في فضاء الأسرة ومكانة الأساتذة في فضاء الجامعة.

ثانيا/الأبعاد البنائية للصراع بين الأجيال

  • في المجتمعات الغربية

يقوم الصراع عند كارل منهايم Karl Mannheimعلى التغير الاجتماعي الذي يحصل في البناء الاجتماعي نتيجة الصراع أو التطاحن الذي يقع بين الطبقات، والأجيال، أو الفئات الاجتماعية، والسياسية، والدينية المتصارعة فيما بينها للوصول إلى دفة الحكم، أما القاعدة أو الأساس الذي تستند عليه عملية التغير الاجتماعي فهو الفكر أو العقيدة، وهو المنطق الذي يتناقض كل التناقض مع القاعدة أو الأساس المادي، ويُعدّ منهايم من علماء الاجتماع الأوائل الذين تخصصوا في حقل علم اجتماع المعرفة وطوروه وأضافوا إليه كثيرا وبخاصة ما تعلق بدراسة العلاقة التفاعلية  بين البنى التحتية والفوقية للمجتمع، ودور البناء والبيئة الاجتماعية في ظهور ونضج الفكر، وعلاقة هذا الأخير بتنمية أو تخلف المجتمع. (السيد عبد العاطي السيد، 1987، 63)

ويعد كارل منهايم أول من أشار إلى فكرة الوحدات الجيلية التي كانت تمثل حجر الزاوية في رؤيته لمشكلات الفجوة ما بين الأجيال ويعرف وحدة الجيل على أنها "عبارة عن جماعة عمر بيولوجية تتميز بعدد من الخصائص" أهمها:

- أنها تشغل موقعا أو مكانا مشتركا في العملية الاجتماعية والتاريخية يحدد لها مجالا خاصا من الخبرات والتجارب المحتملة ويعدها لنمط متميز من التفكير وأسلوب خاص من العمل.

- أنها تشترك في المصير نفسه أو المصلحة وبخاصة ما يتعلق بالمكانة السوسيو اقتصادية.

- أنها تكشف لنا عن وحدة الاستجابات أي عن طريقة يتحرك الكل من خلالها لتشكل في النهاية تجاربهم وخبراتهم.

إن وحدة الجيل بهذا المعنى هي أكثر من مجرد جماعة عمر بيولوجية وأكثر من مجرد شلة عمرية، إنها ببساطة ليست تجمعا من أفراد ذات أعمار متساوية أو متقاربة، بل هي وحدة اجتماعية ترتبط فيما بينها بموقع أو مكانة بنائية مشتركة، وبنسق ثقافي مشترك وبوعي ذاتي على درجة كبيرة من التضامن والتفاعل الاجتماعي بين أعضائها، ومع أن وحدة الجيل تنشأ في الأصل كرد فعل أو كاستجابة للتغيرات المجتمعية، إلا أنها ما إن تتكون حتى تصبح بدورها عاملا لمزيد من التغيرات، وهو السبب الذي دفع منهايم إلى أن يعدّ ظهورها بمثابة نذير بلا استمرارية للعملية الاجتماعية أو تغيرها، وعندما يتبلور الوعي بوحدة الجيل عند الشباب سرعان ما يوسع من قاعدته، ويكون أسلوب جيل جديد منفصل عن – وربما يعارض – الأسلوب السائد لجيل البالغين أو الكبار. (المرجع السابق، 28-29)

مما تقدم؛ تبرز أهمية "وحدة الجيل" عند منهايم كجماعات تتعامل مع معطيات خبرتها العامة، أو تجربتها المشتركةبطريقة مختلفة ومتميزة، غير أن هذه الخبرة الجماعية تكون أكثر كثافة في فترات التغير الاجتماعي، وهو ما يفسر أنه كلما زادت معدلات التغير كلما اتسعت الفجوة بين وعي الأجيال المختلفة، أي بحث الشباب عن مكانة في المجتمع أكثر من وقوفه ضد النظام الاجتماعي القائم.

وانطلاقا من ذلك نلمس إيمان كارل منهايم بتأثير جيل الشباب في توجيه التغير الاجتماعي وهو النموذج القائم  في ذهنه عندما صاغ فكرته السابقة عن حركة ظهرت سنة 1901بين جماعة صغيرة من المراهقين في برلين وسرعان ما أيدها عدد كبير من شباب الطبقة الوسطى في ألمانيا سنة 1914، والصيغة التي قدمها وفقت في أن تتجاوز ما هو أبعد من المعنى الواسع الذي استخدم به مصطلح الجيل حتى عصره، كما لفتت الأنظار إلى ضرورة البدء في تحديد المستويات اللازمة للتحليل عند طرح المشكلة ، وهو ما جعله يؤكد على أن الصراع بين الأجيال وخاصة الصراع بين جيل الشباب وجيل متوسطي العمر(الآباء)، والصراع بين الجيل الأخير(الأجداد) يرجع إلى الفوارق والاختلافات في الأفكار والمصالح، والقيم، والاتجاهات، والميول، وكلها أسباب تتعلق بالفوارق العمرية، ذلك أن جيل الشباب يؤمن بالحركة الدؤوبة والسرعة في أداء العمل، والتغير، والتجديد، ومواكبة روح العصر، بينما يكون الكبار بطئي  الحركة وقليلي السرعة  إلى جانب كونهم لا يؤمنون بالتجديد بل بالمحافظة على الوضع والتمسك بالماضي، والتشبث بتفصيلاته، وحيثياته وروحه. (المرجع السابق، 30)

من جهته يرى العالم أدغار موران أن الثورة ما هي إلا تعبير عن حاجة جيل الشباب إلى التحرر من قيود المجتمع وفئة الكبار فيه، وهي تمثل الإرهاصات الأولى لميلاد ما يعرف بالصراع بين الأجيال، والتساؤل الرئيسي لموران هو ما إذا كان الصراع بين جيل الشباب الثائر و/جيل الكبار المحافظ على النظام يتسم بالطابع العنيف من خلال الاستشهاد بما عاشه المجتمع الفرنسي من مشاهد عنف في ربيع باريس، والتي احتج فيها الشباب عن جملة التناقضات الاجتماعية العميقة، وضمن هذا السياق يؤكد موران أن ما يمكن أن يفسر واقع العلاقة المضطربة بين فئة الشباب وفئة الكبار دعاة العدالة في المجتمع الفرنسي يمكن إسقاطه على باقي المجتمعات، مستدلا بأن طاقات الشباب في أي مجتمع هي الرافعة الحيوية لدعوات التغيير، بخاصة إذا ما أخذنا في الحسبان أن التركيبة السكانية في البلدان النامية هي في غالبها تركيبة شابة، وهذه الوقائع من شأنها أن تكشف ذلك التفاوت القيمي والسلوكي العميق بين الأجيال الجديدة والأجيال الأكبر منها، وهو تفاوت في طريقه إلى التجذر والعمق أكثر فأكثر في ضوء التطورات المذهلة في المعارف والعلوم، ومناهج التربية، وتأثيرات وسائل الإعلام والاتصال والتي تكون فئة الشباب أكثر قابلية للتعاطي معها، والتأثر السريع بما تبثه من مواد إعلامية. (أدغار موران، وآخرون، 2002،38)

  • في المجتمعات العربية

يرى الباحث العربي عزت الحجازي في كتابه المعنون ب الشباب العربي ومشكلاته  أن المتتبع لتطور ظاهرة الصراع بين الأجيال وزيادة حدتها في العصر الحالي يجد أن الصراع بين الأجيال يبرز أكثر في حالة التغير الثقافي الواسع، الذي يؤدي بدوره إلى تغيرات اجتماعية من شأنها زيادة الهوة بين الأجيال، حيث تظهر فروق هامة بين جيل الشباب وجيل الكبار سواء من الناحية العضوية كون جيل الشباب يكمل نموه البيولوجي في هذه المرحلة العمرية في الوقت الذي يدخل فيه جيل الكبار مرحلة الفقدان التدريجي للقوة العضلية فيحس أفراد جيل الشباب بطاقات هائلة تسعى إلى أن تعبر عن نفسها بقدرات كبيرة، في حين يميل أفراد جيل الكبار إلى الاقتصاد في بذل الجهد، والمحافظة على ما تبقى من طاقات، أو من الناحية الفكرية  وما تحمله هذه الفروق من تباين في الأفكار، والقيم، والسلوكيات العامة.( عزت الحجازي، 19،1990)

وعليه يصبح الصراع بين الأجيال لا يقتصر في كونه يجسد ثورة جيل، بل الأمر يتعدى ذلك إلى تشكيله لمحطة اكتشاف ومعاناة عصر اجتماعي كامل، مع الأخذ في الحسبان أن متغيرات العصر لا تطبع كافة الانتماءات والاتجاهات والتيارات بطابعها، ليبقى الأكثر قدرة على الاستجابة لهذه المتغيرات هو الجيل الجديد، وهو ما يفسر وقوف الأجيال المتصارعة وجها لوجه أمام معادلة الزمن بأبعاده الثلاثية؛ الماضي، والحاضر، والمستقبل، وأمام تأثير قوانين المجتمع والتاريخ. (المرجع السابق، 204)

وقد ورد في دراسة للباحث المصري محمد عاطف غيث أن الإنسان العربي نشأ ضمن علاقات لها منطقين مختلفين وفي وضعية لا إرادية إذ يجد نفسه بين اختيارين وكيفما فعل فإنه يكون قد خضع لخيار ما وذلك لا يرضي الآخر حتما، ولعل أثر أساليب التربية السائد في الأسر العربية وسحق شخصية الفرد إما عن طريقة الاضطهاد والقسوة عادة وإما عن طريقة الإفراط في الحماية هو من الأساليب المسؤولة أيضا عن النتائج السلبية في علاقات الآباء بالأبناء، وبالتالي في شدة الصراع بينهما. ولقد أشار أحد المحللين النفسانيين عندما أراد أن يوضح علاقة الشباب بالكبار مشخصا دوافع الصراع بينهما قائلا " أن التطور التقني قد قتل الأب فإذا كان الإنسان يذهب إلى التقاعد في الأربعين فلا يمكن إلا أن يطالب بالسلطة في سن العشرين، ولكن هذا الإنسان مازال متعلقا ماليا بأبيه أو الدولة التي تدفع له دراسته وفكريا بأساتذته ونفسيا بالمجتمع الذي يضعه في صف الاحتياطيين الهامشيين." (محمود فطام، 1987، 123)

  • في المجتمع الجزائري

أشار الباحث الجزائري ناصر جابي إلى ظاهرة الصراع بين الأجيال في دراسة تحمل عنـوان: "الأسطورة، الجيل والحركات الاجتماعية في الجزائـر" الأب الفاشل والابن القافز" من كتاب" الجزائر: الدولة والنخب" عام   2008،حيث قدم تحليلا معمـــــــــــقا لما شهدته الجزائر من تحولات عميقة على مستوى العديد من الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بعد الاستقلال مباشرة، أين حــوّل جيل الشباب جيل آبائهم إلى أوائل الضحايا، والمتهمين بالفشل نتيجة عـدم استفادتهم من التحولات والترقيات المادية، والمعنوية السريعة، والعميقة لكثير من الجزائريين بعد دخولهم إلى المدن التي غادرها سكانها الأوروبيين، حيث استولى البعض على فيلات فاخرة في أحياء راقية، والبعض على الورشة، أو المصنع الصغير الذي كان يشتغل فيه عاملا بسيطا بعد عملية شراء شكلية من المالك الأوروبي.

وعليه تم هذا التحول السريع للملكية من طرف البعض واختار آخرون أن تكون استفادتهم من نوع آخر من خلال تفضيلهم للحصول على مواقع اجتماعية داخل هياكل الدولة الشاغرة، وبذلك  قامت الدراسة التي قدمها الدكتور ناصر جابي برصد التحولات التي طرأت على الحركات الاجتماعية في الجزائر في فترة الثمانينيات والتسعينيات والتي كونتها الأجيال الشابة التي كانت عمليا المحرك الرئيسي لهذه الحركات، والتي تلخص نظرتهم السلبية لآبائهم المتهمين بالفشل نتيجة عدم استفادتهم من الترقيات، والاستفادات المادية السريعة، والعميقة في ظل التحول السريع وغير العقلاني للملكية، هذه التحولات التي كانت لها نتائجها العملية التي ظهرت على شكل مواقف وسلوكيات  فردية وجماعية تميز بها جيل كامل تجاه أجيال أكبر منه سنا، ومع مؤسسات مختلفة في مقدمتها؛ الدولة بمختلف مؤسساتها ورموزها، وإعلانها لمعارضة مختلف المؤسسات السياسية. (ناصر جابي، 2008، 116-117)

نستخلص من دراسة الباحث ناصر جابي أن الصراع بين جيل الشباب و/ جيل الكبار يمكن أن يتجاوز الجانبين الاجتماعي والاقتصادي ليصل إلى الجانب السياسي من خلال تشكيل وعي جيلي، معادٍ للدولة برموزها ومؤسساتها وسياساتها، لتتحول بذلك القراءة التي تبنتها الحركات الاجتماعية إلى رؤية انقلابية مرتبطة بالعنف في كثير من الممارسات.

وبذلك يصبح الصراع تعبيرا عن أزمة متعددة الأبعاد تترجم تناقضات المجتمع، يقوم بشكل أساسي على مستوى العلاقات حيث إن لكل جيل منطلقاته الفكرية التي تحدد طريقة فهمه للحياة، والذي يؤدي دون شك إلى تباعد المسافات الجيلية داخل الأسرة التي تعد اللبنة الأولى لبناء المجتمع، وإذا حدث أي خلل داخلها سينعكس حتما على كل المجتمع.

ويؤكد الواقع المعيش لا سيما في الآونة الأخيرة أن مظاهر الصراع واتساع الفجوة بين جيلي الآباء والأبناء قائمة حول اختلاف أجهزة القيم وأنماط التفكير عند كل جيل، مع تسجيل قابلية الانتشار والاتساع أكثر من أي وقت مضى في عصر التواصل الرقمي والتكنولوجي، الذي أصبح من الصعب فيه ضمان الحد الأدنى من أبجديات التوافق في معانيه الفكرية، والقيمية، والسلوكية. (عرسان عبد اللطيف المشاقي، 2016، 57)

هذا الشكل من أشكال الصراع هو من أصبح يحكم العلاقة بين الجيلين نتيجة تدهور الاستقــــرار المرجعي للأدوار ومعايير التعرف عـلى الواقع وتراجع قنوات الاتصـال واضطراب التفاعل ،وذلك مـــــــــــــــــــــــن خلال وصف جيل الأبناء لآبائهم بالرجعية وعـــــــــدم مواكبة متغيرات الحياة ومتطلبات العصر وإحساسهم بالرفض والإقصاء، وعدم تقبل طرق معاملتهم، لتتسـع الفجوة بعد ذلك،  وتتجاوز محيط الأسرة الضيق إلى مؤسسات أخرى تخترقها التناقضات هي الأخرى،  كمؤسسات التعليم في مختلف الأطوار بدء بالمدرسـة وصولا إلى الجامعـة.

ويدور الصراع الجيلي بين الأساتذة والطلبة حسب ما ورد في مقالة للدكتور أمقران عبد الرزاق بعنوان " الصراع الجيلي في الجامعة الجزائرية " عن قضايا الشرعية العلمية ومنطق احتلال المواقع بما يؤثر على صناعة القرار ومن ثمة ضمان وحماية امتيازات ومصالح مكتسبة، أو بحثا عن تحقيقها مستقبلا، حيث يتخذ الصراع بين أساتذة وطلاب الجامعة دلالات الصدام القيمي بين قيم يحيا بها ومن أجلها الأساتذة، وقيم شبابية تطمح إلى شغل موقع ما في الفضاء الأكاديمي، كما يقوم الصراع بينهما في قضية النجاح والارتقاء إلى مستويات تكوينية أعلى، وهو ما يظهر من خلال فرض التطبيق الصارم للقوانين المسيرة لقضايا التقييم، والذي يعدّ من صميم مهامهم ، في الوقت الذي يقيم الطلبة هذه الصرامة انطلاقا من قوالبهم الذهنية وتمثلاتهم تجاه الدراسة عامة والنجاح على وجه الخصوص، فينظرون بذلك إلى الأمر على أنه قسوة جيل مسلطة عليهم، كما أن الدروب الموصلة للنجاح بتقييم الأساتذة صعبة وشائكة تتطلب مقدارا كبيرا من المثابرة والتضحيات، بينما دروب النجاح عند الطلبة تقوم على الدلالات المجتمعية لماهية النجاح والتي تكون في الغالب مرادفة لمعاني "القفازة"، "الشطارة" وهذا المنطق يشرعن حتى توظيف الأساليب غير المشروعة .( أمقران عبد الرزاق ، 2018، 12)

رابعا/ السياق الاجتماعي وبعض مظاهر اتساع الفجوة بين الأجيال في مؤسستي الأسرة والجامعة

ما من شك أن كل جيل من الأجيال البشرية المتعاقبة على مر التاريخ يتميز بخصائص معينة يختلف فيها عن الأجيال السابقة له واللاحقة، واختلاف الخصائص هذا عائد إلى اختلاف القناعات، والأفكار، ووجهات النظر، وإلى منحنيات التاريخ، وإشكالية التراث، وتدخلات الواقع المعاش، ويبدو ذلك جليا حين نسجل موقفا متباينا لجيلين متعاقبين في قضية واحدة. (عبد اللطيف معالقي: 1987، 69)

ضمن هذا السياق يصبح الصراع الجيلي تعبيرا عن أزمة متعددة الأبعاد تترجم تناقضات المجتمع خاصة في ظل عــدم وجود الأسرة والجامعة على خط مرجعي واحد، وهو الأمر الذي يمهد لميلاد أزمة في محيط الحياة، وأزمة ثقـة بين الأجيال نتيجة الفهم الخاطئ للعلاقة بينهما، ما يحول دون الاستفادة مـن المعادلـة العمريـة. (محمد عز، د س، 3)

وتنسحب قضية الصراع بين الأجيال على جميع المراحل التي يمر بها الشاب عبـر مسيـرته الحياتية لأنّها تجسد العـــــلاقة القائمة بيـــن البشر والزمـن لتتشكل بذلك ثنائيـات متنــــاقضـة؛ (أب- ابن) (أستاذ- طالب)،ونستعرض في هذا المقام جملة من التصورات تبرز مظاهر الصراع بين جيل الآباء والأبناء في مؤسسة الأسرة وبين جيل الأساتذة والطلبة في مؤسسة الجامعة.

1–الاغتراب الجيلي

يقصد بالاغتراب حسب كتابات السيد عبد العاطي السيد بأنه"العزلة واللاواقعية وعدم الاتساق والترابط بين عالم الفرد والعالم الاجتماعي، ما يترجم حالة من عدم الانسجام بين الذات والعالم الخارجي". (السيد عبد العاطي السيد، 1987، 22)

كما يؤكد الدكتورعزت حجازي على أن الاغتراب " يقوم على أساس التمييز بين وجود الإنسان وجوهره، وعلى أن وجود الإنسان بصورته التي نراه عليها في المجتمع الحديث لا يتفق مع جوهره أو ما هو من حقيقته، وإنما هو يختلف عنها بل ويتعارض معها وأن ما هو كائن لا يتفق مع ما ينبغي أن يكون، كما أن الإنسان المغترب هو الإنسان الذي لا يحس بفاعليته ولا أهميته ولا وزنه في الحياة وإنما يشعر بأن العالم ممثلا في الطبيعة والآخرين وحتى الذات غريب عنه. (عزت الحجازي، 1990، 72- 73)

وفي ذات السياق ترى الدكتورة حنان سالم أستاذة في علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن " الفجوة تبدأ بين الشباب والأجيال السابقة لهم بسبب رؤية كبار السن أنفسهم أكثر خبرة وتفاعلا مع الحياة التي يتقنون مفرداتها وعاشوا تجاربها، ما يجعلهم يمنحون أنفسهم صلاحيات أكبر تجيز لهم أحقيتهم في رفض أفكار الشباب، مقابل رفض الشباب لمنطق الوصاية عليهم في عصر التكنولوجيا والسرعة الذي انتهت فيه الوصاية. " (هشام علام، ولاء نبيل، 2011، 12)

وتزداد حدة الاغتراب في زمن الاختراق الثقافي والفكري الذي تروج له القنوات الفضائية وشبكة الانترنت من خلال الترويج لتصورات مختلفة لأدوار الأسرة وطبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء وما ينتج عن ذلك من افتقار إلى مهارات التواصل الإيجابي وشعور كل طرف بالعزلة عن الآخر. ( غنيمة حبيب،2008،http://ogleweblight.com/web/361189)

وفي هذا المقام تجدر بنا الإشارة إلى بعض مظاهر الاغتراب والتي يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:

  • انتشار ثقافة الاستهلاك التفاخري بين الشباب والذي يرجع إلى الفراغ الثقافي وزيادة القابلية للتلقي.
  • الرفض والذي يأخذ منحى التطرف والبروز أكثر بسبب حركات التغيير السريعة على مختلف المستويات، وهو ما يجعل من الشباب عرضة للقلق والتوتر خاصة في ظل سيطرة جيل الكبار (السلطة الأبوية في الأسرة وسلطة الأستاذ في مؤسسات التعليم)، وما ينتج عن ذلك من ظهور وضعيات انسحابية تولد نوع من العداء بينه وبين المجتمع.
  • فقدان الروابط مع جماعات العمر المختلفة وما ينتج عن ذلك من سلبية وخضوع للضغوط الاجتماعية.
  • إحساس الفرد المغترب بغياب تأثيره في المواقف الاجتماعية أو ضعف التفاعل معها. (أحمد محمد موسى، 2009، 74)
  • ابتعاد محتويات البرامج التعليمية في الجامعة عن اهتمامات الطلبة، كما أنها لا تعكس الواقع الاجتماعي.

من هنا يمكن الحديث عن الاغتراب في ضوء حقيقة موضوعية هامة وهي أن شبكة العلاقات الاجتماعية التي يرتبط بها طرفي الصراع (الأبناء والآباء في مؤسسة الأسرة والطلبة والأساتذة في مؤسسة الجامعة) لا تقوم على أساس التقدير المتبادل وتقبل الآخر، وهذا ما يجعل كل طرف من طرفي معادلة الصراع يتخذ موقفا معارضا، ولعل من أخطر نتائج الاغتراب على جيل الشباب تشبعهم بأزمات متعددة الأبعاد، وهو ما يبرر أزمة الهوية التي تعاني منها الأجيال الشابة خاصة في الآونة الأخيرة، ويترجم تسجيل فروق عميقة بين الأجيال في الأهداف والقيم.

 

 

  •  الفراغ

يعبر الفراغ بين الأجيال عن الفجوة التي يشعر بها طرفي المعادلة الجيلية، بين جيل الآباء وجيل الأبناء في مؤسسة الأسرة، أو بين الأساتذة والطلبة في مؤسسة الجامعة، الناتج عن التواصل المحدود بينهم من جهة، أو استخفاف كل طرف بالآخر والذي من شأنه أن يعمل على التقليص من الخبرات الجيلية.

وينتج عن الفراغ لدى كل من جيل الشباب وجيل الكبار ما يعرف بالفجوة الجيلية، والتي تعبر عن اختلاف آراء كل جيل نتيجة الانقطاع الجيلي فيما يخص المعتقد، أو السياسة، أو القيم، والتي برزت بشكل جلي تحت تأثير الثورتين المعرفية والاتصالية أين تتسبب في تضييق مساحة الالتقاء الفكري، والثقافي، واللغوي بينهم، وتكون هذه الأزمة أشد حينما يواجه الشباب ضرورة الاختيار ما بين بدائل عدة متناقضة في مبدئها، كما تفقد في ضوء هذه المعطيات العديد من الضوابط الاجتماعية ما كان لها، من سلطة وقوة كالأسرة ومؤسسات التعليم وغيرها من المؤسسات المرجعية، نظرا لتعارض ما تنادي به من قيم وما تقبله من ألوان السلوك. (عبد الفتاح ناجي: 2017، http://kabas.com/web/566189)

وتتمثل أكبر المشكلات التي تواجه الأسر في المجتمعات العربية عموما والمجتمع الجزائري خصوصا، في اتساع المسافة المعرفية والمعلوماتية بين جيل الآباء و/الأبناء حيث لم تكن هذه المسافة في الماضي القريب بهذه الحدة والعمق، وهنا يجد الأبناء أنفسهم محاطين بعوالم افتراضية تجعل منهم جيل الشاشة بامتياز يفتقر في واقعه لأبجديات التواصل الاجتماعي، والمتتبع للواقع يدرك للوهلة الأولى أن التعامل مع تلك الوسائط التكنولوجية يقترب من حالة المرض والإدمان، ومع مرور الوقت تتعمق المسافة وتزداد الفجوة بين الآباء وأبنائهم، إلى الحد الذي تصبح الشاشة أكثر قدرة على إشباع احتياجاتهم  مقارنة مما يقدمه الآباء لهم.

( صالح سليمان عبد العظيم، 2014،http://elbayane.com/web/639789)

وفي المقابل إذا أردنا البحث في طبيعة العلاقة التي تربط بين  الطلبة والأساتذة وبحكم تواجدنا في الجامعة لفترة تزيد عن العشر سنوات تحذف لما فيها من ذاتية لا تجوز في البحث،  نجد أنفسنا أمام جيل من الطلبة  يتسم بحالة قلق وعدم استقرار يرجع في غالب الأحيان إلى نقص خبرتهم في التعامل مع الوضعيات، والمواقف التي تجمعهم بالأساتذة  من جهة لا سيما الصراعية منها،  وإلى الحكم عليهم من جهة ثانية من طرف الأساتذة بمعايير لا تتناسب في مجملها مع مكانتهم ،ومصالحهم، وأنماط تفكيرهم، وهو ما يزيد من مساحة الفراغ بينهم، كما يشعر الطلبة في كثير من المواقف التي تجمعهم بالأساتذة بالضعف أمام سلطة تمارس عليهم وضغط قد يكون في كثير من الأحيان ضمني وكامن وغير مصرح به.

3- التمرد

خلال السنوات الأخيرة طرأت على المجتمع الجزائري تغيرات كثيرة في عدة مجالات كان لها تأثيرها المباشر على سلوك الأفراد، حيث تغيرت النظرة إلى القيم وخاصة من جانب الأجيال الجديدة، التي تبدي تمردا عن كثير من عادات المجتمع وتقاليده وقيمه، ومحاولة الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الكبار خاصة الوالدين لإثبات وتأكيد تفردهم، حيث يعدون أي سلطة فوقية أو أي توجيه استخفافا بقدراتهم واستهانة بروح النقد لديهم. (عبد الفتاح ناجي، 2017، http://kabas.com/web/56988)

ضمن هذا السياق فإن الجيل الجديد ينظر إلى أفكار الجيل الأكبر منه وتصوراته على أنها أفكار رجعية لم تعد تلاءم العصر ولا تتفق مع المتغيرات الجديدة والمستجدات التي تطرأ على حياة الأفراد والجماعات، كما يشكو جيل الشباب ويتمرد حينما يلاحظ التناقض بين ما يدعو إليه الآباء والذي لا يتجاوز حد الكلام إلى مرحلة الفعل، والتطبيق على أرض الواقع.

إنهم بحاجة إلى نماذج يسترشدون بها وقدوة يتأسون بها، فلا يجوز للأب – مثلا– أن يحذر ابنه من مضار التدخين وهو يدخن، ولا يجوز أن يطلب منه أن يكون صادقا وهو كاذب. (سعاد محفوظ، 2016، 5)

إن جيل شباب اليوم مستوى طموحه أعلى من مستوى إمكاناته، لذلك نجده دائما يحاول التمرد على محيطه الأسري وعلى برامج تعليمه، على تقاليده وثقافاته المحلية، كما أنه جيل اتصالي دون أن يكون تواصلي، فثورة الاتصالات التي يواجهها عززت النزعة الفردية لديه كون الأدوات التقنية التي يتعامل بها ذات استخدام فردي، فهو يتعامل يوميا مع كم هائل من المعلومات دون الحاجة إلى الاتصال بالآخرين لاستقائها، وهو ما ينجر عنه ضعف العلاقات مع الآخرين آباء ومدرسين. (جمعون نوال، 2018، 163)

ونسجل في السياق نفسه ظاهرة تمرد الطلبة الجامعيين على أساتذتهم كونهم  لا يرون في الجامعة فضاء له خصوصياته ،فكلها فضاءات لهم فيها حقوق يجب انتزاعها بكل الأساليب حتى بالغش الجماعي، وفرض الأمر الواقع من خلال استعمال القوة والعنف، وما تكشفه يوميات الأستاذ الجامعي في تعامله مع الطلبة من خلافات حادة حينما ينظر إليها مجمّعة ودائمة الحضور لسنين تظهر بمظاهر الصراع الجيلي المستفحل؛ خلاف حاد في قيمة الوقت (الوقت مقنن عند الأساتذة وفضفاض عند الطلبة)،خلاف حاد في الاستثمار الهادف والفعال في الدراسة( الدراسة حضور مؤثر وحفر مستمر بنظر الأساتذة، وهي جرعات انتقائية، وبقاء على السطح عند الطلبة)، وخلاف حاد في الانضباط بكل أبعاده.( أمقران عبد الرزاق، 2018، 13)

4–الاستقلالية

يعرف العالم الغربي راسل آكوف الاستقلالية لدى جيل الشباب أنها " القدرة على التفكير الحر وعلى نقد الآباء والكبار، مع الميل إلى الفردية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهو ما جعل الشباب لا يحترم الكبار لأنهم كبار فقط كما هو معروف في تقاليد الأسرة والسلطة الأبوية، بل يحترم الآخرين فقط بسبب مراكزهم وإنجازاتهم." (السيد عبد العاطي السيد، 1987، 75)

شكلت طبيعة التسارع  القائم في نمط الحياة اليومية اللبنة الأساسية للتغيرات والتحولات التي مست أساسا النظام الأسري حيث لم يعد الآباء هم مصدر التنشئة الوحيد، وذلك بالنظر للدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام؛ السمعية منها والبصرية التي أسست لحضورها صوتا وصورة، زيادة على ضغوطات الأزمة الاقتصادية التي جعلت الآباء ينهمكون في توفير المتطلبات المادية في مقابل شبه غياب لجانب التنشئة القيمية، وكل ما يمت للتغذية الروحية والثقافية من صلة، وعليه وجب الإقرار باختلاف مصادر ومرجعيات التربية، فالرعاية الأسرية تغيرت في ضوء تطور الوسائل التعليمية ووسائل الاتصال والتواصل، وتنوع مصادر المعرفة، ويسر انفتاح الثقافات بعضها على بعض، والنتيجة ظهور علاقات بين الأفراد لا سيما من أجيال مختلفة تتسم بكثير من الاستقلالية.(عبد الله أحمد عويدات، 2016، 61)

ومن مظاهر استقلالية الشباب عن جيل الكبار سواء أتعلق الأمر بجيل الآباء أم الأساتذة نجد:

  • التحرر والخروج عن الآداب والعادات والتقاليد الموروثة عن الأجيال السابقة، واستخدام القوة لتلبية حاجياتهم ورغباتهم وعدم تقبل التدخل في شؤونهم.
  • تزايد حالات الصدام والقطيعة بين الأبناء وآبائهم وبين الأساتذة وطلابهم، والذي يترجم غياب التفاهم بين الجيلين.
  • غياب الإشراف الأبوي والانشغال الدائم بمشاغل الحياة أدى إلى تشكيل جيل الأبناء لحياة خاصة بهم ربما تحمل من السلبيات الشيء الكثير، وإذا رغب الآباء في الأخير التدخل فإنهم يتلقون الرفض والصد لأنهم كانوا غائبين عنها في البداية.
  • فهم جيل الشباب الاستقلالية على أنها الرغبة في الحرية والتحرر من القيود تجاه الأسرة، والأساتذة وكل ما يمثل جيل الكبار، لتصبح بذلك تجسيدا للامبالاة والانطواء وضبابية الرؤية للمستقبل والآخرين. (عبد الله النجار، 2011، ongle web light)
  • التناقض بين طبيعة المرحلة العمرية للشباب والتي تعني الميل للانتماء وحب الاجتماع، وبين الرغبة الملحة في الاستقلالية والابتعاد لقناعته بتغييبه في صنع القرارات واختيار أسلوب العيش وفرض الذات.

- الثقافة الفرعية للشباب

إن طبيعة تفكير جيل شباب اليوم تختلف عن طبيعة تفكير الجيل السابق له، إنه جيل له رموزه وقيمه الجديدة وعاداته وألوانه في التواصل والاتصال مع غيره، وهو ما يشكل ميلاد ثقافة شبابية جديدة تحمل تسارعا في بناء العلاقات ومفهوم الزمن لديه يختلف عن مفهومه لدى جيل الكبار، إن العقل الذي يفكر به جيل اليوم يحتاج إلى جامعات من نوع آخر تستطيع أن تسبر أغواره. (عبد الله عويدات، 2016، 61)

ويعرف العالم الغربي روجر هيدينج الثقافة الفرعية بأنها " ثقافة خاصة بطبقة أو جماعة اجتماعية، تتميز بأنها مستقلة عن الثقافة الكلية، وتتعارض معها، ولها خصائص ثقافية وسلوكية في مجتمع فرعي معين ". (المنجي الزايدي، 2006، 203)

 ومفهومنا لمصطلح الثقافة الفرعية للشباب يتمركز في كونها ثقافة خاصة بفئة الشباب، تعكس خصائص هذه المرحلة العمرية النفسية منها، والفكرية، والتربوية، وتنطوي على قيم، ومعايير، وأنماط سلوكية، تشكل في مجملها إطارا مرجعيا لسلوكيات هذه الفئة، والتي تظهر كمحصلة لتأثير مجموعة من التغيرات التي يمرون بها، والتي تؤدي إلى استقلالهم جزئيا عن عالم الكبار بسبب وجود أسلوب حياة غير خاضع لمعايير الراشدين وقيمهم وطرق تفكيرهم.

ومن مظاهر بروز الثقافة الفرعية لدى جيل الشباب وتعارضها مع الأنماط الثقافية لدى جيل الكبار ما يعمل على زيادة حدة الصراع بينهما نجد:

  • شيوع وانتشار قيم الفردانية وإعطائها الصيغة الشرعية لقبولها، والتي تتجسد في مظهر الشاب العام والتزاماته ومحددات بناه هويته بصورة مستقلة عما تمليه الأسرة وباقي مؤسسات الضبط الاجتماعي. (Mahfoud drawi , 2006 , 101)
  • قدرة الشباب على التحرر من أشكال السلطة الممارسة عليهم (أبوية أو تعليمية أو سياسية) ومعارضة كل ما من شأنه الحد من حريته، وهو ما يعمل دون شك على تعميق الفجوة بينه وبين جيل الكبار.
  • بروز النزعة الاستهلاكية بشكل تتجسد فيه معالم البذخ والتبذير وهو مؤشر لهيمنة وسائل الإعلام من خلال العرض والتشهير الأمر الذي يزيد من طلبات الشباب والتي تفوق حاجياتهم في غالب الأحيان.
  • شيوع نوع من القيم والأفعال يختص بها جيل الشباب دون غيرهم، والتي لا تلقى القبول عند الجميع لا سيما الكبار كنوع اللباس (السراويل الممزقة) وتسريحة الشعر وسماع الأغاني الخفيفة وغير الهادفة.
  • تقديس الشباب لكل ما تدعو إليه الثقافات الغربية وتمجيدها، والرغبة في تقليدها (المغلوب مولع بتقليد الغالب)، وفي المقابل الخجل من الثقافات المحلية لأنها تكرس التخلف والرجعية –في نظرهم-وهو ما يشكل الصراع بينهم وبين الأجيال الأكبر منهم.

6- اللغة

في مقابل الفجوة القيمية والفكرية بين الأجيال توجد فجوة من نوع آخر أكثر خطورة كونها تضرب قيم وأصالة المجتمع عرض الحائط وهي: الفجوة اللغوية، والتي من شأنها أن تحد من التواصل بين الأجيال، من خلال امتلاك جيل الشباب لقاموس لغوي عامي ومستحدث يسمح بإنشاء معاني الفصل مع الأجيال السابقة ويميزهم عنها، تنتهج فيه أساليب الاختزال في الكلمات، والتي تترجم حجم ما يحدث من شرخ لغوي، تكون نتيجته تشكيل وعي جيلي معادٍ أو لنقل مغاير لسابقه، ومبدؤهم الأساسي في ذلك هو: الاختلاف والتميز.

وفي ذات السياق يفسر الدكتور سمير نعيم الصراع اللغوي بين الأجيال بأنه "صراع المفاهيم بين جيلين أحدهما قام بالثورة على الواقع، والآخر فضل أن يبحث عن مكتسبات الماضي" ،وهو ما يقودنا إلى القول إنّ جوانب الاختلاف والتصادم بين الأجيال متعددة فإلى جانب الاختلاف  في  التوجه الفكري بسبب وجود جملة من الإيديولوجيات الفكرية بين الأفراد في المجتمع الواحد، هناك اختلاف لغوي يتميز به جيل الشباب دون غيرهم ،وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل ملامح أجيال متصارعة ،الأمر الذي ينتج عنه انتشار  مسألة الإقصاء والتهميش الجيلي، الذي يحول دون احتواء الأجيال

بعضها لبعض، وهو ما جعل من الجيل الممثل للكبار يتمسك بقناعاته ومن جيل الشباب يرفض ما يعيشه ويبحث عن واقع اجتماعي بديل. (أمين قاسم محمد قمر، 2010، http://alykah.net/web/98831)

ومن الأمور الهامة التي تشكل إطارا موضوعيا لما نشهده من تباين بين جيل الشباب وجيل الكبار ما يكمن في تنوع المصادر الثقافية، وما ينتج عنها من اختلاف بين الأجيال في المفاهيم والتصورات التي يحملها كل جيل عن الآخر، وضمن هذا السياق يشير الباحث علي ليلة إلى أنه "من اختلاف المصادر الثقافية يتولد الصراع اللغوي بين الأجيال، فجيل الكبار يرى أن سلوك الشباب يمثل إدانة صريحة لأهدافهم وقيمهم وأساليب عيشهم وطرائق تفكيرهم، ومقابل ذلك يعاني جيل الشباب من غموض هويتهم" (على ليلة، 1991،99)

خاتمة

تبين لنا من خلال البحث، أن مقاربة ظاهرة الصراع الجيلي على مستوى الأسرة الجزائرية والجامعة الجزائرية، يحتاج بإلحاح إلى رصيد معرفي قبلي يؤطر التوجه العام للدراسة ويسهل الانتقال إلى مرحلة الترتيبات التنفيذية حينما تنجز الدراسة الميدانية المعززة للإطار النظري.

فمن الواضح أن فهم الصراع الجيلي ودراسته يتطلبان وضع الظاهرة في السياقات الزمانية التي تتشكل ضمن حدودها، وتقولب مضامينها ومناحيها، بعد أولاه البحث أهمية كبيرة. كما أولى الاهتمام الضروري لبعد الحاضنة المكانية التي تتحرك في حدودها الظاهرة، وما كانت لتفهم أراء الباحثين ومواقفهم النظرية بمعزل عن موطن استنباتها. وعليه، الأدبيات المعروضة في البحث كجانب نظري تجسد بقوة ووضوح التوليفة الحيوية لأي تحليل وهي: توليفة الزمان والمكان. هذا التصريح يفضي بنا إلى القول إن الصراع الجيلي لا يمكن سبر غوره إلا باستنطاق الفترة الزمانية الراهنة والعودة واقعيا نحو المجتمع الجزائري في محاولة فهم التحولات العميقة التي تطاله. تحولات نحن مطالبون باستشراف توجهاتها المستقبلية على المدى المتوسط والبعيد حتى نتنبأ بالمناحي اللصيقة بظاهرة صراع الأجيال في المجتمع الجزائري، زاوية بحثية قد تجد من يهتم بها فيضمن التراكم المعرفي للعمل الذي أنجزناه راهنا.

تجدر الإشارة أخيرا، إلى أن الباحث شرع في إنجاز الدراسة الميدانية المكملة للعمل النظري المؤطر فوضع خطة للترتيبات التنفيذية تحترم منطلقات البحث وتبقى وفية للتصور البنائي العام.

قائمة المراجع

الكتب

1- غالي، شكري. 1994، العنقاء الجديدة: صراع الأجيال في الأدب المعاصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر.

2- عز، محمد. (ب- د – ت)، المسألةالجيلية في مصر: الاتجاهات النظرية والخبرات العملية، دار الأزاريطة للنشر، مصر.

3-سالم، غدير .2018، صراع الأجيال بين الآباء والأبناء http://elaph.com/web/Elaphwriter/2018/08/368795/htm

4- السيد، عبد العاطي السيد. 1987، صراع الأجيال – دراسة في ثقافة الشباب، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر.

5-الحسن، سمير إبراهيم .2003،" ثقافة الشباب وصراع الأجيال في المشرق العربي المعاصر"، مجلة دراسات استراتيجية مركز البحوث والدراسات، العدد 9، سوريا.

6- غريب، زكي. 2016، صراع الأجيال في ظل تحديات الحداثة والمعاصرة، دار المعرفة الجامعية، مصر.

7- معن، خليل عمر.1994، علم اجتماع الأسرة، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

8- الغرايبة، فيصل.2018 ، صراع الأجيال بين الآباء والأبناء ، http://alrai.com/article/10453144

9- أدغار، موران. 2002،تربيةالمستقبل، ترجمة لزرق، عزيز. الحجوجي، منير. دار توبقال للنشر.

10- الحجازي، عزت.1990، الشباب العربي ومشكلاته، منشورات دار عالم المعرفة، الكويت.

11- فطام، محمود.1987، "الصراع القيمي لدى الشباب"، مجلة الوحدة، العدد 9، الرباط.

12- جابي، ناصر.2008، الجزائر الدولة والنخب دراسات في النخب والأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية، منشورات الشهاب، باتنة، الجزائر.

13- المشاقي، عرسان عبد اللطيف .2016، "صراع الأجيال أزمة قيم أم أزمة سوء فهم"، ندوة الأمن والحياة، العدد 419، الأردن.

14- أمقران، عبد الرزاق.2018، الصراعالجيلي في الجامعة الجزائرية، جريدة الخبر، الجزائر.

15-معالقي، عبد اللطيف.1987 "صراع الشباب والراشدين – صراع أجيال أم صراع ثقافات"، مجلة الوحدة، العدد 9، الرباط.

16- علام، هشام. نبيل، ولاء.2011، صراع بين جيلين، الدار العربية للكتاب، القاهرة، مصر.

17- غنيمة، حبيب.2008 ، الاغتراب الأسري، http://ogleweblight.com/web//2008/09/361189/

18- موسى، أحمد محمد.2009، الشباب بين التهميش والتشخيص، المكتبة العصرية، المنصورة، مصر.

19- ناجي، عبد الفتاح.2017،الفجوة بين الأجيال: أساليب المواجهة، http://kabas.com/web/566189/htm

20- صالح، سليمان عبد العظيم.2014،المسافة بين الأبناء والآباء، http://elbayane.com/web/639789/htm.

21- محفوظ، سعاد.2016:سوسيولوجيا الأجيال، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة، مصر.

22- جمعون، نوال.2018،"ثقافة الاستهلاك وضغوط العولمة"، مجلة دراسات في الاقتصاد والتجارة والمالية، المجلد 7، العدد 1، الجزائر.

23- عويدات، عبد الله أحمد.2016،"صراع الأجيال أزمة قيم أم أزمة سوء فهم"، ندوة الأمن والحياة، العدد 419، الأردن.

24- النجار، عبد الله. 2011،الصراع بين الأجيال، إلى أين؟ongle web lightملاحظة: يرجى مراجعة الرابط 17.24

25- المنجي، الزايدي .2006، ثقافة الشباب في مجتمع الإعلام، نمط عالم التفكير، المجلد 35، العدد 1، الكويت.

26- Darwin. Mahfoud.2006. De la difficulté de grandir – pour une sociologie de l’adolescence en Tunisie. 

27- قاسم، أمين. قمر، محمد.2010، "الحوار الغائب بين الأجيال: المجتمع التشادي"، http://alykah.net/web/98831

28- ليلة، علي.1991،الشباب اهتماماته وقضاياه، منشورات مركز الوثائق والدراسات الشبابية، جامعة قطر.

@pour_citer_ce_document

عبد الرزاق أمقران / إسمهان مانع, «مظاهر الصراع بين الأجيال في مؤسستي الأسرة والجامعة- عناصر نظرية في مقاربة الواقع الجزائري-»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 278-289,
Date Publication Sur Papier : 2022-04-29,
Date Pulication Electronique : 2022-04-29,
mis a jour le : 29/04/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=8742.