جنيت وتناسل المفاهيم من النص المفرد إلى التعالق النصي
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°09 Octobre 2009

جنيت وتناسل المفاهيم من النص المفرد إلى التعالق النصي


pp : 116 - 122

مصطفى منصوري
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تقدم المفاهيم في النقد العربي الحديث عادة مفصولة عن أسيقتها الخاصة، فلا يراعى بعدها الفلسفي ولا المراحل التي سبقت إنتاجها، فتبدو كاملة ناضجة مجسدة لدى فرد بعينه. في حين أن المفهوم لا يولد دفعة واحدة، ولا يمكن للفرد الواحد ـ مهما أوتي من طاقات ـ أن يزعم فرادته من خلالها، فهي جهد بشري تتضافر حقول متاخمة أو بعيدة في بلورتـها. أما حين تقدم مقطوعةً عن تلك الصلات، فإنـها إلى جانب قلة فاعليتها تبدو غريبة لا تقوى على حمل المهمات الجديدة التي أوكلت لها

تخضع المفاهيم إلى نوع من التدرج، تقود فيه الجزئية البسيطة إلى الكلية الأكثر عمقا، والحقل الضيق إلى النظرية الأكثر اتساعا وشمولا، ومن ثم فعدمُ الوعي بذلك الانتقال وطرائقه من شأنه أن يضع تلك المفاهيم في حافة الالتباس والغموض، فتصبح قائمة على التعارض المطلق والصراع الدائم وهي غير ذلك، وإن بدت في الظاهر متناقضة ينفي اللاحق ما أنجزه السابق. فالمعرفة الإنسانية حلقة متواصلة منفتحة على المجهود البشري في أطواره المختلفة على تباين توجهاته وخصوصياته، أما الإصرار على اعتبار ذلك المجهود شذرات منفصلة وقطعا متصارعة منفصلة عن بعضها البعض، فلا يمكن أن يكون باعثه غير الرؤية المحلية الضيقة التي تقتضي أن يشتغل الفرد بمعزل عن المجهود الإنساني، بل إن ذلك الفرد يبدو مقطوعا عن ماضيه وعن الأفكار التي بلورها ذلك الماضي، فلا يعتد إلا بما أنجز في الحاضر أو ما صار شائعا متداولا، لا يملك الفرد أن يدفعه على الرغم من كونه نتيجة تضافر مجموعة كبيرة من المفاهيم، ليست بالضرورة من بنات أفكاره.

عدّ النقدُ العربي ـ في إحدى أطوار استقبال المنجز الغربي ـ التداخلَ النصي فتحا جديدا تكاد لا تخلو دراسة تروم الحداثة النقدية من ذكره، إما تنظيرا وإما تطبيقا، غير أن ذلك الاستقبال لم يصاحب ـ عادة ـ ببحث في الجذور ولا بالأسيقة الخاصة التي وجهت الفكر الغربي إليه، ويكتفي ـ في أحسن الأحوال ـ برصد مجموعة من المؤثرات عدّها أصحابـها حاسمة في بلورة فكرة التناص، فأصبحت المفاهيم الدقيقة المرافقة لها غير ذات بال، أو أنـها لا تكون عائقا أمام تطابق المرجعيات والغايات، وذلك ينفي عنها صفة التباين، فهي تشترك في نفي الفردية عن الإبداع فتعده إنجازا جماعيا، لا يظفر الفرد الواحد فيه إلا بالنزر القليل.

ضمن السياق نفسه عدّت أطراس/ تطريس جينات وجها للتداخل النصي لا يبتعد في مقولاته وإجراءاته عما اقترحته كريستيفا وريفاتير وغيرهما .. على الرغم من تباين توجهاتـهم واختلاف منطلقاتـهم، على الأقل في المستوى الضيق لتلك المنطلقات.  ومن ثم وضعت تطريسات جينات في مسار التطابق مع المفاهيم التي بلورتـها جماعة تيل كيل، لا تختلف معها إلى التفريعات والجزئيات التي لا ينهض وفقها التناقض أو التباين. فيما إن تطريسات جينات تملك مفاهيمها الخاصة التي تعود إلى مبدأ التدرج الذي طبع كتابات جينات والانسجام النظري الذي ميز مساره الفكري.

محكي الباروك وطرائق التمديد :

لم يكن جينات في بداية عهده بالكتابة النقدية على علم كاف بأن قراءاته الخاصة للأشكال التعبيرية الكلاسيكية، واستناده الوثيق إلى شعريات أرسطو وبلاغته، واشتغاله بمعزل عما كان رائجا في النصف الثاني من القرن الماضي بفرنسا، قد تنسل عنها مفاهيم أكثر خطورة وأهمية، وسيصبح انطلاقا من تلك القراءات ـ التي عدّها هاوية ـ صاحب مفهوم خاص للتداخل النصي، ولا كان على وعي كاف بأن تلك القراءات ستستدعى استدعاء لافتا في حقول بحث جديدة، لم يكن إيذانـها قد أعلن في تلك البدايات.

في دراسة سابقة على كتابه أطراس (1982) استعرض جينات بعض طرائق بناء محكي الباروك، حين يعمد إلى الاستفادة من محكيات بسيطة لا تتعدى سطورا محددة ليحولها إلى محك بأكثر من ستة آلاف بيت شعري. فقد كتب Saint Amaint قصيدته الغزلية البطولية انطلاق من محك بسيط يعرض قصة تبني موسى من ابنة فرعون كما وردت في الإنجيل. ومن ثم خضع حدث موسى المنقذ إلى نوع من التضخيم والتمديد Amplification. ولا شك أن للمصطلح جذورا في البلاغة والنحو، فهو لا يبتعد عن التمديد في الأول وعن تضخيم الموصوف في الثاني.

يحصر جينات طرائق إطالة المحكي في ثلاثة أوجه :

أ ـ الإطالة من خلال التطوير أو التمديد : ومجالاته واسعة، وحرية التمديد فيه لا حدود لها فهي تخص :

ـ إطالة المحكي من الداخل باستثمار ثغراته وفجواته وذلك بمضاعفة التفاصيل وإلحاق الأسيقة.

ـ لا يقيد بإطار زمني معين، فنصف ساعة قد تستغرق مجلدات وكتبا.

ـ حدوده الوحيدة مرتبطة بصبر المؤلف والقارئ معا.

ب ـ الإطالة من خلال الإدراج : وتتم الإطالة فيه من خلال إدراج محك واحد أو مجموعة من المحكيات في المحكي الأول/المركزي ''وكلمة الثانوي لا تعني بالضرورة تراتبية ما، فالمحكي الثانوي قد يكون أكثر طولا وأهمية من المركزي مثل ما رأى جينات في بعض محكيات بالزاك''، فلا يصبح المحكي الثانوي وفق هذه التصورملحقا بالمحكي الأول، إذ لا يعد ضمنه إلا إطارا. فالعلاقة بين المحكيين يمكن أن ينظر إليهما من خلال :

ـ العلاقة السردية، حين يكون سارد المحكي الثانوي شخصية في المحكي المركزي.

ـ علاقتها المضمون الحكائي وهي عنده نوعان، جواني الحكاية homodiégetique حين تكون شخصيات المحكيين واحدة. أو براني الحكاية hétérodiégetique حيث شخصيات المحكي الثانوي لا صلة لها بشخصيات المحكي الأول. لكن لا يعدم علاقات التشابه أو التقابل بين تلك الشخصيات.

ج ـ الإطالة من خلال الإقحام، ويربطها جينات بالانصرافات métalepses، يلتبس مصطلح الانصراف في أصله الإغريقي metalepsis مع الكناية والاستعارة، إذ تخص استعمال كلمة دلالة كلمة أخرى. لا يختلف الانصراف عن الكناية في أدبيات البلاغة الكلاسيكية سوى في اشتماله على أكثر من كلمة على خلاف الكناية التي تختص بكلمة واحدة. من المنطلق نفسه اصطلح  البلاغيون  على تسمية اعتماد المؤلف صيغة الحاضر الوصفي لعرض مشهد ماض، أو الإيهام بأن ما يحكيه ويعرضه يقوم به بانصراف المؤلف métalepse de l’auteur (1).

أسهم روح توسيع مصطلح الانصراف، في استكشاف تقنيات جديدة طرائق بناء المحكي، فلم يعد محصورا في البحث عن دلالات اعتماد الحاضر لعرض الماضي فحسب، بل أتاح إمكان الوقوف على المنافذ التي يسلكها الروائيون لتكسير قواعد المحكي. فمن خلالها تم التعرف على أبعاد تخلص الشخصيات من سلطة الروائي والسارد معا. وكذا سعي بعض الكتابات إلى إشراك القارئ الضمني والمجرد في بناء الكون التخييلي، إما بدعوته لتذكرأحداث سبقت الإشارة إليها، وإما بإقحامه بوصفه طرفا في ذلك الكون بجعله منتميا لضمير الجمع الذي  يعرض به المحكي. كأن يقال مثلا : لنعد إلى، دعنا نستأنف حكايتنا،  لنساعد البطل على تجاوز محنته، كأن يدعى لفتح الباب أوإغلاقه .. وفي ذلك خروج عن كون المحكي الذي قد يدعو للاستغراب، أو الدخول في عالم عجائبي تلفه الخوارق. وقد يكون كما عند عمارة لخوص استبطانا لذات القارئ والإجابة على بعض تساؤلاته : '' لم أخرج عن الموضوع على الإطلاق، بل أمديو في صلب الحديث. الرجاء أن تصبروا علي قليلا. لاشك أنكم تعرفون أن أمديو هو صديقي الوحيد في روما .. كما ترون'' (2)، فلم يكتف بإقحام القارئ طرفا، بل عمد إلى تلوين الضمائرمن المتكلم على المخاطب فالغائب. ويبدو أن روايته قائمة على هذه الإستراتيجية التي تذكر القارئ في كل مرة بأنه معني بما يعرضه المحكي.

لاشك أن اللجوء إلى مثل هذه الأساليب، يضمن للمؤلف نوعا من الحرية التي تضيق أرجاؤها، كلما التزم برسم حياة الشخصيات، كما تقتضيه بواعثها و علاقاتـها. وطبيعي بعد ذلك ألا يكون الانصراف خاصا بالسارد فقط،  وإنما يخص المؤلف أيضا.    

يستند الانصراف ـ الذي أصبح سرديا مع جينات ـ إلى البعد الزمني، إذ يوهم في بعض وجوهه بتزامن القصة والسرد، إما بجعل الماضي حاضرا وإما بنقل المستقبل إلى الماضي. وهو الشكل نفسه الذي رسمه البلاغيون للانصراف. قد  يتعمد المحكي تناوب القائمين بالسرد، فمرة يكون براني الحكاية ومرة جواني الحكاية، مما ينتج في الوقت ذاته تناوبا آخر بين حكاية وحكاية واصفة وخارج الحكاية. ومن ثم يصبح الانصراف الذي يعد وجه الإطالة بالإقحام مختلقا الأسباب لمنع المحكي من الوصول إلى نـهايته (3).

تلك طرائق رآها جينات وسائل مفضلة لدى سان آمون لإطالة محكيه بعد أن كان جملة بسيطة فصار محكيا تتسع لها آلاف الأبيات الشعرية، ولا شك أن تلك التقنيات لا يلتفت إليها حين تتبع المسارات الفكرية لنظرية التداخل النصي بله الأطراس. فلا يستبعد ـ والأمر هكذا ـ أن تكون أطراس جينت مرحلة متطورة مما لاحظه في محكي الباروك، وليس حلقة متضافرة مع ما أنجزته جماعة تيل كيل، بحكم تباين التوجهات بين الطرفين، ولا شك أن تقديم الأطراس مفصولة عن سياقها الخاص الذي يعود في الأصل إلى البلاغة، من شأنه أن يضع المفاهيم على حافة الالتباس الذي يقود لا محالة إلى القصور، فتفقد معه المفاهيم فاعليتها وخصوصياتـها. يظهر ذلك جليا في طبيعة استقبال أطراس جينات في النقد العربي، فعلى الرغم من مساحة ذلك التلقي الضيقة إلا أن تقديمها مرتبطة ارتباطا وثيقا مع التداخل النصي وتعويمها ضمن سياقاته الخاصة يفقدها دقتها ووضوح إجراءاتـها.

تستند أطراس جينات إلى البلاغة أكثر من استنادها إلى حوارية باختين مثلا، فهي عنده مجاز قبل أن يكون انتقال فكرة أو امتصاص نص لنص آخر، إذ المجاز لا يخرج عن كونه انتقال إحساس من شيء إلى آخر، وفي الانتقال استكشاف لجوهرالأشياء وإبراز لأوجه التطابق والاختلاف. وعبر المجاز أيضا تتم العلاقة بين إحساس في الحاضر وآخر في الماضي، ما دام المجاز يخرق المسافات الزمنية والمكانية. ولاشك أن محكي الباروك وبعده محكي بروست يجسدان هذا المعطى إذ لا يخرج التمدي فيها عن المفهوم العام الذي سيتبلور في أطراس. وقد اصطحب جينات المفهوم نفسه في كتابه ذائع الصيت أطراس، وعلى الرغم من المسافة الزمنية التي تفصل بين قراءته لمحكي الباروك 1968، وقبله ملاحظاته الأولية حول أطراس بروست 1966 إلا أن المفهوم لم يتغير كثيرا، وإن جنح به جينات إلى ضرب من التفريع والتدقيق الناتج عن نضج التصور ووصوله مرحلة التفصيل والتعميق.

إذا كان جينات قد أشار في كتابه إلى خمسة علاقات ممكنة بين نص وآخر (التداخل النصي، النص الموازي، النصية الواصفة، معمارية النص، التعالق النصي) فإن العلاقة الأخيرة رآها أكثر أهمية وخطورة، إذ ليس ثمة نص وفقها لا يشير إلى نص آخر. ويرصد الأشكال التي تتحقق وفقها المتعاليات النصية Tanstextualité في النص المفرد. إذ تعود في بعض أوجهها إلى التمديد الذي لا يبتعد كثيرا عن التحول(4)، فالنص المتعالي يقيم جسور تلاقيه مع نص سابق، إما بمراجعة موقفه من العالم، وإما بنقله من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب، وإما بتغيير مواقع حدوث أفعاله، فيصبح التعالق النصيHypertexte  قائما على تحويل نص سابق من خلال سيرورة موضوعاتية أو شكلية (5).

يقدّم جينات هذه المرة الباروديا  Prodieمن أجل استكشاف طرائق بنائها القائمة على التمديد والتحويل والنقل أكثر من اعتماده على بناء مكوناته الخاصة، فإذا كانت البارويدا جنسا هجينا، فتلك الصفة مصدرها صياغته الخاصة التي استهجنها أرسطو حين قسم الأجناس إلى :

                             ـ فعل سام بصيغة درامية          تراجيديا

ـ فعل سام بصيغة سردية          ملحـــــمة

ـ فعل دنيء بصيغة درامية        كومـيديا

        وأغفل فعل دنيء بصيغة سردية      بــاروديا

في حين أن جينات رأى بناءها قائما على نوع من نقل الموضوع أو الأسلوب من حالة إلى أخرى :

ـ نص / جنس سام       موضوع ساذج (تحويل النص عن غايته بتغييره ما أمكن).

ـ نص / جنس سام       أسلوب ساذج (الإبقاء على الموضوع مع تحويل الأسلوب.

ـ جنس سام              أسلوب ساذج (استعارة الأسلوب لموضوع قد يكون متناقضا مع ما هو متعارف عليه في الأجناس السامية).

يمكن تبعا لذلك اعتبار الباروديا إضافة أو إنقاصا مع الإبقاء على ما هو قادر أن يذكر بالنص الأصلي، وإذا كانت عمليتا النقل والتحويل لا تخص عادة غير مقاطع صغيرة، فإن ذلك لا يمنع من إمكان نقل النص من جنس إلى آخر، وبدل البحث عما يميز كل جنس يصبح الاهتمام موجها إلى ما يعلن تداخلها.

         يبدو أن عملتي النقل والتحويل لا تخص نصا بعينه ولا جنسا محددا، فهما ظاهرتان عامتان، وإن كانت الباروديا تمثل وجها متميزا وتاريخيا لها، ذلك أن كثيرا من الآليات تعمد إلى استدعاء نص أو نصوص، وإحداث تغيرات في بنائها لتظفر ببنائها الخاص transposition، إما :

ـ تغيير الموضوع ( القلب الإيديولوجي).

ـ تغيير الصوت ( الانتقال من ضمير إلى آخر).

ـ تحويل فضاء النص.

ـ إعادة كتابة النص.

والظاهر أن النص ـ أي نص ـ يمكن أن يخضع للتحويل والتغيير، انطلاقا من مكون واحد أو مجموعة من المكونات، وأن كل تحويل ـ مهما بدا جزئيا بسيطا ـ فإنه تطريس، ما دامت آليات بنائه قائمة على الاختلاف المحدث بين النص الأصل والنص الهجين، والتطابق الذي لا يقد لا يعلن بالضرورة.

  يتخذ التعالق النصي عند جينات أشكالا أخرى كأن يكون ملخصا digest الذي يقدم نفسه مستقلا عن مرجعيته، وقد ينفصل فيه المقام التلفظي عن مقامه الأصلي. ولا يبتعد تسريد المسرحية ومسرحة السرد عن ذلك التصور، إذ إن فعل تحويل نص من صيغة إلى أخرى يقتضي تغيرا في مكونات مرتبطة به (الزمن، المكان، الصوت، التبئير) التي لا يتطابق وجودها مع الصيغتين السردية والدرامية.

  لا شك أن هذه التفصيلات والتفريعات داخل التعالق النصي لا تشير إلى ولع جينات بتجزيء المجزأ فحسب، بل تكشف شمولية التصور وإرفاق المفهوم بإجراءات دقيقة واضحة لا يختلف في فاعليتها ووجودها. على خلاف مفهوم التداخل النصي الذي لا يعده جينات سوى وجه واحد من وجوه أطراسه . ومن ثم يصبح سؤال هوية مفاهيم جينات في أطراسه مشروعا، فهل مشروعه متضافر مع ما أنجز من كريستيفا وريفاتير؟، أم إنه يكوّن لنفسه تصورا خاصا يتطابق معه في المبدأ العام الذي يفقد مع النص نقاءه وصفاءه، لكنه يختلف معه في الإجراءات، وفي الإطار المعرفي الذي يتحرك وفقه؟.

إن الانتقال الجديد من التوالد داخل المحكي إلى توالد النصوص وتعالقها، يؤكد الانسجام الذي طبع مسار جينات الفكري، وألا شيء عنده خاضع للصدفة، فالمفاهيم لا تولد دفعة واحدة . وتاليا لا ينبغي أن تقدم مفصولة عن أسيقتها الخاصة ومسارها القائم على مبدأ التدرج، ولا شك أن عملا بـهذه المواصفات لم يحن أوانه بعد في تعامل النقد العربي الحديث مع المنجز الوافد.

هوامـش :

1 - Gérard Genette, Métalepse, Paris,  éd, Seuil, 2004.pp.9.10.

2 ـ عمارة لخوص . كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك ؟ الجزائر، منشورات الاختلاف، 2003، ص.10.

3 - Gérard Genette, Figures II, 196-202

4 - Gérard Genette, Palimpsestes la littérature au second degré, Paris, éd, Seuil, 1982, p.237.

5 - Gérard Genette, Figures IV, Paris, éd, Seuil, 1999,p.21.

@pour_citer_ce_document

مصطفى منصوري, «جنيت وتناسل المفاهيم من النص المفرد إلى التعالق النصي»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 116 - 122,
Date Publication Sur Papier : 2009-10-01,
Date Pulication Electronique : 2012-05-07,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=444.