شرطيات المردود التعليمي الجيد للجامعة الجزائرية في ظل عولمة التعليم
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°11 Juin 2010

شرطيات المردود التعليمي الجيد للجامعة الجزائرية في ظل عولمة التعليم


pp : 51 - 63

نصر الدين جابر
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

إن النظام التعليمي جزء من البناء الاجتماعي الكلي ، يتفاعل معه متأثرا به و مؤثرا فيه، و يدور حول الأهداف المشتركة للمجتمع ، و هو إن لم يوفق في ضبط قدراته على الفعل والإنجاز بما يضمن استمرار المجتمع الذي ينتمي إليه و تطوره تلاشت فعالياته ، و انتهى به الحال إلى إعادة النظر و إلى صياغات أخرى تلبي حاجيات المجتمع .

والجامعة بصفتها مؤسسة اجتماعية وحضارية متخصصة في صناعة مخرجات لتلبية حاجيات البلاد في مختلف المجالات، ولكونـها كذلك فهي نظام مفتوح يشكل كيان متكامل يتكون من أجزاء وعناصر متداخلة تقوم بينها علاقات تبادلية من أجل أداء  وظائف وأنشطة تكون محصلتها النهائية ناتجا تعليميا ملبيا حاجة المجتمع في مستواه الكمي و النوعي .

ويواجه التعليم العالي في عصر الثورة المعرفية تحديات مختلفة نتيجة الإنجازات الهائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي أدت إلى تلاش ي الحدود بين الدول وجعل العالم قرية صغيرة في ظل العولمة والانفتاح الاقتصادي. لقد أدى هذا إلى وجود تنافس محموم بين المؤسسات التعليمية في تأهيل وبناء الإنسان الذي أصبح رأس المال الحقيقي في عصر الاقتصاد المعرفي الرقمي الجديد .

وحظيت الجامعة وستحظى دائما، بالقيمة الثابتة في سيرورة تاريخ تطور الدول، ذلك أن البناء الحق للدولة يبدأ من الجامعة، كما أكد ذلك (ماكس فيير)، فهي تعد المختبر الحقيقي لتوليد المعرفة فضلاً عن رعايتها وتنميتها وتعميمها لتخدم واقع وحقيقة التنمية للشعوب (1) .

ولقد دفعت ظاهرة العولمة وسياسة الانفتاح الاقتصادي العديد من الدول للتركيز على تطبيق معايير النوعية والتميز لضمان جودة المخرجات وتحسين مستوى الخدمات وخاصة في المؤسسات التعليمية، والعولمة لم تعد شأن اقتصادي تخص التجارة والأسواق والهيئات العالمية بل أصبحت تشمل الحياة برمتها، حيث تمدد المفهوم واتسع ليشمل الثقافة والتربية والتعليم والإعلام والاجتماع والتاريخ والجغرافيا والبيئة .. الخ، إنـها خطاب ما بعد الحداثة والمتعلق بإزالة الدولة الحداثية وتـهديد مباشر لسلطة الدولة المحلية على المكان والعلاقات الاجتماعية المحلية ( 2) .

فالعولمة كما يراها البعض هي تعميم أساليب العيش والحياة الغربية، والتواجد اللامحدود مكانيا وزمانيا للأنشطة الإنسانية الغربية الثقافية منها والاقتصادية، عبر الشركات المتجاوزة للحدود الوطنية، وتقليص سلطة الدولة إلى مجرد تصريف الأعمال (3) .

ولأن النظم التعليمية وليدة الظروف الاجتماعية والحضارية التي نشأت فيها وجب أن نراعي الملاحظتين الآتيتين :

ـ الاهتمام بتحديد أهداف التنمية في أي إصلاح تربوي .

ـ النهوض بالمجتمع لا يكون إلا مصحوبا بالتجديد في ميدان التربية والتعليم ( 4) .

ويعتبر الحقل الثقافي من أهم الحقول المتأثرة بالمتغيرات والتحولات الدولية الراهنة خصوصا في مستوى اشتداد الصراع الثقافي، وسيادة الثقافة العالمية في جميع الميادين، والتحدي الكبير الذي سيواجه العالم في السنوات القادمة هو تحد ثقافي بالأساس (5) . والتحليل الذي قدمه لويس راتينوف  Louis Rtinof  (ثقافة العولمة) و علاقتها بالتعليم يؤكد على أساسين هامين :

ـ الأول : هو تأكيده على الثورات الاجتماعية بعيدة المدى و التي تعد سمة من سمات عصرنا ، وعلى ما ينشا عنها من اضطراب عالمي ، إذ يشير بان أي شيء قد يحدث ومن هنا تنشا مشكلات فقد الهوية للأفراد و الجماعات ، ومشكلات أخرى أكثر حدة بتحقيق التكامل الاجتماعي وسط مناخ من عدم الأمن و النزعة الفردية و الفقر المتزايد .

ـ والثاني : يتعلق بإمكانية تقديم التعليم أو القدرة على التعليم ، في مثل هذا الجو من الشك والمعالجة قصيرة الأمد ، في حين أن التعليم عملية تقدير طويلة الأمد للاحتمالات المستقبلية .

ويلتقي التصوران في توضيحهما أن العلاقة بين العولمة وآفاق التعليم إنما هي علاقة تمثل مشكلة حادة (6) .

وفي عالم اليوم صارت التربية والتعليم أكثر من مجرد خدمة استهلاكية بل استثمار في الرأسمال البشري، وإنـها إحدى أكبر الرهانات التي يجب أن تضبط حركتها وإصلاحاتـها على وقع إفرازات الواقع الاجتماعي الداخلي والتغيرات العالمية الجديدة لاسيما عولمة التعليم .

وإن كان التعليم لم تصل حركة عولمته بعد مستوى ما بلغه الاقتصاد من اندماج في الدورة الاقتصادية العالمية، فإنه وأمام التغيرات الكبيرة في الاقتصاد والثقافة والإعلام بدأ الحديث يدور عن كيف يجب أن يتغير التعليم ؟ ، وبدأ الاهتمام أكثر بتأثير العولمة Globalisationعلى التعليم العالي، فالكثير من الاتفاقيات في الاتحاد الأوروبي طالبت المؤسسات أن تسعى من أجل التنسيق للوصول إلى برامج موحدة، وأن تعدل من تعريفاتـها للمهن التي تقد من أجلها برامج التدريب، وتسعى الجامعات في أمريكا الشمالية من أجل تسهيل تبادل الطلاب والخريجين عبر الحدود . وقليل هي البحوث المنشورة التي تقدم تقييما للآثار المباشرة على النظم التعليمية ( 7) .

وإن دراسة متأنية لتداعيات العولمة على مستوى الجامعات المتقدمة، تؤكد لنا كيف أصبح تعميم العولمة من المسائل المحتمة والتلقائية، أحببنا ذلك أم كرهنا، وهو ما أطلق عليه مهندسها باري فيلس  enevitalismThe logic ofأي أن العولمة هي ظاهرة حتمية (8) .

وفي التعليم العالي, نعني بعولمة التعليم عملية إدماج البعد الدولي في التعليم العالي والبحث والخدمات. ولقد أدَّت التكتّلات في التعليم العالي إلى التغيير في العلاقات بين التعليم العالي من جهة, والمجتمع والاقتصاد من جهةٍ أخرى عندما أصبحت المعرفة المورد الرئيس في الاقتصاد المتقدِّم; أي ما يسمَّى بالاقتصاد العائم على القاعدة المعرفية. ويوجد حالياً ما يزيد على (8000) جامعة, و(7000) معهد للتعليم العالي بينها اعتراف متبادل, وأكثر من (82) مليون طالب جامعي, ويتوقَّع أن يصبح العدد (100) مليون طالب عام 2025 (9) . ونتج عن ذلك عولمة التعليم الذي أخذ أشكالاً جديدة كالتعليم عن بعد، والتعليم المفتوح، والتعليم الإلكتروني، وغيره. ويجدر الإشارة إلى أن أهم تحديات العولمة المعرفية هو الارتقاء بنوعية التعليم والالتزام بالمعايير والمرجعيات العالمية، وصولاً لتطبيق معايير إدارة الجودة الشاملة بمستوياتـها الثلاثة، المدخلات والعمليات والمخرجات .

وتوحي الكثير من المؤشرات والدلائل أن الجزائر كغيرها من الدول العربية والنامية في العشرية الأخيرة من الألفية الثانية، وبداية الألفية الثالثة، تعرف تحولات مست ميادين عديدة في السياسة والاقتصاد  والثقافة والتربية والتعليم .. و هي التحولات التي لازالت قلقة ومحل سجال إن في المجتمع السياسي أو المجتمع المدني، ويمكن كشف مداراتـها وملامحها في الخطاب السياسي والإعلامي والتربوي والشعبي، وكل ما يمكن تخريجه منها هي أنـها متفقة في وصف الوضع التربوي بالضعيف، لكنها تختلف حينما تكون بصدد طرح المشروع البديل الذي يرى فيه كل تصور أنه المنقذ ( 10) . وتعالت في هذا السياق العديد من الأصوات والأطروحات في مجال إصلاح التعليم الجامعي تنوعت صياغاتـها بتنوع تياراتـها الفكرية والسياسية والأيديولوجية بين مؤيد ومعارض لنتائج التكيف إلى عولمة التعليم، مع اتفاق الرأيين على حتمية التغيير والإصلاح .

ومؤيدو التكيف إلى عولمة التعليم يرون أن التعامل معها يعني مواكبة تطورات البحث العلمي لحظة بلحظة من خلال الارتباط العضوي بشبكات الاتصال الانترناتية الدولية . كما أنـها تمكن حقا من استيعاب الاستكشافات البحثية والتكنولوجية والنظريات الفاعلة، والتي أحدثت تحولاً عميقا، بل وجب القول ثورة هادئة وعميقة جداً في المعالجة والفهم والآليات والممارسة . والعولمة تعني الوصول إلى بنوك المعلومات المختلفة والحصول على المعلومات الأرشيفية المتعلقة بتاريخنا وحضارتنا وواقعنا السياسي والاقتصادي والمعرفي، وتلك هي أكبر الخدمات التي توفرها الإنترنت، باعتبارها القناة الجديدة لاختصار الزمن والوقت والمال لموقعة الباحث الجامعي، ليعيش عصره والثورة الاتصالية الإلكترونية .

إلا أن التيار  المضاد في العالم وفي عالمنا العربي ركز على سلبيات العولمة واعتبرها نظاماً "استعماريا" أي مشروعاً للهيمنة ولإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية لطمس الهوية العربية والتخلص من المشروع النهضوي العربي . والعولمة الثقافية المعرفية ـ كما يؤكد هذا الفريق المعارض ـ هي تعميم الثقافة الأميركية، وهي نفي للآخر، وتبرير للاختراق حتى يهمش.

وأكد مثل هذا التوجه بعض المنظرين العرب من أن العولمة هي أيديولوجية تعكس الهيمنة على العالم، وأن خلفياتـها البعيدة، قضت بإفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى التفتيت والتشبث بعالم اللاحق واللاأمة واللادولة، وهو ما أطلق عليه ثقافة الضحية  Culture de la  victime (11).

والتساؤل الذي يفرض نفسه الآن، ما هو وضع التعليم العالي الجزائري والعربي عموما تجاه ظاهرة العولمة وتداعياتـها المختلفة عليه ؟ .

للإجابة جزئيا على هذا السؤال يستخلص مسارع حسن الراوي بعد فحص لدراسات وتقارير أعدتـها منظمات عالمية كاليونسكو، والمنظمات العربية والإقليمية كالأليسكو، ومراكز التربية العربية لدول الخليج، واتحاد المعلمين العرب، ومراكز البحوث القطرية، أن السمات البارزة التي تطبع التربية في البلاد العربية هي :

ـ التوسع الكمي : حيث يزداد عدد المتمدرسين خصوصا في المرحلة الابتدائية، كما أدت حملات محو الأمية إلى تحقيق نجاحات في بعض البلاد في عقد الثمانينات، وأدى هذا التوسع الكمي إلى تضخم عدد المعلمين والأبنية المدرسية والتجهيزات والإنفاق، لكنها تبقى دون الحاجة التي تطمح إليها الشعوب .

ـ المركزية الخانقة في أجهزة وزارة التربية والتعليم مما انعكس سلبا في مجال التنفيذ.

ـ زيادة كلفة التعليم وانخفاض في نوعية إنتاجيته .

ـ فقدان التوازن في الخدمات التعليمية المقدمة للمواطنين، مما يعني محدودية تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وديمقراطية التعليم، وهو يفيد إذن الافتقار إلى الشعبية والتنوع .

ـ طغيان الاتجاه القطري في التعليم وتغليبه على الاتجاه القومي الداعي إلى الوحدة العربية،  حتى صار التعليم وسيلة للدعاية والإعلام الذي يخدم السلطة بـهدف إعداد كوادر لتسيير شؤون الدولة .

ـ فقدان التوازن في محتوى التعليم ، وأنواعه إذ يغلب عليه الطابع النظري ، ولا تجد الجوانب التطبيقية كالمهارات والاتجاهات والقيم الاجتماعية العناية الكافية ، فهو تعليم يؤكد المحتوى والمادة أكثر من اهتمامه بـ : كيف نعلم ؟ وكيف نفكر ونحلل ونتخذ القرار ؟ . ويتبين أن سياسة النظم التعليمية واستراتيجياتـها هي في الأساس قطرية لا قومية،  غربية المنشأ لا عربية، نظرية المحتوى لا عملية، قديمة وتقليدية لا متجددة معاصرة، استهلاكية لا استثمارية، مستوردة وليست أصيلة، كل ذلك يجعلها غير قادرة على إعداد جيل يحقق الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية (12) .

وفي استطلاع ميداني لرأي قادة الفكر والنخب  العربية، عن أهم المشكلات والتحديات التي يتوقع أن يواجه بـها المواطن العربي ومجتمعه مع بداية القرن الواحد والعشرين على مستوى الوطن العربي كله، تم حصر 50 مشكلة وتحد مستقبلي تم تصنيفها في ثمان مجموعات كبرى منها :

ـ تحديات اقتصادية وتكنولوجية وعلمية ، وتتضمن تخلف البنى الاقتصادية الأساسية والديون الخارجية والضائقة الاقتصادية والبطالة وضعف القدرة الإنتاجية وارتفاع كلفة المنتوج وغياب الاستقلالية العلمية التكنولوجية .

ـ المسألة الاجتماعية لافتقاد العدالة، والتفكك الاجتماعي والصراع القيمي والديني، ومشكلة الأقليات، وأزمة الهوية، الأصالة والمعاصرة .

ـ المسألة التعليمية أين تبرز ضعف الكفاية الخارجية للتعليم العربي، وتدني الإنتاجية العلمية للجامعات، وانحطاط السياسات والاستراتيجيات التعليمية، وغياب التنسيق وتبادل الخبرات التعليمية (13) .

نشير أولا أن عدد الكليات والجامعات في البلاد العربية بلغ 400 بحدود سنة 2000، بعد أن كانت في سنة 1990، بعدد 280، وهي حتما اليوم تتجاوز 450 جامعة وكلية (14) . إلا أنه ـ مع أسفنا العميق ـ لم تؤهل أية جامعة عربية واحدة اليوم لتكون مصنفة ضمن 500 جامعة متقدمة في العالم، من حيث فلسفة المحتوى التدريسي، والمكانة التي منحتها للمعرفة والبحث العلمي، والأساتذة المميزين الذين يشرفون على حظوظها . حتى وإن كانت معايير التصنيف هذه قابلة للنقد والمناقشة، وحتى الجامعات الأعرق في عالمنا العربي لم تستثن واحدة منها، لتدرج ضمن قائمة الـ 500 جامعة تلك، وهي حقيقة دامغة ومحرجة بل هي حزينة حقاً، إذا أخذنا في الاعتبار مدى التضحيات الجسام التي واكبت إنشاء الجامعات العربية خلال القرن العشرين .

ولعل أهم ما ميز هذه الجامعات النموذجية الدولية هو استخدامها الموسع والكاسح لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، إذ بقطع النظر عن محتوى العولمة الإيديولوجي والفكري، فقد نجحت في تجاوز المسافات بين الحضارات والشعوب، وبرزت من خلالها نـهاية الجغرافيا، لتضاف إلى نـهاية التاريخ التي كتب عنها فوكوياما. كذلك ومن نافلة القول إن الجميع قد انخرطوا فيها، بما في ذلك الحركات المضادة للعولمة عندما وجدت نفسها تستخدم التكنولوجيات الحديثة .. الخ، وكان لهذه الظاهرة تداعياتـها على مختلف الأصعدة، كنظرة الإنسان لذاته ولموقعه في الكون ولعلاقته مع الآخر .

ولنطرح عدة أسئلة تتعلق بمدى انتشار استعمال الأنترنت في الفضاءات الجامعية، ومدى إعداد واستعداد هيئات التدريس للتعامل معها، ثم مدى استعمالها ومردوديتها في التدريس بالنسبة إلى الأساتذة والطلبة، وهم الذين لا يستفيدون من هذه القناة المعولمة، إلا بنسبة أقل من عشرة في المئة فقط، لغرض التبادل العلمي والمعرفي مع بقية الجامعات والمراكز البحثية الدولية. لنتعرض في ما يأتي إلى بعض المجالات التي أثرت عليها ظاهرة العولمة والتي يمكن من خلالها أن نستكشف مدى مواكبة الجامعات العربية للتطورات التكنولوجية المعولمة أو عدمها.

فالعولمة البحثية هي الوقود الحقيقي والدائم لمستقبل الجامعة، إذا أريد حقاً النهوض بـهذا القطاع الحيوي وموقعته دوليا . فعلينا الاستفادة من خدمات الإنترنت لتبني استراتيجية معولمة عربية، تقضي بالتواصل بين الجامعات والمراكز البحثية العربية في ما بينها ومع غيرها من الجامعات الدولية، والعمل على إعادة النظر في محتوى برامجنا التقليدية لهذا التدريس البائس اليوم وغير المحفز لتوليد المعرفة الحقة .

وهناك ملف آخر ساخن ودقيق جداً إلى درجة الخطورة على مستقبل التعليم العالي العربي وهو المتعلق بإقامة الجامعات الافتراضية النموذجية، مثل ما تم اليوم في جامعة السوربون الفرنسية، وجامعة كامبريدج البريطانية، وجامعة هارفاد الأميركية وغيرها من الجامعات الدولية الأخرى، عندما تبنت مناهج متقدمة جداً نقلت إنتاجيتها البحثية و المعرفية على الصعيد الدولي، وخططت إلى بناء العقول وفقاً لمنظومتها الحضارية. إن مقترح الجامعة الافتراضية العربية ـ لو تم تبنيه على مستوى البلاد العربية ـ فلسوف يحجم كثيراً الجامعات العربية التقليدية غير المواكبة تماماً، والتي أدت إلى تـهميش الأساتذة والطلبة في الوقت نفسه .

وتماشياً مع تبني العولمة الفاعلة والبناءة على مستوى المؤسسات الجامعية العربية، يأتي ملف النشر العلمي المشترك سواء ما يتعلق بالدوريات الجامعية العربية أو الأطروحات أو غيرها من الكتابات العلمية الموثقة، والكل على علم ودراية بالحال البائسة التي عليها النشر الأكاديمي العربي عموماً، والذي لا يشكل إلا نسبة النصف من واحد في المئة من النشر في العالم. أما حال النشر الجامعي، فهو أكثر سوءاً ولا شك، وبحيث لا تتوافر حتى يومنا هذا إحصاءات دقيقة للإنتاج البحثي العربي في كل جامعة عربية. ونعرج على ملف آخر لا يقل أهمية هو مدى تفاعل مؤسساتنا الجامعية والبحثية مع ظاهرة النشر الإلكتروني كأحد مظاهر العولمة .

إضافة إلى قلة الاعتمادات المالية المخصصة من طرف الدول العربية والنامية بما فيها الجزائر الموجهة للبحث العلمي والأكاديمي خصوصا . وهنا أعطي مثالا بارزا واحدا للدلالة على القيمة العليا للجامعة، وهو أن موازنة جامعة هارفارد وحدها هي بحدود عشرين بليون دولار، وهذا المبلغ يساوي ضعف موازنة وزارة التعليم العالي الفرنسي برمتها ( 15)، فما بالك بما يخصص للتعليم العالي العربي اليوم في هاته الجدلية الدقيقة والخطيرة ! . ولنا اليوم في تجارب بعض دول النمور الآسيوية مثل ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية، هذا فضلاً عن اليابان والولايات المتحدة الأميركية، أبرز الشواهد على آليات وديناميكيات ما يحظى به التعليم العالي في الجامعات والمؤسسات البحثية من عناية واهتمام .

والتجربة الجزائرية في ميدان التربية والتعليم في كل أطواره ثرية وأكدت في كل مرحلة أنـها قادرة على التمنع من المثبطات الكبرى، واستطاعت أن تجد مكانا لها في العالم، لكن هذا لا يعني أن مقدار النجاح كان في مستوى الإمكانيات والطموحات، لذلك يجري الحديث عن الإصلاح في منظومتنا التعليمية والتكوينية والتربوية ككل بكثير من الاهتمام .

والتحديات التي يفرزها الواقع في الداخل والخارج يفرض رسم استراتيجية قادرة على تحقيق أهداف المجتمع من التعليم و التكوين العاليين  بالشكل الذي يضمن حصانة هويته وتأمين مكانة له بين المجتمعات الأخرى خاصة في ظل انتشار عولمة متعددة الأوجه بوتيرة سريعة لاسيما عولمة التعليم و التكوين، وتلك الاستراتيجية تتطلب عملا مزدوجا ومتزامنا : سياسيا وتقنيا، فأما السياسي فهو شأن يتعلق بأصحاب القرار، حيث يكون الهاجس الأكبر لديهم رسم فلسفة واضحة للتعليم والتكوين والتربية ككل، الأمر الذي يتطلب التجرد من الرؤية الماضوية الضيقة والمحدودة والسعي إلى إيجاد أرضية يمكن أن تكون قاعدة مذهبية للتربية والتعليم والتكوين، شريطة أن تتأسس من قناعة اجتماعية لا من صناعة نخبة تصادر أهلية أهم طرف في المعادلة، ويكون مفيدا في هذا السياق للأجهزة الرسمية أن تلتزم منهج الإصغاء في مرحلة التشخيص على الأقل .

وأما الشق التقني، فيجب أن يترك لأهل الاختصاص حرية البحث العلمي فيه من غير شروط مسبقة تكتم روح البحث أو تحيد به بعيدا عن الصوابية والموضوعية، وتكون قاعدة الانطلاقة فيه الاستفادة من الخبرة الإنسانية أينما تبينت بالدليل إمكانية تلك الاستفادة . على اعتبار أن العلم لا جنسية له ، وأن التراكم المعرفي هو تراكم معرفي إنساني، ينتقل إلى الأماكن والفضاءات المشجعة على  النمو والازدهار . وفي كلا المنحيين وجب أن ينظر إلى التعليم العالي على أنه ظاهرة دينامية أو عملية تغيير اجتماعي ثقافي واقتصادي . وإدراكنا منها لحتمية التقييم والتعديل والتصويب، وأن الثابت الوحيد في عالمنا اليوم هو التغيير، بادرت الدولة  الجزائرية ـ و عبر مراحل زمنية متعاقبة ـ إلى طرح عدة مشاريع لإصلاح الجامعة آخرها التجسيد الفعلي للنظام التعليمي الجامعي L M Dفي العديد من الجامعات والتخصصات، و هو أحد نماذج عولمة التعليم العالي .

وتاريخيا إن الإصلاح الرامي إلى تطبيق نظام (ليسانس ـ ماستر ـ دكتوراه) أو ما يرمز له باختصار بـ LMDنابع ـ في حقيقة الأمر ـ من الرغبة المشتركة للدول الأوروبية في تجسيد سياسة التعليم العالي، بدأتـها أربع دول : فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، بريطانيا، في سنة 1998، ولقد مر تطبيق هذا النظام بعقد عدة لقاءات وندوات يمكن إيجازها في المحطات الآتية :

1998 .Paris-la France ( 4 pays ) déclaration de Sorbonne

1999. Bologne- L’Italie ( 30pays ) déclaration de Bologne

2001.Brague-République Tchèque  ( 33 pays ) communiqué de Brague

3003 .Berlin -L’Allemagne (40pays ) communiqué de Berlin

2005 Bergen –la Norvège ( 45 pays ) communiqué de Bergen

2007 Londres –L’Angleterre la conférence ministérielle

La prochaine conférence ministérielle  aura lieu le 28/29/Avril 2009 à Louvain -la Belgique

وهو نظام شبيه بالنظام التعليمي الأنجلوسكسوني  Bachlor-Master-Ph.D، ولقد حدد الاتحاد الأوروبي سنة 2010 كآخر أجل للدول الأوروبية للانخراط في هذا النظام . و من المبررات الأساسية المعتمدة في تبني هذا النظام في الدول الأوروبية خاصة هو مواجهة الهيمنة التكنولوجية والقوة الاقتصادية لأمريكا ممثلة للقطب الأنجلوسكسوني، واليابان ممثلا لقطب نمور آسيا .

إن التسمية المختصرة LMDلا تعبر عن تسميات لشهادات فحسب، بل هي كذلك مستويات تعليمية ـ تكوينية يتم الحصول عليها ضمن مسارات دراسية يسمح كل منها باكتساب عدد معين من الأرصدة، و من أهدافه :

ـ تيسير حركية Mobilitéتنقل الطلاب والمدرسين والباحثين بين مختلف الدول التي تتبنى هذا النظام .

ـ تطوير قدرة التعليم العالي على التأهيل المهني .

ـ تخريج جيل جديد من الكفاءات يحمل تكوينا متعدد الاختصاصات، يكون قادرا على التأقلم مع عالم سريع التغير.

ـ جودة التعليم من خلال تثمين مخرجات التعليم والتكوين العاليين .

ـ إرساء مسار تكويني مرن وناجع ذي صبغة أكاديمية أو مهنية يوفر للطالب في كل المستويات إمكانية الاندماج في النسيج الاقتصادي والاجتماعي .

ـ تسهيل انخراط الطالب في  سوق العمل .

والشاهد الآن أن العديد من الدول ـ غير دول الاتحاد الأوروبي ـ انخرطت في تبني هذا النظام بما فيها الجزائر، وإن اختلفت في وتيرة ودرجة تجسيده، وفي توفير المنظومة التشريعية والموارد البشرية والمالية المساعدة في ذلك .

وبالرغم من المزايا المرتبطة بتبني تطبيق نظام LMDفي التعليم العالي، فإننا نشير في الأخير أن المعطيات والإحصاءات المستخلصة من ورشات العمل والندوات والملتقيات الوطنية والإقليمية الخاصة بـهذا النظام، تؤكد بأن  إدراك المفاهيم الأساسية لهذا النظام  وتطبيقها على أرض الواقع يعاني جملة من الصعوبات الأيديولوجية والمعرفية والتشريعية واللوجستية .

إن المنظومة التربوية والتعليمية في الجزائر ـ في هذه المرحلة المفصلية ـ تواجه جبهتين في الآن ذاته، فهي ـ على مستوى المجتمع ـ مكلفة بتوفير التعليم لأبناء الوطن في أطواره ومراحله، وهذا الهدف تحاصره مجموعة من المعوقات المرتبطة بحالة الاقتصاد الوطني، الذي يعرف أزمة تحول، ويحاول أن يتكيف مع شروط الاقتصاد الدولي، وما يرتبط بشبكة المنشآت والهياكل، وغيرها من القضايا ذات العلاقة، وفوق ذلك عاصفة تخريب المنشآت التعليمية في العشرية السابقة، مع تلك الظروف المادية هناك تعددية في النظر إلى التربية من الناحية السياسية يسري مفعولها بشكل لا رسمي في الفعل التعليمي، وهو ما أدى إلى تقويض المربع البيداغوجي لدور المؤسسات التعليمية بما فيها الجامعة، وأما في المستوى العالمي فإن التنافس في مجال التعليم شرس في إنتاج المعرفة أو في استهلاكها وتطبيقاتـها .

والمنظومة التعليمية الجامعية في الجزائر تعيش في الحاضر بحوامل الماضي الإيديولوجي، وتجابه في وضعها تحديات من الداخل وأخرى من الخارج تمتزج خيوطهما وتتداخل في فضاءات ومنابر يصعب فرز هذه من تلك، وهي في كل ذلك مجبرة على مقابلة جبهة المستقبل بتحسس معالمه ومستوجباته بتأني وبلا تردد . ومن ثم فان قدرتـها على استيعاب حاجات المرحلة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا يعمل في صالح تعزيز جاهزيتها للدخول في المستقبل بضمانات كافية تحفظ للأجيال حقها في الوجود الكريم في هذا العالم المتغير، والذي يحكمه من امتلك ناصية العلم والتكنولوجيا، وبالتالي السياسة والمال، ويتهاوى فيه من لا يقوى على ربح موقع في المنافسة العاصفة الجاري قيادتـها من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .

وثمرة هذه المحاولات من الإصلاح هو إعداد مخرجات الجامعة لواقع يتسم بتنافس قوي وأحيانا شرس لأجل التطور والبقاء، بدأت خيوطه ترتسم في عصر العولمة، وعلى رأي محمد عابد الجابري فإن أمة الغد هي (أمة السبرنتيك)، وهي التي لا يعرف ولا يعترف أبناؤها بالعناصر التي تحدد بـها الهوية في العالم التقليدي كالوطن والانتماء العرقي والديني والجغرافي، وهذه الرؤية تؤكد على نـهاية دور الدولة المحددة للهوية وكمصدر للسلطة القانونية (16)، ورغم أن هذا المشهد هو الذي تحاول صنعه أدوات العولمة إلا أن هامشا يظل مفتوحا للقيادات والكفاءات الوطنية تستطيع من خلاله إثراء الأبعاد الاجتماعية والحضارية والاقتصادية  للعملية التعليمية والتكوينية للجامعة الجزائرية. وأي عملية لتقييم وإصلاح منظومة التعليم العالي في الجزائر يجب أن لا تنكمش على الذات ولا ترفض التفتح على الآخر والتعامل معه  في إطار تفاعل إيجابي، وبعيدا عن عقدة المغلوب الذي يصفه ابن خلدون بأنه أبدا مولع بإتباع الغالب، لذلك فإن مراعاة الواقع الاجتماعي ومستوجبات الاتجاه التنموي في الجزائر وفق سياسة تربوية وتعليمية وتكوينية عمل من شأنه أن لا يبقي الأستاذ والطالب  على هامش الحياة في داخل الوطن وفي خارجه، واستراتيجية من هذه الطبيعة سوف تجعل الجامعة تؤدي الدور الاجتماعي والعلمي ضمن دورة حيوية التحرك الوطني العام، ولا يكون إغفال هذه المعادلة سوى خسارة لعامل من عوامل النجاح . والواجب حينئذ أن تدخل أي استراتيجية لمنظومة التربية في حسابـها التأثيرات التي تقابل التربية في المستقبل، وهي ـ حسب إبراهيم ناصر ـ الزيادة الكبيرة في عدد التلاميذ المتمدرسين، وارتفاع عدد الذين يحتاجون منهم إلى عناية . والتفجر المعرفي الذي يشهد تطورا سريعا وتراكما للمعلومات وتشعبا للمعارف، وازدياد للتخصصات . وكثرة التخصصات واتساع المجالات وضرورة التأهيل المناسب لكل معرفة على حدى، مما يجعل التعليم فرديا حسب قدرات واستعدادات ومجال تخصص كل فرد (17) .

لقد ثبت أن التعليم العالي يمارس دورا حضاريا في المجتمع الذي ينتمي إليه، وهو لذلك ـ إن حظي بالرعاية ـ فإن مخرجاته تكون ذات مردودية وفاعلة، وإن همش تتعدى انعكاساته إلى ميادين و قطاعات أخرى عديدة في المجتمع، وفي الغالب لا ينتج من ذلك سوى تنمية للتخلف بكل مظاهره، والجزائر التي تعرضت إلى سياسة استعمارية طويلة ومريرة ورثت إفرازات منها بعد نيلها استقلالها، لكنها ما فتأت تعمل على تأصيل نظامها التربوي والتعليمي وتحديثه، وبذلت في سبيل ذلك جهودا كبيرة وحققت نتائج لا يستهان بـها، وهي في ألفية أخرى من الزمن وفي ظل مرحلة حاسمة تمر بـها أمام ضرورة استيعاب روح العصر من جهة وأزمة متعددة الجوانب تعصف بـها من جهة أخرى، ملزمة بإيجاد التوازن الذي يضمن لها البقاء والاستقرار ضمن ديناميكية تجعل نظام التربية عامل انسجام ووحدة وتقدم. ويمكن إيجاز شرطيات المردود التعليمي الجيد للجامعة الجزائرية في ظل العولمة في النقاط الآتية :

ـ تحيين و تحديد معالم الأهداف التعليمية والتكوينية للجامعة الجزائرية مع مراعاة الخصوصية المحلية، والمطالب الخارجية، والاستفادة من عولمة التعليم .

ـ تغليب  الجانب الكيفي  على الجانب الكمي أثناء عملية التكوين .

ـ تحفيز الإعداد الأكاديمي المعرفي العالي  للأستاذ والطالب .

ـ ربط مخرجات الجامعة  بمتطلبات سوق العمل .

ـ تدعيم وتوسيع دراسات ما بعد التدرج، خاصة في التخصصات العلمية الجديدة والدقيقة .

ـ المراجعة الدورية والمتأنية لمحتوى البرامج التعليمية والتكوينية وتطويرها .

ـ توسيع استعمال المعلوماتية والوسائل الاتصالية الحديثة في العملية التكوينية .

ـ تفعيل العلاقة البيداغوجية بين المكون والمتكون، وتقبل الطلاب .

ـ تزويد المكون الجامعي بالمعرفة العلمية المتعلقة بالمسائل البيداغوجية مثل : الإعداد الجيد للدرس، وانتقاء الطرق التدريسية المناسبة للمادة المقدمة، والوسائل والأنشطة المدعمة لها، القياس وأنواعه، التقويم وأشكاله وأهدافه . والاهتمام بنتائج تعلم الطلاب ومناقشتها مع الجهات المسؤولة . وتحليل  نسب النجاح و الفشل  في كل سنة أو طور تعليمي قصير أو طويل المدى .

ـ تطبيق الاستراتيجيات البيداغوجية الجديدة أي :

ـ جعل نظام التعليم العالي يستجيب لحاجات المتعلمين .

ـ جعل موضوع التعلم ذا معنى في نظر المتعلم ( معننة التعليم ) .

ـ حمل المتعلم على الفعل و الممارسة .

ـ جعل التعلم مستداما ( أي تعلما راسخا أطول مدة ممكنة ) .

ـ جعل نشاط تعلم المتعلم قادرا على ترحيل مكتسبات التعلم وتوظيفها في وضعيات جديدة ومعقدة .

ـ تجاوز سمات البيداغوجيا التقليدية في التعليم مثل : قبول دون تحفظ للسلطة التي تجمع بين المكون والمكون، والقبول بنتائج تحصيلية موزعة تقريبا وفق منحنى Gauss، والقبول أيضا بمبدأ تحديد دور المدرس في تقديم المعرفة، و يتمثل دور المتعلم في تلقي المعرفة واستبدالها بفكرة إشراك المتعلم في تعلمه، وتطبيق بيداغوجيا فارقية pédagogie différenciéeتتولى التكفل بالفروق الفردية بين المتعلمين في نواتج التعلم بغرض استغلالها واستثمارها .

ـ تفعيل دور المجالس البيداغوجية لما لها من أهمية في معالجة العديد من القضايا التعليمية .

ـ تشجيع التظاهرات العلمية والثقافية داخل الفضاء الجامعي .

ـ توفير المناخ المناسب واللائق بعمل الأستاذ والمساعد للطالب .

ـ إثراء المنظومة التشريعية القانونية لتسهيل حركية الأستاذ والطالب في المجال البحثي والمعرفي،  ولتوظيف وتفعيل وتثمين مخرجات الجامعة لتيسير انخراطها واندماجها في محيطها الاجتماعي  والاقتصادي من جهة، و تلبيتها لحاجيات المجتمع الذي تنتمي إليه من جهة أخرى .

ونذكر في ختام عرض محتوى هذه الورقة بمسلمة تبنى عليها حركية المجتمع وازدهاره، وهي أن الثابت الوحيد في حياتنا هو التغير، ومن ثم فان مواكبة ومواجهة إفرازات هذا التغير يتطلب وبشكل مستمر التفكير في رؤى تقويمية وأفكار تصويبية تتجسد في الغالب في مشاريع إصلاح تأخذ عدة أشكال ومسميات تمس سياقات حيوية مختلفة على المستوى المحلي أو الجهوي أو الإقليمي و حتى الدولي .

ومن السياقات الهامة في إنماء و تطوير المجتمع المستهدفة بـهذه المشاريع الإصلاحية السياق التعليمي والتكويني والتربوي بشكل عام والعالي بشكل أخص . فواقع الجامعة الجزائرية ـ بكل مكوناته البشرية والمادية والرمزية ـ يمثل مدار حديث متعدد الرؤى يتخذ مستويات متفاوتة من حيث القوة والاتجاه، تتراوح بين الخطاب الرسمي والخطاب الإعلامي والرؤية النقدية، ومشحون بالانطباع السلبي في غالبية المواقف .

وبغض النظر عن هذا الاختلاف في التصور والحلول، فإن التحديات الداخلية والخارجية باتت ملزمة للتغيير باتجاه الارتقاء بالمنظومة التعليمية الجامعية، فالعولمة وتداعياتـها والانفجار المعرفي وسرعة تقدم العلوم والتكنولوجيا والمتغيرات الداخلية الثقافية والسياسية والاقتصادية، هي جميعا دوافع ومبررات للتغيير والإصلاح في التعليم والتكوين العاليين الذي عليه أن يستوعبها بإيجابية ونجاح، لضمان مكانة محترمة للجامعة الجزائرية في الغد القريب أو البعيد . والنظر إلى مخرجات الجامعة بكثير من الاهتمام، لأنـها تعبر عن المردود أو ناتج التعليم ـ التكويني الذي على ضوئه ترسم معالم التعديل والتحسين الهادف إلى تجنب النقائص الملاحظة، وتعزيز عوامل النجاح وتثمينها . فالجامعة الجزائرية اليوم ملزمة بإيجاد التوازن الذي يضمن لها البقاء والاستمرار ضمن ديناميكية تجعل نظام التعليم والتكوين عامل انسجام ومنافسة ونماء .


مراجع :

1 ـ عبد الجليل التميمي . تداعيات العولمة على التعليم العالي في البلاد العربية . http://midad.org/invision/upload/index.php?showtopic=18251&mode=threaded-21/2/2008)

2 ـ أولريش بك . ما هي العولمة ؟ ، تر: أبو العيد دودو ، منشورات الجمل .

3 ـ العربي فرحاتي . الجامعة الجزائرية من أزمة التحديث إلى محنة العولمة، أعمال الملتقى الدولي الثاني العولمة والنظام التربوي في الجزائر و باقي الدول العربية . يومي 7/8 ديسمبر 2004 جامعة بسكرة ، الجزائر ، الدفتر الثاني ص 138 .

4 ـ ايدجار فور وآخرون . تعلم لتكن ، تر : حنفي بن عيسى ، الجزائر ، اليونسكو ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، 1970، ص 100 .

5 ـ حسين عزوزي . متغيرات وتحديات أمام الواقع الثقافي للمسلمين في الغرب . مجلة الإحياء  (العدد 8 ) جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر ، 2004، ص 99 .

6 ـ كرستيان كوميليان . تحديات العولمة . مجلة مستقبليات ، عدد 101، مجلد 27، مكتب التربية الدولي ، جنيف ، مارس 1997، ص ص 48،47 .

7 ـ نوفل ف ماكحين . أثر العولمة على النظم الوطنية . تر : مجدي مهدي علي . مجلة مستقبليات ، (عدد 101) مجلد 27، جنيف : مكتب التربية الدولي ، مارس 1997 ، ص ص49 ـ 50 .

8 ـ عبد الجليل التميمي : تداعيات العولمة على التعليم العالي في البلاد العربية ، مرجع سابق

9 ـ سليمان عربيات ، استراتيجيات التعليم العالي في ظل العولمة .

(http://taakhinews.org/tasearch/wmview.php?artID=3396-21/2/2008)

10 ـ جابر نصر الدين / براهيمي الطاهر . النظام التربوي في الجزائر في ظل متغيرات الشأن الداخلي وتحديات العولمة . أعمال الملتقى الدولي الثاني العولمة والنظام التربوي في الجزائر وباقي الدول العربية . يومي 7/8 ديسمبر 2004 . جامعة بسكرة ، الجزائر ، الدفتر الأول . ص 132 .

11 ـ عبد الجليل التميمي : تداعيات العولمة على التعليم العالي في البلاد العربية . مرجع سابق .

12 ـ مسارع حسن الراوي . السياسات التربوية العربية وتحديات الربع الأول من القرن 21 . مجلة دراسات اجتماعية . ( عدد 10 ). السنة الثالثة . صيف 2001 . قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة . بغداد ص ص 8 ـ 9 .

13 ـ مسارع حسن الراوي . مرجع سابق ، ص ص 5 ـ 6 .

14 ـ عبد الجليل التميمي . تداعيات العولمة على التعليم العالي في البلاد العربية . مرجع سابق .

15 ـ المرجع نفسه .

16 ـ محمد عابد الجابري . قضايا في الفكر المعاصر . بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية . 1997، ص ص 148 ـ 149 .

17 ـ إبراهيم نصر . أسس التربية . ط 5 . دار للنشر و التوزيع . عمان . 2000 . ص  32 .

@pour_citer_ce_document

نصر الدين جابر, «شرطيات المردود التعليمي الجيد للجامعة الجزائرية في ظل عولمة التعليم»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 51 - 63,
Date Publication Sur Papier : 2010-06-01,
Date Pulication Electronique : 2012-06-23,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=581.