المقاربة السوسيولوجية لمفهوم علاقات العمل في المؤسسة
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°15 Juillet 2012

المقاربة السوسيولوجية لمفهوم علاقات العمل في المؤسسة


أنور مقراني
  • resume:Ar
  • resume
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL

 المقال الموالي يرتكز على معطيات وتحليلات منتجة من طرف عدد من سوسيولوجي العمل والتنظيم الجزائريين والأجانب، والهدف الذي يُسعى إلى تحقيقه هو تقديم تعريف سوسيولوجي لمفهوم علاقات العمل، يعيد الاعتبار إلى الدور الذي تلعبه العوامل الثقافية والأنثروربوجية في صياغة أنماط تجنيد وتشارك، وقيم للعمال في المؤسسة. هذه الأخيرة يجب أن يُنظر لها على أنها نسق تبادلات محمولة على الخيرات المادية والاجتماعية والرمزية، وأن الفاعل فيها يبني علاقات عمله بتداخل المنطوقات المجتمعية والثقافية والضرورات التكنولوجية 

       Le présent article s’appuie sur des informations et analyses produites par certains sociologues de travail Algériens et étrangers, dont l’objectif est de définir sociologiquement le concept de relation au travail. Qui met en évidence le rôle que jouent les éléments culturels et anthropologiques dans la formulation de types d’engagements et de participations et de valeurs de travailleurs dans l’entreprise. Cette dernière doit être vue comme un système d’échanges basés sur les biens matériels et socio-symboliques, et dont son  acteur construit ses relations au travail avec l’inférence des logiques sociétales, culturelles et des exigences technologiques

مقدمة:

      يعرّف بعض السوسيولوجيين موضوع علم الاجتماع على أنه دراسة للعلاقات الاجتماعية. وبهذا المعنى يصبح الاقتراب من كل ذات فاعلة يتمحور حول فهم شكل ومضمون العلاقة التي تكون بينها وبين باقي الفاعلين في مجتمع معين. استخدامات التعريف المشار إليه آنفا، غذته التباينات والتماثلات الذي منحته مختلف المدارس السوسيولوجية لمفهوم العلاقات، إذ يلاحظ أن كلا منها حمّله معاني ومضامين وفق السياق الاجتماعي والاقتصادي، وحسب ما اقتضته ضرورات أدوات النظرية.

    استنادا للحفر السوسيولوجي لمفهوم علاقات العمل، فإنه يلاحظ غموض يكتنف استعماليته في فهم الظواهر الاجتماعية التي يعرضها عالم المؤسسة. وبذلك يصبح من اللازم الإحاطة بمختلف هذه التعريفات من جهة، ومن جهة ثانية نجد من المفيد عرض المضامين المختلفة التي قدمتها مختلف الأبحاث والدراسات الإمبيريقية لتحديد هذا المفهوم. وتقودنا هذه المقاربة التعريفية إلى إعادة تشكيل فهم جديد لمفهوم علاقات العمل، يتأسس على الأخذ في الاعتبار أن المؤسسة (التضامنات والترابطات بين الذوات الفاعلة) التي أصبحت تمثل الشكل المهيمن لإنتاج الثروة، لا تقولب أنماط التبعية والتجنيد للعمال من خلال استخدام العامل التكنولوجي فحسب، ولكنها اليوم تقع في مأزق تدخل العوامل الثقافية والأنثربولوجية التي تعيد صياغة دور العمل في الحياة الخاصة للأفراد (نمط الحياة، الهوية)، وفي توجيه تصرفاتهم في المستوى التشاركي الذي يخص فضاء المؤسسة والمجتمع المحلي.

    أولا: العامل بين النسقين الاجتماعي والمؤسسي:

    منذ تفجر الثورة الصناعية تغيرت أنماط الحياة للمواطنين، فلم تعد الدورة الاقتصادية وفقا للنظرية الرأسمالية تقوم على سوق التبادل بشكله الكلاسيكي، وإنما أصبحت تقوم على تحويل المقاول والعامل إلى مستهلكين، وذلك بدعم الاستهلاك والادخار لصالح إنعاش السوق. في هذا الإطار ارتبط التقدم الصناعي العالمي بولوج أعداد كبيرة من الأفراد إلى عالم الشغل، الذين انخرطوا في المشروع الرأسمالي بفعل حالة الإفقار التي لحقت سكان الأرياف نتيجة عوامل تاريخية موضوعية. في البداية كانت العمالة تتزايد في المدن وتتسبب في تمدد الأحياء وفي تكثيف عدد قاطني المدن، وهذا العبء الذي أصبحت تتحمله الحكومات من توفير للخدمات والتعليم ووسائل النقل أحدث تفجرا غير منظم وغير مخطط له، وهو ما دفع إلى بروز المسألة الاجتماعية للعمال على رأس أولويات الحركات والنقابات العمالية.

     من الناحية الميكرو سوسيولوجية، أصبحت المؤسسات بمختلف أشكالها الإنتاجية والخدمية، تستقطب الأفراد العاملين من كل الفئات الاجتماعية، وتعرض عليهم في مقابل إنجاز العمل نمطا علائقيا يستند إلى دفع الأجرة كمكافأة مادية، وأيضا إلى إعادة ترتيب سوسيو- مهني في المؤسسة والمجتمع المحلي، بحيث تتأسس مكانة الأفراد في الجماعة المهنية بمقدار المعرفة النظرية والتطبيقية التي يحوزونها وبالمكانة التي يحتلونها في منظام القيادة في المؤسسة. وعلى هذا الأساس يصبح تعريف العمل على أنه «...نشاط إنتاج ثقافي أكثر عمقا من التبادل الاجتماعي»(1)، لكونه السياق الذي تتشكل فيه الهويات المهنية، والفضاء الذي يشعر فيه الأفراد بالمسؤولية في نجاحهم كما فشلهم، وبالتالي التقدير الاجتماعي الذي يتبادل به الفرد والمجتمع الاعتراف بنوعية وأهمية العمل المقدم.

     على هذا الأساس تخرج المؤسسة من سياقها الانعزالي الذي يقيّدها بالعمل الإنتاجي الصرف، إلى إطار أوسع وأكثر تعقيدا مرتبط بسيرورة إعادة تنشئة اجتماعية للعمال وإذاعة معايير جديدة وطرائق مستحدثة في الوجود، وهذه العلاقة ليست معزولة في المكان والزمان ولكنها مدمجة في إطار وظيفة شمولية مرتبطة بالمؤسسة في حد ذاتها حيث أنها «تحتل مكانة بالتأكيد في مجال الإنتاج المادي و أيضا موضع لإعادة التنشئة الاجتماعية للعمال وجهاز قوي لنشر الثقافة في المجتمع الكلي، كما المدرسة تلعب المؤسسة الصناعية وظيفتها باعتبارها مؤسسة للتربية والتحديث»(2)، لتكون غايتها الأساسية الحصول على التوازن الضروري (الذي يختزل التوترات والاختلالات إلى أقصى حد ممكن)، الذي يمر عبر تكريس الاختلافات المهنية التي يُسندها تقسيم العمل والتخصص، ونمذجة علاقات العمل بين الإدارة والعمال بحيث لا تقوم على الندية والتكافؤ بين هذه الأطراف المتفاعلة، وإنما على اتفاق أو معيار مشترك بينهم. بتعبير آخر إن التمايز البنائي الذي يفترض اختلاف الوحدات البنائية وتكاملها يعرف حالة من التوازن بموجب هذا الاتفاق المعياري، لتصبح علاقات العمل المتوازنة في المؤسسة «تشتق من تصور الفاعلين أن بإمكانهم شراء نتاج التفاعل موضع اهتمامهم من خلال بيع تفاعلهم في المقابل»(3).

    ولأن العامل يقضي ثمان ساعات في العمل فهو في الواقع يدخل في مجال إنتاجي واجتماعي مختلف يرتبط بعلاقة خاصة، فهو يؤدي عمله ويستنفذ كل قواه الفكرية والجسدية لأجل إنجاحه، وهذه الممارسة اليومية تجعله يحقق وجوده الاجتماعي. وما يلاحظ أن العامل يعتقد بأنه يقدم جزءا من معرفته للعمل الممارس إذ يفرض الشرط التكنولوجي لكل مؤسسة منطقه، ولا يطلب من العامل سوى إنجاز مهام محددة ومرسومة سلفا لا يمكنه الخروج عنها. إنه يفترض بكل بساطة نموذج العامل المنزوع من كل تصور شامل لعملية العمل. إن فهم منطق أي تنظيم صناعي يتطلب في الواقع الولوج بتفكيرنا نحو البنية الاجتماعية التي توجه سيره، لهذا يرتكز تناول الظواهر الاجتماعية التي ينتجها مجال العمل الصناعي الاقتراب من مجموع العلاقات التي يجري تبادلها في إطار المؤسسة، وتكتسي أهمية هذا التدخل فيما يحققه من استقرار ونجاح للمشروع. فعلى هذا الأخير توفير الشرط الضروري لضمان إستمراريته بحيث يوفّق بين متطلبات التنظيم من ناحية وحاجات العمال من ناحية أخرى، لهذا فإن مضمون وشكل العلاقات البينية التي يقيمها هؤلاء داخل كل فئة سوسيو- مهنية أو ما بين الفئات والعمل عموما، يعبّر عنه ذلك الانتقال من تلك العلاقة المفردة "أنا لست مثل " و "أنا أجد نفسي في" وكما يقول ألان فيلبرود(4) فإن الشعور بالانتماء إلى مهنة ذات بعد اجتماعي إنما يشكل تلك المرجعية والإحساس بالقرب من الآخرين الذين لديهم نفس التكوين، كما أن فهم الهوية المهنية لهؤلاء العمال لا يكون إلا بتعريف تلك العلاقات التفاعلية والديناميكية التي تجمع الفاعلين.

     لا يظهر تصور علاقات العمل لدى العمال على المستوى الداخلي الذي يجري فيه إنجاز المهام، ولكنه مرتبط بالمستوى المجتمعي الذي يخضعهم لإعادة التثقيف والتنشئة بمناسبة العمل، ومن نتائجه شعور العمال بحالة اللاّيقين الذي يظهر في صعوبة التواصل بين ما يقدمه العمل الصناعي من أنماط للعلاقات الإنسانية داخل المؤسسة، وبين سيرورة التثقيف الذي يجري في سياقات مختلفة ومتداخلة (المحيط بشكل عام)، تعمل كلها على استقطاب الفئات السوسيو- مهنية لأجل الانتماء إلى هذه السياقات باعتبارها بناءات مرجعية أساسية، وهو ما يجعل المؤسسة المعاصرة منظور إليها «على أنها مركز إنتاج هوية، ومجال موسوم بثقافة اختلاف، وعلامة مؤسسية مركزية في ضبط الروابط الاجتماعية»(5)، وأن الفعالية التنظيمية للمؤسسة تتحقق فقط، عندما تأخذ بالتنسيق والتعاون بين مكوّنات التنظيم، وبالعوامل المحفزة عليه. ذلك أن «التوظيف طويل المدى والثقة المتبادلة والعلاقات الشخصية الوثيقة والعمل بروح الفريق وتقدير العاملين لبعضهم البعض وللأعمال التي يتم إنجازها والمشاركة الميدانية للإدارة هي من الأبعاد الرئيسية لأي تنظيم صناعي يحاول زرع ثقافة صناعية تكون أهدافها النهائية العلاقات الإنسانية»(6)

ثانيا: قراءة مفهومية لعلاقات العمل:

   ظهر الاستخدام الأول لهذا المفهوم في الأدبيات السوسيولوجية في شكله المبسط مع التحليلات التي اعتقدت أن جزءا من خضوع العمال لقوة رأس المال سببه تحرير الجماهير من روابط الالتزام الإقطاعي. لهذا كان اهتمام المسيرين الرأسماليين الأوائل مركزا على خلق لفيف من اليد العاملة الحرة يمكن تشغيله أو تسريحه في أي وقت وظرف. وبالنسبة لـماركس فإن عقد العمل يفترض أفرادا أحرارا تجمعهم علاقة اقتصادية بحتة يحكمها عقد حر، وهذه الحرية إنما تعمل فقط في صالح زيادة قوة الرأسماليين على حساب العمال. أما الحقوق القانونية التي تأسس عليها هذا العقد فلم تمكّن العامل من فرض أي رقابة شكلية على سيرورة العمل الذي ينخرط فيه، ومنه فإن «الحقوق السياسية التي تمنح لأي شخص كمواطن لا تمتد إلى المجال الصناعي، وهو المجال الذي يحتل مساحة كبيرة من نشاط الحياة لجماهير السكان»(7). وعلى نحو آخر برز مفهوم العلاقات الاجتماعية في تعريف عدد من السوسيولوجيين لموضوع علم الاجتماع باعتبار أنه يهتم بدراسة العلاقات الاجتماعية في المجتمع، والتي تعبر عن «العمليات والتفاعلات الناجمة عن تفاعل واعتراك الأفراد في البيئتين الطبيعية والاجتماعية، وهي الإطار الذي يحدد تصرفات الأفراد ومختلف مظاهر سلوكهم وأنشطتهم»(8). فيما يحلل كل منبورديو (Bourdieu.P)وباسرون (Passeron.J-C)طريقة إنتاج العلاقات الاجتماعية في المجتمع، بالرجوع إلى مثال المؤسسة التربوية الفرنسية، حيث « تعيد المدرسة إنتاج العلاقات الاجتماعية  وبصورة أخص تحافظ على سلامة المسافة بين مختلف المستويات التعليمية للتلاميذ، لصالح نظام اجتماعي مهيمن عليه بالتمثلات الثقافية والسياسة للبرجوازية»(9).  

   من جانب آخر، يؤشر مفهوم العلاقات الاجتماعية إلى الاتفاق بين مصالح الأفراد الموجودين في علاقة أو نتيجة لتقارب هذه المصالح، أو للحد من الصراعات التي قد تنشأ نتيجة لاختلاف مصالحهم، وهذا التحديد هو ما بنى عليه كل منميلر (Miller.d)وفورم (Form.w)تصورهما لموضوع علم الاجتماع الصناعي من أن ميدانه يتمثل «في دراسة علاقات العمل وجماعات العمل، والدور الذي يضطلع يه العامل في جماعات العمل والتنظيم الاجتماعي لمجتمع المصنع »(10).

   لقد روج رواد النظرية التفاعلية لمفهوم العلاقات من خلال التعريف الذي تبنوه لمحتوى الحياة الاجتماعية التي تمثل «شبكة معقدة من نسيج التفاعلات والعلاقات بين الأفراد والجماعات الـتي يتكـون منها المجتمع»(11)، وهذه التفاعلات تأخذ مكانها في المجتمع بفضل الأدوار التي يحتلها الأفراد. وحسبجورج زيمل (1858-1918) «المجتمع بمعناه الواسع، يتواجد عندما يدخل عدد من الأفراد في علاقات متبادلة»(12)، وأن الصورة التفاعلية للعلاقات التي تحدد حركة الجماعة وإنتاجيتها ومقدرتها على توسم الأهداف المتوخـاة، تستند إلى ستة ثنائيات متضادة من التفاعلات الاجتماعية تهيمن على الجماعات والنظم والمـؤسسات وهي: المركزية أو اللامركزية، الرئاسية أو المرؤوسية، الذاتية أو الموضوعـية، الصراعيةأو التوافقية، التنافسية أو التعاونية، التحيز أو الحياد الأدبي.

     أماموريس كينزبيرك(GinsbergMorris1889/1970)فلا يكتفي بتعريف مفهوم العلاقات على أنها جملة  التفاعلات التي تقع بين شخصين أو أكثر لأجل تحقيق أغراض الطرف الذي يدخل في مثل هكذا علاقة، ولكنه يضيف إليها طابع التأسيس الموضوعاتي، بالقول أنها «الموضوع الأساس الذي يدور علم الاجتماع حول دراسته وتحليله»(13). ومنه فإن شروط تكوين العلاقة التفاعلية هي كما يلي:

* وجود شخصين وأكثر يكونون أحد طرفي العلاقة الإنسانية.

* تتضمن العلاقة مجموعة رموز سلوكية وكلامية ولغوية مفهومة من طرف فاعليها.

* يحوز الفاعلون الموجودون في علاقة اجتماعية على أدوار اجتماعية متباينة.

* تنطوي العلاقة الاجتماعية على فعل ورد فعل بين الفاعلين.

     وبناء على التوصيف السابق، يُصنّفموريس كينزبيرك أشكال العلاقات الاجتماعية إلى أربعة أنواع هي: العلاقات الاجتماعية العمودية، الأفقية، الرسمية، وغير الرسمية. تشمل جميع نواحي الحياة الاجتماعية. مثلما هو الحال في المجتمع الصناعي، حيث يشيع في المؤسسات عموما والمؤسسات الصناعية خصوصا أنماط من العلاقات الاجتماعية بين المراكز الوظيفية للعاملين. وقبل البدء في تفصيل كل نمط على حده، نحدد في البدء مفهوم العلاقات الاجتماعية، التي تعرّف بأنها «أي اتصال أو تفاعل بين شخصين أو أكثر يحتلون مراكز اجتماعية متساوية أو مختلفة من حيث الواجبات والحقوق»(14)، وقد تكون هذه العلاقة مؤقتة أو دائمة.

1-العلاقة الاجتماعية العمودية:هي الاتصال أو التفاعل الذي يقع بين شخصين أو أكثر يحتلون مراكز أو مراتب اجتماعية وظيفية مختلفة، أي أنه يكون بين طرفين عماليين أحدهما ذو مرتبة مهنية أعلى والآخر سفلى، بحيث يأخذ شكل الاتصال صاعدا أو نازلا، في حين أن السلطة وممارستها يكون بشكل تنازلي حسب تبعية متلقي التعليمات للمصلحة أو القسم الخاص به مصدر التعليمة والأوامر.

 2-العلاقة الاجتماعية الأفقية:هي ذلك التفاعل أو الاتصال الذي يحصل بين عاملين يقعون في مراكز وظيفية متساوية، وتنقسم العلاقة الاجتماعية الأفقية إلى رسمية وأخرى غير رسمية، فيما يكون مضمون الأولى هو واجبات المؤسسة الصناعية، يكون مضمون الثانية متعلقا باتصال حول أمور شخصية بين أولئك الذين يحتلون مراكز اجتماعية متكافئة.

3-العلاقة الاجتماعية الرسمية:تتحدد هذه العلاقات من خلال القوانين المنظمة لعمل المؤسسة، الذي يخصص الأدوار الوظيفية لأقسام وفروع المؤسسة ويثبت واجباتها وحقوقها الاجتماعية، كما أنه يحدد قنوات الاتصال ويعين العلاقات. وتتأثر العلاقة الاجتماعية الرسمية والمؤسسة بثلاثة عوامل أساسية هي:

* طبيعة الأدوار الوظيفية للعاملين في المؤسسة.

* القنوات الرسمية للاتصالات الاجتماعية بين مراكز وفروع المؤسسة.

* ميول واتجاهات ومصالح وأذواق وظروف الإدارة والعمال.

4-العلاقة الاجتماعية غير الرسمية:هي تلك التفاعلات والاتصالات التي تقع بين الإدارة والعمال ولا تحددها القوانين والإدارات الرسمية بل تحددها مواقف وميول واتجاهات ومصالح الأشخاص الذين يكونوها ويدخلون في إطارها. وهذه الجماعات غير الرسمية تضم بين ظهرانيها العمال ويجهلها الإداريون ولا يريدون تكوينها لتعارضها مع الأطر الرسمية الموضوعة، ويسبب الانتماء إلى هذه الجماعات غير الرسمية تغييرا في مواقف وسلوكات أفرادها، والغالب أن يكون التغيير في الأبعاد الخمسة الآتية:

·        تحطيم الفردية حيث أن الجماعة تعطي سِعة لأعضائها.

·        الانصهار في الجماعة: وهذا وجه آخر للأمر الأول، فالأول يسبب عدم عمل الفرد بمصالحه الشخصية، وهذا يسبب عمل الفرد بمصالح الجماعة.

·        إحساس الفرد بالأمن الذي لم يكن يحس بمثله، حال عدم انضمامه فإن الإنسان يحس بالغربة، حيث يخاف وقت بؤسه ومرضه وفقره وهجوم عدوه وغير ذلك، وحيث أن الجماعة تكفل قضاء الحوائج، يحس المُنْضم إليهم بالأمن، وبقدر قدرة الجماعة يكون الإحساس بالأمن أكثر وأعمق.

·        إحساس المُنْضم إلى الجماعة بالقيمة بما لا يحس بمثله الفرد، إذ أن قيمة الفرد المنضم هي قيمة كل الجماعة، وقيمة كل الجماعة ليست قيمة كل فرد، بل قيمة المجموع.

·        شعور الفرد المنضم إلى الجماعة بالسّعة في وجوده.

وتنشأ هذه العلاقات للأغراض التالية:

·        ارتياح العمال لمثل هذه العلاقات التي تنسجم مع ميولهم واتجاهاتهم مواقفهم.

·        تستهدف مواجهة التنظيم الرسمي الذي يرونه يخدم أهداف وطموحات الإدارة.

·        ترفع من معنوية العمال وتدعم استقلاليتهم وتستجيب لطموحاتهم الذاتية وأهدافهم النفسية.

·        تمكن مثل هذه الجماعات من رفع الغبن والظلم الذي يتعرض له العمال نتيجة التعسف في تطبيق القوانين الرسمية، حيث تدعم معنوياتهم وتقوي مراكزهم الوظيفية وتنظم جهودهم في المطالبة بتحسين أحوالهم الاجتماعية في المؤسسة وخارجها.

·        يطغى على مثل هذه الجماعات الروح الإيجابية المفعمة بالحب والاحترام والتعاون المشترك.

     في مقابل التعريفات السابقة، تشير الأدبيات المعاصرة إلى أن مفهوم علاقات العمل شاع وتداخل استخدامه مع مختلف المصطلحات الأخرى التي من أبرزها العلاقات الصناعية والعلاقات الإنسانية وعلاقات الإنتاج. على أن هذا الغموض في تداخل الاستخدامات للمفهومات عائد بالأساس إلى اتساع الحقل المعرفي الذي أصّل لها. ويُقصد بتعبير العلاقات الصناعية « مجموع الممارسات والقواعد التي في مؤسسة أو فرع أو إقليم أو الاقتصاد ككل، تنظم العلاقات بين الأجراء، المستخدمين والدولة»(15)، من خلال الاتفاقيات والقرارات التنظيمية ولجان التوفيق والتحكيم، يخضع لها تنظيم مؤسسي معين بشكل فئوي أو جماعي.من جانب آخر لا تشمل العلاقات الصناعية الأشكال التنظيمية الجاهزة لقولبة العمل في المؤسسة، لأن لجوء العمال والإدارة لمثل هكذا ترسيم للعلاقات يخضع في البدء إلى صور وأشكال التفاعل والتبادل التي تنشأ بين أرباب المؤسسة والعمال والتي تستدعي المواجهة، ومنه يصير إلى استدعاء مثل هكذا علاقات حتى يمكن توضيح وتصحيح اختلال وظائف المؤسسة، وهذه الفكرة هي ما يعبر عنها التعريف الموالي للعلاقات الصناعية باعتبارها"مجموعة العلاقات بين العمال ورؤساء العمل، وكذلك التنظيمات التي يكونها كل فريق في مواجهة الآخر،ووسائل المفاوضات والتحكيم التي تستخدمها كل مجموعة لفظ المنازعات والخلافات(16)

     المفهوم الثاني الذي يترادف استعماله مع المفهوم السالف الذكر، هو العلاقات الإنسانية الأقدم جاهزية والأكثر انتشارا في الأوساط العلمية الأنجلوساكسونية، والذي يشير إلى «العلاقات المتبادلة ذات الطبيعة السيكولوجية والاجتماعية التي تظهر أثناء تأدية العمل الجماعي»(17). وصور التبادل بين العمال والإدارة تخضع بدورها إلى محددات مختلفة (السن، الفئة المهنية، الامتيازات، المستوى التعليمي والتكويني،...)، التي تدفع باتجاه تهيئة جو العمل لأداء الوظائف والأعمال بصورة طبيعية. من جهة ثانية يمكن النظر للعلاقات الإنسانية في العمل بأكثر تفصيل حين تعرّف بأنها «العلاقات التي تنطوي على خلق جو من الثقة والاحترام المتبادل والتعاون بين أصحاب العمل والعمال كما تهدف إلى رفع المعنوية للعاملين وزيادة الإنتاج»(18)، ولا يتضمن ذلك إزالة المشاكل والعوائق التي تقف حائلا أمام تحقيق إنتاجية عالية في المؤسسة، ولكن أيضا تبنيا استراتيجيا لإدارة المؤسسة، لهدف حشد ودعم قوى الإنتاج لصالح فعالية اقتصادية للمؤسسة، وتفاعل العمال الإيجابي مع هذا التصور التنظيمي الذي يؤدي في النهاية إلى أن تصبح «العلاقات الإنسانية هي درجة الرشد التي تصل إليها العلاقات الصناعية في المؤسسة»(19).

      بينما يشار إلى مفهوم علاقات العمل بأنها « العلاقات التي تنشأ وتنمو بسبب الاستخدام، وهي تشمل تبعا لذلك العلاقات بين العمال وبعضهم البعض، وبينهم وبين رؤسائهم أو مديرهم، وكذا علاقاتهم بالمنشأة التي تستخدمهم»(20). وهي بهذا التعريف تشمل علاقات متفرعة اتجاه العمل، العمال، مسؤولي الإدارة، والمؤسسة ككل والتي تتشكل اعتمادا على التمثّلات والتصوّرات والاعتقادات التي تكون صور العلاقات التي سيتبادل بها العامل مع محيط عمله بكل عناصره. أما تحديد موضوع الدراسة في علاقات العمل فإنه يتمفصل في موقفين رئيسيين: الأول يرى أنه يتضمن الجوانب المتعددة والمتباينة في عملية العمل، بالتركيز على صيغة القواعد التي تحكم علاقة التوظيف. وهو موقف يضيّق نطاق التدخل البحثي، بتأكيده على«عوامل الاستقرار والانتظام والتوافق المتبادل بين الأطراف المعنية بعلاقات العمل»(21). أما الموقف الثاني فيركز على معيار الصراع في تعريف علاقات العمل، للقول بأنه يشتمل «دراسة سيرورة الرقابة الممارسة على علاقات العمل»(22). فيصبح اهتمام البحث مرتكزا على مسائل متعلقة بمفهومات الرقابة، المصالح والقوة والتي تحدث الصراع وتغذيه، وتنقل هذه الرؤية لعلاقات العمل نحو الاهتمام على التيارات المجتمعية الأساسية المؤثرة على طبيعة العلاقات بين أرباب العمل والعمال.

      في جانب آخر ترىبوغومولوفا(ن)(23)  (Bogomolova.N)أن المؤلفات الأمريكية البرجوازية المعاصرة التي تتناول موضوعات العلاقة بين أرباب العمل والعمال تستخدم على نطاق واسع مختلف مفهوماتالعلاقات الصناعية، العلاقات الإنسانية وعلاقات العمل. ومن وجهة نظرها لا بد من إقامة تفريق بينها، بحيث تستخدم علاقات العمل لتصنيف العلاقات المحددة في العقود الجماعية أو بواسطة تشريعات العمل، بينما يشير مفهوم العلاقات الإنسانية إلى أشكال وصور التفاعل التي تتم بين العمال والمستخدِمين والتي تكون العلاقات على إثرها غير منظمة وفق المعايير القانونية بل مرتبطة بالعوامل الأخلاقية والنفسية بدلا من العوامل القانونية والتنظيمية. أما فيما يتعلق بمصطلح العلاقات الصناعية فيتضمن في العموم كلاّ من المفهومين السالفي الذكر.

     يتأثر نمط العلاقات الاجتماعية في العمل بمجموعة قوى فاعلة أهمها: طبيعة العملية العقلانية لتقنيات الصناعة الحديثة، واعتماد نظام تقسيم العمل والاستعمال المتزايد للآليات والأدوات الإنتاجية. ففي ظل تقسيم العمل أصبح للعمال إمكانية اكتساب المهارات الكافية لأداء العمليات الدقيقة والمجزأة، كما أن عملية الإنتاج صارت مستمرة ولا تخضع للتقطع كما كان الحال في المراحل السابقة، وهو ما تمخض عنه سرعة إنتاج السلع وزيادة كمية البضاعة المنتجة وتوفرها في الأسواق بأسعار في متناول المواطنين الذين يطلبون استهلاكها، وهو ما أنعش السوق الاقتصادي.

     تقسيم العمل ليس فقط اجتماعي تقني فحسب، بقدر ما هو خالق لعلاقات وظائفية تحدد مكانة وأدوار كل عنصر إنتاجي، فالعامل يتميز عن الإدارة، والعامل المتخصص يتميز عن العامل العادي وهكذا. والتخصص أيضا يساعد على تحديد قنوات الاتصال التي يتبادل ويتفاعل فيها الأدوار فيما بينها. كما أن التقسيم يُنشئ تصنيف الأعمال ومهاراتها المفترضة والعاملين المطلوبين لشغل هذه الوظائف «وهذا الأمر يحتم ظهور العلاقات الإنسانية بين الأدوار الوظيفية المختلفة»(24)، ومنه صار الحديث عن الجماعات غير الرسمية مهمّا عند تناول بنية المؤسسات الإنتاجية. فالنظام المصنعي الذي لا يستجيب للحاجات الإنسانية والعلائقية للعاملين يتعرض حتما لذلك الانسحاب الاجتماعي الذي يترجم في مواقف سلبية يحملها العاملون إزاء النظام المصنعي ككل، يؤدي في نهاية المطاف إلى عرقلة المخرجات السلعية والخدمية للمؤسسة.

ثالثا- المؤسسة العمومية الجزائرية وتنميط علاقات العمل:

     المأسسةالأوّليةلعلاقةالعملفيجزائرالمشروعالتصنيعيأُريدلهاأنتكونمُستجيبةلإلحاحالزخمالإيديولوجيوالسياسي،المحليوالوطني،الاقتصاديوالاجتماعي،الذيطغىعلىوهجالثورةعلىالتخلف،والذيجعلالمؤسسة«تمثلأحدالأماكنالاقتصاديةلتحقيقالتوافقويقصدبـ"التحقيق" إعطاء"واقعملموس" لطموحاتشعبيةعميقةفيالتوظيفوالرفاهيةالاجتماعية،ومنناحيةأخرىيقصدبـ"التحقيق" تشكيلقاعدةماديةمساوماتية»(25). ومنشأنهذاالتوصيفأنيبتعدالمحمولالسوسيولوجيالرأسماليلرصنعلاقاتالعملعنتطبيقاتهالممارستيةفيحالالتنظيمالاقتصاديالذيتعبرعنهالمؤسسة،بحيثيكونمضمونعلاقاتالعملتابعاللتصورالذييدمجبينمصالحالفئاتالتأطيريةوالتنفيذيةفيتكاملوظيفيومصلحي،يزيدهالدفعالاجتماعيللأجرةتأكيداعلىأسبقيةالنظرةالتوافقيةللعلاقاتالإنتاجيةفيالمؤسسةالتيترصدالأجرعلىحسابالفعاليةالتنظيميةوالسوقية،وهوماأعطىملمحابائسالمؤسساتالقطاعالعموميالتي«ضحت...بالأهداف الاقتصادية للتكفل ببعض المهمات التي تعتبر من الناحية الاجتماعية مرغوبا فيها »(26).

   نموذج علاقات العمل الذي أريد للمؤسسة على مستوى ماكرو، سرعان ما التقطته الثقافة المحلية التي صقلته بكل خصائصها، فمن جهة كانت تجربة المؤسسة الاقتصادية والحشد غير المخطط لليد العاملة في هذه السياقات، منتجة لنمذجة علائقية تقوم على المساواتية الجذرية والتأصيل القيمي للممارسات المرتبطة بالعمل، ومن جهة أخرى على العلاقة التايلورية التي تكرس الاختلاف والتناقض بين الرؤساء والمنفذين. وهو ما تبينه دراسةسعيد شيخيومساعدوه حول العمل في المصنع،  من أن « العلاقات الاجتماعية السائدة في مركب السيارات الصناعية، هي من طبيعة ثنائية القطب ونزاعية ما بين الإطارات والعمال،في حين يتبنّى هؤلاء العمال موقفا أكثر قربا من أعوان التحكم»(27). من حيث شدة التجانس داخل كل فئة سوسيو- مهنية، تظهر الإطارات أكثر معاناة وأقل تبعية لمجال العمل،لأنهم يعتبرون أنفسهم أفرادا معزولين غير قادرين على المبادرة. وهذه الصورة تتعارض مع ما يقوم عليه تنظيم العمل بشكله التايلوري أو الفوردي الذي يفترض توفر « تأطير قادر على تركيز بين يديه كل المعارف العلمية الضرورية لأجل السير التقني الحسن لعملية الإنتاج»(28). وبالعكس العلاقة مع العمل والمنصب جعلت الإطار في حال المؤسسة الاقتصادية يسعى نحو التدرج في المسؤولية والقيادة في حين أهمل العمل الإنتاجي المباشر الذي هو من صميم مهام الإطار. هذه الحالة تسببت في تضخم العمل الإداري بالإطارات على حساب المهام التنفيذية التي أصبحت تفتقد لعنصر المعرفة التقنية، والقريب من الوضعية العاملية، الصورة النمطية للمؤسسة أن «كل منظام الكفاءات يتحول إلى منظام رؤساء»(29). على العكس من ذلك تتميز فئة العمال بشدة التماسك والنقدية تجاه ظروفهم في العمل، إلا أن ذلك لا يمنع من حصول انشقاق الأجيال بين العمال الشاب المرتبطون بالعمل على أساس ما يمثله لهم من ضرورة اقتصادية، لكنهم في المقابل يستحضرون فيه معاني الفشل التي طبعت مسيرتهم المجتمعية التي أنتجتهم عمالا، وهذا التقييم الذاتي يجد شرعيته في المكانة الاجتماعية لمهنة العامل التي تضررت كثيرا بفعل مشاكل القطاع الصناعي العمومي. لهذا تسم نزاعيّتهم مع العمال كبار السن والإطارات جو العمل في المصنع بخصائص التذمر.

     في دراسة أخرى، أنجزت من طرف فرقة بحث مكونة من سوسيولوجيين في إطار سلسلة التحقيقات التي أشرف عليها مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التطوير، وقد وسم بـ العلاقات الصناعية في مركب السيارات الصناعية(30). وتوخت الدراسة هدف إنتاج معرفة حول الفئات السوسيو - مهنية لإنجاح أي سياسة تسييرية للمستخدمين قد تقوم بها إدارة المركب، لهذا تمحورت مشكلة البحث حول أشكال التمثلات لمختلف فئات العمال، وتحليل سلوكياتهم ومواقفهم نحو العمل، وتحديد أنساق ونماذج الاتصال والمعلومات التي تحيط بالنشاط السوسيو - مهني. نتائج الدراسة بالنسبة للإطارات على مستوى موضوع عالم الإطارات، يوضح أن هؤلاء يعتقدون أن دورهم يقتصر على نقل القرارات التي لم يشاركوا في صناعتها إلى المستويات السفلى من المنظام، وأن قدراتهم وكفاءتهم مهدورة بفعل النسق التنظيمي الذي يحد من مبادراتهم ولا يؤمن لهم المسؤولية المناسبة. في حين أن التجانس الداخلي لفئة الإطارات (إطارات الإدارة، الإطارات التقنية) محل شك لأن عالمهم متمايز من حيث مستويات التكوين، درجة التأهيل، المهمة الممارسة...إلخ. وبدلا من أن تؤمّن المؤسسة هوية جماعية في العمل، فإنها جعلت من سلوكات وتقديرات الإطارات تابعة للمعايير الميكرو- ثقافية. أما موضوع الإعلام والاتصال فيؤشر لغيابِِ لروح الجماعة ولنقص الثقة في المسؤولين.

     بالنسبة لفئة العمال فتتمايز من خلال متغيرات السن، الأصل الاجتماعي والتجربة المهنية. فالشباب يعتقدون أن العمل الصناعي في المؤسسة يعتبر تجربة صناعية شخصية، وأنه مرادف للفشل الاجتماعي، ويميلون في المقابل إلى الاستفادة من التكوين والترقية التي يوفرها المركب. ولغلبة هذا الموقف انعكاس على عدم تفريقهم بين ظروف العمل داخل المؤسسة، وظروفهم خارج المصنع. أما عن تمثل الذات بالنسبة للعمال الكهول أصحاب التجربة المهنية العريقة في المهجر أو خلال الفترة الاستعمارية فلا يستند إلى حالة علاقات العمل أو الأجور أو ظروف العمل، ولكن إلى الشعور القومي الذي يمتزج بالوطنية والاستقلال، إنهم نموذج عمالي موسوم بالوطني المنتج (nationaliste productif). في حين أن العمال الشباب فيعتقدون بنوعية العمل الذي يؤدونه. والنتيجة أن التقييم الداخلي لمجموعة العمال الشباب هو إيجابي في حين أنه سلبي بالنسبة للآخر الذي هو المجموعة الجزئية للعمال الكهول.

     الدراسة الأخرى من انجاز الباحثة كلثوم تواتي(31)، وهي مقدمة في إطار أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة منوريال بكندا وعنونتها بـ"علاقة العمل وديناميكية تحول مهنة المهندس في السياق الجزائري:حالة مؤسسة سونطراك"، حيث هدفت تحليل تحول علاقة العمل هذه من خلال التغيرات الحاصلة على مستوى المجتمع والمؤسسة، والتي تُرجمت لدى المهندسين في نقديتهم للتنظيم وعدم التجنّد للعمل وأشكال التذمر الأخرى نحو المهنة. وقد تبنّت الباحثة تعريفا لمفهوم علاقات العمل على أنه طريقة تنفيذ العامل لعمله، ولتمثّله ومعايشته التجربة المهنية، كما يشير إلى ما يلبيه من حاجات، والمعنى الذي يعطى له. وقد تحددت الموضوعات التي يمكن أن يظهر فيها مفهوم علاقة العمل من خلال العناصر الموالية: المسارات الفردية، التاريخ الجمعي للعمال في ظل محيط متغير، العوامل الداخلية

@pour_citer_ce_document

أنور مقراني, «المقاربة السوسيولوجية لمفهوم علاقات العمل في المؤسسة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2012-07-04,
Date Pulication Electronique : 2012-07-04,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=633.