إسهامات المستشرقين ومنهجهم في تحقيق ونشر المخطوطات العربية. الاستشراق الفرنسي والألماني والرّوسي أنموذجاContributions of the orientalists and their approach to achieving arabic manuscripts. french, german and russian orientalism as a modelContributions des orientalistes et leur approche de la transcription et de la publication des manuscrits arabes. L’orientalisme français, allemand, et russe comme modèle
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 20-2023

إسهامات المستشرقين ومنهجهم في تحقيق ونشر المخطوطات العربية. الاستشراق الفرنسي والألماني والرّوسي أنموذجا
Contributions des orientalistes et leur approche de la transcription et de la publication des manuscrits arabes. L’orientalisme français, allemand, et russe comme modèle
Contributions of the orientalists and their approach to achieving arabic manuscripts. french, german and russian orientalism as a model
ص ص 49-59
تاريخ الاستلام 2020-11-05 تاريخ القبول 26-09-2023

سعاد مقلاتي / السّعيد هادف
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يعدّ تحقيق ونشر التّراث العربي المخطوط من الدّراسات الّتي نالت اهتمام المستشرقين لأغراض مختلفة، ولعلّ أبرزها كونه يمثّل القاعدة الأساسية لفهم الحضارة العربية الإسلامية، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى تحقيق التّراث العربي الإسلامي ونشره لتقام عليه دراسات فيما بعد.

يحاول هذا المقال التّطرّق إلى مفهوم علم تحقيق النّصوص، والكشف عن منهجه، وإبراز مدى مساهمة المستشرقين في تحقيق التّراث العربي الإسلامي، كما يسلّط الضّوء على موقفهم اتّجاه هذا الإرث الحضاري، ويوضّح أساليبهم فيه، ويقدّم صورة عن أهمّ الأعلام المستشرقين الّذين عملوا في هذا المجال، إضافة إلى الاطّلاع على أهم جهودهم وأعمالهم في خدمة التّراث العربي الإسلامي المخطوط

L’étude de l’exploration et la publication du patrimoine arabe manuscrit intéresse les orientalistes et ce pour plusieurs raisons. A titre d’exemple, cette étude représente la composante essentielle à la compréhension de la civilisation arabo-musulmane. D’ici apparait la nécessité à l’investigation et à l’exploration du patrimoine arabo- musulman dans le but de le diffuser pour qu’il soit l’objet d ‘études ultérieures. Dans cet article nous tentons d’expliquer la science de la vérification des textes, dévoiler sa méthodologie, et révéler le rôle important qu’a joué les orientalistes lors de la réalisation du patrimoine arabo -musulman. Nous allons aussi mettre la lumière sur leur idéologie par rapport à cet héritage culturel et exposer leurs méthodes. Cet article nous donne un aperçu sur les efforts et les travaux de chercheurs orientalistes qui se sont penchés sur l’étude des manuscrits arabo-musulmans

The revision and publication of the Arabic manuscript heritage is one of the studies that have

attracted the attention of orientalists for various purposes, perhaps the most prominent of which is that it represents the basic basis for understanding the Arab-Islamic civilization, hence the need to  investigate the Arab-Islamic heritage and publish it to be studied later. This article attempts to address the concept of textual verification, reveal its methodology, highlight the extent to which orientalists contribute to the realization of the Arabic-Islamic heritage, highlight their position towards this cultural heritage, clarify their methods in it, and provide a picture of the most important orientalist figures who worked in this field, in addition to seeing their most important efforts and works in the service of the Arabic-Islamic manuscript heritage

Quelques mots à propos de :  سعاد مقلاتي

[1]Souad Meguellati  مخبر الأبحاث في التّراث الفكري والأدبي بالجزائر جامعة باتنة 1 - الحاج لخضر-، الجزائر acilbenahmed596@gmail.com
[1]المؤلفالمراسل 

Quelques mots à propos de :  السّعيد هادف

Pr. Said Hadef جامعة باتنة 1 - الحاج لخضر-، الجزائر Hadef-s55@yahoo.fr

مقدّمة

تشكّل المخطوطات جزءا هامّا من التّراث الّذي أبدعته الحضارة العربيّة الإسلاميّة في شتّى حقول المعرفة الإنسانيّة، من تاريخ، وجغرافيا، وأدب، وفن، وطب، وكيمياء، وفلك، وسائر العلوم، وهذه المخطوطات نسخت بخطّ عربي وقليلها بالفارسيّة والتركيّة، ويتراوح عددها ما بين الثّلاثة إلى خمسة ملايين مخطوط، موزّعة في مكتبات العالم العربي، وفي مكتبات العالم المختلفة في أوروبا وأمريكا وبعض دول آسيا.

ظلّت هذه المخطوطات مثلها مثل سائر أنواع تراثنا، مهملة منسية، ولم يحقّق منها إلّا النّزر اليسير، وقد ساهم المستشرقون في أوربا وأمريكا بحصّة كبيرة ممّا نشر من تلك المخطوطات، فقد نشر المستشرقون مئات المخطوطات العربيّة في بداية عصر الطّباعة، كما اعتنوا بترجمة العديد من الكتب العربيّة إلى جميع اللّغات الأوروبيّة الحيّة، وكان الأجدر أن ينهض العرب بعبء نشر ذلك التّراث وتجليته، ليكون ذلك وفاء لعلمائنا، ووفاء لأنفسنا وأبنائنا.

وانطلاقا من هذا تتمحور مشكلة البحث في التّساؤلات الآتية: ما المقصود بعلم تحقيق النّصوص؟ وكيف نشأ الاستشراق؟ وفيم تتجلى أهدافه؟ وما هي أبرز جهود المستشرقين نحو التّراث العربي الإسلامي؟ وما هي المناهج العلميّة الّتي سلكوها في تحقيق التّراث العربي الإسلامي؟

إنّ هذا المقال يهدف إلى تحقيق ما يلي: التّعريف بعلم تحقيق المخطوطات، وبيان المنهج المتّبع في التّحقيق، وإبراز مفهوم الاستشراق وأهدافه، وموقف المستشرقين من التّراث العربي الإسلامي، والاطّلاع على أهم جهودهم وأعمالهم في خدمة التّراث العربي الإسلامي المخطوط. واخترنا الاستشراق الفرنسي والألماني والرّوسي أنموذجا.

مفهوم علم تحقيق المخطوطات

التّحقيق لغة

هو التّصديق، وإثبات الحقّ، وإحكام الشّيء، وصحّته، وإن كان أسلافنا لم يستعملوا هذه الكلمة بالذّات للدّلالة عليه، بل استعملوا بدلا منها كلمة (التّحرير)، فقالوا: إنّ تحرير الكتاب خُلوصه وتقويمه، وحَقَّ الأمرَ: صار حقًّا وثبت، وأَحْقَقْتُ الأمرَ إِحْقَاقًا: أحكمته وصحّحته (فهمي و طلال، 1413هـ/ 1993م).

اصطلاحا

تعدّدت مفاهيم علم التّحقيق، واختلف المختصّون بتحديد المقصود منه، إذ اعتبره بعضهم أنّه لا يزيد عن ضبط النّصّ، بينما زاد عليه آخرون توضيح الغوامض، وتخريج النّصوص من مصادرها، ووضع الفهارس (فهمي و طلال، 1413هـ/ 1993م)

التّحقيق هو تقديم المخطوط صحيحا كما وضعه مؤلّفه، دون شرحه؛ لأنّ كثرة الشّروحات قد تشغل القارئ عن النّص نفسه (المنجد، 1987م). فعلم تحقيق النّصوص يهدف إلى تقديم نصّ صحيح مطابق لما كتبه مؤلّفه ما استطاع المحقّق إلى ذلك سبيلا (عواد معروف، 2009م)  .

حيث أورد أحد كبار المحقّقين العرب، وهو الأستاذ عبد السّلام هارون تعريفا لعلم تحقيق المخطوطات بقوله: «هذا هو الاصطلاح المعاصر الّذي يقصد به بذل عناية خاصّة بالمخطوطات، حتّى يمكن التّثبّت من استيفائها لشرائط معينة، فالكتاب المخطوط المحقّق هو الّذي صحّ عنوانه، واسم مؤلّفه، ونسبة الكتاب إليه، وكان متنه أقرب ما يكون إلى الصّورة الّتي تركها مؤلّفه»(عبد السّلام، 1418هـ/ 1998م).

ويطلق على هذه المادة علميا الأسماء التّالية: تحقيق النّصوص، تحقيق المخطوطات تحقيق التّراث، وكلمة (تحقيق) هي ترجمة لكلمة (Investigation)الإنجليزية، وذلك لأنّ كلمة (تحقيق) العربيّة لم تستعمل قديما في اللّغة العربيّة بمعناها العلمي أو الاصطلاحي هنا؛ لأنّها معجميا تعني: (إِحْكَامُ الشَّيْءِ)، والتّحقيق هو الفحص العلمي للنّصوص الأدبية من حيث مصدرها وصحّة نصّها، وإنشاؤها وصفاتها وتاريخها (الفضلى، 1402هـ/ 1982م) .

منهج تحقيق النّصوص

جمع النّسخ الخطيّة للمخطوط والمفاضلة بينها

لأنّ النّسخ الكاملة أفضل من النّسخ النّاقصة، والواضحة أحسن من غير الواضحة، والقديمة أفضل من الحديثة، والنّسخ الّتي قوبلت بغيرها أحسن من الّتي لم تقابل (برجستراسر، 1402هـ/ 1982م)، ثمّ تأتي بعد عملية جمع النّسخ المقابلة بينها لإبراز الاختلافات بين النّسخ.

توثيق عنوان المخطوط وتحقيق اسم مؤلّفه

: فقد يكون عنوان المخطوط مفقودا أو منطمسا، أو مزيّفا، وقد يكون المخطوط منسوبا لغير مؤلّفه (هلال، 1994م).

تحقيق نسبة المخطوط إلى مؤلّفه

إذ ليس بالأمر الهيّن أن نؤمن بصحّة نسبة أيّ مخطوط كان إلى مؤلّفه، ولاسيما المخطوطات الخاملة الّتي ليست لها شهرة، فيجب أن تعرض هذه النّسبة على فهارس المكتبات وكتب التّراجم، لنستمدّ منها اليقين بأنّ هذا المخطوط صحيح الانتساب.

تحقيق متن المخطوط

ومعناه أن يؤدّى المخطوط أداء صادقا كما وضعه مؤلّفه كمّا وكيفا بقدر الإمكان، فليس معنى تحقيق المخطوط أن نلتمس للأسلوب النّازل أسلوبا هو أعلى منه، أو نحلّ كلمة صحيحة محلّ أخرى صحيحة بدعوى أنّ أولاهما أولى بمكانها، أو أجمل، أو أوفق، أو ينسب صاحب المخطوط نصّا من النّصوص إلى قائل وهو مخطئ في هذه النّسبة، فيبدّل المحقّق ذلك الخطأ ويحلّ محلّه الصّواب (عبد السّلام، 1418هـ/ 1998م).

تنظيم الفقار والحواشي، ووضع علامات التّرقيم

تقديم الشّروح والتّعليقات

لأنّ الكتب القديمة محتاجة إلى توضيح يخفّف ما بها من غموض، ويحمل إلى القارئ الثّقة بما يقرأ، والاطمئنان إليه (عبد السّلام، 1418هـ/ 1998م).

وضع الفهارس

وهي متعدّدة وأهمّها : فهرس الموضوعات، والآيات القرآنية، والحديث والأثر، والأمثال والحكم وأقوال العرب، والقوافي، والأعلام، والأمم والقبائل، والأماكن والبلدان، والكتب الواردة في النّصّ، ومصادر البحث والتّحقيق (عبد التّواب، 1406هـ/ 1985م).

مفهوم الاستشراق

لغة

مأخوذ من جهة الشَّرْقِ، وهو مصدر الفعل اِسْتَشْرَقَ أي: اتّجهَ إلى الشرق، وتزيّا بزيّ أهله في لغته. ولفظة الاستشراق استعملها المحدثون من ترجمة «Orientalism»، ثمّ استعملوا من الاسم فعلا فقالو: «اِسْتَشْرَقَ»، وليس في اللّغات الأجنبية فعل مرادف للفعل العربي (بني عامر، 2004).

جاء في معجم متن اللّغة ما يلي: «استشرق طلب علوم الشّرق ولغاتهم، والمستشرق هو: عالم متمكّن من المعارف الخاصّة بالشّرق ولغاته وآدابه» (بني عامر، 2004).

اصطلاحا

إنّ تحديد المفهوم لهذه الكلمة يقتضي الاطّلاع على رأي علماء الغرب، وعلماء العرب لكي يكون بالإمكان بعد ذلك القيّام بمحاولة وضع تعريف محدّد لهذا الاصطلاح.

حيث عرّف جويدي «Guidi» علم الاستشراق بقوله : «الوسيلة لدرس كيفية النّفوذ المتبادل بين الشّرق والغرب، إنّما هو علم الشرق»، أو هو علم يدرس فيه لغات الشّرق، وتراث وأديان شعوبها وحضارتهم وتاريخهم، وكلّ ما يتعلق بهم.

وهذا الاسم غلب على تعلّم الأوروبيّين علوم أهل الشّرق، وعليه  فالمستشرق : هو ذاك الأوروبيّ أو الغربيّ، الّذي اجتهد في تعلّم علوم الشّرق، وديانة أهلها وحضارتهم (الخلف).

من خلال التّعاريف السّابقة يمكن أن نتوصّل إلى النّقاط التّالية :

-أنّ الاستشراق يركّز أصحابه على دراسة الشّرق وحضارته، وعلومه، وفنونه وآدابه، وعقائده، وتشريعاته، وتاريخه.

-إنّ معنى استشرقَ أي صار شرقيّا، والمستشرق الّذي يشتغل بدراسة العقليات الشّرقية عامّة، والعربيّة بشكل أخصّ.

-إنّ الاستشراق علم قائم بذاته، له خصائصه ومميّزاته (بني عامر، 2004).

-دلالة المصطلح عند العرب أو عند المسلمين لا تخرج من مفهوم دراسة الإسلام دينا، وما يتبعه من لغات أهله، وتواريخهم ومظاهر حضارتهم (السّامرائي، 1403هـ/1983م). 

عوامل نشأة الاستشراق

إنّ تاريخ الاستشراق قديم يرجع إلى القرن الثّالث عشر الميلادي بكلّ وضوح، والعوامل الّتي كوّنت هذا التّاريخ إنّما هي دينيّة وسياسيّة واقتصاديّة.

العامل الدّيني

ويهدف إلى نشر الدّيانة المسيحيّة وتبليغ دعوتها، وتصوير الإسلام بما يثبت به فضل المسيحيّة ورجحانها على الإسلام، ويبعث في الطّبقة المثقّفة إعجابا بالمسيحيّة وحرصا عليها، ولذلك نرى أنّ الاستشراق وتبليغ الدّيانة المسيحيّة يسيران معا في أغلب الأحوال، وأنّ عدد المستشرقين الأكبر أساقفة، وعدد كبير منهم يهود ديانة وجنسا (أبي الحسن علي الحسني، 1423هـ/2002م).

العامل السّياسي

ويتمثّل في أنّ المستشرقين بصفة عامّة كانوا روّاد «Pioneers» الدّول الغربية في الشّرق، ومن واجبهم أن يمدّوها بمددهم العلمي، وكانوا مصادر مؤكّدة للغرب يطّلع بها على تفاصيل ومعلومات عن تقاليد الشّعوب الشّرقيّة، وبلدان الشّرق، وعن طبيعة معيشتها، ولغاتها وآدابها، حتى يتسنّى للغرب بسط نفوذه وسلطته في الشّرق (أبي الحسن علي الحسني، 1423هـ/2002م).

ولتحقيق هذا الغرض يصدر المستشرقون من مختلف أقطار الغرب عدّة مجلاّت ورسائل حول العالم الإسلامي، ينشرون فيها مقالات تحليلية ومواد تحقيقية تبحث في مشكلات العالم الإسلامي، وميوله ونزعاته، ولا تزال تصدر مجلّة «الشرق الأوسط» «JournalofNearEast»، ومجلّة العالم الإسلامي «TheMuslimWorld» من أمريكا، ومجلّة «LemondMusalmans» من فرنسا.

العامل الاقتصادي

كما أنّ هناك عاملا اقتصاديا للاستشراق يختاره كثير من المثقّفين كمهنة ناجحة، وكثير من أصحاب المكتبات التّجارية ونَشَرَتها يشجّعون على نشر المؤلّفات، والكتب الّتي تدور حول الإسلاميات والشّرقيات، ويشرفون على نشرها لما يرون لها من سوق كبيرة في أوروبا وآسيا، وتنال هذه المؤلّفات من القبول والإعجاب ما يجعلها عظيمة الانتشار، وكثيرة الذّيوع (أبي الحسن علي الحسني، 1423هـ/2002م) .

وهكذا نشأ الاستشراق على أيدي كهنة وخدم للكنيسة، وأخذ هذا المصطلح الّذي يتولّى الجانب العلمي في نزع سلطان الدّين الإسلامي من النّفوس، وطلائع المستشرقين انطلقوا من الكنائس والأديرة، وإسهاماتهم موجّهة إلى المفكّرين والمطّلعين والمثقّفين (بن ابراهيم الحمد النّملة، 1419هـ).

أهداف الاستشراق

تتداخل الدّوافع مع الأهداف لتصبح شيئا واحدا، فإنّ الأهداف الّتي أراد الاستشراق تحقيقها كان دافعها الأساسي أنّ رجال الدّين النّصراني رأوا قوّة الإسلام دافعة للدّخول فيه، واستيلاء الإسلام على أرض كانت النّصرانيّة هي الدّين الوحيد فيها، ففي عام 1156م قام الرّاهب الفرنسي بطرس المحترم بتشكيل جماعة من المترجمين، أوعز لهم بترجمة القرآن الكريم إلى اللّاتينية، فقد كان لا بدّ من معرفة الإسلام معرفة دقيقة لمحاربته محاربة جيّدة على مستوى العقيدة، فنكب المترجمون المسيحيّون على ترجمة القرآن ودراسته من أجل نقده.

الهدف الدّيني

يمكن تلخيص الهدف الدّيني في النّقاط التّالية:

-محاربة الإسلام، وتتبّع مثالبه وإبرازها، والزّعم بأنه يستلهم من النّصرانيّة واليهوديّة.

-حماية النّصارى من الدّخول في الإسلام بطمس معالمه، وإخفاء حقائقه.

-حملات التّنصير والجهود المبذولة في محاولة تنصير المسلمين.(آل حميد)

الهدف العلمي

لم تكن أوروبا تنهض نهضتها دون أن تأخذ بأسباب ذلك، وهو دراسة منجزات الحضارة الإسلاميّة، فقد رأى زعماء أوروبا أنّه إذا كانت أوروبا تريد النّهوض الحضاريّ والعلميّ، فعليها بالتّوجّه إلى بواطن العلم تدرس لغاته وآدابه وحضارته، فنكب الغربيّون على دراسة الكتب الإسلاميّة، فلم يتركوا مجالا كَتب فيه العلماء المسلمون حتّى درسوا هذه الكتابات، وترجموا عنها وأخذوا منها.(آل حميد)

كما أنّ هناك أهدافا علميّة خالصة لا يقصد منها إلا البحث والتّمحيص، وذلك بدراسة التّراث العربي والإسلامي دراسة تجلّي لهم بعض الحقائق الخافية عنهم، وهم مع إخلاصهم في البحث والدّراسة لا يسلمون من الأخطاء، والاستنتاجات البعيدة عن الحقّ، إمّا لجهلهم بأساليب اللّغة العربيّة، وإمّا لجهلهم بالأجواء الإسلاميّة التاريخية عن حقيقتها، فيحبّون أن يتصوّروها كما يتصوّرون مجتمعاتهم، ناسين الفروق الطّبيعيّة والنّفسيّة والزّمنيّة الّتي تفرّق بين الأجواء التّاريخيّة الّتي يدرسونها، وبين الأجواء الحاضرة الّتي يعيشونها، ورغم ذلك لا يمكن انكار فضل الدّراسات الاستشراقية في جمع المخطوطات الاسلامية، ونقلها إلى الغرب، والقيام بحفظها، وفهرستها، وتحقيق البعض منها ونشره، فالمرحلة الّتي جاب فيها المستشرقون، والرّحّالة الغربيّون الدّيّار الاسلامية بحثا عن المخطوطات، كان الكثير من هذه المخطوطات عرضة للضّياع والاهمال، فاهتمّوا بهذا التّراث العربي الاسلامي المخطوط جمعا وتحقيقا ونشرا (السّبّاغي، 1399هـ/1979م).

الهدف الاقتصادي

رغبت الدّول الأوروبيّة في مدّ مصانعها بالمواد الخام، كما رغبت في تسويق منتجاتها، فكان لا بدّ من التّعرّف على البلاد الّتي تمتلك الثرّوات الطّبيعيّة، ويمكن أن تكون لبضائعها أسواقا مفتوحة، فكان الشّرق الإسلامي، والدّول الإفريقيّة والأسيويّة هي الهدف، فلجأت الدّوائر الحكوميّة ومؤسّسات الاستثمار الأجنبي إلى خيرة المستشرقين بالبلدان المعنيّة من أجل:

-الاستطلاع على إمكانية استغلال الثّروات الباطنيّة، والبشريّة فيها.

-تنفيذ مشاريعهم الاقتصاديّة المختلفة والعمل كوسطاء، ومستشارين، ومترجمين ومنقّبين، مقابل رواتب مغرية.

الهدف السّياسي والاستعماري

لقد استطاع الاستعمار أن يجنّد طائفة كبيرة من المستشرقين، لخدمة أغراضه، وتحقيق أهدافه في البلاد المستعمرة، كما أنّ الاستعمار عمل على تعزيز موقف الاستشراق، وهكذا نشأت رابطة وثيقة بين الاستعمار والاستشراق، وعمل بعض المستشرقين كمستشارين لوزارات خارجيّة لدولهم، وكقناصل، وتجسّسوا على المسلمين، وكان رجال السّياسة يرجعون إلى المستشرقين قبل اتّخاذ قراراتهم المهمّة في الشّؤون السّياسيّة الخاصّة بالأمم العربيّة الإسلاميّة، ومهما يكن من أمر فقد كان التّراث الاستشراقي بمثابة الدّليل للاستعمار؛ لأن المعرفة بالأجناس الشّرقيّة هي الّتي تجعل حكمهم سهلا. (السّبّاغي، 1399هـ/1979م)

الهدف الثّقافي

من أبرز أهداف الاستشراق نشر الثّقافة الغربيّة، واللّغات الأوروبيّة، ومحاربة اللّغة العربية، وصبغ البلاد العربيّة والإسلاميّة بالطّابع الثّقافي الغربي.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف فكّر نابليون في استضافة خمسمائة من المشّايخ، ورؤساء القبائل في مصر، ليعيشوا فترة من الزّمن في فرنسا، من أجل أن يعتادوا على اللّغة، والتّقاليد الفرنسيّة، فإذا ما عادوا إلى مصر نشروا ما اعتادوا عليه، فينضّم إليهم غيرهم.(السّبّاغي، 1399هـ/1979م)

موقف المستشرقين من التّراث العربي المخطوط

لقد قام المستشرقون بعملية التّحقيق في كلّ موضوع، في السّنة والسّيرة النّبويّة، والفقه والكلام، كما تحدّثوا عن الصّحابة الكرام، والتّابعين والأئمّة المجتهدين، والمحدّثين والفقهاء، والمشايّخ والصّوفيّة، وروّاة الحديث، وعن فنّ الجرح والتّعديل، وأسماء الرّجال، وحجيّة السّنة، وتدوينها، ومصادر الفقه الإسلامي. (أبي الحسن علي الحسني، 1423هـ/2002م)

فقد عمل المستشرقون على نشر نفائس المخطوطات العربية في طبعات متقنة، ومحقّقة تحقيقا علميّا، وعملوا على تزويدها بشروحات وافية، وفهارس مفيدة تصف المخطوط وصفا دقيقا، وتشير إلى ما يتضمّنه من معلومات، وتذكر اسم المؤلّف، وتاريخ ميلاده، ووفاته، وتاريخ تأليف الكتاب أو نسخه.

يقول الأستاذ عبد السّلام هارون: «إنّ الجهد العلمي الّذي بذله المستشرقون في إحياء التّراث العربي لا يستطاع إنكاره، فهم كانوا أساتذة الجيل الحاضر في الطّريقة العلميّة الّتي جرو عليها... قاموا بنشر عيون ثمينة من التّراث العربي في أمانة علميّة دقيقة اقتبسوها من أسلافنا مقرونة بعناية خاصّة بالفهارس الفنيّة، وهذا أيضا كان شأن جمهور أسلافنا».

موقف الاستشراق من التّراث الإسلامي

يتجلى موقف الاستشراق من التّراث الإسلامي فيما يلي:

-نشر التّراث الاسلامي، وتحقيقه، وترجمته من اللّغة العربية إلى لغاتهم الأجنبية، وانشاء مكتبات خاصة به، وترميم التّالف منه، وهو الصّنف الذّي ركّزنا عليه في هذا المقال.

-التّركيز على الجوانب الضّعيفة وإظهارها، وخاصّة ما يتعلّق بالفرق السّياسيّة، والدّعوات الباطنيّة.

-استخدام التّراث الإسلامي استخداما سيّئا، حيث أنّ دول الغرب حاكت مؤامرة لسلب هذا التّراث من أيدي أصحابه، ونقله إلى دوائر الغرب، من أجل تحقيق مآربهم في إظهار سلبيات هذا التّراث، وتجاهل ايجابياته، وإظهار ما يفرّق وإخفاء ما يجمع.

-تأليف الموسوعات المسمّاة بالإسلاميّة، حيث صدرت الطّبعة الأولى منها بلغات متعدّدة منها: الإنجليزيّة، والفرنسيّة، والألمانيّة، وذلك ما بين سنة 1913م إلى سنة 1938م.  (بني عامر، 2004)

منهج المستشرقين في نشر التّراث العربي

لقد اعتمد المستشرقون في دراسة ونشر التّراث العربي على أربعة مناهج وهي: المنهج التّاريخي، والمنهج المقارن، والمنهج الوصفي، ومنه المنهج الإحصائي، ولا شكّ في أنّ أعمال المستشرقين عكست نمطين متمايزين: ذلك النّمط الّذي أسرف في الالتزام بمنهج بعينه، وقد يحمله ذلك على صرف النّظر عمّا سواه، عن جهل أو تعصّب، ونمط آخر انتفع في الوصول إلى أعماق الظّاهرة اللّغوية بمناهج متعدّدة.

المنهج التّاريخي

لمّا كان المنهج التّاريخي أسبق إلى الظّهور من المنهج الوصفي الّذي ازدهر في أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فقد انعكس هذا أيضا على أعمال المستشرقين، الّتي تأثّرت في القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر بالمنهج التّاريخي، فكان من آثار ذلك أن درسوا العربيّة التّراثيّة، ثم توجّهوا في القرن العشرين إلى الاهتمام باللّهجات المعاصرة. (أحمد عمايرة، 1992م)

المنهج المقارن

يعدّ المنهج المقارن جزءا من المنهج التّاريخيّ في دراسة اللّغة، وهو يتميّز عن المنهج التّاريخيّ في عمومه، بأنّه يركّز على بحث الظّاهرة اللّغويّة في أكثر من لغة، ويركّز بشكل خاصّ على بحث الظّاهرة في اللّغات الّتي تنتمي إلى أصل واحد كاللّغات السّامية أو الحامية أو الهنديّة الأوروبيّة، ويكون هدفه من ذلك التّأصيل التّاريخي، كأن يستدل على قِدم الظّاهرة بالتماسها في أخواتها، أو حداثتها بتفرّد اللّغة المعنيَّة بها من بين أخواتها، بسبب تاريخ حياة تلك اللّغة. (أحمد عمايرة، 1992م)

المنهج الوصفي

إنّ البحوث الاستشراقية اللّغوية كانت في جوهرها تسير على المنهج التّاريخيّ في القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر، وهو المنهج الّذي ازدهر في هذين القرنين على صعيد الدّراسات اللّغوية الأوروبيّة بعامّة، إلى أن جاء القرن العشرون، إذ مال البحث اللّغوي إلى اتجاه آخر، وهو المنهج الوصفي، وبخاصة بعد أن ظهر «ف. دي سوسير»، ومدرسته في العقد الثّاني من القرن العشرين، وكتابه «منهج علم اللّغويات العامة»، ثمّ مدرسة براغ، ومن كتّابها «N. trubetskoy»  وله: «مبادئ وظائف علم الأصوات» 1939م، «Grundzugeder Phonologie»، ثمّ المدرسة الأمريكية المسمّاة الأنثروبولوجيّة، ومن أعلامها: سابير «Sapir»، وبلومفيلد «Bloomfield»، وهاريس «Harris» (أحمد عمايرة، 1992م).

المنهج الإحصائي

يهتمّ هذا المنهج بالوقوف على الظّواهر اللّغوية الأكثر شيوعا في اللّغة الواحدة، ولذا كانت محاولاتهم الإحصائيّة الّتي تستهدف إحصاء أكثر المفردات شيوعا، ثمّ أكثر التّراكيب النّحويّة استعمالا، وقد انعكس هذا المنهج على أعمال المستشرقين، فكان من أظهر أعمالهم في باب المفردات ذلك العمل الجيّد الّذي قام به «هانز فير» في معجمه القيّم «معجم اللّغة العربية المعاصرة « : عربي – ألماني، وقد ترجم إلى   الإنجليزية: عربي-إنجليزي (أحمد عمايرة، 1992م).

Arabisches Worterbuch Furdie Schriftsprache der Gegen- Wart: Arabisch - Deutsch.

ويمكن أن نتعرّف على المنهج الّذي استخدمه المستشرقون في دراسة التّراث العربي من خلال قول رودي بارت: « فنحن معشر المستشرقين، عندما نقوم اليوم بدراسات في العلوم العربيّة والعلوم الإسلاميّة، لا نقوم بها قطّ لكي نبرهن على ضعة العالم العربي الإسلامي، بل على العكس، نحن نبرهن على تقديرنا الخاصّ للعالم الّذي يمثّله الإسلام، ومظاهره المختلفة، والّذي عبّر عنه الأدب العربي كتابة، ونحن بطبيعة الحال لا نأخذ كلّ شيء ترويه المصادر على عواهنه دون أن نُعمل فيه النّظر، بل نقيم وزنا فحسب لما يثبت أمام النّقد التّاريخي ...» (حمدي زقزوق).

وقد حرص المستشرقون أثناء تحقيقهم المخطوطات العربيّة على تأدية النّص أداء صحيحا، وذكر الفروق بين النّسخ، وتقديم المخطوط، وفهرسته، لا يزيدون، ولا ينقصون، وقد كان هذا طبيعيا؛ لأنّ كثيرا من الّذين توجّهوا إلى نشر التّراث، وشاركوا في خدمته، كانوا المستشرقين الّذين انتدبوا للتّدريس في الجامعات العربية في ذلك الزّمان. (محمّد الطّناحي، 1405هـ/1984م)

إسهامات المستشرقين في نشر التّراث العربي المخطوط

بذل المستشرقون جهودا ضخمة مضنية في دراسة الإسلام ولغته، وآدابه وعقيدته، وتاريخه، وقرآنه وسننه، وحضارته، وأعلامه ...، وألّفوا كتبا وقواميس ودائرة معارف، وحقّقوا مخطوطات، وعقدوا مؤتمرات كثيرة للتّدارس فيما بذلوه، وما ينبغي أن يقوموا به من عمل.

ومهما يكن من شيء فإنّ الدّارس المنصف لا بدّ أن يقف مندهشا أمام هذه الجهود الكثيفة المتكاملة والمتضافرة، كذلك حرصهم ودأبهم ومثابرتهم على تجميع المخطوطات الإسلاميّة بكلّ الطّرق، وترتيبها، وفهرستها، والتّعريف بها، وتحقيق الكثير منها، ولا بدّ أن نعترف أنّ كثيرا من هذه المخطوطات ما كان لنا أن نعرفها إلّا بواسطة بعض المستشرقين، بل ربّما ما كان لها أن تبقى حتّى اليوم لولا عنايتهم بها ورعايتهم لشأنها. (الشّرقاوي)

وقد أثمرت جهودهم مثل: تفسير آيات القرآن الّذي تمخّضت عنه فكرة المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وكذلك المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النّبوي الشّريف، وهو أمر غير منكور لهم، ومن ثمرات الجهد الاستشراقي أيضا أنّه حفّز كثيرا من العلماء الأجلّاء إلى الاستجابة لهذا التّحدي الكبير، ودراسة تراثنا دراسة عميقة واعية للتّعرّف على ما ينطوي عليه من عوامل القوّة، وموجبات الرّقي والتّقدم، وفضائل القيم من ناحيّة، ولمقاومة الهجمة الاستشراقية الشّرسة من ناحيّة أخرى، تلك ثمرة عظيمة غير مباشرة للاستشراق تحقّقت، كما أنّ المستشرقين قد طرقوا موضوعات جديدة، وفي بعض الأحيان طريقة لم تكن معروفة أو مألوفة، فلفتوا أنظار الباحثين المسلمين إليها، وشحذوا هِمَمَهُم إلى العناية بها وتطويرها. (الشّرقاوي)

جهود المستشرقين الفرنسيين

لقد أعجب الفرنسيّون بالنّموذج العربي، وأحسّوا بقيمته ممّا دفعهم إلى البحث عن المنجزات الحضاريّة العربيّة، والعكوف عليها والاستفادة منها، ولقد تبدّى هذا في فترات مبكّرة منذ القرن الحادي عشر الميلادي، فحين سقطت طليطلة سنة 1085م في يد الملك الإسباني ألفونس السّادس، سارع العلماء الإسبان والفرنسيّون إلى العكوف على كنوز المخطوطات العربيّة في المدينّة المستسلمة لدراستها ونشرها وترجمة جانب منها، وهذه المخطوطات حوّلت طليطلة إلى كعبة للدّارسين من أرجاء أوروبا وفرنسا خاصّة. (درويش، 1997م)

وقد ازدادت حركة البحث عن المخطوطات العربية وتصنيفها في فرنسا في القرون التّالية، وشكّلت إحدى الظواهر الثّقافيّة المهمّة في القرنين السّابع والثّامن عشر، فلقد كان الوزير الشّهير كولبير يكلّف بعض المعتمدين في الشّرق بالبحث عن المخطوطات العربيّة، لتزويد مكتبة الملك لويس الرّابع عشر بها، فكانت تشتري من العاصمة العثمانيّة «إسطنبول» الّتي كانت مكتباتها العامّة والخاصّة تعجّ بالمخطوطات العربيّة المجلوبة إليها من البلدان العربيّة المختلفة (درويش، 1997م).

لقد سعى المستشرقون الفرنسيّون إلى نقل الثّقافة العربيّة والإسلاميّة إلى أوروبا، وفي هذا الصّدد سنتعرّف على أبرز المستشرقين الّذين أسهموا في نشر، وتحقيق، وترجمة كثير من المصادر العربيّة إلى الغرب.

دي تاسي (De Tassy)(1794/1878م)

 نشر «كشف الأسرار عن حكم الطّيور والأزهار» لعبد السّلام بن أحمد ابن غانم المقدسي (ت 678هـ) متنا، وترجمة في عام 1821م، وجمع من أدب العرب منتخبات ترجمها إلى الفرنسيّة، ونشرها تحت عنوان: «مجموع الكنوز الشّرقيّة» (نجيب العقيقي، المستشرقون، 1964م).

بوشه (Boucher)  (1843/1886م)

نشر ديوان عروة ابن الورد (ت 30ق.هـ) في عام 1867م، وثلاثة آلاف بيت من شعر الفرزدق (ت 114هـ) في عام 1875م (نجيب العقيقي، المستشرقون، 1964م).

لويس ماسنيون (Massignon Louis)(1883/1962م)

مستشرق فرنسي كبير، له أعمال كثيرة تتجاوز ستمائة وخمسين عملا بين مؤلّف ومحقّق، ومترجم، ومقال، ومحاضرة، وسيرة، ومن الآثار الّتي ترجمها: «ديوان الحلّاج» (ت 309هـ)، والأمثال البغداديّة للطّالقاني إسماعيل بن عبّاد (ت385هـ)، كما ألّف كثيرا عن الثّقافة العربيّة خاصّة عن التّصوّف في الإسلام (البدوي، 1984م) .

بيرس (Pérés)(توفّي بعد 1970م)

نشر الكثير من الكتب العربيّة خاصّة في مجالات البلاغة والأندلسيات، من بينها: ديوان كثير عزّة، لكثير بن عبد الرّحمن (ت105هـ)، وحقّق «البديع في وصف الرّبيع» لأبي الوليد الاشبيلي (596هـ)، وترجم مصنّفات ابن خلدون (1332/1406م) (نجيب العقيقي، المستشرقون، 1964م).

جهود المستشرقين الألمان

لقد كانت أوّل محاولة في ألمانيا لتدريس اللّغة العربيّة من قبل كريستمان (ت 1613م)، فقد ألّف كتيّبا لتعليم كتابة الحروف العربيّة، بل إنّه أعدّ بنفسه للمطبعة الحروف العربيّة في قوالب الخشب، لكنّ الرّائد الأوّل الّذي وقف حياته كلّها على دراسة اللّغة العربيّة، والحضارة الإسلاميّة هو رايكسه (ت 1774م)، وتتابع بعد ذلك المستشرقون حتّى كان القرن التّاسع عشر، عصر ازدهار وإنتاج خصب للاستشراق الألماني، ومازال كذلك حتّى الحرب العالميّة الثّانية، فأصيب بالضّعف والبطء في الإنتاج  (المنجد، 1978م) .

وتعدّ جهود المستشرقين الألمان في مجال تحقيق النّصوص القديمة ونشرها، وصيانة وحفظ الأصل منها على قدر كبير من الأهمّية، بعد أن كانت تلك النّصوص عرضة للتّلف والضّياع في زحمة ما تمرّ به الأمّة الإسلاميّة من شتّى المحن، جعلت المسلمين في انشغال عن تراثهم وحفظه، وقد نالت تلك النّصوص حظّها من الحفظ بعد رحيلها إلى مختبرات الصّيانة والدّرس الّتي أعدّها هؤلاء المستشرقون في بلدانهم.

كان أهمّ ما ميّز عمل المستشرقين الألمان  هو قيامهم بتحقيق عدد كبير من النّصوص القديمة مع مراعاة الدّقّة في عملهم هذا، فقد قام فيستنفلد (1899م) «F.Wustenfeld» بتحقيق ما يقارب المائتين من النّصوص الإسلاميّة ونشرها (المنجد، المستشرقون الألمان تراجمهم وما أسهموا به في الدّراسات العربية، 1978م)، وهو ما يعجز عن نشره مجمّع علمي، وكان من أبرز تلك النّصوص: «معجم البلدان» لياقوت الحموي (574/626هـ)، و «وفيات الأعيان» لابن خلكان (608/681هـ)، و «تهذيب الأسماء واللّغات» للنّووي (631/676هـ) (المنجد، 1978م)، ونشر «السّيرة النّبويّة» لابن هشام (ت218هـ)، «وتواريخ مكّة للأزرقي والنّهروالي (السّيّد، 2016م).

وفي الآتي ذكر لأبرز المستشرقين الألمان وجهودهم:

يوهان يعقوب رايسكه (J.J Reisk)(1716/ 1774م) 

درس اللّغة العربيّة بنشاط كبير، وتوفّق في درس النّحو العربي دون الأخذ بمعونة أيّ معلّم مستندا على موهبته الخاصّة لتعلّم اللّغات فقط، حاول رايسكه الحصول على مخطوطات عربيّة، فبعث إليه المؤلف الشّهير لكتاب Biblia Hebraica، وهو يوهان كريستوف ڤولف Wolf(1673/1739م) بنسخه من «مقامات الحريري» من مجموعته الخاصّة، ونشر رايسكه المقامة السّادسة والعشرين بمتنها العربي، وترجمها إلى اللّاتينيّة إسنادا إلى هذه المخطوطة (المنجد، 1978م).

تيودور نولدكه (TheodorNoldeke)(1836/1930م)

ألّف سلسلة كبيرة من الكتب، وخاصّة في حقول الدّراسات العربيّة واللّغات السّامية المقارنة، والحكايات الخرافيّة الشّرقيّة، كما اشتغل على دراسة الشّعر العربي القديم، وألّف ترجمات وشروح خمس معلّقات، وأعطى بذلك مثلا فريدا من نوعه في وضوح التّفسير لغة ومتنا، وقد كرّس نولدكه لأبحاثه في اللّغات السّامية المقارنة مُؤلفين هما: «أبحاث في علم اللّغات السّامية»، و»أبحاث جديدة في علم اللّغات السّامية» (المنجد، المستشرقون الألمان تراجمهم وما أسهموا به في الدّراسات العربية، 1978م).

فلهلم أهلفارت (WilhelmAhlwardt)(1828/1909م)

مع تعاظم أعداد المخطوطات العربيّة في برلين، سرعان ما اشتدّت الرّغبة في فهرستها، وقد عهد إلى فلهلم أهلفارت للقيام بهذا العمل في سنة 1863م، وكان يوجد قديما سلسلة من الفهارس أدرجت فيها في قليل أو كثير مخطوطات عربيّة بأوصاف كاملة، غير أنّ أهلفارت أراد بهذه الفهرسة الإعداد لتاريخ أدبيّ مستقبلي، لا يأخذ على عاتقه رسم صورة حياتيّة جامعة عن كلّ شخصيّة كاتبة فقط، بل عرض مسار التّطور الدّاخلي لكل نوع أدبي في سياق التّغيرات السّياسيّة، والاجتماعيّة أيضا كتعبير عن الأفكار المحرّكة للعصر، ولهذا السّبب فقد قدّم حول كلّ موضوع مألوف في الفهرسات وصفا عن كلّ مخطوط، ومن كلّ عمل بيانا دقيقا عن المحتوى، وطبع هذا العمل في عشرة مجلّدات، وذلك سنة 1899م  (فوك، 2001م)  .

أوغست فيشر (AugustFicher)(1865/ 1949م) 

كان صاحب علم غزير، باحثا في المشاكل اللّغوية والنّحويّة، تخصّص في اللّغات الشّرقية، وعمل في معهد اللّغات الشّرقية في برلين عام 1896م مدرّسا للّغة العربية وأمينا بالمعهد، وقد كان حريصا على تأكيد الأهمية القصوى للّغة العربية من أجل التّصدي للأبحاث الخاصّة بالتّاريخ والفلسفة والفقه... عند العرب والمسلمين، ولا شكّ أنّه استحقّ أن يدعوه زملائه أعلم المستشرقين، وشيخهم في الغرب كلّه بعد وفاة أستاذه الفرنسي. (المنجد، 1978م).

جهود المستشرقين الرّوسيين

ترجع جذور العناية الرّوسيّة بالاستشراق إلى الرّبع الأوّل من القرن الثّامن عشر الميلادي، وذلك في عهد بطرس الأول (ت1725م)، الّذي تمّ في عهده عدد من الإصلاحات والخطوات الجذريّة، وكان لها أثر كبير في مستقبل روسيا وبنائها من جديد، وقد كان لبطرس مستشارا له صلة بالشّرق والإسلام، هو ديميتري كانتمير (ت1723م)، الّذي يعدّ مؤسّس أوّل مطبعة في روسيا تطبع الحروف العربيّة، ثمّ تمّ بعدها التّوسع في الطّباعة العربيّة، حيث طبع العديد من المؤلّفات والكتب الإسلاميّة، ويأتي على رأس تلك المطبوعات طباعة المصحف الشّريف، الّذي طبع سنة 1778م، ثمّ تكرّر طبعه في سنوات لاحقة  (الجار الله).

أمّا بداية الاستشراق النّظاميّة فترجع إلى العقدين الأوّلين من القرن التّاسع عشر الميلادي، وهي البداية الّتي كانت أساسا لما عُرف بالاستشراق الأكاديمي، وذلك من خلال الأقسام والكراسي الّتي أنشئت في الجامعات الرّوسيّة، والّتي ترجع بدايات تأسيسها إلى بداية القرن التّاسع عشر (الجار الله).

وفي الآتي ذكر لأسماء أهمّ المستشرقين الرّوس الّذين ساهموا في دفع حركة الاستشراق الرّوسي:

كريستيان فران (ChristianFran)(1782/1851م)

كان من أكثر المستشرقين صبرا على البحث وإخلاصا فيه، درَّس اللّغة العربيّة في جامعة قازان (1807/1817م)، واهتمّ بدراسة المخطوطات الشّرقيّة، حيث أدخل هو بالذّات الطّباعة العربية إلى المتاحف، فحافظت على العديد من المخطوطات القديمة الّتي كانت مكتوبة على الجلد، وقد قدّم هذا المستشرق مائتي مؤلّف، من بحث وتحقيق وتصنيف ودراسة منها:

نشر لامية العجم للطّغرائي (ت514هـ)، ولامية العرب للشنفرى(ت70 ق/هـ)، ( في قازان سنة 1814م).

فهرس لمجموعة مخطوطات شرقيّة في المتحف الآسيوي.

تحفة الدّهر من عجائب البرّ والبحر لشمس الدّين الأنصاري الدّمشقي (654/727هـ)، (نشر وتحقيق) ( السّاموك، 1423هـ/ 2003م).

البارون فكتور رازين (BaronVictorRacine)(1849/1908م)

روسي الجنسيّة من أصل فرنسيّ، اهتمّ بالتّحقيق وبالمخطوطات الشّرقيّة، وأنجز عددا مهمًّا منها، أبرزها مخطوطة الجغرافي البكري (1014/1094م)، ومخطوطة الرّحالة الكبير ابن فضلان (1904م)، وقد أهدى قبل وفاته كلّ مخطوطاته الشّرقيّة إلى المتحف الآسيوي، فصنّف المستشرق الرّوسي كراتشكوفسكي (1883/1951م) لها فهرسا نشره مجمّع العلوم سنة 1918م، ومن الأعمال الّتي قام بها هذا المستشرق الرّوسي في خدمة التّراث العربي نذكر:

ــ فهرس المخطوطات العربية والفارسية في بطرسبرغ وبولونيا.

نشر تاريخ يحي بن سعيد الأنطاكي (1883م).

شارك في طبع تاريخ الطّبري  ( السّاموك، 1423هـ/ 2003م).

كراتشكوفسكي (Krachkovsky)(1883/1951م) 

أوفدته جامعته إلى الشّرق لتعلّم العربيّة العاميّة، والتّعرّف على العلماء العرب في الفترة الممتدّة ما بين (1908/ 1910م)، فطاف في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر متردّدا على خزائنها العلميّة ومكتباتها، ثمّ تعرّف على أساتذتها، وعاد بتلك المعرفة إلى روسيا بعد أن نشر حولها الكثير من البحوث والمقالات.

ترك هذا المستشرق حوالي 200 بحثا ومصنّفا ومترجما منها:

-شاعرية أبو العتاهية (130/211هـ) سنة 1906م.

-نشر مخطوطتين مجهولتين عن الجغرافيّة وعلم الفلك.

-نشر الحماسة للبحتري (205/284هـ) عن مخطوطة ابن ماجد سنة 1912م ( السّاموك، 1423هـ/ 2003م).

ولا يقتصر الأمر عند هذه الأسماء المذكورة، وإنّما هناك شخصيات أخرى برزت في الاستشراق الرّوسي نذكر منها: يوبيكايا «yubikoya» (متخصّص في الأدب العربي)، والسّيّدة غرونفست «Mrs. Gronvest» (متخصّصة في البلاغة العربية والنّحو)، ويوري غلاسوف « YuriGlasov» (كاتب وأديب في اللّغة العربيّة) ( شهاب، 1402هـ) .

خاتمة

لقد تفاعل المستشرقون مع الصّحوة الإسلاميّة الّتي شاعت بين المسلمين أيّام ازدهار الحضارة الإسلاميّة،

ونتج عن هذا التّفاعل إنتاج فكري غزير في شتّى ميادين العلم والمعرفة (نشرا، وترجمة، وتحقيقا). ولم يذهب هذا الإنتاج الفكري هباء، وإنّما استعانت به الحكومات الغربيّة في وضع السّياسات والاستراتيجيات، وتحديد المواقف في هذه المجتمعات الشّرقية، بهدف النّهوض الحضاريّ والعلميّ حين كانت أوروبا تعيش عصورها المظّلمة قبل الثّورة الصّناعيّة، وممّا لا شكّ فيه أنّ للمستشرقين «Orientalistes» فضلا كبيرا في إخراج الكثير من كتب التّراث، ونشرها محقّقة مفهرسة، ومبوّبة بمنهجية علميّة دقيقة، عكست صبر وأدب المستشرقين في التّحقيق والتّمحيص وتتبّع المسائل

أحمد درويش. (1997م). الاستشراق الفرنسي والأدب العربي. الهيئة المصرية العامة للكتاب.

اسماعيل أحمد عمايرة. (1992م). المستشرقون والمناهج اللغوية (الإصدار 2). عمّان: دار حنين.

النّدوي أبي الحسن علي الحسني. (1423هـ/2002م). مقالات وبحوث حول الاستشراق والمستشرقين (الإصدار 1). (سيّد عبد الماجد الغوري، المحرر) بيروت: دار ابن كثير.

برجستراسر. (1402هـ/ 1982م). أصول نقد النّصوص ونشر الكتب. (محمد حمدي البكري، المحرر) السّعودية: دار المريخ.

بشّار عواد معروف. (2009م). تحقيق النصوص بين أخطاء المؤلّفين وإصلاح الرّواة والنّساخ والمحقّقين. تونس: دار الغرب الإسلامي.

رضوان السّيّد. (2016م). المستشرقون الألمان النّشوء والتأثير والمصائر (الإصدار 2). لبنان: دار المدار الاسلامي.

رمضان عبد التّواب. (1406هـ/ 1985م). مناهج تحقيق التّراث بين القدامى والمحدثين (الإصدار 1). القاهرة: مكتبة الخانجي.

سعد آل حميد. (بلا تاريخ). أهداف الاستشراق ووسائله. الرّيّاض: جامعة الملك سعود، كلية التربية، قسم الثّقافة الاسلامية.

سعد فهمي سعد، ومجذوب طلال. (1413هـ/ 1993م). تحقيق المخطوطات بين النّظرية والتّطبيق. لبنان: عالم الكتب.

سعدون محمود السّاموك. (1423هـ/ 2003م). الاستشراق الرّوسي (دراسة تاريخية شاملة) (الإصدار 1). الاردن: دار المناهج.

سعود بن عبد العزيز الخلف. (بلا تاريخ). دحض دعوى المستشرقين أن القرآن من عند النّبي – صلى الله عليه وسلّم-. الكويت: غراس للنّشر والتّوزيع.

سليمان بن محمّد الجار الله. (بلا تاريخ). جهود الاستشراق الرّوسي في مجال السّنة والسّيرة. السّعودية: مجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشّريف.

صلاح الدّين المنجد. (1978م). المستشرقون الألمان تراجمهم وما أسهموا به في الدّراسات العربية (الإصدار 1). لبنان: دار الكتاب الجديد،.

صلاح الدّين المنجد. (1987م). قواعد تحقيق المخطوطات (الإصدار 7). لبنان: دار الكتاب الجديد.

عبد الرّحمن البدوي. (1984م). موسوعة المستشرقين. لبنان: دار العلم للملايين.

عبد الهادي الفضلى. (1402هـ/ 1982م). تحقيق التّراث (الإصدار 1). السّعودية: مكتبة العلم.

علي بن ابراهيم الحمد النّملة. (1419هـ). التّنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته، التّبيان (الإصدار 2). السّعودية.

قاسم السّامرائي. (1403هـ/1983م). الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية (الإصدار 1). السّعودية: دار الرّفاعي.

محمّد أسد شهاب. (1402هـ). الاستشراق الرّوسي. مجلة الأمّة، 1(1).

محمّد أمين حسن محمّد بني عامر. (2004). المستشرقون والقرآن الكريم (الإصدار 1). الأردن: دار الأمل.

محمّد عبد الله الشّرقاوي. (بلا تاريخ). الاستشراق دراسات تحليلية تقويمية في الفكر الإسلامي المعاصر. القاهرة: كلية دار العلوم.

محمد هارون عبد السّلام. (1418هـ/ 1998م). تحقيق النّصوص ونشرها (الإصدار 7). القاهرة: مكتبة الخانجي.

محمود حمدي زقزوق. (بلا تاريخ). الاستشراق والخلفية الفكرية للصّراع الحضاري. مصر: دار المعارف.

محمود محمّد الطّناحي. (1405هـ/1984م). مدخل إلى تاريخ نشر التّراث العربي مع محاضرة عن التصحيف والتحريف (الإصدار 1). القاهرة: مكتبة الخانجي.

مصطفى السّبّاغي. (1399هـ/1979م). الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم (الإصدار 2). بيروت: المكتب الاسلامي.

ناجي هلال. (1994م). محاضرات في تحقيق النّصوص (الإصدار 1). لبنان: دار الغرب الإسلامي.

نجيب العقيقي، المستشرقون. (1964م). القاهرة: دار المعارف.

يوهان فوك. (2001م). تاريخ حركة الاستشراق (الدّراسات العربية والاسلامية في أوروبا حتى بداية القرن العشرين). (عمر لطفي العالم، المترجمون) لبنان: دار المدار الاسلامي

@pour_citer_ce_document

سعاد مقلاتي / السّعيد هادف, «إسهامات المستشرقين ومنهجهم في تحقيق ونشر المخطوطات العربية. الاستشراق الفرنسي والألماني والرّوسي أنموذجا»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 49-59,
Date Publication Sur Papier : 2024-01-24,
Date Pulication Electronique : 2024-01-24,
mis a jour le : 24/01/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9578.