علميّة المنهج بين النقد الأدبي والهرمينوطيقا Scientific method between literary criticism and hermeneutics
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 VOL 17-2020

علميّة المنهج بين النقد الأدبي والهرمينوطيقا

Scientific method between literary criticism and hermeneutics
ص ص 82-93
تاريخ الإرسال: 2019-04-12 تاريخ القبول: 12-04-2020

سفيان زدادقة / الجاصة وردية
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

حاولت العلوم الإنسانية الاستفادة من إنجازات العلم على غرار العلوم الوضعية، لهذا ظهر منذ القرن التاسع عشر اتجاه يدعو إلى استغلال المنهج العلمي في النقد الأدبي، في الوقت الذي كانت الهرمينوطيقا تشكك في ذلك، وتحاول التفريق بين مجالي العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية. واستمر الطموح العلمي في النقد الأدبي ليصل إلى ذروته مع المنهج البنيوي، غير أن الهرمينوطيقا استمرت في تأكيد شكوكها لتصل إلى هدمه مع غادمير. ليتخلى النقد الأدبي عن الهوس العلمي في ما بعد البنيوية، وتكون الهرمينوطيقا من أهم الأسس التي بلورت تلك المرحلة. وعليه، سنكشف في هذا المقال مظاهر التشابك في نظرة كل من النقد الأدبي والهرمينوطيقا للعلمية.

 

الكلمات المفاتيح

 النقد الأدبي، الهرمينوطيقا، العلمية، المنهج، ما بعد الحداثة

Les sciences humaines ont essayé d'utiliser les acquis des sciences telles les sciences naturelles. Depuis le XIXe siècle, on a eu tendance à exploiter la méthode scientifique dans la critique littéraire, tandis que l'herméneutique l'a mise en doute et a essayé de différencier les domaines des sciences naturelles des sciences humaines. L'ambition scientifique de la critique littéraire continuait jusqu'à l’atteinte de son sommet avec le structuralisme. Mais l'Herméneutique continuait d'affirmer ses soupçons, ce qui a conduit à sa fin avec Gadamer. Par la suite, la critique littéraire abandonne son obsession scientifique dans le post-structuralisme. L'herméneutique est l'un des fondements importants qui ont cristallisé cette période. Ainsi, nous allons explorer dans cette recherche les aspects de liaison entre la vision de la critique littéraire et L'herméneutique pour l'approche scientifique

Mots-clés : La Critique Littéraire, L'herméneutique, Scientifique, La Méthode, Postmodernisme

The humanities have tried to use the achievements of science in the same way as the natural sciences did. In the nineteenth century, a trend appeared to exploit the scientific method in literary criticism, while the hermeneutics has been questioning this, and trying to differentiate between the fields of natural sciences and humanities. The scientific ambition of literary criticism continued to its climax with structuralism. However, Hermeneutics continued to assert its suspicions to reach its demise with Gademir. Then, with post-structuralism, literary criticism has abandoned science and hermeneutics was one of the most important foundations that constructed that period. Thus, in this research, we will shed light on the similar aspects of the scientific approach between criticism and hermeneutics.

Keywords: Literary Criticism, Hermeneutics, Scientific, Method, Postmodernism

Quelques mots à propos de :  سفيان زدادقة

 جامعة محمد لمين دباغين، سطيف2sofizeda@yahoo.fr

Quelques mots à propos de :  الجاصة وردية

جامعة محمد لمين دباغين، سطيف2wardia.ledjassa@gmail.com

مقدمة

شهد النقد الأدبي تطورات كبيرة منذ القرن التاسع عشر، تقاطع فيها مع مجالات معرفية متباينة؛ بدأها بالرغبة في مسايرة الازدهار العلمي الحاصل آنذاك، ثم الاندماج مع المقولات النفسية، فارتداء ثوب المنهج الاجتماعي، ليعود بعد لسانيات دوسوسير إلى الاكتفاء بذاته، والرضا بما تجوده عليه لغته، ليتنكر في النهاية لأفضال اللغة عليه ويتمرد عليها بإيعاز من التصورات الفلسفية ما بعد الحداثية.

 وبينما كان النقد الأدبي يحاول تأسيس دراسة أدبية مستقلة، كانت الهرمينوطيقا هي الأخرى تشق طريقها الخاص في فهم النصوص، وقد وقع التقاطع بين المجالين فيما بعد الحداثة، حيث أصبحت الهرمينوطيقا من أهم المرجعيات التي تأسس عليها النقد ما بعد الحداثي، وذلك لاشتراكهما في موضوع الدراسة وهو النصوص اللغوية.

وعليه، سنكشف في هذا المقال كيفية بناء كل من النقد الأدبي والهرمينوطيقا للمنهج، ونظرتهما للجانب العلمي فيه، عن طريق تتبع نقاط التقاطع بينهما إلى غاية التقائهما فيما بعد البنيوية، أين سقطت العلمية وتحولت قراءة النصوص الأدبية من المعنى الأحادي إلى تعدد الدلالات.

1.                      المنهج في القرن التاسع عشر بين النقد العلمي والهرمينوطيقا

1.1                  النقد الأدبي في القرن التاسع عشر

حقق المنهج التجريبي في القرن التاسع عشر إنجازات كبيرة، مما شجع الدراسة النقدية على مسايرة الازدهار العلمي الحاصل في العلوم الطبيعية، فظهر ما يسمى بالنقد العلمي للأدب، من رواده: سانت بيف (1804- 1869) Charles Augustin Sainte-Beuve ، هيبوليت تين) 1828- 1893) Hippolyte Taine ، فرديناند برونتيير (18491906) Ferdinand Brunetière

أما سانت بيف فقد "اتخذ طريقة في النقد تقوم على تتبع حياة الكاتب الشخصية والعائلية وتلاميذه وأصدقائه وأعدائه محاولا الكشف عن ذوقه وآرائه، فجاء نقده تصويرا لشخصية الكاتب واستطاع بيف بفضل جمعه بين العلم والفن، وبين المعرفة والحس، أو الذوق، في النقد أن يصور شخصيات الكتاب الذي تناولهم دون أن تطغى التفاصيل على الصورة العامة."1 في حين أن تلميذه هيبوليت تين درس الأدب وفق مرجعية الجنس، والعصر، والبيئة، و"يقصد بالجنس العنصر (السلالة) المتمثلة في مجموعة الصفات التي يرثها الشخص أو الأديب من أمته فتمنحه خواصها، كأن يكون عربيا أو جرمانيا أو غير ذلك. ويعني بالبيئة (المكان) الذي يمنح الفرد مجموعة من الخصائص أو المميزات الجغرافية التي يعيش في ظلها وتترك بصماتها عليه. أما العصر فيقصد به (الزمان) وما يحدث فيه من علاقات اجتماعية أو ظروف سياسية أو حروب أو عوامل ثقافية ودينية أو تيارات سياسية."2

في حين أن برونتيير استقى جهازه المفاهيمي من نظرية النشوء والتطور"فقد لاحظ أن التطور في حقل الظواهر الأدبية كثيرا ما يؤدي إلى بزوغ نوع جديد تتضح فيه بقايا نوع سابق على النحو الذي تتطور فيه الكائنات العضوية في (نظرية داروين) من حيث إنها تنشأ بسيطة ثم ما تلبث أن تتعقد متفرعة إلى أجناس ثم يعتورها التطور والاكتمال فالتدهور فالتحلل."3

كان هدف هؤلاء النقاد الوصول إلى الموضوعية في دراسة الأدب، ورأوا بأنها لا تخرج عن إطار المؤلف وما يحيط به نفسيا وتاريخيا واجتماعيا، وخاصة عند كل من سانت بيف وهيبوليت تين، على خلاف ما نجده عند برونتيير الذي رأى بأنه "من بين كل المؤثرات التي تؤثر في تاريخ أدب ما، فإن المؤثر الأساسي هو أثر أعمال أدبية على أعمال أخرى."4 وبهذا يخفف برونتيير من الاهتمام بخارج النص، ليؤكد على أهمية تفاعل النصوص فيما بينهما.

إذن، سعى النقاد في القرن التاسع عشر إلى بناء نقد أدبي على أساس علمي، حتى يكون مشابها للعلوم الطبيعية، بغض النظر عن الاختلافات بين المجالين، وهذا ما تفطن له دلثاي في مجال الهرمينوطيقا.

2.1                   الهرمينوطيقا في القرن التاسع عشر

في الوقت الذي بدأ فيه النقد الأدبي بالبحث عن المنهج المناسب للأدب، كانت الهرمينوطيقا هي الأخرى تبحث عن أنجع السبل لفهم وتأويل النصوص، وليس النصوص الدينية فقط؛ فقد تطورت على يد شلاير ماخر (17681834) Friedrich Daniel Ernst Schleiermacher الذي أخرجها من الإطار المحدود للدراسات الدينية لتشمل النصوص الفلسفية والقانونية والأدبية. كما أنها على يده تجاوزت مرحلة قراءة نصوص معينة إلى البحث في عملية الفهم ككل، فأهم ما قدمه للهرمينوطيقا يكمن "في تجاوزه تفسير النصوص الفعلية والبحث عن معناها، ليسلط الضوء على «عملية الفهم» في حد ذاتها وعلى الشروط الضرورية لمقاربة النصوص وتفسيرها. على يد شلاير ماخر إذن تخلت الهرمينوطيقا عن مهمتها الأولية المتمثلة في متابعة المعنى لتصب جل اهتمامها على وضع القوانين والمعايير التي تضمن «الفهم المناسب» للنصوص أيا كانت هذه النصوص في تحققها الملموس."5

هذه الرغبة الملحة في وضع قوانين للتأويل من شلاير ماخر تتصل بمفهومه عن الهرمينوطيقا، التي يرى بأنها "فن تجنب سوء الفهم."6 بوصف المؤول معرضا للفهم الخاطئ أكثر من الفهم الصحيح بسبب قدم النصوص، لذا عمد إلى وضع قوانين تمنع الوقوع في سوء الفهم؛ فميز بين صنفين من التأويل: "الأول ويسميه بالتأويل النحوي أو الموضوعي الذي يستند إلى الخصائص العامة للخطاب في ثقافة ما ويهتم بخصائص لغوية متميزة عن المؤلف ومستقلة عنه. والثاني وهو ما يسميه بالتأويل النفسي أو التقني، ويهتم بالطابع الفردي، بل العبقري للرسالة التي يريد الكاتب إبلاغها."7 وتميز عمل شلاير ماخر في أنه اصطلح للهرمينوطيقا مفهوما محوريا هو «الفهم»؛ حيث أضحى هو جوهر العملية التأويلية بالبحث عن قوانينه وقواعده. وهو الأمر الذي فعلته البنيوية فيما بعد في القرن العشرين حين تخلت عن قراءة النصوص النوعية لصالح البحث عن النسق العام لها.

وإذا كان النقد العلمي في القرن التاسع عشر لم يفرق بين مجالي العلوم الطبيعية والأدب وحاول تطبيق مناهج الأولى على الثانية، فإن دلثاي (18331911) Wilhelm-Diltheyاستمر بعد شلاير ماخر بالبحث عن قوانين وقواعد التأويل، إلا أنه طمح إلى جعل الهرمينوطيقا منهجا للعلوم الإنسانية من خلال التمييز بين العلوم الإنسانية والعلوم الوضعية، فقد كان أكثر وعيا من النقاد العلميين بطبيعة مشكلة العلوم الإنسانية، حيث نفى إمكانية تطبيق منهج إحداهما على الأخرى؛ فالعلوم الوضعية تحتاج إلى التفسير، أما العلوم الإنسانية فهي التي تحتاج إلى التأويل والفهم.8 فهو يرى أن "الفهم، بما أنه المنهج العلمي المناسب لعلوم الفكر، يستجيب لما هو باطني عبر مسار تأويلي يستند إلى علامات خارجية، خلاف التفسير، كمنهج علمي مناسب للعلوم الصحيحة، الذي يعنى بما هو مادي خارجي."9 والمنهج الجديد الذي أراد به دلثاي منح الاستقلالية للعلوم الإنسانية يقوم على الفهم، وهذا الفهم يقوم على استعادة تجربة المؤلف، على اعتبار أنه صاحب الحقيقة العليا، فقمة الفهم تحدث عندما يتحد القارئ مع المؤلف، فالفهم بالنسبة له هو محاولة " تحقيق تطابقه مع باطن المؤلف والتوافق معه وإعادة إنتاج العملية المبدعة التي ولدت النتاج أو الأثر الإبداعي."10

2.                      علمية المنهج في القرن العشرين بين البنيوية والهرمينوطيقا

1.2البنيوية والنسق

جاءت البنيوية تتويجا لجهود دوسوسير(18571913) Ferdinand de Saussure في إضفاء الطابع العلمي على الدراسات اللغوية، وجهود الشكلانيين الروس في تأسيس علم للأدب، وجهود النقد الجديد في التحلي بالموضوعية في قراءة النصوص الإبداعية، وقد أدت كل هذه العوامل إلى ظهور البنيوية الأدبية التي كان شغلها الشاغل النسق والنظام، وقد كانت "البنيوية تسعى إذن إلى تأسيس مثال أو أنموذج «نظام» الأدب نفسه على أنه هو المرجع الخارجي للأعمال الفردية. وما محاولتها دراسة وتحديد مبدأ البنية التي تنتظم الأعمال الأدبية عموما (وليس العمل الفردي) والعلاقات القائمة بين مختلف فروع الحقل الأدبي، ما هذه المحاولة إلا محاولة تأسيس منهجية علمية لدراسة الأدب."11 ويرى عبد العزيز حمودة12 أن البنيويين "بارتدائهم مسوح العلم [يحاولون] في الواقع تبني المنهج العلمي القائم على أن يبدؤوا من التجربة الفردية داخل المعمل، للوصول إلى قوانين عامة ليعاد بعد ذلك تطبيقها على الحالات الفردية المماثلة. هذا ما يفعله العلم، وهذا ما يريد البنيويون تحقيقه، فهم يريدون عن طريق تحليل البنى الصغيرة داخل قصيدة ما الوصول إلى بنى تحكم علاقات القصيدة، ثم إلى بنى كلية يمكن تطبيقها على قصائد أخرى."13

وتدعو البنيوية إلى دراسة النص الأدبي في ذاته بعيدا عن كل المؤثرات الخارجية، وهذه الدراسة الداخلية للنص ترتكز على اللغة، فالحقيقة الوحيدة التي تعترف بها البنيوية هي أن النص الأدبي نص لغوي، وليس إنتاج أديب ذي نفسية مميزة عاش في زمن ومجتمع محددين؛ فهي تحلل النص في إطار بنيته اللغوية، وتؤكد على العلاقات بين عناصره الداخلية. وارتكاز البنيوية على اللغة كان انطلاقا من لسانيات دوسوسير الذي هجر الدراسات اللغوية التاريخية، وراح يضطلع بالدراسات الوصفية، فاغتنى الدرس اللغوي الحديث بثائيات جديدة من طراز (اللغة والكلام)، (الدال والمدلول)، (الوصفية والتاريخية) وغيرها من الرؤى اللسانية التي شكلت المهد الفكري للمنهج البنيوي الذي ترعرع بعد ذلك في أحضان الفكر الشكلاني.14

فالعلمية والموضوعية والنسق كلها مفاهيم طبعت المنهج البنيوي، لتكون البنيوية أوج ما وصل إليه النقد من علمية منذ القرن التاسع عشر، لكن هذه العلمية سرعان ما تعرضت للمساءلة والتشكيك مع مقاربات ما بعد الحداثة.

2.2الهرمينوطيقا واللامنهج

في القرن العشرين كانت البنيوية والعلمية والمنهج والنسق والنظام أفكارا رائجة في فرنسا وقبلها في روسيا مع الشكلانيين، وحتى في أمريكا وإنجلترا مع النقد الجديد؛ حيث تفشت فكرة المحايثة والموضوعية في اللسانيات وبعدها في النقد الأدبي، في ذلك الوقت كانت الفلسفة الألمانية ممثلة في غادامير (1900-2002) Hans-Georg Gadamerتسدد أولى الضربات القاضية على المنهج.

ويُعد غادامير الفيلسوف الألماني الذي بعث الدراسات الهرمينوطيقية من جديد، ومنح لها صبغة جدلية. وتميز غادامير عن سابقيه من الهرمينوطيقيين في أنه سعى إلى تجاوز رحلة البحث عن «المنهج»، بعد أن أدرك أن تشييد منهج قادر على الوصول إلى الفهم الحقيقي أثناء عملية تأويل النصوص أمر مستبعد، فـ"لا يزعم غادامير أن هرمينوطيقيته تسعى إلى تأسيس أعراف التأويل الحق، بل إنها محاولة وصف الكيفية التي بها نحقق فهم النصوص. كما أنها تنكر القول بإمكانية تحديد المعنى الثابت عبر العصور والأزمان بما أن المعنى عنده يبرز نتيجة محاورة تداخلية بين النص والقارئ في زمن محدد وحسب أفق شخصي معين وخاص. فالمعنى يظل نسبيا لاعتماده على خصوصية أفق القارئ الفرد وزمانيته ومكانيته."15 فكان منطلقه الفلسفي التأويلي تحطيم فكرة المنهج والموضوعية، فهناك نص ومؤول، والفهم لا يخرج عن التحاور الثنائي الفعال بينهما.

فالمنهج العلمي الذي تأسست عليه العلوم الطبيعية وتلهث وراءه العلوم الإنسانية من منظور غادامير مجرد  وهم؛ ففي كتابه «حقيقة و منهج» الصادر سنة 1960 سعى إلى تحطيم فكرة الموضوعية، فقد أوضح "بقول فصل لا يدع مجالا للشك قصور مناهج العلوم الصحيحة، وعجزها في أن تكون إبدالا منهجيا في مجال علوم الفكر، لا لشيء إلا لأن فهم وتأويل النصوص مهمة لا تضطلع بها المنهجية العلمية، بقدر ما هي، في الحقيقة، من المهام التي ينهض بها الإنسان عبر تجربته العامة في هذا العالم، كما أن طبيعة التجربة في العلوم الإنسانية، بوصفها ذات طبيعة فنية، بالدرجة الأولى، فإنه يصبح، في حكم المتعذر، تسليط أدوات المنهجية العلمية عليها."16 فقد أكد على قول دلثاي بضرورة الفصل بين العلوم الإنسانية والعلوم الوضعية، لكنه تجاوز أبحاثه في أنه نفى إمكانية تأسيس منهج مؤدي إلى حقيقة النص.

فالقول بضرورة التوجه العلمي والموضوعي يعني عدم تدخل المؤول وأفكاره المسبقة ومفاهيمه الخاصة، الأمر الذي يرى غادامير بأنه غير ممكن التحقق؛ وبالتالي فهو يعيد للذات مكانتها من خلال الإقرار بدورها الفعال في عملية التأويل. فحتى لو تظاهرت هذه الذات بالموضوعية، إلا أن تلك النوازع والأهواء ستظل تعمل في الخفاء، لذا من الواجب ومن المستحسن الاعتراف بوجودها؛ فبدلا من الإقصاء الوهمي للذات والدعوة إلى استبعادها في مهمة فاشلة، لابد من الاعتراف بوجودها وبفروضها المسبقة حتى يُتمكن من تصحيحها ومراقبتها.17 ومثلما دعا غادامير إلى ضرورة الاعتراف بتأثير الأفكار المسبقة للذات أثناء التأويل، فهو يؤكد أيضا على ضرورة الاعتراف بوجودها التاريخي، وهو ما تجاهلته فلسفات التأويل السابقة وحتى النقد الأدبي حين طالبوا المؤول/الناقد بالعودة إلى تجربة المؤلف الأولى؛ فغادامير يصوغ "مفهومه عن الوعي المعرض لفعل التاريخ وآثاره، والذي يعني أننا معرضون لتحديد التاريخ وتأثيره فينا بشكل لا نستطيع معه موضعة فعله فينا، ومرجع ذلك أننا مندرجون في سيرورته ومندمجون في حركيته بشكل يمتنع فيه علينا استثناء أنفسنا من هذا الفعل أو الانفصال عنه بصورة نتمكن معها من النظر إلى ماضينا كموضوع مستقل عنا."18 فالمؤول/الناقد ليس بإمكانه أن يتنازل عن وضعيته التاريخية وهو يؤول نصوص الماضي، وبهذا فإن استخلاص المعنى لا يكون عن طريق خروج الذات من زمنها وتوغلها في زمن آخر، وإنما عن طريق المشاركة المثمرة بين زمنها من جهة وزمن النص من جهة أخرى، فالمعنى لا ينتمي إلى الماضي (زمن النص) ، وليس منفصلا عن الحاضر( زمن المؤول)، وإنما هو نتاج تفاعل بينهما، وهو ما اصطلح عليه بانصهار الآفاق: أفق الحاضر (أفق المؤول) وأفق الماضي (أفق النص).19 وبهذا يكون غادامير قد وجه أولى الضربات للمنهج والعلمية والحقيقة في العلوم الإنسانية، الأمر الذي سيكون له بالغ الأثر في عمليات قراءة النصوص (على وجه الدقة النصوص الأدبية) مع مناهج ومقاربات ما بعد الحداثة.

3.                      ما بعد العلمية ومظاهر تأثير الهرمينوطيقا في النقد الأدبي ما بعد الحداثي

   بعد تقهقر البنيوية ظهر تأثير الهرمينوطيقا على النقد، فوجدت في الأدب أحسن النصوص لتطبق مفاهيمها. وقد تأثر النقد الأدبي ما بعد الحداثي بالفلسفة الهرمينوطيقية في أوجه عدة؛ بعضها مباشر، كتأثير أعلام الهرمينوطيقا (غادامير وهيدغر (1889- 1976) Martin Heidegger) في جماليات التلقي وإستراتيجية التفكيك، أو بطريقة غير مباشرة؛ وهو الجو العام الذي ازدهرت فيه الفلسفة الهرمينوطيقية والذي كان موازيا لسيطرة العلمية على الساحة الفكرية والنقدية، فما لبثت أن جاءت مرحلة الشك في كفاءة المنهج العلمي وقدرته على بلوغ الحقيقة، وقد كانت الهرمينوطيقا – مع غادامير - من أشد الدعاة إلى التخلي عن الموضوعية.

   ويمكن أن نرصد مظهرين للتشابك بين الدراسات النقدية ما بعد الحداثية والهرمينوطيقا من خلال إسقاط صنمين هما:

 

 

1.3إسقاط صنم العلمية والمنهج والموضوعية

 ظهر الاتجاه العلمي في النقد الأدبي مع الشكلانيين الروس، غير أنه تجسد في أبهى حلة له مع البنيوية، هذه الأخيرة التي كانت تتغنى بإنجازات العلم في العلوم الطبيعية، فجاء قيامها كمنهج نقدي ردا على الدونية التي لطالما وصمت بها العلوم الإنسانية عامة والنقد الأدبي على وجه الخصوص. فقد رأت أن السبيل للخروج من نفق الانطباعية وتحكم الدراسات الخارج نصية (علم التاريخ، علم النفس، وعلم الاجتماع) في الأدب هو تطبيق المنهج العلمي في أن يدرس الإبداع الأدبي بذاته ولذاته. غير أن صنم العلمية والمنهج ما لبث أن تحطم، وتحولت الدراسات النقدية إلى الاهتمام بالذات/القارئ، ومن ثم ابتعادها عن الموضوعية المدعاة، من خلال إشراك القارئ في عملية الفهم والتأويل، لأن تلك الصرامة العلمية أدت بالنص الإبداعي إلى الانغلاق على ذاته، وحولته إلى خطاطة تجريدية أبعد ما تكون عن الأدبية.

ويُؤرَخ لانقلاب الدراسات النقدية على الموضوعية والعلمية بإستراتيجية التفكيك أثناء محاضرة لدريدا ( 1930-2004) Jacques Derridaعام 1966 بعنوان: «البنية والعلامة واللعب في خطاب العلوم الإنسانية»20؛ فالتفكيك بوصفه أبرز معالم ما بعد الحداثة لا يدعي التأسس على منهج، ولا يطمح إلى وضع قوانين، وإنما ينعت نفسه بمجرد إستراتيجية أو مشروع؛ "فليس التفكيك منهجا، كما أنه ليس نظرية عن الأدب، ولكنه إستراتيجية في القراءة: قراءة الخطابات الفلسفية والأدبية والنقدية، من خلال التموضع في داخل تلك الخطابات، وتقويضها من داخلها، من خلال توجيه الأسئلة وطرحها عليها من الداخل."21 ويظهر تأثر التفكيك بالهرمينوطيقا في أن هدم دريدا للميثافيزيقا كان استكمالا لمشروع هيدغر الذي يعترف له بالفضل، يقول دريدا في إحدى حواراته: "إن ديني لهيدغر من الكبر بحيث أنه سيصعب أن نقوم هنا بجرده والتحدث عنه بمفردات تقييمية أو كمية.. إنه هو من قرع نواقيس نهاية الميثافيزيقا وعلمنا أن نسلك معها سلوكا استراتيجيا يقوم على التموضع داخل الظاهرة وتوجيه ضربات متوالية لها من الداخل."22

ويعود إنكار وجود المنهج والموضوعية في عملية تأويل النصوص إلى غادامير الذي نفى إمكانية إنشاء منهج قادر على الوصول إلى حقيقة النص، حين نوه إلى دور الفروض المسبقة والنوازع والأهواء المتصلة بالمؤول في تحديد الدلالة، وهو ما يتعارض مع التوجه العلمي. وليس التفكيك فقط من تخلى عن الصرامة المنهجية، فحتى جماليات التلقي وباقي تفرعات الدراسات الثقافية (النقد الثقافي، التاريخية الجديدة، النظرية ما بعد الكولونيالية)، تبتعد عن كونها مناهج مضبوطة لأنها لا تقوم على أسس محددة، ولا تعرض على الناقد مجموعة من الأدوات الإجرائية المكتملة الصيغة تمكنه من الوصول إلى قراءة شافية للنص. كما أن القول بتعدد التأويلات –الذي يطبع النقد ما بعد البنيوي- يتنافي هو الآخر مع مفهوم (المنهج)23، كون هذا الأخير يهدف إلى تحقيق قراءة موحدة صحيحة، وليس قراءات متعددة متباينة.

2.3إسقاط صنم المؤلف

 أُعلِن نعي المؤلف على يد البنيوية انطلاقا من العلمية، أما ما بعد الحداثة فقد أعلنت وفاته انطلاقا من انتزاع السلطة من بين يديه ووضعها بين يدي القارئ. إلا أن الإرهاصات الأولى لموت المؤلف ترجع إلى هيدغر الذي منح اللغة (لغة الشعر) سطوة جعلتها تتفوق على الناطق بها، فالإنسان لا يتكلم اللغة، بل اللغة هي التي تتكلم من خلاله، وعليه، فالمؤلف "وإن  يكن له دور، فهو لا يتجاوز دور الوسيط بين اللغة والعالم، من خلال فعل الإنصات الذي يتحول إلى أداة يتشكل كلمة أو عبارة قالها الوجود فحملها الإنسان بعد ذلك في ما يبدع، لا بوصفها خلقا على غير مثال أو صنعة ذاتية يفضل بها غيره، بل حسبه، إن كان له فضل، أن حظي بهذه الكرامة، كرامة تكشف العالم وتجليه له، من خلال اللغة، لينقله، جماليا في شكل رموز فنية، إلى عمله الإبداعي، فينتسب إليه نقلا وعبورا، لا إبداعا أو أصلا."24 وهنا يمكن القول أن هيدغر قد "مهد لفكرة «موت المؤلف» التي أعلن عنها بارت(19151980)   Roland Barthes في ما بعد، وأقيم عليها صرح المشروع البنيوي."25 هذا الأخير الذي صرح في إحدى مقالاته بموت المؤلف، في حين بشر بميلاد القارئ26.

من جهة أخرى فإن غادامير من بعد هيدغر عزز فكرة انتفاء قصد المؤلف، عندما أكد على أن الفهم لا يكون بالعودة للوراء إلى ذلك الزمن الذي ولد فيه النص، وإلى الحياة الأصلية للمؤلف، وللقارئ الأول، مثلما ذهب إلى ذلك شلاير ماخر ودلثاي؛ فالفهم هو نتاج انصهار أفق القارئ وأفق النص. كما أن النص - بالنسبة لغادامير-  ينفصل ويتحرر عن مؤلفه بواسطة الكتابة، فيصبح حاملا لحقيقته، وهذا ما يدعوه إلى عدم اعتبار الفهم جزءا من فهم حياة المؤلف وعواطفه.27

 كل هذه التمهيدات الهرمينوطيقية لموت المؤلف لاقت صداها عند تأويل النص الأدبي في النقد ما بعد الحداثي؛ حيث تحول التأويل من عملية يقوم بها القارئ انطلاقا من المؤلف، إلى ممارسة يقوم بها انطلاقا من ذاته. والمؤلف في الفلسفة الهرمينوطيقية بدءا من هيدغر لم يعد يصنع ويحدد معنى النص، فمهمته هي إنتاجه ومن ثم الإلقاء به إلى القارئ، فإذا كان المؤلف قد وكل بمهمة تجميع اللغة وإعادة إنتاجها بكيفية أدبية إبداعية، فإن مهمة الفهم وتعيين الدلالات هي من صميم شغل القارئ.

4.                      إشكاليات قراءة النص الأدبي فيما بعد العلمية

بعد سقوط العلمية فيما بعد الحداثة، كيف قرئ النص الأدبي؟

النص المفتوح هو الشعار الذي تبنته مقاربات ما بعد الحداثة، هو ذلك النص الذي لا تنهيه قراءة واحدة، وإنما بقدر ما يزيد عدد قرائه بقدر ما تتعدد تأويلاته؛ بحيث يطمر تحت البنيه اللغوية السطحية دلالات لا تنفتح إلا بعد عمليات حفرية عميقة يقوم القارئ بها. هو ذلك النص الذي يجادل القارئ ويصارعه، فيكشف له عن بعض ما يختزنه من معان، ويحجب عنه أخرى ليتركها لقارئ آخر. وقد جاء هذا المفهوم الجديد للنص الأدبي بوصفه نقيضا للنص المغلق على ذاته الذي شكلته المرحلة الحداثية المقدسة للعلمية، ذلك النص الذي يملك بنية واحدة يشترك فيها مع نصوص أخرى من بني جنسه.

ومن هنا انقسم تأويل/تفسير/قراءة النص الأدبي في النقد ما بعد الحداثي إلى اتجاهين: فهناك من يدعو إلى تعدد التأويلات إلى ما لا نهاية دون قيد أو شرط، تماشيا مع المرحلة الجديدة المناهضة للعلمية والموضوعية، وفي المقابل هناك من يرفض هذا التطرف القرائي ويدعو إلى ضرورة ضبط عملية التأويل والوقوف على حدود لها. 

1.4لا نهائية التأويل

يتزعم التفكيك الاتجاه الداعي إلى لا نهائية التأويل؛ فقد جاء ليحطم فكرة البنية المتعالية الصلبة التي صنعتها البنيوية، فهو لا يصف نفسه كمنهج وينكر وهم الموضوعية التي تصبو إلى الوصول إلى حقيقة النصوص ومعناها النهائي، على الرغم من أن "مهمة إستراتيجية التفكيك هي قراءة النصوص، وفعاليتها الرئيسة هي فعالية القراءة، وليس التأويل كما هو في الهرمينوطيقا وليس التحليل كما هو في السيميولوجيا. "28 غير أن ممارسة التفكيك وإن كانت تسمى قراءة، وممارسة الهرمينوطيقا وإن كانت تسمى تأويلا، فإن الذي يجمعهما هو الاهتمام المشترك بالدلالات، والدعوة إلى تعددها، والتأكيد على الدور الفعال للذات في التأويل.

فالتفكيك هو تأويل لكنه ليس تأويلا بالمعنى المسالم الذي يبحث عن الدلالات الممكنة للنص، وإنما هو "نبش للأصول وتعرية للأسس وفضح للبداهات. ومن هنا يشكل التفكيك إستراتيجية الذين يريدون التحرر من سلطة النصوص وإمبريالية المعنى وديكتاتورية الحقيقة."29 بحيث تضطلع مهمة التفكيك بزعزعة تماسك النصوص، ونقد الخطابات التي تدعي أنها محمية من المساءلة، والتفتيش عن فجواتها الدلالية، والبحث داخلها عن الآخر، المستور، المحتجب، المسكوت عنه الذي لم تسمح له البنية السطحية المتمركزة حول ذاتها بالظهور، فلم يعد في التفكيك حقيقة أو معنى نهائي؛ فهو "قراءة مزدوجة تسعى إلى دراسة النص (مهما كان) دراسة تقليدية أولا لإثبات معانيه الصريحة، ثم تسعى إلى تقويض ما تصل إليه من نتائج في قراءة معاكسة تعتمد على ما ينطوي عليه النص من معان تتناقض مع ما يصرح له. تهدف القراءة [التفكيكية] من هذه القراءة إلى إيجاد شرخ بين ما يصرح به النص وما يخفيه( بين ما يقوله صراحة وبين ما يقوله من غير تصريح)."30 فرغم أن هدف التفكيك هو البحث عن التناقضات المخبوءة في النصوص، وتقويض بناها، والكشف عن زيف التماسك الذي تتظاهر به بنيتها، فإنه لا يسلم من عملية تأويلية يمارسها القارئ على النص، الأمر الذي "يجعل [النص من خلالها] ينبعث من جديد وكأنه ولد لتوه، إذ النص هو من يملك قرار نفسه، يبدي ما يشاء ويخفي ما يشاء، فتتعدد، إذ ذاك، القراءات والتأويلات، وتتداخل النصوص مشكلة نص جامعا يلم شتاتها هو «نص التأويل»."31

ومن هنا فالتأويل في إستراتيجية التفكيك يتأسس على القول أن كل تأويل هو تأويل مغلوط، وكل قراءة هي إساءة قراءة، فلا وجود لمعنى محدد كامن في النص يجب الكشف عنه، كما أنه لا حد ولا نهاية لسيرورة التأويل. ويرجع التفكيكيون هذا التأويل اللا نهائي إلى عدم إمكانية بناء دلالة قصدية، فيؤدي بالنص إلى أن يحيل على نص آخر، ومن هنا تتمثل مهمة التأويل في تفكيك الخطاب والكشف عن شروخاته وتناقضاته.32 فالنص يمتلك تأويلات لا نهائية، وكلها متساوية من ناحية الصحة والخطأ، لأنه لا وجود لمعنى نهائي متعال يمكننا استنادا عليه أن نقيٌم باقي التأويلات.33 وهو الأمر "الذي جعل الفكر التفكيكي يخلص إلى أن النص يمكنه أن يقول «أي شيء»، وأنه لن يستطيع أن «يراقب» هذا الانزلاق المستمر في المعنى أو يتحكم فيه، لأنه ليس هناك أصلا «أي معنى»، بل ومادام معنى النص ليس إلا «معنى فارغا» فلن يكون بإمكانه (أو بإمكان أي أحد) أن يفند معنى معينا ويقر معنى آخر."34 فالتأويلات في إستراتيجية التفكيك متعددة، لا نهائية، فليست هناك حقيقة كامنة في النص تسعى القراءة التفكيكية للوصول إليها، فحسب القارئ أن يقدم قراءة للنص هي على الأغلب قراءة خاطئة، فكل التأويلات متساوية، ولا نستطيع أن نميز بين الصحيح والمغلوط منها، لأن النص لا يمتلك معنى مرجعيا يمكننا أن نحتكم إليه.

2.4ضبط الممارسة التأويلية

 هل تعني موضوعية التأويل وضبط مساراته العودة إلى المعنى الأحادي؟ قطعا لا، إن تعدد التأويلات من أهم المكاسب التي نالها النص فيما بعد الحداثة، فرغم تعدد الاتجاهات الفكرية المهتمة بالنص والخطاب عامة، إلا أنها تشترك في أمرين، أولهما: انقطاع الحبل السري بين النص والمؤلف؛ فتأويل النص لم يعد له صلة به، وثانيهما: الابتعاد عن النظرة الدوغمائية للنص، التي ترى أنه يمتلك معنى واحدا متعاليا، والإقرار بأن تعدد التأويلات حقه المشروع.

وهل هذا الاتجاه يدعو إلى العودة إلى العلمية؟ في الحقيقة هو لا يدعو للعودة إلى العلمية وإنما يطالب ببعض من الموضوعية.

إذن هذا الاتجاه الثاني ينظر إلى التأويل كنشاط حر، لكن دون الانعزال به عن عمران الموضوعية، ونجد هنا بول ريكور (1913-2005) Paul Ricœurانطلاقا من الفلسفة الهرمينوطيقية في دعوته إلى استثمار مقولات البنيوية للتخفيف من الذاتية، وإمبرثو إيكو (19322016) Umberto Ecoممثلا للسيميائية في اتجاهها التأويلي، الذي وإن كان يبارك تعدد التأويلات، إلا أنه يرفض السماح لها بالانجراف دون قيد أو ضابط.

1.2.4بول ريكور

بالرغم من سقوط البنيوية بمجيء مناهج معاكسة لها، إلا أن الإرث البنيوي ظل يلقي سحره عليها، ومن هنا ظهر بول ريكور كمفكر هرمينوطيقي أبى إلا أن يستثمر مقولات البنيوية لتأسيس تأويل قائم على الموضوعية.

يسائل ريكور البنيوية والهرمينوطيقا على حد سواء، فهو من جهة "يرفض الفهم البنيوي للغة على أساس أنها نظام مغلق من العلاقات لا يدل على شيء خارجه. لقد انتهت البنيوية – فيما يرى ريكور – إلى أن جعلت اللغة تؤسس عالما بذاتها، عالما تشير فيه كل وحدة إلى وحدات أخرى داخل النظام طبقا للتفاعل بين التعارضات والخلافات المؤسسة للنظام."35 ومن جهة أخرى "يحاول إقامة الهرمينوطيقا علما لتفسير النصوص يعتمد على منهج موضوعي صلب، يتجاوز عدم الموضوعية التي أكدها غادامير."36 وبول ريكور على وعي بهذا الاختلاف الواقع بين موضوعية البنيوية، وذاتية الهرمينوطيقا؛ حيث أن "البنيوية بوصفها مدعية للموضوعية العلمية، ترمي إلى الإبعاد، إلى الموضعة، إلى إقصاء الذاتية من منهجها. أما الهرمينوطيقا فهي في المقابل تؤكد موقعية الملاحظ وضرورة اعتبار التصورات المسبقة التي لا مناص منها."37 ومن هنا فهو لا يرى "أنه من الممكن أن نجاور بين [هاتين] الطريقتين من الفهم. بيد أن القضية تكمن في جعلهما متسلسلتين."38 فريكور في مسعاه التأويلي يصبو إلى تجاوز المأزق الدلالي الذي وقعت فيه البنيوية، والمأزق المنهجي الذي وقعت فيه الهرمينوطيقا، فكلاهما منفردا قاصر عن الوصول إلى الفهم، فشبكة العلاقات الداخلية التي ترصدها البنيوية بحاجة إلى تفسير حتى لا يبقى التحليل مجردا مفرغا "وذلك أن طريقة الفهم البنيوي لا تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة دون درجة دنيا من الفهم التأويلي، بما أن التأويل متضمن أو متخف باستمرار في حقل المعنى الذي يؤسس علاقات التشابه والتناظر البنيوية."39 ومن جهة أخرى، فإن "التأويلية يجب أن لا تستبعد مرحلة الفهم الموضوعي البنيوي، وإنما فحسب أن تضعها في حدودها الطبيعية أي كمرحلة في طريق الفهم والتأويل."40

وهكذا، فقد اشتغل ريكور على الرمز في النصوص ذات الطبيعة اللغوية بوصفها رموزا دالة يمكن الوثوق بها، فالنصوص تحمل معان باطنية يعبر عنها برموز تحمل معان مباشرة، وتحليل تلك الرموز هي الوسيلة الوحيدة الموصلة إلى المعاني الحرفية ومن ثم المعاني المخبوءة.41 والرمز عند بول ريكور هو "كل بنية دالة، يشير فيها المعنى المباشر، والأولي، والحرفي، فضلا عن نفسه إلى معنى آخر غير مباشر، وثانوي، ومجازي، ولا يمكن أن يفهم إلا من خلال المعنى الأول."42 وبهذا يعطي ريكور للتأويل آلية منهجية إجرائية مشيدة على محطتين: الأولى تحلل البنية السطحية والثانية تغوص في البنية العميقة، "وتصبح مهمة المفسر هي النفاذ إلى عالم النص وحل مستويات المعنى الكامن فيه، الظاهر والباطن، الحرفي والمجازي، المباشر وغير المباشر."43 ومن هنا فالممارسة التأويلية عند ريكور تبدأ بالاهتمام بالتفسير الذي يرتبط بالجانب اللغوي البنيوي؛ فلم يعد هناك متعارض بين التفسير والتأويل لأنه أضحى هو الآخر من صميم اشتغال اللغة والبنيوية وبالتالي العلوم الإنسانية، بوصفه المرحلة السابقة على التأويل، ولم يعد معبرا عن العلوم الوضعية فحسب مثلما قال بذلك دلثاي.44 فالنص بناء على ما يريد ريكور أن يصوغه يفسر أولا بدراسة علاقاته الداخلية بكيفية بنيوية، غير أن مرحلة التفسير الأولية الخاصة بالمعنى الظاهر لابد أن تتبع بمرحلة التأويل، التي تكشف عن المعنى الثاني المجازي وغير المباشر، عن طريق منح دلالات لتلك العلاقات البنيوية السطحية، وإلا كانت عديمة الجدوى، فيقع هنا التكامل بين التفسير الموضوعي والتأويل.45

هذا الجمع بين الدراسة اللغوية والممارسة التأويلية يضمن للنص الانفتاح على تعدد التأويلات، لكن في الوقت ذاته الاتكاء على عدة منهجيات مستنبطة من تحليل شبكة العلاقات النصية الداخلية.

2.2.4التأويل من المنظور السيميائي

يندرج مشروع إمبرثو إيكو في الجهة المناهضة للتفكيك والبراغماتية ولكل مشروع يسحب البساط من تحت النص، فهو "أحد الباحثين الذين أولوا أهمية للممارس التأويلية ضمن مشروعه السيميائي، وهو كغيره من أعلام التأويل يبحث عن إيجاد إجراءات تعصم المؤول والعملية التأويلية من الإفراط الذي يجعل النص مسرحا لمختلف صنوف التجارب، وهو الأمر الذي دفعه إلى وضع مقاييس موضوعية تمكن الباحث من تمييز التأويلات المناسبة من غير المناسبة والخاطئة."46 كما أنه من المدافعين عن سلطة النصوص، حيث كرس جهدا واضحا في مؤلفاته للدفاع عن حدود التأويل وضبط مساراته.

تظهر حدود التأويل التي رسمها إيكو من خلال التركيز على فكرة جوهرية هي قصدية النص عن طريق "إخضاع هذه القصدية لسلطة النص باعتباره كلا منسجما."47 تبدأ القصدية بالوثوق بأن النص ذو دلالة وانسجام على النقيض مما يذهب إليه التفكيك الذي يرى أن المعنى يسير نحو التفكك والتناقض والهدم، فالانسجام بين عناصر النص هو الذي يوجه القارئ ويحد من التأويلات المغلوطة التي قد يطلقها عليه. وتتبدى قصدية النص من خلال مقولة للقديس أغسطين: "إن كل تأويل يعطى لجزئية نصية ما يجب أن يثبته جزء آخر من النص نفسه، وإلا فإن التأويل لا قيمة له."48 كما أن النص يخلق حقلا "يثير إيحاءات معينة وينشطها ويؤكدها ويدعمها، ويعطل الإيحاءات الأخرى ويبين أنها غير ممكنة."49 فكل حكم يطلق على دلالة ما يجب أن يجد أساسه اللغوي في النص وأن يعزز من طرف عناصر داعمة، أو على الأقل ألا يقع في تناقض مع عناصر متنافرة وإلا انتقض وأضحى حكما لا قيمة له. الأمر الذي يقود إلى أن النص يمتلك كلية ووحدة عضوية، فـ"عناصر الشكل الفني مرتبطة فيما بينها بواسطة مجموعة هائلة من العلاقات المتشابكة والمتنوعة، بحيث يكون من غير الممكن فصل أي عنصر ومنحه دلالة معينة تكون مستقلة عن الأبعاد الدلالية التي امتلأت بها العناصر الجمالية الأخرى"50 فهذا الانسجام يجعل عناصره تعمل متضامنة على توجيه المعنى في مسار معين.

       ويعترف إيكو بتعدد التأويلات لكنه لا يقر بتساويها من ناحية الصحة والخطأ، فنحن "وإن كنا لا نستطيع أن نقول أي تأويل هو الأفضل والأنسب، وحتى إذا تخلينا عن فكرة وجود قراءة جيدة ومناسبة للنص، فإننا نستطيع في المقابل أن نتعرف بالفعل على التأويلات المغلوطة أو غير المقبولة"51 جاء هذا القول ردا على أهل التفكيك، الذين يرون أن عدم القدرة على معرفة صحة أو خطأ التأويلات يتأتى من عدم معرفة التأويل الصحيح المرجعي، في حين أن إيكو يحكم على التأويل بأنه صحيح انطلاقا من كونه غير خاطئ، بحيث إن لم يكن التأويل ظاهرا وبين الخطأ فهناك احتمال بأن يكون صحيحا، هذا لأن إدراك التأويلات الخاطئة أيسر من إدراك التأويلات الصحيحة.

وينعت إيكو التأويل الذي يتجاوز المعقول ويتحدى النص بالتأويل المضاعف أو المفرط، وهو ذلك التأويل الذي يغدو معه النص أداة في يد المؤول، فتأتي استنتاجاته معزولة عما يقوله النص حقيقة. ويسوق إيكو أمثلة عن التأويل المضاعف إحداها ما كتبه روسيتي عن الكوميديا الإلهية لداتني والتي كان يهدف من ورائها ضرب عصفورين بحجر واحد – على حد تعبير إيكو- أولهما ظهور الماسونية قبل القرن 18، وثانيهما تأكيد تأثر دانتي بها، بحيث راح يفتش عن رموز الماسونية داخل الكوميديا الإلهية، التي هي: زهرة، صليب، وطائر البجع. ففي قراءة روسيتي لدانتي تنتفي قواعد التأويل التي وضعها إيكو، فروسيتي أطلق حكما هو انتساب دانتي إلى الماسونية، غير أن هذا الحكم لم يجد ما يعززه لغويا، فراح روسيتي يتجاوز سلطة النص في أن يخلق عنوة تلك الرموز الدالة على الماسونية، لكن قصد النص قاوم قراءته وأبدى اعتراضه عليها من خلال غياب ما يدعم قوله، الأمر الذي أدى به إلى إخضاعه لتصوراته المسبقة بطريقة تعسفية لا منطقية والوقوع في إسقاطات بعيدة عن المعنى، وهو ما أدى بإيكو إلى إطلاق التأويل المضاعف على قراءته.52

الخاتمة

انطلاقا مما سبق، أضحى النص مع الطموح العلمي للبنيوية بنية مغلقة، كمالها في انكفائها على ذاتها، وهذا التوجه العلمي لم يستطع الوصول إلى قراءة شافية تقنع النقاد والقراء، لارتكازه على الوصف والتحليل المحايث لشبكة العلاقات الداخلية مع إهمال لجانبي الدلالة والتأويل؛ وهكذا كان لابد من الثورة على العلمية لتقييدها النصوص من جهة، وتقييدها الذات القارئة من جهة أخرى. فظهرت المقاربات التي أطلق عليها ما بعد البنيوية أو ما بعد الحداثة لتطيح بالموضوعية والانغلاق، وتعيد المكانة للذات والدلالة والتأويل، وتعلي من شأن التعدد والحوارية والانفتاح. وبهذا تكون المقاربات النقدية ما بعد الحداثية قد ارتحلت من صرامة العلم لتجد الأنس في التأمل الفلسفي. والجدير بالذكر أن الأساس الفلسفي الهرمينوطيقي لكل من هيدغير وغادامير كان له يد في بلورة هذه المقاربات ما بعد الحداثية، من خلال التخلص من عبء الموضوعية المدعاة من قبل المقاربات النقدية السابقة، بالإضافة إلى الاهتمام بالدلالة عوضا عن الشكل فحسب، والقول بتعدد الدلالات، وإتاحة الفرصة للقارئ للمشاركة المثمرة في إنتاجها، هذا الأخير الذي أقحم طوعا وكرها في ساحة الصراع النصي، ووكل بالبحث عن المعاني المتباينة، ومنح من القوة والسلطة ما جعله يتجاوز حق النصوص في بعض المقاربات.

وعليه، نخلص من هذا العرض أن العلوم الإنسانية لطالما وضعت في مقارنة مع العلوم الطبيعية، وبينما وصلت الأخيرة إلى ضبط منهجها فإن الثانية ظلت تبحث عن منهج مناسب لها، وقد رأت في المنهج العلمي وسيلة للحاق بالعلوم الطبيعية، وهذا ما وقع منذ القرن التاسع عشر إلى غاية سقوط البنيوية في أواخر الستينات، لتكون المرحلة ما بعد البنيوية أو ما بعد الحداثية أو إذا شئنا القول المرحلة ما بعد العلمية قد حسمت النقاش الذي استمر حوالي قرن من الزمان حول المنهج العلمي ودوره في العلوم الإنسانية عامة والنصوص اللغوية خاصة أيا كانت هذه النصوص. ومع سقوط المرحلة العلمية البنيوية ظهرت الهرمينوطيقا من جديد بحلة أقرب إلى النص الأدبي وجعلت مجال اشتغالها النقد، لتعوض العلمية التي كانت من قبل وتضفي على قراءة النصوص طابعا جدليا، وقد أثرت في مناهج نقدية على نحو التفكيك وذلك في تأثر دريدا بهيدغر، أو تأثير غادامير في جماليات التلقي، أو تأثر إمبرثو إيكو بالهرمينوطيقا وجمعه بينها وبين السيميائية، أو حتى مشروع بول ريكور الهرمينوطيقي الذي ظل وفيا للمرحلة البنيوية. ولعل اللحمة الكبرى بين الهرمينوطيقا كفلسفة والنقد الأدبي هو اهتمامهما المشترك باللغة والنصوص، فمقولات الفلسفة الهرمينوطيقية حول تأويل النصوص الدينية والتاريخية يمكن سحبها من مجالها وتطبيقها على النص الأدبي بليونة ويسر. لهذا فقد وجد النقد الأدبي في الأساس الفلسفي الهرمينوطيقي دعما جديدا، أغنى مناهجه وأثرى مصطلحاته، وكشف له قراءات أعمق من مجرد الاهتمام بالجانب اللغوي الجمالي، ليفتح له آفاقا رحبة على تعدد التأويلات

1. - إبراهيم محمود خليل، النقد الأدبي الحديث من المحاكاة إلى التفكيك، ط2، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الأردن، 2007. ص 42

2.- بسام قطوس، المدخل إلى مناهج النقد المعاصر، ط 1، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الاسكندرية، مصر، 2006. ص 46

3. - المرجع نفسه، ص 43

4. - مجموعة من المؤلفين، نظرية المنهج الشكلي، نصوص الشكلانيين الروس، تر: إبراهيم الخطيب، ط1، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، مؤسسة الأبحاث العربية، 1982، ص47

5. - عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، دراسة تحليلية نقدية في النظريات الغربية الحديثة، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، 2007، ص 25

6.- هانز جورج غادامير، الحقيقة والمنهج، الخطوط الأساسية لتأويلية فلسفية، تر: حسن ناظم، علي حاكم صالح، ط1، دار أويا للطباعة والنشر، طرابلس، 2007، ص 271

7. - حسن بن حسن، النظرية التأويلية عند ريكور، ط1، دار تينمل للطباعة والنشر، مراكش، 1992. ص 33

8.- ينظر: عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 32

9. - عبد الغني بارة، الهرمينوطيقا والفلسفة، نحو مشروع عقل تأويلي، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف، بيروت، الجزائر، 2008، ص 188

10.                     - بول ريكور، النص والتأويل، تر:منصف عبد الحق، مجلة العرب والفكر العالمي، ع 3، صيف 1988، ص 42

11.                      - ميجان الرويلي، سعد البازغي، دليل الناقد الأدبي، ط3، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 2002، ص 72

12.                     عبد العزيز حمودة حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة كورنيل الأمريكية عامي 1965-1968، له مجموعة من الكتب أهمها: علم الجمال والنقد الأدبي، المسرح السياسي، المرايا المحدبة، المرايا المقعرة، الخروج من التيه، توفي عام 2006 ينظر: عبد العزيز حمودة، المرايا المحدبة، من البنيوية إلى التفكيك، عالم المعرفة، الكويت، 1998، ص 423.

13.                      - عبد العزيز حمودة، المرايا المحدبة، ص 50

14.                      - ينظر: يوسف وغليسي، مناهج النقد الأدبي، جسور للنشر والتوزيع، ط3، 2015.  ص 65

15.                      - ميجان الرويلي، سعد البازغي، دليل الناقد الأدبي، ص 93

16.                     - عبد الغني بارة، الهرمينوطيقا والفلسفة، ص 283

17.                      - عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 44

18.                     - حسن بن حسن، النظرية التأويلية عند ريكور، ص 36

19.                      - عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 40

20.                     - ينظر: يوسف وغليسي، مناهج النقد الأدبي، ص 176.

21.                     - بسام قطوس، استراتيجيات القراءة، التأصيل والإجراء النقدي، مؤسسة حمادة، دار الكندي، الأردن، 1998. ص17

22.                    - M.Merleau –Ponty-phenomenology of perception – trans – colin –smith. D.G.P.9 نقلا عن عادل عبد الله، التفكيكية، إرادة الاختلاف وسلطة العقل، ط1، دار الحصاد، دار الكلمة، دمشق، 1998، ص162.

23.                     تعريف المنهج: "مجموعة من القواعد والإجراءات والأساليب التي تجعل العقل يصل إلى معرفة حقة بجميع الأشياء التي يستطيع الوصول إليها بدون أن يبذل مجهودات غير نافعة." مروان عبد المجيد إبراهيم، أسس البحث العلمي لإعداد الرسائل الجامعية، ط1، مؤسسة الوراق، عمان الأردن، 2000. ص 60

24.                     - عبد الغني بارة، الهرمينوطيقا والفلسفة، ص 227

25.                     - المرجع نفسه، ص 228

26.                     - ينظر: رولان بارط، درس السيميولوجيا، تر: عبد السلام بنعبد العالي، ط3، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1993، ص 81

27.                     - عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 40

28.                     - عبد الغني بارة، الهرمينوطيقا والفلسفة، ص 41

29.                     - علي حرب، الممنوع والممتنع (نقد الذات المفكرة)، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 2000، ص 22

30.                     - ميجان الرويلي، سعد البازغي، دليل الناقد الأدبي، ص 108

31.                      - عبد الغني بارة، الهرمينوطيقا والفلسفة، ص 42

32.                     - عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 20

33.                     - المرجع نفسه، ص 59

34.                     - المرجع نفسه، ص 69

35.                     - نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، ط7، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 2005، ص 45          

36.                     - المرجع نفسه، ص 44

37.                     - موسوعة كمبردج في النقد الأدبي، من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية، المجلد الثامن، العدد 1045، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 2006، ص 434

38.                     - بول ريكور، صراع التأويلات، دراسات هرمينوطيقية، تر منذر عياشي، ط1، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2005. ص 62

39.                     - حسن بن حسن، النظرية التأويلية عند ريكور، ص 40

40.                     - المرجع نفسه، ص 48

41.                      - ينظر: نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، ص ص 44، 45

42.                     - بول ريكور، صراع التأويلات، ص 44

43.                     - نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، ص 47

44.                     - ينظر: بول ريكور، من النص إلى الفعل، أبحاث التأويل، تر: محمد برادة، حسان بورقية، ط1، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، مصر، 2002، ص 112

45.                     - ينظر: عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 19

46.                     - عبد الغني بارة، الهرمينوطيقا والفلسفة، ص 370

47.                     - أمبرثو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، تر: سعيد بن كراد، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 2004، ص79

48.                     - المرجع نفسه، ص 79

49.                     - عبد الكريم شرفي، من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة، ص 60

50.                     - المرجع نفسه، ص 63

51.                      - المرجع نفسه، ص 59

52.                     - ينظر: أمبثو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ص ص 65، 72

 

@pour_citer_ce_document

سفيان زدادقة / الجاصة وردية, «علميّة المنهج بين النقد الأدبي والهرمينوطيقا »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 82-93,
Date Publication Sur Papier : 2020-04-22,
Date Pulication Electronique : 2020-04-22,
mis a jour le : 22/04/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=6719.