دور"التّوصيات والآراء" في تفعيل تدخّلات السّلطات الإداريّة المستقلّة
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°18 Juin 2014

دور"التّوصيات والآراء" في تفعيل تدخّلات السّلطات الإداريّة المستقلّة


pp : 227 - 236

الهام خرشي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

  التّوصيات والآراء بعدّها آليّات لتدخّل السّلطات الإداريّة المستقلّة هي مظهر من مظاهر تطوّر التّقنيّة القانونيّة على المستوى الإجرائيّ وعلى مستوى مضمون القانون، والذي تزامن مع التّطور الذي شهده العالم منذ عشريّتين على الأقلّ في جميع المجالات (الاقتصاديّة، الماليّة، التّكنولوجيّة، المعلوماتيّة، الإداريّة، ومجال الاتصالات) ومازال يشهده.

وقد تلاءم هذاالنّوع من القواعد المرنة مع تدخّلات هذه السّلطات لأدائها وظيفة ضبط القطاعات، على الرّغم من افتقادها لعنصر الإلزام وهو العنصر الأساس في تركيبة القانون الكلاسيكيّ، ولكنّها، في المقابل، تتمتّع بالمصداقيّة النّاتجة عن اقتناع وثقة المعنيّين بها بالخصوص والرّأي العامّ بالعموم.


الكلمات المفتاحية : توصيات، آراء، ضبط،  مرونة، قانون مرن.

  Les recommandations et les avis  utilisés comme mécanismes d’intervention des autorités administratives indépendantes constituent  des aspects de l’évolution de la technique juridique au niveau procédural et celui  du contenu des normes, ce  qui coïncide aussi  avec l’évolution qu’a connu le monde au cours des deux dernières décennies, un perpétuel développement dans tous les domaines : économiques, financiers, technologiques informatiques, administratifs ainsi que celui des communications.

               Ces autorités interviennent afin de faire adapter ce type de règles et pour  exercer la fonction de régulation des secteurs, en dépit du fait que ces normes sont  dépourvus de l’élément d’obligation, celui-ci est  jugé  principal dans la composante de la loi classique, toutefois ces  recommandations bénéficient d’une crédibilité  résultante de  la conviction et de la confiance que leur  portent en particulier les personnes concernées et l’opinion publique en général.


Mots clés : Recommandations , Avis , Régulation , Souplesse , Soft-Law.

 The Recommendations and opinions as mechanisms of interventionat the disposel of independent administrative authorities, are one of the aspects of technical legal developments at the procedural level, and that of the  content of law, wich coincides with  the development that the world has experienced over the past two decades at least, and continues to experience, in all areas ; economic, financiel, administrative, computing and technology, as well as in communications.

               This type of flexible rules adapted to the interventions of these  authorities  to exercise their fonction of sectors’ regulation, even if it devoid of the element of obligation wich is the main element in the composent of the classical law, however it benifits from credibility resulting from the convition and trust of the concerned persons in particular and the public opinion more generally.

 

Keywords:Recommandations, Opinion,  Régulation,  Flexibility,  Soft-Law.


مقدمة

إذا كان قياس مدى فعاليّة الصّلاحيات الممنوحة لأيّ هيئة، ومن بينها السلطات الإدارية المستقلة1، يكون من خلال مدى إلزاميّة هذه الأخيرة وصرامتها، فإنّنا سنصل إلى نتيجة مفادها أنّ منح هذه السّلطات أو الهيئات الصّلاحيّات التّنظيميّة وإصدار القرارات الفرديّة التّنفيذيّة سيكون مظهرا أو مؤشّرا بارزا على فعاليّتها في التّدخّل. لكن، بالنّظر إلى التّطوّر الذي شهدته التّقنيّة القانونيّة والذي أصبحت بموجبه ترتكز على آليّات وطرق جديدة في صنع القانون، تحوّل هذا الأخير من قانون وحيد الطّرف إلى قانون متعدّد الأطراف، من قانون آمر إلى قانونمرن، من قانون عقلانيّ(أي مستمدّ من العقل فكلّ ما هو عقليّ فهو قانونيّ) إلى قانون براغماتيّ2.

وبالنّظر إلى محدوديّة الصّلاحيّات الصّارمة الممنوحة لمجموع السّلطات الإداريّة المستقلّة، وبالخصوص ما تعلّق منها بالسّلطة التّنظيميّة. وبالنّظر إلى وظيفة الضّبط الموكولة لهذه السّلطات، والتي تتطلّب إشرافا ومتابعة ورقابة مستمرّة ودائمة للقطاعات والسّوق، فإنّ آليّة  أو صلاحيّة إصدار التّوصيات والآراء أصبحت من أهمّ الوسائل التّدخليّة وأكثرها تلاؤما مع المهامّ المسندة لهذه الهيئات، على أساس أنّها لا تعدّ مجرّد أعمال استشاريّة مثل تلك المعتمدة في المجال الكلاسيكيّ، ولكنّها تتمتّع بوظيفة خاصّة وهي متابعة تنفيذ القوانين والتّنظيمات في القطاع الذي تشرف عليه السّلطة المستقلّة. فما هو دور هذه الوسائل والصّلاحيّات في تفعيل تدخّل السّلطات الإداريّة المستقلّة؟ كيف تلاءمت مع الوظيفة الأساس لهذه الأخيرة وهي الضبط؟ ما هي الخصوصيّات التي تميّزها عن نظيرتها في المجال الكلاسيكيّ؟ وما مدى القوّة والمصداقيّة التي تتمتّع بها على الرّغم من كونها صلاحيّات مجرّدة من قوّة الإلزام؟ ومن أين تستمد هذه الأخيرة؟

سنجيب على هذه الإشكاليّة من خلال العناصر الثّلاثة التّالية: العنصر الأوّل سأتناول من خلاله تطوّر التّقنيّة القانونيّة ودورها في تفعيل العمل بالقواعد المرنة. العنصر الثّاني يدرس دور وأهميّة التّوصيات والآراء في تفعيل تدخّلات السّلطات الإداريّة المستقلّة. أمّاالعنصرالثّالثفسأبرز من خلاله مدىالقوّة والمصداقيّة التي تتمتّع بها التّوصيات والآراء الصّادرة عنهذه الهيئاتفي غياب خاصيّة الإلزام.

أولا: تطور التقنية القانونية عامل أساس في تفعيل العمل بالقواعد المرنة

لم تقتصر تداعيات الأزمة التي طالت دولة الرفاه3التأثير على التنظيم الهيكلي والوظيفي لهذه الأخيرة، بل طال تأثيرها وانعكاساتها بصورة مباشرة مجال صنع القانون في جانبه الإجرائي والموضوعي، وهو ما برز في الجانب الأول من خلال إدخال طرق وأساليب جديدة في وضع القانون بصفة عامة، ارتكزت على  إشراك الفرد في عملية سن هذا الأخير من خلال عديد الوسائل من أهمها التفاوض والاستشارة. وفي الجانب الثاني من خلال التحول الذي طال طبيعة القانون في حد ذاته ومضمونه، بتحوله من قانون صارم، ملزم يعتمد على عنصر الجزاء إلى قانون مرن متكيف مع الواقع ومتجرد من خاصية الإلزام، تبرز أهم صوره في التّوصيات  والآراء. فكيف تم هذا التحول على المستوى الإجرائي وعلى مستوى طبيعة القانون؟

1/تطور التقنية القانونية في جانبها الإجرائي

يبرز تطور التقنية القانونية في الجانب الإجرائي لصنع القانون في إدخال  العديد من الوسائل والتقنيات تتمحور حول إشراك المعنيين بالقانون في عملية وضعه من خلال التفاوض معهم واستشارتهم والتحاور معهم. ولعل من أهم العوامل والأسباب التي أدت إلى هذا التحول تطور وعي الأفراد بضرورة إشراكهم بطريقة مباشرة في الحكم سواء على المستوى المركزي أم المحلي واقتناع السلطة السياسية بذلك، وهو ما أدى إلى ظهور ما يسمى بالديمقراطية المشاركاتية إلى جانب التمثيلية أو النيابية4.

ويتم هذا التفاوض من خلال العديد من الوسائل الاستشارية سواء الرسمية من خلال الهيئات والأجهزة الرسمية التي تمثل فئات معينة من المواطنين كالتنظيمات المهنية ومختلف الجمعيات، أم غير الرسمية من خلال استشارة المعنيين بالقانون مباشرة، ويتم ذلك اليوم عبر وسائل الانترنت، أو من خلال عقد المؤتمرات واللقاءات المباشرة مع المواطنين لطرح مشروع قانون معين للنقاش وأخذ الآراء.

وتلجأ الدول الغربية عموما لهذه التقنيات كفرنسا، ألمانيا، بريطانيا واسبانيا وسويسرا وكذلك كندا واستراليا5. وتتم هذه الآلية بالتشاور والتحاور سواء على مستوى السلطة السياسية أم على مستوى العديد من الهيئات الأخرى كالسلطات الإدارية المستقلة خصوصا في فرنسا6. كما وسعت الولايات المتحدة الأمريكية من تطبيق هذه الوسائل من خلال إصدارها قانون الإجراءات الإدارية لسنة 1946والذي يلزم هذه الأخيرة على إتباعوسيلة التفاوض مع المعنيين بالقواعد التي تصدرها7.

2تطور التقنية القانونية وتأثيرها على طبيعة القانون

أدى إدخال إجراءات التشاور والحوار مع المعنيين بالقانون عموما إلى تراجع خاصية الإلزام، والتي تعد من أبرز خصائص القانون الحديث8، فتحول بذلك القانون من قانون صارم إلى قانون مرن. فبعدما كانت الوسيلة الأساس في يد السلطات العمومية لتنظيم أمور الدولة هي إصدار القواعد العامة والأوامر التي تحمل في مضمونها أوامر محددة لأداء عمل والتزام معين، والتي تندرج ضمن تقنية التنظيم القانوني الآمر للسلوكات والتصرفات9، أصبحت هذه الأخيرة وغيرها من الهيئات مثل السلطات الإدارية المستقلة تعتمد على قواعد مرنة تفتقد لخاصية الإلزام وتعتمد على التحفيز والإقناع، من خلال الحوار مع المعنيين بتلك القواعد والتي تندرج ضمن إطار التنظيم القانوني غير الآمر للسلوكات والتصرفات، ومن أهم صورها أو أشكالها التّوصيات  والآراء10.

ثانيا: دور وأهمية "التّوصيات  والآراء" في تفعيل تدخلات السلطات الإدارية المستقلة

إذا كانت التّوصيات  والآراء آليات ووسائل تدخل معروفة في القانون الإداري الكلاسيكي بالخصوص كوسائل استشارية تتمتع بها العديد من الهيئات الإدارية الكلاسيكية أو حتى القضائية كمجلس الدولة، فإنها كوسائل تدخل يمنحها المشرع لمعظم السلطات الإدارية المستقلة – بل حتى إن لم يمنحها إياها تصدرها إن رأت فيها ضرورة - تأخذ معنى آخر وتتمتع بخصوصيات أخرى.

وإذا كانت الميزة البارزة لهذه الآليات في الإطار الكلاسيكي هي كونها غير منتجة لآثار قانونية، على اعتبار أنها غير ملزمة، فإنها في مجال تدخل السلطات الإدارية المستقلة تصبح ضرورة لتلاؤمها مع الوظيفة الموكولة إليها.

 وتندرج هذه التوصيات والآراء في إطار ما يعرف بالقانون غير المسمّى11، أو الوسائل شبه القانونية12، أو الوسائل غير الرسمية للقانون13، بحكم عدم وجود نظام قانوني محكم ودقيق يحكمها ويحدد طبيعتها. فكيف تحولت هذه الوسائل التدخلية لدى فئة السلطات الإدارية المستقلة إلى وسائل فعلية؟ وكيف تلاءمت مع الوظيفة الأساس لهذه السلطات وهي الضبط؟ للإجابة على هذه التساؤلات سنتناول ضمن هذا العنصر نقطتين أساسيتين: الأولى تتناول طبيعة التوصيات والآراء كأعمال منتجة وفعلية. أمّاالثانية فستتناول تلاؤم صلاحية إصدار التوصيات والآراء مع وظيفة هذه الهيئات وهي الضبط.

1طبيعة التّوصيات  والآراء كأعمال منتجة وفعلية

يعتقد العديد من الفقهاء أن التّوصيات  والآراء ما دامت مجردة من عنصر الإلزام، ومنه غياب الجزاء الذي يمكن أن يترتب على عدم احترامها،فهي إذن مجرد أعمال تدخل في إطار الإجراءات التحضيرية للقانون، مثل تلك المعروفة في المجال الكلاسيكي، وهي الأعمال التي تندرج ضمن إجراءات الاستشارة التي تعتمد عليها بالخصوص السلطة التنفيذية أثناء عملية وضع القواعد سواء كانت مشاريع قوانين أو تنظيمات.

فقد عرّفها الأستاذ M.Gentotبأنها دعوة السّلطات الإدارية المستقلة للحكومة أو الإدارة لاتباع سلوك معين أو إجراء تعديل معين أو اقتراح موجه للبرلمان لإجراء تعديل في قانون ما14. لكنّ كثيرا من الفقهاء يميزونبين التوصيات والآراء التي تصدرها السلطات الإدارية المستقلة ونظيرتها في المجال الكلاسيكي من خلال البعد الفعلي الذي يسمح بإقصائها من الفئة الكلاسيكية وإعطائها قيمة في ذاتها15.وقد اعتبرها الأستاذ J.Chevallierأنها أبعد من كونها مجرد وظيفة استشارية، حيث يمكن التمييز بين الاستشارة الكلاسيكية التي تصدرها الهيئات الإدارية من جهة، والتّوصيات  والآراء التي تصدرها السلطات الإدارية المستقلة من جهة أخرى، من حيث الجهة الموجهة إليها، ففي النوع الأول توجه غالبا للإدارة، أما في النوع الثاني فتوجه للمواطنين والمعنيين بها في مختلف القطاعات عموما سواء كانوا متعاملين أم متدخلين.

أما ميزة الفعلية فتشكل العنصر المميز بين التوصية والرأي الاستشاري، حيث تعد التّوصيات  الصادرة عن السلطات الإدارية المستقلة في الغالب أداة لتبيان كيفية تنفيذ القاعدة القانونية وليست مجرد إجراء يندرج ضمن سلسلة إجراءات تحضير القواعد16، بينما يبقى جانب من الآراء تقوم من خلالها السلطات الإدارية المستقلة بالدور الاستشاري لدى الحكومة، فهذه الأخيرة لا تتميز بشيء عن مثيلاتها في المجال الكلاسيكي17.

إذن هناك فئة من الآراء والتّوصيات  تصدرها السلطات الإدارية  المستقلة تشكل فئة جديدة متميزة عن تلك الكلاسيكية، والتي كيفها بعض الفقهاء بالآراء التنفيذية les avis – applicationبحكم تدخل السلطات الإدارية المستقلة بموجبها في مرحلة تنفيذ القانون18، مقابل الآراء المنشئة les avis- créationلأنها تشارك في مرحلة وضع القاعدة19، ويصنفها البعض إلى آراء مشاركاتية les avis - cooperatif، وهي التي تصدر في إطار المشاركة والتعاون بين مختلف السلطات الإدارية المستقلة في المجالات التي تتداخل فيها اختصاصاتهم وخصوصا بين مجلس المنافسة ومختلف هيئات الضبط القطاعية20.

لكن هل افتقاد هذه الأعمال لخاصية الإلزام وتأسيسها على عنصر التحفيز والدعوة، يقلل من طبيعتها كعمل تنفيذي ؟

 يمكن اعتبار من جهة أولىأنّ غياب عنصر الإلزام هو الذي يميز هذه الوسائل عن الوسائل التنفيذية التقليدية التي يكون تدخلها بعد فشل التنفيذ الطوعي أو الاختياري من طرف المعنيين بالقاعدة، بواسطة فرض الجزاءات المختلفة أو من خلال آلية التنفيذ الجبري.فعلىخلاف ما تسعى السلطات الإدارية المستقلة من خلال عملها التدخلي الدائم والمستمر في القطاع إلى تحقيقه، فهي لا تنتظر حتى يحصل الامتناع، وإنما تعمل على الدوام لتحفيز وإقناع المعنيين بالقواعد سواء كانوا مؤسسات أم أفرادا أم متدخلين في القطاع على العموم على التطبيق الجيد لتلك القواعد من خلال إصدارها للتوصيات أو الآراء الملائمة، وذلك من دون إهمال الجانب القهري الذي تتدخل بموجبه هذه السلطات من خلال صلاحية إصدار القرارات أو فرض الجزاءات إن تطلب الأمر ذلك في حدود ما تنص عليه قوانين إنشائها.

2تلاؤم صلاحية إصدار التّوصيات  والآراء مع وظيفة الضبط

إن ظهور وتطور نموذج السلطات الإدارية المستقلة جاء بالموازاة مع بداية تطور التقنية القانونية مع بداية سنوات الثمانينيات21، حيث أثبت القانون الكلاسيكي الصارم عدم قدرته على مواجهة تطور وتركيب المجتمع وتطور الأخطار فيه نتيجة التطور التكنولوجي الهائل والرهيب في العديد من المجالات، وكذا تجدد احتياجاته ومشاكله بشكل وجدت السلطات الإدارية المستقلة نفسها عاجزة عن مواجهة هذا التجديد من خلال آليات وأجهزة القانون الكلاسيكي وحده22.

وفي خضم هذه التطورات وجدت هذه الهيئات نفسها مؤهلة للتدخل في إطار وظيفتين أساسيتين، وهما وظيفة الضبط وحماية الحقوق في القطاعات التي تشرف عليها23، من خلال مجموعة من الصلاحيات التي منحتها إياها قوانين إنشائها والتي تتدرج في الصرامة بواسطة السلطة التنظيمية24، أو سلطة إصدار القرارات الفردية في إطار رقابتها للسوق25، أو سلطة الفصل في النزاعات26، والأخطر منها  سلطة فرض الجزاءات27، إلى المرونة بواسطة التّوصيات 28والآراء والمقترحات التي تسهم من خلالها هذه الهيئات في أداء وظيفتها وهي ضبط القطاعات29. وقدعدّالأستاذ Y.Gaudemetفي إطار تعريفه للضبط أن من أبرز المعالم المميزة له استعمال قواعد غير أكيدة وغريبة عن الأشكال العادية والكلاسيكية للقانون لتفادي الأوامر واللجوء إلى الاستشارة والتحفيز والإقناع، إنها ليست لغة القانون العادية30.

 أمّا بعض الفقهاء فقد وصفوا الآراء التي تصدر عن السلطات الإدارية المستقلة أنهاشكل جديد لصناعة القانون، وأن المرونة التي تتميز بها التوصيات تندرج في إطار سلطة التأثير31.

إن وظيفة الضبط تتطلب التدخل الدائم والمستمر لمعالجة ومواجهة وقائع وحالات  ومعطيات جد متحركة ومتطورة في قطاعات تتميز بالتركيب، فوضع القواعد القانونية بالطريقة الكلاسيكية لم يعد يتلاءم مع طبيعة المشاكل المطروحة، حيث أصبح الأمر يتطلب مواجهة تلك المسائل بصفة وقائية ومستمرة، مع التأسيس على منطق الإقناع بدل الإكراه32.

إن وظيفة الضبط تقوم على المحافظة على التوازنات الأساس في القطاعات والحقوق دون الرجوع الدائم إلى التأطير القانوني الصارم، في إطار البحث عن عقلانية أقل صرامة وأكثر مرونة، وعن قواعد تقنية أكثر تأقلما وتكيفا مع الواقع. فمن أين اكتسبت هذه الوسائل قوتها ومصداقيتها مع افتقادها لعنصر الإلزام؟

ثالثا: قوة ومصداقية التّوصيات  والآراء في غياب خاصية الإلزام

من أهم المبررات التي دفعت إلى وجود نموذج السلطات الإدارية المستقلة بالإضافة إلى المبررين الأساسين، الضبط وحماية الحقوق، الخصوصيات التي تتميز بها هذه الهيئات، والتي ارتبطت بمجالات تدخل هذه الأخيرة المتميزة بالتركيب والتطور، والتي تحتك فيها حقوق الأفراد التي أضحت تواجه تهديدات خطيرة بالنظر من جهة للتطور التكنولوجي الذي مس المجالات التي تحتك بها، والذي انعكس من جهة ثانية على التقنية العالية التي تتطلب معارف علمية، اقتصادية، قانونية واجتماعية متطورة33

واستطاع نموذج السلطات الإدارية من خلال الخصوصيات التي يتميز بها على خلاف أجهزة  الإدارة الكلاسيكية: وهي التشكيلة الجماعية لأجهزتها والتي تضم من بين أعضائهاأشخاصا متخصصين في المجالات التي تشرف عليها هذه الهيئات. بالإضافة إلى اعتماد هذه السلطات في عملها على إشراك الفاعلين والمتدخلين في مختلف القطاعات سواء كانوا متعاملين، شركات، مؤسسات أم أفرادا في أعمالها التي تصدرها، من خلال طلب آرائهم حولها للوصول إلى اقتناعهم بها واتباعهم لها من دون الحاجة إلى إلزامهم بها.

هذه الخصوصيات منحت التوصيات والآراء التي تصدرها هذه السلطات مصداقية وقوة منبثقتين عن الثقة التي تتمتع بها هذه السلطات لدى الرأي العام. لتوضيح هذه العناصر سنقسم هذا العنصر إلى نقطتين أساسيتين: تتناولالأولى الخبرة والتقنية العالية المتوفرة لدى نموذج السلطات الإدارية المستقلة، أمّا النقطة الثانية فستتناول إشراك المعنيين بهذه التوصيات في عملية وضعها.

1الخبرة والتقنية العالية المتوفرة لدى نموذج السلطات الإدارية المستقلة

إن التطور التكنولوجي الذي بدأت مظاهره في الانتعاش منذ عشريتين تقريبا، ومازال مستمرا في العديد من المجالات من أهمها الاتصالات، المعلوماتية والمجالين الاقتصادي والمالي من خلال تطور المفاهيم والآليات، قد أدى إلى ضرورة تطور الميكانيزمات والوسائل التي تضبط بواسطتها مختلف قطاعات النشاط في الدولة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أدى ظهور حقوق جديدة لم تكن مكرسة من قبل كالحق في موضوعية وتعددية الإعلام بعد فتح القطاع بكل أشكاله وأنواعه للخوصصة، الحق في المعلومة الصحيحة، الحق في حماية الحياة الخاصة من التجسس34، وكذا تطور الإطار المفاهيمي لحقوق قديمة كحقوق المستهلك في أمنه وصحته35وحق المواطن في الاطلاع على الوثائق الإدارية التي تهمه، وغيرها من الحقوق إلى إيجاد آليات حماية وتمكين من نوع خاص.

حفز هذا التطور في المجال الحقوقي إلى إنشاء نموذج السلطات الإدارية المستقلة36، وترك مسألة ضبط القطاعات التي تحتك فيها هذه الحقوق وتواجه فيها تهديدات خطيرة لهذه الأخيرة، بحكم ما تمتلكه من خبرة عالية في المجال بسبب:

تشكيلتها التي تضم أشخاصا متخصصين حسب القطاع الذي تشرف عليه، والذين يملكون مؤهلات علمية سواء في مجال المعلوماتية أم الاتصالات أم المجالات الاقتصادية والمالية. بالإضافة إلى وجود شخصيّات من ذوي الخبرات والتجارب من مهنيين ومحترفين وغيرهم. هذا التنوع في التشكيلة منح هذه الهيئات القدرة على التحكم في تلك القطاعات والتطورات التي تشهدها، وسمح لهؤلاء بالتحكم في المعلومة ومنه إصدار قواعد تقنية متلائمة مع واقع القطاع37

إنّ الخبرة التي تمتلكها هذه الهيئات تستجمعها من عصارة تدخلات دائمة ومستمرة لضبط القطاعات، هذه التدخلات تسمح لها بالإحاطة بكل صغيرة وكبيرة فيها، والتدخل من خلال القواعد التقنية38أو التوصيات والآراء في الوقت المناسب، دون أن تكون هناك حاجة للسلطة التقريرية (سواء تعلق الأمر بقرارات تنظيمية أم فردية) لعدم ملاءمتها للتدخل في جميع الحالات، حيث تجد هذه السلطات في التوصيات والآراء الوسيلة الأكثر فعالية لمواجهة واقع متغير ومتطور.

رأى أحد الفقهاء أنّ السلطة السياسية فقدت مشروعية تدخّلها خصوصا في القطاعات الحساسة (مثل المعلوماتية، قطاع السمعي البصري، القطاعات الاقتصادية والمالية وعلى رأسها البنوك، البورصة، الاتصالات والتأمينات) بسبب فقدانها لثقة الرأي العام لوضع كثير من القواعد في مثل هذه القطاعات. فهذه السلطات التي تنشئ هذه الهيئات وتحدد اختصاصاتها من الأفضل لها أن تترك لها مهمة ضبط القطاعات التي كلفت بالإشراف عليها خصوصا في المجالات المتسمة بالتركيب التقني العالي المستوى، بسبب صعوبة التحكم فيه من طرف هذه السلطة السياسية نفسها، وذلك من خلال قواعد جديدة ومختلفة، لكنها تشترك معها في أنها تهدف إلى تعويض انحرافات التنظيم التلقائي للسوق والتنظيم الكلاسيكي المفروض من الدولة بتنظيم تفاوضي قائم على الحوار مع من يخضعون له39.

2إشراك المعنيين بهذه التّوصيات  والآراء في عملية وضعها

بعد التطور الذي شهدته التقنية القانونية، وعلى الرغم من تعميم إجراءات إشراك المعنيين بالقواعد القانونية في عملية وضعها حتى بالنسبة لتلك التي تتمتع بخاصية الإلزام، على أساس أنها تتمتع بقوة الإكراه ولا تحتاج إلى إجراء آخر يدعم قوة إتباعها، فإن القاعدة القانونية لم تعد مشروعيتها مستمدة من كونها قاعدة ملزمة فحسب، إنما أصبحت مشروعيتها تستمد بالأساس من الإجماع الذي تحظى به من خلال جعل المعنيين بهذه القواعد شركاء في عملية صنعها من خلال العديد من الوسائل، أهمها الاستشارة والتفاوض، وهو ما وصفه الأستاذ J.Chevallierبالتداول الجماعي الذي ينتج لنا قانونا تفاوضيا يتمتع بمشروعية خاصة مؤسسة على طرق وإجراءات وضعه40.

وتجد هذه الآليات والوسائل إلحاحا كبيرا في عملية صنع القانون المرن، ذلكلأنه يفتقد لخاصية الإلزام والإكراه، ومنه فمسألة احترامه وإتباعه تتطلب حصول توافق على مضمونه.

فإجراءات التفاوض والاستشارة تبدو جوهرية في إصدار التّوصيات  والآراء، وضرورية لأنها تدعم فعالية تدخل هذه السلطات وتقوي العلاقات بينها وبين المعنيين في القطاعات المختلفة.

وحتى أن بعض السلطات الإدارية المستقلة تشرك المواطنين والفاعلين في القطاع للاستفادة من ملاحظاتهم وتجاربهم، ولا تقتصر هذه المشاركة في مرحلة وضع التّوصيات  وإنما تمتد إلى مرحلة تنفيذها أو متابعة تنفيذها. ففي تقديمها أو عرضها لحصيلة نشاطها تعمل بعض السلطات الإدارية المستقلة، مثل سلطة الأسواق المالية الفرنسية على إبراز انشغالاتها، بفتح باب الحوار مع المهنيين لمعرفة اهتماماتهم وانشغالاتهم، ولشرح أسباب تدخلاتها من خلال هذه التّوصيات  والتي تشير فيها إلى أنها تهدف إلى التعريف الجيد بتطبيق النصوص41.

ويشير بعض الفقهاء إلى أنه ليس من شأن السلطات الإدارية المستقلة اللجوء إلى إجراء الاستشارة مع الفاعلين، لكن وظيفة الضبط الموكولة لها تدعوها إلى تدعيم لجوئها إلى مثل هذه الإجراءات للحصول على فعالية ومصداقية تدخلاتها في السوق وجعلها أكثر تلاؤما مع الواقع42.إن الهدف من إشراك الفاعلين لم يعد يقتصر فقط على ضمان الشفافية الإدارية، بل يهدف إلى الوصول إلى تحقيق فعالية التدخل والتأكيد على أصالة وتميز هذا النموذج من السلطات43.

وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي في تقريره لسنة 200144أنه من الضروري أن تتفتح السلطات الإدارية المستقلة على الرأي العام، حتى ولو كانت المسائل المعروضة تتصف بالتقنية،كأن يتعلق الأمر مثلا بمنح التراخيص بالنسبة للهواتف النقالة من الجيل الثالث. فهذه الطريقة معتمدة اعتمادا كبيرا في فرنسا، حيث قامت سلطة ضبط الاتصالات ببث 20استشارة عمومية وطلب انتقادات وآراء المواطنين في الفترة ما بين سنة 1996و1998. وكذلك المجلس العالي السمعي البصري الذي يلجأ كثيرا من خلال الحوار مع مستعملي الراديو والتلفزيون لمحاولة معرفة آرائهم بواسطة موقعه على الانترنت45، ليس هو فقط بل معظم السلطات الإدارية المستقلة تستعمل مواقعها الخاصة على الانترنت لقيامها بهذه الإجراءات.

كما تلجأ بعض السلطات الإدارية المستقلة إلى الاستعانة بفرق عمل تقوم بتشكيلها لتكون مهمتها الإشراف على عملية التفاوض حول موضوع بعض التّوصيات  التي ستصدرها هذه الهيئات، ومن بينها لجنة ضبط الكهرباء التي أنشأت مجموعة عمل الكهرباء لسنة 2007ومجموعة عمل الغاز لسنة 2007المكونتين من مختلف المتدخلين والمعنيين في القطاع46.وقد استعملت سلطة  ضبط الاتصالات هذه الطريقة عند إصدارها لتوصيتها المؤرخة في 16/11/2000المتعلقة بتطوير الانترنت المحمولة.

كما قد يتم إشراك المعنيين من خلال تواجدهم في التشكيلة الجماعية، حيث يصف بعض  الباحثين هذا الأسلوب بالضبط التشاركي co-régulation. ويكون هذا النوع من المشاركة في غالب الأحيان منصوصا عليه في قوانين إنشائها،فطبقا لنص المادة 130من قانون البريد والاتصالات الالكترونية الفرنسي،تتكون سلطة الضبط من سبعة أعضاء بسبب تخصصاتهم الاقتصادية، القانونية والتقنية في مجالات الاتصالات الالكترونية، البريد والاقتصاد الإقليمي47.

كما لا ننسى أخيرا ما لنشر هذه الأعمال بالخصوص عن طريق الانترنت من تأثير على اقتناع المعنيين بها، حيث تجد صدى لأعمالها على مواقعها الالكترونية وممارستها سلطة تأثير معنوية عندما تلجأ للرأي العام، ومنه تدعيم لمصداقيتها ومصداقية أعمالها، وهذا ما يميزها عن باقي الهيئات الإدارية التقليدية.

خاتمة

إذا كانت فعالية التدخلات العمومية تتم من خلال إصدار القرارات التنظيمية والفردية الملزمة في الغالب، فهناك جانب من الوظيفة التي تؤديها الدولة بواسطة نموذج السلطات الإدارية المستقلة لا يتطلب دائما التدخل الصارم، إنها وظيفة الضبط التي تتطلب الاستمرارية والمرونة في التدخل. وبالنظر للتطور الذي شهدته التقنية القانونية والذي كان عاملا أساسيا في تدعيم التدخل بواسطة التّوصيات  والآراء،  فقد وجدت فيها هذه الهيئات الوسيلة الملائمة لتفعيل تدخلاتها.

وعلى الرغم من افتقادها لعنصر الإلزام، لكنها تتمتع بالمصداقية والقوة الناتجتين مباشرة عن:

الخصوصيات التي تتمتع بها السلطات الإدارية المستقلة، والتي حولتها إلى هيئات أصيلة ومتميزة عن أجهزة الدولة الكلاسيكية، من حيث تشكيلتها الضامنة لعنصري التخصص والخبرة.

الإجراءات التي تعتمدها هذه السلطات في غالب الأحيان عند إصدارها لهذه التوصيات أو الآراء، والمتمثلة أساسىا في إشراك الفاعلين والمتدخلين والمعنيين بتلك القواعد على العموم في عملية وضعها، من خلال استشارتهم والتفاوض معهم. وذلك يعدّ تطورا نحو إدارة جديدة تفاوضية وتداولية للتصرفات والسلوكات، ينتج لنا قانونا آخر يوصف بقانون ما بعد الحداثة.

الهوامش

1تمثل أهم هذه السلطات الإدارية المستقلة في الجزائر:

- في المجال المالي: - مجلس النقد والقرض الذي أنشئ بالقانون 90/10المتعلق بالنقد والقرض الملغى بالأمر 03/11المؤرخ في 26/08/2003المتعلق بالنقد والقرض، اللجنة المصرفية المنشأة بموجب الأمر رقم 03/11المؤرخ في 26/08/2003المتعلق بالنقد والقرض المعدل والمتمم بموجب الأمر رقم 09/01المؤرخ في 22/07/09المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2009المعدل والمتمم بموجب الأمر رقم 10/04المؤرخ في 26/08/10. لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة المنشأة بالمرسوم التشريعي رقم 93/10المؤرخ في 23/05/1993المتعلق ببورصة القيم المنقولة. لجنة الإشراف على التأمينات المنشأة بموجب القانون  رقم 06/04المؤرخ في 20/02/2006المتعلق بالتأمينات المعدل والمتمم لقانون التأمينات.

- في المجال الاقتصادي:- مجلس المنافسة المنشأ بموجب الأمر  رقم 95/06المؤرخ في 25/01/1995المتعلق بالمنافسة الملغى بأحكام الأمر 03/03المؤرخ في 19/07/2003المتعلق بالمنافسة. سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية المنشأة بالقانون رقم 03/2000المؤرخ في 05/08/2003المتعلق بالبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية. الوكالتين المنجميتين المتمثلتين في الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية والوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية المنشأتين بموجب القانون رقم 01/01المؤرخ في 03/07/2001المتعلق بالمناجم. لجنة ضبط الكهرباء والغاز المنشأة بموجب القانون 02/01المؤرخ في 05/02/2002لمتعلق بالكهرباء وتوزيع الغاز بواسطة القنوات. الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته المنشأة بالقانون رقم06/01بالإضافة إلى سلطات ضبط في مجالات المياه، النقل، التبغ والصحة الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية المستعملة في الطب البشري المنشأة بموجب القانون رقم 08/13المؤرخ في 20/07/2008المعدل والمتمم للأمر رقم 85/05المؤرخ في 16/02/85المتعلق بحماية الصحة وترقيتها.وكذلك سلطتي ضبط الصحافة المكتوبة والسمعي البصري المنشأتين بقانون الإعلام رقم 12/05المؤرخ في 12/01/2012وخلية معالجة الاستعلام المالي المنشأة بالأمر رقم 12/02المؤرخ في 13/02/12المعدل والمتمم للقانون رقم 05/01المؤرخ في 06/02/05المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويلهما.


2 Jacques Chevallier, l’Etat post –moderne, Droit et société, 2e éd., L.G.D.J, Paris, 2004,p. 121, et Jacques Chevallier, la régulation juridique en question, http://www.reds.msh-paris.fr, p.5.

3Jacques Chevallier, l’Etat post –moderne, Op.Cit.,pp.158-201.

4Paul Amselek, l’évolution générale de la technique juridique dans les sociétés occidentales, RDP, 1982, pp. 291-292, et Elisabeth Zoller, les agences fédérales américaines, la régulation et la démocratie, RFDA, 2004, p.759.

5وقد استعملت هذه الوسائل أول مرة في فرنسا بخصوص شرعية استعمال المواد المعدلة جينيا "les O.G.M " في مجالي الزراعة والغذاء سنة 1998، ونفس التقنية استعملت سنة 2002 حول موضوع ارتفاع درجة حرارة الأرض ثم حول قانون المياه سنة 2004. 

6Martine Lombard, institutions de régulation économique et démocratie politique, AJDA, 14/03/2004, pp. 537-538.

7Elisabeth Zoller, Op.Cit., pp.757-765.

8Jacques Chevallier, l’Etat post –moderne, Op.Cit.,p. 85.

9Paul Amselek, Op.Cit., p.287.

10وقد أكد المجلس الدستوري الفرنسي في قراره بتاريخ 01/07/1980  سلطة كل من البرلمان والسلطة التنفيذية في إصدار التّوصيات . أنظر :

Paul Amselek, Op.Cit., p.289.

11 Bertanddu Marais, droit public de  la régulation économique, p.s.p/Dalloz, Paris, 2004,  p.525.

12  Laurence Calandri, , recherche sur la notion de régulation en droit administratif Français, préface de Serge Regourd, L.G.D.J , Paris, 2008,  pp. 146-149.

13 I.bid

14 M.Gentot, les autorités administratives indépendantes, 2° éd., Montchrestien, Paris, 1994,p.71.

15 Laurence Calandri, ,Op.Cit., pp. 146-149.

16 Des fonds, la notion de mesure préparatoire en droit administratif Français,  AJDA, 2003, p.12.

17 مثل الآراء التي يصدرها مجلس المنافسة طبقا لنص المادة 35 من الأمر 03/03 المتعلق بالمنافسة إذ تنص على أن " يبدي مجلس المنافسة رأيه في كل مسألة ترتبط بالمنافسة إذا طلبت الحكومة منه ذلك ويبدي كل اقتراح في مجالات المنافسة".كما أن المادة 36 من هذا الأمر نصت على أن " يستشار مجلس المنافسة في كل مشروع نص تنظيمي له صلة بالمنافسة أو يدرج تدابير من شأنها على الخصوص:إخضاع ممارسة مهنة أو نشاط أو دخول سوق ما إلى قيود من ناحية الكم.وضع رسوم حصرية في بعض المناطق أو النشاطات.فرض شروط خاصة لممارسة نشاطات الإنتاج والتوزيع والخدمات.

تحديد ممارسة موحدة في مجال شروط البيع."كما تختص أيضا سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية بتقديم الاستشارة فيما يتعلق بالنصوص التنظيمية المتعلقة بالقطاع طبقا لنص المادة 13 من القانون رقم 03/2000 المتعلق بالبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية. وأيضا لجنة ضبط الكهرباء والغاز التي تختص بالمساهمة في إعداد التنظيمات التطبيقية المنصوص عليها في القانون رقم 02/01 والنصوص التطبيقية المرتبطة به طبقا لنص المادة 115 من هذا القانون.ولكنها تبقى على العموم أقل أهمية من سابقتها.

18  ومن أمثلتها تلك التي يطلبها المهنيين حول كيفية تطبيق بعض النصوص التشريعية والتنظيمية عندما يتعلق الأمر بمسائل غير واضحة فيها.

19 M.Collet, le contrôle juridictionnel des actes des autorités administratives indépendantes, L.G.D.J, Paris, 2003, p.21.

20  مثلا من أجل معرفة الممارسات المنافية للمنافسة يتم اللجوء إلى مجلس المنافسة لطلب الرأي، حيث يمكن مثلا لسلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية طلب رأي مجلس المنافسة في أي مسألة تدخل في اختصاصه دون أن يدخل هذا الرأي في إطار عملية وضع قرار معين. ونفس الأمر بالنسبة لسلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية الفرنسية ARCEPطبقا لنص المادة 36/10 من قانون البريد والاتصالات الالكترونية. أنظر:

Romain Godet, la participation des autorités administratives indépendantes au règlement des litiges juridictionnels de droit commun : l’exemple des autorités de marché, RFDA, septembre- octobre, 2002, pp. 961-962.

21Paul Amselek, Op.Cit., pp. 275-294.

22J.Chevallier, régulation et polycentrisme dans l’administration Française, la revue administrative, vol., 51, janvier- février, 1998, p.45.

23 I.bid., pp.46-47.

24  Arnaud Haquet, le pouvoir réglementaire des autorités administratives indépendantes Réflexions sur son objet et sa légitimité, RDP, n°2, 2008, pp.393- 417, José Lefebre, un pouvoir réglementaire à géométrie variable ,in Nicole Décoopman, le désordre des autorités administratives indépendantes. L’exemple du secteur économique et financier, PUF, Paris, 2002,pp.97-109, Rachid Zouaimia, le pouvoir réglementaire des autorités administratives indépendantes, actes du colloque national sur les autorités administratives indépendantes, université de Guelma, 13-14 novembre 2012, pp. 1-19.

25  M.J- Guédon, les autorités administratives indépendantes, LGDJ, Paris, 1991, pp.106-118, Rachid Zouaimia, les instruments juridiques de la régulation économique en Algérie, éd. Maison Belkeise, Alger, 2012, pp.88-96.

26  Rachid Zouaimia, les instruments juridiques de la régulation économique en Algérie, Op.Cit., pp. 118-151.

27 Rachid Zouaimia, les fonctions répressives des autorités administratives indépendantes statuanten matière économique, revue Idara, n°28, 2004, pp.123-165.

28 تندرج التّوصيات  ضمن نوع القانون المرن كما تم توضيحه أعلاه في العنصر الأول ، وترجع أصول هذا القانون إلى مصطلح soft-lawالانجلوسكسوني والذي يتأسس على خاصية جوهرية تتمثل في افتقاده لعنصر الإلزام وقيامه على عنصر التحفيز والإقناع. وقد أدرجه الأستاذ Jacques Chevallierضمن قانون ما بعد الحداثة وهو مغاير جذريا للقانون الكلاسيكي قد تطلق عليه عدة تسميات مثل القانون الغامض le droit flou. وقد وصفه الأستاذ Y.Gaudemetبنقطة الضعف في النظام الإداري الكلاسيكي القائم على القرار التنفيذي الملزم القابل للطعن فيه أمام القضاء. راجع:

Jacques Chevallier,vers un droit post-moderne ? les transformations de la régulation juridique, RDP, n° 3, 1998, pp. 659-690, Yves Gaudemet, la régulation nouveaux modes ? nouveaux territoires, RFAP, n° 109, 2004, p.13.

29  على خلاف اهتمام المشرع الفرنسي بتكريس صلاحية إصدار التّوصيات  بالنسبة لمعظم السلطات الإدارية المستقلة، بل وهذه الأخيرة التي تلجأ لهذه الوسيلة بالرغم من غياب النص عليها في قوانين انشائها. لا يبدي المشرع الجزائري أي اهتمام بهذه الوسيلة القانونية، بدليل أن نصوص انشاء هذه الهيئات لا تمنحها هذه الصلاحية، ولا تلجأ إليها هي تلقائيا من خلال غياب أي أثر لها في مواقعها الخاصة على الانترنت.

30 Yves Gaudemet, Op.Cit., p.15.

31  Laurence Calandri,  Op.Cit., p.187.

32  M.J- Guédon, Op.Cit., p.20.

33  M.J- Guédon, l’hétérogénéité des données organiques, in Nicole Décoopman, le désordre des autorités administratives indépendantes. L’exemple du secteur économique et financier, PUF, Paris, 2002,pp. 57-62.

34  Fabrice Cassin, le rôle des autorités administratives indépendantes au regard des libertés fondamentales thèse de doctorat, université Panthéon Assas, Paris2, 1995, pp.197-210.

35 Nicolas Dupont, le droit mou professionnel d’initiative privée, quel intérêt pour les consommateurs ? http://mineco.fgov.be/protection-consumer/concils/consumption/pdf.

36 فأنشئت مثلا في فرنسا اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات، بموجب قانون الإعلام الآلي المؤرخ في 06/01/1978، كما أنشئ المجلس العالي للسمعي البصري بموجب القانون المؤرخ في 17/01/1989 الذي حل محل اللجنة الوطنية للاتصالات والحريات واللجنة الوطنية لحق  الاطلاع بموجب القانون المؤرخ في 18/07/1978.راجع:

Jacques Chevallier, réflexions sur l’institution des autorités administratives indépendantes, JCP, n° 23, 04/06/1986,3254.

37 Jean- FrancoisLepetit, Etat juge et régulateur, in Marie-Anne.Frison Roche, les régulations économiques : légitimité et efficacité, http://www.concurences.com/revue-bib-rdr.  p.122.

38 Jacques Chevallier, l’Etat poste-moderne, Op.Cit., p.124.

39 Arnaud Hacquet, Op.Cit.,  p.417.

40 Jacques Chevallier,l’ Etat poste-moderne,  Op.Cit., p.119, et Jacques Chevallier, vers un droit post-moderne, Op.Cit.,  pp.673-675.

41 www.cob.fr.

42  Laurence Calandri, préface de Serge Regourd, Op.Cit., p.356.

43  Gérard  Timsit, les deux corps du droit, Essai sur la notion de régulation, RFAP, n° 78, 1996, p.387.

(44)  Rapport du conseil d’Etat, 2001, pp.371-372.

45  www.csa.fr, rubrique « communication ».

46 www. Cre, rubrique « ressources- délibérations »

47  www.légifrance.gouv.fr.

@pour_citer_ce_document

الهام خرشي, «دور"التّوصيات والآراء" في تفعيل تدخّلات السّلطات الإداريّة المستقلّة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 227 - 236,
Date Publication Sur Papier : 2014-06-01,
Date Pulication Electronique : 2014-06-23,
mis a jour le : 03/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1193.