انعكاسات الإصلاح التربوي على الأداء الوظيفي للأستاذ
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°19 Décembre 2014

انعكاسات الإصلاح التربوي على الأداء الوظيفي للأستاذ


سعيدة بن عمارة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يعتبر الإصلاح التربوي من أهم القوى الدافعة للتنمية في جميع مجالات الحياة، حيث تستنهض المجتمعات الانسانية أنظمتها التربوية بالإصلاح من أجل بناء الإنسان القادر على تجاوز الخطر، بل والمشاركة في التغيير والتجديد. وعليه فإن تحسين مخرجات التعليم هو هدف الإصلاحات في النظام التربوي، وتحقيقه يعتمد بشكل كبير على الأستاذ الذي يعد المنفذ الفعلي لجميع خطوات وبرامج الإصلاح، ومن هنا فإن أي جهد يستـهدف الإصلاح التربوي لا بد أن يستند إلى تصورات واضحة لدور الأستاذ ومسؤولياته في التعليـم المستقبلي، وذلك نظرا لحيوية دوره في الارتقاء المستمر بمستوى أداء المتعلمين، والذي يمثل الغاية الأساسية التي يسعى إليها أي نظام تعليمي.

الكلمات المفتاحية: الإصلاح التربوي، المقاربة بالكفاءات، تكوين الأستاذ، مقاومة التغيير، الأداء الوظيفي.

La réforme de l'enseignement est l'une des principales préoccupations des systèmes éducatifs.  Les communautés redressent leurs systèmes éducatifs afin de former un individu pouvant surmonter le danger, et même aussi participer au changement, Le but des réformes éducatives est le développement des esprits et des cerveaux, et en grande partie la réalisation de ces réformes dépend de l’enseignant qui est l’élément le plus important dans les étapes de la réforme de l'éducation. Par conséquent, tout effort de réforme de l'éducation doit être basé sur les responsabilités de l’enseignant dans l'éducation ainsi que sa précieuse contribution dans le perfectionnement continu des apprenants, cela constitue le principal objectif recherché par tout système éducatif.

Mots clés :Réforme de l'éducation, approche par les compétences, la formation de l’enseignant, résistance au changement, la performance fonctionnelle.

The education reform is one of the most important driving forces for development. Human societies revitalize their educational systems through reform in order to build an individual who is able to overcome danger, and even participate in change and innovation. Therefore, improving education outcomes is the goal of the reforms in the educational system, and its implementation largely depends on the teacher who is the actual executor of all reform’s steps and programs, hence any effort aimed at educational reform must be based on  clear perceptions of the role of the teacher and his responsibilities in the future of education, due to his vital role in the continuous upgrading of the performance of learners, which is the principal objective of any education system.

Keywords:Educational reform, competencies approach, teacher formation, resistance to change, job performance.

Quelques mots à propos de :  سعيدة بن عمارة

أستاذة مساعدة بقسم علم النفس و علوم التربية و الارطوفونيا كلية العلوم الانسانية و الاجتماعيةجامعة محمد لمين دباغين سطيف2     

مقدمة

تشكل مسألة الإصلاح التربوي واحدة من القضايا المهمة في مجال الحياة السياسية والاجتماعية، ففي خضم التغيرات الثقافية والإنسانية والتكنولوجية التي أحاطت بالمجتمع الإنساني بدأت الأنظمة التربوية تتصدع وتتداعى أمام هذا المد الحضاري الذي يهدد المعايير والأسس التقليدية التي قامت عليها المؤسسات التربوية التقليدية، لذا تسعى القيادات السياسية التربوية في جميع بلدان العالم إلى بناء منطلق جديد يكفل للتربية أن تتجاوز التحديات التي تحيط بها، ويمنحها القدرة على مواكبة عصف الحضارة التكنولوجيـة المتقدمة، وعلى احتواء التفجر المعرفـي بما ينطوي عليه من خصائـص التسارع والتقادم والتنوع. ويُعد الإصلاح التربوي منطلقا من أجل مواجهة الخطر، وبناء الإنسان القادر على تجاوز محـن الحضارة والمشاركة في بنائها.

إن الأنظمة التربويـة المعاصرة تعاني من أزمة تربويـة، تنبع هذه الأزمة من إشكالية الوظائف والأدوار التي تؤديـها هذه الأنظمة في ظل الغموض الوارد في فلسفة التربية وغايات السياسات التعليمية، وتتمثل هذه الأزمة في إشكالية العلاقة القائمة بين المدرسة والمجتمع، فالمدرسة ليست عالما مستقلا يوجد في فراغ، بل نظام تتحدد وظيفته وصيرورته في جملة من العمليات الاجتماعية المتكاملة في إطار النظام الاجتماعي الشامل. وتتمثل إحدى وجوه الأزمة التربوية المعاصرة في أن التربية تستهدف المستقبل بينما هي مصممة على أساس الماضي، وهنا تبرز مفارقة التضارب بين الماضي الذي تقوم عليه والمستقبل الذي تعد له.1

حيث تدل كل المؤشرات أن التحديات التي يواجهها العالم في هذا القرن هي تحديات العولمة، والتي من خلالها يسعى الغرب للسيطرة على العالم و فرض ثقافته، إذن فهي تخدم مصالح و أفكار الطرف القوي في العالم، و تطمس الأطراف الأخرى. لذا فإن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة الوطنية، والاستقلال الوطني، والإرادة الوطنية، فالعولمة تعني مزيدا من تبعية الأطراف لقوى المركز2. ولا يوجد أفضل من المدرسة لمواجهة هذه الحتمية أو التحديات المفروضة، لأنها الركيزة التي يُعتمد عليها في بناء الأجيال ومنها ينطلق كل تغيير في بناء العقول والذوات، وبها ينتقل المجتمع من منطق التصنيع إلى منطق العلم والمعلوماتية، ومن هنا يصبح إصلاح المنظومة التربوية أكثر من ضرورة.3

لقد أصبح التعليم لصيقا بقضايا التنمية الشاملة، ووسيلة للحراك الاجتماعي والاقتصادي، وعلى هذا الأساس ظهر وعي في دول كثيرة بضرورة مراجعة أنظمة التعليم بها، والبحث عن إجراءات فاعلة للنهوض بهذه الأنظمة، كما ازدادت حركة انفتاح الأنظمة التعليمية على التجارب الدولية الناجحة سعيا إلى الاقتباس منها في بعض جوانب القوة وسمات الفعالية وأسباب الكفاية والكفاءة. وذلك أن تجارب الدول في تطوير التعليم وإصلاح شؤونه ومكوناته هي تجارب إنسانية تتعلق ببناء البشر وإعداد الفرد إلى المستقبل، وتمكينه من التكيف مع هذا المستقبل المجهول وما يطرحه من تحديات، بل والسيطرة على مفاجأته ومخاطره، مما يتطلب الأمر تنمية قدراته وتلبية حاجياته وإشباع ميوله حتى يكون قادرا على تنمية مجتمعه وتحقيق مطالبه وأهدافه.4

وعليه صار من الضروري أن تسعى البلدان إلى رسم السياسات وإقرار الإصلاحات التي بإمكانها مواكبة التطورات الحاصلة على كافـة الأصعدة العالميـة، والارتقاء بالمنظومات التربويـة لتصبح مدخلا للتقدم والنمو، وذلك من خلال رؤية تربويـة شاملة تصل بين جميع مراحل التعليم من الابتدائي إلى الجامعي، وبين كافة عناصر النظام التربوي، فلكل عنصر دور هام وأثر كبير على نجاح الإصلاح التربوي.

1-تعريف الإصلاح التربوي

تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم الإصلاح التربوي، فهناك من يعتبره بأنه تغيير، ومن يراه تجديـد، أو تطوير، دون مراعاة الاختلاف بين كل هذه المفاهيم، ويرجع السبب في ذلك إلى قلة ما كتب ونشر في الدول العربية "خاصة" حول الإصلاح التربوي من جهة وإلى ترجمة هذا المصطلح من لغات أجنبية أخرى كالإنجليزية مثلا، فكلمة changeبالإنجليزية يقابلها مصطلحي التغير والتغيير، وعلى العموم سيتم تناول هذه المصطلحات على سبيل الترادف لأجل الأمانة العلمية في الاقتباس.

فيعرفه راوانتري في معجمه بأنه" تطوير أفكار وطرائق جديدة في التربية ولاسيما فيما يتعلق بالمنهج المدرسي".5

ويعرفه جريفت بأنه يعني تعديـلا في بنية المنظمة سواء في أهدافها أو أغراضها ومراميـها أو في طرقها أو أساليبها، أي مراجعة أهداف المنظمة وتوجهاتها وقواعدها وأصولها أو إدخال طريقة جديدة عليها، كل هذا يندرج تحت التغيير.6

أما بالنسبة لمفهوم التطوير فيعتبره العلماء أنه عملية طويلة المدى، تهدف إلى رفع كفاءة التنظيم عن طريق عدد من المراحل وبالاعتماد على أساليب وطرق متنوعة لإحداث التطوير على مستوى الفرد أو المجموعة أو التنظيم.

كما يعتبر التطوير أيضا عملية ديناميكية تتضمن استخدام أساليب عمل جديدة ومتطورة تعتمد على معارف العلوم السلوكية ونتائج الأبحاث والدراسات لتعبئة الجهود الجماعية والفردية بهدف تحسين قدرات المنظمات على استيعاب المستجدات لحل المشكلات ومواجهة التحديات، وذلك بالمزج بين رغبات الأفراد في النمو والتطور وأهداف وغايات المنظمة لزيادة فعالية التنظيم.

من المفاهيم السابقة نخلص إلى أن الإصلاح التربويهو: أيـة محاولة فكرية أو عملية لإدخال تغييـرات وتطويـرات على النظام التعليـمي في وضعه الراهن سواء كان ذلك متعلقا بالبنيـة المدرسيـة، أو التنظيـم والإدارة، أو البرنامج التعليمي وطرائق التدريس والتقييـم، أو الكتب المدرسية أو اسم المادة وغيرها، لتحقيق مستوى من الكفاءة والفعالية على المدى الطويل بما يضمن استمرار نجاعة النظام التربوي في ظل الظروف المتغيرة.

وتأتي الحاجة إلى الإصلاح من الإخفاق في تحقيق الأهداف التربوية ومواكبة التطورات، وقد يقترح الإصلاح كوسيلة لتحسين الصورة التربوية بوصفه فرصة للنمو، وليس بوصفه عملا علاجيا، ومهما يكن من أمر ذلك فإن التقنيات المتطورة والظروف الاقتصادية المتغيرة توجد في الغالب حاجة تعديلات في المدارس 7رغم أن إصلاح المدرسة يكون أبطأ مما لو كان عليه في أي مجال آخر.

2-العوامل المؤدية إلى الإصلاح التربوي8

هناك العديد من العوامل التي ساهمت في انتشار فكرة الإصلاح التربوي في كل بلدان العالم من أجل مواكبة التطورات واحتواء التغيرات، فكل المؤشرات اليوم تدل على دخول الإنسان حقبة تاريخية جديدة، لا مجال فيها لمنظومة تربوية ثابتة في عالم متغير، ومن أهم هذه العوامل نذكر:

2-1-الانفجار المعرفي وتزايد سرعة تدفق المعلومات: وهو الأمر الذي أدى إلى تغير مضمون المعارف وتقادمها، وهذا ما أدى إلى الاستغناء عن الحاجة إلى تخزين واسترجاع المعلومات عقليا، واستبدالها بتنمية القدرات العقلية للمتعلمين والتي تمكنهم من التجديد والابتكار والاكتشاف والإبداع. وهذا ما يفرض على الأستاذ أن يمارس أدوارا لم يـمارسها من قبل وإلا فإنه يكون غيـر نافع، وسيشعر بالعجز والتخلف أمام هذه التغيرات.

2-2-الثورة التكنولوجية: أدت التطورات في المجالات العلمية والتكنولوجية إلى إحداث تغييرات واسعة النطاق في مجالات العمل، حيث ظهرت تقنيات جديدة حلت محل صناعات برمتها9، وقد نتج عن الاعتماد على العقل البشري والالكترونيات الدقيقة، والكمبيوتر زيادة الحاجة إلى الإنسان القادر على التعلم الدائم حسب ما تقتضيه التطورات والتغييرات المعرفية.

2-3-الانفتاح الثقافي الإعلامي العالمي:وذلك بفضل وسائل الإعلام السريعة والمتطورة كشبكة الانترنيت، حيث صارت كل الدول تعيش عصر العولمة والمعلوماتية وتسعى بكل الطرق إلى نقل ثقافتها إلى كل أنحاء العالم. وهذا ما يسمى بالغزو الثقافي والذي يبدأ أساسا باللغة، ولا يمكن التصدي له إلا عن طريق بناء المناهج الدراسية التي تدعم الاحتفاظ بالهوية الذاتية والانتماء الوطني.

2-4-تطور الفكر التربوي: حيث لم تبق الممارسات التربوية أسيرة التفكير التقليدي وذلك نظرا لتطور العلوم وطرائقها وأدواتها.ويحظى الفكر التربوي باهتمام متميز، كونه المنطلق الأساسي لتكريس قيم الأصالة في المجتمع والمرتكز الأهم في بناء مستقبل يحقق استثمارا أمثل لمعطيات الحاضر، مجسداً من خلال ذلك تطلعات الفرد والمجتمع على حد سواء، في إطار مشروع حضاري متكامل، وإذا كان الهدف الأساسي للفكر التربوي هو ذلك المشروع الحضاري، فإنه يستند بالضرورة إلى عملية التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل من جهة، والتفاعل مع معطيات المجتمعات البشرية على اختلاف نماذجها زمنياً ومكانياً من جهة أخرى.

3-المجالات والعناصر التي يتناولها الإصلاح التربوي الشامل:

يتفق الباحثون التربويون على أن للعمليـة التربويـة مجموعة من العناصر، والتي هي موضوع الإصلاح التربوي وهي:

3-1-إصلاح المنهج الدراسي: يحتل المنهج التربويموقعا استراتيجيا حساسا في العملية التعليمية عندما ينظر للتخطيط التربوي من منظور الجودة والنوعيـة، لأنه الترجمة العمليـة لأهداف التربيـة وخططها واتجاهاتـها في كل مجتمع، فأفضل مدخل وخيـر وسيـلة لإصلاح التعليم وتجديده هو تحسيـن المناهج وتجديدها وتطويرها بمفهومها الشامل. ومن هنا أصبحت دراسة المناهج وتخطيطها وتطويرها عملية جوهرية تتم في ضوء قيم فلسفية واجتماعية وسياسية وحضاريـة مستمدة من المجتمع الذي تخدمه المؤسسة المدرسيـة، ومن تطلعات وحاجات البيئة ومتطلبات تنميتها، ومن علاقة المجتمع بالمجتمعات الأخرى، والعالم الذي أصبح قرية صغيـرة. لذلك فقد أولت الدول المتقدمة والناميـة منها المناهج عنايـة فائقة وخاصة، وتعاملت أغلبها مع المنهج على أنه منظومة جزئية من النظام الأكبر، وهو النظام التربوي الذي يتكون من مكونات رئيسية متفاعلة تفاعلا تبادليا (الأهداف التربوية، المحتوى، استراتيجيات التعلم والتعليم، والنشاط المدرسي، وعملية التقويم والتغذية الرجعية)، وأن هذه المنظومة (المنهج) لها مدخلات وعمليات تحويـل ومخرجات، تـتأثر تأثرا عضويا ومباشرا بـمناخ وثقافة المؤسسة المدرسيـة ( القيم، الاتجاهات، المعنويات، الأولويات، العلاقات الإنسانية وأنماط السلوك، درجة المرونة، درجة المركزية، التواصل، العمليات الإدارية،...)، كما تتأثر بالبيئة المحيطة التي تتضمن كافة العوامل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتشريعية والقانونية والتكنولوجية، وما يحدث فيها من تغيـرات وما يستجد فيـها من متغيـرات، فيشمل المنهج خبرات المتعلم التربوي التي يـمارسها داخل المدرسـة وخارجها.10

يمكن تعريف المنهج الدراسي بأنه مجموعة أنشطة مندمجة يتم تصميمها عن دراية علمية وبمهارة فائقة بغرض بلوغ مرام وأهداف محددة سلفا.11

إن المنهاج هو المرتكز الأساسي في بناء التربية والتعليم ويعتبـر وضع المنهاج من أدق المسائل التربويـة وأعظمها خطرا، بل لعل المشكلة الرئيسيـة في التربيـة ووضع منهاج دراسي معناه تعييـن نوع الثقافة وتحديد مداها لأبناء الأمة.12

حيث تعتبر المناهج الدراسية من أكثر المجالاتالتياستهدفهاالإصلاح التعليمي في مختلف النظم التعليمية، وهي من أكثر المجالات أيضا التي شهدت التجديد والتغيير السريع نسبيا.13

وذلك لأنه يعتمد على إصلاح مضمون المادة الدراسية التي ما زال العلماء يحاولون وضعه بطريقة منسجمة يكون لها مغزى عند المتعلم.

ونجد أن من أهم الإصلاحات التي مست المناهج الدراسية تتمثل في إعداد البرامج الدراسية وفق مقاربة جديدة تدعى المقاربة بالكفاءات وهي متفرعة عن المنهج البنائي وتعتمد على منطق التعلم المتمركز حول التلميذ وردود أفعاله أمام وضعيات إشكالية.

كما أن اختيار المواد الواجب تدريسها في كل طور وكل مستوى دراسي، وتخصيص الحجم الساعي لكل منها والمعاملات التي يمكن أن تقرر لها وكذا تنظيم التمدرس، كل ذلك يتم إنجازه طبقا للترتيبات المنصوص عليها في المخطط المرجعي العام للمناهج.  

  3-2-إصلاح طرق التدريـس وأساليبه: كانت طرق التدريـس أيضا مستهدفة من قبل الإصلاح والتغيير، فكانت قديما تعتمد طرق تقليدية في التدريس تركز على تعلم المادة الدراسية عن طريق التلقين والحفظ والاستظهار، ثم جاءت التربية الحديثة التي تريد أن تهتم بميول المتعلم وإمكانياته لتجد له طرق أخرى تساعده على المشاركة في إيجاد المعلومة، وليس حفظها مباشرة جاهزة.

فبعد أن ارتبطت العملية التعليمية في الأذهان بأن لها الأبعاد التالية: مرسل ومستقبل ومحتوى ووسيـلة، وأصبح الشكل التقليدي السائد هو أن المعلم هو المرسل للمحتوى أو المضمون أو ما يطلق عليه المقـرر، وأن المستقبل هو التلميذ الذي عليه أن يـستمع جيدا للمعلم، هذه العمليـة تبدو صالحـة عند بث قيم واتجاهات لا نقاش فيها، ولكن في العصر الحالي تتسم معظم المعلومات والقيم والمهارات بالتغير المتسارع مما يجعلها تتسم بالثبات النسبي، وبالتالي فإن ما يمكن تلقينه للطلاب في سنوات الدراسة قد يطرأ عليه تغير جذري قبل تخرجهم، ومن ثم يصبح الاتجاه الذي يمكن أن يتفق مع طبيعة هذا العصر الذي يتسم بالانفجار المعرفي، وبالتغير المتسارع في المعلومات والمهارات هو التركيز على طريقة التعلم التي يمكن للمتعلم أن يكتسب بها معلومات ومهارات جديدة.14

وشكلت استراتيجية التدريس محور الاصلاح في المنظومة التربوية الجزائرية، حيث تخلت عما يسمى بالمقاربة بالأهداف بعدما ظهر مصطلح المقاربة بالكفاءات عند الغرب، وهو يشكل تصورا جديدا للعملية التعليمية التعلمية، يهدف إلى تفعيل الفعل التربوي.

والمقاربة بالكفاءات هي طريقة في إعداد الدروس والبرامج التعليمية وتنص على التحليل الدقيق للوضعيات التي يتواجد فيها المتعلمون أو التي سوف يتواجدون فيها، وتحديد الكفاءات المطلوبة لأداء المهام وتحمل المسؤوليات الناتجة عنها وترجمة هذه الكفاءات إلى أهداف وأنشطة تعلمية15

3-3-إصلاح الكتب الدراسية: تمثل الكتب الدراسية أهمية كبرى للعملية التعليمية باعتبارها مصدرا رئيسيا هاما للتعلم، ونظرا لمعدل التغير السريع في المجال المعرفي في العلوم المختلفة فإن على هذه الكتب أن تتطور باستمرار لتعكس الموقف العالمي الراهن للانفجار المعرفي لاسيما في مجال العلوم والتكنولوجيا.16

وقد كان للتغييرات العميقة التي أدخلت على منهجية إعداد البرامج الدراسية امتداد ايجابي على منهجية إعداد الكتب المدرسية حيث عرف الكتاب المدرسي تحولات عميقة من حيث الشكل أو المضمون وكذا من حيث المساعي التعليمية التي يقترحها على المتعلم، بصفته أهم مستعملي هذه الأداة، والذي تطور كثيرا عما كان عليه التلميذ منذ بضع سنين خلت، حيث يعيش تلاميذ هذا العصر في عالم لا ينفك يتطور ويتحول بسرعة كبيرة. لذلك لم يعد ثمة بد من اللجوء إلى تصميم وإعداد وسائل تعليمية متلائمة مع روح العصر، فلا فائدة ترجى من تزويد التلاميذ بكتب مدرسية خطية باللونين الأسود والأبيض، ولا تقدم شيئا غير النصوص المثيرة للسأم والضجر، بل المطلوب اليوم هو توفيـر كتب مدرسيـة ذات ألوان زاهية، ورسوم مشوقة وإخراج بديع وجذاب. وبعبارة أخرى؛ ينبغي أن نقدم للتلاميذ كتبا مدرسية منسجمة مع المحيط الذي يعيشون فيه لكي تؤدي وظائفها البيداغوجية على أكمل وجه.

يتعلق الأمر إذن بكتب مدرسية متكيفة مع روح العصر الذي يعيش فيه التلاميذ، ومتماشية مع مستواهم الدراسي ومستجيبة لأذواقهم واهتماماتهم.17

3-4-إصلاح نظام التقييم:إن التقييم ممارسة مستمرة تسمح بوصف وقياس وتكميم ما هو كائن بالفعل مقارنة بما هو ممكن، أو بالمقارنة مع ما ينبغي أن يكون.18

فالتقييم بصفة عامة يهدف إما إلى تعزيز النشاط البيداغوجي، أو إلى تدارك الخلل فيه لكي يتماشى مع الأهداف المحددة مسبقا، وضمان أكيد لفرص النجاح بالنسبة للتلاميذ، وفعالية أكثر للمدارس ومردود أعلى للمنظومة التربوية.

حيث نجد أن نظام التقييم في الممارسات التقليدية للتعليم كانت تشوبه بعض النقائص والسلبيات التي أدت إلى انعدام أية صلة بين التقييم الذي يمارسه المعلمون في الصف الدراسي وبين الأوجه التي يستخدمون فيها نتائج ذلك التقييم. حيث أنهم نادرا ما يستغلون تلك النتائج لأغراض تعليمية، بل يكتفون في أغلب الأحيان بتسجيلها في كشف العلامات التي توضع في خدمة الإدارة المدرسية وترسل إلى أولياء التلاميذ. أيضا كان للتقييم في صورته السابقة هدر جزء هام من الساعات المخصصة للدراسة في حصص المراقبة أثناء الاختبارات، الفروض...، حين يتم تنظيمها في دورات مغلقة، فقد تبرمج هذه الامتحانات على فترات قد تستغرق أسبوعا كاملا تـتوقف فيـه الدراسة تماما، وهذا ما يسبب عرقلة وتباطؤ في سيرورة إنجاز البرامج طيلة هذه المدة.

أما في إطار تطبيق الإصلاح التربوي فالتقييم كان من بين الأركان الأساسية التي ترتكز عليها مساعي تحسين نوعية التعليم ومردود المنظومة التربوية، وذلك عن طريق تكييف عمليتي التقييم والتعلم مع البرامج الدراسية الجديدة المبنية على أساس المقاربة بالكفاءات، ذلك أن هذه المقاربة تركز على نمو المتعلم وتطوره بصورة متكاملة ومنسجمة.

لذا فإن التقييم بمفهومه الواسع، يقع في قلب مشروع إصلاح المنظومة التربوية وينبغي إدماجه في صميم ديناميكية التغييـر النوعي الشامل، وعلاوة على كون التقييـم وسيلة لمعاينة المكتسبات المدرسية للتلاميذ وحوصلتها فإنه أداة لتنوير مراكز القرار وتزويدها بالمعطيات الصحيحة، كما يندرج أيضا في سياق تدارك الخلل وإعادة ضبط وتنظيم المنظومة ككل.19

3-5-إصلاح وضعية الأستاذ:يعد الأستاذ هو العمود الفقري في العمليـة التربويـة والـمنفذ الفعلي والمباشر لسيرورة الإصلاح التربوي، ويعد الرفع من أدائه وتحسين مردوده في ظل الظروف المتغيرة رهين عوامل عديدة، يجب دراستها ومعالجتها من خلال:     

3-5-1- تدريب وتكوين الأستاذ

يعرف مورينو مناجر Morineau Menager،N,1985التكوين: " هو السعي إلى البناء وإلى تحليل المواقف البيداغوجية مع إمكان استثمارها من جديد في التكوين وفي السلوك وفي تحليل المواقف البيداغوجية المختلفة قدر الإمكان".20

أماج. بوترفBoterf. G, et al 1992فيرى بأنه" عبارة عن عملية تعديل إيجابي ذي اتجاهات خاصة تتناول سلوك الفرد من الناحية المهنية أو الوظيفية، وهدفه اكتساب المعارف والخبرات التي يحتاج إليها الفرد، من أجل رفع مستوى كفايته في الأداء بحيث تتحقق فيه الشروط المطلوبة لإتقان العمل، أي أن التكوين وسيلة لإعداد الكفاءات تتزاوج فيها المعارف والسلوكات، بحيث تكون هذه الكفاءات مؤهلة للعمل الناجح والقابلة للتوظيف الفوري في الإطار المهني".21   

و عليه فإنتكوين وتدريب الأستاذ هو عملية متواصلة ومستمرة باستمرار التغيير، تهدف إلى تطوير قدرات الأستاذ وكفاءاته التعليمية وغير التعليمية، وإكسابه المعرفة الصحيحة والمهارة العالية في التحكم في عملية التدريس، والقدرة على الإلمام بأصولها وأوضاعها وأساليبها، حتى يتمكن المدرس من التعامل الفعال الناجح في العملية التعليمية ويحقق أهدافها المنشودة، ويكون على استعداد لمواكبة التغييرات المستقبلية ومسايرتها، وهو غالبا ما يطلق عليه اسم التكوين أو التدريب أو النمو المهني، ولقد تم استخدام مصطلح التكوين والتدريب على سبيل الترادف للضرورة والأمانة العلمية.

وهناك ضرورة في أن تتميـز تنمية الأساتذة مهنيـا بالشمول والتكامل والتجديد، وأن تتسم بالعمق والتركيز، وأن تتجه بأهدافها ووسائلها وطرقها إلى تربية الفرد تربية متكاملة تدفع به إلى تمثل المعارف العلمية والتكنولوجية والإفادة منها في التجديد والتطور.22

فعملية التدريب أو التكوين أو التطوير لا تخرج عن كونها موقف جمعي يتسم بالتغيير والتعديل في نمط التفكير والاتجاه والسلوك بما يحقق الفعالية الإيجابية في الأداء.23

وبناءا على ما سبق فإن التدريب المهني يهدف إلى ما يلي:

-وقوف الأساتذة على الحديث من طرق التدريس والوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم، وكيفية تطبيق تلك الطرق وهذه الوسائل بالفعل في مدارسنا.

-وقوف الأساتذة أيضا على الجديد من وسائل التقويم، والأساليب الحديثة في الاختبارات والامتحانات الشفهية منها والتحريرية وكيفية استخدام بطاقات الملاحظة والاستبيانات.

-تنمية الأساتذة في كافة الجوانب، أكاديميا ومهنيا وشخصيا وثقافيا.

- وأيضا تنمية الجوانب الإبداعية للأساتذة وتحفيزهم على أن يشمل تدريسهم لبعض تلك الجوانب الإبداعية.

ربط الأستاذ ببيئته ومجتمعه المحلي، وأيضا مجتمعه العالمي، وتدريبه على مهارات التخطيط لتوثيق الصلة بين التلاميذ وبين بيئتهم المحلية، ومهارات تنفيذ وتقويم هذا التخطيط.24

-تنمية كفاءات القائمين على العملية التعليمية كتطبيق لمبدأ استمرارية المرور في الخبرات، والأخذ بمبدأ التربية المستمرة والتعلم مدى الحياة.

- تغيير اتجاهات الأساتذة وسلوكهم إلى الأفضل، وتعريفهم بدورهم ومسؤولياتهم في العملية التربوية.

-زيادة الكفاية الإنتاجية للأستاذ، ومساعدته على أداء عمله بطريقة أفضل، وبجهد أقل، في وقت أقصر.

-اكتشاف كفاءات من الأساتذة يمكن الاستفادة منها في مجالات أخرى، ورفع الروح المعنوية للأستاذ عند مشاركته برأيه في الدورة وعند إتقانه لعمله.

-علاج جوانب القصور بالنسبة للذين لم يتلقوا إعدادا جيدا قبل الانخراط في المهنة، وتكوينهم على البحث العلمي والنمو الذاتي.

- مساعدة الأساتذة حديثي التخرج على الإطلاع على النظم والقوانين التي تمكنهم من مواجهة المواقف الجديدة في ميدان العمل.

3-5-2- تحفيز الأستاذ:إن تحفيز الأستاذ عملية أساسية وضرورية، لكنها ليست سهلة نظرا للاختلافات الفردية بين الأساتذة، وتكمن أهميتها في أنها تساعد على تحقيق التفاعل بين الأستاذ والإدارة التربوية.

ويعتبر نظام الحوافز من الوسائل التي تستخدمها الإدارة لحث العاملين على بذل المزيد من الجهود لبلوغ الأهداف المحددة، وبالتالي يعتبر الهدف الرئيسي لنظام الحوافز هو تحقيق العاملين لمستويات عالية من الأداء، ومن هنا نستطيع القول أن الحوافز بمثابة المقابل للأداء المتميز.25

تعرف الحوافز بأنها مجموعة الوسائل أو العوامل الموجودة في بيئة العمل، والتي يكون من شأنها حث الموظفين على أداء واجباتهم بجد وإخلاص، وتشجيعهم على بذل أكبر جهد وعناية في أداء هذه الواجبات، ومكافأتهم على ما يبذلونه فعلا من جهد زائد عن المعدل.

وتعرف أيضا بأنها " مجموع القيم الماديـة أو المعنويـة التي تقدم إلى العامليـن في مقابل تحسيـن أدائهم وسلوكهم في العمل، أو زيادة إنتاجهم فوق المعدلات الاعتيادية (القياسية أو المخططة) سواء كان ذلك الإنتاج قابلا للقياس الكمي أو النوعي."26

وعليـه فالحوافز نوعان: حافز مادي وحافز معنوي، الحافز المادي هو الحافز ذو الطابع المالي أو النقدي أو الاقتصادي، وهو يتمثل فيما يحصل عليه العاملون من مزايا أو حقوق كالرواتب والأجور والعلاوات والتعويضات والمكافآت والمعاشات التقليدية. أما الحافز المعنوي فيتمثل في "الدافع الواجب إشباعه في شكل غيـر نقدي، مثل الشعور بالاعتزاز بالعمل، والرضا نتيـجة القيام بالعمل على الوجه المطلـوب، وتقديـر الآخرين، وحسن المعاملـة وإزالة أسباب التذمر والشكوى، وتقديـم الخدمات النظاميـة والترفيهية وكل ما من شأنه تقوية الروح المعنوية لدى العاملين.

وقد أظهرت الدراسات أنه لا يمكن حث الفرد على العمل بكفاءة وفعالية ما لم يكن هناك حافز يحفزه على ذلك. حيث أنه من الأهمية أن يكون الفرد قادرا على العمل، ولكن الأهم أن يكون متحمسا لأداء العمل وراغبا فيه.

3-5-3- مراعاة استجابة الأستاذ للإصلاح والتغيير التربوي:تـختلف اسـتجابات الأساتذة للتغيـير والإصلاح التربوي باختلاف الفروق الموجودة بينهم لذا يجب مراعاتها ودراستها والتعامل معها بجدية. وتعد الاستجابة الرافضة أو المقاومة للتغيير شائعة في أوساط الأساتذة لأنهم يرون في هذا التغيير تهديدا لفاعلية أدائهم في الممارسات التقليدية "وقد تحدث المقاومة للتغيير حتى ولو كان الواقع التربوي يتطلب، وعندما تكون الحيلولة دون استمرار النماذج القديمة المستقرة أمرا صعبا، فإن استخدام الأفكار القديمة بطرق جديدة تكون النتيجة المنطقية لمزاوجة وجهات النظر المختلفة فيما يتعلق بالتجديد أو التغيير أي على طريقة التوليف أو الحل الوسط.27وعليه فإن الاهتمام بهذا الاتجاه للأساتذة أو منفذي التغيير ومحاولة التخفيف من المقاومة لديهم من شأنه أن ينجح الإصلاح أو التغيير في المنظومة التعليمية.

والشكل التالي يوضح استجابات الأستاذ المختلفة للتغيير والإصلاح التربوي.

01.jpg

 

المصدر: ابراهيم شوقي عبد الحميد، 1998، ص 87.

يوضح الشكل السابق أن كل تغير يحمل قوى دافعة لتحقيقه ويواجه بقوى مضادة، تعمل على مواجهة التغيير كنوع من التهديد، بهدف الحفاظ على حالة من الاستقرار، وبمجرد أن يعلن عن التغيير يبدأ الشخص في استكشاف خصائصه من أجل تقييمه بشكل أولي.28

فإذا كان هذا التقييم موضوعي، وكوٌن الأفراد اتجاها ايجابيا نحو التغيير، فإنهم يستقبلونه ويتحمسون له، أما إذا كونوا اتجاهات سلبية نحوه فإنهم سيـرفضونه ويقاومونه، كما يتأثر هذا التقييم بخبـرات الأفراد ومعلوماتهم السابقة،

3-5-3-1- الأشكال الممكنة لاستجابة الأستاذ للتغيير: وهي

-             الرفض: إذا أدرك الأستاذ التغيير على أنه هدام، قد يحدث الرفض بشكل صريح وإذا لم تهتم الإدارة بمعالجة الموقف يزداد احتمال حدوث الإضراب أو التخريب أو الانسحاب من الموقف والشعور بالاغتراب ويتبعه تزايد الغياب وانخفاض الإنتاجية.

-             المقاومة: إذا كانت التغيرات مهددة أو مثيـرة للقلق يـقوم الفرد بمقاومتها بشكل صريح أو ضمنـي، ويمكن توقع حدوث مشكلات كالتمارض والتباطؤ في الإنتاجية إلى آخره.

-             التحمل: يحدث التحمل إذا تم تقويم التغيير على أنه محايد في التأثير أو عدم التأثير، أو في حالة توازن آثاره الايجابية مع الآثار السلبية، بحيث لا يجد الفرد مبررا كافيا لمقاومته ولا لتقبله، ويتسم سلوك الأستاذ في هذا الموقف بالسلبية وعدم بذل الجهد لإنجاح التغيير، ولذا يستحسن أن تقوم الإدارة في هذا الموقف بالبحث عن مزيد من القوى الدافعة للتغيير كتقديم حافز إضافي أو إزالة قوى مضادة كتحسين الإشراف.

-             التقبل: يفضي التقييم الايجابي للتغيير الذي يقدم بشكل مناسب إلى إثارة استجابة التقبل والسعي نحو التغيير، ربما على سبيـل التجربة، وإذا أبدت نتائج التجربة هذا التقييـم (الإيجابي) يزداد الميل إلى استخدام التغيير وتعميمه.

-             التحمس أو التبني: إذا أُدرك التغيير على أنه مجدي ومرضي نتوقع تحمس الفرد للتغيير، الذي يتمثل في المساهمة الايجابيـة لإنجاحه، وحث الآخريـن على تقبلـه، ويمثل الأفراد المتحمسون للتغيير أنصارا له، ويوصي الخبراء بضرورة استعانة الإدارة بأنصار التغيير.

3-5-3-2-الأسباب أو العوامل التي تدعو الأفراد لمقاومة التغيير

يميز دافيز ونيوستروم  Davisو Newstromبين ثلاثة أنواع من المقاومة تتفاعل مع بعضها البعض وينشأ عنها

 

أ_ عوامل منطقية Logical: تعتمد على التحليل العقلاني والعلم والمعرفة.

ب_ عوامل نفسية Psychological: تعتمد على العواطف والمشاعر والاتجاهات.

ج_ عوامل اجتماعية Sociological: تعتمد على مصالح وقيم الجماعة.

والجدول التالي يبين ذلك:

 

العواملالمنطقية

1-الوقتالمطلوبللتكيف.

2-الوقتالإضافيلإعادةالتعلم.

3-احتمالاتنشوءظروفغيرمرغوبة.

4-تكاليفالتغيير.

5-التساؤلحولالجدوىالفنيةللتغيير.

العواملالنفسية

1-الخوفمنالمجهول.

2-عدمالتسامحمعالتغيير.

3-عدمالميلنحوالإدارةأووسيطالتغيير.

4-الحاجةللأمن، والرغبةفيالمحافظةعلىالوضعالراهن.

العواملالاجتماعية:

1-التحالفاتالسياسية.

2-القيمالمضادةللجماعة.

3-نظرةضيقةتهتمفقطبمصلحةالجماعة.

4-الحفاظعلىمصالحمكتسبة.

5-الرغبةفيالمحافظةعلىالعلاقاتالراهنة.

 

المصدر: حسين حريم، 2004، ص 387.


كما يبرز كينيشي كريتنر Kinicki،Kreitnerعلاقة نوع التغيير المطلوب بشدة وقوة مقاومة التغيير. ففي حالات التكيف (مثل إدخال أسلوب عمل مألوف) تكون مقاومة التغيير منخفضة، وتزداد شدة مقاومة التغيير في حالات التغيير الإبداعي (إدخال أسلوب جديد بالنسبة للمنظمة)، وتبلغ المقاومة ذروتها وأشدها في حالة التغيير الإبداعي الجذري (إدخال أسلوب جديد بالنسبة لنشاط/ مجال عمل المنظمة).29

3-5-3-3- أساليب العلاج لمقاومة ورفض التغيير التربوي: يتطلب علاج مقاومة التغيير، شأنه في ذلك مثل علاج أي مشكلة أن يكون العلاج فوريا ثم جذريا، ولذا من الضروري سرعة علاج الموقف ولو بحلول مؤقتة، لحين التمكن من اتخاذ العلاج الجذري، والذي يتطلب القيام بالبحوث اللازمة لتشخيـص نوع المقاومة وشدتـها وخصائص الجمهور المقاوم ودوافعه واتجاهاته نحو التطويـر والتغييـر باختلاف صوره، ومتطلباته، ثم اتخاذ إجراءات هذا العلاج، ممثلة في كافة الإجراءات والأساليب اللازمة لتعديل اتجاهات حالات المقاومة نحو التغييـر، ومساعدتهم على اتخاذ قرار بالتقبل، يعتمد على الفهم والاقتناع بضرورة التغييـر وحاجتهم له30. ولكي يتم علاج مقاومة التغيير يجب أولا التسليم بأن المقاومة بمثابة عرَض مهم، يجب البحث في أسبابها وطبيعتها، وبعد التشخيص الجيد للمقاومة يمكن اتخاذ الإجراءات المناسبة لتعديل الاتجاهات السلبية نحو التغيير، ومن بين هذه الإجراءات:

-             التفريغ الانفعالي: إذا كانت مقاومة التغييـر انفعالية الطابع والمنشأ بدرجة كبيـرة، فمن الضروري والمجدي حقا العمل على تخفيف حدة الانفعالات المصاحبة للمقاومة كالخوف والقلق، وتنمية قدرة العاملين على الضبط الانفعالي بطريقة تمكنهم من فهم اتجاهاتهم، ويصبحون أكثر تقبلا لمناقشة أهمية التغيير وتأثيره وأقل تعصبا نحو التغيير أو مصدر التغييـر، وذلك بـ: التواصل والتفاعل بين القائم بالتغييـر وحالات المقاومة، امتناع توقيع العقوبة على العامل الذي يفشل في الفترة التجريبية للتغيير...الخ.

-             تغيير الاتجاهات العصبية: إذا كانت مقاومة التغيير تعزى إلى التعصب ضد الإدارة أو مصدر التغيير لأسباب متعلقة بالجنس أو الدين...، وليس إلى التغيير في حد ذاته، فإنه يجب العمل على تغيير هذا الموقف بعدة طرق منها إصدار قوانين تمنع تعصب كما تمنع التمييز، النصح والإرشاد، البرامج التربوية، الدعاية، العلاج النفسي...الخ.

-             مقاومة الإشاعات: أما إذا كانت مقاومة التغيير ناتجة عن إشاعة يتناقلها العاملون وبالتالي فان العلاج لمقاومة التغيير هو مقاومة الإشاعة نفسها من خلال معرفة العوامل المؤدية إلى ظهورها، ومحاربتها من خلال اتخاذ سياسة إداريـة واضحة ومعلنة، تقويـة قنوات الاتصال، تعديل اتجاهات العاملين السلبيـة وتدريبهم على هذا التغيير...الخ.

-             إعداد العاملين وتدريبهم للتوافق مع التغيير: يؤدي التدريب دورا هاما في الوقاية من مقاومة التغيير مثلما يسهم في علاجها، ومن هنا نشأت الحاجة إلى التدريب المستمر31، ويبدأ العلاج بالتكوين بعد تهيئة الأفراد نفسيا وخفض مظاهر الخوف والقلق لديهم، وكذلك القضاء على الإشاعات والاتجاهات العصبية، ثم يتم إعداد برامج تكوينية وتعليمية وتنموية خاصة لمساعدة الأساتذة على إتباع قواعد العمل بالنظام الجديد أي التوافق الفعال مع التغيير التربوي.

إن إصلاح وضعية الأستاذ من خلال تدريبه وتكوينه، وأيضا تحفيزه على القيام بعمله على الوجه المطلوب، ومراعاة استجابته للتغيير والإصلاح تمكنه من أداء عمله بكفاءة وفعالية، فالتحولات العميقة التي يشهدها قطاع التربية ومتطلباته الجديدة هي بصدد تغيير دور الأستاذ، ومواصفات مهنة التعليم في ظل عولمة النشاط الإنساني، حيث لم يعد الأستاذ المالك الوحيد للمعرفة، ولم تعد طريقة التلقين والحفظ هي الطريـقة الناجعة في التدريس، إذ أصبح على الأستاذ أن يقوم بالتدريـس بطرق مختلفة أكثر فعاليـة وإبداع لمساعدة التلميذ على تجاوز الحفظ والاستظهار، إلى تطوير قدراتهم في تمثيل القدرات العقلية العليا في التحليل والتركيب والمناقشة والاستنتاج والاستدلال. ولقد بات من الأمور المتفق عليها بين جميع المهتمين بالشأن التربوي على اختلاف توجهاتهم الفكرية أن ثمة ارتباط قوي بين نوعية الأداء في أي نظام تعليمي ونوعية أداء المعلمين العاملين فيه حيث يمكننا التسليم بالقول أنه لا يمكن لأي نظام تعليمي أن يرتقي أعلى من مستوى معلميه" 32

        وأداء الأستاذ هو عبارة عن المسؤوليات والواجبات والأنشطة والمهام التي يتكون منها عمله، والتي يجب عليه القيام بها على الوجه المطلوب، ويرتبط بالمخرجات التي يسعى قطاع التعليم إلى تحسينها، إذن الأداء الوظيفي للأستاذ هو محصلة شبكة معقدة من المتغيرات أَمْكَنَ معرفة بعضها( كقدرات واستعدادات الفرد، وميوله، ورضاه الوظيفي، والمناخ التنظيمي العام للمؤسسة التي يعمل بها، وأسلوب القيادة المتبع، ومستوى قدرات وتجاوب أفراد فريق العمل معه، وأيضا مدى مناسبة اللوائح والقوانين التنظيمية، وهو أمر له أهميته في الواقع التنظيمي لهذه المؤسسات من حيث أن جملة الفعاليات والأنشطة التنظيمية هدفها النهائي هو الارتقاء بأداء المؤسسة، وما أداء الفرد إلا أحد أهم العناصر التي تسهم في رفع كفاءة المؤسسة.ويعتمد تحسين الأداء في العمل على اتخاذ قرارات جيدة أولا، ثم وجود الخبرات الفنية والوظيفية في مجال الإدارة لتوجيه الأفراد الذين يُطلب منهم تطبيق هذه القرارات.

4-تعريف الأداء:إن للأداء أهمية كبرى فهو يعتبر الوسيلة الهادفة للوصول إلى هدف معين ومحدد، وذلك لكونه عبارة عن نشاط يعكس كلا من الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيقها، ويرتبط بالمخرجات التي تسعى المؤسسات إلى تحقيقها.

والأداء في اللغة: أدّى تأدية، أوصله وقضاه، وهو آدٌي للأمانة من غيره، وتأديةُ له من حقّه أي قضيته.33

أمّا اصطلاحا فقد تعددت تعاريف الباحثين للأداء الوظيفي نذكر منها:

يُعرّف أندرو دي سيزلاقي ومارك جي والاس الأداء بصفة عامة بأنّه: " المقياس الرئيس أو الذي يتم التنبُّؤ به في إطار استخدامه، ويُستخدم كوسيلة للحكم على فعالية الأفراد34.

ويربط علي عبيد محمد آل نمشة الأداء بتحقيق الأهداف فيعرفه بأنّه "قدرة الفرد على تحقيق أهداف الوظيفة التي يشغلها" 35.

ويشير بويلوس Bouelos{في كتابه الطرق المجربة في تنظيم الاتصالات} للأداء بأنه ينطوي على واجبات ومسؤوليات يجب تحقيقها، وهو انعكاس لمدى نجاح الفرد أو فشله في تحقيق الأهداف المتعلقة بعمله أيا كانت طبيعة العمل، وهذه الأهداف هي:

- مجموعة الأهداف الروتينية: وهي مجموعة الأهداف المرتبطة بالأعمال التي تحتاج إلى حد أدنى من المهارات.

- مجموعة الأهداف المتعلقة بحل المشكلات: وهي مجموعة الأهداف التي تتطلب قدرات ومهارات عالية لحل المشكلات المتنبئ بها مستقبلا.

- مجموعة الأهداف الخلاقة.

وهذه المجموعات الثلاث من الأهداف موجودة في جميع الاعمال على اختلاف أهميتها من عمل لآخر36، وينظر للتعريف السابق للأداء بالشمول وسهولة التطبيق على معظم الوظائف.

وعليه يُمكن تعريف الأداء بأنّه سلوك وظيفي هادف يقوم به الفرد لإنجاز العمل المكلّف به، أو بمعنى أدق مستوى قيامه بالعمل.

وتشير المفاهيم السابقة إلى أن الأداء هو مستوى قيام الفرد بالعمل وبناء على هذا المستوى يتحدّد أداء الفرد إذا كان جيدا أو متوسّطا أو متدنيا، وهذا يتوقف عادة على عدّة عوامل خارجية وتتضمن مؤثرات البيئة الخارجية كمناخ العمل والعلاقة بالزملاء والرؤساء والتجهيزات المكتبية ومدى ملائمة مكان العمل وضغوط العمل، وعوامل داخلية تتضمّن قدرات ومهارات الفرد واستعداده واتجاهاته نحو العمل ورضاه الوظيفي.

ومن ثمّ فإنّ الأداء عبارة عن:

-             جهد يهدف إلى تحويل المدخلات إلى مخرجات.

-             جهد يسعى إلى تحقيق أهداف الوظيفة.

-             محصّلة تفاعل بين ثلاث محددات رئيسية هي: الدافعية الفردية، ومناخ أو بيئة العمل، والقدرة على إنجاز العمل.

-             سلوك وظيفي هادف يظهر نتيجة تفاعل وتوافق بين القوى الدّاخلية للفرد، والقوى الخارجية المحيطة به

-             سلوك يهدف إلى تحقيق نتيجة

-             استجابة تتكوّن من أفعال وردود أفعال.

إنّ الأداء ليس هدفا في حد ذاته، وإنّما هو وسيلة لتحقيق غاية هي النتائج أو المخرجات، ولهذا يُنظَرُ إلى الأداء على أنّه الترجمة العملية لكافة مراحل التخطيط.

ويتأثر الأداء بشكل كبير باتجاهات الأفراد نحو أعمالهم، فالفرد الذي يحب عمله ولديه اتجاه إيجابي نحوه يتحسن مستوى أدائه، وتزداد خبرته وإقباله على العمل في حين أن الفرد الذي لديه اتجاه سلبي نحو عمله ويرغب في الانتقال ينخفض مستوى أدائه، ولا يقبل على العمل. وتعد تجارب "هوثورن" أولى الدراسات التي أكدت أهمية اتجاهات العاملين وتأثيرها على سلوكهم ومن ثم على أدائهم.

ويشير توماس جيلبرت إلى مصطلح الأداء ويقول بأنه لا يجوز الخلط بين السلوك والإنجاز والأداء ذلك أن:

السلوك: هو ما يقوم به الأفراد من أعمال في المنظمة التي يعملون بها.

أمّا الإنجاز: فهو ما يبقى من أثـر أو نتائـج بعد أن يـتوقف الأفراد عن العمل.

أما الأداء: فهو التفاعل بين السلوك والإنجاز، أي أنه مجموع الأعمال والنتائج 37.

وعلى الرغم من اختلاف الباحثين في تعريف الأداء إلا أن هناك عناصر مشتركة تجمع التعاريف السابقة للأداء في ثلاثة نقاط هي:

* الموظف: وما يمتلكه من معرفة ومهارات وقيم واتجاهات ودوافع.

* الوظيفة: وما تتصف به من متطلبات وتحديات، وما تقدمه من فرص عمل.

* الموقف: وهو ما تتصف به البيئة التنظيمية، والتي تتضمن مناخ العمل والإشراف والأنظمة الإداريـة والهيكل التنظيمي.

5-أبعاد الأداء: يتميز الأداء بثلاثة أبعاد أساسية حتى يكتمل ويمكن ملاحظته، وقياسه، والحكم عليه وهي: كمية الجهد المبذول، ونوعية هذا الجهد، ونمط أو أسلوب الأداء.

* كمية الجهد المبذول: تعبر عن مقدار الطاقة الجسدية أو العقلية التي يبذلها الفرد العامل في العمل في فترة زمنية محددة، والمقاييس التي تقيس سرعة الأداء أو كميته في فترة زمنية محددة تحاول تحديد البعد الكمي للطاقة المبذولة لإنجاز عمل ما في فترة معينة.

* نوعية الجهد المبذول: تعبر عن مستوى الدقة والجودة ودرجة مطابقة هذا الجهد المبذول لمواصفات نوعية محددة مسبقا محليا أو عالميا، فهناك بعض الأعمال التي لا يهم كثيرا فيها سرعة الأداء أو كميته، بقدر ما تهم نوعية وجودة الجهد المبذول فيه، أي البحث عن تحقيق النوعية في المقام الأول، وعلى رأسها خلو الأداء من الأخطاء مما يعني تحقيق درجة عالية من الإبداع والابتكار في السلوك الأدائي38.

* نمط أو أسلوب الأداء: ويقصد به الطريقة التي يبذل بها الجهد في العمل، أي الأسلوب المنتهج في إنجاز العمل، فهو يتضمن مثلا قياس ترتيب حركات العامل، أو كيفية المحاورة والإقناع التي يتمتع بها بين غيره من الموظفين39.

إن هذه الأبعاد (كمية الجهد المبذول، نوعية الجهد المبذول، نمط أو أسلوب الأداء) والتي تمثل سلوك أداء الفرد داخل المنظمة هي من أهم المحاور التي تنشق منها معايير ومقاييس فعالية أداء أي عمل من الأعمال.

وغالبا ما يرتبط مصطلحي الكفاءة والفعالية بمصطلح الأداء.

فتعرف كفاءة الأداء بأنها " الحصول على حقائق وبيـانات محددة عن أداء العامل لعمله بـحيث تساعد على تحليل وفهم وتقدير مستوى الأداء المنفذ، أي تقديــر كفاءة الفرد الفنيــة، والعملية في تنفيذ الواجبات والمهام التي يــــــــتضمنها عمــــــــله"40.وتعد الكفاءة في الأداء مطلب تسعى إليه المنظمات العامة والخاصة على حدّ السواء.

أمّا فعالية الأداء: فهي كما تعرفه القواميس الاجتماعية بأنها عبارة عن استخدام أكثر الوسائل قدرة على تحقيق هدف معين، وتتحدد الفعالية عن طريق العلاقة بين الوسائل المتعددة المتاحة والأهداف وِفقًا لترتيب أولويتها، كما تشير الفعالية إلى الدرجة التي تتحقق بها الأهداف سلفا41.

وعليه فإن فعاليـة الأداء ما هي إلا عمليـة تحويـل مجموعـة من الإمكانـيات (كالمـال، والوقت، والوسائل، والبرامج...) إلى نتائج جديدة ومقنعة بأهميتها.

6-محدّدات الأداء:يتطلّب تحديد مستوى الأداء الفردي المرغوب فيه؛ معرفة العوامل الكثيرة والمتعددة التي تُؤثّر وتحدّد هذا المستوى وماهية التفاعل بينها، حيثُ أنّ علاقة هذه العوامل بعضها ببعض وعلاقة كل منها بالأداء تُشكّل نقطة أساسية في تحديد مستوى الأداء المرغوب، رغم أنّ ظاهرة الأداء تزداد تعقيدا نظراً لتضارب النتائج التي توصل إليها الباحثون في هذا المجال.

ويُعتبر الأداء حسب سليمان نتيجة التفاعل بين ثلاث محدّدات رئيسية هي: الدافعية الفردية، مناخ العمل، القدرة على أداء العمل.

-   الدافعية الفردية: تُعبّر عن مدى الرغبة الموجودة لدى الفرد للعمل والتي يُمكن أن تظهر من خلال حماسه وإقباله على العمل الذي يتوافق مع ميوله واتجاهاته.

-   مناخ العمل: يُعبّر عن الإشباع الذي تُوفّره بيئة العمل الدّاخلية حيثُ يُحس الفرد بالرضا عن عمله بعد أن يكون قد حقّق رغباته وأهدافه وأشبع حاجاته جميعها.

-   قدرة الفرد على أداء العمل: ويحصل عليها الفرد بالتعليم والتدريب واكتساب الخبرات والمهارات والمعارف المتخصصة المرتبطة بالعمل.

وقدّم الباحثان بورتر ولولر Porter & Lowlerنموذجاً نظريا يقوم على مجموعة من الفروض حول محدّدات الأداء الوظيفي. ويتحدّد هذا النموذج بثلاثة عوامل رئيسية هي: الجهد المبذول، والقدرات والخصائص الفردية، وإدراك الفرد لدوره الوظيفي.

 فالجهد المبذول يعكس درجة حماس الفرد لأداء العمل، فكلّما يكثف الفرد جهده فإنّ هذا يعكس درجة دافعيته لأداء العمل. أمّا العنصر الثاني فهو قدرات الفرد وخبراته السّابقة والتي تُحدّد درجة فعالية الجهد المبذول. أمّا العنصر الثالث والأخير فهو إدراك الفرد لدوره الوظيفي أي تصوّراته وانطباعاته عن السلوك والنشاطات التي يتكوّن منها عمله والكيفية التي ينبغي أن يمارس بها عملَه في المنظمة42.

هناك علاقة بين العوامل الثلاثة فإذا كانت هذه العوامل إيجابية فإنّها تُؤثّر بشكل كبير وتكون حافزاً لدفع الفرد للأداء بمستوى عالي وتكون النتيجة أداء مرتفع، أما إذا كان هناك عامل سلبي والعاملان الآخران إيجابيان فإنّ الأداء يكون أعلى من المتوسط، وإذا كان عامل إيجابي والعاملان الآخران سلبيان فإنّ النتيجة هي مستوى أداء أقل من المتوسّط.

    إن عمليةتقويم أداء الأستاذ تساعد المؤسسات التعليمية في تحقيق مجموعة من الأهداف من بينها قياس مدى تقدمه أو تأخره في عمله وفق معايير موضوعية، والحكم على المواءمة بين متطلبات مهنة التدريس في ظل الاصلاحات الحاصلة ومؤهلات الاستاذ وخصائصه النفسية والمعرفية والاجتماعية، بالإضافة إلى الكشف عن جوانب القوة والضعف في أداء الأستاذ مما يمكٌن المؤسسة التعليمية من اتخاذ الاجراءات التي تكفل تطوير مستوى أدائه وتعزيزه باستمرار.    

خاتمة

يأتي الإصلاح التربوي استجابة للدعوات المتصاعدة نتيجة الواقع المتردي الذي تعيشه الأنظمة التربوية سواء في مدخلاتها أو عملياتها أو مخرجاتها، وعليه فإن غاية الإصلاح التربوي هي تحسين نوعية مخرجات التعليم، وبما أن مخرجات التعليم تعتمد على نوعية الأداء المقدم من طرف الأساتذة، فإن للإصلاح التربوي انعكاسات وتأثيرات واضحة على الأداء الوظيـفي للأستاذ لأنه يبقى معرض للتغييـر باستمرار، سواء فيما يتعلق بمعرفة العمل أو كميته أو جودته وحتى فيما يتعلق بالعلاقات مع الزملاء والتلاميذ.

والأستاذ يحتاج إلى تطوير كفاياته العلمية والتربوية ومواكبة كل التطورات، لأنه هو أداة التغيير ووسيلة التطوير ومفتاح التجديد.

 

الهوامش

1.علي واطفة، الإصلاح التربوي – خطة تطوير التعليم في الوطن العربي – المنظمة العربية للثقافة والعلوم، وثيقة مفدمة للقمة العربية،  مؤتمر الخرطوم. 2006 

2.عبد الهادي الرفاعي ووليد عامر و سنان ديب، العولمة وبعض الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عنها، مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية_ سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية_ سوريا، المجلد 27، العدد1، 2005، ص 202.

3. نادية بعيبع، الإصلاح التربوي في الجزائر اختيار أم حتمية؟ أنظر الموقع الالكتروني: http://schema.org/WebPage 14/05/2010

4. المصدر نفسه.

5.محمد منير مرسي، الإصلاح والتجديـد التربوي في العصر الحديـث، دط، عالم الكتب، 1999،القاهرة،  ص 7.

6.المرجع نفسه، ص 7.

7.فيفر ودنلاب وإيزابيل وجين، الإشراف التربوي على المعلمين، ترجمة محمد عيد ديراني، مراجعة عمر الشيخ، دط، عمان: توزيع روائع  مجدلاوي، 1997 ص 47.

8. ابراهيم عبد الله ناصر و عاطف عمر بن طريف و محمد سليم الزبون،مدخل إلى التربية، ط2  الاردن: دار الفكر للنشر و التوزيع،  2012، ص 359.

9.أحمد حسن اللقاني وفارعة حسن محمد، مناهج التعليم بين الواقع والمستقبل، ط1، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، 2002، الإسكندرية، ص 39.

10.  إبراهيم يوسف العبد الله، الإصلاحات التربوية لمواجهة متطلبات العصر وتحديات المستقبل، ط1، بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع  والنشر، 2004، ص ص 25-26.

11.  أبو بكر بن بوزيد، إصلاح التربية في الجزائر -رهانات وإنجازات -، الجزائر، دار القصبة للنشر، 2009، ص 45.

12.  المعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية وتحسين مستواهم، النظام التربوي والمناهج التعليمية، الجزائر. ص 134.

13.  محمد منير مرسي، مرجع سابق، ص 77.

14.  طلعت عبد الحميد، التربية في عالم متغير – دراسات في أصول التربية-ط1، مصر: دار فرحة للنشر والتوزيع، 2006، ص81.

15.  محمد الصالح حثروبي، المدخل إلى تدريس بالكفاءة، ط2، الجزائر: شركة الهدى، 2004، ص 11

16.  محمد منير مرسي، مرجع سابق، ص 92.

17.  أبو بكر بن بوزيد، مرجع سابق، ص 109.

18.  المرجع نفسه، ص 125.

19.  المرجع نفسه، ص 133.

20.  لحسن بو عبد الله، محمد مقداد، تقويم العملية التكوينية في الجامعة – دراسة ميدانية بجامعات الشرق الجزائري-دط، الجزائر: ديوان  المطبوعات الجامعية، 1994، ص 10.

21.  المرجع نفسه، ص 10.

22.  محمد الأصمعي محروس سليم، الإصلاح التربوي والشراكة المجتمعية المعاصرة من المفاهيم إلى التطبيق، دط، القاهرة: دار الفجر  للنشر والتوزيع، 2005، ص 629.

23.  رأفت عبد الفتاح، سيكولوجية التدريب وتنمية الموارد البشرية، ط1، القاهرة: دار الفكر العربي، 2001، ص 81.

24.  علي راشد، خصائص المعلم العصري وأدواره – الإشراف عليه، تدريبه -، ط1، دار الفكر العربي، 2002،القاهرة، ص 179-180.

25.  محمد بن ديلم القحطاني، إدارة الموارد البشرية نحو منهج استراتيجي متكامل، المملكة العربية السعودية: العبيكان للنشر، 2008، ص 183.

26.  علي السلمي، إدارة الأفراد – الكفاية الإنتاجية -، القاهرة، دار غريب للنشر والتوزيع، 1985، ص 18.

27.  محمد منير مرسي، مرجع سابق، ص 21.

28.  إبراهيم شوقي عبد الحميد، علم النفس وتكنولوجيا الصناعة، تقديم عبد الحليم محمود السيد، دط، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 1998، القاهرة، ص 87.

29.  حسين حريم، السلوك التنظيمي – سلوك الأفراد والجماعات في منظمات الأعمال-، دط، دار الحامد للنشر والتوزيع ، عمان2004  ص 387.

30.  إبراهيم شوقي عبد الحميد، مرجع سابق، ص 218-219.

31.  المرجع نفسه، ص 226.

32.  رشدي أحمد طعيمة وآخرون، الجودة الشاملة في التعليم بين مؤشرات التميز ومعايير الاعتماد –الأسس والتطبيقات -، ط1، عمان، الأردن، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2006، ص 120.

33.  الفيروز أبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، مجلد 1، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر، بيروت، ط 2 ، 1987، ص ص 1624- 1625.

34.  أندرو دي سيزلاقي ومارك جي والاس، السلوك التنظيمي والأداء، ترجمة جعفر أبو القاسم أحمد، معهد الإدارة العامة والبحوث، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1991، ص 632.

35.  علي عبيد محمد آل نمشة، أثر البرامج التدريبية على كفاءة المتدربين في المعاهد الأمنية، رسالة ماجستير، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، 1996، ص8.

36.  خديجة أحمد عبد المؤمن الحربي، التطوير التنظيمي وأثره على كفاءة الاداء في المنظمة –دراسة تطبيقية على أمانة مدينة جدة-، رسالة ماجستير، جدة، جامعة الملك عبد العزيز، 1995، ص157.

37.  عبد الباري إبراهيم درة، تكنولوجيا الأداء البشري – مهارة أساسية من مهارات القيادات في مؤسسات الشرطة العربية – ورقة عمل مقدمة إلى الحلقة العلمية للمهارات الإدارية للقيادات العليا بالطائف، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، 1998، ص 3.

38.  عبد السلام نعمون، بيئة العمل وتأثيرها في تحديد مستوى فعالية أداء الفريق التربوي لمؤسسات التعليم الثانوي – دراسة ميدانية -، رسالة ماجستير، الجزائر، جامعة فرحات عباس – سطيف -، الجزائر، 2006، ص 16.

39.  المرجع نفسه، ص 16.

40.  خالد علي الربيعان، معوقات الاتصال بين الأجهزة الحكومية وعلاقتها بكفاءة الأداء – دراسة تطبيقية على مطار خالد الدولي بالرياض – رسالة ماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية، 2000، ص 11.

41.  جون هـ جاكسون وسيريل ب مورغان وجوزيف ج ب باوليلو، نظرية التنظيم منظور كلي للإدارة، ترجمة خالد حسن رزوق، معهد الإدارة العامة والبحوث، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1988، ص 54.

42.  أحمد صقر عاشور، السلوك الإنساني في المنظمات، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1986، ص ص 38-39.

 

@pour_citer_ce_document

سعيدة بن عمارة, «انعكاسات الإصلاح التربوي على الأداء الوظيفي للأستاذ»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2014-12-01,
Date Pulication Electronique : 2015-05-10,
mis a jour le : 03/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1270.