اللّسانيات العربيّة واللّسانيات الغربيّة "توصيف للواقع"
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°20 Juin 2015

اللّسانيات العربيّة واللّسانيات الغربيّة "توصيف للواقع"


pp: 244 - 259

الزايدي بودرامة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يسعى هذا المقال إلى تسليط الضوء على واقع كلٍّ من اللسانيات العربيّة واللسانيات الغربيّة؛ ذلك أنّ معرفة هذا الواقع والإحاطة بمحركاته تُسعِف متلقي هذا العِلم، وخصوصاً العربي، على إدراك الأسباب التي جعلت منه علماً ديناميكياً عند الغربيين بينما ركن عند العرب إلى الثّبات والسّكون، كما تعينه على معرفة مختلف التأثيرات المتبادلة بينهما (إيجاباً وسلباً).

الكلمات المفاتيح: اللسانيات العربية، اللسانيات الغربية، التكامل، التطوير، الثبات، النظرية، القرض والاقتراض.

Cet article tente de mettre la lumière sur la réalité de la linguistique arabe et la linguistique occidentale, car connaître cette réalité et ses tendances permet au récepteur de cette science, en particulier le récepteur arabe, de comprendre les raisons qui ont fait de la linguistique une science dynamique chez les occidentaux, tandis qu’elle ne connaît aucun progrès chez les Arabes. Cela aide également à connaître les différentes influences mutuelles «positives et négatives».

Mots-clés : La Linguistique Arabe, La Linguistique Occidentale, Intégrale, Développement, Stabilité, Théorie, Prêt Et D'emprunt.

 

This article attempts to focus on the reality of the Arabic linguistics and Western linguistics.  Knowing this reality and all its trends assist the receiver of this science, especially in the Arab world, to know the reasons, which made linguistics a dynamic science in the West while stagnating in the Arab world, and helps to know the different mutual influences whether positive or negative.

Keywords:Arabic Linguistics, Occidental Linguistics, Integral, Development, Stability, Theory, Lending And Borrowing.

Quelques mots à propos de :  الزايدي بودرامة


أستاذ مساعد أ، عضو في مخبر المصطلحات اللغوية في التراث إلى القرن 7 ه قسم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب واللغات، بجامعة محمد لمين دباغين سطيف2

1-الواقع اللساني بين التكامل والتغييب

اللّسانيات، كما هو متّفق عليه بين الدّارسين، هي الدّراسة العلميّة للغة، واللغة المقصودة ههنا هي اللغة التي تميّز الكائن البشريّ (دون تخصيص أو تفضيل)، إنها العِلم الذي يقرأ اللغة الإنسانية على وفق منظور علمي عميق ودقيق، ويستند إلى معاينة الأحداث وتسجيل وقائعها، قائماً على الوصف وبناء النماذج وتحليلها بالإفادة من معطيات العلوم والمعارف الإنسانية الأخرى، ويرمي هذا العِلم إلى كشف حقائق الظواهر اللسانية وقوانينها ومناهجها، وبيان عناصرها ووظائفها وعلاقاتها الإفرادية والتركيبية داخل بنية النص وخارجها1، وهناك من يوسع دائرتها لتشمل مختلف التّطورات التي عرفتها عبر تاريخها الحديث فيورد أنّ "الظاهرة اللغوية تبسط أمام الفكر البشري منذ القديم صنفين من القضايا أحدهما نوعي والآخر مبدئي عامّ، فأمّا الصّنف الأوّل فيتمثّل في عناصر اللّغة باعتبارها نظاماً مخصوصاً له مكوّناته الصّوتية والصّرفية والنّحوية والمعجميّة، ولكلّ هذه الأوجه فرع مختصّ من فروع الدّراسة اللّغوية، وهذا الجانب نوعي باعتبار أنّه متعلّق بكلّ لغة على حدة، وأمّا الصّنف الثّاني من القضايا فيتّصل بالمشاكل المبدئيّة التي يواجهها النّاظر في اللغة من حيث هي ظاهرة بشرية مطلقة، ويتدرج البحث في هذه المسائل من تحديد الكلام وضبط خصائصه إلى تحسُّس نواميسِه المحركة له حتى يقارب مشاكل أكثر تجريداً وأبعد نسبة كقضية أصل اللغة وعلاقة الكلام بالفكر وتفاعل اللغة بالحضارة الإنسانيّة، فضلاً عن مشكل الدّلالة اللّغوية ذاتها وكيف يحدث إدراك العقل لمعاني الألفاظ"2.

وبناء عليه، فاللّسانيات عِلمٌ شمولي يتناول جميع اللّغات دون تفريق، ويدخل ضمنها "كلّ النظريات والمفاهيم والمناهج العلميّة التي تتناول اللسان كظاهرة موضوعية، وتحاول تفسيرها بالاعتماد على التّجربة والاستدلال العقلي سواء كان من إبداع اللّسانيين الغربيّين أو غيرهم أم من مواصلة البحث اللساني الذي ابتدأه الخليل وأصحابه"3، وهذا يعني أنّ اللّسانيات لا تقوّض أو لا تلغي المنجزات التي قُدّمت قبلها حول اللغة (سواء كانت القضايا المعالجة عامة أو خاصّة)، ومن بينها ما قدّم في الفكر اللّغوي العربي القديم الذي نجده، تبعاً للمفهوم الذي تأخذه اللسانيات، ينضوي تحت لوائها مخصّصاً وجهة النّظر والمعالجة.

 إننا إذا أمعنا النّظر في جلّ الأعمال اللسانية التي خلّفها الإنسان في اللغة أو التي يمكن أن يخلّفها استقبالا فإنه يمكن حصرها في ثلاثة إمكانات4:

أ-بعض الدّراسات اللّسانية ركّزت وجهة نظرها على دراسة الخصائص المشتركة بين اللغات جميعها، وهو ما يعرف باللّسانيات الكلية.

ب-وهناك دراسات جعلت همّها دراسة لغةٍ واحدةٍ معينةٍ وهو ما يعرف باللّسانيات الخاصّة.

ج-وهناك دراسات وقفت وسطاً بين اللسانيات الخاصة والكلية، وهي ما يعرف باللسانيات النسبية، حيث تتخذ بعض اللّغات لا كلها موضوعاً لها.

 وتبعا لهذا التصنيف فالدّرس اللّغوي العربي القديم يندرج ضمن ما يُعرف باللسانيات الخاصة التي تتخذ لغة معينة (العربية) موضوعاً للدّراسة، مع خصوصية، طبعاً، في محركات الدّراسة ودوافعها وطريقة المعالجة والنظر.

لكن إذا كان هذا هو الواقع العلمي (المفترض) للفكر اللغوي العربي القديم مع اللسانيات، فلماذا هذا النّفور منها في الوسط العربي؟ ولماذا نحسّ بأنّها عِلمٌ غربي يريد أن يسلبنا خصوصيّاتنا ويقضي على تراثنا؟

 إنّ المدقّق في مرجعيّة هذا الموقف يجد أنّه قد غذته، في رأي الباحث، مجموعة أسباب، منها ما يمكن تسميته بالسبب التأسّيسي، ومنها ما يمكن تسميته بالسّبب الاستقبالي، ويمكن القول كذلك إنّه حتى نظرتنا إلى التراث كانت سبباً من الأسباب التي صنعت موقف النفور هذا (وهو ما يمكن تسميته بالسبب التراثي)، وسنعرض لكلّ سببٍ على حدةٍ فيما يلي:

-السّبب التأسيسيّ

المتسبب الرئيس في وجود هذا السبب هم رواد الفكر اللساني الغربي الحديث -عن قصد أو من غير قصد- بدءاً من دي سوسير نفسه، فقد أغفل المنجز اللّغوي العربي إغفالاً تاماً، ولم يعتدّ في نظرته التراجعية النقدية إلا بما قدّم في الحضارة الغربية (قديماً وحديثاً)5، وهو ما يمكن استنتاجه من قراءة بدايات محاضراته6، حيث يتبدّى أنّ اللّسانيات المراد إنشاؤها هي لسانيات غربية خالصة. لكن ليس معنى هذا أن جميع اللسانيين الغربيين قد مارسوا تغاضياً بل هناك من أشاد بالتراث اللغوي العربي أيّما إشادة كما فعل روبنز في كتابه (موجز تاريخ علم اللغة في الغرب)، وجوليا كريستيفا في كتابها (اللغة ذلك المجهول).

 والأمر نفسه مع اللسانيات التوليدية التحويلية؛ حيث إن من "عقائد تشومسكي والمطبقين لنموذجه أنّ البحث اللغوي المنجز في غير إطار نظريته لا يدخل في البحث العلمي المنتج لليقين الرياضي, بل كل ما يقع في اللسانيات خارج نظريته لا يعنيه، ولا يهمه أمرُ ما قد يأتي به غيره إذا لم يدعّم بوجه من وجوه نظرية النحو التوليدي التحويلي, إذ كلّ ما يُقال خارج هذا النحو فهو ليس من علم اللغة وليس أهلاً لأن يقارن بنحوه"7

هذا الإغفال الذي مارسه بعض هؤلاء الرّوّاد، وهذه المواقف التي كانوا يبنون عليها تصوراتهم شكّل (في رأي الباحث) نفوراً وموقفاً قبلياً سلبياً تجاه الدّرس اللساني الحديث في المراحل الأولى لاحتكاك الدارسين العرب باللسانيات الغربية، لكن الموقف تغير مع اللسانيين العرب المتأخرين حيث اندمجوا في الحراك اللساني العالمي، وصار ينظر إلى اللسانيات نظرة إيجابية، ومن ثمة فقد زالت كل مبررات النفور.

- السّبب الاستقبالي

ويُعنى به كيفية إيصال المنجز اللساني الحديث إلى القارئ العربي العام أو المتخصّص، فبعض "اللّسانيين الأوائل لم يُحسنوا زرع النّباتات اللسانية في العالم العربي لأنهم حملوا اللسانيات ولم يحملوا طريقة زرعها في العالم العربي بالحوار المبني على فهم التراث اللغوي العربي أولاً، ثمّ فهم المعطيات اللسانية، من هنا حملت الطروحات اللّسانية الأولى في العالم العربي اتهاماتٍ للغة العربية في نحوها وصرفها ومعجمها كما يبرز في أعمال الرواد الأوائل مثل: الدكتور عبد الرحمن أيوب، وأنيس فريحة،...."8، فاللسانيون العرب المحدثون (وأغلبهم درس في جامعات غربية) انبهروا بما عند الغرب، ولذلك فقد كانوا يعتقدون أنّ اللسانيات التي أتوا بها من عند هؤلاء تمثل العلم الصحيح الذي يجب أن تقاس بالنّظر إليه نتائج الدّرس اللّغوي في الأمم الأخرى، ومن أخصّها الدرس اللغوي العربي، ومن ثمة فقد جعلوا النتائج الموافقة له من العِلم والتي لا توافقه مجانبة له خارجة عن حدوده، وينبغي طرحها والتخلي عنها يقول الفاسي الفهري: "إن الآلة الواصفة الموجودة عند القدماء ليس لها أي امتياز في وصف العربية, بل هي غير لائقة في كثير من الأحوال"9، ويقول في موضع آخر: "إنّ التراث عائق في كثير من الأحيان لهاته النهضة في المجال اللغوي والمجال اللساني, وأنا أتحدث عن تجربة, كانت الدعوة إلى التراث في كثير من الأحيان وما زالت عائقاً للتطور وللتصور ولحل مشاكل اللغة العربية"10، وكان من نتائج هذا المنطلق الخاطئ أن كانت قراءتهم للتراث قراءة لا تتعدى التجريبية11، يقول طه عبد الرحمن: "كما أنه قد غلب على نقاد التراث التوسل بأدوات البحث التي اصطنعها المحدثون من مفاهيم ومناهج ونظريات، معتقدين أنهم بهذا التقليد قد استوفوا شرائط النظر العلمي الصحيح، أو لم يدروا أنه ليس كل ما نقل عن المحدثين بأولى بالثقة مما نقل عن المتقدمين، ولا كل ما نسب إلى العِلم الحديث بأقرب إلى الصّواب مما نُسب إلى العِلم المتقدم"12.

 وهناك سبب آخر يشكّل امتدادا لهذا السبب الأخير (الاستقبالي)؛ ألا وهو قلّة الالتفات للجذور التأصيليّة لهذه النظريات الغربية، إذ لا يكاد يحاط بالخلفيات الإبستمولوجية والتساؤلات الفلسفية التي وجهت بناء النظرية على تلك الشاكلة؛ يقول طه عبد الرحمن: "وحتى لو قدّرنا أنّ المناهج الحديثة لا يضاهيها غيرها، ولا يبطلها يسير الزمن عليها، فهل ملك هؤلاء المقلّدون ناصية تقنياتها وتفننوا في استعمالها، حتى جاز لهم أن ينقلوها إلى غير أصولها"13، وهذا ما جعل القارئ العربي، وخصوصاً في البدايات الأولى من وفود هذا العِلم، غير مدرك لجوهر تلك النظريات، ولا لكيفية الاستفادة منها في فهم لغته. وإذا لم يدرك هذا فإنه لا محالة سيدعو إلى التخلي عنها ونبذها.

 يُضاف إلى هذا أنّ هذه النظريات الغربية كانت تتسم بسمة المرحلية؛ فهي لا تلبث أن تغير الرؤى وتهدم الأصول لتظهر في ثوب جديد يشكل نظرية جديدة كما هو الحال مع البنيوية والتوليدية التحويلية، مما جعل القارئ العربي -في بدايات تلقي الدرس اللساني الحديث- ينفر منها ولا يثق فيها.

-السّبب التّراثي

من المعلوم أنّ التّراث الذي خلفه السلف تراث ضخم وثري ويحتاج إلى قراءة واعية وتمثل، هذا الأمر لم نحقّقه إلى الآن (لعدم انطلاقنا من فهم المحركات والطرائق التي كانوا يعتمدونها)، وما يتوفر حوله من دراسات هو محاولات لتسليط الضوء عليه لكن بعيون غربية14، إننا إذا لم نستطع استيعاب تراثنا وفهمه وقراءته، وهو القريب منا لأنه يشكل هويتنا ومرجعنا ومستندنا، فكيف يمكن أن نتجاوزه إلى بدائل غربية، خصوصاً ونحن نعلم علم اليقين أنّ هذا الغربي ما أتى بما أتى به إلا بعد قراءة تمحيصيّة نقدية لتراثه. والمنطق السليم يوجب علينا أن نقرأ ونفهم ما عندنا أولا فإذا استوعبناه أمكننا تجاوزه، وهذا التجاوز لا شكّ أنه سيفتح آفاقا للنّظر في المناهج والنظريات اللسانية الحديثة.

 يُضاف إلى هذا، أنّ المنجز التراثي استطاع، باقتدار، أن يكون آلة موصلة لفهم دقائق النّصوص15، أمّا الدرس اللّساني (العربي التابع للغربي) الحديث فأغلب مادته نظرية (وحتى الأسئلة التي ينطلق منها لها تعلق بثقافة غريبة عنا) وحين تنزل إلى التطبيق فهي تتخذ من المعطيات التراثية مرجعاً تعتمده وأساساً تبني عليه تحليلاتها، وهذا ما يجعل القارئ العربي يفضل ما كان له نفع تطبيقي على ما كان آراء فلسفية ما تلبث أن تفسح المجال لغيرها ليحلّ محلها، إذ لا يكفي في النّظرية أن تكون ذات بهرج فكري نظري في حين لا تكاد تنزل إلى الواقع، ويدقق الباحث محمد الأوراغي في الأسباب التي جعلت التراثيين يدعون إلى الاكتفاء بما قاله السلف مُرجِعًا إيّاها إلى خمسة مبررات16: معرفي، عقدي، حضاري،منهجي، اختياري.

يتمثل السبب المعرفي في طبيعة اللغات التي أقيمت عليها اللسانيات عند الغربيين, إذ نجدها قد "انطلقت من دراسة اللغات الأوربية وخلصت إلى نتائج لا يصدق أغلبها في العربية"17لأنها لم تراع خصوصية هذه اللغة, أمّا السبب العقدي فيرجعه الأوراغي إلى منهج اللسانيات التي لا تقيم تمييزًا بين مختلف مستويات اللغة، وتدعو إلى دراسة اللغة التواصلية الحية، ولا شك أنّ مثل هذه الدعوة "سوف يؤدي، لا محالة، إلى إضعاف العقيدة في النفوس, وثانياً من خلق تصدّع لساني في الوطن العربي تثبيتاً لاستمرار تشرذمه السياسي في الوقت الحالي, وتمهيدًا لانقسامه النهائي"18, أما السبب الحضاري فيرجعه الباحث إلى أنّ "الاشتغال بفكر الغربيين اللغوي سيفضي لا محالة إلى إهمال لإنتاج مفكرينا حول العربية لأنه على قدر الانخراط في اللسانيات الحداثية يأتي الانسلاخ من اللسانيات التراثية"19, أما السبب المنهجي فهو أن الاستضاءة بما يورد من نظريات غربية قد أدّى إلى إسقاطات غير مقبولة؛ من مثل جعل التراث بنويًا من جهة وتوليديًا تحويليا من جهة أخرى ووظيفيًا من ناحية أخرى. وبكثرة الجدل حول هوية النحو العربي تضيع أصول بنائه وتتعذر عندئذ كل إمكانات استثماره في بناء نظرية لسانية جديدة"20, أما السبب الأخير (السبب الاختياري) فلا يعني به الأوراغي حرية الأخذ من أي الدرسين وفق ما يختاره الباحث، بل يعني بالاختياري اختيار القريب حضاريًا لا البعيد؛ يقول: "بمعنى أنَّ التراثي إذا كان مقلّدًا لأسلافه راضيًا بترديد معارفهم اللسانية, وكان الحداثي بدوره مقلدًا لأساتذته الغربيين مسترشدًا في دراسته للعربية بأفكارهم اللسانية ومكتفياً في وصف لغته بتطبيق نماذجهم النحوية فإن تقليد القريب ثقافيًا أولى من الغريب حضاريًا"21.

 

2- الطّرح الغالب في الواقع اللّساني العربي المعاصر

"تنوعت الأعمال اللسانية العربية المعاصرة بين الترجمات المباشرة، والتأليف والإبداع الجديد، والموازنات بين ما توصّل إليه الغرب حديثا وما اكتشفه العرب قديما, وبين إحياء التراث العربي ومحاولة إعادة بعثه من جديد بغية عرض أفكاره القيمة, ونفض الغبار عما تاهت عنه الألباب حديثًا, وبين القراءات الجديدة للقديم على ضوء اللسانيات الحديثة وقد مست هذه الأعمال اللغة العربية من جوانبها المختلفة"22، وفي غياب تمثل جيد للتّراث وفهمٍ لمضامينه الفكرية ومحركاته المنهجية (وربما عدم الاقتناع بها لكونها عربية قديمة) نجد أن الكتابة الإسقاطية والكتابة التمثلية تأخذان النصيب الأوفر من الكتابات اللسانية العربية "ذلك أن المجهودات المقدّمة في هذا المجال لا تكاد تعدو النقل والترجمة عن الغرب، فهي في مجملها، باستثناء بعض المحاولات الجادة في إحياء التراث والتعريف به، تنتقل من اللسانيات الغربية وتعود إليها، فتقدمها، أو تطبقها على المدونة العربية، لا بل وحتى تقارنها مع ما جاءت به قرائح علمائنا في الماضي، علماً أنّ كلاّ منهما, أعني التفكيرين اللغويين العربي والغربي, قد نشآ في ظروف مختلفة وعصور مختلفة ولأهداف مختلفة أيضاً"23, وهناك بعض الكتابات، وإن كانت قليلة، انطلقت من تمثل لنظرية ما لكنها جعلت من التراث العربي معينا يمدها بآفاق جديدة للنظر كما هو الحال مع أحمد المتوكل في نظرية النحو الوظيفي.

ولعل الشيء الإيجابي الذي يمكن التنويه به، فيما يتعلق بهذه الكتابات، هو أنه قد تمت العودة إلى التراث اللغوي القديم بكل معارفه وعلومه، إما بحثاً عن شرعية للوجود اللساني في الذاكرة العربية، وإما بغية إخضاعه للفحص اللساني المعاصر حتى يتم تطويعه لخدمة أهداف الحداثة، لذا أصبح لزاماً على كل من رام البحث في حقائق العربية واستعمالاتها اللجوء إلى الذاكرة النحوية إما على سبيل انتقاء معطيات الدراسة أو انتقاد التجربة التراثية، ولكن، رغم ذلك، ففي كلتا الحالتين يظل جوهر الدرس النحوي العربي مغيبا24، والنظرية الوحيدة، في حدود علم الباحث، التي حاولت الانطلاق من التراث وصبغه بصبغة تتلاءم والعقل المعاصر هي النظرية الخليلية للدكتور عبد الرحمن الحاج صالح، يقول في هذا الصدد مبينا أصول النظرية التي تبناها ذاكرا معالم تميزها: "تعرضنا في هذه الدراسة لأول مرة لتقويم النظرية اللغوية العربية التي كانت أساساً لأغلب ما يقوله سيبويه وشيوخه لاسيما الخليل، وكيفية مواصلة هذه الجهود الأصيلة في الوقت الراهن. ويبدأ بوصف المبادئ المنهجية التي بنيت عليها هذه النظرية وذلك بالمقارنة بين المبادئ التي تأسّست عليها اللسانيات الحديثة، وخاصة البنيوية والنحو التوليدي التحويلي، وبين هذه النظرية. وبذلك تظهر في نظرنا الفوارق الأساسية التي تمتاز بها كل نزعة منها بما في النظرية العربية القديمة"25، ويقول في موضع آخر: "فالغاية من هذا البحث هو قبل كل شيء التعريف بهذه النزعة التي تصف نفسها بأنها امتداد منتقى للآراء والنظريات التي أثبتها النحاة العرب الأولون وخاصة الخليل بن أحمد، وفي الوقت نفسه مشاركة ومساهمة للبحث اللساني في أحدث صورة وخاصة البحث المتعلق بتكنولوجيا اللغة"26.

غير أنّه لا يعلم في تاريخ اللّسانيات العربيّة الحديثة محاولة جادة مكتملة المعالم حققت ما يصبو اللساني العربي إلى تحقيقه، فالناظر في الواقع اللساني في العالم العربي يرى أن ثمة اتجاهاً يتجاهل التراث تماماً وحجتهم في هذا "أن هذه الأقوال هي آخر ما توصل إليه العِلم الحديث، وأن الباحثين العرب لم يبلغوا، لقلتهم وقرب عهدهم بالبحث، مستوى الاجتهاد، فإنّ الأفكار التي تصلنا من الغرب في اللغة وظواهرها هي وليدة هذا العصر، ثم هي من جنس الأفكار التي تخص علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء وغيرها من العلوم التجريبيّة التي تقدّمت في أيامنا التّقدم المعروف"27، وفي مقابله ثمّة اتجاه يتجاهل تماماً أو إلى حدّ بعيد اللّسانيات الحديثة (لأسباب كثيرة، أبرزها ما عرضه البحث سابقاً)، ويبقى الرأي الوسط هو الحل لواقعنا، فيجب علينا أن نقرأ تراثنا ونستوعبه، ثم نضيف إليه ما هو ناقص مما نحتاج إليه (مما يخترعه العقل العربي أو توفّره له اللسانيات) وهكذا سيكون للسانيات دور التكميل لا دور التغييب.

لكن هذا الرأي الوسط لم يتم تحقيقه بعد، ويحتاج إلى جهود متكاتفة لها وجهة موحدة ورؤية واضحة وهدف بيّن, وإذا ما ذكرت في هذا السياق كتابات المتوكل فإنّه يمكن القول عنها كذلك إنها لم تأخذ بهذه الوسطية، فعلى الرغم من أن انطلاقته كانت من "البحث في التراث العربي مستهدفاً الكشف عن نظرية اللغويين العرب من أجل مقارنتها بالنظريات اللسانية المعاصرة، وإدماج تحاليل الأولى في الخطاب اللساني المعاصر، حتى إذا اكتمل البناء صار بإمكان النظرية اللسانية العربية أن تصف اللغة العربية وغيرها من اللغات البشرية"28، فإنه لم يستمر في تحقيق هذا المشروع، بل اكتفى بتبني نظرية لسانية غربية (نظرية النحو الوظيفي) جاعلاً إيّاها الإطار الذي يشتغل عليه، وإذا ما نظر إلى النظرية اللغوية العربية القديمة فلإغناء تلك النظرية الغربية، يقول في هذا الصدد: "سيمكننا عقد الحوار بين الفكر اللغوي العربي القديم والنحو الوظيفي، فضلاً عن تمحيص مشروعيته، من ... إغناء النحو الوظيفي بتحليلات ومفاهيم يستلزمها وصف الوظائف الخمس في اللغة العربية خاصّة، دون أن يمسّ اقتراض هذه التحليلات والمفاهيم بالمبادئ المنهجية المعتمدة في النحو الوظيفي ولا ببنية النحو المقترحة"29، وهذا معناه أنّ المبادئ والمفاهيم التي سيتم اقتراضها يجب أن تقبل الانضواء والدخول ضمن المبادئ المنهجية في نظرية النحو الوظيفي وإلا نحيت وألغيت، وهذا ما يجعل مجال الرؤية في الفكر اللغوي القديم ضئيلاً وأبعاد تحليلها قليلا لأنه يحصره فيما يتوافق فقط.

3-الواقع اللساني بين الثبات والتطور

إذا كان من المقرر أنّ "بناء نظرية نحوية هو محاولة للإجابة عن أسئلة محددة, مما يفسّر اختلاف الأنحاء التي أفرزها الفكر اللغوي الإنساني على مرّ العصور، فباختلاف الأسئلة الموجهة للنظر تختلف الأنحاء والنظريات"30، فإننا نجد أن الدرس اللساني الغربي قد اختلف فيه الأنحاء والنظريات، أما الدرس اللساني العربي فقد تقررت فيه مجموع نظريات فرعية ترتدّ إلى نظريّة نظرية نحوية واحدة عامة تجمعها لا يكاد يُخرَج عن مبادئها وأصولها، وهذا معناه أن الفكر اللساني الغربي فكر تطوري أما الفكر اللساني العربي فهو فكر -يركن في العموم- إلى الثبات، ومرجع هذا، في بعض الجوانب لا كلها، إلى طبيعة الأسئلة التي تطرح في كل درس، كما نُوِّه سابقاً، وإلى الزاوية التي تعالجها تلك الأسئلة، وهذا ما سيحاول البحث مدارسته بتوزيعه على نقطتين: الواقع اللساني الغربي، الواقع اللساني العربي .

أ-الواقع اللساني الغربي

ركّز البحث على واقعه الحديث لا القديم؛ ذلك أنّ القديم، في نظر كثير من الباحثين (سوسير مثلاً)، لا يندرج ضمن اللسانيات، نظرا لغياب الموضوع وغياب المنهج الذي يجب أن يعالج به، يضاف إلى هذا أن الفكر اللساني الغربي اكتسب هذه الحركية التطورية اللافتة للنظر بعد تبنيه للمفاهيم والمساطر التي أرساها دي سوسير لا قبله، فقد عرفت اللّسانيات الحديثة طوال القرن العشرين ثلاث ثورات كبرى: ثورة بنيوية بدأت مع دي سوسير، وثورة توليدية تحويلية تحت لواء تشومسكي، وثورة تبليغية تواصلية بزعامة هايمس (Dell Hymes) وويليام لابوف (William Labov)، ويُعدُّ الفكر العلمي والمنهجي الذي أرساه دي سوسير في كتابه (محاضرات في اللسانيات العامّة) الأرضيّة التي ارتكزت عليها جلّ الأفكار والنّظريات اللّسانية التي جاءت بعد ذلك، بل نجد أنّ من بين ثنائياته (أو ثلاثياته) ما يتنبّأ بظهور تلك النظريات؛ وهي المثلث الاصطلاحي ( اللغة، اللسان، الكلام ) الذي أصبح عالميا.

 جعل دي سوسير موضوعَ اللسانيات اللغةَ بِعدِّها نظاماً من العلامات، وأنّ الدّراسة العلميّة لها لابدّ أن تنظر إليها في ذاتها؛ بوصفها كيانا مغلقا له زمان محدد معزول عن كلّ المؤثرات الخارجية المحتملة، ومن أجل ذاتها؛ وذلك حين يكون الهدف هو استكشاف واستنباط القوانين التي تحكم اللغة البشرية والتي تسعف في فهم هذه الظاهرة (معرفة وحداتها، كيفيّة تعالق هذه الوحدات، ما هي التّراكيب التي تجوزها لغة ما وما هي التراكيب التي ترفضها...)، أي عدم ربط دراسة اللغة أو جزء منها بهدف خارجي عنها، كأن يكون هذا الهدف تحليل نصوص معينة، أو دراسة مجتمع من المجتمعات...، وذلك لأنّ ربطها بهذا الهدف الخارجي عنها قد يقلّل من التدقيق الجيد لبعض مكوناتها.

إلا أنه في سنة 1957نجد أنّ الموضوع والهدف قد اختلفا اختلافاً بيّناً عما كانا عليه في التّوجه الأول الوصفي البنيوي (لكن ليس معنى هذا إلغاؤه إلغاء كليا، بل تجاوزه إلى الظلال التي لم تتناول بالدراسة)؛ فقد جعل تشومسكي موضوع اللسانيات هو اللسان، ويريد به تلك الملكة التي يتميز بها الكائن البشري عن بقية الكائنات، فموضوعها هو الملكة أو القدرة حيث يقوم بوصفها وتوضيحها، أما عن الهدف فهو تقديم تفسير للكيفية التي بها ينتج ويفهم متكلم مثالي لغته، يقول تشومسكي: "إن الموضوع الأول للنظرية اللسانية هو المتكلم المستمع المثالي المنتمي لعشيرة لغوية متجانسة كليا، والذي يعرف لغته، وعندما يطبق معرفته هذه في إنجاز فعلي فإنه لا يخضع للشّروط النحوية غير الملائمة كقصور الذاكرة أو عدم الانتباه أو الأخطاء"31، ولكن تشومسكي أغفل (عن قصد) الإنجاز أو الكلام وما يستتبعه من معطيات تداولية محكومة بالمقام الذي أنجز فيه؛ وذلك لاعتقاده "أن دراسة الإنجاز، أي استعمال اللغة، بحسب تشومسكي، لن تكون ممكنة، من الناحية اللّسانية على الأقل قبل دراسة شاملة وتامة لطبيعة القدرة وخصائصها كما أنه لا يمكن انتظار الشيء الكثير من دراسة الإنجاز دون اعتماد دراسة شاملة ومعمقة للمعرفة الضمنية التي يتوافر عليها مستعمل اللغة"32، ويرى التوليديون أنه يجب على النظرية اللسانية أن تجيب عن تساؤلات لها تعلق بهذه القدرة من مثل33: ما طبيعة هذه الإمكانات اللغوية، وهذه القدرة اللغوية التي يتوافر عليها الأفراد المتكلمون؟ وكيف يستعمل الأفراد المتكلمون هذه الإمكانات المتوافرة لديهم؟ وكيف تكتسب هذه الإمكانات؟ والإجابة عن هذه الأسئلة قادتهم إلى البحث عن نموذج لهذه القدرة؛ ويتمثل هذا النموذج أساساً في نحو اللغة (نسق القواعد) التي يتكلمها الأفراد، كما قادتهم إلى بناء نموذج للإنجاز، أي بيان الكيفية التي تتحقق بها القدرة اللغوية، كما قادتهم إلى بناء نموذج للاكتساب (وكان أكبر التركيز موجها إلى الطفل).

 وقد بدأ اللّسانيون يلتفتون إلى البحث عن الكيفية التي يتحقق بها التّواصل والعوامل المؤثرة فيه منذ أواسط السبعينات، ومع هذا الالتفات تغير موضوع اللسانيات حيث صار الكلام بدل اللغة (بِعدِّها نسقاً تجريدياً) أو اللسان (الملكة أو المقدرة)؛ وصار يبحث عن الكلام في علاقته بمنجزه والكيفيات التي يحقق بها المتكلم أغراضه. وصار ينظر إلى "العلامات اللغوية على أنها وسائل لهدف معين، وإدراك اللغة على أنها ذلك النشاط الذي تبرز معه علامات يعمل بها المرء شيئا ... ويتجلى في تغيير التوجه هذا الاقتناع بأن اللغات الطبيعية ليست أدوات وصف فقط، بل هي أدوات فعل أيضاً، أي أدوات تنجز بمساعدتها أفعال"34وفي هذا الصّدد يرى لايبوف أنّ موضوع اللّسانيات "ليس هو القدرة اللغوية كما يحددها تشومسكي، وإنما هو دراسة البنية اللغوية وتطورها في خضم السياق الاجتماعي الذي تشكله العشيرة اللغوية. إنّ اللّسانيات العامّة مهما كان محتواها يجب أن تقوم أوّلا على اللغة كما يستعملها المتكلمون الذين يتواصلون بينهم في الحياة اليومية"35، ويؤكد هايمس على أن "ما يتميز به الفرد المتكلم هو امتلاكه لقدرة أكبر وأشمل وأكثر وظيفية مما يقترحه النّحو التوليدي، وهي القدرة التواصلية Competence communicativeالتي لا تمكن من القدرة على إنتاج وفهم ما لا حصر له من الجمل النحوية، بل تتعلق باشتغال السلوك اللغوي في شموليته وواقعيته؛ وهي مختلف السّياقات والمقامات الممكنة لتحقيق كلّ أغراضه التواصلية في أبعادها الفردية والجماعية"36.

 يمكن، تدقيقاً في المفاهيم وتوضيحاً للرؤية وتوسيعاً للمدارك، تسمية المرحلة الأولى بمرحلة الدالّيات، والمرحلة الثانية بمرحلة الدلاليات، أما الأخيرة فيمكن تسميتها بمرحلة التداوليات37، ولكل مرحلة منجزاتها وأتباعها، وهو ما نوضحه في النقاط الآتية:

- مرحلة الدّاليات: ويستوعبها حقّ الاستيعاب ما يعرف بالتّوجه البنيوي؛ ركز هذا التوجه على تقطيع العلامات اللغوية (جمل، كلمات) وتفتيتها إلى عناصرها الأساسية باحثة عن العلاقات المنظمة لها والقوانين الداخلية المتحكمة فيها، إن اللسانيات عند أصحاب هذه المرحلة "تبدو صالحةً لأن تأخذ بعين الاعتبار الظواهر اللغوية قصد استخراج المنظومة التي تتحكم فيها، وليس انطلاقاً من منظومة جاهزة ومعدة من قبل؛ أي ملاحظة الأحداث، مما يجبرنا على تنظيم هذه الوقائع بحسب الطريقة المهيأة (النظرية)، بدل تنظيمها بحسب قوانينها الداخلية الخاصة بها"38، من أبرز أعلامها من الأوربيين: دي سوسير، علماء مدرسة جنيف، وعلماء مدرسة براغ، وعلماء مدرسة كوبنهاجن (يلمسليف) وعلماء المدرسة الوظيفية الفرنسية (أ. مارتني)، ومن الأمريكيين: بلومفيلد وهاريس وتلميذه تشومسكي (في البدايات).

حاول هذا التوجه أن يحدث قطيعة مع الدراسات اللغوية التاريخية والمقارنة، والتأسيس لمنهج علمي لساني يماثل مناهج العلوم الطبيعية، يقول روبنس مركزا على رؤية استشرافية للسانيات وهي في بداياتها: "من الممكن أن نجعل مكانة اللسانيات بين العلوم الأكثر وضوحاً. إنها علم تجريبي"39.

- مرحلة الدّلاليات: من أبرز الانتقادات التي وجهها تشومسكي للبنيوية هي أنها تكتفي بوصف الظاهرة اللغوية وتصنيفها انطلاقاً من مدونة لغوية محدودة، ويرى تشومسكي أنه يجب على اللسانيات أن لا تتوقف عند حدود الوصف والتصنيف بل أن تتجاوزها إلى تفسير وتحليل القدرة اللغوية التي تمكن المتكلم من إنتاج عدد لا محدود من الجمل الصحيحة نحويا.

والاهتمام بالدلالة والتركيز عليها لم يتوفرا عند تشومسكي (أو على الأقل في المرحلة الممتدة إلى سنة 1968) بل نجدها عند أتباعه (أو معهم) من أمثال: كاتز، وجاكندوف فيما يعرف بالدلالة التأويلية، وفيلمور، وروس، ومكاولي، وبوسطال، ولاكوف فيما يعرف بالدلالة التوليدية40.

- مرحلة التّداوليات: وهي المرحلة الثالثة التي بدأت تتضح معالمها مع رواد "الفلسفة والمنطق، أمثال: فريج frege، وراسل russel، وفتجنشتاين wittgenstein، وستراوسن strawson، هؤلاء وغيرهم ككارناب carnap، وبارهليل barhillel، الذين حاولوا التمهيد لتداوليات نظرية انطلاقاً من فكرة المعارف والعاقات الاجتماعية"41، ويُرجِع كثير من الباحثين فضل إدراج مصطلح pragmatiqueفي الدراسات اللسانية "إلى شارل موريس  ch. morrisوهو اصطلاح كان قد أخذ به بورس peirceفي بناء نظرية للعلامات"42ثم تجلت أكثر مع ديل هايمس ووليام لابوف حين شنّا هجوماً على التصور التجريدي الذي انحصر فيه البحث اللساني، سواء من رائد اللسانيات الحديثة (دي سوسير) الذي حصر موضوع تنظيره في اللغة دون الكلام، أم صاحب النظرية التوليدية التحويلية الذي قصر موضوع تنظيره على القدرة اللغوية دون الكلام أو التأدية.

وقد صار التركيز منصباً على دراسة القدرة التبليغية، بدل القدرة اللغوية التي صار ينظر إليها على أنها إحدى مكوناتها فقط، يقول هايمس منتقدا تشومسكي : "إن نظرية تشومسكي القائمة على توليد الجمل اللغوية المختلفة صحيحة تماماً إذا كان المقصود منها وصف اللغة ككيان مستقل بذاته بعيداً عن المواقف الاجتماعية والحياة التي تستخدم فيها اللغة، ولكن اللغة لا قيمة لها ككيان مستقل، فهي ليست قوالب وصيغاً وتراكيب مقصودة لذاتها، وإنما هي موجودة للتعبير عن الوظائف المختلفة كالطلب والترجي والأمر والنهي ... وغير ذلك من آلاف الوظائف اللغوية"43.

وبهذا الانتقاد الشهير أُعِيد الاعتبار للنظريات السياقية، حيث دخلت مجال اللسانيات بقوة، كنظرية أفعال الكلام لفلاسفة اللغة العادية، ونظريات التداول والملفوظية ونظريات النحو الوظيفي ... وما يجمع هذا التوجه الجديد هو محاولة ربطه البنية بوظائف تداولية محددة تحكمها سياقات وطبقات مقامية معينة، وشبكة من العلاقات الاجتماعية المنظمة لمقاصد المتخاطبين، والمنطقية التي تتضمنها محاوراتهم.

هذه هي أبرز التّطورات (لا كلّها) التي عرفها الدرس اللساني الغربي الحديث، وهي تطورات تنبني في أساسها على التراكمية والتجاوز بحثاً عن أي جانب من الجوانب التي تسعف على فهم الظاهرة اللغوية وضبطها.

ب-الواقع اللّسانيّ العربي

يشمل الدّرس اللّساني العربي جميع العلوم التي تناولت اللغة العربية بالدراسة والتحليل (من أي جانب من جوانبها) فيندرج ضمنها جهود النحاة والبلاغيين وعلماء اللغة والأصول والتفسير... والناظر في هذه العلوم يجدها متداخلة متفاعلة "فالمباحث الكلامية تتفاعل مع المباحث اللغوية والبلاغية والفلسفية, كما تتفاعل المباحث المنطقية مع المباحث اللغوية والأصولية, وهكذا، وقد ساهم هذا التفاعل في إثراء العلوم والفنون بعضها لبعض وفي توجيه مسار البعض الآخر، بل أدى ذلك التفاعل إلى امتزاج مصطلحات العِلم الواحد بمصطلحات غيره من العلوم إلى حدّ أن تبدو بعض الإشكالات المعرفية التي يولّدها هذا العِلم كما لو كانت تنتسب إلى الإشكالات المعرفية التي تدخل في عِلم غيره"44، وهذا التفاعل تعكسه وحدة الهدف الذي من أجله وضعت، فهي وضعت من أجل حفظ القرآن والحديث من التحريف والزيغ ولا شك أنَّ أوّل خطوات حفظهما هي حفظ اللغة التي بها أنزلا، وهناك هدف آخر يستتبع عملية الحفظ ويرتبط بها أشدّ ارتباط وهو هدف الفهم، فالفهم جزء من الحفظ لا ينفك عنه ولا ينفصل.

ولكن ما إن بنى الدرس اللغوي العربي القديم جهازه (ممثلاً في مضامين العلوم المختلفة: الصرفية والنحوية، والبلاغية، ...) حتى توقف عن التجديد والتطوير، فبمجرّد اكتمال الآلة حوّلت وجهة العِلم من البحث والتفتيش إلى محاولة الاستيعاب والتفعيل العملي؛ من أجل فهم النصوص وإدراك نكاتها، وربما توسع نحو جمع متفرق أو تفصيل مجمل وهكذا.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل معنى هذا أن العلوم التي تناولت العربية بالدّراسة لم تغفل أي جانب من جوانبها؟ إنّ هذه العلوم تعكس النظام التجريدي الذي يحكم تلك اللغة (متمثلة في النصوص التي بنيت عليها الدراسة)، ولو افترضنا أنهم أغفلوا بعض الجوانب المتعلقة باللغة موضوع الدّراسة فإن هذا الإغفال سينعكس لا محالة على بعض جوانب النّصوص (وخصوصاً النصوص الشرعية التي هي مناط استنباط الأحكام الشرعية) التي يستعان في تحليلها، من أجل فهمها، على تلك العلوم. خلافاً للدرس اللساني الغربي الذي بني تطوره أساسًا على مراعاة الجوانب المغيبة، ولذلك ما يلبث أن يظهر بعد كل نظرية نظرية أخرى تجعل موضوعها الجانب المغيب (كما عرضنا سابقاً).

 ولكن: هل التغيير في نظريات اللغة ظاهرة صحيّة دائما؟ إن التغيير الصحي مرهون بوجود "مبرر معقول يحمل واحدا من مجتمع اللسانيين أو أكثر على بناء نظرية لسانية، ويرغب الباقي في بذل جهد لاستيعاب النظرية المستحدثة والوقوف على خصائصها وجدواها بالقياس إلى غيرها، ولا مبرر أقوى من تأزم الفكر اللغوي القائم"45، يقول توماس كون: "في كل حالة، لم تكن تظهر نظرية جديدة إلا بعد فشل معلن في النشاط العادي لحل المشكلات ... وقد بدت النظرية الجديدة استجابة مباشرة لأزمة"46.

لكن، يجب أن لا يفهم أنّ التطوير منبوذ وأنه لم يترك الأوّل للآخر شيئًا, إنَّ التطوير ضرورة ولكل عصر مستجداته وحاجاته، لكن يجب أن نفرق بين تطوير يركز على إنشاء نظريات جديدة تعيد النظر في كلّ الأمور من الصفر (ممارسة الإلغاء) وبين تطوير يسعى إلى استثمار القديم والمحافظة على جوانب القوة فيه ثم تطويعه لمواكبة الدواعي العصرية (الحوسبة، التعليم، الكفاية الإجرائية ...) وهذا ما لم يحقق بعد (ليس معنى هذا أنه لا توجد محاولات مثل محاولة الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح مع النظرية الخليلية الحديثة)، وقد يقول قائل: قد قدمت دراسات لسانية عربية حديثة، كجهود تمام حسان، وجهود مختار عمر، وجهود كمال بشر، والمتوكل، والفاسي الفهري، ... أفلا تُعدُّ جهود هؤلاء تطويرًا؟

والإجابة عن هذا السؤال تنطلق من تفهّمه في ذاته (انطلاقا من مفهوم التطوير ذاته، الذي يعني أول ما يعني فهم الشيء جيداً ومعرفة نقائصه قبل قول أي شيء)، وهذا التفهم يقودنا إلى أن انطلاقة هؤلاء اللسانيين لم يحركها الوعي بالتراث في ذاته بل كان يحركها النظريات الغربية التي كان يستشف منها هؤلاء مناهجهم ومفاهيم، ولذلك كانت جل الدراسات التي قدموها تتسم بالتجريبية، على حدّ تعبير عز الدين المجدوب؛حيث يقول: "كاد يجمع ناقدو التراث على أن بالنحو العربي عيوباً تجعل إصلاحه وإعادة النظر فيه ضرورة ملحة ومهمة أساسية من مقتضيات عصرنا ومستلزمات نهضتنا، وذهبوا في هذا النقد مذاهب شتى وتباينوا في تشخيص هذه العيوب وتعيين طرق الإصلاح تباينًا يجعل الباحث يتساءل عن قيمة الأسس التي اعتمدوها ومدى سلامتها، وقد بدا لنا بعد تدبّر هذه المقاربات للتراث أن عيبها هو اتصافها بالتجريبية، ونحن لا نقصد بالتجريبية تلك النزعة في العلوم التي تقضي باعتماد التجربة قبل إصدار أحكام علمية فتلك من محاسن المنهج العلمي، وإنما الذي نقصده بالتجريبية (empirisme) هو قلة التنظير للممارسة العلمية وعدم وعي الباحث بالمسلمات التي ينطلق منها وعدم تفكيره فيما يقتضيه التسليم بها من مستلزمات ونتائج فرعية"47، ولا يمكن عدّ التجريبية تطويرًا بحال من الأحوال لأنها تعتمد الانتقاء الموجّه المعتمد في جوهره وأساسه على ما تصل إليه النظريات الغربية بدعوى "أنّ هذه الأقوال هي آخر ما توصّل إليه العِلم الحديث, وأنّ الباحثين العرب لم يبلغوا بعد، لقلّتهم وقرب عهدهم بالبحث لمستوى الاجتهاد ... ومن ثمّ الاعتقاد بأن جميع ما تصوروه من المفاهيم هي حقائق علمية مسلمة من قبل جميع العلماء الغربيين"48، وهذا قاد كثيراً منهم إلى تقرير "أنّ ما ظهر عند العرب من الأفكار ولم يثبته اللغويون الغربيون فلا قيمة علمية له"49.

وقد يقول قائل إنّ فكرة التجريبية هذه التي أتى البحث على ذكرها تنطبق على اللسانيين العرب الوصفيين فقط، وإنّ هناك بعض اللسانيين حاول أن يدرس العربية بجهاز واصف جديد لا يمت بصلة لما كان يعالج عند علماء العربية المتقدمين، معتقدًا أن استعمال معطيات القدماء يجعل اللساني المحدث سجين مناهج القدماء "نظرًا لما هناك من العلاقة بين الأصول التي وضعوها وبين المواد التي وصفتها هذه الأصول، مع أنه لا ضرورة منهجية ولا منطقية تفرض الرجوع إلى فكر الماضي وتصنيفاته ومفاهيمه لمعالجة مادة معينة، وقد أدّى هذا ببعضهم إلى تبني مواقف غريبة تخلط بين وصف اللغة العربية وقراءة التراث النحوي العربي، كما أدّى ببعض آخر إلى أن يعرّف منهجه سلبيًا فقط، بموضعته بالنسبة لما قاله القدماء، وألا يقترح تصورًا جديدًا للظاهرة اللغوية أو نحوًا بديلاً لنسق قواعد القدماء"50، وهذا ما حاول هذا اللساني تلافيه وعدم السقوط فيه مؤكدًا "أن الآلة الواصفة الموجودة عند القدماء ليس لها أي امتياز في وصف العربية بل هي غير لائقة في كثير من الأحيان"51، لكن السؤال الذي يواجه هذا اللساني هو: هل حقّق فعلا بناء جهاز واصف للغة العربية يضاهي الجهاز الواصف الذي وضعه علماء العربية المتقدمون؟ ثم ما هي ميزته وخصيصته؟ وهل معنى إنشاء جهاز واصف أنه تطوير؟ وهل التطوير يطلب لذاته؟ وكيف سيتعامل هذا الجهاز الجديد مع الزخم اللغوي التراثي؟

وهذا الذي ذكره البحث يمثل جهود اللسانيين التوليديين العرب ممثلاً في شخص أبرز لساني فيهم وهو الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري، ولاشك أن ما قدمه هو أو غيره ممن يشتغلون على هذا التّوجه (التّوليدي التّحويلي) يعدّ مرحلة من مراحل اللّسانيات العربيّة الحديثة، لا مرحلة تطويريّة للدرس اللغوي العربي القديم، ونجد إلى جانب هذا الاتجاه اتجاهاً آخر كان له موقف إيجابي من التراث إلاّ أنّه لم يسع هو الآخر إلى تطوير الدرس اللغوي العربي القديم بل سعى إلى محاورته للاستفادة منه، هذا الاتجاه هو الاتجاه الوظيفي، وأبرز متبنيه من الدارسين العرب هو الدكتور أحمد المتوكل وهو "من اللغويين المغاربة الذين تخلوا عن مبدإ التوفيق المعرفي فانضموا إلى اللسانيات الغربية ... بدأ مشروعه اللغوي سنة 1982بالبحث في التراث العربي مستهدفاً الكشف عن نظرية اللغويين العرب من أجل مقارنتها بالنّظريات اللّسانية المعاصرة وإدماج تحاليل الأولى في الخطاب اللساني المعاصر، حتى إذا اكتمل البناء صار بإمكان النظرية اللسانية العربية أن تصف اللغة العربية وغيرها من اللغات البشرية، لكنه سرعان ما تخلى عن هذا المشروع بتبنيه سنة 1985لنظرية النحو الوظيفي التي وضعها سيمون ديك الهولاندي، واتخذها المتوكّل إطارًا في جميع مؤلفاته التي شارفت العشرين كتابا"52.

خاتمة

نخلص مما سبق عرضه إلى أنه:

- يبقى الاطلاع على هذه الجهود والنّظريات ضرورياً لمن رام تطوير النظرية اللغوية العربية، إذ قد تمدنا ببعض الجوانب التي لم نعهدها في درسنا أو تنبهنا إلى بعض الزوايا المغيبة عندنا.

- الواقع اللساني العربي تغلب عليه الكتابة الإسقاطية والتمثلية وتكاد تغيب الكتابة الإبداعية.

- تحقيق التكامل بين اللسانيات العربية واللسانيات الغربية مرهون بالاعتداد بأي منجز دون تحيز (تقزيماً أم تضخيماً) ووضع معايير يحتكم إليها.

- يتسم الدرس اللساني العربي بالثبات، بينما يتسم نظيره الغربي بالحركية والتطوير.

- وجود نظرية لسانية عربية حديثة (متكاملة المعالم) مرهون بالانطلاق مما قدمه علماء العربية المتقدمون.


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1.عبد القادر عبد الجليل، 2002، علم اللسانيات الحديثة، نظم التحكم وقواعد البيانات، ط1، دار صفاء، الأردن، ص106.

2.                        عبد السلام المسدي، 1986، التفكير اللساني في الحضارة العربية،، ط2، الدار العربية للكتاب، تونس، ص ص 105- 106.

3. عبد الرحمن الحاج صالح، 2007،بحوث ودراسات في علوم اللسان، ط1،  موفم للنشر،  الجزائر، ص184.

4. ينظر: محمد الأوراغي، 2001، الوسائط اللغوية (1- أفول اللسانيات الكلية)،ط1، دار الأمان، المغرب، ص.4.

5. أورد سوسير في محاضراته أن الدرس اللغوي مر بثلاث مراحل (كلها غربية) لم يعرف فيها موضوعه بدقة، سمى المرحلة الأولى بمرحلة القواعد أو النحو المعياري، ويبدأ مع الإغريق، أما المرحلة الثانية فأطلق عليها اسم الفيلولوجيا ورأى أن بداياتها تعود إلى القرن 3ق م، وقد ربطها بمدرسة الإسكندرية الإغريقية القديمة، والحركة العلمية التي أسسها فريدريك أوغست وولف سنة 1777، أما المرحلة الأخيرة فيطلق عليها اسم الفيلولوجيا المقارنة، ويُرجع بداياتها الحقيقية مع عالم غربي هو فرانز بوب. ينظر: فردينان دو سوسير، 1985، دروس في الألسنية العامة، ترجمة: صالح القرمادي وآخرين، ط1، الدار العربية للكتاب، تونس، ص17، وما بعدها.

6.ينظر الباب الأول من محاضراته: لمحة عن تاريخ الألسنية، من ص17، إلى ص.23.

7. محمد الأوراغي، 2010، نظرية اللسانيات النسبية (دواعي النشأة), ط1، دار الأمان، المغرب، ص77.

8.حسن خميس الملخ، اللسانيات في الثقافة العربية الحديثة، www.aljabriabed.net/n96_07khamis.htm.

9.عبد القادر الفاسي الفهري، 1985، اللسانيات واللغة العربية (نماذج تركيبية ودلالية), ط1، دار توبقال للنشر، المغرب، ص61.

10.عبد القادر الفاسي الفهري، عن أساسيات الخطاب العلمي والخطاب اللساني، ضمن المنهجية في الأدب والعلوم الإنسانية، ص94، نقلا عن: محمد الأوراغي، 2010، نظرية اللسانيات النسبية (دواعي النشأة)، ص39.

11.المقصود بالتجريبية، كما يذكر عز الدين المجدوب ليس: "تلك النزعة في العلوم التي تقضي باعتماد التجربة قبل إصدار أحكامعلمية فتلك من محاسن المنهج العلمي، وإنما الذي نقصده بالتجريبية هو قلة التنظير للمارسة العملية، وعدم وعي الباحث بالمسلمات التي ينطلق منها وعدم تفكيره فيما يقتضيه التسليم بها من مستلزمات ونتائج فرعية", عز الدين المجدوب، 1998، المنوال النحوي العربي، ط1، دار محمد علي الحامي، كلية الآداب سوسة، تونس،  ص12.

12.طه عبد الرحمن، 2007، تجديد المنهج في تقويم التراث، ط3، المركز الثقافي العربي، المغرب، ص10.

13.المرجع نفسه، ص10.

14.وحتى إن وجدت هناك دراسات فيها جدة وتميز فإنها تبقى في الهامش؛ لأنها ليست من المرغوب فيه، كما هو الحال مع ما قدمه فاضل السّامرائي حول قضية معاني النحو، ينظر: فاضل صالح السامرائي، 2000، معاني النحو، ط1، دار الفكر، الأردن.

15.وهو من بين الأهداف التي أنيطت به، وقد قادهم هذا الهدف إلى "البحث عن كل ما يفيد في استنطاق النص وفي معرفة ما يؤديه التركيب القرآني على وجه الخصوص باعتباره أعلى ما في العربية من بيان". عبده الراجحي، 1979، النحو العربي والدرس الحديث (بحث في المنهج)، ط1، دار النهضة العربية،  لبنان، ص11.

16.محمد الأوراغي، 2010، نظرية اللسانيات النسبية (دواعي النشأة), ص ص55- 56.

17.المرجع نفسه، ص55.

18.المرجع نفسه، ص56.

19.المرجع نفسه، ص56.

20.المرجع نفسه، ص57.

21.المرجع نفسه, ص57.

22.هبة خياري، 2011، خصائص الخطاب اللساني (أعمال ميشال زكريا نموذجا), ط1، الجزائر: دار الوسام العربي، ص41.

23.المرجع نفسه, ص47.

24.ينظر: فؤاد بوعلي،"الدرس النحوي في الخطاب اللساني المعاصر"، مجلة علوم إنسانية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المغرب، العدد 30، سبتمبر 2006.

25.عبد الرحمن الحاج صالح، 2007، بحوث ودراسات في اللسانيات العربية، ج1، ط1،  موفم للنشر، الجزائر، ص207.

26.المرجع نفسه، ج1، ص208.

27.المرجع نفسه، ج1، ص12.

28.محمد الأوراغي، 2010، نظرية اللسانيات النسبية (دواعي النشأة)، ص68.

29.أحمد المتوكل، 1985، الوظائف التداولية في اللغة العربية, ط1، دار الثقافة، المغرب، ص10.

30.حافظ اسماعيلي علوي، امحمد الملاخ، 2009، قضايا ابستمولوجية في اللسانيات, ط1، منشورات الاختلاف، الجزائر، ص44.

31.تشومسكي، نظرات في النظرية التركيبية، ص12، نقلا عن: مصطفى غلفان،2010، اللسانيات التوليدية (من النموذج ما قبل المعيار إلى البرنامج الأدنوي: مفاهيم وأمثلة)، ط1، عالم الكتب الحديث، الأردن، ص45

32.مصطفى غلفان، 2010، اللسانيات التوليدية، ص47.

33.المرجع نفسه، ص47.

34.جرهارد هلبش، 2007،  تطور علم اللغة منذ سنة 1970، تر: حسن بحيري، ط1، زهراء الشرق، مصر، ص ص267- 268.

35.مصطفى غلفان، اللسانيات التوليدية، ص49.

36.المرجع نفسه، ص49.

37.                      هذا التقسيم من اقتراح الباحث المغربي طه عبد الرحمن، ينظر: طه عبد الرحمن، 2000، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ط2، المركز الثقافي العربي، المغرب، ص 28.

38.س. بيرو، علم التركيب الوظيفي، نقلا عن: مصطفى غلفان، اللسانيات التوليدية، ص18.

39.هنري روبنس، اللسانيات العامة (مقدمة)، ص21، نقلا عن: مصطفى غلفان،2010،  اللسانيات التوليدية، ص17.

40.ينظر: مصطفى غلفان،2010، اللسانيات التوليدية، ص109.

41.حافظ إسماعيلي علوي، 2011،التداوليات علم استعمال اللغة، ط1،  عالم الكتب الحديث، الأردن، ص19

42.المرجع نفسه، ص19.

43.نايف خرما وعلي حجاج، اللغات الأجنبية تعليمها وتعلمها، نقلا عن: نحو نظرية وظيفية للنحو العربي، يحي بعيطيش، أطروحة دكتوراه، لسانيات، جامعة منتوري، قسنطينة، 2005- 2006، ص39.

44.طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث, ص90.

45.محمد الأوراغي، 2010، نظرية اللسانيات النسبية(دواعي النشأة)، ص15.

46.توماس س. كون، بنية الثورات العلمية، 2007، تر: حيدر حاج اسماعيل، ط1، المنظمة العربية للترجمة، لبنان، ص156.

47.عزالدين مجدوب، 1998، المنوال النحوي العربي (قراءة لسانية جديدة)، ط1، دار محمد علي الحامي للنشر والتوزيع، تونس، ص12.

48.عبد الرحمن الحاج صالح، 2007،بحوث ودراسات في اللسانيات العربية، ج1، ط1، موفم للنشر، الجزائر، ص12- 13.

49.المرجع نفسه، ص14.

50.عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية (نماذج تركيبية ودلالية), ص52.

51.المرجع نفسه، ص61.

52.محمد الاوراغي، 2010، نظرية اللسانيات النسبية (دواعي النشأة), ص68.

@pour_citer_ce_document

الزايدي بودرامة, «اللّسانيات العربيّة واللّسانيات الغربيّة "توصيف للواقع" »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp: 244 - 259,
Date Publication Sur Papier : 2016-01-15,
Date Pulication Electronique : 2016-01-12,
mis a jour le : 04/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1357.