حدود إمكانية إخضاع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية للرقابة القضائية أو شبه القضائية -دراسة في إطار القانون الدولي العام-
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°21 Décembre 2015

حدود إمكانية إخضاع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية للرقابة القضائية أو شبه القضائية -دراسة في إطار القانون الدولي العام-


لامية قاسم
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

في الوقت الذي أكدت فيه الأمم المتحدة في العديد من المناسبات على فكرة الارتباط بين كافة أنواع حقوق الإنسان، وضرورة التمتع بها على قدم المساواة، اعتبر بعض المحللينالحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية مجرد طموحات تستعين بها الدول وهي بصدد رسم وتطبيق سياساتها، فهي لا تشكل حقوقا فردية أو جماعية يمكن أن تكون محل مطالبة قضائية، نظرا لعدم دقة المفاهيم المتعلقة بها وتوقفها على درجة تطور الدولة، ولكن مع الجهود المبذولة من قبل اللجان الدولية والمحاكم الإقليميةيبدو أنه أصبح من الممكن إخضاعهذا النوع من الحقوق لرقابة قضائية أو شبه قضائية.

الكلمات المفاتيح: لجنة الحقوق الاقتصادية، الرقابة القضائية، البروتوكول الاختياري، الحقوق الاقتصادية، الحماية القضائية لحقوق الإنسان.                                                   

Au moment où l’organisation des Nations Unies a confirmé à plusieurs reprises l’idée de l’interdépendance des deux catégories de droits de l’homme, certains considèrent les droits sociaux, comme simples ambitions utilisés par les Etas dans le processus d’application de ces politiques.

Ils ne sont pas considérés comme des droits individuels ou collectifs bénéficiant d’une protection juridictionnelle, en raison d’un manque de clarification et aussi parce qu’ils sont liés au développement de l’Etat.

Mais avec les efforts déployés par les comités internationaux et les tribunaux régionaux, il semble qu’on a admis l’idée de les soumettre au contrôle judiciaire ou quasi-judiciaire.

Mots clés :comité des droits économiques, contrôle judiciaire, le protocole facultatif, droits sociaux, protection juridictionnelle des droits de l’homme.        

The United Nations insisted in many occasions on the idea of ​​the link between all types of human rights, and the need to enjoy them on  equality, some considered economic, rights mere ambitions used by the states in the process of implementation of policies, they do not constitute individual or collective rights can be the subject of a judicial claim, due to the lack of concepts related to the accuracy and because they stopped on the degree of development of the state. But with the efforts of the international committees and regional courts, it seems that it is possible to subject this rights to the supervision of a judicial control.

Keywords:Economic committee, judicial control, Optional Protocol to the Covenant, Social rights, judicial protection of human rights.

Quelques mots à propos de :  لامية قاسم

أستاذ مساعد أ، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد لمين دباغين سطيف2.

 مقدمة

تعاني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من مشكلة تهميشها مقارنة بالحقوق المدنية والسياسية التي تعرف تطورا كبيرا، سواء على المستوى الدولي أو الوطني، ويؤكد ذلك عدم تضمين كل أنواع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في وثيقة واحدة، ففي إطار نشاطات الأمم المتحدة وبمقتضى ميثاقها الذي تضمّن أحكاما بتشجيع وترقية حقوق الإنسان، قامت لجنة حقوق الإنسان بوضع وثيقتين منفصلتين، تضمنت الأولى الحقوق المدنية والسياسية (PIDCP) في حين تم تخصيص الوثيقة الثانية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (PIDESC)1.

ويعبر هذا الطرح عن تجسيد النظرة التقليدية لحقوق الإنسان التي ترى أن الحقوق المدنية والسياسية لا تتطلب لإعمالها سوى امتناع من جانب الدولة عن طريق عدم التدخل وعرقلة التمتع بها، في حين أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا يمكن تطبيقها مباشرة، باعتبارها تتطلب تدخلا إيجابيا من جانب الدولة، ووفق ذلك سميت من قبل البعض بحقوق "الدرجة الثانية" أو "حقوق الجيل الثاني" أو "حقوق الفقراء" (Pauvres Droits-Droits des Pauvres)2، واعتبرها البعض مجرد طموحات، وأن الأحكام الخاصة بها لا تفرض التزامات حقيقية على عاتق الدول ولذلك تم التعبير عنها في العهد الخاص بها، بعبارات غامضة وغير دقيقة لا تحتمل أي تطبيق قضائي، أي أنه لا يمكن أن تكون محل نظر أمام جهة قضائية أو حتى شبه قضائية، لأنها لا تفرض على الدولة سوى الالتزام ببذل جهد لإعمالها، وهو أمر يتوقف على حجم الموارد المالية المتاحة لها.

وقد تجاهل هذا الطرح التقليدي للتمييز بين الحقوق جملة من الاعتبارات التي تفرض التعامل بين مجموعتي الحقوق على قدم المساواة، وأهمها فكرة ارتباط وعدم قابلية كل أنواع الحقوق للانقسام، وهو ما أكدت عليه الأمم المتحدة في كثير من المناسبات، ابتداء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة31948، ومسألة الالتزامات الإيجابية4 التي تفرض على الدول ضمانالتطبيق الفعال للحقوق الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادقت أو انضمت إليها.

تم تحديد ثلاثة مستويات من التزامات الدول، فالأول هو التزام بالاحترام (Respecter) ويفرض على الدولة الامتناع عن أي تصرف من شأنه أن يمس بحق الفرد أو يعرقل حريته بما في ذلك حريته في استعمال الموارد المتاحة لإشباع حاجياته الأساسية، والثاني هو التزام بالحماية (Protéger) ويكمن في أخذ كل الإجراءات لمنع انتهاك حقوق الفرد وحرياته الأساسية من طرف أشخاص آخرين، أما الثالث فهو الالتزام بالإعمال (Réaliser)، ويفرض على الدولة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان تمتع الفرد بحاجاته الأساسية والتي لا يمكن الوصول إليها بجهده الخاص، وتبعا لذلك فإن دور الدولة مزدوج تجاهكل أنواع حقوق الإنسان، فسواء تعلق الأمر بحق مدني أو سياسي أو حق اقتصاديأو اجتماعيأو ثقافي فإنها تخضع لالتزام سلبي (Obligation négative) باحترام الحقوق والتزام ايجابي (Obligation positive) بحماية وتعزيز هذه الحقوق، فكل أنواع الحقوق تتطلب تدخلا سياسيا، تشريعياأو حكوميا، واستعمال الموارد الخاصة لضمان تطبيقها، وتفرض بالتبعية الالتزام بالنتيجة، من حيثمدى احترامه عن طريق إخضاعه لرقابة القاضي5.

ولا تهدف الدراسة إلى التعمق في تحديد الطبيعة القانونية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومقارنتها مع الحقوق المدنية والسياسية وإنما  نحاول إزالة الغموض الذي يكتنف فكرة إمكانية إخضاع هذه الحقوق لرقابة القاضي، من خلال الممارسات الدولية سواء عن طريق إخضاعها لأجهزة قضائية أو شبه قضائية، مركزين على دور اللجان الدولية والإقليمية، وخاصة لجنة حقوق الإنسان المكلفة بتطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (CODCP)، واللجنةالمعنية بالحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية (CODESC) وجهودها في تكريس حق التقاضي بشأن هذه الحقوق، وخاصةبعد إرساء قواعد البروتوكول الملحق بالعهد (PF/PIDESC) والمتضمن إجراءالشكوى الفردية6، وكذلك دور المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية باعتباره جهازا فعّالافي حماية حقوق الإنسان الواردة في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فهل يمكن للأجهزة الدولية النظر في انتهاك دولة ما لأي حق من هذه الحقوق وتوجيه توصيات بضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف أو إزالة هذا الانتهاك؟ وبمعني آخر هل يمكن أن تكون الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية محل رقابة قضائية أو شبه قضائية لضمان التمتع الفعّال بها، أم أن هناك معوقات حقيقية تحول دون ذلك؟

سنحاول الإجابة على هذه   الإشكالية ضمن نقطتين:

أولا: الطرق غير المباشرة لكفالة أهلية التقاضي بشأن الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية.

1.                       اشتقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من التطبيق الفعّال للحقوق المدنية والسياسية.

2.                       تأسيس حق التقاضي على مبدأ عدم التمييز.

3.                       الاستناد إلى مبدأ وحدة ارتباط الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة.

ثانيا: مدى تكريس حق التقاضي في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية.

1.جهود اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية في إرساء حق التقاضي.

2.حق التقاضي في ظل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

أولا: الطرق غير المباشرة لكفالة أهلية التقاضي بشأن الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية

إلى وقت قريب، لم تكن اللجان المكلفة بفحص الشكاوى الفردية مؤهلة للنظر مباشرة في الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكن عملت على تطبيق الاتفاقيات المكلفة بتطبيقها بطريقة تسمح بضمان بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية انطلاقا من كل التزام خاضع لرقابتها يفرض احترام وإعمال هذه الحقوق بالاعتماد على جملة من الوسائل للوصول إلى تحقيق الهدف، وأهم هذه الوسائل هي فكرة اشتقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من التطبيق الواسع للحقوق المدنية والسياسية، أو الاستناد على مبدأ عدم التمييز، وكذا الاعتماد على مبدأ وحدة هذه الحقوق، أي ارتباطها وعدم قابليتها للتجزئة، وهو ما سوف نسلط عليه الضوء في ثلاث نقاط معتمدين في كثير من الأحيان على موقف لجنتي حقوق الإنسان اللتينتسهران على تطبيق العهدينالدوليين لحقوق الإنسان، وكذلك موقف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وجهودها في حماية بعض الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية.

1. اشتقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من التطبيق الفعّال للحقوق المدنية والسياسية

تسهر لجنة حقوق الإنسان المكلفة بتطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (CODCP)، منذ سريان البروتوكول الملحق بالعهد، على تطبيق الحقوق المدنية والسياسية، وكذلك بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من خلال إعطاء بعد اقتصادي واجتماعي لبعض الحقوق الواردة في العهد (PIDCP)، كالحق في العلاج الطبي، والحقفي منحة دراسية، ومجانيةالنقل، والحقفي الحصول على عمل أو مسكن7، أو عن طريق استعمال بعض الميكانيزمات،كالالتزامات الإيجابيةللدول (Obligations positives).

أ- فمن خلال الاعتماد على فكرة التوسع في تفسير محتوى الحقوق المدنية والسياسية الواردة في العهد (PIDCP)، توصلت اللجنة إلى أن اختصاصها الموضوعي لا يقتصر على الحقوق المعترف بها في العهد، وإنما يمتد إلى وثائق أخرى، فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحمي الحرية النقابية (المادة 22فقرة 1) وحرية التعليم (المادة 18فقرة 4)، وهي نفسها الحريات المكرسة من طرف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية (PIDESC)8، إلا أن نصوص العهد الأول تظهر أكثر جرأة ودقة من تلك الواردة في العهد الثاني، ووفق ذلك تجري حماية هاتين الحريتين من قِبلاللجنة (CODCP) عن طريق فرض احترامالالتزام السلبي، أي عن طريق الامتناع عن أي تدخل من جانب الدول من شأنه أن يعيق التمتع الكامل بهذه الحقوق.

وقد قبلت اللجنة في تطور لاحق تدريجيا، تطبيق الأبعاد الاجتماعية لبعض الحقوق المدنية والسياسية، وعززت وفق ذلك فعالية بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقد رأت أن منع الأعمال الشاقة أو السخرة المنصوص عليها بالمادة (8فقرة 3) من العهد -تأكيدا للمادة 25فقرة 1من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- يمكن أن يحتج به في مواجهة نظام للتأمين علىالبطالة يفرض ممارسة عمل مهين أو لا إنساني وتكون بذلك قد توصلت إلى منع وجود تبعية واستغلال في حالة البطالة9.

كما ذهبت أيضا اللجنة (CODCP) إلى أن عدم السماح بالإجهاض يمكن أن يشكل تدخلا تعسفيا في الحياة الخاصة (المادة 17من العهد)، وكذلك خرق الالتزام بمنع المعاملات أللإنسانية والمهينة (المادة 7من العهد)10، وأعلنت وفق ذلك أن احترام الالتزام بتقديم وتوفير بعض الحقوق الاجتماعية للمساجين (حد أدني من المساحة، التهوية، ظروف نظافة كافية، ملابس لا تحط من قيمة الشخص، سرير خاص، تغذية كافية لضمان صحة وسلامة السجين)، أي باختصار حق كل شخص في مستوى معيشي مناسب وهو ما جسدته (المادة 11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية11.

ومن جهتها وبناء على تفسيرها للفقرة الأولى من المادة الثانية من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، توصلت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى فرض امتناع أية دولة عن إنهاء حياة أي شخص عمدا، وضرورة اتخاذ التدابير المناسبة لحماية الحق في الحياة12.   

ب- كما تدعمت أيضا فكرة اشتقاق الالتزامات الحكومية تجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من الحقوق المدنية والسياسية بصورة واضحة من خلال تغير النظرة السابقة لطبيعة الحقوق المدنية والسياسية، باعتبارها لا تتطلب إجراءات إيجابية من جانب الدولة، أي أن دور الدولة ينطوي فقط على الالتزام بالامتناع عن اتخاذ أي تدبير أو إجراء من شأنه أن يعيق عملية التمتع الكامل بالحقوق الواردة في العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بحيث أقرت اللجنة بضرورة احترام الالتزام الايجابي الواقع على عاتق الدول الأطراف في العهد في مواجهة الحقوق المعترف بها13، وتبعا لذلك أشارت اللجنة إلى أن الحق في الحياة الوارد في المادة (6فقرة 1) من العهد كثيرا ما يتم تفسيره بصورة ضيقة أكثر مما ينبغي، فقد نصت المادة السادسة في فقرتها الأولى على أن : »الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا».

واعتبرت لجنة حقوق الإنسان (CODCP) أنه لا يمكن فهم عبارة "الحق في الحياة كحق ملازم لكل إنسان" فهما صحيحا على نحو تقييدي، ذلك أن حماية أي شخص من حرمانه من حياته تقتضي أن تتخذ الدول "تدابير إيجابية"، وتبعا لذلك يقع على عاتق كل الدول الأطراف التزام باتخاذ التدابير الممكنة لتخفيض وفيات الأطفال، وزيادة متوسط العمر، ولاسيما تلك التدابير المتعلقة بالقضاء على سوء التغذية والأوبئة14، فانطلاقا من هذا التفسير الواسع للحق في الحياة طلبت اللجنة من الدول تزويدها بمعلومات عن الخطوات المتبعة لخفض وفيات الأطفال والأمهات والزيادة المتوقعة لمتوسط العمر.

وكانت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أشارت من قبل إلى أن الالتزام "باتخاذتدابير" لضمان احترام الحق في الحياة لا يتضمن مجرد إنشاء نظام فعال لمكافحة الجريمة (نظام قضائي جنائي)،ولكنه يتضمن أيضا نظام المستشفيات العامة والنظام الصحي، أي نظامايكفل الحد الأدنى من الخدمات الطبية والاجتماعية15، ومن هنا فإن التفسير الواسع للالتزامات المتعلقة بالحق في الحياة ينطوي بالضرورة على حماية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والنفسية، والحقفي مستوى معيشي كاف، بما في ذلك توفير المستويات المناسبة من السكن والغذاء، وهو ما يتطابق مع ما ورد في (المادتين 11و12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية16.

كما نظرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بمناسبة الفصل في قضية إيرى (Airey)17، في مسألة العقبات المادية التي تحول دون ممارسة الحريات المكفولة بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وعدم وضوح الخطوط الفاصلة عموما بين المجموعتين التقليديتين من الحقوق. ومما جاء في وقائع القضية أن السيدة (يوهانا إيري) قد عجزت عن توكيل محام ليترافع عنها في دعوى قضائية مرفوعة أمام المحكمة العليا في ايرلندا للانفصال عن زوجها (علما أنه لا يجوز لأي من الزوجين في ايرلندا رفع دعوى قضائية للانفصال عن الآخر إلا أمام المحكمة العليا) ونظرا للمكانة الخاصة والإجراءات الدقيقة التي تتميز بها هذه المحكمة، فقد اقتضى الأمر توكيل أحد المحامين الذين يتقاضون أتعابا تفوق الطاقة المالية للمدعية، فتمسكت السيدة (Airey) بعدة نصوص أمام المحكمة الأوروبية من بينها نص المادة السادسة في فقرتها الأولى18من الاتفاقية الأوروبية، والتي تنص على "ضمان الحق في المثول أمام المحكمة على نحو فعّال"، وهنا استدعى الأمر أن تنظر المحكمة في الالتزامات المحددة التي فرضتها المادة السادسة على إيرلندا والخاصة بالحق في المثول أمام القضاء، وانتهت إلى أن السيدة (Airey) لم تتمكن من توكيل محام ليترافع عنها في الدعوى القضائية الخاصة بالانفصال عن زوجها لعدم قدرتها تسديد الأتعاب التي يتقاضها عموما المحامون في مثل هذه القضايا، وهكذا فان إيرلندا لم تضمن حقها في المثول على نحو فعّال أمام القضاء، مما يشكل انتهاكا لنص المادة السادسة من الاتفاقية19.

2. تأسيسحق التقاضي على مبدأ عدم التمييز

أ-يمكن أن يشكل "مبدأ عدم التمييز" (principe de non-discrimination) أساسا يعتمد عليه في مسألة إخضاع بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لرقابة القاضي، وقد تم النص عليه في الفقرة الأولى من المادة الثانية منالعهد الخاص بهذه الحقوق، ويفرض المبدأ على الدول الالتزامبضمان ممارسة الحقوق الواردة في العهد بدون أي تمييز ومهما كان نوعه20.

 كما تم تكريس المبدأ أيضا بموجب نص (المادة 26) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يمنع كل تمييز قانوني أو واقعي في جميع ميادين تدخل السلطة، وقد أبدت لجنة حقوق الإنسان (CODCP) عقب عشر سنوات من بداية عملها إحدى ملاحظاتها الأكثر جرأة والتي تتعلق بطبيعة (المادة26) من العهد، فقد ذهبت إلى أن المبدأ المنصوص عليه في (المادة 26) لا يتعلق فقط بالحقوق التي يضمها العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإنما يمتد أيضا إلى كل تشريع صادر عن الدولة سواء تعلق بالطابع الاجتماعي أم لا، وبمعنى آخر فإنه في حالة اعتراف الدولة ببعض الحقوق الاجتماعية،أو بمنح بعض المساعدات الاجتماعية، فيجب التمتع بها "دون تمييز"، الأمر الذي يجعل الأحكام الخاصة بتقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قابلة للتطبيق المباشر انطلاقا من تطبيق مبدأ عدم التمييز في التمتع بالحقوق الاجتماعية، وبالتالي يمكن الاستناد إليها مباشرة أمام القضاء دون النظر إلى الوسائل المتاحة للدولة وخاصة المالية منها21.

كما كرست اللجنة (CODCP) حق التقاضي بشأن بعض الحقوق الاجتماعية، من خلال تطبيق مبدأ "عدم التمييز" في قضية "زفان-دي فريز " Zwaan-de varisضد هولندا، حيث رأت اللجنة أنه على الرغم من أن (المادة 26) من العهد تطالب بتحريم التمييز من خلال التشريعات، فإنها لا تتضمن أي التزام بالنسبة للأمور التي ينص عليها التشريع إذ لا تطالب الدولة مثلا باعتماد تشريع للضمان الاجتماعي، ولكن عند اعتماد مثل هذا التشريع ضمن ممارسة الدولة لسلطتها السيادية، فيجب أن يتوافق مع مقتضيات (المادة 26) من العهد22.

وعلى الرغم من أن (المادة 26) من العهد لها تأثير مباشر على طريقة معالجة اللجنة للتشريعات الاجتماعية فإن تطبيقها يطرح عدة إشكاليات، وبالنتيجة فإن اللجنة لا تقبل التمييز إلا إذا كان مبررا أو يعود إلى أسباب "موضوعية" و"معقولة"، وقد اعتبرت تبعا لذلك إلزام المرأة بإثبات كفالتها للأسرة من أجل الاستفادة من منحة البطالة غير مبرر، وكذلك إعطاء المنح العائلية بشرط إثبات تدخل الوالدين فعلا في تربية الأولاد المتبنّين الذين يعيشون في الخارج دون أن يشترط ذلك بالنسبة للأولاد الطبيعيين23.

كما رفضت اللجنة أيضا أن تشمل عمليات وجود التمييز النتائج المختلفة التي يمكن أن يتوصل إليها التطبيق الموحد للقواعد المشتركة بحيث رفضت أن تأخذ بعين الاعتبار النتائج التمييزية التي تم التوصل إليها عن طريق التطبيق الموحد لتشريع معين، وكذلك رفض تقرير وجود تمييز في حالة المعالجة المختلفة لالتزامات أشخاص في وضعيات مختلفة وهو ما يمنح مرونة في تطبيق (المادة 26).

ب- أما لجنة منع التمييز العنصري (CEDR) فقد ساهمت في إرساء مبدأ عدم التمييز في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ فبموجب المادة الخامسة من الاتفاقية تلتزم الدول بالقضاء ومنع كل تمييز عنصري وضمان حق كل فرد في المساواة في التمتع ببعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في الاتفاقية على سبيل الحصر24، وفي هذا الإطار لم تكتف اللجنة بالنظر في القضايا المتعلقة بفرض احترام "مبدأ عدم التمييز" بمنح الحقوق الاجتماعية فقط بل ذهبت إلى أبعد من ذلك؛ ففي بعض القضايا قامت بإثبات عدم حماية الدولة للفرد بصورة كافية ضد التمييز الذي يتعرض له من جراء شخص آخر يحرمه بالتبعية من ممارسة حقوقه الاجتماعية، ومثال ذلك عدم حماية الدولة بصورة كافية للأجير ضد التسريح التعسفي، أو في حالة عدم اتخاذ الدولة للإجراءات الكافية ضد التمييز الممارس من الوكالات العقارية25.

ولم تتوان اللجنة في تقديم توصيات بضرورة تبني إجراءات حقيقية، من أجل وقف التمييز عن طريق دعوة الدولة إلي تقديم مساعيها الحميدة، من أجل ضمان إيجاد عمل جديد للضحية أو الرجوع في قرارها للتمكن من إقامة مساكن اجتماعية.

ج- كما حاولت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من جهتها في كثير من الحالات تقرير حقوق اجتماعية بالاستناد إلى "مبدأ عدم التمييز" المنصوص عليه في المادة الرابعة عشر من الاتفاقية الأوروبية، بحيث انتهت المحكمة في قضية  (Thlimmenos) ضد اليونان26، إلى أنه وأخذا بعين الاعتبار إمكانية الاعتراف ببعض التمييزات الايجابية في مجال الحصول على عمل وكذا شروطه، فإن خرق (المادة 14) من الاتفاقية يمكن الاحتجاج به في حالة تعامل الدولة بصورة مختلفة مع أشخاص في وضعيات متشابهة دون مبرر موضوعي أو عقلاني، وأضافت المحكمة أن الدولة تكون قد انتهكت الالتزام بضمان الحقوق المنصوص عليها دون تمييز، عندما لا تلجأ إلى معالجة مختلفة لأشخاص في وضعيات مختلفة.

كما قبلت المحكمة أيضا تقرير منحة بطالة بموجب قرارها، الصادر في قضية (Gaygusuz) ضد النمسا27، حيث إن المدّعي من جنسية تركية كان قد تلقى رفضا لطلبه المقدم أمام وكالة للتشغيل والمتعلق بالحصول على منحة استعجالية (Allocation d’urgence) كمقدم لراتبه وذلك بالاستناد إلى عدم تمتعه بالجنسية النمساوية، بحيث رأت المحكمة أن الحق في منحة البطالة هو حق مالي يدخل في مفهوم المادة الأولى من البروتوكول الأول الملحق بالاتفاقية التي تنص على أن: «لكل شخص طبيعي أو معنوي الحق في احترام ممتلكاته»، ومن هنا فإنه يمكن الاستناد إلى مبدأ عدم التمييز في حالة غياب نص في الاتفاقية لتقرير حق اجتماعي28.

وفي قضية أخرى29رأت المحكمة الأوروبية أن إخضاع المدّعي إلى نظام غير المتزوجين غير مبرر، لأن هذا الأخير لا يأخذ بعين الاعتبار ظروف كل حالة، ومن هنا فمن غير المعقول معاملة المدّعي بطريقة مختلفة عن الآباء المتزوجين لأنه يتحمل أعباء مالية تجاه ابنته، ويقع عليه التزام الوفاء بها.

3. الاستناد إلى مبدأ وحدة، ارتباط الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة

أ- حاولت الأمم المتحدة في العديد من المناسبات إزالة فكرة التمييز في مجال التعامل مع مختلف فئات حقوق الإنسان، فقد أكدت مسألة ارتباط حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة بموجب إعلان طهران (Proclamation de Téhéran) الصادر في 18ماي 1968، والذي نص في فقرته الثالثة عشر على أن: «حقوق الإنسان وحرياته الأساسية غير قابلة للانقسام، ولا يمكن التمتع الكامل بالحقوق المدنية والسياسية دون التمتع بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وأن النجاح في مجال تطبيق الحقوق يفترض وجود سياسة وطنية ودولية عقلانية وفعالة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية»30.

كما أشار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 32/130المصدق عليه بأغلبية (123) صوت في 16ديسمبر 1977، إلى أن أغلبية الدول متفقة على إعطاء الأولوية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وترتيبها في درجة أعلى من الحقوق المدنية والسياسية ضمن هرم حقوق الإنسان.

وجاء في إعلان الحق في التنمية المصادق عليه من طرف الجمعية العامة في 4ديسمبر 1986التأكيد على أن كل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية مرتبطة وغير قابلة للتجزئة، وأن إعمال الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يجب أن يكون على نفس القدر من الاهتمام ويجب مواجهته بنفس القدر من الاستعجال.

واستمرت الأمم المتحدة في محاولة القضاء على التفرقة بين مجموعتي حقوق الإنسان، فقد أكدت الموقف نفسه في إطار إعلان فينا الصادر في 25جوان 199331، إذ ورد في النقطة الخامسة منه أن حقوق الإنسان عالمية،غير قابلة للتجزئة وشديدة الارتباط بعضها ببعض وعلى المجموعة الدولية أن تتعامل مع كل أنواع حقوق الإنسان بصورة عادلة ومتوازنة، وعلى قدم المساواة وإعطائها الأهمية نفسها32.

ب- أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مبدأ الارتباط بين كل أنواع حقوق الإنسان في العديد من القضايا المطروحة أمامها ومن أهمها تلك التي حكمت فيها سنة 1986(قضية جيمس وآخرين ضد المملكة المتحدة)33.

 حيث أن جيمس المسؤول عن تطوير تجمع سكني يضم حوالي 2000وحدة سكنية، كان قد لجأ إلى المحكمة الأوروبية نظرا لصدور قانون سنة 341967 تضرر من جرائه باعتباره مالكا للتجمع السكنيواعتبرهمخالفا للاتفاقية الأوروبية وبالتحديد لنص المادة الأولى من البروتوكول الأول الملحق بهاوالمتضمنالحق في الملكية وأنهلا يسمح بتدخل الدولة لتنظيمه إلا من أجل الصالح العام، فقد ذهبت المحكمة في رأيها إلى أن: «قانون 1967يهدف حسب تفسير الورقة البيضاء الصادرة عام 1966، إلى رفع الظلم الذي يكون قد لحق بالمستأجرين ساكني العقارات بسبب سريان نظام الإيجار طويل الأجل، وقد صيغ هذا القانون لتعديل القانون القائم الذي وصف بأنه "غير منصف للمستأجرين"وإعمالا لما سمي "بالسماح الضمني"لساكن العقار بامتلاكه، وأنه يمثل القضاء على ما يعد من مظاهر الظلم الاجتماعي ومثلا للوظائف التي يؤديها الجهاز التشريعي الديمقراطي، وبمزيد من التحديد تعتبر المجتمعات أن الإسكان حاجة اجتماعية أولية وأن تنظيمها لا يمكن أن يترك كلية تحت رحمة قوى السوق، وهناكقدر كبير من التفهم بإصدار تشريع يهدف إلى ضمان المزيد من العدالة الاجتماعية في مجال الإسكان، حتى ولو تعارض هذا التشريع مع العلاقات التعاقدية القائمة بين الأطراف الخاصة، ولم يعط فائدة مباشرة للدولة أو المجتمع بصفة عامة، ومن ثم فإن الهدف الذي يسعى إليه قانون الإصلاح العقاري هدف مشروع من حيث المبدأ».

كما ذهبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية (Airey) إلى تجسيد فكرة الارتباط بين فئتي حقوق الإنسان، بحيث لا يمكن تجاهل إحداها بحجة إعمال الأخرى، فإذا كانت الاتفاقية في مجملها لا تنص بصورة أساسية إلا على الحقوق المدنية والسياسية، فإنمعظمها يتميز بأبعاد اقتصادية واجتماعية، ومن هنا فإن المحكمة ترى مع اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، أنه لا يمكن استبعاد أي تفسير أو آخر من شأن تطبيقه الخوض في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية، فلا يوجد أي مبرر لاستبعاد هذه الأخيرة من مجال تطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية35.

 

ثانيا: مدى تكريس حق التقاضي في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

أسندت مهمة السهر على احترام تطبيق الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للجنة حقوق الإنسان بموجب المادة الثامنة والعشرين (28)36إلى جهاز مستقل للخبراء، غير أن المادة (16)37من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد أوكلت المهمة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وبذلك فإن العهد لم ينشئ جهازا مستقلا للنظر في التقارير الدورية المقدمة من قِبل الدول وإنما كان على المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يتولى هذه المهمة عن طريق تشكيل مجموعة عمل للدورة واستبدالها فيما بعد بمجموعة الخبراء الحكوميين، وكان عليه انتظار سنة 198538حتى يسند المهمة إلى لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (CODESC)، المشكلة من خبراء مستقلين يمارسون وظائفهم بصورة شخصية.

وقد عملت اللجنة منذ نشأتها على تدعيم فكرة التقاضي بشأن الحقوق الاقتصادية، عن طريق الكشف عن غياب عراقيل حقيقية لإمكانية تطبيق رقابة قضائية أو شبه قضائية لضمان احترام نصوص العهد، وتوجت جهودها فيما بعد بإرساء نظام للشكاوى الفردية عن طريق وضع البروتوكول الاختياري (PF/PIDESC)، وهذا ما سوف نوضحه في النقطتين الآتيتين:

1. جهود اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية في إرساء حق التقاضي

حاولت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية (CODESC) منذ بداية عملها تحديد الطبيعة القانونية للالتزامات الملقاة على عاتق الدول الأطراف بموجب العهد والدفاع عن إمكانية إخضاعها للتقاضي، ومحاولة الوصول لتجسيدها.

أ – احتلت مسألة تحديد الالتزامات المفروضة على الدول في إطار العهد (PIDESC) مكانة هامة ضمن النشاطات التي قامت بها الدولة خلال إبرامه، وقد أدى اختيار الدول لنظام رقابة39يتوقف على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لها إلى وضع قواعد تتضمن التزامات ضعيفة مقارنة بتلك الواردة في العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، انطلاقا من خصوصية الحقوق الواردة في العهد، ومن ثم طرح التساؤل حول حجم الالتزامات الواردة في الفقرة الأولى من المادة الثانية التي تتراوح بين الالتزام بوسيلة أو بنتيجة، إضافة إلى عبارة "الطابع التدريجي" (Caractère progressif) الواردة ضمن نصوص العهد، والتي كثيرا ما تمسكت بها الدول للتهرب من الالتزامات المفروضة عليها.

فبموجب الفقرة الأولى من المادة الثانية من العهد: «تتعهد الدول بأن تقوم منفردة أو من خلال المساعدة والتعاون الدوليين باتخاذ الخطوات الاقتصادية والتقنية، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتوفرة، من أجل التوصل تدريجيا إلى التطبيق الكامل للحقوق المعترف بها في الاتفاقية الحالية بكافة الطرق المناسبة، بما في ذلك على وجه الخصوص تبني الإجراءات التشريعية»، وقد أثار النص العديد من التعليقات نظرا للعبارات غير الدقيقة التي تضمنها، ومن بين أهم المسائل التي يطرحها البحث في طبيعة الالتزام الوارد في نص (المادة2/فقرة1) هل هو التزام بنتيجة أم بوسيلة؟.

أثارت المسألة جدلا فقهيا كبيرا وظهرت عدة اتجاهات لتفسير ذلك، من بينها الاتجاه الذي دافعت عنه لجنة القانون الدولي على إثر وضعها لمشروع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول40، وتكمن التفرقة وفق هذا الرأي بين نوعي الالتزام في حجم الوسائل المتاحة للمخاطبين  بالنص، فنكون أمام الالتزام بوسيلة (Obligation de moyen) عندما نفرض على الدول الالتزام باتخاذ وسائل محددة بدقة للوصول إلى النتيجة، ونكون أمام التزام بنتيجة (Obligation de résultat) عندما نفرض على الدول نتيجة محددة دون تقييدها باتخاذ سلوك معين في تحقيقها، وبما أن الدول بموجب (المادة2/فقرة1) "تلتزم بأن تعمل بكافة الوسائل المتاحة …"، يظهر بالاستناد إلى التفرقة السابقة أن هذا الالتزام هو التزام بنتيجة، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات مختلفة من أجل الوصول إلى الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقد ترك اختيار هذه الإجراءات للدول مع  التأكيد على ضرورة اتخاذ الإجراءات التشريعية41.

وقد سعت لجنة الحقوق الاقتصادية إلى تحديد طبيعة الالتزامات المفروضة بموجب الفقرة الأولى من المادة الثانية، والتي لم تخرج في موقفها عن ذلك الذي أخذت به لجنة القانون الدولي42، ومن الناحية العملية فإن خرق هذا الالتزام يثير مسؤولية الدولة، سواء تعلق الأمر بالالتزام بوسيلة أم بنتيجة

ب-ولكن التفرقة الأكثر أهمية هي تلك التي تقسم الالتزامات إلى التزامات فورية (Immédiates) والتزامات تدريجية (Progressives) ويجب ملاحظة أن تحديد طبيعة الالتزام بكونه فورياأو تدريجيالا يتعلق بالضرورة بكونه التزامابوسيلة أو بنتيجة، وهذا ما يمكن أن نستشفه من نص (المادة 13) من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية التيتنص على أنه من أجل ضمان الحق في التعليم يجب أن تجعل الدولة التعليم الابتدائي إلزاميا ومتاحا للجميع، فالنتيجة المراد التوصل إليها محددة بدقة،ولكن لا يمكن الوصول إليها بصورة فورية43.

وغالبا ما تبرر الدول عدم احترامها للعهد وتهربها من التزاماتها "بالطابع التدريجي" لإعمال الحقوق الاقتصادية ونقص الموارد المالية المتاحة لذلك، ولكن من أجل محاربة هذا النوع من الذرائع، عمدت اللجنة (CODESC) إلى تحديد المفهوم الذي يجب إعطاؤه من قبل الدول الأطراف لفكرتي "التطبيق التدريجي" و"الموارد المتاحة".

وفي هذا السياق ذهبت اللجنة إلى أن العهد يفرض العديد من الالتزامات ذات التطبيق الفوري، ومن بينها الالتزام بضمان احترام جميع الحقوق الواردة فيه دون تمييز، وكذلك الالتزام بالتدخل ضمن أجل معقول ابتداء من سريانه عن طريق إجراءات فعالة لضمان التمتع بالحقوق الواردة فيه44.

كما ترى اللجنة بأنه يقع على كل دولة طرف التزام أساسي بضمان "الحد الأدنى " (noyau dur) لكل حق على الأقل، وعلى ذلك فإن العهد يفرغ من أية قيمة قانونية إذا لم يستخلص من أحكامه هذا الحد الأدنى الأساسي من الالتزامات، وحتى تستطيع الدولة أن تتذرع بنقص الموارد سببالعدم الوفاء بالتزاماتهايجبعليها أن تثبت أنها لم تدّخر أي جهد في استعمال الموارد المتاحة، وعلى سبيل الأولوية من أجل الوفاء بها45.

فمن الواضح أنه يقع على الدول التزام الوفاء بقدر كبير من الالتزامات المتضمنة في العهد الدولي، وتسخير كل مواردها المتاحة بأفضل طريقة ممكنة لإعمال الحقوق التي تضمنها، وعلى سبيل الخصوص،الأحكام المتعلقة بعدم التمييز في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية (المادة 2الفقرة 2–المادة 3)، التيتظهر كالتزامات فورية وبنتيجة، ويترتب على ذلك أن وضع أو إدماج قانون يقوم على التمييز في مجال العمل والمؤسسعلى الجنس أو أي معيار آخر يشكّلخرقا واضحا لأحكام العهد46.

ونخلص من خلال موقف اللجنة إلى أن التطبيق التدريجي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لا يسمح باتخاذ موقف سلبي من جانب الدولة، وإنما يفرض عليها التدخل من أجل إعمالها، سواء عن طريق عدم وضع أيه إجراءات تمس بهذه الحقوق،أو عن طريق ضمان الحد الأدنى الأساسي لها، وانطلاقامن هذه الالتزامات ومدى الوفاء بها يمكن أن تخضع الدولة لرقابة القاضي، وبالنتيجة فان إعمال الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية لم تعد منحصرة فقط في المجال السياسي47.

2. حق التقاضي في ظل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

أ-أمام قصور آلية التقارير الدورية التي يعرفها العهد كنظام للرقابة، وعجزها عن إثارة مسؤولية الدول الأطراف بشأن انتهاك الحقوق الواردة في العهد، وجدت فكرة تدعيمه بوسيلة أكثر فعالية تمكن اللجنة من تلقي البلاغات الخاصة بوجود هذه الانتهاكاتوالنظر فيها، وذلك عن طريق إلحاق العهد ببروتوكول اختياري ينظم هذه الآلية على غرار ما هو معمول به في مجال العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

 وقد ظهرت فكرة وضع البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد منذ سنة 1990، ودرست اللجنة (CODESC) هذه المسألة بصورة رسمية خلال دورتها السادسة سنة 199148، وفي السنة الموالية طالب المقرر الخاص (Danilo Turk) في تقريره النهائي49المقدم إلى اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، والمتعلق بإعمال الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية،بضرورة تبني مثل هذا البروتوكول، وتم لاحقا تقديم أربعة مشاريع مختلفة بطلب من رئيس اللجنة (Phillipe Alston) وشكلت هذه المشاريع أرضية للنقاش على مستوى لجنة الحقوق الاقتصادية (CODESC)، وقد اعتمدت لجنة حقوق الإنسان فيما بعد في دراستها لمشروع البروتوكول الاختياري على النقاشات والآراء المقدمة من طرف اللجنة وخاصة مداولات الدورة الخامسة عشر التي أخذت بعين الاعتبار الملاحظات المقدّمةمن قِبلمنظمة العمل الدولية (OIT)، وآراء مختلف المنظمات غير الحكومية(ONG)، بالإضافة إلى تقرير ندوة الخبراء حول مشروع البروتوكول بالترشت (Ultrecat) بدعوة من المعهد النيرلندي لحقوق الإنسان في جانفي 1995.

وشهدت الدورتانالأولى والثانية لفريق العمل المكلفبوضع البروتوكول الاختياري في مارس 2004وجانفي 2005، نقاشا حادا حول ضرورة وضع بروتوكول ملحق بالعهد، أي تحديد النظام القانوني للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واستمر لغاية سنة 2006على إثر إنشاء مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان50، والذي أخذ على عاتقه التزام وضع مثل هذا البروتوكول، بحيث تم توجيه مهمة فريق العمل إلى تحرير نصوصه.

 وفي سنتي 2007و2008قامت رئيسة فريق العمل (Catarina de albuquerque) بعرض مجموعة من المشاريع51الخاصة بالبروتوكول الاختياري، والتي تمت مناقشتها خلال الدورتين الأخيرتين لفريق العمل، وبعدها تمالتصديق على البروتوكول الاختياري من قبلالجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 200852، والذي دخل حيّزالنفاذ في ماي 201353.

ب-ينصب تحليل أحكام البروتوكول الاختياري على أربع نقاط لتحديد مدى فعاليته في إرساء حق التقاضي بخصوص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هي: تحديد الحقوق المشمولة بحق الشكوى، أصحاب الحق في الشكوى، الشروط المطلوبة لقبولها وسلطات اللجنة في التصدي والنظر في الشكوى، بالاستناد إلىبعض البروتوكولات الأخرى التي تضمنت إجراء الشكوى، وخاصة في إطار العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

-                       الحقوق المشمولة بالشكوى (الاختصاص الموضوعي)

بموجب المادة الثانية54من البروتوكول، فإنه بإمكان الضحايا الذين انتهكت إحدى حقوقهم المنصوص عليها في العهد، تقديم شكوى أمام اللجنة، وطرحجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد أمام اللجنة، ويعبر ذلك عن تجسيد إرادة الأغلبية عن طريق طرح جميع الحقوق الواردة في العهد أمام اللجنة، في مواجهة أقلية حاولت إلى اللحظة الأخيرة التمسك بتضييق مجال الحقوق المشمولة بحق الشكوى، وهو موقف سويسرا، التيدافعت منذ البداية على فكرة الاختيار بين الحقوق (approche à la carte)55، وهو ما يسمحللدول الأطراف في البروتوكول باختيار الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية التي يمكن أن تكون محل شكوى، وهي الوضعية التي تم انتقادها من قبل المنظمات غير الحكوميةوالخبراءوأغلبية الدول في مجلس حقوق الإنسان56، باعتبارها تخلق ترتيبا بين حقوق الإنسان وأيضا بين الضحايا، فعلى سبيل المثال يمكن لشخص انتهكت حقوقه النقابية أن يقدم شكوى، في حين لا يمكن لشخص حرم من حقه في العلاج الطبي الأساسي، عن طريق خرق حقه في الصحة، ولا لشخص تم طرده تعسفيا من مسكنه أو أرضه، عن طريق انتهاك حقه في السكن والتغذية أن يقوم بذلك.

وبما أنه لم يتم الترحيب بهذا الطرح من أغلبية الدول، فإن البروتوكول الملحق بالعهد لم يخرج عن الاتفاقيات الأخرى التي كرست الحق في الشكوى بالنسبة لكل الحقوق التي تتضمنها57، فنجد أن البروتوكول الملحق بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد تضمن إمكانية طرح كل الحقوق الواردة فيه أمام لجنة حقوق الإنسان (CODCP)، وكذا اتفاقية منع كل أشكال التمييز العنصري بموجب (المادة 14).

-                       أصحاب الحق في تقديم الشكوى (الاختصاص الشخصي)

من الشروط الواجب احترامها لتقديم الشكوى ضرورة خضوع الضحايا لولاية الدولة المسؤولة عن الانتهاك والتي يشترط أن تكون طرفا في العهد،وكذا البروتوكول (المادة 2)، ومن بين خصوصيات البروتوكول إمكانيةتقديم الشكاوى من قبل الأفراد أو مجموعات الأفراد وكذلك باسم الأفراد أو مجموعات الأفراد، ونلاحظ في هذا الشأن أن لجنة حقوق الإنسان (CODCP) قد قبلت الشكوى المقدمة من الجماعات منذ مدة رغم أن نص البروتوكول (PF/PIDCP) يقصر إمكانية تقديم الشكوى على الأفراد فقط، فقد عبرت اللجنة في الكثير من القضايا58عنقبولها للشكاوى المقدمة من جماعات الأفراد، فكان من المنطقي إعطاء هذا الاختصاص للجنة الحقوق الاقتصادية.

وتظهر أهمية هذا النص في الدور الذي سوف تلعبه المنظمات الوطنية والدولية لحماية حقوق الإنسان، عن طريق طرح شكاوى ضحايا انتهاكات هذا النوع من الحقوق أمام اللجنة (CODESC)، خاصة أن انتهاكها يمس عادة الفئات المحرومة، ومن هنا كان من الضروري تمثيلها من طرف المنظمات التي بإمكانها أن تتصل بسهولة باللجنة59.

كما نصت (المادة 10) من البروتوكول الملحق بالعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، علىغرار البروتوكول الملحق باتفاقية منع كل أشكال التمييز العنصري60، على إمكانية تقديم الشكاوى ضد الدول (PLAINTES INTER-ETATIQUES) والتي بموجبها يمكن أن تقدم دولة شكوى ضد دولة أخرى، تتضمن خرقها لإحدى الحقوق المتضمنة في العهد (PIDESC)، ولا يتم اللجوء إلى هذا الإجراء إلا إذا قدمت الدولتان إعلانا بقبول اختصاصات اللجنة بتلقي مثل هذا النوع من الشكاوى، ويمكن أن تدعم هذه الإمكانية حماية الحقوق الاقتصادية، حتى وإن لم يتم إعمالها من قبل أمام مختلف الأجهزة الاتفاقية61.

-                       شروط قبول الشكوى أمام اللجنة (Recevabilité).

يضم البروتوكول ثلاثة شروط لقبول الشكوى،وهي الشروطنفسهاالمطلوب توفرها أمام الأجهزة الدولية الأخرى التي تعرف نظاما للشكاوى وهي:

·  عدم سبق النظر في موضوع الشكوى من قبل أمام هيئة دولية أخرى للتحقيق أو التسوية، أي أنه لا يمكن طرح شكوى تم عرضها من قبل أمام أجهزة منظمة العمل الدولية (OIT)، أو أمام الأجهزة الإقليمية مثل اللجنة والمحكمة الإفريقيتين لحقوق الإنسان والشعوب أو اللجنة والمحكمة الأمريكيتين لحقوق الإنسان.

·  يجب أن يستنفذ مقدم الشكوى طرق الطعن الداخلية المتاحة ولا يطبق هذا الشرط في حالة تجاوز إجراءات الطعن الآجال المعقولة حيث يجب تقديم الشكوى خلال 12شهرا التي تلي استنفاذ طرق الطعن الداخلية.

·  لا يجب أن تكون الشكوى مجهولة62.

 

-                       سلطات اللجنة في مواجهة الشكوى

في حالة قبول الشكوى تتم مباشرة إجراءات مواجهة الضحايا مع الدولة الطرف المشكو ضدها، وتعرض اللجنة مساعيها الحميدة للتسوية الودية بين الطرفين63، وفي حالة العكسيقع على اللجنة التزام تحديد ما إذا كانت الدولة قد انتهكت الحق أو الحقوق المنصوص عليها بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، عن طريق تقديم ملاحظات وتوصيات إلى الدولة التي انتهكت الحقوق المثارة في الشكوى أو البلاغ64.

 وبما أن اللجنة ليس بإمكانها إصدار قرارات ملزمة للدول، فإنها تدخل ضمن الأجهزة شبه القضائية، وهي تقترب من تطبيقات لجنة حقوق الإنسان، بحيث يمكن للجنة أن تطلب من الدولة إبلاغها بالخطوات المتبعة لحل النزاعمن أجل تفعيل توصياتها،بتعيين مقرر خاص للقيام بذلك، ونشرالتوصيات وإجراءات متابعتها في التقرير السنوي أوإجراءندوات صحفية65.

وعلىغرار لجنة محاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة، فإن اللجنة المعنيةبالحقوق الاقتصادية بإمكانها إجراء تحقيقات في حالة تحصلها على معلومات تتعلق بانتهاك دولة طرف لأحكام العهد انتهاكا صارخا66، ولا يمكنها القيام بذلك إلا في حالة تقديم الدولة لإعلان تقبل فيه باختصاص اللجنة، ويمكن أيضا أن تطلب في أي وقت من الدولة الطرف اتخاذ إجراءات مؤقتة (PROVISOIRES)، إذا ما ارتأت أنها ضرورية لتفادي وقوع ضرر لا يمكن جبره على ضحية أو ضحايا الانتهاكات المزعومة67.

كما نسجل أيضا خصوصية الإجراءات المتبعة من قبلاللجنة (CODESC)، فيما يتعلق بمتابعة وإعمال التوصيات المقدمة بمناسبة تقرير وجود انتهاك لإحدى الحقوق الواردة في العهد، بحيث يمكن أن تحيل إلى الوكالات المختصة للأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها وغيرها من الهيئات المختصة، آراء وتوصيات تتعلق بالشكاوى والتحريات التي تدل على وجود حاجة المشورة أو المساعدة التقنية مصحوبة بملاحظات الدولة واقتراحاتها بشأن هذه الآراء والتوصيات من أجل التوصل إلى قرار حول ضرورة اتخاذ تدابير دولية، من شأنها أن تسهم في مساعدة  الدول الأطراف على إحراز تقدم في تنفيذ الحقوق المعترف بها في العهد.

كما نص البروتوكول على إنشاء صندوق استئماني (Fond d’affectation) لتقديم المساعدة المختصة والتقنية للدولالأطراف من أجل تعزيز تنفيذ الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية68.

ج-يمكن إبداء بعض الملاحظات بخصوص سريان البروتوكول الاختياري، فرغم العراقيل التي تعترض طريقه فإنه:

·  يكرس فكرة وحدة وارتباط كل فئات حقوق الإنسان التي يقع على عاتق كل دول المجموعة الدولية بموجبها التزام معالجتها بصورة متساوية وعادلة ومتوازنة، وإعطائها نفس القدر من الاهتمام، عن طريق وضع نظام للشكاوى خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تعرفه الحقوق المدنية والسياسية منذ سنة 1976.

·  سوف يساهم البروتوكول، بواسطة ميكانيزم الشكاوى الصادرة من الأفراد ومجموعات الأفراد، في تحديد الالتزامات المقررة على عاتق الدول الأطراف بموجب العهد الدولي (PIDESC)، وذلك عن طريق إثارة ومعالجة حالات واقعية، وبالاستعانة بالمعايير المنصوص عليها في العهد، كمصطلح "التطبيق التدريجي"، و"الموارد المتاحة" أو "الطابع العقلاني"، رغم أن اللجنة سعت من قبل عن طريق ملاحظاتها العامة إلى ذلك.

·  يشكل البروتوكول أداة فعالة لمساعدة الدول على اتخاذ التدابير والإجراءات المناسبة للإعمال التام للحقوق الواردة في العهد، عن طريق إدخال تعديلات تدريجية في نظمها القانونية وسياستها الوطنية بناءا على التوصيات والآراء الموجهة من اللجنة.

·  من المتوقع أن يساهم البروتوكول في خلق قضاء داخلي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، عن طريق مساهمة اللجنة في تحديد محتوى الحقوق الواردة في العهد، كالحق في التعليم، والصحة، والسكن، والحماية الاجتماعية التي يمكن أن يحدث في ظلها تفسير القوانين الداخلية وتطبيقها لتحديد مدى احترام الحكومات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

خاتمة

توصلنا من خلال الدراسة، إلى عدم صحة الفكرة التي تقوم على أساس التفرقة بين مجموعتي حقوق الإنسان، وأن الانتهاكات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسيةهي وحدها التيتستدعي ملاحظتها والتدخل السريع لوقفها، مع فرض إجراءات صارمة بشأنها، فالواقع يؤكد أن انتهاك بعض الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية، يظهر أكثر خطورة من انتهاك بعض الحقوق المدنية والسياسية69، وأن معظم الأساليب المعتمدة لرفض إخضاع هذه الحقوق لرقابة قضائية أو حتى شبه قضائية، أصبحت مجرد وهم، ويمكن ببساطة إثبات عدم جدواها بكثير من الممارسات الواقعية على المستويين الدولي أو الوطني :

1-لاحظنا أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أصبحت في الوقت الراهن، خاضعة في كيفية تطبيقها والتمتع الكامل بها لرقابة العديد من الهيئات والأجهزة الدولية والإقليمية، والتي تقرر صراحة مدى وجود انتهاكات للحق محل الشكوى، كما أن هذه النظرة القاصرة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقدتفيما يبدوكل أهمية بعد أن أخضعت العديد من الدول في السنوات الأخيرة هذا النوع من الحقوق لرقابة القاضي الوطني70.

2- كثيرا ما اعتبرت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مجرد طموحات وأمانلا يمكن تجسيدها في الواقع بسبب صياغتها بعبارات غامضة وغير دقيقة، أو عدم تحديد محتواها بدقة، فضلا عن عدم تحديد طبيعة الالتزامات التي تفرضها على الدول، ولكن في الوقت الحالي لا يمكن تجاهل جهود كل من اللجان الدولية المكلفة بالسهر على تطبيق هذه الفئة من الحقوق، والمقررين الخاصينللأمم المتحدة والمنظماتغير الحكومية، والأحكامالقضائية الوطنية والدولية التي تضافرتجميعها من أجل تحديد مفصّللمحتوى هذه الحقوق، وطبيعة الالتزامات الملقاة على الدول من أجل التمتع الفعّال بهذه الحقوق.

3- إن فكرة فرض التزامات وتكاليف مالية لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم تعد صالحة كوسيلة تتذرع بها الدول للتملص من أية رقابة قضائية أو شبه قضائية، ذلك أن هذه الالتزامات لا يمكن أن تقاس إلا في حدود "الموارد المتاحة" للدول، وأن العديد منها لا يفرض مثل هذه التكاليف المالية، فبعض الحقوق الاقتصادية لا تفرض سوى التزام بالامتناع عن اتخاذ سلوك معين، فقد لا تحتاج الدولة من أجل تطبيق توصيات اللجان الدولية إلا إلى مجرد تعديل تشريعها أو تغيير المهام الموكلة إلى موظفيها الحكوميين71.

4-  يشكل دخول البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية حيز النفاذ، أكبر دليل على تجاوز فكرة التفرقة بين مجموعتي حقوق الإنسان، والذي يرسى كما سبق توضيحه ميكانيزماللنظر في شكاوى الأفراد أو مجموعات الأفراد، على غرار ما هو معمول به في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ولاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

5- فكرة عدم إمكانيةتصدي القاضي لنظر شكوى تتعلق بانتهاك الحقوق الاقتصاديةوالاجتماعيةوالثقافية، لم تعد مقبولة، ذلك أن الشكاوى والطعون المقدمة بشأن هذه الحقوق لا تهدف جميعها إلى إنشاء أو تقرير هذا الحق، فقد يطلب مقدم الشكوى من الجهة المكلفة بنظرها حماية حقه المستمد من نص اتفاقي دولي يتعارض مع حكم أو سياسة داخلية تعيق ممارسة هذا الحق أو تنتهكه، فيقوم باستبعاد النص الداخلي المخالف ويقوم بتطبيق النص الاتفاقي (الأثر المباشر للاتفاقيات الدولية)، ويمكن أن يكون الهدف أكثر تحديدا عندما يتعلق الأمر بالنظر في مدى مشروعية التشريع أو التنظيم الداخلي، فهنا يتمحور الحكم حول إلغاء النص غير المشروع، وفي حالة أخرى قد يكون هدف الشكوى - بالاستناد على حكم أو نص في الاتفاقية-  الحصول على تفسير للقانون الداخلي المطبق على صاحب الشكوى يتناسب مع ما ورد في الاتفاقية72.

الهوامش

1.صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على العهدين الدوليين لحقوق الإنسان سنة 1966بموجب القرار:( 2200A(XXI.

2.حول مسالة التفرقة بين الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية والجدل الفقهي المثار حولها انظر:

Marc Bossuyt, "la distinction juridique entre les droits civils et politiques, et les droits économiques, sociaux et culturels", R.D.P, 1975, pp.783-784.

وأيضا:

Pierre-Henri Imbert, "Droits des pauvres, Pauvres droits ? Réflexions sur les droits sociaux, économiques et culturels", R.D.P, 1983-3, pp.739-754.

3.صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10ديسمبر 1984بموجب القرار:.217(III)A

4.أنظر:

Sophie Grosbon, "les réptures du droit international",R.D.P,juin 2012,sur le site (http://revdh.files,wordpress.com/2012/04(, 10décembre 2014.

5.المرجع نفسه، ص 61.

6.صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على بروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بتاريخ 16ديسمبر 1966(قرار(XXI)2200A) ودخل حيز النفاذ في 23مارس 1976.

7.أنظر:Sophie Grosbon, Op.cit., p.62.                                                                                              

8.راجع المادة (8) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتي تتضمن حق إنشاء النقابات والانضمام إليها وكذلك المادة (13) التي نصت على حق التعليم.

9.نصت المادة (25) /الفقرة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: "لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية، الملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة وله الحق في تأمين معيشتة في حالات البطالة، العجز والمرض والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته".

10.                      راجع المادتين (7) و(17) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

11.                       تقضي المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، في فقرتها الأولى بما يلي: "تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي باحتياجاتهم من الغذاء والكساء والمأوى وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية". 

12.                      للإطلاع على بعض القضايا التي فصلت فيها اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان والخاصة بالحق في الحياة أنظر:

Jean-François Akandji kombé, "la justiciabilité des droits sociaux et de la charte sociale européenne : n’est pas une Utopie".in l’homme dans la société internationale, Mélange en hommage au professeur paul Tavernier, ed Bruylant, 2013, pp.475-503at pp.480-481.

13.                      إستراتجيات إعمال الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية،والثقافية من خلال النظم القانونية المحلية، الوحدة 22، دائرة الحقوق، ص 424، متوفر على الموقع:10Decembre2014.                                                        (www.umn.edu/humanrts/arab/circleof rights.html)

14.                      راجع التعليق العام رقم (6) وكذلك التعليق العام رقم (14) المتعلقين بالأسلحة النووية والحق في الحياة

(U.N. Doc. HRI/ GEN/1/ Rev.1(1994)).

15.                      إستراتجيات إعمال الحقوق الاقتصادية...، المرجع السابق، ص 425.

16.                      جاء في المادة (11/ فقرة 1) فتنص: "تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في مستوى معيشي مناسب لنفسه ولعائلته بما في ذلك الغذاء المناسب والملبس والمسكن وكذلك في تحسين أحواله المعيشية بصورة مستمرة".أما المادة (12/ فقرة 1): "تقر الدول في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية".

17.                      راجعCEDH، Airey, arret du 9octobre 1979, scrie A, N° 32.                                                                     

18.                       جاء في المادة (6/ فقرة 1) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أن: "لكل شخص عند الفصل في حقوقه المدنية والتزاماته، أو أي إتهام جنائي موجه إليه، الحق في مرافعة علنية عادلة خلال مدة معقولة أمام محكمة مستقلة غير منحازة مشكلة طبقا للقانون".

19.                      حول تطبيقات أخرى للحقوق، الاجتماعية من طرف المحكمة الأوروبية أنظر:

Frédéric Sudre," la protection des droits sociaux par la cour européenne des droits de l’homme : un exercice de jurisprudence fiction ? ",R.T.D.H55 ,2003pp. 755-779.

20.                      بموجب المادة الثانية الفقرة الأولى: "تتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بضمان ممارسة الحقوق المدونة في الاتفاقية الحالية بدون تمييز من أي نوع، سواء كان ذلك بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو بسبب الملكية أو صفة الولادة أو غيرها..."                                                   

21.                      أنظر:Sophie Grosbon, Op,cit, p.63.                                                                                                             

22.                      للإطلاع على القضية المطروحة أمام لجنة الحقوق المدنية والسياسية (CODCP) راجع الوثيقة :

Affaire Zwaan de varis, communication 182/1984/par.12,4.

23.                      راجع الوثيقة: CDH ,23Ochobre، lahcen406/1990.                                                                                                                        

24.                      تنص الاتفاقية على حماية: الحق في العمل، الحق في الحماية ضد البطالة، الحرية النقابية، الحق في السكن، الحق في الصحة، الحق في الحماية الاجتماعية والتعليم.

25.                      للإطلاع على القضايا المتعلقة بالعمل والسكن راجع الوثيقتين:

CEDR, 28mai 1984, A.yilmaz-Dogan, 1/1984(Droit au travail); CEDR, 21mars 2001, FA , 18/2000(droit au logement)                                                                

26.                      راجع الوثيقة:

thlimmenos,c,/Grèce ,6Avril 2000,[Gc]n°34369/CEDH2000. ˄˅.                                                   وكذلك:Willis،c/ Royane Uni,11Juin 2002, n°3604/97, CEDH, 2002- IV.                                                                                  Frédéric Sudre, Op.cit., pp.764-768.   

27.                      راجع الوثيقة: Gaygusuz c / Autriche, 16Septembre 1996, Recueil 1996- IV.                                              

28.                      أنظر :     Sudre. F "la perméabilité de le CEDH aux droits sociaux".in Pouvoir et liberté, Mélanges Jaques Mourgeon, Bruylant, 1998,      p.467.

29.                      راجع الوثيقة: PM.c / Turquie, 19juillet 2005.                                                                                       

30.                      راجع الوثيقة:     NU.A / Conf-32/41, p.4(Acte finale de la conférence internationale des droits de l’homme, téhéran, 22Avril- 13mai 1968)

31.                      تم إصدار إعلان فينا سنة 1993على إثر انعقاد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان والذي حضره ممثلون عن 172دولة إلى جانب مراقبين عن 95منظمة وطنية لحقوق الإنسان، و480منظمة غير حكومية، حول الحوار الذي جرى في إطاره والجدل الفقهي حول العلاقة بين مجموعتي حقوق الإنسان أنظر: محمد فهيم يوسف، حقوق الإنسان في ضوء التجليات السياسية للعولمة، عولمة حقوق الإنسان، أم عولمة الفهم الغربي لحقوق الإنسان، حقوق الإنسان العربي، مركز الدراسات العربية، 1999، ص.223-227.

32.                      راجع الوثيقة: Déclaration du 25juin 1993, adoptée par la conférence mondiale sur les droits de l’homme, ONU.A /Conf-157/23par.5.

33.                      راجع الوثيقة:         ECTHR, series A, n° 98(Affaire de Jaimes et autres, c/Royaume Unie, 21février 1986).

وأيضا:          

Affaire feldbrugge, c/Pays bas (CEDH, Serie A, n°99) et deumeland. C/Allemagne (CEDH, Serie A, n°100).                     

34.                      كان جيمس المدعي في قضية الحال، قد أدخل تحسينات على تجمع سكني ضخم يضم حوالي 2000وحدة    سكنية، وحوله إلى أحد أرقى المناطق السكنية في لندن وفي عام 1967صدر قانون يسمح للمستأجرين المقيمين في الوحدات السكنية قبل تطويرها بشرائها عن طريق بيع جبري يفرض على البائع وفقا لشروط معينة وسعر محدد لا يجوز الاعتراض عليه.

35.                      راجع:

CEDH،Airey, arret du 9octobre 1979, Op.cit., par.26.                                                                                            

36.                      راجع المادة )28) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

37.                      جاء في المادة )16(من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية: "1-تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تقدم طبقا لأحكام هذا الجزء من العهد، تقارير عن التدابير التي تكون قد اتخذتها عن التقدم المحرز على طريق ضمان احترام الحقوق المعترف بها في العهد).

38.                      حول الجهود التي سبقت تشكيل مجموعة عمل الدورة ومجموعة الخبراء الحكوميين أنظر:

Egon Schwelb, "some aspects of the measures of implantation of international covenant Economic, Social and culturel rights".in 1J.I.C.L, (1968), pp.363-377.

أيضا:

Daniel Turp, "le contrôle du respect du pacte internationale relatif aux droits économiques, Sociaux et culturels" Mélange Michel Virally, Pedone, Paris, 1991, p.468.

39.                      يتعلق الأمر بنظام النظر في التقارير الدورية المقدمة من طرف الدول دون اعتماد نظام للشكاوى والبلاغات، حول نظام التقارير وفعاليته أنظر:         Daniel Turp, Ibid., p.472.

40.                      راجع الوثيقة:

41.                      Projet d’articles sur la responsabilité internationale des Etats, Rapport C.D.I, A.C.D.I, 1977, II, 2éme partie, pp.12et s (Doc, O.N.U.A/ CN4/SER.A/ 1977/ Add.1).

أنظر:                                  Nicola Jacobs, "la portée juridique des droits économiques, sociaux et culturels",R.B.D.I, 1999/1, PP.34-35.

42.                      راجع الوثيقة: E/1991/23/ (14décembre 1990Observation générale N°3(la nature des Obligations des Etats parties).             

43.                      -أنظر: Nicolas Jacobs Op.cit. p.35.                                                                                                                                        

44.                      راجع الوثيقة:           

                 i.     E/1991/23, Op.cit., par.5.    

45.                      المرجع نفسه، فقرة 9.

46.                      أنظر: Nicolas Jacobs، Op.cit, p.37.                                                                                                                                        

47.                      أنظر: Sophie Grosbon, Op.cit, pp.73-74.                                                                                             

48.                      راجع الوثيقة : E/ 1991/23, par.36à366.                                                                                                                                          

49.                      راجع الوثيقة:E/ cn, 4sub2/1991/1.

50.                       - تم إنشاء مجلس حقوق الإنسان بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251المؤرخ في 15مارس 2006، كبديل عن لجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، باعتباره جهاز ثانوي وفرعي تابع للجمعية العامة للأمم المتحدة.

51.                      راجع الوثيقتين: 

                 i.     . A/ HRC/8/WG4/ 2/24décembre 2007 ; A/ HRC/8/ WG4/3/25mars 2008

52.                      صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بموجب القرار: A/ RES/ 63/ 117.

53.                      دخل البروتوكول حيز النفاذ في 5ماي 2013، بعد إيداع الأرغواي لوثيقة التصديق العاشر في 5فيفري 2013طبقا للفقرة الأولى من المادة (18) من العهد.

54.                      تنص المادة الثانية من البروتوكول الملحق بالعهد (PF/ PIDESC) على أنه: "يجوز تقديم بلاغات من طرف أو نيابة عن أفراد أو جماعات من الأفراد يدخلون ضمن ولاية دولة طرف، ويدّعون أنهم ضحايا لانتهاك من جانب تلك الدولة الطرف لأي من الحقوق الاقتصادية الاجتماعية، والثقافية المحددة...".

55.                      تقاسمت مع سويسرا، فكرة الاختيار بين الحقوق Approche à la carte)) كل من ألمانيا، استراليا، الصين، الدانمرك، الولايات المتحدة الأمريكية، اليونان، اليابان، نيوزلندا، هولندا، بولونيا، جمهورية كوريا، المملكة المتحدة، روسيا وتركيا.   

56.                      -أنظر:

Oliver de Schutter, "le protocole facultatif se Rapportant au pacte international relatif aux droits Economiques, Sociaux et culturels"  (www.cpdr. ucl.ac, be / cridho), 8janvier 2015.

57.                      ثار نقاش آخر داخل اللجنة حول ضرورة إدماج الحق في تقرير المصير ضمن الحقوق الخاضعة لحق الشكوى، راجع حول ذلك: 

                 i.     A/ HRC/ Res/ 8/2, 18juin 2008– Annexe.

وأنظر أيضا:

Barbara Wilson, « quelques Réflexions sur l’adoption du protocole facultatif se rapportant au pacte international relatif aux droits économiques, sociaux et culturels des Nations Unies, R.T.D.H, 2009, p.305.

58.                      راجع:

Mahuika et consorts c, nouvelle Zélande, communication N° 547/1993, Constatation du 27Octobre 2000, CCPR/ c 70/D547/ 1993, par.9, 2

59.                      أنظر:

Christophe Golay "le protocole facultatif se rapportant au pacte international relatif aux droits économiques, sociaux et culturels", sur le site (http/ cetim, ch/ fr/ publications_cahier. php), 10décembre 2014.

60.                      راجع المادتين (11)و(13) من اتفاقية محاربة كل أشكال التميز العنصري.

61.                      أنظر:

Arnaud Lebreton, "les enjeux du protocole facultatif se rapportant au pacte internationale relatif aux droits : économiques, sociaux et culturels, Droit fondamentaux n8, janvier 2010(www.droits-fondamentaux.org). 2janvier 2015.                               

62.                      -أنظر: Christophe Golay, Op.cit.                                                                                                                                             

63.                      راجع : الفقرة الثانية من المادة الثالثة من البروتوكول.

64.                      راجع: المادة (7) من البروتوكول.

65.                      راجع: المادة (9) من البروتوكول. 

66.                      أنظر: Sophie Grosbon, Op.cit.,p.85.                                                                                                                                      

67.                      راجع: المادة (5) من البروتوكول.

68.                      راجع: المادة (14) من البروتوكول.

69.                      -أنظر:

Déclaration du comité des droits économiques, sociaux et culturels à la conférence mondiale sur les droits de l’homme                  (7Septembre 1992).                                                                                                                                                           

70.                      للإطلاع على العديد من القضايا المعروضة على القضاء الداخلي للدول الأوروبية أنظر:

Jean François. A.Kandji-Kombé, Op.cit, pp.493-497.

71.                      أنظر التعليق العام رقم 12، المتعلق بالحق في التغذية الكافية (Un. Doc. E/C. 12/1999/5) بتاريخ 12ماي 1999.

أنظر: Jean François A Kandji- kombé, Op.cit., pp.480-481.                                                                            

@pour_citer_ce_document

لامية قاسم, «حدود إمكانية إخضاع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية للرقابة القضائية أو شبه القضائية -دراسة في إطار القانون الدولي العام-»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2016-09-22,
Date Pulication Electronique : 2016-09-22,
mis a jour le : 17/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1448.