مقاربة سوسيو- لسانية لتحليل خطاب الحياة اليومية -النظرية والمنهج - A Sociolinguistic Approach to the Analysis of Everyday Life Discourse, Theory and Methodology
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°26 Vol 15- 2018

مقاربة سوسيو- لسانية لتحليل خطاب الحياة اليومية -النظرية والمنهج -

A Sociolinguistic Approach to the Analysis of Everyday Life Discourse, Theory and Methodology
pp 48-63

حفيظة مخنفر
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تهدف الورقة البحثية إلى تقديم مقاربة سوسيو-لسانية لدراسة خطاب الحياة اليومية الروتينية الرتيبة؛ في مواقف التفاعل الوجاهي اليومي، من خلا تبيان أهمية دراسة الخطاب اليومي، وتحديد المفاهيم المحورية في الدراسة من تحليل الخطاب إلى التحليل النقدي للخطاب، وخطاب الحياة اليومية؛ ثم تبيان بعض المدخل النظرية الملائمة لتحليل خطاب الحياة اليومية؛ وسيتم تقديم ثلاث مداخل هي النظرية الإثنوميتودولوجية لمؤسسها "هارولد كارفينكل" وأثنوغرافية التواصل "ديل هايمز" وتأويل الحياة اليومية "كالفن شراج"؛ ثم يتم التطرق للمقاربة المنهجية في تحليل خطاب الحياة اليومية من المنهج إلى كيفية جمع واختيار البيانات؛ أو نصوص التحليل، وكيفية كتابتها وتنظيمها بما يخدم الهدف من البحث.

الكلمات المفتاحية: الخطاب، التحليل النقدي للخطاب، الحياة اليومية، اللغة، خطاب الحياة اليومية

L'objectif de l'étude est de présenter une approche sociolinguistique pour l'étude du discoure quotidienne, afin de démontrer l'importance d'étudier le discours quotidien, On 'identifier les concepts qui sont: l'analyse du discours, l'analyse critique du discours, et discours de la vie quotidienne; Puis On démontré  Les déférentes approches théoriques appliqués à l'analyse du discours de la vie quotidienne ; On a Choisi: la théorie éthnométologique de son fondateur H.Garfinkel, la communication éthnographique de Dell Haymes et l'interprétation de la vie quotidienne de C.Schrag; Puis on démontre.   Comment collecter et choisir les textes d'analyse, et comment les organiser pour servir la recherche.

Mots-clés:discoure, analyse critique du discoure, vie quotidienne, langue, discoure quotidiennes

The aim of this paper is to present a sociolinguistic approach to  study  the daily discourse; so we are going to identify the basic concepts in the study, which are discourse analysis, critical analysis of discourse and daily life discourse. Then we show the suitable theoretical approaches for the analysis of the daily life discourse which are the ethnomatological theory; its founder H. Garfinkel, and the Ethnography Of Speakingof Dell aymesand the interpretation of everyday life of C. Schrag. So we present how to collect and choose Curpus, and give method to write and organize them to serve the purpose of research.

Keywords: discourse, critical analysis of discourse, everyday life, language, daily discourse

Quelques mots à propos de :  حفيظة مخنفر

حامعة محمد لمين دباغين –سطيف2 hafidha_19@hotmail.fr

مقدمة

يعتبر مفهوم الخطاب واحداً من المفاهيم العابرة للتخصصـات في العلوم الاجتماعيـة والإنسانية؛ من العلوم السياسيـة إلى الإعلام والإتصـال، والآداب،  واللسانيات، وعلم الاجتماع؛ حيث تطور المفهوم بتطور مختلف علوم اللغة وظهر إلى جانبه مفهوم "تحليل الخطاب" الذي كان يهتم بالتحليل الشكلي للخطاب، وفي نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي أزدهرت أبحاثه وتركزت في بدايتها حول تحليل المحادثة باعتبارها إحدى أشكال الخطاب، أين كان لعلماء الاجتماع السبق في ذلك إذ انكب الباحثون الإثنوميتودولوجيون على دراسة المحادثة والتفاعل الوجاهي الشفهي؛ وإن كانت بداية ذلك مع علماء النظرية التفاعلية الرمزية من مثل "أيرفنج غوفمان" "هارفي ساكس" و"ايرون سيكوريل"؛ إلى جانب العلماء الللسانيين ممن ساهموا في إغناء هذا الحقل البحثي البيني؛ وقد اتجه الباحثين إلى الدراسات الميكروسوسيولوجية –التفاعل الوجاهي-  في تلك الفترة بعد ،أن فشلت النظريات الكبرى بمناهجها -التي حاكت فيها مناهج العلوم الطبيعية- في دراسة المشكلات الاجتماعية.

إذا ازدهرت الدراسات الميكروسوسيولوجية في ظل ما يسمى بالنظريات التأويلية؛ التي وجدت في التأسيس لمناهج خاصة بها بعيد عن مناهج العلوم الطبيعية حلاً أمثلاً لدراسة الظاهرة الاجتماعية، لذلك كانت العودة لإحياء المناهج التأويلية الاستنباطية التأملية الكيفية، وتعتبر النظرية الظاهراتية السباقة في ذلك، وسارت على منوالها فيما بعد النظرية الإثنوميتودولوجية –خاصة مع العلماء ذوي التوجه اللغوي- أين كان التأسيس لمناهج خاصة بدراسة التفاعل الوجاهي الشفهي في الحياة اليومية، ومن ثمة كانت بداية دراسة الحديث اليومي أو كما يسمى خطاب الحياة اليومية.

هذا وقد تكاثرت الأبحاث في مجال تحليل الخطاب ولاقت اهتمام كبير؛ لكن ظهور التحليل النقدي للخطاب أعطى منحى آخر له لتركيزه على السياق الاجتماعي لإنتاج الخطاب وتداوله؛ ومختلف سياقات التأويل  لاستعمال اللغة، خاصة في وسائل الإعلام وتركيزه على مواطن السلطة والهيمنة في الخطاب، سواء كان الخطاب ناتج عن ذوات فردية أو مؤسسات أو ميادين علمية، كالخطاب السياسي، والخطاب التربوي، والخطاب الديني؛ والهدف الأساسي للتحليل النقدي –أي النقد بمعنى النقد الذي جاءت به مدرسة فرنكفورت- للخطاب هو التفكيك والتأويل لمختلف الخطابات المُنتَجة.

 وفي نفس المضمار يمكن إخضاع خطاب الحياة اليومية لنفس المنطق من التحليل والتفكيك والتأويل في مختلف سياقات الاستعمال المجتمعي للغة بما فيها خطاب الجسد والصورة، أين يمكن الكشف عن مواطن الهيمنة والسيطرة للخطاب الرسمي المؤسساتي، لما له من دور في تشكيل خطاب الحياة اليومية.

ومن الممكن أن يتساءل القارئ عن أهمية دراسة خطاب الحياة اليومية؟ وقد ينظر إليه البعض بنوع من الاستخفاف والاستهانة؛ لكن الإجابة على هذا السؤال ستكون بسؤال مماثل -على سبيل المثال- لماذا خطاب الكراهية والحقد والتطرف في الحياة اليومية بين البشر؟ ولتوضيح أكثر يمكن إعطاء مثال بما يحدث من حقد وتنازع؛ نشأ بين طلبة النظام الجامعي الكلاسيكي والنظام الجديد ل م د، أليس مرده خطاب مؤسسي رسمي؛ خطاب إصلاحي لم يؤسس للانتقال سليم من نظام لنظام أخر؛ من دون أ ن يقع الغبن على فئة معينة وتتحمل اخفقات سياسة إصلاحية معينة، من هنا يمكن اكتشاف أهمية تحليل خطاب الحياة اليومية تحليل نقدي، وعليه كيف يمكن للباحث الخوض في بحث ميداني سواء من حيث النظرية أو المنهج أو جمع البيانات الأولية من ميدان الدراسة؟ خاصة وأن صعوبة دراسة خطاب الحياة اليومية تكمن في اللألفة التي تنشأ بين الباحث ومجتمع البحث؛ صعوبة ملاحظة ما هو مألوف وتمييزه على أنه جدير بالدراسة؛ والتي تخلق صعوبة تحييد مؤشرات الظاهرة، كما تتجلى صعوبة العمل الميداني في كيفية تسجيل وتوثيق البيانات الشفهية من حيث طريقة التسجيل والتوثيق بحيث يعود إليها الباحث كلما استلزم الأمر.

وتوجد العديد من الدراسات السابقة في الموضوع لكن يمكن ذكر نموذجين قريبين الأولى للباحث "أحمد زايد" في دراسته "خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري"1التي وظف فيها الباحث المنهج التأويلي ومنهج تحليل المضمون –تحليل المحتوى- وبالنسبة لأدوات جمع البيانات استخدم "صحيفة تسجيل المواقف" أين يقوم المُخبر بتسجيل الموقف كما حدث بلغة الحياة اليومية مع تسجيل عدد الأشخاص المشاركين فيه وتاريخه من دون علم المبحوثين بذلك. أما الدراسة الثانية فهي للباحثة الجزائرية "خولة طالب الإبراهيمي" في مقال منشور "احنا أولاد دزاير انتاع الصح"2وهو ملاحظات حول خطاب الحياة اليومية لشباب باب الوادي في العاصمة الجزائرية، بالنسبة للإجراءات المنهجية التي اتبعتها فقد اعتمدت الباحثة على تسجيلات إذاعية للشبان من خلال حصة لـلقناة الاذاعية الثالثة: Sans Pitié"دون شفقة" التي أنتجها "محمد علي علالو" في 12أفريل 1990بالإضافة إلى التسجيل المباشر لمجموعة من الشباب في إحدى السهرات أيام حضر التجول في دكان في العاصمة ولم تذكر الباحثة المنهج المعتمد في دراستها، أما المقاربة الحالية فتحاول تقديم منهج التحليل النقدي للخطاب كمنهج بديل عن المنهج تحليل المضمون والمنهج التأويلي، وبالنسبة لجمع البيانات تقترح التسجيل الصوتي للمحادثات كما ذهبت إلى ذلك الباحثة "خولة الإبراهيمي"، ذلك أن استعمال صحيفة تسجيل الموقف تعتمد على مدى قدرة الباحث على التسجيل، بينما استخدام المسجل يسمح للباحث بإعادة تدوين النصوص، ومعاودة الاستماع إليها كلما استدعت الحاجة.  

وعليه تنطلق إشكالية الورقة البحثية الحالية من فرضية أساسية مفادها أن خطاب الحياة اليومية ما هو إلا انعكاس لمختلف الخطابات المتداولة في المجتمع في الوقت الحاضر أو لخطابات سابقة؛ فهو كالنهر الذي تصب فيه الجداول من مختلف المشارب، يحمل ترسبات الماضي والحاضر؛ ما يجعله حقل غني وجدير بالدراسة؛ لذلك تهدف الدراسة الحالية إلى تقديم مقاربة سوسيو-لسانية لدراسة خطاب الحياة اليومية من حيث النظرية والمنهج؛ من خلال: تحديد المفاهيم المحورية من تحليل الخطاب إلى التحليل النقدي للخطاب، وخطاب الحياة اليومية؛ ثم تبيان بعض المداخل النظرية المناسبة لدراسته وقد تم التركيز على مداخل نظرية هي النظرية الإثنوميتودولوجية وأثنوغرافية التواصل وتأويل الحياة اليومية؛ ثم المقاربة المنهجية في تحليل خطاب الحياة اليومية من المنهج إلى كيفية جمع واختيار وتسجيل وكتابة البيانات، أو نصوص التحلي؛ أما عن المنهج الذي اعتمد في الورقة البحثية الحالية فهو المنهج الوصفي.

 

أولا: مدخل مفاهيمي

1.  من تحليل الخطاب إلى التحليل النقدي للخطاب

مفهوم الخطاب معروف في الثقافة العربية التقليدية كما هو معروف في الثقافة الغربية لكن أول من استعمله بالمفهوم الحالي الفيلسوف الفرنسي "ميشال فوكو" ثم ذاع وانتشر بعده في مختلف التخصصات للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وقدم له العديد من التعريفات كل حسب ميدان استعماله إذ يقول في كتابه حفريات المعرفة:" أعتقد أنني ضاعفت وأكثرت من معانيه فهو أحيانا يعني الميدان العام لمجموع العبارات،  وأحيانا أخرى مجموعة متميزة من العبارات،  وأحيانا ثالثة،  ممارسة لها قواعدها،  تدل دلالة وصف على عدد معين من العبارات وتشير إليها،  ألم أجعل لفظ الخطاب الذي كان من المفروض أن يقوم بدور الحد أو الغطاء للفظ العبارة،  يتغير بحسب تغييري لوجه التحليل ولمواطن تطبيقه"3فهو يشير إلى أن مفهوم الخطاب يَتَغَير بِتَغَيُر موطن الاستعمال فقد يعني مجموعة العبارات التي تم إنتاجها وتداولها في حقل ما وفي فترة زمنية معينة، كما قد نعني به ركام من العبارات؛ وفيما يلي يتم تقديم مفهوم الخطاب، وتحليل الخطاب، ثم التحليل النقدي للخطاب بحسب ما يخدم هدف الدراسة.

‌أ. مفهوم الخطاب

على المستوى اللغوي: إذارجعنا إلى "انسيكلوبيديا أنفير ساليس" فإننا نجد أن كلمة خطاب "Discours" في أصلها اللاتيني "Discurrere"لم يكن لها أي علاقة مباشرة باللغة، إذ كانت تعني "الجري هنا وهناك". ولم تأخذ "Discours"معنى الخطاب إلا في آخر العهد اللاتيني،  حيث أخذت تدل على الحديث والمقابلة قبل أن تحيل إلى كل تشكيل للفكر شفويا أو مكتوبا؛4يتضح أن الخطاب في أولى استعمالاته في اللغة اللاتينية يدل على المحادثة التي تتم بشكل مباشر، بين الأشخاص، أي تفاعل مباشر، وجهاً لوجه، وبمعنى الكلام.

وفي "لسان العرب الخطاب"، يدل الخطاب على مراجعة الكلام، وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابا وهما يتخاطبان. وخطب الخاطب على المنبر واختطبَ يخطٌبٌ خطابة. واسم الكلام: الخِطبة... وخِطْبَتْ المرأة خطبةً بالكسر واختَطَبَ فيها... وذهب أبو إسحاق إلى أن الخٌطبة عند العرب: الكلام المنثور المُسَجَعْ، ونحوه... والخطبة مثل الرسالة التي لها أول وآخر.5

نلاحظ أن معنى الخطاب في اللغة العربية، هو المعنى ذاته الذي كان يحمله في بداية ظهوره في اللغة اللاتينية، ويمكن استنتاج وجود شكلين من الخطاب، الشفوي مثلما ذُكـر الخِطبة باعتبارها كلام تٌطلب به البنت لزواج، والخطاب الكتابي؛ مثلما ذُكر الرسالة. كما نلاحظ أن مفهوم الخطاب في اللغة العربية أوسع منه في اللغة الأجنبية.

ويعرفه "توين فون داك" أحد الرواد البارزين للتحليل النقدي للخطاب على أنه ظاهرة اجتماعية متعددة الأبعاد، وهو في نفس الوقت شيء لغوي (لفظي ونحوي) تتابع كلمات أو جمل ذات معنى، وحدث/فعل (مثل تأكيد أو تهديد)، وشكل للتفاعل الاجتماعي (مثل محادثة) وممارسة اجتماعية (مثل المحاضرة)، وتمثيل عقلي (معنى أو نموذج عقلي أو رأي أو معرفة)، وحدث أو نشاط تفاعلي أو اتصالي (مثل مناظرة برلمانية) ومنتج ثقافي (مثل الروايات المتلفزة) أو حتى سلع اقتصادية تباع وتشترى (مثل رواية).6على ما ذهب إليه صاحب التعريف الخطاب ظاهرة اجتماعية يمكن دراستها بإخضاعها للتفكيك والتحليل ثم النقد، ومن خلال الأمثلة الواردة في التعريف؛ نفهم أن الخطاب يمكن أن يكون صادر عن أفراد أحداث تواصلية مثل خطاب الحياة اليومية موضوع الورقة البحثية، أو خطاب رسمي صادر عن مؤسسات كالخطاب السياسي، أو الخطاب التربوي، أو الخطاب الديني.

‌ب. التحليل النقدي للخطاب

حسب معجم "المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب" "لدومنيك مانغو": موضوع تحليل الخطاب "إنما ينبغي أن يكون نظراً في آليات التلفظ التي تربط تنظيما نصياً محدداً بموقع اجتماعي معيّن؛ وباعتباره فناً من فنون دراسة الخطاب فإنه يمكنه أن يهتم بنفس الكتابات التي تتناولها اللسانيات الاجتماعية وتحليل المحادثة؛ فدراسة خطاب عيادة طبيّة مثلا يجب على الدارسين أن يأخذوا بعين الاعتبار قواعد الحوار (موضوع تحليل المحادثة) والتنوعات اللغوية التي هي موضوع اللسانيات الاجتماعية، وطرق الحجاج التي هي موضوع البلاغة..إلخ.7

ومن المستحسن اعتبار تحليل الخطاب التخصص الذي بدل أن يُقدِم على التحليل اللغوي للنص في ذاته أو على التحليل السوسيولوجي أو النفساني لمحتواه يسعى إلى مفصلة تلفظه مع موقع اجتماعي بعينه وهكذا يجد تحليل الخطاب نفسه حيال أنواع الخطابات الموجودة في الفضاءات الاجتماعية المختلفة من مثل: المقهى المدرسة المحل التجاري.8لكن ظهور التحليل النقدي للخطاب جعل من أهداف هذا المنهج النقد والكشف عن مواطن السلطة والهيمنة الاجتماعية من خلال توظيف اللغة.

ويعرف"توين فان ديك" في "كتابه الخطاب والسلطة" التحليل النقدي للخطاب على انه نمط من بحوث الخطاب التحليلية التي تدرس طرائق تنفيذ سوء توظيف السلطة واستمرارها ومقاومتها والهيمنة الاجتماعية وعدم المساواة بواسطة النص والحديث في السياق الاجتماعي والسياسي؛ وتمكن محللو الخطاب النقدي في مثل هذا الحقل البحثي من اتخاذ موقف يتحدّى السّلطة الاجتماعية المهيمنة بوضوح لكي يفهموا ويفضحوا عدم المساواة الاجتماعية ومن ثم يقاومونها.9

وينظر للخطاب على أنه حدث للتواصل يشمل التفاعل المحادثاتي والنص المكتوب وكذلك الإيماءات وتعبيرات الوجهومخطط الطباعة والصور وأي بعد آخر سميائي أو خاص بوسائل الإعلام المتعددة لتعبير الرمزي أو الدلالي، ويقول "فان دايك" إن التحليل النقدي للخطاب يجب أن يقوم على وجود راسخ للسياق، والفاعلون الاجتماعيون الذين يشتركون في صنع الخطاب لا يعتمدون فقط على استخدام خبراتهم واستراتيجياتهم الفردية ولكنهم يعتمدون على أطر جماعية للمدركات (المفاهيم) مثل "التمثلات الاجتماعية" وتمثل تلك المدركات المفاهيم المشتركة اجتماعيا للعلاقة بين النظام الاجتماعي والنظام المعرفي الفردي، وتظهر ثلاث أشكال للتمثلات الاجتماعية، المعرفة (شخصية وجماعية ثقافية)، الاتجاهات، الأيديولوجيات، وتحدث الخطابات داخل المجتمع ويمكن أيضا فهمها في تفاعل الموقف والفعل والفاعل الاجتماعي وكذلك الهياكل المجتمعية.10

وحسب "توين فون ديك" تعود مبادئ تحليل الخطاب النقدي إلى النظرية النقدية "لمدرسة فرنكفورت" قبل الحرب العالمية الثانية أين بدأت تلك المبادئ التركيز على اللغة والخطاب فضلا عن اندماجها مع اللسانيات النقدية في نهاية السبعينات وهناك عدد من نظائر تحليل الخطاب النقدي في التصورات "النقدية" في علم اللغة الاجتماعي وعلم النفس الاجتماعي التي يرجع بعضها إلى بداية السبعينات؛ وكما هو الحال في التخصصات الأخرى يمكن النظر إلى تحليل الخطاب النقدي على أنه ردة فعل ضد النماذج "الاجتماعية" أو "غير النقدية" السائدة في الستينيات والسبعينيات.11

كما يجب أن يتجه تحليل الخطاب صوب إيجاد مختلف الصلات بين الخطاب -المنتج اللغوي- والمؤسسات الاجتماعية الحاضرة في السياق الخطابي؛ باعتبار الخطابات تُنتِج بعضها البعض وتتكاثر، ويعتبر خطاب الحياة اليومية للأفراد الأكثر امتصاصا لكل الخطاب المُنتَجة بل ويحمل ترسبات خطابات حاضرة غائبة في المجتمع ككل، ويظهر ذلك في الممارسة اليومية العادية للأفراد؛ ويكفي هنا إعطاء مثال بالخطاب الديني المنقسم إلى جملة من الخطابات المتضاربة المتطرفة منها والمعتدلة؛ يقابلها في الحياة العادية أُنَاس لا يملكون لا فكر ولا ثقافة دينية ذات مستوى؛ هؤلاء تجدهم يمتصون تلك الخطابات ويشكلون ظواهر اجتماعية دينية متباينة في المجتمع، فبتفكيك الخطاب الديني في الحياة اليومية للأفراد العاديين سيعاد اكتشاف مدى تأثير تلك الخطاب وكيف أنتجت تلك الظواهر الدينية.

2.  خطاب الحياة اليومية

‌أ.مفهوم الحياة اليومية

يعتبر لفظ يومي من الألفاظ العربية الفصحى، وهو مشتق من اسم "يوم" وفي معظم المعاجم العربية، نجد هذا اللفظ يرتبط بما يتم تكراره كل يوم دون انقطاع فتم التمييز بناءاً على ذلك بين "اليومي" و"الأسبوعي" و"الشهري"... وهو نفس المعنى الذي يشير إليه لفظ "Quotidien" في الفرنسية في كل المعاجم الكلاسيكية (Quotidien : de tous les jours) كما يعتبر هو المعنى الذي يحمله اللفظ في الانجليزية (Quotidien:recuring every day).12

كما ثبت أن لفظ الحياة اليومية استعمل قديما في الإنجليزية في القرن السابع عشر، ليدل على مختلف طرق الحياة العادية مثل العمل الروتيني والمألوف والتفاعلات بين الأفراد، وعناصر الثقافة المادية مثل اللباس والديكور. وكلمة "يومي" ظهرت في الإنجليزية في القرن الرابع عشر وجذورها الأولى تعود إلى الفرنسية القديمة والاستعمال اللاتيني. وفي علم الاجتماع يستعمل اللفظ ليميز علم اجتماع الحياة العادية والروتينية.13

اليومي هو كل ما يحيط بالفرد ويدركه حالاً، ومن دون واسطة ليصبح قريباً منه وحاضراً في ذهنه حضوراً مستمراً؛ والمحيط هنا يعني الفضاء الواسع كالبلد، أو مجموعة من البلدان التي يكون الانتماء إليها انتماءا حميماً، فاليومي إذا هو كلّ ما يظهر في العالم في شكل تكرار ومعاودة؛ فهو ليس فقط محيط الحياة العادي والمعروف؛ بل هو قوة تأسيسية تستوعب كل الأحداث والأفعال لتعطيها نمطا موحداً؛ فاليومي يضم كل الأشياء العادية كما يضم أيضا كل ما سيجعل الأشياء تتحول إلى عادية؛ بهذا يمكن القول كل الأشياء التي تقبل المعاودة والظهور المستمر تدخل ضمن اليومي.14

وفي بداية الأمر استعمل مفهوم عالم الحياة ليدل على الحياة اليومية. وعالم الحياة "Life-World" هي ترجمة مباشرة لكلمة ألمانية "Lebenswelt" واستعمل هذا المفهوم لأول مرة من طرف الفينومينولوجية مثل "ألفرد شوتز" ليدل على المادة اليومية والعالم الاجتماعي الذي يبنيه الناس العاديين في سياق تفاعلاتهم العادية.15

ويعتبر العالم الفينومينولوجي "ادموند هوسرل E. Hosseral" أول من أشار إلى الحياة اليومية واستعمل مفهوم "عالم الحياة life world". ليشير إلى النطـاق الحياتي الذي يخبر فيه الأفـراد ثقافة مجتمعهم، ويُكَوِن فيه الأفراد تصوراتهم عن موضوع هذه الثقافة. وعالم الحياة هو عالم معطى يسلم الأفراد بوجوده دون مناقشة. ولا يعيش الفرد في عالم حياة واحد بل أننا نجد أن عوالم الحياة تندرج عبر الزمان والمكان. فتبدأ بالعالم الذي يحيط بالفرد، أي ما يقع تحت سمعه وبصره ويستطيع أن يتحكم فيه وتتوزع هذه العوالم عبر المكان وفقاً لحركة الفاعل اليومية حيث تبدأ بعالمه الخاص الذي يعرف عنه كل شيء وتمتد من هذا العالم الخاص عبر كل الأمكنة التي يتحرك فيها الفرد. كما تتوزع العوالم زمنيا، حيث تبدأ من العالم الفعلي الحالي الذي يعيش فيه الفاعل، وتمتد إلى عالم الأسلاف والأجداد الذي يعيش معنا ويحكمنا دون أن نتحكم فيه، وإلى عالم المستقبل الذي يمكن أن نؤثر عليه ولكنه لا يؤثر علينا.16لقد أشار "هوسلر" أن عالم الحياة هو العالم الذي يأخذ منه الأفراد ثقافتهم، وهو عالم معطى لا دخل للأفراد في تشكيله، وجوده سابق على وجود الفرد ثم يرى أن لعالم الحياة بعدين زماني (الحاضر والماضي والمستقبل) ومكاني (الامتداد الجغرافي) وهذا وفقا لحركة الفاعل اليومية. وبهذا هو حدد شكل عالم الحياة.

أما "كالفن شراج C. Schrag" الذي يمثل الإسهامات المعاصرة في علم اجتماع الحياة اليومية ذو توجه فكري مزج فيه بين الاتجاه الفينومينولوجي ونظرية التأويل لـ"مارتن هيدجر" و"جدامر" فإنه يرى  إمكانية قراءة الحياة اليومية تماما مثل النص الأدبي،  غير أن النص يتميز بالثبات على العكس من الحياة اليومية التي هي في حركة دائمة، ويعرف الحياة اليومية على أنها نسيج (بمعنى النص) من الخبرات المتولدة عن العيش في عالم الحياة،  وهي سياق تتداخل فيه مكونات الاهتمامات والمصالح المرتبطة بالخبرة الشخصية والاجتماعية إن الحياة اليومية هي سياق من الارتباطات والتواصليات التي تتبدى في قصدية الفكر كما تتبدى في كل مظاهر السلوك العملي داخل النظام الاقتصادي والاجتماعي العام.17

"كالفن شراج" ربط الحياة اليومية واختزلها في الخبرات الشخصية، ومظاهر السلوك العملي، التي تتبدى في شكل نسيج أو نص يمكن قراءته، في داخل النظام الاقتصادي والاجتماعي. ورؤيته هذه تنسجم ومفهوم الخطاب، من حيث أن الخطاب، هو كل الممارسات الفعلية والكلامية، والتي يمكن قراءتها وتحليلها في إطار البيئة التي أنتجتها.

‌ب. خطاب الحياة اليومية

ويرى أحمد زايد أن الحياة اليومية هي خطاب "Discourse" أو أن لها خطابها الخاص. ونقصد بهذا ثلاث معان: الأول أن هناك منطقا خاصا لممارسات الحياة اليومية؛ و هذا المنطق هو منطق معرفي طالما أن المعرفة والوعي من العناصر التي تجعل من الحياة اليومية قابلة      لتنظيم؛ فالحياة اليومية وعاء لتخزين المعرفة والمعلومات بصرف النظر عن دقة وعقلانية هذه المعرفة، كما أنها وعاء لتخزين الوعي،  بصرف النظر أيضاً عن نوعية هذا الوعي وطريقة ظهوره وشروط ظهوره؛ بهذا المعنى فإن الحياة اليومية خطاب؛ أما المعنى الثاني فإن القول في الحياة اليومية،  أو لنقل العبارة الخطابية "Statement" إذا استخدمنا لغة "فوكو" أو الكلام إذا استخدمنا لغة "جاك دريدا" يحمل معنى الخطاب وخصائصه، فالناس في حياتهم اليومية عندما يتحدثون أو يتبادلون وجهات النظر أو يسلكون سلوك معيناً فإنهم يعبرون عن موقف خاص ويعبرون عن وجهة نظر معينة؛ كما أن التفاعلات الكلامية وغير الكلامية،  المادية وغير المادية،  التي ينجزها الأفراد في حياتهم اليومية تكتب تاريخهم الخاص وتكتب وجهة نظرهم الخاصة، ومن ثمة فإنهم عندما يتفاعلون فكأنهم يكتبون خطابهم الخاص،  وهم عندما يكتبون خطابهم الخاص فإنهم يعبرون عن أنفسهم بطريقتهم الخاصة،  فهم لا يقولون كل شيء يرونه،  وهم إذ يعبرون عن ما يرونه فإنهم يعبرون عنه في ضوء موقف معين وفي إطار تحيزات معينة؛ فكيف إذا لا نعتبر الحياة اليومية خطابا. أما المعنى الثالث الذي نقصده بوصفنا للحياة اليومية بأنها خطاب فيرتبط بإمكانية النظر إلى الحياة اليومية باعتبارها نصا يمكن قراءته وتأويله؛ ولكن "النص" في الحياة اليومية يأخذ معنى مختلف عن النص المكتوب أنه متدفق عبر الزمن، ولذلك فإنه له بعده التاريخي أو ذاكرته التاريخية. كما أنه نص يكتب بالسلوك ومن ثم فإنه لا يحتوي على الجوانب العقلانية فحسب، بل يحتوي أيضاً على الجوانب غير العقلانية أو الانفعالية. كما أنه نص متحرك عبر المكان طالما أنه غير ثابت ودائم التدفق. ومن هذه المنطلقات الثلاثة يمكن النظر إلى الحياة اليومية باعتبارها خطاباً.18

قسم "أحمد زايد" الحياة اليومية إلى قسمين وسط معيشي مادي وثقافي، وهي حالة الوجود البعيدة عن أي تنظيم. ويمكن قراءتها كنص الذي لا يأخذ طبيعة النص المكتوب، فهو متغير وغير ثابت ما تغير منطق الحياة اليومية ذاتها، هذا النص الذي يشكله الأفراد بتفاعلهم اليومي.

‌ج. المفهوم اللساني لخطاب الحياة اليومية:

ما يمكن الإشارة إليه أن "خطاب الحياة اليومية" كمفهوم لا يتم العثور عليه في مختلف الأدبيات السوسيولسانيية بهذا الشكل، إذ يعتبر مفهوم حديث نسبيا مقارنة بمفاهيم الأخرى لكن يمكن إيجاده في مختلف الأبحاث اللسانية تحت مسميات مختلفة مثل "اللغة المحكية" و"الخطاب الشفهي" واللغة العامية" أو"حديث العامة" أو كل ما يشير لاستعمال اللغة في ميادين غير رسمية؛ ومفهوم خطاب الحياة اليومية الروتينينة الرتيبية، ينسحب عليه المفهوم السوسيو-لساني للخطاب وبتحديد دقيق يمكن تعريفه من زوايا مختلفة كما يلي:

-  من الناحية البنائية فهو إما لفظ مثل "حقرة"، أو عبارة، ولا يشترط فيها أن تكون ذات تركيب نحوي سليم مثلما يوجد في اللغة الرسمية، لكن تمتلك دلالة اجتماعية مكتسبة من خلال التداول بين الأفراد.

-   من الناحية الشكلية شفوي أكثر منه كتابي، كالمحادثات اليومية التي تحدث صباح مساء بين الأعضاء، أو كتابي مثل الرسائل النصية المتبادلة بين الأفراد في الهواتف، ووسائل التواصل الاجتماعي؛ تضاف له الرموز والإيماءات والتعبيرات الجسدية، وحتى الانفعالية كالضحك أو البكاء.

-  من الناحية التواصلية يؤدي معنى ورسالة، ويحقق هدف التواصل بين الأفراد والجماعات في مختلف المواقف اليومية، ويتم عن طريقه تناقل المعرفة العامية.

-   كما يكون في شكل ممارسات ونشاطات لاخطابية يومية مادية كالتنقل بين المؤسسات المجتمعية الرسمية منها وغير الرسمية، وأماكن العمل والدراسة ووسائل النقل... لتلبية حاجات فردية شخصية محددة.

‌د.  خصائصه اللسانية:

كل متحدث يجد نفسه في مواجه يوميا تفاعل وجاهي، في شكل حوار، أو محادثة، مع أصدقائه، مع أسرته مع جيرانه، فالجميع يمارس بشكل يومي متكرر الخطاب الشفهي، لكن دون انتباه أو اهتمام لما يقال ولا لطريقة التي يتم التكلم بها، فخطاب الحياة اليومية له خصوصية لسانية يختلف بها عن الخطاب المكتوب، والمتحدثين بشكل عام يحملون صورة سيئة عن طريقة تكلمهم من قبيل "انا أتحدث بشكل سيء" "أنا أرتكب الأخطاء" فالنظرة السائدة وحتى عند بعض اللسانيين المعاصرين اللغة المتكلم بها تقابل لغة الكتابة الرسمية، لذلك لابد على الباحث أن يكون عارف بالمادة الخطابية التي سيقوم بتحليلها وخصوصيتها اللسانية، ابتداء من الظواهر الصغيرة للنطق إلى الظواهر اللغوية الأكبر.19

ويمكن الحديث عن بعض خصائصه كما يلي:

-"ظواهر التنوع الرتيبي"Phénoménes de Variation Ordinaires  موجودة بكثرة عند كل المتحدثين مهما كان وضع المتكلم، خاصة التنوع الفونولوجي فبعض المنطوقات في خطاب الحياة اليومية تختلف عنها في اللغة النموذجية الأكاديمية، والاختلاف حتى بين منطقة وأخرى؛20مثلا كلمة "الذرية" تعني في العربية الفصحى معنى الأولاد أو الخلف وتستعمل في بعض المناطق الجزائرية بنفس المفهوم لكن نطق مختلف بين المناطق بهذا الشكل: "الذري" و"ذراري".

-ثالثا ظواهر التنوع اللساني الشاذة وهي المتعلقة بأخطاء النحو والصرف والشائعة والقابلة للتصحيح من قبل بقية المتحدثين والشائعة كذلك عند الأطفال،21مثلا اختلاف استعمال الضمير المخاطب المفرد في خطاب الحياة اليومية في بعض المناطق الجزائرية "نتَ" و"نتِ"، ففي بعض المناطق تستعمل بوجه معكوس "نتَ" للمؤنث و"نتِ" للمذكر.

- الخطاب اليومي غير خاضع لنظام تركيبي ثابت مثلما في اللغة النموذجية، عفوي يغلب عليه التكرار، والاختصار شفوي في غالبيته، سرعة المتكلم، يخطئ المتكلم ويعيد ويصحح، فهو خطاب متقطع.

-تستعمل فيه حركات الجسم الانفعالية كالضحك والصراخ، التمتمة، البصق، انفلات الكلمات، ظاهرة البحث عن الكلمات، مثل التوقف التردد الإطالات الصوتية،22يحضر فيه الخطاب النفسي الذي يكون له الأثر الواضح في توجيه الخطاب وسلطته بين المتكلمين.

-تحضر فيه وبشكل قوي الظواهر السوسيولسانية مثل الاقتراض اللغوي، الثنائية اللغوية، والازدواجية اللغوية.

-يكشف وبقوة عن البنية الاجتماعية للمتكلم من حيث: جنسه، سنه، تعليمه،عمله، طبقته الاجتماعية، بلد الإنتماء.

ثانيا: المداخل النظرية لتحليل خطاب الحياة اليومية

لا يوجد كيفية محددة ثابتة لتحديد كيفية الانتقال من النظرية إلى الدراسة الميدانية أو من الميدان إلى النظرية لكن عموما توجد العديد من النظريات التي تعالج الظواهر السوسيولسانية؛ وسيتم التركيز هنا فقط على النظرية الاثنوميتودولوجية، واثنوغرافية التواصل، وتأويل الحياة اليومية.

1.  النظرية الإثنوميتودولوجية

لقد تطور أواخر الستينات ومطلع السبعينات داخل إطار دراسات (المايكرو-سوسيولوجي). والاستناد إلى أرضية من التأسيس النظري التأويلي والظاهراتي، اتجاها ركز على دراسة التفاعلات في الحياة اليومية؛ وكل ما يتعلق بها من تأويلات ومعان مضمرة؛ مع جهود علماء مختلفين أمثال "غوفمان" Erving Goffman، و"كارفينكل" Harold Garfinkel، و"أيرون سيكورل" A. Cicourel، وسرعان ما بادر هذا الاتجاه إلى الاهتمام بدراسة أحد أهم أنماط التفاعلات اليومية؛ وهو الحديث "Talk" المحادثات اليومية؛ كما انتشر بسرعة شديدة إلى حقول معرفية أخرى مجاورة مثل علم اللغة الاجتماعي، والإثنوغرافيا، وشكل جذرا أساسيا لتطور تحليل الخطاب كما يمثل الآن أحد النماذج المهيمنة في حقل الخطاب الواسع. 23

هذا وقد تمت صياغة مصطلح "الإثنوميتودولوجية" من طرف "هارولد كارفينكل" ويعني به وصف المناهج والمفاهيم الإجرائية التي يستعملها أفراد مجتمع معين لغاية تدبير مجمل المشاكل التواصلية التي تعترض سبيلهم في الحياة اليومية، فالسلوكات المتعلقة بالتبادلات الكلامية اليومية ترتكز على معايير مضمرة مسلم بها، وغاية هذا العلم الكشف عن هذه البداهات التي تحكم تخاطبنا وتواصلنا الروتيني، وداخل هذا الاتجاه استقل تيار يتزعمه "هارفي ساكس" Harvy Sacksو"شغلوف"   Schegloffخاص بتحليل المحادثة.24بالإضافة دراسات "ايرفنج غوفمان" الذي كان له السبق في دراسة الحياة اليومية داخل المنظمات المغلقة مثل المستشفيات والسجون، لكن بالنسبة "لغوفمان" فإنه يحسب على التيار التفاعلي الرمزي والتيار الإثنوميتودولوجي.

وقد حاول جارفينكل في أبحاثه العديدة أن يبين:

–أن المحادثات اليومية العادية تنقل معان أكثر مما تحمل الكلمات المباشرة؛

–أن مثل هذه المحادثات تفترض محتوى ذا دلالات مشتركة؛

–أن الفهم المشترك الذي يوافق أو ينتج عن المحادثات يشمل عملية مستمرة من التأويل البينذاتي؛

–أن التبادل والشؤون اليومية تتصف بمنهجية، وخطة وبالتالي خاصية عقلانية بحيث أن الإنسان يصل إلى المعنى لما يلفظ الأخر من خلال فهمه للقاعدة التي قام عليها.25

واهتم "سيكوريل"، كما كان الأمر لدى "كارفينكل" بتحليل الأحاديث، التي أصبحت من أهم أوجه منهجية الجماعة في تحليل الفعل، وتشكل معرفة الجماعة؛ حيث يرى "سيكوريل" أن عملية التفاعل تتضمن منظورا متبادلا بين المتفاعلين، فالمتحدث يفترض أن المتلقي يتوقع منه أن يقول ما هو مفهوم ومعقول ومقبول، وينطبق القول نفسه على المتفاعل المتلقي، والسؤال هنا هل يتم الحديث في الحياة اليومية حسب قواعد اللغة؟ ويرى "سيكوريل" أن الحديث في الحياة اليومية لا ينسجم مع قواعد اللغة، ولكن الموقف الاجتماعي بما تم الاتفاق عليه في الجماعة، يسد الثغرات الناتجة عن غياب قواعد اللغة.26وهو ما يفسر عدم انتظام لغة الحياة اليومية وثباتها.

كما قدم "ساكس" دراسات ميدانية معتمدا على مدخل تحليل المحادثة، إنطلاقاً من افتراض مؤداه: بأن المحادثات تعتبر الأساس الذي عن طريقه يمكن تفسير أنماط أخرى من السلوك البيني (بين الأفراد)؛ كما أنها تعتبر انعكاسا حقيقيا لعملية التفاعل، وتشكل منظومة من الإجراءات والممارسات الاتصالية المنظمة اجتماعيا، ولذا فإن المدخل التحليلي للمحادثات كما تصوره "ساكس" يعد نوعا من الدراسات لظواهر محددة ولكنها تعطي معلومات وفهم كبير لكثير من الأنشطة والسلوكيات التي يقوم بها البشر؛ و لقد استخدم هذا المنهج في دراستين هما تحليل محادثة ظاهرة الانتحار ووصف قصص الأطفال؛ كما حرص "ساكس" في دراستة الانتحار على أن يستخدم مادة الانتحار المتعمقة في المحادثات التي يقوم بإملائها المنتحر ذاته، أو من يتصل للإبلاغ عن حالة الانتحار؛ عامة فإن هذه المادة تساعد في التعرف على طبيعة حدوث هذه الظاهرة ووصفها بصورة غير تقليدية تعتمد على الإحصاءات والمقابلات أو الملاحظة واستمارة البحث كما اعتمد عليها "دوركايم" ذاته أو غيره من علماء الاجتماع التقليديين؛ وبين "ساكس" بشكل واضح أن ما يهمه ليس الخطاب بحد ذاته وليست اللغة هدف هذا البحث الأكاديمي، وعدد كبير من دروس "ساكس" عالجت المسألة الإثنوميتودولوجية ويمكن القول أن دراساته هي التي أعطت شكل ومادة لمواضيع إثنوميتودولوجية.27

2.  تأويل الحياة اليومية

قدم هذه المحاولة "كالفن شراج" C. Schragعام 1980السؤال الأساسي الذي يطرح من خلال هذه الممارسة التنظيرية هو: هل يمكن تطبيق مبادئ التأويل المستقاة من تحليل النصوص على دراسة الحياة اليومية بحيث يمكن فهمها تأويليا وللإجابة على هذا السؤال حاول "شراج" أن يجمع بين أفكار مستمدة من الفينومينولوجيا وأخرى مستمدة من نظرية التأويل عند "هايدجر" و"جادامر". لقد حدد "شراج" مهمته التنظيرية بأنها محاولة لنقل نظرية التأويل من مجال تأويل النصوص إلى مجال تأويل الوجود الاجتماعي التاريخي للإنسان. ولقد عبر عن ذلك بالنص "أن النموذج النصي لنظرية التأويل يحتاج إلى توسيعه بطريقة تجعله يستوعب عالم الحديث اليومي بالإضافة إلى عالم النصوص المكتوية. أنه بحاجة إلى أن يتسع ليشتمل على مجال الإدراك بما فيه من فهم للعالم وبما فيه من أسلوب لنقل محتوى الأفكار". والمقصود من هذا القول أن النص من مفهوم نظرية التأويل يمكن توسيع مفهومه ليشمل الحياة اليومية بحيث يمكن التعامل معها كنص مكتوب بإخضاعها لتحليل فالحياة اليومية مثلها مثل النص يمكن تحليلها؛ والفرق بين النص والحياة اليومية أن النص جامد بينما الحياة اليومية في تحول مستمر وتحمل دلالات اجتماعية؛ لذلك لا نتعامل معها على أنها نص أدبي يقف بمثابة حقيقة مستقرة، ولكننا نتعامل مع نشاط حي متدفق يضفي فيه الناس على أفعالهم وإدراكاتهم معاني خاصة. وفي هذه الحالة فإن مهمة الفهم التأويلي هي عملية فهم لذات وعملية تأويل للذات. وتقوم هذه الفكرة على التمييز بين مستويين من الفهم التأويلي؛ المستوى الأول يرتبط بالفهم التأويلي البدائي (الفطري) الذي يميز عملية تكوين المعاني في الحياة اليومية ذاتها؛ والمستوى الثاني من الفهم التأويلي الذي يظهر من خلال المحاولة المنتظمة للمنهج العلمي أو البحث الفلسفي الذي يحاول دراسة الإنسان وعالمه الاجتماعي. ومن هنا فإن المهمة الصعبة للفهم التأويلي للحياة اليومية، هي أنها محاولة للفهم تتأسس على نوع سابق من الفهم هو ذلك الوجود على مستوى الحياة اليومية ذاتها. ومن ثمة فإن نجاح عملية الفهم العلمي ترتبط بمدى ما يعكسه من المستوى الأول الموجود في الحياة اليومية.28

ولذلك فأن الحياة اليومية لا يكفيها تأويل اللغة التي تعبر عن عقلانية الفاعل التي تحكمها قواعد سلوكية. إن تأويل اللغة ضروري ولكن غير كاف. فدائرة التأويل يجب أن تتسع لتشمل جوانب أخرى من الوجود، أننا يجب أولا أن ندرس الظروف التي يمكـن أن يظهـر فيها نوع من القهـر للدافعية العقلانية (حسبما يذهب "فرويد")، وأن ندرس الظروف التي تتداخـل بها لتخلق نوعا من التضليـل الأيديولوجـي (حسبما يذهب "ماركس")، أو الظروف التي من خلالها يخضع الناس لازدواجية المصير السيئ. أو خداع الذات (حسبما يذهب "سارتر"). ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال أهمية الجوانب اللاعقلانية. كما أن ذلك يمكننا توسيع مفهوم العقلانية ليشمل الظروف الفاغلة في تكوين التاريخ كظروف التي تخلق القهر أو التضليل الأيديولوجي أو الازدواجية في التعبيرات الوجودية. وهنا تتضح الأبعاد التاريخية لعملية التأويل. أن التاريخ هو الذي يشكل السياق "Context" الذي يتكون فيه نسيج "Textur" (أو نص Text) الحياة اليومية. وهكذا تجمع هذه الصياغة لسوسيولوجية الحياة اليومية بين أطر نظرية عدة، فهي تستفيد من الفينومينولوجيا الاجتماعية، ومن التحليلات الفرويدية والماركسية وتدمج كل ذلك في نظرية التأويل لتخرج سوسيولوجيا للحياة اليومية تعالج فيها هذه الحياة كنص يمكن تأويله، نص لا يعبر عن الجوانب العقلانية فقط ولكنه يمتلئ بأشكال من الأفعال اللاعقلانية، نص لا يقف مستقلا بذاته ولكنه يوجد في سياق تاريخي يحدد هويته وبطبعه على نحو خاص.29

3.  اثنوغرافية التواصل

تبلور هذا الاتجاه مع "ديل هايمز" Dell hymesفقد جاءت آراؤه رد فعل ضد تصور "تشومسكي" للغة، فمعرفة طرق الكلام لا تتمثل في القدرة على إنتاج وتأويل عدد لا متناه من الجمل الصحيحة، لكن إضافة إلى ذلك تتمثل في السيطرة والتحكم في شروط الاستعمال الملائم لإمكانيات التي تتيحها اللغة.30

إقترح "ديل هايمز" أن أي استعمال تبليغي للغة أو لحدث كلامي يتكون من عناصر بارزة يتصل كل منها بوظيفة تبليغية ما؛ إذ نجد أن أول العنصرين هما المرسل (المتكلم-الكاتب) والمرسل إليه (السامع-القارئ)، والعنصر الثالث هو الرسالة والتي يجب أن تكون واردة ضمن رمز كلامي معين، ويعبر شكلها عن فكرة معينة.31

يرى "ديل هايمز" بان هذا النموذج يجب أن يوفر القاعدة لدراسة إثنوغرافية الحديث Ethnography Of Speakingوالذي يعتبر دراسة وصفية لأحداث الكلام التي تتطلب تحليلا شاملا للعناصر المرتبطة بها، وتداخل هذه الأخيرة فيما بينها يملي على الباحث دراستها جملة واحدة لأنها تمثل بنية متماسكة للحدث الكلامي، فبالنسبة لكل نوع أو شكل من أشكال الحدث الكلامي ترتبط هذه العناصر فيما بينها، وكمثال على ذلك نصف الخطبة أو الموعظة حيث الخطيب الرسمي هو رجل الدين (الملقي) أما المستمعين فهم جماعة من الناس يمثلون الجماعة الدينية أو المصلين (المتلقين)، والموقع هو المسجد، أما الشكل اللغوي فهو مفهوما لدى جماعة المصلين (الرسالة).32

لقد كانت القيمة الأساسية لإثنوغرافية الكلام هي إرساء وإيجاد دراسة لغوية تتعدى تلك المحاولات الدراسية التي جعلت من غايتها دراسة الجملة الواحدة من جانبها المكتوب والمنطوق فقط وبالتالي جعلت المجال الدراسي واسعا بحيث يحيط بكافة مظاهر الحدث الكلامي، الأمر الذي يعلل مدى القيمة العلمية في اعتباره بنية واحدة من أوثق الظواهر ارتباطا بالأحداث الكلامية، وهي المحادثة، وذلك عندما يتكلم شخصان أو أكثر مع بعضهم البعض.33

ولقد حاول "ديل هايمز" دراسة الاختلافات الثقافية في الكلام، ولقد أشار إلى عدد من المتغيرات ذات التأثير الفعال على الكلام أي انه بهذه الطريقة حاول أن يحصر أكبر عدد من العوامل التي تؤثر في الفعل اللغوي والتي يمكن إجمالها كالآتي:

1.  الزمن الذي يحدث فيه الفعل اللغوي؛

2.  المكان الذي يحدث فيه الفعل اللغوي؛

3.  الموقف السيكولوجي الذي يحدث فيه الفعل اللغوي؛

4.  المتحدث القائم بالفعل؛

5.   المستمع أي القابل للفعل؛

6.   المشاهد للفعل اللغوي؛

7.   أي مشارك آخر في هذا الفعل؛

8.  النهايات المتوقعة والمرغوبة للفعل اللغوي؛

9.  النهايات الفعلية للفعل اللغوي؛

10.  شكل الكلام الذي يتكون منه مادة الفعل اللغوي؛

11.  المحتوى المنقول عن طريق الكلام؛

12.  مزاج المتحدث سواء كان حاداً أو حازماً، وهكذا؛

13.  اللهجات المحلية للمجتمع الذي يحدث الفعل فيه؛

14.  عادات الكلام المتبعة؛

15.  توقع حجم الكلام؛

16.   تفسير الكلام أو التردد فيه وهكذا؛

17.  الأنواع المختلفة من الأداء اللغوي (الكلام، الفكاهة، المواعظ، وهكذا).34

ويمكن تحليل كل عامل من هذه العوامل إلى مجموعة متعددة من العوامل والظروف، وعلى سبيل المثال، إذا أخذنا العامل الرابع وهو المتحدث الذي يقوم بالفعل اللغوي، نجده ينقسم إلى مجموعة من العوامل مثل:

1.  نوعية المتحدث هل هو ذكر أو أنثى؛

2.  مدى المعرفة المتاحة لديه ودرجة ثقافته؛

3.  قدراته اللغوية؛

4.  مجتمعه اللغوي المحلي؛

5.  دوره في المجتمع؛

6.  مركزه الاجتماعي؛

7.  عمره أهو طفل أم صبي أم ناضج، وغير ذلك من العوامل وسوف نجد أن الكل هذه العوامل بالضرورة تؤثر في أدائه اللغوي.35

ثالثا: المقاربة المنهجية في تحليل خطاب الحياة اليومية

1.  المنهج:

يمكن توظيف منهج التحليل النقدي للخطاب أينما وجد منتج لغوي بداية من المنتجات اللغوية الرسمية إلى المنتجات اللغوية في الحياة اليومية وتتنوع موضوعات التحليل النقدي للخطاب على ما ذهب إليه "توين فان ديك" حسب اهتمام الباحث وهدفه وعليه يختلف المنهج وأداة جمع البيانات.

ويقول "توين فان ديك": لابُدّ من الإشارة إلى أن الخطاب لا يحلّل بوصفه لفظا مستقلا بذاته فحسب بل بوصفه كذلك تفاعلاً موقفيا أو ممارسة اجتماعية أو نوعا من التواصل في موقف اجتماعيّ أو ثقافيّ أو تاريخيّ أو سياسيّ محدد وبدلا من أن نقوم بتحليل المحادثة بين الجيران ربما يتعين علينا –على سبيل المثال- أن نقوم بعمل ميداني في منطقة الجوار بملاحظة كيف يتحدث الناس في المقاهي؛ أو غيرها من الأماكن العامة، ونصف الجوانب الأخرى ذات الصلة بهذه الأحداث التواصلية كعنصري الزمان والمكان والظروف الخاصّة والمحيطة بهذا الخطاب (المحادثة) والمشاركين واتصالاتهم وأدوارهم الاجتماعية فضلا عن الأنشطة المتنوعة الأخرى التي تنجز في الوقت نفسه.36

وتذكر كل من "روث فوداك وميشل ماير": لا يشكل التحليل النقدي للخطاب منهجية محددة ثابتة ولكن مجموعة من المقاربات المتشابهة من حيث النظرية والتساؤلات البحثية ولا توجد طريقة محددة لجمع البيانات ولم يتم ذكر حتى العينة من طرف بعض الباحثين؛ ويوجد من الباحثين من يعتمد على مقاربات خارج المجال اللغوي؛ كذلك لا يعتبر جمع البيانات مرحلة محددة يجب إتمامها قبل البدء في التحليل بل هي تعتبر مسألة إيجاد مؤشرات لمفاهيم معينة وتوسيع المفاهيم إلى فئات وجمع بيانات أخرى (عينات نظرية) على أساس هذه النتائج؛ وفي هذه الإجراءات لم يسنن تماما جمع البيانات ودائما ما تظهر تساؤلات جديدة يمكن تناولها فقط إذا تم جمع المزيد من البيانات، أو إذا تم إعادة فحص بيانات سابقة.37

بوجه عام بأنه من الأمور المستحيلة كليا أن يتم تحليل الخطاب بصورة كاملة لكم كبير من النصوص أو المحادثات وإذا كان تركيز البحث على الطرق التي يمارس بها بعض المتحدثين أو الكُتَابْ سلطة من خلال خطابهم فإن البحث يركز على هذه الخصائص التي يمكن أن تختلف باعتبارها وظيفة للسلطة الاجتماعية ولذلك فإن المقاربة المعرفة الاجتماعية لـ"توين فان ديك" تقترح المؤشرات اللغوية التالية:

-   النبر والتنغيم.

-    ترتيب الكلمات.

-    التحركات المحلية ذات الدلالات اللفظية.

-   اختيار الموضوع.

-    أفعال الكلام.

-    الصور البلاغية.

-     تبادل الادوار في المحادثة.

-     التردد في المحادثة.38

وبالنسببة للمحادثة هي نشاط مبتذل ومعقد في الآن نفسه؛ مبتذل لأنه يمارس بشكل روتيني على مدار اليوم، ومعقد لأنه إضافة إلى استدعاء جميع مكونات اللغة فهو يستلزم من المنخرطين فيه كفاءات نفسية واجتماعية تمكنهم من التفاهم والمحادثة تساهم في تأسيس العلاقات الاجتماعية وترسيخها.39كماينظر "توين فان ديك" للمحادثة على أنها نوعا خطابيا أيضا، وربما تمثل أيسر ميادين تفاعل الخطاب البشري وأوسعها، ولا يحتاج تعريفها إلى معرفة القيود المؤسساتية إذ أن معظم ما نتعلمه يستمد من المحادثات اليومية مع أفراد الأسرة والأصدقاء والزّملاء.40

 وهناك من الباحثين خاصّة في البلدان الأنغلوسكسونيّة من يعتبرون تحليل الخطاب نشاطا تفاعليا أساسيا يماثل تحليل المحادثة ويقابل س.ك ليفنسون في هذا المجال بين تيارين هما: تحليل الخطاب القائم على تحليل النصوص التحادثية تحليلا لسانيا تراتبيّا، والتحليل التحادثي الذي تتحدث عنه النظرية الاثنوميتودولوجية.41

هناك من يعتبر تحليل المحادثة منهج مستقل عن تحليل الخطاب، وفي الغالب يدرج ضمن أدوات التحليل النقدي للخطاب، كما سبق وتمت الإشارة سابقا فقد اهتم بها الكثير من الباحثين في مجال علم اجتماع اللساني في إطار اهتمامهم بدراسة التفاعل الوجاهي، ويمكن إخضاع المحادثات اليومية للتحليل النقدي بتفكيكها إلى مؤشرات وفق الهدف الذي يبتغيه الباحث.

ومن الناحية المنهجية، فإن تحليل المحادثات يركـز على دراسـة المحادثات التي تحـدث في مواقف طبيعية، وغالبا ما يتم التحليل عن طريق التسجيل الصوتي أو الصوت والصورة، كما أن هذا المنهج يسمح بتدفق المعلومات بصورة تلقائية كما تحدث في العالم الطبيعي أو الاجتماعي، وليس فيها أي نوع من تدخل الباحثين فالباحث الاجتماعي يستطيع أن يختبر أو يعيد اختبار المحادثة الحقيقية أكثر من ملاحظتها عن طريق الأساليب البحثية السوسيولوجية التقليدية والتي تقوم على الملاحظة بالمشاركة ومن ثمة فهذا المنهج يسمح للباحث بالحصول على أكبر قدر من المعلومات التي تتم بصورة طبيعية وتحليلها بصورة موضوعية في نفس الوقت.42

2.   كيفية جمع البيانات أو النصوص Curpusمن الميدان:

تسمى البيانات التي يتم جمعها في حقل دراسات الخطاب الشفوي "مجموعة النصوص" أو "الكوربوس"43وهي البيانات الاولية من عينة الخطاب، ويتمثل في مجموع الممارسات الخطابية التي تم انتاجها في مؤسسة ما في فترة زمنية معينة، أو هي خطاب شفوي غير مُدَوَن؛ حيث من أجل تخليل الخطاب اليومي لا يكفي مجرد الاستماع للمبحوث، بل يجب بناء الكوربيس – النص- بجمع الخطابات المختلفة المراد تحليلها وعرضها وتحليلها وتصنيفها بشكل منسجم، هذه المرحلة يقوم بها الباحث ذاته؛ إذ يعد بناء الكوربيس مرحلة جد مهمة؛ حيث تسمح بوضع معالم الدراسة وتعتبر جزء من تحليل الخطاب؛ ويمكن أن يتكون الكوربيس من رسوم بيانية، نصوص، تسجيل صوتي، أو فيديو؛44أو كل نشاط لغوي أو مادي من إشارات أوإيماءات؛ وكل ما يخدم هدف البحث.

3.   كيفية اختيار نصوص التحليل: 

يعني الكوبيس كذلك الاختيار المنظم للبيانات وليس فقط جمعها؛ فليس مجرد إحضار المُسَجِل وتسجيل الخطاب الشفوي يجعل البيانات منسجمة ومترابطة؛ إذ يشترط قبل كل شيء في التسجيلات أن تسمح بالإجابة على سؤال إشكالية البحث، ويتم بناء الكوربيس مع الأخذ بعين الاعتبار هذا الهدف، ما يستلزم على الباحث الحصول على بيانات لها علاقة بالبحث؛ مسألة الاختيار كذلك تطرح مشكلة عدد الخطابات المسجلة، التي تتصل بمدى قدرة الباحث على جمع المادة من أجل تحليلها ونوعية التحليل إن كان كمي أو كيفي، حجم المادة التي يتم جمعها تتوقف كذلك على الهدف من البحث إن كان يسعى لتمثيل نظرية أو بناء عينة تمثيلية؛ كما يمكن اعتبار الكوربيس مغلق يمكن اعتباره مفتوح؛ وهذا حسب متطلبات التحليل والبحث؛ وأي كوربيس مغلق حتى ولو كان إغلاقه مؤقت؛ كل هذه الاحتمالات تؤخذ بعين الاعتبار.

مسألة اختيار البيانات حتميا مرتبطة بالطريقة التي سنجمعها بها وبالتالي الاختيار يخضع لصعوبات نظرية كما يخضع لصعوبات ميدانية،  كإمكانية التنقل لميدان الدراسة، وإمكانية الحصول على مرشد في حال جهل الباحث بالمكان الذي يجري فيه البحث، وإمكانية الحصول على مترجمين في حالة جهل الباحث بلغة المبحوثين؛ لكن عموما يتم تسجيل الكوربيس عن طريق المُسَجِل والكاميرا المخفية؛ وهنا يمكن أن نكون أمام حالتين لإنتاج الخطاب: ففي الحالة الأولى المبحوثين لا يعلمون بتسجيلهم تجدهم يتحدثون بشكل تلقائي وفي الحالة الثانية يعرفون بأن الباحث يقوم بتسجيلهم، لذا تجدهم يراقبوا سلوكهم أو يغيروه، لذا يفضل عدم إعلام المبحوثين بالتسجيل؛ وفي حال كان من الضروري علمهم بالتسجيل يجب إخفاء الهدف من البحث عن المبحوثين.طريقة أخرى غير التسجيل بالآلة هي أن يقوم الباحث بتسجيل بعض النقاط أو الملاحظات أثناء إنتاج الخطاب أو مباشرة عند انتهاء الخطاب؛ بهذه الطريقة يكون الكوربيس مرتبط بقدرة الباحث على التسجيل؛ وتوجد حالة أخرى تسمى تسجيل الخطاب المستحدث discours sollicitsويتعلق الأمر هنا بالنسبة للباحث بالتسجيل عن طريق جهاز أو كامرا بيانات هو من استحدثها والمبحوثين يعلمون بذلك مثلما يحدث في المقابلة. يمكن الإشارة كذلك إلى تسجيل الخطاب التلقائي الغير مستحدث discours naturelsويتعلق الأمر بتسجيل خطابات لا دخل للباحث فيها الموجودة بشكل مستقل عن ذات الباحث والتي يمكن أن تكون رسمية أو غير رسمية.45

4.    كتابة الكوربيس:

كل البيانات الشفوية التي يتم جمعها لا بد من كتابتها من أجل تحليلها؛ وهذه المرحلة غالبا ما تكون مملة، تتطلب الكثير من الدقة والوقت لكنها مرحلة أساسية لتحليل الخطاب الشفوي اليومي، وتتطلب الكثير من التأمل النظري في البيانات، ومن المستحن قبل الشروع في كتابة الخطاب اليومي توضيح الصعوبات التي تعرض لها الباحث أثناء جمع المادة. كتابة وعرض البيانات في البحث مرحلة ضرورية، إذ من خلالها تقدم مادة التحليل للقارئ وبطريقة مفهومة –خاصة مع صعوبة نقل وترجمة لغة الحياة اليومية لتنوعها الكبير وعدم ثباتها- فمن الضروري الوصف، والترجمة، والتحويل، والعرض. فإعادة الكتابة تعني التكييف وإعادة الإنتاج بما يسهل فهمه.

كل الباحثين يجمعون على استحالة العمل على الخطاب اليومي دون نقله خطياً إذ يجب تجسيده مادياً لسرعة زوال الشفوي وما لم يتم تسجيله؛ فلما نستمع للبيانات يمكن ان تتشكل لدينا انطباعات ومسارات للتحليل، لكن التحليل نفسه يجب أن ينطلق من الوثيقة المكتوبة بمعني مادة موضوعة ثابتة، لا يمكن دراسة الشفوي بالشفوي، ولكن هذا لا يعني ان البيانات الشفوية عديمة القيمة، بعد مرحلة الكتابة بالعكس يبقى المصدر الاصلي هو قاعدة الكوربيس والمرجع للباحثين. وينصح بالكتابة الفورية بعد التسجيل فلربما يكون الباحث بحاجة لإضافة احداث سياقية؛ وترك هامش للشرح ويمكن استعمال الجداول لكتابة المحادثات، وفي حالة الكتابة بلغة اجنبية يجب الترجمة وتتم الترجمة كذلك من اللغة المحكية الى اللغة الرسمية؛ لكن التحليل يكون للنص الأصلي، كما يجب التعريف بالمشاركين في المحادثة وهويتهم.46

الكتابة الهجائية للنصوص تكون باستعمال حروف اللغة النموذجية الرسمية مع استدماج بعض عناصر اللغة المحكية؛ يتم اختيار نظام تسجيل ملاحظات يسمى "اتفاقيات النقل" Convention Transcriptionالتي تسمح بالأخذ بعين الاعتبار العناصر الشبه شفوية والشفوية وتعطيها أهمية؛ والهدف ليس فقط نقل ما قيل لكن كيف قيل أيضاً بكل أمانة دون تزييف مثل التكرار الاستحياء أو أنصاف الكلمات. أما اتفاقيات النقل Convention Transcriptionلا توجد اتفاقات عالمية في العلوم الإنسانية ولا في العلوم الاجتماعية ولا في علوم اللغة؛ ولا حتى في مختلف المذاهب اللسانية، لكن يوجد اتفاق يطبق أحيانا بين بعض الباحثين الذين يتقاسمون نفس موضوعات الدراسة، واختيار نظام معين يخضع لاعتبارات منهجية ونظرية ولكن يجب تطبيقها لأغراض تحليلية؛ سيتم تقديم بعض النماذج الشفوية... وهي موجودة مع نظام معالجة النصوص من أجل تفادي الترجمة لما هو منطقي مثال ذلك:  لطبقات الصوت المرتفع يوضع رمز السهم إلى أعلى، لطبقات الصوت المنخفض يوضع رمز السهم إلى أسفل، مع تفادي وضع الرموز الحرفية لتفادي مشكل القراءة، والرمز++++++ يعني سكوت خفيف؛ +3+ سكوت ثلاث ثواني؛ > ...< بداية لعبارة منطوقة بسرعة؛ <...>بداية عبارة منطوقة ببطء؛ القوسين () لتوضيح بعض ما قيل، الرمز :::صوت مطول.47

وكتابة محادثة لديها خصوصية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تنظيم الفضاء وأدوار المتكلمين، ولنقل المحادثة من الضروري تعريف مختلف المتكلمين بإعطائهم رموز أو أسماء حقيقية، مثلا محادثة بين الطبيب المرضى (الطبيب مريض1مريض2)، ويجب ترقييم كل دور للمتكلمين سواء بشكل متواصل أو بشكل متقطع لكل دور جديد من المحادثة كما هو مبين فيما يلي:

1.أ. صباح الخير

2.  ب. صباح الخير 

3.أ هيا لويس

4.  ب. +3+ ههه ::::+4+ هيا أريد أخذ سندويتش من فضلك.

 أو تكون بشكل فردي رقم جديد لكل دور جديد من المحادثة:

1.أ. صباح الخير

1.ب. صباح الخير 

2.أ هيا لويس

2.ب. +3+ ههه ::::+4+ هيا أريد أخذ سندويتش من فضلك.

هذه الطريقة من التنظيم تسمح بسهولة التحليل برجوع لكل رقم. فكل رقم يوضح كلام متحدث. 48

خلاصة:

دراسة التفاعل الوجاهي ازدهرت ضمن أحد فروع السوسيولوجيا الحديثة؛ سوسيولوجيا الحياة اليومية، التي أعادت إحياء المناهج التأويلية الاستنباطية الكيفية لدراسة الظاهرة الاجتماعية، بالتوازي مع تطور الدراسات اللغوية وبالتحديد تحليل الخطاب الذي وجد اهتمام كبير من قبل الدارسين؛ ما فتح المجال أمام السوسيولوجين لتوظيف منهج تحليل الخطاب وأظهروا اهتمام كبير بتحليل المحادثة في سياق التفاعل الوجاهي؛ أين أصبح تحليل المحادثة تقنية بديلة للأدوات التقليدية في دراسة الظاهرة الاجتماعية.

والتفاعلات الوجاهية بما تتضمنه من ممارسات خطابية أو لاخطابية هي تعبير من طرف الأعضاء على معتقداتهم وتمثلاتهم وتصوراتهم للحياة وهم بتفاعلهم هذا يكتبون تاريخهم؛ لذلك يمكن اعتبار للحياة اليومية خطاب يمكن تحليله كما يحلل النص مع الأخذ بعين الاعتبار تغيره وعدم ثباته كما تتغير الحياة اليومية. ويمكن النظر لخطاب الحياة اليومية على أنه ركام من العبارات والملفوظات، والتعبيرات الجسدية من إيماءات وإشارات باعتبار حركات الجسد ذات دلالة ومعنى.

وتعتبر النظرية الإثنوميتودولوجية إحدى النظريات التي اهتمت بالتفاعلات اليومية الوجاهية، وتحليل المنتجات اللغوية الشفوية للأفراد، وقدمت منهج تحليل المحادثة الذي شاع استخدامه في الدراسات اللسانية كمنهج بديل لمناهج العلوم الطبيعية؛ بالإضافة إلى إثنوغرافية التواصل التي أسست لدراسات لغوية تتعدى تلك المحاولات الدراسية التي اهتمت بدراسة الجملة الواحدة من جانبها الشكلي وبالتالي اهتمت بكافة مظاهر الحدث الكلامي، والمحادثة بين عدد من الناس ودراسة الاختلافات الثقافية في الكلام وحصرت أكبر عدد ممكن من العوامل الاجتماعية التي تؤثر في الفعل اللغوي. ونظيف كذلك من الاسهامات السوسيولوجية الحديثة "تأويل الحياة اليومية" التي تدرس الحياة اليومية كما يدرس النص مع مراعاة أهم الفروقات في ذلك.

وتظهر أهمية هذه المداخل في دراسة الخطاب اليومي حيث: أثبتت أهمية دراسة الخطاب في السياق الاجتماعي الطبيعي الذي يحدث فيه من دون أن تسمح الفرصة للمبحوثين بتغيير سلوكهم؛ وقد طُورت تقنيات كاستعمال المسجلات بالصوت والصورة، ووضعت قواعد لجمع وتنظيم وتدوين وتسجيل المادة الخطابية بطريقة تسهل قراءتها وتحليلها؛ هذا بالإضافة للأدوات التقليدية؛ وقد أثبتت طرق جمع البيانات التي وظفتها المداخل النظرية السابق ذكرها أهمية تحليل المستويات اللغوية للأفراد، وقدرة اللغة -في استعمالها من طرف الأفراد- على إظهار الخصائص الاجتماعية للمتخاطبين.

أحمد زايد: خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري، دط، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 2003.

  1. خولة طالب الإبراهيمي، "احنا أولاد دزاير انتاع الصح" ملاحظة حول لغة شباب باب الوادي، مجلة إنسانيات، مركز البحث في الانثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، رقم 17-18، مجلد (VI،2-3)، ماي –ديسمبر 2002، ص7– ص17.
  2. ميشال فوكو، حفريات المعرفة، ترجمة سالم يافوت، ط2، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1987، ص76.
  3. عبد السلام حيمر، سوسيولوجيا الخطاب، ط1، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2008، ص14.
  4. أبي العقل جمال الدين محمد بن مكرم إبن منظور، لسان العرب، المجلد الأول، ط1، دار صادر، بيروت، دس، ص 361.
  5. روث فوداك وميشل ماير، مناهج التحليل النقدي للخطاب، ترجمة عماد عبد اللطيف وآخرون، ط1، المركز العربي للترجمة، القاهرة، 2014، ص145.
  6. دومنيك مانغونو، المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب، ترجمة محمد يحياتن، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت ،2008، ص45.
  7. المرجع نفسه، ص9.
  8. توين فان ديك، الخطاب والسلطة، ترجمة غيداء على وعماد عبد اللطبف، ط1، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2014، ص189.
  9. روث فوداك وميشل ماير، المرجع السابق، ص62، ص63.
  10. توين فان ديك، المرجع السابق، ص190.
  11. عبد السلام درار، الغير مألوف في المألوف، فكر ونقد، الرباط، العدد 13، نوفمبر 1998،ص31-ص39.
  12. Bryan S. Turner,The Combridge Dictionary of Sociology, The Ferst Published, Published in The United States of America by Combridge University Press, New York,2006, P180.
  13. فتحي التريكي، فلسفة الحياة اليومية، ط1، الدار المتوسطية للنشر، تونس، 2009، ص60-ص62.
  14. Steve Bruce and Steven Yearl,The Sage Dictionary of Sociology, First published, Sage Publication, London, Thousand Oks, New Delhi, 2006, P174.
  15. أحمد زايد، المرجع السابق،ص59.
  16. المرجع نفسه، ص65.
  17. المرجع نفسه، ص74- ص75.
  18. Marion Sandré,(2013)Analyser Les Discours Oeaux,Armand Colin,Paris, France, p61.
  19. Ibid, p62.
  20. Ibid, p62.
  21. Ibid, p64.
  22. صفاء جبارة، الخطاب الإعلامي بين النظرية والتحليل، ط1، دار أسامة لنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص200.
  23. أحمد شايب، المقاربات السوسيولوجية لتحليل الخطاب، ج1، المؤتمر الدولي الأول في لسانيات النص وتحليل الخطاب، ط1، جامعة أبن زهر، المغرب، 2013، ص210.
  24. إرفنج زايتلن: النظرية المعاصرة في علم الاجتماع، ترجمة محمود عوده وإبراهيم عثمان، دط، دار المعرفة الجامعية، مصر، 1998، ص 306.
  25. إبراهيم عيسى عثمان، النظرية المعاصرة في علم الاجتماع، ط1، دار الشروق لنشر والتوزيع، عمان، 2008، ص255- ص256.
  26. عبد الله محمد عبد الرحمن، النظرية في علم الاجتماع، دط، دار المعرفة الجامعية، الأزريطة، 2003، ص258- 261.
  27. أحمد زايد، المرجع السابق، ص64.
  28. لمرجع نفسه، ص64-ص68.
  29. أحمد شايب، المرجع السابق، ص207.
  30. برنار صبولسكي، علم الاجتماع اللغوي، ترجمة عبد القادر سنقادي، دط، ديوان المطبوعات الجامعية، ص46-ص47.
  31. المرجع نفسه، ص49.
  32. المرجع نفسه، ص50.
  33. محمد السيد علوان، المجتمع وقضايا اللغة، دط، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1995، ص136، ص139.
  34. المرجع نفسه، ص 136، ص140.
  35. توين فان ديك، المرجع السابق، ص34.
  36. روث فوداك، ميشل ماير، المرجع السابق، ص66.
  37. المرجع نفسه، ص69.
  38. أحمد شايب، المرجع السابق، ص216.
  39. توين فان ديك، المرجع السابق، ص232.[1]
  40. دومنيك مانغونو، المرجع السابق، ص45.
  41. Michael lync, Les Fondements Ethnomethodologiques De L’analyse De Conversation, Colloque De Cerisy, Edition La Decouverte, P261
  42. Curpus الكوربيس هي الترجمة الحرفية للكلمة من اللغة الاجنبية
  43. Ibid, p47-p48.
  44. Ibid, p50-p55.
  45. Ibid, p79-p102.
  46. Ibid, p90-p92.
  47. Ibid, p97-p102.

@pour_citer_ce_document

حفيظة مخنفر, «مقاربة سوسيو- لسانية لتحليل خطاب الحياة اليومية -النظرية والمنهج - »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp 48-63,
Date Publication Sur Papier : 2011-09-20,
Date Pulication Electronique : 2018-05-13,
mis a jour le : 11/07/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=2801.