الاستدلال البلاغي عند عبد القاهر الجرجانيAbd Al - Qaher Al – Jarjani’s Rhetorical Inferenc
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°27 Vol 15- 2018

الاستدلال البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني

Abd Al - Qaher Al – Jarjani’s Rhetorical Inferenc
pp 117-128

شهرزاد بلعربي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تتناول هذه الدراسة آلية الاستدلال وأهم صورها عند عبد القاهر الجرجاني في كتابيه: الاعجاز القرآني، وأسرار البلاغة. وهذا لبيان مدى توظيف هذه الآلية في الدرس البلاغي العربي القديم من جهة، وكذا لتوضيح مظاهر العملية الاستدلالية عند الجرجاني من جهة أخرى. بحيث تطرقت الدراسة بداية إلى مفهوم آلية الاستدلال، وبعدها ركزت على مفهوم الاستدلال البلاغي بشكل خاص، ثم درست هذه الآلية ومدى اعتمادها في المدونات البلاغية النقدية العربية قديما، لننتقل بعدها لبيان الاستدلال البلاغي عند الجرجاني، خصصنا بالبحث القياس التمثيلي وتبيين أركانه وعلاقته باللزوم والتضمين، وهذا لإدراك الكيفية التي وظفت بها آلية الاستدلال البلاغي في النقد البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني.

      الكلمات المفتاحية: الاستدلال، البلاغة، اللزوم، التضمين

Cette étude porte sur le raisonnement et les formes les plus importantes chez Abdul Al khahir AlJerjani dans ces livres : Aliajaz al khorani, et Asrar al balarha. Ceci est de montrer l'étendue de l'emploi d'un tel mécanisme dans la vieille leçon de la rhétorique arabe d'une part, ainsi que de clarifier certains aspects de raisonnement operation chez Aljerjani de l'autre. Alors nous avant étudier au début la difinitions du raisonnement, et mis l'accent sur  le resonment Rhétorique en particulier, alors ce   étudié et l'étendue de son adoption dans les ouvges d’arabe et critique rhétorique, pour aller au-delà du raisonnement Rhétorique chez AlJerjani, le raisonnement  représentative de recherche dédié et l'identification de son personnel et sa relation avec implication et l'inclusion, et ce de comprendre comment l'inférence employée par la critique rhétorique, de   Abdul Al khahir Aljerjani .

Mots-clé:le raisonnement, la rhétorique, l’implication, l’inclusion

This study deals with the reasoning and the most important forms in Abdul Al khahir AlJerjani in these books: Aliajaz al khorani, and Asrar al balarha. This is to show the extent of the use of such a mechanism in the old lesson of Arab rhetoric on the one hand, as well as clarify certain aspects of reasoning operation in Aljerjani on the other. So we before studying at the beginning the difinitions of reasoning, and put emphasis on the Rhetorical resonment in particular, then this studied and the extent of its adoption in the Arabic works and rhetorical criticism, to go beyond the reasoning Rhetoric at AlJerjani, the representative reasoning of dedicated research and the identification of its personnel and its relationship with implication and inclusion, and this to understand how the inference used by rhetorical criticism of Abdul Al khahir Aljerjani.

Keywords:reasoning, rhetoric, implication, inclusion.

Quelques mots à propos de :  شهرزاد بلعربي

جامعة ابن خلدون تيارت

الاستدلال البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني

تضافرت جهود كل من اللغويين والبلاغيين والمتكلمين  من أجل إيجاد منهج أكثر دقة وأقوى حجة وكان لآلية الاستدلال  الحظ الأوفر في كل ذلك، وقد ساعد على ذلك أنّ" البيئات التي ساهمت في صرح البلاغة العربية هي بيئات متعددة المشارب والاهتمامات ولكنها يجمعها أنّها مشدودة إلى النص القرآني تستلهم جمالياتها وتلتفت إلى جماليات روائع الشعر العربي تستخلص منها القيم البلاغية"(1)وهذه القيم   تنوعت صورها حسب مجال استخدامها؛ لأنها من الآليات الإنتاجية  للخطاب  المبين الذي يرتكز على الاستدلال، إذ أن البلاغة حددت منذ البداية قوانين ومعايير النقد العربي عامة.

لذا كانت الإشكالية التي تطمح هذه الدراسة إلى الإجابة عليها هي: ما مدى استثمار آلية الاستدلال البلاغي في الخطاب النقدي البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني؟

        قبل أن نتكلم على الاستدلال البلاغي وحتى نستطيع أن نستوعب مضامينه يجب أن نحدد أهم مفاهيم الاستدلال وأنواعه، وأهم مرتكزا ته.

آلية الاستدلال:

1_الاستدلال:

في اللغة هو"طلب الدليل ويطلق لفظ الاستدلال في العرف على إقامة الدليل مطلقا من نص أو إجماع أو غيرهما، وعلى نوع خاص من الدليل وقيل: هو في عرف أهل العلم تقرير الدليل لإثبات المدلول سواء  كان ذلك عن الأثر المؤثر أو بالعكس"(2)، وهذا التعريف لا يختلف كثيرا عن ما اصطلح عليه الفقهاء "فإنّه يطلق تارة بمعنى ذكر الدليل، وسواء كان الدليل نصا أو إجماعا أو قياسا أو غيره، ويطلق تارة على نوع خاص من أنواع الأدلة"(3)، ويقصد به الدليل الذي يعتمد على الصيغة الصورية المنطقية التي "تتضمن مقدمات ونتيجة والرابط المنطقي بين المقدمات والنتيجة"(4)،وهذه الصيغة المثالية التي يجب أن يكون عليها الاستدلال السليم. هذا المفهوم يجعل من الاستدلال عملية فكرية يقوم بها العقل للوصول إلى نتائج قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة.

مما يلاحظ أنّه لا فرق بين لفظة النظر ولفظة الاستدلال في كثير من النصوص العربية "فالنظر عبارة عن التصرّف بالعقل في المعنى الأمور السابقة بالعلم والظنّ، لمناسبة المطلوب بتأليف خاص، قصدا لتحصيل ما ليس حاصلا في العقل، وهو عام للنظر المتضمن للتصور والتصديق، والقاطع الظن، وهو منقسم إلى ما وقف الناظر فيه على وجه دلالة على المطلوب، فيكون صحيحا، وإلى ما ليس كذلك فيكون فاسدا"(5)، وهذا التعريف لا يختلف كثيرا عن حد الاستدلال، ونجد مصطلح آخر يرد في الفكر العربي بنفس المعنى كذلك هو لفظ "الاعتبار" كثيرا ما يتداول بين علماء الكلام "وقد قال القاضي أبو بكر في حدّه: هو الفكر الذي يطلب به من قام به علما أو ظنا"(6)، ومهما تعددت المصطلحات من نظر أو اعتبار أو استدلال فإنّ جميعها يقصد بها طلب الدليل وهو بيت القصيد عند جميعهم.

2_ التوظيف العملي للاستدلال:

علم الاستدلال هو معرفة طريقة ترتيب المقدمات للوصول إلى نتائج، فيكون "بذلك مباين للعلم الضروري من جميع الوجوه فهو أولا علم استدلالي يقع بعد نظر وتفكُّر في حال المنظور فيه"(7)، وهو كل ما استنبط عن طريق الحواس أو عند الحاجة، أي ما جاء بعد إعمال العقل واستخلاص النتائج وطُلب العلم به بعد استدلال، فهو علم تطبيقي من صنع الفكر البشري، يقع تحت تصرّفه حيث يمكنه ذلك من إحداث تغيير فيه، أو استحداث معطيات جديدة مادية، بديهية فهو علم مكتسب، لذا"يعد النظر أو الاستدلال هو الوسيلة الأساسية للانتقال من مرحلة العلوم الضرورية التي يتساوى فيها البشر إلى مرحلة العلوم النظرية أو الاكتسابية التي يتفاوت فيها البشر تفاوتهم في قدراتهم على النظر والاستدلال"(8)، والعلم الضروري هو علم فطري يخلق مع الإنسان ويطلق عليه اسم العلم البديهي "الذي لا يحتاج في صيرورته معلوما إلى إعمال فكر، أما النظري فهو الذي يحتاج في ذلك إلى إعمال الفكر"(9). فالعلم النظري هو علم يكتسبه الإنسان من خلال النظر والبحث عن طريق طلب الدليل.

بينما العلم الضروري يعتبر القاعدة التي يبنى على أساسها الاستدلال ويمثل بالنسبة "للعقل قوانين الأساسية البديهية التي لا تحتاج إلى برهان على صدقها لأنها ضرورية، فليست هذه البديهيات من عمل العقل ولكنها من بنية العقل ومن تركيبه"(10)،وهذا لا يعني أنّه ليس للبديهيات دور فعّال في العملية الاستدلال "فهي وإن كانت تدخل عادة في القياس إلاّ أنّ العقل يراعيها ويلتزم بها عند الاستدلال، وإنما سميت "بديهيات" لأنها من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى برهان"(11)، ولا يكمن الاختلاف بين العلم الضروري والعلم النظري في  بنيتهما ومضامينهما بل يصل  حتى إلى موضع تأثيرهما.

3_علاقة الاستدلال بالبلاغة:

إنّ  أغلب الاستدلالات  المستعملة في البلاغة العربية القديمة ترتكز على محددات بلاغية أكثر منها لغوية "وبالرجوع إلى تاريخ البلاغة العربية يلاحظ أن الحاجة إلى المقاييس قد ظهرت منذ وقت مبكر، وأخذت في التنامي تماشيا مع الحياة الأدبية، للمحافظة على الجمال البلاغي والحس الفني"(12)، لما تعطيه هذه المقاييس البلاغية من صفة جمالية تبعث على جاذبية، نفسية، تذوقية للقطعة الأدبية، فتؤثر بذلك في السامعين، وتثير الأحاسيس وتحفز العقل على العمل في تدبر معانيها، ولا يتأتى ذلك إلاّ إذا ارتقى الخطاب إلى مستوى البلاغة " نقصد بذلك اختيار المفردات وطريقة ربط بعضها ببعض لتركب في النهاية جملة ذات دلالة محددة، يمكن للذهن أن يتلقاها، سواء أكان ذلك عن طريق السمع " الخطاب" أم عن طريق" البصر" الكتابة، يجب أن يسعى هذا الاختيار لتحقيق أفضل مستوى ليس من إفهام عند المستقبل فحسب، وإنما من التأثير الجمالي" (13)، وعلى هذا الأساس أصبح لآلية الاستدلالي دور فعال في تحديد عوامل الجمال في النص الأدبي. 

الاستدلال البلاغي في التراث النقدي العربي:

نجد الاستدلال البلاغي قد اكتسح الفضاء الكبير من النقد العربي القديم، بسبب الجدل الذي أفرزته القضايا البلاغية نحص بذكر قضية المجاز التي انبثقت عن ثنائية "اللفظ والمعنى"، وتعتبر الأبحاث اللغوية والنحوية ذات دور فعال في نشأة البلاغة العربية وكذا تطويرها؛ لأنهم كانوا الأوائل الذين تنبهوا قبل غيرهم إلى دلالة الألفاظ وأثرها في تغيير المعاني، وإكسابها إيحاءات جديدة من بينها " معاني القرآن للفراء (207هـ)، "ومجاز القرآن" لأبي عبيدة (209هـ) وفيهما مسائل هي جواهر الدراسات البلاغية من تقديم وتأخير، التفات، تكرار وإيجاز وإطناب واستفهام ودلالة الألفاظ".(14والكثير من الوجوه البلاغية التي لا يسمح موضوع الدراسة الاسهاب فيها.

فكان للاستدلال البلاغي الأثر الكبير في بناء أواصر الامتزاج والتبادل بين البلاغة والنقد العربيين، والوظيفة الرئيسة التي تم في إطارها هذا التبادل والاقتران هي الوظيفة الاستدلالية التي يسعى النقد العربي إلى ترسيخها، وقد وجد ضالته في البلاغة العربية، فكانت "العلاقة بين الكلام الاستدلالي والبلاغة علاقة جزء بالكل، فمعرفة خواص تركيب الكلام الاستدلالي جزء من معرفة خواص تراكيب الكلام" (15). فالكلام الاستدلالي يرتبط بالبلاغة ارتباطا وثيقا حيث أن الاستدلال من مقومات علم البلاغة.

حتى يكون الكلام في علم المعاني كافيا، وشاملا لابد من أن ينبني على استدلالات منطقية حيث شكلت هذه الأنواع الاستدلالية أدوات النقد العربي القديم، ومقياس يقاس بها مدى دقة وصحة الأحكام النقدية، التي ترقى بها إلى مستوى اليقين الذي لا مناص منه إلاّ الإذعان والانقياد.

 إن الخطاب النقدي العربي القديم يستند على الاستدلال الحجاجي، بحيث نجد أن" أهل البيان كانوا أقرب إلى الممارسة الاستدلالية السوية لدى الناس في الكلام من أهل البرهان لما وقع فيه هؤلاء من محاولة تحميل نصوصهم ما لا طاقة لها به إذ بمقدورها "الحجاج" من دون "البرهان"(16)  حيث استثمر النقاد  الاستدلال الحجاجي بكل إجرائية لتحقيق الغاية المنشودة وهي الإقناع، لما يتميز به من خصائص تداولية تمكنه من استيعاب مختلف مضامين الخطاب العربي القديم عامة والخطاب القرآني على الأخص " لأن لغة الحجاج لغة قصدية بامتياز، والوظيفة اللغوية في الخطاب الحجاجي هي وظيفة تأثيرية، فالحجاج هو فن الإقناع له غاية واضحة ودقيقة يسير نحوها هي الإقناع نفسه، ولتحقيق هذه الغاية لا يتردد في توظيف كل وسائل الإقناع" (17)،  ولعل أهمها آليات الاستدلال الحجاجي  حيث " يكون إنتاج الخطاب، بين طرفه مرهونا بفهم مقاصد المرسل وذلك في الحجاج مثلا، وفي الاستراتيجيات التي تبلورت العلاقة بين طرفي الخطاب، وينم ذلك بإدراك للسياق" (18)، وبذلك لا يخرج الخطاب عن المعنى الذي أريد له بلوغه.

وتحتل المقصدية في أي خطاب نقدي كان الغاية التي يرجى من خلالها توظيف أدوات الاستدلال، ومدى فعاليته في تحقيق رؤية نقدية كاملة المعالم، لا سبيل إلى إبطال قيمتها، يمكن لها عند بلوغ تلك الذروة من أن تقيم نظرية نقدية قائمة بذاتها  "ويشترط ليعبر المرسل عن القصد الذي يوصل إليه أن يمتلك اللغة في مستوياتها المعروفة ومنها المستوى الدلالي، وذلك بمعرفة بالعلاقة بين الدوال والمدلولات، وكذلك بمعرفته بقواعد تركيبها وسياقاتها واستعمالاتها، وعلى الإجمال معرفته بالموضوعات التي تنظم إنتاج الخطاب بها"(19)، والعلاقات التي تربط الدوال بالمدلولات في أغلب الأحيان هي الاستدلالات العقلية، التي تنبّه علماء الأصول بدورها في معرفة المعنى الحقيقي .

القياس التمثيلي من أهم صور الاستدلال البلاغي شيوعا.

القياس التمثيلي:

يعتبر هذا النوع من أهم الأقيسة المستعملة عند العرب، فجميع كلامهم تقريبا بني على هذا  القياس ويعرفه المناطقة بقولهم: "قولٌ مؤلّفٌ من قضايا تشتمل على بيان مشاركة جزئي لآخر في علة الحكم يثبت الحكم له"(20)، كما يعرف عند البلاغيين بالتشبيه ويدخل فيه كل أنواع التشبيه، وكثيرا ما يوظف في الحدود، أي "قد يلجأ التعريف أيضا إلى التشبيه، فيستغنى عن الشيء في حد ذاته، ويختار شيئا شبيها معروفا ومشهورا، ولو كان التشبيه مغاليا أو تبسيطيا أو قائما خادعا؛ لأنّ الحجة الشبيهة، كمعادلة تبسيطية تتغاضى عن اختلاف السياقات"(21)، انطلاقا من أن القياس عند العرب استخدم في كثير من العلوم العربية، فيسميه علماء الفقه بالقياس وكذا علماء النحو: "القياس النظري النحوي وهو قياس الحكم على الحكم لغة جامعة أو لشبه بين الطرفين"(22)، أما في  البلاغة والنقد العربيين يظهر بشكل "القياس التطبيقي هو الذي نكتب به أساليبنا في الكتابة والتكلّم أيضا"(23)وهذا ؛لأنّ القياس التمثيلي يختص باللغة الطبيعية التي تبنى على آليات قياسية .

بحيث يعتمد القياس التمثيلي عامة سواء عند الفقهاء وهو قياس الأصل على الفرع أو عند البلاغيين الذين عرفوه باسم التشبيه على رابط يجمع بين حدي القياس وهذا الحد المعروف بوجه الشبه عند البلاغيين أو بالعلة الجامعة عند علماء الفقه وبالتالي: "أيا كانت الصيغة التعبيرية التي يرد بها "القياس" إن مقارنة أو تشبيها أو استعارة أو غيرها فإنّه يقوم في الربط بين شيئين على أساس جملة من الخصائص المشتركة بينهما"(24). هذا الرابط أو الحد هو الذي يحدد الدليل الصحيح.

مصطلح الاستدلال عند عبد القاهر الجرجاني:

استفتح عبد القاهر الجرجاني كتابه "دلائل الإعجاز" بالحديث عن العلم وعن البيان في كتابه "أسرار البلاغة" وهو يقر منذ البداية أنّه ينتهج آلية الاستدلال للوصول إلى حقيقة الإعجاز القرآني، وبيان حقيقة الأسس والمفاهيم التي تبنى عليها البلاغة العربية.

لذا نجد مصطلح "الاستدلال" يتردد في كتابيه، وكذا مرادفاته وخاصة لفظة "النظر" ولا شك أن استخدام هذا المصطلح أو مرادفه نظريا وتطبيقيا يقودنا إلى رسم أبعاد المنهج النقدي البلاغي الذي أسس دعائمه عبد القاهر الجرجاني.

وقد نلمس ذلك كلما تصفحنا كتاب "دلائل الإعجاز" إذ يقول عبد القاهر:" لا يزال البرهان منه لائحا معرضا لكل من أراد العلم به، وطلب الوصول إليه، والحجة فيه، وبه ظاهرة لمن أرادها، والعلم بها ممكن لمن التمسه؟"(25).وفي هذا النص وحده يبين عبد القاهر الجرجاني أنّ الوصول إلى حقيقة الإعجاز لا تتأتى إلاّ بالعلم فلا يكون برهانّ ولا حجة إلاّ به، وإن كانت الحجة والبرهان في نظره ماثلين للعيان لكن لا يمكن الوصول إليهما إلاّ لمن أراد ذلك، والإرادة يلزمها النظر الواعي الذي يدعوا إليه عبد القاهر في كتابيه "فإن هاهنا استدلالا لطيفا تكثر بسببه الفائدة"(26)وكذلك قوله في أسرار البلاغة "قد كتبت هذا الفصل على وجهه، والمقصود منه منعه أن تطلق الاستعارة على "الصوغ" و "الحوك" وقد جعلا فعلا "للربيع، واستدلاله على ذلك بامتناع أن يقال "كأنه صائغ وكأنه حائك"،وكذلك قوله:"اعلم أن هذا الاستدلال كأحسن ما يكون إلاّ أن الفائدة تتم بأن تبين جهته ومن أين كان كذلك؟"(27). وأمثلة من هذا النوع كثيرة تدل كلها قيمة الاستدلال في المشروع البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني.

بينما لفظة النظر نسجل حضورها في نص عبد القاهر الجرجاني بشكل مكثف جدا وربما يرجع ذلك لتداول هذه اللفظة بدل لفظ الاستدلال عند الفقهاء أكثر من غيرها ؛ ولأن علماء النقد عامة تأثروا بعلوم أصول الفقه، ولعل أول مظهر من مظاهر هذا التأثر هو اقتباس مصطلحاته، منه يمكن أن نستنتج أن مصطلح النظر يصب معناه في مفهوم الاستدلال، فنجد عبد القاهر الجرجاني يقول مثلا : وانظروا في الذي اعترفتم بصحة وبالحاجة إليه"(28). ويقول في موضع آخر" ولم أزل منذ خدمت العلم أنظر فيما قاله العلماء"(29)ويقول كذلك في موضع آخر من نفس الكتاب:" وإذا نظرتم إلى قولنا"(30)ويقول كذلك " وإذا نظرت إلى "الفصاحة" هذا النظر"(31). وهذه بعض الأمثلة دعا فيها عبد القاهر الجرجاني إلى ضرورة اتخاذ الاستدلال "النظر" وسيلة للوصول إلى الحقائق وغير هذه الأمثلة كثيرة لا يمكن أن تحصى.

وكذلك في "أسرار البلاغة" لا ينفك عن الإصرار على النظر فتجده يقول في ذلك مثلا: "لأن العلم المستفاد من جهة النظر والفكر في القوّة والاستحكام، وبلوغ الثقة في غاية التمام، كما قالوا ليس الخبر كالمعاينة ولا الظن كاليقين"(32). ففي هذا النص الأخير يجزم عبد القاهر أن العلم الذي يحقق عن طريق الاستدلال والبرهان أعلى مستوى وأشد رسوخا وأكمل يقينا من العلم الذي يكتسب عن طريق الحواس ويقصد به "العلم الضروري" أي ما يعرف بالمسلمات أو المكتسبات القبلية، فهو بذلك يرسم الطريق القويم الذي يجب أن يسلكها كل عالم للوصول إلى الحقائق حتى لا تتنازع فيها العقول، ويقول في موضع آخر" واعلم أنّا إذا أمعنا النظر، وجدنا المنقول..."(33).هذه الأمثلة تدل على ضرورة توظيف آلية الاستدلال سواء للوصول إلى دلائل الإعجاز أو إلى حقيقة أسرار البلاغة وهذا ما كان يبتغي عبد القاهر تحقيقه من خلال كتابيه، فإنّ كلاهما يكمل الآخر .

"والنظر" الذي ما فتئ عبد القاهر يحرص على ضرورة الالتزام به،هو النظر الذي يكون عن وعي، أي الذي احترم فيه قواعد العقل، ألا وهي مبادئ المنطق السليم الذي يرتكز عليها الاستدلال الصحيح.

وقد ورد معنى الاستدلال بمرادفاته في كتابيه منها :" نرى، نعلم، القياس، نذكر بعض النماذج على سبيل المثال مثل قوله في دلائل الإعجاز "إلاّ أنّك لن ترى على ذلك نوعا من العلم..."(34). ومثل قوله كذلك :ً"واعلم أن كل ما ذكرنا باطل، وأن لم تتصور إلاّ الثاني، فلا تخدعن نفسك بالأضاليل، ودع النظر إلى ظواهر الأمور، وأعلم أن ما ترى أنّه لا بد منه من ترتيب الألفاظ وتواليها على النظم الخاص ليس هو الذي طلبته بالفكر"(35)نلاحظ أن هذا النص حافل بالمفردات التي تدل على الاستدلال "اعلم النظر، ترى، الفكر" ويمكن أن نصل من خلال هذه النصوص وغيرها التي يزخر بها كتابي عبد القاهر الجرجاني، والتي تحمل في طياتها ما يرمي إليه عبد القاهر الجرجاني من دلالة قوية على أنّه كان على قدر كبير من الوعي والعلم الراسخ بالمنهج الذي يجب أن يسلكه حتى يحقق به إثبات الإعجاز القرآني من خلال نظرية النظم، فهو يذكر في كل وجه من وجوه الإعجاز، بأنّ الاستدلال سواء البرهاني أو الحجاجي هو الخيار الوحيد والأمثل الذي به يتم إثبات أن الإعجاز القرآني يتلخص في نظرية النظم وبه كذلك يمكن أن يثبت الأسس التي يبنى عليها النظم وفي نفس الوقت يدحض كل كلام معاند أو طاعن أو مدع.

مصطلح الاستدلال عند عبد القاهر لا يقتصر على ذكر الألفاظ التي تدل عليه، إنما يمكن أن نلمس ذلك من الطريقة التي يطرح بها عبد القادر نظريته وأدلته. فهو يسهب في الكلام عن "فضل العلم" إذ يقول مثلا" فإنّا لم نر فعلا زان فاعله وأوجب الفضل له، حتى يكون عن العلم صدره، وحتى يتبين ميسمه عليه وأثره، ولم نر قدرة قط كسبت صاحبها مجدا وأفادته حمدا، دون أن يكون العلم رائدها فيما تطلب، وقائدها حيث يؤم ويذهب، ويكون المصرف لعناتها، والمقلب لها في ميدانها، فهي إذن مفتقرة في أن تكون فضيلة إليه، وعيال في استحقاق هذا الاسم عليه، وإذا هي خلت من العلم أو أبت أن تمتثل أمره وتقتفي أثره ورسمه"(36). فعبد القاهر على بينة من أن أهم مقومات الاستدلال هو التسلح بالمعرفة التي تبنى على الحقيقة العليمة، وإلاّ فإن أي استدلال لا يرتكز على الحقائق العلمية مجرد أغاليط، وجدل عقيم لا تقوم له قائمة، وهو دليل مآله السقوط لا محالة.

ولعل أهم علم يراه عبد القاهر الواجب أن يتعلمه كل من أراد الخوض في أمر الإعجاز ولا بد له من أن يلم بأسراره هو علم البيان "إذ يقول :" ثم إنّك لا ترى علما هو أرسخ أصلا، وأسبق فرعا، وأحلى جنى وأعذب وردا، وأكرم نتاجا وأنور سراجا من علم البيان الذي لولاه لم تر لسانا...."(37). وهذا ما يؤكد عليه كذلك في فاتحة كتابه "أسرار البلاغية" مثل قوله "اعلم أن الكلام هو الذي يعطي العلوم منازلها ويبين مراتبها ويكشف عن صورها ويجني صنوف ثمرها..."(38).وهو كلما أكد على فضل العلم ربط بينه وبين العقل.

إذ لا يمكن أن نفصل العلم عن العقل، وإلا كان علما زائفا يتنافى والطبيعة البشرية، وقوانين المنطق السليم إذ يقول:" فهذا في فضل العلم لا تجد عاقلا يخالفك فيه"(39)وكذلك يقول في موضع آخر:" لا يعلم أن ها هنا دقائق وأسرار طريق العلم بها الرؤية والفكر، ولطائف مستقاها العقل"(40). ويصل إلى هذه النتيجة بعد أن يخوض طورا في تبيين دلائل الإعجاز التي يرتكز عليها الإعجاز في كتابه "دلائل الإعجاز"  عند قوله:"قد بان الآن واتضح لمن نظر نظر المثبت الحصيف الراغب في اقتداح زناد العقل، والازدياد من الفضل ومن شأنه التوق إلى أن يعرف الأشياء على حقائقها، ويتغلغل إلى دقائقها، ويربأ بنفسه عن مرتبة المقلد الذي يجري مع الظاهر، ولا يعدو الذي يقع في أول الخاطر"(41).فمساره واضح يحرص على توضيحه من البداية إلى النهاية.

ويتبين من كلام عبد القاهر الجرجاني أنّه كان على علم بيِّن أنّ النّص القرآني يحمل في طياته مضامين تدل على حقيقة الإعجاز، لذا حدد الوسائل والآليات التي لا بد أن يحسن استخدامها ويحكم توظيفها حتى يتسنى له أن يصل إلى حقيقة الإعجاز، ولعل العلم يعتبر أهم وسيلة تقود إليها ولاسيما علم البيان الذي تحدث عنه طويلا في كتابه "أسرار البلاغة" وحدد بعدها الآليات التي تبنى عليها العلوم ألاّ وهي ّصحة النظرّ الذي كما سبق وان أشرنا يقصد به "الاستدلال" والنظر الصحيح لا يدرك إلاّ بالعقل الذي يتبع قواعد المنطق السليم.

وعبد القاهر لم يكتف بذكر لفظ "الاستدلال" في كتابيه صراحة أو بمرادفاته، إنّما كان كل مرّة يشير إلى أنواع الاستدلال التي كان يستعين بها لتدليل على أرائه والاحتجاج لها، فنجده يذكر لفظة البرهان في قوله:" أتعرف له معنى غير أن لا يزال البرهان منه لائحا معرضا لكل من أراد العلم به"(42). وأنّه يذكر الاستدلال الحجاجي في قوله "من غير أن يتبع ذلك بيانا، ويقيم عليه برهانا ويذكر له علة، ويروى فيه حجة، وأن أنزل لك القول في ذلك وأدرجه شيئا فشيئا"(43). غير أن كل هذه الأنواع من الاستدلال كانت لها وجهة بلاغية عند عبد القاهر الجرجاني.

كما أنه كان يذكر كل مرة في كتابيه صور الاستدلال التي كان يقرّ بمدى فعاليتها عن استخلاص النتائج التي بها قد يصل إلى المقاصد التي يرجوها من وراء توظيفها فنجده يذكر لفظ القياس كثيرا في كتابيه مثل قوله:" وإذا كان هذا هكذا علمت أنّه لا يكفي في علم "الفصاحة" ان تنصب لها قياسا ما"(44).بل إنه يذهب إلى تبيين مفهوم القياس التمثيلي في كتابه دلائل الإعجاز والتدليل له في قوله "وهكذا قياس "التمثيل" نرى المزّية أبدا في ذلك نقع في طريق إثبات المعنى دون المعنى نفسه"(45).

كما أنه يحدد ويفرق بين أنواع القياس "القياس التخييلي" و"القياس العقلي" في كتابه أسرار البلاغة" إذ يقول عن القياس التخييلي، "ومعلوم أنّه قياس تخييل وإيهام تحصير وإحكام"(46). ويقول عن القياس العقلي "فالذي هو "العقلي" على أنواع أولها عقلي صحيح مجراه في الشعر والكتابة والبيان والخطابة مجرى الأدلة التي استنبطها العقلاء، والفوائد تثيرها الحكماء"(47).

وكذلك من صور الاستدلال الاستقرائي  التي يذكرها عبد القاهر ويؤكد على ضرورة استخدامه كلما استدعت الضرورة لذلك فهو يقول " وصح أن لا غنى بالعاقل عن معرفة هذه الأمور والوقوف عليها والإحاطة بها وأن الجهة التي منها يقف والسبب الذي به يعرف، استقراء كلام العرب وتتبع أشعارهم والنظر فيها"(48).كما أنه لا يتحرج كل مرة وباستمرار من أن يذكر الألفاظ التي تدور في الحقل الدلالي الاستدلالي نذكر منها "الدليل، الشاهد، الحجة، اليقين وغيرها، كثير مثلا يقول "ويستقصي النظر في جمعه، ويتبعه شيئا فشيئا، ويستقصيه بابا فبابا حتى يعرف كلاّ منه بشاهده ودليله، ويعلمه بتفسيره وتأويله"(49)ومثل قوله كذلك "ومن تعلق بهذا وشبهه واعترضه الشك فيه، بعد الذي مضى من الحجج"(50). من هنا ندرك أن الجرجاني لم يترك ولا نوع من صور الاستدلال إلاّ واستعان بها في مشروعه.

القياس التمثيل عند عبد القاهر الجرجاني:

تنوعت تسميات هذا النوع من الاستدلال كما سبق وأن رأينا نظرا لاتساع مجالات استخدامه لما له من قوة تأثيرية هائلة في الإقناع، سواء من الناحية العقلية،الموضوعية التي يقوم عليها هذا الدليل،أومن حيث الأسلوب المعتمد في إبراز الأدلة .لذا فقد شكل"التمثيل "الموضوع الأبرز في كل الدراسات البلاغية، النقدية في التراث البلاغي.

عبد القاهر الجرجاني قد كان له دور فعال في المنظومة البلاغية العربية سواء من حيث التنظير أو من حيث التطبيق ويبدو ذلك جليا كلما تصفحنا كتابيه "الدلائل وأسرار البلاغة" فقط ضبط المفاهيم المتعلق بهذا النوع من القياس واستطاع أن يرفع الشبهات التي التَبَست به دائما متبعا المنهج القويم لذلك ، موظفا " آلية الاستدلال "فقد بين الجرجاني في باب التمثيل أن من بين أبرز صور الاستدلال هو الذي يقوم على القياس التمثيلي.

حيث يقول":واعلم مما اتفق العقلاء عليه،أن التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني،أو برزت هي باختصار في معرضه، ونقلت عن صورتها كساها أبهة، وكساها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها، ودعا القلوب إليها واستتار لها من أقاصي الأفئدة صبابة وكلفا، وفسّر الطباع على أن تعطيها محبّة وشغفا".(51)يمكن أن ندرك من خلال هذا النص أن عبد القاهر الجرجاني كان يسعى إلى إظهار حقيقة مهمة وأنّ من أبرز ما يضفي على المعنى نوعا من السحر والجلال الذي يجذب النفوس ويبهر العقول هو هذا النوع من القياس.

وهو يستدل لرأيه هذا بعدة أدلة منطقية جاهزة يؤكد و يقوى بها دليله.

ويذهب حتّى إلى البحث عن السبب الذي يجعل هذا النوع من القياس "التمثيل"له هذه الطاقة الكبيرة في الإقناع ويعقد بابا خاصا لذلك  فيقول:"فأول ذلك وأظهره،أن أنس النفوس موقوف على أن تخرجها من خفي إلى جليّ، وتأثيرها بصريح بعد مكّنى،وأن تردّها في الشيء تعلمها إيّاه إلى شيء آخر هي بشأنه اعلم، وثقتها به في المعرفة أحكم، نحو أن تنقلها عن العقل إلى الإحساس وعما يعلم بالفكر إلى ما  يعلم بالاضطرار والطبع."(52)فبهذا شرح عبد القاهر الجرجاني الطريقة التي يعمل بها هذا النوع من القياس حتّى يتمكن من أن  يتغلغل إلى النفوس فيعمل على إثارتها والانقياد لغاية المتكلم بكل سهولة .

والطرق التي ذكرها الجرجاني في هذا النص والتي تعمل على التفاعل معها ما هي إلا الأساليب البلاغية،التي تفنن العرب في تخريجها غير أن القرآن تفوق عليهم فيها وهي:التشبيه والتمثيل والاستعارة والكناية "وهو بذلك جعل من هذه الأنواع البلاغية أصولا تتفرع جل محاسن الكلام عنها وتدور أقطاب المعاني وأقطارها،وصنيعه هذا القائم أساسا على الذوق  المرهف الإحساس العميق والاعتماد على العقل،والاستفادة من جهود سابقيه وبلورتها كي تصبح أصيلة جعلته متفردا في عمله،إذ لم يتفق أحد مثله عند التشبيه والاستعارة والتمثيل ككل،يدرسها معا، ويربطها ربطا واضحا، يحاول فيه أن يوجد أوجه الاختلاف والتشابه بينهما بالقياس إلى درجة الإثبات والمشابهة"(53)فقد كان الجرجاني بذلك يصنع طريقا جديدا في الفكر البلاغي العربي.

كل الأساليب البلاغية التي اعتنى بها الجرجاني إنما تدل على:" اهتمام مفيد في بيان تصور الجرجاني للآلية الاستدلالية التي يقصدها والتي تمكن من الانتقال من المعنى الأول إلى المعنى الثاني"(54)، فالأساليب البلاغية كما شرحها عبد القاهر الجرجاني تعمل بدورها بالطرق الاستدلالية بحيث أنّها تعتمد على معارف سابقة، فهي تنتقل عن طريق عملية عقلية"استدلالية" لتصل إلى معارف جديدة.

فمثلاً يرى أن الاستعارة  :" ضرب من التشبيه ونمط من التمثيل، والتشبيه قياس والقياس يجري فيما تعيه القلوب، وتدركه العقول"(55)وهذا ما لاحظه شكري المبخوت في دراسته للطرق الاستدلالية عند الجرجاني عند حديثه عن الكناية إذ يقول:"إنّ دلالة الكناية مثلا على المكنّى تكون بالاستدلال بمعاني الألفاظ الوضعية على غرض المتكلم وإلى انعدام الفرق بين المكني بدلالته الوضعية وخصائص التعبير في الكناية"(56).إذن إدراك المعاني البلاغية يكون بعملية عقلية، بواسطة  ألفاظ وتراكيب معينة، وتبقى كفاءة المتكلم البلاغية في اختيار الألفاظ والتراكيب هي التي تحدد مدى تحقيق بلاغة الخطاب.

هذا ما يقره الجرجاني  في كتابه حيث يقول:"فإن التمثيل....فهو يفيد أمرا آخر يجري مجراه، وذلك أن الوصف كما يحتاج إلى إقامة الحجة على صحة وجوده في نفسه، وزيادة التثبيت والتقرير في ذاته وأصله، فقد يحتاج إلى بيان المقدار فيه، ووضع قياس من غيره يكشف عن حدّه في القوة والضعف والزيادة والنقصان"(57)، فالعملية الاستدلالية التي تقوم عليها الأساليب البلاغية بمثابة الميزان الذي يعمل على تحديد الكلام وترجيح دلالته، إذا كان يقع الكلام ضمن البليغ أو أبلغ من البليغ أو المعجز أو عكس ذلك تماما،أي الكلام المبتذل لذا لا مناص لهذه الأساليب البيانية من أن تخرج عن قواعد الاستدلال.

نلمس هذا النوع من القياس في كتابي الجرجاني؛ لأنه في مقام الإقناع وهذا القياس من أهم الاستدلالات التي تفي بالغرض؛ لأنه يرتكز على مقومات الاستدلال الحجاجي أهمها اللغة الطبيعية التي توفر لصاحبها كل التقنيات المساعدة في الإقناع.

     سنحاول أن نقف على هذا النوع من الاستدلال في كتاب "دلائل الإعجاز" حين يستدل لمن   يتشدد لآرائه حول مسألة "اللفظ" وإعطائها كل ميزة بلاغية.

إذ يقول: "وذلك لأن الاعتقاد الأول قد نشب في قلوبهم، وتأشّب فيها، ودخل بعروقه في نواحيها، وصار كالنبات السّوء الذي كلما قلعته عاد فنبت "(58).ويمكن تمثيل أركان التمثيل على النحو التالي:

-الركن الأول: الممثل ويسمى المقيس: إن الاعتقاد الأول قد نشب في قلوبهم، وتأشب فيها ..

-الركن الثاني: الممثل به ويسمى المقيس عليه: النبات السوء الذي كلما اقتلعته عاد فنبت.

-الركن الثالث: العلة الجامعة وهي سبب التمثيل: التشدد والتشبث بالشيء.

-الركن الرابع: الحكم الذي في الأصل: تكرار نمو النبات لتثبت بالأرض.

      ويستدل بنفس الطريقة الجرجاني في كتابه "أسرار البلاغة"لكي يبين كيف أن الإكثار من ألوان البديع قد تشوه المعنى وتدخل إليه القبيح من حيث أريد له التحسين والتنسيق.

     فهو يقول في ذلك:"وربما طمس بكثرة ما يتكلفه على المعنى وأفسده، كمن ثقل العروس بأصناف الحلي حتّى  ينالها من ذلك مكروه في نفسها"(59)،فالجرجاني بهذا التمثيل أراد أن يستدل على حقيقة ألزمها التكلف في التكلف في الكلام فربط بين هذه الظاهرة والعروس التي يراد أن تزين بأنواع من الحلي والوشي فيصيبها مكروه من كثرة ما تحمل جسمها من ثقل فهو بهذا التمثيل أعطى للمعنى قوّة وجاذبية لم تكن لو أنّه ذكر رأيه ولم يعقد له مثالا يقرب للمخاطب الصورة أكثر.فيجعل بذلك المتلقي مشاركا للمخاطب في إعمال الفكر واستخراج الأحكام وبذلك يكون الدليل أقوى وأثبت في النفس.

ويقوم هذا التمثيل على الأركان التالية:

-الركن الأول: الممثل(المقيس): طمس بكثرة ما يتكلفه على المعنى وأفسده.

-الركن الثاني: الممثل به (المقيس عليه): من ثقل العروس بأصناف الحلي حتّى ينالها

 من ذلك مكروه في نفسها.

-الركن الثالث: العلة الجامعة: الزيادة عن الحد المعقول تضر صاحبها.

-الركن الرابع: الحكم الذي في الأصل: إصابة العروس بالمكروه لما أفرطوا في تزيينها.  كثيرا ما يكون هذا النوع من الاستدلال "ناقصا"حيث تكون فيه بعض الأركان محذوفة أو مضمرة ويمكن للمتلقي أن يقدرها استدلالا بأدلة ظاهرة وقد انتشر هذا النوع من القياس الناقص بشكل مكثف؛ لأنّه يشتغل في إطار اللغة الطبيعية.

النموذج التالي: من أسرار البلاغة يوضح هذا النوع من التمثيل الفائدة من التجنيس في قول الجرجاني: ":فبهذه السريرة صار "التجنيس" وخصوصا المستوفى منه المتفق في الصورة من حلي الشعر"(60)

ومن خلال هذا النموذج يمكن أن يتوضح الركن الناقص من خلال تحليله إلى أركان القياس التمثيلي:

-الركن الأول: الممثل(المقيس): التجنيس في الشعر.

-الركن الثاني: الممثل به (المقيس عليه): محذوف وهو العروس.

-الركن الثالث: العلة الجامعة: التزيين.

والقرينة التي تدل على المحذوف هي "الحلي" التي تزين العروس فهي لازمة من لوازمها أو من لوازم المرأة عامة إذا ما أخذت زينتها.

لذا لابد أن نبين علاقة اللزوم وأثرها في الاستدلال البلاغي وكذا علاقتها بالتضمين.

الاستدلال البلاغي وعلاقته باللزوم والتضمين:

لقد كانت لهذه العلاقة حضور مهم في محور الدراسة النقدية البلاغية التي خاض فيها عبد القاهر في كتابيه:"دلائل الإعجاز"و"أسرار البلاغة""ولما كان الاستدلال عند الجرجاني طلبا للدليل على ما تفيده الصيغة الصرفية،باتخاذ المعنى الأول المفهوم من اللفظ دليلا على  المعنى الثاني، فإنّ للاستدلال علاقة بين معنيين متلازمين أحدهما مقول،منطوق والآخر مستلزم منه بوجه من الوجوه"(61)، فهذه العلاقة  الإستلزامية بين المعنى الأول والثاني هي التي لها الدور الفعّال في بناء الدليل لاسيما الدليل البلاغي غير أن "مبدأ اللزوم سواء كان صوريا أو ماديا،فهو في الأساس انتقال من شيء إلى شيء لازم عنه،وهو من أدوات المنطقي الضرورية في كل تركيب وفي كل حكم"(62). فهو عملية عقلية دون منازع.

لأنّ هذه الدلالة اللزومية هي دلالة عقلية وهي نفسها دلالة "معنى المعنى"الذي استند عليها عبد القاهر الجرجاني في تفسير مختلف الأساليب البلاغية تفسيرا استدلاليا.التي تقوم إمّا على اللزوم أو التضمين أو الحذف وهذه الطرق التي تعمل بها الأساليب البلاغية لا تعمل إلّا في ظل الدليل .

    بحيث أنّ دلالة الالتزام "تحتاج إلى أمر خارجي لعقد الصلة التي تكون بين اللفظ ومعناه وبين "الدال والمدلول"(63)، وهذه الصلة التي تكون بين اللفظ ومعناه هو ما يعرف في البلاغة العربية بالقرينة التي لولاها لما اتضح مفهوم المعنى،"فهي إذن ترتبط بين المعنى الحقيقي أي الوضعي وبين المعنى المجازي في الأساليب البلاغية لا تختلف في وظيفتها عن العلة "(64). إذن فإنّ الاستدلال مرتبط دائما بقرينة.

 بإضافة إلى ذلك هناك علاقة أخرى يقوم عليها الاستدلال وهي دلالة التضمين: عندما يكون المعنى جزء من المعنى الذي أداه اللفظ الحقيقي،"فبلاغة الكناية والمجاز التي تحدث عنهما الجرجاني تعود إلى كثرة المعاني التي يؤديها القول بإيجاز في أخصر لفظ يجمع دلالة صريحة غير مقصودة في ذاتها بدلالة ضمنية تمثل المراد من الكلام."(65)ويتضح ذلك من خلال تحليلات الجرجاني للشواهد الشعرية أو الأمثلة المتداولة في التراث العربي التي استدل بها على مختلف الأساليب البلاغية.

          كما أنه خص بابا كاملا حول الحذف أو ما سمي بالإضمار وهو يرى أنه:"باب دقيق المسلك،لطيف المأخذ،عجيب الأمر،شبيه بالسحر،فإنّك ترى به ترك الذكر،أفصح من الذكر والصمت عن الإفادة،وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن"(66)فإن للحذف في البلاغة العربية معاني بلاغية جلية تجعل المعنى أقوى وأدل من أنّ يصرح به،ويضرب عبد القاهر الجرجاني على ذلك أمثلة كثيرة يؤكد بها صحة دعواه، ويبين من خلالها المعاني الذي يضفيها الحذف على الكلام من جمال وقوة تأثير لا مثيل لها على النفس.    

      وقد أطال فيه الشرح حول ما يجب فيه الحذف وما لا يجب والإضمار عادة ما يكون فيه "المدلول مضمرا أي محذوفا من الكلام ويكون تقديره ضروريا يتوقف عليه صدق المتكلم، إذ يستحيل فهم الكلام  إلاّ بتقدير المحذوف"(67)، والمعنى المحذوف لا يمكن الوصول إليه إلا في ظل السياق النصي والمقامي وهذا ما ترسم الاستعارة أبعاده "ففي طرفي الاستعارة تكون أمام معنى جديد، نابع من التفاعل الحي من الدلالات القديمة لكل طرفي من طرفيها داخل السياق الجديد الذي وضعت فيه"(68)، من خلال ذلك نستنتج أن الدليل الذي يوصلنا إلى المعنى المراد من الأساليب البلاغية يكون منبعه  سياق الكلام (نص الكلام أو المقام الذي قيل بشأنه هذا الكلام) .

الخاتمة:

حوصلة الكلام هو أن آلية الاستدلال أخذت تنمو في التراث البلاغي العربي القديم شيئا فشيئا، وهذا كلما انفتحت المعالم واستجدّت الرؤى، وإنّ هناك عدة مشارب ساهمت في هذا الانفتاح وتثبيت قواعد الاستدلال الصحيح.

 إنّ أهم العوامل التي ساعدت النقاد العرب على حسن استغلال هذه الآلية وتكييفها ومتطلبات الحاجات النقدية في التراث النقدي البلاغي العربي القديم، هو البحث في قضية الإعجاز القرآني، فقد شكلت أهم القضايا التي أسالت الكثير من الأقلام.

إنّ الدافع الأساسي الذي جعل عبد القاهر الجرجاني يستثمر آلية الاستدلال هو إثبات الإعجاز القرآن، فكان عليه أن يجد أقوم المناهج التي تفحم الآراء وتخرص الألسنة، وتعتبر آلية الاستدلال أفضلها على الإطلاق.

عبر الجرجاني عن الاستدلال في كتابيه "دلائل الإعجاز" و "أسرار البلاغة" بألفاظ مختلفة أهمها: النظر، الدليل، الحجة، القياس. فلم يستقر على لفظ واحد ويبدو أنه كان متأثرا بمختلف العلوم التي استقى منها عبد القاهر الجرجاني مادته المعرفية كالفقه والنحو العربي والمنطق الأرسطي، بالإضافة إلى أثر الخلفيات الفكرية التي كانت توجه مشروعه البلاغي كعلم الكلام، والشعوبية.    

أكّد الجرجاني أنّ الطرق التي تشكل العلاقات التي تقوم عليها الأساليب البلاغية العربية، ما هي إلا علاقات استدلالية نستدل من خلالها على معانيها البيانية التي تحرك القلوب، بتثبيت العقول من خلال نتائج موضوعية، لما تختص به من مصداقية وعقلانية تتفق عليها جميع العقول مهما اختلفت توجهاتها.

أخذت آلية الاستدلال في مشروع عبد القاهر الجرجاني شكلها النهائي حيث استغلها في الغالب بمختلف صورها.غير أنّ الاستدلال البلاغي أخذ الحظ الأوفر من مشروعه النقدي البلاغي فلاحظنا أنه خصه بباب منفرد كما أسهب في التمثيل له، موضحا العلاقة البلاغية التي تربط بين الاستدلال البلاغي وبين التضمين واللزوم، وكيف أن هذه العلاقة تحدد المعنى وتحقق الأثر البلاغي المنشود.

إذ لم تعد البلاغة مجرد طابع جمالي يسم الخطاب، إنما هي وسيلة يتشكل بها الخطاب المبين والاستدلال هو الركيزة الأساسية في ذلك؛ لأن بها يتم إيصال الأفكار بتثبيتها أو نفيها، وهذا من أبرز المقاصد التي تكون بين المخاطب والمتلقي، يظهر ذلك بشكل كبير في جميع القضايا النقدية التي طرحها.

فعبد القاهر يحاول من خلال الاستدلال البلاغي تثبيت قضية النظم،وما نلمسه أثناء الدراسة قدرته الفائقة في التحكم في هذه الآلية التي لم يسبقه إليها ناقد من حيث الإجادة ، وربما قد استفاد من الذين سبقوه وعلى أساسهم بنى مشروعه النقدي.

المشروع البلاغي لعبد القاهر الجرجاني كان له أثر عميق، في "التوظيف الاستدلالي"، حيث اتضحت الرؤية الاستدلالية وتبينت أهميتها الوظيفية في الممارسة النقدية البلاغية العربي، فقد شكلت مختلف الأسس التي دعا الجرجاني إلى إتباعها من طرق استدلال وصوره نظرية عامة ودعامة لقواعد قام على أساسها النقد البلاغي العربي القديم بعده. 

  1.  عباس أرحيلة، الأثر الأرسطي في البلاغة والنقد العربيين، (د.ط)،1999م، جامعة محمد الخامس منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية،الرباط، المملكة المغربية، ص:263.
  2. الكفوي أبو البقاء الحسيني، طبعة خاصة، سنة 2003م.ج01، دار عالم الكتب، الرياض،ص: 114.
  3.  الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، مجلد 3،4، (د.ط،ن)و(د.س،ن)، دار الكتب العلمية،بيروت،لبنان ، ص: 361.
  4.  ألكسندر اغيننوفا، علم المنطق، ت: التعديلات، (د.ط،ن) ،دار التقدم، 1999م،  الاتحاد السوفياتي، ص: 174.
  5.  الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج01، ص: 11.
  6.  المصدر نفسه، ص: 11.
  7. ألكسندر اغيننوفا، علم المنطق، ص:56.
  8. المرجع نفسه، ص: 65.
  9. الشهيد مرتضى المطهري، المنطق، تح: الشيخ حسين، ط، 02سنة 1432ه، دار الولاء للطباعة والنشر، بيروت، لبنان. ص: 28.
  10. حسان تمام، الأصول، ص: 46.
  11. محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي، ط6، 2000م، مركز دراسات الوحدة العربية، (د،ب،ن)، ص: 395.
  12. د. حامد صالح خلق الربيعي، مقاييس البلاغة للأدباء والعلماء، (د.ط،ن)، 1996م ، جامعة أم القرى، (د،ب،ن)، ص: 45.
  13.  د. حسين الصديق، "المناظرة في الأدب العربي الإسلامي، (د.ط،ن)،سنة 2000م. ، مكتبة لبنان ناشرون، الشركة المصرية العالمية للنشر لنجمان، القاهرة،ص: 202.
  14.  ينظر عباس أرحيله،الأثر الأرسطي في النقد والبلاغة العربيين،ص:264.
  15. شكري المبخوت، الاستدلالالبلاغي،ط1، 2006م، دار المعرفة للنشر،منوبة تونس، ص:109.
  16. طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام،ط2سنة 2002م المركز الثقافي العربي الرباط المغرب، ص:148.
  17.  أبو الزهراء، دروس الحجاج وما يعاضدها هذا النص: الفلسفي، مجلة الشبكة التربوية الشاملة،ص: 12.
  18. عبد الهادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية،ط01، 2004م،الكتاب الجديد، (د،ب،ن)، ص: 21.
  19. نفس المرجع، ص: 18.
  20. ألكسندر اغنتمانوفا، علم المنطق، ص: 195.
  21. محمد طروس، النظرية الحجاجية، من خلال الدراسات البلاغية والمنطقية واللسانية، ط1، 2005م ،دار الثقافة،دار البيضاء، ص: 29.
  22. حسان تمام، الأصول، دراسة ابستمولوجية للفكر اللغوي عند العرب، ( د.ط،ن)، 2009م ، عالم الكتب، القاهرة، ص: 66.
  23. المرجع نفسه، ص: 153.
  24. طه عبد الرحمن أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ص: 98.
  25. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تح: أبو فهر محمود محمد شاكر، ط3، 1992م، مطبعة المدني المؤسسة السعودية، مصر، ص:10.
  26.   المصدر نفسه، ص:371.
  27. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغية، تح: أبو الفهر محمود محمد شاكر، ط1، 1991م، دار المدني بجدة، السعودية، ص:381.
  28. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:30
  29.  المصدر نفسه، ص:34
  30. المصدر نفسه، ص:31.
  31.  المصدر نفسه، ص:37
  32. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:121.
  33. عبد القاهر الجرجاني، أسرارا البلاغة، ص:402.
  34. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:06. .
  35. المصدر نفسه، ص:52.
  36. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:04.
  37. المصدر نفسه، ص:05، ص:06.
  38.  عبد القاهر الجرجاني، أسرارا البلاغة، ص:02.
  39. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:05.
  40. المصدر نفسه، ص:07
  41.  المصدر نفسه، ص:171.
  42. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:10
  43.  المصدر نفسه، ص:65.
  44. المصدر نفسه، ص:37.
  45. المصدر نفسه، ص:71.
  46. عبد القاهر الجرجاني، أسرارا البلاغة، ص:267.
  47. -عبد القاهر الجرجاني، أسرارا البلاغة، ص:263
  48. المصدر نفسه، ص:41.
  49. المصدر نفسه، ص:40.
  50. المصدر نفسه، ص:64.
  51. عبدالقاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:115.
  52. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:121.
  53. د: أحمد علي الدهان، الصورة، البلاغية عند عبد القاهر الجرجاني، "منهجا وتطبيقا"، ط2، 2000م،وزارة الثقافة، دمشق،ص:283.
  54. شكري المبخوت، الاستدلال البلاغي، ص:42.
  55. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:20.
  56. شكري المبخوت، الاستدلال البلاغي، ص:46.
  57. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:125.
  58.  عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:365.
  59. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:09.
  60. عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، ص:08.
  61. شكري المبخوت، الاستدلال البلاغي، ص:60.
  62. محمد شطوطي، النظرية المنطقية عند الشيخ الرئيس ابن سينا، ط1، 2007، دار قرطبة، ص:212،213.
  63. إدريس بن خويا "البحث الدلالي عند الأصوليين قراءة في مقصديه الخطاب الشرعي عند الشوكاني، ط1، مطبعة بن سالم، الأغواط، ص:51.
  64. محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي، ص:70.
  65. شكري المبخوت، الاستدلال البلاغي، ص:44.
  66. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص:146.
  67. الآمدي، الأحكام في أصول الأحكام، مج3، ص:22.
  68. د: أحمد علي الدهمان، الصورة البلاغية عند عبد القاهر الجرجاني، ص:248.

@pour_citer_ce_document

شهرزاد بلعربي, «الاستدلال البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp 117-128,
Date Publication Sur Papier : 2011-09-20,
Date Pulication Electronique : 2018-06-26,
mis a jour le : 11/07/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=3026.