المثـاقفة وبلاغـة العـماء
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°09 Octobre 2009

المثـاقفة وبلاغـة العـماء


pp : 10 - 19

الطاهر رواينية
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

شكل الأدب على مر التاريخ فضاء حيويا مفتوحا تلتقي عبره وتتجاور وتتحاور العلامات والخطابات المهاجرة من مختلف الثقافات منجزة "كتابة بالغة العنف والابتهاج"(1)،  ومحيلة على نوع من الاختلاف الذي لا يمكن تذويبه، فآثاره تستمر حاضرة ومدونة في شكل علامات أو مؤشرات " متحدة بالنصّ الذي ترد فيه اتحاد المتن والجسم كل منهما يسكن الآخر ويؤسسه" (2)، ويسهم في منحه تفرده وبصمته الخاصة.

وهو ما يجعل كل نص يستدعي نصا / أو نصوصا تتقدمه أو تزامنه تتجاوز حدود الثقافة والجمالية التي ينتمي إليها ويعمل باستمرار على خرقها وتجاوزها؛ وهو ما يوحي بـ "بتدمير مفهوم العلامة ومنطقها بأكمله"(3)كما يعتقد جاك دريدا. الأمر الذي يؤدي إلى إشاعة الإحساس بالامحاء المتواصل والمتعانق مع كل عملية إبداعية جديدة، وكأن حركية الإبداع والتجاوز تعني ممارسة القطيعة مع الأصل وتجاوز المشترك،  وهو ما لا تقره الممارسات الإبداعية الأدبية إلا في حالات قصوى يصفها رولان بارت R.Barthes بالنصوص الحدودLes textes limites  التي تبلغ فيها الكتابة أقصاها وتشارف تخومها بحيث تغدو هذه النصوص متمنعة عن كل نقد يروم التعلق بـها كونها كتابة متجددة لا يتأسس فعلها إلا لكي يهدم النقد ويبدده داخل حقل الاختلاف اللانـهائي(4)؛ ومع ذلك فإن هذه السيرورة المتجددة والمتجاوزة لكل أصل تبدو محكومة عبرعمليات التفاعل الخطابي الواسعة بنزعة " الإفضاء إلى استعادة لا نـهائية للتاريخ والأوجاع واللغات والهويات المتعرضة للإنكار"(5)، وهو ما يكرس مبدأ الحوار بين النصوص والخطابات الثقافية المختلفة بدل القطيعة والانغلاق والتعالي المفرط الذي يكون مآله تكريس مزيد من العمى والتشويش المبرمج كإستراتيجية نصية، وقد دفع ذلك بارت إلى القول : " إن تأويل نص لا يقف عند حدود إعطائه معنى مؤسسا أو حرا، وإنما أن تقدر من أي جمع من المعاني يتكون"(6)، وفي بعض الأحيان نجد بارت "غير متأكد من وجود إيحاءات في النص الحديث"(7)كون هذا النص نصا غير مألوف، مثير أكثر منه مغر يصعب تصنيفه  تتناسل داخله متتاليات من العلامات التي لا تقبل الاختزال لكنها تتيح الفرصة للتأمل والتأويل، مفعما بالأسئلة "سؤال يفضي إلى سؤال يغري بالمعرفة ويهوي بـها إلى متاهات الميتافيزيقا"(8)والوهم والعبث والعمى، إنه نصّ يراوغ انغلاقه عبر حركة توالد المعنى واضطرابه وتلاشيه داخل فضاء من السلب والنفي المبرمج والمكرس لكل أنواع الغموض والالتباس، يسعى من خلال التداخل السيميائي للعلامات أن يشيد فضاء متخيلا وعالما ممكنا، لكن هذا العالم سرعان ما يتقوض ويتلاشى عندما تنزع الكتابة في تعاليها النصّاني لأن تتحرر من قيود الزمان والمكان لتصبح أدلة مهاجرة بين النصوص والثقافات، وعبر هذا الاضطراب والتلبد نصل إلى حالة من الإحساس بالمقاومة تدفع بنا إلى خارج اللعبة الفنية، لا يمكن تفاديها كونـها متماهية في علامات ومقولات نصية، أو في "الكتاب كانكفاء استراتيجي للذاكرة النصية"(9)، يضطرك باستمرارإلى العمل على إجلاء الغموض والالتباس بالاعتماد على تغذية ارتجاعية متعددة الأصول والمراجع، بحيث تصبح الكتابة الأدبية ضربا من البحث عن الحقيقة في عالم من الوهم، وهي مهمة صعبة تتطلب تجاوز كل ما هو جاهز وكامل.

   وإذا ما حاولنا البحث في أصول موضوع المثاقفة وبلاغة العمى وجدنا أن حركية الإبداع الأدبي تقتضي نوعا من الدينامية والتحويل والتفاعل المستمر على مستوى التكوين النصّي عن طريق التجاور أو التمازج أو التلاحم، وكذلك عن طريق ما تتميز به النصوص من انفتاح ومواربة واستقطاب متبادل يمنح النصوص الإبداعية الأدبية القدرة الفائقة على العدول والتحول والمناقلة والتكيف مع الشروط الموضوعية والذاتية لتكونـها النصّي كنسق منمذج ثانوي، وهو ما يؤكده ف. كريزينسكيW. Krysinski  الذي يرى أن" الرواية شكل أدبي خاص يستجـيب بكيفـية ملائمة للضغوط الموضوعاتية والبنوية والتدوينية للغة الطبيعة"(10)، كما يستجيب للتفاعل الأجناسي لمختلف الخطابات الأدبية والثقافية والتي " تدرك كمواقف وكأصناف من الإيديولوجيات اللغوية خارج التحليل اللساني الصرف" (11)،  وهو ما أدى إلى توسيع حركات التفاعل النصي، وانعتاقها من أسرالتشكل المسبق ومن المحددات المعيارية، والإسهام في خلق كيانات فنية متكاملة من مواد ثقافية متنوعة ومتنافرة وغريبة عن بعضها، تأخذ من تعدد الأجناس الخطابية شفرات أبنيتها فتتشاكل وتتعايش داخل تكوين نصي يحفل بالتراكيب المعقدة والمتداخلة؛ وكأن هذا التكوين يسعى إلى مقاومة جماليات التشخيص الواقعية والانتصار إلى جماليات كتابة منفتحة على كل ما هو غير متوقع أو منتظرمن الآفاق؛ كتابة تنزع نحو الابتداع والاختلاف، وتسعى إلى إنتاج دلالة متطرفة؛ بل إلى محاولة إسقاط كل دلالة ممكنة في فضاءات السلب والنفي والاحتفال بطقوس الكتابة، حيث يلعب تنويع مراجع الكتابة والخرق المستمر للجماليات القائمة دورا ديناميا في اشتغال التفاعل بين النص والقارئ، وفي توسيع مدى فضاء المثاقفة وتنويعه في الكتابة الأدبية المعاصرة النثرية منها والشعرية، حيث لم يعد الاهتمام منصبا على هيمنة الثقافات وتفوقها، وإنما على ما تتميز به هذه الثقافات من غنى،  وما تتوفر عليه خطاباتـها من الابتداع والاختلاف الذي يمنحها مع كل قراءة وتلقي جمالي طاقة دلالية لا يقف تأويلها أو ترجمتها عند حد.

   ولذلك فإن الحديث عن المثاقفة الأدبية يرتبط دائما بمجمل علاقات التفاعل النصّي المتعدد والمتباين،  والتي تأتي محملة بأركيولوجية نصية وثقافية بقدر ما تعمل على اختراق محددات التعيين الأجناسي تعمل أيضا على تكريس حس الالتباس والعمى، كونـها مفارقة لأي سنن،  وهو ما يحتم على القارئ مباشرة بواطن النصّ بالاعتماد على موسوعته الثقافية وعلى الإمكانات التي يمكن أن توفرها النصوص الغائبة،  وفي هذا المستوى من العدول والخرق والتفاعل والمثاقفة يرى دريدا " أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن هذا التجاوز أوالفيض يحدث في اللحظة التي يمحو فيها امتداد مفهوم (اللغة) جميع حدوده" (12)، حيث يتاح للتأويل أن يمارس فعل الاستكشاف والاستدعاء انطلاقا من محاولة " فك رموز النص باعتباره عالما، وباعتبار العالم نصا"(13). وهذا يعني حصرعملية التأويل داخل حدود النصّ انطلاقا مما يقتضيه ويفترضه ويستدعيه، ولما كان هذا النصّ ينزع باستمرارإلى إسقاط الحدود وخرق المعاييروالجماليات القائمة من أجل التفرد والاختلاف والتجاوز الذي قد يصل إلى حد الاغتراب المتطرف من خلال تبني هندسة للتعجيب والمتاهية والتفكك والتنوع التي تجعل النصّ متاهيا أوأقرب في تنوعه وتعقيده وغموضه من قدور الساحرات، فإن هذا التمرد على تقاليد الكتابة وعلى قوانين اللغة أيضا يسهم في خلخلة كل ما هو ثابت، ويجعل هذا النصّ ينفلت باستمرار من قبضة التأويل؛ حيث يتكرس التشويش والعماء في الكتابة الأدبية ويصبح ظاهرة طبيعية بالنسبة لروح العصر، فالعماء هو نحن ممثلين بكائنات جدلية وجدالية" (14)؛ ونحن هذه تشمل الممارسات الإبداعية والنقدية على حد سواء، ذلك أن التعقيد والعماء يقع على مستوى اللغة وعلى مستوى الكينونة أوالهيئة المنتجة وكذلك المتلقية؛ والمعروف أنه في أبسط حالات الكتابة والتدوين فإن مفهوم الكتابة يتجاوز مفهوم اللغة وينطوي عليه؛ أما في الحالات القصوى والمتطرفة في المجازية والاستعارية فإن مفهوم الكتابة ينزع باستمرارإلى خرق مقدسات اللغة وتكديرصفو الإبلاغ بحذق واحترافية، إلى حد يصبح الأدب كتابة متشظية ومربكة ومكرسة لبلاغة الاختراق والانتهاك.

الكتـابة الأدبيـة وتجـربة الحـدود :

   يندرج موضوع الكتابة الأدبية ضمن الظواهر الجمالية البالغة الغنى والتعقيد وذلك أن هذه الكتابة تسعى ـ في أبسط تمظهراتـها ـ إلى التعبير عن شيء غير مجسد داخل هذه الكتابة، وهوما جعل موريس بلانشوM.Blanchot  يقول : " إن البحث عن الأدب هو بحث عن اللحظة التي تسبقه" (15)، وأعتقد أن هذه اللحظة لا تشير إلى مجموع السياقات التي أسهمت في إنتاجه وإنما إلى خصوصية التجربة الفنية التي تؤسسه كنسيج بلاغي استعاري يحاول أن يحاكي وأن يتماهى مع هذه اللحظة الفائقة والزائغة أبدا؛ ولذلك فإن بلانشو يرى أيضا " أن من يعيش في تبعية للعمل الأدبي إما ليكتبه أو ليقرأه ينتمي لعزلة من لا يعبّر سوى عن كلمة الكينونة : كلمة تحميها اللغة بإخفائها أو بإظهارها متلاشية في الفراغ الساكن للعمل الأدبي"(16). وإننا لنجد في تراثنا الشعري العربي أيضا هذا النزوع الإيحائي المعمى سواء في التجربة الصوفية الأنطولوجية، أو لدى رواد الشعر المحدث كأبي نواس، وقد كشف هذا الشعر عن تجارب فنية جديدة متجاوزة حدود الجمالية الشفوية، حيث "لم يعد الوضوح الشفوي الجاهلي [ كما يرى أدونيس ] معيارا للجمال والتأثير؛ بل صار هذا الوضوح يعد على العكس نقيضا للشعرية ـ كما يرى الجرجاني ـ فالجمالية الشعرية تكمن بالأحرى في النصّ الغامض، المتشابه، أي الذي يحمل تأويلات مختلفة، ومعاني متعددة؛ النصّ الذي تذهب النفس فيه كل مذهب كما يعبّر الرماني" (17)، وهو ما جعل أدونيس يعد مقطوعة أبي نواس التي يقول فيها:

                        غير أني قائـــــل مــا أتـاني         من ظنوني ، مكذب للعيان

                  آخذ نفسي بتـــأليف شيء          واحد في اللفظ شتى المعاني

                   قائم في الوهم حتى إذا ما          رمـته، رمـــت معمّى المـكـان

                  فكأني تابع حســـــن شيء          مــن أمـامي ليــس بالمستبان

 بمثابة بيان شعري يعبر عن أفق الشعرية الجديدة (18)، يتيح للقصيدة أن تتحرر من قيود الجمالية الشفوية ومن ثقافة البداوة وعالمها، "بل نستطيع القول بصيغة متطرفة إن المشروع الشعري [الجديد] هو مشروع تدمير للعالم كما نسلم به اعتياديا ويوميا"(19)، والعبور إلى عالم جديد تتحرر فيه اللغة الشعرية من الإحالة المقصودة ومن الوهم المرجعي لتنشئ وتعبّر عن حالة شعورية وعن نظرة خاصة يمكن وسمها بالنظرة الأورفية المحدقة في الفراغ والموت والممتلئة بالرغبة في البعث والكشف؛ إنـها نظرة ولحظة وحالة تنتفي فيها حدود الزمن مثلما يحدث في حالات الحلم والسحروالتأويل القائم على الانزياح الدائم والمتواصل للدلالة " كون النصّ ينكشف أولا من حيث محوه، أو تشويهه" ( 20)، أو زوغانه وانفلاته من أية رقابة أو سلطة،  وبالتالي لا يمكن الاقتراب منه إلا من خلال نسيجه الاستعاري الذي تنتفي داخل فضائه كل التسميات.

   إن ما كشف عنه أدونيس من اختلاف وجدة لا يكمن فقط في العدول عن الوضوح الشفوي ولا في الغموض والعماء الذي تسجله المقطوعة الشعرية وتجعل منه مؤشرا على تحول استراتيجي في القول الشعري وفي التخييل الأدبي، غايته استكناه الذات والعالم وقول الظن والمستحيل؛ حيث يحقق هذا التحول شعريته المتطرفة والتي يمكن أن توصف بشعرية الغياب في المتخيل الصوفي عند النفري والحلاج وابن عربي وغيرهم الذين يصلون في تجاربـهم التخييلية إلى تخوم المتاهات والتلاشي بتعبير محمد لطفي اليوسفي(21)، وفي هذا السياق يصف أدونيس النصّ النفري ـ وقد عرفه، إشارة إلى تميزه وتفرده وغرابته ـ بأنه يحاور الغيب أو الباطن محاولا استقصاء فضاء الكشف، ومهما تقدم فإن ما يتوصل إليه من معرفة يظل غير معروف ويدعوه إلى معرفته، حيث تصبح اللغة هنا مغامرة لقول ما لا يقال، ولذلك تبدو الكلمات مغمورة بما لا يحدد. وما تنقله ليس فيها بل هو في ما يختبئ وراءها. فكأنـها بشكل مفارق تعبر عما لا تقدر أن تعبر عنه (22).

   وعلى الرغم من الرقابة التي خضعت لها التجربة الصوفية وأدت إلى تغييبها وانقطاعها فإنـها برعمت في الشعر العربي المعاصر مع تجارب شعرية كثيرة بلغت أقصى تطرفها مع تجربة أدونيس الذي يقول : " إن أهمية الصوفية اليوم لا تكمن بالنسبة إلي في مدونتها الاعتقادية بقدر ما تكمن في الأسلوب الذي سلكته (..) إنـها في الفضاء الذي فتحته وفي كيفية الإفصاح عنه باللغة خصوصا، وهذا نفسه ما يمكن قوله عن السوريالية"(23)، وبـهذا يصل أدونيس ويؤلف بين شعريتين وبين زمنين ماض وحاضر، وبين ثقافتين عربية وغربية، وكأنه بهذا يعبّر عن ولادة تجربته من رحمين لا يجمع بينهما سوى خصوصية الكون الشعري الذي يشيّده أدونيس. فكأنه " يريد أن يقول شيئا بلسانين" (24)فيزيده تشويشا وانمحاء، وهو الشاعرالناقد الذي تعود أن "يتماهى مع مصادره ويلخصها  دون أن يخلص إليها، لأنه مسكون بالأشياء والكون، وطمس التوثيق ومحو خطواته فوق رماله المهتزة (..) وليست السوريالية هي التي تصل نفسها بالصوفية، بل هو عماء أدونيس الذي يلغي الأبعاد الزمانية والمكانية والحضارية" (25). ويسعى إلى ابتداع كتابة إشكالية تستدعي سؤال الذات والكتابة والتاريخ والراهن، بلغة استعارية متعددة الأبعاد والمسافات تؤسس للاشتباه والالتباس، وخرق المعقول والمعلوم، والتأسيس لإستراتيجية التيه وبلاغة العماء.

والملاحظ أن الأدب خلال القرن العشرين عرف تحولات انقلابية ضد شعريات المشابـهة والمماثلة والإيهام الواقعي، توجت بالطليعة الشعرية التي استندت إلى ما أنجزه المثاليون والرمزيون من أمثال مالارميه ورامبو ولوتريامون وبول فاليري " الذين أصبحوا الآباء الروحيين للكتابة حتى يومنا، وقد شمل ذلك الدادائية، المستقبلية والسوريالية"(26)، وكذلك بما أصبح يعرف بالرواية الحديثة مع بروست جويس وكافكا، حيث اقتضت " الضرورة الجدلية أن تكون الرواية الجديدة تكملة لما بدأه هؤلاء الكتاب الثلاثة " (27)من ثورة على الجماليات الواقعية والرغبة في التأسيس لجماليات الابتداع والمفارقة، والهدم لكل النماذج القديمة، وذلك " أن الرواية عندما تبدع أو تسترجع ميثولوجيا معينة،  فإنـها تقترب أكثر من الشعر ومن الأنثرو لوجيا"(28)، وهذا يعني أن الشعريات الحديثة انطلقت مما ميز حركية التحول الأدبي من أزمات، كانت تدفع نحو تبني مواقف انقلابية غايتها إحداث القطيعة مع جماليات التماسك والانسجام، وهو موقف تبنته الطليعة الشعرية الفرنسية، يلخصه هنري ميشونيك في علاقة الشعر بالسياسة والسلطة، ويعتبر أن هذه العلاقة تـهدد الشعر بالتلاشي، إذ من طبيعة الشعر ألا يدخل في أي علاقة مع أي سلطة كيفما كانت، يضاف إلى ذلك ما يعرف داخل بعض الاتجاهات الطليعية بميتافيزيقا اللغة كطبيعة وأصل، حيث تعد هذه الخاصية نزعة نخبوية أو إعلائية للشعر تستخف بذاتـها أكثر مما تستخف بالإنسان العادي، وتتجلى في المستقبلية الإيطالية في الاستعمال الحر للكلمات، نتجت عنها نزعة لا عقلانية تسم غالبية الحركات الشعرية في القرن العشرين، وفي تبني الاتجاهات الطليعية الشعرية الفرنسية مع بودلير ومالارميه وبول فاليري لنوع من الغنائية من منظور شكلاني ينحو للانفصال التام عن التاريخ، تجلى في إيثار القصيدة القصيرة ومجافاة القصيدة الطويلة ذات الصيغة الحكائية والنفس الملحمي، وفي إفراط السورياليين في الاقتصاد اللغوي الذي أدى إلى إفقار التركيب واختزال الخطاب إلى الكلمة، والاقتصار على المجاورة بين الكلمات (29)؛ وهو اتجاه يسعى إلى تكريس بلاغة الامحاء والسلب والنفي والبياض الدلالي،  وربما التفسيرالوحيد لهذا التوجه  ـ كما يرى تودوروف T. Todorovـ هو " اختصار الأدب في العبث" (30)، والمغالاة في العناية بالممارسات الشكلانية على مستويي الإبداع الأدبي والنقد، حيث أصبح الحديث منصبا على كيفيات اشتغال مكونات النصّ الأدبي منه على معنى النص؛ والأمر لا يتوقف عند البلاغة السوريالية التي وصلت مع بول إيلوار في قصيدة "الأرض زرقاء كبرتقالة " إلى نوع من التحريف والخلط الدلالي، الذي "لا يحتوي على أي معنى قابل للتفسير" (31)؛ بل يتجاوزها إلى البلاغة السردية التي عمدت مع كتاب الرواية الحديثة إلى العناية باللعبة السردية التي تصل فيها الكتابة إلى إنتاج محكي مقوض Un récit degenere ، حيث يمكن أن نعد تفكك البنية السردية في هذا النوع من الكتابة ـ بخاصة عند موريس بلانشو ـ تعبيرا عن السلبية الشاملة التي يمكن أن تعد تجسيدا شفافا ومتخيلا لعتمة العالم وموت المعنى، وهو ما جعل الرواية اليوم ـ كما يرى كارلوس فوينطيس ـ ليست أكثر من "أسطورة ولغة وبنية"(32)،  وكأن الرواية اليوم تنزع من خلال تبنيها لبنية بلاغة التعجيب والمواجهات والتعليقات الواصفة، وخلخلة قيم الوثوقية إلى تشييد سردية جديدة تمكنها من غزو جديد ومختلف لكونية الخيال الأسطوري الملازمة لكونية بنيات اللغة. وهو توجه يمكن أن يحقق شعريته انطلاقا من بنية بلاغة المواجهة والمثاقفة، وهي بلاغة تتقاطع عبرها الخطابات وتتحاور وتتعدد وتتنوع، معبرة عن التنوع الإنساني داخل المجتمع المتعدد الإثنيات، والمتداخل الثقافات، وهو مجتمع تسعى العولمة إلى تأسيسه وتكريسه.

أزمــة الكتــابة والنقــد :

في هذا المناخ المفعم بحركات التجديد والابتداع والاختلاف والاحترافية والمعارضة وإعادة النظر في الأدب بخاصة على مستوى عمل الكتاب، ولدت القصيدة المثقفة والسوريالية والمسرحية الجديدة والرواية الجديدة والنقد الجديد؛  وعلى مستوى التعليم أيضا أصبح الحديث عن أزمة الدراسات الأدبية يشكل اتفاقا عاما، ومع ذلك فإنه لا يجب المبالغة في تقدير أزمة الأدب وتعليمه، ولهذا علينا أن نتلاءم مع حساسية هذه الظاهرة التي يدعوها روزنبرغ Rosenborg تقاليد الجديد Tradition du nouveau(33)، وإن كان هذا التلاؤم يحتاج منا أن ندرك هذه الظاهرة على أنـها بالدرجة الأولى نتاج أزمة المجتمعات الغربية الرأسمالية من ناحية، واكتشافها لثراء ثقافة الآخرين من ناحية ثانية، سواء تعلق الأمر بآداب ما بعد الاستعمار، أو باختلاف الآخر وثراء جمالياته وتنوع ثقافته، وهو ما عبّر عنه رولان بارت وهو يقدم كتاب الاسم العربي الجريح للكاتب المغربي عبد الكبيرالخطيبي قائلا: " إنني والخطيبي نـهتم بأشياء واحدة، بالصور، الأدلة، الآثار، الحروف، والعلامات، وفي الوقت نفسه يعلمني الخطيبي جديدا، يخلخل معرفتي، لأنه يغيّر مكان هذه الأشكال كما أراها، يأخذني بعيدا عن ذاتي إلى أرضه هو، في حين أحس كأني في الطرف الأقصى من نفسي(34)؛ هذا الموقف وغيره من المواقف الأخرى المتعلقة بنظرية ما بعد الاستعمار قد يسهم في التخلص من امبريالية الأشكال والأنطولوجيات والإبستمولوجيات الأوروبية التي تبدو متراصة(35)،  وفسح المجال أمام الممارسات الأدبية المفارقة للنموذج الغربي؛ أما في مجال النقد فقد أحدثت ترجمة تراث الشكلانيين الروس إلى اللغات الأوروبية في مطلع الستينيات من القرن العشرين ردة فعل انقلابية في المؤسسة الأدبية والنقدية الفرنسية بخاصة، قوبلت بمعارضة عنيفة في المؤسسة الأكاديمية، وقد وسم النقد الجديد المنفتح على هذا التراث وعلى البنيوية والتحليل النفسي والظاهراتية من قبل ريمون بيكار R. Picard بالدجل الجديد، حيث استطاع هذا النقد الجديد أن يخترق المؤسسة الأكاديمية وأن يكشف بخاصة بعد أزمة 1968أن الأزمة ـ في الحقيقة ـ هي أزمة شاملة تتعلق بتحولات الخطاب الثقافي بعامة، وفي هذا السياق يقول رولان بارت : "إننا ندخل في أزمة عامة للتعليق ربما تعادل في أهميتها الأزمة التي وسمت ـ فيما يتعلق بالمشكلة نفسها ـ الانتقال من العصور الوسطى إلى عصر النهضة (36)،  ولذلك يتحتم علينا أن نعدل باستمرار مفاهيمنا ومعاييرنا الجمالية بحيث تبدو مساوقة ومنسجمة مع ما يقتضيه تصورنا لوظيفة ترهين الكتابة وتحليل الخطاب.

وفي الحقيقة فإن هذا السجال يكشف عن تحولات وانقلابات عميقة في الكتابة الأدبية، تعود إلى بداية القرن العشرين، وهو ما جعلها كتابة استفزازية متشيأة مجسدة للخواء والفراغ والامحاء، تجمع وتؤلف بين النزوعات العدمية والعبثية والأنانة أو/عشق الذات Solipsisme، حيث تقدم العدمية رؤية خاصة للعالم يبدو من خلالها البشر وحوشا وأشرارا، ولهذا فإن خير ما يعبّر عن حقيقة الوضع الإنساني هوالتفكك وتوقع حدوث كارثة ما، وهو توجه يفسّرالسلبية والنفي والمتاهية واللاتحديد وتداخل الخطابات واشتغال البياض في الكتابة الأدبية المعاصرة التي تتميز أيضا بانفلات الحدود بين الداخل والخارج، بين الأدب والفكر، بين الشعروالنثر، بين السواد والبياض(37)، وهو ما دفع أيضا بالنقد نحو تبني منظور شكلاني، وبالكتابة أن تتحول إلى مخبر حيث يستطيع المؤلف أن يدرس ويتسلى ويحاول أن يفهم ألعاب الكتابة التي حوّلت النصّ إلى متخيل ذاتي Autofiction يكرسه المؤلف لنزواته متحررا من كل الضغوط المرجعية ومستفيدا ـ في الوقت نفسه ـ من الاستقلال المفترض للتخييل، ومن متعة منحه قيمة في حدّ ذاته، كون هذا التوجه يقوم على فكرة القطيعة الجذرية التي تفصل الأنا عن العالم، أو بالأحرى نقول: إنه لا يوجد عالم مشترك (38)و بالتالي على هذا النقد الشكلاني أن يدخل مخبر التحليل المحايث، أو أن يغامر نحو آفاق التأويل،  وبالتالي فـ" إن محاولة الوصول إلى دلالة نـهائية ومنيعة سيؤدي [كما يرى إيكو] إلى فتح متاهات وانزلاقات دلالية لا حصر لها"(39)أو يعانق النصّ ويتحول إلى كتابة مزدوجة الوظيفة، أي إنه ـ في الوقت نفسه ـ إنشاء ونقد، وبهذا يعد "فعل كتابة مكتملة بذاتـها"(40)تحاول التخلص من كل الإكراهات التي تعمل على تأطير النصّ ضمن مبادئ حقيقية أو معاييرصارمة، وذلك من أجل وضع النصّ المدروس في حيز الاختلاف، والتعامل معه في كل مرة على أساس أنه إنتاج جديد.

وقد تعمقت النزوعات الشكلانية في الكتابة الأدبية والنقدية أيضا بسبب هيمنة اللسانيات والبنيوية في الدراسات الأدبية والإنشائية بصورة عامة بدءا بالأنثروبولوجيا البنوية وانتهاء بالتحليل المحايث للخطاب الذي عمق الحضور الشكلاني في مجال نظرية الأدب، وأدى إلى تغييب النقد بمفهومه التقييمي، ونتج عنه تغييب الذات والتاريخ واختزالهما إلى مجرد خطاب.

أدت أزمة الكتابة الأدبية والنقدية على حد سواء إلى نوع من التطرف في البحث عن آفاق جديدة تتيح للكتابة أن تحقق مزيدا من الابتداع والاختلاف من خلال لعبة المرايا واستثمار الخطابات الواصفة، وبذلك استطاعت أن تعيد تقييم طريقة عمل عناصرها الدالة، وأن تتكامل كنسق تعبيري يقوم على المماحكات والجدل، حيث يتحول النصّ الأدبي إلى حقل للنشاطات الخطابية أين يتم البحث عن المعرفة داخل فضاءات متداخلة شعرية وسردية ودرامية من خلال تنوع الأشكال واختلاف أماكن التلفظ، والعمل باستمرارعلى إمكانية تركيب الخطاب بشكل مختلف.

والملاحظ أن هذه الممارسات الإبداعية الشعرية والسردية المتطرفة قد ظهرت أيضا خارج التمركز الثقافي الغربي، وتمثلت بخاصة في الرواية الأمريكية اللاتينية الجديدة، وآداب ما بعد الاستعمار، وما بعد الحداثة، حيث أسهم تلقي هذه النصوص في خلخلة تماسك الخطاب الغربي وتمحوره حول ذاته؛ وتندرج هذه النصوص والخطابات في خانة الآداب الضدLes contre littératures ، حيث كان الرد بواسطة الكتابة أكثر عنفا وتحديا وأكثر بهاء، وفي الوقت نفسه أكثر ثراء، وقد شكلت هذه النصوص ـ بحسب تعبير بارت ـ إمبراطورية للعلامات والرموزالثقافية التي هاجرت صوب الآداب الأوروبية ومنحتها الصورة الأكثر دلالة وتحفيزا واختلافا؛ والملاحظ أنه "يمكن القول إن الأشكال الأكثر تطرفا من نماذج النقد الذاتي والفوضوي في ثقافة القرن العشرين، والتي بشرت بـها الحداثة، تعتمد على وجود الآخر ما بعد الكولونيالي التي يمدها بشرط تكوينها" (41) وقراءتها من منظور نقدي يندرج في ما يعرف بـ "فيما بين السيميائيات " Intersémiotiques  وهو نوع من الممارسة الإجرائية التحليلية التأويلية التي تنفتح على مقولات المثاقفة وبلاغة العماء كون النصوص التي تباشرها تنتمي إلى بلاغة جديدة هي أقرب إلى المساررة Initiation  لا يحيط بأسرارها إلا المريدون العارفون بأسرارالرموز والعلامات في فضاء الخيال الأساطيري الكوني، والتي لا يحدس روعة بـهائها المختلف والمتوحش إلا أصحاب الإرادة والحظوة؛ إنـها بلاغة تؤلف وتجمع على مستوى التخييل بين العجائبي والهامشي والمختلف، فتنشأ عنها تعقيدات تشوش التلقي، وتكشف عن المفارقة المقلقة للكتابة الأدبية المتعامية التي يتعذر رصد قصدياتـها، والتي تزوغ في كل مرة من مرصد التأويل.

 

 

 

 

 

 

 

هوامــش :

1 ـ عبد الكبير الخطيبي، الاسم العربي الجريح ، تر: محمد بنيس، دار العودة ، بيروت ، ط1، 1980، ص 20.

2 ـ المرجع نفسه، ص 29.

3 ـ جاك دريدا، الكتابة والاختلاف، تر: كاظم جهاد، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط1، 1988، ص 104.

4  ـ R. Barthes, S/Z , Points, Seuil

1970, p11

5 ـ كرستين بوسي ـ علوكسان، الفتنة أو اختلاف الحب الذي لا يمكن تذويبه ضمن المناضل الطبقي على الطريقة التاوية لعبد الكبير الخطيبي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط1، 1986، ص 58.

6 ـR. Barthes, S/Z, p11.

7 ـ Ibid, p15.

8 ـ حياة الريس، قراءة في رواية (ن) لهشام القروي، (ن) الرواية السؤال، مجلة الحياة الثقافية، وزارة الشؤون الثقافية، تونس، عدد 35 ، سنة 1985، ص 248.

9 ـ عبد الكبير الخطيبي، الاسم العربي الجريح ، ص 20.

10- W. Krysinski, Carrefours des signes, Mouton Editeur lahaye, Paris, New york, 1981, p6.

11- Mikhail Bakhtine, la poetique de Dostowski , trad par Isabelle Kolicheff, Seuil 1970, p 242.

12 ـ جاك دريدا ، الكتابة والاختلاف ، ص 104.

13 ـ أمبرتو إيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، تر: سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، ط1 ، 2000، ص 25.

14 ـ سعيد علوش، نظرية العمى وعولمة الأدب، تشظيات الإبداع وتشويش النقد، فيدبرانت، الرباط، ط1، 2000، ص 50

15 ـ Philippe Sollers, logiques, coll telquel , Seuil 1968, p236 .

16 ـ Maurice Blanchot, L espace litteraire, idees N.r.F, gallimard, 1955, p 11.

17 ـ أدونيس ، الشعرية العربية، دار الآداب، بيروت، ط1، 1985، ص 54.

18 ـ المرجع نفسه ، ص 55.

19 ـ بول ريكور، نظرية التأويل الخطاب وفائض المعنى، تر: سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء  ط1، 2003، ص 103.

20 ـ المرجع نفسه ، ص 101.

21 ـ محمد لطفي اليوسفي، كتاب المتاهات والتلاشي، دار سراس للنشر، تونس، 1992.

22 ـ أدونيس، الشعرية العربية، ص 64، 65.

23 ـ أدونيس، الصوفية والسوريالية، دار الساقي، بيروت، ط1، 1992، ص 25.

24 ـ سعيد علوش، نظرية العماء وعولمة الأدب، ص 78.

25 ـ المرجع نفسه، ص78.

26 ـ هنري ميشونيك، راهن الشعرية، تر: عبد الرحيم حزل، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط2، 2003، ص 33.

27 ـ  Ph . Sollers , Logiques ,p 226 .

28 ـ كارلوس فوينطيس، الرواية الأمريكية اللاتينية الجديدة، تر: صالحي محمد وبونو عبد المنعم، الحوار الأكاديمي، الدار البيضاء، 1992، ص15.

29 ـ ينظر : هنري ميشونيك ، راهن الشعرية ، ص 34، 35، 36.

30 ـ T.Todorov, la litterature en peril, flammarion, Paris 2007, p 17.

31 ـ هنري ميشونيك، راهن الشعرية، ص 43.

32 ـ كارلوس فوينطيس، الرواية الأمريكية اللاتينية الجديدة، ص 14.

33 ـ Bernard Mouralis , Les contre – Littératures  , Puf , 1975 ,pp7,8 .

34 ـ عبد الكبير الخطيبي، الاسم العربي الجريح ، بيروت، ط1، ص 13.

35 ـ بيل أشكروفت وآخرون، الرد بالكتابة : النظرية والتطبيق في المستعمرات القديمة، تر: شهرت العالم، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط1، 2006، ص 254.

36 ـ رولات بارت، النقد والحقيقة، تر: إبراهيم الخطيب، الشركة المغربية للناشرين، الرباط، ط1، 1980، ص52

37 ـ محمد بنيس، كتابة المحو، دار توبقال للنشر،الدار البيضاء، ط1، 1994، ص14.

38 ـ T .Todorov , La littérature en péril, pp34-35.

39 ـ أمبرتو إيكو ، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية ، ص 33.

40 ـ رولان بارت ، النقد والحقيقة ، ص 51.

41 ـ بيل أشكروفيت وآخرون ، الرد بالكتابة، ص 263.

@pour_citer_ce_document

الطاهر رواينية, «المثـاقفة وبلاغـة العـماء»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 10 - 19,
Date Publication Sur Papier : 2009-10-01,
Date Pulication Electronique : 2012-04-07,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=309.