مستويات اللغة من خلال رسائل المجاهدين وبيانات الثورة التحريرية
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°03 Novembre 2005

مستويات اللغة من خلال رسائل المجاهدين وبيانات الثورة التحريرية


pp : 277 - 288

عبد الحميد ختالة
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

في ظل التضييق الشديد الذي مارسته قوات الإستعمار الفرنسي على الثورة التحريرية في الجزائر أصبح من الصعب جدا إيجاد قناة للتواصل بين قيادات الثورة فيما بينها وحتي بينها و بين المواطن، وإضافة إلى انعدام قنوات التواصل العصرية كانت الأداة الوحيدة لذلك هي الرسالة المكتوبة .

1فما هي طبيعة الرسائل واليبانات الثورية ؟ وكيف كانت مستويات الخطاب فيها ؟ أي نوع من لغة الخطاب هيمنت على رسائل المجاهدين ؟ وهل كان الإهتمام باللغة أو بالبلاغ في رسائل جيش التحرير وبياناته ؟ هذه بعض الأسئلة التي أحاول الإجابة عنها من خلال مجموعة رسائل نعتمدها كوثيقة تاريخية للموضوع الذي تناقشة هذه المداخلة .

2لغة الخطاب من خلال رسائل المجاهدين وبيانات الثورة التحريرية .

3            يأخذ الحديث عن اللغة العربية ومكانتها كلغة تحمل كل المقومات الحضارية الكثير من الدلالات . ولعلي- في هذه المداخلة- لن أصيب كبد الحقيقة إن خضت في ذلك . ذلك أن درجة الاختلاف واسعة عندما يتعلق الأمر بنمط التفكير في معالجة القضايا اللغوية،حيث تتباين الطرق والأساليب ، ولكن لن نكون كذلك إذا ما تعلق الأمر بتحديد مستوى اللغة وعناصرها الأساسية التي ميزت استعمالها في الجزائر ، في مرحلة كان الكثير يشكك في أنها أرضا عربية ينبض فيها الدم القومي العربي ، وينطلق لسانها مفتخرا بلغته العربية .

4متحديا هيمنة الإستعمار الذي بقي أكثر من مئة وثلاثين عاما يجرع أبناء هذه الأرض لغة"هيقو" التي لم تكن تْرفض لو خير الجزائري في تعلمها . بل إنها أصبحت لونا من ألوان الشراسة الاستعمارية .

5فهل نجحت الثورة التحريرية في المحافظة على سلامة اللسان والقلم الجزائريين الناطقين بالعربية فخرا وإحياءا لروح العروبة السارية في دماء هذا الوطن ؟

6      ولذلك جاءت هذه المداخلة لتبحث في الاعتناء بجانب من اللغة العربية الفصحى من حيث الاستعمال العفوي غير المتكلف. وهو اللغة التي كتبت بها رسائل المجاهدين وبيانات الثورة التحريرية . حيث في ظل التضييق الشديد الذي مارسته قوات  الإستدمار الفرنسي على الثورة التحريرية في الجزائر  أصبح من الصعب جدا إيجاد قناة للتواصل بين قيادات الثورة التحررية في الجزائر ،فيما بينها وحتى بينها وبين المواطن . فكانت أداة التواصل الوحيدة هي الرسالة المكتوبة .

7من هنا جاء هذا التساؤل في طبيعة الرسائل والبيانات الثورية ؟ وأي نوع من لغة الخطاب هيمن على تلك البيانات ؟ وهل كان الإهتمام باللغة او بالبلاغ في تلك الرسائل ؟

8       عشية إنذلاع الثورة التحريرية كان لزاما على قادة الثورة إيجاد طريقة لتقريب الاتصال بين المجاهدين و قادتهم  في الولايات. فظهرت الرسائل المكتوبة التي يتولى نقلها رجال ،أول ما يمتحن فيهم السرية  التامة و التكتم، حتى  و إن وصل الأمر إلى الاستشهاد. و كم نقل لنا التاريخ  أحداث أشخاص قاموا بابتلاع الرسائل خوفا من أن تقع بين أيدي العدو لما تحمله من أخبار سرية . وقد انقسمت رسائل الثورة إلى أنواع عدة . أحصيت بعضها فيما يلي :

9I – تقارير العمليات الحربية والحملات العسكرية

10       إذا كان من الطبيعي أن تقاس قوة الثورات بإنتصاراتها . فإن لفعالية الجهاز التنظيمي والإداري الدور الكبير في تنسيق النشاطات وتسييرها على النحو الذي يبرز أنها ثورة منظمة وليست جماعة من  المتمردين ، ولقد كان هذا التنظيم المكتبي محكما " فلقيادة القسم مركز بالكتّاب . وهو مركز متنقل كبقية مراكز الثورة وللناحية مركز كتابها الخاصين ، وكذا المنطقة . وأخير الولاية 11)  ، ولعّل ما كان يميز هذا التنظيم المكتبي هو النقص البشري ، لقلة المتعلمين الأكفاء ، والذين كان أغلبهم من حفظة القرآن الكريم .

11كما عملت هذه التنظيمات على استخدام سكان المناطق الجبلية التي كانت معقلا لها ضمانا للسرية.  ويزداد عدد الكتاب على مستوى الناحية والمنطقة ليصل إلى فوج من اثنتي عشر مجاهدا . وتجدر الإشارة هنا إلى  أن هناك من المراكز ما تستعمل اللغة الفرنسية، إلا أن ذلك كان بشكل محدود جدا .

12ومن سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض أنواع التقارير، منها :

13التقرير الإداري للجيش

14//       //  للشعب

15التقرير المالي / العسكري / النظامي

16تقرير نتائج الإخبار .

17تقرير عن الجالية الأوروبية بالجزائر .

18وسأعرض هنا انموذجا من هذه التقارير . كما أشير إلى أن هذه التقارير تختلف عن بعضها البعض بحسب الكاتب وموضوع التقرير : وهذه وثيقة بخيط اليد :

19                                          الحمد لله

20                                        الجمهورية الجزائرية

21جبهة و جيش التحرير                                        ولاية  2 منطقة

22         الوطني                                                  جهة 3 قسم 3

23                                    أعمال عسكرية

24الإشتباك :

25      في يوم 16/08/1960 . وقع اشتياك بين خمسة جنود من جنودنا وجيش العدو . ودام الإشتياك مدة ساعتين . وكانت النتيجة من طرف العدو بـ 12 عسكري قتلا و 9 مجروحين . أما من طرف جنودنا فقد استشهد من الفرقة I   وألقى العدو القبض على عامل آخر و أخذ العدو السلاح من الفرقة I ما ص 06 .

26كمين :

27       في يوم 20-08-1960 قام العدو بتطويق على ستة قرى من دوار رقم 7، وعند وجوعه في الساعة السادسة والربع مساء على دشرة البهلول نصب له نصف فوج من الفرقة 2 والبعض من سعاة البريد كمين  وعند  دخوله في الكمين اطلقوا عليه وابلا من الرصاص فقتلوا سبعة جنود  فرنسيين

28                                                                                                                                                              هذا من جانب العدو أما من جانبنا فقد جرح جندي بجروح  خفيفة وكان هذا بدشرة البهلول دوار باينان بالبعد عن قرية رجاس بـ 20 كم شمال شرقي وقد دامت المعركة 20 دقيقة .

29                                                                                   إدارة القسم 3

30      تُراعي هذه التقارير الحربية في كتابتها نمطا  معينا، حيث تبدأ بالتعريف بالجهة المقررة . ثم تحديد نوع العملية إن كانت ( اشتباك أو كمين أو نصب ألغام ) وبعدها يلجأ صاحب التقرير إلى وصف وقائع العملية وأهم نتائج العملية الحربية

31حيث تتميز هذه التقارير بالاختصار الشديد . فتقتصر على ذكر أهم الأحداث وأهم  النتائج ، متفاديا بذلك التطرق إلى التعليق الشخصي على الأحداث بمدح أو ذم، بقبول أو رفض .

32    وتجدر الإشارة هنا إلى التمييز بين تقارير العمليات الحربية وتقارير الحملات العسكرية . ذلك أن العملية الحربية عادة تكون بين طرفين عسكريين من جنود الإستعمار ومجاهدي جيش التحرير . أما الحملات العسكرية فهي عبارة عن تمشيط عام تقوم به قوات المستعمر في القرى والمداشر بحجّة البحث عن المجاهدين .

33كما أن تقارير المواجهات الحربية تكون مضبوطة النتائج أما الحملات العسكرية فتقاريرها تبقى مفتوحة لتدوين ما يجدّ . هذا ما يجعل الإختلاف  واضحا في لغة تقارير العمليات الحربية، التي تكون لغة موجهة إلى التحديد العددي للنتائج في حين أن لغة تقارير الحملات العسكرية تتميز بالإنشائية والوصف  لما حدث ويحدث .

34  حتى و إن إقتصر الموضوع على نماذج قليلة ،فإن الملاحظ على هذه التقارير أيضا أنها تقترب من حيث طول التراكيب وقصرها إذ تتميز الجملة بالقصر والتكثيف الدلالي، وهذا بالتأكيد يدخل ضمن منهجية كتابة التقارير الحربية .

35II – تقارير التموين والحسابات المالية :

36أما الأنماط الأخرى من التقارير فهي تختلف عن هذه الأولى، باعتبار أنها تخص جانب التموين وتقارير الحسابات المالية والإشتراكات . فقد أحكمت الثورة تنظيم الإشتراكات الفردية لتموين الكفــــاح المسلح . وجعلته واجبا على كل مواطن . وقد كُلّفت لجان خاصة يجمع الأموال المتمثلة في الاشتراكات والتبرعــــات

37والترغيم الذي يمسّ بعض المتقاعسين عن الإسهام في الثورة ولا يملكون عذرا لذلك . حيث تقوم هذه اللّجان بتسجيل أعمالها في قوائم لا يمكن أن نرصد الجانب اللغوي فيها لاعتمادها لغة الأحصاء والأرقام في ذلك .

38في حين يمكن للباحث في هذا المجال  أن يرصد مستوى لغة التواصل من خلال الرسائل التي ترسل إلى أشخاص معينين لحثهم على الإسهام والبذل و نورد كمثال على ذلك هذه الرسالة :

39                 الحمد الله والله أكبر والعزة للجزائر والنصر للمجاهدين

40جيش التحرير الوطني الجزائري                                  جبهة التحرير الوطني الجزائري

41الولاية الأولى  8/05/58                                          المنطقة الأولى

42 قسمة أبي طالب .

43" الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفســــــهم أعظم درجة عند الله و أولائك هم الفائزون"  قران كريم .

44وبعد .

45إلى الأخوة – المواطنين السادات الأخضربن حموبن العشاوي والدرّاجي بن حمو بروبة فإن النظام يطلبكما وبصفتكما جزائريين وتحاكمان و تكافحان على الجزائر بكل ما تملك أيد يكما من عزيز وغال في خدمة القضية المقدّسة وتدعيم منح السعادة للوطن والحرية للشعب .

46أن تسهما بإعانة مالية قدرها ( 12000 ) يوم 13. 05. 58                                                                                    فلكم مني وافر الشكر ومن الله الأجر والثواب .  

47    الناحية الرابعة                                                                       القسمة الثانية .

48       تتميز هذه التقارير بتحديد الفترة الزمنية للاشتراك . مع ذكر أسماء المشتركين وتحديد المبالغ المالية ثم ذكرالهيئة القابضة للاشتراك . هذا ما يجعل هذه التقارير مضبوطة منهجيا حيث يُبتدأ بتحديد الجهة المؤطرة للاشتراك ثم الاستهلال بآية من ألقرآن الكريم . تُعتمد أساسا لتحفيز الهمم واستثارة النفس للبذل . كما تضفي صبغة الشرعية الدينة على قنوات إيداع هذه الأموال التي لا تكون  إلا إسهاما في الثورة وتدعيما للكفاح .

49        نقرأ من خلال هذا الأنموذج المختار كمثال،  لغة تهتم بالرسالة في حد ذاتها أكثر من اهتمامها بالتنميق التركيبي والبلاغي فالأمر يستدعي المباشرة والوضوح؛ مع التركيز على العبارات ذات الشحنة العاطفية  القومية والدينية ، (بصفتكما جزائريين، القضية  المقدسة ،السعادة للوطن والحرية للشعب ) . هذا دون أن نغفل على اهتزاز الجانب النحوي والتركيبي في هذه التقارير التي تتفاوت نسب الأخطاء النحوية فيها . وهذا يرجع كما سبق الذكر إلى مستوى الكاتب . وظروف عمله وإن كانت مثل هذه الدراسة تحتــاج إلى أكبر عدد ممكن من النماذج حتى نقف على المستوى الحقيقي للـــــــغة ،هذه التقارير اهتمامها بالجانب اللغوي الصرفي و البلاغي .

50ندرج تحت هذا النمط من التقارير تلك التي تهتم بأحوال منكوبي الحرب لضبط الخسائر المسجلة في هذا المجال . وتتمير هي الأخرى بهيمنة لغة الأسماء والأرقام وقلة التراكيب التعبيرية .

51III- التعليمات والأوامر :

52          حتّم الظرف الذي عاشته الجزائر في مواجهة أعتي قوة في العالم آنذاك . على تنظيمات الثورة التحريرية الإرتجالية وعدم الانضباط . إذ لم تسمح ظروف الحرب بالتريث من أجل صياغة قوانين وفق نظام  بروتوكولي معين ، وإصدارها بعد المصادقة عليها إلى السلطات والهيئات المكلفة بتنفيذ هذه الأوامر  ولأجل ذلك كانت الحرية المطلقة لكل سلطة في صياغة أوا مرها وتعليماتها على الوجه الذي تقتضيه الحالة لتسيير الهيئات السياسية والعسكرية وكمثال على ذلك نورد هذا الأنموذج لجزء من رسالة موجهة إلى مسؤول اللجان، والتي تُحّدد بعض المفاهيم والغايات :

53                 " و لاتحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون "

54     جيش وجبهة التحرير  الوطني الجزائري .

55   ولاية 1-      منطقة   2    ناحية 4     قسيمة 3

56  من الأعمال التي يتطلبها النظام من مسؤول اللجن .

57الإخلاص في الأعمال لله وللرسول و لـــــلوطن الجزائري المفـــــدى والتجرد من أقوال الوقاحة والأعمال الخبيثة .

58          بحيث يتخلق المناضل بأخلاق الجندي الطاهر الأبي الذكي المؤمن بالحق فوق كل شيء وخدمة الوطن قبل كل شيء .

59تربية الشعب على المبادىء الإسلامية والقوانين الثورية وإنقاذه من الدعايات الاستعمارية التي تتنافي مع أهدافه الوطنية كالمشاركة في الانتخابات والاعتراف بالإطار الفرنسي المرفوض من طرف ممثليه الأحرار أمام الجمعية الأممية

60 السهر على تنظيم الشعب وحمايته من شر الخونة أعوان الإستعمار وإبعاده إبعادا كليا من التجنيد في الجيش الفرنسي . وإرتباطه إرتباطا وديّا متينا بجيشه التحريري الوطني الجزائري المسلم المجاهد بماله ونفسه في سبيل حرية الجزائر واستقلالها .( هناك جزءا من التعليمات )  

61وإذا تعدّى مسؤولو اللجنة هذه الحدود وتغافل عن تطبيق هذا فالنظام يتولي بحثه وإستنطاقه وعقابه كل الجزائريين

62مسؤولون أمام الله والتاريخ على ( الإقتصاد ) وذلك لطرد الخطر عن ( ميزانية )  الجيش وشعبه والسير بهما في طريق التحسن ،وإذا طبقنا هذا كله ودائما نطبق أوا مر النظام ننال حقنا في الحياة ونستبشر بنعمة من الله وفضل ونتفاءل بطلوع شمس الحرية والاستقلال في قطرنا الجزائري الذي من أجله نموت ومن أجله نحيا

63                                             الإمضاء

64                                          المسؤول السياسي   عبد القادر

65                                        المسؤول العام للقسيمة 3                   24/ فيفري / 58

66       وإذا كنا أوردنا هذا الأنموذج من التعليمات،فذلك بقصد الإشارة إلى إختلاف لغته عمّا سبق من التقارير، حيث أظهر هذا النص مدى تمكّن المسؤول السياسي من اللغة العربية الفصحى،إذ تقلّص استعمال العامية في هذه الوثيقة ، كما نلمس جانبا من المنهجية في تقسيم التقرير الذي يمكن أن نحدد جانبه المضموني كمايلي:

67تحديد الجهة الرسمية المشرعة للتعليمات

68تحديد   // المقصودة والموجهة إليها .

69تحديد مواد التعليمة بفقرات محددة ومتفرقة

70اعتماد الألفاظ الصارمة التي توحي بمدى مسؤولية الخطاب وانضباطه، من مثل ( يجب . بأمر . ننذر . ممنوع)

71تجنب تحديد الطرف المعني بالأمر باسمٍ خاص لأن الأحكام تخص المسؤليات بعامة .

72ظهور منهجية  التقديم

73مراعاة نضام المقدمة والعرض  والخاتمة  .

74مراعاة شعور المتلقي باستدراجه من خلال الاعتماد على النص الديني والشعور القومي .

75VI- الرّسائل :

76        شكلت الرسائل الحلقة الوطنية بين أجهزة الثورة، هيئات وأشخاصا فرادى، ومع صعوبة التنقل إلا أن الهيئات الخاصة بالاتصال جنّدت أفردا عرفوا بالمسبّلين وهم غير المنضمين بصفة رسمية إلى صفوف الثورة، و كانوا يسهرون على نقـــل هذه الرسائل  معتمدين في ذلك على السير على الأقــدام وتجنّب الطرق والمسارات المكشوفة لقوات العدو حفاظا على أرواحهم وعلى ما يحملونه في هذه الرسائل من أخبارٍ .

77وقد تميزت هذه الرسائل بمنهجية تكاد تكون موحدة في معضمها، وهي البداية بالتقديم، عرض الوضوع ثم اختيار صيغة الاختتام . كما لم تخلو هذه الرسائل في معضمها من تناقل آخر الأخبار عن العمليات العسكرية وتحركات العدو . حيث يعمد المراسِل بعد الإخبار عن أحواله إلى ذكر أهم ما يجدّ على ساحة  المعارك ،ثم بعد ذلك السؤال عن أحوال المرسل إليه و أجواء الحرب في منطقته . وهي رسائل بين أفراد بأسمائهم أو بين هيئات، أو بين هيئات أشخاص معينين .  وحتى نقترب من هذه الرسائل نختار هذا النموذج :

78                                     الجمهورية الجزائرية

79جبهة وجيش التحرير الوطني

80 هيئة أركان الحرب

81الولاية 3

82              في...  8/3/62

83حضرة الأخ الروحي المساعد سي الطاهر تحية وطنية خالصة وأشواقا حارة ودية وبعد

84إنني في شوق إلى رؤيتك لأني أعتبرك كأعز أبنائي الأوفياء ودائما أسأل كل من يتصل بي عن شأنك وحالتك . ومازلت أتذكر تلك اللحظة التي فارقتني فيها وأعينك الدامعة في ( قادمات ) من  الناحية الثالثة . وذلك عندما ألزمتك شيئا كان أثقل عليك من الحديد وأنا – علم الله – إنما أريد أن تتربى تربية ثورية . وتتكون من مدرسة الثورة كرجل عظيم . وكبطل حكيم تحمي الجزائر العزيزة . وتدافع عنها بأفكارك  ونشاطك . كما دافعت عنها بسلاحك ورشاشك .

85ولدي الرّوحي الشيء الذي أتمناه لك هو التوقيف العلمي والنجاح الدائم ، وأرجوك أن تخبرني عن جميع حالتك الخاصة وحالة الشعب بتلك الجهة التي أنت فيها ، وحالة الجيش بصفة أخص . كما أرجوك أن تكاتبني دائما عما يتجدد من الحوادث في تلك الجهات القريبة منك . وإذا كانت الحالة حسنة هناك فسأتصل بكم إن شاء الله أما حالتي في ناحية الصحة الجسدية لا باس أما من ناحية رجلي فعاطلة لا أستطيع أن أقطع إّلّا مسافة غير طويلة .

86تقبّل في الختام تحياتي الحارّة بلغها إلى كافة المسؤولين هناك وخاصة رئيس الناحية عمي الربيع وجميع الجنود  والشعب . ودمتم مستعدين حازمين

87                            أخوكم  الضابط الثاني

88                                 الشيخ يوسف

89                                    الإمضاء .  

90        تختلف الرسائل من حيث القصر والطول على حسب الغرض بالدرجة الأولى . كما يُعزى الجانب التعبيري إلى المستوى التعليمي لصاحب الرسالة . حيث نلاحظ تقدما في مستوى الإعتماد على فصيح اللغة العربية  مع بقاء انتشار الأخطاء النحوية والإملائية – وهذا بالذات المستوى الحقيقي الذي بلغته اللغة العربية الفصحى في الجزائر في مرحلة الاستعمار . ذلك أن الموضوع الحقيقي الذي يسترسل فيه المتكلم أو الكاتب . هو موضوع الأُنس .

91كما يكون مخاطبا لشخص مأنوس كصديق . وفيه يكثر التخفيف والفصيح وهذا ما يُعرف عند سيبويه بسعة الكلام والاختصار .

92كما نقرأ في هذه التقارير والرسائل ذلك المستوى المأنوس من العربية الفحصى، الذي يمكن استعماله في الحياة  العادية  البعيدة عن التحقيق في التمييز بين همزة القطع وهمزة الوصل .

93وليس في هذا دعوة إلى إخضاع قواعد اللغة العربية الفصحى للعامّي . وهنـــا تجدر الإشارة إلى النظر إلى ذلك المستوى الذي كُتبت به رسائل المجاهدين وتقاريرهم وهم يبحثون عن العربية الفصحى . حتّى إنهم إخشوشنوا في نُطق الفصيح من اللغة العربية بحثا عنها فأخطؤوا الوسيلة و أصابوا الغاية.

94           وإن كانت هذه التقارير والرسائل قد ضمنت سلامة المنهج الذي على وفقه كُتبت، إلاّ أنها كانت تبحث في معظمها على لغة توافق النمط الذي تنظوي تحته في محاولة لإيجاد ما يسمى بالحقول الدلالية فألفاظ الرسائل تختلف عن ألفاظ التقارير بأنواعها وتراكيبها . كما اختلفت لغة التقارير فيما بينها . وهذا ما يُبرز سلامة لغة الخطاب في مجال من الكتابة إبان الثورة التحريرية .

95كما غلبت أساليب الخبر والاستفهام على كل النصوص . وذلك تحقيقا للغابة المرجوة من الرسائل التي تكون عادة سؤالا عن الآخر و إخبارا عن الأنا . وهذا ما يُضفي طابع الوصفية على النصوص، والمباشرة في ولوج الموضوع .

96وما يُمكن أن نصل إليه أخيرا هو أنه إذا  كان كاتب رسائل وتقارير الثورة قد وقع في أخطاء تركيبية ولغوية، إلاّ أنه لم يقع في جريمة التخلّي عن هذه اللغة التي تشكل جزءا كبيرا من هوية الجزائري .

97

Notes

1  

بو طمين جودي الأخضر ، لمحات من ثورة الجزائر . نقلا عن عيسى بن سديرة . استعمال اللغة العربية – إبان الحرب التحريرية الجزائرية

@pour_citer_ce_document

عبد الحميد ختالة, «مستويات اللغة من خلال رسائل المجاهدين وبيانات الثورة التحريرية»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 277 - 288,
Date Publication Sur Papier : 2005-11-01,
Date Pulication Electronique : 2012-05-06,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=420.