خطاب النقد العربي وأسئلة العلاقة مع الآخر وعي التجاوز في خطاب أدونيس
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°09 Octobre 2009

خطاب النقد العربي وأسئلة العلاقة مع الآخر وعي التجاوز في خطاب أدونيس


pp : 45 - 55

وليد بوعديلة
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

في سياق المتغيرات العالمية، وفي ظل التفاعل مـع الآخر في جميع مجالات النشاط البشري، فإن الخطاب النقدي العربي قد انفتح معرفيا ومنهجيا على هذا الآخر، ونقصد بالتحديد الآخر الغربي، ولم يكن هذا الانفتــاح الثقافي بالأمرالجديد على الأمة العربية، لأنـها تفاعلت مع غيرها من الأمم والحضارات، بخاصة في العهد العباسي، حيت تم التفاعل مـع الحضارات الفارسية واليونانية والهندية.

وقد أنجزالزمن القديم مشاريعه وأبدع نصوصه، ومنح للذاكرة الأسمـاء والتجارب والإبــداعات، وكشف لنا الاختلافات في وجهـات النظر وأبعاد التأمل، كما وقع عند التناول العلمي للقرآن وللشعر العربي، وهو ما عرف بصراع واختلاف المذاهب والتوجهات النقدية بين البلاغيين والفلاسفة، أو بين علماء الكلام وأصحاب المذاهب.. فما هو شأن الزمن العربي المعاصر؟.

لا يمكن البحث في قضايا الفكروالثقافة بمعزل عن الحركية الاجتماعية والتاريخية، لأن"الإشكالية التي يتحرك في مدارها فكر ما ليس قوامها ميتافيزيقا معرفية ـ إن جازت العبارة ـ أو هوية معرفية ثابتة، عصية على التحول، وتقع خارج شروط التاريخ، إن التاريخ هو الذي يصنعها على تلك الهيئة، ومع أن تطورها فيه لا ينفي تمتعها بقدر عظيم من التماسك الداخلي والوحدة النظرية المستقرة نسبيا" (1)، و لهذا فإن البحث في جدلية الأنا والآخرلا يتحقق لنا بالعودة إلى جزئيات الموروث أوالتعمق في حركية الحضارة الغربية فحسب، لأن المطلوب هو الربط بين حركية المجتمع العربي الراهن وقيمه الموروثة من جهة، والبحث النقدي في طبيعة الإشكاليات التي تقدمها العودة إلى المرجع أو عملية الحوار مع الآخر في السياق العربي من جهة أخرى، من دون إغفال المجهود التنظيري المحترم للأسلاف.

إشكاليات المرجع والانفتاح على الآخر:

عندما نبحث في الأفكار وحضورها الاجتماعي لا يمكن تجاهل الإسهام الفلسفــي للمفكر مالك بن نبي، لأنه قد جعل من كتاباته حوارا مع المجتمع بطريقة حضارية وفلسفية، يتساءل عن التخلف والتقدم في إطار الفكر والقيم، وقد توصل إلى " أن هناك في الواقع علاقة جدلية بين الأفكار والأحداث الاجتماعية والسياسية في كافة مراحل التاريخ"(2)، وفي هذه العلاقة تتجسد أسئلة المرجع والانفتاح على الآخر، لأنـها أسئلة تفتح فكريا ومعرفيا، وتجد حضورها الاجتماعي والسياسي، وهنا تتداخل الأفكار والبدائل، بين غارق في التراث، أو منبهر بالآخر، أو باحث عن التوسط والاعتدال.

وفي أقصى حالات البحث عن الحداثة والانفتاح على الآخر لم يغب التراث، لأن الاشتغال النقدي على خطابات التنوير والتأويل والتحديث يحتم تقديم الموقف من خطابات التراث والأصول والثوابت، وهكذا "يستمر الحضور القوي لخطاب التراث في داخل خطاب الحداثة، كمشروع يمكن إنجازه أو هو قيد الإنجاز، وقد حاول خطاب الحداثة أن يبحث في التراث عن مراجع وأصول وأفكار لفرضياته، وإن تأثر بثقافة شبه سائدة، تلهمها عناصر فكرية ورمزية وسياسية تنتمي إلى الخارج أو الآخر أو الغرب، وعكست منتجاته أشكالا من الوعي تتوتر بين العلاقة مع الداخل من جهة، والعلاقة مع الخارج من جهة أخرى" (3).

ونؤكد هنا أن التراث لا يتخذ خطا واحدا، فهو متنوع ومتعدد، وقد عرف النقد العربي القديم الكثير من الاختلافات حول الشعر والشعراء، وبرزت أسماء تحافظ على الموروث الشعري وتلتزم بعمود الشعر، كما برزت أسماء رفضت النمطية والجمالية الجاهزة أو تلك الموروثة عن أزمنة سابقة، والمسألة لا تقتصر علــى المستوى الشعري فقط، فهي تشمل الفلسفة والتفسير وغيرهما، لذلك نجد محمد أركون "يدعو إلى الالتزام بمشروع تاريخي لإحياء التراث، لإنقاذ الفكر العربي من قيود الماضي وسجون الحاضر والسلطات الغيبية، ويلاحظ أن كل من حاول أن يميز بين الفكر العربي والفكر الإسلامي مضطر إلى معالجة مشكلة التراث، ويمتد مجال الفكر العربي ـ برأيه ـ إلى ما اكتشفه الفكر الإسلامي من آفاق وأنتجه من آراء ومذاهب وتيارات فكرية في مرحلة التكوين والتدوين الرسمي" (4)، وهي آفاق تعود إلى التفاعل مع حضارات أخرى، وإلى حركية التأليف والترجمة التي نشطت زمن النهوض الثقافي في العهد العباسي الأول.

ومن إشكاليات العودة إلى المرجع ـ التراث ـ والانفتاح على الآخر، نجد إشكالية التساؤل عن حضور التنظير اللساني والشعري في تراثنا، وقد أنجزت الكثير من الأبحاث حول هذا الجانب، كما هو الشأن مع الإسهامات التي قدمها الجاحظ في القضايا اللسانية والبلاغية والأدبية (5)، حيث اهتم بنظرية الكلام ونظرية المنازل الخمسة واللغة واللفظ والمعنى وغيرها، وهذه المجلات تؤكد حرص الجاحظ على العلمية، "فهو يعتمد في كثير من الحالات على التجربة العقلية والممارسة الحقة، لكنه ناشئ بالخصوص عن تصور شامل للكون، ومستمد من معطيات نظرية متمسكة تمسكا غريبا بالقوانيـن الطبيعية" (6). إن البحث الموضوعي في التراث يبعد احتقار الذات أو الشك في المخزون النقدي والإبداعي للتراث، بل إن هذا الفعل المعرفي يمنح الثقة للباحث ويجعله يتجه نحو الآخر من غير نقص فكري أو هشاشة على مستوى التصور، "وإذا كان التواصل المعرفي بين الأجيال والعصور والثقافات قد صار محل إيمان واهتمام ودعوة من العالم الحديث، فإن التواصل مع قلب الأمة ورحم الحضارة وعصرالإبداع والمجد هو الأولى بأن يصير لدى المثقف العربي محل إيمان ودعوة و اهتمام"(7)، قصد تجاوزاللحظة التاريخية المتأزمة نتيجة حركية العولمة وارتفاع أصوات الذوبان في الآخر ونسيان الهويات والمرجعيات. وعندما تحقق التفاعل بصورة قوية في القرن العشرين بدأ النقد العربي يطبق الأدوات الإجرائية الغربية على النصوص العربية، فتحققت الاستفادة من الأدوات الداخل نصية والخارجية، من غير البحث ـ غالبا ـ في الجذور والخلفيات الفلسفية والحضارية التي أنتجت المنهج النقدي، وبعد سنوات من التطبيق بانت العيوب والسلبيات، وارتفعت أصوات الاعتراف بالأزمة النقدية، مثل أزمة المنهج البنيوي، ولم يقتصر هذا الاعتراف من الأنا النقدي فقط، بل إن الآخر كذلك اعترف بالأزمة(8)، لأن هوية النقد البنيوي تجعل من النصّ ـ الإنسان آلة تسلب الذات الإنسانية وتنغلق عن التاريخ والمجتمع عبر الانطواء على البنية اللغوية وعدم التواصل مع السياق الخارجي.

ويفتح الحوار بين الثقافة العربية والغربية سؤال المصطلح، وهو سؤال مهم جدا ضمن الأبحاث النقدية، لأنه يختصر المفاهيم ويمنح القراءة الطابع العلمي، كما "أصبح المصطلح محط اشتغال الكثير من الدارسين، لوعيهم بضرورته في أي علم يراد دراسته، لأن المصطلحات مفاهيم العلوم، فنحن لا نسائل هذه العلوم بقدر ما نسائل أجهزتـها المفاهيمية وقوائمها المصطلحية، فالمصطلح نحيا به فهما ويحيا بنا وضعا" (9).

وهنا بدأت الحركية الترجمية في عملها، وفتح النقاش مجددا عن أسئلة العلاقة مع الغرب، وشمل البحث الترجمي والنقدي مجموعة من المصلحات مثل: التناص، الخطاب، الشعرية، البنية، التلقي..وأخذت الندوات والملتقيات والمجلات والمجامع اللغوية تـهتم بالمصطلح وتقدم البدائل، وظهرت توجهات ترجمية هي المترجم التحصيلي، المترجم التوصيلي، المترجم التأصيلي(10).

لقد تمت العودة البحثية إلى التراث في سياقات مختلة وكثيرة، ونكتفي بالإشارة إلى العودة الباحثة عن السيميائية في التراث العربي، فقد توالت الأبحاث التي تكشف الأسبقية العربية في الحديث عن العلامة (11)، بالعودة إلى كتابات الجاحظ، الجرجاني، الغزالي، ابن سينا،.. وإنا نتساءل هنا: هل ننتظر دائما من الآخر أن يبدع ويبادر بطرح الأفكار والمشاريع النقدية والمصطلحات، لننطلق نحن في البحث داخل تراثنا عن نقاط تشابه أو اقتراب أو حتى سبق نقدي أو مصطلحي في علاقتنا مع البحث الفكري واللغوي و الأدبي  المنجز من الغرب ؟.

هذه بعض الأسئلة التي يواجهها الباحث في الحوارية الثقافية بين الأنا (التراث ـ العرب) والآخر (التراث ـ الحداثة ـ الغرب)، تمتد لتشمل كل أركان الفعل النقدي والممارسة الفكرية، كما يشمل تأثيرها المساحات الاجتماعية المرتبطة بالإنسان العربي، لا الحوار والتفاعل مع الآخر لم يكن في المستويات الاقتصادية فحسب، ومن ثمة كان من الضروري أن نفتح مخابر بحثنا لمساءلة كل الإشكالات وإيجاد الأجوبة في عالم متغير لا يعترف بالثبات والجمود.

الذات، بدائـل التنـظير النقدي :

لا يمكن أن نتجاهل ما قدمه العرب من إسهامات فكرية ونقدية، امتزج فيها اللغوي مع الديني ليشكلا هوية عربية إسلامية، وقد حاول الباحث عبد العزيز حمودة تتبع الآراء والأفكار النقدية العربية في كتابه "المرايا المقعرة، نحو نظرية نقدية عربية"، من خلال البحث في قضايا الحداثة والقطيعة مع التراث، ومحاولة إنجاز حصر معرفي للنظرية اللغوية العربية والنظرية الأدبية العربية.

لقد وجد عبد العزيز حمودة أن التغييرات التي أصابت المجتمع العربي قد فرضت عليه، بل إن التحولات لم تحترم الخصوصية الثقافية، "صحيح أن بعض هذه التحولات عندما جاءت، جاءت تحقيقا لإرهاصات شعبية مسبقة، لكنها لم تتحقق في نـهاية الأمرإلا على يد سلطة سياسية أو عسكرية، بالإضافة إلى أنـها تحولات مستعارة من جماعات تختلف عن تراكيبها الاجتماعية والاقتصادية عن تركيبة مجتمعنا"(12)، وهنا لا يفصل الباحث بين القرارالسياسي وتأثيراته الاجتماعية، ثم إفرازاته الفكرية والأدبية، ويعطينا مثالا عن فتح السوق أمام قوى الإنتاج والاستهلاك أو غلقها أمامها وتوجيه الإنتاج وترشيد الاستهلاك.

ويتجه ـ بعد البحث في الحداثة العربية ـ إلى دراسة التواصل مع التراث، مؤكدا على أن "التحول في اتجاه الحداثة ثم ما بعد الحداثة الغربيتين خلف الفراغ بقدر ما أكده، فشعارالقطيعة المعرفية مع التراث خلف فراغا أدى إلى تبني الفكر الغربي كبديل لملء الفراغ الجديد، وفي الوقت نفسه فإن التحول الحداثي كان يعني خلو الساحة الثقافية العربية من فكر لغوي ونقدي ناضج" (13)، وهو ما يحاول عبد العزيز حمودة نفيه، مقدما النظرية النقدية العربية في أبعادها اللغوية والأدبية.

تتمظهر النظرية اللغوية العربية عبر جملة من الأركان، و" لو استمر العقل العربي في مساره لكان قد استطاع تطوير نظرية لغوية أكثر علمية وأكثر تركيبية من أي نظرية لغوية بلاغية قدمها القرن العشرون في أوروبا و أمريكا، ثم إنه لو أن العقل العربي في بداية عصر النهضة في أوائل القرن العشرين استطاع كما فعل العقل العربي في عصر نـهضته ـ أن يتخطى إنجازات الحضارة اليونانية، لكان العقل العربي قد نجح في تطوير مثل تلك النظرية اللغوية المتكاملة" (14).

و إذا كانت بعض الأصوات البحثية تنفي الابتكار لدى الفعل النقدي واللغوي العربيين، فإن البحث التاريخي والكشف العلمي الموضوعي يخالفان هذه الأصوات، كما أكد على هذه الحقيقة محمد عابد الجابري في سياق دفاعه عن نظرية النظم عند الجرجاني، فالجرجاني"فكّر فيها داخل الحقل البياني، موظفا معطيات هذا الحقل، مستجيبا لاهتماماته، معبرا عن مرحلة من مراحل نموه، نمو الوعي بالذات، أما المنطق اليوناني فلم يكن له أثر في هذه النظرية، بل لقد جاءت هذه النظرية تتويجا لتيار فكري نشأ وتطور وأخذ يتبلور ويتميز من خلال طرح نفسه بما هو أنا عربي إسلامي بديل عن الآخر اليوناني الدخيل" (15).

وكي لا يمتد بنا البحث إلى جزئيات بعيدة عن مقصد هذه الورقة، فإن عبد العزيز حمودة يقدم لنا أركان النظرية اللغوية العربية وهي :

1 ـ اللغة العربية كنظام 2 ـ الكلام واللغة  3 ـ ثنائية اللفظ والمعنى .

وضمن هذه الأركان يتجه حمودة إلى كتابات الجاحظ، القرطاجني، الجرجاني، السكاكي .. وغيرهم .

ويتناول النظرية الأدبية العربية انطلاقا من سؤال جوهري : هل أفرز العقل العربي ـ في أثناء العصر الذهبي للبلاغة العربية ـ نظرية أدبية ؟، وفي سياق البحث في الجذور البلاغية والأدبية العربية نكتشف أزمة المصطلح الناتجة عن تعدده مع تداخل المصطلحات حول المفهوم الواحد، ومع هذا فقد ظهرت دراسات عربية معاصرة تبحث في أسئلة التنظير اللساني والشعري في التراث العربي (16)، وذلك بملاحقة مختلف الإشارات والدلالات التي يحملها المصطلح الواحد. ومن ثمة فإن المجال يطول عندما نفتح أسئلة العلاقة بين العرب والغرب في مجال النقد الأدبي والأبحاث اللغوية والبلاغية وغيرها من مجالات التفاعل في العلوم الإنسانية.

وعندما نعود إلى عبد العزيز حمودة نجده يدرس التفكيرالنقدي العربي تحت عنوان: "النظرية الأدبية العربية" وأركانـها :

1 ـ الأدب بين المحاكاة والإبداع  2 ـ الإبداع باللغة  3 ـ الصدق والكذب  4 ـ السرقات الأدبية/ التناص   5 ـ الموهبة والتقليد    6 ـ الشكل والمضمون.

ويمكن أن نضيف أركانا أخرى تمتد إلى آفاق فلسفية وبلاغية و تبليغية، أسهم فيها الجرجاني، الجاحظ، الفارابي، ابن سينا.. وغيرهم من النقاد والفلاسفة، وقد كانت مباحثهم متسعة في مصطلحاتـها واهتماماتـها، كما هو شأن البحث في المتلقي، حيث "تتجلى المعطيات الأساسية المبينة لمنزلة المتقبل داخل النصّ في بعض الحدود التي وضعها البلاغيون والنقاد القدامى لمفهومين مركزيين في جهازهم الإصطلاحي، وهما مفهوم البلاغة ومفهوم البيان" (17).

لقد بدأت عند العرب حركية بحثية علمية تـهتم بأبعاد العلاقة بين الدراسات الأدبية واللغوية العربية والغربية، كما تنجز قراءة اكتشافية جديدة للموروث، بخاصة في بعده اللغوي، وذات الإشارات إلى الإضافات الموجودة في التراث والممارسات النقدية الموجودة عند الآخر تتجلى في كثير من المواقف العلمية (18).

وكي لا يتسع بحثنا عن جدلية العلاقة بين الأنا والآخر في الخطاب الثقافي العربي، فسنكتفي بخطاب النقد عند أدونيس.

أدونيس، الأنـا والآخـر :

لقد فتح أدونيس أسئلة الأنا والآخر، وبحث في مجمل ما تتوجه إليه من قضايا الفكرو الإبداع، وانطلق من التنوع الثقافي عندما قارب الحداثة، "وينبثق سؤال الحداثة مع أدونيس ليظل على مدى مسيرة كاملة من الوعي والتساؤل، يحاول أن يحلل ويناقش مظاهر هذه التحولات منطلقا من ضرورة النظر إلى الأشياء في سياقاتـها و تجلياتـها، والبحث المستمر عن علاقاتـها بالإنسان في  حركيته النابعة من طبيعة السؤال" (19).

وقبل أن ينطلق أدونيس لبحث مسألة الحداثة في الكتابة العربية، يؤكد على ثلاثة مبادئ (20) :

1 ـ قبل أن نصف كاتبا أو شاعرا بأنه حديث،  يجب أن نتأكد بأنه يعبر عن نفسه وعن علاقته بالآخرين والعالم بلغة أدبية فنية وبطريقة خاصة تميزه.

2 ـ معرفة عميقة ومحيطة للقديم، مع الإدراك بأن صفة القدامة لا تعني بالضرورة التناقض مع القديم.

3 ـ إن صفة الحداثة لا تعني حكما بأفضلية الحديث على القديم، و إنما هي مجرد وصف، فالحداثة سمة فرق لا سمة قيمة.

ومن الأسئلة التي يفتحها أدونيس سؤال الانفصال في محاولات التحديث العربية بين الآداب والفنون وبين الحياة الاجتماعية والسياسية، فكيف تنشأ حداثة أدبية في مجتمع تقليدي من حيث بنياته المادية والفكرية؟. ويندرج هنا كذلك سؤال الفصل العربي بين التشكيلات اللغوية للحداثة وأسسها العقلانية، فنحن العرب "رأينا تجليات الحداثة في ميدان الفنون والآداب، دون أن نرى الأسس النظرية والمبادئ العقلية الكامنة وراءها، ومن هنا غابت عنا دلالاتـها العميقة في الكتابة وفي الحياة على السواء" (21).

لا تعني حداثة أدونيس الإلغاء الجذري للموروث/ الماضي، بل هي استمرار معه، ولا يمكن تجديد اللغة إلا من داخلها، من داخل عبقريتها وجماليتها وخصوصيتها، كما أن أهم شرط للحداثة الشعرية هو معرفة الذات / اللغة / التراث، كما أنه الشرط الأول للعلاقة مع الآخر.

وعند تأمل جملة الأسئلة بين الأنا والآخر في وعي التجاوز عند أدونيس، نجد الاهتمام بالاختلاف بين الحداثة في الغرب والحداثة في المجتمع العربي، ومن نقاط الاختلاف ذكر(22) :

1 ـ نشأت الحداثة في الغرب في تاريخ من التغيرعبرالفلسفة والعلم والتقنية، ونشأت الحداثة العربية في تاريخ من التأويل (علاقة الحياة والفكر بالوحي وبالماضي).

2 ـ الحداثة الغربية مغامرة في المجهول، والعربية عودة إلى المعلوم.

3 ـ الأولى تؤكد على الأنا/ الذات، والثانية تؤكد على النحن / الأمة.

4 ـ الأولى لا مرجعية لها إلا الإبداعية، والثانية قائمة على المرجعية من كل نوع.

5 ـ الأولى تتحرك في عالم لا سيطرة فيه للمقدس وللرموز الدينية، والثانية تعيش في مجتمع لا سيطرة فيه إلا للمؤسسات والرموز الدينية.

ومن هنا فالناقد يذهب بعيدا في كشف النقاط السلبية التي تحاصر محاولات التحديث الأدبي والفكري العربيين، وهو"في كل مرة يدافع فيها عن الحداثة يعتبرها غالبا وهما في مجتمع عربي لم يحسن بعد صياغة سؤاله المعرفي، وأنـها مجرّد تباه أو تمويه، ويعيدنا مرارا إلى النظر في أوهام الحداثة ليعلن أننا لم ندرك بعد حدود حداثتنا"(2)، وذلك لأن الحداثة لا تنشا مصالحة وإنما هجوما، وهي تحتاج إلى مشروع ثقافي حضاري شامل، والحداثة الشعرية العربية محاصرة بنظام معرفي ضد الإبداع أو الإتيان بالجديد، ولا خلاص إلا بتجاوز هذا العائق المعرفي والجهر بتفكيك هذا النظام، ولا يمكن أن ننسى ـ في هذا السياق ـ المجهود الأدبي النقدي الذي قامت به  مجلة شعر، قصد تقديم البدائل الإبداعية والفكرية الجديدة المختلفة عن السائد/ الموروث (24).

كما يبحث أدونيس في مسائل هامة أثناء تناوله للدراسات الحديثة حول التراث، وقد اعتبرها تتحرك في فضاء الأفكار المسبقة الجاهزة، لأنـها تعيد الأسئلة ذاتـها التي فتحت حول الأصول، بل إنـها تعيد الأجوبة كذلك، ومن هنا يتساءل : "إذا كان الأسلاف قرأوا هذه الأصول بطرقهم الخاصة وأفقهم الخاص، وكتبوا قراءاتـهم، أي جسدوها في نتاج فكري، فلماذا نتبنى اليوم قراءتـهم؟، ولماذا يلزمنا نتاجهم؟، أو لماذا لا نقرأ نحن هذه الأصول قراءتنا الخاصة حول اللغة والوحي والنبوة والشريعة والشعر؟، وحول الذات والآخر؟، وحول الأصيل والدخيل؟"(25). وهو يدعو إلى تحديد مستويات جديدة من البحث النقدي من قضايا الأصول، أي مستويات تستجيب للمشكلات المختلفة والعصر المختلف، ليصل إلى أن قراءة الفقهاء للأصول والإشكالات التي تصيب المجتمع ما تزال هي السائدة، بمعنى أن الثقافة العربية السائدة هي ثقافة الفقهاء (السلطة للنصّ لا للرأي).

ولأن الأسئلة حول الأنا والآخر لا تتوقف عند حدود الأدب والفنون فقط، فالناقد يتجه نحو الدين ليصل إلى أن "عدم تحليل الدين (النبوة، الوحي، النصّ) من حيث هو مصدر معرفي ومنهج معرفي ونظام معرفي يهيمن على الوعي العربي وعلى الحياة العربية ..إنما هو إهمال لمادة الفكر الأولى في المجتمع العربي، والفكر الذي لا يفكر في أصله لا قيمة له، و لن يكون إلا قشرة يابسة"(26)، ولا يمكن معرفة قيمة الفكر من دون البحث في تاريخ القيمة الفكرية فيه، ومن ثمة لا مهرب من إقامة دراسة علمية عقلانية لأصول الفكر العربي الإسلامي، برؤية معرفية نقدية، فيها الإبداع لا الجمود، وفيها النقاش الفكري المتنوع والمفتوح، وليس المحدود والمنغلق.

يحرص هذا الناقد الشاعر على محاورة الموروث والبحث في جزئياته، ويرى بأنه "لا يمكن أن تبدأ الثقافة المختلفة إلا بنقد الموروث نقدا جذريا وشاملا، إذ لا يمكن أن نبني ثقافة جديدة إذا لم نخلخل نقديا بنى الثقافة القديمة، دون ذلك تكون الثقافة الجديدة طبقة تتراكم فوق طبقات الثقافة القديمة بحيث تمتصها هذه الأخيرة، ولا تكون لها أية فاعلية"(27)، ويقترب من المفكر مالك بن نبي عندما يحرص على الإبداع الثقافي وسلطة الفكر، فهما ينتجان الإبداع والسلطة في مجالات السياسة والاجتماع، والإبداع هنا لا يعني اجترار الماضي، وإنما هو حركة دائمة واختلاف عن الذات والآخر في الآن ذاته. ويذهب أدونيس إلى أن التراث ليس واحدا، فـ "الماضي الذي يستعاد بوصفه موضع الأصالة ومرجعها إنما هو ماض متعدد، إنه ماضي جماعة معينة، أو نظرة معينة، فلكل ماضيه وتراثه وأصالته، كأن الماضي/ التراث مرآة، وكل يرى فيها صورته وحده، فما تطابق معها هوالأصيل، وما تنافر معها هو الدخيل، والذين يصارعون ويفكرون داخل هذه المرآة هم ـ على الرغم من تباينهم ـ واحد، إنـهم يلغون الحضور بوصفه مستوعبا في الماضي" (29).

ويحرص هذا الناقد على مجموعة من القواعد التي يجب أن تتوفر عند إعادة تقويم الثقافة العربية في جانبها التراثي (29) :

 1 ـ النظر إلى الناتج الثقافي بذاته في معزل عن المنظور الديني العقدي، والنظر إلى الفكرالديني كنتاج ثقافي.

2 ـ ضرورة توفر عامل الحرية، ورفض المؤسسة التي تعتبر الدين إرثا خاصا أو التي تتحدث باسمه.

3 ـ لا قدسية للتراث، فهو حقل ثقافي عمل فيه وأنتج بشر مثلنا.

هكذا ينطلق أدونيس من مرجعية فكرية تحدد مشكلية الحضارة العربية بأنـها مشكلية الوحي/العقل، الدين/الفلسفة، الروح/ الجسد القديم/ المحدث، على المستوى النظري العام، والمضمون/الشكل، أو المعنى/ اللفظ، على المستوى الأدبي الخاص، ويدعو إلى إعادة القراءة لهذا التراث الحضاري الذي أوجد -راهنيا -مشكلة العرب/الغرب، او النبوة/التقنية، ولا حل للتحديث الربي إلا بنقد عميق لهذه المشكلية " وتجاهله أو إهماله أو تأجيله يخفي عجزا إزاء الواقع والتراث معا، نظريا وعمليا، ويعني بالتالي إما استلابا إزاء تراث الشعوب الأخرى وواقعها، وإما إزاء التراث القومي"(30). يكشف أدونيس ـ في سياق العلاقة مع الغرب ـ أن الذات العربية قد صارت تتحرك بين ثقافتين، الأولى عربية محاصرة بالماضي وبالدين، والثانية غربية تقوم على التقدم والتقنية والسيطرة، ومع العولمة ظهرت التماثلية وغاب الاختلاف الثقافي، ليصل إلى رأي متميز حول راهن الثقافة العربية، يقول: "إن هذه الثقافة انتهت، وهي لم تنته لأن أعداء الثقافة هم الذين يهيمنون، بل لأن المجتمع العربي يدير ظهره للمشكلات التي تواجهه، تلك التي طرحتها عليه خصوصا حركية العالم الحديث، والتي هي الجديرة بأن يتساءل حولها و يفكر فيها، لأنـها هي وحدها التي يمكن أن تخرجه من سباته التقليدي، وتفتح له طرقا جديدة لثقافة جديدة وإنسان عربي جديد" (31).

وتمتد أسئلة الأنا والآخر والعلاقة بينهما لدى أدونيس وهي لا تتوقف عند البعد الجمالي والأدبي فقط، وإنما تشمل مساحات عديدة تـهم الإنسان العربي المعاصر، شأن سؤال الحداثة والنهضة العربيتين، وقضايا العقلانية وحرية الإنسان وغيرها من القضايا الهامة (32)، لذلك البحث في رؤى أدونيس يقتضي البحث في مرجعياته ومصادره الثقافية، ومن ثمة البحث في موضوعات كثيرة مثل مفهوم الحداثة، النفس بين الانسحاق والحرية، الموقف من الموت والجنس، الأساطير والعقل، الإلحاد، المصادر التراثية للحداثة، الحداثة والتصوف(33).

ويبقى أدونيس يدعو إلى الانفلات من الصورة الثقافية المهيمنة، سواء أكانت دينية ـ مذهبية، أو عقلانية ـ تقنية، للوصول إلى أقصى محطات التفتح الإنساني بالإبداع، يقول أدونيس بأن التفتح " هو الذي يتيح لنا العلاقة الأكثر جمالا وغنى وإنسانية مع الآخر، ذلك أنه الأكثر قدرة على كشف الذات لذاتـها، وعلى أن  يكشف لها بعدها الآخر، والذات في حاجة إلى هذا البعد، لا لكي تتماهى وحسب، وإنما لكي تتفردن أيضا في الوقت ذاته" (34).

         تحتاج تأملات وآراء أدونيس إلى وقفات كثيرة، لكي يكون بالإمكان القبض على مفاتيح أسئلتها، بخاصة وهي أسئلة تنتقل عبر الأزمنة والأمكنة، ومن ثمة بين الفضاءات الدينية والفكرية والأدبية وغيرها للحضارتين العربية والغربية.

هي أسئلة تمنح الفكر خصوبة، وتجعل الوعي منفتحا متقبلا للآخر، يحاوره من غير انبهار ويتأمل ذاته التراثية من غير احتقار، مع ضرورة الحفاظ على الاختلاف، والاعتراف بإمكانية العقل والتأويل، وإبعاد القيود والسلطات التي إن دخلت الميدان الإبداعي خنقته بجدران تصوراتـها وغلقت عليه داخل الماضي والثبات، لذلك وجدنا أدونيس باحثا عن حوارمعرفي عقلاني مع الأصول أوالمنجز الأدبي/ الفكري باعتباره منجزا ـ قراءة إنسانيا، وليس سلطة لاهوتية أو سياسية.

هوامــش:

1 ـ عبد الإله بلقزيز، إشكالية المرجع في الفكر العربي المعاصر، دار المنتخب العربية، لبنان، ط1، 1992، ص 14

2 ـ مالك بن نبي، من أجل التغيير، دار الفكر، دمشق، 1995، ص13.

3 ـ مصطفى خضر، النقد والخطاب (محاولة قراءة في مراجعة نقدية عربية معاصرة)، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2001، ص89.

4 ـ المرجع نفسه، ص94.

5 ـ انظر : محمد الصغير بناني، النظريات اللسانية البلاغية والأدبية عند الجاحظ من خلال البيان والتبيين، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994.

6 ـ المرجع نفسه، ص402.

7 ـ عبد الملك بومنجل : الثابت والمتحول في نظرية عمود الشعر، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة، عدد5،2005، ص381.

8 ـ انظر : بشير تاوريرت، اعترافات النقاد الغربيين والعرب المعاصرين بأزمة البنيوية، مجلة علامات في النقد، م 11، ج 58، النادي الأدبي الثقافي بجدة ، أكتوبر2005، ص154.

9 ـ عبد الحق بلعابد، قصد رفع قلق المصطلح النقدي، مجلة علامات في النقد، م س ، ص178.

10 ـ المرجع نفسه، ص185 و ما بعدها.

11 ـ انظر : عبد الله بوخلخال، مصطلح السيميائية في البحث اللساني العربي الحديث، أعمال ملتقى السيميائية والنص الأدبي، جامعة عنابة، ماي1995، ص62 وما بعدها.

                قادة عقاق، ملامح الدرس السيميائي في الموروث العربي الفكري واللغوي، أعمال ملتقى السيمياء والنص الأدبي، جامعة بسكرة، نوفمبر2000، ص107 وما بعدها .

12 ـ عبد العزيز حمودة، المرايا المقعرة نحو نظرية عربية نقدية، المجلس الوطني للثقافة والفنون، الكويت، 2001، ص23

13 ـ المرجع نفسه، ص195.

14 ـ المرجع نفسه، ص200.

15 ـ محمد عابد الجابري، اللفظ والمعنى في البيان العربي، مجلة فصول، عدد1، م 6، ديسمبر1985، ص40.

16 ـ عبد السلام المسدي، النظرية اللسانية والشعرية في التراث العربي من خلال النصوص، الدار التونسية للنشر، 1988.

17 ـ شكري المبخوت، المتقبل الضمني في التراث النقدي، مجلة الحياة الثقافية، تونس عدد52، 1989، ص48.

18 ـ انظر : محمد فهمي حجازي، علم اللغة بين التراث والمناهج الحديثة، وعبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، أحمد درويش، التراث النقدي (قضايا نصوص).

19 ـ خيرة حمر العين، أدونيس، حداثة النقد أم نقد الحداثة، مجلة فصول، م 16، عدد2، مصر، خريف1997، ص142

20 ـ أدونيس، النص القرآني وآفاق الكتابة، دار الآداب، بيروت، ط1، 1993، ص92.

21 ـ المرجع نفسه، ص94.

22 ـ المرجع نفسه، ص105.

23 ـ خيرة حمر العين، أدونيس حداثة النقد أم نقد الحداثة، ص142.

24 ـ انظر : السعيد بوسقطة وحسن مزدور، حركة مجلة شعر وإشكالية المشروع الحداثي، منشورات مخبر الأدب العام والمقارن، جامعة عنابة، 2005.

25 ـ أدونيس، كلام البدايات، دار الآداب، بيروت ، ط1، 1998 ، ص134.

26 ـ المرجع نفسه، ص136.

27 ـ أمينة غصن، هوية أدونيس السرية، مجلة فصول، مرجع سابق، ص194.

28 ـ أدونيس، كلام البدايات، ص141.

29 ـ أدونيس، الثابت والمتحول (بحث في التباع والإبداع عند العرب ج3)، دار العودة، لبنان، ط4، 1984، ص277.

30 ـ المرجع نفسه، ص262.

31 ـ أدونيس، النظام والكلام، دار الآداب، بيروت، ط1، 1993، ص65.

32 ـ انظر : جمال شحيد ووليد قصاب، خطاب الحداثة في الأدب (الأصول والمرجعية)، دار الفكر، سوريا، ط1. 2005 .

33 ـ انظر : عدنان حسين قاسم، الإبداع ومصادره الثقافية عند أدونيس، مكتبة الفلاح، الكويت ،ط1، 1991 .

34 ـ أدونيس، كلام البدايات .

@pour_citer_ce_document

وليد بوعديلة, «خطاب النقد العربي وأسئلة العلاقة مع الآخر وعي التجاوز في خطاب أدونيس»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 45 - 55,
Date Publication Sur Papier : 2009-10-01,
Date Pulication Electronique : 2012-05-07,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=430.