دراسة التصورات الاجتماعية للكتابات الجدارية في المجتمع الجزائري دراسة مستحدثة وم...
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°14 Juin 2011

دراسة التصورات الاجتماعية للكتابات الجدارية في المجتمع الجزائري دراسة مستحدثة وم...


نـورة عامـر
  • resume:Ar
  • resume
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يهدف هذا البحث إلى دراسة ظاهرة " الكتابات الجدارية أو الحائطية" في المجتمع الجزائري، وذلك عبر مقاربة سوسيو- ثقافية وهي مقاربة التصورات الاجتماعية. وقد تطرقت الباحثة  لدراسة هذه الظاهرة انطلاقا من  فرضية عامة: مفادها أن هذه الكتابات الحائطية أو ما يعرف باسم  "les graffitis" إنما هي تجسيد لعنف رمزي (ضمني) موجه لكل شرائح المجتمع، منتهجة في ذلك تقنية بحث جديدة في مجال التصورات الاجتماعية؛ وهي تقنية شبكة التداعيات " le réseau d’association  ".

Cette étude a pour but, c’est le phénomene des graffitis dans la société algérienne, a travers une approche socioculturelle, telle que les représentations sociales.

Essor d’une hypothèse générale consiste la violence symbolique contre la société, à l’aide d’une nouvelle technique qui s’appelle « réseau d’association »

مقدمـة:

        شهد العالم ولازال ظاهرة العنف بكل أشكالها وأنماطها، وعلى اختلاف مسبباتها اختلفت آثارها البارزة جدا على شرائح المجتمعات وبنياتها سواء كان عنفا مباشرا أو مكنونا وغير مباشر، وإن كان الأول قد حظي باهتمام الدارسين لظاهرة العنف عموما،

فإن الثاني لم يكن له الحظ الوفير، لذا تأتي دراستنا هذه مركزة على العنف اللامباشر أو كما يسمى العنف الرمزي الذي يستتر خلف أقنعة خطيرة تشكل صلب محتواه وهدفه المنشود طبعا وهو إلحاق الأذى بالآخرين، على اختلاف أشكال الظواهر الممارس من خلالها.

        والجزائر على غرار بقية دول العالم تشكو هي الأخرى أشكال العنف الرمزي المتعددة والتي من بينها ما يسمى" الكتابات الجدارية أو الحائطية" التي وأن اختلفت تقنياتها ووسائلها تبعا لنمط التطور السائد في كل بلد إلا أن نتائجها وآثارها كانت ولازالت مخيبة للآمال ومدمرة للكيان الحضاري للبلاد وللقيم والمعايير الإنسانية، وان كانت هناك جهات معينة تدافع عن أصحاب هذه الجداريات وعن مؤيديها على اعتبار أن هذه الكتابات الجدارية إنما هي حق مشروع للمطالبة بحقوق مهضومة أو للإدلاء بوجهات نظر من المحظور البوح بها أو أنها تنفيس عن أفكار ومكبوتات مقهورة ولها الحق في إخراجها إلى الساحة العامة أو الرأي العام.

        لكننا وكباحثين نرى أن هذه الظاهرة وإن اختلف الرأي العام والخاص على مشروعيتها، إلا أنها تشكل في فحواها عنفا رمزيا موجها لكل شرائح المجتمع، لأنها تشوه جماليات المحيط (واجهات العمارات والشوارع)، وتسيئ إلى نفسية المواطن وتثير حفيظته لما تحتويه من عبارات الكلام البذيء وأساليب السب والشتم، ناهيك عن الرسومات البغيضة ذات الدلالات السيئة والعنيفة والتي تمس المجتمع برمته على اختلاف توجهاته السياسية وحتى العقائدية.

        وانطلاقا من هذه الفرضية فإن الباحثة عمدت إلى دراسة موضوع الكتابات الجدارية كواحدة من أهم الظواهر المجسدة للعنف الرمزي لكن من منظور علم النفس الاجتماعي وبالضبط من باب التصورات الاجتماعية، وليس من باب التحليل النفسي.

إشكالية الدراسة:

الثابت أن العنف لا يصدر عن عامل واحد منفرد، وأن حدوده لا تنحصر عند شخص بعينه، بل أصبح ظاهرة معقدة الدواعي والأبعاد، وبالمثل تبدو تجلياته في مظاهره العديدة التي ليست إلا تعبيرا عن أنماط من السلوك الهدام لا محالة لكل ما بناه الإنسان وشيده من إنجازات عظيمة، فأتى عليها العنف من حروب ودمار مخلفا الآثار العميقة التي لا تمحى على الشعوب كلها الفائز منها والخاسر، لكننا لسنا بصدد الكلام عن هذا النمط من العنف الذي لقي اهتماما واسعا من قبل الباحثين، وإنما نود التركيز على الشكل الآخر من العنف المستتر أو بالأحرى العنف الرمزي الذي راح يرسل بخيوطه الأولى في صلب كيان المجتمعات برمتها، فيضرب بنائها ويهدم استقرارها، وما نقصده هنا تلك الأشكال العديدة والخفية التي يستتر خلفها العنف الرمزي والتي لا تقل أهمية عن الوجه المعلن، بل قد يكون تحليل هذا النوع من العنف اللامباشر ضرورة قصوى وحتمية منطقية للفهم العام لظاهرة العنف كاملة. وبحديثنا هذا إنما نود التركيز على إحدى مظاهر العنف الرمزي التي اتخذت من الكتابات الجدارية فضاء يشهر فيه فاعلوه عنفهم ضد المجتمع وبيئته جملة لا تفصيلا، وإن اختلفت الآراء أو بالأحرى التصورات الاجتماعية حوله، إلا أنه يشكل محور نقاش فعال آني سواء في الدول الغربية أو العربية، وأن كانت هذه الظاهرة تعتبر دخيلة على المجتمع الجزائري مثلما هو الشأن لبقية الدول العربية، حيث لم تلق الاهتمام الكافي و اللائق بها لخطورة فحواها وأبعادها المترامية الأطراف، و المؤذية في مجملها لكل شرائح المجتمع، عكس ما هي عليه في الدول الغربية أين كانت بدايتها تقريبا في الستينيات، وبعد التطورات الهائلة التي شهدتها منذ ذلك الوقت سلكت حاليا منحنيات أخرى، ربما تدعى بالمسارات الفنية للكتابات الجدارية.

إن الكتابات الجدارية ومهما كان الهدف منها؛ سواء المطالبة بالحقوق المهضومة، أو أسلوب تعبير أو رفض للواقع المعاش، أو فرصة سانحة للانتقام ورد الاعتبار، فإنها في مجملها أسلوب عنف يعمد فاعلوه إشهاره في وجه العامة عبر ما يكتبونه ويرسمونه بوضوح أو بغموض مفضلين هذا الأسلوب على الظهور علنا، ومؤثرين الرموز الجدارية للتخفي على نشاط ممنوع قانونيا واجتماعيا.

إن تلك الرموز إنما تدين الحكومات وتشتم الدساتير وتنتهك الأخلاقيات والمباديء، وتهين الكرامة والكبرياء، فمن منا لا تخدش قيمه و أحاسيسه وهو يقرأ رموزا وإشارات بذيئة في مجملها باختلاف مواضيعها و أماكن تواجدها.

ورغم كل هذا الحيز الذي تشغله هذه الظاهرة من خطورة وقوة انتشار إلا أنها لم تحظ بالبحث والتنقيب كسائر أنماط العنف الأخرى، لذا عمدت الباحثة على دراسة هذه الظاهرة دراسة عميقة تسمح بفهم عمق هذه الكتابات ومعرفة مدى أبعادها، وكذا مقارنها ولو مبدئيا ببقية الدول الأخرى العربية منها والغربية ولكن من منظور التصورات الاجتماعية، وكنمط من أنماط العنف الرمزي.

وانطلاقا من كل هذه النقاط جاءت دراسة الباحثة منصبة حول عدد من التساؤلات وهي:

1/ ماهي الكتابات الجدارية؟ وماهي جذورها التاريخية وأبعادها؟

2/ ما موقع العنف الرمزي ضمن قائمة بقية التفسيرات أو بالأحرى التصورات الاجتماعية؟

3/ ما مدى تمركز هذه الظاهرة وتغلغلها في المجتمع الجزائري؟

لتنتهي الباحثة إلى التساؤل الرئيسي للبحث وهو:

-ماهـي جملـة التصـورات الاجتماعيـة لظاهرة الكتابـات الجداريـة؟

أهميـةالدراسـة:

        يستمد موضوع التصورات الاجتماعية للعنف الرمزي من خلال الكتابات الجدارية أهميته العلمية بالنظر إلى الدراسات العلمية الجادة سواء على المستوى المحلي أو حتى العربي، وإن كان ما وجد منها ليس إلا محاولات بسيطة لإعادة ذكر تلك العبارات المترامية على الجدران مع محاولة تفسيرها أو حتى ترجمتها من منظور نفسي أو تحليلي، لذا جاءت دراسة الباحثة هذه لمعرفة محتوى التصورات الاجتماعية حول هذه الكتابات الجدارية انطلاقا من فرضية العنف الرمزي.

        كما تستمد هذه الدراسة أهميتها بالنظر إلى الموقع الجوهري الذي تحتله التصورات ضمن البحوث النفسية والاجتماعية وحتى الانثروبولوجية، فلطالما كانت جل المواضيع يتم دراستها عن طريق الاتجاهات والآراء، وإن كانت في محتواها نفسية وتربوية محضة، أما موضوع التصورات الاجتماعية فهو الأوسع و الأشمل  نظرا لإلمامه بمعظم البحوث ولاسيما في مجال علم النفس الاجتماعي، وإن كان حسب رأينا هو الأنسب لدراسة هذا الموضوع.

        كما ترجع أهمية هذا الموضوع إلى الموقع الجوهري الذي يحتله كظاهرة يجمع على تواجدها وانتشارها عامة الناس من خاصتهم، وكذا بسبب جذبها للأنظار، واختلاف التصورات حولها وهذا هو هدف البحث.

أهـداف الدراسـة:

        جاءت دراسة الباحثة لموضوع التصورات الاجتماعية للعنف الرمزي من خلال الكتابات الجدارية بغية تحقيق عدة أهداف علمية والتي يمكن إيجازها فيما يلي:

* إن الهدف الأول من هذه الدراسة هو التعرف والتنقيب أكثر على ظاهرة الكتابات الجدارية أو الحائطية؛ على اعتبارها ظاهرة مهمة ومنتشرة في المجتمع الجزائري و العربي.

 *أماالهدف الثاني فكان بغية إشباع جزء من الفضول العلمي حول معرفة إبعاد هذه الظاهرة وحتى جذورها التاريخية، وقد كانت للباحثة متعة البحث في هذا المجال سواء التنقيب عن تاريخها في الجزائر أو عند العرب وحتى على المستوى العالمي، وجل ما استطاعت الباحثة الخروج به هو سخاء الحياة الاجتماعية منذ القدم بهذه الكتابات و الرسومات الجدارية باختلاف أدواتها ( من الوسائل البدائية إلى التقنيات الأكثر حداثة وتكنولوجية).

* أما الهدف الثالث فتمحور حول إمكانية إيجاد وسائط بين المتغيرات وبالضبط بين متغير العنف الرمزي ومتغير الكتابات الجدارية ( وقد تم تحقيق ذلك من خلال تقنية البحث ).

الهدف الرابع كان سعي الباحثة في محاولة جادة منها لمعرفة رأي الساحة الجزائرية أو بالأحر معرفة التصورات الاجتماعية حول الكتابات الجدارية، وما هي جملة المضامين التي تحويها ضمن رموزها؟.

آخر الأهداف المنشودة هي محاولة الإجابة عن تساؤلات الإشكالية ومن ثمة إثبات أو نفي فرضيات البحث.

فرضيات الدراسة:

تبعالجملة التساؤلات الواردة في إشكالية البحث، حاولت الباحثة تجميع محتويات البحث في فرضية واحدة وهي عامة وشاملة لعدة أسباب:

-       حداثة الموضوع:لا توجد دراسات سابقة لموضوع الكتابات الجدارية من خلال التصورات الاجتماعية، بحث أن ما وجد ليس سوى إعادة ذكر العبارات والرموز المكتوبة على الجدران.

-       حداثة أداة البحث:حيث لا توجد دراسات سابقة استعملت فيها تقنية البحث في مجال التصورات وهي تقنية "شبكة التداعيات" في أي موضوع كان.

وتبعا لكل ذلك عمدت الباحثة على إرساء قاعدة قوية ومتينة لاسيما من حيث تثمين الجانب النظري للموضوع بكل فصوله ( فصل العنف الرمزي، وفصل الكتابات الجدارية، وفصل التصورات الاجتماعية)، وكذا إرساء قاعدة قوية أيضا من حيث الجانب التطبيقي من خلال تقنية "شبكة التداعيات".

وعليهجاءت فرضية الدراسة على النحو التالي:

·                توجد تصورات اجتماعية للعنف الرمزي من خلال الكتابات الجدارية.

الخلفية النظرية:

-1- التصورات الاجتماعية:يعتبر هذا المفهوم قديم قدم علم النفس وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا،لكنه ظل طي النسيان زمنا ثم أعيد التطرق إليه من قبل الباحث" سارج موسكوفيسكي"،  الذي يرى بأن التصورات الاجتماعية هي:" تقريبا وقائع ملموسة، وهي تدور وتتقاطع وتتبلور دون توقف، عبر الاحتكاك والكلام في حياتنا اليومية" (1).

ومعنى ذلك أنها مجموعة من الأفكار التي يشترك فيها أفراد المجتمع فيما بينهم حول مواضيع حياتية عامة تتناقل عبر الاحتكاك من خلال اللغة. كما أنها:" نظام من القيم والمفاهيم والممارسات المتعلقة بمواضيع، ومظاهر و أبعاد الوسط الاجتماعي التي لا تسمح فقط بتثبيت أطر الحياة وإنما كوسيلة لتوجيه وإدراك الوضعيات وبناء الاستجابات..."(2).وهذا يعني أنها أفكار تنتقل بين أفراد المجتمع وتساهم في غرسا قيم واعتبارات تبني المجتمع(3).

إن التصورات الاجتماعية تعتبر كأداة مهمة لجمع المعلومات أو أوفر وأكثر وبطريقةأعمق لأنها أشمل من موضوع الآراء والاتجاهات الاعتيادية لذلك فإن العمل بطريقة التصورات الاجتماعية كأسلوب أو كأداة تقصي بحثي صعب جدا التحكم فيه وبالضبط في نتائجه، غير أن التقنيات المعمول بها ضمن هذا المفهوم تطورت بدرجة كبيرة جدا في الدول الغربية فاجتازت استعمال الاستمارة والتداعي الحر وغيره من الطرق المعروفة، واتخذت منحنيات أخرى مثل نظرية النواة المركزية والعوامل الطائفية(4) وهي التقنية التي عمدت الباحثة إلى استعمالها في هذا البحث.

-2- العنف الرمزي: هو أحد أشكالالعنف ويسمى بالعنف الغير مباشر أو العنف الخفي أو المقنع، وهذا النوع لا يكون بشكل صريح ومباشر وإنما بشكل ضمني وخفي (5)ويعرفه" Pierre Bourdieu"وهو احد كبار مفكري العصر الحديث بأنه:"كل نفوذ أو سلطة  تأتي من خلال طرح جملة من الدلالات التي تفرض وتحمل في معانيها الشرعية لكتم وإخفاء تقارير القوة والتي هي في حد ذاتها أساس ومنبع لتلك القوة " (6).

أي أن العنف الرمزي يظهر عبر دلالات يتضمنها رمزيا وهاته الأخيرة يقصد بها فاعلوها المطالبة بشرعية الحقوق وبشرعية ممارسة هذا العنف مثلما هو ممارس عليهم وبشكل علني لذا يستعملون هذا النمط من العنف كرد اعتبار لإنسانيتهم، فهو لغة التخاطب الأخيرة الممكنة مع الواقع ومع الآخرين، حيث يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي..."(7).

وفي نفس السياق يضيف الباحث :"بيار بورديو" : "إن العنف الرمزي هو ذلك العنف الذي ينجح في فرض دلالات معينة، ووصفها دلالات ذات شرعية، بحيث يضيف قوته الذاتية المتخصصة ذات الطابع الرمزي المخصص( المميز) " (8). كما أن العنف الرمزي هو عنف نفسي و استبدادي يترجم بفرض القوة و السلطة على أشخاص آخرين (9)، و مما سبق يتضح لنا بأن العنف الرمزي يتصف ب:

* انه كسائر أنماط العنف هدفه إلحاق الأذى و الضرر بالغير.

*ذو تأثير كبير استنادا إلى طريقته و جملة الرموز العنيفة و المعاني السيئة التي تحملها.

*يهدف إلى فرض سلطة ونفوذ وبطريقة احتيالية و استبدادية، فهو يتصف بالا مشروعية(10).

إن مفهوم العنف الرمزي لا يمكن أن يتضح جليا إلا بالعودة إلى دراسة مسبباته التي هي بدرجة كبيرة اجتماعية وحتى سياسية.

فهو كما عرفه الدكتور: "عاطف عدلي عبد العبيد":" بأنه صورة من التفاعل الإنساني، يؤدي إلى الأذى الذي يصيب الجسد أو النفس أو كلاهما..." (11).

-3-الكتابات الجدارية:تسمى كذلك بالرسومات الجداريةأو الحائطية مهما كان نوعها ومكانها وتجمع فيهاالكلمات بالكتابة والرسم. في اللغة الأجنبية تسمى les Graffitis  وعرب هذا المصطلح فنجده على صفحات الانترنت"غرافيتي" نسبة إلى كلمة graffأي الكتابة أو الرسم على الجدار وكذلك نجد منهم "les tags" وتعني الحفر أو النقش على الجدار(12).

إن الكتابات أو الرسومات الجدارية هي ظاهرة عامة تشمل المجال الإنساني كافة، وكانت بدائية وبسيطة في محتواها وأدواتها وبالتالي آدائها، ثم تطورت مع تطور الحياة فمن النقش والرسم على الكهوف كما في "جبال التاسيلي" التي يعود تاريخها إلى عشرون ألف سنة مضت، وأين تحتوي رسومات منقوشة لمخلوقات بشرية طائرة، وكذا جدران كهوف "لاسكو" الفرنسية التي تعود إلى 16500 سنة خلت إلى تدوينها على الألواح والرقم الحجري(13)، أين نجد أول كتابة عربية كانت للملك "كليب" أو "وائل بن ربيعة" بعدما قتل غيلة فكتب بدمه على صخرة "سالم لا تصالح" يوصيه بالثأر، وهذا لأن العرب كانت طبيعة بيوتهم الخيام وليست بنايات، ثم تلت تلك الحادثة حوادث أخرى لتصبح الكتابات على الجدران إسمنتية كما هو الحال عند العرب حاليا بأدوات بسيطة تتمثل في فرش الطلاء وربما بالفحم، أما عند الأوروبيين والأمريكيين فقد خطت خطوات عملاقة أين صارت تمارس على الواجهات الزجاجية تبعا لحضارتهم العمرانية(14)، بل وأخذت عدة منحنيات فنية يطالب فيها فاعلوها بتكوين جماعات للمطالبة بحقوقهم والدفاع عن كيانهم، في حين حوربت هذه الظاهرة طويلا من قبل السلطات، لكن بالمقابل برزت العديد من الجمعيات المساندة لفئة النقاشين والمدافعة عنهم، ورغم كل ذلك تعمل السلطات جاهدة لتقنين هذه الظاهرة والتخفيف  من عبء العنف الرمزي المنجر عنها.

وانطلاقا من النقاط الثلاثة للمحتوى النظري: التصورات والعنف والكتابات، جاءت خطة الباحثة بأن تدرس الكتابات الجدارية في الجزائر من خلال التصورات الاجتماعية كعنف رمزي موجه إزاء المجتمع برمته.

تصميم الدراسة وإجراءات البحث:

لقد تركز عمل بحثنا هذا على:

1/ أخذ مجموع من الصور المنتشرة في الأحياء الشعبية منها وحتى الراقية في مجموعة من ولايات الشرق الجزائري آخذين بعين الاعتبار عدم تكرر موضوع الصورة وإبعادها وقد كانت حوالي 26 صورة

2/ عرض تلك الصور على عينة عشوائية كانت عددها 15حالة, على اعتبار أن التصورات هي مجموعة الأفكار المهيأة والمقسمة اجتماعيا بين أفراد المجتمع(ليست عينتنا هي 15 فرد).

3/ استخراج عدد من العبارات تبعا لنمط تقنية التصورات وكان العدد 186 عبارة( وهذه هي عينتنا).

4/ العمل بتقنية الباحثة(15)Anna maria Silvana de Rosaالخاصة بتطبيق شبكة التداعيات.

مجتمع الدراسة:

 بالنسبة لهذه الخطوة فقد مر بحثنا بعدة خطوات كانت أولاها هي الخروج إلى الشوارع والواجهات "الجزائرية" والتقاط صور محتواها الكتابات والرسومات الجدارية وقد كانت في عدة ولايات بالشرق الجزائري، ارتأت الباحثة خلالها عدم تكرار فحوى مواضيع الصور وعليه كان مجموع هذه الأخيرة 26 صورة لمواضيع حساسة ومهمة على الصعيد النفسي والاجتماعي وحتى البعد الثقافي لهذه الأخيرة ومن يزاولها.

أما الخطوة الموالية فكانت نسخ تلك الصور وعرضها على مجموعة من الأفراد بشكل قصدي من حيث الجنس والمستوى وذلك تمهيدا لتحليلات لاحقة، وعلى العموم فان هذه التقنية " شبكة التداعيات " هي في حد ذاتها تهدف إلى معرفة التصورات الأكثر شيوعا، وبالتالي الأكثر انتشارا في المجتمع دون مراعاة لطبقية الأفراد وعليه تم تطبيق هذه التقنية على 15 حالة بعد عرض مجموعة الصور عليهم للإلمام بالموضوع أكثر.

        وهكذا يمكننا القول إن مجتمع الدراسة هو 15 فرد أو حالة، وليست الصور في حد ذاتها لان عملنا سيقوم على معرفة تصورات الحالات للموضوع وليس تحليل نفسي أو عيادي لمضامين الصور.

منهجية الدراسة:

استعملت الباحثة المنهج الوصفي كما وكيفا كأحسن منهج مجسد للدراسة غير إننا لم نسلك النمط السابق وإنما وبمحاولة اجتهاد بسيطة منا طبقنا تقنية جديدة سبق وان استعملت في الدول الغربية، بينما لم تسبق في الوطن العربي, إنها وبكل بساطة تقنية " شبكة التداعيات "le réseau d’associationوسنأتي على شرحها لاحقا. 

أدوات الدراسة: بعد تحديد مجتمع الدراسة والمنهج فان الأداة الرئيسية للبحث وتتجسد في تقنية " شبكة التداعيات " عبر مراحلها الأربعة الرئيسية والمتمثلة في ما يلي :

1/ تهدف إلى معرفة محتوى وبنية المجال الدلالي للكلمات المتداعية.

2/ترتيب ظهور الكلمات.

3/ترتيب أهمية الكلمات.

4/تحديد المؤشرات الثلاث النمطية والقطبية والأحادية، ولان هذه التقنية ترتكز على منبه رئيسي والذي عادة يكون عبارة عن صورة أو كلمة أو رمز أو غير، ذلك فان الباحثة اعتمدت عرض صورة "معبرة" ومجسدة لمضامين الكتابات والرسومات الجدارية وعليه سنأتي إلى ذكر النتائج التالية:

عرض النتائج:

 1/ تم عرض الصور وتطبيق التقنية بمراحلها على 15 حالة وكان عدد الكلمات المتداعية لكل حالة كما يلي:

الحالة الأولى: 18.  الحالة الثانية: 14.    الحالة الثـالثة: 18.

الحالة الرابعة: 17.  الحالة الخامسة: 25. الحالة السادسة: 10.                        الحـالة السابعة:07.     الحالة الثامنة: 09.          الحـالة التـاسعة:06.          الحالة العاشرة:09 الحالةالحاديةعشر:09. الحالةالثانية عشر:12.

الحالة الثالثة عشر: 08.الحالة الرابعة عشر: 12 الحالة الخامسة عشر: 12.

2/ ثم توزيع العبارات حسب المعنى السوسيولوجي لها وتجميعها في محاور أساسية لأنه صعب العمل مع 186 عبارة، وعليه تم تجميعها في 15 محور محافظين من خلالها على معنى العبارات ومحتواها الدلالي، وكانت المحاور كالتالي:



المـحاور

مجموع عدد تكرار العبارات /186

01

العنــف

28

02

المعاناة النفسية

24

03

مشاكل عاطفية

21

04

مشاكل عائلية

20

05

مشاكل اجتماعية

20

06

التأثر بالثقافة الغربية والهجرة

18

07

انحرافات سلوكية

17

08

تعبير عن الذات وإثباتها

14

09

المطالبة بالحقوقالمهضومة

08

10

التسرب المدرسي

07

11

مشاكل مالية

05

12

حياة الفوضى

01

13

المدينة

01

14

السجن

01

15

الغيرة على الوطن

01


جدول رقم:01 الخاص بتكرار عبارات المحاور


3/تم حساب النسب المؤوية لتكرار المحاور، وتمثيلها بيانيا" أعمدة".

 4/ تم وضع جدول دقيق ارتأت الباحثة من خلاله ترتيب قيم

عبارات المحاور حسب الظهور، وحساب الوسيط الحسابي لذلك، ثم بعد ذلك القيام بالمعالجة الإحصائية لهذه المرحلة حسب قوانين التقنية.

5/ بعد ذلك تم وضع جدول آخر لترتيب عبارات المحاور ولكن حسب الأهمية، وحساب الوسيط والقيام بالمعالجة الإحصائية لذلك.

6/ تفريغ قيم العبارات المتراوحة ما بين السلب والإيجاب والعدم في جدول لدراسة المؤشرات.

7/ أخيرا وضع جدول ختامي يشمل كل المراحل السابقة والقيام بوضع مخطط نهائي وتفريغ البيانات الختامية وكل هذا لمعرفة النواة المركزية لهذه التصورات وبقية التداعيات الفرعية ومدى توجه هذه التصورات ومحتوى بنيتها.

مناقشةالنتائج:

بعد تطبيق كل المراحل السابقة فان الباحثة تعمدت محاولة بسيطة وهي ترتيب المحاور واستخراج النواة المركزية للتصورات الاجتماعية للعنف الرمزي من خلال الكتابات الجدارية وكانت النواة المركزية هي محور العنف، وعليه كانت النتائج المتوصل إليها كالتالي:

1-    إن الكتابات الجدارية ظاهرة متواجدة وأصيلة في المجتمع الجزائري.

2-    توجد تصورات اجتماعية متباينة حول الكتابات الجدارية.

3-    تعتبر الكتابات الجدارية كعنف رمزي موجه لعامة الناس دون خاصتهم.

4-    حضي العنف الرمزي بأكبر تكرار أي 28 عبارة, أي ما يوازي نسبة 15.035%.

5-    يليها محور المعاناة النفسية بنسبة 12.290%، ثم محور المشاكل العاطفية والعائلية والاجتماعية وعلى العموم كان لدينا 15 محورا رتبوا حسب التكرار.

ومن هذه النتائج نستطيع الخروج بحوصلة بسيطة وهي أن محور العنف الرمزي يتصدر الأولوية في تركيبة التصورات (بنيتها) بمرتبة النواة المركزية.

6/صنفت بقية المحاور (الأربعة عشر) كعوامل محيطية ضمن بنية أو تركيبة التصورات الاجتماعية.

المراجع:

[1]-DrMaache.Y& chorfi. M.S & kouira Aicha : les représentations sociales, un concept au carrefour de la psychologie sociale et de la sociologie, les éditions de l’université Mentouri Constantine, 2002, p09.

2-Christine bonardi & Nicolas Roussiau : les représentations sociales ; état des lieux et perspectives, édition pierre Mardaga, Belgique, 2001, p.120.

3-Denise jodelet : les représentations sociales, © presse universitaires de France, 3éme édition, avril 1993, p.67.

4-Claudine.Herzlich : santé et maladie ; Analyse d’une représentationsociale, paris 1969, in Serge Moscovici : psychologie sociale © presse universitaires de France, 1ére édition, Quadrige, octobre2003, p388.

- 5Myriam Watthee-Delmotte :la violence représentations et  ritualisations, L’Harmattan, France,2002,p.17.

6- بيار بورديو:السوسيولوجي الغائب وكاشف زيف العقلنة الغربية، علي سالم.http ://maaber.50megs.com/tenth_issue/lookout_l.htm

7- د.مصطفى حجازي: التخلف الاجتماعي، مدخل الى سيكولوجية الإنسان المقهور، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب،ط 8، 2001 ،ص165.

8-  بيار بورديو: العنف الرمزي، بحث في أصول علم الاجتماع، ترجمة نظير جاهل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 1994،ص5.

9- د.حسنين توفيق ابراهيم: ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية،مركز الدراسات للوحدة العربية،بيروت،طـ1، 1992،ص 43.

10- فيليب بارنو، آلان بيرو، رامون بلان: المجتمع والعنف، ترجمة إلياس زحلاوي، مراجعة أنطوان المقدسي،منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق،1975،ص33.

11- عاطف عدلي عبد العبيد: مدخل الاتصال والرأي العام، القاهرة، مصر، 1993، ص15.

12- سهيل إدريس:المنهل فرنسي عربي،دار الآداب للنشر والتوزيع،بيروت،ط33 2004،ص586.

-  13http://www.palastine-info/arabic/books/sheart/shear4.htm.

14/ Alain Vulbeau : les gravitis ou l’émergence de l’incisif, les inscriptions de la jeunesse, Paris, L’Harmattan, coll, débats.2002.p53.

15/ Jean-Claude Abri : méthodes d’étude des représentations sociales éditions ères, 2003, p.82.

@pour_citer_ce_document

نـورة عامـر, «دراسة التصورات الاجتماعية للكتابات الجدارية في المجتمع الجزائري دراسة مستحدثة وم...»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2012-06-13,
Date Pulication Electronique : 2012-06-13,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=534.