آليات تفعيل الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016The activation mechanisms of the review of the constitutionality of laws in Algeria under the constitutional revision 2016
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 Vol 16- 2019

آليات تفعيل الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016

The activation mechanisms of the review of the constitutionality of laws in Algeria under the constitutional revision 2016
ص ص 43-60
تاريخ الارسال: 19/02/2018 تاريخ القبول: 13/06/2019

الهام خرشي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تميزت الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996 بالضعف، نظرا لجمود عمل المجلس الدستوري بسبب تضييق آلية الإخطار. لذلك اتجه المؤسس الدستوري بموجب التعديل الدستوري لسنة 2016، إلى وضع آليات جديدة تضمن تفعيل هذه الرقابة، والتي تتمثل في: ضمان استقلالية المجلس الدستوري كونه كهيئة وضمان استقلالية أعضائه، بفرض شروط تتعلق بالسن، والخبرة والتخصص في مجال القانون وتمتعهم بالحصانة القضائية، توسيع ممارسة حق الإخطار إلى الوزير الأول، نواب وأعضاء غرفتي البرلمان والأفراد من خلال الدفع بعدم الدستورية، والمعروفة في الفقه المقارن "بمسألة الأولوية الدستورية". يمكن أن نعتبر هذا التعديل نقلة نوعية وخطوة هامة نحو تدعيم مبدإ المشروعية وحماية الحقوق والحريات إذا تم تفعيله على المستوى العملي، خصوصا بعد صدور القانون العضوي رقم 18-16 المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية.

الكلمات المفاتيح: تفعيل الرقابة على الدستورية، ضمانات الاستقلالية، توسيع آلية الإخطار، الدفع بعدم الدستورية.

Le contrôle de la constitutionnalité des lois en Algérie s'est caractérisé, en vertu de la révision constitutionnelle de l’année 1996, par le laxisme, compte tenu du fonctionnement rigide du conseil constitutionnel résultant du rétrécissement du mécanisme de saisine. C'est la raison pour laquelle le législateur constitutionnel a développé, en vertu de la révision constitutionnelle de 2016, de nouveaux mécanismes pour assurer l’effectivité de ce contrôle : En garantissant l'indépendance du conseil constitutionnel en tant qu'organisme et en garantissant l'impartialité de ses membres en imposant des conditions d'âge, d'expérience et de spécialité dans le secteur juridique ainsi qu'en leur accordant l'immunité judiciaire. En élargissant l'exercice du droit de la saisine au premier ministre, aux députés et aux membres des deux chambres du Parlement ainsi qu’aux individus, en invoquant l’exception de l’inconstitutionnalité, connu dans la jurisprudence comparative par : « la question prioritaire de la constitutionnalité ». Nous pouvons considérer que cette révision constitue un saut qualitatif et un pas important en avant, vers le renforcement du principe de légalité et la protection des droits et libertés, si elle est activée aux niveaux pratique, surtout après la promulgation de la loi organique 18-16.

Mots clés : l’effectivité du control de constitutionnalité, les garanties de l’indépendance, l’élargissement du mécanisme de saisine, l’exception d’inconstitutionnalité.

The control of the constitutionality of laws in Algeria was characterized by weakness after the 1996 constitutional amendment, given the stagnation in the action of the constitutional council, which resulted from the restriction of the mechanism of seisin. This is the reason why the constitutional founder decided under the constitutional amendment of 2016 to devise new mechanisms to ensure the activationof  this control: - By guaranteeing the independence of the Constitutional Council as an organization and by guaranteeing the impartiality of its members by imposing conditions of age, experience and specialty in the legal sector as well as by granting them the judicial immunity. - By extending the exercise of the right of seisin to the Prime Minister, the Members of Parliament and the Members of both Chambers of Parliament and to individuals, on the exception of unconstitutionality, which is known in the comparative jurisprudence by: the question of constitutional priority. We can consider that this change represents a qualitative leap and a significant step towards the reinforcement of the principle of legality and the protection of rights and freedoms if it is activated at the practical level, especially after the promulgation of the organic law 18-16.

Keywords:The effectiveness of control of the constitutionality, the guarantees of independence, the expansion of the seisin mechanisms, the exception of constitutionality.

Quelques mots à propos de :  الهام خرشي

 جامعة محمد لمين دباغين سطيف2kharchi_droit@yahoo.fr

مقدمة

 تبنت الجزائر نهج الرقابة على دستورية القوانين بواسطة هيئة المجلس الدستوري منذ صدور دستور 1963، لكن لم يكتب لها التنفيذ الفعلي بسبب تجميد العمل بهذا الدستور1. وعاد المؤسس الدستوري الجزائري لتكريس التجربة مرة أخرى في دستور 1989 ومن بعده في التعديل الدستوري لسنة 1996. وقد تركزت النقاشات والآراء منذ ذلك الوقت حول كيفية تدارك النقائص  والعيوب التي كانت سببا في ضعف عملية الرقابة على دستورية القوانين، والمرتبطة عموما بتشكيلة المجلس التي شكلت مؤشرا واضحا على ضعف استقلاليته وحياده، وإجراءات تحريك  الرقابة بواسطة آلية إخطاره التي اقتصرت على ثلاث مؤسسات محددة على سبيل الحصر، وهي رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة، مقارنة بزيادة نشاط هيئات الرقابة الدستورية في العديد من الأنظمة المقارنة بعد توسيع آلية الإخطار للمعارضة في البرلمان وتبني آلية الدفع بعدم الدستورية2. ومن هنا تبرز أهمية الموضوع المتعلق بضرورة البحث عن الآليات التي تساهم في تفعيل الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر.

وجاء التعديل الدستوري الجديد الصادر بالقانون رقم 16-013،ليعزز الرقابة على دستورية القوانين وليكفل حماية الحقوق والحريات4وما يلاحظ على هذا التعديل، هو أن المؤسس الدستوري الجزائري قد استوحى، بخصوص الرقابة الدستورية، معظم أحكامها من الدستور الفرنسي المعدل سنة  20085، وذلك بغية التخلص من تلك النقائص التي عرفتها الرقابة الدستورية في الفترة السابقة، وهذا من خلال: التأكيد على طبيعة المجلس الدستوري بوصفه هيئة مستقلة، وتكريس ضمانات لاستقلالية أعضائه ورفع عددهم من جهة، وتوسيع نطاق آلية الإخطار إلى الوزير الأول، الأقلية البرلمانية والأفراد من جهة ثانية، خصوصا بعد صدور القانون العضوي رقم 18-16 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة الدفع بعدم الدستورية6.

ومنه ستكون إشكالية هذه الدراسة كالآتي: إلى أي مدى يمكن أن تساهم الآليات التي استحدثها التعديل الدستوري لسنة 2016، في ضمان تفعيل الرقابة على دستورية القوانين، مقارنة بما كانت عليه من قبل؟

للإجابة على هذه الإشكالية، تم اعتماد المنهجين الوصفي والتحليلي، مع الاستعانة بأسلوب المقارنة لضرورته في سياق الموضوع كأسلوب حتمي. كما تم تقسيم هذه الدراسة إلى  مطلبين اثنين، هما:

المطلب الأول: مدى تكريس استقلالية المجلس الدستوري لضمان تفعيل الرقابة الدستورية

المطلب الثاني: توسيع آلية تحريك الرقابة الدستورية ضمانة أساسية لتفعيلها

المطلب الأول: مدى تكريس استقلالية المجلس الدستوري لضمان تفعيل الرقابة الدستورية

يعد استقلالية المجلس الدستوري شرطا ضروريا لنجاحه في أداء مهامه بشكل حيادي. فالاستقلالية تمثل خاصية وضمانة أساسية بالنسبة للنظام الدستوري القائم على نهج الرقابة السياسية على دستورية القوانين7. وتتحقق هذه الاستقلالية بتوفر جملة من العناصر التي يتم النص عليها في الدستور، ومن أبرزها وأهمها تحديد انتماءات الأعضاء لإحداث التوازن بين السلطات الممثلة فيه، فرض شروط للتخصص والسن والخبرة المهنية، ضمان عدم قابليتهم للعزل وعدم قابلية العهدة للتجديد.

وعليه ما مدى تكريس المؤسس الدستوري الجزائري بواسطة التعديل الدستوري الجديد لسنة 2016، لمبدأ استقلالية المجلس الدستوري، وهل اعتمد على تلك العناصر المذكورة أعلاه في تجسيد هذا المبدأ؟

سيتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين اثنين: يتناول الفرع الأول توسيع عدد أعضاء المجلس الدستوري، بينما يتضمن الفرع الثاني ضمانات استقلالية وحياد الأعضاء.

الفرع الأول: توسيع عدد أعضاء المجلس الدستوري: "لصالح السلطة التنفيذية"

اعتبر العديد من الباحثين في مجال الرقابة على دستورية القوانين، أن تحقق استقلالية المجلس الدستوري مرتبطة بتمثيل السلطات الثلاث فيه8. وهو ما تم تكريسه في الدستور الجزائري، سواء في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996، الذي نص في المادة 164 منه على أن المجلس الدستوري يتكون من تسعة (9) أعضاء  يمثلون السلطات الثلاث في الدولة، موزعين كالآتي: ثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية من بينهم رئيس المجلس، عضوان اثنان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني وعضوان ينتخبهما مجلس الأمة وعضو واحد تنتخبه المحكمة العليا وعضو واحد ينتخبه مجلس الدولة، أم في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016، الذي رفع عدد الأعضاء إلى اثني عشر (12) عضوا، حيث أصبحت تشكيلة المجلس  كالآتي: أربعة (4) أعضاء من بينهم الرئيس ونائب رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية، عضوين اثنين (2) ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني، عضوين اثنين (2) ينتخبهما مجلس الأمة، عضويان اثنين (2) تنتخبهما المحكمة العليا وعضوين اثنين (2) ينتخبهما مجلس الدولة9.

غير أن تمثيل السلطات في المجلس الدستوري لا يكفي وحده لتكريس الاستقلالية، دون أن يتحقق معه التوازن المطلوب بين هذه السلطات. ومن هنا نتساءل عن ما إذا كان المؤسس الدستوري قد حرص على تحقيقه في ظل التعديل الدستوري الجديد لسنة 2016، مقارنة بما كان عليه الوضع السابق؟

يبدو من خلال نص المادة 183 في فقرتها الأولى من التعديل الدستوري لسنة 2016، أن التوسيع الذي حصل في تشكيلة المجلس الدستوري، قد مس كلا من السلطتين التنفيذية والقضائية، بينما بقي عدد الأعضاء الذين يمثلون غرفتي البرلمان نفسه وهو أربعة (4) أعضاء، ليصبح عدد الأعضاء الممثلين لكل هيئة متساو كالآتي:

1-                       بالنسبة للسلطة التنفيذية: أصبح عدد الأعضاء الذين يعينهم رئيس الجمهورية أربعة (4) أعضاء بما فيهم رئيس المجلس، حيث أضيف عضو رابع يمثل نائب رئيس المجلس الدستوري.

2-                      بالنسبة للسلطة التشريعية بقي العدد الذي يمثلها نفسه كما كان في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996 وهو أربعة أعضاء.

3-                       بالنسبة للسلطة القضائية: أصبح عدد الأعضاء الممثلين لهذه السلطة أربعة بعدما كانوا اثنين، حيث أضيف عضو يمثل المحكمة العليا وعضو يمثل مجلس الدولة10.

يمكن أن نلاحظ من خلال هذا التوسيع أن:

-                        رئيس الجمهورية كان ومازال يتمتع بالتفوق على مستوى المجلس الدستوري، سواء من حيث العدد أم النوع، فقد أضيف لسلطته في التعيين عضو رابع، فأصبح بذلك يوازي عدد الأعضاء الذين يعينهم البرلمان11. أما من حيث النوع، فالحقيقة أن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطة تعيين رئيس المجلس الدستوري ونائبه، وذلك يعد امتيازا حقيقيا، حيث يعتبر رئيس المجلس الدستوري الشخصية الثالثة في الدولة بعد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة لإمكانية اعتلائه رئاسة الدولة في حالة اقتران استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته مع شغور رئاسة مجلس الأمة طبقا لنص المادة 102 من التعديل الدستوري لسنة 2016، بالإضافة إلى مركزه الممتاز داخل المجلس بفضل صوته المرجح أثناء التصويت في حالة تعادل الأصوات، بموجب نص المادة 183 في فقرتها الثانية  من التعديل الدستوري الجديد12، وأخيرا اختيار هذا الأخير للعضو المقرر في إطار الإجراءات التي يقوم بها بعد تلقيه رسالة الإخطار من طرف الهيئات المخولة بذلك، بعد تسجيل الرسالة لدى الأمانة العامة للمجلس الدستوري، الذي يشرف على إعداد مشروع القرار أو الرأي الذي سيصوت عليه المجلس ككل بشأن النص موضوع الإخطار13.

-                        يشكل إضافة عدد القضاة إعادة الاعتبار للسلطة القضائية من حيث الكم والنوع، حيث يبدو أن إرادة المؤسس الدستوري الجزائري اتجهت من خلال هذه الإضافة إلى تدعيم عنصر التخصص والكفاءة على مستوى تشكيلة المجلس الدستوري، الذي كان يحتمل أن يفتقده بسبب التعيينات التي يمكن أن تغلب عليها الاعتبارات السياسية14، والتي كانت ولا زالت مكرسة من خلال إدراج المؤسس الدستوري لمنصب "وظيفة عليا في الدولة" بموجب المادة 184 كما سيأتي تفصيله.

بالرغم من ذلك يبقى هذا التوسيع في تشكيلة المجلس الدستوري أمرا إيجابيا يبرره توسيع آلية الإخطار، ومنه زيادة كم رسائل الإخطار التي قد تصل إلى المجلس.

فهل ضمن المؤسس الدستوري من خلال التعديل الدستوري الجديد استقلالية وحياد الأعضاء، على خلاف ما كان عليه الأمر في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996؟

الفرع الثاني: تكريس ضمانات استقلالية وحياد أعضاء المجلس الدستوري

تقتضي أهمية وخطورة المهام الرقابية الموكولة للمجلس الدستوري، سواء في إطار الرقابة على دستورية القوانين، أم في إطار السهر على صحة الانتخابات والاستفتاء، وضع الضمانات الكفيلة لاستقلالية وحياد أعضائه. ذلك ما كرسه المؤسس الدستوري الجزائري بواسطة التعديل الدستوري الجديد، مقارنة بسابقه (التعديل الدستوري لسنة 1996)، حيث نجده يؤكد بداية على طبيعة المجلس الدستوري كهيئة مستقلة ضمن نص المادة 182منه في فقرتها الأولى15 ، كما منحه الاستقلال المالي والإداري، وهي أول خطوة في طريق تكريس استقلالية هذا  المجلس. كما نجده يكرس أهم ضمانات استقلالية المجلس الدستوري والمتمثلة فيما يلي: تحديد عهدة غير قابلة للتجديد، فرض شروط خاصة بتخصص الأعضاء وفرض حالات التنافي وتمتع الأعضاء بالحصانة القضائية16.

أولا: تحديد عهدة غير قابلة للتجديد

عرف أسلوب تعيين أعضاء المجلس الدستوري انتقادا شديدا من قبل أساتذة القانون الدستوري في الجزائر، بسبب استئثار الهيئات السياسية دون القضائية بتعيين أكبر عدد من أعضاء المجلس الدستوري، إذ على الرغم من أن وظيفة هذا الأخير هي وظيفة قانونية أكثر منها سياسية، إلا أن قيامه بمهمته في مجال الرقابة على دستورية القوانين قد تتأثر بالاتجاهات السياسية، بسبب تأثر غالبية أعضائه بالأفكار السياسية للجهة التي عينتهم 17، غير أن تحديد مدة العهدة لأعضاء المجلس الدستوري سوف تشكل ضمانة أساسية  لاستقلاليتهم18 في مواجهة السلطة التي عينتهم، وذلك من خلال :

-                        ثقة العضو في عدم إمكانية تجديد تعيينه في ذلك المنصب من طرف الهيئة التي عينته، مما قد يجعله في منأى عن الضغوطات التي يمكن أن تمارسها عليه، بهدف تحقيقها لأغراضها.

-                        تحصين المجلس من احتمال تحوله إلى مجرد جهاز يعكس الصراعات الدائرة بين الجهات الممثلة فيه، وبالخصوص السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومحاولة التأثير على الأعضاء المنتمين إليهما لمساومتهم على مستقبلهم19.

-                        يهدف نظام العهدة مع التجديد النصفي الدوري، الذي طبقه المؤسس الدستوري الجزائري، إلى ضمان استمرارية وجود الهيئة واستمرارية عملها دون انقطاع20، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن تجديد أعضاء الهيئة بصفة دورية للاستفادة من خبرة التخصصات والكفاءات الجديدة يشكل ضمانة لحسن سير الهيئة21.

-                        ضمان منع عزل العضو من طرف الهيئات المعينة له، في غياب نص دستوري صريح يكرّس عدم مشروعية العزل من دون سبب شرعي. وقد حدد النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري حالات انتهاء ولاية العضو قبل نهاية عهدته، و تتمثل في الوفاة، الاستقالة، الإقالة نتيجة الإخلال بالواجبات إخلالا خطيرا، مزاولة وظيفة تتنافى والعضوية في المجلس الدستوري وحصول المانع22.

 ونشير إلى أنه إذا كانت المادة 76 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016، قد أكدت على وجوب ممارسة العضو لوظيفته بنزاهة وحياد، فإن قوة شخصية الفرد وقناعاته تبقى هي المعيار الحاسم لمدى نزاهته وحياده، في مواجهة الإغراءات السياسية التي يمكن أن ترضي طموحه للاستفادة من مناصب عليا في الدولة.

وفيما يتعلق بمدة العهدة في عضوية المجلس الدستوري، فقد حددها التعديل الدستوري لسنة 2016 بثماني (8) سنوات، قابلة للتجديد النصفي كل أربع (4) سنوات23، باستثناء رئيس المجلس ونائبه، اللذان يعينهما رئيس الجمهورية  لفترة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات24.

ومن هنا يبدو لنا أن إرادة المؤسس الدستوري قد حذت حذو المؤسس الدستوري الفرنسي في إطالة مدة العهدة، حيث جعل هذا الأخير ولاية المجلس الدستوري تسع (9) سنوات25، مما تشكل هذه المدة الطويلة ضمانة لاستقلالية المجلس في مواجهة السلطة السياسية26.

ثانيا: فرض شروط خاصة للعضوية في المجلس الدستوري

لطالما وجهت الانتقادات لأسلوب تعيين أعضاء المجلس الدستوري الجزائري، الذي لا يقدم الضمانات الكافية للكفاءة والاستقلالية والحياد، بل تدعم أكثر تسييس المجلس27. حيث افتقرت تشكيلة المجلس في ظل الدساتير السابقة، وآخرها التعديل الدستوري لسنة 1996، للتخصص الذي يمكن تحقيقه بواسطة أساتذة ومتخصصين في القانون العام والقانون الدستوري بالخصوص، وذلك ما استدركه التعديل الدستوري لسنة 2016 بموجب نص المادة 184 منه28، التي فرضت على الأعضاء في المجلس الدستوري شرطين أساسيين:

-                        يتعلق الشرط الأول بالسن، حيث يجب على العضو أن يكون بالغا أربعين (40) سنة كاملة يوم تعيينه أو انتخابه، وتلك مسألة إيجابية تضمن القدرة على الإدراك والتقييم الجيد للمسائل وتوفر النضج السياسي والقانوني لدى الشخص.

-                        بينما يتعلق الشرط الثاني بالخبرة المهنية في سلك التعليم العالي في العلوم القانونية، أو في القضاء أو في مهنة محامي لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة.

يساعد السن المتقدم بالإضافة إلى الخبرة والتخصص في اقتناع العضو بالقرار الصائب، ومنه إضعاف سلطة تأثير السياسة عليه وتحصينه ضد تبعيته للهيئة التي عينته، ومنه ضمان استقلاليته واستقلالية الهيئة التي يعمل فيها.

ما يمكن ملاحظته بخصوص الشرط الثاني، أنّ المؤسس الدستوري الجزائري قد وسّع مجال الخبرة المتوفرة لدى العضو، سواء على مستوى قطاع العمل، حيث شمل سلك التعليم العالي، والمحاماة والقضاء، أم على مستوى المدة الزمنية التي استغرقها العضو في هذا القطاع، وهي مدة طويلة وكافية لكسب الخبرة فيه. ولكن يمكن إضافة ملاحظتين هنا: تتعلق الملاحظة الأولى بمهنة المحاماة باعتبارها مهنة حرة لا يمكن التحكم في الضوابط والمعايير التي على أساسها يكون هذا المحامي أو ذاك، قد اكتسب الخبرة اللازمة في مجال القانون العام بصفة عامة، والقانون الدستوري بصفة خاصة، حتى ولو وصل إلى درجة محامي لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة. أما الملاحظة الثانية فتتعلق بإدراج الوظائف العليا في الدولة، التي يمكن أن يكون أصحابها بعيدين عن التخصص في مجال القانون.

-                        بالإضافة إلى وجوب تطبيق حالات التنافي، التي بقيت كما كانت مكرسة من قبل في ظل التعديل الدستوري لسنة 199629، حيث نصت المادة 183 في فقرتها الثالثة على انه:" بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم، يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى، وأي نشاط آخر أو مهنة حرة". باستثناء الإضافة التي أدرجت في أخر المادة والمتعلقة بأي نشاط أو مهنة حرة، وذلك يعني توسيع المؤسس الدستوري لحالات التنافي مع قطاعات النشاط الحرة، والسبب في ذلك يمكن أن يعود إلى إمكانية تعيين محامي مثلا في المجلس الدستوري، فلن يستطيع ممارسة هذه المهنة أثناء مدة عضويته فيه30.

ثالثا: تمتع أعضاء المجلس الدستوري بالحصانة القضائية

   على خلاف القضاة الذين حماهم الدستور من جميع الضغوط والتدخلات والمناورات التي قد تضر بأدائهم لمهامهم، أو تمس بنزاهة حكمهم31، أو النواب في البرلمان الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية في جانبها الموضوعي ( المدني والجزائي) بسبب ما عبروا عنه من آراء أو ما تلفظوا به من كلام، أو بسبب تصويتهم خلال ممارستهم لمهامهم البرلمانية32، أو الإجرائي المتعلق بعدم جواز الشروع في متابعة أي نائب أو عضو بسبب الجنايات والجنح التي يرتكبونها من دون صدور الإذن أو الترخيص من مكتب الغرفة التي ينتمي إليها، أو بتنازل صريح منه شخصيا33، فإن أعضاء المجلس الدستوري يتمتعون في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016 بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية بموجب نص المادة 185 منه، والتي أكدت على ما يلي: " يتمتع رئيس المجلس الدستوري ونائب الرئيس وأعضاؤه خلال عهدتهم بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية. ولا يمكن أن يكون هؤلاء محل متابعات أو توقيف بسبب ارتكاب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح عن الحصانة من المعني بالأمر أو بترخيص من المجلس الدستوري34.

الملاحظ أن الحصانة التي يتمتع بها أعضاء المجلس الدستوري هي:

-                        حصانة تخص الجانب الجزائي من دون المدني.

-                        الجرائم المشمولة بالحصانة هي الجنايات والجنح من دون المخالفات، ومن دون التمييز بين الحالة العادية وحالة التلبس بالجريمة.

-                        هي حصانة مؤقتة مرتبطة بمدة العهدة، فهي ليست امتيازا شخصيا إنما امتياز وظيفي تقررت اعتبارا للوظيفة التي يقوم بها العضو35.

-                        في جانبها الإجرائي، تقتضي الحصانة عدم إمكانية متابعة أعضاء المجلس الدستوري بسبب الجرائم التي ارتكبوها من دون التنازل من العضو شخصيا أو صدور الترخيص من المجلس، فهي ليست حصانة مطلقة إنما نسبية، وهي في هذا الجانب تشبه إلى حد كبير الحصانة البرلمانية.

وقد ألزم المؤسس الدستوري أعضاء المجلس الدستوري بواجب التحفظ إزاء سرية المداولات، والامتناع عن اتخاذ أي موقف علني في أي قضية تخضع لاختصاص المجلس الدستوري36.

 

 

المطلب الثاني: توسيع آلية تحريك الرقابة على دستورية القوانين ضمانة أساسية لتفعيلها

   تمارس الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر بواسطة الإخطار الذي يعد الوسيلة الوحيدة لتحريك هذه الرقابة على مستوى المجلس الدستوري، وقد منحها المؤسس الدستوري الجزائري لثلاث شخصيات وهي: رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996، كما كرس نوعين من الرقابة: رقابة سابقة على صدور النص  ورقابة لاحقة على صدور النص أو نفاذه، بخلاف المشرع الفرنسي الذي تبنى الرقابة السابقة من دون اللاحقة، لكنه أدرج الرقابة اللاحقة بواسطة آلية الدفع بعدم  الدستورية بصدور التعديل الدستوري لسنة 2008، والتي عرفت في ظل القانون العضوي رقم 2009-1523 37بمسألة الأولوية الدستورية « la question prioritaire de la constitutionnalité  »  .

 وكان المؤسس الدستوري الفرنسي قبل ذلك قد وسع في الهيئات التي لها حق إخطار المجلس الدستوري، إلى الوزير الأول وستون (60) نائبا وستون (60) عضوا من غرفتي البرلمان بموجب التعديل الدستوري لسنة 1974. وهو ما كرسه المؤسس الدستوري الجزائري في التعديل الدستوري الجديد لسنة 2016 بهدف تفعيل رقابة المجلس الدستوري، ومنه القضاء على العيوب التي كانت تشوبها والتي أفرغتها من محتواها، والذي أتبع بالقانون العضوي رقم 18-16 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة الدفع بعدم الدستورية.

لذلك سيتم التطرق في هذا المطلب لأسباب ضعف الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996 في فرع أول، ثم للهيئات والأطراف الذين تم إقحامهم في دائرة الإخطار وفق نص المادة 187 من التعديل الدستوري لسنة 2016 في فرع ثان، وأخيرا فتح الإخطار بالدفع بعدم الدستورية للأفراد وفق نص المادة 188من هذا التعديل في فرع ثالث.

الفرع الأول: تضييق نطاق الإخطار، السبب الجوهري لضعف الرقابة على الدستورية في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996.

   عاب الكثير من الأساتذة والباحثين على المؤسس الدستوري الجزائري في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996 تضييقه لآلية الإخطار وحصرها في الهيئات الدستورية الثلاث في الدولة وهي رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة38، مع إقصاء أطراف أخرى من حق الإخطار،على خلاف ما هو مكرس في الأنظمة المقارنة، ويتعلق الأمر بالوزير الأول، الأقلية البرلمانية والأفراد، مما أثر سلبا على عملية تحريك الرقابة.

لكن هل يمكن أن نرجع سبب ضعف الرقابة على الدستورية إلى تضييق آلية الإخطار فحسب؟

يمكن ألا يكون السبب الرئيسي في إضعاف عملية الرقابة هو التضييق في آلية الإخطار في حد ذاته، بقدر ما يحتمل أن يتعلق الأمر بعزوف هذه الهيئات عن إعمال سلطتها في تحريك الرقابة، لأسباب متعددة قد تتعلق بوجود بدائل أخرى تغني عن إعمالها، أو قد تتعلق بالتبعية السياسية:

-                       بالنسبة لرئيس الجمهورية

بعيدا عن الحالات التي يتوجب عليه فيها إعمال سلطته في تحريك الرقابة، بشأن القوانين العضوية والأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان بموجب نص المادة 165 التعديل الدستوري لسنة 199639، وباعتباره حامي الدستور، فإنه لا يملك سلطة إثارة عدم الدستورية فحسب، بل يملك آليات أخرى يمنحها إياه الدستور40، من أهمها:

-                        آلية الاعتراض التوقيفي41، أو طلب القراءة الثانية للقانون المصادق عليه من غرفتي البرلمان، حيث يملك رئيس الجمهورية قبل إصدار القانون إحالته للبرلمان لإجراء القراءة الثانية، حيث لا يتم إقراره في هذه الحالة، إلا بتحقق نسبة تصويت ثلثي (2/3) نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة42.

-                        الامتناع عن إصدار القانون ونشره، حيث يعد إجراء الإصدار اختصاصا تقليديا لرئيس الجمهورية في الأنظمة الدستورية المقارنة، منحه المؤسس الدستوري الجزائري لرئيس الجمهورية عبر الدساتير المتعاقبة، وآخرها التعديل الدستوري لسنة 2016 بموجب نص المادة 144 منه43، ومنه قد يمتنع رئيس الجمهورية عن إعمال هذا الإجراء لتعطيل تطبيق قانون ما ومنع تطبيقه ولو لفترة معينة.

-                       بالنسبة لرئيسي غرفتي البرلمان

لا يعقل بداية أن تبادر الهيئة التي أشرفت على سن القانون إلى تحريك رقابة الدستورية بشأنه، بالرغم من أن المنطق الذي يجب أن يحكم رقابة الدستورية هو ضمان سلامة الأعمال التشريعية ومطابقتها للدستور44، بالإضافة إلى أن الواقع السياسي في الجزائر أثبت لنا أن رئيسي غرفتي البرلمان كانا دائما من الشخصيات الموالية لرئيس الجمهورية، أو على الأقل ممن ينتمون إلى الاتجاه السياسي نفسه، كما يمكن أن نعتبر أن إعمال سلطة تحريك الرقابة الدستورية من طرف هذين الأخيرين يعتبر تحديا لرئيس الجمهورية، بسبب هيمنة الحكومة على العملية التشريعية من خلال اقتراحها لمشاريع القوانين45.

وكانت النتيجة من كل ذلك: تعلق معظم الإخطارات التي وصلت إلى المجلس الدستوري في الفترة بين 1997 و2018 بإخطارات وجوبية تخص قوانين عضوية تتعلق بنظام الانتخابات، الأحزاب السياسية، القانون الأساسي للقضاء، تمثيل المرأة والإعلام... والأنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان46.

 

الفرع الثاني: إقحام أطراف جديدة في دائرة الإخطار سيساهم في إنعاش مهمة المجلس الدستوري في مجال الرقابة الدستورية.

فرضت مسألة توسيع حق الإخطار حول مدى دستورية نص قانوني معين لدى المجلس الدستوري نفسها على الساحة الدستورية، حيث أقدم المؤسس الدستوري الجزائري بواسطة التعديل الدستوري الأخير لسنة 2016 على التوسيع في عدد الهيئات التي يحق لها إخطار المجلس الدستوري حول مدى دستورية نص معينا، وهي الوزير الأول و50 نائبا و30 عضوا، بموجب نص المادة 187 منه.

وقد حذا المؤسس الدستوري الجزائري -من خلال هذا التعديل-حذو المؤسس الدستوري الفرنسي، الذي يعتبر نموذجا حسنا في مجال توسعة إخطار المجلس الدستوري47، حيث منح– بموجب نص المادة 61 من التعديل الدستوري لسنة 1974-لأول مرة للبرلمانيين الحق في إخطار المجلس الدستوري لإعمال الرقابة على دستورية القوانين، عن طريق التوقيع على رسالة الاخطار من طرف ستين (60) نائبا في الجمعية الوطنية، أو ستين (60) شيخا في مجلس الشيوخ.

حيث شكل هذا التعديل نقلة نوعية في حياة المجلس الدستوري الفرنسي وفي الوظيفة التشريعية أيضا، بإتاحة الفرصة أمام الأقلية البرلمانية لتفعيل الرقابة الدستورية بعيدا عن هيمنة السلطة التنفيذية والأغلبية البرلمانية المساندة لها، كما ساهم في الارتقاء بمركز المعارضة إلى حد اعتبرت معه الحكومة أن هذا التعديل الدستوري، الذي سمح للمعارضة بحق إخطار المجلس الدستوري، قد شكل اللبنة التي كملت صرح النظام الديمقراطي الفرنسي وليس مجرد تعديل إجرائي شكلي48. وترتب على هذا الإجراء نتائج إيجابية بفضل الاستخدام المستمر لحق الإخطار من طرف المعارضة، مما أدى إلى تفعيل دور المجلس الدستوري الفرنسي الذي مر هو الآخر بفترة فراغ قبل صدور هذا التعديل، بسبب قلة استعمال كل من رئيس الجمهورية ورئيسي غرفتي البرلمان لحقهم في الإخطار.

أما بالنسبة للجزائر، فإن التعديل الدستوري لسنة 2016 قد لا يحقق النتائج نفسها التي شهدتها الحياة الدستورية في فرنسا في مجال الرقابة الدستورية، لكن على العموم نستحسن ما قام به المؤسس الدستوري الجزائري عند تخفيضه للنصاب المطلوب تحقيقه من المعارضة حتى يقبل طعنهم في دستورية النص القانوني، بسبب ضعفها، حيث يمكن ألا تصل إلى استيفائه حتى مع النصاب المطلوب (أي 50 نائب و30 عضو).

أما بالنسبة للوزير الأول، الذي يعد – حسب التعديل الدستوري لسنة 2008-المنفذ لإرادة رئيس الجمهورية، وبالرغم من مركزه الضعيف في السلطة التنفيذية باعتباره المنفذ لإرادة رئيس الجمهورية، فإنه يمكن أن يكشف لديه عدم دستورية النص القانوني بسهولة، باعتباره الهيئة الدستورية المكلفة بتنفيذ القوانين والتنظيمات، خصوصا إذا كان النص مصدره مبادرة بالقانون من طرف أعضاء البرلمان، وهو النادر في الجزائر، لذلك فإن توجه المؤسس الدستوري نحو توسعة حق الإخطار لتضم هذه الهيئة، هو توجه سليم وصائب. لكن وبالرغم من ذلك لا يمكن أن ننتظر منه الكثير انطلاقا من الوضع السياسي الذي تعيشه الجزائر اليوم.

الفرع الثالث: تكريس آلية الإخطار عن طريق الدفع بعدم الدستورية من طرف الأفراد وفق نص المادة 188 من التعديل الدستوري لسنة 2016.

يعكس قصر حق إخطار المجلس الدستوري على الهيئات المذكورة أعلاه، مع ما يتضمنه من إبعاد للمواطنين من ولوج العدالة الدستورية مباشرة واختزال حقهم هذا في رؤساء الغرف البرلمانية، على اعتبار أنهم ممثلي ممثليهم، تطبيقا صارما للديمقراطية التمثيلية، بالإضافة إلى أن النموذج الأوربي لرقابة الدستورية يستلزم استبعاد المواطنين عن دخول العدالة الدستورية مباشرة، حيث يعتبر أن رقابة الدستورية هي رقابة سياسية49. والأمر نفسه كان مطبقا في الجزائر، حيث لم يكن يسمح للمواطن الجزائري من منازعة دستورية قانون كطريقة من طرق الدفاع عن حقوقه وحرياته وأنجع سبل صيانة الدستور50.

يكون المؤسس الدستوري الجزائري بتكريسه آلية الدفع بعدم الدستورية من طرف الأفراد أثناء نظر القضاء للدعاوى التي رفعوها، بموجب المادة 188 من التعديل الدستوري لسنة 201651، قد سار على خطى المؤسس الدستوري الفرنسي52، حيث أدت الانتقادات التي وجهت لهذا الأخير من طرف الفقه الدستوري الفرنسي، إلى أخذها بعين الاعتبار عند اقتراح مشروع التعديل الدستوري لسنة 2008، الذي اعترف لأطراف الدعوى بإمكانية الدفع بعدم الدستورية، حيث يكون بذلك قد أقر رقابة لاحقة على دستورية القوانين53، بإضافة فقرة أولى إلى المادة 61 من دستور 1958 والتي نصت على أنه: "إذا تبين بمناسبة النظر في دعوى مقامه أمام القضاء، أن هناك نصا قانونيا يمس الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، يتم إحالة هذا الأمر إلى المجلس الدستوري من طرف مجلس الدولة أو محكمة النقض خلال أجل محدد. ويحدد بقانون عضوي شروط تطبيق هذه المادة"54.

ويمكن إظهار ثلاثة معالم لهذا التعديل الدستوري المتعلق برقابة دستورية القوانين في فرنسا كالتالي55.

1-سماحه للأطراف المتخاصمين في دعوى معروضة أمام القضاء، الطعن في دستورية القوانين التي تنتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.

2-انعقاد الاختصاص لمجلس الدولة (إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام المحاكم الإدارية) أو لمحكمة النقض (إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام المحاكم العادية) للنظر في مسألة إحالة الطعن إلى المجلس الدستوري من عدمه.

3-احتفاظ المجلس الدستوري بصلاحية البت في هذه الطعون.

 وقد صدر القانون العضوي في 10 ديسمبر 2009 الذي أطلق على هذا الإجراء عبارة «مســـألة الأولوية الدستورية»56 «La Question Prioritaire de Constitutionnalité» أو اختصارا بـ: QPC57.

يعتبر الكثير أن الرقابة السابقة، وإن كانت تحقق نوعا من الاستقرار الدستوري والقانوني كونها رقابة وقائية، لكنها تمنع الكشف عن عيوب النص القانوني التي تظهر بعد تطبيقه، ولذلك تساهم الرقابة اللاحقة وفق آلية الأولوية الدستورية في تنقية وتطهير المنظومة القانونية الفرنسية من القوانين غير الدستورية التي أفلتت من الرقابة السابقة58. وهو ما كرسه المؤسس الدستوري الجزائري بالموازاة مع إدراجه آلية الدفع بعدم الدستورية، بتمييزه بين الإخطار الموجه إلى المجلس الدستوري بموجب نص المادة 187 والإخطار الموجه إليه بموجب نص المادة 188، حيث يندرج الإخطار الأول في إطار الرقابة السابقة بموجب نص المادة 18659، بينما يندرج الإخطار الثاني في إطار الرقابة اللاحقة والمتعلق بالدفع بعدم الدستورية60. وهو ما ينعكس مباشرة على تضييق عملية الرقابة من جديد خصوصا على التنظيمات، التي لا تحرك بشأنها الرقابة السابقة إلا بإخطار من طرف رئيس الجمهورية أو الوزير الأول والمعاهدات التي لا تخضع للمصادقة من طرف البرلمان، ومنه قد لا يعلم بها قبل صدورها.

 وضعت المادة 188 من التعديل الدستوري لسنة 2016 المذكورة أعلاه الشروط العامة لتطبيق آلية الدفع بعدم الدستورية والمتمثلة فيما يلي:

-                        إحالة الدفع بعدم الدستورية يكون من مجلس الدولة إذا كان النزاع معروضا أمام المحاكم الإدارية ومن المحكمة العليا إذا كان النزاع معروضا أمام المحاكم أو المجالس القضائية، التي لها أن تقدر جدية الدفع قبل إحالته للمجلس الدستوري، وفي ذلك ضمانة لتفعيل الرقابة بشرط ضمان استقلالية وحياد وتخصص القاضي في الجزائر. وكون المؤسس الدستوري الجزائري بذلك قد كرس نظام تصفية مثيل لذلك الذي كرسه نظيره الفرنسي61، مع ما يحمله هذا النظام في الجزائر من إيجابيات تتعلق بضمان إحالة الدفوع الجدية فقط للمجلس الدستوري وسلبيات قد تتعلق بعدم تأهيل القاضي للنظر في دستورية القوانين وتفسير القواعد الدستورية.

-                        لا تتم إحالة الدفع بعدم الدستورية مباشرة أمام المجلس الدستوري من طرف الأفراد، ولو أن النص الدستوري لم يذكر مصطلح الأفراد بل " الأطراف "، وهو مصطلح واسع يتجاوز الأطراف رافعي الدعوى إلى الأطراف المتدخلة، وهو أمر إيجابي يفعل أكثر من الرقابة الدستورية.

-                        الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع، ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور بشكل عام،دون تمييز بينها أو تخصيص. نستغرب ورود صياغة الحكم التشريعي بدل النص التشريعي، لعل السبب في ذلك قد يرجع لاقتباسها من نص المادة 61-1 من التعديل الدستوري الفرنسي لسنة 200862، ومنه إذا كان المؤسس الدستوري يقصد بالحكم التشريعي هو النص التشريعي العادي، وهو الاحتمال الأكثر ورودا على اعتبار تمييزه في نص المادة  191 من الدستور بين الفقرة الأولى التي ميز فيها صراحة بين النص التشريعي والنص التنظيمي، وفي الفقرة الثانية التي نص فيها صراحة على النص التشريعي وهو المقصود بالرقابة عن طريق الدفع، فإنه يكون بذلك قد أقصى التنظيمات من خضوعها لإجراء الدفع بعدم الدستورية. بالإضافة إلى أن ورود عبارة الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور غير واضحة، حيث يثير هذا الغموض التساؤل حول مصدر هذه الأخيرة ومجالها63، هل هي الحقوق والحريات المكرسة صراحة في الدستور فقط، وهي القراءة الضيقة، أم تلك المكرسة في الديباجة وفي النصوص التي يحيل إليها هذا الاخير64، وهي القراءة الواسعة؟

-                        يصدر المجلس الدستوري قراره خلال الأربعة (4) أشهر الموالية لتاريخ إخطاره، ويمكنه تمديدها لمرة واحدة لمدة أقصاها أربعة (4) أشهر65. الملاحظ هنا تمديد المؤسس الدستوري الجزائري لمدة فصل المجلس الدستوري في الدفع بعدم الدستورية، بينما أبقى المدة على ما كانت عليه تقريبا في حالة ورود الإخطار من الهيئات الأخرى المتمثلة في رئيس الجمهورية، رئيسي غرفتي البرلمان، الوزير الأول وأعضاء البرلمان) حيث أصبحت ثلاثون يوما عوض عشرون يوما66، وهو ما لا نجد له تفسيرا مقنعا، على اعتبار أن عمل المجلس الدستوري هو نفسه في الحالتين.

وقد صدر القانون العضوي رقم 18-16 المؤرخ في 02-09-2018 يحدد شروط وكيفيات ممارسة الدفع بعدم الدستورية67، الذي اقتبس معظم أحكامه من معالم القانون العضوي الفرنسي رقم 2009-152368.

تضمن هذا القانون 27 مادة موزعة على خمس فصول كالآتي: -الفصل الأول جاء بعنوان أحكام عامة، الفصل الثاني جاء بعنوان شروط وكيفيات ممارسة الدفع بعدم الدستورية، الفصل الثالث جاء بعنوان الأحكام المطبقة أمام المحكمة العليا ومجلس الدولة، الفصل الرابع جاء بعنوان الأحكام المطبقة أماما لمجلس الدستوري ،وأخيرا الفصل الخامس والأخير تضمن أحكام ختامية من بينها أجل سريان هذا القانون العضوي وهو 07 مارس 2019.

يرتبط تفعيل الرقابة الدستورية بضبط هذا القانون العضوي لشروط وآجال ممارسة الدفع بعدم الدستورية بشكل لا يدع مجالا للشك أو الغموض وتبسيطه للإجراءات التي يتم بواسطتها إحالة الدفع من القضاء إلى المجلس الدستوري، وهو ما سيتم توضيحه من خلال قراءة نصوص هذا القانون، الذي تضمنت أحكامه شروط ممارسة الدفع بعدم الدستوري والآجال والإجراءات التي يسير وفقا لها الدفع:

أولا: شروط ممارسة الدفع بعدم الدستورية

فرض المشرع الجزائري، على غرار نظيره الفرنسي، مجموعة من الشروط أو الضوابط لقبول الدفع بعدم الدستورية يمكن تصنيفها إلى شروط موضوعية وأخرى شكلية.

1-                      الشروط الموضوعية

بعد تكريسها بواسطة التعديل الدستوري لسنة 2016 مثلما تم توضيحه أعلاه، يمكن تصنيف الشروط الموضوعية إلى شروط تتعلق بالجهات القضائية المثار أمامها الدفع من جهة، وشروط تتعلق بالأطراف الذين يحق لهم ممارسة الدفع من جهة ثانية، وأخيرا إلى شروط تتعلق بموضوع الدفع.

- بالنسبة للجهات القضائية المثار أمامها الدفع، فتتمثل بناء على نص المادة الثانية في فقرتها الثانية من القانون العضوي في:

-  الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي العادي والجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي الإداري، للمرة الأولى، في الاستئناف أو في مرحلة الطعن بالنقض، وغرفة الاتهام إذا تمت إثارة الدفع أثناء التحقيق الجزائي.

- لكن لا يمكن اثارة الدفع أمام محكمة الجنايات الابتدائية،و يمكن إثارته عند استئناف الحكم الصادر عن هذه المحكمة69.

- بالنسبة للأطراف الذين يحق لهم ممارسة الدفع، فتتمثل بموجب نص المادة الثانية من القانون العضوي في أحد أطراف الدعوى، والمقصود به الشخص الطبيعي أو المعنوي. ولا يمكن للقاضي إثارته تلقائيا70. يمكن أن نفهم من هذا الشرط عدم اتجاه إرادة المشرع الجزائري إلى جعل الدفع بعدم الدستورية من النظام العام.

- بالنسبة لموضوع الدفع، والذي يتعلق بالحكم التشريعي، اشترط القانون العضوي رقم 18-16 ثلاثة شروط أساسية هي: 

1 -أن يتوقف مآل النزاع على الحكم التشريعي المعترض عليه، أو انه يشكل أساس المتابعة.

2-                      ألا يكون الحكم التشريعي قد سبق التصريح بمطابقته للدستور من طرف المجلس الدستوري باستثناء حال تغير الظروف، والمقصود بذلك مثلا صدور تعديل دستوري جديد عدل في الأحكام التي يتأسس عليها ذلك الحكم التشريعي.

3-                       أن يتسم الوجه المثار بالجدية، ويرجع تقدير الجدية هنا للقاضي للتأكد من الهدف الحقيقي لإثارة الدفع وهو التأكد من مدى دستورية الحكم التشريعي وليس كسب الوقت في القضية ومنه تأجيل الفصل فيها بنية الإضرار بالأطراف الآخرين في الدعوى مثلا.

وترجع السلطة التقديرية للتأكد من مدى توفر هذه الشروط الثلاث للجهات القضائية سواء على مستوى الجهات الدنيا أو العليا تطبيقا لنظام التصفية المعمول به هنا، كما سيتم تفصيله أدناه.

2-الشروط الشكلية: حددتها المادتين 6 و7 من القانون العضوي، وتتمثل في:

- أن يقدم الدفع بواسطة مذكرة مكتوبة ومنفصلة ومسببة.

- إذا كان الدفع أمام الاستئناف، فيقدم بموجب مذكرة مكتوبة مرفقة بالتصريح بالاستئناف.

- يتم الفصل في إرسال الدفع للمحكمة العليا أو لمجلس الدولة من طرف الجهة القضائية بقرار مسبب، بعد استطلاع رأي النيابة العامة أو محافظ الدولة.

لقد وفق المشرع الجزائري في اشتراطه التسبيب سواء على مستوى طلب الدفع أو قرار إحالة الدفع للجهات القضائية العليا، من حيث كونه يساهم في إثبات مدى توفر الشروط الموضوعية.

ثانيا: إجراءات وآجال سير الدفع بعدم الدستورية

فرض المشرع الجزائري على غرار نظيره الفرنسي مجموعة من الإجراءات واجبة الاتّباع أمام الجهات القضائية وأمام المجلس الدستوري لممارسة الدفع بعدم الدستورية، محكومة بآجال محددة، وقد وفق في ذلك حتى لا يترك مصير الدفع بيد القضاء، من جهة، وكي لا يطيل أمد الفصل في النزاع من جهة ثانية.

1-                       إجراءات وآجال سير الدفع بعدم الدستورية أمام القضاء

تخضع إجراءات سير الدفع بعدم الدستورية أمام القضاء لقانون الإجراءات المدنية والإدارية وقانون الإجراءات الجزائية حسب الجهة التي أثير أمامها الدفع، بالإضافة إلى الأحكام المنصوص عليها في القانون العضوي71، والتي تهمنا في هذه الدراسة. وقد ميز المشرع بين الإجراءات والآجال أمام الجهات القضائية الدنيا وبين الإجراءات والآجال أمام الجهات القضائية العليا.

أ‌- الإجراءات والآجال أمام الجهات القضائية الدنيا

عند إيداع أحد أطراف الدعوى مذكرة تتضمن دفعا بعدم دستورية الحكم التشريعي، يتوجب على الجهة القضائية الفصل فيها فورا، طبقا لنص المادة 7 من القانون العضوي، وكلمة فورا تعني انعدام اجل محدد لذلك، وهو مسلك إيجابي للمشرع الذي يهدف من وراء الإسراع بالفصل في مسألة إرسال الدفع إلى الإسراع في حل النزاع الأصلي 72، بقرار مسبب73 قد تقبل بموجبه الهيئة القضائية الدفع وقد ترفضه:

- في حالة قبول الدفع من طرف الهيئة القضائية، يوجه القرار مع عرائض الأطراف ومذكراتهم إلى المحكمة العليا أو مجلس الدولة خلال أجل عشرة (10) أيام من صدوره، كما يبلغ إلى الأطراف، ولا يكون قابلا لأي طعن74.

- في حالة رفض إرسال الدفع من طرف الهيئة القضائية المقدم أمامها، يبلغ إلى الأطراف، ولا يمكن أن يكون محل اعتراض إلا بمناسبة الطعن ضد القرار الفاصل في النزاع أو في جزء منه، حيث يجب أن يقدم بموجب مذكرة مكتوبة ومنفصلة ومسببة75.

- في الحالة الأولى ترجئ الهيئة القضائية الفصل في الدعوى إلى غاية صدور قرار الهيئات القضائية العليا (المحكمة العليا أو مجلس الدولة) برفض إحالة الدفع إلى المجلس الدستوري، وإما بقبول إحالة الدفع وصدور القرار من المجلس الدستوري، غير أنه لا يترتب على هذه الإحالة وقف سير التحقيق، ويكون بإمكان الهيئة القضائية أخذ التدابير المؤقتة أو التحفظية اللازمة76. لكن المشرع فرض استثناءا على ذلك في الحالات التالية: الحالة  التي يكون فيها شخص محروم من الحرية بسبب الدعوى أو عندما تهدف الدعوى لوضع حد للحرمان من الحرية أو عندما ينص القانون على وجوب فصل الجهة القضائية خلال أجل محدد أو على سبيل الاستعجال77.وقد وضع المشرع حلا في حالة فصل الجهة القضائية الابتدائية دون انتظار القرار المتعلق بالدفع من طرف الهيئات القضائية العليا أو المجلس الدستوري وتم استئناف قرارها أو نقضه، بأن تقوم جهة الاستئناف أو النقض بإرجاء الفصل فيه إلا إذا توفرت الحالات المذكورة أعلاه، وذلك بموجب نص المادتين 11 في فقرتها الثانية و 12 من القانون رقم 18-16. وهو مسلك إيجابي حاول من خلاله المشرع منح الأولوية لاسترجاع المعني بالأمر حريته.

ب/ الاجراءات والآجال أمام الجهات القضائية العليا (المحكمة العليا ومجلس الدولة)

يوجه، طبقا لنص المادة 15 من القانون العضوي رقم 18-16، قرار إرسال الدفع بعدم الدستورية إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا أو رئيس مجلس الدولة، اللذين يستطلعان فورا رأي النائب العام أو محافظ الدولة، ويتم تمكين الأطراف المعنية بالدفع من تقديم ملاحظاتهم المكتوبة، وذلك مسلك ايجابي، لأنه يسمح للأطراف توضيح وتأكيد حججهم فيما يخص جدية الدفع. وقد حدد هذا القانون أجلا للفصل في إحالة الدفع بعدما لدستورية، يقدر بشهرين اثنين ابتداء من تاريخ استلام الإرسال المتضمن قرار الإحالة من الجهات القضائية الدنيا78، وهو نفس الأجل في حالة إثارة الدفع مباشرة أمام الجهات العليا79، وقدأكد المشرع على أولوية الفصل في هذا الدفع، وفي ذلك تأكيد ثان على ضرورة الإسراع بالفصل في الدفع المثار حتى لا يطول الفصل في النزاع المطروح. وفي حالة عدم فصل الجهات العليا في هذا الأجل يحال الدفع تلقائيا إلى المجلس الدستوري طبقا لنص المادة 20 من القانون العضوي.

حدد المشرع الجزائري في هذه المرحلة تشكيلة الجهة القضائية العليا الفاصلة في إحالة الدفع إلى المجلس الدستوري والمتمثلة في رئيس الجهة القضائية أو نائبه عند تعذر ذلك، رئيس الغرفة المعنية وثلاثة (3) مستشارين بتعيين من الرئيس الأول لهذه الجهة80.

يرسل القرار المسبب الصادر عن الجهة القضائية العليا، حسب الحالة، مرفقا بمذكرات وعرائض الأطراف، وذلك طبقا لنص المادة 17 من القانون العضوي.

يتم إرجاء الفصل في الطعن أمام المحكمة العليا أو مجلس الدولة إلى حين البت من طرف المجلس الدستوري في الدفع، إلا إذا تحققت حالة من الحالات المذكورة أعلاه التي تؤدي إلى الفصل مباشرة في الدعوى81 ، وذلك بموجب نص المادة 18 من القانون العضوي.

يتم إعلام الجهة القضائية التي أرسلت الدفع بعدم الدستورية بقرار الجهات القضائية العليا حسب الحالة، كما يتم تبليغه للأطراف في أجل عشرة (10) أيام من تاريخ صدوره، وذلك طبقا لنص المادة 19 من القانون العضوي رقم 18-16.

النتيجة التي نخلص إليها أن المشرع الجزائري قد وضع نظام تصفية للدفوع بعدم الدستورية المقدمة، بواسطة الهيئات القضائية على درجتين، الدرجة الأولى تتم أمام الجهات القضائية الدنيا والدرجة الثانية تتم أمام الجهات القضائية العليا.

2-                       إجراءات وآجال سير الدفع بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري

تتم الإجراءات أمام المجلس الدستوري بعد الإحالة التي تتم إليه من طرف المحكمة العليا أو مجلس الدولة طبقا لنصوص النظام المحدد لقواعد عمله82، والأحكام المنصوص عليها في القانون العضوي رقم 18-16 وهي كالتالي:

- يقوم رئيس المجلس الدستوري بإعلام رئيس الجمهورية عند إحالة الدفع بعد الدستورية إليه، كما يعلم رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول، بهدف تقديم ملاحظاتهم للمجلس حول الدفع المقدم بموجب نص المادة 21 من هذا القانون.

- تكون جلسة المجلس الدستوري علنية إلا في الحالات الاستثنائية المحددة في النظام المحدد لقواعد عمله83، لذلك وطبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون العضوي، يتم تمكين الأطراف، الممثلين من قبل محاميهم وممثل الحكومة من تقديم ملاحظاتهم وجاهيا، وبذلك يمكن ضمان تطبيق قواعد محاكمة عادلة84.

- لا يؤثر انقضاء الدعوى التي تمت بمناسبتها إثارة الدفع بعدم الدستورية، لأي سبب كان، على الفصل في الدفع المثار أمام المجلس85.

- يتم تبليغ قرار المجلس الدستوري للهيئات القضائية العليا (المحكمة العليا أو مجلس الدولة) التي أثير أمامها الدفع بموجب المادة 24 من القانون العضوي، والذي يكون مضمونه إما تأكيد دستورية الحكم التشريعي، ومنه الإبقاء عليه ضمن المنظومة القانونية وإما إلغاؤه. ويسري قرار الإلغاء من اليوم الذي يحدده قرار المجلس الدستوري، وذلك طبقا لنص المادة 191 من التعديل الدستوري لسنة 2016 التي نصت في فقرتها الثانية على ما يلي:" إذا اعتبر نص تشريعي ما غير دستوري على أساس المادة 188أعلاه، فإن هذا النص يفقد أثره ابتداء من اليوم الذي يحدده قرار المجلس الدستوري". ويفسر ذلك بمراعاة دواعي الأمن القانوني ولإعطاء البرلمان الوقت الكافي لإعداد تشريع يصحح الملغى بسبب عدم دستوريته86.

خاتمة

خطا المؤسس الدستوري الجزائري، بواسطة التعديل الدستوري لسنة 2016، والقانون العضوي رقم 18-16 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة الدفع بعدم الدستورية، خطوة مهمة وكبيرة في اتجاه تفعيل الرقابة على دستورية القوانين من خلال الآليات الضامنة لها والتي يمكن ترتيبها على مستويين كما يلي:

-                       تم تكريس استقلالية المجلس الدستوري من طرف المؤسس الدستوري الجزائري لضمان تفعيل الرقابة على الدستورية من خلال:

1-                       تأكيد المؤسس الدستوري على أن المجلس الدستوري هيئة مستقلة ومنحه الاستقلال المالي والإداري.

2-                      توسيع تشكيلة المجلس الذي يبرره توسيع آلية الإخطار، ومنه احتمال زيادة كم رسائل الإخطار التي تصل إليه، وهو شيء إيجابي يخدم السير الحسن للهيئة، خصوصا وأن هذا التوسيع شمل الرفع من عدد القضاة. ولكن بالرغم من ذلك، بقي مركز رئيس الجمهورية ممتازا، على اعتبار أن رئيس المجلس ونائبه يعينان من طرف هذا الأخير، لذلك سيكون من الملائم تكريس قاعدة انتخابهما من طرف أعضاء المجلس الدستوري.

3-                       تحديد العهدة مع التجديد النصفي الدوري للأعضاء، الذي يسمح بضمان الاستمرارية وتجديد الكفاءات وصعوبة التأثير على الأعضاء من قبل الهيئة التي يتبعونها.

4-                       فرض شروط للعضوية في المجلس الدستوري تتعلق بالسن والخبرة والتخصص في مجال القانون عموما، وذلك ما يدعم قناعة الأعضاء بالقرار ومنه صعوبة إمكانية التأثير عليهم، وإلزامهم بالحياد والنزاهة والتحفظ.

5-                       تمتع الأعضاء بالحصانة القضائية في جانبها الجزائي المتعلق بارتكاب جناية أو جنحة، وبالرغم من ذلك يبقى استثناؤه للمخالفات وعدم تمييزه بين الحالة العادية التي ترتكب فيها الجريمة وحالة التلبس بها،أمرا غير مفهوم.

-                        تم توسيع آلية الإخطار لتحريك الرقابة على الدستورية، والتي تعد ضمانة أساسية لتفعيلها كما يلي:

1-                       تم توسيع آلية تحريك الرقابة من خلال توسيع نطاق الإخطار إلى الوزير الأول، عدد معين من نواب وأعضاء في الغرفتين (الأقلية البرلمانية)، والأفراد من خلال الدفع بعدم الدستورية، وهي المعروفة في فرنسا "بمسألة الأولوية الدستورية"، وبذلك يمكن أن نضمن إحالة العديد من النصوص القانونية التي كانت محصنة ضد الرقابة، بسبب احتكار كل من رئيس الجمهورية ورئيسي غرفتي البرلمان للإخطار، لكن من جهة أخرى تنال تضييقا في نطاق الرقابة، بإلغاء الرقابة اللاحقة على التنظيمات والمعاهدات التي لا تخضع لمصادقة البرلمان.

2-                      بعد صدور القانون العضوي رقم 18-16 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة الدفع بعدم الدستورية، وجدنا أن المشرع الجزائري قد اقتبس الكثير من أحكامه من القانون العضوي الفرنسي رقم 2009-1523، وأنه وضع بدقة شروط وإجراءات وآجال ممارسة الدفع بعدم الدستورية، سواء أمام الجهات القضائية الدنيا أم العليا أم المجلس الدستوري وذلك بواسطة:

أ-تحديده للجهات القضائية المختصة في إثارة الدفع بعدم الدستورية أمامها والمتمثلة في: الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي العادي والإداري، عند ورود القضايا إليها لأول مرة أو عند الاستئناف أو النقض، باستثناء محاكم الجنايات الابتدائية، ويكون بذلك قد وسع في دائرة الجهات القضائية المثار أمامها الدفع.

ب-منحه الحق في إثارة الدفع بعدم الدستورية لأطراف الدعوى: وهو بذلك قد وسع في دائرة الأشخاص الذين يحق لهم إثارة الدفع (أشخاص طبيعية، معنوية كأطراف أصلية أو أطراف المتدخلة).

ج-ضبطه للأجل الذي يحال خلاله الدفع بعدم الدستورية للجهات القضائية العليا و للمجلس الدستوري، بشكل يساهم في الإسراع في الإحالة والفصل في الدفع، ومنه في النزاع الأصلي المعروض أمام القضاء، بالإضافة إلى أنه لم يبق الأمر سلطة تقديرية للقضاة، حيث جاءت المواد ذات الصلة بصيغة الوجوب، بل وحتى انه فرض الإحالة التلقائية للمجلس الدستوري من الجهات القضائية العليا في حالة فوات الأجل من دون صدور قرار منها بالإحالة من عدمها.

د-تكريسه الإيجابي لإجراء عدم إرجاء الفصل في الدعوى بسبب إثارة الدفع في الحالتين المتعلقتين بـــ:

- حرمان المعني من الحرية بسبب الدعوى، أو عندما تهدف الدعوى إلى وضع حد للحرمان من الحرية، وهي مسألة حساسة تتعلق بحرية الشخص.

- إذا ألزم القانون الجهة القضائية المثار أمامها الدفع بالفصل في أجل محدد أو على سبيل الاستعجال.

ه-تكريسه لعلنية الجلسة والسماح للأطراف بتقديم ملاحظاتهم المكتوبة على مستوى المجلس الدستوري مسلك إيجابي ومتميز، يضمن تطبيق قواعد محاكمة عادلة من وجاهية وعلانية الجلسات ومرافعات المحامين وسرية المداولات.

و-مراعاة التوافق بين أحكام القانون العضوي الذي سيصدر وأحكام النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الصادر بالمداولة المؤرخة في 06أفريل 2016 الساري المفعول.

لكن ما يؤخذ على المشرع الجزائري:

1-                       إغفاله تحديد المقصود بمصطلح الحكم التشريعي ومضمونه الوارد بالمادة 188 من التعديل الدستوري والمادة 8 من القانون العضوي، حيث يبقى الأمر في حاجة إلى توضيح من المجلس الدستوري نفسه بواسطة قراراته المستقبلية.

2-إغفاله ضبط عبارة الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور: فهل تتضمن مجموع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور فقط (الفصل الرابع) أم حتى تلك الواردة في الديباجة، المعاهدات الدولية والتشريعات السارية المفعول.

وعليه سيكون من الملائم تدارك هذا الإغفال في المستقبل.

نأمل في الأخير أن لا يتوقف مآل المستجدات التي كرّسها التعديل الدستوري الجديد في مجال الرقابة على دستورية القوانين عند مجموعة من النصوص المضمنة في الدستور، خصوصا وأن المجلس الدستوري لم يتلق لحد اليوم إخطارا من أعضاء البرلمان أو من الوزير الأول، أو عند أحكام القانون العضوي، وإنما تجد لها تطبيقا في الواقع. لأنه بذلك نكون قد وصلنا إلى التفعيل الكامل بالتحول من التفعيل بالنصوص وهو ما حدث، إلى التفعيل على أرض الواقع.

1. وبعدها تم إلغاؤه نهائيا بمقتضى الأمر رقم 65-182 المؤرخ في 10-07-1965، يتضمن تأسيس الحكومة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، عدد 58 المؤرخة في 13-07-1965. الذي حدد المؤسسات المكلفة بإدارة الدولة، مستندا إلى بيان 19 جوان 1965 ومعتبرا مجلس الثورة هو صاحب السلطة المطلقة لحين وضع دستور للبلاد. وقد تم تكييفه بالدستور المصغر، والذي تجاهل مبدأ الرقابة على دستورية القوانين. أنظر بتفصيل أكثر: عمار عباس، "محطات بارزة في تطور الدساتير الجزائرية"، مجلة المجلس الدستوري، عدد 2 سنة 2013، ص.20.

أما دستور 1976 الصادر بالأمر رقم 76-97 المؤرخ في 22-11-1976 المتضمن الدستور، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 94 المؤرخة في 24-11-1976، فقد تجاهل تماما فكرة الرقابة على دستورية القوانين لعدم توافقها مع طبيعة النظام الذي أسسه القائم على التوجه الاشتراكي. أنظر: أوكيل محمد أمين، "المجلس الدستوري كنموذج للرقابة على دستورية القوانين في الجزائر، مسار مؤسسة"، مداخلة ألقيت في فعاليات الملتقى الوطني حول المجلس الدستوري في ضوء تعديل 6 مارس 2016 إصلاحات مقررة في انتظار الممارسة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمانميرة، بجاية، بتاريخ 27 أفريل 2017، ص ص.5-6.

2. على غرار فرنسا، مصر، الأردن، المغرب وتونس والعديد من الدول. وقد دفعت مجموعة من العوامل والظروف السياسية والاجتماعية لتعديل الدستور عموما وتفعيل مكانة المجلس الدستوري خصوصا، كما جاء استجابة للمطالب الملحة والمتكررة من قبل الفاعلين القانونيين والسياسيين بضرورة إصلاح هذه الهيئة، لأنها تجسد دولة القانون وتكفل الديمقراطية وتكرس مبدأ الفصل بين السلطات وتحمي الحقوق والحريات. وقد مر مشروع مراجعة الدستور بثلاثة مراحل من المشاورات على مدار السنوات 2011-2012-2014، قادتها لجان مختصة عبر مراحل مختلفة كلفت بإعداد مشروع القانون التمهيدي لمراجعة الدستور بعد استشارة رجال السياسية والعديد من الشخصيات الوطنية والكفاءات والجمعيات الوطنية والنقابات والمهنيين. أنظر: عمار عباس، المرجع السابق، ص ص.9-10، فؤاد خوالدية، "المجلس الدستوري 2016-قراءة قانونية وسياسية في الحال والمآل"، مداخلة ألقيت في فعاليات الملتقى الوطني حول المجلس الدستوري في ضوء تعديل 6 مارس 2016 إصلاحات مقررة في انتظار الممارسة، المرجع السابق، ص. 2.

3. القانون رقم 16-01 المؤرخ في 06-03-2016 يتضمن التعديل الدستوري، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، عدد 14 بتاريخ 07-03-2016.

4. وفقا لما ورد في رأي المجلس الدستوري رقم 01-16 يتعلق بمشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 3 المؤرخة في 03-02-2016.

5. الصادر بالقانون الدستوري رقم 2008-724 المؤرخ في 23-07-2008، ج.ر عدد 0171 بتاريخ 24-07-2008. متوفر على الموقع من الانترنت :

www.conseil-constitutionnel.fr, (20-06-2016).

6. المؤرخ في 02-09-2018، ج.ر عدد 54 مؤرخة في 05-09-2018.

7. مسعود شيهوب، "الرقابة على دستورية القوانين – النموذج الجزائري-"، مجلة الفكر البرلماني، العدد التاسع، جويلية 2005، ص. 23.

8. رشيدة العام، المجلس الدستوري الجزائري، دار الفجر، القاهرة، 2006، ص. 127، عمار عباس، "دور المجلس الدستوري في ضمان مبدأ سمو الدستور"، مجلة المجلس الدستوري، العدد 01-2013، ص ص. 66-67.

9.  بموجب نص المادة 183 في فقرتها الأولى من هذا التعديل.

10.بالرغم من التساؤلات التي كانت قد طرحت بشأن تشكيلة المجلس الدستوري في ظل التعديل دستوري 1996، بسبب إقحام العنصر القضائي، على اعتبار أنه إذا كانت الرقابة على دستورية القوانين معتبرة عند المؤسس الدستوري مجرد عمل قضائي تقني يتعلق بنزاع قانوني بين طرفين، فالأجدر به أن تؤسس له هيئة قضائية خاصة تشكل من قضاة، وإذا كانت هذه الرقابة معتبرة عملا سياسيا بالدرجة الأولى، فالأجدر أن يسحب القضاة من تشكيلة المجلس تماما انسجاما مع طبيعة عمل المجلس وحفاظا على مبدأ الفصل بين السلطات. أنظر: مسعود شيهوب، المرجع السابق، ص. 24.

11.إذا كان الأمر في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996 يوحي بأن السلطة التشريعية تتميز بالتفوق العددي في التعيين لأنها تنتخب أربعة من بين أعضائها، اثنين من كل غرفة، بينما يعين رئيس الجمهورية ثلاثة أعضاء، فإن الحقيقة أن مجلس الأمة أنشئ كغرفة موازية للمجلس الشعبي الوطني ومدعمة لمركز رئيس الجمهورية، بالإضافة لاحتمالات التأثير السياسي الذي يمارسه رئيس الجمهورية على نواب وأعضاء البرلمان المنتمين للتيار السياسي نفسه.

12.وهو الجديد الذي كرسه المؤسس الدستوري في تعديل 2016، والذي كان غائبا في تعديل 1996 وفي النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الصادر بموجب المداولة المؤرخة في 16 أفريل 2012، ج.ر عدد 26 بتاريخ 03-ماي-2012 (الملغى)، ضمن نص المادة 16-3 منه، وأكد عليه النظام الجديد المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الصادر بالمداولة المؤرخة في 06-أفريل 2016، ج.ر عدد 29 بتاريخ 11 ماي 2016 بموجب المادة 20 منه.

13.بموجب نصوص المواد من 15 إلى 17 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016.

14.أضفت طريقة تشكيل المجلس عليه طابعا سياسيا لعدم وجود نص في التعديل الدستوري لسنة 1996 يقضي بوجوب تعيين الأعضاء الثلاثة من خارج الانتماءات الحزبية، فضلا عن أن الأعضاء المنتخبين في الغرفتين هم من ذوي الانتماءات السياسية، وهو ما يضع مسألة الحياد المفترض للمجلس محل شك. أنظر: مسعود شيهوب، المرجع السابق، ص. 24، عن

M.Duverger, institutions politiques et droit constitutionnel, P.U.F, Paris, 1970, p. 827.

15.نصت المادة 182 من التعديل الدستوري الجديد على ما يلي:" المجلس الدستوري هيئة مستقلة تكلف بالسهر على احترام الدستور...يتمتع المجلس الدستوري بالاستقلالية الإدارية والمالية"

16.ليس معنى ذلك أن التعديل الدستوري لسنة 1996 لم يتضمن أيا من هذه الضمانات، فقد كرس العهدة غير القابلة للتجديد وحالات التنافي كما سيتم تفصيله.

17.فحتى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عندما يعين أعضاء المحكمة الفيدرالية الأمريكية يختار الأشخاص المقربين لأفكاره السياسية. أنظر: هنري روسيون، المجلس الدستوري، ترجمة محمد وطفة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2001، ص. 22.

18.يعتبر نظام العهدة ضمانة لاستقلالية هيئات أخرى على غرار السلطات الإدارية المستقلة التي تتميز بطريقة التعيين نفسها.

.19.عزيز جمام، عدم فعلية الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون، تخصص تحولات الدولة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري- تيزي وزو، (د.ت.م)، ص. 45.

20.هنري روسيون، المرجع السابق، ص. 24.

21.رشيدة العام، "المجلس الدستوري تشكيل وصلاحيات"، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر بسكرة، العدد السابع، فيفري 2005، ص.2. متوفر على الموقع من الانترنت:

www.webreview.dz/...21_le_conseil_constitutionel_Alaam.pdf, (19-05-2016).

22.راجع المواد من 79 إلى 81 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016 المذكور سابقا.

23.كانت مدة العهدة في ظل التعديل الدستوري لسنة 1996 مقدرة ب6 سنوات قابلة للتجديد الدوري لنصف عدد الأعضاء كل ثلاث(3) سنوات، بموجب نص المادة 164 منه.

24.بموجب نص المادة 183 في فقرتيها 3 و4 الآتي نصهما:" يعين رئيس الجمهورية رئيس ونائب رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات. يضطلع أعضاء المجلس الدستوري بمهامهم مرة واحدة مدتها ثماني(8) سنوات، ويجدد نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل أربع (4) سنوات"

25.بموجب المادة 56 من الدستور الفرنسي، بالإضافة إلى المشرع الإيطالي والإسباني، أما المشرع الألماني فقد جعل مدة العهدة اثنتا عشر (12) شهرا.

26.هنري روسيون، المرجع السابق، ص. 24.

27.مسعود شيهوب، المرجع السابق، ص. 36.

28.نصت المادة 184 على ما يلي:" يجب على أعضاء المجلس الدستوري المنتخبين أو المعينين ما يأتي:

بلوغ أربعين (40) سنة كاملة يوم تعيينهم أو انتخابهم.

التمتع بخبرة مهنية مدتها خمس عشرة (15) سنة على الأقل في التعليم العالي في العلوم القانونية، أو في القضاء، أو في مهنة محامي لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة".

29.بموجب نص المادة 164 في فقرتها الثانية التي نصت على ما يلي:" بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم، يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى". إن أعضاء المجلس الدستوري بمجرد تولي مناصبهم لدى المجلس الدستوري يجب عليهم التخلي عن أي وظيفة أو مهمة، والهدف من هذا الإجراء ضمان استقلاليتهم التامة لأداء مهامهم خاصة اتجاه الجهة المعينة لهم، كما يمنع السماح بذكر صفة العضو في أية وثيقة يزمع نشرها تتعلق بنشاط عام أو خاص، وهذا لمنع العضو من استغلال صفته لأغراض شخصية. أنظر: رشيدة العام، المرجع السابق، ص. 2.

كما لا يمكن للأعضاء الانتماء إلى حزب سياسي أو المشاركة في تظاهرات ذات طابع سياسي. وقد كرس النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016 هذا الشرط بموجب نص المادة 77 منه.

30.بالرغم من الحظر الكلي والشامل للجمع بين الوظائف، لكن المجلس الدستوري خفف من هذا التشديد بالسماح لأعضائه بالمشاركة في الأنشطة الثقافية والعلمية والفكرية التي لها علاقة بعمل المجلس الدستوري، على ألا يؤثر ذلك على استقلالية المجلس وحياده بموجب المادة 78 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016 ، الآتي نصها:" يمكن لرئيس المجلس الدستوري أن يرخص لأحد أعضاء المجلس الدستوري بالمشاركة في الأنشطة العلمية والفكرية إذا كانت لهذه المشاركة علاقة بمهام المجلس ولا يكون لها تأثير على استقلاليته ونزاهته. يقدم العضو عرضا عن مشاركته في أول اجتماع يعقده المجلس الدستوري".

31.بموجب نص المادة 148 من التعديل الدستوري لسنة 1996 والتي تقابلها المادة 166 من التعديل الدستوري لسنة 2016.

32.بموجب نص المادة 109 من التعديل الدستوري لسنة 1996 والذي يقابله نص المادة 126 من التعديل الدستوري لسنة 2016.

33.بموجب نص المادة 110 من 96 التي تقابلها المادة 127.من التعديل الدستوري لسنة 2016. للتفصيل أكثر حول الحصانة البرلمانية أنظر: وليد العقون، "الحصانة البرلمانية"، مجلة النائب، العدد 4، 2004، ص ص 39-41.

34.وأكدت عليها المادة 83 من النظام المحدد لقواعد المجلس الدستوري لسنة 2016، والتي حددت الهيئة المكلفة بتقديم طلب رفع الحصانة وهي وزير العدل حافظ الأختام، حيث يتولى المجلس الدستوري دراسة الطلب بعد الاستماع للعضو المعني للتأكد من مدى جدية الطلب والفصل فيه بالإجماع دون حضور العضو. يعني اشتراط الإجماع أنه في حالة عدم تحقق الشرط لا يتم رفع الحصانة، ومنه عدم إمكانية متابعة العضو.

35.نورة هارون، " عن الحصانة القضائية لأعضاء المجلس الدستوري"، مداخلة ألقيت في فعاليات الملتقى الوطنيحول المجلس الدستوري في ضوء تعديل 6 مارس 2016 إصلاحات مقررة في انتظار الممارسة، المرجع السابق، ص.4.

36.أكدت على هذا الالتزام المادة 76 من النظام المحدد لقواعد المجلس الدستوري لسنة 2016 التي نصت على ما يلي:" يجب على أعضاء المجلس الدستوري أن يمارسوا وظيفتهم بنزاهة وحياد، وأن يحفظوا سرية المداولات، وأن يمتنعوا عن اتخاذ أي موقف علني في أي قضية تخضع لاختصاص المجلس الدستوري طبقا للمادة 183 (فقرة أخيرة) من الدستور. كما يجب عليهم أن يلتزموا بواجب التحفظ". واجب التحفظ هو التزام واقع على عاتق أعضاء المجلس الدستوري، يفرض عليهم الامتناع عن الكشف عن أسرار المداولات وما دار فيها من نقاشات والوجهة التي اتخذها صوت كل عضو، وتجنب إبداء رأي علني أو استشارات أو فتاوى تتعلق بقضايا ومسائل تبقى إمكانية عرضها على المجلس الدستوري للبت فيها قائمة، كأن يجري أحد الأعضاء حوارا صحفيا يكشف من خلاله عن موقفه إزاء قرار حكومي أو قانون صادق عليه البرلمان، بالخصوص تلك القرارات والقوانين التي تواجه باهتمام خاص للرأي العام. أنظر: عزيز جمام، المرجع السابق، ص ص. 54-55.

37.المؤرخ في 10-12-2009 المتعلق بتطبيق المادة 61-1 من الدستور، ج.ر عدد 0287 بتاريخ 11-12-2009. أنظر:

https//www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JOR FTEXT000021446446, (20-06-2016).

38.مسعود شيهوب، المرجع السابق، ص.27.

39.نصت المادة 165 على ما يلي:" يفصل المجلس الدستوري، بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى التي خولتها إياه صراحة أحكاما أخرى في الدستور، في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات، إما برأي قبل أن تصبح واجبة النفاذ أو بقرار في الحالة العكسية. يبدي المجلس الدستوري، بعد أن يخطره رئيس الجمهورية رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان. كما يفصل المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور، حسب الإجراءات المذكورة في الفقرة السابقة".

40.محمد منير حساني، "توسعة حق إخطار المجلس الدستوري للبرلمانيين تأمين للوظيفة التشريعية"، مداخلة ألقيت في إطار فعاليات الملتقى الدولي الأول حول التطوير البرلماني في الدول المغاربية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ورقلة، 15-16/02/2012، ص.3.

41.كمال زغوم وحسني بوديار، "علاقة الحكومة بالبرلمان"، مداخلة ألقيت في إطار وقائع الندوة الوطنية حول العلاقة بين الحكومة والبرلمان، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، يومي 23-24 أكتوبر 2000، ص. 104؛ محمد بوسلطان، "علاقة الحكومة بالبرلمان"، مداخلة ألقيت في إطار وقائع الندوة الوطنية حول العلاقة بين الحكومة والبرلمان، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان،يومي 23-24 أكتوبر 2000، ص. 123.

42.بموجب نص المادة 127 من التعديل الدستوري لسنة 1996 التي نصت على ما يلي: "يمكن رئيس الجمهورية أن يطلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه في غضون الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ إقراره. وفي هذه الحالة لا يتم إقرار القانون إلا بأغلبية ثلثي (2/3) أعضاء المجلس الشعبي الوطني " ويقابلها نص المادة 145 من التعديل الدستوري لسنة 2016، التي وسعتا لإقرار في المداولة الثانية إلىأعضاء مجلس الأمة أيضا.

43.والتي تقابلها المادة 126 من التعديل الدستوري لسنة 1996.

44.يتوافق هذا المنطق تماما مع منطق التشريع في حد ذاته في حفظ الحقوق والحريات العامة وحفظ سيادة القانون. أنظر: محمد منير حساني، المرجع السابق، ص.4.

45.معظم النصوص التشريعية الصادرة مصدرها مشاريع قوانين محالة على مكتب المجلس الشعبي الوطني. راجع الجريدة الرسمية لمداولات المجلس الشعبي الوطني على موقع المجلس الشعبي الوطني على الانترنت .www.apn.dz

46.راجع موقع المجلس الدستوري الجزائري على الانترنت.

47.محمد منير حساني، المرجع السابق، ص.14.

48.عزيز جمام، المرجع السابق، ص. 83.

49.محمد منير حساني، المرجع السابق، ص.04.

50.محمد بجاوي، "المجلس الدستوري، صلاحيات، إنجازات وآفاق"، مجلة الفكر البرلماني، العدد الخامس، 2004، ص.44.

51.نصت المادة 188 في فقرتها الأولى على ما يلي:" يمكن إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور".

52.. يعد أسلوب الدفع بعدم الدستورية إحدى صور الرقابة القضائية على دستورية القوانين بجانب أسلوب الدعوى الأصلية، ويستهدف هذا الأسلوب استبعاد تطبيق القانون المطعون ضده بعدم الدستورية على النزاع المعروض دون المساس بالقانون، لكن الحكم باستبعاد تطبيق القانون تبقى له حجية نسبية. ويعرف في الولايات المتحدة الأمريكية برقابة الامتناع. كرسته العديد من دساتير الدول العربية في السنوات الأخيرة، على غرار الدستور الأردني لسنة 2011 والدستور المغربي لسنة 2011 والدستور التونسي لسنة 2014، وهي دول تتبع نهج الرقابة على دستورية القوانين بواسطة محكمة دستورية. وقد أنتج التفاعل الحاصل بين أنظمة الرقابة على دستورية القوانين (القضائية والسياسية)، أسلوبا مختلطا بإدخال الرقابة عن طريق الدفع بعدم الدستورية، ضمن نظام الرقابة السياسية في فرنسا منذ تعديل الدستور لسنة 2008 والجزائر منذ تعديل الدستور سنة 2016، في إطار الرقابة اللاحقة، أنظر بتفصيل أكثر حول إجراء الدفع بعدم الدستورية: محمد عبد الله الشوابكة، رقابة الامتناع على دستورية القوانين دراسة مقارنة، دار الثقاقة للنشر والتوزيع، عمان، 2012، ص ص. 112-118.

53.M. Disant, droit de la question prioritaire de constitutionnalité cadre juridique pratiques jurisprudentielles, éditions Lamy, Paris, 2011, pp. 16-19 ; M.-J. Redor-Ficho, "le conseil constitutionnel la question prioritaire de constitutionnalité et les droits et libertés que la constitution garantit", C.R.D.F,n°9, 2011, p.41, in http://www.unicaem.fr/puc/images/crotf0904redor.pdf (16-05-2016).

قبل صدور هذا التعديل كانت الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا تتنوع، حسب نص المادة 61 من دستور 1958، إلى رقابة وجوبية ورقابة جوازية، يندرجان ضمن الرقابة السابقة على إصدار النص. فأما الرقابة الوجوبية، فهي التي فرضتها الفقرة الأولى من هذه المادة، والتي تخص القوانين العضوية واللوائح الخاصة بالمجالس البرلمانية، التي لا يجوز إصدارها قبل عرضها على المجلس الدستوري وإقراره له. أما الرقابة الجوازية، وهي التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة نفسها، والخاصة بما يراه رئيس الجمهورية أو الوزير الأول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ ضروريا من مشروعات قوانين يجب تقرير مدى دستوريتها. كما أضاف التعديل الدستوري لسنة 1974 جهة أخرى يحق لها عرض مدى دستورية القوانين إلى 60 عضوا من الجمعية الوطنية أو 60 عضوا من مجلس الشيوخ. للتفصيل أكثر أنظر:

A.Robolt-Troizier préface de M.Verpeaux, contrôle de constitutionnalité et normes visées par la constitution Française. Recherche sur la constitutionnalité par renvoi, Dalloz, Paris, 2007, pp. 19-25 ; Philippe. Ardant, B. Mathieu, institutions politiques et droit constitutionnel, 22e édition, L.G.D.J., Paris, 2010, pp. 122-126.

54.نصت المادة 61/1 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 بعد تعديل سنة 2008:

Article 61-1 "Lorsque, à l'occasion d'une instance en cours devant une juridiction, il est soutenu qu'une disposition législative porte atteinte aux droits et libertés que la Constitution garantit, le Conseil constitutionnel peut être saisi de cette question sur renvoi du Conseil d'État ou de la Cour de cassation qui se prononce dans un délai déterminé.
Une loi organique détermine les conditions d'application du présent article".

55.علي عيسى اليعقوبي، "تعديل 23 تموز 2008 الدستوري وأثره في تطور الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا"، مجلة العلوم القانونية، جامعة بغداد، السنة 2012، المجلد 27، ص. 390.

56.وصف أغلب الفقه الدستوري الفرنسي مسألة الأولوية الدستورية بالثورة الصامتة، حيث تحول بإدراجها مستقبل الرقابة الدستورية القبلية إلى مستقبل مظلم. أنظر:

S. Mouton, quel avenir pour le contrôle a priori, in X.Magnon et autres (sous-direction), le réflexe constitutionnel. Qestion sur la question prioritaire de constitutionnalité, Bruylant, Bruxelles, 2013, p. 189.

57.ودخل هذه القانون العضوي التطبيق الفعلي من الأول من جانفي 2010.

58.علي عيسى اليعقوبي، المرجع السابق، ص. 402؛M. Disant, Op. Cit., pp.22-24.

59.والمتعلقة برقابة دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات، والتي نصت على ما يلي:" بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى... يفصل المجلس الدستوري برأي في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات."، وهي المادة التي عوضت المادة 165 من التعديل الدستوري لسنة 1996 والتي كان نصها كالتالي:" يفصل المجلس الدستوري بالإضافة إلى الاختصاصات...في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ، أو بقرار في الحالة العكسية..."  وهي "أو بقرار في الحالة العكسية" العبارة المحذوفة، ما يدل أن المؤسس الدستوري قد استغنى بشأن المعاهدات والقوانين والتنظيمات عن الرقابة اللاحقة.

60.وقد أكد النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لسنة 2016 على ذلك. راجع المواد 5، 8 و9 من هذا النظام.

61.يثار الدفع بعدم دستورية القانون أو مسألة الأولوية الدستورية أمام المحاكم الفرنسية بمختلف درجاتها، سواء كانت محاكم درجة أولى أو محاكم استئناف أو محكمة نقض، ومهما كان نوع القضية إدارية أو عادية.  كما يجب أن يكون الطعن المقدم إلى الجهة القضائية مكتوبا ومسببا ومنفصلا عن إجراءات الدعوى الأخرى، حتى يتمكن القاضي من النظر فيه مباشرة دون تأخير معلنا أولويته على بقية إجراءات الدعوى. فإذا كان الطعن مستوفيا للشروط التي وضعها القانون العضوي رقم 1523 المؤرخ في 10 ديسمبر 2009، وجب على القاضي العادي إحالة القضية إلى محكمة النقض أو مجلس الدولة، إن كان القاضي إداري. أما إذا رفض القاضي إحالة الطعن لكونه غير مقبول، فإن قراره يكون قابلا للطعن أمام محكمة النقض أو مجلس الدولة حسب نوع القضية. وعلى هاتين الجهتين القضائيتين الفصل في الطعن في مدة لا تتجاوز ثلاث أشهر،بعدما يتخذ القرار بإحالة الطعن أمام المجلس الدستوري، وبالتالي قبول الطعن المقدم من الطرف الذي رُفِضَ طعنه في المرة الأولى، أو أن يرفض ويرد نهائيا إلى الطاعن. ويكون قرار محكمة النقض أو مجلس الدولة نهائيا وغير قابل للطعن. إذن يجب على القاضي المعروضة عليه مسألة الأولوية أن يسخر وسائله الفكرية والقانونية الضرورية للفصل في هذه المسألة بسرعة، لذلك عملت فرنسا على برمجة مخطط تكوني على ثلاث مستويات: وطني، محلي مع استعمال تكنولوجيات جديدة. أنظر: علي عيسى اليعقوبي، المرجع السابق، ص ص. 392-393. أنظر:  

C. Coleno, la QPC et la formation des magistrats, in X.Magnon et autres (sous-direction), Op.Cit.,, pp. 25-28 ;

Julien Bonnet, le control de la loi par le juge ordinaire ou les carences de la question préjudicielle en appréciation de la constitutionnalité des lois,http://www.droitconstitutionnel.org., (01-12-2018)

62.تتمثل النصوص القانونية التي تكون محل الطعن فيها بعدم الدستورية بطريق الدفع في فرنسا، في تلك التي تصدر عن البرلمان، وهي القوانين العادية والقوانين العضوية والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية ويصادق عليها البرلمان، والقوانين الصادرة من كاليدونيا الجديدة (كاليدونيا الجديدة هي إقليم تابع لفرنسا يقع في أوقيانوسيا، استقر فيها البريطانيون والفرنسيون أثناء النصف الأول من القرن 19 و امتلكته فرنسا سنة 1853.) ، أما المراسيم الرئاسية والأوامر والقرارات الفردية فلا تكون محلا للطعن لأنها ستكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري.أنظر:

M. Disant, Op., Cit., pp.34-37 ; Le conseil constitutionnel, la question prioritaire de constitutionnalité ; www.conseil-constitutionnel.fr/conseil-constitutionnel/root/bank_mm/QC/plaqelle_qpc.pdf ( 16-05-2016).

63.كان المجلس الدستوري الجزائري قد وسع من الكتلة الدستورية إلى أبعد الحدود بمناسبة فصله في مختلف الاخطارات الموجهة إليه، من الديباجة إلى المعاهدات الدولية في قراره رقم 20-08-1989 حول قانون  الانتخابات، إلى الأعراف الدستورية في قراره المؤرخ في 30-08-1989 حول القانون الأساسي للنائب. أنظر: عمار عباس، انفتاح القضاء الدستوري على المتقاضين ومساهمته في تنقية النظام القانوني، مجلة المجلس الدستوري، العدد7-2016، ص ص.34-35 وموقع المجلس الدستوري الجزائري على الانترنت: www.conseil-constitutionnel.dz

64.أما الحقوق والحريات المكفولة دستوريا والتي يمكن الطعن بشأنها وفق الآلية الدفع بعدم الدستورية في فرنسا، والتي تكون الأحكام التشريعية الصادرة بشأنها صالحة للطعن بعدم الدستورية، فهي الحقوق والحريات التي تتضمنها التشريعات التالية:دستور 1958، النصوص التي أحالت إليها ديباجة دستور 1958، وهي إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 وديباجة دستور 1946، المبادئ الأساسية التي اعترفت بها قوانين الجمهورية الفرنسية المشار إليها في ديباجة دستور 1946 مثل حرية تأسيس الجمعيات وحرية التعليم وغيرها، وأخيرا الميثاق البيئي لسنة 2004. أنظر:

Le conseil constitutionnel, la question prioritaire de constitutionnalité, Op.Cit,

65.بناء على نص المادة 189 في فقرتها الثانية التي نصت على ما يلي:" عندما يخطر المجلس الدستوري على أساس المادة 188 أعلاه، فإن قراره يصدر خلال الأشهر الأربعة التي تلي تاريخ إخطاره. ويمكن تمديد هذا الأجل مرة واحدة لمدة أقصاها أربعة أشهر بناء على قرار مسبب من المجلس ويبلغ إلى الجهة القضائية صاحبة الإخطار".

.66.وهو ما ورد في نص الفقرة الأولى من نص المادة 189 الآتي:" يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة ويعطي رأيه أو يصدر قراره في ظرف الثلاثين (30) يوما من تاريخ الإخطار، وفي حالة وجود طارئ وبطلب من رئيس الجمهورية يخفض هذا الأجل إلى عشرة (10) أيام".

67.حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 188 على ما يلي:" تحدد شروط وكيفيات تطبيق هذه الفقرة بموجب قانون عضوي".

68.وقد وضع هذا القانون العضوي الصادر في 10/12/2009 ثلاثة ضوابط يعتمدها المجلس الدستوري لفحص النص المطعون فيه عندما يصله الطعن من مجلس الدولة أو محكمة النقض، وهي:

1-أن يكون النص التشريعي المطعون فيه ينطبق على النزاع بين الطرفين أو على الإجراءات القضائية المطبقة عليهم أو ركنا أساسيا في المحاكمة.

2-أن يكون النص التشريعي المطعون فيه غير منظور فيه سابقا أمام المجلس الدستوري ولم يقض المجلس الدستوري بمطابقته للدستور، مع استثناء ظروف جديدة استجدت.

3-أن يكون الطعن المقدم ذو طبيعة جدية.

وبتوافر هذه الشروط واتصال المجلس الدستوري بالطعن، يفصل فيه خلال ثلاث أشهر. ونظرا لقصر هذه المدة، وجب أن يكون تبادل اللوائح والإخطارات بطريقة الكترونية عن طريق البريد الالكتروني. وبعد الانتهاء من تبادل اللوائح بين الأطراف، ينظر النزاع في جلسة عامة يمكن فيها المحامون من تقديم مذكراتهم الشفهية، ثم يصدر المجلس قراره.

إذا قرر المجلس الدستوري بأن النص المطعون فيه غير دستوري يتم إلغاؤه. ويكتسب هذا القرار حجية مطلقة في مواجهة العامة، أما إذا قرر بأن النص متطابق مع الدستور، فإن هذا الأخير يحتفظ بمكانته ضمن القوانين الفرنسية ويجب على القضاء تطبيقه.

69.طبقا لنص المادة 3 من القانون العضوي رقم 18-16.

70.طبقا لنص المادة 4 من القانون العضوي رقم 18-16.

71.طبقا لنص المادة 5 من القانون العضوي رقم 18-16.

72.إلا إذا كان الدفع مقدما أمام محكمة الجنايات الاستئنافية، فيجب أن تفصل فيه قبل فتح باب المناقشة، طبقا لنص المادة 3 من القانون رقم 18-16 في فقرتها الأخيرة.

73.اشترطت المادة 7 من القانون العضوي رقم 18-16 في فقرتها الأخيرة صدور القرار من الجهة القضائية التي تضم مساعدين غير قضاة دون حضورهم.

74.طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 9 من القانون العضوي رقم 18-16.

75.طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 9 من القانون العضوي رقم 18-16

76.طبقا لنص المادة 10 من القانون العضوي رقم 18-16.

77.طبقا لنص المادة 11 من القانون العضوي رقم 18-16 في فقرتها الأولى.

78.طبقا لنص المادة 13 من القانون العضوي

79.طبقا لنص المادة 14 من القانون العضوي. لكن الاجل هنا يسري ابتداء من تاريخ استلام مذكرة الدفع.

80.طبقا لنص المادة 16 من القانون العضوي رقم 18-16.

81.بموجب المادة 11 و12 من القانون العضوي

82.الصادر بتاريخ 6 أفريل 2016، ج.ر عدد 29 المؤرخة في 16 ماي 2016.

83.حيث نصت المادة 20 من النظام المحدد لقواعد عمله لسنة 2016 على أنه:" يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة"

84.عمار عباس، المرجع السابق، ص. 47.

85.طبقا لنص المادة 23 من القانون العضوي.

عمار عباس، انفتاح القضاء الدستوري...، المرجع السابق، ص ص.44-45.

@pour_citer_ce_document

الهام خرشي, «آليات تفعيل الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 43-60,
Date Publication Sur Papier : 2019-06-24,
Date Pulication Electronique : 2019-06-24,
mis a jour le : 24/06/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=5665.