الاتصال العمومي وإدارة الفضاء العامPublic communication and management of public space
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 Vol 16- 2019

الاتصال العمومي وإدارة الفضاء العام

Public communication and management of public space
ص ص 97-109
تاريخ الارسال: 23/10/2018 تاريخ القبول: 13/06/2019

اناس رغيس
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

 يعتبر الاتصال العمومي كآلية أساسية لإدارة الفضاء العام الذي يتيح لأفراده فرصا للتحاور والتعايش من أجل تحقيق الإجماع والتفاهم والاتفاق ضمن الفضاء العمومي الذي من المفترض أن يبنى ويدار على أسس وقيم المشاركة ، الشفافية، التداول، الشرعية، الحق في الحصول على المعلومة بين كافة أطياف هذا الفضاء، في الوقت الذي عرف هذا الأخير تحولات بنيوية جعلته ينحرف عن وظائفه النقدية  التي تأسس من أجلها لصالح  وظائف تخدم جماعات المصالح بعد أن كان يمثل دور الوسيط بين حاجات المجتمع- الدولة، والإشهاري التي حولت هذا الفضاء إلى حلبة خاضعة لقوى المال والسلطة. في هذا الإطار يمكن أن يمثل الاتصال العمومي مقاربة متكاملة المعالم تتيح بدائل للممارسات الاتصالية السابقة من خلال المبادئ الحاكمة له على غرار الشفافية والمشاركة، وهو ما سنحاول الوقوف عليه من خلال هذا المقال.

الكلمات المفاتيح: ، الشفافية.

Public communication is considered as an essential mechanism for managing public space which allows for its member’s opportunities for dialogue and coexistence in order to achieve consensus, understanding and agreement within the public space that is supposed to build and run the bases and values of participation, transparency, legality, and the right to obtain information. However, this space has known structural transformations which help in deviating it from its established critical functions in favor of serving interest groups. In other words, dialectical communication patterns which lack moral backgrounds along the lines of political and advertisement communication turned this space into an arena subject to money and power forces.  Thus, this paper seeks to highlight the way public connection can represent an approach with integrated features that provides alternatives to communicative practices through the governing principles such as transparency and participation.

Keywords : Public communication, public space, participation, public space virtually, transparency.

Quelques mots à propos de :  اناس رغيس

جامعة محمد لمين دباغين سطيف2nadiaalger19@gmail.com

مقدمة

أصبح خطاب الحداثة modernité يطفو على كتابات المفكرين والمهتمين بالشؤون الاجتماعية والسياسية مع كل الأزمات والصعوبات بمختلف أشكالها التي تعترض اليوم المجتمعات الإنسانية راجين تصحيح مسار الحداثة باعتباره مشروعا غير مكتمل، يعول فيه يورغن هابرماس على براديغم التواصل لقيادة هذا المشروع، وإعادته إلى مساره الحقيقي في إطار مجال عام تتم فيه مداولة الشؤون العامة.

لهذا فلابد من التأكيد على العلاقة الوطيدة للاتصال العمومي بمفهوم الفضاء العمومي باعتبار الاتصال هو آلية أساسية لإدارة هذا الفضاء، حيث يحظى هذا الأخير ب

 

 

 

 

أهمية نظرية كبرى لذراسةأهمية نظرية كبرى لدراسة ظواهر الاتصال والإعلام وعلاقته بالتحولات السياسية والثقافية باعتباره الإطار الذي تتحقق من خلاله عملية التمثيل الاجتماعي للأحداث الاجتماعية  والسياسية والثقافية، فهو مجال تواصلي تشكله وسائط الإعلام التي تبرز الآراء  والأفكار  والأحداث الاجتماعية، ولأن مسألة الاتصال العمومي تتسم بطابعها المركب كظاهرة مجتمعية معقدة تتداخل فيها المستويات السياسية والإعلامية والمؤسساتية  والثقافية، من هذا المنطلق فإن مُسألة السياق الاجتماعي لظهورها وتشكلها وفهم الرهانات السياسية والاجتماعية والإعلامية التي يثيرها يمثل أكثر من ضرورة.

تأسيسا لما سبق، فإن مفهوم الفضاء العمومي يتواجد في قلب العملية الاتصالية بدءا من وضعه المعياري لدى يورغن هابرماس ومرورا بأفكار باحثين من أمثال دومينيك والتون وبرنارد مياج. فهبرماس الذي جعل سر نجاح واشتغال المفهوم مرتبطا بالعقل التواصلي من خلال نظريته" الفعل التواصلي"، حيث قادت معيارية المفهوم لدى هابرماس برناردمياج إلى وضعه في قلب علوم الإعلام والاتصال على غرار تواجده بكثافة في العلوم السياسية والفلسفة وعلم الاجتماع مؤكدا على طابعه الاتصالي البحت.

فالفضاء العام  الذي قد اعترته تغييرات هيكلية عميقة من حيث نشأة فاعلين جدد يفرض تراجعا لتأثير الدولة والسوق لصالح الفعل العمومي  (الفاعلين  العموميين Acteurs publics) الذين بإمكانهم منافسة الدولة والسوق كمركزين للسلطة داخل المجتمع، وعلى الرغم من أهمية  هؤلاء الفاعلين العموميين في صناعة القرار الجماعي الذي يرتبط بفكرة الصالح العام l’intérêt générale  باعتباره مؤشرا قويا على وجود ممارسات ديمقراطية، فإنها في الجانب الآخر تستدعي مستوى معنيا من التنسيق والتفاهم بين هؤلاء الفاعلين، وهنا يلعب الاتصال العمومي دورا في التقريب بين هؤلاء الفاعلين في أجواء أقل ما يقال عنها أنها معقدة، بحيث أضحى التفاهم  (consensus)والانسجام مفتاحا لكل مسعى للعيش المشترك، بالنظر للتحديات والرهانات (enjeux)التي أصبح العالم يعيشها والتي تحتاج لتجاوزها تضافر جهود جميع الفاعلين وهو ما يحققه الاتصال العمومي1.

      فاللجوء إلى الاتصال العمومي كأداة لكسر سلطة الفضاءات الخاصة، ودعم قوة الفضاء العام من خلال فتح قنوات الاتصال بين مختلف الفاعلين وتبني سياسات أكثر رشدا مبينة على الشفافية، الانفتاح، والأهم من ذلك المشاركة.

أولا: الاتصال العمومي كمقاربة متكاملة المعالم

1-الاتصال العمومي مساءلة للمفهوم

 يشكل الاتصال العمومي في الوقت الحالي أحد أهم حقول البحث الجديدة في ميدان بحوث الإعلام والاتصال، فقد ظهر للتداول العلمي العام ابتداء من نهاية الثمانينات  والتسعينات نتيجة المجهود الذي قام به فريق بحث بجامعة لافال الكندية تُوج بإصدار كتاب جماعي  بإشراف ميشال بوشومب صدر عام 1990 تحت عنوان "الاتصال العمومي والمجتمع : معالم للتفكير والفعل " منذ ذلك الحين، تمت مباشرة الكثير من البحوث التي سعت لتطوير هذا الحقل ومد دراساته للإفادة منها فيما يتجاوز بعده النظري إلى أبعاد عملية تقدم نتائج ملموسة في الواقع.

يعرفميشال بوشونMichel Beauchamp ورفاقه الاتصال العمومي: على أنه مجموعة من الظواهر الخاصة بإنتاج ومعالجة ونشر المعلومات التي تعكس ردود الفعل، وخلق وتوجيه المناقشات حول الرهانات العامة، والاتصال العمومي ليس فقط نشاط اتصالي خاص بممارسات وسائل الإعلام إنما هو قضية خاصة بجميع الفاعلين "مؤسسات، شركات، الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والمجموعات الناشطة في المجال العام " 2

يستنبط من هذا التعريف الانتباه إلى أن ممارسة الاتصال العمومي لا تتوقف عند حدود المؤسسة التي تمتلك السلطة داخل المجتمع، بل يتحول إلى نشاط متعدد الأطراف، أي عملية مكتملة وعلى خلاف التصور الذي يميزه عن الاتصال السياسي، الدعائي والتجاري الذي يتميز بكونه عملية خطية بالأساس.

وهو أيضا مجموعة من الرسائل الاتصالية المنقولة عبر وسائل الإعلام والاتصال المختلفة الموجهة للعلاقات التي تربط المؤسسات الحكومات وبين الأفراد الذين يعتبرون كمواطنين، ولا يشمل هذا الاتصال قضايا الشؤون العامة فقط والحياة السياسية بشكل عام بل يشمل المشاكل التي تواجه المجتمع وتخضع للنقاش العام، وتستنهض الرأي العام داخل الدولة، والإدارات العمومية حول مواضيع "الاقتصاد، العدالة، التعليم، الصحة، البيئة، ...وما إلى ذلك.3

 وفي هذا الصدد يؤكد "بيارزيمور" بأن الاتصال العمومي في علاقته الوثيقة بما يسمى الفعل العمومي، أي الحركة المشتركة للأفراد، يسعى لتحقيق الالتفاف بين الكثير من الفاعلين من أجل تحقيق الصالح العامle bien publiqueوهو بذلك يتحول إلى عملية تفاوض تنشط في بيئة جد معقدة4،ويوضح زيمور طابع التعقيد هذا بالعودة إلى طبيعة الفعل العمومي في حد ذاته في ارتباطه بفكرة الدولة، إذ يرى بأن هذه الأخيرة تشكل نقطة التقاء مطالب العديد من الأطراف، ويكون الفعل العمومي تبعا لذلك محصلة لتلك المطالب، لا نتيجة لغلبة مطلب على حساب الآخر، ومن هنا يصبح الصالح العام هو الغاية الأساسية للفعل العمومي وهوما يستدعي نمطا خاصا بعيدا عن ممارسة الايديولوجيا، وفقا لهذا التصور يصبح الاتصال العمومي كما يعرفه دومينيك باسيير عبارة عن نمط اتصال ذي طابع إداري بيروقراطي خاضع للضبط،  والمقصود بالضبط في هذا السياق هو الخلفية الأخلاقية المهنية التي يستند إليها الاتصال العمومي من خلال نصه على مبادئ أساسية لا  يمكن ممارسته من دونه وبالمقابل، فإن هذه المبادئ تشكل في الأصل جوهره الذي يميزه عن غيره من ممارسات الاتصال الآخر.

يظهر إذن التميز الأخلاقي للاتصال العمومي من خلال طبيعة القضايا التي يشتغل، ففكرة الصالح العام ترتبط بمجمل التفكير القائم على مبادئ المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات العمومية.

يتحول بهذه الصيغة الاتصال العمومي إلى نموذج للاتصال المسؤول la communication responsable ومنفذه الأبرز للخروج مما قد يتسبب فيه الاتصال السياسي من مشكلات تتعلق بمصالحها كفاعل قد يجد نفسه في مواجهة بقية الفاعلين في الفضاء العمومي، حيث يمثل الصدام مع هؤلاء الفاعلين أحد أهم أعراض مشكلة الديمقراطية في المجتمع المعاصر.

2-مبادئ وأسس الاتصال العمومي

لقد عرف حقل الاتصال العمومي في السنوات الأخيرة تطورات هائلة سواء كحقل للممارسة المهنية أو كمجال للبحث العلمي، حيث أضحى أكثر نضجا وتطورا بعد أن استقر على مبادئ وأسس وصفت على أساس أنها منطلقات أولية منذ البدايات الأولى لهذا المجال، وفي هذا السياق يرى "بيار ماري فيدال "بأن الاتصال العمومي أصبح أكثر توجها نحو الابتكار والتجديد خصوصا في السنوات الأخيرة، بفعل انتشار الثورة التكنولوجية التي توجتها الشبكة العنكبوتية العالمية، ولكن رغم هذه التطورات لم تمس بالمبادئ الأساسية التي انطلق منها الاتصال العمومي والتي تشكل جوهره في الأصل،لذلك فمهما تغيرت أشكال وممارسات الاتصال العمومي فإنها تبقى مستندة على الدوام إلى مبادئ تتجسد بالأساس حسب بيار زيمور في5 :

2-1- عدم اختزال المواطن إلى مستهلك: حيث يرى بيارزيمور على أن المؤسسات العمومية التي تقدم الخدمة العمومية تجنب نظرة المؤسسات الهادفة للربح –التجارية – للمواطن بوصفه مستهلك في مجال القضايا العامة.

وفي هذا الاتجاه يكشف زيمور في دراسة على أن هناك مشكلة كبيرة في نظرة المؤسسات العمومية للمواطن في فرنسا، كما كشفت نتائج هذه الدراسة أن 17%أن المواطنين الخاضعين للدراسة أن المؤسسات العمومية تنظر إليهم كزبائن، و33%يعتبرون بأنها تنظر إليهم كمستخدمين يبحثون عن اشباعات، فيما يرى 47%أن هذه الهيئات تنظر إليهم كمواطنين أو ناخبين أو دافعي ضرائب. ومن هنا فمهمة الاتصال العمومي هي تجاوز كل هذه الرؤى وتكريس فكرة المواطن بوصفه صاحب حق وملزم بواجبات معينة.

2-2-التميز عن الاتصال السياسي

يؤكد بيار زيمور   Pierre zémor في هذا الاتجاه على ضرورة تمييز الاتصال العمومي عن الاتصال السياسي في أداءه باعتبار هذا الأخير يرتبط بممارسات السلطة والتموقعات السياسية، فالاتصال العمومي من حيث المبدأ مختلف تماما عن الاتصال السياسي لأنه يختص بنشاط المؤسسات التي تبحث عن شرعيتها من منطلق تقديمها للحق في الخدمة العمومية، وليس الشرعية المتأتية من الانتخابات.

بينما يرتبط الاتصال العمومي بالمؤسسات العمومية المستقلة التي لا تتبع أي جهة سياسية وهو في ذلك يبحث عن إحداث التناسق والتفاهم اللازم لتسيير الفعل العمومي والخدمة العمومية.

2-3-تقاسم الوظيفة الإعلامية مع وسائل الإعلام

تسيطر وسائل الإعلام على وظيفة الإعلام داخل الفضاء العام ولكن يجب الإشارة إلى خصوصية دور وسائل الإعلام الذي لا يرتبط بتقديم الخدمة العمومية، ولكنه يميل أكثر لما يسمى بالبراد يغم الصحفي، فإن المؤسسات العمومية مخولة أكثر من الناحية القانونية لتقديم المعلومات والبيانات ذات الطابع العمومي، وتوجيه النقاش العام نحو المواضيع الأكثر أهمية ونحو شفافية إجراءات الفعل العمومي.

2-4-المراهنة على إشراك المواطن

إن تقاسم المعلومات والبيانات عبر الاتصال العمومي، يهدف إلى غاية نهائية هي الدفع بالمواطن نحو المشاركة والانخراط في الشأن العام بشكل مستمر ويومي من خلال ممارسة ديمقراطية تشاركية وليس ديمقراطية تمثيلية.

ويشير مفهوم الديمقراطية التشاركية كمصطلح سياسي على "مشاركة المواطنين بصورة مباشرة من خلال ممثليهم في رسم السياسة العامة وصنع القرارات، وقد أشارت ريان فوتRian Voet في كتابها "النسوية والمواطنة " إلى أن الديمقراطية التشاركية الكاملة – كما وصفتها – تتطلب قدرا كبيرا جدا من العمل التطوعي من كل مواطن عادي، وليس بإمكانها أن تفسح مجالا لقرار سريع وفعال، بل إنها تذهب إلى المواطنين العاديين الذين لا يملكون تقييما ذو كفاءة في كل المجالات.

فالمواطن ليس بديلا للحكومة، ولكن حتى يكون القرار ملائما ورشيدا ينبغي لصناع القرار استشارة الناس المعنيين بهذه السياسة6.

 وتتطلب الديمقراطية التشاركية وجود المشاركة السياسية، فالعلاقة بين المفهومين وثيقة تستلزم حسب الباحثين في مجال السياسة: تأكيد سياسة الشعب وسلطته، التعدد التنظيمي المفتوح، تعميق مفهوم المواطنة، تحقيق العدالة الاجتماعية والتداول على السلطة.

إن كل هذه المتطلبات مجتمعة، يمكنها تحقيق مفهوم الديمقراطية التشاركية في جو ايجابي سواء كان من جهة الشعب الذي يمثلونه، ذلك أن الهدف الأساسي لتكريس مبدأي العدالة الاجتماعية، وتعميق مفهوم المواطنة خصوصا هو الضامن للصيرورة الصحيحة للمسار الديمقراطي، والحفاظ على مبدأ التداول على السلطة في شفافية  ومشاركة سياسية فعالة في صنع القرار، خاصة إذا ما تعلق الأمر بقضايا مصيرية .لذلك يمكن القول أن لا ديمقراطية تشاركية بدون مشاركة سياسية ولا مشاركة سياسية بدون ديمقراطية تشاركية ذلك لأن إحداهما تضمن الآخر وتعزز الثقة السياسية بين الحاكم والمحكوم .

2-5-التحكم في آلية الانترنيت

يشكل هذا المبدأ تحديدا الوجه المعاصر للاتصال العمومي، حيث ساهمت الإنترنيت في تكريس التفاعل في تناقل المعلومات وفي دعم المشاركة الفاعلة في نشر المعرفة وفي إبداء الرأي وتنشيط الحوار بين مختلف أطراف العملية الاتصالية، وبذلك أصبحت الشبكة العنكبوتية مرحلة متطورة في مجال المشاركة في تبادل المعلومات، ويجسم الأسلوب الديمقراطي في تسيير الشؤون العامة من خلال تعزيز مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة، وإعطاء النقاش العمومي دفعة قوية من خلال تشجيع لمواطنة جديدة قائمة على الممارسة النقدية والاحتجاج وحرية الرأي العام .

-هذا المتغير الذي أفرز واقعا جديدا من شانه أن يؤثر على ممارسة الاتصال العمومي لأنه يدفع إلى تحسين المعلومة وتحسين النقاش العمومي على الدوام.

3-الأطراف الفاعلة في الفضاء العمومي

عرف النسق السياسي والفضاء العمومي بصفة عامة نشأة فاعلين جدد بإمكانهم منافسة الدولة والسوق كمركزين للسلطة داخل المجتمع وبمقدورهم التأثير على الفعل العمومي Action publique على نحو أو آخر.

فتعاظم النموذج الاتصالي يعكس تحولا حضاريا ومجتمعيا يفرض استبدال آليات الهيمنة التقليدية الموجودة في الفضاء العام والقائمة على الإكراه والإخضاع القسري بآليات جديدة تعتمد على الإقناع والتأثير7.

فالنظرة التقليدية التي سيطرت لأمد طويل على المجتمعات والفضاءات العامة بوصف الدولة كيان مستقل عن المجتمع، هذا الكيان  الذي يعمل على تحديد وضمان الأهداف الثابتة والمستقرة التي من الصعب إعادة النظر فيها  وإلا أعتبر مساسا بالمكتسبات الديمقراطية، فالدولة أعلى من الجميع غير أن الإطار الديمقراطي وما أتاحه من تساوي الفرص وتعزيز الحريات سمح بظهور فاعلين آخرين للتموقع في المجال الاجتماعي، ما أدّى إلى تنشيط الحركة التعددية السياسية، كما أصبح هؤلاء الفاعلون قوة فاعلة تلزم الحكومات على الأخذ بآرائهم عند اتخاذ القرارات(على الأقل في المجتمعات الديمقراطية)، ومن أهم الفاعلين العموميين  على مستوى الفضاء العام نجد :

3-1 الدولة، المسؤوليات الجديدة وإعادة توزيع الأدوار

احتدمت النقاشات في القرن العشرين حول أدوار الدولة، فهي لا يجب أن تحد من تدخلها، بل يجب أن تكون أدوارها مختلفة وهو ما يفرض تبني خطاب يدعو إلى مسؤوليات جديدة وإعادة توزيع للأدوار (Nouvelles responsabilités et Redistribution des rôles) فأزمة دولة الرفاه (La crise de l’Etat Providence) التي كانت كنتيجة للصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي طالت المجتمع، وأزمة الثقة والشرعية الناجمة عن وجود فجوة بين تطلعات الجماهير  وطموحات الدولة التدخلية.

هذا النموذج الذي بدأ في الانكماش أكثر لما عجزت الدولة في الاستجابة لسرعة تغير المجتمع ومواجهة انفجاره اجتماعيا، وبالنتيجة مواجهة مطالب متباينة، جعلت الدولة تفشل في السيطرة على كل هذه التعقيدات الاجتماعية، والتي لن يتسنى لها مجابهتها إلا بتعاونها الوثيق مع الجهات الاجتماعية الفاعلة (المجتمع المدني والقطاع الخاص).

من جهة أخرى، فالمجتمع لم يعد يتقبل التوجيه من قبل فاعل مركزي يتمتع بسلطة مقررة سلفا، وإملاءاتها على النظم الفرعية للمجتمع لضمان سلوكيات تتوافق والصالح العام أو مطالب هذا الأخير.

هذه الظروف تفرض إعادة توجيه فيما يخص السلوك الاستراتيجي للدولة، كما أن هذه الاستراتيجية تستند إلى أن يكون دورها في التوجيه بدل التجديف أي أنها تمسك الدفة فقط وتترك المجداف لغيرها8 (بحسب التوصيف الذي قدمه أوزبورن). أي أن تنحصر أدوارها في التوجيه والشراكة مع قوى المجتمع المدني وديناميكية الفواعل الاجتماعية في إطار حكم ذاتي.

3-2-المجتمع المدني (Société Civile)

فالمجتمع المدني هو (مفهوم مأزق) ذو مرجعية غربية منقول إلى الوطن العربي وهو في خبرته مفهوم إيديولوجي يرتبط باتجاهات مختلفة، كما تتبناه مدارس مختلفة وهو مضطرب المعاني، صعب التكيف، كما أنه ليس محل اتفاق وهو مفهوم منظومة تستدعي سيلا من المفاهيم الغربية، مفهوم يرتبط بالمشروع الحضاري، النهضوي، التحديثي.

وهو صيرورة فكرية وتاريخية نحو المواطنة والديمقراطية عبر مجموعة من المفصليات والتمايزات في العلاقة بين الفرد والجماعة أو بين المجتمع والدولة9، وهو بهذه الصيغة مجموعة من الأبنية السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والقانونية تنتظم في إطارها شبكة معقدة من العلاقات والممارسات بين القوى والتكوينات الاجتماعية في المجتمع ويحدث ذلك بصورة ديناميكية ومستمرة من خلال مجموعة من المؤسسات التطوعية التي تنشأ باستقلال عن الدولة.

فالمجتمع المدني فاعل أساسي في الفضاء العام وتأكيدا للفاعلية السياسية Political Efficacy)) للمواطن خصوصا بعد أن تأكد دوره في معرفة حاجيات ومتطلبات المواطنين نظرا لاحتكاكه بواقع المواطن وقدرته الفعالة على متابعة وصياغة وتنفيذ المبادرات التي تحل مشاكل المجتمع، ومساهماته في توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم.

3-3- المواطن(Citoyen): أصبح المواطن اليوم فاعلا محوريا في الفضاءات العمومية، فالمواطن مستهلك وهو نواة الجمعيات وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وبه تقوم السياسات العامة المركزية والمحلية، وإشراكه في هذه العملية ليس تجاوزا للخيارات التمثيلية، بل إتاحة الفرصة لمشاورة الطرف المتلقي للسياسات العامة الذي يسمح التشاور معه ومحاورته لتفادي الفشل التنموي وأخطاء التسيير التي تضيع الفرص التنموية على الساكنة، فالمواطن حسب الجيل الثالث من المناظر الحقوقية مترابطة وغير قابلة للتجزئة10.

فأزمة الشرعية والتي ولدت في السنوات الأخيرة أزمة هوية عميقة بين الدولة ومواطنيها، ناجمة بالأساس على اعتبارهم آخر عربة في القطار، حيث يكتفي في معظم الأحيان باستهلاك مخرجات السياسات العامة التي لا يدري كيف تم بناءها ولا طريقة تنفيذها، وعليه فإن من رهانات الاتصال العمومي هو أن يدفع بالمواطن إلى الخوض والمشاركة في الشأن العام، وعلاج هذه أزمة يقتضي وضع المواطن في قلب النقاشات العامة صيانة للعقد الاجتماعي الذي هو صلب الدولة.

3-4 وسائل الإعلام  : تمثل آلية أساسية  من آليات تشكيل الفضاء العمومي التشاركي  وإدارته من خلال ما  توفره من فرص  التحاور  والتفاعل للتعبير والتناقش، حول المسائل السياسية والاجتماعية والثقافية التي تهم المواطن التي تتحقق من خلالها وظيفة الإخبار والإعلام عما يحدث في الفضاء العام، وقد كان لظهور وسائط الإعلام الجديدة دفعا قويا للعملية الاتصالية منحت من خلالها امتدادات جديدة للفضاء العمومي وآفاقا واعدة، فبعد ارتفاع أسهمها في المنظومة الاتصالية الحديثة باعتبارها وسيلة لاحتضان وتبني العديد من النقاشات حول العديد من الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سيطر عليها الإعلام الكلاسيكي  حققت على إثرها وسائل الإعلام الاجتماعي الكوجيتو التواصلي "أنا أتواصل إذن أنا موجود" فنسخت بذلك الكوجيتو الديكارتي الذي بقي مهيمنا على تفسير الخطاطة الوجودية لبعض قرون بعد أن ربط الوجود الإنساني بممارسة عمليات الفكر والسجال الفلسفي11

فوسائل الإعلام الجديدة تتيح فرصا للخروج من وضعيات عدم التواصل وعدم التفاهم، ويمكن لهذه الوسائل أن تقدم الإضافة المرجوة لإرساء فضاء عام يلتقي فيها المواطنون والسياسيون وكل الفئات الاجتماعية للتحاور حول قضايا الصالح العام وتوجيهه لتحقيق البناء الديمقراطي12.

ثانيا: الفضاء العمومي

1- جواء أقل ما يقال عنها أنها تتممأنها أنها تستدعي مستوى معين من التننسيق ، وهنا يلعب الاتصال العمومي دورا

 

 

الفضاء العمومي...مقاربة مفاهيمية وتاريخية13:

تشير معظم كتابات الباحثين إلى أن ظهور مفهوم المجال العام «Espace public"تعود إلى كتابات المفكر والفيلسوف الألماني يورغنهابرماس Jürgen Habermas

في ستينيات القرن الماضي في كتابه الشهير الفضاء العمومي، اركيولوجيا الدعاية باعتبارها مكونا بنيويا للمجتمع البرجوازي«Lespace public , archéologie de la publicité comme dimension constitutive de la société bourgeois ».14

قام من خلالها بدراسة تحليلية سوسيولوجية للتغيرات الهيكلية ولبنية الفضاء العمومي البرجوازي la sphère publique bourgeoise ظهوره، وظيفته وخصائصه في كل حقبة تاريخية إلى يومنا هذا، مستندا في ذلك على معطيات وخلفيات سوسيولوجية وتاريخية.

حيث ظهرت خلال القرن الثامن عشر وفي أوروبا الغربية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، انجلترا)، فضاءات عامة كالمقاهي، صالونات، مكتبات، نواد ثقافية، جمعيات فكرية .....، وفي هذا الصدد يذكر هابرماس أنه وموازاة مع ميلاد الدولة الحديثة ظهرت طبقة اجتماعية جديدة هي البرجوازية تشكلت نواتها من موظفي الإدارة، القضاة، الأطباء، القساوسة، الأساتذة، وغيرهم من أفراد النخبة المثقفة، شكلت هذه الطبقة فضاء عاما برجوازيا يضم أشخاص خواص شكلوا جمهورا، هذا الأخير الذي يفترض أن يكون على قدر من التفكير والقدرة على النقد15.

إذن كان لهذا الفضاء العام وظيفة ثقافية تجسدت في المسارح والمعارض وقاعات الحفلات والنوادي، حيث كان البرجوازيين يتبادلون فيها الرأي ويتناقشون في مسائل تتعلق بالفن والأدب كمرحلة أولى، ولكنه سرعان ما بدأ يؤدي وظيفة فعالة على المستوى السياسي وهذا في منعطف القرن السابع عشر في انجلترا، حيث أرادت بعض القوى الاجتماعية إضفاء الشرعية على بعض مطالبها من خلال التأثير في قرارات السلطة، حيث كانت انجلترا البلد الأوروبي الوحيد آنذاك الذي أشرك الجمهور في حل صراعاته، أما في فرنسا فكانت قبل الثورة مؤسسات ضاغطة  وفعالة كان على رأسها الصحافة، وبالتالي فإن تسييس الحياة الاجتماعية بعد الثورة الفرنسية ساهم في تحول الفضاء العام البرجوازي إلى سلطة مضادةun contre –pouvoir لسلطة الدولة، بفعل نمو صحافة الرأي  والكفاح ضد الرقابة المفروضة من طرف الدولة على حرية التعبير .

تطورت هذه الفضاءات أكثر بالتوازي مع تنامي القراء وتبادل الكتب والمجلات والصحف أي بفعل تطور "وسائل الاتصال  وصحافة الرأي"، حيث اتسم النقاش  والحجاج  في هذه الفضاءات بالتكافؤ والعقلانية، وعلى هذا النحو فإن النقاش يبنى على الحجاج العقلاني والنقدي من خلال -بروز سلطة العقل كوسيط أصيل لم يسبق له مثيل في التاريخ بين الأشخاص والخواص والسلطة-  والذي يمثل الواسطة التي يتشكل من خلالها الرأي العام  باعتباره المعيار الذي اتفق حوله المتحاورون للحسم في مسائل تتعلق بالحياة العامة وليس تجميعا للآراء الفردية على حد تعبير الباحث الصادق الحمامي، بمعنى أن عملية النقاش ترتكز على الاستعمال العام للعقل والمنطق والنقاش الحر الذي كان لكل فرد يعطي رأيه بحرية في الأخبار التي كانت تتناقلها الصحف 16.

لهذا فإن الفضاء العام عبارة عن دائرة وسيطة تكونت بين المجتمع المدني والدولة، فهو مجال متاح للجميع للتعبير عن أرائهم.

صاغ إذن هابرماس تعريفه للفضاء العام بأنه:" مجال للممارسات الفكرية المبنية على الاستعمال العام للعقل والمنطق من طرف أفراد خواص، حيث قدراتهم النقدية غير مرتبطة بانتمائهم إلى جهاز رسمي أو إلى بلاط الملك، ولكن يرتبط بنوعية قراءاتهم ومشاهديهم الذي جمعتهم متعة الحوار التعايشي"17.

إذن هو المجال الذي يتم فيه النقاش والحوار الحر بين مختلف الأفراد حول الشؤون العامة والمشتركة.

وهو كذلك مجال لنقد السلوكات والمعتقدات اللامنطقية التي تأسست في المجال الخاص، ويعاد تشكيلها باستعمال المنطق والعقل18.

2-الفضاء العام، فضاء للتأثير السياسي والتجاري وتكريس الهيمنة

    كان لانتشار التعليم وتطور الرأسمالية التي ارتبطت بظهور الفضاء العام البرجوازي، وظهور وسائط الإعلام الجماهيرية –ذات التوجه التجاري- كلها عوامل حسب ايف سانتومير أدت إلى تدمير هذا الفضاء وتلاشيه، وظهور ديمقراطية الحشود بسبب زيادة العمومية التجارية على حساب العمومية التواصلية وحلول الخطابة العامية المتلاعبة بالعقول محل الحوار المتعقل بين المواطنين19، التي أدت في النهاية إلى الانتقال من الثقافة المناقشة «Culture discutée» إلى الثقافة المستهلكة Culture consommée 

  فالتحول من صحافة الرأي إلى الصحافة التجارية بفضل التقدم التقني الهائل في مجال نقل المعلومات، كما أصبح محرورا الجرائد بعد عام 1870 أقل اهتماما بالمصلحة العامة مقابل دفاعهم عن المصالح الخاصة ذات الامتيازات بعد أن كان مفهوم المصلحة العامة أو المصلحة المشتركة الشغل الشاغل في الفضاء العمومي التقليدي.20

هذه العوامل والتي كان على رأسها التوجه التجاري لوسائل الإعلام جعلت الجماهير تتحول من طرف ايجابي ينتقد الثقافة ويناقش مضامينها وأساليبها إلى طرف سلبي متفرج يكتفي باستهلاكها، وبذلك أنتجت هذه الثقافة فضاءا وهميا وظيفته اشهارية، وليس الإشهار publicité سوى أداة للتلاعب بعقول الجماهير خاضعة لاستقلال السياسة والاقتصاد اللذين جعلاها وسيلة للممارسة تأثيرهما21.

 ومن هنا تحولت الفضاءات العمومية إلى فضاء للتأثير السياسي والتسويق وللبحث على الهيمنة والولاء، فتحول الاتصال بذلك من وسيلة لتحقيق التفاهم والاتفاق والبحث المشترك عن الحقيقة والصالح العام إلى اتصال يسعى إلى تكريس هيمنة ومصلحة القائمين على الاتصال -الاتصال التجاري (الإشهار) والاتصال السياسي، تحولت على إثرها وسائل الإعلام إلى وسيلة لتأمين الولاء السياسي وإغراء الجمهور وحلبة خاضعة لقوى المال والاقتصاد والسلطة.

إذن جاءت وسائل الإعلام لتحتل هذا الفضاء وتشوهه وتسيطر على مضمونه لتجعله دعامة للايديولوجيا والمصالح بعد أن كان الأداة التي يتمكن المجتمع من خلالها تدبير شؤونه وفض نزاعاته من خلال المشاركة العمومية، فقد على إثرها الاتصال العمومي جوهره باعتباره وسيلة وآلية لإدارة الفضاء العام.

وبالتالي فالمجال العمومي باعتباره مجالا رمزيا وسيطا بين الدولة والمجتمع هو ليس المجال السياسي (مجال التنافس على السلطة، بل هو قوة مضادة تستطيع أن تنافس السلطة القائمة في اتخاذ القرارات والتموقع داخل هرم الدولة ووسيلة المواطن في الضغط على الدولة وإنقاذ الإرادة الشعبية من العنف والاستبداد والتلاعب بالرأي.

 وبهذا فإن المجال العمومي حسب لهواري عدي: أنه يقع بين المجتمع المدني والدولة ولها دلالة سياسية وقانونية، لأنه عبارة عن طريقة تنتظم من خلالها العلاقة بين سلطة الحكام والمحكومين، فهو إذن عبارة عن علاقة سلطة une relation du pouvoir22.

فالفضاء العمومي وفق للمقاربة الهابرماسية الذي يتم التعبير عن شروط التواصل التي يمكن بواسطتها أن يتحقق بشكل نقاش للرأي والإرادة للمواطنين، وهو لهذا الاعتبار مفتوح ومتاح للجميع أو على الأقل ما يقوله هابرماس*23.

من هذا المنطلق، وبحكم وجود الوسائط الإعلامية في خضم تطورات المجال العمومي باعتبار هذه الوسائط كمنظمة للعملية الاتصالية، فإن برنارد مياج يقترح أن تنظيم الفضاء العمومي في المجتمعات الغربية، قد تطور وفق خمسة نماذج: وهو نموذج صحافة الرأي، ونموذج الصحافة التجارية، نموذج الإعلام الجماهيري (الإذاعة والتلفزيون) ونموذج العلاقات العامة الشاملة بالإضافة إلى النموذج الأخير والمرتبط بالميديا الجديدة والذي يتسم بطابعه المجتمعي وبضعف بعده السياسي24، ويشير هابرماس إلى أن نجاح الفضاء العام يعتمد على25:

- مدى الوصول والانتشار.

- درجة الحكم الذاتي المواطنون، أي يكونوا أحرارا يتخلصون من السيطرة والهيمنة.

- رفض الاستراتيجية أي بمعنى أن لكل فرد يشارك على قدم المساواة.

-الفهم والثقة والوضوح.

-وجود مناخ اجتماعي ملائم.

3 -  التواصل كآلية لإدارة النقاش داخل الفضاء العمومي وشروطه

إن للفعل التواصلي خصوصية في منظومة الفضاء العمومي يتميز عن الأفعال الآخرى بأنه لا يسعى للبحث عن الوسائل الأخرى بأنه فعل اتصالي لا يسعى للبحث عن الوسائل التي تمكنه من التأثير في الغير بل يبحث عن كيفية التوصل إلى تحقيق التفاهم والتوافق دونما إكراه أو قسر كيف كان نوعهما.

حيث حدد هابرماس الأفعال التواصلية على النحو التالي "بأنها تلك الأفعال التي تكون فيها مستويات الفعل بالنسبة للفاعلين المنتمين إلى العملية التواصلية غير مرتبطة بحاجيات السياسة بل مرتبطة بأفعال التفاهم" بمعنى أن تحقق الغاية الأساسية وهو التوصل إلى التفاهم أو الإجماع26.

المعقولية التواصلية: Rationalité communicationnelle

  والتي يقصد بها  تطبيق المعرفة بشكل  تواصلي على أفعال اللغة، ويحيل هذا المفهوم إلى قوة الخطاب الحجاجي الذي يسمح بتحقيق التفاهم والإجماع دون عنف ويتميز بكون المشاركين فيه يتجاوزون تصوراتهم الذاتية، لصالح قناعات عقلانية يتميز فيه أيضا بكونه فعلا مسؤولا، يعني أن الشخص المشارك في جماعة تواصلية هو شخص مسؤول طالما باستطاعته توجيه نشاطه وفق ادعاءات الصلاحية المعترف بها، حيث أن في الممارسة التواصلية يقوم الإجماع على الاعتراف البينذاتي بادعاءات الصلاحية القابلة للنقد، هذا يعني أنّ الاتفاق المحصل عليه بطريقة تواصلية إجرائية تستند إلى حجج مما لا يدع مجالا للشك في أن نظرية المحاجة إذن ضرورية لتفسير مفهوم المعقولية التواصلية والتي يعرفها هابرماس بقوله: "نسمي محاجة ذلك النمط من  الخطاب حيث تموضعThématiserالأطراف المشاركة ادعاءات الصلاحية التي تشكل موضوع نزاع وتحاول قبولها أو نقدها بواسطة الحجج ، ويستند في نظرية المحاجة إلى الحجة الأقوى  ودافعيتها العقلانية 27، وتقاس قوة الحجة كذلك بمدى قدرة كل طرف إقناع الأطراف المشاركة في الحوار بقبول ادعاء الصلاحية، ويسمح هذا الإجراء بالحكم على مدى معقولية الفرد القادر على الكلام والفعل والمشارك في الحوار من خلال النظر في مدى استعداده للحوار وفي الطريقة التي يعالج بها الحجج المقدمة إليه سواء أكانت مؤيدة لادعائه أو معارضة له ، ومدى ما يمنحه من قوة لحججه28 .

     فالفعل التواصلي يستلزم المحاججة والمناقشة النقدية إلى جانب الحق أو القبول وقد وضع هابرماس مفهوم أخلاق المحادثة والتواصل الذي يعتمد على اللغة العادية بوصفه مبدأ معياريا نموذجيا في البلدان الديمقراطية، معتبرا أن المتحاور ما أن يبدأ في التواصل حتى يكون قد قبل بالاحتكام إلى معيار أخلاقي يخضع الاختلافات للحجج والأدلة القوية.

على صعيد آخر، أضحت وسائل الإعلام الاجتماعي تنحدر من مرجعية عفوية، منظمة وغير منظمة اتخذت من مبدأ حرية التعبير والنقاش الحر كمبدأ لها والاستقلال نسبيا عن الالتزامات الإيديولوجية القائمة دون قيود، حيث تعتبر سمة التفاعلية أهم سمات هذه البيئة الاتصالية الجديدة والتي طرأت على المتلقي الذي أصبح أكثر ميلا إلى التفاعل والتفرد بالوسيلة، تحولت  العملية الاتصالية على إثرها إلى عملية شبه مباشرة بين أطرافها (المرسل – المستقبل)، على حد تعبير فيدال Vedel "مجتمع بدون وسيط"، وهي محاولة لإعادة العملية الاتصالية إلى طبيعتها الأصلية والمباشرة .

 من هذا المنطلق يعول الكثير من الباحثين على الميديا الجديدة في إعادة إحياء النموذج الأصيل للفضاء العمومي – وفق للمقاربة الهابرماسية – التي تعتمد بالأساس على براديغم التواصل من أجل استكمال مشروع الحداثة غير المكتملLa modernité est un projet non achevé ،فإحياء الميديا الجديدة للفضاء العام وفقا للمقاربة الهابرماسية يمكن أن يمثل مخرجا لأزمة الديمقراطية وحلا لأمراضها في الدول العربية، خاصة وأنها أحدثت تغييرات عميقة على المستوى البنائي والنسقي بهذه المجتمعات، واكتملت أكثر مع ولادة منصات الشبكات الاجتماعية التي وفرت مناخا مناسبا لتفاعل أكثر من نمط اتصالي الفايسبوك، توتير، المدونات، أسهمت في ابتداع فضاء تواصلي جديد- افتراضي-نجح فيه المواطن العربي – إلى حد ما – في استثمار قدراته واستيعاب الفئات التي كانت عرضة للإقصاء والتهميش في الفضاء العمومي التقليدي في ما يصطلح عليه بثورات الربيع العربي .

ثالثا: إدارة الاتصال العمومي للفضاء العمومي

بعد هيمنة وسائل الإعلام في إدارة هذا الفضاء وما يتم تداوله من قضايا يتم طرحها وفقا للمصالح الخاصة لجماعات المصالح، يمكن اعتبار الاتصال العمومي في هذا الصدد بديلا ومقاربة متكاملة المعالم تقوم على مبدأ النفاذ إلى المعلومات للجميع والذي يفترض الانتقال من منطق السرية إلى منطق المكاشفة وترويجها وتداولها وضمان البلوغ إليها دون حجز أو حجر أو إكراه29، وتكريس الشفافية transparence والانفتاح discolosure إضافة إلى دفع المواطن إلى المشاركة والخوض في الشأن العام.

Ø                       النفاذ إلى المعلومات: Accès à l’information

يكتسي حق النفاذ للمعلومات أهمية دولية كأحد المعايير الأساسية لتحقيق دولة الحق والقانون، والتي هي هدف يرتكز على العديد من الأطر السياسية والقانونية التي أساسها الفعل، فمن مكاسب الديمقراطية تثمين هذا الحق الذي يجسد سيادة القانون في الدولة.

وهي بهذه الصيغة، أحد الأسس التي يعتمدها الاتصال العمومي ليبرر وجوده وليدير بها الفضاء العام، فعندما يتعلق الأمر بمعالجة المقتضيات المشتركة لجميع أفراد المجتمع يصبح النشاط العمومي ميدانا لكل الأفراد المشاركة فيه ، إذن هذه المقاربة المتضمنة لعنصر المشاركة في المعلومة تتضمن تداول المعلومة ،حيث اعترفت المحكمة العليا للو.م. أ بأن حق المعرفة هو وسيلة توازن بين السلطات لأنه يعزز حرية اتجاه الحكومة، وشرط هام للسير العادي لنظام السلطة كما يقول البروفيسور Sulaiman :"أن تداول المعلومة هو في الأخير تداول على السلطة".

«Lepartage de l’information revient en dernier ressort à un partage de pouvoire30

 وهذا لن يتسنى إلا من خلال وضع ترسانة قانونية وتشريعية تضمن الحق في الوصول إلى المعلومات، لاسيما المعلومات ذات المصدر العمومي، ولكن أيضا ضمان الحق في الإعلام بشقيه، الضامن لحرية التعبير والرأي من جهة والموفر لأدوات التصرف في ذات الحق من جهة ثانية.

فحق النفاذ للمعلومات يعني حق المواطن في الوصول للمعلومات أو الحصول عليها بكل الطرق المشروعة من حكومته، ويعتبر دعامة أساسية للنهوض بالرأي العام ومراقبة العمل الحكومي، ومعرفة كيفية ولطريقة من تتخذ القرارات العمومية وتعطيهم القدرة والسلطة للمشاركة أو المساهمة بالاقتراح أو بالاحتجاج على ما يصدر عن الدولة ومرافقها من تدبير وقوانين، قد لا يرتضيها المواطنون أو يرون فيها مساسا بحرياتهم أو مستقبلهم.

لذا فمن ناحية فهو حق أساسي، ومن ناحية آخرى هو أداة كونه يؤطر للعلاقة بين الدولة ومواطنيها، وبالتالي تتوقف ممارسته على الوعي السياسي والقانوني لمواطني الدولة بأهميته وأيضا تطور البناء الديمقراطي في فكرة الدولة ومؤسساتها التي تلعب دورا في فتح المجال لمواطنها لممارسته.

 

 

Ø                       الشفافية: La transparence:

وهي وسيلة تهدف إلى تتبع المعلومات والتصرف بطريقة مكشوفة تتيح لذوي الشأن العام القيام بدور حاسم في الكشف عن مواطن الفساد وحماية المصالح العامة، وهو ما يجعل قنوات الاتصال مفتوحة بين أصحاب المصلحة والمسؤولين، وذلك عن طريق وضع سلسلة واسعة من المعلومات في تناول الجمهور لمعاينتها ومتابعتها تحقيقا لمبدأ المراقبة الشعبية والمساءلة.

فالشفافية في الفضاء العام تتيح تقاسم المعلومات والمكاشفة، فهي تضمن التدفق الحر والشامل وللمعلومات بحيث تصبح متاحة لجمع الفاعلين، وتوفير إجراءات وأجهزة واضحة، ومن مقتضيات الشفافية ضرورة الكشف عن مختلف القواعد والتعليمات المعتمدة في وضع وتنفيذ السياسات واتخاذ مختلف القرارات بحيث تسمح بالمساءلة31.

Ø                       المشاركة :(la participation)

يعتبر فعل المشاركة من أهم رهانات الاتصال العمومي من خلال دفع المواطن إلى الخوض والمشاركة في الشأن العام، ووضعه في قلب النقاشات العامة خاصة وأن الغاية الأساسية لهذه النقاشات هي تحسين القرار العام، وبالتالي فإن النقاش يفضي إلى قرارات أحسن32، وهنا لا ينحصر فعل المشاركة على المواطن فقط بل تقتضي الانفتاح على كل فواعل المجتمع بما فيها المجتمع المدني والقطاع الخاص، وهي كلها عمليات ترسي قيم التخلي السلطوي عن الاستئثار المركزي لعملية اتخاذ القرار33 في الفضاءات العامة.

وفي هذا الإطار يستمد الاتصال العمومي شرعيته من  الديمقراطية التشاركية  والتي تنطلق من حق المواطن في الحصول على فرصة الإخبار الاستشارة والمشاركة، وعليه فهي عرض مؤسساتي للمشاركة موجه للمواطنين، يركز على إشراكهم بطريقة غير مباشرة في مناقشة الاختيارات الجماعية، تستهدف ضمان رقابة فعلية للمواطن، وصيانة مشاركته في اتخاذ القرارات، ضمن المجالات التي تعنيه بشكل مبسط، بمعنى أن يكون للمواطنين رأي ودور في صناعة القرارات التي تؤثر في حياتهم  سواء بشكل مباشر أو من خلال مؤسسات شرعية وسيطة تمثل مصالحهم، ويقوم هذا النوع من المشاركة الواسعة على حرية التنظيم وحرية التعبير وأيضا على قدرات المشاركة البناءة.34

رابعا: الاتصال العمومي تجسيد لقيم الحكومة المفتوحة

تمثل الحكومة المفتوحة تجسيدا لثقافة الحوكمة والتي تعزز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة ومشاركة الجهات المعنية دعما للديمقراطية  والتنمية الشاملة، وهي بذلك تمثل تجسيدا للشفافية في الأعمال الحكومية  وإمكانية الوصول إلى الخدمات الحكومية  والمعلومات  ومدى استجابة الحكومة للأفكار الجديدة  والمطالب والاحتياجات، وما مفهوم الحكومة المفتوحة إلا نمط مختلف يفرض إعادة التفكير في كيفية الحكم وإدارة الفضاء العام  بما يتلاءم وتلبية متطلبات وحاجيات المواطنين وكافة الفاعلين من خلال الاطلاع  على المعلومات والوثائق والإجراءات والمشاركة في صياغتها بما يتفق والصالح العام  وهي تستلزم مجموعة من الآليات وهي:

-يقتضي تنفيذ استراتيجيات الحكومة المفتوحة الانفتاح على كافة الفاعلين والتعاون والتنسيق مع كل الجهات الفاعلة.

-التنسيق يكون من خلال الآليات المؤسسية الضرورية بشأن استراتيجيات ومبادرات الحكومة المفتوحة –على المستوى الأفقي والعمودي-لضمان توافقها مع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.

-التواصل بخصوص نشاط استراتيجيات ومبادرات الحكومة المفتوحة بشأن مخرجاتها ونتائجها وتأثيراتها.

-توفير بيانات ومعلومات واضحة وكافية والموثوقة عن القطاع العمومي في الوقت المناسب بشكل مفتوح وحر يمكن قراءتها آليا ويسهل العثور عليها وفهمها واستخدامها ويتم نشرها عبر نهج متعدد القنوات وترتيبها حسب الأولوية بالتشاور مع الجهات المعنية.

-منح جميع الجهات المعنية فرصا متساوية وعادلة ليتم إبلاغها واستشارتها وإشراكها بشكل نشط في جميع مراحل دورة السياسات العامة من صياغتها إلى غاية تنفيذها.

-العمل على تعبئة الطاقات والجهود لإيجاد آليات تسمح للوصول لكل الفئات بما فيها المهمشة في المجتمع وإشراكها هي الأخرى في قرارات الصالح العام خاصة على مستوى النطاقات الجغرافية المحلية.

-استكشاف طرق مبتكرة لإشراك كل الفاعلين بشكل فعال من أجل تقدم الأفكار والمشاركة في إيجاد الحلول واستغلال الإمكانيات التي تتيحها الحكومة الالكترونية.

-ضمان تفعيل الأطر القانونية والمؤسسية بما يتلاءم وتحقيق أهداف الحكومة المفتوحة.

خاتمـة

يعتبر الفضاء العام مجالا وميدانا للتعبير عن الرأي الفكري والنقدي، غير أن وسائل الإعلام جاءت لتحتله وتشوهه، لتجعله دعامة للإيديولوجيا وإلى أدوات للهيمنة والسيطرة، وبات من الضروري اليوم مع تحول العلم والتكنولوجيا وتغير الأنساق الوظيفية والسياسية والاجتماعية مُساءلة الفضاء العام والتفكير في التواصل العمومي لإدارة هذا الفضاء وتشكيله من خلال تأسيس نظرية اجتماعية في التواصل تسمح بالشروع في تفكير عقلي ونقدي جديد ومستقل لقضايا عصرنا خاصة بالنسبة للمجتمعات العربية بناءا على التواصل والتداول بدل الصراع والعنف خاصة وأن العالم يعيش اليوم رهانات وتحديات كبيرة تفرض تضافر الجهود لتحقيق  التفاهم والانسجام بين مختلف الفاعلين العموميين وهو ما يقترحه الاتصال العمومي من خلال مبادئه.

 

1. عواج سامية وآخرون: الاتصال العمومي من النظرية إلى التطبيق، دار أسامة للنشر والتوزيع، الأردن ،2017، ص 80.

2.Michel Beauchamp (ed). Communication publique et société. Repères pour la réflexion l’action, Boucherville, Quebec, 1991, p 05.

3. - François Demers, la communication publique, un concept pour repositionner le journalisme contemporain, les cahiers du journalisme, N018-printemps 2008p 206.

4. -Dominique Bessières: la définition de la communication publique: des enjeux disciplinaires aux changement de paradigmes -organisationnels، communication & organisation، N 35 ,2009 ,p17.

5. -Pierre Zémor, la communication publique 4 ed, Paris, PUF ,2008,pp 9-10

نقلا عن عواج سامية وآخرون، المرجع السابق، ص. ص14-15.

6. أيمن بكر سمر الشيشكلي، مترجما، النسوية والمواطنة، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2004ص. 195 نقلا عن: زكرياء حريزي، المشاركة السياسية للمرأة العربية ودورها في محاولة تكريس الديمقراطية التشاركية-الجزائر نموذجا-، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية، تخصص سياسات عامة وحكومات مقارنة، قسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2010-2011، ص36.

7. -Daniel Bougnoux, Dynamique de l’influence imaginaire et mécanismes immunitaire du rejet, Actes du Colloque «communication au service de l’ action sur les comportement sociaux» revue tunisienne de communication,N°15/16 décembre 1989 ,p89.

8. -ديفيد أوزبورن، تيد غايبلر: إعادة اختراع الحكومة –كيف تحول روح المغامرة في القطاع العام-تر: محمد توفيق البجيرمي، دار العبيكان للنشر، د.س. ن، د. م. ن، ص29.

9. -عزمي بشارة: المجتمع المدني، دراسة نقدية، المركز العربية للأبحاث ودراسة السياسات،2012، ص 08.

10.-بوحنية قوي: الديمقراطية التشاركية في ظل الإصلاحات السياسية والإدارية في الدول المغاربية –دراسة حالة تونس، الجزائر، المغرب، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان،2015، ص.ص 70-71.

11.-حسن مظفر الرزو: فضاء التواصل الاجتماعي العربي –جماعاته المتخيلة وخطابه المعرفي، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية ،2016، لبنان، ص 2016، ص15.

12.   -يامين بودهان: قضايا في الاتصال السياسي، دار الأيام للنشر والتوزيع، عمان 2018، ص 165.

13.   في هذا الورقة سنركز على المقاربة الهابرماسية للفضاء العمومي مع العلم أنه ثمة مقاربات ومسالك أخرى لتفسير الفضاء العمومي على غرار مقاربة حنا أرنت Hannah -Aronde والمقاربة الجمالية الاستيقية لجون مارك فيري.

14.جميلة حنيفي: يورغن هابرماس من الحداثة إلى المعقولية التواصلية، إصدارات الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، الجزائر ،2016، ص291.

15.الصادق الحمامي، "الميديا الجديدة والمجال العمومي: الإحياء والانبعاث، مجلة الإذاعات العربية، العدد 3، اتحاد إذاعات الدول العربية، 2011، ص 16.

16.الصادق الحمامي، المرجع نفسه، ص 16

17.. H. Janniere, V. Devillard : «   espace public, communauté et voisinage » In : Les espace publics modernes, collectif sous la direction de Picon Lefbrovre, Moniteur, Paris, p16.

نقلا عن إدريس نوري: استعمال المجال العام في المدينة الجزائرية دراسة ميدانية على حديقة لتسلية في مدينة سطيف، وساحة طاووس عمروش في مدينة بجاية، مذكرة ماجيستر غير منشورة جامعة قسنطينة، 2007، ص 50.

18.إدريس نوري: المرجع نفسه، ص50.

19.عادل البلواني، النظرية السياسية لهابرماس (الحداثة والديقراطية)، إفريقيا الشرق، المغرب، دط ،2014، ص 137نقلا عن:قدور نورة،   أزمة الهُويّة في المجتمعات الليبرالية»يورغن هابرماس« نموذجًا، دكتوراه في الفلسفة، جامعة وهـران 2كلية العلوم الاجتماعية، 2016-2017، ص133 .

20.كوينتين دولا فيكتوار: مفاهيم المواطنة والفضاء العمومي عند حنة أرنت وهابرماس : استمرارية السياسي من العصور القديمة إلى الحداثة ،تر: نور الدين علوش ،مجلة إضافات ، لبنان ،العدد 12 ربيع 2013،ص 55.

21.الصادق الحمامي: المرجع السابق، ص16.

22.AddiLahouari: « Espace public et société en Algérie »In « leQuotidien d’Oron »n° 24/04/2004. Algérie

نقلا عن: نوري دريس، المرجع السابق، ص 52.

23. في المقابل نجد رأيا  مخالف لدى مجموعة من الفلاسفة  وعلماء الاجتماع الذين أبانوا عبر مختلف الدراسات التاريخية السوسيولوجية بأن الفضاء العمومي لم يكن أبدا في يوم ما مفتوح  ومتاحا للجميع من خلال إقصائه لفئات معينة من المجتمع (السود- النساء –الطبقة العاملة )une sphère plébéienne ، هؤلاء الذين بقوا مبعدين عن أي مشاركة فعالة داخل هذا الفضاء العمومي البرجوازي وهي الانتقادات التي وجهتها نانسي فريزر التي جعلت موضع تساؤل الفرضيات التي ينبني عليه التصور الهابرماسي للفضاء العمومي من خلال انتقادها لهذا التصور  الذي يحيل على نموذج واحد هو النموذج البرجوازي وهو ما دفع هابرماس إلى إعادة النظر في التعريف الذي قدمه في مقدمة كتابه ( الفضاء العمومي ثلاثون سنة فيما بعد) الذي يقر فيه بتعدد الفضاءات العمومية من جهة  وبإهماله لطبقات أخرى من المجتمع  وتركيزه على المجال العمومي البرجوازي.

24.الصادق الحمامي: المرجع السابق، ص 17.

25.حاتم سليم العلاونة، دور مواقع التواصل الاجتماعي في تحفيز المواطنين الأردنيين على المشاركة في الحراك الجماهيري، ورقة مقدمة للمؤتمر العلمي السابع عشر بعنوان " ثقافة التغيير". كلية الآداب / جامعة فيلادلفيا، عمان، نوفمبر 2012، ص 6.

26.جميلة حنيفي: المرجع السابق، ص 159.

27.جميلة حنيفي: المرجع نفسه، ص159.

28.جميلة حنيفي: المرجع نفسه، ص160.

29.يحيا يحياوي: في معوقات الاتصال العمومي بالمغرب، أشغال ملتقى الدولي حول الاتصال العمومي: المقاربات والتحولات والرهانات 12-13 أفريل 2007، معهد الصحافة وعلوم الأخبار ومؤسسة كنراد اديناور، ص 58.

30.Guy Scoffoni : le droit à l’information administrative aux états unis. Préface de venezia Jean-Claude, éditions Economica, paris, 1992, p14. 

31.محمد براو: الشفافية والمساءلة والرقابة العليا على المال العام في سياق الحاكمة الراشدة، دار القلم، المغرب، 2010، ص 19.

32.Philipe Subra : A quoi et à qui sert le débat public ? Hérodote.vol 3 N .110, 2003, p150

33.يحي بوافي، "جدوى الديمقراطية في مغرب اليوم... في ظلّ غياب الأحزاب"، العرب الأسبوعي، لندن: عدد السبت 03/ 09 / 2009، ص. 06، نقلا عن:عصام بن الشيخ، الأمين سويقات:إدماج مقاربة الديمقراطية التشاركية في تدبير الشأن المحلي – حالة الجزائر والمغرب - دور المواطن، المجتمع المدني والقطاع الخاص في صياغة المشروع التنموي المحلي، ص.05. متوفر على الرابط الآتي:

https://manifest.univ-ouargla.dz/documents/Archive/Archive%20Faculte%20de%20Droit%20et%20des%20Sciences%20Politiques/Les-menaces-de-securite-dans-les-pays-du-Maghreb-a-la-lumiere-des-developpements-actuels-27-28fevrier-2013/USSAM-BEN-CHIKH-SSWIKAAAT.pdf

34.   بوحنية قوي: المرجع السابق، ص 55.

@pour_citer_ce_document

اناس رغيس, «الاتصال العمومي وإدارة الفضاء العام»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 97-109,
Date Publication Sur Papier : 2019-06-24,
Date Pulication Electronique : 2019-06-24,
mis a jour le : 24/06/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=5723.