الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي بين أخلاقيات المهنة و متطلبات الوظيفة
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°11 Juin 2010

الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي بين أخلاقيات المهنة و متطلبات الوظيفة


pp : 93 - 104

ونـاس أمزيــان
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

الأخصائي النفساني الممارس بالوسط العقابي له وزن كبير في وسطه المهني، إذ يعتبر مثالا لطاقم المؤسسة في التعامل مع الذين زلت بـهم القدم في طريق الانحراف والجريمة، إذ يقوم بتوجيههم وإرشادهم إلى أفضل السبل لإعادة تربيتهم، وهو يشكل بالنسبة للنزلاء سندا معنويا ويمثل شخصية إنسانية لا يمكن الاستغناء عنها، كونه الجدير بفهم النزيل من ناحية وانفعالاته ومشاعره وتقديرها، ومن ناحية اضطراباته المختلفة وتفسيرها، وإيجاد الحلول الناجعة لها، وهو الوحيد الذي يتقبل إسقاط مختلف المشاعر المتناقضة على شخصه، فكم يكون موضوعا للحب أو للكراهية من طرفهم، مهمته إذن ذات صبغة إنسانية، فهو أقرب الموظفين من النزلاء دون منازع في محيط أمني مشدد الحراسة، إذ يتعامل مع مشاكل الإنسان في أعقد مراحل حياته وأخطر ظروفه وأصعب أزماته، خصوصا وأن للجريمة علاقة وطيدة بالجهاز النفسي، ويتطلب من النفساني التعامل معها كاضطراب في السلوك، أو مرض نفسي يصيب الشخصية، وحتى كظاهرة اجتماعية، وذلك لأجل علاجها والتكفل بصاحبها، وهكذا يتجلى دوره في المحافظة على التوازن النفسي والشخصي للنزلاء، سواء داخل السجن أو بعد الإفراج عنهم، مما ينعكس بالإيجاب على المؤسسة العقابية ككل، وما توظيف الأخصائيين النفسانيين في السجون إلا دليل على إحساس المسؤولين على القطاع الوصي بالدور الذي يمكن أن يلعبه  النفسانيون في إعادة  التربية وإعادة إدماج النزلاء .

ويمكن أن أذكر رقما جزافيا تقريبيا حول عدد الممارسين النفسانيين في السجون الجزائرية، حيث وصل إلى أكثر من 300 نفساني موزعين على جل المؤسسات العقابية، والمتمثلة في مؤسسات إعادة التأهيل وإعادة التربية وحتى مؤسسات الوقاية ومراكز الأحداث والنساء، وقد أصبحت المؤسسات العقابية بمختلف أصنافها تعتمد على الأخصائي النفساني في دراسة حالات النزلاء لمعرفة دوافعهم، وفهم مشكلاتـهم، وأنواع الصراعات التي يعانون منها، ويقوم بالتكفل بتلك الحالات مع تقديم الاقتراحات والتوصيات اللازمة لكل منها ( حامد عبد السلام زهران، ص 150 ) .

وللإشارة فإن التعاون الجدير بالاحترام مع النفساني يسهل للقائمين على المؤسسات العقابية  الحفاظ على إنسانية الإنسان، والسهر على ترقيته وتطويره، وإكسابه خبرات جديدة، وإدخال عناصر هامة في شخصيته وتغيير تفكيره، وتـهيئته للعودة من جديد إلى المجتمع فردا صالحا ومسؤولا يمكنه أن يبني مستقبله بكل أمان .

1 ـ تعريف السجن :

السجن عبارة عن دار للتوقيف يحتجز فيها المتهم حتى يقدم للمحاكمة، وهو المكان المعد خصيصا لاستقبال أولئك الذين قرّر المجتمع اعتقالهم وفاء لغرضين متمايزين من أغراض العدالة الجنائية، فقد يكون الاعتقال وسيلة للإمساك مؤقتا بالمتهمين بارتكاب جريمة في القانون، وذلك ضمانا لعدم ضياع أدلة الجريمة، أو لضمان عدم التلاعب فيها، أو التأثير في شخص حاملها، أو لضمان عدم هروب المتهم، أو خلق متاعب للأمن . والاعتقال بـهذا المعنى ليس في جوهره سوى مسألة رقابة، وهو ما اصطلح على تسميته بالحبس الاحتياطي (مصطفى العوجي ، ص 646) ، لكن قد يكون الاعتقال في حد ذاته تنفيذا لحكم قضائي صادر بسلب حرية المحكوم عليه أو تقييدا مؤبدا أو لمدة محدودة، ويكون جوهر الاعتقال هنا تنفيذ العقوبة وليس مجرد مراقبة المتهم (عبد الفتاح الصيفي، ص 17 ) .

2 ـ تعريف الأخصائي النفساني :

عموما يمكن النظر إلى الأخصائي النفساني بأنه شخص اكتسب أسس وتقنيات وطرق سيكولوجية للتعرف على شخصية العميل، ومن ثم تشخيص مشكلاته، وبالتالي وضع خطة للعلاج والوصول به إلى التوافق الشخصي والاجتماعي الممكن، وقد تعددت التعاريف التي حاولت أن تضع النفساني في خانة مميزة عن الاختصاصات الأخرى خصوصا المشابـهة منها، فقد عرفه نوربار سيلامي N. SILLAMYبأنه "الشخص الذي يمارس نشاطه المهني في إحدى مجالات علم النفس، حيث يقوم بتطبيق المعارف النظرية والتطبيقية ولديه القدرة على التفهم والتقارب اللذان يسمحان له بإقامة علاقة حقيقية مع الآخرين، وفهم تصرفاتـهم وسلوكهم وذلك عن طريق إجراء المقابلات وتطبيق الاختبارات النفسية بمختلف أصنافها للوصول إلى التشخيص المناسب لحالاتـهم والمساهمة في تطوير شخصيتهم، وتقديم العلاج النفسي المناسب لهم، كما لديه أيضا نشاطات في الوقاية، الإعلام، وفي البحث والتكوين (Sillamy P : 394  N)، أما لويس كامل مليكة فقد ميزه عن غيره من الأخصائيين باستخدام الأسس والتقنيات والطرق والإجراءات السيكولوجية، مع إمكانية التعاون مع غيره في الفريق الإكلينيكي  وذلك في حدود الإعداد والتدريب المهني والإمكانيات المتاحة، وفي إطار من التفاعل الإيجابي، بقصد فهم ديناميات شخصية العميل، وتشخيص مشكلاته والتنبؤ عن احتمالات تطور حالته، ومدى استجابته لمختلف أصناف العلاج، ثم العمل على الوصول بالعميل إلى أقصى توافق اجتماعي و ذاتي ممكن" (لويس كامل مليكة، ص 12)  . أما شاكو  SHAKOWفقد خصه بتعريف مختصر وواف حيث قال : "بأنه نموذج العالم ـ المهني"، أي النفساني الذي يجمع بين دوره بوصفه عالما، ودوره بوصفه ممارسا للمهنة، ولعل الوصف الذي أعطاه بول ديفارج PAUL DESFARGESللأخصائي النفساني في الجزائر "هو غالبا ما يعرف بالشخص الرزين الهادئ الذي يرفع معنويات الغير" ( PAUL DESFARGES, P :236) ، هو الوصف الذي يتناسب أكثر مع الأخصائي النفساني الذي يمارس عمله في الوسط العقابي، وهكذا نستطيع أن نستخلص العديد من الخصائص الشخصية والمهنية التي تميز النفساني عن غيره من الممارسين في المجال الإكلينيكي، والتي تساعده في نفس الوقت على القيام بدوره بصورة جيدة، وتحد من درجة الغموض التي تكتنف مهنة الأخصائي النفساني، ومن بين تلك الخصائص نذكر ما يلي :

ـ إنه شخص رزين وهادئ لديه القدرة على الرفع من معنويات الآخرين .

ـ هو شخص يعرف أسس وتقنيات وطرق سيكولوجية تمكنه من التعرف على شخصية الآخر

ـ إنه شخص عملي يمزج في  مهنته بين التكوين العلمي النظري والجانب الميداني .

ـ إنه شخص لديه القدرة على التفهم والتقارب مع الآخر .

ـ هو شخص لديه القدرة على إقامة علاقة مهنية جادة مع الآخر .

ـ هو شخص يجيد إجراء المقابلات و يطبق الاختبارات النفسية بمختلف أصنافها .

ـ هو شخص لديه القدرة على فهم تصرفات و سلوكات الآخر .

ـ هو شخص لديه القدرة على التنبؤ باحتمالات تطور حالة العميل .

ـ هو شخص لديه القدرة على وضع خطة العلاج النفسي المناسب والوصول بالعميل إلى التوافق .

ـ هو شخص لديه القدرة على التنبؤ بمدى استجابة العميل لمختلف أصناف العلاج النفسي .

ـ هو شخص يقوم بنشاطات في الوقاية، الإعلام، وفي البحث والتكوين .

ـ هو شخص يقبل بالتعاون مع فريق إكلينيكي في جو تحترم فيه الاختصاصات القدرات .

3 ـ الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي :

كان اللقاء الأول بين الأخصائيين النفسانيين، وبين قطاع إعادة التربية بواسطة  الطب النفسي الشرعي، تلته بعض الزيارات القليلة للنفسانيين العاملين بالمستشفيات إلى السجون القريبة من مقر عملهم بدعوة من الإدارة الوصية التي فتحت أبوابـها فيما بعد لتوظيف الأخصائيين النفسانيين، حيث اقتصر تواجدهم في الثمانينات من القرن الماضي في أكبر السجون, وكانوا قليلي العدد, لكن  تزايد عددهم وتكاثر منذ التسعينات إلى يومنا هذا،  فالأخصائي النفساني هنا هو موظف محايد، ويعتبر شخصا محوريا تتجلى أهمية عمله خصوصا في التنسيق بين مختلف الأطراف وتوجيههم والتأثير فيهم، ونشاطه ينقسم إلى جهدين الأول موجه إلى النزلاء والثاني إلى المشرفين على إعادة وهو مرجع لكثير من الموظفين في العديد من القضايا التي تـهم النزلاء وإعادة تربيتهم، وهكذا نجده يقوم بأنشطة مختلفة ومتنوعة ترمي كلها إلى تحقيق هدف واحد وهو إصلاح النزيل، وإعادة إدماجه من جديد في المجتمع فردا سليما من الناحية النفسية، ومعافـى من الناحية الجسمية، ومن بين نشاطاته نذكر ما يلي : الفحص النفساني، العلاج النفسي بمختلف أنواعه، الدعم النفسي، الاسترخاء النفسي والعضلي، الإرشاد النفسي، الإحالة إلى أخصائيين آخرون، تحضير بعض المساجين للخروج إلى الحياة العامة، القيام بزيارات إلى العنابر والقاعات والساحات، زيارة قاعات الدراسة، حضور اجتماعات لجنة الترتيب والتأديب كعضو أساسي وفعال، التنسيق مع أطباء المؤسسة، والمساعدة الاجتماعية، وطبيب الأمراض العقلية، مرافقة بعض النزلاء إلى المستشفى و زيارتـهم باستمرار، ملاحظة محادثة النزلاء مع أهاليهم، التحاور مع المسؤولين، إضافة إلى الأنشطة العلمية حيث يقوم الأخصائي النفساني بإعداد محاضرات وإجراء الدراسات والبحوث النفسية، ولعل ذلك أهم ما يتميز به الأخصائي النفساني العيادي في المؤسسات العقابية لكونه باحث وممارس في الوقت نفسه، وذلك ما يؤكد عليه ميهيل Meehlبشأن الأخصائيين النفسانيين بقوله : "إذا كان هناك شيء يبرر وجودنا بالإضافة إلى انخفاض أجرتنا، هو كوننا نفكر علميا في مجال السلوك الإنساني" (بلميهوب كلثوم، ص 12) ، وفي خضم ذلك الجو المميز الذي ينشط به النفساني نجده يقع حائرا لعدد من الأسباب نذكر منها : تعدد أدواره وعدم تحديدها بدقة مما أدى إلى غموضها وتميعها، ووقوعه بين ضرورات أخلاقيات المهنة ومتطلبات الوظيفة .

أ ـ غموض دور الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي :

يعرف بارسونز Parsonsالدور بأنه "ما يفعله الشخص أثناء علاقته بالآخرين، داخل النسق الاجتماعي" (حنفي ماجد محمد، ص 129 )، ويعرفه  بيرون Pierronبأنه "نموذج منظم وسلوكات مرتبطة بوضع خاص داخل المجتمع أو الجماعة، مرتبط أيضا بما ينتظره منه الآخرين والجماعة" ( M . Pierron p: 394)، وعليه يمكن أن نستنتج بأن الدور عبارة عن سلوك منظم للشخص وفقا لمكانته وعلاقته بالآخرين، وقد بين العديد من المهتمين بـهذا الموضوع وعلى رأسهم شاكو بأن الاتفاق بين العلماء حول الأدوار التي يقوم بـها الأخصائي النفساني الإكلينيكي، إنما هو اتفاق نسبي، وعليه يمكن تحديد تلك الأدوار بالوظائف الآتية :

ـ انتظام مجال اهتمام السيكولوجي الإكلينيكي حول الاتجاه الديناميكي في دراسة الشخصية، وهذا يتطلب بصيرة كافية بالطب النفسي، وعلم النفس الإكلينيكي، والتحليل النفسي .

ـ إجراء معظم عناصر الفحص النفسي، ودراسة الحالة، وإعداد التقرير النفسي وربما اقتراح التشخيص المبدئي، وبعض التوصيات الإرشادية العلاجية، وإجراء الفحوص والبحوث النفسية الخاصة بالحالات التي تطلب منه المساعدة، أو تلك التي يحيلها إليه المرشد أو المعالج أو الأطباء من الاختصاصات الأخرى خصوصا الطب العقلي .

ـ قد تتوجه اهتمامات الأخصائي النفساني إلى القياس النفسي باستخدام الاختبارات النفسية والعقلية لأجل التشخيص، وذلك بالإشراف على تطبيقها وتفسير نتائجها للكشف عن بناء الشخصية، وتراكيبها وقدراتـها وميولها واهتماماتـها وقيمها، وما قد يعاني منه العميل من أعراض نفسية مرضية، واضطرابات في السلوك، ومن الضروري لإنجاح هذا الجانب أن يكون هناك تعاون إيجابي مع العاملين في الميدان التربوي والمهني .

ـ قد يكون دور الأخصائي النفسي الإكلينيكي هو مساعدة العميل نفسيا أو سلوكيا في مرحلة التشخيص، أو في مرحلة تقديم العلاج، وكذلك مساعدة العميل للأخصائي ولذلك تتطلب الحالة بعض أساليب الإرشاد النفسي ( عطوف محمود ياسين ، ص 94 ) .

ـ مساعدة المرشدين والمعالجين النفسانيين في تقديم الكثير من خدماتـهم النفسية مثل المشاركة في العلاج والإرشاد الجماعي ( حامد عبد السلام زهران،  ص 85 ) .

وفي المؤسسات العقابية يضطلع الأخصائيون النفسانيون بدور جد مهم بصفتهم موظفون مدنيين وسط موظفين ينتمون إلى أحد أسلاك الأمن، وذلك بموجب نصين قانونيين في الوقت نفسه، أحدهما خاص بقطاع السجون وهو الجهة المستخدمة، والآخر خاص بقطاع الصحة وهو السلك الأصلي للأخصائيين النفسانيين، وذلك تسبب في عدم وضوح الجانب التشريعي الذي يحدد مهامهم و ينظم مسارهم، وعليه تتحدد أنشطتهم، لأن القوانين التي تنظم عملهم غير مبنية على أسس صلبة، مما ترك الباب مفتوحا للعديد من التجاوزات التي قد تأتي سواء من الإدارة، والمحيط المهني، أو من الأخصائي النفساني ذاته، حيث نجده في بعض الأحيان يقوم بأداء وظائف ليست من مهامه، كأن يرتضي لنفسه دور التابع أو المساعد للغير، وبالتالي فإنه يهمل دوره الأساسي خاصة بالنسبة لقليلي الخبرة الميدانية مما تزيد من درجة غموض دوره، (بلميهوب كلثوم، ص04)، وفيما يلي بعض التفصيلات للقانونين :

ـ قانون تنظيم السجون وإعادة التربية ولاسيما المواد رقم 76 و ما يليها منه، والتي تنص على وضع الأخصائي النفساني تحت سلطة مدير المؤسسة، كما يكلف بما يلي :

ـ متابعة مجموعة من النزلاء من الناحية النفسية .

ـ التعرف على شخصية كل واحد من النزلاء .

ـ السعي إلى التأثير في النزلاء  إيجابيا .

ـ مساعدة النزلاء على حل مشاكلهم الشخصية والعائلية .

ـ الإشراف على التعليم والتكوين المهني وكل الأنشطة الثقافية والرياضية .

ـ العمل على  تكييف جميع التدابير الرامية إلى إعادة تأديب المحكوم عليهم .

ـ الالتزام بحضور اجتماعات لجنة الترتيب والتأديب .

ـ تقديم التفسيرات اللازمة بشأن أي نزيل يمكن أن يتم الاستفسار حوله .

ـ إمكانية تقديم اقتراحات بالإفراج المشروط، أو الالتحاق بورشة خارجية، أو الاستفادة من عطلة لصالح أي نزيل يرى بأن ذلك من مصلحته .

ـ مسك ملف شخصي لكل نزيل قدم له العلاج النفسي .

ـ القانون الأساسي النموذجي للأخصائيين النفسانيين الممارسين في قطاع الصحة العمومية ولاسيما المواد رقم 18 و 19  والتي تصنف الأخصائيين النفسانيين إلى رتبتين هما :

رتبة أخصائي في علم النفس العيادي التابع للصحة العمومية.

رتبة أخصائي رئيسي في علم النفس العيادي التابع للصحة العمومية.

كما يحدد هذا المرسوم مهام وصلاحيات الأخصائي النفساني العيادي بصفة عامة،  تحت سلطة المسؤول السلمي القيام بالمهام الآتية :

ـ إجراء الفحوص والتحصيلات النفسية .

ـ تطبيق الاختبارات النفسية .

ـ التشخيص والتنبؤات النفسية .

ـ الإرشاد والتوجيه النفسي .

ـ المساعدة النفسية ( توجيه، إرشادات، مرافقات بسيكولوجية للمصاب بمرض خطير، تحضيرات بسيكولوجية للمرضى لإجراء العمليات الجراحية.. الخ ).

ـ الوقاية والعلاج الشفائي .

ـ استعمال تقنيات نفسانية علاجية متخصصة (العلاج النفسي بالدعم، العلاج السلوكي ، الاسترخاء ، العلاج الجماعي، ديناميكية الجماعة والسيكودراما).

ـ رفع مردودية الفرق الصحية بإدارة العلاقات الإنسانية .

ـ السهر على الانضباط في ممارسة المهنة .

ـ العمل المؤسساتي، القيام باتصال مع المستخدمين الطبيين وشبه الطبيين والإداريين .

ـ تكوين المستخدمين الطبيين وشبه الطبيين بالعلاقة مع المريض .

وهكذا يتضح أن القوانين التي تنظم عمل الأخصائي النفساني في المؤسسات العقابية لم تكن منظمة ولا واضحة، ولعل ذلك ما أدى إلى عدم وضوح الهوية المهنية للنفساني العيادي، وفي هذا الصدد توصل بول ديفارج في دراسة له بجامعة قسنطينة إلى أن صورة الأخصائي النفساني في الجزائر غامضة ومضببة تقترن بصورة المرابط أو المنجم، وغالبا ما يقوم بجميع الأدوار، ماعدا دوره الحقيقي، فهو منشط وممرض، ومساعد اجتماعي، ونادرا ما يكون أخصائيا نفسانيا، وذلك ما أشار إليه بيتون BITON  بقوله : "إن النفساني العيادي يستطيع القيام بجميع الأدوار ما عدا دوره الحقيقي الذي ما زال محاطا بغموض كبير" (بلميهوب كلثوم، ص674)، الأمر الذي قد ينتج عنه الشعور بالإحباط من الصورة المهنية والدور المهني غير المحدد .

ب ـ أخلاقيات مهنة الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي :

مهنة الأخصائي النفساني الممارس بالمؤسسات العقابية تتطلب منه أن يكون على درجة من الإنسانية والتضامن مع المريض، لفهمه والعمل على مساعدته بكل الطرق التي يرضى عنها العميل، وتتلاءم مع قدراته في نفس الوقت، وأن لا يفشي بسّره و يحافظ على توازنه و يساعده على النمو الشخصي وغيرها، خصوصا وأنه يتعامل مع مشاكل الإنسان في أعقد مراحل حياته وأخطر ظروفه وأصعب أزماته فيحاول إرشاده إلى أفضل السبل والوسائل التي تمكنه من اكتساب خبرات جديدة تضاف إلى شخصيته تساعده مستقبلا على الظفر بمكانة وسط المجتمع سواء العقابي أو المجتمع الأصلي يتمكن بعدها من الاندماج من جديد معهم، والتعايش بينهم بسلام، فلأجل تحقيق كل ذلك وجب عليه أن يتحلى بسيرة ذاتية مقبولة يتمكن من خلالها أن يتأقلم مع الوسط المهني الفريد، والتعامل مع مختلف الفئات الاجتماعية التي تعيش بالمؤسسة .

ـ عليه أن يكون محل ثقة بالنسبة للنزلاء خصوصا الذين يطلبون منه المساعدة مهما كان نوعها .

ـ ملزم بأن يوفر جو من الارتياح للنزلاء حين الاتصال به لمساعدتـهم .

ـ عليه أن يكون السند الذي يبعث على الاطمئنان بالنسبة للنزلاء وهو ما يميزه عن باقي موظفي المؤسسة العقابية .

ـ عليه أن يحافظ على أسرار النزلاء مهما كان نوعها أو حميميتها أو خطورتها و لا يجعلها في متناول أي كان من موظفي المؤسسة العقابية .

ـ عليه أن يكون حذرا من الانجذاب والتورط العاطفي الذي يسعى إليه بعض المساجين لكسب وده والفوز بعلاقة متميزة معه .

ـ عليه أن يكون حذرا من الوقوع في مغالطات و حيل النزلاء .

ـ عليه أن يكون موظفا محايدا وأن لا يمكن أن يكون طرفا مساندا للنزلاء أو الموظفين طرف ضد الآخر، ولا يشاركهم عواطفهم وأحاسيسهم .

ـ عليه أن يلعب دور المنسق بين مختلف الأطراف، وموجها لهم و مؤثرا فيهم باعتباره شخصا محوريا و مهما .

ـ يجب عليه أن يكون متزنا إيجابيا  يؤثر في الآخرين وأن لا يتأثر بثورانـهم .

ـ أن ينظر إلى الظواهر إلى أبعد  ما تكون إليه وما توصل إليها نتائجها  وأن يتبصر جيدا ويستعمل كامل عقله في عمله.

ـ أن تكون لديه الرغبة والقدرة على مساعدة الآخرين، ويقصد هنا بالآخرين المساجين  والأعوان على السواء .

ـ أن يتمتع بحس الإصغاء الجيد والمرونة في المعاملة والإبداع في التعامل مع مشكلات المحيط الخاصة .

ـ أن يتمتع بسعة الحيلة والذكاء ذلك لكونه يقابل يوميا الذين يستعملون حيلا عجيبة، والأذكياء، والمثقفين ..

ـ أن يتمتع بحب الاطلاع لكي يتمكن من الاطلاع على كل جديد، أي يعيش متوغلا بعقله في عمق  المجتمع  العقابي ولا يبقى على الهامش .

ـ أن يلتزم بالتكتم والسرية التامة في العمل، لأن الكل يبوح له بأسرار سواء تعلق الأمر بالمساجين أو بالحراس، يجب أن يحافظ على أسرارهم لأنـها أمانة لديه .

ـ أن تكون لديه القدرة على احترام وجهة نظر الآخرين، لأنه يتعامل مع مختلف العقليات، لذا يجب عليه أن يقبل رأي الغير مهما كان لكي يكون محل احترام وتقدير من الآخرين .

ـ يجب أن يكون قدوة في السلوك والتصرفات، لذا يجب أن يراقب تصرفاته وسلوكاته لأن الكل يراقبه .

ـ يجب أن يسعى دائما إلى تحسين مستواه خصوصا المعارف ذات الصلة بالوظيفة وميدان العمل .

ج ـ متطلبات وظيفة الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي :

العمل بالمؤسسات العقابية التي تعد مؤسسات أمنية حيث يكون النفساني موظفا مدنيا في وسط أمني صرف، يرتدي فيه الأعوان البذلة الرسمية، ويرتدي النزلاء البذلة العقابية، لذلك فهو يختلف كل الاختلاف عن العمل بالمؤسسات الاجتماعية الأخرى، فالعمل النفسي يكون هنا شاقا ومحاطا بالمخاطر المادية والمعنوية، لأن التعامل فيه يكون مع أناس مجرمين وأذكياء يتميزون بالدهاء، وتارة يجد النفساني نفسه يتعامل مع الجريمة وحيلها، كما  يكون العمل بذات الوسط مليئا بالممنوعات والمحاذير، خصوصا إذا تعلق الأمر بالنزلاء حيث يكون محفوفا بالأخطار، ويكون النفساني معرضا لشتى الأنواع من الضغوط سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من عدة أطراف، مما يتطلب منه أن يكون على درجة عالية من الفطنة و الانتباه لكل ما يجري حوله، وأن يستفيد من خبراته ويوظفها في كل حين، وقبل التطرق إلى المتطلبات الأساسية للممارسة النفسية في الوسط العقابي، نستعرض المهام الأساسية للأخصائي النفساني في المؤسسات العقابية :

1 ـ الفحص : النفساني ملزم بفحص أي نزيل مهما كان، لكن يجب أن يتم ذلك في المكتب الخاص بالفحص، وبعيدا عن مرأى الآخرين مهما كانت صفتهم .

2 ـ التشخيص : التشخيص مرحلة ضرورية من مراحل التكفل النفسي بالمسجون، فمن دونه لا يمكن مباشرة أي إجراء علاجي، أو يخص إعادة التربية وإعادة الإدماج، لذلك يجب على النفساني أن يسعى إلى الوصول إلى التشخيص المنطقي والقريب من الواقع، سواء بناء على نتائج المقابلات أو بالاستناد إلى مختلف الاختبارات النفسية .

3 ـ العلاج : إذا لم يباشر النفساني في عملية العلاج النفسي للعميل، فإن مجهوده يذهب هباء ولا يستفيد منه النزيل، ودون علاج فإنه لا يمكن الحديث عن التكفل النفسي خاصة بالنسبة للحالات المرضية وما أكثرها في السجن .

4 ـ المساعدة : النفساني يتدخل لدى العديد من الأطراف داخل السجن لمساعدة النزيل على تلبية بعض حاجاته الضرورية، وذلك مثل الاتصال والتنسيق مع رئيس الحيازة بشأن نزيل معين، وكذلك مع مدير المؤسسة ومع قاضي تطبيق العقوبات، وهذا لأجل تسوية بعض الوضعيات التي يراها النفساني ضرورية لاستقراره النفسي وتوازنه الانفعالي، وربما لتعديل سلوكه و غيره .

5 ـ المرافقة :  في الحالات الحرجة لا يجد النزيل أحسن من النفساني لمرافقته مثلا عند الذهاب إلى فحص متخصص في المستشفى، أو الإقامة بالمستشفى للعلاج، أو حتى لمقابلة بعض المسؤولين في ظروف خاصة، أو مقابلة العائلة، كذلك في ظروف استثنائية مثل موقف رؤية الأبناء لوالدهم لأول مرة في السجن و غيره .

6 ـ التوعية : على النفساني أن يقوم من حين لآخر بدور التوعية للنزلاء مستغلا المناسبات الوطنية والدينية والأيام العالمية لبث أفكار بناءة بينهم، مثل الإقلاع عن التدخين والمخدرات واجتناب الشذوذ الجنسي، وهنا يمكن التنسيق مع الأطراف الأخرى خصوصا قاضي تطبيق العقوبات، الطبيب، الإمام، الممرن الرياضي، وغيرهم .

7 ـ الوقاية : عدوى الأمراض النفسية تنتقل بين النزلاء كما تنتقل الأمراض المعدية، لذلك نجد أن النفساني يلعب دورا في وقاية النزلاء من تلك الأمراض خصوصا القلق والاكتئاب واليأس والوساوس وغيرها وكذلك وقايتهم من الصدمات النفسية العديدة التي تتولد عن الوسط المغلق، مثل انتظار العفو الرئاسي، أي الإفراج، لكن دون جدوى مما يتسبب للنزيل بالانـهيار أو الصدمة، الوقاية من هستيريا الخوف من تنفيذ حكم الإعدام بالنسبة للمحكوم عليهم بـهذا الحكم وغيرها، ثم الوقاية من مرض السيدا، وتعاطي المخدرات واحتراف الوشم، و تشكيل جماعات الرفاق من السجن ..

8 ـ الدفاع : النفساني ينصب نفسه مدافعا عن النزلاء في الاجتماعات الرسمية بالمؤسسة العقابية، ويذود عن مصالحهم ويراعي في ذلك مصالح المؤسسة، وذلك في مواقف مثل ترشيح مسجون ما للعمل بالورشة الخارجية، أو للإفراج المشروط وغيره .

وبالنظر إلى هذه المهام فإن عمل النفساني يتطلب منه سلوكا خاصا يتلاءم مع خصوصيات الوسط العقابي، وخصوصيات الفئة المستهدفة بالتكفل النفسي، ألا وهي فئة النزلاء الذين هم في الأصل مجرمون مدانون من طرف العدالة، وحكم عليهم بعقوبات متفاوتة حسب الجرم الذي اقترفه كل واحد منهم، ومن تلك المتطلبات نذكر ما يلي :

1 ـ الامتناع أو التقليل من بعض النشاطات النفسية التي يكون القيام بـها سهلا خارج الوسط العقابي و ذلك مثل الاتصال ببعض الفئات الخاصة من النزلاء أو ممارسة بعض الأنواع من العلاجات النفسية خصوصا الجماعية منها .

2 ـ بعض الاقتراحات التي يتقدم بها الأخصائي النفساني لا تلق في كثير من الأحيان الآذان الصاغية نظرا لعدم توافقها مع النظام الأمني الذي يخص المؤسسة العقابية .

3 ـ كثيرا ما ينظر إلى الأخصائي النفساني كعنصر دخيل على المؤسسة العقابية باعتبار أن كل موظفيها يرتدون البذلة الرسمية و النزلاء يرتدون البذلة العقابية في حين أنه يرتدي لباسا مدنيا عاديا لذلك فهو محل أنظار الجميع وكثيرا ما يشعر بالمراقبة من طرف طاقم السجن أثناء تأدية مهامه.

4 ـ الأخصائي النفساني يقوم بعمله وهو محاط بالقوانين وبمجموعة من الممنوعات والتهديدات مما يؤثر على مسار عمله ويقلصه إلى جزء من عمل فقط .

5 ـ طبيعة المؤسسات العقابية تحتوي على فئة خاصة من النزلاء تستلزم التكتم والحفاظ على السر المهني مما يكون مفروضا كذلك على النفساني .

6 ـ عدم التعامل مع النزلاء أو مع أهاليهم خارج الأطر القانونية خاصة في غياب المساعدة الاجتماعية التي تلعب دورا هاما .

7 ـ كبح غير مباشر لمبادرات الأخصائي النفساني التي تتعارض في بعض الأحيان مع القوانين السارية مثل الإلحاح على خروج بعض المساجين في عطلة نظرا لسلوكهم القويم و ما يبدوه من علامات الإصلاح أو الاستفادة من نظم مختلفة مثل الخروج إلى العمل بالورشات الخارجية.

8 ـ يتعرض الأخصائي النفساني خلال تأدية عمله إلى العديد من الأخطار منها المرضية من جراء احتكاكه بالنزلاء الذين من المحتمل أن يكون البعض منهم مصابون بأمراض معدية.

9 ـ يتعرض الأخصائي النفساني خلال تأدية عمله إلى أخطار التعدي الجسدي  من طرف النزلاء أو داخل المؤسسة إذا طرأ طارئ .

10 ـ احترام النظام الداخلي للمؤسسة الذي يعد صارما بالنظر إلى مهنة الأخصائي النفساني التي تتطلب نوعا من المرونة في التعامل مع مختلف المشاكل الإنسانية .

11ـ تقديم الاستشارات للمسؤولين حول النزلاء وطريقة تربيتهم ورعايتهم، سواء  في المؤسسة أو الهيئات الوصية .

12 ـ ضرورة الإشعار الفوري بأي خطر وشيك الوقوع ماديا كان أم معنويا مثل تـهديدات بعض المساجين بالإضراب عن الطعام، أو باستعمال القوة ضد بعضهم، أو ضد المؤسسة والثورة عليها .

13 ـ ضرورة مسك ملف لكل نزيل و تقييم حالته العامة وتدوينها وإشعار المسئولين بـها كلما كانت هناك ضرورة لذلك .

14 ـ ضرورة تحرير تقارير حول الحالة النفسية والسلوكية للنزلاء الذين يقوم بفحصهم، غير خصوصا أولئك الذين يبدون سلوكا مريبا يتسم بالخطورة على أنفسهم وعلى غيرهم، وذلك مثل المقبلين على الانتحار، والشواذ جنسيا، والمدمنين على المخدرات، والذين يخططون للفرار من السجن أو التمرد و غيرهم .

مناقشة :

والآن يمكننا أن نتصور حال الأخصائي النفساني الممارس بالوسط العقابي الذي قد تختلط عليه الأمور في العديد من المواقف فالمنتظر منه أن يكون هو من يرفع من معنويات الآخرين ، لكنه في كثير من الأحيان يتعرض هو نفسه للإحباط، بسبب عدم تمكنه من تنفيذ خطة العلاج النفسي المناسب لعميل ما مثلا، والتي يكون قد رسمها و خطط لها، وذلك يحد من قدرته على التنبؤ بتطور ومآل الحالات التي قابلها، وفي المقابل لا يمكنه الاضطلاع بمهمة البحث العلمي خصوصا أن الوسط العقابي يعتبر ميدانا جديدا لم يدخله العلماء والباحثون بعد إلا نادرا، وهذا نظرا لخصوصيته بحيث يفرض عليه قيودا في التعامل مع النزلاء و مع مشكلاتـهم وبالتالي يكون ذلك عائقا أمام الأداء الفعال لدوره الذي يستلزم نوعا من الحرية والمبادرة، وتمنعه من العديد من النشاطات التي يمكن له القيام بـها في سبيل مساعدة النزلاء وعلاجهم وذلك مثل حرية الاتصال بمختلف الفئات التي تتطلب التدخل النفسي، وهذا يعكس صرامة القوانين التي تنظم عمل النفساني وغموضها في بعض الأحيان، ونلمس ذلك من خلال التناقض الحاصل بين القانونين اللذين يسيران عمل النفساني في الوسط العقابي، فبالنسبة لقانون تنظيم السجون وإعادة التربية، فقد كلف النفساني بمهام لا يقوى عليها مثل التعرف على شخصية النزلاء والتأثير فيهم ومساعدتـهم على حل مشكلاتـهم، وفي نفس الوقت فهو مكلف الإشراف على التعليم والتكوين المهني وكل الأنشطة الثقافية والرياضية، ويتحمل مسؤولية في تكييف جميع التدابير الرامية إلى إعادة تأديب المحكوم عليهم، وبالمقارنة مع النفساني العامل بسلك الصحة، فإنه يتكفل فقط بالعمل النفسي البحت مثل إجراء الفحوص النفسية، وتطبيق الاختبارات النفسية، التشخيص والتنبؤات النفسية، الإرشاد والتوجيه النفسي، المساعدة النفسية، أي أنه يتكفل بمهام عديدة في الوسط العقابي، وبالتالي فهو يتحمل مسؤولية أكبر خاصة بالنظر إلى الأخلاقيات التي يتحلى بـها بحكم مهنته، وبالنظر كذلك إلى نوعية وخصوصية رواد مكتبه الذين يطلبون منه المساعدة بكل أنواعها، وهو في هذا الوضع يعجز عن الوفاء بكل الالتزامات، مثل توفير جو الراحة للنزلاء عندما يتصلون به، ثم التناقض الذي نجده بين المحافظة على أسرار عملائه مع واجب التبليغ الفوري بأي خطر وشيك الوقوع ماديا كان أم معنويا قد يهدد أمن المؤسسة ومن فيها، ونفس التناقض نجده بين واجبه في الاطلاع على كل جديد، والعيش في عمق المجتمع  العقابي، وعدم البقاء على الهامش، وفي الوقت نفسه فهو مقيد عن الاتصال بكل حرية مع النزلاء، إذ يراعى كثيرا الجانب المهني الذي يتعارض في بعض الأحيان مع  بعض النشاطات التي قد يقوم بـها النفساني باعتباره عنصرا دخيلا على الوسط العقابي لذلك نجده يشعر وكأنه مراقب من طرف باقي الموظفين وذلك ما يضاعف لديه الحيرة بين متطلبات الوظيفة وأخلاقيات المهنة وغموض الدور .

خاتمة :

إن الغموض الذي يلف مهنة الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي يجعله يشعر بالضرورة بعدم الرضا، وبالتالي تقل كفاءته التي يترتب عنها عدم القدرة على مواجهة صعوبات المهنة، مما يفرض عليه مستقبلا التكيف مع هذه الظروف التي تولدت عن خصوصية الوسط العقابي الذي يحوي أفرادا ذوي خصوصيات واحتياجات خاصة، لذلك فإنه هو من يوصل تصوره للآخرين ويوضح خصوصيات مهنته ومتطلبات وظيفته، ولا ينتظر فقط التوضيحات منهم، وهو من يبادر بالتقرب منهم، وليس العكس، لعله يتمكن من إيصال ما يجب عليه فعله وتوضيحه للآخرين مما يمكنه من ترسيخ دوره أكثر وتفعيله في الوسط العقابي لأنه شخص محوري وأساسي لا يمكن الاستغناء عنه .

مراجع :

1 ـ المعايطة خليل عبد الرحمان . علم النفس الاجتماعي، ط1 ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت . 2000 .

2 ـ زهران حامد عبد السلام . التربية والإرشاد النفسي، ط3  ، عالم الكتب، القاهرة، 2000

3 ـ لويس كامل مليكة . علم النفس الإكلينيكي، ط1 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة . 1977 .

4 ـ مصطفى العوجي . دروس في العلم الجنائي.  ج2 . السياسة الجنائية والتصدي للجريمة . مؤسسة نوفل. بيروت . 1987 .

5 ـ عبد الفتاح الصيفي ، محمد زكي أبو عامر . علم الإجرام والعقاب . دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية . مصر . 1999 .

6 ـ ياسين عطوف محمود . علم النفس العيادي"الإكلينيكي" ط2 ، دار العلم للملايين، بيروت . 1986 .

7 ـ قانون تنظيم السجون وإعادة التربية . الديوان الوطني للأشغال التربوية الحراش . الجزائر . 1991 .

8 ـ المرسوم التنفيذي رقم 91/111 المؤرخ في 27 أفريل 1991 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لأخصائيين النفسانيين الممارسين في قطاع الصحة العمومية .

9 ـ بلميهوب كلثوم . علم النفس وقضايا المجتمع الحديث، عروض الأيام الوطنية الثالثة لعلم النفس وعلوم التربية، 25، 26، 27، ماي 1998 ج 2، منشورات جامعة الجزائر. 1989 .

10 ـ بلميهوب كلثوم . إدراك الذات المهنية عند الأخصائيين النفسيين العياديين الممارسين في المؤسسة الصحية الجزائرية، رسالة لنيل شهادة الماجستير في علم النفس العيادي، جامعة الجزائر . 1994 .

11 -Paul desfages, (1982) problèmes d'acculturation, la formation des psychologues, thèse de doctorat non publiée, université de Constantine Algérie12 -N . Sillamy , dictionnaire de la psychologie, Larousse bordeau. France.

13 -M. Piéron (1979) vocabulaire de la psychologie, presses universitaires  Paris France.


@pour_citer_ce_document

ونـاس أمزيــان, «الأخصائي النفساني الممارس في الوسط العقابي بين أخلاقيات المهنة و متطلبات الوظيفة »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 93 - 104,
Date Publication Sur Papier : 2010-06-01,
Date Pulication Electronique : 2012-06-23,
mis a jour le : 14/01/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=587.