بلاغة التواتر السردي في الخطاب الروائي قراءة في رواية (تصريح بضياع) لسمير قسيميThe eloquence of narrative frequency in the novelistic speech, reading in the novel "Declaration of loss" of Samir Quasimi
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°03 Vol 16- 2019

بلاغة التواتر السردي في الخطاب الروائي قراءة في رواية (تصريح بضياع) لسمير قسيمي

The eloquence of narrative frequency in the novelistic speech, reading in the novel "Declaration of loss" of Samir Quasimi
ص ص 227-242
تاريخ الإرسال: 2018-10-26 تاريخ القبول: 2019-09-24

كريمة مليزي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يسعى هذا البحث إلى الكشف عن تجليات بلاغة التواتر السردي وأشكاله في خطاب الروائي سمير قسيمي (تصريحٌ بضياع) للوصول إلى معرفة القوانين العامة التي تمثّل شعرية هذا الخطاب، انطلاقا من خصوصية البنية السردية لهذا الأخير؛ لكون خطاب هذه الرواية مبنيّاً على مقاطع التواتر السردي الزمني التي لعبت دوراً مهمّاً في البناء الزمني للسرد، من خلال علاقة التواتر ببقية العلاقات الزمنية الأخرى (التنافر الزمني والاستغراق الزمني) من جهة، وعلاقته بمكونات الخطاب السردي الأخرى (الشخصية والفضاء الروائي) من جهة ثانية. لذلك فالتواتر الزمني الذي بنيت عليه قواعد الحكي في هذه الرواية المختارة يكون قد حقق وظائف سردية على مستويات كثيرة، ممّا جعل عملية القص السردي لا تخلو من إثارة بالغة الأهمية أسهمت في سيميائية الخطاب الروائي

   الكلمات المفاتيح: البلاغة، التواتر، السرد، الخطاب، التفرّدي، التردّدي، سمير قسيمي.

Cette étude vise à souligner les manifestations rhétoriques de la fréquence narrative et de ses formes dans le discours du romancier Samir Quasimi "Déclaration de perte" afin de rendre perceptibles les lois générales qui régissent la poétique du discours, à partir de la spécificité de la structure narrative de ce dernier. Le discours de ce roman est basé sur les segments de la fréquence narrative chronologique (qui a joué un rôle important dans la construction chronologique de la narration) à travers le rapport de la fréquence avec les autres relations temporelles (la dissonance temporelle et l'absorbement temporel) d'une part, et sa relation avec les composantes d'un autre discours narratif (le personnage, l’espace romanesque), de l’autre. Par conséquent, la fréquence narrative, sur lesquelles les règles de la narration ont été construites dans ce roman choisi, a atteint des fonctions narratives à plusieurs niveaux, ce qui rend la narration non sans agitation très importante, contribuant à la sémiotique du discours romanesque

      Mots-clés : éloquence, fréquence, narration, discours, singulatif, fréquentatif, Samir Quasimi

This study seeks to reveal the manifestations of the eloquence of narrative frequency and its forms in Samir Quasimi’s Declaration of Loss to know the general laws that represent the poetic of this speech. The study focuses on the specificity of the narrative which is based on the narrative chronological frequency segments that play an important role in the narrative chronological construction; on the one hand, through the relationship of frequency with other temporal relationships (temporal dissonance and temporal absorption), and on the other hand, its relation with the other components of the narrative speech (character and narrative space). Therefore, the study concludes that the narrative frequency, upon which the rules of the narration are built in this selected novel, has achieved the narrative functions at many levels. This makes the narrative storytelling characterized by an important stir which contributes to the semiotics of the narrative speech

      Keywords: eloquence, frequency, narration, speech, singulative, frequentative, Samir Quasimi

Quelques mots à propos de :  كريمة مليزي

جامعة محمد بوضياف مسيلةkarimamelizi008@gmail.com

مقدمة

ينتمي سمير قسيمي إلى جيل الروائيين الجزائريين الشباب الذين برزت الكتابة السردية لديهم مطلع الألفية الثالثة، وهذا الجيل الروائي الذي ينتمي إليه سمير قسيمي يكون قد استفاد من الإبداع الروائي الجزائري الذي أنشأه جيل المؤسسين على غرار بن هدوقة، والطاهر وطار وواسيني الأعرج وغيرهم من جيل الرواد، رغم الاختلاف الواضح في نمط الكتابة، وآليات الإبداع فيها، وإطارها الاجتماعي والسياسي الذي ولدت فيه، ليكون هذا التميّز في الكتابة الروائية عند سمير قسيمي محط أنظار الباحثين الأكاديميين الذين قرأوا إنتاجه الروائي الغزير، بوصفه خطاباً يمثل مرحلة متميزة من تاريخ الجزائر المعاصر، أو جزائر ما بعد العشرية السوداء. لذلك ينصب اهتمامنا في هذا المقال الموجز على كشف العلاقات الزمنية الممكنة في رواية (تصريحٌ بضياع) التي لفتت نظرنا إليها بكثرة الشبكة الزمنية المعقدة التي أسهمت في حركية الزمن وبنائية الأحداث، وحوارية الشخصيات؛ فهذه الرواية تنحصر أحداثها بين بداية مفاجئة وهي سجن الراوي البطل، ونهاية سعيدة وهي الإفراج عنه وإطلاق سراحه في مدة لا تتجاوز عشرين يوماً-كما أخبر بذلك الراوي البطل طبعاً-. «منذ عشرين يوما سيدي، منذ أن ألقي القبض عليّ في السيسيام »1 وهو يوجه الكلام للقاضي أثناء المحاكمة.

1 -التواتر السردي

تأتي تقنية التواتر السردي لتكمل المحاور الزمنية الأساسية الثلاثة في دراسة خطاب رواية (تصريحٌ بضياع) خاصة، والخطاب الأدبي عامة، وهي:(التنافر الزمني/ الاستغراق الزمني/التواتر الزمني). ومن ثمة فلا مندوحة لأي باحث يروم الحديث عن الزمن في الخطاب السردي أن يغض الطرف عنه أو يغفله؛ إذ إنه يبحث عن المفارقة الزمنية بين زمن الحكاية وزمن الخطاب من جهة الحدث، وموقعه من السلسلة الكلامية، فـ«ليس حدث من الأحداث بقادر على الوقوع فحسب، بل يمكنه  أيضا أن يقع  مرة أخرى، أو أن يتكرر»2 وقوعه أو سرده من طرف الراوي. وإعادة سرده أو قصُّه تخضع لعوامل كثيرة، انطلاقاً من أهمية كلّ حدث ودوره في بناء الخطاب الروائي. وهذه العملية يسميها الباحثون بالتواتر الزمني/السردي نسبة إلى التكرار الذي تخضع له هذه المقاطع الزمنية على مستوى السرد أو الحكي.

وانطلاقا من هذا الحديث نفهم أن الأحداث في الخطاب السردي لا تأتي كلها على نسق واحد؛ فمنها ما يُذكر مرة واحدة، ومنها ما يخضع للتكرار من قبل الراوي أكثر من مرة لأغراض جمالية كثيرة، رغبة من هذا الأخير في تأكيد شيء أو نفيه. «والواقع أن "التكرار" بناء ذهني، يقصي من كل حدوث كل ما ينتمي إليه خصيصا، لئلا يحافظ منه إلا على ما يشترك فيه مع كل الحدوثات الأخرى التي من الفئة نفسها».3

وتتعدد رغبات الراوي في منجزه النصي أثناء سرده للأحداث بين حدث مفرد لا يبلغ أهمية قصوى إلا بمقدار أهمية الأحداث الأخرى، من حيث وجودها في النسق العام ووقوعها فيه، وحدث مكرر يرتقي إلى كونه محورا أساسيا في العملية السردية، كأن يشكل بؤرة سردية تنطلق منها بقية التمفصُلات السردية الأخرى، أو يعطينا معلومات جديدة باستذكار حدث مروي أو مسرود ظلت شخصية معينة تجتره طيلة مدة زمنية كبيرة، ممّا يساعد الراوي على تغيير مسار هذه الشخصية وتحوير خصائصها استبطانا لوعيها وتعريفًا بفكرها. «وكان فيليب لوجون على صواب تام عندما أشار إلى أن الحكاية السِّيرية الذاتية، منذ جان جاك روسو أو شاتوبريان تلجأ إلى الترددي أكثر من الحكاية المتخيّليّة، ولاسيما في استحضار ذكريات الطفولة »4 التي تعدّ مرتكزاً أساسياً في بناء عملية تكرار السرد الروائي، وهو القانون السردي الذي ينطبق على رواية سمير قسيمي (تصريحٌ بضياع) المختارة في هذه الدراسة.

وممّا لا شك فيه أن عنصر التواتر السردي /الزمني نابع من «التوزيع. غير المتكافئ لزمن فعل السرد في زمن مادة السرد»5، وهو أمر طبيعي صادر من الراوي نفسه؛ فهذا الأخير يعمل على بقاء الاضطراب موجودا بين زمن الحكاية (زمن مادة السرد) وزمن الخطاب (زمن فعل السرد)؛ إذ ينتج عن ذلك التمايز أو الاضطراب ما يسمّى بالمسافة الجمالية السردية المتخيّلة عن طريق تطويع الزمن للعب الحر. «إن مثل هذه النقلة في الاهتمام من التقرير السردي إلى تلفيظه جعلت الملامح القصصية حصرا للزمن السردي تتخذ خطوطا عريضة مميزة. إذ يطلقها حرة. بمعنى ما ذلك التفاعل بين المستويات الزمنية المتنوعة النابعة من تأملية الفعل التصوري نفسه».6 وهو ما يؤكد مرة أخرى أن التفاعل الحاصل من جهة بين المتخيل - أو الحدث بوجه خاص - والزمن، ومن جهة أخرى المتخيل بين زمن فعل السرد وزمن مادة السرد بتعبير بُول رِيكُور (Paul Ricoeur) يدخل ضمن العلاقة الوطيدة بين التجربة القصصية والزمن، وهي العلاقة التي تنتج عنها أشكال التواتر الكثيرة.

لكن قبل توضيح هذه الأخيرة نودّ تنبيه الدارس إلى أنه ينبغي أن يقوم بما يأتي إذا أراد أن يعيّن المقاطع السردية المكررة أو المتواترة في أيّ خطاب سردي كان، وهي عملية ناتجة عن هذا الفرز السردي الذي يقوم به القارئ:

«أ) تحديد المقاطع النصية المؤلفة أو المفردة أو المكررة.

ب) استخراج علاقة التواتر السائدة في النص المدروس وتعريفها حسب هذه الأنماط من التواتر.

ج) البحث عن مدلول تواجد علاقة تواتر أكثر من غيرها أو دون غيرها في هذا النص المدروس.

د) دراسة العلاقات التي تربط بين هذه المقاطع المختلفة في نطاق النص القصصي المدروس».7

وتعدّ هذه الأخيرة المراحل التي يمرّ بها الباحث لتعيين المقاطع السردية المكررة وفرزها عن المقاطع السردية غير المكررة لدراسة أشكال التواتر الزمني الممكنة؛ حيث إن الحدث -انطلاقا من تركيز الراوي عليه أو عكس ذلك -يكون محل الدراسة. ومنه نستنتج الصور الممكنة لهذا التواتر بوصفه يجمع أنواع الزمن وتقسيماته السابقة في هذا العنصر المختصر المهمّ على النحو الآتي:

2 -أشكال التواتر السردي (La fréquence narrative)

يتحدث رواد السرديات عن هذه الأشكال تحت عناوين كثيرة؛ فها هو جِيرَار جِنِيت (Gérard Genette) يناقش هذه المسألة تحت عنوان: «التفرّدي والتردّدي»8(Singulatif/. Répétitif) ، وهو ما يوحي لأول وهلة - ممّا يتبادر إلى الأذهان - بوجود شكلين رئيسين. بينما نرى باحثا آخر يتحدث عنها من واقع كونها ثلاثة أشكال9 لا شكلين اثنين كما هو عند جنيت. لكننا بالعودة إلى هذا الأخير نجده يفصل الشكلين المشار إليهما من قبل ليصبحا أربعة أشكال؛ حيث يقول جنيت: « فبين هاتين القدرتين للأحداث المسرودة (من القصة) والمنطوقات السردية (من الحكاية) على التكرار يقوم نسق من العلاقات يمكننا رده قبليا إلى أربعة أنماط تقديرية، بمجرد مضاعفة الإمكانين المتوافرين من الجهتين، ألا وهما: الحدث المكرر أو غير المكرر والمنطوق المكرر أو غير المكرر. وعلى سبيل التبسيط، يمكننا القول إن حكاية أيا كانت، يمكنها أن تروي مرة واحدة ما وقع مرة واحدة، ومرات لا نهائية ما وقع مرات لا نهائية ومرات لا نهائية ما وقع مرة واحدة، ومرة واحدة ما وقع مرات لا نهائية».10

والظاهر - من فحص تقسيميّ هذا الباحث - أنه لا وجود لإسقاط شكل مهمّ، وإنما هو خلاف سطحي فقط؛ ففي الوقت الذي يتحدث فيه جنيت عن شكلين للتفرّدي، يشير بِرْنَار فَالِيط (Bernard Valette)إلى كونهما شكلا واحدا مكررا غير منفصل، بل يمثلان جوهر نمط واحد؛ فالحدث أو المنطوق المكرر وقوعه مرات كثيرة في الحكاية يسرد من طرف الراوي مرات كثيرة يدخل - في عرف فاليط - ضمن النمط الأول الذي أشار إليه جنيت وهو: أن تروي مرة واحدة ما وقع مرة واحدة. وعليه فلا وجود للخلاف الجوهري بين الباحثين. والشيء الذي يؤكد الكلام السابق هو قول جنيت نفسه: «يظل هذا النمط الترجيعي تفرديا فعلا، وبالتالي يرتد إلى النمط السابق، ما دامت تكرارات الحكاية لا تتعدى فيه -حسب تماثل قد ينعته رومان ياكوبسون بأنه أيقوني -التوافق مع تكرارات القصة. ومن ثم فالتفرّدي لا يتحدد بعدد الحدوثات من الجانبين، بل بتساوي هذا العدد».11

ومن هنا لم يبق مجال للحديث عن هذا الخلاف في هذه المسألة التي تخص أشكال التواتر السردي /الزمني، وهو ما يجعلنا نتحدث عنها بتفصيل على النحو الآتي:

2 -1 -الشكل الأول

وهو الشّكل الذي يدخل ضمن "التفردي" الذي أشار إليه جيرار جنيت سابقا، انطلاقا من كونه «أن يُروى مرة واحدة ما وقع مرة واحدة (أي إذا توخينا الاختصار في شكل صيغة شبه رياضية: ح11».12ويطلق عليه بعض الباحثين مصطلح «المحكي الإفرادي».13و تلخّص هذه الصياغة شبه الرياضية مضمون هذا الشكل؛ إذ المقصود منها أن "ح1" تمثل الحكاية وعدد المرات التي تواتر من خلالها هذا المقطع. أما "ق1" فتعني القصة/الخطاب وعدد المرات التي وقعها هذا المقطع، وهو بذلك يجسد المفارقة الزمنية ويجعل طرفيها (زمن الحكاية وزمن القصة /السرد) متساويين، وينتج عنه التواتر التفرّدي أو المحكي الإفرادي الذي يعدّ الأصل في المقاطع السردية، « فلا شك في أن هذا الشكل من الحكاية، الذي يتوافق فيه تفرد المنطوق السردي مع تفرد الحدث المسرود، هو الأكثر شيوعا - بما لا يقاس - وهو من الشيوع، ويعتبر فيما يبدو من العادة بحيث ليس له اسم... غير أنني أقترح أن أطلق عليه اسما حتى أبين تبيانا أنه ليس إلا إمكانا من بين إمكانات أخرى. إني أسميه من الآن فصاعدا الحكاية التفردية».14 التي تنشأ -عادة -من السرد المفرد البسيط الذي يقوم به الراوي للأحداث الروائية.

ولعل أغلب الأحداث التي تشكل المحاور المفصلية لرواية (تصريحٌ بضياع) تنتمي إلى هذا الشكل الأول من التواتر التفرّدي؛ فالراوي يقصّ سلسلة من الأحداث وقعت للبطل في مسيرته التي أنجزها.«في ذلك اليوم من شهر أكتوبر تواعدنا (البطل وصديقه إسماعيل) صباحاً في شارع ديدوش مراد، تغذينا سوية وجلسنا ساعة أو أكثر نتجاذب أطراف الحديث في مقهى ميسوني.

كانت هذه أول مرة أخرق فيها مبدأ من مبادئي، ذلك أنني سبق وأقسمت على نفسي ألا أدخل ميسونيي عبر شارع ديدوش مراد أو العكس».15 فهذا الحدث البسيط هو قطعة زمنية لا تشكل حدثاً هامّاً بالنسبة إلى خطاب هذه الرواية. لذلك لم يحظ بتواتر خاص في هذه الأخيرة، فلا هو بالحدث المركزي المفصلي فيها، ولا هو بالحدث الذي له علاقة وطيدة بالشخصيات الفاعلة في الرواية مثل: البطل أو أحد من عائلته. وهذه الحكاية التفرّدية -بتعبير جيرار جنيت -لم تتواتر في مواضع أخرى من خطاب هذه الرواية.

وهناك مقاطع سردية تفرّدية أخرى في هذه الرواية تدخل في تشكيل خطاب هذه الأخيرة، وهو المقطع الذي يذكر فيه الراوي سفر عائلة البطل بعد خروجهم من البيت العائلي بعد وفاة الوالد باتجاه بيت الخال ببرج اخريص (ولاية البويرة).«لم أشعر بها (أمي) طيلة الرحلة إلى البويرة، ومن هناك إلى حيث تنام جدتي هانئة في قبرها ببرج اخريص، لم أشعر بها لولا ابتلال قميصي بدموعها، ولولا ذلك اللحن، الأغنية التي كانت تغنيها ... ».16 فَفِعْل الرحلة إلى برج اخريص الذي تم مرة واحدة على مستوى الحكاية سرده الراوي كذلك مرة واحدة، ولم يَروِهِ أكثر من مرة، لأنه حدث فرعي بسيط، غرضه السردي انتقال الراوي من سرد مرحلة خاصة عاشها البطل وعائلته في مكان معين إلى مرحلة أخرى سيعيشها هؤلاء في مكان يختلف عن المكان الأول.

وإلى هذا الشكل الأول تنتمي مقاطع زمنية سردية كثيرة في الخطاب الروائي،لأنه لا يعقل أن تتواتر كل المقاطع السردية الموجودة في الرواية، لكونها ليست على درجة واحدة من الأهمية؛ فالمقطع المكرر على مستوى فعل السرد/الخطاب هو مقطع زمني يشكل حضوره مركزية لافتة للنظر من زوايا كثيرة. بينما القفز السردي الذي يمارسه الراوي على بعض المقاطع يكون بغرض التخلص من مشهد سردي والدخول إلى آخر. أو بعبارة أخرى نقل الحدث من مكان إلى مكان آخر. و ما الأحداث الهامشية المشكِّلة لخطاب رواية (تصريح بضياع) سوى مقاطع زمنية من هذا الشكل الأول.ومنها على سبيل المثال-لا الحصر -؛ تغيير مكان الإقامة بالنسبة للبيت العائلي.«بعد حادثة برج اخريص أمضينا قرابة خمسة أشهر في ترحال دائم دون أن يستقر بنا المقام في مكان بعينه. لجأنا في البداية إلى بيت أحد أقربائنا في الهاشمية بالبويرة، إلا أن أوضاعه المادية لم تكن تسمح له بإبقائنا في ضيافته لمدة أطول، ثم استضافنا آخر أياما في بيته ببني يلمان بالمسيلة، قبل أن يجد لنا مسكنا في بن سرور».17 فهذا المقطع الزمني ينتمي إلى التواتر التفرّدي الذي لم يشهد تكراراً في مواضع متفرقة من خطاب هذه الرواية، هو بمثابة الحدث الانتقالي العابر في مسيرة البطل وعائلته.

وغير بعيد عن النماذج السردية السابقة المنتمية إلى هذا الشكل، هناك نماذج أخرى تبرز تفرّديّتها. «في العاشرة ليلا خرجت من سجن الحراش، فلم يكن - وقد تأخر الوقت - إلا المبيت في أي نزل، وعزمي أنه إذا كان الصباح عدت إلى منزلي بدوار بن يمينة، وكنت قد علمت أن زوجتي نزلت عند أمي بعد الذي حلّ بي».18 فهذه الأحداث المذكورة في هذا المقطع (خروجه من سجن الحراش ليلا وحلول زوجته في بيت والدته) تشكل قطعاً زمنية تفرّديّة، لم تتكرر على مستوى خطاب هذه الرواية، لكونها لا تشكّل عند الراوي أهمية بالغة في صناعة الحدث، أو بناء الشخصية، والكشف عن معالمها، أو تشكيل الفضاء الروائي. لذلك كان الراوي يعجل بسردها دون الوقوف عندها أو العودة إليها في مواطن أخرى من هذه الرواية، وهو ما جعل الاقتصاد اللغوي يشملها وفقاً للقوانين السردية الملائمة لذلك.

كما يشكل حدث آخر قطعة زمنية انتقالية تؤسس لعلاقة الراوي /البطل مع صديقه فوزي الذي تعرّف عليه في السجن؛ وهي الصداقة التي جعلت هذا الأخير يقصّ مأساته على البطل.« أراد (فوزي) أن يمسك زمام حياته من جديد، وكانا (فوزي وزوجته) لا يزالان في البيت نفسه، قصد محاميا فنصحني بالتريث إلى حين أن يثبت عليها خيانتها، فحينها يمكنه أن يطلقها دون أن يفقد حق حضانة ابنته، ومن أجل ذلك كان عليه أن يهادنها إلى حين أن يجد وسيلة إلى ذلك، فجعلها تتصور أنه عائد إلى الجنوب، في حين استأجر شقة في نفس الحي لتسهل عليه مراقبتها... فلما يئس قرر أن يجعلها تتنازل عن الحضانة مقابل مبلغ من المال».19 وهو الحدث /الزمن الذي لم يشهد تواتراً أو تكراراً في خطاب هذه الرواية، بوصفه حدثاً عابراً لا قيمة له إلا بالنسبة إلى شخصية فوزي الذي عرّفنا الراوي بمشكلته الاجتماعية، من خلال هذه الأحداث الموجزة المختصرة التي كان هدف الراوي فيها رسم صورة لمعاناة فوزي مع زوجته.

وانطلاقاً من كون هذه الأحداث المسرودة قطعاً زمنية أو وظيفة ضمن سلسلة القطع الزمنية الأخرى المشكِّلة للخطاب الروائي -في نظر فلادمير بروب (Vladimir Propp)20-، فإن هذه القطع الزمنية لم تشهد تبئيراً من طرف الراوي، ولا تكراراً من قِبَله لتكون ذات تواتر خاص موجود في مواطن كثيرة من خطاب هذه الرواية. فهي نموذج للسرد المفرد أو التردّدي الأول الذي«يرجع إلى طبيعة الأحداث في حد ذاتها، وإلى الشكل التبئيري المميز »21 الذي يعني بصفة سهلة ميسورة أن عدم مركزية الحدث/القطعة الزمنية تؤشر للتواتر الفردي أو التفرّدي في أحسن صوره المألوفة.ولكثرة المقاطع الزمنية التفرّدية المذكورة في خطاب رواية (تصريحٌ بضياع) آثرنا ألا نسجلها في جدول خاص بها خشية الإطالة. لذلك فالنماذج التي ذكرناها تكفي لبيان هذا الشكل الأول من التواتر السردي.

2 -2 -الشكل الثاني

وهو النمط الذي لا يختلف عن الشكل الأول، بل إن جيرار جنيت يجعلهما تحت قسم التفرّدي،22 لما يشتركان فيه من خصائص، وقد عبر عنه بقوله: «أن يُروى مرات لا متناهية ما وقع مرات لا متناهية (ح ن/ ق ن)».23 ويمكن القول عن هذا النمط إن أي حدث قد يعيد الراوي سرده مرات كثيرة في الوقت الذي وقع أيضا في المتن الحكائي مرات كثيرة، وهو ما يجعل التساوي في العدد بين الحدث ووقوعه في الحكاية وسرده من قبل الراوي حتمياً في الخطاب أو القصة كما هو واضح من كلام جنيت. ويبدو أن هذا الشكل الثاني يقلّ -بل يندر -وجوده في الخطاب السردي بشكل عام لأسباب كثيرة، أولاها: تتعلق أساساً بعملية الاقتصاد اللغوي الذي يقوم الراوي به في عملية البناء السردي للخطاب الروائي؛ فتكرار الحدث على مستويي الحكاية والخطاب/القصة بالقدر نفسه بينهما يستغني عنه الراوي لكون الحدث عابراً انتقالياً وليس مركزياً. وثانيها: فهذا التساوي بين عدد المرات في الحدث الواحد في زمن الحكاية والخطاب/ القصة يجعل الأول غير الثاني. أي يكون الحدث الأول منفصلاً عن الثاني، ومن ثمة فلا وجه للمقارنة بينهما. - وفيما نعتقد -هو السبب الجوهري الذي جعل برنار فاليط يلغي هذا الشكل الثاني لتطابقه مع الشكل الأول، وتكون بذلك أشكال التواتر الزمني عنده ثلاثة لا أربعة ما دام الأمر كذلك. وثالثها: يعود إلى كون هذا الشكل الثاني قد يخلو منه الخطاب السردي -والروائي منه بوجه خاص -إذا لم يكن للراوي حاجة سردية إليه.

على أن الشيء الملاحظ على الشكلين الأول والثاني المنتمِيَيْن إلى التواتر التفرّدي هو كون المقاطع الزمنية فيها تأتي انتقالية عابرة.أي ينتقل فيها الراوي من زمن إلى زمن آخر (أي من حدث إلى حدث آخر) دون الوقوف عند جزئيات هذه الأحداث، بوصفها جسوراً للانتقال دون الحاجة إلى تكرارها، وهو ما يجعل زمنها بسيطاً غير ملتصق بذاكرة الراوي/البطل التي تقوم بتبئير قطع زمنية على حساب قطع زمنية أخرى. ومنه فإن هذا التواتر التفرّدي هو الحركة الزمنية الانتقالية بين القطع الزمنية غير المبأَّرة، ووظيفتها في الخطاب الروائي هو ملء الفجوات السردية في هذا الأخير.

والنماذج السردية الدالة من الرواية المختارة (تصريحٌ بضياع) على تفرّدية هذا الشكل الثاني وتنضوي تحته، والتي يمكن إحصاؤها في الجدول الآتي:


الجدول رقم 1 يبيّن النماذج السردية الخاصة بالشكل الثاني من التواتر السردي

النماذج السردية الخاصة بهذا الشكل الثاني

الصفحة

-                    «غير أنني في ذلك الخميس حاولت أن أتحرر من مبدأ ألا أجمع بين شارع ديدوش وشارع ميسوني، فتركت إسماعيل يقنعني بما يشاء ».

ص 10.

-                    « قلت إن كل شيء بدأ في ذلك الخميس حين دخلت وإسماعيل إلى المحافظة السادسة للشرطة بديدوش مراد لأطلب تصريح ضياع بطاقة المكتبة ».

ص 11.

-                    «وما هي إلا لحظات حتى قدم شرطي مكرّش، وضربه على قفاه آمراً إياه أن يسكت." بلَّع ولاَّ تعرف واش اندير لك"».

ص 20.

-                    « لحظات من الصمت ملأت فراغات الحديث، حتى قطعها الشاب المسطول بقهقهات لا معنى لها،  ليعود صوت المكرّش من آخر الرواق " بلعوا (أصمتوا) يا كلاب" ».

ص 21.

-                    « فأمسكني من ساعدي كما يمسك صاحب الدار السارق...- هذه ليست دار أمك».

ص 12- 13.

-                    « جلس الشرطي خلف المكتب بعد أن كان قد غادره ليحل قيدي ».

ص 27.

-                    « وأنا أشاهد أبي يضرب أمي ضربا مبرِّحا بعد أن يكون  قد كسر كل ما هو قابل للتكسير في البيت ».

ص 29.

-                    « "رجل يضرب زوجته، لا غرابة في الأمر ". بهذا كانت تطمئنني يمّا عيشة سنوات طفولتي، أما أمي فلم تكن تأبه لضرب أبي، ربما لأنها لكثرة ما ألفته أصبح لا يثير فيها أي ألم ».

ص 29.

-                    « تطاردني كما تطاردني النبوءة، تضربني كما كان أبي يضرب أمي...كما كان أبي يصالح أمي بعد حصة الضرب والركل واللكمات ».

ص 50.

-                    «كان (أبي) ثملا، غاية في الثمالة، رائحته التي كانت تملأ الدار، كلما دخلها، لم تكن عطرا،كانت رائحة البيرة والروج ».

ص 51.

-                    « فكّ الشرطي قيدي ثم فتح الشرطيان الواقفان عند الباب الخشبية الحجرة ».

ص 64.

-                    «فاستشاط (الشرطي) غضبا وراح يسبّني ويصفني بكل النعوت».

ص 75.

-                    « وهناك (في السجن) سلَّمني (الشرطي) إلى الحارس وسلّم الحارس ملفي بعد أن فك قيدي».

ص 79.

-                    « حين خرجنا الصف شكلنا مرة أخرى وسرنا في طابور حتى عبرنا بوابة خامسة».

ص 82.

-                    « كنت أراقب المحبوسين وهم يتدافعون في طابورهم ».

ص 101.

-                    « خرجنا في طابور من صفين، وكان إذ ذاك فوزي واقفا بجانبي ».

ص 113.

-                    « وهناك وجدنا حراسا نظمونا في طابور وجعلونا ندخل الأبواب والساحات ».

ص 117.

-                    « ويقوم الشرطي بنزع القيد والاحتفاظ به ».

ص 118.

-                    « لم يكن أمامه (فوزي) من حل إلا أن يطلِّقها، فعرض عليها ذلك فرحبت بالأمر ولكنه اشترط عليها أن تبقى ابنتهما معه...إلا أنها رفضت وأصرت على الاحتفاظ بها».

ص 127128.

-                    « ثم ما لبث فوزي في السجن وقتا حتى طلبت منه الطلاق وحضانة الطفلة وحصلت وقبل أن يمضي شهر على الحكم عليه بالسجن، طلبت زوجته منه الطلاق وحضانة الطفلة ».

ص 128 - 129.

-                    « عمي أحمد الصوري ، فما كاد أن تطأ قدماه حتى همّ الجميع إليه مصافحين مهلِّلين، وعلى وجهه رسمت ابتسامة عريضة ».

ص  129.

-                    « الجميع رحب بعمي أحمد الصوري إلا إبراهيم باديبا ».

ص 135.

-                    « وكحالة الجميع كان قاديرو أول المحتفين بقدوم عمي أحمد ».

ص 139.

-                    «تذكرت ثمالة أبي.. جلوسه على الحصيرة ليلا يصلي ويبكي ».

ص 171.


وانطلاقا من النماذج السردية السابقة الخاصة بهذا الشكل السردي التفرّدي يمكن ملاحظة المسائل الآتية:

1- تشكّل المقاطع السردية التفرّدية الخاصة بالعلاقة الاجتماعية بين والديّ الراوي البطل ذاكرة هذا الأخير؛ إذ تكون هذه العلاقة موقفًا يتخذه البطل من والده، وهو ما يؤثّر في بناء شخصية البطل تجاه والده الذي لا يحسن التعامل مع زوجته إلا عن طريق الضّرب والرّكل.

2- إن المقاطع السردية التفرّدية الخاصة بالبطل- وهو قيد الأغلال- تعطي الانطباع بمأساته الرّاهنة التي تضاف إلى مأساته السابقة في مرحلة الطفولة (ضرب والده لأمّه وسوء معاملته لأبنائه وخاصة للراوي البطل).

3- تخدم المقاطع السردية التفرّدية الخاصة بمكانة الشيخ أحمد الصوري - أثناء تواجد البطل في السجن - الحدث المحوري الموجود في الرواية ألا وهو نبوءة المرأة العجوز وعلاقتها بعائلة البطل؛ فشخصية أحمد الصوري تسهم في إضاءة هذا الحدث المركزي، وإثارة ذاكرة البطل.

      فهذه المقاطع السردية التفرّدية السابقة الخاصة بالبطل رسمت لوحة الذاكرة عند البطل. كما أنها رسمت لوحة الحاضر/الراهن في علاقته بالذاكرة. وكلتا اللوحتين تعدّ موقفًا من البطل تجاه الماضي والحاضر اللّذين عاشهما معاً.

2 -3 - الشكل الثالث

ويصطلح عليه جيرار جنيت بقوله: «أن يُروى مرات لا متناهية ما وقع مرة واحدة (ح ن/ق1)».24 ويتم فيه اعتماد حدث رئيسي مركزا وجعله بؤرة سردية يعود إليها الراوي مرات كثيرة، على الرغم من كون الحدث قد وقع مرة واحدة. «إن بعض النصوص الحديثة ترتكز على قدرة الحكاية على التكرار...

يمكن الحدث الواحد أن يروى عدة مرات ليس مع متغيرات أسلوبية فقط، كما هو الحال عموما عند ألان روب - كريّيه -بل أيضا مع تنويعات في«وجهة النظر»».25ويحصل هذا التواتر الزمني في المقطع السردي أثناء عودة الراوي كل مرة إلى الحديث المروي سابقا لغرض فني جمالي، فيحصل بذلك تضخم في هذا المقطع، فيصبح هذا الأخير من نوع «المحكي الإكراري»26 الذي يسلط عليه الضوء أكثر من مرة لدواعٍ فنية كثيرة، تسهم في بناء عناصر السرد الكثيرة لتكون أكثر ملحمية، عن طريق تغيير صياغة هذا الحدث أحياناً، أو بإضافة بعض المعطيات لهذا الحدث، أو بسرده عن طريق رواة كثيرين.

وبالعودة إلى الرواية المختارة (تصريحٌ بضياع) نجد حدثاً مركزياً سرده الراوي/البطل أكثر من مرة، وهو الحدث الذي لم يغادر ذاكرة البطل في مسيرته، وتمثّل هذا الحدث في نبوءة المرأة العجوز الذي صار بالنسبة إليه «حلماً غريباً راودني منذ الصغر، حلم أن أحقق نبوءة امرأة عجوز دقّت باب بيتنا ذات مساء من عام 1954.

ظهرت النبوءة قبل ميلادي بنحو عشرين سنة، ومن فرط ما رددتها أمي ثلاثين عاما على مسامعي آمنت بها».27

فهذه النبوءة التي استهلّ بها الراوي الصفحة الأولى من الرواية سيتكرر سردها في مواضع كثيرة من هذه الرواية، بل ستكون بمثابة الحدث المكرر الذي يشكّل الذاكرة السردية للراوي؛ إذ لها علاقة بأحداث مفصلية أخرى في هذه الرواية؛ فمغادرة البطل وعائلته بيت الوالد بعد وفاته ناتج عن تأثير صدمة بيع الابن بوعلام البيت، وعلاقته بنبوءة هذه المرأة العجوز.««واحد ظالم ولاخر عالم، واحد أعمى ولاخر يرفدو الماء "، لماذا استمرت هذه اللعنة تقتات من جسدي ومن روحي اثنين وثلاثين عاما».28 وكلما تقدم الراوي في عملية السرد إلا واستعان بهذه النبوءة، لتأكيد وقوع أحداث أخرى، تفسيراً لهذا التناص الشعبي الذي له عمق طويل في بنية هذه الرواية؛ ففي حقيقة الأمر نبوءة هذه المرأة العجوز حدثٌ وقع مرة واحدة في الزمن الذي ذكره الراوي في هذا الشاهد. لكن الراوي من حين إلى آخر يعيد سرد هذه النبوءة التي لها امتداد واسع في ذاكرته.ومنه فإن هذا الحدث تواتر سرده في مواضع شتّى لدواع كثيرة، منها ربط حاضر الشخصية بماضيها؛ فالأحداث المركزية في هذه الرواية تعدّ تفسيراً لهذه النبوءة، ممّا يؤكد علاقة الحاضر السردي بذاكرة البطل، لأن هذه النبوءة تمتد إلى أكثر من عشرين سنة قبل ميلاد البطل الذي يعمل من حين إلى آخر على استذكارها لتأكيد وقوع الأحداث اللاحقة.

ومن حين إلى آخر يسرد الراوي نبوءة المرأة العجوز بإضافة بعض العبارات والجمل وتغيير صياغة هذا التناص الشعبي.«تلك الجمل المسجوعة التي ترويها أمه على لسان العجوز " تزيْدي تسعة، الرجال فيهم ربْعة، واحد ظالم ولاخر عالم، واحد أعمى ولاخر يرفدوا الما "».29

      وتأتي هذه النبوءة في موضع آخر لتؤكد علاقتها بمصرع بعض الشخصيات في هذه الرواية، في صورة إبراهيم ومناد وتسعديت وحمامة بما يشبه السرد الاستباقي الذي يؤسس العلاقة بين الراوي والقارئ /المتلقي؛ فتنكشف خيوط هذه النبوءة رويداً رويداً.«يومها جلست في الحافلة بجانب أمي، كان الحزن يمنعني من الحديث، فتأبّطت أمي ذراعي ووضعت رأسها على كتفي وهمست لي" هذا هو الظالم الذي تنبأت به العجوز"».30 فما وقع لهذه العائلة وخروجها من البيت العائلي جعل نبوءة المرأة العجوز تتردد مرات كثيرة على لسان الراوي/البطل، فهي لعنة حاقت بهذه العائلة التي لا تكاد تستفيق من كابوس إلا وينزل على رأسها كابوس آخر.

بينما يستغل الراوي الفرصة السردية للتعليق على الأحداث الجارية ليعطينا موقفه في شكل تأملات شخصية. «الآن عرفت الظالم، ذاك الذي أخرجنا من دارنا من غير حق، ليدفع بنا إلى الموت، إلى العار الذي لا يمّحي..

الآن عرفت الأعمى، إبراهيم هذا الذي أفقده الركل قدرته على السير، قدرته على الزواج، قدرته على الإبصار، هذا الذي جعلته شجاعته صنما جامداً».31 فالظالم (بوعلام) - في نظر شقيقه البطل - هو السبب في كل ما حدث للعائلة من قتل واغتصاب وتشريد وعار بعد حادثة الطرد من البيت العائلي.

على أن هناك وظيفة سردية أخرى لهذا التواتر السردي فيما يخصّ زمن النبوءة، وهو محاولة الراوي/البطل التخلص من غياهب السجن الموجود فيه، عن طريق استعمال طريقة الحلْم للتخفيف من المعاناة التي يلاقيها هناك. فالإغفاءات التي تحدث للبطل داخل السجن نتيجة التعب الشديد والإرهاق المتواصل تكون بمثابة الترويح والسلوى نظير الظلم الذي وقع له ولعائلته أثناء الطرد وبعده.

وفي الوقت نفسه يمكن للتواتر السردي للزمن أن يكون بمنزلة تلخيص المحطات التاريخية التي مرت بها عائلة البطل، فتكون هذه النبوءة استرجاعاً للماضي البعيد الذي يقوم بتذكير القارئ بما جرى آنفاً؛ فرواية (تصريح بضياع) هي رواية الذاكرة الجريحة التي سيطرت على البطل، وجعلت حاضره شبيهاً بماضيه.« أتذكر سعادة أمي حين حكت لي أول مرة حكاية المرأة العجوز، أتذكر دموعها حين طردنا أخي، أتذكر نحيبها عندما علمت بمقتل مناد، أتذكر الظلمة التي غرقت فيها عيناها بعد عمى إبراهيم ».32وهذا التلخيص الذي قام به الراوي/البطل يعمل على تجاوز هذه اللحظات الحرجة التي يعيشها في السجن باللحظات التاريخية الأكثر حرجاً بعد حادثة الطرد من شقيقه بوعلام الذي شتّت الأسرة كلها وتسبّب - بشكل غير مباشر - في القتل والاغتصاب والتشريد.

     كما تعمل نبوءة المرأة العجوز على الجمع والتعارف بين شخصيتين اثنتين: بين شخصية الراوي/البطل وشخصية الشيخ أحمد الصوري الموجود معه في السجن؛ فمنذ دخول البطل إلى السجن كان هناك تعارف إشاري-إن صح التعبير- بينه وبين أحمد الصوري الذي يملك معطيات تاريخية عن عائلة البطل؛ حيث قال للراوي /البطل:« قالت (العجوز) لأمك شيئا من هذا:" في ولادك تسعة، الذكور فيهم ربعة: واحد ظالم ولاخر عالم، واحد أعمى ولاخر يرفدوا الما،."، كانت أمك مهووسة بها، حتى كاد يجن أبوك من كثرة ما رددتها على مسامعه ».33

ومن جهة أخرى تكشف هذه النبوءة عن كون أحمد الصوري هو صديق والد البطل، وهو ما حوّل التعارف الإشاري بينهما عن طريق النظرات إلى تعارف حقيقي بالكلام فتح قنوات الحوار بينهما، بعد أن كان تبادل النظرات بين الطرفين مشوباً بالحذر. «كان (أحمد الصوري) صديق والدي، والدي الذي ائتمنه على أكثر أسراره خطورة، نبوءة العجوز، تلك التي طرقت باب دارنا في عام 54..

هكذا تحققت النبوءة».34

ويستمر التواتر السردي /الزمني في هذه الرواية لنبوءة المرأة العجوز، لتحقق هذه الأخيرة وظيفة سردية أخرى.«وحينها، وحين تذكرت ذلك، تكشفت الحقيقة: " واحد عالم، واحد..».

أنا العالم أمي في نبوءة المرأة العجوز، عالم بحقيقة أبي، بحقيقة سناء..

كلها تأخذني إلى حيث أرادتني أن أكون تلك المرأة العجوز التي دقت بابنا ذات مساء من عام 1954».35 وهو الوصول إلى كشف الحقيقة كاملة، وتتعلق بكثير من المسائل المحيطة بأسرة البطل المذكورة في هذا المقطع الأخير؛ كشف حقيقة قبر أبيه، وحقيقة أخته سناء التي ماتت ولم يعرف لها سبب موتها، وهي في شهرها الخامس. فاشتغال الراوي على هذه النبوءة جعل الزمن السردي يتداخل مع قضايا كثيرة، تشكل عصب خطاب هذه الرواية. وفي الجدول الآتي المقاطع الزمنية التي تندرج ضمن هذا الشكل الثالث المذكورة في خطاب رواية (تصريحٌ بضياع):


 

 

الجدول رقم 2 يبيّن النماذج السردية الخاصة بالشكل الثالث من التواتر السردي

النماذج السردية الخاصة بهذا الشكل الثالث

الصفحة

-                    « أن أحقق نبوءة امرأة عجوز دقّت باب بيتنا ذات مساء من عام 1954».

ص07.

-                    « شيء يقنعني أن نبوءة العجوز مجرد سخافات تقيأتها امرأة انفرد بها الجوع والعَوَز لتنال بعض الصدقات ».

ص 07

-                    « بدأت أفهم سبب تواريَ خلف نبوءة المرأة العجوز ».

ص 07.

-                    « ولكن أنى لطفل في الرابعة أن يتخيل عجوزا تختلف عن جدته؟! وأنى له أن ينسى تلك الجمل المسجوعة التي ترويها أمه على لسان العجوز " تزيّدي تسعة، الرجال فيهم ربعة، واحد ظالم ولاخر عالم، واحد أعمى ولاخر يرفدو الما "».

ص 11 .

-                    « السمين القذر، بدا رجلا لطيفاً، حتى أنه طلب لي أكلا وعلبة سجائر ».

ص 35.

-                    « كنت (أي البطل) أعيش مع أمي وجدتي وإخوتي الثمانية وأنا تاسعهم، تماما مثلما تنبَّأت المرأة العجوز ».

ص  43.

-                    « فالمرأة العجوز لم تخبرها شيئا عن المولود العاشر، أما سيدي أحمد بن يونس فقد قال إنها وُلدت هزيلة لم يفارقها الصفاير حتى فارقت الحياة ».

ص 44 - 45.

-                    « كان (إسماعيل) يحب أن يصغي إلى حكاياتي عن النبوءة والمرأة العجوز.إلا أنه رغم ما عاشه معي وما رآه من تحقق النبوءة، كان كافرا بها ».

ص 45.

 

-                    « مات أبي قبل أن ينقضي عام من رحيل سناء، " ربما لأنه أحبها أكثر منا "».

ص 50.

-                    « أذكر يوم رحيله، حدث ذلك في يوم من عام 1978».

ص 51 .

-                    « هكذا أذكر يوم رحيل أبي، كنت في الرابعة من عمري، فمنعت من حضور الجنازة، بقيت مع جدتي في مسكن خالتي لأكثر من شهر ».

ص 52.

 

-                    « كان إيمان أمي بنبوءة المرأة العجوز إيمانا مطلقا،لم يتزعزع ».

ص 53.

-                    « إن كانت النهاية حقيقة، فلمَ لم أجدها لأمنحها أمي حتى تتوقف عن الإيمان بنبوءة المرأة العجوز " واحد ظالم ولاخر عالم، واحد أعمى ولاخر يرفدو الماء».

ص 56 .

-                    « فتأبطتْ أمي ذراعي ووضعت رأسها على كتفي وهمست لي:" هذا هو الظالم الذي تنبأت به العجوز "».

ص 72.

-                    « ما الذي يمنع هذا الحلم أن يتحقق... يظهر ويختفي كنبوءة المرأة العجوز..

الآن عرفت الظالم، ذاك الذي أخرجنا من دارنا من غير حق، ليدفع بنا إلى الموت، إلى العار الذي لا يمّحي.

الآن عرفت الأعمى، إبراهيم هذا الذي أفقده الركل قدرته على السير، قدرته على الإبصار».

ص 74 .

 

-                    « بهذا الرجل (أحمد الصوري)، بهذا الذي سيجعلني أتوقف عن ملاحقة نبوءة المرأة العجوز، أو لأحقق آخر ألغازها ».

ص 86.

-                    « أتذكر سعادة أمي (والدة البطل ) حين حكت لي أول مرة حكاية المرأة العجوز، أتذكر دموعها حين طردنا أخي، أتذكر نحيبها عندما علِمت بمقتل مناد، أتذكر الظلمة التي غرقت فيها عيناها بعد عمى إبراهيم ».

ص 100 .

-                    « فقررت أن أجعلها تستمر في أملها، في إيمانها بنبوءة المرأة العجوز، أفليس الإيمان ما يجعلنا نستمر؟.. ».

ص 102 .

-                    « لقد كان كلامنا (كلام البطل وأحمد الصوري) لحظتها نهاية لقصة امرأة عجوز جعلت حياتي وحياة أمي تدور في فلكها، في محاولة لفهم شيفرات القدر ».

ص 107.

 

-                    « قالت لأمك شيئا من هذا: " في ولادك تسعة، الذكور فيهم ربعة: واحد ظالم ولاخر عالم، واحد اعمى ولاخر يرفدو الما،."».

ص 154.

-                    « كان (أحمد الصوري) صديق والدي، والدي الذي ائتمنه على أكثر أسراره خطورة، نبوءة العجوز،  تلك التي طرقت باب دارنا في عام 54».

ص 159.

-                    « أريدك (أحمد الصوري) يا بني (البطل) أن تعرف، أنني بعدما سمعت قصتك وقصة إخوتك حزنت حزنا شديدا، بل وتمنيت لو كنت حاضرا لأمنع الأمر ».

ص 160.

-                    « أريدك (أحمد الصوري) يا بني (البطل) أن تعرف، أنني بعدما سمعت قصتك وقصة إخوتك حزنت حزنا شديدا، بل وتمنيت لو كنت حاضرا لأمنع الأمر ».

ص 164.

-                    « تذكرت الروايات المختلفة عن موت سناء الأولى ».

ص 170.

-                    « تذكرت غضب أمي حين أسميت ابنة حمامة سناء ».

ص 171 .

-                    « تكشفت الحقيقة:" واحد عالم، واحد.."..

ص 171 .

-                    أنا العالم أمي في نبوءة العجوز، عالم بحقيقة أبي، عالم بحقيقة سناء... كلها تأخذني إلى حيث أرادتني أن أكون تلك العجوز التي دقت بابنا ذات مساء من عام 1954».

ص 171 - 172.


وانطلاقا من النماذج السردية السابقة الخاصة بهذا الشكل السردي التردّدي الثالث يمكن قراءة هذه المقاطع وفق التأويل الآتي:

1-تشكّل المقاطع السردية التردّدية الخاصة بنبوءة المرأة العجوز الحدث المركزي في الرواية؛ فهو من جهة الزمن السردي يشير إلى الذاكرة. أي إلى الزمن الماضي الذي يسترجعه البطل باللجوء إلى طفولته (الاستذكار) والبحث في أخاديدها. ومن جهة أخرى يشير إلى الزمن الاستباقي الذي تبرزه المراحل السردية اللاحقة.

2-تأتي هذه المقاطع السردية الخاصة بنبوءة المرأة العجوز على لسان رواة كثيرين - كما هو واضح في الجدول -؛ على لسان والدة البطل، وعلى لسان البطل نفسه، وعلى لسان الشيخ أحمد الصوري. ورغم اختلاف الرواة للحكاية التردّدية الواحدة إلا أن هذه الحكاية التردّدية تقوم بدور التحفيز السردي للراوي للقيام بعملية القصّ أو الحكي السردي.

3- تبرز المقاطع السردية التردّدية الخاصة بوفاة والد البطل التأثير العميق لهذه الوفاة على مشوار حياة العائلة التي انقلبت رأسا على عقب، بداية بطردهم من البيت العائلي ومروراً بحادثة مقتل أشقّائه من طرف الإرهابيين، ووصولا إلى التنقّل المستمر لعائلة البطل - بين مساكن كثيرة، وفي مدن عديدة - بحثاً عن الاستقرار والأمان الاجتماعي،وهو ما أثر على البنية السردية لخطاب هذه الرواية من حيث البناء والمكونات.

4-ومنه فإن البنية السردية لخطاب هذه الرواية مبنية على هذين المقطعين التردّديين في مواضع كثيرة. بينما تبقى بعض المقاطع السردية التردّدية الأخرى مثل: الروايات المختلفة عن سبب موت سناء شقيقة البطل في شهرها الخامس، أو حادثة الشرطي السّمين مع المرأة السمراء في المحافظة السادسة للشرطة تعزّزان موقف البطل من نبوءة المرأة العجوز، ومن تصرفات الشرطي الانتهازية تجاه هذه المرأة التي أمِنتْه على شرفها.

24 -الشكل الرابع

ويعود هذا الأخير إلى مصطلح التواتر الترددي أو «الحكاية الترددية»36 التي تحدثنا عنها في الشكل الثالث السابق، لكنه معكوس هذه المرة من جهة الوقوع أو الحدوث؛ فإذا كان التكرار يقع في الحدث من جهة سرده داخل الخطاب في الشكل الثالث، فإن التكرار في الشكل الرابع يقع في الحدث من جهة وقوعه في الحكاية.لذلك فقد عبر عنه جيرار جنيت بقوله: «أن يُروى مرة واحدة (بل دفعة واحدة) ما وقع مرات لا نهائية (ح1/ق ن37،ويسميه بعض الباحثين الآخرين «المحكي الإعادي».38

وعادة ما يختار الراوي في الخطاب النزوع نحو الاختصار وإسقاط الأحداث المتكررة عندما تكون غير بالغة الأهمية لسرد برنامج شخصية معينة، وغالبا ما نكشف هذا النوع من التواتر الترددي عن طريق قرائن لغوية كثيرة مشهورة من مثل: "كل يوم" أو "كل أسبوع" أو "كان ينهض باكرا كل صباح". وهي القرائن الشائعة المتواترة، و«هذا النمط من الحكاية الذي يتولى فيه بث سردي وحيد عدة حدوثات مجتمعة للحدث الواحد (أي - مرة أخرى - عدة أحداث منظورا إليها من حيث تماثلها وحده)، سنسميه حكاية ترددية، وهي هنا طريقة لغوية شائعة تماما وربما كونية أو شبه كونية، في مختلف سياقاتها »39 الكثيرة التي من الممكن أن تشكل هذا النمط من التواتر الزمني الذي يلعب دوراً في تأسيس البرنامج اليومي لأيّ شخصية مهمّة في نطاق السرد الروائي.

وبالعودة إلى الرواية المختارة في هذه الدراسة (تصريحٌ بضياع) يبرز هذا الشكل الزمني لتحقيق أهداف سردية كثيرة؛ فها هو البطل يروي يومياته.«يوم خميس فيما أذكر، إذ كنت أواعد إسماعيل صديقي كلَّ خميس لنمضيه سوية كيفما شاء،وغالبا ما كنا نمضيه نتسكع في شوارع العاصمة نجوبها شارعا شارعا على الأقدام ».40 فالراوي/البطل يعطينا برنامجه الأسبوعي مع صديقه إسماعيل.وهنا يقتصد الراوي في الجهد السردي ليروي مرة واحدة (في نطاق الحكي/القصّ) ما وقع أكثر من مرة (في نطاق الحكاية). ومن ثمة كلمة:(كل) وتدلّ على قيمة التواتر الزمني في حذف عدد المرات الكثيرة الواقعة على مستوى الحكاية، والإشارة فقط عن طريق هذا الأسلوب اللغوي الذي اقتصد فيه الراوي عدد المرات الكثيرة في كلمة (كل).

والأمر نفسه يمكن أن يقال عن يوميات الراوي/البطل عندما كان طفلاً صغيراً يلعب مع أترابه، وذلك في الزمن الذي توفي فيه والده.«أذكر يوم رحيله، حدث ذلك في يوم من عام 1978، لم أكن في المنزل يومها، دخلت الدار بعد أن تعبت من اللعب مع أقراني، إذ ْكنَّا نلتقي كل يوم صباحا في النفق المغطى من سوق ميسونيي المعروف اليوم بسوق فرحات بوسعد، ... كنا نتجمع هناك كل يوم ونلعب كرة القدم».41 وتجلّى هذا الشكل من التواتر الزمني في العبارات الآتية:(نلتقي كل يوم صباحا، نتجمع هناك كل يوم) التي تختصر البرنامج اليومي للبطل عندما كان طفلاً. وهذا الاقتصاد اللغوي يلخّص هذا البرنامج في مقطع سردي واحد على مستوى الحكي أو القص عوض سرد هذا البرنامج في مقاطع زمنية كثيرة.

وضمن هذا النوع الرابع من التواتر السردي يدخل البرنامج الذي سرده الراوي/البطل الخاص بيوميات والده. «توقف (أبي) عن العمل، إلا أنه ظل يخرج كل صباح ولا يعود إلا ليلا. كنت كلما سمعت الباب يفتح ليلاً، كنت أخرج من بين أحضان جدتي... ولكنني كنت في كل ليلة أنتظر دخوله، فأخرج رأسي من شق باب الغرفة بحيث أراه ولا يراني».42 وهو البرنامج الذي لا يختلف عن برنامج البطل من قبل، لوجود القرينة اللغوية الدالة على ذلك (يخرج كل صباح، في كل ليلة أنتظر دخوله)، وهو البرنامج الذي يسرده الراوي بسرعة للقفز على كلّ ما ليس بمهمٍّ من الأحداث على مستوى السرد/القصة.لذلك فالراوي يلغي في السرد هذا التضخم الموجود على مستوى الحكاية.

وتتشابه مقاطع كثيرة في هذه الرواية من حيث تواترها الزمني، ومن حين إلى آخر يكسر الراوي /البطل سطوة الحاضر المرّ أثناء وجوده في السجن، عن طريق كشف البرنامج الأسبوعي مختصراً مقطعاً حكائياً متضخّماً.« كنت وقتها قد التحقت بالجامعة ، أقضي معظم أيام الأسبوع في العاصمة، بين الدراسة نهارا، والعمل ليلا في ملهى قرطبة، كل ذلك دون أن أنسى زيارة إبراهيم في مستشفى زميرلي بالحراش والاهتمام بحاجياته...

      أما نهاية الأسبوع فقد كنت أقضيها مع أمي وحمامة في بن سرور».43 وهو الإطار السردي الذي يتحرك وفقه البطل طالباً في الجامعة.ولعدم أهمية هذا البرنامج السردي اليومي وما فيه من أحداث فقد حاول الراوي ألا يقف عند كل صغيرة وكبيرة، بل يطوي هذه الأحداث الانتقالية للوصول إلى انكماش سردي يوافقه تضخم حكائي، ممّا أوجد هذا التواتر الزمني والفرق الواضح بين المقطعين: الحكائي والسردي.

وفي مقطع آخر تنتقل عدسة الراوي/البطل من التواتر الزمني على مستوى الفعل والحركة إلى مستوى النظر والإبصار.«كنت ألحظه في كل قاعة أدخلها، وكأن المشيئة أرادته أن يتواجد في أماكن تواجدي،إلا أنني ما كنت لأجرأ على الاقتراب منه، رغم ما كنت أشعر به نحوه، فثمة شيء شدني إليه».44 وهو ما جعل الراوي/البطل يدقق النظر في شخصية أحمد الصوري الذي سيكون له شأن كبير بالنسبة إلى العلاقة بينه وبين الأول متمثلةً في كلمة (كل قاعة) التي توحي بذلك، فقد اختزلت هذه الكلمة عدد المرات الكثيرة التي شاهد فيها البطل الشيخ أحمد الصوري، والتقى به فيها معه. فهذا التقاطع الكثير الذي حصل بين الشخصيتين نتج عنه مقطع حكائي متضخم في مقابل مقطع سردي مختصر موجز منكمش على مستوى القصة. ومنه فإن هذه المفارقة الزمنية بين المقطعين تجعل هذه النماذج السابقة تختلف بين: مادة السرد (زمن الحكاية) وفعل السرد (زمن القصة/السرد).

ويمثل هذا الجدول النماذج المذكورة في الرواية المختارة في هذا البحث، وهي النماذج التي تنتمي إلى هذا الشكل الرابع مبيّنة على النحو الآتي:


الجدول رقم 3 يبيّن النماذج السردية الخاصة بالشكل الرابع من التواتر السردي

النماذج السردية الخاصة بهذا الشكل الرابع .

الصفحة

-                    « ككل ليلة أجدني محاصرا بكل ما لم أحققه طيلة ثلاثين عاما من وجودي في هذه الحياة، مجرد حياة يملؤها الفراغ ».

ص 07.

-                    « كنت أعود إليها كلما صافحني الفشل في أحد أزقة حياتي ».

ص 07.

-                    « كنت أواعد إسماعيل صديقي كلَّ خميس لنمضيه سوية كيفما شاء ».

ص 08.

-                    «  ربما أخذت هذا من مدام موفق مدرسة اللغة الفرنسية في الابتدائي، كانت كلما أرادت قطع دابر أي حديث ممل أو خارج عن اللباقة تمدد وجهها ».

ص 18.

-                    « كانت هذه عادتها كلما علمت (يمّا عيشة) أنني في فترة امتحانات، تستيقظ ساعة الفجر لتصلي ثم تضع " قصعة " مُطيَّنة وتبدأ في العجن، تحضر القهوة والحليب والجميع نيام، وبعدها توقظني وقد أعدت كل شيء ».

ص 45.

-                    « حتى هو (أي إسماعيل) كلما سألته يتحجج تارة بالنسيان وتارة أخرى يستعين بابتسامته الخبيثة للتملص من الإجابة ».

ص 49.

-                    « إذ كنَّا نلتقي كل يوم صباحا في النفق المغطى من سوق ميسونيي المعروف اليوم بسوق فرحات بوسعد...، كنا نتجمع هناك كل يوم ونلعب كرة القدم ولا نتوقف حتى تتوسلنا أجسادنا أكلا وراحة،  فنفترق لنلتقي مجددا في المساء ».

ص 52.

 

-                    « فكثيرا ما كانت أمي تشبعنا أنا وإخوتي ضربا وصراخا حين كنا نترك الباب كذلك».

ص 52.

-                    « لا أحفظ في ذاكرتي شيئا يبرر هذه الهالة التي أحاطتني بها أمي ويمّا عيشة، عدا رائحة " الجاوي " والبخور الذي ميّز بيتنا.. مشهد أمي مقعمزة أمام الكانون تصهر قطعا من  الرصاص ثم تفرغها في المهراز لتتشكل في كل مرة في شكل غريب.. التمائم والحرز التي غالبا ما كنت أكتشفها داخل وسادتي وتحت فراشي ».

ص 57.

 

-                    « كان ذلك شاب ملاهي، اعتاد أن يقضي نهاية كل أسبوع في ملهى قرطبة...

الحقيقة لم أكن أعرفه فحسب، فقد قضيت فيه سنوات الجامعة أعمل فيه نادلا ».

ص 63.

-                    « كان كلما دخل محبوس على الوكيل يصدر من المكتب صراخ، صراخ بصوت واحد، كان هذا صوت الوكيل مثلما تبين لي لاحقا، في حين كان كلما خرج من عنده واحد يصفَّد ويقتاد خارجا ».

ص 70.

-                    « فرغم العدد الهائل من المرات التي رأيته فيها، كانت هذه أول مرة ألاحظ فيها جدرانه الزرقاء الشاهقة والأسلاك الشائكة التي تعلوها ».

ص 76.

 

-                    « الآن تدركون لماذا يضطهدني الأرق مثلما يفعل، لماذا يحاصرني كل ليلة يمنع عنّي النوم، يفترسني الخوف، كل ليلة، من أن أغمض عينيَّ وأراهم (الإرهابيين) ».

ص 85.

 

-                    « وأكاد أقسم أنها (حمامة) روت لي عن السنتين اللتين أمضتهما هناك يوما بيوم، ساعة بساعة، حتى حسبتني أنا من قضى تلك الفترة في السجن، حتى ربع الساعة التي كنا نزورها فيها أنا وأمي كل جمعة، كانت تقضيها في الثرثرة عن يومياتها ».

ص 90.

 

-                    « وكنّا رحمة بها (أي حمامة) نحقق كل طلباتها، حتى أكثرها غرابة، وكنا إرضاء لها نحضر إبراهيم لزيارتها رغم إعاقته مرة كل شهر ».

ص 90.

-                    « كنت ألحظه في كل قاعة أدخلها، وكأن المشيئة أرادته أن يتواجد في أماكن تواجدي».

ص 107.

-                    « كان (أحمد الصوري) صاحب حق، وهذا بشهادة من يتشاجر معهم، وفي كل مرة كان يصرع خصمه بضربة واحدة ».

ص 131

-                    «جميع الروايات تؤكد أنه (أحمد الصوري) قتل ابنته ليلا، وكل قصص المساجين تجمع على أنه سلَّم نفسه واعترف بجريمته رغم أنه كان خارج كل الشكوك ».

ص 132.

-                    « فحتى الساعة مازلت حين أتذكر الأمر يتملكني الضحك، بل وأحب أن أحكي هذه القصة في كل مناسبة ».

ص 134.

-                    « وأحيانا كان يستعين ب"الشاف كورفي" فيسخره (ويعني إبراهيم باديبا) كل يوم للعمل والتنظيف، وهو ما يعني أن يمنع عنه حقه في الخروج إلى الساحة ».

ص 137.

-                    « أصبح (أحمد الصوري) يتحين الفرص للحديث معي، وكان في كل مرة يسألني رأيي، وكأن رأيي يهمه في شيء ».

ص 154.

-                    « أوهام تحولت مع الوقت إلى أساطير ترقد معي(مع الراوي البطل) كل ليلة يتملكني الأرق فيها ».

ص 159.


فهذه النماذج السابقة الخاصة بالشكل الرابع من التواتر السردي التردّدي يمكن النظر إليها من زوايا كثيرة تخدم البناء السردي للخطاب الروائي:

فالزاوية الأولى: تمثل مقاطع التواتر السردي التردّدي البرنامج الخاص ببعض الشخصيات القصصية الموجودة في الرواية، وهي في معظمها تتعلق بشخصية الراوي البطل في مرحلة الطفولة أو مرحلته الراهنة - وخاصة المرحلة التي عاشها في السجن -، أو بأحد أفراد عائلته مثل جدّته (يمّا عيشة) أو شقيقته حمامة أثناء وجودها في السجن أو صديقه إسماعيل أو يوميات البطل مع الشيخ أحمد الصوري.

     أما الزاوية الثانية: فمقاطع التواتر السردي التردّدي تعمل-بالنسبة إلى الراوي - على الاقتصاد اللغوي الذي يقوم به لرسم الشخصيات القصصية التي تقوم بتحريك الحدث السردي تارة نحو الذاكرة لبيان العامل النفسي، وتارة أخرى نحو الأمام للوصول إلى كشف بعض الحقائق السردية التي - ربما - تغيب عن الشخصيات القصصية.لكن الغالب في مقاطع هذا التواتر التردّدي (الشكل الرابع) أنها ذات علاقة بالذاكرة.

     بينما الزاوية الثالثة: فتكون هذه المقاطع السردية التردّدية بنية أساسية في تكوين الشخصيات القصصية التي تقوم بأدوار كثيرة؛فالتردّدي هنا - فيما يخص الشكل الرابع - «يركِّب بين عدة شهور بل بين عدة سنوات من العلاقات »45، ممّا يجعل التردّدي يكشف عن عادات هذه الشخصيات الاجتماعية. 

والشيء الذي يمكن ملاحظته على الشّكلين الثالث والرابع المنتمِيَيْن إلى التواتر التردّدي هو كونهما مقاطع زمنية سردية مركزية لها علاقة بالشخصيات المبأّرة في الخطاب الروائي. أي لها علاقة بالذاكرة (الزمن الاستذكاري) وعلاقة أخرى بالمستقبل (الزمن الاستباقي). لذلك تكون محل تواتر أو تكرار من حين إلى آخر، وهو ما يجعل هذه القطع الزمنية المركزية تظهر على لسان الراوي وشخصياته مرات كثيرة، وفي مواضع متفرقة من الخطاب الروائي؛ إذ تسهم في بناء الحدث ودراميّته.«إضافة إلى الطابع الملحمي الذي كثيرا ما يلجأ إلى التكرار اللفظي المقطعي،أو إعادة الفكرة بصيغ تركيبية مختلفة»46 وحوارية الشخصيات التي تتشكل بنيتها انطلاقاً من عمق تكوينها وجوانبها التي يكشفها التواتر السردي،وهي الملامح التي برزت على شخصية الراوي/البطل أثناء وجوده بين عائلته (تعامله مع والده قبل وفاته وهو طفل صغير) أو صبره في السجن بعد حبسه من غير وجه حق.ويمتد دورها إلى صناعة الفضاء الروائي الذي يحيط بهؤلاء جميعا.

خاتمة

وما يمكن قوله بخصوص التواتر الزمني /السردي بقِسمَيْه (التفرّدي والتردّدي) إنه لا يخلو منه أي خطاب روائي مهما كان نسيجه الزمني تحقيقاً لوظائف سردية كثيرة؛ تتعلق بجوانب بنائية عديدة تؤسس لخطاب روائي درامي، يتفاوت حضور مقاطعه السردية من حيث التواتر أو التكرار، بما يجعل هذا التفاوت طابعا ملحميًّا يقوم عليه معيار تصنيفي بين المقاطع الزمنية المكررة والمقاطع الزمنية المفردة، وهي النتائج العلمية التي يمكن تلخيصها على النحو الآتي:

1 -ظاهرة التواتر السردي ظاهرة زمنية في الخطاب السردي بشكل عام، والروائي منه بوجه خاص، يقوم عليها بناء النص القصصي الذي تخضع بعض مقاطعه لبلاغة هذا التواتر كثرةً وقلةً، بحسب حاجة الخطاب إلى عدد مرات التواتر المناسبة لعملية البناء السردي.

2 -لا يمكن أن تكون المقاطع الزمنية في النص السردي القصصي على شكل واحد، بل تتنوع هذه المقاطع على النحو الذي سبق ذكره.أي مقاطع زمنية تفرّدية وأخرى مقاطع زمنية تردّدية؛ فالمقاطع الزمنية التفرّدية هي مقاطع انتقالية بسيطة ليس لها أهمية كبيرة إلا بمقدار الربط السردي بين حدث وحدث آخر، أو بما يمثل سدّ الفجوات السردية بين المقاطع الزمنية. أما المقاطع الزمنية التردّدية فهي مقاطع زمنية مركزية تقوم بخدمة الطابع الملحمي للخطاب الروائي، وهو ما يجعل خطاب رواية (تصريح بضياع) «يقوم أساسا على تناوب مختلف، هو التناوب بين الترددي والتفردي».47

3 -يقوم الطابع الملحمي للنص الروائي على تكرار بعض المقاطع الزمنية التي يتخذها الراوي مركزاً سردياً مهمّاً يُعيد سرده من حين إلى آخر. وهذا الطابع الملحمي هو الذي يجعل خطاب أي نص سردي متميزاً وذا خصوصية بنائية مختلفة عن بقية النصوص السردية الأخرى.

4 - تقوم آلية التواتر الزمني بعملية الربط السردي بين بقية العلاقات الزمنية الأخرى؛ فالتواتر الزمني يحرك ذاكرة الراوي البطل، وهو ما ينتج عنه السرد الاستذكاري (العودة إلى الذاكرة)، ويحقق في الوقت نفسه النظر إلى المستقبل (السرد الاستباقي)، وهو ما حقّقه التواتر في نموذج نبوءة المرأة العجوز، وجعل عناصرها تتحقق واحدة تلو الأخرى؛ بخروج البطل من البيت العائلي بعد طردهم منه بواسطة الابن بوعلام (واحد ظالم)، وتألّق البطل في الدراسة (واحد عالم)، وفقدان إبراهيم بصره (واحد أعمى)، ومقتل مناد ورميه في الوادي (واحد يرفدو الماء).ف «ليس الاستخدام الترددي وجها من وجوه التواتر فحسب، بل يؤثر أيضا في الترتيب (ما دام يبطل تتابع أحداث" متشابهة "وهو يركِّبها) وفي المدة (ما دام يقصي الفترات الفاصلة في الوقت نفسه)».48

5-تشكّل عملية التواتر السردي/ الزمني عنصراً مهمّاً في تكوين الشخصية القصصية التي تقوم بإنجاز الفعل السردي، وتجلّى ذلك في تأثير تواتر نبوءة المرأة العجوز على تكوين شخصية البطل، أو تأثير تواتر وفاة والده على شخصيته وعلى عائلته بشكل عام. فنبوءة المرأة العجوز ووفاة الوالد قطعتان زمنيتان مهمّتان في تحوّل المسار السردي لخطاب هذه الرواية.

6-إن الخصوصية السردية التي يشكّلها التواتر الزمني على مستوى الزمن الروائي وبنائية الشخصيات الفاعلة في الرواية تعدّى تأثيره إلى حدّ تشكيل الفضاء الروائي المسيطر على العلاقات الموجودة بين الشخصيات؛ وتجلّى ذلك في العلاقة بين الشيخ أحمد الصوري والراوي/البطل اللذين اختلفا في دلالة نبوءة المرأة العجوز التي شكّلت تناصّا شعبيا؛ فبينما رفضها الأول تمسك بها الثاني.

7-لا يتعلق التواتر السردي/الزمني بقِسمَيْه التفرّدي والتردّدي بالشخصية القصصية فقط، بل يتعلق ببقية عناصر الخطاب الروائي الأخرى مثل: فضاءات الأمكنة التي تلجها الشخصيات، وهي العلاقة التي ظهرت في مواضع كثيرة؛ علاقة والدة البطل بفضاء البيت أثناء وضع التمائم والحرز تحت وسادة البطل لحمايته من العين والحسد.


 

1.  سمير قسيمي: تصريح بضياع. ط2. الدار العربية للعلوم ناشرون/منشورات الاختلاف. بيروت/ الجزائر. 2010. ص 167.

2. جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ترجمة محمد معتصم وعمر الحلي وعبد الجليل الأزدي. ط3. منشورات الاختلاف. الجزائر. 2003. ص129.

3.  جيرار جنيت: المرجع نفسه. ص 129.

4. جيرار جنيت: عودة إلى خطاب الحكاية. ترجمة محمد معتصم. ط1. المركز الثقافي العربي. بيروت/ الدار البيضاء. 2000. ص 46.

5.  بول ريكور: الزمان والسرد - التصوير في السرد القصصي -. ترجمة فلاح رحيم. ط1. دار الكتاب الجديدة. بيروت. لبنان.2006. ص 138.

6. بول ريكور: المرجع نفسه. ص 112.

7. جميل شاكر وسمير المرزوقي: مدخل إلى نظرية القصة - تحليلا وتطبيقا -.د ط. الدار التونسية للنشر/ديوان المطبوعات الجامعية. تونس/الجزائر. د ت. ص 88. 

8.  جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 129.

9.  برنار فاليط: النص الروائي - تقنيات ومناهج -. ترجمة رشيد بنحدو. المشروع القومي للترجمة. القاهرة. مصر. د ت. ص 113.

10. جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 130.

11.  جيرار جنيت: المرجع نفسه. الصفحة نفسها.

12.جيرار جنيت: المرجع نفسه. الصفحة نفسها.

13.  برنار فاليط: المرجع السابق. ص 113.

14. جيرار جنيت: خطاب الحكاية. الصفحة السابقة.

15. سمير قسيمي: المصدر السابق. ص 08.

16. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 74.

17.سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 90 - 91.

18. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 106.

19.  سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 128.

20. ينطلق الباحث الروسي فلادمير بروب من هذا المفهوم؛ فالوظيفة: «تفهم على أنها فعل شخصية. تعرف من وجهة نظر أهميتها لمسيرة الفعل». مورفولوجية الحكاية الخرافية. ترجمة وتقديم أبو بكر أحمد باقادر وأحمد عبد الرحيم نصر. ط1. النادي الأدبي بجدة. المملكة العربية السعودية. 1989. ص 77.

21. نبيلة زويش: تحليل الخطاب السردي في ضوء المنهج السيميائي.ط3. منشورات الاختلاف. الجزائر. 2003. ص 121.

22. يراجع الخلاف السابق بين الباحثين في إثبات هذا الشكل أو إسقاطه بين كونه نمطا مستقلا أو نمطا يدخل تحت الشكل الأول، وهو المحكي الإفرادي، وذلك في المراجع الآتية: جيرار جنيت (خطاب الحكاية/مرجع سابق ص 130). برنار فاليط (الرواية. ترجمة عبد الحميد بورايو. د ط. دار الحكمة. الجزائر.2002. ص 102) و(النص الروائي/مرجع سابق ص 113). جيرالد برنَس (المصطلح السردي. ترجمة عابد خزندار. مراجعة وتقديم محمد بريري. ط1 . المجلس الأعلى للثقافة. القاهرة. 2003. ص 95).

23.  جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 130.

24. جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 131. ويبدو أن في هذه المعادلة شبه الرياضية خطأ لم ينتبه إليه جيرار جنيت، ولم يقم بتصحيحه مترجمو كتابه السابق (خطاب الحكاية)؛ فالمعادلة تعبر بشكل عكسي لما يشير إليه مفهوم هذا الشكل. فهو أن يُروى فعل يقوم به الراوي في زمن القصة أو الخطاب/ السرد. بينما ما وقع أو حدث هو فعل قائم في زمن الحكاية. وبذلك تكون المعادلة على نحوها الصحيح: (ح1 /ق ن)، لأن وقوع الفعل مرة واحدة في الحكاية تقابلها مرات كثيرة في القصة. وهو ما يخالف المعادلة المذكورة عند جنيت في كتابه (FiguresШ). ص 147.(nR/1H): فالخطأ وقع في هذه المعادلة وليس في مفهومها الذي ذكره جنيت. وهي ملاحظة علمية وجب التنبيه إليها.

25. جيرار جنيت: المرجع نفسه. الصفحة نفسها.

26.  برنار فاليط: المرجع السابق. ص  113.

27. سمير قسيمي: المصدر السابق. ص 07.

28.  سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 72.

29. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 35.

30.   سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 74.

31.  سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 86.

32. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 102.

33. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 159.

34.  سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 160.

35.  سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 171- 172.

36.  جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 132.

37. جيرار جنيت: المرجع نفسه. ص 131. والأمر نفسه الذي قلناه عن الشكل الثالث من التواتر السردي يمكن قوله كذلك هنا في هذه المعادلة شبه الرياضية التي أشار إليها جنيت؛ ف (أن يروى مرة واحدة في القصة من طرف الراوي معناه ق 1. بينما هذا المقطع في زمن الحكاية وقع أكثر من مرة ح ن). وهو ما يخالف المعادلة المذكورة عند جنيت في كتابه (FiguresШ). ص 147 .(1R/nH): فالخطأ وقع في هذه المعادلة وليس في مفهومها الذي ذكره جنيت.

38.   برنار فاليط: المرجع السابق. ص114.

39.  جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 132.

40.  سمير قسيمي: المصدر السابق. ص 08.

41. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 52.

42.  سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 51.

43. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 91.

44. سمير قسيمي: المصدر نفسه. ص 107.

45. جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 135.

46. نبيلة زويش: المرجع السابق. ص 121.

47.  جيرار جنيت: خطاب الحكاية. ص 155.

48.  جيرار جنيت: المرجع نفسه. ص 165.

 

@pour_citer_ce_document

كريمة مليزي, «بلاغة التواتر السردي في الخطاب الروائي قراءة في رواية (تصريح بضياع) لسمير قسيمي»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 227-242,
Date Publication Sur Papier : 2019-10-08,
Date Pulication Electronique : 2019-10-08,
mis a jour le : 10/10/2019,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=6143.