انعكاسات المعايير البيئية على التجارة الخارجية للدول الناميةThe Impacts of Environmental Standards on the Developing Countries' Foreign Trade
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 VOL 17-2020

انعكاسات المعايير البيئية على التجارة الخارجية للدول النامية

The Impacts of Environmental Standards on the Developing Countries' Foreign Trade
ص ص 178-198
تاريخ الإرسال:01-05-2019 تاريخ القبول: 12-04-2020

نبيل بن موسى / عبد الرزاق بن الزاوي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تحاول الورقة البحثية تسليط الضوء على آثار أحد أهم الحواجز غير التعريفية التي تواجه انسياب صادرات الدول النامية إلى أسواق الدول المتقدمة؛ وهي المعايير البيئية، حيث جرى تحريف تلك المعايير عن هدفها الأساسي عند حدود حماية صحة وسلامة الإنسان والحيوان والنبات، أي البيئة بشكل عام، وأصبحت أكثر الأدوات التجارية استخداما في العلاقات التجارية الدولية. كذلك، حاولت الدراسة الإجابة على الإشكالية الأساسية المتمثلة في: ماهي انعكاسات تطبيق المعايير البيئية الدولية على التجارة الخارجية للدول النامية؟ وقد توصلت الدراسة، من خلال التطرق إلى التجارب العملية والدراسة القياسية، إلى إفراط الدول المتقدمة في فرض معايير محلية أكثر تشددا وأشد تمييزا، تعارضت في أغلب الحالات مع مبادئ وقواعد اتفاقات منظمة التجارة العالمية، وساهمت في عرقلة تدفق صادرات الدول النامية وتحويل التجارة من منتجيها، وتوفير حماية غير عادلة للمنتجين في الدول المتقدمة، من خلال تحميل المنتجين في الدول النامية تكاليف إضافية لتحقيق المواءمة مع معاييرها المحلية، ما أدى إلى تشوه التجارة الدولية وتآكل المنافع من التجارة التي جاءت بعد مفاوضات مضنية لتحرير التجارة استمرت لعقود، علاوة على زيادة الضغط على موازين مدفوعات الدول النامية وارتفاع احتمال التعرض إلى أزمة ميزان مديونية ثم أزمة عملة في ظل استمرار تركز التجارة الخارجية لها.  

الكلمات المفاتيح

 التجارة الدولية، الحواجز غير التعريفية، المعايير البيئية، الأزمات المالية

Le présent article à pour l’objectif d’étudier les effets de l’un des plus importants obstacles non-tarifaire faisant obstacle au flux des exportations des pays en développement vers les marchés développés, à savoir les normes environnementales. Ces normes ont été détournées de leur objectif principal, qui est de préserver la santé et la sûreté des personnes, des animaux et des plantes, afin de limiter le flux des importations. L’étude a tenté également de répondre à la problématique fondamentale : Quelles sont les impacts de l'application des normes environnementales internationales sur le commerce extérieur des pays en développement ? Cependant, L'étude, par référence aux expériences pratiques et à l'étude économétrique, a révélé l'application excessive de normes nationales plus strictes et discriminatoires par les pays développés, afin de protéger les producteurs nationaux, en faisant charger les producteurs des pays en développement des coûts supplémentaires pour se conformer à leurs normes nationales, ce qui fausserait les échanges internationaux et réduirait les avantages découlant du commerce, tout en augmentant la pression sur la balance des paiements des pays en développement, ce qui peut entraîner une crise de la dette et, ensuite, une crise monétaire.

Mots-clés : Commerce International, Obstacles Non-tarifaires, Normes Environnementales, Crises Financières

The present paper exerts light on the effects of one of the most important non-tariff barriers obstructing the flow of developing countries’ exports towards the developed markets, namely the environmental standards. These standards have been diverted from their main objective, which is preserving the health and safety of human, animal, and plants, to restrict the flow the imports. Also, the study has endeavored to answer the main problematic: What are the impacts of applying international environmental standards on the foreign trade of developing countries? By dealing with practical experiences and econometric study, the present study has revealed the excessive enforcement of more stringent and discriminatory domestic standards by the developed countries, in order to protect domestic producers, by burdening the producers in developing countries with additional costs to achieve the compliance with their domestic standards, leading to distorting international trade and eroding the benefits from trade, as well as increasing pressure on developing countries’ balances of payments, which can result in debt crisis and, then currency crisis.

Keywords : International Trade, Non-Tariff Barriers, Environmental Standards, Financial Crises

Quelques mots à propos de :  نبيل بن موسى

جامعة محمد خيضر، بسكرة،nbsetifuniv2@gmail.com

Quelques mots à propos de :  عبد الرزاق بن الزاوي

جامعة محمد خيضر، بسكرةabenzaouiprof@gmail.com

مقدمة

حظي موضوع حماية السوق المحلي والشركات المحلية من منافسة المنتجات المستوردة باهتمام دول العالم على اختلاف درجة نموها وتطورها، وانعكس في تدابير وسياسات تجارية استهدفت إعاقة نفاذ المنتجات الأجنبية المنافسة إلى الأسواق المحلية بطريقة تمييزية.

مع تمكن العولمة من مفاصل الاقتصاد العالمي وتوجيهها للسياسات الاقتصادية الدولية، تبنت دول سياسات انفتاح اقتصادي ومالي.في سبيل حماية الأسواق المحلية من منافسة السلع الأجنبية والحفاظ على المراكز النسبية للقوى الاقتصادية في العالم، قامت الدول المتقدمة بابتكار تدابير وأنواع جديدة من القيود توفر لمنتجيها بعض الحماية في سياق الحمائية الجديدة، بإدخال المعايير البيئية في تجارة السلع، حيث تم ربط البيئة والصحة بالتجارة، وجرى تكييفها لاستخدامها بطرق متعددة لإعاقة صادرات الدول النامية التي تمتلك ميزات نسبية في كثير منها، الأمر الذي أضرّ بالقطاعات والصناعات التي تعتمد أساسا على وفورات الحجم لاكتساب الميزة التنافسية والاستمرار في المحافظة على حصتها في أسواق التصدير، كما عملت بفعالية على إلغاء المنافع المتأتية من تخفيض القيود الجمركية بعد عقود من الجهود المضنية لتخفيضها، ما أدى في النهاية إلى تراجع القدرات التنافسية لصادرات الدول النامية وتدهور موازين المدفوعات وتوفير الظروف لظهور الأزمات المالية التي تعصف بالاستقرار الاقتصادي، وترهن عملية التنمية الاقتصادية.

أخذت قضية الحفاظ على البيئة بعدا جديدا، مع قيام منظمة التجارة العالمية، حيث تم تدويلها وربطها رسميا بالتجارة الدولية. رغم اعتراض الدول النامية خلال جولات المفاوضات الكثيرة على ربط التجارة بالبيئة، إلا أن ضغط الدول المتقدمة، بقيادة الولايات المتحدة، التي تبنت فلسفة "كل شيء أو لا شيء"، قد أفلح في دمج اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية (Agreement on the Application of Sanitary and Phytosanitary Measures SPS) لسنة 1994في الاتفاقية العامة للتجارة في السلع لسنة 1947.

وانطلاقا من هذا، فان إشكالية الدراسة تتمحور حول: ماهي الانعكاسات المختلفة المترتبة عن تطبيق المعايير البيئية الدولية على التجارة الخارجية للدول النامية؟

يهدف هذا المقال إلى الإجابة عن الإشكالية من خلال البحث في النتائج المترتبة عن تطبيق المعايير البيئية، سواء تلك التي تضمنتها واعترفت بها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، أو الاتفاقيات متعددة وثنائية الأطراف، وحتى التدابير المحلية في الدول المتقدمة على تجارة الدول النامية الخارجية بما فيها الجزائر، من خلال إجراء دراسة قياسية بعد التطرق إلى بعض الحالات العملية.

أولا: المعايير البيئية الدولية ذات العلاقة بالتجارة

المعايير البيئية هي مواصفات واشتراطات دنيا تضعها الدول على المنتجات التي تمر عبر حدودها الجغرافية (الصادرة والواردة) لتحقيق أغراض حماية والحفاظ على بيئتها من مختلف أنواع التلوث التي قد تسبب اختلال التوازن البيئي والانسجام بين عناصرها.1 ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن مفهوم حماية البيئة لا بد أن يشمل وقاية المجتمعات البشرية والأنظمة البيئية من خطر التلوث الناتج عن النشاطات الإنسانية بطريق مباشر أو غير مباشر على نحو يؤدي إلى التأثير على أوجه الاستخدام المشروع للبيئة2.

على الرغم من تكفل منظمة التجارة العالمية بتنظيم التجارة العالمية ومراقبتها، إلا أنّ مهندسي اتفاقياتها قد سمحوا للدول بالأخذ بمعايير إضافية تتفق عليها وتراها مناسبة. وفي هذا السياق، يمكن تقسيم المعايير البيئية الدولية ذات العلاقة بالتجارة إلى معايير قد حظيت باعتراف منظمة التجارة العالمية، ومعايير أخرى تضمنتها الاتفاقيات المتعددة الأطراف.3

1-                      المعايير البيئية في منظمة التجارة العالمية

بعد مفاوضات طويلة تخللها كثير من الخلافات والنقاشات السياسية، أدخل اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية ضمن ولاية منظمة التجارة العالمية (الملحق1A) التي تأسست في الفاتح من جانفي 1995 وضمت 164 عضوًا و23 حكومة ملاحظة بينها الجزائر إلى غاية أكتوبر 20194. جرى تنصيب اللجنة الدائمة للتجارة والبيئة في سنة 1995، وهي المنبر الرئيسي للمناقشات والمفاوضات بشأن الانعكاسات التجارية للتدابير التي تتخذها الدول لأغراض حماية صحة وسلامة الإنسان والنبات والبيئة بشكل عام5.ومع ذلك، ظلت المناقشات في هذه اللجنة مجرد عملية تقييم لتدابير السياسات التجارية الداخلية وقليلا ما تتضمن تقاريرها مقترحات محددة، وهو ما دفع بعض الأطراف كالاتحاد الأوروبي إلى الاتجاه لدعم الاتفاقات متعددة الأطراف وتبني تدابير وسياسات تجارية قد تضر بمصالح أطراف أخرى، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع عدد النزاعات التجارية على مستوى هيئة فض النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية6.

                   خلال مفاوضات جولة أورجواي لتحرير التجارة الدولية المتعددة الأطراف، ترسخت العلاقة بين البيئة والتجارة أكثر حين قامت الولايات المتحدة في سنة 1991 بحظر استيراد التونة من المكسيك لدواعي حماية الثدييات البحرية متجاهلة كل قواعد اتفاقية الجات، أدى ذلك إلى فتح الجدل حول قضايا البيئة والتجارة وزاد من معارضة الدول النامية طيلة مراحل المفاوضات، التي أبدت مخاوفها من عواقب ربط البيئة والتجارة على تجارتها الخارجية، إضافة إلى عواقب انخفاض الرسوم الجمركية وتراجع الدعم المقدم لمنتجيها ومزارعيها المحليين والتي تدفع الحكومات إلى زيادة الاعتماد على الحواجز غير الجمركية وخاصة التدابير الصحية والصحة النباتية لحماية منتجيها، وخلق ريع اقتصادي لهم.7

                   وعليه، تؤدي التدابير إلى خلق وتوسيع الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية، تلك الفجوة عادة ما تتمثل في تكاليف الامتثال التي تلقي بظلالها على أسعار السلع الاستهلاكية والفقر وتوزيع الدخل، ولاسيما في الأسواق الصغيرة حيث يسود احتكار القلة في السلع البديلة من جهة، وتتراجع تنافسية المنشآت المحلية نتيجة ارتفاع أسعار السلع الوسيطة من جهة أخرى8.

في سبيل احتواء المعارضة التي كادت أن تفشل الجولة وتبديد هذه المخاوف. اتفقت الأطراف المتفاوضة في مؤتمر مراكش لسنة 1994 على إنشاء لجنة التجارة والبيئة في سنة 1995 لبحث كافة جوانب الموضوع والنظر في احتياجات الدول النامية ومشاكلها، مع وضع آلية لتسوية النزاعات. وعموما، يمكن القول: إن المفاوضات المتعلقة بالبيئة في منظمة التجارة العالمية قد أثمرت عن قواعد وتدابير ليست بدرجة التعقيد والتشدد كتلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا).9 ترتكز هذه الاتفاقيات الإقليمية على ثلاث مبادئ هي: عدم التمييز والشفافية والتناسبية.10

رغم مرور أكثر من عقدين على إنشاء منظمة التجارة العالمية وتنصيب لجنة التجارة والبيئة، إلا أن ربط البيئة والتجارة لا زال موضوعا خلافيا بين الدول المتقدمة والنامية لعدة أسباب، أهمها:

-   استمرار الدول المتقدمة في استخدام الإجراءات والتدابير البيئية الرامية إلى حماية صحة وسلامة الإنسان، الحيوان والنبات والحفاظ على مكونات البيئة بشكل تمييزي غير شفاف لإعاقة تدفق صادرات الدول النامية من السلع والخدمات.11يؤدي افتقار الشفافية إضافة إلى تكلفة الحصول على المعلومات وزيادة حدة عدم تماثل المعلومات والخطر المعنوي بين البائع والمشتري إلى إثقال كاهل المنتجين الأجانب الراغبين في تصدير منتجاتهم، ويصعب عليهم اتخاذ قرارات تجارية فعالة، خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم الأقل قدرة على تحمل تكلفة الحصول على المعلومات، ما يضعف وضعها التنافسي أمام الشركات الأجنبية، كما أن نقص الشفافية وعدم الإفصاح عن المعلومات عادة ما يصعب على الدول الأخرى تبني لوائح تنظيمية مناسبة وتصميم أنظمة أكثر صلة للامتثال ويرفع من العبء البيروقراطي والسياسي12.

-   قيام الدول الصناعية المتقدمة بتطبيق مقاييس وسن لوائح وتشريعات بيئية أكثر صرامة مستفيدة من ترخيص اتفاق الصحة والصحة النباتية باتخاذ أي إجراء من شأنه حماية صحة وسلامة الإنسان والحيوان والنبات دون تحديد لتلك الإجراءات، وتكتلها مما أدى في كثير من الحالات إلى نشوب نزاعات تجارية ظهر أثرها في الجولات المتعددة الأطراف التي تلت جولة أورجواي التي بلغ عددها أحد عشر مؤتمرًا وزاريًا، هي: سنغافورة 1996، جنيف 1998، سياتل 1999، الدوحة 2001، كانكون 2003، وهونغ كونغ 2005، جنيف 2009 ، جنيف 2011، بالي 2013، نيروبي 2015،  وبيونس ايرس 2017.13

                   استمرت العلاقة بين المعايير البيئية والتجارة في تصدر النقاشات السياسية وكانت بؤرة توتر دائم بين الدول المتقدمة والنامية، أدت إلى فشل مؤتمر سياتل 1999 جزئيا بسبب الخلافات العميقة حول ربط الأداء البيئي بالقدرة التنافسية للصادرات14. وقد أدت المشاكل العديدة والمتراكمة عن تنفيذ اتفاقات أوروجواي وعلى رأسها ربط التجارة بالبيئة إلى إطلاق جولة الدوحة للوصول إلى مزيد من تحرير التجارة الدولية لإنعاش النمو الذي تأثر سلبا بأحداث 11 سبتمبر 2001، وإزالة العراقيل أمام تدفق السلع إلى الأسواق العالمية، ومنها تدابير حماية صحة وسلامة الصحة الإنسانية والحيوانية والنباتية15، غير أن الجولة فشلت وعلقت في جويلية 2006 ومعها كل المفاوضات اللاحقة في الوصول إلى اتفاق حول تلك التدابير 16.يوضح الشكل التالي تطور عدد التدابير الصحية والصحة النباتية في العالم منذ قيام منظمة التجارة العالمية:


شكل رقم(01): عدد تدابير الصحة والصحة النباتية في الفترة 1995-2015.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Source: Jong Woo Kang & Dorothea Ramizo, Impact of Sanitary and Phytosanitary Measures and Tachnical Barriers on International Trade, Asian Development Bank, Munich Personal RePEc Archive, July 2007, P. 26.


لقد كان الهدف المتفق عليه من وضع اتفاق الصحة والصحة النباتية هو وضع معايير دولية منسقة تكون إطارا عاما لإعداد تدابير لحماية حياة وصحة الإنسان والحيوان والنبات من التأثيرات السلبية للأنشطة الاقتصادية والتجارة. ولذلك، نصحت الدول الأعضاء باعتماد مقاييس وإرشادات وتوصيات الهيئات والمنظمات الدولية المختصة في مجال البيئة والتجارة بما يتوافق مع الإطار العام للاتفاق.17يهدف التناسق إلى مساعدة الدول على ضمان سلامة الأغذية من اجل صحة وحياة الإنسان، الحيوان والنبات، وتيسير التجارة من خلال تنسيق المعايير بشكل يعمل على توفير معلومات مفيدة للشركات المصدرة عن الأسواق.18تعتبر كلا من المنظمة الدولية للمقاييس، لجنة كودكس أليمانيتاريوس، المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية والذي تحول في ماي 2003 إلى المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، وأمانة الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات، الهيئات الدولية التي حظيت باعتراف منظمة التجارة العالمية، حيث تضم المنظمات الثلاثة عددا كبيرا من الدول والمنظمات المحلية19.


استهدف من الموائمة الدولية لتدابير الصحية وتدابير الصحة النباتية والحيوانية:


·  تسهيل التجارة الدولية بين الدول النامية ونظيرتها المتقدمة، حيث تكون المنتجات تلبي نفس المعايير ولا يحتاج المنتجون إلى معرفة مسبقة بالأسواق الوطنية لمنتجاتهم،

·  تعزيز الكفاءات والسماح لاقتصاديات الحجم، حيث لا يحتاج المنتجون إلى تجزئة العملية الإنتاجية وتصميم وتصنيع العديد من الإصدارات والنماذج لنفس المنتج لاستيفاء مواصفات محددة.

·  توفير أساس علمي وفني سليم للتدابير المتخذة لتحقيق أهداف السياسة المتعلقة بالغذاء.

·  مساعدة الحكومات في وضع تدابير الصحة والصحة النباتية المستندة على العلم، لضمان سلامة الأغذية وصحة الحيوان والنبات دون الحاجة إلى إجراء تقييمات المخاطر بنفسها.

·  توفير الأساس لإجراءات تقييم المطابقة (مثل الاختبار أو الفحص أو الاعتماد) التي تستخدمها الحكومات لضمان احترام متطلبات المنتج للسلامة أو الأهداف الأخرى.

·  نشر التكنولوجيا.

·  تخفيض التكاليف على المستهلكين وزيادة رفاهم من خلال توفير منتجات آمنة، تخفيض تكاليف المعاملات، تقليل عدم التأكد بشأن سلامة الأغذية المقدمة، وزيادة مرونة الاستبدال بين نفس السلع المنتجة في دول مختلفة.

وبذلك، تقل حاجة الدول فرادى لتطوير وتبرير التدابير الخاصة بها التي قد تكون غير متوافقة مع معايير محددة معترف بها من منظمة التجارة العالمية، والحد من النزاعات والاستفادة من الفرص التجارية الدولية. وفي هذا الصدد، تعد الدول المتقدمة أكثر أعضاء اللجنة نشاطا، في حين لازالت مشاركة الدول النامية، رغم تزايدها الملحوظ، أقل من مستوى المجموعة الأولى، أما الدول الأقل نمواً فلديها مستوى جد منخفض من المشاركة، مما يبعدها عن صناعة الأحداث ويجعلها بعيدة عن مستجدات الأسواق ويعرض صادراتها إلى الحجز والرفض، خاصة المنتجات الزراعية والغذائية التي تحتل مكانة اقتصادية واجتماعية هامة، خاصة وأن المنتجين والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول النامية والأقل نموا غالبا ما تحوز قدرات ضعيفة للتكيف مع المتطلبات البيئية والصحية الجديدة، والتغلب على تحديات الوصول إلى المعلومات، والوصول بصادراتهم الغذائية إلى الأسواق، حيث تتلقى منظمة التجارة العالمية سنويا أكثر من 3500 إخطار متعلقة بتدابير الصحة والصحة النباتية، فيما تلقت 24196 إخطار إلى غاية يوم 08 أكتوبر 2019.20

يرجع ضعف مشاركة الدول النامية في تنفيذ الاتفاقات الصحية والبيئية إلى عدة أسباب: ارتفاع تكلفة إقامة المؤسسات المناسبة، افتقارها للمصادر العلمية والتقنية والقانونية من معارف متخصصة في القانون الدولي اللازمة لتنظيم أو الدفاع في حالة نشوب خلاف والاستفادة من نظام فض النزاعات، الأمر الذي يضعها في حاجة إلى توكيل محامين دوليين بتكاليف باهظة21.

وعلاوة على معايير تلك المنظمات، سمح اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية للدول الأعضاء باتخاذ أي تدابير محلية قد تكون أكثر تشددا وصرامة (مستوى تسامح صفري) لحماية صحة وسلامة الإنسان والحيوان والنبات من أي مخاطر محتملة (مبدأ التحوط) في غذائه أو محيطه، فاتفاق الصحة والصحة النباتية لم ينص على مجموعة محددة من السياسات الموجهة لضمان سلامة الأغذية والصحة التي يتعين على الحكومات إتباعها، وبدلا من ذلك اكتفى الاتفاق بوضع إطار من القواعد والمبادئ التوجيهية والتوصيات لتحقيق التوازن بين حقوق الدول الأعضاء في اعتماد ما يضمن سلامة الأغذية والحد من الآثار غير الضرورية لهذه التدابير على التجارة، حيث يعد ذلك أحد ثغرات الاتفاق التي أدت إلى مستوى عالي من الحماية التمييزية. تقضي القواعد بأن:

1-                       لا تطبق التدابير إلا على المدى اللازم لحماية صحة وسلامة صحة الإنسان والحيوان والنبات22.

2-                      أن لا تطبق التدابير بطريقة تمييزية استنادا إلى مبررات على وجود مخاطر تنشأ عن عدم العمل بتلك التشريعات.23

3-                       عدم تعارض التدابير مع المعايير الدولية والمبادئ التوجيهية التي وضعتها المنظمات الدولية ذات الصلة بما في ذلك لجنة كودكس، المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى العاملة في إطار الاتفاقية الدولية لحماية النباتات، دون مطالبة الأعضاء بتغيير مستواها المناسب من حماية حياة أو صحة الإنسان، الحيوان والنبات.24وفي هذا السياق، يأخذ في الاعتبار في تقييم المخاطر الأدلة العلمية المتاحة فقط ويكون الغرض منها تقليل التكلفة. كذلك، يغطي الاتفاق جميع أنواع التدابير الممكنة لتحقيق أغراضها من الحماية والوقاية في مراحل ووسائل الإنتاج، مقاييس الإنتاج النهائي، طرق التجهيز والإنتاج، الاختبار والمعاينة، إجراءات التصديق، الموافقة والمعالجة بالحجر الصحي، متطلبات نقل الحيوانات أو النباتات والمواد المتعلقة لبقائها على قيد الحياة أثناء نقلها، متطلبات التعبئة والملصقات المبينة للمحتويات والمرتبطة بسلامة المواد الغذائية ومصادقتها للبيئة وغيرها25.

4-                       أن تكون التدابير تناسبية، أي أن الأداة المختارة ينبغي أن تكون أقل تقييدا للتجارة من بين الأدوات القابلة للتنفيذ.

5-                       أن تكون التدابير ضرورية لتحقيق هدف سياسة مشروعة، حيث يتعين تقديم الإثبات.26

تعد الدول الأقل نموا أكثر عرضة لتدابير الدول المتقدمة التجارية تحت ستار حماية البيئة، نتيجة تراخي السياسات البيئية فيها والذي أهلها لجذب الصناعات الملوثة (فرضية ملاذ التلوث Pollution Haven)، الأمر الذي يجعل من صادراتها عرضة لحظر الدخول ويفقدها تنافسيتها وحصتها السوقية لصالح منتجات الدول المتقدمة.27 وتزداد حدة انعكاسات تدابير ومعايير الدول المتقدمة البيئية على الدول النامية مع تخصص أغلبها في استخراج أو إنتاج عدد جد محدود من المنتجات، مع تركز جغرافي لصادراتها، ما يجعلها رهينة سياسات الدول المتقدمة.28

ولتحقيق الشفافية في اعتماد معايير الصحة والصحة النباتية، اشترط اتفاق التدابير الصحية والصحة النباتية على أي عضو في منظمة التجارة العالمية يقترح لائحة أو تنظيم جديد أو يرغب في تعديل لائحة أن يخطر أمانة المنظمة قبل تنفيذه، والتي بدورها تقوم بنشر الإخطار إلى باقي الأعضاء من الحكومات لتفويت أي فرصة لإثارة المخاطر، وقد يتم التغاضي عن هذه العملية في حالة الطوارئ الصحية والسلامة شريطة إبلاغ أمانة المنظمة فورا29. غير أن نظام الإخطار، على الرغم من إلزاميته، يعاني، إضافة إلى انخفاض معدلات الامتثال، من عدد من نقاط الضعف منعته من الاضطلاع بالدور الذي يمكن أن يؤديه بوصفه المصدر الرسمي للمعلومات عن الأنظمة التجارية ذات الصلة التي تفرضها الدول الأعضاء، أهمها:

1-                       متطلبات الإخطار تفرض انضباطا ضعيفا من حيث كيفية الإخطار بغياب الوصف الدقيق للمنتجات التي تنطبق عليها، وأحيانا يتم وصف التدابير بعبارات فضفاضة وبدون تحديد أجل معين لتطبيق الإخطارات، مما يصعّب تقييم تلك التدابير ومقدار العبء الذي يتحمله المنتجين والتجار.

2-                      ترتكز عديد التدابير البيئية الوطنية على قوانين تعود إلى فترة زمنية طويلة، جرى تنقيحها بإضافة أحكام جديدة مما يغير من تأثيرها.

3-                       تصنيف التدابير التي تستخدمها منظمة التجارة العالمية غير متطابق وأقل شمولية بكثير من الذي تستخدمه منظمات دولية أخرى، مما يصعّب المقارنة والتحقق من إخطارات منظمة التجارة العالمية.30

4-                       من خلال الإخطار، فإن الدول تعرّض نفسها للكشف والنقد ولتدابير تجارية انتقامية من دول أخرى قد توقف تدفق صادراتها، علاوة على غموضها الشديد في صياغتها بما لا يسمح باستغلالها في أغراض إحصائية.31

تعتبر المعايير البيئية المعتمدة من منظمة التجارة العالمية كثيرة ومتشعبة، غير أنه يمكن تصنيفها إلى ثلاث معايير رئيسية، هي:

1-                       العنونة أو العلامة البيئية: تتمثل في العلامات التي توضع على المنتج بهدف تعريف المستهلك بالمزايا البيئية لاستخدام المنتج وطريقة إنتاجه الصديقة للبيئة. وعليه، فمن المتوقع أن تمكّن المستهلك من تمييز المنتجات المتوافقة والصديقة للبيئة فيرتفع الإقبال عليها ويقل على تلك غير الحاملة للعلامة البيئية التي قد تكون مضرة بالبيئة، فالغرض الأساسي للعلامة البيئية هو إمداد المستهلك بمعلومات عن المنتج الذي بين يديه وتأثيراته البيئية وظروف إنتاجه، وأول معلومة يحتاجها عن المنتج هل هو طبيعي أو معدل وراثيا لما في ذلك من آثار مباشرة على صحة المستهلك.32

2-                      طرق الإنتاج: يطلق عليها كذلك عنونة طرق إنتاج المنتج المتوافق بيئيا، حيث تعتبر من المسائل المثيرة للنقاش في سياق علاقة التجارة بالبيئة (طريقة إنتاج المنتج)، فالمنتج يمكن إنتاجه بطرق عديدة، ولطرق الإنتاج المتبعة تأثيرات مختلفة على حياة الحيوان والنبات والإنسان وعلى معدلات التلوث واستخدامات الطاقة.33 كذلك تشمل طرق الإنتاج جودة الغذاء المقدم إلى المستهلك34.

3-                       اشتراطات التعبئة: تعتبر هاته الاشتراطات من بين العوائق التي تقف ضد تدفق صادرات كثير من الدول النامية كونها تعتمد على خامات لا تتوفر عند الكثير منها، ما يحتم عليها استيرادها ويرفع من تكلفة الإنتاج ويضعف من تنافسيتها في الأسواق الدولية، فالدول المتقدمة المستوردة تشترط أن تتوفر العبوات على مرافق لتصريفها والتخلص منها؛ فمثلا يشترط الاتحاد الأوروبي معايير في العبوات تعتمد على دورة حياة المنتج وسياسات إدارة المخلفات، فيشترط مراعاة أن تكون سهلة التدوير، وأن يحظر استخدام المعادن الثقيلة والمكونات الخطرة في إنتاجها، والخضوع لسياسات إدارة المخلفات35.

2-                       المنظمات الدولية المتخصصة المعترف بهاوالاتفاقيات الدولية في مجال حماية البيئة

أ‌- المنظمة الدولية للمقاييس (International Organization for Standardization ISO): تعتبر معايير المنظمة الدولية للمعايير التي انضمت إليها الجزائر من أكثر المعايير البيئية ذات العلاقة بالتجارة المعتمدة من منظمة التجارة العالمية، التي تلح علىأعضائها من الدول بالأخذ بها عند تبادل المنتجات بينها وعند صياغة سياستها التجارية.36تصنف المنظمة الدولية العلامات البيئية إلى أنواع ثلاثة أنواع37:

·  عنونة طريقة الإنتاج: وفيه تقارن العلامة بين المنتجات من نفس الفئة، فلا تمنح العلامة إلا للمنتجات الصديقة للبيئة خلال جميع مراحل دورة حياة المنتج، وتتم مراقبة العلامة من خلال الشهادات.

·  عنونة المنتج: وفيه يكون للمنتج أو المستورد أو الموزع الحق في تسويق منتجاته على أنها صديقة أو متوافقة بيئيا (منتجات خضراء وصديقة للبيئة).

·  أما النوع الأخير فيتضمن قائمة بالتأثيرات البيئية للمنتج خلال دورة حياته وبعد التخلص منه؛ مثل معدلات انبعاث المواد المضرة بالبيئة خلال مرحلة إنتاجه وكذلك أثره على البيئة بعد استخدامه وتحلله.38

أما فيما يخص المعايير البيئية، فتصنفها المنظمة إلى:

·  معايير لضمان جودة البيئة، تشمل وصفا عاما لحالة البيئة.

·  معايير الانبعاث، التي تحدد كمية الانبعاث المسموح به، حيث إنّ لهذه المعايير أثرا كبيرا ومباشرا على عملية الإنتاج، فمن السهل التحكم في الإنتاج عن اختراع وسائل للتنقية.

·  معايير المنتج، أي وضع معايير بيئية تبدو ضرورية لتجنب إحداث أي أضرار بيئية من ناحية الاستخدام أو التخلص من المنتج بعد استخدامه، وعادة ما تستهدف حماية صحة الإنسان.

·  معايير الأداء، وهي معايير للتقييم ولتحسين إدارة البيئة.

·  معايير خاصة بعملية الإنتاج، وتحدد كيفية الإنتاج وأثر ذلك على البيئة.39

منذ مباشرة نشاطها رسميا في 23 فيفري 1947، دأبت المنظمة على إحداث تغييرات دورية على سلسلة مواصفاتها القياسية لتطويرها وجعلها أكثر فعالية ومرونة، تضمن من خلالها المنتجات والخدمات الآمنة والموثوقة بنوعية جيدة لتوجيه وإرشاد المؤسسات على اختلاف أحجامها ونشاطاتها على التعامل مع قضايا البيئة وإدارتها داخليا، ما يسمح لها بوضع سياسة واضحة المعالم لإدارة بيئية فعالة تراعي القوانين البيئية السائدة. تعتبر معايير المنظمة أدوات إستراتيجية تمكّن الشركات من خفض التكاليف من خلال تقليل النفايات والأخطاء مع تحسين الإنتاجية، كما تساعدها على الوصول إلى الأسواق وكسب ثقة المستهلك، وتسمح بإقامة مجال متكافئ للبلدان النامية وتيسير التجارة الحرة والعادلة في جميع أنحاء العالم، فقد بلغت عدد المعايير الدولية والمنشورات ذات الصلة 22808معيارًا وذلك إلى غاية يوم 08 أكتوبر 2019 تغطي تقريبا كل قطاعات الصناعة من التكنولوجيا إلى سلامة الأغذية، ومن الزراعة إلى الصحة.40

رغم المكاسب الداخلية والخارجية المتوقع جنيها من العمل بمعايير المنظمة (الحصول على شهادات المطابقة) إلا أن متطلبات نظام الإدارة البيئية والذي تم تحديثه في نسخ عديدة من مواصفات المنظمة قد لا يكون في متناول كل المؤسسات، خاصة تلك التي تنشط في العالم النامي التي تعاني من:

-محدودية الوسائل المالية لوضع البرامج، ومتأخرة في مجال امتلاك والتحكم في التكنولوجيات الحديثة المطلوبة لإنتاج منتجات صديقة للبيئة تلبي مواصفات الجودة، خاصة وأن 80% من أنشطة البحث والتطوير المطلوبة للأغراض البيئية -وهي مفتاح اكتساب التكنولوجيا والدراية الفنية- تجري في 10 دول متقدمة تحت إدارة شركات متعددة الجنسيات.

-نقص الكفاءات المؤهلة والمدربة.41

-انخفاض الوعي البيئي نتيجة صغر حجم الشركات ما يعيق الوحدات الإنتاجية في الدول النامية على الامتثال لمعايير المنظمة وإرضاء المستهلكين في الدول المتقدمة، ويعرض صادراتها إلى الحجز (Detention) أو الرفض والرد (Rejection) عند وصولها حدود الدول المتقدمة.42يترتب على هذه الحالات إساءة لسمعة الدولة وخسائر معتبرة للمنتج أو المصدر من فقدان قيمة البضاعة، وتحميله تكاليف النقل والتأخير في دخول المنتجات وتكاليف التصدير وإعادة التصدير الأخرى أو إفناء البضاعة.43

إن عجز الدول النامية عن الوفاء بمتطلبات نظام الإدارة البيئية يعطي الدول المتقدمة التي أسست معاييرها القومية على معايير المنظمة الحجّة لفرض مزيد من القيود على تدفق صادرات الدول النامية، علاوة على إمكانية امتناع المنظمة بضغط من الهيئات الوطنية للدول المتقدمة عن تقديم شهادات المطابقة "الإيزو" للدول النامية، ما يعني عمليا حرمان صادراتها من ولوج أسواق الدول المتقدمة44.

ب‌-                     الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات (International Plant Protection Convention IPPC) لعام 1951: جاءت الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات التي انضمت إليها الجزائر لتساعد على:

·  حماية المزارعين من تفشي الآفات المدمرة اقتصاديا.

·  تأمين الغذاء.

·  حماية البيئة من خسارة تنوع الكائنات.

·  حماية النظم الايكولوجية من فقدان الصلاحية والوظيفة نتيجة غزو الآفات.

·  حماية الموارد النباتية المزروعة والبرية من انتشار الآفات نتيجة لتغير المناخ.

·  حماية الصناعات والمستهلكين من تكاليف مكافحة الآفات والقضاء عليها.

تقضي الاتفاقية بأن تتشارك كل الأطراف المتعاقدة في نفس الهدف والمتمثل في حماية الموارد النباتية المزروعة والطبيعية في العالم من انتشار وإدخال الآفات النباتية، مع التقليل من التدخل في الحركة الدولية للسلع والأشخاص. ولتحقيق ذلك، توفر الاتفاقية إطارا دوليا لحماية النبات يتضمن معايير دولية لتدابير الصحة النباتية لحماية الموارد النباتية الضرورية. وقد تم اعتماد الاتفاقية في 1951 من مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ودخلت حيز التنفيذ في سنة 1952 لتحل محل الاتفاقات السابقة في المجال، ثم نقحت في سنة 1979 ودخلت التعديلات حيز التنفيذ في سنة 1991، غير أن التنقيح الرئيسي حيث حدّثت الاتفاقية وعزّزت جاء في سنة 1997 حين جرى مواءمة الاتفاقية مع اتفاق الصحة والصحة النباتية. وعليه، فقد أصبحت الاتفاقية توفر إطارا ومنتدى للتعاون الدولي والمواءمة والتبادل التقني بين الأطراف المتعاقدة45.

تساهم الاتفاقية في تسهيل التبادل التجاري، حيث تسمح للأطراف المتعاقدة بالحصول على ضمانات، من خلال شهادة الصحة النباتية التي تصدرها والتي تشهد للواردات من المنتجات الزراعية والنباتية بخلوها من الآفات الجديدة. يكمن الفرق بين الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات واتفاق الصحة والصحة النباتية في أن الأولى تضع أحكاما للتجارة في إطار اتفاق حماية النبات، في حين أن الثانية تنص على حماية النباتات في إطار اتفاق تجاري. ومع ذلك، فإن الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات تكمّل اتفاق الصحة والصحة النباتية، من خلال توفير معايير دولية تستند عليها جميع الدول في صياغة تدابيرها للصحة النباتية وتكون لها أساس علمي، تضمن عدم استخدامها كحواجز تجارية غير مبررة.46وإلى غاية نهاية سنة 2017، بلغ عدد معايير تدابير الصحة النباتية الدولية التي تتبناها الاتفاقية 41 معيارا.47

ت‌-                     لجنة كودكس أليمانيتاريوس (Codex Alimentarius Commission CAC): لجنة كودكس هي منظمة دولية فرعية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO ومنظمة الصحة العالمية WHO، تتولى تنسيق وتطوير معايير دولية للأغذية لتحقيق أهداف حماية صحة المستهلكين وضمان ممارسات عادلة في تجارة الأغذية، حيث أثبتت أنها الأكثر نجاحا في تحقيق التنسيق الدولي لمتطلبات جودة وسلامة الأغذية. وضعت اللجنة معايير دولية لمجموعة واسعة من المنتجات الغذائية ومتطلبات محددة، إضافة إلى مبادئ توجيهية وتوصيات لتعزيز جودة الأغذية وسلامتها.48

تعتبر معايير اللجنة حصاد المواصفات القياسية العالمية للصناعات الغذائية التي طبقت في مجال الجودة، فهي نتاج مجهودات سنوات عديدة من القياسات التي تمت بناء على اتفاقات متعارف عليها دوليا؛ كمنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية لأغراض الحفاظ على صحة المستهلكين وتسهيل التبادل التجاري والآمن في مجال الأغذية ومشتقاتها (Biotechnology)، ويرجع الفضل في وضع المواصفات الغذائية لجهود لجنة كودكس التي تأسست في سنة 1962 من طرف المنظمتين الدوليتين كجزء من برنامج  المعايير الدولية للأغذية المشترك بينهما أوكلت إليها مسؤولية تنفيذه49.

ومع قيام منظمة التجارة العالمية أصبح لمواصفات اللجنة بعدٌ عالميٌ، فقد شجعت المنظمة الدول الأعضاء ومنها الجزائر على الاستعانة بمواصفات اللجنة عند وضع السياسات والبرامج في إطار نظامها الوطني لمراقبة الأغذية، خاصة وأن معايير اللجنة تغطي عددا كبيرا من الموضوعات الحيوية ذات الصلة بالأغذية ومن ثم صحة الإنسان والحيوان والنبات، وبمواصفات المنتجات الغذائية المختلفة، علاوة على قواعد النظافة وقواعد ممارسات تصنيع السلع وطرق التحليل وأخذ العينات، ونظام تحليل المخاطر ونقطة التحكم الحرجة. كذلك، تغطي اللجنة جميع الأغذية الأساسية (المصنعة أو شبه المصنعة أو الخام) باستثناء السلع الطازجة سريعة التلف التي لا تتحرك ضمن نطاق التجارة الدولية. وعليه، تعد مواصفات لجنة كودكس مرجعا هاما وواسعا يمكن للدول الاستعانة بها في سن القوانين واللوائح المحلية المحددة لمواصفات المواد الغذائية50.

ث‌-                     المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية (Office International des Epizooties OIE): أدت الحاجة إلى مكافحة الأوبئة الحيوانية المعدية على المستوى العالمي إلى توقيع اتفاقية دولية في 25 جانفي 1927 لإنشاء المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية، تحول في ماي 2003 إلى المنظمة العالمية للصحة الحيوانية التي تعد الجزائر عضوا فيها. حظيت الاتفاقية باعتراف منظمة التجارة العالمية كمنظمة مرجعية في كل ما تعلق بمعايير الصحة الحيوانية والأمراض الحيوانية المنشأ والتي تنتقل إلى البشر. للمنظمة مساهمة فعالة في حماية التجارة العالمية وتنميتها من خلال نشر المعايير الصحية للتجارة الدولية في الحيوانات البرية (الثدييات، الزواحف، الطيور، والنحل) والمائية (البرمائيات، القشريات، الأسماك، والرخويات) ومنتجاتها، حيث تقوم بمراجعة وتنقيح المعايير وتطوير وثائق معيارية تتعلق بالقواعد التي يمكن للدول الأعضاء استخدامها لحماية نفسها من إدخال الأمراض ومسببات الأمراض دون اللجوء إلى وضع حواجز صحية غير مبررة تعرقل السير الطبيعي لتجارة الحيوانات البرية والمائية ومنتجاتها.51بلغ عدد المعايير التي تبنتها المنظمة بنهاية سنة 2018ما مقداره389 معيارا، منها 85معيارًاتبنتها في نفس السنة تتعلق بالحيوانات البرية والمائية.52

3-                        الأحكام التجارية في الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف: ترى لجنة التجارة والبيئة أن الطريقة المثلى لمعالجة مشاكل البيئة الدولية يجب أن تتم من خلال اتفاقيات بيئية متعددة الأطراف، على أن تكون متناسقة مع اتفاقات وبنود منظمة التجارة العالمية، حيث أن أكثر من 200 اتفاقية متعددة الأطراف تتضمن أغلبها أحكاما تجارية.53 وبشكل عام، لم تعترض منظمة التجارة العالمية على تلك الاتفاقات على الرغم من طبيعتها الإلزامية للأطراف الموقعة عليها فقط. رغم أهمية تلك الاتفاقيات على صعيد المحافظة على البيئة وضمان استدامتها، إلا أنه تم تسجيل قيام أطرافها في حالات عديدة بفرضها على أطراف أخرى خارج الاتفاقيات، ما أدى إلى تقييد صادراتها وحرمانها من الوصول إلى الأسواق بفرض الحظر، والعقوبات والحجر الصحي على المنتجات التي تخالف أحكام الاتفاقيات.

ثانيا: التشريعات البيئية الوطنية في الدول المتقدمة

تعد مراقبة الأغذية اللبنة الأولى والأساسية في بناء نظام وطني فعال يهدف لحماية البيئة، نظرا لارتباطه المباشر وغير المباشر بصحة وسلامة الإنسان، الحيوان، النبات، والبيئة بشكل عام، ما ينعكس على التنمية الاقتصادية، فالأخطار التي تحملها الأغذية لا تعتبر فقط مشكلة بيئية وصحية عامة، ولكنها تؤثر على نمو وتحديث أسواق الغذاء المحلية والدخل وفرص العمل؛ ففي ظل ارتفاع الدخل ومستوى التحضر وانتشار الوعي البيئي وتحول الأنظمة الغذائية يكون الطلب على الأغذية الآمنة كبيرا، علاوة على أن جودة الأغذية وسلامتها أصبحت عنصرا هاما في السياحة المحلية والدولية.

ولذلك، تعتبر سلامة الأغذية من العوامل التي تدفع بتحسين الأداء التجاري وتعزيز الصادرات الزراعية الغذائية في أسواق الأغذية عالية القيمة، وتسهم في الحد من الفقر في الدول النامية إذا رافقها زيادة الاستثمارات لرفع قدراتها على إدارة سلامة الأغذية.

يرتبط بالأغذية غير الآمنة مجموعة من التكاليف الاقتصادية المحتملة؛ مثل الأضرار الناجمة عن المرض كفقد الإنتاجية والعلاج الطبي، حيث تقع هذه التكاليف على عاتق مختلف الجهات الاقتصادية الفاعلة بما في ذلك المستهلكين، مؤسسات الرعاية الصحية، شركات الأغذية الزراعية، والحكومات. وفي هذا الصدد، خلصت دراسة للبنك الدولي إلى أن التكلفة السنوية للأغذية غير السليمة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بلغت 110 مليار دولار بما فيها انخفاض الإنتاجية والنفقات الطبية، كما تظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الأمراض المنقولة بالغذاء قد تسبب في إصابة 600 مليون شخص بأمراض و430 ألف وفاة في سنة 2010، تحمل عبء أغلبها الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل خاصة في آسيا. وتذهب التقديرات إلى أبعد من ذلك، حيث تقدر أن مجموع الخسائر في الإنتاجية المرتبطة بالأمراض المنقولة بواسطة الغذاء في هذه الدول بلغت 95,2 مليار دولار سنويا، فيما بلغت التكلفة السنوية لعلاج المصابين بأمراض ينقلها الغذاء 15 مليار دولار، شملت خسائر مبيعات المزارع والشركات، الدخل الضائع من تعطل التجارة والصادرات، والتبعات والآثار الصحية لتجنب المستهلكين الأغذية سريعة التلف، والأعباء البيئة للمخلفات الغذائية54. 

يتطلب بناء وتشغيل نظام وطني يضمن المراقبة الفعالة للأغذية ويحقق أفضل النتائج ويحسن التعامل مع التحديات، بنية تحتية بشرية ومادية، إضافة إلى استثمارات رأسمالية كبيرة وتكاليف كبيرة لصيانة وتشغيل مختلف المكونات.55يتسبب غياب نظام مراقبة للأغذية في أغلب الدول النامية وقطاعاتها وشركاتها في حرمانها من تحسين قدرتها على إدارة سلامة الأغذية ويستبعدها من أسواق التصدير المربحة التي ترتفع فيها أسعار السلع الآمنة المتوافقة مع المعايير الصحية والبيئية، وهو ما قد يعرض شحناتها من المنتجات إلى الرفض ويكبد الشركات تكاليف استدعاء المنتجات ويسيء إلى السمعة التجارية، ما يرفع من عدم اليقين بشأن الوصول المستمر إلى أسواق الدول المتقدمة56.

أ‌- التشريع الأمريكي: اتجهت الحكومات الأمريكية ابتداء من مطلع السبعينات إلى سن وتشريع مجموعة من القوانين والتشريعات الفدرالية والمحلية، ووضع المعايير التي تهدف إلى الحفاظ على صحة وسلامة الإنسان والنبات والحيوان، أي الحفاظ على البيئة بالمفهوم الواسع، والتي تتيح استخدامها كحواجز غير تعريفية لحماية المنتجين الأمريكيين من منافسة المنتجات المستوردة عن طريق تحميل المنتجين الأجانب تكاليف إضافية57.

ب‌-                     يشرف على عملية إنفاذ وتطبيق القوانين ومراقبتها في الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث وكالات، هي:

أ‌- الوكالة الاتحادية الأمريكية للمنتجات الغذائية والأدوية: يقع على عاتق هذه الوكالة مسؤولية ضمان أمن الأغذية والأدوية، باستثناء اللحوم ومنتجات الدواجن التي تدخل في نطاق اختصاص وزارة الزراعة. يتطلب من جميع الشركات المتخصصة في الأغذية والأدوية سواء المنتجة محليا أو المستوردة أن تتأكد من أن المنتجات التي تقدمها سواء كانت طبيعية أو معدلة وراثيا هي متوافقة مع معايير الوكالة ولا تحمل أي مخاطر على صحة المستهلك والحيوان والنبات، كما تقوم بإجراء معاينات دورية وتفتيش على المنتجات المستوردة وتحدد قرارها بشأن حجز المنتجات58.

ب‌-                     وكالة حماية البيئة: تتولى الوكالة مهمة حماية صحة الإنسان وحماية موطن الحياة البرية في الولايات المتحدة والحفاظ على البيئة من الهواء، الماء، والأرض اللازمة للحياة من انعكاسات الممارسات الزراعية والإنسانية الضارة والخاطئة التي تؤدي إلى تلويث الهواء واستنزاف المياه الجوفية والسطحية وانجراف التربة وتدهور جودتها، ويدخل في هذا النطاق حماية المحيطات والبحار والأنهار والبحيرات، وكذلك الكائنات المهددة بالانقراض.59

ت‌-                     وكالة خدمة التفتيش الصحي للحيوانات والنبات التابعة لوزارة الزراعة:يقع على عاتق الوكالة مسؤولية حماية صحة الحيوان والنبات من الآفات والأمراض، ولذلك فهي مسئولة عن مراقبة عمليات استيراد الحيوانات ومنتجاتها إضافة إلى النباتات ونقلها داخل الولايات المتحدة، حيث يلزم كل من يريد استيراد الحيوانات والنباتات أو نقلها بين ولايات الدولة الحصول مسبقا على رخصة من الوكالة تؤكد سلامتها من شتى الأمراض والآفات.60

تقوم وزارة الزراعة بالإنفاق على برامج الحفاظ على البيئة تغطي أغراض التعليم والمساعدة التقنية والمساعدات المالية للمزارعين لتقاسم تكاليف الحفاظ على البيئة واستئجار الأراضي ومدفوعات الارتفاق، الأمر الذي ساهم بفعالية في مساعدة المزارعين على الامتثال للمتطلبات والمعايير الأمريكية والاستجابة للمطالبات الشعبية للحفاظ على البيئة61.

   لقد أدت الولايات المتحدة دورا رئيسيا في عقد كثير من الاتفاقات البيئية الدولية، وقامت بسن كثير من القوانين البيئية الصارمة داخلها. ولذلك، لازالت الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر العالم في عدد معايير الصحة والصحة النباتية المطبقة. يوضح الجدول رقم (1) تطور عدد معايير الصحة والصحة النباتية في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة 2006-2017، حيث يتضح جليا اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية إلى زيادة العوائق غير التعريفية والمتمثلة في المعايير البيئية للحد من تدفق المنتجات الأجنبية إلى أسواقها.


جدول رقم (1): عدد معايير الصحة والصحة النباتية في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة 2006-2017.

2017

2016

2015

2014

2013

2012

2011

2010

2009

2008

2007

2006

السنة

58

48

41

45

34

66

83

101

22

119

208

300

معايير الصحة والصحة النباتية

Source :http://i-tip.wto.org/goods/Forms/GraphView.aspx?period=y&scale=ln/ 25-12-2018


تعتبر دول أمريكا اللاتينية أكثر الدول تضررا من المعايير البيئية الأمريكية، فرغم العلاقات الاقتصادية الخاصة بينها والقرب الجغرافي ووجود اتفاقات تجارة تفضيلية بينها وعضوية المكسيك في اتفاقية النافتا، إضافة إلى عضويتها في منظمة التجارة العالمية، إلا أن كثيرًا من صادراتها من المنتجات الزراعية والحيوانية قد عانت من الحظر بسبب عدم تطابقها مع المعايير الأمريكية62.

وفي 30 أوت 2012، احتجت الأرجنتين أمام لجنة فض المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية وطلبت إجراء مشاورات مع الولايات المتحدة بشأن تدابير حظر الأخيرة استيراد الحيوانات واللحوم ومنتجاتها من الأرجنتين بسبب مرض الحمى القلاعية الذي اجتاح شمال الأرجنتين في سنة 2001، حيث طعنت الأرجنتين في قرار وكالة خدمة التفتيش الصحي للحيوانات والنبات بحظر الواردات من لحوم البقر الطازجة من الأرجنتين وعدم الاعتراف ببعض المناطق في الأرجنتين الخالية من الحمى القلاعية، علاوة على التأخير غير المبرر في الاعتراف بالحالة الصحية الجيدة للحيوانات في المناطق الآمنة وفي منح الموافقة على تصدير الحيوانات ومشتقاتها من تلك المناطق. رغم افتقار قرار الحظر الشامل للدلائل العلمية وتناقضه مع بنود منظمة التجارة العالمية واتفاق التدابير الصحية والصحة النباتية، فقد استمر العمل به دون إجراء تقييم صحيح للمخاطر وبطريقة تمييزية أكثر تقييدا للتجارة من المطلوب للوفاء بمستوى الحماية الأمريكية. ردّت الولايات المتحدة بأنّ قرار الوكالة بالحظر يستند على معايير المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، وأنّ قرار الحظر الشامل من كل المناطق جاء نتيجة استخدام الأرجنتين للتطعيم في المناطق الآمنة والذي لا يرقى إلى مستوى الحماية المناسب. وعليه، أمر المدير العام لهيئة تسوية المنازعات بتشكيل فريق تحقيق خلص إلى أن تدابير الحظر الأمريكية لا تتفق مع الأحكام الواردة في اتفاق التدابير الصحية والصحة النباتية ولا مع التزاماتها ضمن منظمة التجارة العالمية.63

ب‌-                    التشريعات الأوروبية: سجلت أوروبا تأخرا نسبيا فيما يخص التشريعات المؤطّرة لعمليات إنتاج الأغذية التي قد تشكل خطرا على صحة المستهلكين وكذلك النبات والحيوان، خاصة المعدلة وراثيا باستخدام التكنولوجيا الحيوية، حيث صدر أول توجيهين عن المجلس والبرلمان الأوروبيين يحملان على التوالي رقم 90/219 و90/220 في 23 أفريل 1990، واللذان يحكمان إجراءات استخدام المنتجات المعدلة وراثيا.64يمتلك الاتحاد الأوربي القدرة على وضع معايير بيئية تكون ملزمة لأعضائه من الدول والمعروفة بالمواءمة أو تنسيق المعايير البيئية، والذي ينطوي على إنشاء سلطة فوق وطنية قادرة على وضع وتنفيذ المعايير البيئية المناسبة.65

رغم التراجع المسجل في استخدام تدابير حماية وسلامة الصحة والبيئة منذ أواخر الثمانينات مع إطلاق جولة أوروجواي ثم قيام منظمة التجارة العالمية التي فرضت قواعدها نظاما أكثر صرامة في استخدامها، إلا أن التوسع في استخدام التكنولوجيا الحيوية في دول عديدة وما قد تحمله من تهديد مباشر لصحة الإنسان والبيئة، قد رفع من المطالبات الشعبية بمقاطعة إنتاج المنتجات المعدلة وراثيا، ما حمل البرلمان الأوربي في سنة 2002 على المصادقة على إنشاء الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية بعد سلسلة من الأزمات الغذائية في أواخر التسعينات66.

تعتبر الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية وكالة أوروبية مستقلة تحصل على تمويلها من الاتحاد الأوروبي، تقوم بتقييم المخاطر والتواصل مع المخاطر المرتبطة بالأغذية التي يستهلكها الإنسان والحيوان والموجودة في مختلف الدول من اجل تحسين سلامة الأغذية في أوروبا وبناء ثقة الجمهور، وتوفير ملائمة متناسقة ودقيقة في الوقت المناسب بشان قضايا سلامة الأغذية والأعلاف، حيث يغطي نطاق التقييم الإنتاج الأولي للغذاء (الجوانب الزراعية والبيطرية) والعمليات الصناعية والتخزين والتوزيع والبيع بالتجزئة، ويقوم مجلس الهيئة المكون من 15 عضو بتقديم المشورة والمعلومات العلمية حول المخاطر المرتبطة بالسلسلة الغذائية إلى المفوضية الأوروبية وحكومات الدول الأعضاء والجمهور. تغطي صلاحيات الهيئة سلامة الأغذية والأعلاف، التغذية، صحة الحيوان ورفاهيته، حماية النبات وصحته، كما تقوم بوضع ودعم عملية إدارة المخاطر وإعداد السياسات الواجبة الإتباع فيما يخص الحفاظ على صحة الإنسان والحيوان في دول الاتحاد الأوروبي، وللهيئة الحق في اعتماد أو تعديل التشريعات الأوروبية في مجال سلامة الأغذية والأعلاف ومراقبة المواد كالمبيدات الحشرية والإضافات الغذائية، إضافة إلى مواضيع عديدة تصب في مجال حماية الإنسان والبيئة بجميع عناصرها.67

إضافة إلى الهيئة الأوربية لسلامة الأغذية، تتشارك سلطات أخرى في مسؤولية سلامة صحة الإنسان والحيوان والنبات، وهي:

4-                       المديرية العامة للصحة وحماية المستهلك الموكل إليها، تحت إشراف المفوضية الأوربية، مسؤولية تطوير السياسات، والقوانين والبرامج لتمكين المستهلكين، وحماية الصحة البشرية وتحسينها، وضمان سلامة الأغذية وصحتها، وحماية صحة الحيوانات والنباتات، وتعزيز المعاملة الإنسانية للحيوانات وتحسين صحة الإنسان.

5-                       المكتب الغذائي والبيطري، الذي يقوم، تحت إشراف المديرية العامة لصحة وحماية المستهلك، من خلال أعمال التقييم والتدقيق والتفتيش، بتعزيز نظام الرقابة الفعالة على سلامة الأغذية وجودتها في قطاعات الصحة البيطرية والنباتية، والتحقق من الامتثال إلى معايير الاتحاد الأوروبي داخله وفي الدول المصدرة إليه والتأكد من امتلاكها للآلية اللازمة لمراقبة التزام منتجي الأغذية بمعايير السلامة في الأماكن المعنية، المساعدة في تطوير سياسات الاتحاد الأوروبي لسلامة الأغذية، وإعلام أصحاب المصلحة بنتائج عمليات التقييم الخاصة بها.

6-                       اللجنة الدائمة المعنية بالسلسلة الغذائية وصحة الحيوان، والتي حلت محلها اللجنة الدائمة لصحة النباتات، الحيوانات، الأغذية والأعلاف، حيث أرست اللجنة الأساس لسياسات سلامة الأغذية الحالية في المفوضية الأوربية. تعد اللجنة الدائمة اللجنة التنظيمية الرئيسية المشاركة في تطوير معايير الصحة والصحة النباتية في الاتحاد الأوربي، وتغطي ولايتها كل السلسلة الغذائية بدءا من قضايا الصحة الحيوانية في المزرعة إلى المنتجات التي تصل مائدة المستهلك.68

إضافة إلى السلطات على مستوى الاتحاد الأوربي، فان لكل دولة عضو سلطاتها الخاصة المسئولة عن سلامة الأغذية وصحة الحيوان، النبات والبيئة.69

في حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الدول المتقدمة اتهاما في النزاعات التجارية المتعلقة بتطبيق معايير الصحة، كان الاتحاد الأوروبي العضو الأكثر شيوعا الذي أثيرت حوله المخاوف التجارية والإشعارات المضادة التي ارتفعت؛ حيث وصل عدد حالات رفض دخول المنتجات إلى الاتحاد الأوروبي بموجب النظام السريع للأغذية والأعلاف في سنة 2017 إلى 2341 حالة، لأسباب تتعلق بمخاطر على صحة الإنسان وأيضا الحيوان والبيئة.70تجدر الإشارة أن هذا النظام الذي تأسس في سنة 1979 والذي تعززت وظائفه بعد سن قانون الغذاء العام، يهدف إلى تزويد سلطات المراقبة بأداة فعالة لتبادل المعلومات حول التدابير المتخذة لضمان سلامة الأغذية، وتزداد سرعة التبادل كلما تم تحديد أي خطر على سلامة الغذاء أو العلف من أحد الأعضاء، حيث يتم اتخاذ الإجراء على حسب نوع الخطر، من إيقاف دفعة واحدة إلى وقف جميع شحنات منتج معين من المزرعة أو المصنع أو ميناء الدخول، استدعاء المنتجات من المستودعات والمحلات التجارية، واختبار دقيق لكل شحنة من مصدر مشبوه، ويمكن أن يصل الأمر بالمفوضية الأوروبية إلى إعلان حالة الطوارئ بتعليق تسويق أو استخدام الغذاء أو العلف إذا كان يشكل خطرًا جسيمًا على صحة الإنسان أو صحة الحيوان أو البيئة، سواء كان مصدره من داخل الاتحاد الأوروبي أو مستوردًا من بلد غير عضو في الاتحاد.71 يوضح الجدول التالي تطور عدد حالات رفض دخول المنتجات إلى أسواق الاتحاد الأوربي في الفترة 2006-2017، حيث يتضح العدد المرتفع من حالات رفض دخول منتجات أجنبية إلى أسواقها ما يكس المعايير البيئية الصارمة التي تفرضها دول الاتحاد.


جدول رقم :(02): عدد حالات رفض دخول المنتجات إلى أسواق الاتحاد الأوربي في الفترة 2006-2017.

2017

2016

2015

2014

2013

2012

2011

2010

2009

2008

2007

2006

السنة

2341

1580

1793

1938

1963

2618

2873

2586

2327

2120

2189

2197

إشعارات الرفض على الحدود

Source : The Rapid Alert System of Food and Feed RASFF, Annual Reports, 2011, 2017, P. 38.


لم تكتفي دول الاتحاد الأوربي بفرض معاييرها البيئية على السلع المستوردة، بل ركزت عليها وأدرجتها في اتفاقيات الشراكة مع الدول النامية في المتوسط ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط دون مراعاة فرق البنية التحتية والنمو بينها، بحجة دفعها لحماية البيئة والمحافظة عليها ورفع مستوى المعايير ومطابقتها على مستوى المنطقة، وتخفيف عدم التجانس بين أعضائها.

يعد الاتحاد الأوروبي أشد الدول والكيانات المتقدمة صرامة في فرض وتطبيق معايير الصحة والبيئة، ويعزى ذلك إلى عملية المواءمة المستمرة لأنظمة الصحة والسلامة داخل الجماعة، والتي أسفرت في الغالب عن اعتماد معايير أكثر صرامة وتشددا مقارنة بالمعايير الدولية.72 ويظهر الجدول التالي عدد تدابير الصحة والصحة النباتية في الاتحاد الأوروبي التي بدأ العمل بها وأصبحت نافذة في الفترة الممتدة منسنة 2006 إلى غاية سنة 2017:


جدول رقم (03): عدد معايير الصحة والصحة النباتية في الاتحاد الأوروبي في الفترة 2006-2017.

2017

2016

2015

2014

2013

2012

2011

2010

2009

2008

2007

2006

السنة

32

16

16

25

22

20

16

19

20

12

16

22

معايير الصحة والصحة النباتية

Source : http://i-tip.wto.org/goods/Forms/GraphView.aspx?period=y&scale=lg/12-03-2019.


نظرا لاعتبارات كثيرة، يعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فهو السوق الرئيسي المستوعب لأهم صادرات المنطقة وبالأخص المنتجات التي تمتلك فيها ميزات نسبية، والمتمثلة في الزراعات الغذائية والمنسوجات والملابس التي ارتفعت أهميتها ومكانتها الاقتصادية، بيد أن أغلب المنتجات المصدرة تخضع لنطاق المعايير الصحية والبيئية. وعلاوة على ذلك، فإنّهذه الدول، كباقي الدول النامية، لا تمتلك ميزة تنافسية واضحة في الأسواق العالمية لافتقادها البنية التحتية العلمية وأنشطة البحث والتطوير في الصناعات ذات التقنية العالية، كما تعاني من نقص فادح في القوة العاملة المرنة والرخيصة الضرورية للتنافس في الصناعات كثيفة العمالة. يضاف إلى العوائق السابقة ارتفاع أسعار الصرف، نتيجة المبالغة في تسعير عملاتها ما يضعف تنافسية منتجاتها وصناعاتها التحويلية، حيث يبقى المصدر الرئيسي لاكتساب ميزة تنافسية هو العامل الجغرافي المتمثل في قربها من الأسواق الكبيرة وبصفة رئيسية الاتحاد الأوروبي والذي بدوره يساعد في جذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا.73من أجل رفع أداء الشركات وتمكينها من الامتثال للمعايير البيئية والصحية، بذلت دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط جهودا كبيرة لإصلاح وتحديث البنية التحتية ورفع كفاءة البنية التنظيمية للقطاع الخاص.74

رغم ذلك، فقد عانت كثير من صادرات دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط من المعايير البيئية الأوروبية المتشددة أثرت بشدة على القدرات التنافسية لها في الأسواق الأوروبية؛ فمثلا اشترط الاتحاد الأوروبي في سياق المحافظة على الموارد الطبيعية غير المتجددة على الدول الراغبة في التصدير إلى أسواقه تطبيق أساليب إنتاج تستهلك مياهًا أقل، فاشترط على تونس الاقتصاد في استهلاك المياه النادرة نسبيا في سقي المزروعات، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف المنتجات الزراعية الموجهة للتصدير والتي انعكست في ارتفاع الأسعار وانخفاض التنافسية الخارجية وخاصة شعب زيت الزيتون والحمضيات والتمور، حيث يحتاج الحفاظ على المياه بشكل فعّال إلى تصميم تسعير مناسب ينطوي بالضرورة على زيادة كبيرة في أسعار هذه المادة الحيوية، إضافة إلى تعديل أساليب السقي وتحميل المزارعين عبء تكاليف الاستثمار في أنظمة سقي جديدة لتحقيق الفعالية في استهلاك المياه.75 يتمتع القطاع الفلاحي في تونس، بالرغم من شح الموارد المائية، بوضع اقتصادي خاص، حيث إنه القطاع الاقتصادي الرئيسي في الكثير من المناطق، قدرت مساهمته بنسبة 8,6% من الناتج المحلي الإجمالي واستطاع استقطاب 8,2% من الاستثمارات العامة، كما يوفر دخل دائم لـ: 46600 فلاح، وبلغت حصة الصادرات الفلاحية من الصادرات الإجمالية بـ 18,4% مع نهاية سنة 2013، كانت حصة زيت الزيتون فيها تقدر بـ: 23,9% متبوعة بالحمضيات والتمور بنسبة 20% على التوالي، الأمر الذي يجعل ترقية الصادرات محورا  مركزيا في إستراتيجيتها للنمو الاقتصادي المستدام76.

لم تتوقف المعايير البيئية الأوروبية عند مدخلات العملية الإنتاجية، بل امتدت إلى مخرجات العملية، فاشترط على المغرب خفض كمية المياه الناتج من صناعات الغزل والنسيج وذلك في إطار جهود الاتحاد الأوروبي لوقف هدر الموارد المائية، حيث يشترط أن تكون نسبة الأكسجين الحيوي الممتص (BOD) في المخلفات الصناعية السائلة المباشرة جد منخفض، نظرا للمخاطر التي يسببها ارتفاع نسبته على البيئة. يعتبر مؤشر الأكسجين الحيوي الممتص من أكثر مؤشرات التلوث العضوية استخداما في مجال الصرف الصناعي، فهو ينشئ من المواد العضوية الرغوية والذائبة، وبما أن البكتيريا تحتاج إلى الأكسجين لتقوم بأكسدة المواد العضوية، فان ارتفاع نسبة الأكسجين الحيوي الممتص الناتج عن ارتفاع المخلفات العضوية يشجع زيادة النشاط البكتيري. ولتلبية معايير الاتحاد الأوروبي، فإن العملية تتطلب زيادة قدرات وحدات المعالجة البيولوجية وتعديل أساليب الإنتاج، وهو ما تعجز عن توفيره المغرب على المدى القصير والمتوسط. تجدر الإشارة إلى أن لمؤسسات صناعة الغزل والنسيج أهمية كبيرة في النسيج الصناعي المغربي وتساهم بقوة في صادرات المغرب إلى الاتحاد الأوروبي.77


ويقدر الشكل التالي التغيرات في الإنتاج والصادرات في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط بعد فرض الاتحاد الأوروبي لمعايير بيئية، يتضح تأثيرات تلك المعايير على الإنتاج في تونس والمغرب كعينة عن دول المنطقة فيما غابت الجزائر عن التقديرات كنتيجة لغياب إحصائيات رسمية عن تغير الصادرات والإنتاج بعد فرض المعايير البيئية إضافة إلى ضعف صادرات الجزائر خارج المحروقات.


جدول رقم (04): انعكاسات المعايير البيئية الأوروبية على الإنتاج والصادرات في بعض دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

الانخفاض في الصادرات (%)

الانخفاض في الإنتاج (%)

المنتج

الدول

من 3 إلى 4,9

من 2,2 إلى 2,6

الحمضيات

تونس

من 14 إلى 26

من 9 إلى 12

التمور

من 0,095 إلى 0,4

من 0,08 إلى 0,33

المنسوجات

المغرب

Source :  Bruce A.Larson & Others, The Impact of Environmental Regulations on Exports : Case Study resulted from Cyprus, Jordan, Morocco, Syria, Tunisia, and Turkey, World Development, Volume 30, N°6, 2002, P.1070.


ثالثا: أثر تطبيق المعايير البيئية على التجارة الخارجية للدول النامية


اتخذت توجهات الدول المتقدمة أنماطا وصورا تدعوا إلى مزيد من التخوف والريبة من جانب الدول النامية، فالدول المتقدمة في توجهاتها لم تكتف بتطبيق معايير منظمة التجارة العالمية التي تضمن تدابير تجارية بيئية عادلة نسبيا تضمن لكافة الدول درء أي مخاطر محتملة على الإنسان والحيوان والنبات، وإنما قامت بفرض معاييرها الوطنية الأكثر تشددا وتمييزا على غيرها من الدول، من خلال إلزامها بتعديل لوائحها لتحقيق الانسجام معها، وتوسيع مجال تطبيق المعايير على المنتجات إلى ظروف الإنتاج وطرقه والإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكمه، بغض النظر عن ما قد ينطوي عليه من قيود تتعارض مع مبدأ تحرير التجارة الذي دافعت عنه لعقود. علاوة على ذلك، مثلت قضية التسعير البيئي وإدخال التكاليف البيئية المباشرة وغير المباشرة كتكاليف الموارد الطبيعية والآثار غير المباشرة للتلوث مصدر تخوف الدول النامية، نظرا لما يترتب عليه من ارتفاع أسعار منتجاتها وتراجع تنافسيتها وهدر ميزاتها النسبية، الأمر الذي أدى إلى تراجع الطلب الخارجي وتقلص حصتها من أسواق التصدير وتقلب تجارتها الخارجية، وتراجع إنتاج كثير من المنتجات، والتوجه نحو الاستيراد. ويعطي الشكل التالي مقارنة بين استخدام تدابير الصحة والصحة النباتية في الدول المتقدمة (ذات الدخل المرتفع) وباقي الدول النامية:


شكل رقم (02): استخدام تدابير الصحة والصحة النباتية في العالم.

 

 

 

 

 

 

 

Source: United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD, Non-Tariff Measures to Trade : Economic and Policy Issues for Developing Countries, Developing Countries in International Trade Studies,  United Nations, New York and Geneva, 2013, P. 6.


1-                     تحديد النموذج: لاختبار مدى استخدام الدول المتقدمة للمعايير البيئية في تجارتها الخارجية، سيتم الاستعانة بنموذج الجاذبية (Gravity Model).78يعتبر هذا النموذج أكثر النماذج قبولا في تفسير تدفقات التجارة بين أي دولتين والتطبيقات العديدة التي يتيحها والمتمثلة في تفسير أنماط التجارة البينية ومعالجة موضوع التجارة مقابل تحويل التجارة وتحديد تكلفة التجارة عند الحدود (أثر الحدود على نمو التجارة) وتقدير التجارة المحتملة.79بالنسبة للعينة المختارة عن الدول المتقدمة فقد تم اختيار الاتحاد الأوروبي نظرا لكونه مؤثرا هاما في التجارة الدولية والشريك التجاري الهام للدول النامية من إفريقيا والشرق الأوسط. في شكله الأساسي، يفترض نموذج الجاذبية أن تدفق التجارة (صادرات أو واردات) بين دولتين إضافة إلى الحد الثابت، تكون في علاقة طردية مع الحجم الاقتصادي للدولتين، في حين تظل المسافة بينها تمارس أثرا سلبيًا على تدفق التجارة لأنها تعكس تكاليف النقل.

 

حيث Fij : هي  تدفق التجارة البينية من الدولة i إلى الدولة j، أو من الدولة j  إلى الدولة i.

c: الحد الثابت.

MiMj: الحجم الاقتصادي للدولتين والذي يقاس بالناتج المحلي لهما.

Dij : المسافة الفاصلة بين الدولتين80.

وللتكيف مع متطلبات الدراسة، فسيتم إدخال تعديلات على نموذج الجاذبية، من خلال استخدام إشعارات رفض دخول المنتجات على الحدود الواردة في الجدول رقم (02) كأحد المؤشرات الدالة على تطور التجارة البينية (متغير مستقل)، فيما يتم استخدام عدد معايير الصحة والصحة النباتية الواردة في الجدول رقم (03) كعامل مفسر (متغير تابع) لحالات رفض دخول المنتجات، أما الفترة الزمنية فستكون من سنة 2006 إلى سنة 2017.

 

حيث Re: حالة رفض دخول المنتجات إلى أسواق الاتحاد الأوروبي بسبب أخطار على سلامة وصحة الإنسان والحيوان والنبات.

c : الحد الثابت.

Se : معايير الصحة والصحة النباتية المطبقة في الاتحاد الأوروبي.

   وسيتم اللجوء إلى تحويل المعادلة إلى الشكل الخطي لأغراض التحليل من خلال توظيف اللوغاريتم الطبيعي In، حيث تصبح المعادلة على الشكل التالي:

 

2-                     تقدير وتحليل النموذج: باستخدام بيانات العينة في الجدولين رقم (02) و(03)، وباستخدام طريقة المربعات الصغرى العادية لتقدير المعادلة رقم (2)، فقد أعطت النتائج التالية:


جدول رقم (06): النتائج التقديرية لحالات رفض دخول المنتجات إلى أسواق الاتحاد الأوروبي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: من إعداد الباحثين اعتمادا على مخرجات برنامج 8EViews


3-                     تحليل النتائج: اعتمادا على نتائج الجدول أعلاه، يتضح أن:

-معلمة معامل المتغير المستقل والمتمثل في معايير الصحة والصحة النباتية غير معنوية إحصائيا.

-معامل التحديد وإحصائيةF(F-statistic) يشيران إلى القدرة التفسيرية الضعيفة لتأثير معايير الصحة والصحة النباتية على قرار الاتحاد الأوروبي برفض دخول المنتجات إلى أسواقه.

وعليه، يمكن الخروج بنتيجة مفادها أن الارتفاع الحاصل في عدد حالات رفض دخول المنتجات إلى أسواق الاتحاد الأوروبي نتيجة مخاطر على صحة وسلامة الإنسان والحيوان والبيئة لا يرجع إلى تطبيق معايير الصحة والصحة النباتية المعترف بها من منظمة التجارة العالمية وهيئة فض النزاعات التابعة لها، وإنما إلى اعتماد الاتحاد الأوروبي معايير بيئية أخرى أكثر تشددا وأشدّ تمييزا اتجاه المنتجات المستوردة المنافسة، خاصة من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط النامية.

ومع إفراط الدول المتقدمة في استخدام المعايير البيئية في تعاملها التجاري مع الدول النامية، سيصعب على الدول النامية تحمل تكاليف تعديل طرق وأساليب الإنتاج خلال مدة قصيرة بما يتوافق مع المعايير البيئية في الدول المتقدمة للاستمرار في التصدير، ويفتح المجال للمنتجين في الدول المتقدمة للاستحواذ على نصيب هام من الحصة السوقية للدول النامية.

يعد تراجع الحصة السوقية وتدهور القدرة التنافسية بعد فرض المعايير البيئية أحد الأسباب المباشرة في الأزمات المالية، حيث أن تدهور شروط التبادل التجاري نتيجة فرض معايير بيئية متشدد وتمييزية يضع المورّدين في الدول النامية في حالة ارتباك قد تصعب عليهم الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية.81وبدوره،يؤثر هذا الارتباك على البنوك الدائنة لهم التي قد تتدهور ملاءتها المالية وترتفع خسائرها نتيجة ارتفاع القروض المشكوك في تحصيلها.82 يمكن لعجز الموردين في الدول النامية عن الامتثال للمعايير والتدابير البيئية المحلية والأجنبية في المدى القصير أن يتسبب بالتوقف عن التصدير ومن ثم العجز عن الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية اتجاه العملاء الأجانب، والتوقف عن سداد قروض البنوك المحلية والأجنبية (في حالة الاقتراض الخارجي)، والتسبب باختلال حاد في الموازين التجارية، ما يضع البنوك أمام تهديد التعرض لأزمة مصرفية.

في ظل التركز الجغرافي والسلَعي للصادرات ومحدودية البدائل أمام الدول النامية، يدفع الانكماش المستمر في الصادرات وحالة عدم اليقين بشأن قدرة المنتجين والموردين في الدول النامية على تغيير طرق الإنتاج والتغليف إلى أخرى متوافقة بيئيا لاستعادة القدرة التصديرية والحصة السوقية، إلى تراجع حاد في الموارد المالية الضرورية لاستيراد السلع الضرورية والإنفاق البيئي، ما يجبرها على الاستدانة من الداخل والخارج بشروط مشددة بأسعار فائدة وعلاوة مخاطرة مرتفعة، قد ينتج عنها سحب من عوائدها الجارية وتخفيض وارداتها الرأسمالية ونقص في السيولة، ينتج عنها التوقف عن سداد الديون الخارجية وظهور أزمة مديونية.83إنّ اجتماع هذه الأزمات عادة ما يعطي إشارة قوية للمضاربين لإطلاق حملة مضاربات على العملة المحلية وما ينتج عنها من انهيار العملة المحلية، وتراجع حاد في تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات تنتهي بأزمة مالية.84

خاتمة

أثار تضمين المعايير البيئية بمواضيعها المتشعبة في التجارة الدولية جدلا واسعا بين الدول النامية ونظيرتها المتقدمة، ذلك أن تطبيق هذه المعايير قد تجاوز أهدافها وغاياتها والمتمثل في حماية صحة وسلامة الإنسان والحيوان والبيئة، أي البيئة بمفهومها العام، علاوة على نطاقها الجغرافي والمتمثل في حدود الدول الموقعة على الاتفاقيات المعنية بالبيئة، لتصبح أحد الأدوات التجارية غير التعريفية شائعة الاستخدام في التجارة الدولية تعدى حدود تطبيقها إلى دول أخرى غير موقعة أغلبها دول نامية التي ألزمت بتكييف أوضاعها الاقتصادية ومواءمة قوانينها ومعاييرها لتحقيق الامتثال لمعايير وتدابير الدول المتقدمة البيئية الصارمة وشديدة التمييز مقارنة مع تدابير منظمة التجارة العالمية ومعايير المنظمات الدولية المتخصصة، يجنبها التعرض لتبعات عدم الامتثال.

مع قيام منظمة التجارة العالمية، حظيت المعايير البيئية بالاعتراف الدولي بمشروعيتها وشجعت الدول على الأخذ بها وبغيرها عند بناء سياساتها التجارية، وأصبحت الميزات النسبية التي لطالما اشتهرت بها الدول النامية والتي اعتمدت عليها أغلب القطاعات الاقتصادية في بناء القدرات التنافسية لصادراتها مهددة بفقدان تأثيرها بعد تآكلها، فالمواءمة مع المعايير البيئية المتجددة للدول المتقدمة، التي تشددت في وضعها وتطبيقها بطريقة تمييزية بعد تراجع دور التعريفات والدعم المباشر، كشرط للسماح لصادرات الدول النامية للولوج إلى أسواقها، يفرض مجموعة من التكاليف الصريحة والغارقة يتحمل عبئها المنتجون في الدول النامية، ما يؤدي إلى ضعف تنافسية منتجاتهم وفقدان حصتهم السوقية لفائدة منافسين محليين في الدول المتقدمة امتلكوا التكنولوجيا والمعرفة الفنية وحظوا بالدعم الضمني والحماية الحكومية، وما يترتب على ذلك من اختلال الموازين التجارية في الدول النامية وتزايد احتمال التعرض لأحد أو بعض الأزمات المالية.  

وعليه، يتعين على الدول النامية بما فيها الجزائر التي تسعى إلى تنويع صادراتها والخروج من التبعية لقطاع المحروقات بذل مجهودات للتوافق مع المعايير البيئية الدولية من خلال:

1-                       تطوير التشريعات البيئية وتفعيلها مع تحديثها بما يتوافق مع التطورات في مجال حماية البيئة بمفهومها الواسع.

2-                      تنمية الوعي البيئي لدى المؤسسات الإنتاجية وتشجيعها على تبني سياسات خضراء وتحسين أدائها البيئي من خلال تطبيق طرق إنتاج تراعي حماية البيئة وتحترم المعايير البيئية المعمول بها دوليا مع فرض تدابير في شكل حصص وغرامات مالية وتوقيف النشاط مؤقتا أو نهائيا لإجبار المؤسسات على الامتثال للمعايير البيئية عملا بمبدأ الوقاية.

تعزيز التعاون والمشاركة في المنظمات الدولية المتخصصة في الشؤون البيئية والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بما يسهم في الحصول على مساعدات تقنية تساعد على تكييف الأوضاع الاقتصادية مع المتطلبات الدولية في المجال البيئي، وتخفف من حدة مشكلة الافتقار للمصادر العلمية والتقنية والقانونية من معارف متخصصة في القانون الدولي اللازمة لتنظيم أو الدفاع في حالة نشوب نزاع مع دول أخرى، وتسهم في بناء نظام اقتصادي بيئي فعال  ومؤسسات رقابة فعالة تساعد على ضمان سلامة المنتجات والأغذية وتعمل على توفير معلومات مفيدة للشركات المصدرة عن الأسواق

1. . عبير رضوان "الأبعاد الاجتماعية- البيئية في السياسات التجارية الدولية، دراسة حالة منظمة التجارة العالمية (1995ـ2000)" رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، جامعة القاهرة، 2002، ص. 189.

2.. احمد محمود الجمل"حماية البيئة البحرية من التلوث في ضوء التشريعات الوطنية والاتفاقات الإقليمية والمعاهدات الدولية" منشاة المعارف بالإسكندرية، مصر، 1998، ص. 2، 3.

3. . عبير رضوان، مرجع سابق، ص. 190.

4. .www.wto.org/ 20-02-2019.

5. .World Trade Organization, <<WTO Agreements and Public Health : A Join Study by the WTO and the WTO Secretariat>>, World Trade Organization / World Health Organization, 2002,P. 85.

6..Marius Brulhart & Alan Matthews, <<EU External Trade Policy>>, The European Union: Economics & Policies, 8th Edition, Cambridge University Press, 2007, PP. 959-961.

7. .Linda Calvin & Barry Krissoff, <<Technical Barriers to Trade: A Case Study of Phytosanitary Barriersand U.S.-Japanese Apple Trade>>, Western Agricultural Economics association, Journal of Agricultural and Resource Economics, 1998, PP. 351-352.

8.. Patricia Augier & Others, <<Non-tariff Measures in the MNA Region: Improving Governance for Competitiveness>>, The World Bank, Middle East and North Africa, Working Paper Series N°56, August 2012, PP. 5-6.

9. . رحمان آمال ومحمد التهامي طواهر"تأثير النفط على البيئة خلال مرحلة النقل -حالة الجزائر-" مجلة الباحث،جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، العدد 12، 2013، ص. 23.

10.                                          . United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD, <<Non-Tariff Measures to Trade: Economic and Policy Issues for Developing Countries>>, Developing Countries in International Trade Studies, United Nations, New York and Genevia, 2013, P. 55.

11.                      . انتقلت الدول المتقدمة من تطبيق المعايير البيئية من تجارة السلع إلى تجارة الخدمات من خلال تطبيق تلك المعايير على خدمات النقل البري والبحري والجوي إضافة إلى حقوق الملكية الفكرية، كما تشمل السلعة أو الخدمة من المراحل الأولى لإنتاجها إلى غاية نهاية دورة حياتها باستهلاكها.

12.                                          . United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD, OP. Cit., P. 45,46.

13.                                           .Prema-Chandra Athukorala & Sisira Jayasuriya, <<Food Safety Issues, Trade and WTO Rules: A Developing Country Perspective, International Food Safety Regulation and Processed Food Exports from Developing Countries: A comparative Study of India and Thailand>>, Blackwell Publishing Ltd, 2003, PP. 1395-1410.

14.                                           . John S.Wilson & Others, <<Dirty Exports and Environmental Regulation: Do Standards Matter to Trade?>>, The world Bank, Policy Research Working Paper 2806, March 2002, P. 2.

15.                      . ياسين مكيو"تعثر مفاوضات التجارة العالمية وانعكاساتها على تطور المبادلات التجارية الدولية في القطاع الزراعي ـ دراسة حالة بعض البلدان الناشئة (الهند والبرازيل)" مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الدكتوراه الطور الثالث في العلوم التجارية، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2016، ص ص. 91-ـ93.

16.                     . منى مشايخي وآخرون" التطورات والقضايا في برنامج عمل الدوحة التي تهم الدول العربية بوجه خاص في سياق الأهداف الإنمائية للألفية" مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف 2006، ص. 44.

17.                      . مصطفى سلامة "منظمة التجارة العالمية: النظام الدولي للتجارة الدولية" دار الجامعة الجديدة، الطبعة الثانية، 2008، مصر، ص186.

18.                     .Haiying Song & Kevin Chen, <<Trade Effects and Compliance Costs of Food Safety Regulations : The case of China, Agriculture and Agricultue Science Procedial>>, Elsevier B.V, 010, P. 429.

19.                      . إدارة الأزمات والكوارث البيئة في ظل المتغيرات والتحديات العالمية المعاصرة، المؤتمر السنوي العاشر، كلية التجارة، جامعة عين شمس، مصر، 2005، ص. 979.

20.                                         . http://spsims.wto.org/ 20-02-2019.

21.                                          .Prema-Chandra Athukorala & Sisira Jayasuriya, OP. Cit., PP. 1411-1412.

22.                                        .T.Ademola Oyejide& Others, <<Quantifying the Trade Impact of Sanitary and Phytosanitary Standards: What is Known and Issues of Importance for Sub-Saharan Africa, Workshop on Quantifyingthe Trade Effects of Standards and Regulatory Barriers : Is It Possible?>>, World Bank, Washington, April 2000, P. 3,4.

23.                     . محمد صفوت قابل"منظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة الدولية" الدار الجامعية، مصر، 2009، ص. 130.

24.                                         . https://www.wto.org/english/docs_e/legal_e/15sps_01_e.htm/ 20-02-2019.

25.                     . مصطفى سلامة، مرجع سابق، ص. 188.

26.                                         . United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD, OP. Cit., P. 56,57.

27.                                         . John S.Wilson & Others, OP. Cit., PP. 22-24.

28.                                         .Hchaichi Rafla, <<The Impact of Environmental Regulations on Competitiveness: An Empirical Multi-Country Analysis>>, International Journal of Business and Social Science, VOL5, N°4, March 20147, P. 126.

29.                                         . Jong Woo Kang & Dorothea M.Ramizo,<<Impact of Sanitary and Phytosanitary Measures and Technical Barriers on International Trade>>, Asian Development Bank, July 2017, P. 5,6.

30.                                          . United Nations Conference on Trade and Development UNCTAD, OP. Cit., PP. 46-48.

31.                                           . Patricia Augier & Others, OP. Cit., P. 6.

32.                     . عبير رضوان، مرجع سابق، ص. 191.

33.                     . عبير علي"حماية البيئة في ظل العولمة" مجلة مصر المعاصرة، مصر، جانفي 2007، ص. 227.

34.                                          .Tika Bahadur Karki, <<Sanitary and Phytosanitary (SPS) Measures in SAARC Countries, South Asia Watch on Trade, Economics and Environment SAWTEE & CUTS Centre for International  Trade>>, Economics & Environment CUTS-CITEE, 2002, P. 2,3.

35.                                          . World Trade Organization, OP. Cit., P. 86.

36.                     . عبير رضوان، مرجع سابق، ص. 225.

37.                     . هشام بنداري"حماية البيئة في اتفاقات منظمة التجارة العالمية" رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية، جامعة القاهرة، مصر، 2005، ص. 112.

38.                     . المرجع نفسه، ص. 112.

39.                     . اسامة ابراهيم"الأبعاد الاقتصادية والبيئية لاتفاقية الجات وأثرها على التنمية التكنولوجية في البيئة المصرية" رسالة مقدمة لنيل ماجستير غي العلوم الاقتصادية، جامعة عين شمس، مصر، 2005، ص. 41.

40.                                         . https://www.iso.org/fr/about-us.html/ 31-01-2019.

41.                      . شتوح وليد"الوفورات الاقتصادية المحققة من توطين نظام الإدارة البيئية الإيزو 14000 في مؤسسة فرتيال عنابة (الجزائر)" المجلة العلمية الأكاديمية العربية في الدانمرك، العدد 16، يناير 2015، ص ص. 86-ـ95.

42.                                         . United Nations Conference on Trade and Development, <<UNCTAD, World Investment Report 2010, Investing in Low-Carbon Economy>>, United Nations, New York and Geneva, 2010, P. 120,127,128,180.

43.                                          . Spencer Henson & Rupert Loader, <<Barriers to Exports from Developing Countries: The Role of Sanitary and Phytosanitary Requirements>>, Elsevier S.V, World Development, Vol 29, N°85, 2001, P. 91.

44.                     . عبد الرحمان يسري احمد"قضايا اقتصادية معاصرة" الدار الجامعية، مصر، 2000، صص. 129-130.

45.                                          International Plant Protection Convention, <<Protecting the World’s Plant resources from Pests: An International Framework for Cooperation>>, Food and Agriculture Organization of the United Nations FAO, 2003, PP. 5-10.

46.                                          . Ibid, PP. 5-10.

47.                                          . https://www.ippc.int/static/media/files/publication/ar/2017/07/ISPM_List_Ar_2017-04-26.pdf/02-02-2019.

48.                                          . Tika Bahadur Karki, OP. Cit., PP. 19-20.

49.                     . عبير علي، مرجع سابق، ص. 228.

50.                     . المرجع نفسه، ص. 228.

51.                                           . http://www.oie.int/en/about-us/10-02-2019.

52.                                         . World Organization for Animal Health, <<Annual Report 2018: Healthy Animals for a Better Life>>, 2019, P. 6, 34.

53.                                          . Organization de Coopération et de Dévelopement Economique OECD, <<Les Mésures Commerciales dans les Accords Multilateraux sur l’Environment>>, OCDE, Paris, 1999, P. 189.

54.                                          . Steven Jaffee & Others, << The safe Food Imperative: Accelerating Progress in Low- and Middle- Income Countries, Agriculture and Food Series>>, World Bank Group, 2018, PP. 5-43.

55.                                          . Food and Agriculture Organization of the United Nations & World Health Organization, <<Assuring Food Safety and Quality: Guidelines for Strengthening National Food Control Systems>>, Food and Agriculture Organization of the United Nations FAO, Food and Nutrition Paper 73, 2003, PP. 6-9.

56.                                          . Steven Jaffee & Others, OP. Cit., P. 6.

57.                                          . Office of Technology Assessment OTA, <<Agriculture, Trade, and Environment: Achieving Complementary Policies>>, Congress of the United States, May 1995, PP. 125-127.

58.                     . وليد عبد مولاه" نماذج الجاذبية لتفسير تدفقات التجارة"سلسة جسر التنمية، المعهد العربي للتخطيط بالكويت، العدد 27، نوفمبر 2010، ص ص. 2-ـ6.

59.                                          . Office of Technology Assessment OTA, OP. Cit., PP. 71-103.

60.                     . وليد عبد مولاه، مرجع سابق، ص ص. 2-ـ6.

61.                                          . Office of Technology Assessment OTA, OP. Cit., P. 89,90.

62.                                         . World Trade Organization, OP, P. 60,62.

63.                                          . https://www.wto.org/english/tratop_e/dispu_e/cases_e/ds447_e.htm/02-02-2019.

64.                                          . Genevière Dufour, << Les OGM et l’OMC : Analyse des Accords SPS, OTC, et du GATT>>, Edition BRUYANT, Belgique, 2011, P. 48.

65.                                          . Jonathan M. Harris, << Trade and Environment>>, Global Development and Environment Institute, Tuffs University, 2004, P. 13.

66.                                         . Genevière Dufour, OP. Cit., P.48.

67.                                          . World Trade Organization WTO, <<Trade Policy Review 317>>, 18 May 2015, P. 56.

68.                                         . Ibid., P. 56.

69.                                          . Ibid., P. 56.

70.                                          . Dina Atef Mandour, <<Investigating the Impact of Health and Environmental Standards on Exports: the Case of Egyptian Agro-Food Exports to the EU>>, Economic Research Forum, Working Paper N°0707, October 2007, P. 2,3.

71.                                           . Vicky Lee, <<Food Safety Mechanism and Food Labelling Requirements in the European Union, the United Kingdom and France>>, Research and Library Services Division,Legislative Council Secretariat , Research Paper 08/07, June 2008, PP. 3-14.

72.                                         . Dina Atef Mandour, OP. Cit., P. 2,3.

73.                                          . Patricia Augier & Others, OP. Cit., P. 4,5.

74.                                          . Ibid, P. 4,5.

75.                                          . Mohamed Ayadi & Mohamed Salah Matoussi, <<The Impact of Higher Water Costs on the Imports of Tunisian Dates and Citrus, Economic research Forum>>, Economic Research Forum, Working Paper N°0718, December 2007, PP. 2-4.

76.                     . الإدارة العامة للدراسات والتنمية الفلاحية، الكتاب السنوي للإحصاءات الفلاحية 2014، وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تونس، نوفمبر 2015، ص. 25، 30، 149.

77.                                          . Bruce A.Larson, <<Trade and Environment and International Competitiveness in the Mediterranean Region : Selected Case Studies, Mediterranean Environmental Technical Assistance Program ( METAP)>>, Harvard Institute for International Development, 30 January 2002, P. 8.

78.                     . استخدم نموذج الجاذبية لأول مرة في ستينات القرن الماضي من طرف Tinbergen & Poyhonen اللذان أشارا إلى أن التجارة بين دولتين تتناسب مع الحجم الاقتصادي لأي دولة، فيما تتناسب عكسيا مع المسافة الجغرافية بينهما. وبعد النجاح الذي حققه النموذج في تفسير قيام وتوسع التجارة الدولية، خضع النموذج الأولي إلى تحسينات وتطويرات وتفرعت عنه نماذج للتكيف مع التطورات والظروف والعوامل الجديدة التي ظهرت.    

79.                     . علاوي محمد لحسن" تحليل تدفقات التجارة العربية البينية باستخدام نموذج جاذبية –Gravity Model " مجلة الباحث، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، العدد 10، 2012، ص. 13.

80.                                         .Haiying Song & Kevin Chen, OP. Cit., P. 432.

81.                     . احمد يوسف الشحات" الأزمات المالية في الأسواق الناشئة مع إشارة خاصة لازمة جنوب شرق آسيا" دار النيل للطباعة والنشر، مصر، 2001، ص. 20.

82.                                         .E.Philip Davis, <<Asset Prices and Real Economic Activity>>, OECD Economics department Working papers N°764, OECD Publishing, 2010, P. 6.

83.                     . ابراهيم عبد العزيز النجار "الأزمة المالية وإصلاح النظام المالي العالمي" الدار الجامعية، مصر، 2009، ص. 24.

84.                     . نادية العقون "أزمة الرهن العقاري: عدواها وآليات انتقالها" مجلة بحوث اقتصادية عربية، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، العددان 53-54، شتاء-ربيع 2011، ص. 91.

 

@pour_citer_ce_document

نبيل بن موسى / عبد الرزاق بن الزاوي, «انعكاسات المعايير البيئية على التجارة الخارجية للدول النامية»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 178-198,
Date Publication Sur Papier : 2020-04-22,
Date Pulication Electronique : 2020-04-22,
mis a jour le : 22/04/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=6816.