الجدل الأصولي من خلال كتاب الجدل لابن سرور الحنبليAljadal al osouli through the book of Aljadal for IBN surur al hanbaliAljadal al osouli à travers le livre d’Aljadal pour IBN surur al hanbali
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


N°02 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 21-2024

الجدل الأصولي من خلال كتاب الجدل لابن سرور الحنبلي
Aljadal al osouli à travers le livre d’Aljadal pour IBN surur al hanbali
Aljadal al osouli through the book of Aljadal for IBN surur al hanbali
227-244
تاريخ الاستلام 2023-06-17 تاريخ القبول 09-10-2024

بوبكر العربي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie
تناقش هذه الورقة مفهوم «الجدل الأصولي» وأثره في ترتيب بنية علم أصول الفقه مادة ومنهجا كونه «علم أصول فقه خاص»، مع بيان  علاقة المنطق بالجدل، وعلاقتهما معا بالمنهج العلمي، وبيان الأسس التي بني عليها الجدل الأصولي تأليفا ومناظرة، مع بيان خصائص الجدل الإسلامي مخصوصا في أصول وتميزه عن الجدل اليوناني في القصدية، وآليات إنتاج المعرفة، ثم حجتها ومدى وجوب الأخذ بها.
وقد حاولت أن استجلى مسائل الجدل الأصولي من خلال دراسة «كتاب الجدل» للإمام علي بن السرور الحنبلي، وتوضيح هندسته العامة والخاصة في هذا الكتاب الذي جاء في سياق الجدل الأصولي مراعيا الخصوصية الحنبلية.
 
الكلمات المفتاحية: أصول الفقه,الجدل الأصولي,المنطق
Cet article discute du concept d’ « Aljadal al usouli » et de son impact sur l »organisation de la structure de la science des « principes fondamentaux de la jurisprudence » en tant que sujet et méthode, car il s »agit d’une « science spéciale des principes fondamentaux de la jurisprudence », avec une clarification de la rapport de la logique à la controverse, et leur relation avec la méthode scientifique, et une explication des fondements sur lesquels le débat fondamentaliste s’est construit dans sa composition et son débat, avec un énoncé des caractéristiques du débat islamique en particulier. Dans ses origines et sa distinction avec le débat grec sur l’intentionnalité, les mécanismes de production de connaissance, puis son argumentation et la mesure dans laquelle il faut l’adopter.      
 
Mots clés: Usoul Al fiqh,Aljadal usouli,logique
This paper discusses the concept of “ Aljadal al usouli “ and its impact on arranging the structure of the science of “fundamentals of jurisprudence” as a subject and method, as it is a “special science of fundamentals of jurisprudence,” with a clarification of the relationship of logic to controversy, and their relationship together with the scientific method, and an explanation of the foundations upon which fundamentalist debate was built in composition and debate, with a statement of the characteristics of Islamic debate in particular. In the origins and its distinction from the Greek debate regarding intentionality, the mechanisms of knowledge production, then its argument and the extent to which it is necessary to adopt it..
I have tried to clarify the issues of the “ Aljadal al usouli “ by studying “The Book of Controversy” by Imam Ali bin Surur al-Hanbali, and to clarify its general and specific architecture in this book, which came within the context of the fundamentalist debate, taking into account the Hanbali specificity.
 
Keywords:usoul Al fiqh,Alhadal usouli,logic

Quelques mots à propos de :  بوبكر العربي

Boubekeur Larbi    إشراف: أ.د ماحي قندورا  جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان، الجزائر  radokano1@gmail.com
تعريف الجدل الأصولي
لغة
«مادة جدل في اللغة تدل على مراجعة الكلام وذكر الحجج وشدة في تقريرها، قال ابن فارس: (جدل) الجيم والدال واللام أصل واحد، وهو من باب استحكام الشيء في استرسال يكون فيه، وامتداد الخصومة ومراجعة الكلام (العثمان، 2011).
وقال الطوفي: «أما اشتقاق الجدل فيتجه من أصول بناء على ما عرف في علم الاشتقاق أنه متى اتفق اللفظان في المعنى والحروف الأصول جاز الاشتقاق على ما حققناه غير هاهنا، فيمكن اشتقاق الجدل من الجَدْل بسكون الدال وهو الشد والإحكام، يقال: جدلت الحبل أجدِله جدلا، كتصريف فتلته أفتله فتلا شديدا محكما، ومنه جارية مجدولة الخلق أي محكومة البنية والأجدل الصقر لاشتداد خلقته وقوته في نفسه، ولاشك أن في الجدل معنى الشد والإحكام لأن كلا من الخصمين يشتد على خصمه ويضايقه بالحجة والتي اجتهد في إحكامها.
وقد ذكَّر الدكتور حمو النقاري بالمعاني الخاصة في كتابه منوها بضرورة الربط بين المعنى الاصطلاحي واصوله اللغوية، يقولك: تبقى دلالتها أو دلالاتها الاصطلاحية مهما كانت درجتها التجريدية التي رفعت إليها، تبقى مشدودة إلى دلالتها اللغوية الأصيلة بجامع أو رابط (النقاري، 2010).
ويمكن اشتقاقه من الجَدالة –بفتح الجيم- وهي الأرض، كأن كل واحد من المتجادلين يقصد غلبة صاحبه وصرعه في مقام النطق، كما يجدّل الفارس قرينه أي يرميه بالجدالة، يقال: طعنه فجدله وانجدل هو إذا سقط.
ويمكن اشتقاقه من الجِدال –بفتح الجيم- من غير هاء وهو البلح إذا اخضر واستدار قبل اشتداده بلغة أهل نجد، كأن كل واحد من المتجادلين يقصد الاستعلاء والارتفاع على صاحبه في الحجة حتى يكون منه كموضع الجدال وهو البلح والنخلة.
ويمكن اشتقاقه من المِجْدَل، وهو القصر وجمع مجادل، لأن كل واحد من المتجادلين يتحصن من صاحبه بالحجة تحصن صاحب القصر به.
ويمكن اشتقاقه من الجَدْوَل وهو النهر الصغير لتفتّل الماء فيه، فكأن كل واحد منهما يقصد فتل صاحبه عن رأيه فَتْلَ الماء في النهر (الطوفي، 2017).
ويمكن اشتقاقه من الأجدل وهو الصقر، كأن كل واحد منهما يسطو بالحجة على صاحبه سطوة الأجدل على الطيور ويشتد عليه اشتداده عليها.
وكأن مادة (ج د ل) ترجع في جميع تصاريفها إلى معنى القوة والامتناع والشد والإحكام، فيكون الجدل مشتقا من هذا المعنى الجامع الكلي، ومن كل واحد من جزئياته باعتبار ما يشتركان فيه من ذلك المعنى.
قال الجوهري: يقال جادله أي خاصمه مجادلة، وجدالا والاسم الجدل، وهو شدة الخصومة» (الطوفي، 2017).
وعليه يمكن أن نجمل بعض معاني الجدل في التالي:
-الفتل أو الشدة، ومنه زمام مجدول أي مفتول.
-القوة والاشتداد، ولذلك قيل للصقر الأجدل لقوته.
-الصرع، ولذا قيل جدله وتجدل: أي صرعه على الجدالة وهي الأرض.
-ومن معاني الجدل الإحكام والانتظام، ولذ قيل للقصر المشرف «المجدل» وجدلاء ومجدولة: محكمة النسج ودرع جدلاء.
اصطلاحا
«هو قانون صناعي يعرّف أحوال المباحث من الخطأ والصواب على وجه يدفع عن نفس الناظر والمناظر الشك والارتياب» (الطوفي، 2017).
قلت : ولك أن تقول فيه: إنه رد الخصم عن رأيه إلى غيره بالحجة، أو يقال علم أو آلة يتوصل بها إلى فتل الخصم عن رأيه إلى غيره بالدليل، وإنما قلنا عن رأيه إلى غيره ولم نقل إلى خصمه المناظر له ، لأن الخصم قد يناظر عن مذهب غيره إعانة لذلك الغير كالحنبلي ينصر مذهب بعض الطوائف الثلاث، وقد يكون مقصوده إفساد مذهب الخصم لا تصحيح مذهبه هو..
هذا، ولعل الطوفي تأثر في هذا المعنى بقول الإمام الأشعري: المناظر إذا جادل فإنما غرضه إحكام طريقته ولَيُّ صاحبه عما يقوله، وفلَّهُ عنه إلى غيره (المناعي، 1997).
وحكي عن الإمام الغزالي أنه قال: «الجدل منازعة بين متفاوضين لتحقيق الحق وإبطال الباطل، وزعم أنه محيل من وجوه في أكثرها نظر. قال: والصحيح أن يقال: الجدل ملكة صناعية يتمكن بها صاحبها من تركيب الحجة من مقدمات مشهورة أو مسلمة لإنتاج نتيجة ظنية-اضطرب قول الغزالي في علم الكلام بين الجدلية والبرهانية، حيث اعتبره قطعيا مرّة وظنيا أخرى (مؤمن، 2017)-. وهنا تظهر النزعة الأرسطية عند الغزالي، حيث صنف الأدلة من قبيل «المشهورة» أو «مسلمة» وأن نتائجها ظنية في مقابلة النتائج القطعية المعبر عنها في البرهان، وهنا يظهر أن الجدل عند الطوفي يقترب من المعنى اللغوي، أما عند الغزالي فهو الأدلة من جهة نظمها وترتيبها على وجه يظهر الدعوى ويقطع الخصم عن رأيه.
ويظهر أن المؤلف يناقض نفسه في اعتبار أن الطوفي يعتمد على المعنى اللغوي المتعلق بالخصومة دون جهة الاستدلال في علم الجدل، إذ يقول بعد تقريره هذا: ويحدد الطوفي موضوع الجدل بأنه الأدلة من جهة ما يبحث فيه عن كيفية نظمها وترتيبها على وجه يصل إلى إظهار الدعوى وانقطاع الخصم (مدراري، 2020).
قلت: وفيه نظر من جهة أن الملكة حالة راسخة في النفس، وذلك لا يسمى جدلا لا لغة ولا اصطلاحا ولا شرعا، ولا يوافقه الاشتقاق، وإنما ذلك جدل بالقوة لا بالفعل» (الطوفي، 2017).
ونكاد نجد مقدارا مشتركا بين قيود «الجدل» عند الأصوليين والجدليين معا، فقد عرفه الإمام الباجي بقوله: «تردد الكلام بين اثنين قصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه (الباجي، 2014)»، ويقول ابن فورك قبله: «تردد الكلام بين اثنين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول خصمه» (فورك، 1999).
وقد بين لنا الإمام الجويني المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، بقوله: « إن قلنا أنه في اللغة للإحكام فكأن كل واحد من الخصمين إذا كان يكشف لصاحبه صحة كلامه بإحكامه وإسقاط كلام صاحبه، سميا متجادلين.
وإن قلنا: إنه مأخوذ من الفتل، فلأن كل واحد من الخصمين يفتل صاحبه عما يعتقده إلى ما هو صائر إليه.
وإن قلنا: من الصرع: فكأن الخصمين يتصارعان، وكل واحد منهما يقصد إسقاط كلام صاحبه بغلبته وقوته.»
ويعرفه ابن حزم بأنه: «إخبار كل واحد من المختلفين بحجته أو ما يظن أنه حجة»، وعرفه أبو يعلى الحنبلي، بقوله: «الجدل تردد الكلام بين اثنين إذا قصد كل واحد منهما إحكام قوله ليدفع به قول صاحبه» (الطوفي، 2017).
ماهية الجدل الأصولي
 أفردت تعريف الجدل الأصولي بالدراسة لأكشف عن أصول المطارحة باعتباره علما من العلوم الإسلامية أو اليونانية، وبين كونه «علما» أو «منهجا»، مع بيان العلاقة الإشكالية التي طرحها الإمام الطوفي –في كتابة علم الجذل- بكونه علم أصول فقه خاص، قال: «واعلم أن مادة الجدل أصول الفقه من حيث هي إذ نسبته معرفة نظم الشعر إلى معرفة أصل اللغة، فالجدل إذن أصول فقه خاص، فهي تلزم الجدل وهو لا يلزمها لأنها أعّم منه وهو أخّص منها» (الطوفي، 2017).
ولم أجد بين يدي من الكتب سواء عند المتقدمين أو المحدثين تعريفا دقيقا للجدل الأصولي إلا فيما تعلق بالحديث عن موضوعه، لأن الإشكالية الناشئة عن عدم وجود تعريف للجدل الأصولي تحيلنا مباشرة على العلاقة بأصول الجدل اليوناني، أي أن أصول الفقه استمد الصورة الجدلية في المادة المنطقية.
ونحن إذا ذهبنا إلى الباجي (474هـ) لا نجده يخرج في تعريفه عن الحدود العامة للجدل، يقول: «الجدل تردد الكلام بين اثنين، قصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه»، أما عند الشيرازي (476هـ) فلا نجد له ذكرا في كتابه «التلخيص في الجدل في أصول الفقه»، ونفس الشيء نجده في كتابه «المعونة»، إلا ما ذكره في كتابه «شرح اللمع» الذي تحدث فيه عن الجدل بصورة سريعة في باب أفرده لبيان «النظر والدليل»، حيث قال: «بيان نظر القلب، وهو الفكر في حال المنظور فيه، وسميت مجالس النظر بذلك. وإن كانت في الحقيقة مجالس للجدل، لأن الجدال الواقع فيها يقع عن الفكر والنظر» (الشيرازي، 1988).
أما إما الحرمين (478هـ) فقد استهل كتابه «الكافية في الجدل» بمقدمة قصيرة بيّن فيها الغاية من تأليف الكتاب، وموضحا معنى «النظر» و«المناظرة» و»الجدل» حتى أتى على مائة وخمسة وثلاثين مصطلحا، وذكر عدة تعاريف للجدل انتقدها كلها، وصحح تعريفا واحد فقط، قال: «إظهار المتنازعين مقتضى نظرتهما على التدافع والتنافي بالعبارة، أو ما يقوم مقامها من الإشارة والدلالة» (الجويني إ.، 1979).
أما ابن عقيل الحنبلي فلم يبين لنا –أيضا- الجدل الأصولي إذ يقرر أن النظر والجدل هو فتل الخصم عن مذهبه أو مذهب آخر، وهو نفس ما رامه أبو يعلى، قائلا: «وأما الجدل: فهو تردد الكلام بين اثنين، إذ قصد كل واحد منهما إحكام قوله ليدفع به قول صاحبه. وهو مأخوذ من الإحكام، يقال: درع مجدولة، إذا كانت محكمة النسج، و«حبل مجدول» إذا كان محكم الفتل. و«الأجدل» هو الصقر عندهم. و«الجدالة» وجه الأرض، إذا كان صلبا» (الفراء، 1990).
لقد عرف الدكتور فلوسي –لقد ذكر الدكتور الحسان الشهيد نفس تعريف الدكتور فلوسي (شهيد، 2011)- الجدل الأصولي باعتباره منهجا بقوله: «منهج في دراسة المسائل الأصولية يقوم على الحوار الذي يديره الأصولي –شخصا كان أو مذهبا علميا- مع مخالف حقيقي أو مفترض، الغرض منه الدفاع عن المذهب الأصولي وإقناع المخالف به، بحيث يعرض كل منهما وجهة نظره في المسألة الأصولية المختلف فيها، مبينا ما يقصده، مستعرضا أدلته التي يستند إليها، واعتراضاته التي يراها على الأدلة التي يسوقها المخالف لرأيه في المسألة، ومجيبا أيضا على ما يقيمه المخالف من اعتراضات على أدلته هو». كذلك عرفه باعتباره علما، فقال: «هو علم يعنى بدراسة القواعد والمبادئ التي على أساسها يجري الخلاف بين علماء الأصول في دراسة مسائل أصول الفقه» (فلوسي، 2003).
وبعد تعرض الدكتور «مشعل السهلي» لتعريف علم الجدل ثم محاولته لتعريف الجدل الأصولي لم يستطع الخروج عن حقيقة علاقة مسمى «الجدل الأصولي» بأصول الجدل اليوناني، يقول: «من خلال ما تقدم، ومن خلال استعراض كلام علماء أصول الفقه في الجدل، ومن خلال الوقوف على ما يتعلق بموضوع علم الجدل الأصولي، يتبين أن العلماء أرادوا من خلال التأليف في الجدل ، إضفاء صبغة أصولية فقهية على قواعد الجدل العامة، حتى تتوافق مع قواعد الشريعة الإسلامية، وأدلتها الكلية.
لذا فإن ما يقال في تعريف الجدل العام، يقال في تعريف علم الجدل الأصولي، مع التأكيد على اختصاص علم الجدل الأصولي بالفقه وأصوله، فيقال في تعريفه: « أنه علم نظري يتكون من مبادئ وقواعد وإجراءات ومفاهيم، يعرف من خلالها كيفية إيراد الأدلة والحجج في المسائل الأصولية وتطبيقاتها، على وجه سالم من الاعتراض والنقض « (السهلي،  2021).
إلا أن هاهنا ملاحظة هامة وتنبيها ضروريا، ذلك أن أصول الفقه انتقل من موضوع الأدلة الأصولية ومحلّها، إلى الاعتناء بالطرق المنهجية في استثمار الأدلة واستنباط الأحكام الشرعية، وهذا بدوره ينقل الخلاف من حدود اعتبار الأدلة إلى الجدل الأصولي في الطرق العلمية، والمسالك المنهجية في التخريج الفقهي (شهيد، 2011).
وقد بين الطوفي موضوع الجدل، فقال: «وموضوعه –أعني الجدل- هو الأدلة من جهة ما يبحث عنه في كيفية نظمها وترتيبها على وجه يوصل إلى إظهار الدعوى وانقطاع الخصم» (فلوسي، 2003).
ويقول الدكتور فلوسي: «فصِلة علم الجدل بأصول الفقه واضحة؛ حيث إن أصول الفقه مستمد من علم الجدل والعربية، ولذا اعتبره بعض العلماء ملحقا بأصول الفقه، جاء في كتاب مفتاح السعادة أنه من العلوم العقلية لكنه من فروع أصول الفقه» (البزور، 2020).
ويمكنني أن أختصر كلام العلماء السابق في أن الجدل الأصولي مادة وصورة، أما المادة فهي مواضيع أصول الفقه المختلفة، أما الصورة فهي أنواع الاستدلال، وهي مؤلفة من الأدلة الشرعية، والأدلة العقلية بالاعتماد على علم المنطق.
لقد أنتج الجدل الأصولي أنواعا من الاعتراضات والأسئلة، وابتكر جملا من الاصطلاحات لم يقلد فيها المنطق اليوناني، بل استقل فيها بشخصية إسلامية أثرت أصول الفقه من خلال علم الجدل (الدليمي، 2020).
لكن يبقى السؤال مطروحا لكشف المغزى الدقيق لكلام الإمام الطوفي عند تعريفه للجدل الأصولي بأنه علم  أصول فقه خاص، فما هو المقصود بالخصوصية ؟.
ينبني أصول الفقه على أربعة أركان ينظر فيها الجدلي من وجوه، وهي:
-الأحكام (التكليفية والوضعية): بخصوص الجدل الدائر بينها في رتبية المحرمات، لعناية الشرع بدفع المفاسد وجلب المصالح، يقول الإمام القرافي: «إذا تعارض الواجب والمحرم قدم المحرم، لأن التحريم يعتمد المفاسد، والوجوب يعتمد المصالح، وعناية صاحب الشرع والعقلاء بدرء المفاسد أشد من عنايتهم بتحصيل المصالح»، وكذلك الجدل حول المباح هل تكليف أم لا، وغيره من المسائل التي يطول ذكرها (عوام، 2014).
-الأدلة (الكتاب، السنة، الإجماع، القياس ...): ودور الجدلي هو النظر في الصحيح من الفاسد في الاستدلال، أي ما يصلح أن يكون دليلا للمسألة محل البحث والنظر، ولا يصح أن ترد دليلا عليه.
-طرق استنباط الأدلة من الأحكام (كالأمر والنهي، والعام والخاص): فأصول الفقه يحتوي على قواعد أصولية كثيرة منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف عليه، والجدل هو المباحثة في قبول أصل ورده، وهذا معنى أخص منه في أصول الفقه.
-المستنبط الذي هو المجتهد: فدور الأصولي النظر في الأدلة، ودور الجدلي المناظرة حولها بين اثنين أو فكرتين (زعتري، 2008).
وبه يتبين شُغل العلماء باستمداد علم الجدل، فقد أكد البعض أن مادة استمداده هي أصول الفقه، من حيث هي نسبته إليها نسبة معرفة نظم الشعر إلى معرفة أصل اللغة (أومودان، 2013).
وبالتالي يساهم الجدل الأصولي في ترتيب المعرفة الأصولية وتنظيمها، وهذا ما يجعل الخطاب الأصولي خطابا ممنهجا. 
ويحسن في هذا الموضع أن نختم نقاشنا بكلام للدكتور حسن حنفي رأيت أن أورده برسومه: «ولما كان علم أصول الفقه لم يخلص نهائيا من مناهج الجدل في علم أصول الدين فإن منطق الاستدلال تحول إلى منطق جدلي في المناظرة وآدابها وأحكام السؤال والجواب، بل إن الجدل أحيانا يظهر كأحد موضوعات علم أصول الفقه، عقوده وشروطه وآدابه ولوازمه، بل إنه علم خاص مثل علم الفقه، ويعتمد علم الأصول عليهما ...» (حنفي، 2005).
المنطق بين العلم والمنهج
تهتم الدراسات المعاصرة بالمناهج والعلوم لتحدد الأبعاد الواجبة لكل منهما، والآثار المترتبة على ذلك في العلوم الأخرى بما يسمى تداخل العلوم.
يأتي عرض هذا المطلب في سياقه العلمي والمنطقي كون الجدل جزءاً من أجزاء المنطق الأرسطي كما ذكرنا من قبل، لذلك سيكون من المنهج أن نبحث الكل قبل الجزء لنجيب عن حقيقة «الجدل» هل هو علم أو منهج، وما الفرق بينهما؟
أول من آثار بحث إشكالية المنطق بين كونه علما أو فنا هو «كسيودورس» (المتوفي حوالي سنة570م)، وأصل المسألة ما طرحه أرسطو حول الصفة الأولى اللازمة للعلم وهي «النزاهة»، بمعنى أنه يبحث عن الحقيقة مجردة عن تطبيقاتها في الواقع، أما الفن أو الصناعة فبإمكان تطبيق حقائقها بواسطة مناهج للعمل، بالتالي فإن الذين رأوا في المنطق علما نظريا قصروه على دراسة قوانين البرهان، أما من راموا من خلاله وضع قواعد لتوجيه العقل وتحصيل المعارف عدوه فنا وعلما، أو فنا بوجه الخصوص.
وإذا نظرنا من الناحية التاريخية نجد أن أرسطو اعتبر المنطق علما، ولم يسمّه «آلة› البتة، وإنما هو اصطلاح ظهر مع الشراح في القرن الخامس الميلادي، حيث استعمله «أمونيوس» و»سنيلقيوس» للدلالة على قسم من أقسام الكتب الأرسطية، وهو المنطق (بدوي، 1977م).
وعندما استوعب العرب المنطق اليوناني جعلوا منه علما آليا، وروده إلى القسم العملي في مقابل العلم النظري، يقول ابن سينا: «لأن ما يكون في حد ذاته آلة لتحصيل غيره، لابد أن يكون متعلقا بكيفية تحصيله، فهو متعلق بكيفية عمل، وما يتعلق بكيفية عمل لابد أن يكون في نفسه آلة لتحصيل غيره؛ فقد رجع معنى الآلي إلى معنى العملي» (بدوي، 1977م)، والواقع أن إطلاق لفظة «الأورغانون» تدل على هذا المعنى.
أما في الغرب فقد استمرت تقاليد الشراح الأرسططاليين ابتداء من «كاسيودور» الذي تناول هذه المشكلة بالبحث، وفي العصور الوسطى كانوا ينظرون إلى المنطق على أنه فن وعلم معا، ثم جاء العصر الحديث متأثرا بالاتجاه العملي، فنجد أن «أرنو» و»نيقول» أصحاب منطق «بوررويال» يعنونان كتابهما بـ «المنطق أو فن التفكير»، وهو الاتجاه نفسه الذي لوحظ عند «ديكارت» وأصحابه بوضعه لـ»مقال في المنهج»، وكذلك الفيلسوف «سبينوزا» في كتابه «رسالة في إصلاح العقل» (بدوي، 1977م).
ومع تقدم العلوم أدرك المناطقة أنه ليس في وسعهم الهيمنة على عقول الناس بقواعد صارمة في التفكير، لأن دورهم الحقيقي يكمن في دراسة أنواع التفكير الصحيح، وطبيعة الخطأ والصواب، بل إن أصحاب منطق «بور رويال» لاحظوا أن العقل المستقيم يمكنه أن يفكر تفكيرا سديدا دون الرجوع إلى قواعد المنطق عبر مزاولة العلوم والمناهج، ودون دراسة معمقة للمنطق (بدوي، 1977م)، وهو نفس الرأي الذي سبق إليه العلامة ابن تيمية –رحمه الله- حيث قال: «... ولهذا كان العقلاء والعارفون يصفون منطقهم أنه بأنه أمر اصطلاحي وضعه رجل من اليونان، لا يحتاج إليه العقلاء، ولا طلب العقلاء للعلم موقوفا عليه، كما ليس موقوفا على التعبير بلغاتهم، مثل: فيلاسوفيا وسوفسطيقا وإنولوطيقا وإثولوجيا وقاطيغورياس وإيساغوجي ...» (تيمية، 2005)، وقد أعمل ابن تيمية نقده هذا للحد التام في اشتراطهم الجنس القريب مع الفصل، وتفريقهم بين الوجود والماهية، وجعل الصفات ذاتية وعرضية، وقولهم بالمقولات العشر، واشتراطهم في القياس مقدمتين -فقط- دون زيادة أو نقصان (العريفي، 2020).
وظهر رأي آخر في القرن التاسع عشر على يد رئيس الأساقفة «whately» (ت 1863م)، ثم تبعه الفيلسوف «جون استيورت مل» (ت 1832م) حيث عرَّفاه بأنه علم وفن التفكير الصحيح، إلا أن البعض لم يرضَ بهذه القسمة، حيث أصروا على اتخاذ أحد الموقفين: إما تعديل هذا التمييز بين العلم والفن بالنسبة للمنطق، أو رفض هذا التمييز مطلقا.
أما التعديل فقد قام به «قُنت» المتوفي سنة 1920، حيث ميز بين نوعين من العلوم: علوم نظرية، وأخرى معيارية تشتمل على المنطق، وعلم الجمال، والأخلاق، وموضوعاتها الأحكام التقييمية المتعلقة بالحق والجمال والخير، أما العلوم النظرية فموضوعاتها الأحكام الواقعية.
لقد انتهى الفيلسوف عبد الرحمان بدوي إلى هذه الغاية، بقوله: «وخلاصة هذا كله أن المنطق ليس فنا أي عملا، كما أنه ليس معياريا، أي علما يبحث في قيمة الغايات نفسها. وانما المنطق علم بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، أعني أنه طائفة من الحقائق الخاصة بموضوع معين. هو في كلمة واحدة: علم التفكير الصحيح.» (بدوي، 1977م).
ويقسم العلماء مناهج البحث إلى قسمين: مناهج منطقية (مناهج عامة) ومناهج فنية (مناهج خاصة، أما العامة فهي الطرق العامة التي تشمل كل العلوم، وهي خاصة بعلم المنطق الذي وضع قواعد لكل المعارف، منها:
-يجب الشك في كل قضية حتى يثبت صدقها، فإن كانت بديهية لابد من التأكد من بداهتها، وإن كانت غير البديهية لابد من الرجوع إلى الدليل الناهض بإثبات صدقها.
-لابد من استخدام طريقة التحليل فيجزئ الموضوع إلى أكبر عدد من الأقسام.
-يجب أن تكون خطوات البحث منظمة مترابطة: يبدأ الباحث بالجزء الأصغر فالأكبر منه، وهكذا حتى ينتهي إلى المركب.
-يجب أن تكون الدراسة مستوعبة لكل أطراف الموضوع، والأمثلة المستوفية لكل شؤونه.
-يجب أن تكون غاية البحث واضحة.
-يجب ألا تتناقض أجزاء البحث بعضها مع بعض.
-يجب أن يلم البحث كل مسائله وتبعد عنه غير مسائله» (الدراسية، 1418هـ).  
ولعل السبب الكامن وراء هذا التجاذب بين اعتبار المنطق علما أو منهجا هو عدم فهم البعض لحدود كل منهما، أما العامل الموضوعي في هذا الاختلاف فهو تعدد اعتبارات النظر فيه، أي أنه علم ومنهج على السواء، يقول «جوزايا رويس»: «كيف يختلف المنطق بوصفه علما للمناهج عن المنطق بوصفه علما للنظام، بل وسببا لنشأة الأخير ...» (رويس، 2002).
الجدل بين العلم والمنهج
إذا قررنا أن المنطق علم وأن الجدل أحد أجزاءه، تقرر أن حكم الأعم يجري على الأخص، غير أنه لابد أن التعريج على المرحلة التاريخية التي مر بها الجدل.
انقسمت العلوم في العصور الوسطي إلى ثلاثة أقسام:
-الفنون الحرة التي تتطابق بصورة الجمالية.
-الفلسفة، وفي ضمنها الفيزياء وعلم الحياة.
-اللاهوت.
انقسمت الفنون الحرة إلى فئتين هما: «المجموعة الثلاثية» و «المجموعة الرباعية»، وكان الجدل   أساس المجموعة الأولى، وقد اتفق رجال العصور الوسطى من الرواقيين على تسمية منطقهم بالجدل، وكان أول بحث جدلي لـ»توما الإكويني»، ثم أتى بعده «أبيلار» وكتب كتابا في الجدل (الله، 1995).
أما في مجال التصنيف فإننا نجد الفارابي يصنفه في الفئة الثانية ممثلة في المنطق، ومن متضمناته التعريف بالقياسات المنطقية ووسائل اكتشاف البراهين الجدلية، وهذا الشأن في جريان التصنيف للجدل أن يكون تابعا للمنطق (بدر و د.محمد، 1995)، نقل التهانوي عن صاحب «إرشاد المقاصد» بأن الجدل علم يتعرف به كيفية تقرير الحجج الشرعية من الجدل الذي هو أحد أجزاء المنطق لكنه خصص بالمباحث الدينية» (مدراري، 2020).
الأسس العامة للجدل الأصولي  
مصادر الجدل الأصولي
يقوم الجدل الأصولي على أصل الخلاف الواقع بين الفقهاء في مضايق أو متسع النظر في دلالات النصوص من كتاب وسنة، وأقوال الصحابة ، وما تفرع من أدلة أخرى. وبتتبع كتب الجدل الأصولي نجد أن العلماء قسموا الأدلة إلى ثلاثة أقسام: أصل، ومعقول أصل، واستصحاب حال، وبه يتبين أن غاية الأصولي هي تحقيق الحق في مراد الشارع من الأحكام، لا طلب النصرة والغلبة –المجردة- على الخصم
الترجيح
من أهم الفروق بين الجدل الأصولي والجدل عند اليونان هو نسبة اليقين، إذ غاية الأخير هو الالزام فقط، أما الجدل الأصولي فإنه يقرر القطع في باب الترجيح، لأن هذا الباب مما تغلب فيه الظنون، يقول الشيرازي: «واعلم أن الترجيح لا يقع بين دليلين موجبين للعلم، ولا بين علتين موجبتين للعلم، لأن العلم لا يتزايد، وإن كان بعضه أقوى من بعض، وكذلك لا يقع الترجيح بين دليل موجب للعلم وعلة موجبة للعلم، وبين دليل وعلة موجبتين للظن؛ لما ذكرناه، ولأن الموجب للظن لا يبلغ رتبة الموجب للعلم، ولو رجح لكان الموجب للعلم مقدما عليه، فلا معنى للترجيح» (الفاداني، 2017)، وهذا الأسلوب من الحجاج استعمله المتقدمون أيضا، يقول الباجي: «اعلم أن الترجيح طريق لتقديم أحد الدليلين على الآخر، وقد كان القدماء يستعملونه في النظر فأكثروا منه ...» (الباجي، 2014).
ويسميه حسن حنفي بمنطق الاحتمالات، وهو «مقابلة المستدل بمثل دليله أو بما هو أقوى منه» وله شروط، وأوجه احتمالات للتعارض (حنفي، 2005).
العناية بتخريج المسائل الفقهية على القواعد الأصولية (الباحسين، 1414هـ، صفحة 51)
لا جرم أن الجدل الأصولي نشأ  لخدمة الأصول والفقه معا، لذلك اختلف وتميز عن الجدل المنطقي بإيراد المسائل الفقهية وتخريجها على القواعد الأصولية (المريني، 2002)، بعَمْد كل فريق أو عالم إلى نصرة مذهبه الفقهي، وهذا ما يحدو بالغزالي إلى بيان أن الجدل الأصولي هو معرفة الأدلة، والفقه الذي يذكر المسألة وحكمها (السهلي، 2021).
يقول الدكتور الباحسين في شأن العلاقة بين التخريج والجدل: «وهنا أمر ينبغي التنبيه إليه أيضا، وهو أن التخريج أساسا إنما نشأ نتيجة الخلافات المذهبية، ورغبة علماء كل مذهب في الدفاع عن آراء أئمتهم، ورد استنباطاتهم الفقهية إلى أصول معينة، أو أصول مستنبطة أو مخرجة من مجموعة من الفروع الفقهية، ثم الدفاع عن تلك الأصول، لتسلم لهم قوة الفروع بقوة الأصول. ولهذا فإنه من الممكن أن يقال: إن علم التخريج هذا من ثمرات علم الخلاف والجدل، أو على تقدير آخر إنه على صلة وثيقة به، وعلى هذا فإن بحث هذا العلم في الفروع والأصول إنما هو في نطاق ما وقع الخلاف فيه بين علماء المذاهب، أو بين علماء المذهب الواحد نفسه.
ويتضح مما قدمناه أن موضوع علم تخريج الفروع على الأصول متعدد، ومسألة تعدد موضوع العلم الواحد قضية فيها جدل بين أهل الاختصاص» (الباحسين، 1414هـ).
ترتيب المباحث الأصولية
اعتنى الجدل الأصولي بترتيب المباحث الأصولية جملة وتفصيلا، فقد قسموا الأدلة إلى ثلاثة أقسام: أصل، ومعقول أصل، واستصحاب حال.
أما الأصل: فهو الكتاب، والسنة، والإجماع.
ومعقول الأصل: هو لحن الخطاب، وفحوى الخطاب، والحصر، ومعنى الخطاب.
أما استصحاب الحال: فهو استصحاب البراءة الأصلية.
أما فيما يتعلق بالمباحث التفصيلية فتجدهم يقسمونها إلى أقسام مرحلية، فكما بُنِي الجدل على السؤال، فقد بني -أيضا- على تراتبية المباحث الناتجة عنه، إذ يقسمونها إلى ضربين: مفصل ومجمل.
والمفصل على ضربين أيضا: محتمل وغير محتمل، والأول هو قسمين: ظاهر وعام، أما الثاني: فهو النص (الباجي، 2014).
وضع السؤال الجدلي
اعتمد الجدل أساسا على السؤال والجواب بين المتناظرين أو المتحاورين، فالسؤال هو تعبير عن إشكال ملح، وهو المحرك للسجال الفكري والمعرفي، لذلك ذهب أفلاطون إلى أن الجدلي هو الذي يتقن فن السؤال والجواب، سالكا مسلك سقراط في أن العلم لا يعلم ولا يدون بل يكشف عن طريق الحوار (التحرير، 2014)، وهو ما نجده جليا في كتابه محاورات أفلاطون، إذ يكشف من خلال السؤال عن الإشكالات الكبرى التي أرقت الإنسان عبر الزمان (محمود، 2001).
ويقرر ابن سينا مفهوم السؤال الجدلي بأنه سؤال يتسلم به مقدمات لإنتاج خلاف ما قرره المجيب، فيكون الجواب إما تسليما للسائل أو تسليم تناقضه، لأنه ليس سؤالا عن الماهية (سينا، 2015)، بل للتبكيت والإشكال، وهو على وجهين: أحدهما-أن يسأله عن مقدمات فإذا سلمها جميعا قامت عليه الحجة من خلال مقدماته التي سلمها.
أما الوجه الثاني-وهي الطريقة المحدثة، أن يخبر السائل عن مقدمات الحجة مرتبة من غير أن يسأل عنها خصمه، كما ينقسم إلى قسمين: سؤال تقريري:  «هو أن يسأل عن أحد طرفي النقيض على التحصيل مقرونا به حرف أليس أو ما يقوم مقامها، كقولنا: أليس أن اللذة خير؟ وأليس أن العدل جميل. وسؤال التخيير: هو الذي يفوض فيه إلى المجيب أن يجيب بأي طرفي النقيض شاء، ولابد فيه من التصريح الجزئي، كقولنا: هل اللذة عندك خير أو ليس بخير؟ (النفيس، 2015).
يعرف الجويني السؤال بقوله: «وأما السؤال، فهو الاستدعاء، وقيل: هو الطلب، وقيل: هو استدعاء الجواب»، وقال ابن عقيل: «هو الطلب للإخبار بأداته في الإفهام»، هذا التعريف العام للسؤال، أما بخصوص السؤال الجدلي فقد عرفه ابن عقيل –أيضا-، بقوله: «اعلم أن سؤال الجدل، هو الذي يقصد به نقل الخصم عن مذهبه بطريق المحاجة»، كما ينبغي له أن يكون واضحا على شروط الجدل، يقول: «واعلم أن كثيرا من الجهال بحقائق النظر وقوانين الجدل يتوهمون المسألة كلمة واحدة من تجاوزها فقد جاء بأخرى من غير جنسها وخرج عن واجبها، وفي الحقيقة أن كل استخبار تمّ وفهم معناه فهو مسألة تامة، على معنى أنه قد لحق بالسؤال واستحق اسمه، ولولا ذلك لم يجب على المسئول أن يجيب عن سؤال قائم مفهوم عن شيء، ولا استحق اسم المسألة» (فلوسي، 2003).
 إننا إذا رجعنا إلى طبيعة السؤال الجدلي عند الأصوليين نجده يتماشى مع هذه الرتبية، فالسؤال عن المذهب والدليل، ووجه دلالته على المطلوب كله يصب في هذ المنحى، كما أن الجدال يشهد بالحركية العلمية في التجاذب الدائر بين العلماء في ضرورة تقديم دليل على آخر، والصورة المثلى لهذا الخلاف هي ميادين المذاهب الفقهية الأربعة المتبعة، فقد وقع الخلاف في حجية الدليل الواحد كما هو الحال مع القياس والاستحسان.
والكلام في ترتيب أبواب أصول الفقه قديم، مما يدل على أن التغاير في الترتيب له استدعاءات جدلية أسس لها اختلاف وجهات النظر وتعدد مشارب الأثر، وقد نبه الإمام الطوفي على المسلك الحسن عند الأصوليين، حيث قال: «هذا الذي تهيأ لي الوقوف عليه من ضبط الناس لأصول الفقه، وقد تكلم الناس فيه بما لم أقف عليه، والكل موصل إلى المقصود، لكن الكلام في أحسن الطرق إيصالا..ولي فيه طريقة متوسطة جامعة، وإن كانت لا تخرج عن حقيقة ما قالوه، لكن الكيفية متغايرة»..ثم ساق طريقته في الترتيب، واصفا ما قدمه بأنه «ضبط جامع، متوسط بين الإجمال المخل، والبيان الممل، وهي طريقة غريبة لا توجد إلا هاهنا (السعيد، دت).
لقد عقد الإمام الباقلاني في كتابه «التقريب والإرشاد» بابا في «حصر أصول الفقه، وترتيبها، وتقديم الأول فالأول منها»، وكذلك فعل أبو الحسين البصري في كتابه «المعتمد»، وابن حزم في «الإحكام»، والقاضي أبي يعلى في «العدة»، وابن عقيل في «الواضح»، والإسمندي في «بذل النظر»، والرازي في المحصول. والملاحظ أن أغلب من اهتم بالترتيب كانت له ميول جدلية واضحة.
ولا شك أن الأسئلة التي أوردها «أرسطو» تختلف تماما عن أسئلة الأصوليين لطبيعة علم أصول الفقه وخصوصياته، فالعلم يفرض آليات محددة في الجدل.
توسيع المفاهيم الجدلية
لقد أضاف الجدل الأصولي إلى المصطلحات معاني جديدة لم يرمها الأصوليون والمناطقة، وسأذكر بعض الأمثلة التي تفي بغرض البيان.
السبر والتقسيم
اختلف غرض الأصوليين عن غرض الجدليين في بيان هذا المسلك على طريقين:
-السبر والتقسيم عند الأصوليين: لقد ورد عند الأصوليين على معنيين:
الأول-استنباط علة الحكم الشرعي: قال الشنقيطي: «واعلم أن السبر والتقسيم يستعمل عند الأصوليين في شيء خاص، وهو استنباط علة الحكم الشرعي بمسلك السبر والتقسيم (الشنقيطي، 1426هـ).
الثاني-استعمال الأصوليين لهذا المسلك بصفته طريقا من طرق الاستدلال العامة: لقد عرف القاضي أبو يعلى «أن يكون في المسألة قسمان أو أكثر، فيستدل على إبطال الجميع إلا واحدا منها ليحكم بصحته، ولا يطالب بالدلالة على صحته أكثر مما ذكره»، وقريبا منه كلام ابن تيمية –رحمه الله-، حيث يقول: «قال القاضي: الاستدلال بالتقسيم صحيح؛ وهو أن يذكر أقساما محصورة، فيبطل بالدليل جميعها إلا واحدا، فحينئذ يتعين من غير دليل بخصه بالصحة» (القحطاني، 1437هـ).
-السبر والتقسيم عند الجدليين: «لقد استعمل علماء الجدل هذا المسلك ومقصودهم منه: معرفة الصحيح والباطل من أوصاف محل النزاع، وذلك بحصر أوصاف المحل، وإبطال الباطل منها مطلقا، وقد تكون كلها باطلة فيتحقق بطلان الحكم المستند إليها، وقد يكون بعضها باطلا وبعضها صحيحا.
لقد اهتم الأصوليون بإبطال بعض الأوصاف  التي لا تصلح للعلية وحافظوا على أخرى، أما الجدليون فقد سعوا إلى تصحيح الصحيح إبطال الباطل، ولو أدى ذلك إلى إلغاء جميع الأوصاف، فيكون الحكم –حينئذ- على نقيض ما ادعاه الخصم من الإثبات أو النفي (القحطاني، 1437هـ). لذلك اعتبر الشنقيطي طريقتهم أعم نفعا وأكثر فائدة من طريقة الأصوليين.
إضافة موضوعات جديدة
كقوادح القياس والاعتراضات الواردة على القياس: ذكر الإمام الشنقيطي أن البحث في القوادح من علم الجدل، لكن يذكره الأصوليون في مكملات القياس، وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه الغزالي من قبل، يقول: «..وراء هذه الاعتراضات؛ مثل: المنع، وفساد الوضع، وعدم التأثير، والكسر، والفرق، والقول بالموجب، والتعدية، والتركيب. وما يتعلق فيه من تصويب نظر المجتهدين قد انطوى تحت ما ذكرناه، وما لم يندرج تحت ما ذكرناه فهو نظر جدلي يتبع شريعة الجدل التي وضعها الجدليون باصطلاحاتهم» (قبوس، 2015). 
تأثير الجدل في الاستدراك الأصولي
تعتبر قوادح العلة –وهي ما يطعن في الدليل، سواء كان علة أو غيرها (الجابري، 1440هـ)- موادا للاستدراك، حيث تناولها الأصوليون كمكملات للقياس، وأدرجوا فيها العلة والدليل والاعتراضات، أما الجدليون فعالجوها من جهة كونها اعتراضات وأجوبة واستفسارات متعلقة بالجدل والمناظرة، وكان لها أثر في إثراء البحث في قوادح العلة وتناوله من عدة جوانب، وعلى الرغم من كون باب القوادح في القياس قائما على علم الجدل - مع استثمار الأصوليين لتلك القواعد في التعامل مع العلة وإبطالها- إلا أنه ورد خلاف مشتهر بين أهل العلم في أن تلك القوادح من علم الأصول أو من علم الجدل (الجابري، 1440هـ).
وضع خلاصة لبعض الموضوعات في نهاية الفصل أو الباب
وذلك من خلال:
-التعريف بالمصطلحات.
-البدء بالقاعدة الأصولية مع بيان أدلتها.
-ذكر الخلاف في المسألة أن كانت خلافية وبيان تحرير محل النزاع فيها .
-الترجيح.
-ذكر بعض الفروع الفقهية التي تندرج تحت هذه القاعدة (الشهري، دت). 
استخدام الأسلوب الجدلي 
كالفنقلة، وابتداء الأجوبة بالمنع أو التسليم، ووصف القائل بالمذهب المخالف بالخصم والمخالف، والفنقلة « أسلوب جدلي مركب من عبارات: «قيل»، «فقلت»، «فإن قيل»، «قلت»، «قال» (شهيد، 2011).
الاعتراضات المتجهة على الاستدلال
وضع علماء الجدل الأصولي منظومة من الأسئلة تكشف عن حقيقة المسألة محل الخلاف، وتمهد الطريق لتحرير محل النزاع في المسائل الأصولية، لذلك رتبوا خمسة أسئلة كالتالي:
-الأول-السؤال عن إثبات مذهب المسؤول (هل للمسؤول مذهب في المسألة).
-الثاني-السؤال عن ماهية مذهبه (عن الحكم أو الطريق الذي يفضي إلى الحكم).
-الثالث-السؤال عن دليل المذهب (والمسؤول بالخيار: إن شاء دل على صحة قوله، وإن شاء دل على فساد قول خصمه، إن علم مذهبه في المسألة).
-الرابع-السؤال عن وجه الدليل (مسالك الدلالة).
-الخامس-السؤال عن وجه القدح في الدليل (بالمنع، أو النقض، أو المعارضة).
وعلى مذهب من أجاز التقليد تكون الأسئلة ستة، فالثالث: هل له دليل أم هل يقلد قولا ؟ (ترغي، 2017).
اقتران علم الجدل بأصول الفقه في التصنيف الأصولي
وذلك للدلالة على العلاقة الوطيدة بينهما، ككتاب «منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل» لابن الحاجب، كما صنف الباجي «المنهاج في ترتيب الحجاج» و«إحكام الفصول»، و«المعونة في الجدل» لأبي اسحاق الشيرازي، و«الجدل على طريقة الفقهاء»، وألف الصيمري «مسائل الخلاف في أصول الفقه»، وابن عقيل في «الواضح في أصول الفقه»، وابن برهان في «الوصول إلى الأصول» (يوسي، 2021). 
هندسة كتاب الجدل لابن سرور
بنى المؤلف كتابه على خمسة أمور رئيسة نوردها إجمالا ثم نفصل القول فيها تباعا، وهي: المقدمة، وبيان صناعة الحد والكلام عليه، والحدود التي يقدمها المجادل قبل المناظرة، وأقسام الأدلة وبين أحكامها، والاعتراضات التي تجاوزت الثلاثين اعتراضا.
الكلام في المقدمة
قدم المؤلف الكلام على ضرورة النظر وعلاقته بالمناظر لكنه لم يبين ذلك ولم يفصل فيه اكتفاء بما ذكر في كتب الجدل.
لقد امر القرآن الكريم بالنظر ونوّه به ، قال تعالى: «أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ وَأَنۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ١٨٥» [الأعراف/185]، وقال جل شأنه: «أَفَلَمۡ يَنظُرُوٓاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوۡقَهُمۡ كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا وَزَيَّنَّٰهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٖ٦» [ق/6]، وغيرها من الآيات التي نبهت العلماء على هذا المسلك في الكشف عن حقائق الأشياء.
ومن أوائل تعريفات النظر ما ذكره الإمام الأشعري (324هـ) بنقل ابن فورك (406هـ) عنه، قوله: «الفكرة والتأمل لحال المنظور فيه برد غيره إليه ليعلم موافقته له في الحكم من مخالفته» (بوهلال، 2013)، ونقل عنه أيضا، قوله «الفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظن». وعرفه الباقلاني (403هـ) بأنه «فكرة القلب ونظره وتأمله المطلوب به علم هذه الأمور أو غلبة الظن لبعضها، وقد يصيب فيه الناظر وقد يخطئ، وكلاهما نظر منه»، كما وافق ابن فورك شيخه الأشعري، إذ قال: «حد النظر فكر القلب وتأمله في المنظور فيه»، كما جاء عن الجويني بأنه «فكر القلب وتأمله في حال المنظور ليعرف حكمه جمعا أو فرقا أو تقسيما».
أما النظر عند المعتزلة فقد نقل عن القاضي عبد الجبار (415هـ): «فالمقصد بها بهذا الموضع ذكر نظر القلب دون غيره، وحقيقة ذلك هو الفكر، لأنه لا ناظر بقلبه إلا مفكرا، ولا مفكر إلا ناظرا بقلبه، وبهذا تعلم الحقائق ... والفكر هو تأمل حال الشيء والتمثيل بينه وبين غيره، أو تمثيل حادثة من غيرها، وهذا مما يجده العاقل من نفسه إذا فكر في أمر الدين والدنيا» (أحمد حسن شحاتة، 2017).
وقد اتفق المتكلمون على أن النظر إذا صح أفاد شروطه، بيد أنهم اختلفوا في كيفية حصول الإفادة منه على مذاهب:
الأول-مذهب الإمام الأشعري أن النظر بشروطه يثمر العلم.
الثاني-مذهب الجويني وبعض متأخري الأشاعرة أن النظر يتضمن العلم، يقول: «النظر يتضمن العلم عند أهل الحق إذا صح وانتهى ولم تستعقبه آفة تضاد العلم».
وقد بين الجويني معنى التضمن بقوله: «فإن قيل: فما معنى التضمن الذي ارتضيتموه حيث قلتم بأن النظر يتضمن العلم ؟ قلنا: أردنا بذلك أن النظر مع العلم بالمنظور فيه على صفتين من ذاتيهما لا يسوغ لأصلهما تقدير ثبوت أحدهما دون الآخر مع انتفاء الآفات من غير أن يوجب أحدهما الثاني أو يولده، كما أن الجوهر مع العرض لا يتفرد أحدهما عن الثاني فيفنيا جميعا، ثم ليس أحدهما موجبا ولا مولدا، وكذلك في الألم مع العلم به، فلا يسوغ ثبوت الألم من غير علم به إذا انتفت الآفات، وهذا معنى التضمن فافهموه» (الجويني أ.، 2016).
الثالث- مذهب فخر الدين الرازي (606هـ) وبعض الأصوليين، وهو الإيجاب العقلي بين النظر والعلم، قال الرازي: «حصول العلم عقيب النظر الصحيح بالعادة عند الأشعري، وبالتولد عند المعتزلة، والأصح الوجوب لا على سبيل التولد» (الرازي، دت).
الرابع- مذهب المعتزلة: ويقولون بالتولد، وهو تولد العلم عن النظر وجوبا دون توسط فعل آخر بينهما، قال القاضي عبد الجبار: «ومن حق النظر أن يكون فيه ما يولد العلم إذا كان نظرا من عاقل في دليل معلوم له على الوجه الذي يدل» (الجبار، 2011).
الخامس-مذهب الفلاسفة: وهو أن النظر يُعِدّ الذهن ثم يفيض عليه العلم، وبالتالي فالنظر مُعد للعلم، وليس علة ولا مؤثرا فيه، وجذر المسألة عندهم مبني على العلاقة بين العلة والمعلول، والعلة هي المبدأ الأول (العقل الفعال) (أحمد حسن شحاتة، 2017).
ولقد أخذت مسألة النظر بعدا معرفيا في المنظومة الفكرية الإسلامية-تدخل هه المسألة فيما يعرف بنظرية العلم، حيث أصبحث هذه المقدمات المدخل النظري لعلم الكلام في محاولة للإجابة عن أسئلة «كيف أعرف» «كيف أعلم» «كيف أفحص صدق ما أعرفه (مدراري، 2020)»- بترتيب آثار عميقة عليها، خاصة إذا عرفنا موقف المتقدمين من مسألة النظر، فالسوفسطائية والسَّمَنية قالوا بتكافؤ الأدلة، وبالتالي فالنظر لا ينتج عندهم علما، وإنما يورث الظن فقط، وأنه لا معلوم عندهم –أي السمنية- إلا ما أدرك بالبداهة أو بإحدى الحواس الخمس.
لذلك استدل عليهم المتكلمون بأن النظر لا يتم إلا من خلال النظر وبذلك لا يمكن دفعه البته، إذ «لا سبيل لجملة العقلاء إلى الامتناع عن النظر»، ولذلك استدل الباقلاني على النفاة بكلام قوي، قال: «فقد صح أن من النظر ما هو طريق للعلم ببعض الأمور، وهذا اعتراف بما يقولون وكل أمر لا يمكن نفيه إلا بإثباته، فإثباته واجب لا محالة». 
ذهب سائر المسلمين والفلاسفة إلى أن النظر يوصل إلى ما لم يُدرَك بالبداهة والحواس، ومن آثار النظر مسألة: هل العلم النظري متولد عن نظر أم لا ؟ فذهب أهل الحق إلى أن العلم إذا تولد عن نظر فإنه كسب للناظر، غير متولد عن نظره، وزعمت القدرية أن الأفعال متولدة، أفعال لا فاعل لها، وأن العلوم كلها ضرورية ليس فيها شيء مكتسب (أحمد حسن شحاتة، 2017) (البغدادي، 2020).
أما بخصوص العلاقة بين النظر والجدل والمناظرة، فإن الجدل –عند الأشعري- هو نظر الإنسان مع نفسه، أما الجدل فهو محاولة جعل الآخر يمارس النظر بين طرفين، باعتبار المجادل ناظرا ومستعملا لما توصل إليه بفكره، وفرّق الزركشي بين النظر والجدل بوجهين «أحدهما: أن النظر طلب الصواب، والجدال نصرة القول، والثاني: أن النظر الفكر بالقلب والعقل، والجدال الاحتجاج باللسان».
ومن وحوه العلاقة بينهما أن النظر يظهر الفُرُق بين الأمور الصحيحة والباطلة، والظاهرة وغير الظاهرة لتكون مقدمة للجدل المحمود، قال ابن طاهر المقدسي: «فإنه لما لم تكن الأشياء كلها موجودة حقا ولا كلها باطلة حقا، ولكن حقا وباطلا، ثم وجد الاختلاف فيها شائعا على النظار، إما من عالم معاند أو جاهل عاجر، ولم يكن الأخذ به على اختلافه وجب عليه بالنظر الذي يميز بين الحق والباطل، وأيضا لما لم تكن الأشياء كلها ظاهرة، لأنها لو ظهرت لما جهل شيء، ولما كانت خفية؛ لأنها لو خفيت كلها لما علم شيء، وكان منها ظاهر جلي وباطن خفي، وجب طلب علم ما خفي عنها، ولا يوجد ذلك إلا بالنظر».
كما أن الجدل الإسلامي قصد إلى بيان الحقيقة والوصول إلى الحق دون النظر إلى الطرف الغالب أو المغلوب، لأن الغاية منه هي إرضاء الله تعالى، وإن كان الظاهر من اصطلاح الجدل هو كف الخصم عن إيرادته وإظهار هزيمته، لذلك قال بعضهم بأن النظر يتأسس على عكس الجدل وهو طلب الحق والصواب وإرضاء رب الأرباب.
من الملاحظ أن النظر الذي يقصد به وجه الله تعالى يكون مَعْبَرا سهلا لتأسيس الجدل على غاية شرعية متينة (مدراري، 2020). 
وبعد كلامه في النظر قسم العلم إلى ضروري ونظري متمسكا بالقسمة المنطقية، وقد مثل لها بأمثلة فقهية تقريبا للمواضيع المنطقية وتبيئة لها في الإطار الفقهي.
بيان صناعة الحدود
بدأ المؤلف بتقسيم العلم إلى ضروري ونظري لأنهما المقدمة التي تبنى عليها الحدود، وتكلم عن تعريف الحد أولا وذكر له ثلاثة تعاريف، فقال: «هو حقيقته وماهيته»، وهذا تعريف أرسطي مبني على التركيب، أي تكونه من جنس وفصل، وقيل: «هو اللفظ الكاشف لحقيقة المحدود على وجه يكون جامعا مانعا»، وهو اختيار الأصوليين لأن العبرة عندهم بوقوع التمايز فقط، ولا حاجة بنا إلى معرفة الماهيات لأنها متعسرة، وقيل: «هو تصور المنطوق بعد أن لم يكن» (سرور، 2015)، وقصد به أن التعريف باللفظ، ثم ذكر شروط كل منها، ثم عقد فصلا  بشرائط صحة  الحد، وبيان ما يلزم عليه.
 إن أصل الخلاف في مسألة الحدود مبني على الخلاف في تحديد مفهوم «الكليات»، فقد أشار «فورفوريوس» إلى مشكلة الكلي دون أن يدلي برأيه فيها من حيث كون الكليات حقائق قائمة بذاتها، وهل هي حسية أو غير حسية، أم هي مجرد مدركات ذهنية، لذلك انقسمت المدارس في مفهوم الكلي:
-الاتجاه الواقعي والشيئي: ذهب إلى أن للكليات عالم قائم حقيقي، وفي العقول صورة لذلك العالم، وأشهر من قال به أفلاطون و«القديس أنسليم»، كونها النماذج العليا للعالم الحسي.
-الاتجاه الصوري: ويذهب هؤلاء إلى أن الكليات تشير إلى عالم موجود في الذهن فقط، ولا انفصال له في الواقع، وأشهر من قال به أرسطو.
-الاتجاه الاسمي: أنه لا يوجد في العالم إلا أفراد جزئية، وأن معارفنا مستمدة منها، أما الكليات فهي مجرد أسماء وأصوات لا تدل الواحدة منها إلا على أفراد جزئية، وليس لها مدلول لا في العقل ولا في عالم آخر، ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه الرواقية، ومن المحدثين «هيوم» و «باركلي» والمنطقية الوضعية، وهو مذهب ابن تيمية أيضا، والموقف من إشكال الكليات ينعكس على الجوانب المنطقية بوضوح (ضميرية، 2010). 
وقد جرى المؤلف على نهج المناطقة في تقسيم التعريف إلى حقيقي ورسمي ولفظي، واعتبار الجنس والنوع والفصل مع بيان حقيقة كل واحد منها، فعرّف الحد الحقيقي بأنه «اللفظ الدال على كمال ماهية الشيء» وقيل: «ما أنبأ عن ذاتياته الكلية المركبة» وشرطه اشتماله على الجنس والفصل. وعرّف الحد الرسمي بقوله: «ما تضمن جنسه وبعض خواصه، كقولك في حد الإنسان: «حيوان ضاحك»، وقيل: «هو قول يميز المرسوم عن غيره». وأما التعريف اللفظي فقال فيه: «هو تبديل اللفظ بلفظ أشهر منه عند السائل، كالأسد مع الغضنفر، والخمر مع العُقار» (سرور، 2015). 
ثم تكلم في شرائط الحدّ وبيان ما يلزم عنه، بتقسيم اللفظ إلى مفرد ومركب، وتقسيم المفرد إلى اسم وفعل وحرف، مع بيان الدلالات الثلاث: المطابقة، والتضمن، والالتزام.
كما قسم المفرد باعتبار الشركة فيه إلى كلي وجزئي، وعرف كلا منها، وبين النسب بين الألفاظ من تقابل وتباين وترادف.
وبعد هذا عرّج المؤلف على بيان شرائط الحد، فذكر منها:
-أن يكون الحد أشهر من المحدود لا أخفى منه.
-وألا يعرف إلا به كتعريف العلم، وهو من باب المتضايفات (سرور، 2015).
وبعدها تعرض المؤلف إلى بيان الحدود عند الفقهاء وذكر خمسة وستين حدا وشرحها كلها (سرور، 2015).
بيان الأدلة 
قسم المؤلف الأدلة إلى خمسة، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستدلال.
يحتوي الكتاب –أي القرآن- على قطعي وظني: والأول-القطعي: وهو الذي لا يمكن استعماله لأنه لا يجوز الاختلاف حول قطعيته، أما الثاني-فهو الظني: والفقه من باب الظنون، وبالتالي تصلح له الأدلة الظنية، ويقع الاستدلال بها اعتمادا على ظهورها، فتارة يكون بالوضع، وتارة بالقرينة اللفظية، وتارة بالقرينة المعنوية. 
وواضح أن المقصود بالقطعية والظنية في القرآن ما تعلق بالدلالة، لأنه من جهة الثبوت كله قطعي كما هو معلوم.
أما السنة النبوية فقسمها المؤلف إلى قطعي وظني، ويمكن التمسك بها في الفروع إذا كان المنقول منها مستفيضا أو آحادا، وعلى المستدل به وصفان: الأول-بيان ظهور السنة كما هو في القرآن، والثاني- بيان صحة الحديث قبل منعه، وله طرق. ثم  تكلم على أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وإقراره، ومذهب الصحابي، والإجماع، والقياس مع بيان شروطه.
وعند كلامه عن الاستدلال بيّن أنه كل تصديق، ويسمى قضية، ويسمى البرهان، وصورته قياس اقتراني واستثنائي، وعرف الحد والتناقض، وبيان الأشكال الأربعة للمقدمات، والظاهر أن المؤلف لا يخرج في الاستدلال عما هو مقرر في مباحث المنطق.
وفي ختام الفصل ذكر استصحاب الحال، وقسمه إلى ثلاثة أقسام: أحدها -استصحاب الحال في النفي الأصلي المعلوم بدليل العقل، والثاني-استصحاب حال الإجماع، والثالث-استصحاب الحال في شرع من قبلنا (سرور، 2015).
أقسام الأدلة والاعتراضات الواردة عليها
فالصحيح من الاعتراضات منع أو معارضة، وتستعمل فيه أسئلة مشهورة، هي: الاستفسار، وفساد الاعتبار، وفساد الوضع، والقول بالموجب، والقلب، والمنع، والمطالبة (سرور، 2015).
ثم ذكر الاعتراض على الاستدلال بالإجماع والأسئلة الستة الواردة عليه –قسم بعض الجدليين الأدلة باعتبار آخر على رأسهم الشيرازي والباجي (سرور، 2015)-، وهي:
«-الأول: منع تصوره لتفرق أهله في البلاد البعيدة، وتفاوت فطنهم.
-الثاني: منع كونه حجة.
-الثالث: الطعن في طريقه إن أمكن.
-الرابع: منع إشهار قول الصحابي ومذهبه.
-الخامس: بيان وجود مخالف إن كان.
-السادس: منع أن عدم نقله يدل على عدمه.
-السابع: تسليم أن لا مخالف بقوله، وسكوته لا يدل على الموافقة.
-الثامن: أن اختصاص الحكم به.
-التاسع: معارضته بنص غاية في القوة (سرور، 2015).
أما عند حديثه عن المناسبة فقد قسمها إلى ثلاثة أقسام: ضرورية، وحاجية، واستحسانية، ويلحق بكل منها تتمة، وقسمها باعتبار آخر إلى ملائم، وغريب، ومرسل.
وبيّن أن المناسبة تقتضي الحصر، وذكر شروط انخرام المناسب، ووضح شرط المناسبة، وختم بتعليل الحكم بالمظنة، وهي التي يُظن حصول الحكم عندها (فورك، 1999).
منهج الاستدلال عند ابن سرور الحنبلي
اتفق الأصوليون على حجية الاستدلال كأصل من الأصول الخمسة لأصول الفقه، وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستدلال، لكنهم اختلفوا في تشخيص حقيقة هذا الأخير وتحديد موضوعاته، وذلك لترددهم في مفهومه.
لقد تنوعت موضوعات الاستدلال لكن جرى اتفاقهم على أربعة منها، ستكون محل إسقاطنا على كتاب الجدل لابن سرور، من أجل الكشف عن البنى المنهجية التي ارتكز عليها الكتاب، وهي:
الاستدلالات المنطقية
يصدر المؤلف كتابه في الاستدلال بشرحه للموضوعات المنطقية، مقتصرا على ذكر نوعي القياس الاقتراني والاستثنائي، وشرحهما شرحا لا يتجاوز الكتب المنطقية، مع ذكر أشكال القياس، إلا أنه لا يدخل في تفاصيل الاستدلال وإيراد الاعتراضات على الحدود، إلا أنه أورد في آخر مبحث من الكتاب وجوه الاعتراض على القياس، والإجماع بذكر تلك الوجوه دون الإفاضة في شرحها كما هي عادة المكثرين، أمثال ابن الجوزي في كتابه الإيضاح في قوانين الاصطلاح، وابن حزم، والطوفي، وغيرهم.
ذكر المؤلف القياس الاقتراني والاستثنائي، وعرفهما، قال في الاقتراني: هو «ما لا يذكر اللازم ولا نقيضه فيه بالفعل» (سرور، 2015).
ذكر كلمة «النقيض» لإخراج القياس الاستثنائي، أما قيد «بالفعل» فهو لإخراج القياس بالقوة المتعلق بالقياس الاقتراني.
ومن المعلوم أن لكل قياس صورة ومادة، أما الصورة فهي هيئة الترتيب للمقدمات، وهي ما يظهر في «الأشكال الأربعة» بحسب تغيّر الحد الأوسط، ومن عادة بعضهم أنه يعتمد في مادة الاستدلال على الصور العقلية فقط، وبعضهم الآخر يورد الأدلة الشرعية، وهو ما درج عليه المؤلف ، أي تركيب الاستدلال من الأدلة الشرعية والمنطقية،يقول: «الأدلة وهي خمسة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس،والاستدلال» (سرور، 2015)، يقول: «إن وجد السبب ثبت الحكم، وقد وجد فأعلمت لظهورها كما في قوله سبحانه تعالى: :﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ٢٢﴾ (الأنياء: 22)، فأنه لولا إضمار ما فسدتا لما حصلت النتيجة» (سرور، 2015).
ووجدنا أن المؤلف يفرق بين القياس والاستدلال، حيث ذكر باب القياس أولا وأردفه بالاستدلال منفصلا عنه، وقد جرت عادة بعض الأصوليين في عدم التفريق بينهما للالتباس الذي يقع من جهة تداخل مواضيعهما.
واستدل المؤلف –رحمه الله- بـ»برهان الاعتلال»: وهو قياس صورة بصورة أخرى تنتظم بمقدمتين ونتيجة (القطيعي، شرح كتاب قواعد الأصول ومعاقد الفصول، 2006)، ومثاله: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، فلزم أن كل مسكر حرام (سرور، 2015).
وكذلك استدل بـ «برهان الاستدلال»: وهو أن يستدل على الشيء بما ليس موجبا له إما بخاصيته كالاستدلال على نفلية الوتر بجواز فعله على الراحلة (القطيعي، 2006).
وكذلك حضور «برهان الخلف» وهو كل شيء تعرض فيه لإبطال مذهب الخصم فيلزم صحة مذهبه، إما بحصر المذاهب وإبطالها إلا واحدا، أو يذكر أقساما ثم يبطلها كلها، قال المؤلف: «ومما يستدل به أيضا في طرق النفي قولهم: لا سبب فلا مسبب لانحصار المثبت في النص والإجماع» (سرور، 2015)، وكذلك استدلاله بالسبر والتقسيم، قال: «وإنه بحث وسبر فما وجد نصا ولا إحماعا ...»، وإلا وله المعتق به، وإنه بحث وسبر فما وجد نصا ولا إجماعا مع خلاف».
والمعلوم عند المناطقة أن النتيجة تبنى على مقدمتين فأكثر، لكن الجدلي قد يضمر إحدى المقدمتين لشهرتها، وذلك كقوله تعالى: «لو كان فيهما آلهة إلا الله فلسدتا»، فإن حصول النتيجة متوقف على مقدمة اخرى ظاهرة، وهي «وما قسدتا» (سرور، 2015).
الاستدلال بالأسباب والشروط والموانع
 كقولهم «وجد السبب فيوجد الحكم».
الأقيسة الشرعية عير العليّة
لم يتعرض ابن حزم لأنواع القياس لأنه لا يراه دليلا، أما الطوفي فقد ذكر «قياس الدلالة» في أنواع الاستدلال، وكذلك فعل ابن الحوزي، قال: «الاستدلال بحكم على حكم فهذا في حقيقته قياس دلالة»، وكذلك «نفي الفارق»، وتم ذكرهما لأنه كثيرا ما يقع الخلط بين القياس والاستدلال، فتم إيرادهما لإخراجهما من قياس العلة (الدليمي، 2020).
وقد نبه المؤلف إلى أن قياس العلة مخالف لغيره من أنواع القياس باعتبارها أوجها للاستدلال عندما ذكر في «شرائط الحدود»: القياس في معنى الأصل، وقياس العلة، وقياس الدلالة، وقياس الإخالة، وقياس الشبه (سرور، 2015)، فإيراده لهذه الأنواع وتعريفه لها من باب التصريح على الفروق الواضحة بين القياس والاستدلال، ولكنه مع ذكره لها آثر أن يشرحها في باب القياس (الدليمي، 2020)، والتي لا تنال إلا بطول تأمل وممارسة.
الاستدلال بالأدلة التبعية (المختلف فيها)
كالاستصحاب، والاستحسان، وقول الصحابي ... 
مع العلم أن المدارس الأصولية في الاستدلال تنوعت إلى ثلاثة مناهج، وهي: منهج المكثرين في الأخذ بالاستدلالات المنطقية، ومنهج المتوسطين، ومنهج المقتصدين (الدليمي، 2020) .
ذكر الشيخ دليلان من الأدلة المختلف فيهان وهي: مذهب الصحابي، والاستصحاب، وجعل من مذهب الصحابي الدليل الثالث في الاستدلال، وذكر في اعتباره حجة روايتان عن الإمام أحمد (سرور، 2015)، ومن الحنابلة من جعله حجة إذا خالف القياس.  
وقول الصحابي حجة يقدم على القياس، ويخص به العام، وهو قول مالك وبعض الحنفية خلافا لأبي الخطاب، وجديد الشافعي، وعامة المتكلمين، وقيل: الحجة قول الخلفاء الراشدين، وقيل: الشيخين (الطوفي، 2021).
 
 طرق الاعتراض
تميز الجدل الأصولي بكثرة الاعتراضات التي أوردها المصنفون في علم أصول الفقه، خدمة لمباحثهم وجريا على مناهجهم، لذلك اعتنى المؤلف بالاعتراضات التي أوردها في ثنايا مبحث الكتاب والسنة، وأفرد للإجماع والقياس باب خاصا بها في آخر الكتاب (سرور، 2015)، واختار من الأسئلة: سؤال الاستفسار، ثم سؤال الاعتبار، ثم سؤال فساد الوضع، وبعده القول بالموجب، والقلب، ثم المنع، والمطالبة.
وذكر: 1-الاعتراض على الاستدلال بالقياس، 2-الاعتراض على الاستدلال بالإجماع وحصرها بتسعة أسئلة (سرور، 2015)، ثم ختم الكلام في المناسبة، وهي عنده ثلاثة أقسام: ضرورية، وحاجية، وتحسينية (سرور، 2015)، وأتم الكتاب بشروطها وتعليل الحكم بالمظنة (سرور، 2015).
 
جدول (01): منهج ابن سرور في الاستدلال 
الاستدلالات المنطقية الاستدلال بالقياس الاقتراني والقياس الاستثنائي
التناقض
الاستدلال بوجود الملزوم على وجود اللازم
الاستدلال بقياس الخلف
حصر مدارك الأدلة
الاستدلال بالشكل الأول من الحملي
الاستدلال بوجود الملزوم على وجود اللازم
إذا وجد المانع انتفى الحكم
برهان الاعتلال
برهان الاستدلال
برهان الخلف
السبر والتقسيم
ما يتعلق بالسبب والشرط لزوم الحكم عن المقدمات إذا ثبت الحكم بدليل سالم عن المعارض أو عملا بالترجيح
وجود السبب فيوجد الحكم
الأقيسة الشرعية عير العليّة القياس الجلي
قياس الدلالة
الأدلة المختلف فيها مذهب الصحابي
الاستصحاب
استصحاب الحال في النفي الأصلي المعلوم لدليل العقل
استصحاب الإجماع في محل الخلاف
استصحاب الحال في شرع من قبلنا
الاعتراضات الاعتراض على الاستدلال بالقياس والإجماع
 
خاتمة
لقد وصلت هذه الورقة إلى النقاط التالية
-وجود تداخل معرفي بين العلوم من شأنه المساهمة في خلق مساحات جديدة في المعرفة، كما هو الحال بين أصول الفقه والمنطق والجدل اليوناني.
-يختلف الجدل الأصولي عن الجدل اليوناني في القصدية، إذا غاية الأخير هي الخصم والإفحام، أما الجدل عند الأصوليين فغايته بيان الحق وإرضاء الله تعالى، وبالتالي فإن للقصدية دور كبير في توجيه الحوار بين الطرفين.
-مساهمة الجدل الأصولي في ترتيب المادة الأصولية، وبيان الأسئلة التي توجه البحث وتعين على تحرير محل النزاع.
-إثراء الجدل الأصولي لعلم أصول الفقه من خلال: مناقشة المسائل العلمية، وترتيب مادتها، مع توسع في المفاهيم الأصولية، وبين تأثير الجدل الأصولي في مناحي التأليف في علم أصول الفقه.
-بيان مساهمة المسلمين في تطوير الجدل الأرسطي من جهة إضافات جديدة عليه، كالأسئلة الخمسة التي يطرحها السائل، وتسويع دائرة الاستدلال خارج أسوار المنطق الأرسطي.
-مساهمة المؤلف «علي بن سرور الحنبلي» - بشكل عام - في توضيح بعض مباحث الجدل الأصولي من خلال كتاب مختصر.
-تفريق المؤلف بين القياس والاستدلال، باعتباره من المدرسة التي تفرق بينهما خلافا للرازي وغيره.
-اعتماد المؤلف على الاستدلال بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، إظهار للخصوصية الإسلامية.
-بيان المؤلف أن الاستدلال خارج عن الأدلة الأربعة.
0-بناء الاستدلال على القياس المنطقي، وهو بذلك يشير إلى أخذه بالقياس الأصولي (قياس الشبه) والقياس الأرسطي معا.
-تنوعت مذاهب الآخذين بالجدل الأصولي إلى ثلاثة مدارس: مدرسة المكثرين، ومدرسة المتوسطين، ومدرسة المقتصرين، وكلها تتعامل بالقياس الأرسطي.
 
أحمد حسن شحاتة، قواعد الاستدلال بين المتكلمين والفلاسفة في القرن الرابع والخامس الهجريين -دراسة تحليلية مقارنة-. (2017). بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات.
أ.د الهواري يوسي. (2021). المدخل المنهجي إلى أصول الفقه. الجزائر: دار الإمام مالك.
أ.د سعيد بن متعب بن كروم القحطاني. (1437هـ). السبر والتقسيم وأثره في التقعيد الأصولي. الرياض: الجمعية الفقهية السعودية.
ابن تيمية. (2005). الرد على المنطقيين. بيروت: مؤسسة الريان.
أبو اسحاق الشيرازي. (1988). شرح اللمع. بيروت: دار الغرب الإسلامي.
أبو المعالي الجويني. (2016). الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد. القاهرة: مكتبة الخانجي.
أبو الوليد الباجي. (2014). المنهاج في ترتيب الحجاج. تونس: دار الغرب الإسلامي.
أبو علي ابن سينا. (2015). الهداية في المنطق. بيروت: دار الكتب العلمية.
أبو منصور البغدادي. (2020). عيار النظر في علم الجدل. الكويت: أسفار لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية.
أبو يعلى الفراء. (1990). العدة في أصول الفقه. المملكة العربية السعودية: بدون ناشر.
أبوببكر محمد بن الحسن بن فورك. (1999). الحدود في الأصول -الحدود والمواضعات-. بيروت: دار الغرب الإسلامي.
الحسان شهيد. (2011). نظرية النقد الأصولي -دراسة في منهج النقد عند الإمام الشاطبي-. الولايات المتحدة الأمريكية: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
القاضي عبد الجبار. (2011). المغني في أبواب العدل والتوحيد. بيروت: دار الكتب العلمية.
إمام الحرمين الجويني. (1979). الكافية في الجدل. القاهرة: مطبعة عيسى بابي الحلبي وشركاؤه.
إيمان بنت سالم قبوس. (2015). الاستدراكات الأصولية -دراسة تأصيلية تطبيقية على المصنفات الأصولية من القرن الثالث إلى القرن الرابع هجريا-. مكة المكرمة.
جوزايا رويس. (2002). مبادئ المنطق. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة.
حمد بن إبراهيم العثمان. (2011). أصول البحث والمناظرة في الكتاب والسنة. القاهرة: دار الفرقان.
حمو النقاري. (2010). منطق الكلام -من المنطق الجدلي الفلسفي إلى المنطق الحجاجي الأصولي-. الرباط: دار الأمان.
خالد ترغي. (2017). المناظرة في الفقه من منطق الجدل إلى منطق الحوار. بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات.
د. عبد الرحمن بدوي. (1977م). المنطق الصوري والرياضي. الكويت: وكالة المطبوعات.
د.أحمد نور بدر، و فتحي عبد الهادي د.محمد. (1995). التصنيف فلسفته وتاريخه، نظريته ونظمه وتطبيقاته العلمية. الرياض: دار المريخ.
د.أريج فهد عابد الجابري. (1440هـ). قوادح العلة في القياس بين علم أصول الفقه وعلم الجدل. مجلة الجامعة الإسلامية، الصفحات 535-588.
د.الجيلالي المريني. (2002). القواعد الأصولية وتطبيقاتها الفقهية عند ابن قدامة في كتابه المغني. الدمام: دار ابن القيم للنشر والتوزيع.
د.حسن حنفي. (2005). من النص إلى الواقع -محاولة لإعادة بناء أصول الفقه-. القاهرة: مركز الكتاب للنشر.
د.عائشة يوسف المناعي. (1997). الجدل القرآني عند نجم الدين الطوفي. حولية كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية، قطر، صفحة 37.
د.محمد فتحي عبد الله. (1995). الجدل بين أرسطو وكانت -دراسة مقارنة-. لبنان: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.
د.مسعود فلوسي. (2003). الجدل عند الأصوليين بين النظرية والتطبيق. الرياض: مكتبة الرشد.
د.مشعل بن عبد الله بن دجين السهلي. (جوان, 2021). علم الجدل الأصولي. مجلة علوم الشريعة والدراسات الإسلامية، صفحة 802.
د.مشعل بن عبد الله بن دجين السهلي. (جوان, 2021). علم الجدل وأثره في أصول الفقه. مجلة العلوم الإسلامية والدراسات الإسلامية، الصفحات 802-876.
د.يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين. (1414هـ). التخريج عند الفقهاء والأصوليين. الرياض: مكتبة الرشد.
د.يوسف مدراري. (2020). الاستدلال في علم الكلام الأشعري -دراسة في تلقي المنطق واستثماره في بناء الدليل-. لبنان: مركز نماء للبحوث والدراسات.
ذ.عبد الكريم البزور. (2020). الجدل الفقهي عند المالكية من التأسيس إلى التنزيل. بيروت: دار الكتب العلمية.
رابح أومودان. (2013). استراتيجية تلقي النص القرآني عند علماء الأصول. 37.
زكي نجيب محمود. (2001). محاورات أفلاطون. القاهرة: مكتبة الأسرة.
سعود بن عبد العزيز العريفي. (2020). النقد التيمي للمنطق -دراسة وتقريب-. لندن، المملكة المتجدة: تكوين للدراسات والأبحاث.
شمس الدين بن سرور. (2015). كتاب الجدل. بيروت: مؤسسة الرسالة ناشرون.
صفي الدين القطيعي. (2006). شرح كتاب قواعد الأصول ومعاقد الفصول. الرياض: كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع.
ضيف الله بن هادي بن علي الزيداني الشهري. (بلا تاريخ). أصول الفقه في القرن الثامن الهجري -دراسة تاريخية تحليلة-. 1426هـ: جامعة الإمام محمج بن سعود الإسلامية.
عبد الحميد مؤمن. (2017). آليات الاستدلال الكلامي العقلية وتأصيلها القرآني عند الإمام الشاطبي -دراسة وصفية تحليلية-. لبنان: مركز نماء للبحوث والدراسات.
عبد الرحمن بن عمر آل زعتري. (25 جوان, 2008). الجدل علم اصول فقه خاص. 
https://feqhweb.com/vb/threads/4515/.
علاء الدين ابن النفيس. (2015). شرح الوريقات في المنطق. بيروت: دار الكتب العلمية.
فخر الدين الرازي. (بلا تاريخ). محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين. القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية.
قسم التحرير. (فبراير, 2014). الجدل Dialectic. منشور على موقع مؤمنون بلا حدود، صفحة 
https://www.mominoun.com/tags/7328.
لجنة إعداد وتنظيم الكتب الدراسية. (1418هـ). المنطق ومناهج البحث. قم: مطبعة نينوى.
محد ياسين الفاداني. (2017). بغية المشتاق في شرح اللمع لأبي اسحاق. دمشق: دار ابن كثير.
محمد الأمين الشنقيطي. (1426هـ). أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. مكة المكرمة: دار عالم الفوائد.
محمد بن عبد السلام عوام. (2014). الفكر المنهجي العلمي عند الأصوليين. الولايات المتحدة الأمريكية: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
محمد بوهلال. (2013). الغيب والشهادة في فكر الغزالي. جداول للنشر والترجمة والتوزيع.
مشاري عبد الرحمن عبد الله الدليمي. (ديسمبر, 2020). مناهج الأصوليين في الاستدلال: دراسة وصفية مقارنة. مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية، الصفحات 559-616.
مشاري عبد الرحمن عبد الله الدليمي. (ديسمبر, 2020). مناهج الأصوليين في الاستدلال: دراسة وصفية مقارنة. کلية دار العلوم، الصفحات 559-616.
ناصر محمد يحي ضميرية. (2010). نقد المنطق الأرسطي بين السهروردي وابن تيمية. دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب.
نجم الدين الطوفي. (2017). عَلَم الجَذل في عِلم الجدل. دمشق: دار نينوى.
نجم الدين الطوفي. (2021). مختصر الروضة. الكويت: أسفار.
هشام بن محمد بن سليمان السعيد. (بلا تاريخ). ترتيب الموضوعات الأصولية ومناسبته -دراسة استقرائية تحليلية-. مجلة الجامعة الفقهية السعودية، الصفحات 11-185.

@pour_citer_ce_document

بوبكر العربي, «الجدل الأصولي من خلال كتاب الجدل لابن سرور الحنبلي»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : 227-244,
Date Publication Sur Papier : 2024-12-24,
Date Pulication Electronique : 2024-12-24,
mis a jour le : 24/12/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=10339.