النظريات النفسية العصبية المتعلقة بالأدلة العصبية لطيف التوحدNeuropsychological theories related to the neurological evidence of the autism spectrum Théories neuropsychologiques liées aux preuves neurologiques du spectre autistique
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


N°02 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 21-2024

النظريات النفسية العصبية المتعلقة بالأدلة العصبية لطيف التوحد
Théories neuropsychologiques liées aux preuves neurologiques du spectre autistique
Neuropsychological theories related to the neurological evidence of the autism spectrum
245-257
تاريخ الاستلام 2024-07-11 تاريخ القبول 04-12-2024

صباح بوقروز / اسماء خداوي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie
يهدف المقال إلى تسليط الضوء على النظريات النفسية العصبية التي تقدم تفسيرًا علميًا للأدلة العصبية المرتبطة بطيف التوحد. يسعى إلى ربط الأعراض السلوكية التي تظهر لدى الأفراد المصابين بالتوحد بالأساس العصبي الذي يساهم في ظهورها، مما يعزز فهمًا أعمق للاضطراب. كما يهدف إلى استعراض مختلف النظريات التي تشرح الجوانب العصبية للتوحد، مثل نظرية جذع الدماغ، نظرية الميهاد، ونظرية المخيخ، الفص الصدغي والمادة البيضاء في تحديد الآليات الدماغية التي تؤثر على التفاعل الاجتماعي ومعالجة المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، يناقش المقال دور الشذوذ الكيميائي العصبي المتمثل في الإفرازات غير الطبيعية، موضحًا تأثير هذه العوامل على بنية ووظيفة الدماغ. يسعى المقال في النهاية إلى تقديم رؤية متكاملة تسهم في تعزيز الأبحاث العلمية وتطوير استراتيجيات علاجية تستند إلى فهم أعمق للآليات العصبية المسببة للتوحد.
 
 
الكلمات المفتاحية:طيف التوحد,جذع الدماغ,المادة البيضاء,الشذوذ الكيميائي,الفص الصدغي
L’article vise à mettre en évidence les théories neuropsychologiques qui offrent une explication scientifique des preuves neurologiques associées au trouble du spectre de l’autisme. Il cherche à relier les symptômes comportementaux observés chez les individus atteints d’autisme à la base neurologique contribuant à leur apparition, renforçant ainsi une compréhension plus approfondie du trouble. L’article vise également à examiner diverses théories expliquant les aspects neurologiques de l’autisme, telles que la théorie du tronc cérébral, la théorie du thalamus, la théorie du cervelet, la théorie du lobe temporal et la théorie de la matière blanche dans l’identification des mécanismes cérébraux affectant l’interaction sociale et le traitement de l’information. De plus, l’article aborde le rôle des anomalies neurochimiques représentées par des sécrétions anormales, en expliquant l’impact de ces facteurs sur la structure et le fonctionnement du cerveau. En fin de compte, l’article s’efforce de fournir une perspective intégrée qui contribue à faire progresser la recherche scientifique et à développer des stratégies thérapeutiques basées sur une compréhension plus approfondie des mécanismes neurologiques à l’origine de l’autisme.    
 
Mots clés:Spectre autistique,tronc cérébral,substance blanche,anomalies chimiques,lobe temporal
The article aims to shed light on neuropsychological theories that provide a scientific explanation of the neurological evidence associated with autism spectrum disorder. It seeks to link the behavioral symptoms observed in individuals with autism to the neurological basis contributing to their emergence, thereby enhancing a deeper understanding of the disorder. The article also aims to review various theories explaining the neurological aspects of autism, such as the brain-stem theory, thalamus theory, cerebellum theory, temporal lobe theory, and white matter theory in identifying the brain mechanisms that affect social interaction and information processing.
Additionally, the article discusses the role of neurochemical abnormalities, represented by abnormal secretions, and explains the impact of these factors on the brain’s structure and function. Ultimately, the article strives to provide an integrated perspective that contributes to advancing scientific research and developing therapeutic strategies based on a deeper understanding of the neurological mechanisms causing autism.
 
Keywords:autism spectrum,brain stem,white matter,chemical abnormalities,temporal lobe

Quelques mots à propos de :  صباح بوقروز

Dr. Sabah Bougrouz   جامعة علي لونيسي البليدة 2، الجزائر  sabahb744@gmail.com 

Quelques mots à propos de :  اسماء خداوي

Dr. Asma Khedawi     جامعة علي لونيسي البليدة 2، الجزائر  asmanour23@yahoo.fr
مقدمة
اضطراب التوحد autisme أو الاجترار أو الذاتية: هي مصطلحات تستخدم في وصف حالة إعاقة من إعاقات النمو الشاملة كما انه اضطراب نمائي عصبي يتسم بتنوع واسع في الأعراض والتحديات التي يواجهها الأفراد المصابون به، بدءاً من صعوبات في التواصل الاجتماعي وتفاعلات غير نمطية مع البيئة، وصولاً إلى سلوكيات متكررة واهتمامات محدودة. ومع تقدم الأبحاث العلمية في مجال العلوم العصبية، تبين أن هذا الاضطراب لا يقتصر فقط على تأثيراته السلوكية والاجتماعية، بل يرتبط أيضاً بتغيرات هيكلية ووظيفية في الدماغ.
في هذا السياق، ظهرت العديد من النظريات النفسية العصبية التي تهدف إلى تفسير الأبعاد العصبية للتوحد من خلال دراسة الأدلة العصبية التي تتعلق بالمناطق المختلفة في الدماغ. من أبرز هذه المناطق هي المادة البيضاء في الدماغ، التي تلعب دوراً حيوياً في ربط الأجزاء المختلفة من الدماغ وتنسيق النشاط العصبي بين الخلايا العصبية. تشير الدراسات إلى أن تباين كثافة المادة البيضاء في مناطق معينة قد يساهم في تأخير أو تعطيل نقل الإشارات العصبية، مما يؤثر على العمليات الإدراكية والسلوكية لدى الأشخاص المصابين بالتوحد.
علاوة على ذلك، تبرز أهمية دراسة جذع الدماغ والفص الصدغي، حيث تشير الأبحاث إلى أن هناك اختلافات هيكلية ووظيفية في هذه المناطق لدى الأفراد المصابين بالتوحد. جذع الدماغ مسؤول عن العديد من الوظائف الحيوية مثل التحكم في التنفس ومعدل ضربات القلب، وقد أظهرت الدراسات وجود اضطرابات في النشاط العصبي في هذه المنطقة يمكن أن تؤثر على استجابة الأفراد للمؤثرات الحسية والعاطفية. من جهة أخرى، يعتبر الفص الصدغي، الذي يتعامل مع المعالجة الحسية والذاكرة، ميداناً مهماً لفهم كيفية تأثير التوحد على الإدراك والتفاعل الاجتماعي.
إلى جانب هذه التغيرات الهيكلية، تشير الأدلة العصبية أيضاً إلى وجود شذوذات في النشاط الكيميائي العصبي في دماغ المصابين بالتوحد. فقد لوحظ وجود اختلافات في مستويات بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، مما يمكن أن يسهم في تعديل الاستجابة العاطفية والسلوكية. هذه الشذوذات الكيميائية قد تفسر بعض الأنماط السلوكية المتكررة والاهتمامات المحدودة التي تميز التوحد. 
في النهاية، تتيح هذه النظريات النفسية العصبية فهماً أعمق لآليات عمل الدماغ لدى الأفراد المصابين بطيف التوحد، مما يسهم في تطوير استراتيجيات علاجية وتدخلية أكثر فعالية.
الاشكالية
أثار اضطراب طيف التوحد اهتمامًا واسعًا في الأبحاث النفسية والعصبية في محاولة لفهم آلياته العصبية. على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في هذا المجال، لا تزال الأسئلة العميقة حول الأسباب العصبية والدماغية لطيف التوحد عالقة. تُقدم النظريات النفسية العصبية المختلفة مجموعة من الفرضيات المتباينة التي تفسر العلاقة بين بنية الدماغ ووظائفه وسلوك الأفراد المصابين بهذا الاضطراب.
من بين هذه النظريات، تبرز تلك التي تشير إلى دور جذع الدماغ في تنظيم السلوكيات الاجتماعية والانفعالية، حيث يُعتقد أن الشذوذات في هذا الجزء من الدماغ قد تساهم في ضعف التواصل الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، تشير الدراسات إلى وجود شذوذات في المادة البيضاء التي قد تؤثر على الاتصال بين مختلف مناطق الدماغ، مما يفسر الاختلالات في المعالجة الحسية واللغوية. كما تلعب المناطق الصدغية في الدماغ دورًا محوريًا في فهم العوامل العصبية المسؤولة عن الإدراك الاجتماعي والتفاعلات العاطفية لدى الأفراد المصابين بالتوحد. وفي هذا السياق، تشير الأدلة العصبية إلى وجود خلل في معالجة المعلومات الحسية والعاطفية.
على الرغم من هذه النظريات المتنوعة، إلا أن هناك تحديات كبيرة في تحديد الآليات العصبية الدقيقة التي تؤدي إلى ظهور التوحد. حيث تظل العلاقة بين الشذوذات العصبية والاختلالات السلوكية غير واضحة تمامًا، ويصعب تحديد ما إذا كانت هذه التغيرات العصبية هي سبب مباشر للاضطراب أم أنها نتيجة لتفاعل مع عوامل بيئية أخرى. كما أن التفاوت الكبير في أعراض التوحد بين الأفراد يثير تساؤلات حول مدى التخصيص العصبي لهذه النظريات.
في هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى مزيد من الأبحاث العصبية المدمجة التي تجمع بين تقنيات التصوير العصبي المتقدم مع دراسة النماذج السلوكية والوراثية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأسئلة المتعلقة بكيفية تأثير العوامل البيئية والاجتماعية على تطور هذه الشذوذات العصبية تفتح مجالًا جديدًا للتفكير في تدخلات علاجية مبتكرة. وبالتالي، تُشكل هذه النظريات العصبية النفسية وتعدد الأدلة العصبية طيفًا من الأسئلة التي لا تزال بحاجة إلى إجابات واضحة، مما يستدعي توحيد الجهود البحثية لفهم أعمق لهذا الاضطراب العصبي.»
هذه الإشكالية الموسعة تستعرض مجموعة من النظريات النفسية العصبية المتعلقة بالأدلة العصبية، وتطرح تساؤلات تتعلق بالعلاقة بين التشريح العصبي والسلوك، إضافة إلى التحديات البحثية والعملية في فهم الاضطراب.
النظريات النفسية العصبية المتعلقة بالأدلة العصبية 
لقد تناولت نتائج بعض الدراسات الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب طيف التوحد ومن هذه الدراسات من تناولت فحص الأنسجة وعملية الأيض والهرمونات والأحماض الأمينية،وأيضا دور الموصلات العصبية في حدوث التوحد.
وجد أن هناك علاقة بين اضطراب طيف التوحد والعوامل الكيميائية العصبية وبصفة خاصة الاضطرابات التي تتمثل في خلل أو نقص أو زيادة في إفرازات الناقلات العصبية التي تنقل الإشارات العصبية من الحواس إلى المخ،حيث توصلت بعض الدراسات إلى أن هناك زيادة في تركيز إحدى الناقلات العصبية وهو Serotonin في دم 40% من الأطفال التوحديين،وعندما أمكن خوض هذا التركيز لوحظ تحسن وانخفاض في بعض الأعراض لدى هؤلاء الأطفال كما لوحظ تحسن في الأداء اللغوي. 
كما أكدت عدة بحوث أخرى على وجود عوامل كيميائية في حالات التوحد،ومن بينها بحث أجري في السويد،وتبين منه أن درجة تركيز حمض الهرمونافيالك أكثر ارتفاعا في السائل المخي المنتشر بين أنسجة المخ والنخاع الشوكي في حالات اضطراب طيف التوحد مقارنة بالأطفال العاديين،كما لوحظ في دراسات أخرى زيادة في تركيز إحدى الناقلات أو المواصلات العصبية وهو السيروتونيم في دم 40% من أطفال التوحد وعندما أمكن خفض هذا التركيز باستخدام عقار فينفولامين Fenfulamine لوحظ تحسن وانخفاض في بعض الأعراض. 
كما توصلت نتائج بعض الدراسات التي أجريت على الأطفال التوحديين في هذا المجال إلى أنهم يعانون من اضطرابات كيميائية حيوية كاضطرابات في عملية الأيض (الهدم والبناء)، واضطرابات في إفراز الهيبوريك، واضطرابات في كميات الجلوبيولين،ونقص كميات الجلوكوز والأنسولين، مما يؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب طيف التوحد (محمود حمدي شكري، 2020).
وبالمقابل،فإن الدلالة الوظيفية للاضطرابات التي تصيب النمو العصبي وعلاقتها بالاختلالات المتعلقة باضطراب التوحد لا تزال بحاجة لمزيد من البحث. فالعلاقات التكوينية – الوظيفية في من أجريت عليهم الأبحاث لم تكن متاحة في الدراسات المرضية العصبية،والقليل من الدراسات المعتمدة على التصوير الهيكلي حتى الآن سعت لإبراز هذه الأدلة،إلا أن المساعي لربط هذين المستويين من التحليل واجهت العراقيل بسبب التنوع الشديد للأعراض التي تتقاطع مع عدة مجالات ولا تجد لها مكانا في نتائج الأبحاث العصبية التي هي أيضا غير محددة. 
ويرجح (هيب ،1949) أن الطريقة الملائمة لتفسير نتائج إكلينيكية محددة هي «بإيجاد فهم تشريحي وفسيولوجي منطقي لما يعرف نفسيا بالمفاهيم، ونجد التعامل مع علاقته بالإدراك والتعلم». والمناحي النفسية والعصبية لفهم اضطراب التوحد توفر مستوى من التفسير قد يربط بين الأعراض النفسية المعقدة للتوحد مع الأعراض المرضية الأساسية في تركيبات الدماغ. وفي الأقسام التالية،نعرض مناقشات سريعة لبعض النظريات النفسية العصبية الشائعة حول اضطراب التوحد فيما يخص مناطق الدماغ المتعلقة بالتوحد. وكلما تستدعي الحاجة،نستشهد بنتائج التصوير العصبي الوظيفية functional neuroimaging المناسبة والنتائج الصادرة من المجالات الأخرى في علم الأعصاب المعرفي cognitive neuroscience.
نظرية جذع الدماغ Brainsten
يقترح (ريملاند، 1964) في أولى النظريات الحيوية حول التوحد أنه ينتج عن خلل في الجهاز التنشيطي الشبكي reticular activating system مما يحدث تبويبا غير طبيعي للانتباه. ورجح أن هذا الخلل يؤثر على التعديل الحسي ويحد من مقدرة الأفراد من ذوي اضطراب التوحد على إيصال المعلومات الحسية الجديدة إلى شذرات من الذاكرة.وذكر ارتباط جذع الدماغ مرة أخرى في نموذج التنشيط الصاعد الذي صممه (كينزبورن ،1987) وهو من اقتراح أن الانتباه الانتقائي المفرط وسلوك المثابرة في اضطراب التوحد ثانويان بالنسبة للشذوذ في الاستثارة غير المستقرة قد تساعد في تفسير بعض أعراض التوحد أية تطورات لكن في أشكال حديثة،رغم انحصار التركيز على دور الجهاز التنشيطي الشبكي أمام نماذج أخرى تفترض وجود خلل في الشبكة الانتباهية الموزعة التي تمتد من الجهاز التنشيطي الشبكي والمخيخ إلى المهاد والباحات القشرية، خاصة الفصوص الأمامية والجدارية.وقد لوحظ وجود نقص في هذه الشبكة في شذوذ التعديل الحسي ونقص الاستثارة وبطء توجه الانتباه.
ورغم ملاحظة وجود اختلال بجذع الدماغ في الدراسات المرضية العصبية التي أجريت على اضطراب التوحد، إلا أن الدلائل الفسيولوجية العصبية على وجود علاقة بين الفيزيولولجيا المرضية لجذع الدماغ والتوحد كانت متضاربة.فأشارت عدة تقارير إلى أن الاستجابات التي يحفزها السمع في الأطفال المصابين باضطراب التوحد كانت غير طبيعية، رغم تباين نتائج الأبحاث المعنية. وأظهرت بعض الدراسات كمونا زائدا خاصة بين ذروة الموجة الخامسة وذروة الموجتين الأولى والثالثة (استيفاناتوس، وجو، 2008). وهذه الأعطال تدل على وجود اضطرابات في الانتقال إلى أعلى إلى باحات الدامغ المتوسط midbrain والجسور المتقاربة rostralpons كما أنها تتعلق بالأعراض الكبرى للانتباه والتواصل الاجتماعي (Fein, et al., 1981)، في حين لم يتمكن آخرون من استخراج هذه النتائج (استيفاناتوس، وجو، 2008). ولاحظ (ماكجين، 1992) أن نتائج هذه الدراسات تتسم بالتعقيد والدليل على ذلك هو أن ضعف السمع المحيط كانا واضحا في عدد لا يستهان به من الأفراد المصابين باضطراب التوحد،غير أن (مازياد وآخرون، 2000) قد لاحظوا شذوذ في الاستجابات التي يحفزها السمع في جذع الدماغ (كمون ممتد في ما بين ذروة الموجة الأولى وذروة الموجة الثالثة) ليس فقط في المصابين باضطراب التوحد بل أيضا في أفراد الأسرة غير المصابين باضطراب التوحد في 48% من الأسر التي أجرت الاختبار.ويرجحون أن يفيد هذا الشذوذ بأن يكون علامة على الحساسية الجينية، إلا أنه ليس معروفا إن كان يبدو على أفراد الأسرة أصحاب النتائج الشاذة في جذع الدماغ أي أعراض تتطابق مع النمط الظاهري الأعم لاضطراب التوحد.
وكانت البيانات الصادرة من التصوير العصبي الهيكلي غير متسقة كذلك، فبعض الدراسات رصدت انخفاضا في حجم جيب جذع الدماغ (brainsten sinus volume Gaffney, et al., 1988)، وصغر حجم جذع الدماغ (Hashimoto, et al., 1992) في الأفراد المصابين باضطراب التوحد، بينما لم يجد آخرون أي فروقات جوهرية (Elia, et al., 2000).
وكان (رودير، 2002) هو أقوى مؤيد في السنوات الماضية لدور جذع الدماغ الرئيسي في نشأة اضطراب التوحد، وليدعم تأكيداته أتى رودير (1996) بأدلة من بحث اضطرابي عصبي على أجسام بعد الوفاة كشفت عن شذوذ نوايات عجزية من جذع الدماغ (غياب شبه كلي لنواة الوجه والزيتونة العلوية مع قصر في جذع الدماغ)، التي لا يمكن أن تكون قد حدثت بعد مرور المراحل الأولى من نمو الجهاز العصبي المركزي، كما ناقشت ارتباط اضطراب التوحد بالأذن الصغيرة وشذوذ الوجه ووفقا للجدول الزمني الثابت للعيوب الجسدية التي يسببها عقار الثاليدوميد، هذه الشذوذ تدل على حدوث الإصابة بعد 20 إلى 24 يوم من حدوث الحمل .وخلال هذه الفترة يبدأ الأنبوب العصبي للجنين في الانغلاق وتبدأ العصبونات في التكاثر في المنطقة البطينية،ويصف (بيلي وآخرون ،1995) ملامح شاذة البنية في الوجه المصابين باضطراب التوحد،ومنها اتساع المساحة بين الحدقتين وتقارب الحواجب تجاه خط المنتصف، ومن المعروف أن خصائص نمو الوجه هذه تبدأ في الأسبوع الـ 16 من الحمل. وعموما، تشير هذه النتائج إلى اضطرابات في النمو تحدث مبكرا بداية من الأشهر الثلاث الأولى للحمل.
ومؤخرا قدمت رودير وزملاؤها دليلا على الصلة الوراثية بجذع الدماغ، كما أن(إنجرام وستودجيل وهايمان وفيجلفيتش وفيتكامب ورودير، 2000) قد لاحظوا تشابها بين الشذوذ الموجود في جذع الدماغ الذي درسوه على دماغ شخص لديه اضطراب التوحد بعد الوفاة والضعف الملاحظ في جين هوكسا واحد (HOXA 1) في فئران الضرية القاضية.وبالتالي وضعوا منطقة ترميز جين (HOXA 1) في متوالية ووجدوا استبدال متكرر في حالات اضطراب التوحد مقارنة بالعينة الضابطة، ويرجحون احتمالية أن تكون تنوعات جين (HOXA 1) مسئولة عن النوع الفرعي من اضطراب التوحد بعد خلل جذع الدماغ (استيفاناتوس، وجو، 2008). 
نظرية المهاد Thalamus
تتساقط خلايا الجهاز العصبي التنشيطي الشبكي إلى المهاد وتكون استجابات مهادية في المدخل الحسي، ولأن كل المعلومات الحسية (باستثناء الشم) المتوجهة نحو القشرة الدماغية تمر خلال المهاد،تكون مهمته ضرورية للاستيعاب الحسي ولتركيز الانتباه  (Rafal & Robertson, 1995). كما أن المهاد يؤدي دورا مهما لتنمية الذاكرة واللغة والعواطف،وقد بحثت بعض الدراسات في دور المهاد المحتمل في اضطراب التوحد وذلك لأهميته في مجالات إدراكية عديدة. لكن لم تبرز صورة واضحة لعلاقته باضطراب التوحد رغم ذلك.
ورصدت الدراسات المرضية العصبية عامة الشكل والتنظيم الخلوي الطبيعي في المهاد (Kemper & Bauman, 1998). كذلك لم يتم رصد أي فروقات في الحجم المهادي في التصوير العصبي في أبحاث (جافني وآخرين،1989)، إلا أن جودة صور الأشعة في هذه الدراسة ليست كافية لرصد الشذوذ الخفي. ومؤخرا لم يجد كل من (تساتسانيس ورورك وكلين وفولكمار وشيشيتي وشلاتز ،2003) لم يجدوا أي فرق في الأحجام المهادية غير المعدلة بين البالغين المصابين باضطراب التوحد (12 شخص) ذي الأداء الوظيفي العالي مقارنة بأقرانهم الأصحاء، غير أنهم عندما أعادوا تقسيم المجموعتين إلى مجموعة «أصحاب الأدمغة الكبيرة» و«أصحاب الأدمغة الصغيرة»، وجدوا أحجام المهاد أصغر في المجموعة «ذات الأدمغة الكبيرة» المصابة باضطراب التوحد.وعلى النقيض من ذلك،رصد هيربيرت وآخرون (2003) حجم مهادي زائد قبل تعديل حجم الدماغ لكن ليس بعده.وأظهرت دراسة حديثة أجريت على التحليل الطيفي spectroscopy بالرنين المغنطيسي انخفاض في مستوى المهاد في الواسم العصبوني حمض ن-أسيتيل الأسبارتيك، ولكن الأدلة المتاحة من الدراسات التصويرية الوظيفية محدودة. ويلاحظ (سكاركستين وآخرون، 2000) انخفاض إرواء المهاد في اضطراب التوحد وأيضا يستدل (شوجاني وآخرون، 2000) بوجود القشرة المهادية والأمامية في تكوين منخفض للسيروتونين في التوحد.ومع قلة عدد الأفراد الذين تجرى عليهم الأبحاث ومع النتائج غير الموحدة، يعد ضروريا إجراء المزيد من الدراسات لإثبات وجود مسببات الأمراض في المهاد بشكل متكرر ومنتظم في الأفراد المصابين باضطراب التوحد أو خلوهم منها. وفي المجمل،لا يزال إسهام الخلل المهادي في اضطراب التوحد مثيرا للاهتمام لكنه غير مؤكد.
نظرية المخيخ Cerebellum
كما ورد سابقا، أظهرت الدراسات النسيجية على الدماغ لدى الشخص من ذوي اضطراب التوحد وجود انخفاض متكرر في خلايا بوركنجي في المخيخ. وبهذه النتائج، بدأ عديد من الدراسات في تحليل الخصائص الحجمية للمخيخ باستخدام التصوير بالرنين المغنطيسي الهيكلي ومقارنة بالعينة الضابطة، أظهر الأفراد من ذوي اضطراب التوحد حجم أصغر لدودة المخيخ خاصة في الباحات الخلفية.وللدودة صلات كثيفة بنواة الجذع الدماغي مثل الزيتونة السفلية والأكيمة العلوية وتكون الشبكية والمهاد وكذلك في القشرة الظهرانية الجانبية قبل الجبهية والقشرة الجدارية الخلفية، وتم التوصل إلى هذا الفرض بسبب قدرته على تكوين الجبهية والقشرة الجدارية الخلفية،وتم التوصل إلى هذا الفرض بسبب قدرته على تكوين (مثلا التثبيط أو وقف التثبيط) استجابات حسية تخص الوسائل العلاجية وتعيد توزيع الانتباه إلى مدخلات حسية مختلفة أو مناطق أخرى في المجال.كما أنه يسهم في التحكم بالحملقة بالعين والتحكم في حركة الرأس والعين وبعض أوجه الذاكرة الإجرائية procedural memory واستكشاف الجديد والتخطيط واستيعاب اللغة. 
ويقترح كورشيسني وزملاؤه (Courchesne, Yeung-Couchesne, Press, 1994) ( Hesselink, & Jernigan, 1988) أن العجز في الوظائف المخيخية يؤدي دورا رئيسيا في اضطراب التوحد. غير أن الباحثين الآخرين لم يجدوا فروقا حجمية في المخيخ.ولعل صعوبة تكرار هذه النتيجة ترجع إلى اضطرابات محتملة مثل معدل الذكاء والسن. ومن المحتمل أيضا أن يكون للفروقات على مستوى الخلية تأثيرا على وظيفة المخيخ أكبر من تأثير خصائصه التكوينية الشاملة الظاهرة.ورصدت الدراسات التي أجريت على التحليل الطيفي بالرنين المغنطيسي مستوى منخفض من حمض ن – أسيتيل الأسبارتيك (NAA) في المخيخ في اضطراب التوحد، مما يشير إلى نسب منخفضة من عدد العصبونات أو العقد العصبية المشبكية أو قابلية الخلايا العصبية للحياة والنمو (استيفاناتوس، وجو، 2008)
وفي دراسة تصوير عصبي وظيفية،درس آلين وكورشيسني (2003) التغيرات الأيضية (المرتبطة بالتمثيل الغذائي) في مخيخ الأفراد المصابين باضطراب التوحد خلال تأدية عدة مهام إدراكية وحركية. وبمقارنة الأفراد موضع البحث بأقرانهم الأصحاء من العمر نفسه أظهر المصابون باضطراب التوحد تنشيط مخيخي أكبر خلال المهام الحركية وأقل خلال المهام ذات الانتباه الانتقائي، وأحد وظائف المخيخ المهمة يشمل تعلم العلاقات التنبؤية في تسلسل الحدأأحداث لفتح المجال أمام الترقب والاستعداد للأحداث التالية. ولأن الأحداث التي عرضت خلال مهمة الانتباه كانت تظهر في ترتيب عشوائي وبسرعة، رجح آلين وكورشيسني أن المعدل المرتفع لمدخلات المنبهات خلال مهمة الانتباه قد سبق قدرات المتابعة في المخيخ المختل مما تسبب في نمط من ضعف التنشيط.
وفي السياق نفسه، يرجح (موستوفسكي وجولدبيرج ولاندا ودينكلا، 2002) أن الأفراد المصابين باضطراب التوحد ذي الأداء الوظيفي العالي يبدون خللا كبيرا في التعلم الإجرائي مقارنة بالعينة الضابطة ذات الارتقاء الطبيعي ويفسرون هذه الظاهرة على أنها انعكاس لمرض المخيخ. وبالإضافة إلى ذلك،من المعتقد وجود دور للمخيخ في عمليات التكيف الطبيعية،فأنواع معينة من التكيف المختص بطرف (غمزة) العين الذي تتسبب فيه القنوات بين جذع الدماغ والمخيخ تعاني اختلالات في الأفراد المصابين باضطراب التوحد (Sears, et al., 1994).
نظرية الفص الصدغي Temporal loble
ترى تكوينات الفص الصدغي الأوسط من فترة طويلة على أنها مصدر محتمل للزملات المرضية الأساسية في التوحد. فكانت ملاحظات (بأوتشر ووارنجتون، 1976) حول ضعف التذكر من الذاكرة الطويلة الأمد في الأطفال المصابين بالتوحد توحي بوجود خلل في قرن آمون أو ما يسمى بالحصين، ويعرف الحصين (قرن آمون) في البشر خاصة في منطقة جهاز التكوين الشبكي لأهميته في دمج المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد. فله دور أساسي في الذاكرة العرضية، التي تعمل على ترميز السياقات الزمانية والمكانية والظرفية للذاكرة. ومن المتعارف عليه أن للحصين دور في تكوين التمثيل النسبي بين المنبهات أو الأحداث الحسية. كما يفترض أنه مكون أساسي في الجهاز الإدراكي المركزي المختص بالتحكم في السلوك ذي التوجه الهدفي عبر المساهمة في استرجاع المعلومات من مخازن الذاكرة المتعلقة بالظرف الحالي. والتلف الثنائي في قرن آمون يعيق الأوجه المتعددة لذاكرة جديدة تتضمن التعلم لتسلسلات الأحداث وللقدرة على استرجاع التجارب الشخصية المحددة.
ويرجح (دولونج، 1992) أن فشل الذاكرة في اضطراب التوحد قد تعيق المقدرة على الربط بين العناصر الإدراكية لتكوين أبنية مترابطة. وفي غياب هذا التكامل، تكون الاستجابات السلوكية تحت السيطرة الكاملة المنبهات الخارجية أو لتشكل العادة،وبالتالي رأى أن أنماط التكرار / الحفظ الخاصة باللغة والذاكرة والتعاملات الاجتماعية التي تميز اضطراب التوحد قد تدل على اعتلال في النمو بسبب الاختلال في قرن آمون. غير أن الدراسات النفسية العصبية الأخيرة حول الأطفال الذين أصيبوا بآفات حصينية مبكرة أو إدراكية أظهرت أنه رغم ضعف الأداء في المهام المتعلقة باسترجاع الذاكرة العرضية (ذاكرة الأحداث الشخصية) يجيد هؤلاء الأفراد اكتساب مستويات طبيعية أو شبه طبيعية من الوظائف الإدراكية العامة واللغة المعرفة الدلالية ولا يبدو عليهم أي دليل على سلوكيات شبيهة باضطراب التوحد. وهكذا، رغم أن الخلل الحصيني في مرض التوحد قد يتسبب في مشكلات معينة في التعلم والذاكرة، تبقى علاقته بالاضطرابات السلوكية الأساسية غير واضحة.
وكما ورد سابقا، تم رصد تشوهات في قرن آمون على المستوى الخلوي في الدراسات المرضية العصبية التي أجريت على اضطراب التوحد، رغم أنها تبدو أكثر تباينا مما كان يعتقد من قبل. وبالإضافة إلى ذلك، لم ترصد الدراسات التصويرية العصبية الهيكلية فروقات متكررة في حجم الحصين مقارنة بالضوابط الاعتيادية، إذ كشفت بعض الدراسات عن انخفاض في حجم الحصين، بينما لم تجد الدراسات الأخرى أي فروق أو اختلافات.
ويقع الدور الذي تؤديه اللوزة الدماغية في اضطراب التوحد محط المزيد من الاهتمام، وتؤدي اللوزة الدماغية وظيفة أساسية في الاستثارة العاطفية وفي تحفيز ما يسمى بـ «التعلم العاطفي». وطريقة تركيب اللوزة الدماغية تمكنها من استقبال معلومات معدلة بشدة من القشرة الدماغية ويمكنها أن تحفز الاستيعاب التنفيذي والحركي والإدراكي عبر اتجاهات صادرة كثيفة شتى.ولأن النواة الجانبية تستقبل ارتسامات هائلة من عدة مناطق من القشرة بما في ذلك مقدمة القشرة الجبهة الوسطية medial prefrontal والقشرة المقدمة الجبهية الحجامية orbital prefrontal والتلفيف الصدغي العلوي والصف الظهراني للثلم الصدغي العلوي (STS) والقشرة الحزامية الأمامية والقشرة المحيطة بالأنف والقشرة الشمية الداخلية وقطع من الجزيرة. بالإضافة إلى ذلك،للوزة الدماغية القاعدية اتصالات متبادلة مع القشرة الحزامية الأمامية وقشرة DLP وقشرة OPF. وترجح الدراسات الوظيفية بالتصوير العصبي الأخيرة أن لوزة الدماغ مكون أساسي في شبكة تعمل على إضافة دلالات على المنبهات والأحداث البيئية المهمة. وللوزة الدماغ دور في الذاكرة من أجل المعلومات العاطفية خلال ارتسامات قوية من النواة الصدغية إلى القشرة الشمية الداخلية وهي المنطقة القشرية التي يستقبل منها الحصين أغلب المدخلات الحسية من القشرة الدماغية. وتحفيز المجموعة النووية القاعدية الوحشية يزيد الاستثارة والاهتمام للبيئة الخارجية بينما نشاط الأقسام الوسطية في اللوزة يعكس الحالات الداخلية (التنبيه يسبب سلوكا مرغوبا). أما النواة المركزية فتتوسط التعبير عن استجابات الخوف الشرطية (استيفاناتوس، وجو، 2008).
وكشفت الدراسات المرضية العصبية باستمرار لكن بتفاوت عن وجود شذوذ في التكوين الخلوي للوزة الدماغية في الأفراد المصابين باضطراب التوحد. فكانت نتائج الأبحاث من التصوير العصبي الحجمي غير متسقة.فالبعض رصد تضخما أحادي الجانب في اللوزة (الأيمن) (Sparks et al., 2002)، والآخر رصد تضخما ثنائي الجانب فيها بينما لم يرصد آخرون أي اختلاف في الحجم أو رصدوا انخفاضا في الحجم، وهذه التباينات ترجع إلى الاختلافات في تقسيم اللوزة. فمثلا،رأى (هوارد، 2000) ازديادا في حجم اللوزة الخلفية (كما في التلفيف الصدغي الوسطي والتلفيف الصدغي السفلي) وانخفاضا في حجم الأنسجة الرمادية في اللوزة الأمامية (كما في التلفيف حول الحزامي الأيمن والتلفيف الجبهي السفلي الأيسر).واستخدمت إحدى الدراسات قياس فوكسيل (voxel-based norphometry) على الدماغ كله وهو أسلوب حيادي لتوصيف حجم مناطق الدماغ ودرجة تركيز الأنسجة في كل منطقة.ودلت النتائج على زيادات في المادة الرمادية في الأجزاء الخلفية للوزة، وأيضا في التلفيف الصدغي الوسطي وفي باحات المخيخ. 
وأظهرت الدراسات التي أجريت على الحيوانات إمكانية ظهور أعراض شبيهة بالتوحد على القرود بعد قطع جراحي ثنائي في قرن آمون واللوزة الدماغية في فترة حداثة الولادة. وتطورت الاضطرابات السلوكية على مدار السنة الأولى من الحياة وبالتالي هي نموذج حيواني شيق للآثار التي تنشأ ببطء للآفات الأولى على التعلم الوجداني وتطور مخزون ملائم للسلوكيات الاجتماعية.والحيوانات التي تعرضت لآفات في بدايتها في اللوزة الدماغية والقشرة الشمية الداخلية المحيطة باللوزة،كما ظهر عليها شذوذ في النشاط الدوباميني في القشرة الأمامية عند بلوغها. وهكذا، ترجح هذه النتائج أن الآفات الكامنة في بداية الحياة من المحتمل أن تنتج اضطرابات واسعة في الأجزاء البعيدة من الدماغ. أما مظاهر هذا الشذوذ فتتضح في مرحلة لاحقة من النمو (استيفاناتوس، وجو، 2008).
ويرى فوذيرنجهام (1991) الاعتلال الأساسي في اضطراب التوحد هو عدم القدرة على تقدير الدلالات الانفعالية للمحفزات وإرفاق قيم تحفيزية اعتيادية للنبيهات، والخلل في اللوزة الدماغية يرى أيضا بأنه سبب في الشذوذ في استجابات الجهاز العصبي المستقل للأشخاص والأشياء الملاحظة في اضطراب التوحد (Hirstein, et al., 2001). ويرى براذرز (1990) الخلل اللوزي بأنه سبب الافتقار إلى «التعاطف» في اضطراب التوحد. وفي سياق متصل، يرجح بارون – كوين وزملاؤه – بناء على التصوير العصبي الوظيفي – بأن للوزة دور شديد الأهمية في استيعاب وتحليل مفاهيم الوضع العقلي ولاحظ تنشيط ضئيل للوزة في الأفراد المصابين بالتوحد ذي الأداء الوظيفي العالي خلال مهمة كان عليهم خلالها تمييز حالات عقلية معقدة من ملامح الوجه.
إن اللوزة الدماغية لها دور أساسي في تحليل الوجه بسبب اتصالها بمستويات متعددة من المعلومات البصرية التي يجري تحليلها في القشرة الصدغية والقذالية. وتضمنت اللوزة الدماغية في أوجه متعددة من إدراك الوجه مثل استيعاب تعبيرات الوجه خاصة المشاعر السلبية (Zald, 2003)، وفي تحليل معلومات حملقة العين، وبالفعل فإن بعض الخلايا العصبية في اللوزة الدماغية تستجيب أوليا للوجوه. وينتج عن التلف المكتسب للوزة الدماغية عجز في التعرف على المشاعر الأولية وفي التصرفات الاجتماعية الأكثر تعقيدا (Adolphs, 1999). غير أن عديدا من التقارير الحديثة ترصد نشاط طبيعي للوزة الدماغ خلال التعرف الانفعالي والاستيعاب الوجهي.
وترجح كثير من دراسات التصوير العصبي أن المصابين بالتوحد تظهر عليهم أنماط تنشيطية شاذة ونموذجية مميزة أثناء عملية معالجة الوجوه. وفي الأفراد العاديين، تشكل اللوزة الدماغية والتلفيف المغزلي الأيمن والتلم الصدغي العلوي superior temporal sulcus شبكة تعمل خصيصا لتفسير الوجوه،أما المثير للاهتمام فهو أن المصابين بالتوحد يظهرون تنشيطا بنسبة أقل في التلفيف المغزلي في نصف كرة المخ الأيمن، وفي الوقت نفسه تنشط المناطق الأخرى مثل التلفيف الصدغي السفلي والتلفيف الصدغي العلوي وهما عادة ما يعملان عند التعرف على الشيء.
ونظرا لأهمية النواة المخططية في إنتاج الحركة وفي الانتباه، بحث كثير من الدراسات الدور المحتمل لهذه الهياكل في اضطراب التوحد. والاكتشافات الحجمية في basal ganglia للمصابين بالتوحد كانت متغايرة بفرق كبير. ولاحظ سيرز وفيست ومحمد وبيلي ورانسون وبيفن (1999) أن المصابين بالتوحد لديهم حجم زائد في النواة المذنبة caudate (وهي أكبر العقد القاعدية في الدماغ) مقارنة بالمعتاد، بينما لم تظهر أي اختلافات بمقارنتها بالكرة الشاحبة globus pallidus أو البطامة putamen. وفي المقابل، رصد هيربرت وآخرون أحجاما كبرى للكرة الشاحبة أو البطامة في الأطفال الذكور المصابين بالتوحد ذي الأداء العالي مقارنة بأقرانهم الأسوياء،لكن لم يرصدوا أي فروق في حجم النواة المذنبة. ولم يجد هاردن وكليباتريك وكيشافان ومينشو (2003) أي فروق بين المصابين بالتوحد وأقرانهم الأسوياء بالنسبة لحجم المذنبة أو البطامة. وهكذا، لم تكشف أي من هذه الدراسات عن وجود فروق بعد تعديلها للحجم الكلي للدماغ.
وبعض الدراسات الحجمية وجدت صلة ترابطية بين النتائج الهيكلية وأعراض التوحد غير أن سيرز وآخرون (1999) رأى أن حجم المذنبة يرتبط إيجابا بـ «السلوكيات القهرية/الطقوس» التوحدية و«مع صعوبات أمام التغيرات الطفيفة في الروتين». وكانت هذه العلاقات الترابطية ذات دلالة حتى بعد التعديلات التي أجريت على حجم الدماغ الكلي. ومع عدم اتساق النتائج الحجمية بين الدراسات، لا يمكن إثبات دلالة هذه العلاقات في الوقت الحالي، لكن الشذوذ المتعلق بالأعراض الهوسية والقهرية كان مقرونا بالخلل في قشرة الفص الجبهي المداري orbital prefrontal والمناطق البطنية المستهدفة في القشرة الحزامية cingulate cortex. وقد يتسبب أي خلل في هذه الدورة في اضطرابات انتقائية في كبح الاستجابات للمؤثرات غير ذات الصلة وبحث عدد قليل من الدراسات القائمة على التصوير العصبي في وظيفة القشرة الحزامية في اضطراب التوحد. ويعمل الحزام الأمامي عملا مهما في الشبكات الأمامية المسؤولة عن مراقبة الحركة وتجميع موارد الانتباه. وتبرز أهميته في الانتقاء الحسي، واختيار الاستجابات عند مواجهة الأفراد مع تيارات متنافسة من المعلومات أو إمكانية الاستجابة. فمثلا، الحزام الأمامي يحفز إنتاج الاستجابات السليمة ويثبط التصرفات غير السليمة، ووجد هازلت وآخرون معدلات منخفضة من التمثيل الغذائي للجلوكوز في قشرة الفص الجبهي الأوسط medial prefrontal والباحات الحزامية في الأفراد المصابين بالتوحد مقارنة بالعينات الضابطة أثناء تأدية مهام تعتمد على التعلم اللفظي، وتم رصد هذه الملاحظة في سياق معدلات التمثيل الغذائي العالية في المنطقة القذالية والجدارية، إذ من المرجح أن التنشيط غير الاعتيادي للمنطقة القذالية والجدارية يعكس آليات تعويضية تتعلق بالخلل الحزامي الأمامي frontal-cingulate dysfunction.
واكتشف مولر وآخرون أنه عند استماع المصابين بالتوحد الأنغام البسيطة نقص لديهم التنشيط في القشرة السمعية وفي المقابل ظهر عليهم نشاط شاذ في التلفيف الحزامي الأمامي. ويرجح هؤلاء العلماء أن يكون هذا الأمر متعلقا لفرط الاستثارة أو فرط الحساسية hypersensitivity للتحفيز السمعي الملاحظ في اضطراب التوحد. وعلى عكس ذلك، وجدت لونا وآخرون أن الأفراد المصابين بالتوحد يظهرون معدل تنشيط أقل بكثير في قشرة الفص الجبهي الظهرانية dorso lateralis posterior والقشرة الحزامية الخلفية مقارنة بالمعايير السليمة خلال أداء مهمة للذاكرة العاملة المكانية كانت تعمل على قياس مدى دقة حركة العين لمكان تذكره المريض. ولم ترصد أي فروق في التنشيط في القشرة الحزامية الأمامية وساحات العين القشرية والجزر والعقد القاعدية والمهاد والمخيخ الجانبي، وفي المجمل تشير الدراسات باتساق كبير إلى انخفاض التنشيط في القشرة الأمامية في اضطراب التوحد، بينما كانت النتائج في القشرة الحزامية متباينة (استيفاناتوس، وجو، 2008).
وكان العجز في التحكم الأولي يرى كدليل على النقص في الدورة تحت القشرية الأمامية في اضطراب التوحد، والشبكات العصبونية المتعلقة بالتحكم الأولي تشمل مناطق أساسية في القشرة الأمام الجبهية (عادة قشرة الفص الجبهي الظهرانية وكذلك المناطق المجاورة مثل قشرة الفص الجبهي المداري) والروابط إلى القشرة الحزامية والعقد القاعدية والبنيان الحوفي والمهاد. ويرجح دوسون وملتزوف وأوستيرلينج ورينالدي (1998) وجود اعتلال في قشرة الفص الجبهي الظهرانية في حالة المشكلات في التخطيط والتقليد الحركي عند اختبار الأفراد المصابون بالتوحد.
وقام سالموند ودو هان وفريستون وجاديان وفارغا – خادم (2003) باستخدام قياس فوكسيل لدراسة الفروق الفردية في تركيب الدماغ في الأطفال والمراهقين المصابين بالتوحد ولاحظوا أن 13 من أصل 14 طفلا انخفض لديهم حجم قشرة الفص الجبهي المداري مقارنة بالعينات الضابطة. غير أنهم لم يجدوا دليلا على أن هذه الشذوذات تتعلق بتأدية مهام من نوعية اختبار ويسكونسون لتصنيف البطاقات الذي يرصد دائما الخلل في قشرة الفص الجبهي المداري إن وجد، لكن للأسف لم يوثقوا الأخطاء المتكررة بل استخدموا مجموعة من الإجابات السليمة.
ويرجح دوسون وكارفر وميلتسوف وباتاجيوتايدس وماكبارتلاند وويب (2002) أن الخلل في فصل الشبكة الأمامية قد يكون سببا رئيسيا للصعوبات التي يواجهها الأفراد المصابين بالتوحد فيما يخص تمييز الأرجاع المتعلقة بالمكافأة الاجتماعية وهي ضرورية لارتقاء الانتباه المشترك. وهذه الدورة -التي ترتبط بالانتماء الاجتماعي والمعرفة الاجتماعية-تشمل القشرة الأمامية النصفية ventromedial وقشرة الفص الجبهي الوسطي (بما فيها القشرة قشرة الفص الجبهي المداري المجاورة) والعقد القاعدية والبنيان الحوفي والمهاد. وفي الأفراد الطبيعيين تظهر هذه المناطق تنشطا متكررا خلال التصوير الوظيفي للمهام التي تتطلب استهتار قدرات نظرية العقل أو ما تعرف بـ «التذهين» mentalizing. ولوحظ انخفاض التنشيط في هذه المناطق في عدة دراسات حول اضطراب التوحد. وأظهرت دراسة بالتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني positron emission tomography أجراها كاستيلي وآخرون (2002) أن شبكة المعرفة الاجتماعية هذه أقل نشاطا في البالغين المصابين بالتوحد ذي الأداء العالي عند مشاهدتهم لمشهد حول تصرفات مخادعة، وأظهروا تحديدا نسبة تنشيط أقل في قشرة الفص الجبهي الوسطي والموصل الجداري الصدغي والفصوص الصدغية الأمامية بجوار اللوزة الدماغية. وكذلك كشف بارون – كوين وآخرون (1999) عن وجود تنشيط شاذ في الشبكة نفسها في الأفراد البالغين المصابين بالتوحد ذي الأداء العالي وزملة أسبرجر مقارنة بالعينات الضابطة عند تحصيلهم لاستدلالات ذهنية من صور للعيون. وأظهرت مجموعة طيف التوحد هذه نسبة تنشيط أقل في الباحات الأمامية ولا تنشيط في اللوزة الدماغية، لكن أظهرت تنشيطا هائلا في التلفيف الصدغي العلوي الثنائي. وفي المقابل،أظهرت العينات الضابطة مستويات عليا للتنشيط في اللوزة اليسرى والجزيرة اليمنى right insula والتلفيف الجبهي السفلي inferior frontal gytus. ورجح بارون – كوين وآخرون أن تكون المجموعة المصابة بالتوحد قد وضعت حملا كبيرا على الاستيعاب اللفظي والوجهي في بنى الفص الصدغي ليعوض عن شذوذ جذع الدماغ.
وتدعم الدراسات التي أجريت على تلف الدماغ البؤري فكرة الشبكة المعرفية الاجتماعية في القشرية التحتية الخاصة بقشرة الفص الجبهي الوسطي أو قشرة الفص الجبهي المداري. وتوصل ستوس وجالوب وآليكساندر (2001) لنتيجة مفادها أن مجموعة مختلطة من الأفراد ذوي الآفات الدماغية الأمامية من كان منهم ذو آفات ثنائية (تشمل قشرة الفص الجبهي الوسطي،وقشرة الفص الجبهي المداري) اتسم أداؤه في المهمة حول الخداع بالخلل،وقدرات نظرية العقل المتقدمة مثل تمييز الأخطاء هي أيضا ذات صلة بالآفات الثنائية بالقشرة الأمامية البطنية، لكنها لا علاقة لها بالآفات الأحادية في قشرة الفص الجبهي الظهرانية في الجانب الأيسر. غير أن دراسة حالتين أخريين، لكنها لا علاقة بها بالآفات الأحادية في قشرة الفص الجبهي الظهرانية في الجانب الأيسر.غير أن دراسة حالتين أخريين (استيفاناتوس، وجو، 2008). 
 رصدت تجنبا لقدرات نظرية العقل مع التلف الثنائي الشديد للباحات الأمامية مثل القشرة الأنسية والحجاجية. وتدل هذه النتائج المتضاربة على توزيع المعرفة الاجتماعية بشكل واسع على قشرة الفص الجبهي والمداري والقشرة الصدغية والباحات تحت القشرية 
 (Siegal & Varley, 2002). ويرجح (بيرد وآخرون، 2004) أن يكون الجزء الأكبر من قشرة الفص الجبهي الوسطي أساسيا (ربما لدوره التنظيمي) لكن ليس بالضرورة في عملية استيعاب نظرية العقل.
ويرى عديد من النظريات أن الأجهزة العصبية التي تقدم خدمة ثانوية لنظرية العقل تتميز عن الأنظمة العصبية التي تعمل في وظائف تنفيذية. ويرى (رو، بالوك، بولكي، موريس، 2001) أنه رغم عجز الأفراد ذوي الأعطاب الدماغية الأحادية المختلطة في مهام نظرية العقل والمهام التنفيذية، لم تكن هناك أي صلة بين الاختلالات. وكشف عدد صغير من دراسات الحالة عدم وجود صلة بين نظرية العقل والوظيفة التنفيذية التي تنتج عن الالتهاب العصبي neural insult، والمعالجة التنفيذية السليمة نسبيا ظهرت في مقابل قدرات نظرية العقل الضعيفة نسبيا، كما لوحظ أيضا وجود النمط المعاكس.
وفي النهاية، أشارت دراسة تتعلق بالحجم أجراها هيربرت وآخرون (2002) إلى أن الأطفال المصابين باضطراب التوحد يكشفون عن انعكاس بارز في عدم التماثل (L > R) يلاحظ كثيرا في القشرة الأمامية المتعلقة باللغة. وبينما كشف الأطفال المصابون بالتوحد عن عدم التماثل بنسبة 27% في القشرة الأمامية اليمنى، كان حجم نصف كرة الدماغ في العينات الضابطة أكبر بنسبة 18%. ويرجح هؤلاء الباحثون أن هذه الشذوذات البنيوية تتعلق بالاضطرابات التي تصيب عمليات التفاعل والكفاءة الاجتماعية واللغة التي تشيع في اضطراب التوحد.
نظرية المادة البيضاء White matter
يعد الجسم الجاسئ corpus callosum أكبر وأبرز ممر محوري مسئول عن نقل المعلومات بين شقي الدماغ، والتصوير العصبي أظهر تكرارا في نتائجه حول اضطراب التوحد وجود انخفاض حجمي في أقسام الجسم الجاسئ. ولقد وجد هاردن ومينشو وماليكاريون وكيشافإن (2001) أن أبرز انخفاض في حجم الجسم الجاسئ كان في ركبته ومقدمته،الجسم الجاسئ وهو يحوي نتوءات بين باحات القشرة الأمامية الجبهية، وهذا الأمر يتوافق مع الدليل السلوكي للخلل في الفص الأمامي مثل التشوهات في الوظيفة البصرية الحركية والعجز في الوظائف التنفيذية وضعف التحكم في النبض. وأحيانا ينكمش حجم المنصة المجاورة التي تحمل النتوءات بين القشرة الحجاجية والقشرة الأمامية. ومن المحتمل أن تكون هذه النتائج متصلة بالأعراض الوسواسية – القهرية أو السلوك الطقوسي. بينما لاحظ هاردن وآخرون تكرار ظاهرة انخفاض حجم الأقسام الخلفية للجسم الجاسئ، لم يستطيعوا إثبات دلالة الأمر. وفي حين آخر، لاحظت دراسات أخرى وجود انخفاض في حجم الدودة الذنبية caudal third في الجسم الجاسئ. 
ورصد كورشيسني (2001) اختلالات في مسار نمو المادة البيضاء في اضطراب التوحد، فأظهر الأطفال في عمر 2 إلى 3 سنوات حجم زائد للمادة البيضاء المخية والمخيخية،بينما أظهر الذكور الصبيان حجما أقل للمادة البيضاء المخية والمخيخية. وانخفاض الحجم المرتبط بالسن يشير إلى اضطرابات في التواصل بين شقي الدماغ، وينتج هذا الانخفاض عن إما اضطراب في تكوين الميالين أو انحرافات في الكثافة أو التنظيم المحوري.
وأوضحت دراسة تستخدم التصوير الدكاغي الموزعين بمعامل الانتشار، وهو نوع من التصوير يتيح رؤية هيكل قناة المادة البيضاء وجود شذوذ ممتد بين باحة التلفيف الحزامي إلى بنية وذنب الجسم الجاسئ والباحات الأمامية البطنية الأنسية. ومن المحتمل أن تعيق هذه الشذوذ عملية استيعاب الوظيفة التنفيذية والمعالجة الحركية الحسية المتوقفة على الانتقال الفعال بين شقي الدماغ. وبالإضافة إلى ذلك،يمكن للشذوذ في المسارات التي تنطلق من التشعع البصري وتمر بالباحات الصدغية الوسطى لتصل إلى اللوزة الدماغية على الجانبين أن يقلل من مدى كفاءة معالجة المعلومات البصرية والدلالة الانفعالية المنسوبة إليها،ولوحظ وجود شذوذ في الوصلة الصدغية الجدارية على الجانبين وفي الباحات المجاورة في الـ STS. أي اختلالات في هذه الدورة قد تكون سببا في بعض المشكلات المتعلقة بتجميع المعلومات الضرورية لاستيعاب المنبهات المتعلقة بالمجتمع وهي من المشكلات التي يواجهها المصابين باضطراب التوحد.
نظرية الشذوذ الكيميائي العصبي neurochemical anomalies
من أكثر السمات الحيوية تكرارا في اضطراب التوحد هو المستويات المرتفعة للسيروتونين في الدم الكامل (صفائح الدم) (استيفاناتوس، وجو، 2008) الموجودة في 25% إلى 30% من المصابين. ويدخل السيروتونين في ضبط المزاج والقلق والتوتر. كما أنه يؤثر على النوم وضغط الدم.لكن تواجه دلالة هذه الدراسة التعقيدات بسبب حقيقة أن مستويات السيروتونين المستقلبة المركزية من السائل النخاعي لم تثبت وجود أي شذوذ متكرر في التوحد.لكن أشارت بعض البيانات الأولية التي نتجت باستخدام التصوير بإصدار البوزترون
 (Chugani, et al., 1997) إلى إمكانية عجز المصابين بالتوحد عن التمثيل الغذائي السيروتونين في القشرة الأمامية والمهاد والنواة المسننة. وتم التأكيد على دلالة هذه النتيجة بالدراسات الحديثة التي ترجح أن للسيروتونين خصائص تغذوية عصبية مهمة في نمو الدماغ
 (Whitaker-Azmitia, 2001). ويرجح العلماء أن السيروتونين يؤدي دورا في عملية تنظيم وتكوين الخلايا العصبية وتمايزها وتكون الميالين المحوري اللازم للمحاور العصبية والعقد الشبكية synaptogenesis.
وتبقى دلالة نقص إنتاج السيروتونين على نمو الدماغ ووظيفته في اضطراب التوحد بحاجة للمزيد من التفسير. ومن المثير للاهتمام أن المستويات المرتفعة للسيروتونين في صفائح الدم ظهرت أيضا في أفراد الأسرة (الآباء والأشقاء) (Leboyer, et al., 1999) وعلاجها باستخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائي (SSRI) مثل أنافرانيل ولوفوكس وبروزاك نجح في بعض الحالات في زيادة وظائف اللغة وتحسين السلوك الاجتماعي وانخفاض مستوى الأفكار المتكررة والعدوان. كما أن استنزاف التربتوفإن يسبب تفاقم السلوك التوحدي مما يدل على وجود انتقال استردادي سيروتيني المفعول بمستويات منخفضة لدى اضطراب التوحد. وتم ملاحظة وجود اختلافات في النمو إذ إن الأطفال من ذوي اضطراب التوحد قبل البلوغ لديهم تركيزات سيروتونين أقل من الأطفال بعد سن البلوغ. 
ويؤدي التأثير المفترض للقشرة الهاشمية الوسطى إلى التكهن بأن الاضطرابات في نقل الدوبامين تساهم في التسبب في اضطراب التوحد. أما مضادات الدوبامين (مثل هالوبيريدول) فأثبتت فائدتها في علاج السلوكيات النمطية وفرط النشاط لكنها لم تفيد في علاج مشكلات العلاقات الاجتماعية والتواصل.وباستخدام التصوير الدماغي بإصدار البوزترون وجد إرنست وزامتكين وماتوشيك وباسكوالفاكا وكوين (1997) نشاطا دوباميني ينخفض بنسبة 40% في القشرة الأمامية في الأفراد المصابين بالتوحد مقارنة بالعينات الضابطة،غير أنه لم تظهر أي فروق في رأس القشرة الحزامية أو البطامية أو العقدة السقفية البطينية أو الأمامية الجانبية. ويرجح إرنست وآخرون (1997) أن نقص الدوبامين يساهم في الاختلالات المعرفية في التوحد ويستدل على صلة من يعاني منها بمعاناته من بعض الاختلالات في نظرية العقل.
وفي عام 1979 وضع بانكسيب فروضه بأن التوحد هو عرض لزيادة الببتيدات الأفيونية الداخلية، وأظهرت النماذج التي استنبطت من الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن تعزيز وظيفة الجهاز الأفيوني الداخلي في الحيوانات الرضع قد ينتج أعراضا شبيهة بالتوحد.وارتفعت مستويات الببتيدات الأفيونية الخارجية – التي يمكن الحصول عليها من البروتينات الغذائية الكازيين والجليادين casein and gliaden – في بول الأطفال المصابين بالتوحد.ويشكك هانتر وآخرون في دراسة حديثة لهم في حساسية أساليب الفصل الكروماتوجرافي أو الاستشراب chromatography التي استخدمت في الدراسات السابقة. وباستخدام تقنية قياس الطيف الكتلية spectrometric وهي أفضل في الفاعلية من سابقتها، فشلوا في تكرار نتائج الببتيدات الأفيونية خارجية المنشأ العالية في التوحد، وبالتالي شككوا في نظرية الببتيدات الأفيونية الزائدة كمسبب لاضطراب التوحد. وبالإضافة إلى ذلك، رجح عديد من الدراسات وجود مستويات غير طبيعية من الإندورفين بيتا في الأطفال من ذوي اضطراب التوحد وأقربائهم، مما زادت من التساؤلات حول العلاقة بين التمثيل الغذائي الأفيوني واضطراب التوحد.
وأشار هامسان (2001) إلى أن وجود نسق من الاختلالات في أجهزة شبه مستقلة تدل على عطب تثبيطي في القشرة، ووضع فروضه بأن الأسس المرضية التي تتعلق بمستقبلات حمض الجاما أمينوبوتيريك (GABA) كانت خصلة مشتركة في حالات متعددة تتعلق بالتوحد مثل التشوهات في الكروموسوم 15 والاختلالات في الترميز الجيني للريلين وزيادة حالات التشنجات والآثار المتناقضة للبنزوديازيبين. وارتباطا بهذه الملاحظات،يرجح كاسانوفا وباكسهوفيدين وجوميز (2003) أن وجود خلل في ألياف حمض الجاما أمينوبوتيريك قد يتسبب في شذوذ في البنيان العمودي المصغر الموجود في القشرة الدماغية للمصابين بالتوحد (استيفاناتوس، وجو، 2008).
الخلاصة 
-تنوع الأسباب العصبية: تشير الأدلة العصبية إلى أن اضطراب طيف التوحد يتسم بتنوع الأسباب العصبية التي تؤثر على مناطق مختلفة من الدماغ. نظريات مثل تلك التي تركز على الشذوذات في المادة البيضاء، خصوصًا في مناطق الاتصال بين نصفي الدماغ، تؤكد على الدور الحيوي للتواصل العصبي الفعّال بين مناطق الدماغ. هذه الشذوذات قد تساهم في ضعف التنسيق العصبي، مما يؤدي إلى اضطرابات في المعالجة الحسية والاجتماعية.
-دور جذع الدماغ: دراسة تأثيرات جذع الدماغ على سلوك الأفراد المصابين بالتوحد تكشف أن اضطرابات في هذا الجزء قد تساهم في خلل التنظيم العصبي للسلوكيات الانفعالية والاجتماعية. يشير بعض الباحثين إلى أن اضطراب النشاط العصبي في جذع الدماغ قد يرتبط بصعوبة في التعامل مع التغيرات البيئية والاجتماعية، مما يفسر العديد من السلوكيات المتكررة أو الانغلاق الاجتماعي لدى الأفراد المصابين بالتوحد.
-الشذوذات في الفص الصدغي: أظهرت بعض الدراسات العصبية أن الشذوذات في الفص الصدغي، وهو الجزء المسؤول عن الإدراك الاجتماعي والمعالجة العاطفية، تلعب دورًا كبيرًا في اضطراب التوحد. قد يؤدي هذا الخلل العصبي إلى ضعف قدرة الأفراد على فهم الإشارات الاجتماعية مثل تعبيرات الوجه أو نبرات الصوت، مما يعوق التفاعل الاجتماعي والتواصل العاطفي.
-الاختلالات الكيميائية والوراثية: النظريات التي تركز على الشذوذات الكيميائية في الدماغ، مثل الاضطرابات في مستويات الناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، تشير إلى وجود تفاعلات معقدة بين العوامل العصبية والوراثية. هذه الاختلالات قد تؤثر على التواصل بين الخلايا العصبية وتساهم في ظهور الأعراض السلوكية المميزة للتوحد.
-التحديات في التفسير العصبي: بالرغم من التطور الملحوظ في البحث العصبي، لا تزال العديد من التساؤلات قائمة حول كيفية تأثير الشذوذات العصبية على سلوك الأفراد المصابين بالتوحد. يظل التفسير العصبي غير مكتمل، حيث تتداخل العوامل الوراثية والبيئية مع العوامل العصبية في تشكيل الصورة الكاملة لهذا الاضطراب. وبالتالي، فإن التفسير العصبي لاضطراب طيف التوحد لا يمكن أن يكون أحادي البُعد، بل يجب أن يتضمن مزيجًا معقدًا من العوامل العصبية والوراثية والبيئية.
-الاقتراحات والتوصيات
-بحوث ودراسات علمية في الميدان العصبي تثري وتضفي الوضوح على اضطراب طيف التوحد.
-بناء وتصميم برامج سلوكية تساعد الأطفال المصابين بطيف التوحد من تعديل سلوكاتهم الاجترارية والخروج من العزلة التي يفرضها عليهم هذا الاضطراب.
-بناء وتصميم برامج سلوكية نمائية لتطوير وتنمية بعض المهارات الاجتماعية التي تساعد الطفل المصاب بطيف التوحد على بناء علاقات مع اقرانهم.
-بناء وتصميم برامج سلوكية معرفية للوالدين الذين لديهم أطفال مصابين بطيف التوحد ترشدهم على كيفية المعاملة المثلى مع أطفالهم وخصوصا اثناء نوبات الغضب التي تجتاحهم. 
استيفاناتوس، جيري، وجو، ويلسون كيو. (2008). اضطراب التوحد (الذاتوية)Autistic disorder، في المصنف في علم النفس العصبي الإكلينيكي ج 1-الفصل 13، (عبد المقصود محجوب عماد، مترجم) القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية. (العمل الأصلي نشر في 2018). 
حسين صالح،قاسم. (2015). الاضطرابات النفسية والعقلية نظرياتها، أسبابها، طرائق علاجها. دار دجلة للنشر والتوزيع.
حمدي شكري،محمود. (2020). اضطراب طيف التوحد مشكلات المعالجة الحسية ومشكلات تناول الطعام : دار نبتة للنشر.
الفرحاتى السيد محمود، روس العيد، أبو العينين مرفت، المقدامي، محمد نعيمة، والطلى، سعيد فاطمة. (2015). اضطراب التوحد «دليل المعلم والأسرة في التشخيص والتدخل»: وحدة الاختبارات النفسية والتربوية بقسم البحوث. 
American psychiatric Association (1994): Diagnostic and statistical manual of mental disorders. (4th ed.). DSM-IV.
Chugani, D. C., Muzik, O., Rothermel, R., Behen, M., Chakraborty, P., Mangner, T., da Silva, E. A., & Chugani, H. T. (1997). Altered serotonin synthesis in the dentatothalamocortical pathway in autistic boys. Annals of Neurology, 42(4), 666 - 669. 
Elia, M., Ferri, R., Musumeci, S. A., Panerai, S., Bottitta, M., & Scuderi. C. (2000). Clinical correlates of brain morphometric features of subjects with low-functioning autistic disorder. Journal of Child Neurology, 15(8), 504 - 508. 
Fein, D., Skoff, B., & Mirsky, A. F. (1981). Clinical correlates of brainstem dysfunction in autistic children. Journal of Autism and Developmental Disorders, 11(3), 303 - 315. 
Gaffney, G. R., Kuperman, S., Tasi, L. Y., & Minchin, S. (1988). Morphological cvidence for brainstem involvement in infantile autism. Biological Psychiatry, 24(5), 578 - 586.
Hashimoto, T., Tayama, M., Miyazaki, M., Sakurama, N., Yoshimoto, T., Murakawa, k., Kuroda, Y. (1992). Reduced brainstem size in children with autism. Brain & Development, Reduced brainstem size in children with autism. Brain and Development, 14, 94 - 97. 
Hirstein, W., Iversen, P., & Ramachandran, V. S. (2001). Autonomic responses of autistic children to people and objects, Proceedings of the Royal Society of London Serles B-Biological Sciences, 268(1479), 1883-1888.  
Kemper, T. L., & Bauman, M. L. (1998). Neuropathology of infantile autism. Journal of Neuropathology and Experimental Neurology, 57(7), 645 - 652. 
Leboyer, M., Philippe, A., Bouvard, M., Guilloud-Bataille, M., Bondoux, D., Tabuteau, F., Feingold, J., Mouren-Simeoni, M. C., Launay, J. M. (1999). ‘Whole blood serotonin and plasma beta-endorphin in autistic probands and their first degree relatives’. Biological Psychiatry, 45, 158 - 163. 
Rafal, R. D., & Robertson, L. (1995). The neurology of visual attention. In M. S. Gazzaniga (Ed.), the cognitive neurosclences. Cambridge, MA: MIT Press.  
Sears, L., L., Finn, P. R., & Steinmetz, J. E. (1994). Abnormal classical eye-blink conditioning in autism. Journal of Autism and Developmental Disorders, 24(6), 737 - 751.
Siegal, M., & Varley, R. (2002). Neural systems imolved in ‘theory of mind’. Nature Reviews Neuroscience, 3(6), 463 - 471. 
Sparks, B. F., Friedman, S. D., Shaw, D. W., Aylward, E. H., Echelard, D., Artru, A. A. Maravilla, K. R., Giedd, J. N., Munson, J., Dawson, G., & Dager, S. R.  (2002). Brain structural abnormalities in young children with autism spectrum disorder. Neurology, 59(2), 184 - 192. 
Whitaker-Azmitia, P. M. (2001). Serotonin and brain development: Role in human developmental diseases. Brain Research Bulletin, 56(5), 479 - 485.
Zald, D. H. (2003). The human amygdala and the emotional evaluation of sensory stimuli. Brain Research Reviews, 41(1), 88 - 123. 

@pour_citer_ce_document

صباح بوقروز / اسماء خداوي, «النظريات النفسية العصبية المتعلقة بالأدلة العصبية لطيف التوحد»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : 245-257,
Date Publication Sur Papier : 2024-12-24,
Date Pulication Electronique : 2024-12-24,
mis a jour le : 24/12/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=10349.