لغات التّخصّص جسر لترقية اللّغة العربيّةThe Language Of specialisation is a bridge To Promote The Arabic Language Les Langues de spécialisation sont une passerelle pour promouvoir la langue arabe
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


N°02 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 21-2024

لغات التّخصّص جسر لترقية اللّغة العربيّة
Les Langues de spécialisation sont une passerelle pour promouvoir la langue arabe
The Language Of specialisation is a bridge To Promote The Arabic Language
258-265
تاريخ الاستلام 2024-07-09 تاريخ القبول 26-11-2024

أسمهان مصرع / نسرين غجاتي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie
يهدف هذا المقال إلى الكشف عن الأسرار المعززة لمكانة اللّغة العربية والرافعة لشأنها، لكونها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، ولغة لها من الإمكانات ما يؤهّلها لأن تكون لغة كلّ العلوم والتخصّصات، وذلك من خلال البحث في المفاهيم المتعلّقة بلغة التخصّص انطلاقا من اللّغة إلى اللّغة العامّة إلى المصطلح الذي يعدّ البوابة الرئيسة للولوج إلى أيّ علم من العلوم، ويتطلّب ذلك وضع المصطلح بدقّة من قبل متخصّصين في المجال، لنستطيع من خلاله معرفة المكانة التي يحتلّها هذا المصطلح في لغة التخصّص، خاصّة وأنّه يمثّل الرّكيزة الأساسيّة والمادّة الأولى في بنائها، وبه تتجسّد أهميّته في أيّ تخصّص من التخصّصات العلميّة، وبناء عليه يمكن طرح الإشكال: إلى أيّ مدى يمكن للغة العربيّة أن تكون لغة كلّ العلوم؟ بمعنى هل يمكن للعربيّة أن تكون لغة تخصّص؟ كيف يمكن استثمار لغات التخصّص للرفع من قيمة اللّغة العربيّة؟ كلّ ذلك سنحاول الإجابة عليه في هذه الورقة البحثيّة.
 
الكلمات المفتاحية: لغة التخصّص,العربيّة,العلم,المصطلح,اللغة العامّة
Cet article vise à révéler les secrets qui renforcent la position de la langue arabe et rehaussent son statut en tant que langue du Saint Coran et des Hadiths du Noble Prophète et en tant que langue susceptible d’être qualifiée de langue de toutes les sciences et de toutes les spécialisations, à travers une recherche sur les concepts liés à la langue de spécialisation, en partant de la langue vers la langue générale puis vers le terme qui est considéré comme la principale porte d’entrée pour accéder à toute science. Cela nécessite la définition précise du terme par des spécialistes du domaine, grâce à laquelle nous pouvons connaître la position que ce terme occupe dans la langue de la spécialisation, d’autant plus qu’il représente le pilier principal et le premier matériau de sa construction, et que son importance est incarnée dans toute spécialisation scientifique. Par conséquent, le problème peut être soulevé : Dans quelle mesure la langue arabe peut-elle être la langue de toutes les sciences ? En d’autres termes, la langue arabe peut-elle être une langue de spécialisation ? Comment pouvons-nous investir dans les langues de spécialisation pour accroître la valeur de la langue arabe ? Nous tenterons de répondre à toutes ces questions dans ce rapport de recherche.      
 
Mots clés:Langue de spécialisation,arabe,science,terminologie,langue générale
This article aims to reveal the secrets that enhance the position of the Arabic language and raise its status as it is the language of the Holy Qur’an and the Noble Prophet’s Hadith and a language that has the potential to be qualified to be the language of all sciences and specialisations through research into the concepts related to the language of specialisation, starting from the language to the general language then to the term that is considered the main gateway to accessing any science. This requires the precise definition of the term by specialists in the field, through which we can know the position that this term occupies in the language of the specialisation, especially since it represents the main pillar and the first material in its construction, and its importance is embodied in any scientific specialisation. Therefore, the problem can be raised: To what extent can the Arabic language be the language of all sciences? That is, can the Arabic language be a language of specialisation? How can we invest in the languages of specialisation to increase the value of the Arabic language? All of this will be tried to be answered in this research paper.
 
Keywords:Language of Specialisation ,Arabic,Science,Term,General Language

Quelques mots à propos de :  أسمهان مصرع

Dr. Asmahan Masraa    جامعة محمد لمين دبّاغين، سطيف2، الجزائر  i.masra@univ-setif2.dz

Quelques mots à propos de :  نسرين غجاتي

Nasrine  Ghadjati    جامعة محمد لمين دبّاغين، سطيف2، الجزائر  n.ghedjati@univ-setif2.dz 
مقدمة 
اللّغة أداة البيان ولا أدلّ على ذلك من قول الله تبارك وتعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ (الرحمن: 1،4)؛ وممّا لاشكّ فيه أنّ اللّغة العربيّة من أرقى اللّغات بلاغة وفصاحة لكونها لغة القرآن الكريم، بل وله الفضل في عالميّتها وإشراقتها رغم فترات ضعفها مقارنة باللّغات الأخرى، ولما كان للقرآن من الأهمّية والشموليّة والإعجاز ما يحتاج إلى التّدقيق والتّدبير والبحث كان الوقوف على أسرار العربيّة ومعرفة أنظمتها وخصائصها أمرا ضروريّا لابدّ منه، يقول اللّه عزّ وجلّ في كتابه العزيز:﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين﴾ الشعراء 192/ 195. 
والحقيقة التي لا مناص منها أنّ قمّة ما تبلغه لغة ما في الشّرف وعلوّ المكانة أن تكون لغة مبينة قادرة على الإفصاح عمّا في نفس المتحدّث وبنفس القدر تكون معقولة ومفهومة من قبل السّامع أو المتلقّي، يقول الله تعالى:﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (يوسف: 02)، واللّغة العربيّة إضافة إلى كونها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف تمتاز بالتّراث الدّيني والثّقافي والعلمي الهائل الذي لا نجد مثيلا له بين اللّغات، فقد شارك في إنتاج هذا التّراث العظيم مئات الآلاف من الكتّاب والأدباء والعلماء العرب وغير العرب من المسلمين وغير المسلمين وتفنّنوا في حركة التّأليف والتّصنيف في مختلف المجالات لسدّ الحاجة العلميّة ومتطلّبات الحياة فرضها ذلك التطوّر وتلك الطّفرة العلميّة في العصر الحديث، واللّغة العربيّة لها من المؤهّلات ما يجعلها لغة كلّ التخصّصات، خاصّة وأنّها كانت تمثّل لغة العلوم في الأزمان الغابرة، فقد كانت لغة الفقه والفلسفة والحديث والمنطق والتفسير والطب والفلك وغير ذلك. لذلك نجد أنّها استوعبت معارف كثيرة ذات مجالات مختلفة، تضمّنت العديد من التّعابير الاصطلاحيّة والبنى اللّغويّة الخاصّة بمصطلحات ذات مفاهيم متنوعة، لا تتحدّد قيمتها إلاّ من خلال المجال العلمي الذي تستخدم فيه، وهذه المصطلحات وحدها لا تقيم لغة تخصّص بل فيها أيضا خصائص نحويّة و بنى صرفيّة ونحويّة ومعجميّة ودلاليّة، فتتضافر المستويات اللّغويّة لتشكّل اللّغة الخاصّة بحقل ما دون غيره.
انطلاقا من هذا الطرح الذي قدّمناه يمكن طرح الإشكاليّة الآتية: إلى أيّ مدى يمكن للغة العربيّة أن ترقى إلى مصاف لغات التخصّص؟ بمعنى: هل يمكن استثمار لغات التخصّص للترقية من شأن اللغة العربية؟ وما هي العوامل التي تساعد في ذلك؟ كلّ هذه الأسئلة يمكن الإجابة عليها في هذه الورقة البحثيّة. 
مفهوم اللّغة العامّة
تعريف اللّغة
لقد كان ابن جنّي السبّاق في تعريف اللّغة بقوله:» أما حدّها فإنّها أصوات يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم، وأما تصريفها ومعرفة حروفها: فإنّها فعلة من لغوت؛ أي تكلمت؛ وأصلها لُغوة ككرة، وقلة وثُبَة، كلّها لامات وواوات، لقولهم: كروت بالكرة، وقلوت بالقلة ... وقالوا فيها: لغات ولُغون ككرات وكرون، وقيل منها لغِي يلغَى إذا هَذَى، ومصدره اللَّغَا ... وكذلك اللَّغْو» (جني، 2005) فابن جنّي في مقولته عمّم تعريف اللّغة، حيث اكتفى بأنّها ظاهرة صوتيّة تختلف من مجتمع لآخر ومن بيئة إلى أخرى، الغرض الرئيس منها هو استعمالها أثناء التّواصل وتبادل المعارف والخبرات بين المتكلّمين متأثّرة بالظّروف الاجتماعيّة المحيطة بالعمليّة الاتّصاليّة والتّواصليّة، فهو بذلك يؤكّد على الطبيعة الصوتيّة للغة هذا من جهة، ومن جهة ثانية يبيّن أنّ الوظيفة الأساسيّة لها تكمن في الوظيفة الاجتماعيّة التي تمكّن مستعمليها من التّعبير عن الأفكار التي تختلج في أذهانهم ضمن جماعة لغويّة معيّنة، فلكلّ قوم لغتهم الخاصّة التي يتواصلون بها.
أمّا إذا وجّهنا الوجهة إلى مفهوم اصطلاحي آخر للغة فقد تعدّدت وتنوّعت بين العلماء، فعلى غرار ابن جني الذي يحصر مفهومها في أنّها ظاهرة صوتيّة نجد ابن خلدون الذي ذكر في كتابه المقدمة أنّ «اللّغة في المتعارف هي عبارة المتكلّم عن مقصوده، وتلك العبارة فعل لسانيّ ناشئ عن القصد بإفادة الكلام فلابدّ أن تصير ملكة متقرّرة في العضو الفاعل لها، وهو اللّسان، وهو في كل أمّة بحسب اصطلاحاتها» (خلدون، 1425هـ/ 2004م)، فهي نطق يعبّر عن فكرة أو عاطفة، دلالة منه على أنّ اللّغة أمر فطريّ في الإنسان ووسيلته للتّعبير عمّا يختلج في ذهنه، وبهذا تكون اللّغة وعاء للفكر، فلا لغة دون فكر ولا فكر دون لغة، هذه الأخيرة سواء أكانت منطوقة أم مكتوبة فهي تميّز الإنسان عن الحيوان والجماد.
تعريف اللّغة العامّة
قبل الخوض في مفهوم «اللّغة العامّة» لابدّ من الإشارة إلى كلمة (العامّ) ومعانيها اللّغويّة ومن ثمّ ربطها باللّغة للحصول على المفهوم المركّب: اللّغة العامّة أو اللّغة المشتركة، لأنّ هذا المصطلح جديد في اللّسانيّات العربيّة المعاصرة تزامن ظهوره مع ظهور لغة التخصّص، لذا كان لابدّ من الوقوف أوّلا عند مفهومه اللّغوي، حيث جاء في المعجم الوسيط مادة (عمَّ): «العامُّ، الشامل، وخلاف الخاص، (العامّة) من النّاس: خلاف الخاصّة، (ج) عوام: ويقال: جاء القوم عامّة: جميعا. والعامّيّ: المنسوب إلى العامّة، ومن الكلام: ما نطق به العامّة على غير سنن الكلام العربيّ. العامّيّة: هي لغة العامّة، والعامّة خلاف الخاصّة.» (العربيّة، 1425هـ/ 2004م)
انطلاقا من هذا المعنى اللّغوي، والذي بدوره يحيلنا  إلى المعنى الاصطلاحي لمادّة «عام»، نجد أنّ اللّغة العامّة عبارة عن ألفاظ قام باستعمالها أو يستعملها ناطقون في مختلف الخطابات التواصليّة اليوميّة، شريطة اكتساب هذه الألفاظ الدّلالات الاصطلاحيّة المتعارف عليها عند كلّ النّاطقين بأيّ لغة من اللّغات، أمّا كلماتها فهي مبثوثة في القواميس اللّغويّة (الأحاديّة أو الثنائيّة) Dictionnaire، فاللّغة المشتركة أو العامّة هي اللّغة المتعارف عليها بين عامّة النّاس، مفهومها ينحصر حسب رأي سيليوكونسيساو في «مجموع الكلمات والعبارات والتي في السّياق الذي استعملت فيه لا تحيل إلى نشاط مهني،» (سيليوكونسيساو، 2012م) إذ إنها تكتسب بمجرد احتكاك الفرد بمجتمعه، فهي لا تحتاج إلى متخصّصين بل إلى أفراد يستعملون لغة مشتركة فيما بينهم أثناء التّخاطب، شريطة أن «تقوم هذه اللّغات المشتركة دائما على أساس لغة موجودة، حيث تُتّخذ هذه اللّغة الموجودة لغة مشتركة من جانب أفراد مختلفي التّكلّم.» (قندريس، 2014م) وبناء على ما سبق فإنّنا نلاحظ أنّ اللّغة المشتركة ماهي إلاّ لغة عامّة جرى التّكلّم بها على ألسنة الفئة اللّغويّة الاجتماعيّة، تبدأ هذه اللّغة طبيعيّة أو مكتسبة ثم تصبح لغة المجتمع يشترك فيها جميع أفراد الجالية المستحدثة من عموم الناس، لتصبح لغتهم القوميّة مكمن لجميع الأمّة تتبلور من خلالها عمليّة الاتّصال لتصبح مزيجا لغويّا يتقبّله الجميع، لكن إذا ما أردنا أن نخصّص الخطاب فإنّنا نستخدم لغة الأغراض الخاصّة –لغة التخصّص- للتّعبير عن ظاهرة من الظّواهر العلميّة أو غير ذلك، وهذا ما سنحاول التطرّق إليه في النّقطة الموالية.
في ماهية لغة التخصّص
لتقديم تعريف شامل للغة التخصّص لابدّ أوّلا من تحليل فكرة التخصّص قبل ربطه باللّغة، لاستجماع المفاهيم الاصطلاحيّة التي يحويها هذا المفهوم، وعليه يصبح لمصطلح «لغة التخصّص» مدلول اصطلاحي متعارف عليه من قبل جماعة لغويّة متخصّصة.
مصطلح التخصّص جذوره ومعانيه اللّغويّة
ممّا لاشكّ فيه أنّ لكلّ مصطلح مدلول لغوي وآخر اصطلاحيّ يدلّ عليه في الواقع، لذا كان لابدّ من الإشارة إلى مصطلح التخصّص من الناحية اللّغويّة، وقد ورد أوّلا في القرآن الكريم على وجوه مختلفة، قال الله عز وجل في سورة البقرة قوله: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (البقرة، الآية: 105)، أي يفرد بها وضدّ الاختصاص الاشتراك، ويحتمل أن يكون يختصّ هنا لازما؛ أي ينفرد، أو متعدّيا؛ أي يفرد إذ الفعل يأتي كذلك، يقال: اختصّ زيد بكذا واختصصته به، ولا يتعيّن هنا تعدية كما ذكر بعضهم، إذ يصحّ: والله يفرد برحمته من يشاء فيكون من فاعلة وهو افتعل من خصصت زيدا بكذا، فإذا كان لازما كان لفعل الفاعل بنفسه نحو: اضطررت، وإذا كان متعدّيا كان موافقا لفعل المجرّد، نحو: كسب زيد مالا، واكتسب زيد مالا، والرّحمة هنا عامّة بجميع أنواعها، أو النبوّة أو الحكمة والنّصرة اختصّ بها محمّد صلّى الله عليه وسلّم. (الأندلسي، 1413هـ/ 1993م)
أمّا ما ورد في المعاجم العربيّة قديما وحديثا لمادّة (خ.ص.ص) والذي يدور معناها حول التفرّد والملكيّة ضدّ مصطلح العموم أو العام، كما جاء في معجم مقاييس اللّغة لابن فارس مادّة (خصَّ) قوله: «خصَّ: الخاء والصّاد أصل مطّرد مُنساق، وهو يدلّ على الفُرجة والثُّلمة، فالخَصَاصُ: الفُرج بين الأثانيِّ، ويقال للقمر: بدا من خصَاصَة السّحاب ... ومن الباب: خَصَصْتَ فلانا بشيء خَصُوصِيَّةً بفتح الخاء، وهو القياس لأنه إذا أفرد واحدا فقد أوقع فُرْجَةً بينه وبين غيره, والعموم بخلاف ذلك، والخِصِّيصِي: الخَصُوصيّة» (فارس، 1411هـ/ 1991م).
تعريف لغة التخصّص
لقد كان للتطوّر العلمي في مختلف المجالات أثرا كبيرا في ظهور مجالات شتّى ومتباينة يتداولها أصحاب التخصّصات بين جماعة لغويّة واحدة للتّواصل السريع والدّقيق نظرا لتطوّر العلوم والزخم المصطلحي والذي نتج عنه للتّعبير عن مضامين هذه العلوم ما يصطلح عليه بلغة التخصص (Langue de spécialité)، هذا الأخير الذي اختلفت تسميات تداوله من قبل الباحثين والعلماء، مصطلحات تتقارب من الناحية المفهوميّة، أو إن صحّ التعبير مصطلحات مترادفة، فمنهم من أطلق عليها لغة التخصّص، ولغات التخصّص واللّغة الخاصّة واللّغة المتخصّصة واللّغات المتخصّصة، ولغة الاختصاص، كما نجد أيضا مصطلح لغة الأغراض الخاصّة الذي استعمله كل من هريبرت بيشت وجنيفر دراسكاو، واللّغة القطاعيّة للدّلالة على استخدامها في قطاع من القطاعات الخاصّة في الحياة اليوميّة.
وبناء على ذلك فإنّ كلّ هذه المصطلحات إذا أطلقت إنّما أريد بها ما نحن بصدد الحديث عنه وتبيينه من خلال المفاهيم التي حدّدها العلماء المنشغلين في حقل لغة التخصّص، هذه المفاهيم التي تباينت حسب وجهة نظر كل عالم، فهي في الأصل لغات «تتّسم بصفة عامّة بمصطلحاتها المحدّدة وبتراكيبها الواضحة البسيطة، ومن هذا الجانب فهي في - رأي مدرسة براغ في علم اللّغة - أسلوب خاص من أساليب اللّغة وهو الأسلوب الوظيفي والمقصود هنا بالأسلوب ذلك الأساس الذي يقوم عليه النص من حيث اختيار الوسائل اللّغوية ومواءمتها واستخدامها،» (حجازي، 1995م) في مختلف القطاعات الخاصّة لتسهّل عمليّة التواصل بين أهل الاختصاص الواحد مثلا: العلوم الطبيّة والاقتصاديّة والتكنولوجيّة ... ويعرف ديبوا Dubois لغة التخصص بقوله:
On appelle langue de spécialité un sous-systèm linguistique tel qu’il rassemble les spécificités linguistique d’un domaine partuculier. En fait, la terminologie, à l’origine de ce concept, se satisfait très généralement de relever les notion et les termes considérés comme propres à ce domaine. Sous cet angle, il y a donc abus à parler de langue de spécialité, et vocabulaire spécialisé convient mieux. (Dubois, 1994)
«تسمّى لغة التخصّص نظاما فرعيّا لغويّا بحيث يجمع الخصائص اللغويّة لمجال معين. إذا، المصطلحية في أصل هذا المفهوم راضية بشكل عام عن ملاحظة المفاهيم والمصطلحات التي تعتبر خاصّة بهذا المجال. من وجهة النّظر هذه، فإنّ الحديث عن لغة خاصّة يعدّ إساءة، والمفردات المتخصّصة أكثر ملاءمة.» ترجمتنا
كما يعرف القاموس الإنجليزي لغات التّخصّص كما يلي:
Special languages, a term used for the varieties of language used by specialists in writing about subject matter, such us the language used in botany, law, nuclear, physics or linguistics. The study of special languages includes the study of terminology. (Richards, 2002)
«اللّغات الخاصّة، مصطلح يتم استخدامه لأنواع اللّغة المستخدمة من قبل المتخصّصين في الكتابة حول الموضوع مثل اللّغة المستخدمة في علم النبات أو القانون، أو الطاقة النووية، أو الفيزياء أو اللّسانيّات. دراسة اللّغات الخاصّة تشمل دراسة المصطلحات.» ترجمتنا
ونجد بيار لورا من بين المشتغلين في حقل لغات التخصّص، حيث قام بتعريف لغة التخصّص في قوله:
Sous-système linguistique qui utilise une terminologie et d’autres moyens linguistique et qui vise la non-ambiguite de la communication dans un domaine particulier. (Lerat, 1995)
وبناء على قول بيار لورا فقد اعتبر لغة التخصص نظاما لغويّا يستعمل مصطلحيّة ما ووسائط لغويّة أخرى، ويستهدف إزالة الإبهام الذي قد يشوّه التّواصل داخل ميدان خاص.
وبناء على التّعاريف السّابقة للغة التخصّص نستطيع القول أنّ لغة التخصّص هي تلك المصطلحات المتكاملة فيما بينها ضمن حقل علمي واحد تختصّ به وتميّزه عن باقي التخصّصات الأخرى، هذه المصطلحات لا يستعملها إلاّ أصحاب التخصّص الواحد بطريقة تقنيّة, دون تداولها عند عامّة النّاس، لتصبح لغة تخاطب في أحد الأمور العلميّة الخاصّة، لذا نجد لغة الأدب، لغة القانون، لغة الاقتصاد، لغة الطب، لغة الفن ...
أهمية المصطلح العلمي في لغة التخصص ومكانته في الإنتاج العلمي
أهمية المصطلح العلمي ودوره في الإنتاج العلمي
إنّ للمصطلح من الأهميّة ما يجعله رائدا في لغة التخصّص، والأساس البنّاء فيها، فهو «خلاصات العلوم رُحاق المعارف ورَحيقها المختوم، هي أبجديّة التّواصل المعرفيّ ومفاتيحه الأولى، وإلى جانب ذلك، فإنّ لغة الاصطلاح هي ملتقى الثّقافات الإنسانيّة وعاصمة العواصم اللّغويّة المتباعدة، إنّها لغة العولمة والحضارة بامتياز،» (وغليسي، 1429هـ/ 2008م) لذلك سوف نحاول أن نرصد أهميّة المصطلحات العلميّة في لغة التخصّص في النّقاط التّالية:
-لقد كشف التّهانوي عن أهميّة المصطلح العلمي في مقدّمة كتابه «كشّاف اصطلاحات الفنون» الذي يضمّ أهمّ المصطلحات المتداولة في عصره حين قال:»إنّ أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدوّنة والفنون المروجة إلى الأساتذة هو اشتباه الاصطلاح، فإنّ لكل علم اصطلاحا خاصّا به إذا لم يُعلم بذلك لا يتيسّر للشّارع فيه الاهتداء إليه سبيلا وإلى إنغمامه دليلا،» (التهانوي، 1996م) ففهم أيّ علم من العلوم المختلفة مرهون بفهم المصطلحات العلميّة قديما وحديثا، لأنّه الحامل لأفكاره وتصوّراته، وأوّل ما يجب فهمه عنوان ذلك العلم لأنّه الجامع المانع لكلّ أفكاره ومعانيه وما يتضمّنه من موضوعات مختلفة وفي مختلف التخصّصات.
-ترجع أهميّة المصطلح العلمي إلى كونه أساس الدّراسة والبحث والتّأليف وهو يمثّل عموما لغة العلماء والمتخصّصين، وقد بذلت فيه جهود كبيرة منذ فجر القرن العشرين، واختلفت الأساليب والطرق المتّبعة من أجله فمن إحياء للمصطلحات القديمة إلى استحداث مصطلحات جديدة عن طريق مختلف الوسائل لصياغة المصطلحات الجديدة من تعريب وترجمة وغيرها من آليّات صياغة المصطلحات.
-يقوم المصطلح العلميّ في لغة التخصّص بدور كبير في حياة النّاس، فهو ينظّم التّواصل فيما بينهم في شتّى الميادين، لأنّ المفاهيم إنّما تنتقل إلى الأذهان بالكلمات التي اتّفق عليها من قبل المتخصّصين لتكون دالّة عليها، وهذه الكلمات هي ما نسمّيه بالمصطلحات، وهي التي تشكّل الدّعامة الأساسيّة لأيّ نصّ علميّ متخصّص نتعامل معه. 
-يؤكّد محمّد كامل حسين على أهمّيّة المصطلح العلمي لأنّه يخضع في تطوّره للتخصّص نفسه، ولا يتحدّد إلاّ داخل النّظام الذي يخضع له التخصّص ويكوّنه، لأنّ كلّ علم أو تصوّر جديد يحتاج إلى خلق مصطلحات جديدة، لذلك نجد أنّ مختلف التخصّصات العلميّة دائمة النّموّ وأنّها دقيقة ومنظّمة قابلة للامتداد البعيد المدى، لذلك كان من الضروريّ أن تكون للعلوم هذه المصطلحات نفسها، دقيقة ومنظّمة وقابلة للنّموّ. (حسين، 1955م) 
موقعيّة المصطلح العلمي من لغة التخصص
إنّ الحديث عن المصطلح العلمي يعني الحديث عن خطاب علمي خاص بفئة لغويّة معيّنة؛ أي الحديث عن لغة التخصّص، لذا كان لزاما أن نتحدّث عن العلاقة المتبادلة بين المصطلح وكافّة مكوّنات وعناصر لغة التخصّص، وفي الوقت ذاته تبيين الدّور الذي يؤدّيه المصطلح العلميّ في التّمييز بين لغة التخصّص واللّغة العامّة، وبناء على ذلك هل يمكن القول إنّ هذه اللّغة –لغة التخصّص- هي من يكسب المصطلح خصوصيّته؟ أم إنّ المصطلح الدّقيق هو الذي يكسب لغة التخصّص صفة الخصوصيّة؟ سوف نحاول إبراز ذلك من خلال تحديد موقعيّة المصطلح داخل حقل لغات التخصّص عبر المستويات المحدّدة في الآتي:
المستوى المعجمي
يعتبر المصطلح بوّابة الدّخول إلى عالم المعارف، ولذلك فإنّ المصطلح يمثّل الرّصيد المعجمي الذي يزوّد لغة التخصّص بجملة المصطلحات التي تؤدّي الوظيفة التّداوليّة لنقل المعارف بين المختصّين، فالمصطلحات بمثابة الرّصيد اللّفظي الذي يزوّد لغة التّخصّص بما تحتاجه من أسماء لتعيين المفاهيم وربطها مرجعيّا ووظيفيّا بما تحيل عليه في الواقع، وتكوّن بذلك منظومة لغويّة ومعرفيّة قائمة على أساس المصطلح، وبالتّالي فإنّ المصطلحات هي الأكثر جلاء في النّصوص المتخصّصة لهذا نجد التّواصلات المتخصّصة تستعين بالمصطلحات الخاصّة بالحقل الذي يُبحث فيه،» (مقران، 2007م) وبذلك تبقى حياة المصطلح وحيويّته لا تكون بمجرّد إيجاده بل بنشره واستعماله، فيثبت بهذا التّداول عند المختصّين.
وهكذا يشيع في لغات التخصّص المصطلح العلميّ بصفة كبيرة يحمل معان معبّرة عن المجال الخاص به وذلك في المستوى الثّاني.
المستوى الدّلالي
بعد وضع المصطلح في إطاره العلميّ الخاص تأتي المرتبة الثّانية لتحديد دلالة المصطلحات وما تحمله من معان لغويّة، فالمصطلحات عبارة عن دوال (المصطلحات) لها مدلولاتها (المفاهيم) تبرز أكثر أثناء الاستعمال والتّواصل بين أصحاب التخصّص الواحد، وهنا يتدخّل السّياق ليبيّن خصوصيّة المصطلح نحو قولنا عين، إذا لم يدخل المصطلح في الاستعمال سوف يكون مصطلحا عامّا يفهم بأنّه عضو الإبصار، حنفيّة الماء، الجاسوس. إلخ، أمّا إذا دخلت الاستعمال فحينها تصبح مصطلحا خاصّا كمجال العلوم الاجتماعيّة مثلا، لهذا نجد أنّ أهمّ خاصّيّة في علاقة المصطلح بلغة التخصّص في المستوى الدّلالي تكمن في «التّأثير الذي يمارسه مبدأ الأحاديّة الدّلاليّة على طبيعة هذه اللّغة، وهذا ما يجعلها تبتعد عن كونها مجرّد نسخة فرعيّة للغة الطبيعيّة وذلك بحملها على تحقيق علاقة أحاديّة بين دوالها (المصطلحات) ومدلولاتها (المفاهيم).» (الصحيّة، 2005م) 
المستوى الأسلوبي والتّداولي
وهذا المستوى تتجلّى فيه المصطلحات العلميّة بصفة جليّة في لغة التخصّص، وذلك من خلال التّراكيب التي يستعملها المتخصّصون أثناء نقل المعارف بتوظيف الأسلوب الإخباري ونقل الحقائق العلميّة التي تتميّز بالدّقّة والثّبات وكذا الصّرامة العلميّة أثناء الاستعمال الخاص لهذه الفئة من المصطلحات.
العربيّة ولغة التخصّص
العودة إلى التراث العربي
إنّ العودة إلى التّراث يزيد من استيعاب العربيّة لمواكبة متطلّبات عصر التّكنولوجيا، «فللعربيّة تراث حضاري ربّما لا تضاهيها في ذلك أيّة لغة في الدّنيا، ومعاجم العربيّة وحدها تزخر بالآلاف من الألفاظ الحضاريّة يمكن استرجاعها وإدخالها في الاستعمال من جديد،» (صالح، 1424هـ/ 2003م) لأنّ للتراث أهمّية قصوى في استمرار اللّغة العربيّة ووحدتها عبر الأجيال، وتجنّب قطيعها عن ماضيها، بالإضافة إلى المحافظة على وحدتها عبر المكان، لذلك نجد المجامع والهيئات تشدّد على أهمّيّة التّراث وضرورة إيلائه الأولويّة في ما يستخدم من وسائل لوضع المصطلحات الجديدة.
تعليميّة لغة التخصّص في الأطوار التعليميّة المختلفة
لكي يكتسب الطّالب مهارة التّواصل بمصطلحات دقيقة متخصّصة لابدّ من وضع منهجيّة علميّة لتدريس لغة التخصّص في مختلف الأطوار التّعليميّة ليس فقط في الجامعة بل يحبّذ تعميمها في جميع المراحل التّعليميّة، لكي يصبح استعمال المصطلحات العلميّة والتّراكيب المتخصّصة سهلا، وعليه فقد أصبح من الضّروريّ التّفكير في طريقة مثلى لتلقين لغة التخصّص، وقد تكون البداية بدفع التّلاميذ في المدارس والثانويّات إلى البحث عن المفردات ليس فقط في القواميس اللّغويّة وإنّما تدريبهم أيضا على البحث المصطلحيّ...كما أنّ العمل على إنتاج الكتاب العلميّ من شأنه أن يقدّم الكثير للباحثين في مجال لغة التخصّص، (التجاني، 2016م) واللّغة العربيّة على وجه الخصوص بحاجة ماسّة إلى أن تتوجّه وبقوّة إلى الاهتمام بلغات التخصّص.
كما أنّ تعليميّة لغات التخصّص تتطلّب المعرفة الدّقيقة لخصائص الخطاب مهما كان نوعه واختصاصه قانونيّا أو طبّيا أو غير ذلك في لغتين مختلفتين حتّى تكون التّراكيب واضحة ومرتبطا ارتباطا منطقيّا يرمي إلى وحدة النّصّ، وهكذا تفتح الأبواب أمام لغة التخصّص للرقيّ بها في مختلف التخصّصات العربيّة.
تشجيع حركة الترجمة
إنّ العصر الذي نعيش فيه عصر تكثر فيه المخترعات والمعارف العلميّة والتّكنولوجيّة، وهذا الوضع يتطلّب منّا نقل هذه المعارف والعلوم إلى الأجيال الصّاعدة، وذلك مثل ما فعل أجدادنا الذين حاولوا جاهدين نقل ما وصل إليهم من العلوم الطبيّة والاقتصاديّة وغيرها من اللّغات الأجنبيّة بلغة عربيّة، وهذا ما يحتّم علينا تشجيع حركة التّرجمة في حاضرنا ومستقبلنا، وتوفير كلّ الشّروط الخاصّة بالتّرجمة من جهة و المترجمين من جهة أخرى، لكنّ اللّغة العربيّة ذات «حضور وفاعليّة مكّناها من تقبل كثير من الوافد عليها رغم اختلافه لغويّا عن جذور لغتنا العربيّة، ومن ثمّ فقد استوعبت كثيرا من مستحدثات العصر اللّغويّة بسهولة ويسر، وتلك سمة هامّة في اللّغات الحيّة ذات الحضور والفاعليّة.» (العيسوي، 1416هـ/ 1996م) ومن ثمّة لابدّ للمترجم أن يكون متخصّصا تتوفر فيه الشّروط العلميّة وتكون ترجمته ترجمة يعتدّ بها لإثراء السّاحة العلميّة العربيّة، وتتمثل هذه الشّروط في:
-أن يكون متمكّنا من إجادة اللّغات التي يشتغل بها ترجمة وتعريبا والعلم بنحوها وصرفها وبيانها وشوارد ألفاظها ومصطلحاتها.
-تدرّبه وتمرّسه على أيدي أساتذة هذا الفنّ بادئ الأمر والتّمكّن من أساليبها الصّحيحة.
-اكتسابه الخبرة الطّويلة من واقع نفسه عن طريق التّجربة والخطأ.
-ولكي يكون المترجم مجيدا لابدّ أن تكون ترجمته هواية وعملا في آن واحد.
تعريب العلوم
إنّ قضيّة تعريب العلوم من بين القضايا ذات الأهميّة القصوى خاصّة في التعليم العالي، ولما لا حتّى في الأطوار التّعليميّة المختلفة، لكن هناك من يعارض فكرة تعريب العلوم على اختلافها، ويرجعون سبب ذلك إلى عجز اللّغة العربيّة عن التعبير على المصطلحات الوافدة واستيعابها لمختلف المفاهيم العلميّة، لكنّ العجز ليس في اللّغة العربيّة، ذلك أنّ المكانة العلميّة للغة العربيّة حينئذ لا تعوزنا فهناك مئات الألفاظ في الفلك والكيمياء والطّب والجغرافيا والرياضيّات التي أخذتها اللّغات العلميّة عنها، وهناك أيضا ما حفظته لنا خزانة قرطبة ذات الستّمائة ألف مجلّدي مختلف العلوم والفنون والآداب من بينها مؤلّفات ظلّت تدرس في جامعات أوروبا طوال عدّة قرون، وهكذا علينا المضيّ قدما وبجدّيّة نحو ترجمة العلوم إلى العربيّة وإيجاد المقابلات لتلك الألفاظ الأعجميّة بمختلف الوسائل والطّرق لوضع المصطلحات من تعريب ونحت (...) وغيرها من الآليّات.
خاتمة
لقد توصّلنا من خلال هذه الورقة إلى أنّ اللّغة تعود إلى مستعمليها، فإذا استعملناها استعمالا عامّا وهو ما يعرف باللّغة المشتركة بين عموم الناس، وإذا ما قمنا باستعمالها بهدف نشر العلم والمعرفة فسنخرجها من إطارها العام إلى إطارها الخاص وهو ما يعرف بلغة التخصّص، أو ما يطلق عليها لغة الأغراض الخاصّة، هذه اللّغة التي تستعمل في مجال من المجالات العلميّة، تستعمل مصطلحات وتستخدم أسلوبا يتماشى ومبتغى هذا العلم أو التخصّص بغرض تدوينه أو نشره أو حفظه.
توظف لغة التخصّص للتعبير عن مضامين العلوم بطريقة خاصّة، لكن هذا لا يعني انفصالها عن اللّغة العامّة، بل تستقي منها كلماتها وتستعملها للتعبير عن مختلف العلوم والتخصّصات، وتنقسم إلى لغات مهنيّة يستعملها أصحاب المهن والحرف، ولغات علميّة تهتمّ بدراسة المجالات العلميّة القابلة للتجريب والتي تمتلك صفات وخصائص تختلف بها عن اللّغة الأدبيّة، واللّغات التقنيّة التي تسعى إلى الاهتمام بالمجالات التطبيقيّة.
يعتبر المصطلح العلمي أساس لغة التخصّص وعمودها الفقري، وتكمن أهميّته -المصطلح العلمي- في كونه أساس الدراسة والبحث، وهو عموما لغة العلماء والمتخصّصين، لذلك عمل العلماء على إحياء مصطلحات جديدة واستحداثها لمواكبة متطلّبات العصر، وذلك من خلال مختلف الآليات والوسائل التي اعتمدوا عليها في ذلك من ترجمة وتعريب ونحت واشتقاق ومجاز وغيرها من الوسائل التي تزيد العربيّة ثراء ومرونة.
للغة العربيّة من المؤهّلات ما يجعلها لغة تخصّص، فقد استعملها الكثير من العلماء قديما في مختلف التخصّصات العلميّة من طب وفلك ورياضيات وغيرها، وإن عجزت عن ذلك فهذا لا يعني قصور اللّغة بل القصور يعود إلى مستعمل اللّغة في حدّ ذاته، ولتعزيز مكانة العربيّة لابدّ لنا من الرّجوع إلى التراث اللّغوي العربي الثريّ، وكذا تعريب العلوم للرفع من قدرة العربيّة على التعبير عن كلّ ما يصل إلينا من مصطلحات وتكنولوجيا، بالإضافة إلى تشجيع حركة الترجمة للاطّلاع  على مستجدّات هذا العصر.
 
Jack C. RICHARDS  and Richard SCHMIDT, 2002, Dictionary of language teaching and applied linguistics, Longman, London. 
Jean Dubois et autres, 1994, le dictionnaire de linguistique et des science et du langage, Larousse, paris.
Pierre lerat, 1995, Les langues spécialisées, presses universitaires de France, paris.
ابن جني، (د.ت)، الخصائص، ج01، دار الهدى، بيروت، لبنان.
ابن خلدون، 1425هـ، 2004م، المقدمة، ج/01، دار البلخي، دمشق، حلبوني.
ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن زكرياء، 1411هـ/ 1991م، مقاييس اللّغة، ج/02، دار الجيل، بيروت.
الأندلسي، محمّد بن يوسف الشّهير بأبي حيان ، 1413هـ/1993م، تفسير البحر المحيط، ج/01، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان.
تأليف جماعي لأعضاء شبكة تعريب العلوم الصحيّة، 2005م، الكتاب الطبّي الجامعي، علم المصطلح لطلبة العلوم الصّحيّة والطّبيّة، البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالميّة، المملكة المغربيّة.
التّجاني، حلّومة ، 2015م، ماهية لغة التخصّص وتدريسها بين الفهم والغموض، مجلّة المترجم، ع/ 32، وهران.
التّهانوي، 1996م، كشّاف اصطلاحات الفنون، ج/01، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان.
الحاج صالح، عبد الرحمان ، 1424هـ، 2003م، الألفاظ التراثيّة والتّعريب في عصرنا الحاضر، مجلة اللّسان العربي، ع/55،56، الرباط.
حجازي، محمود فهمي ، 1995م، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، دار غريب للطباع والنشر والتوزيع، مصر.
سيليوكونسيساو، مانويل ، 2012م، المفاهيم والمصطلحات وإعادة الصياغة، عالم الكتب الحديث، إربد، الأردن.
العيسوي، بشير ، 1416هـ، 1996م، التّرجمة إلى العربيّة قضايا وآراء، دار الفكر العربي، مدينة نصر.
قندريس، ج ، 2014م، اللّغة، المركز القومي للتّرجمة، القاهرة.
مجمع اللّغة العربيّة، 1425هـ ، 2004م، المعجم الوسيط، مكتبة الشّروق العربيّة، جمهوريّة مصر العربية. 
محمّد كامل حسين، 1955م، القواعد العامّة لوضع المصطلحات العلميّة، مجلّة مجمع اللّغة العربيّة، ج/11، القاهرة.
مقران، يوسف ، 2007م، المصطلح اللسانيّ المترجم مدخل نظري إلى المصطلحات، دار ومؤسسة رسلان، سوريا، دمشق.
وغليسي، يوسف ، 1429هـ/ 2008م، إشكاليّة المصطلح في الخطاب النّقدي العربي الجديد، الدّار العربيّة للعلوم، بيروت، لبنان.

@pour_citer_ce_document

أسمهان مصرع / نسرين غجاتي, «لغات التّخصّص جسر لترقية اللّغة العربيّة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : 258-265,
Date Publication Sur Papier : 2024-12-24,
Date Pulication Electronique : 2024-12-24,
mis a jour le : 24/12/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=10367.