مسائل الإعاقة والمعوقين في الجزائر -مقاربة تحليلية-
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°19 Décembre 2014

مسائل الإعاقة والمعوقين في الجزائر -مقاربة تحليلية-


العمري عيسات
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يكتسي موضوع رعاية وإدماج المعاقين اهتماما خاصا في الأوساط العلمية والأكاديمية؛ حيث ما انفك يطرح نفسه بإلحاح، فبعد أن اقتصر تناوله لسنوات عدة ضمن إطار نظري تجريدي، وفي حدود المناولة الآنية والمناسباتية ذات المنحى المساعداتي؛ وفي إطار برامج وسياسات اقتصرت على جهود وزارات وهيئات تطوعية...الخ، كأنما هو موضوع مستقل عن سياق حركة المجتمع، أصبح فرضا علينا اليوم-أكثر من أي وقت مضى- يفرض تناوله بعيدا عن المقاربة المساعداتية والمناسباتية، ذلك أن الرعاية المطلوبة للمعاقين هي التي تساعد على تكيفهم واندماجهم الخلاق في التنمية؛ مما يسمح لهذه الشريحة بالولوج إلى فضاء العطاء المنتج.

هذا التصور ينطلق مما هو موجود-وقاية وعلاجا- إلى ما يجب أن ينوجد تأهيلا وإدماجا ومشاركة وعطاء، وصولا إلى تنمية مجتمعية فعالة تأخذ بعين الاعتبار إلزامية استثمار العنصر البشري وفق أسس علمية واقعية ووظيفية.

الكلمات المفتاحية: الرعاية الاجتماعية، المعاقين، الإعاقة، الإدماج، التأهيل، التنمية.

 Aujourd’hui, dans les milieux académiques et scientifiques, le thème lié à l’handicap occupe une place spéciale. Après avoir été traité durant des années dans un cadre théorique rigide et occasionnelle se résumant dans les aides humanitaires et dans un cadre de programmes, politiques de certains ministères et volontariats. Actuellement, il s’impose par sa nécessité. Le traitement de cette problématique exige, plus qu’avant, un éloignement du circuit des aides, car la vraie prise en charge est celle qui contribue à l’adaptation, Le développement, et l’intégration de cette couche dans un espace productif. Ce programme commence par le fait de prendre soin de cette catégorie de personnes  par le biais de la rééducation, l’intégration, la contribution et la production, en arrivant à un développement social efficace qui prend en considération l’obligation d’investir le capital humain sur des fondements scientifiques, réelles et professionnelles.

Mots clés :la prise en charge sociale, les handicapés, handicap, l'intégration, la rééducation, le développement.

The subject of disabled's care and integration has an important place in the academic and scientific communities. In the past it was just discussed from a theoretical side and during occasions organized for help and by programs and politics based on public charities. Today, the appropriate care of those people integrates and adapts them in the development where they can produce and show their abilities.This perception stems from what really exists, cautiously and carefully speaking, to what should be for rehabilitation, integration, contribution and production. The objective is to reach an effective social development that takes into account the mandatory investment of the human element  on a scientific, realistic and professional base.


Keywords: social care, the disabled, disability, integration, rehabilitation, development.

تمهيد

يشهد العالم تعاظما ملحوظا في نسب المعاقين، لعديد الأسباب أهمها: التجديدات التكنولوجية، الصراعات الداخلية والعرقية، حوادث المرور وما ينجر عن كل ذلك من نتائج سلبية متفاوتة الخطورة على العنصر البشري بالدرجة الأولى.

وإذا كانت الدول المتقدمة قد استطاعت-على الأقل-التحكم في تداعيات المشكلة ولو بمنظار مادي، فإن المجتمعات النامية بصفة عامة والعربية بصفة خاصة، والجزائر على وجه الخصوص لا تزال جهودها في هذا الشأن مبعثرة ومشتتة تكاد تنحصر في تبني سياسات هشة تقتصر على بعض المؤسسات الخاصة، وبعضها الآخر عبارة عن جهود تطوعية غير رسمية ومساعدات مناسباتية آنية سرعان ما تخبو.

هذا الواقع يوحي-بل يؤكد- أن الرؤية المعتمدة لا زالت بعيدة عن مستلزمات التخطيط الاستراتيجي ومتطلبات التنظيم وخصوصية السياق المجتمعي لهذه البلدان، مما سينعكس سلبا بالدرجة الأولى على المسار التنموي؛ لاسيما وأن المشكلة تزداد خطورة إذا ما علمنا أن نسبة هذه الشريحة المجتمعية تفوق حاليا 20% من إجمالي عدد سكان العالم الثالث، والجزائر واحدة من أبرز هذه البلدان التي يقارب المعاقين فيها 03ملايين معاق1، على اختلاف نوعية وأسباب هذه الإعاقات أي بنسبة 10% من مجموع السكان،منهم52, 2% مليون في سن الطفولة والشباب، أي ما يعادل نسبة 75% من مجموع المعاقين بالجزائر. 2

   من هذا المنطلق يأتي هذا المقال-مثلما بيناه آنفا-كمحاولة لتشخيص واقع رعاية وإدماج هذه الشريحة في الجزائر وفق مقاربة سوسيو-تنموية، تتأسس على الوعي بمعادلة الواقع ومحاولة تجاوزه إلى الأفق الذي يتيح لهذه الشريحة العريضة مبارحة وضعية العجز والكَلية إلى فضاء المشاركة الفعالة في زخم الفعل الإنمائي، بما يغير صورة المعاق من ذلك الشخص المقعد بسبب الإعاقة إلى الشخص الإيجابي والمشارك في تنمية مجتمعه.

 

أولا- قراءة مفهومية للسياق السوسيولوجي للإعاقة

   يقود الحفر السوسيولوجي حول مفهوم المعاق إلى جملة مفهومات وتعريفات تتداخل فيما بينها، وهي بذلك تضعنا في حالة من الشك في الاستخدامات النظرية والإمبيريقية التي قُدّمت لأجل تشكيل دلالات مفهوم الإعاقة. وعليه انبرى الباحث إلى محاولة حصر الأبعاد المفهومية التي يجري استخدامها في السياق السوسيولوجي، والتي نجد من بينها:

1-المعوق

أ-لغة: المعوق مصطلح يطلق على كل من تعوقه قدراته الخاصة على النمو السوي إلا بمساعدة خاصة، وهو لفظ مشتق من الإعاقة، أي التأخير أو التعويق3

ب-اصطلاحا: مثل أي مفهوم آخر، لا يوجد تعريف للمعاق متفق عليه، لذلك سيحاول الباحث في هذا الصدد التطرق لأهم التعاريف الخاصة بالمعوق، ليخلص في الأخير إلى تعريف إجرائي يتلاءم وطبيعة الدراسة.

- عرفته منظمة العمل الدولية في دستور التأهيل المهني للمعاقين والذي أقرته الأسرة الدولية منذ عام 1955بأنه: '' كل فرد نقصت إمكانياته للحصول على عمل مناسب والاستقرار فيه نقصا فعليا نتيجة لعاهة ...''، كل هذا في إطار الخصائص التالية :4

•  فقدان القدرة على كفالة نفسه أو من يعوله.

•  أن تتعطل مقدرات جسده أو عقله الطبيعية من أداء أدوارها الوظيفية الطبيعية.

•  قد تتسبب الإعاقة في فقدان احترام من حول المعاق في بعض الحالات.

•  قد تكون أسباب الإعاقة وراثية أو مكتسبة من جراء حوادث أو مرض.

•  حاجة الشخص لجهة ما (مؤسسة اجتماعية) لتعيد إليه الثقة في نفسه وتدربه كي يتأهل على أن يستغل بقية طاقاته الجسمانية غير المعطلة.

- كما عرف أيضا:'' هو الشخص الذي يعاني من قصور فيزيولوجي، سواء كان وراثيا أو مكتسبا، يحول دون قيامه بالعمل، أو أن يتولى أموره بنفسه أو يحول دون إشباع حاجاته الأساسية، بما يتناسب والمرحلة العمرية التي يمر بها ''.5

- وقد عرف المعوق من طرف صموئيل وشيك على أنه: '' كل شخص فقد قدرته على مزاولة عمله، نتيجة لقصور بدني أو عقلي أو نفسي، سواء أكان هـذا القصور بيئي (حادث، أو مرض) أو عجز خلقي منذ الولادة ''.6

مما تقدم وفي ظل هذه التعاريف المتعلقة بالمعوق نستنتج أن مصطلح المعوق يعتبر حديث التسمية، مقارنة ببعض المفاهيم التي أطلقت على هذه الفئة من المجتمع، حيث وصفت الفرد المراد بالتسمية تارة مقعدا، وأخرى عاجزا، وطورا آخر ذي العاهة ... إلى أن استقرت على مفهوم المعوق.

إن كل هذه الأسماء تعد وصفات سلبية، ستحطـ دون شك ـ من قدر الشخص الذي ابتلاه الله سبحانه وتعالى بإصابة حددت من قدراته الإنسانية، التي يتمتع بها بقية الناس الآخرين الذين لم يبتلوا بمثل هذه الابتلاءات.7

من هذا المنطلق ومن خلال التتبع المرحلي للاصطلاحات التي أطلقت على هذه الشريحة ، وفي حدود إطلاع الباحث ـ المتواضع ـ بأدبيات الإعاقة فإن لتحديد المفاهيم وضبطها أهمية بالغة في ترقية الأبحاث العلمية والدراسات الأكاديمية من منظور علمي منهجي ؛ وذلك لما لهذا التحديد من ضبط لمسار وجوهر البحث العلمي عامة ، ومضمون وجوهر المفهوم بحد ذاته بصفة خاصة ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فإن منظور السياق الواقعي ( الإسقاط الواقعي للمفهوم ) (**) يقتضي هو الآخر ضبطا أكثر دقة ، وذلك لما له من نتائج وآثار على جملة الأدوار والوظائف التي يمارسها في المجتمع.

وبرؤية سوسيولوجية تحليلية واقعية لاصطلاح المعوقين، ومن خلال ما ورد من تعريفات تتعلق بذلك ؛ فإننا نرى أن هذا الاصطلاح يشوبه نوع من الغموض واللاوظيفية استنادا إلى منظور السياق الواقعي للضبط المفهومي؛ إذ أن لفظ معوق له أثر سلبي على الشخص المراد بالتسمية، فهي نوع من التصنيف والدونية، على اعتبار أن هذا الشعور سينتقل من المستوى الذاتي إلى المستوى الاجتماعي غير متصل التأثير بمدلوله النفسي والاجتماعي (المادي والمعنوي) وبعده التكيفي فالاندماجي؛ ذلك أن الحياة الصحية لا تعني مجرد أجساد سليمة، فالصحة هي حالة موجبة من غياب الاعتلال الجسدي والمعنوي على حد تعبير ـ نادر الفرجاني ـ .

إن تتبع الاصطلاحات التي أطلقت على هذه الشريحة في أدبيات الإعاقة (المقعدون، ذو العاهات، العاجزون، غير العاديين، المعوقون، ذو الاحتياجات الخاصة) يقودنا إلى التأكيد بأن جميع هذه التسميات تدعم-دون شك - المدركات السلبية لدى الشرائح المقصودة بالتسمية، بما يضعها تحت طائلة الإحباط والتمييز والشعور بالدونية؛ إذ إن هذه الاصطلاحات يشوبها نوع من اللاوظيفية استنادا إلى محمولها الذي يعرض الوجه المبتذل والإيحاء السلبي (الإحباط والدونية) عن الشخص المقصود بالتسمية. وبذلك فإن مفهوم الإعاقة بهذا المعنى لا يفيد التوصيف الانتقاصي الجسدي لحالة واقعية فحسب، ولكنه في المقابل يُشيع سياقا سيكو-سوسيولوجي يُموضع الفرد في حالة متفرّدة وغير مكتملة مع الأفراد الآخرين، هؤلاء الذين تُمكنهم حالتهم الصحية والموجبة التي يغيب عنها الاعتلال الجسدي والمعنوي من الاتصال والتكيف والاندماج.

   وعلى ذلك فقد مالت أدبيات سوسيولوجية أخرى إلى اعتماد مفهوم بديل للإعاقة، حتى ترفع عن هذا الأخير مضمونه السلبي، وتقترح في ذلك مفهوم الإصابة الذي يكون أكثر قبولا من الناحيتين النفسية والاجتماعية. وبذلك يصبح تعريف المصاب ذلك الفرد الذي أصيب بقصور أو خلل، سواء كان وراثيا أم مكتسبا منعه أو حدّ من قدرته على القيام بالأنشطة والأعمال كغيره من الأسوياء ويصبح بذلك محتاجا إلى رعاية وتكفل خاص حسب طبيعة ونوع الإصابة، تؤهله لأن يصبح عنصرا فعالا منتجا في المجتمع.

وتأسيسا على هذا فإن المفهوم الإجرائي للمعوق الذي يتبناه الباحث إجرائيا هو كما يلي:''المعوق كل شخص أصيب بقصور أو خلل، سواء كان وراثيا أو مكتسبا، منعه أو حد من قيامه بالأنشطة والأعمال كغيره من الأسوياء، ويصبح بذلك يحتاج إلى رعاية وتكفل خاص حسب طبيعة ونوع إصابته ، تؤهله لأن يصبح عنصرا هاما وفعالا في المجتمع''.

2- الرعاية الاجتماعية للمعاقين: من الصعب أن نقف عند كل التعريفات التي تعرضت لمفهوم الرعاية الاجتماعية لذلك سنركز على بعضها،أيذات المنحى الشمولي، لنعطي فيما بعد مفهوما إجرائيا يتوافق وموضوع المقال.

يرى كمال أحمد أن الرعاية الاجتماعية هي ذلك "الكل من الجهود والخدمات والبرامج المنظمة، الحكومية والأهلية والدولية التي تساعد هؤلاء الذين عجزوا عن إشباع حاجاتهم الضرورية للنمو والتفاعل الايجابي معا في نطاق النظم الاجتماعية القائمة لتحقيق أقصى تكيف مع البيئة"8، ويذهب عبد المنعم شوقي إلى أنها "تنظيم يهدف إلى مساعدة الإنسان على مقابلة احتياجاته الذاتية أو الاجتماعية ويقوم هذا التنظيم على أساس تقديم الرعاية عن طريق الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية"9، أما رشيد زرواتي فيعرفها بأنها "الحماية الاجتماعية، أي حماية الفرد والجماعة، ويتم ذلك عن طريق تقديم جميع أنواع الخدمات الاجتماعية المادية والمعنوية، وعلى هذا فالرعاية الاجتماعية هي هدف، وأما الخدمة الاجتماعية فهي وسيلة"10.

إنه على الرغم من النزعة الشمولية لهذه التعريفات إلا أن قصر دلالات المفهوم على مجال تقديم المساعدة لمن عجز عن تحقيق التكيف والتفاعل الإيجابي داخل البيئة يجعل هذا التحدبد المفهومي ضيقا؛ ذلك أن العديد من الفئات التي تبدو عاجزة عن تحقيق التكيف والتفاعل داخل المحيط الاجتماعي (المعاقين مثلا) هي قادرة على أن تكون فئة فعّالة منتجة إذا ما أحسن استغلال طاقاتها، ولن يتأتى ذلك إلا بإخراجها من حلقة الخناق المساعداتي إلى فضاء العطاء المنتج. من هذا المنطلق فإنّ المفهوم الإجرائي للرعاية الاجتماعية في تصورنا يتأسس على أنها ذلك النسق الاجتماعي الذي تناط بعهدته جملة من الوظائف والخدمات المقدمة من قبل المختصين، بغرض مساعدة الأفراد (كل حسب طبيعة احتياجاته)، وبالتالي تسهيل عملية تكيفهم، واندماجهم في الحياة المجتمعية، فمشاركتهم فعطاؤهم المنتج".

3- الإندماج الاجتماعي للمعاقين: تشير كلمة الاندماج في الكتابات العربية إلى معاني التكامل والتوحيد، ويقصد به تكيف الجماعات والأفراد بكيفية تؤدي إلى تكوين المجتمع المنظم. ويعرفه إيريكسون بأنه "العملية التي تسمح للفرد بالدخول في نظام التبادلات الاجتماعية الخاصة بجماعته التي ينشأ فيها"11.

وما يمكن ملاحظته حول هذا التعريف، أنه اقتصر على عملية الاندماج الاجتماعي في التنسيق، في حين أن الاندماج الاجتماعي يأخذ أبعاد أخرى تتعدى البعد التنسيقي إلى أبعاد مختلفة كالمشاركة الإيجابية والوظيفية في أداء الأدوار في المحيط الاجتماعي.

- أما مفهوم الدمج لدى بيترون سوريكين: '' في صوغه في شكل قانون مقسم على ثلاثة عناصر متدرجة في التعقيد ليصل في آخر مرحلة إلى الاندماج الوظيفي ، الذي عبر عنه بأنه اندماج في العمق ، كما أنه لا يعني إدماج الأفراد في الجماعات والجماعات الصغرى في المجتمع الكلي ولكنه يعني اندماج عناصر ثقافية متباينة في البداية ومندمجة في النهاية.''12

ومما تقدم نستنتج أن الإدماج الاجتماعي هو العملية التي من خلالها يستطيع الفرد المصاب (المعوق) أن يتكيف ويتفاعل مع أفراد المجتمع، وبالتالي يصبح عنصرا فعالا فيه.

ثانيا: رعاية المعاقين المداخل المفسرة، والعوامل المسببة

1- عوامل ومسببات الإعاقة: تكشف عملية مسح الأدبيات المتراكمة حول موضوعة الإعاقة عن وجود شبه اتفاق بين المشتغلين بها من زاوية تحديد أسباب الإعاقة؛ حيث يجري تقسيمها إلى نوعين أساسيين هما:

- العوامل الوراثية، والعوامل البيئية، وتتفرع عن هذين العاملين عوامل أخرى فرعية، وليس هذا مجال الإسهاب والتفصيل في كل مسببات الإعاقة، لاسيما وأن كثيرا منها يقع في مجال الاختصاصات الطبية والنفسية، لذلك سنحاول أن نتعرض لأهمها بالقدر الذي يتيح إمكانية وقاية وعلاج وتأهيل فإدماج هذه الفئة المجتمعية في العملية التنموية الشاملة.

أ- العوامل الوراثية:وتشمل الحالات التي تنتقل من جيل إلى جيل عن طريق المورثات مثل: الاستعداد الموجود عند بعض الأسر كالهيموفيليا "Hémophilie" والضعف العقلي، والاستعداد للإصابة بمرض السكري والزهري الوراثي الذي تنتقل فيه العدوى من الأب إلى الأم ثم إلى الجنين، كما تعود بعضها إلى عدم وجود مناعة ضد الأمراض، أو النقص البيّن في وزن الطفل الوليد، أو عدم الاكتمال في نضج بعض الأعضاء لدى الأطفال (13). وبصفة عامة يمكننا القول إن حالات الإعاقة الوراثية أقل من حالات الإعاقة البيئية، هذا وتعد العوامل الوراثية الجينية من أهم العوامل التي تؤثر على الجنين، إذ أدت إلى إصابات تقدر بما يقارب 03% من حجم أعداد الولادة في العالم14.

ب- العوامل البيئية:وهي مختلف العوامل التي يتعرض لها الفرد خلال حياته منها على سبيل المثال الحوادث المنزلية التي تسبب تشوهات، يضاف إلى ذلك ما قد يتعرض له الفرد من أمراض مشوهة كشلل الأطفال وسل العظام، والتراكوما الحادة وغيرها من الأمراض الوبائية المتوطنة. ويأتي عامل نقص التغذية وخاصة بالنسبة للأطفال الصغار كواحد من أهم عوامل التعرض للإعاقة، ولعل أهمية التركيز على هذا العامل تأتي جرّاء إقبال العديد من الزوجات حديثات العهد على تغذية أطفالهن بأغذية اصطناعية (أنواع العصير المختلفة، أنواع الحليب المبستر ...الخ) تحت مبرر الحفاظ على صحة ولياقة الأم الجسمية والجمالية، هذا الإحجام في الاعتماد على أسلوب التغذية الطبيعية (الرضاعة من ثدي الأم) تترتب عنه هشاشة في التكوين العضوي وحتى الوجداني العاطفي والعقلي الإدراكي للأطفال. يضاف إلى ذلك ما يرافق الإنجاب من ظروف كسوء استعمال آلات التوليد بالمستشفى أو في المنزل من دون إشراف صحي (على أيدي القابلات غير القانونيات)، وفي هذا الصدد أظهرت إحدى الدراسات الامبريقية أن نسبة 92% من مجموع الإعاقات الجسدية قد أبصروا النور في المنازل وأن 08% فقط من هؤلاء قد تمت ولادتهم في المستشفيات، مما يدل على وجود علاقة قوية بين ظهور الإعاقة ومكان الإنجاب15.

   وهناك عوامل أخرى كالإصابات الناجمة عن الحروب والنزاعات بالإضافة إلى حوادث المرور التي ازدادت أثارها على العنصر البشري وأفضت إلى الكثير من الإصابات بالإعاقة، ناهيك عن حصدها للعديد من الأرواح.

2- أبرز المداخل المستخدمة في مجال رعاية المعاقين

من أهم هذه المداخل المعتمدة في مجال رعاية المعوقين ما يلي:

أ- مدخل العلاج الجماعي: وهو يهدف إلى مساعدة الحالة (أي المعاق مجال المساعدة) على التغير فكريا وشعوريا وسلوكيا وروحيا بشكل فعّال، وهو علاج يستثمر ما يقوم بين أفراد الجماعة من تفاعل وتأثير متبادل بما ينعكس على سلوكهم ونظرتهم إلى الحياة. ومن مميزات هذا المدخل العلاجي أن التغذية الراجعة الحقيقية تصدر من أفراد مختلفين، ويثبت أعضاء الجماعة فيما بينهم قدرا كبيرا من التشجيع والمساندة وبذلك يستطيعون اكتساب أبعاد جديدة في هذا الفضاء الجماعي، كما يتيح لهم هذا المدخل -في حال استخدامه-فرصا حقيقية لممارسة المهارات الاجتماعية وتحسينها، ويكتسب الأخصائي من خلالها معلومات هامة عن السلوك الاجتماعي الواقعي. وجدير بالذكر أن أهم عمليات العلاج الجماعي من منظور إسلامي تعد من أحسن عمليات العلاج، ويمكن ذكر أهمها فيما يأتي:

- الترابط والتلاحم مع اختيار ومعرفة الواقع الذي يشمل الحياة المادية والإنسان والمجتمع والكون والموت وما بعد الموت.

- تحويل المشاعر نحو الجماعة، وهذا تدريب للحالة على جعل العالم محلا لرؤيتها ومشاعرها بدلا من تركيزها داخل ذاتها.

- القدوة وضغط المجموعة لتحسين سلوكها نحو الأفضل.

- عقلنة جزء كبير من المشكلات الانفعالية، والتنفيس وإخراج الشحنات الانفعالية المكبوتة مع التركيز على غرس التصورات والقيم الإسلامية.

أما عن مراحل التغير في العلاج الجماعي من المنظور الإسلامي فهي:

- مرحلة تكوين البصيرة: حيث يحاول الأخصائي مع الحالة رؤية عيوبها ومميزاتها ويساعد الأعضاء على ذلك من خلال التفاعلات والألعاب الجماعية والمناقشات وتوفير نموذج القدوة والنموذج السلوكي.

- اتخاذ القرار بالتغيير: بعد أن يرى الحالة بصورة واضحة بإمكانياتها الواقعية وأهدافها يبدأ في اتخاذ قرارات لتغيير طريقة التفكير للحالة وسلوكها إلى الأصل.

- مرحلة التطبيق مع تدعيم الأعضاء والأخصائي وبقية أعضاء الفريق للتغيير16.

ب- مدخل العلاج السلوكي

يشار إليه بأنه التطبيق المخطط والمنظم لمبادئ التعلم التي قامت على التجريب والمتعلقة بتعديل السلوك اللاتوافقي، وبصفة خاصة لتقليل أنماط السلوك غير المرغوبة ولزيادة أنماط السلوك المرغوبة17.

يهدف هذا المدخل بالدرجة الأولى إلى تشخيص السلوكات غير المرغوبة لتعديلها، بغية زيادة الأنماط السلوكية المرغوبة لدى الشخص المعاق، وعموما فإنّ هذا المدخل يقوم على التعامل مع أنواع السلوك القابلة للملاحظة من جانب الحياة التي نصفها بعدم السوء، ويتأسس على التركيز على الأنواع الرئيسية من السلوك مع الاهتمام بالفردية في تحليل السلوك؛ ويعتمد على الملاحظة ويستخدم القياس، ويقوم على الدراسة التجريبية؛ حيث يتم التركيز في كثير من الأحيان على وحدات سلوكية صغيرة ويتم إدخال تعديلات عملية مباشرة على السلوك باستخدام الأحاديث والكلام بشكل قليل نسبيا، وعدم التعمق في الماضي مع الاهتمام في التدريب على السلوك إلى أن يستقر ثباته في موقف محدد، وبعدها يتم تعميمه في كل المواقف الضرورية مع التركيز على أن يتضمن التدريب البيئة الطبيعية للأفراد من خلال أقران الدور المفتعل مع حالات عن البيئة الطبيعية18.

ج- مدخل العلاج بإيحاء المعني Logo therapy:

وضع أسس هذه الطريقة Victor Frankle؛ حيث يرى أن الأخصائي يقابل حالات كثيرة يرجع السبب الرئيسي في مشكلاتها لعدم قدرتها على إيجاد معنى أو مغزى لحياتها، وقد وصف هذا الموقف بالصراع الوحداني، ويهدف هذا النوع من العلاج إلى معالجة إحباطات الإنسان الوجودية ومساعدته في البحث عن معنى لحياته.

 ويعتقد فرنكل أنه كلما نجحت الحالة في التوقف عن لوم ماضيها، وأصبحت قادرة على تحمل مسؤولية مصيرها، كلما كان هذا تحقيقا لحريتها وذاتها، ويجب أن تتقبل المعاناة على أنها جزء من حياتها، ويتحقق هذا الاتجاه من خلال القصد العكسي؛ أي أن تقتحم المواقف التي تخاف منها حتى يتأكد لها عدم صحة مخاوفها وقلقها؛ ومن خلال إعادة النظر التي تحوّل محور اهتمام الحالة من داخل نفسها إلى أهداف خارجية، وعند نجاحها في الانشغال بالعالم المحيط بها تقل وتنخفض درجة قلقها19.

د- مدخل تصحيح القيم:ويتدرج العلاج المستخدم في إطار هذا المدخل على مراحل ثلاث هي:

- المرحلة التمهيدية: وتتضمن إيجاد تعارف بين الأخصائي والحالة بهدف خلق مناخ طيب تسوده الثقة بين الطرفين.

- مرحلة التصحيح: وتتضمن إيقاظ الإيمان المخدر في نفس الحالة ومساعدتها على إدراك ما تحمله من قيم دينية مع مراعاة الفروق الفردية بين الحالات، ومساعدة كل حالة على التعرف على طبيعة ما يواجهها من مشكلات أو إدراك ماهية حالتها بطريقة تدريجية، وإرجاع الموقف المشكّل بعد التعرف عليه إلى المعايير الإيمانية التي تم إيقاظها، بالإضافة إلى تثبيت القيم الإيجابية الواضحة عن طريق التأكد من إعلانها والاعتراف بها والعمل بما تمليه سرا وعلانية، والإحساس بالفخر بما يتم إنجازه وإزالة الحرج مما قد يعترض قدراتها من نقص.

- مرحلة المتابعة: وتتضمن متابعة الحالة عن طريق الاتصال بها أو إيجاد مجال التعارف والمشاركة داخل الجماعة؛ حيث يداوم على الترجمة العملية للقيمة واستشعارها20.

إننا نؤكد بعد هذا العرض المختصر لهذه المداخل على أهمية ودور ذوي الاختصاص في رعاية المعاقين وفق أسس علمية ومعايير تتوافق وطبيعة الإعاقة واحتياجات المعاق. وطالما تحققت هذه الرعاية، والتي من خلالها نجد الحلول الممكنة لمشكلات هؤلاء المعاقين فإنه من دون شك سنصل بهذه الفئة إلى المرحلة المرجوة، وهي مرحلة التكيف الاجتماعي وبالتالي أداء أدوارهم الاجتماعية وفق ما يتوقعه منهم الآخرون، وفي إطار معايير وقيم وثقافة المجتمع.

ثالثا-واقع التشريعات الاجتماعية للمعاقين في الجزائر مقاربة تحليلية

لا يخلو مجتمع من المجتمعات من أفراد معاقين، إلا أن الفرق يظهر في طبيعة نظرتها وطريقة تعاملها مع هذه الفئة، فلكل مجتمع خصوصيته التاريخية والحضارية، ومنظومته القيمية ومعاييره الاجتماعية التي تحكم تصرفات وتفاعلات أفراده، وتحدد نظرتهم للحياة. ومن المسلّم به أن المجتمعات الإنسانية لا تخلو من المشاكل والصعوبات التي تواجه الأفراد والجماعات، إلا أنّ حجم ونوعية هذه المشاكل يختلف من فئة لأخرى، ولعلّ من أهم الفئات الاجتماعية التي تواجه مشاكل معقدة وحساسة هي شريحة المعوقين.

وفي هذا الصدد فإنّ المجتمع الجزائري يعاني هو الآخر من مشكلات عديدة أفرزتها طبيعة الظروف السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية، وتعد مشكلة المعوقين إحدى أهم وأبرز المشكلات التي تواجه الدولة، سيما وأنّ هذه الفئة يزداد عددها باستمرار جراء أسباب وعوامل متعددة (وراثية ومكتسبة)؛ حيث بلغ تعداد المعاقين بمختلف الإعاقات حوالي 03ملاين معوق، حسب آخر الإحصائيات، وهو ما يفوق عدد سكان دولة قطر على سبيل المثال.

وحسب الإحصائيات التي أوردتها مديرية النشاط الاجتماعي لولاية سطيف بمفردها فإن نسبة المعوقين بالولاية بلغت 31335معاق، منهم 12232معاق حركيا، وذلك بتاريخ 13/03/2008.21

وقصد تسليط الضوء حول رعاية هذه الفئة لا بأس أن نحدد مفهوم المعاق من وجهة نظر التشريع الجزائري ثم أهم التشريعات الاجتماعية المتعلقة بالمعاقين، بشيء من التحليل.

أ- مفهوم المعاق في التشريع الجزائري:جاء تعريف المعاق في المادة 89من القانون رقم 85-05المؤرخ في 16فيفري 1985المتعلق بالصحة كما يلي :"يعد شخص معوق كل طفل أو مراهق أو شخص بالغ أو مسن مصاب بما يلي: إما نقص نفسي أو فيزيولوجي، إما عجز عن القيام بنشاط تكون حدوده عادية للكائن البشري، وإما عاهة تحول دون حياة اجتماعية عادية أو تمنعها". 22

ب- التشريعات الاجتماعية المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة:حرصت الدولة الجزائرية على الاهتمام والعناية بالفئات الخاصة والهشة في المجتمع وهو ما تجلى في مختلف التشريعات المتعلقة بهذا المجال، وحظيت فئة المعوقين باهتمام خاص ضمن هذا السياق، وتوالت بعد ذلك تشريعات متعددة سنحاول التعرض لأهمها، كما تم في هذا الصدد استحداث عديد المراكز المختصة برعاية المعاقين23كالمراكز الطبية التربوية والمراكز المتخصصة في تعليم الأطفال المعوقين بموجب المرسوم 80-59المؤرخ في 08مارس 1980أين يتم في كل ولاية إنشاء مركز طبي تربوي أو أكثر للأولاد المختلين عقليا، ومركز طبي تربوي أو أكثر للأولاد المعاقين حركيا، ومركز طبي تربوي أو أكثر للأولاد الانفصاليين، ومراكز تعليمية تخصصية للأولاد المعاقين بصريا والمعاقين سمعيا .

وتجدر الإشارة، إلى أن مراجعة التوزيع الجغرافي لهذه المؤسسات يؤشر على سوء توزيعها؛ إذ نجد على سبيل المثال خمسة (05) مراكز تتواجد في ولاية الجزائر وحدها، في حين تفتقد ولايات أخرى لأي مركز، وهذا من شأنه تهميش فئات عريضة هي بحاجة ماسة إلى الرعاية. وتجسيدا وتثمينا لسياسات رعاية المعاقين أنشئت مديريات النشاط الاجتماعي بكل ولاية طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 96-317المؤرخ في 18ديسمبر 1996والمحدد لقواعد تنظيم وتنفيذ الإجراءات التي من شأنها إلمام النشاطات المرتبطة بالنشاط الاجتماعي للدولة وترقية الحركة الجمعوية ذات الطابع الاجتماعي.

وقد جاء كذلك القانون رقم 81-07المؤرخ في 27يونيو 1981المتعلق بالتمهين، وهو ما أقرته المادة 15من هذا القانون، حيث نصت على أن: "للمعوقين بدنيا المعترف بهم طبيا الحق في التمهين طبقا لأحكام هذا التشريع المعمول به، كما يمكن للمؤسسات المستخدمة أن تستقبل ممتهنين معوقين، إن كانت تتوفر على مناصب تتناسب وظروف المعوق".

ومواصلة في نفس الجهود صدر المرسوم رقم 81-338المؤرخ في 12ديسمبر 1981، والمتضمن إنشاء المجلس الوطني الاستشاري لحماية المعوقين، لتتغير تسميته فيما بعد بموجب المرسوم التنفيذي رقم 92-318المؤرخ في 13أكتوبر 1992لتصبح "المجلس الوطني الاستشاري للحماية الاجتماعية للأشخاص المعوقين وإدماجهم"، كما استفادت فئة المعوقين أيضا من التأمين الاجتماعي، وهذا وفقا لما جاءت به المادة الخامسة (05) فقرة (ب) من القانون رقم 83-11المؤرخ في 02يوليو 1983والمتعلق بالتأمينات الاجتماعية.

هذا وقد صدر القانون رقم 85-05المؤرخ في 16فيفري 1985المتعلق بالصحة؛ حيث نصت المواد 90، 91، 92على التوالي على:

- يتمتع الأشخاص المعاقون بالحق في الحماية الصحية والاجتماعية طبقا للتشريع المعمول به.

- يجب أن تتسم الأعمال التي تكون في فائدة الأشخاص المعاقين باحترام شخصيتهم الإنسانية، ومراعاة كرامتهم وحساسيتهم الخاصة.

- ينتفع الأشخاص المعوقين بالعلاج الملائم، وإعادة التدريب والأجهزة المعدة لهم.

ليصدر بعد ذلك المرسوم رقم 88-27المؤرخ في 09فبراير 1988، المتضمن إنشاء ديوان وطني للأعضاء الاصطناعية للمعوقين ولواحقها، وقد تلخصت مهامه في:

- صنع الأعضاء الاصطناعية ولواحقها والمعينات التقنية للأشخاص المعوقين.

- المشاركة في إعداد المقاييس للأعضاء الاصطناعية ولواحقها، كما يسهر على تطبيق المقاييس المقررة.

- القيام بالأبحاث والدراسات والتدابير الرامية إلى تحسين الإنتاج كما ونوعا.

- المشاركة في تكوين مستخدمي الديوان، وتجديد معلوماتهم.

- التعاون مع الهياكل والمؤسسات والهيئات التي ترتبط أعمالها بصنع الأعضاء الاصطناعية ولواحقها قصد تخطيط صنعها وتوزيعها.

- كما تتولى في إطار أعماله توفير العدد المناسب من مناصب العمل للأشخاص المعوقين.

وقد حظيت هذه الشريحة من الإعفاء الضريبي على المراتب والأجور وفقا للمادة 31من القانون رقم 89-26المؤرخ في 21ديسمبر 1989، إضافة إلى فتح أقسام خاصة بالأطفال ضعيفي الحواس، فاقدي السمع والمكفوفين في المؤسسات التعليمية التابعة لقطاع التربية الوطنية، وهو ما جاء في القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 10ديسمبر 1998. وانطلاقا مما تقدم، ومن خلال استعراضنا المختصر لأهم التشريعات المتعلقة بفئة المعوقين، وتجسيدا وتثمينا لكل هذه السياسات أنشئت مديريات النشاط الاجتماعي بكل ولاية من ولايات الوطن وذلك طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 96-317المؤرخ في 18ديسمبر 1996المحدد لقواعد تنظيم وسير مصالح النشاط الاجتماعي الولائية المهيكلة على شكل مكاتب تعمل على تطوير النشاطات، وتنفيذ الإجراءات التي من شأنها إلمام النشاطات المرتبطة بالنشاط الاجتماعي للدولة وترقية الحركة الجمعوية ذات الطابع الاجتماعي.

ومن أبرز المهام المرتبطة بالنشاط الاجتماعي للدولة، والتي تسهر على أدائها مديريات النشاط الاجتماعي الولائية، والمتمثلة في المصالح المكلفة بالمؤسسات المتخصصة والترقية الاجتماعية للفئات المحرومة ما يلي:

- المساهمة في إعداد الأدوات البيداغوجية الضرورية للتكفل بالفئات الاجتماعية المحرومة أو المعاقة في المراكز المتخصصة.

- السهر على تطبيق برامج التعليم وإعادة التربية والتكفل بالأشخاص الذين يعانون من أمراض جسدية، نفسية واجتماعية.

- متابعة وتقييم بصفة دائمة التسيير من الجانب البيداغوجي والإداري للمراكز المتخصصة.

- اتخاذ إجراءات من أجل ترقية وتطوير نشاطات الإدماج الاجتماعي والمهني باتجاه الأشخاص المعاقين.

- متابعة العمليات المخططة، فيما يتعلق بالبناء، الإصلاح والترميم، وإعادة تجهيز المشاريع والمؤسسات التابعة لقطاع الحماية الاجتماعية.

- إحصاء الأشخاص المعاقين، وتنظيم جهاز منح بطاقات المعاق.

وقد خصصت منحة 3000دج شهريا لكل معوق تقدر نسبة عجزه بـ 100%، ويبلغ من العمر 18سنة على الأقل، وبدون دخل، كما تخصص شهريا لكل الفئات المعاقة الذين يبلغ سنهم 18سنة فما فوق المتحصلين على بطاقة معوق وليس لهم دخل، وهو ما نصت عليه المادتين 02،05على التوالي من المرسوم التنفيذي رقم 03-45المؤرخ في 19يناير 2002، والمتعلق بحماية وترقية الأشخاص المعوقين.

وقصد تقييم ومتابعة وضعية النشاط الاجتماعي، سيما ما تعلق منه بفئة المعوقين، فقد بادرت وزارة العدل والحماية الاجتماعية إلى تنظيم ندوة وطنية حول الحماية الاجتماعية يومي 30و31ماي 2000، وقد كان من ضمن أبرز أعمالها، اقتراح مشروع قانون للمعاق، يدخل في إطار السياسة العامة للرعاية الاجتماعية، ويضمن لكل معوق الحق القانوني في العزة والكرامة.

وقد تضمنت محاور هذا المشروع المقترح ما يلي:

أ-تعريفات عامة للمقصود بالمعاق، وأنواع الإعاقات (سمعية، بصرية، حركية، ذهنية) وتحديد الجهات المتدخلة في شأن الحماية الاجتماعية، والصلاحيات المخولة لكل طرف، وكذلك البرامج الوقائية والمخططات الوطنية للصحة والسكان والضمان الاجتماعي، والتوعية وغير ذلك.

ب-الحقوق العامة التي حددتها المواثيق والمعاهدات الدولية، وكرسها الدستور الجزائري، لا سيما في مواده: 53، 54، 55، 58، 59وأوضحته قوانين الجمهورية.

ج-الوقاية والصحة والتوعية، بحيث توضع المعاني في شكل مواد قانونية، تتحمل كل جهة ما عليها من واجبات اتجاه هذه الفئات، وبخاصة الوزارات ذات الطابع الاجتماعي والتضامن الوطني والجامعات والمجاهدين وسواها، وكذلك الحركات الجمعوية، والمجتمع المدني، والتنظيمات الإنسانية العالمية المهتمة بشؤون الإعاقة.

د-الحقوق والواجبات المتعلقة أساسا بالرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والتربية والتعليم والتكوين المهني، وكيفيات الإدماج التربوي (البيداغوجي) والتدريب المهني لذوي الإعاقات الخفيفة والمتوسطة.

ه-القضايا الإدارية والمالية (مع اقتراح إنشاء مجلس وطني لشؤون المعاقين).

وتبقى هذه السياسات والجهود محتاجة للتجسيد الواقعي على الأرض، والمتابعة والتقويم.

في ضوء ما تقدم، فإننا نستطيع القول إن طابع هذه الرعاية لا يزال بعيدا عن الدور الحقيقي الذي يجب أن تؤديه مختلف المؤسسات الاجتماعية، وكل من يعمل في حقل الرعاية الاجتماعية-رغم الجهود الهامة المبذولة-؛ إذ وبرؤية تحليلية للترسانة التشريعية في مجال رعاية المعوقين يتبين أن مستوى وطبيعة الرعاية الاجتماعية لهذه الشريحة العريضة من المجتمع لم يساير التحولات المتسارعة التي عرفتها الجزائر في مجالات متعددة (سياسية، اقتصادية، ثقافية...)، ولاسيما التحول الاقتصادي للدولة بانتهاجها للاقتصاد الحر، الاقتصاد الذي فتح الشهية أمام القطاع الخاص، والذي لم يأخذ في الاعتبار المسألة الاجتماعية بكل تعرجاتها وأبعادها، وخصوصية متطلباتها، مما انعكس سلبا على واقع الفئات المعاقة، وعمّق بذلك حجم المشاكل والصعوبات التي تعرقل تكيف هذه الشرائح الهامة والطاقات المعطلة من المجتمع، الشيء الذي لا يساعد على إرساء جو الاستقرار والوئام الذي نتطلع إليه جميعا.

ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الرعاية الاجتماعية التي يجب أن تتجاوب مستقبلا مع متطلبات هذه الفئة وفئات أخرى من المجتمع، وهو ما يتعين التفكير فيه مليا وفي السبل والوسائل التي من شأنها ترقية وإدماج جميع الفئات الاجتماعية وخاصة المعاقين منهم، انطلاقا من التوزيع العادل للخيرات.

وفي الوقت نفسه مراعاة الحفاظ على المكاسب الاجتماعية المحققة. هذه المقاربة من شأنها توفير الشروط التي تساعد على ترسيخ ثقافة جديدة تعيد الاعتبار للعامل والعمل المنتج على وجه التحديد كقيمة حضارية سامية وتشجب بذلك السلوكيات السلبية التي تقتصر على الاستهلاك فقط، وبالتالي تحقيق رفاهية الجماهير وتنمية المجتمع.

رابعا: إستراتيجية وأبعاد إدماج وتأهيل المعاقين بالجزائر:يمكن في هذا الصدد أن نتحدث عن مجموعة من الأبعاد التي ينبغي استحضارها في كل تخطيط يرمي إلى إدماج وتأهيل شرائح المعاقين في الجزائر نلخصها في:

1- البعد الاجتماعي الثقافي: وهو أكثر هذه الأبعاد خطورة وأهمية على الإطلاق ويشتمل:

أ- على المستوى الأسري:تؤدي الأسرة دورا محوريا وهاما في عملية التنشئة الاجتماعية، وكل خلل في أداء الأدوار المنوطة بها ينعكس سلبا على تكيف واندماج أفراد المجتمع، ويزداد هذا الدور أهمية إذا ما تعلق بالتنشئة الاجتماعية للمعاقين، إلا أن هذا الدور وتلك الأهمية نجدهما قد تراجعا إلى حد كبير. ويُسجل أنّ من بين الأبعاد الهامة في مشكلة الإعاقة في الثقافة العربية عموما والجزائرية على وجه التحديد - شعور الأسرة بـ"وصمة العار" أو عقدة الذنب حيال وجود معاق أو معاقين بين أفرادها؛ فأغلبية الأسر تعاني من حالة لامبالاة مزمنة بخصوص أبنائها المعاقين، لهذا تبرز العبارة الشائعة بينهم ومفادها "المعوق ولد الدولة"؛ أي ابن الدولة، هذه العبارة ترددها أغلبية أسر المعاقين تجاه أولادهم؛ إذ يعتبرون هذه المراكز مكانا للتخلص منهم.

   هذه النظرة التصنيفية الدونية ستحول دون نمو أي قدر من الاعتماد على النفس لدى هذه الشريحة المجتمعية، وهذا الواقع يجعلنا نقول إن مسؤولية الأسرة تمثل أهم وأخطر المسؤوليات بالنسبة لتحسين وتطوير أحوال المعاقين حتى بالنسبة لأولئك الملتحقين بمؤسسات الخدمات بما فيها المراكز المختصة. ومن ثمة فإنّ تبصير الأسرة بدورها في العلاج والتأهيل والإدماج للمعاقين ينبغي أن يتساند مع مسئولية المؤسسات المجتمعية الأخرى، وذلك بخلق ثقافة أسرية بدءا بتكوين وإرشاد الأسرة وتنشئة الأطفال ورعايتهم. ومما يستحق التركيز في هذا المجال أهمية الكشوف الطبية للمقبلين على الزواج للتعرف على ما قد يكون لديهم من أمراض وراثية قد تؤثر على النمو السليم للأطفال، إضافة إلى ذلك ما تتطلبه رعاية الطفولة من حماية ضد مخاطر الحوادث المنزلية ومصادرها المختلفة.

   إنّ التوعية والإرشاد والتثقيف الأسري كفيلان بتهيئة نفسية واجتماعية للإسهام في الحياة الاجتماعية، ومنه الإسهام في العملية التنموية باستثمار جهود هذه الفئة المجتمعية المخصوصة.

ب- على مستوى المحيط المجتمعي:إنّ مسؤولية منع الإعاقة أو مواجهتها مواجهة موضوعية تتطلب ابتداء الوعي بأسباب الإعاقة ومصادرها والتعامل معها، والخدمات المتاحة لها على نطاق المجتمع كله، ومن هنا فإنه ينبغي أن يكون لكل مؤسسة من مؤسسات المعاقين هدف تربوي أو تدريبي أو اجتماعي أو علاجي تأهيلي أو مجموعة من هذه الأهداف، ولا ينبغي أن يقتصر هدف أي مؤسسة للمعاقين على مجرد الإيواء (الملجأ) فحسب، بل يتوجب على المجتمع بكل مؤسساته اتخاذ إجراءات وتدابير وفق سياسة علمية وتخطيط هادف تراعى فيها الاحتياجات الأساسية المتلائمة مع كل أنواع الإعاقة24.

   وبالإضافة إلى دور هذه المؤسسات فإن لوسائل التثقيف والإعلام الأثر الكبير في نشر وبلورة الوعي عن طريق ما يمكن أن نسميه "ثقافة الإعاقة" حتى يمكن إيجاد رأي عام موضوعي لمواجهة مشكلات الإعاقة بالاعتماد على المعرفة العلمية وخلق برامج تلفزيونية وإذاعية تغرس وعيا حقيقيا لدى الرأي العام عامة ولدى أسر المعاقين خاصة بأهمية تقبل هذه الفئة وتسهيل مهمة مشاركتها الاجتماعية وبالتالي عطائها التنموي.

2-البعد الاستراتيجي التأهيلي: يقصد بالتأهيل بشكل عام أن يعمل الإنسان على استعادة كل أو بعض قدراته المفقودة بطريقة تمكنه من استغلال عناصره الإنسانية ليكون مستقلا تماما أو جزئيا بحياته. وبالنظر إلى أدبيات الإعاقة فإنّ هناك شبه اتفاق على أن أنواع للتأهيل هي25:

- التأهيل الطبي- التأهيل النفسي والاجتماعي - التأهيل المهني                  

أ- التأهيل الطبي (الوقاية والعلاج):في مواجهة قضايا الإعاقة بشكل عام تسري الحكمة: "درهم وقاية خير من قنطار علاج" وتشمل هذه الوقاية التحصين ضد الأمراض المعروفة لدى الأطفال بما فيها الحصبة، وشلل الأطفال والوقاية من رمد التراكوما ومن تلوث المياه، هذا إلى جانب العناية بتغذية الأمهات الحوامل وبالتغذية الصحية خاصة الرضاعة الطبيعة للأطفال. وتتلخص هذه المرحلة عموما في الاهتمام ببرامج التطعيم والعناية بصحة الطفل والكشف على الأجنة المشوهة داخل الرحم، وفحص الأطفال بعد الإنجاب، والمتابعة الصحية المستمرة من قبل أخصائيين وذوي خبرة، وبالاعتماد كذلك على مختلف الأجهزة الطبية الحديثة حسب طبيعة كل حالة إعاقة.

ب- التأهيل النفسي والاجتماعي: نظرا لأنّ التشخيص النهائي للتأهيل يستهدف تحقيق الكفاية الوظيفية الشاملة لذوي الاحتياجات الخاصة فهو موضوع قائم على ثلاث عوامل وهي26:

- إعداد شخص اجتماعي قادر على الشعور بالأمن والطمأنينة على المستوى الفردي (الثقة بالنفس) وعلى المستوى الاجتماعي(الثقة والاحترام والتقبل المتبادل مع الآخرين) الشيء الذي يجعل هذه الفئة تتخطى عقبة المدركات السلبية وتصبح قادرة على التفاعل الاجتماعي.

- تحقيق أعلى مستوى من الأداء للوظائف البدنية وحتى النفسية التي تستطيع المهارات الطبية تحقيقها وتنميتها بالنسبة للشخص المصاب.

- تأهيل الشخص ليكون عنصر استثمار فاعل مندمج في الحياة الاجتماعية، وعليه يمكن القول إنّ التأهيل النفسي والاجتماعي عملية ديناميكية تتفاعل فيها أدوار الأخصائيين على اختلاف مجالات تخصصهم (نفسي، طبي، اجتماعي) مع أسر ذوي الاحتياجات الخاصة والمؤسسات الاجتماعية المختصة لتصبح هذه الفئات بذلك قادرة على التكيف الذاتي والاجتماعي.

3- البعد الوظيفي التنموي

أ– التأهيل التدريبي الحرفي والمهني: وتشمل هذه المرحلة النظرة التكاملية للفرد المعاق؛ حيث يقوم الطبيب وجميع الأخصائيين النفسانيين والاجتماعيين والمهنيين باستعراض ما يمتاز به هذا الأخير من قدرات بدنية واستعدادات نفسية وعقلية، ومعلومات نظرية في مجال المهنة المراد تأهيله فيها والتي تتوافق مع حالته الخاصة، أين يتم بعد ذلك إخضاعه للتدريب على نوع من الأعمال تكسبه مهارات تؤهله لمرحلة التوظيف فيما بعد.

   ولقد أثبت علميا أن الفرد المعاق بإمكانه مزاولة العمل بإتقان ومثابرة ومهارة تفوق مهارة الشخص السليم أحيانا لو أحسن اختيار العمل المناسب لقدراته ومواهبه، كما أثبتت التجارب التي أجريت في هذا الصدد بأن المعاقين أكثر مواظبة في الاستقرار وأقل تعرضا للإصابة من غيرهم أثناء العمل27.

   إنه لا مناص اليوم إذا ما أخذنا في الحسبان الأعداد الهائلة للمعاقين بالجزائر من مختلف الإعاقات من ضرورة إعادة النظر في طرق وأساليب تأهيل هذه الشريحة وفق أسس علمية تشرف عليها كوادر مؤهلة تمنح لها الوسائل اللازمة لذلك. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنّ هناك عوامل أخرى لازالت تؤثر سلبا على التكيف والاندماج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة في المجتمعات العالم الثالث ومن بينها الجزائر، والتي تفتقد لبنية تحتية هندسية28؛ إذ وبنظرة فاحصة للطبيعة الهندسية للمنشآت العمرانية (مختلف المرافق العمومية) نجدها تفتقد لتسهيلات هندسية وإجرائية أمام هذا العدد المتعاظم من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يعوق عملية استفادتهم من مختلف الخدمات المقدمة، لذلك فمن الأهمية بما كان إعادة وضع تصاميم بنائية هندسية تساعد على التكيف الاجتماعي والمهني لهذه الفئات.

ب-التوظيف والإدماج فالمشاركة الاجتماعية: إنّ الغاية الأساسية من رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الارتقاء بإنسانية وكرامة هذه الفئة بما يجعل منها عنصرا بشريا يسهم في تنمية ورقي المجتمعات، ولما كانت قضايا المعاقين مشكلات اجتماعية متفاعلة–أسبابا ونتائجا- مع قضايا التنمية فإنّ المهمة تصبح أكثر جسامة، فلا مناص من ضرورة توفير المناخ المناسب لهذه الفئة من المجتمع بتوظيفها وإدماجها في الحياة الاجتماعية لتصبح فئة منتجة-وليست عالة- خلاقة قادرة على العطاء.

   إنّ التصور الجديد لعملية التنمية بوصفها تحسين لنوعية الحياة إنتاجا وتوزيعا وتعظيما، لجهة مواجهة وإشباع الاحتياجات المتعاظمة باستمرار لهذه الفئة الخاصة من المجتمع؛ ذلك أن مبدأ العدل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية- من منظور سوسيو- تنموي- يقف بوصفه شرطا ضروريا لما يمكن أن نسميه: "السلام الاجتماعي" الذي يتجسد في حالة التوازن الديناميكي بين كافة القوى والفئات والطبقات الاجتماعية29مما سيخلق-دون شك– تساندا بنائيا ووظيفيا بين أنساق المجتمع من جهة ومختلف شرائحه وأفراده من جهة أخرى.

إنّ استثمار كافة الطاقات البشرية وتنميتها لتبذل أقصى ما تستطيعه من الإسهام والمشاركة الاجتماعية يعتبر ركيزة هامة في سبيل تحقيق وتوفير ظروف موضوعية ومناخ قيمي وثقافي لمزيد من الحياة الكريمة للأفراد، ولن يتم ذلك إلا عبر إزالة العوائق البنائية أو الهيكلية لتحقيق المساواة في فرص الحياة؛ في الصحة والتعليم والانجاز المهني ومستوى الدخل والإشباع المادي والروحي؛ إنّ التنمية تعني انبثاق ونمو كل الإمكانيات والطاقات الكامنة في كيان معين بشكل كامل وشامل ومتوازن وفق متطلبات المجتمع المراد تنميته.

خلاصة

تأسيسا على ما تقدم يتبين لنا أن الاهتمام بهذه الشريحة المجتمعية -يعد اليوم وأكثر من أي وقت مضى- أولوية مجتمعية تقتضي ضرورة انتهاج سياسات ورسم استراتجيات على مستوى جميع الأصعدة والميادين توفر الرعاية والخدمات التأهيلية الضرورية لهذه الفئة، خاصة على مستوى مجتمعاتهم وبيئاتهم المحلية، وذلك بخلق تغييرات جذرية أكثر إيجابية في أنماط التنشئة الاجتماعية والقيم الثقافية، والعمل، والإنتاج والتوزيع وعدالة إتاحة الفرص أمام الجميع بما يضمن مشاركة وإسهام الجميع بما فيهم شريحة المعاقين في العملية التنموية المجتمعية الشاملة.



 


الهوامش

1.أحمدمسعودان: رعايةالمعوقينوأهدافسياسةإدماجهمالاجتماعيبالجزائرمنمنظورالخدمةالاجتماعية، رسالةدكتوراهفيعلماجتماعالتنمية، قسمعلمالاجتماع، جامعةمنتوريقسنطينة، إشراف: الأستاذالدكتورفضيلدليو، بحثغيرمنشور، الجزائر، 2006، ص24

2.                        وزارةالعملوالحمايةالاجتماعية: مديريةالمؤسساتالمتخصصة، المنهجالتربويالتجريبيللمؤسساتالمتخصصة، سبتمبر2007، الجزائر

3.عبدالمحيمحمودحسنصالح: متحدواالإعاقةمنمنظورالخدمةالاجتماعية، دارالمعرفةالجامعية، الإسكندرية، سنة1997ص60

4.المرجعنفسه: ص60

5.                       أحمدمصطفىخاطر: الخدمةالإجتماعية(نظرةتاريخية-مناهجالممارسة-المجالات)، المكتبالجامعيالحديث، ط2،مصر،1995، ص396

6.محمدمصطفىأحمد: الحدمةالإجتماعيةفيمجالرعايةالمعوقين، دارالمعرفةالجامعيةالإسكندرية،1997، ص59

7.موسىشلالوآخرون: المعاقونمنمنظورالتنميةالبشريةوالوضعالغذائيالصحيفيدولةالامارات، المؤتمرالدوليالأولللعلومالاجتماعيةوتنميةالمجتمع، كليةالعلومالاجتماعية، جامعةالكويت، الكويت،2001، ص83

(**)- يقسطبالإسقاطالواقعيللمفهوم:أيضبطهبمايحققوظيفةالفئةالمرادةبالتسميةلتحقيقتكيفهاوانسجامهالاندماجهافيالمجتمع، بدلامنتعميقفجوةتهميشهاومعاناتها.

8.محمدسيدفهمي: الرعايةالاجتماعيةوالأمنالاجتماعي، المكتبالجامعيالحديث، مصر، 1998، ص23-24

9.المرجعنفسه، ص23.

10.                       رشيدزرواتي: مدخلللخدمةالاجتماعية، مطبعةهومة، الجزائر، 2000، ص149

11.                                             EriksonE : Adolescencecrise, laquêtedel’identité,. Flammarion, paris. P100.

12.                      أحمدزكيبدوي:معجممصطلحاتالعلومالاجتماعية،مكتبةلبنان،بيروت1993، ص52

13.                      فتحيالسيد، حليمالسعيد: سيكولوجيةالأطفالغيرالعاديينواستراتيجياتالتربيةالخاصة، دارالقلم، ط1، الكويت، 1980، ص92

14.                      عبداللهمحمدعبدالرحمان: سياساتالرعايةالاجتماعيةللمعوقينفيالمجتمعاتالنامية، دارالمعرفةالجامعية, مصر, 1990,ص142

15.                      فؤادبهيالسيد: الأسسالنفسيةللنمومنالطفولةإلىالشيخوخة، دارالفكرالعربي، سوريا، دونسنة، ص97.

16.                      محمدعبدالفتاحالمهدي:العلاجالنفسيفيضوءالاسلام،دارالوفاء، المنصورة، مصر، 1990،ص331

17.                      عبدالعزيزالنوحي:نظرياتخدمةالفردالسلوكية،دارالثقافةللطباعةوالنشر،القاهرة،1983،ص148

18.                      عبدالعزيزالقوصي:علمالنفس–دراساتهوتطبيقاتهالتربوية،مكتبةالنهضةالمصرية،القاهرة،1970،ص-ص49-51

19.                      محمدعبدالفتاحالمهدي:مرجعسابق،ص83،82

20.                     محمدرفقيعيسى:توضيحأوتصحيحالقيم-نحواستراتجيةجديدةفيالارشادالنفسي،المجلةالتربوية، العدد03،جامعةالكويت، الكويت،1984،ص76،75

21.                      مديريةالنشاطالاجتماعي: إحصائياتالمعوقين، مكتبالإحصاء، سطيف، الجزائر، مارس2008.

22.                     الجريدةالرسميةللجمهوريةالجزائرية، القانونرقم:85/05المؤرخفي16فيفري1985، جرالعدد08.

23.                     الجريدةالرسميةللجمهوريةالجزائرية، المرسومرقم80/59المؤرخفي08مارس1980، جرالعدد 11.

24.                     حامدعمار: المعاقونفيإطارتنميةالمواردالبشرية، مجلةشؤونعربية، العدد16، 1982، ص92.

25.                     موسىشلالوآخرون: المعاقونمنمنظورالتنميةالبشريةوالوضعالغذائيالصحيفيدولةالإمارات، المؤتمرالدوليالأولللعلومالاجتماعيةوتنميةالمجتمع، كليةالعلومالاجتماعية، جامعةالكويت، المطبعةالجامعية، الكويت، 2001ص90.

26.                     أحمدبوذراع: أسسالتأهيلالاجتماعيللمعوقينمنمنظورخدمةالفردوالجماعة، مجلةالعلومالاجتماعية، العدد04، جامعةباتنة، الجزائر، 1995، ص143-144.

27.                     المرجعنفسه، ص146-147.

28.                     نعمانعبدالغني: الفئاتالمعاقةفيالجزائر–مشاكلومطالب...ومصاعب- جريدةالشروقاليومي، العدد1023، الجزائر، 2004.

29.              أحمدأبوزيدوآخرون: دراساتمصريةفيعلمالاجتماع، مركزالبحوثوالدراساتالاجتماعية، كليةالآداب، القاهرة، 2002، ص221.




@pour_citer_ce_document

العمري عيسات, «مسائل الإعاقة والمعوقين في الجزائر -مقاربة تحليلية-»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2015-05-10,
Date Pulication Electronique : 2015-05-10,
mis a jour le : 03/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1276.