تجليات المقدس الديني في الشعر الجزائري المعاصر -دراسة فنية -
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°19 Décembre 2014

تجليات المقدس الديني في الشعر الجزائري المعاصر -دراسة فنية -


أحمد العياضي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

إنّ الامتزاج بين الذات الشاعرة والمقدس الديني، والواقع العام، يؤكد تبادل التأثير والتأثر، وإنّ صورة الواقع العام للشاعر، قد انعكست في نصه الشعري، ما دام المقصود بالانعكاس الحضور المهيمن، المجسد للاهتمام الواسع، والعميق بهذا الواقع. لذلك يصبح النص الشعري مساهما في التغيير، أو على الأقل مبشرا بقدومه. وهذه القراءة، إذ تجعل من لغة الشعر الجزائري المعاصر موضوعا، فهي تتناولها من زاوية محدّدة، وهي أثر المقدس الديني، في تشكيل لغة الشعر الجزائري المعاصر.

الكلمات المفاتيح

المقدّس الديني، التّأثير والتّأثر، الآليات وكيفية التّعامل، الدلالات والإيحاءات، سمة الحداثة

Le mélange entre le moi et poste vacant sacrée religieuse et fait confirme l'impact de change générale et de la vulnérabilité et le fait que l'image publique du poète peut être reflété dans le texte de l'version poétique aussi longtemps que le public visé dominant, incarné intéressante large et profonde, cette information publique. Ainsi, il devient un actionner de texte poétique ou du moins prometteuse pour venir. Cette lecture de la langue car il rend le thème contemporaine algérien de poésie, ils sont oux prises à partir d'un angle spécifique, un impact religieux sacré dans la formation de la langue de la poésie contemporaine algérienne

Mots clés : Sacré Influence Religieuse Et De La Vulnérabilité, Et La Façon Dont Les Mécanismes D'adaptation, Sémantique Et Hoche La Tête, La Modernité.


The mixing between the self and vacant sacared religious and actually confirms the exchange impact and vulnerability and the fact that the public image of the poet may be refletd in the text of poetic reversal as long as the intended oudience dominant, empodied interesting broad and deep, this fact public. Therefore, it becomes a poetic text shareholder or at least prpmising for coming. Thes rerding of the language as it makes the hair Algerian contemporary theme, they are dealing from a specific angle, a sacred religious impact in shaping the language of poetry Algerian contemporary.

Keywords: Sacred Religious Influence And Vulnerability, And How Coping Mechanisms, Semantic, And Nods, Modernity.

إن استدعاء الشاعر للتراث واستثماره كرموز، له إطاره الزمني والمكاني والنوعي وكيفية توظيفه له، هو مناط الإبتكار والتميز، إنه مكان أو زمان أو حدث أو شخوص لها وضعيتها التاريخية والدلالة المرتبطة بها، ويبقى على الشاعر عبء انتقاء الرمز والتوليف بينه وبين العناصر الأخرى في النص الشعري وتفجير ما به من طاقات دلالية ايحائية، إن توظيف الشاعر للتراث، يقتضي منه الوعي بدوره الحضاري، والوعي أيضا بكيفية تفجير ما في الرموز من طاقة ايحائية معبرة عن التجربة الشخصية والإنسانية معا، غير أن الشاعر لم يقف عند حدود استدعاء التراث فحسب، إنما كان تحوله ناضجا عندما استقى من الموروثات الدينية فأضفى قوة ومصداقية على النص الأدبي الحديث، جاعلا إياه غطاء أو رداء أو واجهة، في حركة من الاستبدالات والسياقات، تدور في فضاء النص الجديد، يضيف  الناقد "صلاح فضل ": « نجد أن توظيف النصوص الدينية في الشعر، يعد من أنجع الوسائل، وذلك خاصية جوهرية في هذه النصوص، تلتقي مع طبيعة الشعر نفسه، وهي أنها مما ينزع الذهن البشري لحفظه ومداومة تذكره، فلا تكاد ذاكرة الإنسان في كل العصور، تحرص على الإمساك بنص، إلا إذا كان دينيا أو شعريا،  وهي لا تمسك به حرصا غلى ما يقول فحسب، وإنما على طريقة القول، وشكل الكلام أيضا، ومن هنا يصبح توظيف التراث الديني في الشعر تعزيزا قويا لشاعريته ودعما لاستمراره في حافظة الإنسان».1

فاللغة هي «الدوال» التي تشير إلى «مدلولات» خارج إطارها سواء أكانت ذهنية أم تعيش في عالم الوجدان والشعور، ويشير الدكتور صلاح فضل إلى ذلك بقوله:«إن اللغة أو الدال كما يسمى في المصطلح الحديث، بفضل دوره الفذ كأداة الوعي ، يقوم بوظيفته كعنصر أساسي موافق لكل إبداع إيديولوجي، كيفما كان نوعه، فجميع مظاهر الإبداع وكل الأدلة غير اللفظية تسبح في الخطاب، ولا يمكن أن تنفصل عنه تمام الانفصال... إذ أن كل دال منبثق عن ثقافة ما، وبمجرد أن يفهم ويسبغ عليه معنى ما لا يبقى منعزلا بل يندمج ويصبح جزءا من وحدة الوعي لفظيا».2

إن التعامل مع المقدس الديني يساعد الشاعر على تشكيل الرمز المعتمد مقدسا دينيا وفق رغبته هو كشاعر، دون الوقوع تحت ضغط خصوصيات المرموز به، ليصبح الشاعر بذلك مرتبطا ارتباطا بما اختاره، لكنه ينطلق منه ليعبر عن خصوصياته كشاعر ومميزاته، أكثر مما يظهر مميزات وخصوصيات الموظف، وبذلك يكتسب العمل الإبداعي خصوصيته التي تميزه عن غيره، فالمقدس الديني له الأهمية القصوى في الحياة الاجتماعية والعملية الابداعية، إذ يكشف ويجلي ويثري النص الشعري بدلالات وإيحاءات مختلفة.

 إن ما استهوى الشعراء الجزائريين المعاصرين من المقدس الديني هو شخصيات الأنبياء (عليهم السلام)، حتى أصبحت ظاهرة لافتة للإنتباه في قصائدهم الشعرية. فشخصية الأنبياء عليهم السلام غنية وثرية بدلالات الفداء والاستبسال والمثالية، كما أنها تحمل قدرا كبيرا من التراجيديا والدراما، التي أغرت الشعراء بتبنيها فنيا، واستثمار ما فيها من طاقات دالة على دراما الحياة الانسانية، فهي مثال للعطاء والبذل وحمل الرسالة، وهي في الوقت نفسه أنموذجا لتحمل المكابدة والمعاناة.

فنقرأ للشاعر يوسف وغليسي:

يسألونك عني ...

قل إني ما قتلوني وما صلبوني ولكن

سقطت من الموت سهوا...

رفعت إلى حضرة الخلد...

إني تلاشيت سكران...

إني تشظيت في وهج الوجد3...

لقد استوحى الشاعر قصة سيدنا «عيسى المسيح» عليه السلام لما وجد في أجوائها مجالا رحبا للتعبير الوجداني عن آلام الإنسان وقوة المعاناة، وشدة المحنة بطريقة بسيطة ومباشرة نوعا ما، لا يحتاج المتقبل لفهمها إلى مجهود كبير ولا تقبل تأويلا غير الذي عبرت عنه، معادلا رمزيا للشاعر الذي يعاني ويكابد مرارة الواقع، وهنا تبرز اللغة وسيطا حسيا، يخلق تجسيدا للوعي الفكري والجمالي، إذ أن لغته ذات بناء قوي ودلالة ملائمة للسياق الذي وردت فيه.

إن الشاعر ينفي عن نفسه القتل والصلب بـ (ما) النافية، فـ<<المسيح>> عليه السلام رفع إلى السماء (معجزة إلهية)، فتجلت قدرة الله وامتدت إليه يد العناية، فأخفاه الله عن أعين الناظرين، حيث يقول عز وجل: «...وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ  ...١٥٧ ... بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا١٥٨»4

أما الشاعر فكان القدر إلى جانبه، حيث أنقذه من العذاب والمكابدة، والدلالة على ذلك ما يوحي به قوله في النص (سقطت من الموت سهوا)، أي حفظه الله ونجاه، وهذا حتى لا يخترق قدسية المقدس الديني، أو يقع في المروق، وتكون نجاته بمثابة المعجزة، فاختار عوالم الصوفية بديلا، هاربا منفصلا عن واقعه الأليم، ليتخلص من المعاناة والعذاب (رفعت إلى حضرة الخلد، متلاشيا، سكرانا، متشظيا في وهج الخلد.) وهذه اللغة الصوفية الرمزية، تكتسب مدلولات جديدة، بمجرد توظيفها في التجربة الشعرية، فهي موحية بالحالة النفسية للشاعر، و إيثاره للانفصال والهروب إلى عالم المثل، و التعلق بالمطلق عله يحس بالطمأنينة والسكينة، وهذا الهروب، مفاده أن الشاعر، أثناء التجربة لم تغب عن ذاكرته قدسية المقدس الديني، حتى لا يقع في الاختراق أو المروق، وهنا يسطع دور الخيال مستنبطنا جوهر الأشياء وحقيقتها، كما تصورها نفس الشاعر غير أنه تصوير يختلط بتلك الفيوضات التي تتصارع في وجدانه مؤكدة ثراء التجربة الإنسانية التي يعانيها، «فالخيال إنما أداة من أدوات إبراز الرؤية، وهو عندئذ يعمل في تبديل الواقع بالمقدار الذي يساعده على كشف الحجاب عن هذا الواقع».5

والملاحظ في توظيف الرمز في النص الشعري، أن الشاعر تعامل مع (الصلب)، لا مع دلالته فتوظيف الشعراء في مراحلهم الناضجة فنيا، ينصب على دلالة الرمز، إنّ دلالة الفداء والاستشهاد والتعذيب والمكابدة والمعاناة وغيرها، يدل عليها الكل العضوي للقصيدة، وليس من اللازم أن يدل عليها الصلب، ولكن الشاعر "يوسف وغليسي" في نصه هنا لم يوظف «الصلب»بهذه الرؤية لأنه نفى عن نفسه الصلب فقط، برؤية سطحية، ويبدو أن شدة حرصه على المقدس الديني وحذره من الاختراق أو المروق كانت وراء ذلك، ومن هنا فالشاعر اعتمد الاختزال.

هكذا يتوحد الماضي بالحاضر والقديم بالجديد، ومن خلال هذا التوحد في الرموز والظلال العاطفية والمعنوية، تتعمق التجربة الشعرية، وتشع ويتخذ الرمز فيها أبعادا ودلالات جديدة فالتجربة الشعورية وسياقها في الشكل والظهور هي التي تستدعي الرموز وتحدد كيفية التعامل معها وبطريقة توظيفها، وهي «تضفي على اللفظة طابعا رمزيا، بأن تركز فيها شحنتها العاطفية أو الفكرية أو الشعورية».6

إن الشاعر يرى الواقع متهما مدانا فلم يستطع أن يحقق منطق العقل في انتمائه وفي التصدي للمسؤوليات، فليهرب إلى العاطفة وليسقط العقل، لأن هذا العقل قاده إلى الهزيمة، وهو الهروب من الواقع (الانفصال) إلى الذاتي المثالي، هو ارتداد إلى الوراء وليس كشفا أو صعودا في المستقبل، وهو ناجم عن الشعور بالخيبة وباللاجدوى، وعدم الفاعلية.

إن إحساس الشاعر الجزائري المعاصر، بضيق واقعه المعيش، وبقوة محاصرته له، دفعه للبحث عن آفاق أرحب، يكسر من خلالها هذا الضيق، ويتغلب على القهر والاستبداد والاستلاب، ويتجاوز انتكاسته، جاعلا رفضه للواقع منطلقا لتأسيس مجتمع تمتد فيه الحرية والابداع امتداد الحلم اللامحدود، محاولا كغيره من المثقفين والمفكرين، أن يمارس حقه في تحرير نفسه أو مجتمعه فكان للمقدس الديني حضور مكثف، وفي ذلك وعي بقيمة الماضي لتطوير هذا الحاضر، وذاك الآتي وفق علاقة تراعي الحرية لتحقيق التواصل عبر الشعر الذي عليه، تجسيد الرؤية الجديدة للممارسة الإبداعية التي تستلهم قديما لاستشراف مستقبل /الحلم، وداخل هذه الخصوصية، يحضر المقدس الديني كقضية وكرمز معلنا تجذره في وعي الشاعر المبدع والمتلقي أيضا.

فنجد الشاعر يوسف وغليسي يستلهم قصة سيدنا «سليمان» عليه السلام قائلا:

نهبوا ملك «بلقيس» من بعدما

أوقفوا هدهدي.

صادروا مصحفي.

لفظوني على شرفة الحلم السندسية وقالوا

أموي يحن إلى الزمن الهاشمي !7

إن النص الشعري يكشف عن مدى توتر الشاعر، وقلقه، وتأزمه، وانفعاله، إزاء ما يتعرض له وطنه من نهب وسلب لثرواته وخيراته بغير وجه حق، وما يسوده من استبداد وقهر وبغي ومصادرة الحرية والاستبداد بالرأي.

إن «بلقيس» و«الهدهد» يحيلان على قصة سيدنا «سليمان» "عليه السلام "، ويهيمنان على بقية الرموز الموحية بدلالات مختلفة، إنها رموز تختزن دلالات عميقة، كحقيقة تتجاوز الواقع، وكواقع قبلي محدد بزمانه ومكانه، وتتقوى هذه الدلالات وتكبر في امتدادها وتغلغلها في ضمير المعتقدين بها، وتوظيفها يفجر دلالات أخرى، في مستوى الإبداع الجديد، وبهذا يضحى واقعا جديدا، وهدفا وخلقا وابتكارا بشرط أن تتوفر فيها القدرة على التحول إلى رمز يخلق الأجواء الايحائية.

فقد استوحى الشاعر قصة سيدنا «سليمان» "عليه السلام"، التي كان طابعها الحوار والسلم، مع «هدهده» وملكة سبأ باليمن «بلقيس» وكانت النتيجة أن نجا الهدهد من الذبح والتعذيب، كما توعده سيدنا سليمان عن غيابه، إلا أن يأتي بحجة واضحة يمهد بها لعذره، تقدم الطائر فقال: لقد اطلعت على ما لم يمتد إليه علمك، ولم تصل إلى الإحاطة به أسباب قوتك وملكك، وكشفت سرا ند عليك أمره، واختفى خبره، فخفض هذا الحديث المشوق من حدة سيدنا «سليمان»" عليه السلام" فاستحث سيدنا «سليمان» "عليه السلام "«الهدهد» أن يأتي بخبره وأن يدلي بحجته وعذره.

فقال «الهدهد»  وجدت في أرض «سبأ» امرأة تملكهم، وقد أوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم إلا أن الشيطان استبطنهم...دهش سيدنا «سليمان» "عليه السلام" لهذا الأمر العجيب فقال: سننظر في نبئك ونتحقق أمر صدقك من ذلك، وإذا كان الأمر كما وصفت، والحق كما صورت، فهذا كتابي، اذهب به فألقه إليهم، ثم تنح إلى مكان تنتظر رأيهم وتترقب جوابهم، حمل الهدهد الكتاب ثم سار إلى «بلقيس» فطرح الكتاب أمامها... وتواصلت القصة بين سيدنا «سليمان»" عليه السلام "والملكة «بلقيس» إلى أن قالت: ربي إني ملت حينا عن عبادتك، وضللت حرسا من الزمن، رحمتك، فظلمت نفسي وحبستها عن نورك، والآن قد أسلمت مع سليمان خالصة لك، متوجهة إلى طاعتك وأنت أرحم الراحمين.8

فلغة الحوار والسلم كانت سيدة الموقف في القصة المقدسة دينيا، مما جنبت «الهدهد» من الذبح والتعذيب، كما جنبت سيدنا «سليمان» "عليه السلام" وملكة سبأ «بلقيس»، الحرب والقتال، والدخول في حياة متلاحمة تسودها الطمأنينة والسكينة.

نعود إلى النص الشعري، محاولين قراءته وحل شفرات الرموز الموظفة ودلالاتها وإيحاءاتها، والتي يهيمن عليها  رمز المقدس الديني، قصة سيدنا «سليمان»  "عليه السلام "فنجدها مختزلة في دلالة واحدة عميقة ودقيقة، يريدها الشاعر ألا وهي ثقافة الحوار والسلم، أن تسود الواقع لحل الأزمة الخانقة والقائمة، المتمثلة في الصراع القائم بين قوى فوقية متعسفة ومستبدة بالرأي وقوى معارضة فهي رؤية حضارية، تنم عن مدى وعي الشاعر الحضاري، فـ«بلقيس» فارقت دلالتها المعهودة إلى دلالة جديدة معاصرة، رامزة إلى الوطن، وما يختزن من ثروات وخيرات، تعرضت إلى النهب والسلب من القوى الفوقية المتعسفة والمستبدة بالرأي، والرافضة للغة الحوار والسلم، وما يدل على ذلك في النص الشعري قوله، (أوقفوا هدهدي) والتي ترمز إلى الحوار والسلم ومن ثم فإن الحوار والسلم الذي تميزت به القصة أفضى إلى نتيجة جد إيجابية وهي التلاحم الذي ساده الاطمئنان والسكينة والاستقرار. لكن في النص الشعري، حدث العكس لكون الشاعر اعتمد "التحوير" دون المساس بقدسية المقدس الديني، ويعتبر" التحوير" سمة من سمات الحداثة في التعامل مع المقدس الديني إن الدلالات الجديدة المعاصرة للرموز الأخرى، توحي أن القوى الفوقية المستبدة بالرأي ترفض ثقافة الحوار والسلم، موجهة سلسلة من الاتهامات لمعارضيها دون رجعة أو دليل زاعمة أن هذه المعارضة ذات النزعة السلفية، حجة تشكل عليها خطرا، وما يدل على ذلك قول الشاعر في النص: (وقالوا أموي يحن إلى الزمن الهاشمي).

فأموي: دلالتها المعهودة، الدولة الأموية في اغتصابها للحكم، ودلالتها الجديدة في النص الشعري رمز للمعارضة التي تريد اغتصاب الحكم.

الهاشمي: دلالتها المألوفة السلفية، فارقت إلى دلالة جديدة، رمز للمعارضة السلفية الرجعية.

ومن ثم فالدلالة العامة الجديدة (أموي-هاشمي) رمز للمعارضة السلفية الرجعية التي تريد اغتصاب الحكم، وهذا في نظر القوى الفوقية المستبدة بالرأي، وهذه الاتهامات المزعومة رائجة وشائعة في ذهنية القوى الفوقية الرافضة للحوار والسلم، مما جعلت الواقع يتحول من الاستقرار إلى اللاستقرار، مما سادته الفوضى، وصلت إلى الاغتيالات والتعذيب والجور والبغي والاستبداد وغيرها، عكس قصة سيدنا «سليمان» "عليه السلام" التي كان فيها الحوار والسلم هو السيد، فجنبها الصراع وخلت من الشك والقتل والتعذيب والعنف والظلم والاستبداد بالرأي.

فالشاعر يريد لفت الانتباه إلى ثقافة الحوار والسلم، المستوحاة من قصة سيدنا «سليمان» "عليه السلام"، لحل الأزمة والخروج إلى بر الأمان، والتلاحم والاستقرار، بدل القوة والعنف والتعسف والاستبداد بالرأي، فهي رؤية حضارية ذات دلالة واعية ومدركة لمخاطر الأزمة ونتائجها الوخيمة.

إنّ حشد الشاعر للرمز الديني، مع الرموز الأخرى التاريخية بهذه الصورة واعتماده أسلوب التحوير، وإن ظل النص الديني المقدس محافظا على قدسيته، إنّما ليعبر بها عالم الذات المبدعة، وينصهر داخلها ويختمر، لتتشكل منه الرؤيا المنطلقة من رؤية تستحضر الأزمة وترفض الواقع وتدينه في انفعال وتشنج، وبهذا فقد أتاحت فكرة الرمز للشاعر أن يخوض في التراث ويستلهم الأحداث التي تتلاءم مع مواقفه المعاصرة، وبهذا تكون رامزة للحاضر بأبعاده المختلفة وفي مقدمتها البعد السياسي.

والرمز إذا لم ينقلنا كما يرى أدونيس: «بعيدا عن تخوم القصيدة، وبعيدا عن نصها المباشر لا يكون رمزا، فالرمز الشعري هو الذي يتيح لنا أن نتأمل شيئا آخر وراء النص فالرمز قبل كل شيء معنى خفي وإيحاء، إنه اللغة التي تبدأ حين تنتهي لغة القصيدة، أو هي القصيدة التي تتكون في وعيك بعد قراءة القصيدة، إنه البرق الذي يتيح للوعي أن يستشف عالما لا حدود له، لذلك هو إضاءة للوجود المعتم واندفاع صوب الجوهر».9

إن الشعراء يعمدون إلى استلهام المضامين البارزة في تعاملهم مع المقدس الديني، فيمنحوه بعدا، يجعله قادرا على تجاوز عصره، ويحققون له قدرة الحضور المستمر على أداء الحدث، مضيفين إليه من تجربتهم الذاتية ما يكسبه صفة العصرية الجديدة، بمعنى أنه يمنحوه دلالات جديدة تتلاءم مع روح الواقع.

إذ يقول الشاعر عبد الرحمن بوزربة:

كل شيء غامض

البر لا يفضي

ولا يفضي إليه البحر

 

كل شيء غامض في حينا

كل سواقي الماء طوفان

وكل الناس «نوح».10

لقد فرضت الحادثة التراثية المقدسة دينيا، قصة سيدنا «نوح»" عليه السلام "،والطوفان نفسها على الشاعر، وقد وردت قصة سيدنا «نوح» "عليه السلام "،في سورة «هود» مفصلة ، حيث يقول عز وجل: «حَتّى إذَا جَاءَ أمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلَكَ إلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القٌوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إلَّا قَلِيلٌ وَقَالَ ارْكَبُوا فَيهَا بِاسْمِ اللهَ مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيم»، إلى غاية قوله عز وجل: «قِيلَ ياَ نُوحُ اَهْبِطْ  بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّنْ مَّعَكَ وَأمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيم»11

فجاءت لغة النص الشعري، ثرية بدلالات وايحاءات مختلفة، وهي منفتحة على دلالات ذات أبعاد سياسية أو ما نسميه الحراك السياسي، وهو الأرجح في اعتقادنا، فلفظة (غامض) المكررة في النص الشعري هي البؤرة، تحمل معان ودلالات متعددة ومختلفة، فقد تدل  على الصراعات والاحتدامات السياسية، فيما بين التيارات الايديولوجية المختلفة، وتكرارها في النص، إنه تكرار درامي ونفسي يستهدف البوح بأحاسيس الشاعر الباطنية أو حالته الذهنية والإيماءات بمعاني مختلفة، فالنص الشعري منضد، يتقدم بالإيحاء من دلالات عدة، سبقت الرمز الفني الأساس والمهيمن وهو قصة سيدنا «نوح» "عليه السلام" والطوفان، فمهدت له عبر دلالات جديدة مختلفة، نستشفها من خلال النص الشعري في قول الشاعر (البر لا يفضي ولا يفضي إليه البحر)فهذه اللغة الرامزة الايحائية تشكل قاعدة خلفية، وقد وردت في سياق يؤكد سيادة الحصار والقهر والاستبداد وغيرها.

وهذا الانزياح اللغوي له غايات في معظمهما، «نفسية جمالية تهدف إلى شد انتباه القارئ أو السامع وإثارته، وإضفاء صور ايحائية إضافية على الموضوع، تعبر عن مواطن جمالية خفية في النص، لا يدركها إلا المختص...وهذه الوظيفة الانفعالية التي تثيرها الشعرية، بانزياحها عن المألوف، «تحدث ما يسمى عند «رولان بارت» بلذة النص»12

وبهذا يتبدى الخيال وتتجلى غاياته، ووظائفه كما يدل على رهافة المبدع في امتلاكه لهذه الوسيلة إذ أن «الخيال جزء أساسي لا يتجزأ من الرمز، لأنه القوة الديناميكية التي تحرك الإنسان وعلاقاته بالأشياء، بحيث يضفي عليها معنى مستمد من حاجاته الحيوية، والروحية التي تزجيها قوة الخيال».13

إن إسم «نوح» "عليه السلام"، و<<الطوفان>>،في النص الشعري، يحيلان على قصة سيدنا «نوح» "عليه السلام" والطوفان، ويربطان المتلقي ببعض جزئياتها، مع تغيير المضامين، بتحميل الرمز الديني المقدس مضامين جديدة، دون مسح لصورة «نوح» "عليه السلام "الأولى، باعتبار العناصر المشكلة للقصة حاضرة، «نوح والطوفان» لقد إجتهد الشاعر في اختيار الحادثة المقدسة دينيا، وأحسن توظيفها لإبراز واقعه النفسي المنهار بعد انهيار واقعه السياسي والاجتماعي.

إلا أن الشاعر في النص ــ رغم حفاظه على المقدس الديني، حتى لا يقع في الاختراق والانتهاك ــ ، اجتهد دون المساس بمحتوى القصة، حيث أن واقع سيدنا «نوح» "عليه السلام"، لم يكن كذلك، ولا حال سفينته، لأنها أبحرت بزوجين اثنين من كل نوع، ومعناه النجاة من الطوفان(معجزة إلهية)،عكس ما ورد في النص الشعري(كل الناس نوح)، دلالاتها الايحائية الهروب دون النجاة، وما يؤكد هذه الدلالة الايحائية أكثر، هو الرموز اللغوية الأخرى التي مهدت للرمز الديني المقدس، قول الشاعر (البر لا يفضي إلى، ولا يفضي إليه البحر)، فدلالاتهما توحي بأنه لا منفذ ولا مخرج، ينقذ الشاعر وجموعه إلى بر الأمان، وما يؤكد أكثر ويجزم في عدم النجاة هو استخدام الشاعر (لا) النافية والمكررة في النص الشعري تأكيد على عدم النجاة.

إلا أن هذا التحوير في المضامين دون المساس بقدسية المقدس دينيا الذي ظل محافظا على قدسيته، يمثل تعاملا حداثيا مع الرمز المقدس دينيا دون خرق أو مروق.

كما أن دلالة «الطوفان» في التوظيف الحداثي –غالبا-ما تحيل على الموت والانبعاث، موت قوى الفساد والرذيلة، موت العالم الموبوء، وانبعاث عالم جديد، أي حياة جديدة، فالنص ثري بالدلالات ومنفتح على ايحاءات مختلفة ومتعددة، مما يجعله متعدد القراءات والتأويلات.

وقد أفاد الشاعر في توظيفه للمقدس الديني من غناء هذا المقدس، ومن شيوعه وتداوله فعبر به نحو خلق لغة تتجاوز محدودية اللغة المتداولة دلاليا، رغم استعصاء هذا المقدس الديني على التحويل وصعوبة توظيفه، إلا أن غاياته هي تحقيق الحداثة التي -حسب رأي كبار الشعراء-«نتاج عقلية حديثة تبدلت نظرتها للأشياء تبدلا جذريا وحقيقيا انعكس في تعبير جديد».14

إن الاحساس الكامن وراء  معظم الدلالات في النص الشعري، شعور الشاعر بالمعاناة التي يميزها الحصار المفروض من القوى الفوقية المستبدة والمتعسفة، جعلت كل أبواب الهروب والنجاة مسدودة، فهو الإنسان المطارد والمحاصر، وبهذا يكون واقع الشاعر، وواقع وطنه، يرسمان الواقع العام المرفوض، ويحددان الرؤية التي سينطلق منها الشاعر لتشكيل رؤياه، وهكذا تسمو التجربة بشاعرها إلى آفاق متشعبة الأرجاء، فالكون مسرحه، والوجود كله مكانه، وأحداث واقعه قلقه الدائم، ونفسه الملتاعة الثائرة شقاؤه، لا تكاد تستقر في موضع ما، فهي حركة دائبة عبر انتقالاتها في الزمان والمكان، حتى إذا كان مخاضها الجديد، وقد وشح برؤيتها الثاقبة الكاشفة إلى واقعها وعصرها وأخرجته للناس، فجاء صدى لتلك الرؤية ومعيارا حقيقيا عليها.

من هنا، فإن تجليات التراث في النص الشعري، تثير أو تستدعي في ذهن المتلقي دلالات متعددة عبر علاقات الحضور والغياب التي تمثل منطقة أكثر حرية لحركة الوعي بين إشارات النص والخلفية الثقافية للمتلقي، حيث تعد «المعرفة الخلفية المشتركة ضرورية لاستقبال النص، كما هي ضرورية لإنتاجه»15

لقد استقطب الشعر الجزائري المعاصر غير قليل من الشخصيات الدينية المقدسة، كنماذج عليا، تفسر أوضاعا معاصرة، وهي رموز يحتاج إليها الشاعر في زمن كثر فيه القمع والاضطهاد والتعذيب والاستعباد والاستبداد والاستلاب، وفي بعض الأحيان وصل إلى حد الاغتيالات والسجن، فيأتي المقدس الديني كرموز تجسيدا لمفهوم مفاده إن النصوص لم تعد هي المرجعية للنصوص –فحسب- وإنما أصبحت إحدى المرجعيات، بوصفها إحدى أدوات الإبداع واستجلاب الرؤية الفنية والانفتاح على التراث بدلالاته على الحاضر، والمقارنة بين زمنين، وإثبات مفارقة بينهما، لتعرية أحدهما، وإثبات فراغ الآخر، فالشاعر في –الغالب الأعم- يختار الحادثة التاريخية المقدسة دينيا التي من خلالها يدين الواقع بطريقة أو بأخرى، هدفه تحريك المتلقي وإثارته، وجعله يتفاعل مع الرؤية.

حيث يقول الشاعر نور الدين لعراجي:

وقالوا

جئتهم رجلا تسعى

تبحث عن امرأة غريبة

وتشابهت النساء

من ترى في «اليم» ترمي رضيعها16

إن الشاعر يعاني الإحساس الخفي بالمطاردة، وهذا لا يطل علينا من خلال أبيات النص، بل يتجلى من خلال دلالة المستخدم أو المختار من طرف الشاعر، ألا وهو الحادثة التاريخية المقدسة دينيا، وهي قصة سيدنا «موسى» "عليه السلام"، فلفظة «اليم» و«الرضيع» تحيلنا مباشرة على قصة سيدنا «موسى» "عليه السلام" حيث يقول عز وجل: «وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخْرَى إذَ أوْحَيْنَا إِلَى أمِّكِ مَا يُوحَى أَنِ اقِذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي اليَّمُ بِالسَاحِلِ يَأخُذهُ عَدُوٌ لِي وَعَدُوٌ لَهُ وَألْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِىَ».17

لقد اعتمد الشاعر على الإيحاء الرحب، وليس تقرير الأفكار أو بسطها، فأصبحت رمزا للحالة النفسية، وهذا ما لا تتمكن اللغة العادية على أدائه في دلالتها الوضعية، ومثل هذه الحالات، قد تعني القصيدة معان وتأويلات مختلفة.

فالشاعر عندما يلجئ إلى الرمز ليجعل منه وسيلة للتعبير عن تجربته الشعرية وحالاته النفسية التي تعتمل داخله حتى يحقق ذلك لا بد أن «يلجأ إلى إثارة حالات شبيهة بها في نفس المتلقي عن طريق الرمز القائم –في أهم أسسه-على تراسل الحواس».18

فالشاعر في النص الشعري يبحث عن امرأة /أم، ولا يجد ضالته إلا في أم سيدنا «موسى» "عليه السلام"، هذه التي رمت صغيرها في اليم، وفضلت على أن يقتل أمامها راضية بتكريس الغربة، غربة الأم عن ابنها وغربة الابن عن أمه في سبيل استمرار الحياة، فاتخذ الشاعر المقدس الديني كرمزا، ليضفي على صوته نبرة موضوعية، أي كشف لمواقفه وهواجسه وتأملاته أو علاقاته بغيره.

فإن اللغة الموظفة في النص الشعري كرموز، والتي يهيمن عليها المقدس الديني، توحي أن الشاعر بعيد عن وطنه(غربة)، حيث رمز لها بالأم/الوطن، متسائلا حائرا من عساها تكون سيدة «اليم» ليظهر انتماءه إليها، راغبا في العودة إلى حضنها ولن يقبل بغيرها، كاستئناس سيدنا «موسى "عليه السلام "بأمه والتقم ثديها من دون النساء الأخريات.

فالشاعر هو الآخر لن يقبل بأي وطن غير وطنه الأم/الجزائر ومن ثم فإن الرمز «يكون أداة لنقل المشاعر المصاحبة للموقف وتحديد أبعاده النفسية، وفي هذا الضوء ينبغي تفهم الرمز في السياق الشعري أي في ضوء العملية الشعرية التي تتخذ الرمز أداة وواجهة لها».19

فعودة سيدنا «موسى» "عليه السلام"، معجزة إلهية، أما عودة الشاعر إلى وطنه الأم محتملة مرهونة بالقدر نتيجة لإحساسه بالمطاردة والتعسف والحصار المفروض من قوى متسلطة ومتعسفة، هي التي جعلت الشاعر بعيدا عن وطنه ورمت به إلى ديار الغربة أي (غربة قسرية)، ولا نشك بتاتا في صدق الشاعر وحبه لوطنه/الأم، إنها معاناة يميزها الحصار والقوة المسلوبة والتهديد المستمر، كما حاول الشاعر أن يصنع –ذلك الجميل- الحلم، وهو العودة إلى وطنه، إنه واقع تتقاطع داخله صورتان: صورة الرغبة وهي تكبر، وتمتد في حركة قوية، داخل الذات وتحلم بالعودة إلى أرض الوطن، حلما مغيرا لذلك اليأس، وصورة التهديد والاتهام التي لا تفارق إرادة التغيير، تهيمن عليها وتجعلها مشلولة سلبية.

فالاقتدار هو الذي يجعل الشاعر يختار ما يحلو له من التراث بكل حرية، ويضفي عليه روحا أخرى، إذ تكسبه خصوصيات معينة، وتجعل شاعره مبدعا، ما دامت مهمته تكمن في قدرته على النفاذ بحدسه داخل إطار يختاره عن قناعة وطول صبر وترو.

فيقول الشاعر نور الدين درويش:

للغرفة الخضراء نافذة تطل على جهنم

وعلى امتداد الجرح تسبح عقرب

وبآخر الأسوار قافلة تبشر بالعذاب

...

هذا قميصي قد من دبر... وتلك صحيفتي

أماه أين جريمتي؟20

إن الشاعر يشكل صورا يلفها الغموض، تحرك فكر القارئ وتستفزه، لتنقله إلى عوالم بعيدة فسيحة لإدراك تفسيرها، فهو يتحدث عن (الغرفة الخضراء، النافذة، جهنم، امتداد الجرح، عقرب، القافلة...) إلخ، ثم عن السؤال الملح المنبعث من عيون أمه، أي رابط يربط هذه الموجودات، إنه يحاول أن يجمع أشلاء مبددة لا يربط بينهما ذهن المتلقي عادة، إلا إذا تجاورت، فيصبح هذا التجاور مدعاة للتأمل،

إن لغة النص المتجاورة والتي تتسم بنوع من الغموض، تستحضر الحادثة المقدسة دينيا لتغمر النص وتهيمن بدلالتها على بقية الدلالات، وتضع المتلقي أمام صورة تتقاطع داخلها الذات والواقع العام والحادثة التاريخية المقدسة دينيا، وتنصهر جميعها ليتولد ذلك الفعل الشعري المتجاوز بدلالاته آفاق اللغة المباشرة إلى فضاءات تعبيرية دالة وايحائية، ومتجذرة في مراجعها الخيالية، وهي قصة سيدنا «يوسف» "عليه السلام"، حيث يقول عز وجل:«وَاسْتَبَقَا البَابَ وَقَّدّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَألْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَابِ قٌالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إلّا أنْ يُّسْجَنَ أوْ عَذاَبٌ ألِيمٌ قاَلَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنَ أهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَادِقِينَ فَلَمَا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنَ دُبُرٍ قَالَ إنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إنَّ كَيْدَكُنَ عَظِيم»21

إن قيمة (القميص) الواردة في النص الشعري (هذا قميصي قد من دبر)، تنبع أساسا من كونها تهيمن على غيرها من الألفاظ اللغوية الرامزة والموحية، حيث أزالت بطريقة أو بأخرى ذلك الغموض الذي اتسم به النص، حيث تحمل رؤية معاصرة ذات أبعاد دلالية مهمة وتحيلنا مباشرة على قصة سيدنا «يوسف» "عليه السلام"، وامرأة العزيز التي اتهمته زورا، وبهتانا، وما كان القميص إلا دليلا على براءته.

فـ »القميص» في النص الشعري، خرج عن دلالته الوضعية المألوفة، وأصبح رمزا للشاعر وانتمائه الإيديولوجي، الذي وجهت له سلسلة من الاتهامات زورا، وطعن في الظهر من قوى فوقية مستبدة ومتعسفة، فالشاعر بريء من التهم الموجهة إليه، كبراءة سيدنا «يوسف»  "عليه السلام"، فالقميص فارق دلالته المعهودة إلى دلالة جديدة، رامزة إلى براءة الشاعر من سلسلة التهم الموجهة إليه ، ولقد وجد الشاعر في الرمز أداة فعالة يستطيع من خلالها تحقيق أمرين: التعبير عن حالاته الوجدانية والعاطفية، كما يتخذه وسيطا لبث هذه الحالات في المتلقي.

ومن ثم فإن قول الشاعر في النص الشعري (هذا قميصي قد من دبر وتلك صحيفتي) لا بد أن تقرأ وأن يتهيأ لها المتلقي فكريا ونفسيا، فهذا المستوى من الشعر لا يقرأ بالعقل وحده، وإنما قراءته بالكيان كله، ومن ثم فإن اللغة «ليست رداء للفكر أو قالبا له وإناء يحتويه وإنما الفكر نفسه مجسدا في ألفاظ لغوية».22

إن الشاعر المعاصر يبدأ من منطلق الرفض القطعي الحاسم لمفهوم الواقع الموجه ، فيعمل على التحرر تماما منه، وتجريده من أية فعالية في توجيه الفكر وبناء التصور، ومن ثم يكون التعبير بالرموز، هو الملاذ الوحيد أمام المبدعين، عندما يعمدون إلى نقد الحياة السياسية أو الاجتماعية وتعرية زيفها ودجلها، إذ يرفضونها ـــ وفي الوقت نفسه – يخشون أدواتها القمعية التي تفرض ستارا من الرعب والصمت، على كل محاولة لتجاوزه أو تحطيمه فقد تكلف الحياة نفسها أو تعرض المبدع لصنوف من التشريد والتنكيل، يهون الموت نفسه إلى جوارها، وعلى الرغم من ذلك فالشاعر، يصر على الكتابة والتعبير، لأنه يؤمن بقدرته، وقوته على التحمل، تأكيدا لرسالته النبيلة.

 إذ يقول الشاعر عبد الرحمن بوزربة:

إني الصعود المدجج

إني الهبوب السخي...

...

والحب والجب

ما كان من شيمة الإخوة الكذب...

إني أنا الذئب.

يا أيها الملك الفحل...

إني أقد قميص زليخة23

يوظف الشاعر في النص الشعري، حشدا من المصاحبات اللغوية المشبعة بالدلالات النفسية ذات الإحساس الكبوسي الدرامي، وهي ذات دلالات انفعالية، وأعني بالدلالات الانفعالية هنا مجموعة التداعيات والايحاءات التي ترتبط باللفظة والتي تؤدي في كل وجه من وجوهها إلى إثارة داخلية عاطفية، ومن هذه الألفاظ (الحب، الجب، شيمة الإخوة الكذب، الذئب، الملك الفحل، قميص زليخة) كلها تحيل على قصة سيدنا «يوسف» "عليه السلام"، حيث يقول عز وجل:«قَالَ إنِّي لَيُحْزِنُنِي أنْ تَذهَبُوا بِهِ وَأخَافُ أنْ يَّأكُلَهُ الذِّيبُ وَأنْتُم ْعَنْه ُغَافِلُونَ قَالُوا لَئِنَ أكَلَهُ الذِّيبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إنَّا إذًاً لَّخَاسِرُونَ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِه ِوَأجْمَعُوا أنْ يَّجْعَلُوهُ فِي غَيَاباَتِ الجُبِّ و, أوْحَيْنَا إلَيْهِ  لَتُنَبِّئنَّهُمْ بِأَمْرَهِمْ هَذاَ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ قَالُوا يَا أبَانَا إنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأكَلَهُ الذِيبُ وَمَا أنْتَ بِمُؤمِنٍ لَّناَ وَلَو كُنَّا صَادِقِين"»24

لقد تحولت الألفاظ في النص الشعري إلى إشارات انفعالية، ترتبط كل منها برصيد من التجارب والمواقف الشعورية، والشاعر من خلال هذا الحشد اللغوي الموحي، إنما عمد إلى إثارة ما يرتبط بها من رصيد انفعالي وتوتر حاد.

فاّلألفاظ اللغوية في النص غادرت دلالتها الوضعية المعهودة إلى دلالات جديدة معاصرة:

الجـــــب        //  شيمة الإخــــــوة       //   الذيـــــب    // زليخــــــــة                //    الملك الفحل

رمز للسجن   // رمز للغدر والخيانة  //  رمز للبراءة   //  رمز للسلطة      //    رمز للسلطة

كل دلالات هذه الرموز الجديدة، توحي بأن الشاعر في صراع مع قوى فوقية متعسفة، تدعي المحبة والأخوة، وهي تمارس وتمتهن الغدر والخيانة، موجهة سلسلة من الاتهامات الباطلة للشاعر، وما يوحي بذلك قول الشاعر في النص الشعري: (أنا الذئب) التي ترمز إلى البراءة ما يعني أن الشاعر بريء من التهم الموجهة إليه كبراءة الذئب من دم سيدنا «يوسف» "عليه السلام"، وربما هذه الاتهامات تفضي إلى السجن، وما يوحي إلى ذلك دلالة (الجب) في النص الشعري الذي دلالته الجديدة السجن.

فلغة الشعر إذن مختارة، تنحرف وتنزاح عن اللغة العادية، وتنفتح على عالم بكر، متوهج تتألق فيه الكلمة بضوء غير ما نألفه ونعيشه وهكذا «كانت اللغة الشعرية لغة مباينة للغة الحياة اليومية أو لغة الواقع....إنها اللغة الأولى، حيث جاءت وتجيء من المنبع، إنها الكلمات بكل بكارتها، وبكل ما تحمل من طاقة ضوئية وتصويرية، لا كرموز بل كأحداث ووجود مستقل مفعم بالحيوية، إنها لغة مشحونة تحمل طاقة غير اعتيادية».25

لقد اكسب الرمز المقدس دينيا النص الشعري السابق بعدا دلاليا غنيا، وفتح أمام المتلقي إمكانات التفسير والتأويل الواسعة، يساعده في ذلك الشكل الذي كتب به النص الشعري.

إن توظيف المقدس الديني تبرز فيه جرأة الشاعر على اقتحام عالم صعب وشائك، وبراعته في جعل الماضي معبرا عن الحاضر، وصياغته موحدة للنصين الموظف والمبدع، ومقنعة للمتقبل والباث معا، وحاملة للمعنى ودالة عليه في إطاره الحداثي.

ومن خلال النصوص السابقة، حقق الشعراء في تعاملهم مع المقدس الديني تلك اللذة في التجاوز وذلك الحلم في إعادة الخلق وفتح نصهم الشعري على قراءات وتأويلات عدة، بعد أن اجتهدوا في عدم جعله هدفا، وطوعوه وسيلة تغني وتثري الأداء الشعري، كما أحدثوا تغييرات وتبديلات في المضامين، لتتوافق وتتلاءم مع رؤيتهم والواقع معا باعتمادهم أسلوب التحوير دون  المساس بقدسية  المقدس الديني ، وهي سمة حداثية بمثل هذا التعامل، وآلية التحوير تمنح النص دلالات عميقة واسعة الأفق، وهذا لا يعني الخرق أو الانتهاكات، لأن عامل المحافظة على المقدس الديني ظل قائما دون المساس بقدسيته، وهذا التعامل ناتج عن الرؤية الحداثية.

والحقيقة يعد القرآن الكريم رافدا مهما، فقد نزع الكثير من الشعراء،ــ إن لم نقل أغلبهم- الاستلهام منه، صياغات جديدة، تستطيع أن تنقل أكبر عدد من المعاناة، والإحساس، ويكاد لا يخلو خطاب شعري جزائري حداثي، من استدعائه وامتصاصه –على نحو من الأنحاء- ويصل الامتصاص إلى درجة الذوبان في كثير من الأحيان، فخصوصية المقدس الديني تتطلب مقدرة عالية للمبدع على الاستيعاب أولا، وعلى الصياغة والنسيج ثانيا، تبتعد بالتغيير عن التشويه وتكسب المقدس الديني الموظف في النص الشعري معان جديدة تفتح امام المتلقي آفاقا رحبة وتأويلات مختلفة.

وتعتبر الآيات القرآنية ميزة من ميزات النص الشعري، حيث أنها تمثل ظاهرة بارزة في المتن الشعري المعاصر، وخاصة لدى الشباب، فأضفت على قصائدهم نوعا من الجمالية الجذابة، وشيئا من الإثراء، الذي يشد القارئ ويدخله في عالم الشعر، الذي تخلقه هذه التقاطعات النصية، بحيث تحيله إلى نصوص أخرى غائبة عنه، لكن بقاياها متطايرة أمامه في النص الشعري، وهذا ما يجعله أكثر انجذابا للنص الشعري، وأدعى إلى تذوقه والتوغل في إحالاته سواء أكانت عميقة، أم سطحية.

يقول الشاعر عيسى لحليح مستحضرا نصا قرآنيا بطريقة امتصاصية لدوال القرآن الكريم تقترب من الاقتباس:

هذي الأيام العقيم

تمضي سراعا

إلى يوم الحشر تبغي مقام

ذلك يوم تسود فيه وجوه

وتبيض وجوه من صلى وصام.26

فمن الدوال القرآنية الموظفة في النص الشعري الحاضر ،( يوم تسود فيه وجوه، وتبيض وجوه)، وفي عملية مزجه  وامتصاصه لدوال القرآن، أنتج حلة شعرية، تنبع بالإحالات، التي زادت النص ثراء وجمالا، وهذا لبلوغ غايته النفسية، إلا أنها تتسم نوعا ما بالسطحية، وهي مأخوذة من قوله عز وجل:«يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأمَّا الذِينَ اسِوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أكَفَرْتمْ بَعْدَ إيِمَانِكمْ فَذوُقوُا العَذَابَ بِماَ كنْتمْ تَكْفُرُونَ،وَأمَّا الذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».27

ينطلق الشاعر أساسا من الإقرار بأهمية النص وقداسته مع بعض التحويرات، فيتعامل وإياه تعاملا تحويليا لا ينفي النص الأصل، بل يسهم في استمراره جوهرا قابلا للتجديد، ومعنى هذا أن الامتصاص أعلى في قراءة النص الغائب، لا يجمده ولا ينقده، إنما يعيد صوغه –فحسب-على أن تكون الدلالة الجديدة تتوافق مع رؤية الشاعر والواقع معا، فالدلالة الجديدة في النص الشعري، من آمن وعمل عملا صالحا يجده، ومن كفر وعمل شرا يجده، وهي إقرار لمضمون المقدس الديني، والتأثير في المتلقي ولفت انتباهه إلى ذلك.

إذ نجد الشاعر يوسف وغليسي يوظف دوال القرآن الكريم عن طريق قانون الاجترار:

إذا زلزل الشوق زلزاله...

وأخرج قلبي أثقاله...

وقال المحبون

مالهما؟.. ماله؟ 

هلموا…هلموا

لنسمع أخباره!28

يتمظهر التداخل في النص الشعري بشكل جلي وواضح من قوله عز وجل:«إذَا زلزِلْتِ الأَرْضُ زِلزَالَهَا وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقَالَهَا وقَالَ الإِنسَانُ مَالَهَا يَوْمَئِذٍ تحَدِّثُ أخْبَارَهَا»29حتى لا نكاد نلمس إلا بعض التحويرات السطحية القليلة من خلال تغيير (الأرض) بالشوق والقلب، وتغيير (الإنسان) بالمحبون، فنلاحظ توازنا على مستوى الشكل والمضمون، فأعاد كتابة النص الغائب عن طريق قانون الاجترار الذي تكاد تنعدم فيه الشاعرية المتوهجة وربما الدلالة العامة الجديدة التي يهدف إليها الشاعر من خلال هذه التداخلات النصية، هي الهزة السياسية التي تعرض لها الوطن.

وعموما لقد تعامل الشاعر مع المقدس الديني، بما يحمل من رؤية فكرية خاصة لعموم الإنسان، ومن هنا استظل الشاعر بهذه الطاقات الفنية في النص المقدس دينيا ليمد قصيدته بنبرة موضوعية حاسمة، ويستثمر ما به من إمكانات وتكثيف وإعجاز وجمال صوري، ليتداخل مع هذه الإمكانات بصوته الخاص، مولدا بذلك أبعادا للتجربة الشعرية.

 فالموضوعية -تحتم علينا-أن التعامل مع المقدس الديني، كان طابعه –في الغالب الأعم-الامتصاص باعتماد الشاعر أسلوب التحوير في الأسلوب والمضامين، دون المساس بقدسية المقدس الديني التي تظل قائمة دون انتهاك أو خرق، وهو أعلى في قراءة النص الغائب، لا يجمده ولا ينقده، وإنما يعيد صوغه –فحسب-على أن تكون الدلالات الجديدة تتوافق مع تجربة الشاعر والواقع معا، وبهذا يكون الشاعر أو النص الشعري حاملا لصفة الحداثة، ويسعى إلى الكشف عن الحقائق الكامنة الخفية في مجال النفس والوجود.

أما آلية الحوار، التي تعتبر أعلى مرحلة في قراءة النص الغائب -فلا مجال فيها للتقديس-ومن ثم يحدث تغيير للنص الغائب، وقلبه وتحويله، بقصد قناعة راسخة في عدم محدودية الإبداع، لكسر الجمود، والخوض في المسكوت عنه لضرورة الأدب.

ومن ثم نظر الشاعر المعاصر إلى محاورة النص المقدس دينيا بمثابة انتهاك وخرق ومروق فإيمانه الديني وثقافته لا يسمحان بذلك وهو على صواب.

إن هذا الامتزاج بين الذات والمقدس الديني والواقع العام، يؤكد أن تبادل التأثير والتأثر قد أصبح واقعا يصعب إنكاره، وأن صورة الواقع العام للشاعر قد انعكست في نصه الشعري ما دام المقصود بالانعكاس الحضور المهيمن المجسد للاهتمام الواسع والعميق بهذا الواقع العام، لذلك يصبح النص الشعري مساهما في التغيير أو على الأقل مبشرا بقدومه.

 

 

 

 


الهوامش

1.صلاحفضل، إنتاجالدلالةالأدبية، قراءةفيالشعروالقصوالمسرح، دط، هيئةقصورالثقافة، القاهرة، 1993، ص41-42.

2. صلاحفضل، شفراتالنص، دراسةسيمولوجيةفيشعريةالقصوالقصيد، دط، عينالدراساتالإنسانيةوالإجتماعية، القاهرة، 1995، ص241.

3.يوسفوغليسي، تغريبةجعفرالطيار، ط2، داربهاءالدينللنشروالتوزيع، قسنطينة، د.ت، ص40.

4.سورةالنساء، الآيتان157-158.

5.ساميالدروبي، علمالنفسوالأدب، ط2، دارالمعارف، القاهرة، 1981، ص147.

6.عزالدينإسماعيل، الشعرالعربيالمعاصر، قضاياهوظواهرهالفنيةوالمعنوية، ط3، دارالفكرالعربي، د.ت، ص199.

7.يوسفأوغليسي، تغريبةجعفرالطيار، ص31.

8.محمدأحمدجادالمولى، قصصالقرآن، د.ط، دارالكتبالعلمية، بيروت1978، ص168.

9.أدونيس، زمنالشعر، ط6، دارالساقي، بيروت2005، ص269.

10.  عبدالرحمنبوزربة، نهايات، ط1، مطبعةدارهومة، 2003، ص54.

11.  سورةهود، الآيات40-41-48

12.  يوسفأبوالعدوس، الأسلوبية، الرؤيةوالتطبيق، ط1، دارالمسيرةللنشروالتوزيع، عمان2007، ص71.

13.  لطفيعبدالبديع، ميتافيزيقيااللغة، دط، الهيئةالمصريةالعامةللكتاب، القاهرة1997، ص71.

14.  يوسفالخال، الحداثةفيالشعر، دط، دارالطليعة، بيروت1978، ص17

15.  محمدمفتاح، ديناميةالنص(تنظيروإنجاز)، ط1، المركزالثقافيالعربيالدارالبيضاء1987، ص47.

16. نوردينالدينلعراجي، زمنالعشقالآتي، دط، رابطةإبداع1996، ص49

17.  سورةطهالآيات:36، 37، 38، 39.

18.  محمدفتوحأحمد، الرمزوالرمزيةفيالشعرالمعاصر، ط3، دارالمعارف، القاهرة، 1984، ص135.

19.   عزالديناسماعيل، الشعرالعربيالمعاصر، ط3، دارالمعارف، القاهرة1984، ص135.

20.  نورالديندرويش، مسافات،/ ط2، مطبعةجامعةمنتوري، قسنطينة، 2002، ص73

21.  سورةيوسف، الآيات25، 26، 27، 28.

22.   رجاءعيد، دراساتفيلغةالشعر، رؤيةنقدية، دط، منشأةالمعارفالاسكندرية1979، ص48.

23.    عبدالرحمنبوزربة، نهايات، ص24.

24.   سورةيوسف، الآيات13، 14، 15، 16، 17.

25.   رمضانالصباغ، فينقدالشعرالعربيالمعاصر، دراسةجمالية، ط1، دارالوفاءللطباعةوالنشروالتوزيع، الاسكندرية، 1988، ص144.

26. عيسىلحليح، غفاالخرفان، دط، المؤسسةالوطنيةللكتاب، الجزائر1986، ص89.

27.  سورةآلعمران، الآيتان106، 107.

28.   يوسفوعليسيأوجاعصفصافةفيمواسمالإعصار، ط1، دارابداع1995، ص65.

29.  سورةالزلزلة، الآيات1، 2، 3، 4.

@pour_citer_ce_document

أحمد العياضي, «تجليات المقدس الديني في الشعر الجزائري المعاصر -دراسة فنية -»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2014-12-01,
Date Pulication Electronique : 2015-05-25,
mis a jour le : 03/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1306.