مضمون الحق في البيئة
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°21 Décembre 2015

مضمون الحق في البيئة


وردة خلاف
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

أمام غموض ومرونة موضوع الحق في البيئة، وأمام استبعاد القضاء للوجه المستخلص من خرق هذا الحق، فإن هذه الدراسة تستهدف تحديد مضمون الحق في البيئة، وتحديد أصحابه وطبيعته، وقد تم التوصل إلى أن موضوع هذا الحق له معنين: معنى ضيق يتمثل في البيئة الطبيعية، ومعنى واسع يشمل بالإضافة إلى ذلك الوسط الصناعي، وإلى أنه يجب تبني المعنى الضيق مضافا إليه الحيوانات والنباتات والتنوع الايكولوجي فحسب، بل يجب أكثر من ذلك السعي من أجل تجزئة هذا الحق إلى عدد من الحقوق المستقلة، كالحق في الماء والحق في الهواء...إلخ، وإلى أن الإنسان هو محور الحق في البيئة، وإلى أنه من الضروري أن يكون هذا الحق فرديا حتى نعطي فرصة أكبر لحمايته، على أن تتم ممارسته بصورة جماعية.

الكلمات المفاتيح: الحق في البيئة، البيئة الطبيعية، البيئة الاصطناعية، الغموض.

Cette étude vise à définir le contenu du droit à l’environnement, et à en déterminer les détenteurs et la nature. Nous avons conclu que l’objet de ce droit a deux significations : un sens restreint englobant l’eau, l’air et le sol, et un sens large comprenant en plus des composants précédents l’environnement industriel. Nous devrions adopter le sens restreint en y ajoutant uniquement les animaux, les plantes et la diversité, non seulement cela, mais il faudrait également militer pour partager ce droit en un nombre de droits indépendants, tel que le droit à l’eau, le droit à l’air …, que l’Homme soit l’axe du droit à l’environnement, qu’il est nécessaire que ce droit soit individuel afin de donner plus de chance à sa protection, à condition qu’il soit exercé en commun. 

Mots clés :Droit à l’environnement, environnement naturel, environnement industriel, ambigüité

This study aims at defining the content of the right to environment, and determining the holdersof this right andits nature. Weconcluded that the object of this right has two significations: A restrictedsignification consisting of the natural environment, and alarge signification including besides the previous components the industrial environment. We also concluded that we should adopt the restricted signification, by adding animals, plants andenvironmental diversity. Furthermore, it would be necessary to try to divide this right in a number of independent rights, such as the right to water, the right to air…etc.

This study also found that Manshould be the axis of the right to environment, and that this right should be individual in order to give  it better protection,  this right should be is exercised jointly.

Keywords :the right to environment, natural environment, industrial environment,ambiguity

Quelques mots à propos de :  وردة خلاف

أستاذة محاضرة قسم ب كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2

مقدمـــة

لقد تحولت علاقة الإنسان بالبيئة إلى علاقة تشوبها الكثير من المشاكل والتعقيدات، لذلك رأى المجتمع ضرورة وضع ضوابط قانونية للمحافظة على البيئة وحمايتها، فانعقدت المؤتمرات الدولية الخاصة انطلاقا من مؤتمرستوكهولم حول التنمية البشرية 1972، مرورا بقمة الأرض في "ريودي جانيرو" حول البيئة والتنمية عام 1992، وصولا إلى مؤتمر "جوهانسبورغ" حول التنمية المستدامة عام 2002...الخ1.

   إن هذه الجهود وجهود أخرى، دولية ووطنية تهدف في مجملها إلى تكريس حق الإنسان في البيئة، ومع ذلك فإن التمكين الحقيقي لهذا الحق لم يجد له صدى على المستوى الداخلي وبدرجة أقل على المستوى الدولي، فقد رفض القاضي الإداري الفرنسي المسمى بالقاضي الأخضر الوجه المستخلص من خرق الحق في البيئة. لذلك أصبح البحث عن أسباب رفض التمكين العملي والواقعي لهذا الحق مشروعا، ولعل السبب الجوهري يكمن في مرونة بل وميوعة مضمون الحق في البيئة، وإلى غموضه كمفهوم صعب الحصر والتحديد من جهة. وإلى جمعه بين عدة مجالات واختصاصات كالقانون والتعمير والصحة والتنظيم الإداري. الخ2، من جهة أخرى. لذلك فإن هدف هذه الدراسة هو محاولة تحديد مضمون هذا الحق، من خلال طرح الإشكالية التالية: ما مدى مساهمة تحديد مضمون الحق في البيئة، في توضيح هذا الحق وتبسيطه، والرقي به إلى مرتبة الحق الذي يرتب لصاحبه امتياز التمكين الواقعي؟ وهي إشكالية رئيسية تتفرع عنها الأسئلة الآتية:

ما معنى الحق في البيئة؟ ومن هم أصحاب هذا الحق، هل هو الإنسان أم الطبيعة؟ وهل هو حق فردي أم حق جماعي؟ للإجابة على الإشكالية الرئيسية والأسئلة الفرعية تم إتباع المنهج التحليلي الاستنباطي، من أجل تحليل وتفكيك مواقف ووجهات نظر كل من القانون الدولي والقانون الداخلي والشريعة الإسلامية، وكذا مختلف الحلول التي تبناها كل من القضاء الدولي والداخلي العادي والإداري، وهو ما أدى إلى تقسيم الموضوع إلى محورين رئيسيين، تناولت في الأول: المكونات الموضوعية للحق في البيئة وفي الثاني: المكونات الشخصية للحق في البيئة.

أولا: المكونات الموضوعية للحق في البيئة

   يبدو أحيانا تحديد موضوع بعض الحقوق أمرا سهلا، ففي إطار حق الملكية، فإن موضوع الحق هو الشيء الذي يُمارس عليه هذا الحق (العقار) وبالمثل ولمجرد النظرة الأولى، يبدو تحديد موضوع الحق في البيئة أمرا بسيطا، فعلى البيئة يُعترف لأصحاب هذا الحق ببعض الامتيازات. لكن الحقيقة أن تحديد موضوع هذا الحق أمرا معقدا، لصعوبة تعريف كلمة البيئة، فهي كلمة "حرباء" تتغير حسب الظروف، فتارة تكون مرادفة للمحيط وطورا تلتصق بخصائص الإنسان، وفي كلتا الحالتين تمثل البيئة نظاما مركبا من العوامل التي تضمن عيش الإنسان3. بالإضافة إلى أن البيئة موضوع الحق تتغير بحسب القواعد التي يتم اللجوء إليها، لذلك وأمام هذا الغموض وأمام اختلاف التعابير التي كانت موضوعا لها، يقتضي الأمر التطرق للمكونات الموضوعية للحق في البيئة وفقا للمعيار الفقهي(أ) والقانوني(ب) والقضائي(ج).

أ–وفقا للمعيار الفقهي

اختلف الفقهاء في تحديدهم لمضمون الحق في البيئة، فمنهم من أَعطاه مفهوما ضيقا، ومنهم من اختار المفهوم الواسع.

1-المفهوم الضيق للحق في البيئة

تم اقتراح هذا المفهوم من طرف الفقهاء الذين ناضلوا من أجل الاعتراف بالحق في البيئة، بحيث اعتبروا بأنه ومن أجل أن يتمتع هذا الحق بالقيمة القانونية الحقيقية، فلابد من حصر مضمونه في العناصر البيئية بمعنى الماء والهواء، وقد تبنوا هذا المفهوم الضيق في مواجهة الرأي الغالب في تلك الفترة والذي جعل من حق الإنسان في البيئة خرافة بحتة بسبب غموض موضوعه4، بمعنى أن هذا المفهوم قد حصر هذا الحق في (البيئة الطبيعية) فقط أو في (الوسط الطبيعي) كما خلقه الله سبحانه وتعالى5.

   وهكذا فإن البيئة تتمثل وفقا لهذا المفهوم، في العناصر الطبيعية التي وجدت قبل وجود الإنسان ذاته من تربة وهواء وماء وبحار وبحيرات وتفاعلاتها الدورية كحركة الرياح، وظواهرها المختلفة كالمناخ والثروات الطبيعية المتجددة منها وغير المتجددة6.

   ولتبرير هذا الموقف قال Gilles Martin)7) بأن التكريس الدستوري للحق في البيئة، لن يجدي نفعا إذا لم يترجم بالتطبيق الشخصي (يعني حق الأفراد في اللجوء إلى القضاء استنادا إلى هذا الحق)، ومن أجل ذلك يقتضي الأمر حصر حق الإنسان في البيئة، لذلك أصبح مؤيدو البيئة يناضلون من أجل الحق في الماء أو الحق في الهواء بدلا من الحق في البيئة واسع الموضوع.

2-المفهوم الواسع للحق في البيئة

   يُوسم المفهوم الواسع بالوسط الصناعي، وهو يتضمن عناصر المحيط الاجتماعي أو العناصر التي أوجدها الإنسان بنفسه لتنظيم حياته، كالأماكن والمواقع الطبيعية والسياحية والآثار والتراث الفني والمعماري والطرق والمصانع8، وبصفة عامة المنشآت.

   كما يقصد بالبيئة وفقا لهذا المفهوم: "كل ما يحيط بالإنسان من أشياء تؤثر على الصحة، فهذه الكلمة تشمل المدينة بأكملها مساكنها، شوارعها، أنهارها، آبارها وشواطئها، وتشمل أيضا ما يتناوله الإنسان من طعام وشراب وما يلبسه من ملابس، بالإضافة إلى العوامل الجوية والكيميائية وغير ذلك، والبيئة الصحية هي البيئة النظيفة الخالية من الجراثيم الناقلة للأمراض، ومن كل الملوثات المختلفة مهما كان مصدرها9. بمعنى أن الحق في البيئة وفقا للمفهوم الواسع يشمل البيئة الطبيعية والبيئة الصناعية.

   من خلال هذين التعريفين يتضح بأن مؤيدو المعنى الواسع يركزون على المصطلحات، فهم قد انطلقوا من مبدأ: أننا نكون بصدد بيئة بالنظر إلى المحِيط والمحاط، والمحَاط هو الإنسان، ولاحظوا بأن البيئة هي كل ما يُحِيط بالإنسان: " إنه الوسط الذي يحيط بالإنسان وبالتفاعل معه يوجد ويعيش"، واستنتجوا بأنه يجب ألا تُختصر البيئة في الوسط الطبيعي، فالبيئة الثقافية للإنسان والمحافظة على الآثار التذكارية التاريخية، وحماية الحيوانات والنباتات والتراث المعماري كلها تعتبر أجزاء من البيئة10.

   لقد تم استبدال التصور الطبيعي للبيئة بالتصور الإنساني المركزي (anthropocentrique)، والذي بمقتضاه يجب أن ينظر إلى البيئة بالنظر إلى الإنسان (الصورة المركزية)، بحيث يدمج في تعريفها ليس فقط الوسط الطبيعي لكن أيضا الأوساط الصناعية المنشئة من طرف الإنسان والمحيطة به.

ب-وفقا للمعيار القانوني

   تختلف النظرة القانونية الدولية عن النظرية القانونية الداخلية للحق في البيئة، فإذا كانت التشريعات الوطنية تعترف كلها بالحق في البيئة، فهناك من التشريعات الدولية التي لا تعترف صراحة بهذا الحق.

1-مكونات الحق في البيئة في القانون الدولي

   تتبنى أغلب التشريعات الدولية والإقليمية المفهوم الواسع للحق في البيئة، فإذا كان هذا الحق يجد أصله في التصريح المتبنى من طرف مؤتمر ستوكهولم حول البيئة الإنسانية المنعقد في جوان 197211،والذي أورد تعريفا موجزا للبيئة مفاده: "أنها كل شيء يحيط بالإنسان"، فقد أشار العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر في 1966إلى المفهوم الواسع لهذا الحق من خلال الاعتراف بحق كل شخص في تحسين مستمر لشروط وجوده12، أما مؤتمر بلغراد لسنة 1975فقد عرفها بأنها: العلاقة القائمة في العالم الطبيعي والبيوفيزيائي بينه وبين العالم الاجتماعي السياسي الذي هو من صنع الانسان13. وأشارت إليه معاهدة فينا الموقعة في 22مارس 1985من خلال دعوتها إلى ضرورة التزام الدول الأطراف بحماية طبقة الأوزون وخاصة دول الشمال التي عليها المساهمة ماليا وماديا في التصدي للتلوث الناتج عن التصنيع الفوضوي، وفي هذا الإطار أيضا يمكن إدراج الاتفاق الناتج عن قمة ريودي جانيرو 1992حول التغيرات المناخية الذي يرمي إلى الحد من الغازات الضارة المنبعثة من المصانع والآلات14.

   أما على المستوى الإقليمي، وإذا كانت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، المصادق عليها في 1950والبروتوكولات الملحقة لم تتضمن النص على الحق في البيئة، رغم أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان تضمن الاعتراف به بطريقة غير مباشرة 15، في إطار الحماية التي تضمنها للحقوق الكلاسيكية المضمونة بموجب الاتفاقية، فإن الصياغة الأولى لهذا الحق في معاهدة دولية إقليمية تعود للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الصادر في 1981والذي نص في مادته 24على أن: "لكل الشعوب الحق في بيئة مرضية، وملائمة لتطورها..."16، أما المادة 11من البروتوكول الملحق بالاتفاقية الأمريكية المتعلقة بحقوق الإنسان المتبناة في سان سالفدور في 17نوفمبر 1988، والتي تخص الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، فقد ذكرت بأن الحق في البيئة الصحية يتعلق بحق كل شخص في العيش في بيئة صحية.

   فإذا علمنا أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تحمي الأخير (الإنسان) من الاعتداءات المعنوية على مسكنه كالضجيج والروائح، والانتشار المؤذي الصادر عن المصانع الكيميائية17وغيرها من الكثير من الاعتداءات الواقعة على البيئة، وبالنظر إلى مختلف النصوص الدولية السابقة التي تستهدف كلها ضمان سعادة وراحة الإنسان من خلال حماية البيئة، نصل إلى القول بأن الغرض من هذه الآليات الدولية هو إعطاء مفهوم واسع للحق في البيئة.

2-مكونات الحق في البيئة في القانون الداخلي

   لم تتفق التشريعات الداخلية على تبني مفهوم واحد لهذا الحق، فمنها من تأخذ بالمفهوم الضيق ومنها من تأخذ بالمفهوم الواسع، ومن التشريعات التي تأخذ بالمفهوم الواسع نجد: التشريع المصري في القانون رقم 4المؤرخ في 1994بشأن البيئة، الذي نص في مادته الأولى على تعريف البيئة بأنها: "المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما يحتويه من موارد، وما يحيط به من هواء وماء وتربة وما يقيمه الإنسان من منشآت"18. وقانون حماية البيئة الأردني رقم 52لسنة 2006الذي عرفها في مادته الثانية: بأنها المحيط الذي يشمل الكائنات الحية وغير الحية وما يحتويه من موارد وما يحيط به من هواء وماء وتربة وتفاعلات أي منها، وما يُقيمه الإنسان من منشآت فيه. والمادة الأولى من ميثاق البيئة الفرنسي التي جاء فيها أن لكل شخص الحق في بيئة متوازنة ومحترمة لصحته. هذا إضافة إلى التشريع التونسي رقم 91لسنة 1983وتشريع سلطنة عمان رقم 10لسنة 1982والتشريع الكويتي رقم 21لسنة 1995المتعلق بإنشاء الهيئة العامة للبيئة.

   أما بالنسبة للتشريع الجزائري، وإن لم يعط تعريفا دقيقا للبيئة فقد نص على مكوناتها في المادتين الرابعة والسابعة والثلاثون من قانون 03-1910المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، حيث تنص المادة 4-7على أن البيئة تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان،بما في ذلك التراث الوراثي وأشكال التفاعل بين هذه المواد وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية، فيما تنص المادة 37على أنه يُمكن للجمعيات المعتمدة قانونا ممارسة الحقوق المعترف بها للطرف المدني بخصوص الوقائع التي تلحق ضررا مباشرا أو غير مباشر بالمصالح الجماعية التي تهدف إلى الدفاع عنها وتشكل هذه الوقائع مخالفة للأحكام التشريعية المتعلقة بحماية البيئة، وتحسين الإطار المعيشي وحماية الماء والهواء والجو والأرض وباطن الأرض والفضاءات الطبيعية والعمران ومكافحة التلوث.

إن قراءة هاتين المادتين تدل بما لا يدع مجالا للشك بأن المشرع الجزائري قد تبنى المضمون الواسع للحق في البيئة، خاصة بالنسبة للمادة 37من قانون 03-10التي تنص صراحة على تحسين الإطار المعيشي والعمران ومكافحة التلوث والتي تشكل كلها عناصر المضمون الواسع للحق في البيئة.

والملاحظ أن المشرع الجزائري لم يتبع اللغة الدولية في استعمالها مصطلحات البيئة البحرية والمائية والحيوانية، بل اعتبرها بيئة واحدة، سواء تعلق الأمر بالموارد الطبيعية الحيوية واللاحيوية كالهواء والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان، وهي التي تشكل الوحدة القانونية الموضوعية الأساسية للبيئة، أو التراث الوراثي وأشكال التفاعل وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية وكل استخلاف وتغيير بالإضافة إلى تحسين المعيشة، وهي كلها بيئة بالتبعية. وهو ما جعلنا نجزم أن المشرع الجزائري قد تبنى المفهوم الواسع للحق في البيئة20.

   بالمقابل توجد بعض الدول التي تبنت المضمون الضيق للبيئة، منها التشريع الليبي من خلال القانون رقم 7لسنة 21، والبرازيلي والبولندي22.

3-مكونات الحق في البيئة في الشريعة الإسلامية

تعني البيئة في اللغة العربية مكان الإقامة أو المنزل أو المحيط، من ذلك قوله تعالى:"وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٩"23، وبيئة الإنسان الطبيعية هي الأرض24، لذلك فإن موضوع البيئة في الإسلام يتأسس على فكرة استخلاف الإنسان في الأرض، كما في الآية الكريمة:" وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٣٠" [البقرة:30]

 الإسلام كثيرا عن الماء، الذي يشكل مكونا أساسيا من مكونات البيئة في الشريعة الإسلامية، من خلال كتاب الطهارة، والطهارة عند الفقهاء قسمان: طهارة من الحدث وهي تختص بالبدن، وطهارة من الخبث وهي تتعلق بالبدن والثوب والمكان، وهكذا نجد أن المعالجة الشاملة للبيئة الصحية للإنسان توجب عليه أن يكون نظيفا في بدنه وفي ثوبه وفي المكان الذي يعيش فيه، وتلك القواعد الفقهية ملزمة وواضحة.

وباعتبار أن المياه هي أداة التطهر، فهناك أحكام تفصيلية تتصل بصيانتها وعدم استنزافها، لقوله تعالى: "۞يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ ٣١"25، بل نجد تفصيلات تتصل بما يُغير المياه ويجعلها غير صالحة لنظافة الإنسان وتَطَهُره وذلك لكي لا تكون سببا لإيذائه في صحته وبدنه، وهناك تفصيلات واسعة تتصل بالحفاظ على الماء ومنع تلويثه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه"26، وكذا في أماكن مرور الناس واستظلالهم. وهكذا نجد أحكاما واضحة ومفصلة في وقاية البيئة من التلوث، يمكن أن نقيس عليها أمورا أخرى مستجدة تسيء إلى المياه، كصرف مخلفات المصانع فيها27.

ومن العوامل الأساسية التي جعلها الله سبحانه وتعالى ضرورية لحياة الإنسان الهواء، وإذا لم يكن هذا الهواء نقيا فإنه يضره ضرراً بالغا، وقد أدى التقدم الصناعي إلى تلويث الهواء ولا شك أن أخطر أنواع تلوث الهواء، هو ذلك التلوث الناتج عن الإشعاعات الذرية، وكذلك التلوث الناتج عن اتساع ثقب الأوزون، الذي نتج عن الاستخدامات السيئة لغازات معينة.

وإذا كانت أحكام القانون الدولي غير حاسمة في منع جميع أنواع تلوث الهواء حتى الآن، فإن الشريعة الإسلامية تمنع هذا التلوث تماما لسببين:الأول: أنه إفساد في الأرض، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه، حيث قال: "وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفٗا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٥٦"28، والثاني: للضرر الناتج عن هذا التلوث، كما حذر الرسول ﷺمن مخاطر تلوث الهواء وإفساده، فأوصى بقوله: "لا تتركوا النار في بيوتكم حين تناموا"، وذلك لأنها تولد غازات سامة قد تؤدي بحياة الإنسان،كما وجه المسلمين إلى تجنب الروائح الكريهة بقوله: "من أكَل البصَل والثُوم والكُراث فلاَ يَقربَن مَسجدنَا فإن الملائكة لتَتَأذَى ممَا يَتَأذَى منه بنو آدَم"29. وإضافة إلى القرآن والسنة توجد كتابات في الفقه المالكي تتحدث عن منع التلوث الذي ينتج من دخان الأفران، إذا كان قريبا من الناس وتأذوا به، وقد كان المحتسب يرُاقب مصادر الأدخنة التي تؤذي الناس ويقوم بمنعها30.

هذا وتعد التربة أحد العناصر الأساسية للبيئة، وقد قام الإنسان بتلويثها بشكل كبير، ومن صُور ذلك قطع أشجار الغابات وحرق الحشائش، ومن هنا فإن الكساء الخضري الطبيعي ينقرض ويتلاشى بالتدريج. وفي دعوته للتشجير يقول الرسول ﷺ: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها"، ومن صور الإساءة أيضا وضع المبيدات الحشرية والكيماوية في الأرض، ونزول الأمطار الحمضية، وكل هذا يسيء للتربة، وينقل الأمراض للإنسان، وكل ما يسيء إلى التربة وإلى الإنسان يعد ضررا ممنوعا وفقا لقاعدة "لا ضرر ولا ضرار".

وبالتالي فإن حق الإنسان في البيئة واضح تماما في الشريعة الإسلامية، للأسباب الآتية:

أولا: أن الشريعة الإسلامية لا تُعارض الإصلاح الذي يمكن أن تقود إليه أية قوانين لأنها تقوم على المصلحة، وحيث وجدت تلك المصلحة، فثم شرع الله.

ثانيا: أن لدى الفقه الإسلامي قدرة فائقة على الاجتهاد باستخدام مصادر وأدلة علم الأصول، وهي تمكن الفقهاء من إيجاد الحكم الشرعي لكل الحالات المستجدة باللجوء إلى القرآن والسنة والإجماع، ثم استخدام القياس وتحكيم المصلحة والاستصحاب وسد الذرائع، وكذا استخدام قواعد الفقه الكلية كقاعدة "لا ضرر ولا ضرار" وهي قاعدة تمنع كل صور الإضرار بالبيئة.

ثالثا: أن هذا الحق يستند إلى مصلحة مؤكدة، وهي ضرورة أن يعيش الإنسان في بيئة صحية، وهذه الضرورة تساندها نصوص القرآن والسنة، والحماية الشرعية للمصلحة تقوم على أن أحكام الشريعة ملزمة ويتكفل الإمام بتنفيذها بكافة الطرق، كما أن عليه مجازاة كل من يعتدي على المصلحة، إما بتطبيق الحدود إذا تعلق الأمر بارتكاب حد توافرت شروطه، كأن يؤدي التسرب الإشعاعي إلى تلويث المياه عمدا، فهو السم المؤدي إلى الوفاة، فيجب إقامة الحد،ويُطبقُ الشرع التعزير في الحالات الأخرى31. وهوما يعني بأن الشريعة الإسلامية تتبنى مفهوم الإثم ومبدأ المسؤولية الدنيوية والأخروية للإنسان عن أعماله المفسدة للبيئة32، لقوله تعالى: "وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ٧٧"33.

بالإضافة إلى كل ما سبق نهى القرآن الكريم عن إحداث الضجة ورفع الأصوات سواء في الطريق أو في المسجد في قوله تعالى: "وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ ١٩"34، كما ثبت عن الرسول ﷺأنه كان إذا عطس خفّض صوته وغطى وجهه بثوبه أو بيده، وأنه كان يكره العطسة الشديدة في المسجد، خشية من إزعاج الآخرين35.

وبناء على ما سبق، وبالنظر إلى أنه يمكن قياس الأمور المستجدة التي تسيئ إلى المياه، كصرف مخلفات المصانع فيها بالأحكام الواضحة والمفصلة في وقاية البيئة من التلوث في الشريعة الإسلامية، كما أن تعلُّق البيئة بالتلوث الناتج عن دخان الأفران وبالإشعاعات الذرية واتساع ثقب الأوزون والتسرب الإشعاعي والروائح الكريهة والضجيج ورفع الأصوات، كلها عوامل تدل على أن الشريعة الإسلامية تأخذ بالمفهوم الواسع للحق في بالبيئة.

ج-وفقا للمعيار القضائي

نتناول الحق في البيئة وفقا لوجهة نظر القضاء الدولي في نقطة أولى، ووفقا لوجهة نظر القضاء الداخلي في نقطة ثانية.

1-على مستوى القضاء الدولي:موقف المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان

   إن دراسة مسعى هذه المحكمة يُبين بأن الأخيرة قد اعترفت بالحق في البيئة عبر الحقوق الاتفاقية المضمونة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لكن في أي إطار يمكن الاعتراف بالحق في البيئة؟

·  في إطار الحق في نوعية الحياة

أكدت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بموجب قرارها الصادر في قضية (Lopez Ostra c/ Espagne) بتاريخ 9ديسمبر 1994أن: "...  الاعتداءات الخطيرة على البيئة من شأنها أن تمس سعادة الإنسان وتحرمه من التمتع بمسكنه بطريقة تضر بحياته الخاصة والعائلية بدون أن تعرض للخطر صحة المعني"36، يقتضي الأخذ بالمفهوم الواسع إذن أن يكون الاعتداء جسيما وهذا ما نستشفه من عبارة...الاعتداءات الخطيرة...، وأن تكون له انعكاسات على الحقوق الاتفاقية المضمونة37.

   كما تمسكت محكمة (Strasbourg)بالتفسير الواسع للحق في احترام المسكن والحياة العائلية إذ قالت: "أن الاعتداء على الحق في احترام المسكن لا يقصد به فقط الاعتداءات المادية أو البدنية، كالدخول من طرف شخص غير مأذون له، لكن أيضا الغير مادية كالضجيج والروائح وغيرها من التدخلات الأخرى".

   إضافة إلى هذا ووفقا لقضاء هذه المحكمة فإن الضرر البيئي يمتد إلى الاعتداء على البيئة الثقافية38.

·  في إطار الحقوق المضمونة المستند إليها

   لقد شكلت الحقوق المتضمنة في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية دعامة للحق في البيئة في بعده المادي، وهكذا قالت المحكمة بهذا الصدد في قضية (Lopez/Espagne) السالفة الذكر، بأن الدخان الضار الصادر عن محطة تصفية الماء والنفايات يلحق أضرارا بصحة الطاعنة ويُشكل بذلك خرقا للمادة 8.

   وقد توصلت المحكمة فضلا عن ذلك، إلى خرق المادة الأولى من البروتوكول رقم 1الملحق بالاتفاقية الأوروبية المتعلق بالحق في حماية الملكية واحترام الأموال، في الكثير من القضايا من بينها قضية (Oneryildiz c/ Turquie)، حيث اعترفت المحكمة في قرارها الصادر في 30نوفمبر 2004، بأن الحق في البيئة يمكن أن يختلط أحيانا مع الحق في الحياة، وذكرت بأن الدول مُلزمة باتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية الحياة من النشاطات الصناعية الخطيرة39.

   ومن الفقرة الأخيرة "...حماية الحياة من النشاطات الصناعية الخطيرة..."، نستنتج بأن المحكمة تبنت المفهوم الواسع للحق في البيئة، وبالتالي فإن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان وإن كانت لا تعترف صراحة بالحق في البيئة كحق من حقوق الانسان40، فإنها تتبنى مفهومه الواسع من خلال الحقوق المضمونة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

2-على مستوى القضاء الداخلي

   لقد كان القاضي الإداري الفرنسي أكثر القضاة تعاملا مع القضايا البيئية، وخاصة بعد صدور ميثاق البيئة الفرنسي41، لذا سنتطرق في نقطة أولى إلى موقف القاضي الفرنسي، وفي نقطة ثانية إلى موقف القاضي الجزائري.

·  موقف القاضي الفرنسي

يتراوح موقف القاضي الفرنسي بين رفض الاستناد المباشر إلى الحق في البيئة، وبين قبوله وتكريسه بموجب إجراءات الاستعجال الإداري.

-   رفض الاستناد المباشر إلى الحق في البيئة

إذا كان الطاعنون يُفضلون الاستناد بصورة نظامية إلى ميثاق البيئة الذي يتضمن الاعتراف بحق الإنسان في البيئة، فلن تحضي دعاويهم بالنجاح، ففي قراره المؤرخ في 19جوان 2006، لم يعترف مجلس الدولة بالاستناد المباشر إلى المادة الأولى من ميثاق البيئة وقرّر بأنه: "عندما تتخذ أحكام تشريعية لضمان تطبيق المبادئ المعلنة في المواد 1، 2و6من ميثاق البيئة التي تحيل إليها ديباجة الدستور...، فإن مشروعية القرارات الإدارية تقدر بالنظر إلى هذه الأحكام، مع التحفظ بشأن الأحكام التشريعية السابقة لدخول ميثاق البيئة حيز النفاذ والغير منسجمة مع مقتضياته"، وتبعا لذلك قدّر المجلس القرار بالنظر إلى أحكام قانون البيئة حول التزامات المنشآت المصنفة، وعلى هذا الأساس أبطل بعض أحكامه ولكن ليس على أساس المادة الأولى من ميثاق البيئة42.

-   اعتراف القاضي بقيمة الميثاق (الحق في البيئة) في إطار الإجراءات الاستعجالية

بموجب الأمر الاستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية (de Chalons- en Champagne)، رفعت هذه المحكمة الحق في البيئة إلى حرية أساسية ذات قيمة دستورية، حيث رفعت ثلاث جمعيات للدفاع عن البيئة دعوى أمام القاضي الإداري الاستعجالي، ملتمسة منه إلزام المحافظ باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مظاهرة على موقع ذو قيمة بيئية عالية، فقالت المحكمة: "اعتبارا أنه بإدراج ميثاق البيئة في الدستور والذي ينص في مادته الأولى على أن لكل شخص الحق في العيش في بيئة متوازنة ومحترمة لصحته، يكون المشرع قد قصد بالضرورة رفع الحق في البيئة إلى حرية أساسية ذات قيمة دستورية، وأمر القاضي نتيجة لذلك المحافظ باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع المظاهرة43.

   لقد كانت الأوامر الصادرة بعد ذلك أكثر وضوحا، من ذلك الأمر الصادر عن محكمة (Rennes) الإدارية بتاريخ 27جوان 2006والذي جاء فيه: "اعتبارا بأننا نقبل بأن الحق في العيش في بيئة متوازنة ومحترمة للصحة المعترف به بموجب المادة 1من ميثاق البيئة، والذي اعترف المشرع بأنه يشكل حرية أساسية بمفهوم المادة 521-2من قانون العدالة الإدارية، فإنه ثابت من أوراق الملف بأن محافظ (Morbihan) قد حدد تدابير خاصة للوقاية من آثار الفضلات الناتجة عن حضور 4000شخص على مساحة ضيقة تقدر بحوالي 100هكتار خلال ثلاثة أيام44.

·  موقف القاضي الجزائري

على خلاف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي لا تعترف صراحة بالحق في البيئة كحق من حقوق الإنسان، وعلى خلاف القاضي الفرنسي الذي يرفض الاستناد المباشر والصريح للحق في البيئة، يعترف كل من القاضي العادي والإداري الجزائريين بالحق في البيئة، وإن لم تُتح لهما الفرصة بعد لتوضيح موقفهما حول ما إذا كانا يتبنيان المفهوم الضيق أو الواسع لهذا الحق، خاصة بالنسبة للقاضي العادي.

-   موقف القاضي العادي

   يشهد القضاء الجزائري فقرا في النزاعات البيئية، إذ يتم تداول قضيتين غير منشورتين، تتعلق الأولى بالدعوى التي باشرتها الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث لولاية عنابة، ضد مؤسسة أسميدال بالحجار45، حيث قضى الحكم الصادر عن محكمة الحجار بتاريخ 12ماي 1996بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة في الجمعية، إذ طالبت الأخيرة بإبعاد خزان الأمونياك التابع لمؤسسة أسميدال والذي كان يفرز غازات سامة مُضرة بالصحة مع دفع التعويضات، وقد تم تأييد هذا الحكم المستأنف على مستوى مجلس قضاء عنابة، عن طريق غرفته المدنية بتاريخ 25ديسمبر 1996، الذي اعتبر بدوره بأن الجمعية غير حائزة على صفة التقاضي، مادام أن موضوع النزاع لا يدخل ضمن أهدافها، ولا يلحق أي ضرر بأعضائها، كما هو منصوص علية في المادة 16من قانون الجمعيات 90/3146.

   هذا الموقف لم يكن واضحا أو مبررا، لأن قانون الجمعيات ينص على أن الجمعية تعتبر مؤسسة قانونا منذ تحقق جملة من الإجراءات، وهو الأمر الذي تحقق في الجمعية الوطنية لمكافحة التلوث، لذلك لم تسمح هذه القضية بتغذية النقاش حول مفهوم الحق في البيئة عند القاضي الجزائري، خاصة وأن القضية تتعلق بالدفاع عن عناصر طبيعية (الهواء)، ولو أن القاضي قبلها لاستنتجنا على الأقل بأنه قد تبنى المفهوم الضيق للحق في البيئة.

   وفي القضية الثانية تأسست جمعية المحافظة على البيئة وترقيتها لولاية تلمسان طرفا مدينا في حادثة قطع مواطن لشجرة وسط المدينة لتوسيع فناء مقهاه، بعد أن تقدمت بلدية تلمسان بشكوى إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة تلمسان، وقد انتهت هذه الدعوى بصدور حكم ابتدائي عن قسم الجنح بتاريخ 01/01/1998، أدان المتهم وحكم عليه بأربعة آلاف دينار جزائري غرامة نافذة وفي الدعوى المدينة قبول تأسيس الطرف المدني، وإلزام المدعى عليه بدفع الدينار الرمزي إلى البلدية ومبلغ 10.000دج كتعويض للجمعية، وبعد استئناف الحكم قضى المجلس بتأييده وخفض الغرامة المحكوم بها إلى 1000دج.

   يتعلق الأمر بقضية رفعت أمام القاضي الجنائي، تم الاستناد فيها إلى الحق في البيئة، لأن الشجرة توفر الأكسجين النقي إضافة إلى الجانب الصحي الذي توفره للعين والراحة النفسية للإنسان.إن قبول الدعوى من طرف القاضي يثبت بأن الأخير قد تبنى المفهوم الضيق للحق في البيئة، لأن الشجرة جزء من الوسط الطبيعي في انتظار أن تتاح له الفرصة بمناسبة عناصر أخرى.

-   موقف القاضي الإداري           

يتضح موقف القاضي الإداري الجزائري من خلال قرار مجلس الدولة الصادر في 23ماي 200747، حيث رُفعت دعوى من طرف جمعية حماية البيئة لبلدية بابا أحسن ضد والي ولاية تيبازة، بغرض إلغاء قرار الأخير المؤرخ في 05/05/1988، المتضمن تخصيص قطعة أرض ذات مساحة 40هكتار لفائدة بلدية أولاد فايت لإنشاء مفرغة عمومية، وقد انتهت هذه الدعوى بصدور قرار تمهيدي بتعيين خبير لمعاينة القطعة الأرضية المخصصة كمزبلة والقول ما إن كانت تسبب تلوث البيئة.         بعد إعادة السير في الدعوى صدر قرار قضائي قضى بالمصادقة على الخبرة وإبطال القرار المطعون فيه الصادر عن الوالي، هذا القرار الذي كان محل استئناف أمام مجلس الدولة. على إثر هذا الاستئناف أصدر مجلس الدولة قرارا بتاريخ 01/04/2003عين بموجبه ثلاث خبراء مختصين في الفلاحة والري والعقار، وبعد قيامهم بالمهمة المسندة إليهم وإيداعهم للتقرير المشترك بكتابة ضبط مجلس الدولة، أعاد الوالي السير في الدعوى بعد الخبرة والتمس القضاء بالمصادقة على تقرير الخبرة، وبرفض دعوى المدعى عليها وإلزامها بأن تدفع مبلغ 000,000,0001دج كتعويض عن الدعوى التعسفية نتيجة للتأخر في انجاز المرفق، واحتياطيا جدا القضاء بعدم قبول الدعوى شكلا لانعدام الصفة والأهلية في المدعى عليها في الإرجاع، فيما التمست الأخيرة تأييد القرار المستأنف وتعديله بالغلق النهائي للمزبلة.

   وقد قدر مجلس الدولة الجزائري عن صواب أن صفة المدعى عليها ثابتة في النزاع، وبأنه توجد سلبيات وأضرار تصيب الإنسان والحيوان والأدوية، وأنه لا يمكن قبول وجود مفرغة في وسط سكاني قد تمس بسلامة الأشخاص نتيجة الغازات السامة التي تفرز والروائح الكريهة وغيرها من الأشياء المضرة، فقرر بموجب قراره الصادر في 23ماي 2007، قبول إعادة السير في الدعوى شكلا، وتأييد القرار المستأنف مبدئيا، وإضافة له القضاء بغلق المفرغة العمومية موضوع النزاع موضوعا.

   وبالتالي يمكن القول بأن موقف القاضي الإداري الجزائري واضح وصريح في الاعتراف بحق الإنسان في البيئة، يبقى أن نتساءل عما إذا كان الأخير قد تبنى في هذه القضية المفهوم الضيق أم الواسع للحق في البيئة.

   لا شك أن إشارة مجلس الدولة الجزائري إلى ضرورة حماية الأدوية من الأضرار التي تنتج عن المفرغة، وإلى ضرورة حماية الإنسان من الروائح الكريهة، بالإضافة إلى حمايته من الغازات السامة، تدل على أن الأخير يتبنى المفهوم الواسع للحق في البيئة، باعتبار أن الأدوية تنتمي إلى الوسط الصناعي لا الطبيعي، وباعتبار أنه إذا كانت الغازات السامة تصيب الإنسان في صحته، فإن الروائح الكريهة تصيبه في سعادته ورفاهيته، وعند هذا الحد نستنتج بأن القاضي الإداري الجزائري قد تبنى المفهوم الواسع للحق في البيئة.

ثانيا: المكونات الشخصية للحق في البيئة

   تتعلق المكونات الشخصية للحق في البيئة بتحديد صاحب الحق في البيئة، وهو من يعترف له بالامتيازات المحددة بموجب مضمون هذا الحق على الشيء موضوع الحق.

   وقد ظهر بخصوص هذه المسألة موقفان فقهيان، يرى الأول بأن الإنسان وحده هو صاحب الحق في البيئة، ويرى الثاني بأن مثل هذا الحق يجب أن يعترف به للطبيعة في حد ذاتها، ثم يجب بعد ذلك الفصل في مسألة الطابع الفردي أو الجماعي لهذا الحق، فالبعض يرى بأن هذا الحق لا يمكن الاعتراف به إلا للفرد، في حين يرى البعض الآخر بأن المجموعة وحدها هي صاحبة الحق في البيئة.

أ‌-  من هو صاحب الحق في البيئة: الإنسان أم الطبيعة؟

   يوجد بهذا الخصوص مفهومان متعارضان، مفهوم مركزية الإنسان (Anthropocentrique) الذي يعتبر بأن الإنسان وحده هو صاحب الحق في البيئة، ومفهوم مركزية الطبيعية والذي يعتبر بأن هذا الحق يجب أن يعترف به للطبيعة دون اللجوء إلى وساطة الإنسان.

   إذ يُعبر عن المفهوم الأول بالمعيار الشخصي أو الغائي الذي غايته تأمين الوسط الملائم لحياة الإنسان في العيش في كرامة وفي ظروف تسمح بتنمية متناسقة لشخصيته، فيما يضع المفهوم الثاني في اعتباره البيئة المتوازنة كونها قيمة في ذاتها، وما يقتضيه ذلك من صيانة مواردها وتحسين نظمها ودفع التلوث عنها والتدهور والاستنزاف الجائر لمواردها.

1- مفهوم مركزية الإنسان (anthropocentrique)

   تضمنت هذا المفهوم نظرية البيئة السطحية، وهو يقوم على الاعتقاد بسمو الإنسان على باقي المخلوقات في هذا الكون، لاسيما على الأصناف النباتية والحيوانية الأخرى، فالإنسان كائن عاقل يتمتع بوضعية خاصة تسمح له بإخضاع الطبيعة بكل الوسائل، لذا وجب الاعتراف له بكل الحقوق وعدم الاعتراف بأي منها للطبيعة 48.

وعليه فإن مفهوم مركزية الإنسان أو المركزية البشرية يُترجَم بالإرادة في وضع الإنسان في مركز كل الانشغالات البيئية، فالطبيعة لا تُحمى لأنه يجب أن تُحمى لذاتها لكن لأن إتلافها وتلويثها يضع مستقبل الإنسان في خطر، فالدفاع عن البيئة يُسجَل إذن في إطار البحث عن سعادة الإنسان 49. وهو مفهوم تتبناه الشريعة الإسلامية أيضا التي ترى بأن موجودات الطبيعة ومواردها مسخرّة كلها لخدمة الإنسان وإشباع حاجاته50، لقوله تعالى: "وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلۡبَحۡرَ لِتَأۡكُلُواْ مِنۡهُ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُواْ مِنۡهُ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ١٤ " 51.

وهي نظرة لا تؤيدها الشريعة الإسلامية فحسب، بل والدراسات العلمية الحديثة أيضا، ففي دراسة قام بها الباحثان

(Peter Karieva) و(Michelle Marvier)52، واللذان يشعران كلاهما بأن الحفاظ على البيئة يجب أن يرتبط بالبشر بشكل مباشر، أكدا فيها بأن الترابط بين الإنسان والعالم الطبيعي يجب أن يوجه جهود الحفاظ على البيئة، وقدما الكثير من الأمثلة العلمية تدعيما لهذه النتيجة التي توصلا إليها أهمها:

-   أن حماية النسور من الانقراض ستحمي الناس من الإصابة بمرض الكلب الخطير، لأن الأخيرة تأكل جثث الأبقار المتعفنة والمعرضة للشمس ولا تتركها للكلاب التي ستتزايد في غياب النسور بفعل زيادة الأكل، مما سيزيد من انتشار هذا المرض الخطير.

-   أن النظم البيئية كالأراضي الرطبة والأشجار الاستوائية تحمي الناس من العواصف القاتلة.

-   أن الحفاظ على النظم البيئية والدورات الطبيعية يحافظ على صحة الإنسان، فإنقاذ الغابات والسهوب يُمكن أن يخفف من عجاج الغبار الناشئ في إفريقيا وحتى العجاج الأكبر منه، الذي يعبر المحيط الأطلسي من غرب الصين والذي رُبط حديثا بحالات الربو في أمريكا.

-   أن تخلص الإنسان من الذئاب وأسود الجبال تسبب في انفجار عدد الغزلان والوعول شرق الولايات المتحدة، هذا ما نجم عنه تسجيل أكثر من 00020حالة جديدة سنويا من مرض اللايم (Lyme)، وبالتالي فإن محاولات القضاء على المفترسات منذ أكثر من قرن مضى وضعت صحة الإنسان اليوم في خطر.

لذلك وبناء على هذه الدراسة، توصل المؤلفان وبتأييد متزايد من علماء الحفاظ على البيئة، إلى أن الطرق القديمة لوضع أولويات نشاطات الحفاظ على البيئة يجب أن تُغير لصالح مقاربة تؤكد أولوية إنقاذ النظم البيئية ذات الأهمية بالنسبة للإنسان.

يبقى أن نشير إلى أن المعنى القانوني لمركزية الإنسان يجد ترجمته القانونية في مفهوم الشخصية القانونية، والشخص بالمعنى القانوني لا يمكن أن يكون شيئا، وهكذا فإن الأشياء تقع تحت سيطرة الإنسان، وتكون موجهة لخدمة الإنسانية، والقانون باعتباره مجموعة من القواعد التي تُنظم المجتمع الإنساني، فإنه أيضا أداة من إنشاء الإنسان الذي استسلم للرغبة في تموقعه في مركز النظام الذي أنشأه، بالمقابل فإن كل ما يوجد بالخارج لاسيما عناصر البيئة المعتبرة تقليديا كأشياء مرصودة لخدمته لا يمكن أن تكون صاحبة حق53.

2-مفهوم مركزية الطبيعة (écocentrique)

   يهدف مفهوم مركزية الطبيعة إلى إزاحة الإنسان من الوضعية المركزية التي منحته إياها النظرية الأولى، فالإنسان ما هو إلا حلقة في السلسلة الايكولوجية، وهكذا نشأت نظرية البيئة العميقة(deepécologie)54، وحسبها فلكل صنف في الطبيعة الحق في الحياة، ما يقتضي تضامن أخلاقي وقانوني بين الإنسان والطبيعة، وأيضا الاعتراف بالقيمة الأساسية والجوهرية لهذه الأخيرة، هذا التضامن يعني الطبيعة لذاتها ولا يتعلق إطلاقا بفكرة سعادة الإنسان.

   وفي هذا الإطار فإن قانون البيئة هو فرع من القانون موضوعه إقصاء تأثير النشاطات الإنسانية على العناصر أو الأوساط الطبيعية، وإلا فكيف نُفسر تدخل القانون خارج كل مصلحة إنسانية لضمان حماية كاسر العظام (الصقر) والدب البرانيسي (بجبال البرانس) أو السحلبية المتوحشة، لأن هذه الكائنات الحية لا تشكل أهمية بالنسبة للنشاطات الإنسانية55.

وكما في الحالة الأولى، فإن الترجمة القانونية لمفهوم مركزية الطبيعة تكمن في نظرية الشخصية القانونية، فقد اقترح مؤيدو هذا المفهوم إعطاء الشخصية القانونية للعوامل الطبيعية كالأشجار والأزهار والحيوانات والمناظر الطبيعية، ولتبرير هذا الموقف قالوا: بأنه من الوقت الذي اعترف فيه القانون وبدرجات مختلفة بصفة أصحاب الحقوق للنساء وللمغتربين وبصفة عامة للأقليات، مع أن ذلك كان يبدو مستحيلا في ذلك الوقت، فإن العناصر الطبيعية ستكون المستفيد القادم من هذا التطور56.

لقد تم انتقاد هذه النظرية من جهة أن الشخص القانوني معين باسمه وموطنه وجنسيته، والحال أن هذه المعايير غير ملائمة للتعريف بالحيوانات المتوحشة والنباتات ومياه الأنهار.

بالإضافة إلى انتقادات تقنية تقوم ضد الاعتراف بالشخصية لغير الآدميين، لأن الطبيعة وعناصرها مجردين كليا من القدرات البدنية والنفسية للادعاء أمام القضاء، وإذا كانت هذه المهمة يجب أن توكل إلى جمعيات الدفاع عن البيئة حسب أنصار هذه النظرة، فإنه يجب الاعتراف بأن الإنسان وحده هو المكلف بتمثيل الطبيعة والذي يملك حرية التصرف التام في الدعوى، ما يجعل الكائن البشري يتصدر المشهد، ويبقى الاعتراف بالشخصية القانونية لعناصر الطبيعة مجرد من كل فائدة.

لذلك فإن مفهوم مركزية الإنسان هو المفهوم المتبنى بموجب الأغلبية الساحقة من النصوص المكرسة للحق في البيئة57، وفي هذا الإطار أوضحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنه: "لا المادة 8ولا أي نص آخر من نصوص الاتفاقية يضمن الحماية العامة للبيئة لذاتها وأن الحقوق والحريات المحمية بموجب الاتفاقية لا تتضمن الحق في المحافظة على الطبيعة"، وبالتالي فإن المحكمة لا تعترف بحق الإنسان في المحافظة على الطبيعة لذاتها 58. بدورها لم تحد الشريعة الإسلامية عن هذا الاتجاه ولأن البيئة هي المهد والفراش والموطن والسكن والحياة للإنسان، فقد سخرها الله له وزودها بكل مقومات الحياة الآمنة الصحية السليمة، إذ تُشير أكثر من أية إلى ما زود الله به الأرض من معايش لحياة الإنسان، ومن هذه الآيات: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٢"59. وقوله سبحانه: "وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ ١٩وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ ٢٠"60، وقوله تعالى: "ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ ٥٣كُلُواْ وَٱرۡعَوۡاْ أَنۡعَٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ٥٤"61.

كل هذه الآيات تؤكد بأن ما خُلقت عليه الأرض من توازن دقيق يجعلها صالحة تماما لحياة الإنسان، كما يحميها هي نفسها، ولصالح الإنسان والكائنات التي تعيش فيها، من فقدان اتزانها، فقد أرسى الله فيها الجبال أوتادا ثوابت تحفظ لها توازنها وتحمي مناخها الطبيعي ليستمر صالحا للحياة، والنبات والغابات والحدائق تضخ الأوكسجين اللازم للتنفس، وتمتص ثاني أكسيد الكربون المدمر للحياة62.

   لهذا يختلف موقف الشريعة الإسلامية عن موقف القانون الوضعي الداخلي والدولي وعن موقف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكرس جميعها مفهوم مركزية الإنسان على حساب مركزية الطبيعة، لأن الشريعة الإسلامية وكما تُكرس فكرة حماية البيئة من أجل الإنسان، فإنها تعترف أيضا بضرورة حماية البيئة لنفسها، ذلك أن الله عز وجل قد خلق الأرض أو البيئة كيانا متسقا ومتكاملا لقوله تعالى: "ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ ٣ثُمَّ ٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ كَرَّتَيۡنِ يَنقَلِبۡ إِلَيۡكَ ٱلۡبَصَرُ خَاسِئٗا وَهُوَ حَسِيرٞ ٤"[الملك: 3و4].

وباعتبار أن الإنسان خليفة في الأرض فيجب عليه أن يحافظ وأن يُحسن للبيئة وأن يجنبها الفساد والتلوث والأذى الذي أخذ يزداد مع التقدم الصناعي استجابة لقوله تعالى: وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ قَدۡ جَآءَتۡكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٨٥"[الأعراف: 85]، ولقوله أيضا: "مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ ٣٢"[المائدة: 32].

وتأييدا لهذا الموقف السماوي اتجاه البيئة، اعتبر بعض الفقهاء أن الموقف الصحيح هو ذلك الذي يأخذ بالمعياريين معا استنادا على الطبيعة الخاصة والذاتية للحق في البيئة خلافا لحقوق الإنسان الأخرى، ذلك أن الحق في البيئة له جانبان الأول عضوي ويخص البيئة ذاتها لأنها وعاء هذا الحق، بمعنى أن البيئة ومواردها لها قيمة ذاتية، فهي الوسط اللازم لبقاء واستمرار الحياة على كوكب الأرض، وبغير هذا الوعاء فلا وجود لهذا الحق. والجانب الثاني وظيفي وهو يتعلق بالوظيفة الإنسانية لكل الاهتمامات بحماية البيئة، ومضمونه أن لكل إنسان الحق في العيش في بيئة سليمة تُهيأ مواردها وتُصان بطريقة تسمح بحياة كريمة للإنسان وبتنمية متوازنة لشخصيته، إلا أن للجانب العضوي أهمية أكبر، لأن كل اهتمام بالبيئة لذاتها كونها قيمة مستقلة سواء من حيث حمايتها من التلوث أو صيانة مواردها وتنميتها يؤكد تلقائيا حق الإنسان في الانتفاع بها وتحقيق التنمية المتكاملة63.

ب-هل الحق في البيئة حق للفرد أم للجماعة؟

   يتجاذب هذه الفكرة مفهومان، الأول وهو المفهوم الجماعي الذي يرى بأن الحق في البيئة لا يمكن الاعتراف به إلا للجماعة، والمفهوم الفردي الذي يرى بأن الفرد هو الوحيد صاحب هذا الحق.

1-المفهوم الجماعي للحق في البيئة

يُحيل مفهوم الحق الجماعي للحق في البيئة إلى معنيين مختلفين، المعنى الأول وهو أن الحق الجماعي حق فردي يُمارس جماعيا، فهو حق يكون الفرد هو صاحبه، لكن لا يمكن أن يُمارس إلا في مجموعة، والمثال النموذجي لهذه الحقوق الجماعية هو الحق في الإضراب، فهذا الحق هو حق فردي، ولكل أجير الحق في أن يكون في إضراب، لكن ممارسته هي بالضرورة جماعية، فكون الإضراب توقف جماعي عن العمل فلا يمكن أن يكون من فعل أجير واحد يتصرف بمفرده، غير أن هذا التكييف خاطئ لأنه عندما يتعلق الأمر بالنزاع بين الطابع الجماعي والفردي للحق، فان المسألة التي تطرح لا تتعلق بممارسة الحق لكن بصاحب الحق، وعليه فإن الحق في الإضراب هو حق فردي، بينما الحق الجماعي الحقيقي هو الحق الذي لا يعترف به لكل شخص قانوني على انفراد، لكن فقط لمجموعة من الناس أو لكيان يفترض أنه يمثل كل المجتمع، فالاعتراف بالطابع الجماعي للحق في البيئة يعني بالتأكيد بأن المواطن بصفته الفردية لا يتمتع بهذا الحق لكن المجموعة وحدها هي صاحبة الحق64.

   إن هذا المفهوم الجماعي للحق في البيئة، يترجم قانونا بكلية الوجود (Omniprésence) للقانون العام في مجال حماية البيئة، فالمجموعة وحدها هي صاحبة الحق في البيئة، ووحدها السلطات العمومية الممثلة لهذه المجموعة تملك حق التصرف لضمان احترام هذا الحق، وبعبارة أخرى فإن المكونات الإجرائية والجوهرية للحق في البيئة غير معترف بها للمواطن، فليس له أن يُطالب بالوصول إلى المعلومة، وليس له أن يُستشار حول المشاريع البيئية، كما لا يستطيع الاستناد أمام القضاء إلى خرق حقه في البيئة بالمقابل وحدها السلطات العمومية ممثلة للمجموعة صاحبة الحق في البيئة تستطيع أن تُمارس هذه الصلاحيات للمحافظة على البيئة وتحسينها والادعاء ضد من يعتدي على هذه الحقوق56.

   وقد كرس الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1981، المفهوم الجماعي للحق في البيئة، من خلال المادة 24منه التي تنص على أن: "لكل الشعوب الحق في بيئة مرضية، ملائمة لتطورها..."66.

2-المفهوم الفردي للحق في البيئة

   بحسب هذا المفهوم فإن الحق في البيئة هو حق فردي غير معترف به للمجموعة، ولكن معترف به لكل شخص قانوني أو معنوي، غير أن بعض الأنظمة القانونية تقصر هذا الحق على الأشخاص الطبيعية دون المعنوية، منها النظام الفرنسي حيث تنص المادة الأولى من ميثاق البيئة على أن: "لكل شخص الحق في بيئة متوازنة ومحترمة لصحته"، مما يعني بأن الأشخاص المعنوية غير معنية بهذا الحق67، لأن مصطلح "صحته" لا يعنيها.

   يجد المفهوم الفردي ترجمته القانونية في الاتساع المهم للقانون الخاص في مجال حماية البيئة، غير أن هذا الاتساع لا يعني الاستبعاد التام للقانون العمومي، لأن المواطنون أصحاب الحق في البيئة ملزمون دائما بالتصرف ضد الإدارة، إذا لم تراع الأخيرة الالتزامات التي كلّفها بها القانون، كل ما في الأمر أن القانون العمومي في هذه الحالة ليس كلي الوجود (Omniprésent) فالسلطات العمومية والجهات القضائية ليستا وحدهما الضامنتان لاحترام الحق في البيئة، فهذا الحق المعترف به للخواص، وهو يماثل حق الدائنية أو الحق في الملكية، وبالتالي يتمتع صاحب هذا الحق بنفسه بسلطة رفع الدعوى ضد المعتدي أمام الجهة القضائية المختصة، وهي القضاء الإداري إذا صدر الاعتداء عن شخص إداري أو القضاء العادي إذا صدر الاعتداء عن شخص من أشخاص القانون الخاص68.

   إن الهدف الأساسي لأصحاب هذا المفهوم هو إرجاع الحق في البيئة إلى الملكية الخاصة، بمعنى أن الشخص يملك البيئة كما يملك مثلا قطعة أرض، لذلك اعتبروا بأن خصخصة البيئة هو الحل الأفضل لحماية الطبيعة، فبالاستفادة من مالك فإن كل عنصر من عناصر التراث الطبيعي يستفيد في الوقت ذاته من مدافع طبيعي69.

لقد اُنتقد هذا الرأي من جهة أن مكونات البيئة تأبى أن تكون موضوع امتلاك سالب، فكيف يمكن تملك الطيور المهاجرة، فالملكية عاجزة من هذا الجانب على حماية هذه الأشياء الغير قابلة للتملك.

   إضافة إلى أن إجراءات حماية الملكية غير كافية وغير ملائمة لحماية البيئة، لأنها لا تسمح بالتدخل قبل ظهور التلوث فالملكية تمنح لصاحبها الحق في استعمال الشيء المملوك بطريقته الخاصة، وهي طريقة لا تلائم إطلاقا حماية الحق محل الدراسة، بل حتى لو سلمنا بأن الحق في البيئة معترف به لكل شخص قانوني، فإن هذا الحق يصبح مقسم وموزع بين عدد من أصحابه، مما يجعل تسيير الوسط الطبيعي أكثر تعقيدا. ورغم هذه الانتقادات المهمة فإن الكثير من النصوص الدولية والداخلية قد تبنت هذا المفهوم70، كما تبنت العديد من الدساتير الحق في البيئة في معناه الفردي71، وأقرت للفرد الحق في المشاركة والحق في المعلومة وغير ذلك.

   لكن ومهما يكن من أمر، فإن للحق في البيئة خصائص ينبغي الانتباه إليها، أولها الخاصية الزمنية، فللزمن دور مهم في تحديد مضمونه، إذ أن هذا الحق لا يخص الأجيال الحاضرة فحسب، بل والأجيال المقبلة أيضا، وهو ما يُنبهنا إلى ضرورة حمايتها والمحافظة عليها لأجيال المستقبل، وثانيها أن الحق في البيئة وإن كان حقا فرديا، فهو حقا تضامنيا أيضا بمعنى أنه يحتاج إلى تضافر الجهود الوطنية والدولية والتعاون والتضامن بين كل من يعيش في هذا الكون لتحقيق سلامته وأمنه وحمايةغيره، وفي هذا المعنى مثّل الرسول صلى الله عليه وسلم الكون بسفينة في البحر لا يمكن أن يُترك أحد للعبث بها لأنه بذلك يعرض سلامة كل ركابها للخطر،

بالإضافة إلى أنه حقا جماعيا في ممارسته، فقد أصبح حق الشعوب في البيئة كحقها في تقرير المصير وحقها في السلام.

خــاتمة

   على عكس المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان يستبعد القاضي الإداري الفرنسي الوجه المستخلص من انتهاك الحق في البيئة، إذ يستند لإلغاء القرار المنازع فيه إلى أي وجه آخر من أوجه الإلغاء غير الوجه المستخلص من الحق موضوع الدراسة، رغم أن هذا القاضي يُسمى بالقاضي الأخضر، نسبة إلى دوره في حماية البيئة، ولعل ذلك يرجع بصورة أساسية إلى غموض ومرونة الحق في البيئة، لذلك ظهرت مواقف فقهية وقضائية وطنية ودولية ميّزت بين المفهوم الضيق والمفهوم الواسع للحق في البيئة.

   وإذا كان لابد من تبني أحد المفهومين، فيجب ألا نُوسع ونُميع معنى الحق في البيئة، فنُخاطر بإضعافه، وتجريده من كل واقعية، وبالتبعية نُخاطر بإنقاص قيمته المعيارية، في الوقت الذي ما يزال فيه الكثير من الفقهاء يطالبون، بألا تكون لهذا الحق أية قيمة حقيقية حتى عندما تختصر البيئة في معنى ايكولوجي بحت (المعنى الضيق للبيئة)، بالإضافة إلى أن تبني المفهوم الواسع للحق في البيئة سيؤدي بالضرورة إلى ظهور صعوبات عملية جمّة، وقد لاحظنا بأن أغلب الأنظمة القانونية تتبنى المفهوم الواسع، ولعله السبب الذي دفع بالقضاة على مختلف مستوياتهم إلى التهرب من إقرار هذا الحق لتعقيده وعدم وضوحه في أذهانهم.

لذا يجب تحديد موضوع الحق في البيئة في الماء والهواء والتربة وعناصر التراث الطبيعي (الحيوانات والنباتات والتنوع الايكولوجي) فحسب، بل يجب أكثر من هذا، تقسيم أو تجزئة هذا الحق إلى عدة حقوق، كالحق في الماء والحق في الهواء النقي، والاستفادة من التنوع، وإجمالا العيش في شروط بيئية سليمة، وقد تم بالفعل قطع بعض الخطوات في هذا الاتجاه، خاصة تحت تأثير العوز العام للماء الصالح للشرب، وهكذا أعلن الميثاق الأوروبي لمصادر المياه المتبنى من طرف لجنة وزراء المجلس الأوربي في 17أكتوبر 2001، بأن لكل شخص الحق في التصرف في كمية من الماء كافية لسد احتياجاته الأساسية.

أما عن صاحب الحق في البيئة، فقد كرست الشريعة الإسلامية ومن بعدها الدراسات العلمية، موقفا خاصا يقُر بضرورة اعتبار البيئة قيمة مستقلة وحمايتها لذاتها، وفي حمايتها لنفسها بعيدا عن كل الاعتبارات الإنسانية، تأكيداتلقائيا على حق الإنسان في الانتفاع بها وتحقيق التنمية المتكاملة والمتوازنة.

   وبخصوص طبيعة الحق في البيئة، فمن الضروري الاعتراف له بالطابع الفردي، ضمانا لحمايته، لأن الاعتراف له بالطابع الجماعي يعني إضافته إلى التزامات الدولة، مما يخشى معه ألا تحتفظ القاعدة الجديدة بأية قيمة وتصبح مجرد التزام معنوي.

1-سنوني خنيش، إستراتيجية إدارة حماية البيئة في الجزائر، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في التنظيم السياسي والاداري، كلية العلوم السياسية والاعلام، جامعة بن يوسف بن خدة، الجزائر، 2005، ص. أ من المقدمة.

2-P. Ambert, le droit de l’homme à un environnement sain, RIDH, n- 43, juillet 2000,p. 565.

3-ليلى اليعقوبي، "الحق في بيئة سليمة"، مجلةجيل حقوق الانسان، العدد الثاني، يونيو 2013، ص. 47، متوفر على الموقع:

http://jilrc.com20/11/2014.

4-V. Rebeyrol, l'affirmation d'un droit à l'environnement et la réparation des dommages environnementaux, Tome 42, Lextenso édition, p. 51.

5-بن أحمد عبد المنعم، الوسائل القانونية لحماية البيئة في الجزائر، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بن عكنون، جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة، 2008-2009، ص.14، متوفر على الموقع:

Biblio.univ-alger.dz/ 20/01/2015

6-محمد خالد جمال  رستم، التنظيم القانوني للبيئة في العالم،، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، ط- 1، 2006، ص. 12.

7- G. Martin, «  de la responsabilité civile pour fait de pollution au droit de l'environnement », PPS, 1989, cité par; V. Rebeyrol, Op. Cit., p.51.

8-محمد خالد جمال رستم، المرجع السابق، ص. 13.

9- ابراهيم اسماعيل عيسى، تلوث البيئة أهم قضايا العصر، المشكلة والحل، دار الكتاب الحديث، القاهرة، 2002، ص. 18.

10-V. Rebeyrol, Op. Cit., p. 55.

11-déclaration de Stockholm, 16juin 1972, in A. Kiss, « environnement, droit international, droit fondamentaux », in V. C. Desplats, M. Ghezali, S. Karagianis, « environnement et renouveau des droits de l’homme », actes du colloques de Boulogne - sur- Mer, la documentation Française, 2006,  p. 125.

12- pact international relatif aux droits économiques, sociaux et culturels Assemblée générale des nations unies, 16décembre 1966, in N. Rubio, la contribution du juge administratif,in

O. Lecucq, S. M. Dubois, le rôle du juge dans le développement du droit de l’environnement, Bruylant, 2008,p. 153.

13-بن أحمد عبد المنعم، المرجع السابق، ص. 14.

14-ليلى اليعقوبي، المرجع السابق، ص. 49-52.

15-G.Martin, Op. Cit., p. 173.

16-A. Kiss, Op. Cit., p.126.

17-N. Rubio, Op. Cit., p. 154.

18-محمد خالد جمال رستم، المرجع السابق، ص. 13.

19-القانون رقم 03-10المؤرخ في 19يوليو 2003، المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، ج ر ج ج، عدد 43، السنة الأربعون، 20يوليو 2003، ص. 6.

20-بن أحمد عبد المنعم، الوسائل القانونية لحماية البيئة في الجزائر، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق بن عكنون، جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة، 2008-2009، ص. 25.

21-نور الدين حمشة، الحماية الجنائية للبيئة، دراسة مقارنة بين الفقه الاسلامي والقانون الوضعي، مذكرة لنيل درجة الماجستير في الشريعة والقانون، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الاسلامية، جامعة الحاج لخضر باتنة، هامش رقم 35، ص. 23.

22-محمد خالد جمال رستم، المرجع السابق، ص. 14، بن أحمد عبد المنعم، المرجع السابق، هامش الصفحة 14، وأيضا نور الدين حمشة، المرجع السابق، ص. 23.

23-سورة الحشر، الآية 9.

24-ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة قي ضوء الشريعة، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1999، ص. 33.

25-سورة الأعراف، الآية 31.

26-إسماعيل نجم الدين زنكنه، القانون الإداري البيئي، دراسة تحليلية، منشورات الحلبي الحقوقية، ط-1، 2012، ص. 98.

27-جعفر عبد السلام، حق الإنسان في بيئة صحية مناسبة، رابطة الجامعات الإسلامية، الدورة التاسعة عشرة، إمارة الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة، ص. نقلا عن مصطفى الزباخ، المرجعية القيمية للحماية من الأخطار البيئية، بحث مقدم للمؤتمر الاسلاميالعالمي للحوار، رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، 2008، ص. 445وما بعدها.

28-سورة الأعراف الآية 56.

29-إسماعيل نجم الدين زنكنه، المرجع السابق، ص. 96.

30-جعفر عبد السلام، حق الإنسان في بيئة صحية مناسبة، المرجع السابق، ص.11،12، نقلا عن بركات محمد مراد عن الإسلام والبيئة، طبع دار القاهرة، 2003، ص. 64وما بعدها.

31-جعفر عبد السلام، حق الإنسان في بيئة صحية مناسبة، المرجع السابق، ص. 13.

32-عبد الناصر زياد هياجنه، القانون البيئي، النظرية العامة للقانون البيئي مع شرح التشريعات البيئية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط-1، 2012، ص.   259.

33-سورة القصص، الآية 77.

34-سورة لقمان، الآية 19.

35-إسماعيل نجم الدين زنكه، المرجع السابق، ص. 98.

36-A. Kiss, Op. Cit., p. 134; N. Rubio, Op. Cit., p. 164.

37- G. Martin, Op. Cit., p. 178.

38-CHDH, I. Thiras, c/ Grèce, 22décembre 2005, 38, in G. Martin, Op.Cit., p. 179.

39- G. Martin, Op.Cit., p. 180.

40-A. Kiss, Op. Cit., p. 135.

41-تم تبني ميثاق البيئة الفرنسي بموجب القانون الدستوري رقم 2005-205المؤرخ في 1مارس 2005.

42-CE, 19juin 2006, Eau…, Cité in L. Janicot, Note sous CE, 03octobre 2008, commune d’Annecy, RFDA, Novembre- Décembre 2008, p. 1158 ; N. Huten, « Question préjudicielle de constitutionnalité et charte de l’environnement », 09/2008, 20.09.2011, disponible sur le site, http://www.droit-constitutionnel.org/; M. Prieur « la charte de l’environnement et la constitution Française », in V. C. Desplats, M. Ghezali, S. Karagianis, Op. Cit., p. 122, 123. 

43-R. Pintus, «charte de l’environnement : première consécration par le juge du droit à l’environnement », http : //www.journaldelenvironnement.net/ 04octobre 2011.

44-T.A. Rennes, 27juin 2006, syndicat intercommunal d'alimentation..., in N. Rubio, Op.Cit.,

 p.160,161.

45-وناس يحي، الآليات القانونية لحماية البيئة في الجزائر، رسالة دكتوراه في القانون العام ن جامعة بوبكر بلقايد، تلمسان، جويلية 2007، ص.249، نقلا عن الساسي سقاش، الجمعيات البيئية في الجزائر ودورها في حماية البيئة، كلية الحقوق جامعة منتوري قسنطينة، 2000، ص. 121-123.متوفر على الموقع:

Dspace.univ-tlemcen.dz/ 20/01/2015.

46-الوسائل القانونية لحماية البيئة ودور القاضي في تطبيقها، مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء، متوفر على الموقع:

www.djelfa.info/19janvier 2015.

47-قرار مجلس الدولة الجزائري، الغرفة الثالثة، رقم 032758، المؤرخ في 23/05/2007، مجلة مجلس الدولة، العدد 09، 2009، ص. 94-97.

48-L. Fonbaustier, « environnement et pacte écologique, remarques sur la philosophie d'un nouveau "droit à" », cahiers du conseil constitutionnel, 2003, p.140.

49-V. Rebeyrol, Op. Cit., p. 86 ; A. Capitani, « le conseil constitutionnel Français et le droit à l’environnement », in O. Lecucq, S. M. Dubois, Op. Cit., p. 144.

50-عبد الناصر زياد هياجنه، القانون البيئي، النظرية العامة للقانون البيئي مع شرح التشريعات البيئية، دار الثقافة للنشر التوزيع، الأردن، ط-1، 2012، ص. 258.

51-سورة النحل، الآية 14

52– بيتاركارييفا، ميشال مارفيي، "حماية البيئة من أجل البشر"، مجلة العلوم، المجلد 24، مارس-أفريل 2008، مؤسسة الكويت للنقد العلمي، متوفر على الموقع:

www.oloommagazine.com/ 17-04-2015.

53-C. Huglo, « vers la reconnaissance d’un droit de la nature à réparation », PA. 29septembre 1993, p. 15et (s).

54-Ibid., p.89.

55-C. Cans, « Plaidoyer pour un droit de l’environnement moins anthropocentriste », Dalloz, env. 07aout 2000, p.11.

56-V. Rebeyrol, Op. Cit., p. 90, 94.

57-المادة 53من الدستور البيروفي والمادة 225من الدستور البرازيلي وميثاق البيئة الفرنسي، وعلى المستوى الدولي الميثاق العالمي للطبيعة المتبنى من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28اكتوبر 1982، اضافة إلى مؤتمر ريودي جانيرو في 5جوان 1992، واتفاقية Aarhusوالمحكمة الاوربية لحقوق الانسان انظر:

V. Rebeyrol, Op. Cit., p. 93, 94.

58-G. Martin, Op. Cit., p. 176.

59-سورة البقرة الآيتان 21، 22.

60-سورة الحجر الآيتان 19، 20.

61-طه الآيتان 53، 54.

62-جعفر عبد السلام، حق الإنسان في بيئة صحية، متوفر على الموقع: iefpedia.com/ 07/01/2015

63-حق الانسان في بيئة نظيفة، متوفر على الموقع:                           www.startimes.com/25/04/2015.

64-V. Rebeyrolm, Op. Cit., p. 95-99.

65-Ibid., p. 99.

66-A. Kiss, Op.Cit., p. 126.

67-A. Capitani, Op. Cit., p.144.

68-V. Rebeyrolm, Op. Cit., p. 100.

69-L. Neyret, atteintes au vivant et responsabilité civile, LG.D.J., 2006, n° 412et (s).

70-R. Calavitti, « L'accès au juge en matière d'environnement », in le rôle du juge dans le développement du droit de l'environnement, Bruylant, 2008, p.p. 53-54.

71-A. Capitani, Op. Cit., p. 144.

@pour_citer_ce_document

وردة خلاف, «مضمون الحق في البيئة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2016-10-08,
Date Pulication Electronique : 2016-10-08,
mis a jour le : 17/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1567.