إستراتيجية التنمية المستدامة في تخطيط المدن الجديدة: الجزائر نموذجا
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°21 Décembre 2015

إستراتيجية التنمية المستدامة في تخطيط المدن الجديدة: الجزائر نموذجا


رابح هزيلي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تتناول هذه الورقة البحثية بشكل عام موضوع التنمية المستدامة والذي نال اهتمام المجتمع الدولي والحكومات خاصة بعد بروز مشكلات بيئية كان لها الأثر على النظام الايكولوجي وصحة الإنسان ومستقبله. وترجم هذا الاهتمام عمليا خلال المؤتمرات الدولية لاسيما مؤتمر ريو دي جانيرو1992لتحديد أولويات التنمية المستدامة والإستراتيجية الواجب اتخاذها لإيجاد الحلول المناسبة، وخلق فضاءا أكثر استقرارا واستدامة.    وقد راهن المجتمع الدولي على تنفيذ هذه الإستراتيجية، وبخاصة فيما يتعلق بمسألة التعمير والتهيئة الحضرية والعمرانية، انطلاقا من فكرة أنه لا توجد بيئة عالمية مستدامة من دون بيئة عمرانية مستدامة.   ونظرا لكون الموضوع متشعب وله مجالات متعددة، حاولنا أن نطرق موضوع التعمير والتهيئة العمرانية من جانب الأدوات التي اعتمدت الاستدامة كمفهوم جديد في المنظومة العمرانية للجزائر، وسبل تفعيلها في مجال التخطيط الحضري والعمراني الشامل للمدن الجديدة، لتجاوز مشاكل المدن القائمة وتحسين الإطار المعيشي للسكان الجدد، وتحقيق التوازن البيئي والعمراني والنمو المستدام.

الكلمات المفاتيح:التنمية المستدامة، التعمير، التهيئة الحضرية، المدينة والمدينة الجديدة، البيئة.

Ce document traite du développement durable, qui a attiré l’attention des gouvernements et de la communauté internationale, en particulier après l'émergence des problèmes environnementaux et leur impact sur l’avenir de l’écosystème et de la santé humaine. Et cet intérêt s’est traduit pratiquement par la tenue des conférences internationales telle que la conférence de Rio en 1992 qui a déterminé la stratégie de développement durable et les dispositions à prendre pour trouver des solutions appropriées et pour créer un espace plus stable et durable.

Ainsi, la communauté internationale table sur la mise en œuvre des stratégies de développement durable. En particulier la question de la reconstruction et de la configuration urbaine et architecturale durable, fondée sur l'idée selon laquelle il n'y a pas un environnement mondial durable sans un environnement urbain durable.

Notre recherche englobe plusieurs domaines que nous avons essayé de délimiter en donnant l’exemple de la reconstruction et le développement urbain ainsi que les outils qui ont attribué au développement durable une nouvelle conception dans la construction du système urbain en Algérie et les moyens de l'activer dans le domaine de la planification urbaine et durable des nouvelles villes.Il s’agit aussi de surmonter les problèmes existants dans les anciennes villes et aussi d’améliorer le niveau de vie des nouveaux habitants afin d’assurer l’équilibre écologique et la croissance urbaine et durable.

Mots clés :Environnement, La ville, la nouvelle ville, développent durable, Urbanisme, Aménagement urbain

This paper deals with the subject in general sustainable development, which attract the attention of the international community and governments, especially after the emergence of environmental problems was its impact on the ecosystem and human health and its future. this interest translate practically through international conferences ESPECIAIIY by Rioconferenece in 1992 to determine the sustainable development strategy and priorities to be taken to find appropriate solutions and to create space for a more stable and sustainable.the international community is betting on the implementation of the sustainable development strategy. With regard to the issue of reconstruction and sustainable urban and architectural configuration, based on the idea that there is no sustainable global environment without sustainable urban environment. and due to the fact that the subject forked and has multiple areas that we tried to study the subject of reconstruction and urban development of the tools that have adopted sustainability as a new concept in the system construction of Algeria and ways to activate it in the field of urban and compréhensive urban and sustainable planning of new cities to overcome the existing problems of old cities and improve the standard of living of life for new residents and achieve ecological balance and urban and sustainable growth.

Keywords :Sustainable development , city,.new cities, Environment, URBANISM, SUSTAINABLE

Quelques mots à propos de :  رابح هزيلي

طالب دكتوراه علوم. معهد علم الاجتماع. جامعة قسنطينة 2

مقدمة عامة

يواجه المجتمع العالمي المعاصر تحديات كبرى ومشاكل جديدة أضحت تهدد مستقبلها، تستدعي الوقوف عليها ومعالجتها، ولذا كان لزاما عليها اتخاذ   الإجراءات الضرورية اللازمة لتحقيق الاستقرار والديمومة لكيان مجتمعاتها، من خلال تسطير برامج دولية وإقليمية ومحلية تسعى في البداية إلى حماية البيئة من الانهيار، والموارد من النضوب، وتجاوز الأنانية وتغليب المصلحة العامة، خاصة مع التطور السريع لعملية التصنيع وما انجر عنه من تلوث المحيط والمدن على حد سواء، وتبعاته الصحية التي تهدد كيان الإنسان وسلامته وسلامة بيئته.

والتنمية المستدامة جاءت كمنهج لوضع حد للمشاكل القائمة في المدن، ورسم سياسة جديدة في التخطيط العمراني قائم على أساس الاستدامة. وانطلاقا من ذلك حاولنا تقسيم هذه المداخلة إلى أربعة محاور أساسية،وذلك بعد طرح الإشكالية وتحديد أهداف الدراسة، حيث تناولنا في المحور الأول تطور مفهوم التنمية المستدامة مع تحديد أبعادها وأهدافها وتحدياتها، ثم تطرقنا في المحور الثاني إلى إستراتيجية التنمية المستدامة والتي اتخذتها الجزائر كأداة لتفعيل قطاع التهيئة والتعمير، من خلال المخططات الجديدة ،والتي قامت على أنقاض مخططات ثبث فشلها وتجسدت أساسا في المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير ومخطط شغل الأراضي.

ثم تناولنا مباشرة الأهمية من تخطيط المدن الجديدة وذلك بعد الإشارة إلى تحديد مفهومي التخطيط والتخطيط الحضري،وكذا المدينة بالمفهوم الكلاسيكي لها والمدينة الجديدة بالمفهوم المعاصر، وذلك من خلال تسليط الضوء على التشريع لإنشاء مشاريع المدن الجديدة.و صولا في الأخير إلى سبل تجسيد الاستدامة العمرانية والحضرية وتحقيق الأهداف المحددة للتنمية المستدامة في المدينة الجديدة ،انطلاقا من عدة مبادئ أساسية أهمها ادراة الحكم الراشد، وإشراك المجتمع المدني والفاعلين في عملية التخطيط وإدراج البيئة كمحور أساسي في استدامة العمران، من خلال إدخال الطاقة النظيفة لتلبية احتياجات المجتمع الجديد في المدينة الجديدة.

·طرح الإشكالية

لقد اتخذ المجتمع الدولي مؤخرا مبدأ الاستدامة في التنمية بمختلف أنواعها، لاسيما في مجال التخطيط والتهيئة العمرانية والحضرية وذلك بعد مواجهته لمشاكل أضحت تهدد البيئة والصحة العمومية من جراء الملوثات الصناعية وضيق الفضاء ،نتيجة عامل الزيادة الديمغرافية والهجرة غير المقننة خاصة نحو المدن الكبرى، ولم تسلم المدن الجزائرية من هذه التناقضات ،و كانت الحاجة إلى خلق فضاء أكثر استقرارا يعالج المشاكل المختلفة في المدن القائمة ،من خلال البحث عن البديل لهذه المدن ،وإقامة تجمعات سكنية جديدة أو ما يعرف بالمدن الجديدة.وذلك باتخاذ الآليات المناسبة لذلك ،وتجاوز مشاكل المدن القديمة وتوفير المتطلبات الأساسية للمواطن والمجتمع الجديد دون إسراف في الموارد الطبيعية وتحقيق الانسجام الاجتماعي وحفظ حق الأجيال اللاحقة في التنمية.

وتعبر الاستدامة العمرانية عن حالة توازن وإعادة صياغة المحددات والأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وحتى السياسية في المدن، حيث تجمع ما بين استدامة الموارد الطبيعية والاستدامة التقنية والاقتصادية والاجتماعية. ولذا أخذت دراسة الاستدامة العمرانية أهمية كبيرة في الآونة الأخيرة، نظرا لعدم قدرة العديد من دول العالم وخاصة النامية منها على تلبية أهداف الاستدامة الحضرية بمفهومها الشامل، ولاسيما في الدول العربية.  وتعد الجزائر واحدة من بين هذه الدول التي حاولت تقديم بدائل لتحسين شبكتها الحضرية من خلال إنشاء تجمعات عمرانية جديدة، أو مدنا جديدة، وبأسلوب جديد لغرض الاستجابة لحاجات المجتمع الجديد ومسايرة التطور العالمي في هذا المجال. ومما سبق، حاولنا طرح التساؤل التالي:ما هي الآليات والأدوات التي اتخذتها الجزائر بحكم تجربتها الفتية من تنفيذ إستراتيجية الاستدامة في إنشاء وتنمية المدن الجديدة؟

* أهمية الدراسة: فيضوء أهداف الدراسة الراهنة، التي تريد تسليط الضوء على التطور التاريخي لمفهوم التنمية المستدامة، والوقوف على معرفة مختلف مراحلها، وكذا التطرق لمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وإبراز دور الجزائر في تفعيل مفهوم الاستدامة في مجال التهيئة الحضرية والتعمير، تكمن أهمية الدراسة في كون أنه يعالج موضوعا يتناول واقع التنمية المستدامة وطرق تفعيلها في التخطيط الحضري الحديث،بما يعني النظر وفق رؤية واضحة لتدارك أزمة المدن القائمة.  

*أهداف البحث: نهدف من خلال بحثنا إلى التعرف على أهم الآليات والأدوات المتخذة في مجال التهيئة الحضرية والتعمير، وكذا التعرف على دور ووظيفة المدينة الجديدة، استنادا إلى مبدأ الاستدامة العمرانية باعتبارها مفهوما جديدا في التخطيط والتنمية الحضرية وسبل تفعيلها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في هذا المجال، وكذا محاولة الكشف عن مدى ترابط التشريعات المتعلقة بالتعمير بالتجسيد الفعلي لمحتواها ميدانيا.

أولا:تطور مفــهوم التنمية المستــدامة

إن الحديث عن التنمية المستدامة يجرنا بالتأكيد للحديث عن التنمية بمفهومها الكلاسيكي، على اعتبار أنها شرط أساسي للنهوض بالدول والمجتمعات، ولا يستطيع العالم بأي حال من الأحوال العيش من دون تنمية ولا يبالي بها، فالتنمية مطلب دولي ولكافة الدول وفي مختلف الميادين السياسية أو الاقتصادية أو العمرانية أو الاجتماعية أو البيئية. والتنميةبالمفهوم الكلاسيكي لها هي التنمية التي تهدف إلى زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل على أن تكون هذه الزيادة طويلة المدى1. وقد تناولها علماء الاقتصاد لتعني الانتقال من حالة التخلف إلى حالة التقدم، وهذا الانتقال يتطلب إحداث العديد من التغييرات الجوهرية في الهيكل الاقتصادي2. وتعد شكل من أشكال التغير الاجتماعي الذي يطرأ على الإنسان والاقتصاد والبناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع، فهي عملية مقصودة لتحقيق أهداف محددة وأساسية للمجتمع وإتاحة الفرصة لجميع الأفراد للمشاركة في صنع القرار3.

وعلى الرغم من التعريفات التي تناولت المفهوم، إلا أننا نعتقد أن التنمية كانت لها نقائص ولم تؤد دورها كما يجب، كون أنها أنتجت عالما مليء بالمشاكل والتناقضات، بالرغم من أهميتها وتأثيراتها الايجابية. ولذا رأى المجتمع الدولي بضرورة تطوير المفهوم، خاصة بعدما تم إدراج البعد البيئي ومستقبل الأجيال اللاحقة في عملية التنمية، وبرز مؤخرا ما يعرف بالمدينة المستدامة، البيئة المستدامة، العمران المستدام، الاقتصاد المستدام، المجتمع المستدام...هذا ما يجرنا بالتأكيد إلى تحديد مفهوم الاستدامة. فماذا نعني بالاستدامة؟

الاستدامةمن أبرز المفاهيم الحديثة التي ظهرت مؤخرا، حيث احتدم النقاش حولها، وأقيمت ندوات وورش عمل لتحديد المفهوم ودوره الاجتماعي، وبشكل عام هي طريقة ومنهج حياة مستمر وديناميكي ومتطور، وليست نتيجة محددة ومفهومة يمكن تحقيقها بعد مدة زمنية معينة، بل أساسا هي عملية ونهج سياسي أكثر منها مشكلة تصميمية.  والاستدامة بالإنجليزية: Sustainability  هي مصطلح بيئي يصف كيف تبقى النظم الحيوية متنوعة ومنتجة مع مرور الوقت. ومن خلالها تبرز الاستدامة الاجتماعية في القدرة على حفظ نوعية الحياة التي يعيشها الناس على المدى الطويل، وهذا بدوره يعتمد على حفظ العالم الطبيعي والاستخدام المسؤول للموارد وحماية البيئة. وقد تناول العلماء والمهتمين مفهوم الاستدامة بطرق متعددة ومختلفة لاختلاف مجالات التنمية، سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو عمرانية أو بيئية وغيرها.  وهناك تعريف بسيط لمفهوم الاستدامة بأنها *تحسين نوعية الحياة البشرية حين نعيش ضمن الطاقة الاستيعابية للنظم البيئية الداعمة*4أي أنه يعطي لفكرة الاستدامة حدودًا قابلة للقياس الكمي، لكن الاستدامة هي أيضا دعوة إلى العمل يتبناها النظام السياسي داخل اطر مقننة ومدروسة لبناء مجتمع عالمي مستدام يقوم على احترام الطبيعة، وحقوق الإنسان العالمية، والعدالة الاقتصادية والاجتماعية. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وضع إستراتيجية عامة تضمن الحقوق الأساسية للبيئة الطبيعية والإنسان معا، كون أن البشرية حاليا تعيش بطرق غير مستدامة وأن إعادة الاستخدام البشري للموارد الطبيعية إلى داخل الحدود المستدامة يتطلب جهدا جماعيا كبيرا، وطرق الحياة بالاستدامة يأخذ أنماطا عديدة، بدءا من إعادة تنظيم الأوضاع المعيشية من توفير المأكل والمشرب والسكن اللائق، المحيط الحضري المستدام...

ونخلص إلى أن الاستدامة تأخذ بعدين أساسيين البعد النوعي لمفهوم التنمية، ليشمل بذلك النوعية البيئية وعلاقتها بنوعية الحياة.  البعد الزمني ليشمل التنمية على المدى البعيد، مستقبل الأجيال القادمة ونصيبها في التنمية،وهي الفكرة التي مازالت تشغل بال المجتمع الدولي لتحقيقها في إطار ما يسمى بالتنمية المستدامة.

1-التنمية المستدامة: لقد اختلف الباحثين والدارسين لموضوع التنمية المستدامة في تحديد مفهومها تبعا لاختلاف مجالاتها، ولكن ما تجدر الإشارة إليه ،أن التنمية المستدامة برزت بشكل واضح سنة 1980في قضية الإستراتيجية الدولية للمحافظة على البيئة والطبيعة5.

وبعد فترة زمنية ظهرت في تقرير نشر سنة 1987باسم اللجنة الدولية للبيئة والتنمية تحت عنوان مستقبلنا جميعا، وعرفت على أنها تنمية تستجيب إلى الحاجات الحالية دون الإخلال في إمكانية الأجيال المستقبلية والاستجابة لحاجاتهم.

والهدف من هذا التقرير هو النظر بطريقة نقدية إلى الوضع الذي آلت إليه البيئة، وأدت بمعظم سكان العالم إلى الفقر، والتنمية المستدامة نشأت أساسا من هذه الفكرة6ويجمع هذا المفهوم بين بعدين أساسين هما التنمية كعملية للتغيير والاستدامة كبعد زمني، والدافع وراء ظهور هذا المفهوم هو إدراك أن عملية النمو في حد ذاتها لا تكفي لتحسين مستوى معيشة الأفراد على نحو يتسم بقدر من العدالة في توزيع ثمار التنمية، كما أن التركيز على البعد المادي لعملية النمو قد تراجع، ليحل بدلا منه الاهتمام بالعنصر البشري، على أساس أن الإنسان هو هدف عملية التنمية وأداتها في الوقت نفسه7. وقد تم طرح هذا المفهوم نتيجة لتزايد الاهتمام بضرورة الاهتمام والحفاظ على البيئة،كون أن التكنولوجيات الحديثة أدت إلى تلوث البيئة، وإلحاق أضرار بالغة بالموارد المتاحة وبالأخص الأرض الزراعية ،التي أصبحت مهددة بالبناءات دون الوقوف على العواقب الناجمة عن ذلك.وكذا تلوث المياه بالصرف الصحي والهواء بالنفايات الصناعية المنبعثة من المصانع التي تقع على مقربة من التجمعات السكنية، كما يبدو للعيان بالمدن الكبرى، في آسيا وأمريكا وحتى الدول النامية ،كالجزائر ومصر وغيرها. إضافة إلى تفشي ظاهرة الفقر والإسراف في استغلال الموارد، وهكذا أصبح هناك تناقص في قاعدة الموارد التي تعيش عليها الدول ومن هنا برز مفهوم التنمية المستدامة ،الذي يحاول إيجاد حلا لهذه الاختلالات ،وقد ركزت بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الإدارة المثلى للموارد الطبيعية، وذلك بالتركيز على الحصول على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية ،شرط المحافظة على الموارد الطبيعية ونوعيتها8، ويرى آخرون أنها عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات، وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها9. هذا المفهوم يرتبط بتحقيق مجموعة من الأهداف أهمها المساواة في التوزيع والعدل الاجتماعي، بمعنى نصيب الأجيال البشرية التي لم تولد بعد. والعيش في حدود قدرة النظم الايكولوجية في حماية البشر، وتحتاج التنمية المستدامة إلى تقدم عالمي متزامن في أبعاد شتى: اقتصادية وبشرية وبيئية*.10

وقد تساهم في رسم خارطة سياسية تتبنى ترشيد استخدام الموارد، وتوفير المحيط العمراني الملائم والقادر على تخطي مشاكل المدن القائمة، ومهما كان أصل المفهوم وتعريفه، فان التنمية المستدامة أصبحت حاليا متعددة الاستخدامات وواسعة التداول ،وغنية بالمضامين المتعددة ومتنوعة المعاني. ولكن ما تجدر الإشارة إليه، أن معظم المهتمين بالشأن البيئي يؤيدون التعريف الوارد في لجنة بروندلاند المنبثق عن برنامج الأمم المتحدة والتي تنص على أن التنمية المستدامة: هي تنمية تسمح بتلبية احتياجات الأجيال الحاضرة دون الإخلال بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها11.يعني أن هناك نظرة شاملة في إعداد الاستراتيجيات لتحقيق التنمية المستدامة، تراعي فيها بدقة الأبعاد الثلاثة لها: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ولذا حل مفهوم التنمية المستدامة كبديل لأسلوب التنمية التقليدي، بمعنى أن الاهتمام بالبيئة هو أساس التنمية الاقتصادية، باعتبار أن النشاط الاقتصادي أو الزراعي يقوم على الموارد الطبيعية والاستغلال الأمثل لها. فهي أداة رئيسية لمواجهة التحديات الملازمة للمجتمع.

إجمالا، نخلص إلى التعريف الإجرائي لها: فهي نمط جديد من التنمية تسعى إلى التوفيق بين الاعتبارات العمرانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتستجيب إلى إشباع حاجات المجتمع الجديد مع الأخذ في الحسبان الأجيال اللاحقة.      

بمعنى أنها تعبير عن الإرادة والرغبة في بناء مشروع تنموي جديد يقوم على أساس الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأساسية، التطور، حق الأجيال اللاحقة.

1-1: أبعاد التنميــــة المستدامـــــة: تبنىمؤتمر ريو دي جانيرو1992حول قمة الأرض فكرة التنمية المستدامة، وجعلها محور خطة العمل التي وضعها للقرن 21، وأصبحت الفكرة محور الحديث والتجربة في كامل الدول، وبرزت لها أبعاد جديدة تتصل بالوسائل التقنية التي يعتمد عليها الناس في جهدهم التنموي في الصناعة والزراعة والتعمير وغيرها، ومن أهم هذه الأبعاد:

أ-البعد الاقتصادي: تتطلب التنمية المستدامة ترشيد المناهج الاقتصادية، ويفسر الفكر الاقتصادي الكلاسيكي التنمية المستدامة باستمرارية الموارد المتعددة في دعم البنى الاقتصادية لتحقيق الرفاهية للمجتمع، أما الفكر الاقتصادي الحديث فيرى انه من الضروري الحفاظ على الموارد الطبيعية والبشرية والبيئية التي تساهم في الوقت الحالي ومستقبلا في تامين احتياجات السكان12. ولذا يتطلب أساسا ضمان حصة استهلاك الفرد من الموارد المتاحة في الطبيعة، وكذا إيقاف تبديد هذه الموارد والحفاظ عليها قدر الإمكان وترشيدها، واعتماد مبدأ المساواة في توزيع هذه الموارد بين جميع أفراد المجتمعات الحالية والمجتمعات التي لم تولد بعد13.

ب-البعد الاجتماعي:يرتكز هذا البعد أساسا على محاربة الفقر والبطالة، وضبط السلوك الاستهلاكي للبشر، كما يلح على فكرة تنمية البشر أو التنمية البشرية من خلال التكوين الفعال والمستمر للموارد البشرية، وفي شتى المجالات، وذلك لغرض إشراك المجتمع في مراحل التخطيط والتنفيذ للتنمية14. كون أنها تتضمن مختلف هذه المعايير لتحقيق بعدها الاجتماعي، من خلال تطوير مستوى الخدمات الصحية وتحسين المستوى التعليمي، وتحقيق الاستقرار في النمو السكاني، ووقف الهجرة من الريف إلى المدن.

ج-البعد البيئـــي: لقد ارتبط مفهوم التنمية المستدامة بالبيئة وأعطى الأهمية البالغة لها من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل لها15.

وكذا إدراج البيئة في عملية التنمية. سواء ارتبط بالتصنيع أو التعمير أو غيرها، والاهتمام بالمنظر الجمالي للعمران والمدن الجديدة، وربط التكنولوجيا الصديقة البيئة بالتنمية، لغرض التقليل من التلوث بكل أشكاله، * تلوث المياه، الغذاء، المدينة بالنفايات*. مما يعزز استدامة الموارد واستفادة الأجيال اللاحقة من التنمية. ولكن ما تجدر الإشارة إليه، أن الاهتمامات البيئية تختلف بين دول الشمال والجنوب، بحكم الخصوصية الصناعية والتي أصبحت تشكل عائقا كبيرا خاصة في الدول المتقدمة، نتيجة التصنيع المكثف والمستمر له. ولذا تطرح التنمية المستدامة مبدأ الحاجات البشرية في ظل بيئة نظيفة تفرض حدودا يجب مراعاتها واحترامها. وتعمل التنمية المستدامة من خلال آلياتها لتحقيق مجموعة من الأهداف نختصرها فيما يلي:

1-2:الأهداف المحددة للتنمية المستدامة

* احترام البيئة الطبيعية من خلال تنظيم العلاقة بين الأنشطة البشرية وعناصر البيئة،و تعزيز الوعي البيئي

*ضمان إدراج التخطيط البيئي في كافة مراحل التخطيط، من اجل الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية واستعمالات الأراضي16.

* إدارة الموارد الطبيعية من خلال إدارة واعية ورشيدة لتحقيق الحياة الكريمة لمختلف فئات المجتمع.

*ربط التكنولوجيا الحديثة بما يخدم أهداف المجتمع المختلفة17

*المشاركة الشعبية الفعالة في شتى مجالات التخطيط18.

1-3: تحـــديات التنمية المستدامـــة: من بين التحديات التي تواجه التنمية المستدامة

أ-النمو الديمغرافي السريع: يواجه العالم حاليا التطور السريع للزيادة في المواليد، خاصة في العالم الثالث، مما قد يعيق التنمية في هذه البلدان، حيث بلغ عدد سكان العالم سنة 1999ستة مليارات نسمة19. وقد تؤثر هذه الزيادة على نوعية الحياة البشرية ويكون لها انعكاسا سلبيا إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لذلك خاصة مع زيادة حدة الفقر وهذا ما يتعارض مع أهداف التنمية المستدامة.

ب-التصنيع: يشكل التصنيع احد الدعائم التي تقوم عليها الدول ،و يبرز مؤشر التطور من خلال كمية المصانع وأهميتها ،لكن زيادة التصنيع في العالم سيؤثر لامحالة على الموارد ويقلل من احتياجات الأجيال القادمة ويكون له الأثر على تلويت البيئة، فله انعكاسات واضحة على الغلاف الجوي ،خاصة في ظل المشاكل المعاصرة والتي كان لها التأثير على البيئة والكوكب، كمشكلة الأوزون والاحتباس الحراري، وهذا ما سيكون له تبعات سلبية على الصحة العمومية والتغير المناخي الذي ينجم عنه الكوارث الطبيعية ،فهو بحق يشكل احد التحديات التي تواجه العالم اليوم في كيفية التقليل من التصنيع وإيجاد السبل الكفيلة لحماية الأرض والإنسان من الزوال.وللإشارة فان الولايات المتحدة تنفث لوحدها ثلث الملوثات الصناعية.

ج-الحروب: يواجه المجتمع الدولي مشكلة الحروب خاصة في الدول النامية والعربية، في حين نجذ أن الدول المتقدمة تعيش الاستقرار في هذا المجال.ولا شك أن هذه الحروب سيكون لها الأثر السلبي على التنمية في هذه الدول، كون أن الاستقرار شرط أساسي للتنمية المستدامة، وفي ظل هذا الصراع على السلطة والنزاعات القبلية سيؤثر لا محالة على اقتصاديات الدول، على اعتبار أن التمويل سيكون منصبا علي توفير السلاح إضافة إلى الخراب الذي سيلحق البنية التحتية لهذه الدول، وبالتالي سيعرقل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

د-المديونية: لقد شكلت المديونية عائقا كبيرا لتنمية الدول خاصة الفقيرة منها، إذ تعد هذه الأخيرة سببا مباشرا في تقليص الاهتمام بما يخدم المجتمع ويرفع مستواه المعيشي، وقد يكون سببها غياب إطار واضح للتعامل معها والتخلص منها، نتيجة غياب سياسة حكيمة تساهم في التقليص منها، ولذا كان لها الأثر الواضح على وضع سياسة ناجحة تتبنى مفهوم التنمية المستدامة في كافة القطاعات. وخاصة في مجال التهيئة العمرانية والتعمير.

ه-الفقر في العالم:إن الزيادة الديمغرافية وعدم تبني سياسة واضحة في هذا المجال ،دفع بأغلب المجتمعات إلى الفقر خاصة في العالم المتخلف، والذي كان للحروب والمديونية تبعاتها على انتشار الفقر، وهذا ما يتعارض مع أهداف التنمية المستدامة. كل هذه العوامل تجتمع لتشكل عائقا حقيقيا في تحقيق أهداف المجتمعات، ولذا اتخذت معظم الدول استراتيجيها لحل مشاكلها بنفسها لضبط سيرورة مجتمعاتها وفق سياسات تربط بين حاجات البشر ومؤهلاتها المادية والطبيعية، لتوفير ما يمكن توفيره. ولعل الجزائر من بين الدول التي تبنت هذا المفهوم وحاولت جادة تدارك الوضع القائم من خلال الاعتماد على الكفاءة والتخطيط لمستقبلها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والعمراني.

ثانيا:إستراتيجيـــة التنميــة المستدامة في الجزائر وسبل تفعيلها في مجال التعمير

يجرنا الحديث عن التنمية المستدامة وسبل تفعيلها في الجزائر ،الوقوف على مدى استعداد الدولة لتنفيذ سياسة التنمية المستدامة، ونظرا لكون الموضوع واسع ولا يمكن حصره في هذا البحث، ارتأينا الوقوف على إستراتيجية الدولة في تفعيل قطاع التهيئة الحضرية والتعمير خاصة في المدن الجديدة، التي أصبحت احد الرهانات التي تراهن عليها الدولة، إذ أصبح الإشكال منصبا على مشكلة ضيق الفضاء في المدن القائمة ،وكيفية تحويل وبناء مدن جديدة تؤسس لمجتمع مستدام ،يوفر كل الإمكانيات الضرورية الخدمية والاقتصادية ،انطلاقا من اتخاذ البعد البيئي أساسي في إنشاء هذه المدن.هذا ما سيدفعنا في البداية إلى الوقوف على الإطار التشريعي لها. حيث خطت الدولة الجزائرية خطوات كبيرة في إعادة هيكلة مختلف القطاعات الإستراتيجية ،و الأمثلة كثيرة إذا ما اشرنا إلى دور الجزائر في بناء وهيكلة شبكة المياه ،والذي يعد عاملا حساسا وضروريا ويتجلى بوضوح من خلال بناء السدود مثل سد بن هارون وسد بريزينا في الجنوب الكبير، وهي مؤشرات تؤسس لدولة تعتزم تحقيق الاكتفاء في هذه الثروة المهمة ،حيث نجد أن سد بن هارون لوحده يمول أكثر من خمس ولايات ،هذا الانجاز كاف لتطوير البنية التحتية الاقتصادية للولايات الشرقية، إضافة إلى شبكة الطرقات التي تعد هي الأخرى عاملا مهما ورئيسيا في تطوير الاقتصاد الوطني والتجاري ،ويتجلى بوضوح من خلال الطريق السيار شرق غرب والذي فك الخناق وسهل عملية تنقل البضائع ،و سنحاول في مداخلتنا هذه الوقوف على أهمية التخطيط الحضري والتهيئة الحضرية في المنظومة الجديدة للحكومة الجزائرية من خلال الترسانة من القوانين التي عجلت بإنشاء مدن جديدة.

1-فلسفةالتخطيط الحضري في الجزائر: إذا كان التخطيط الحضري هو مجموعة القرارات التي تتخذ لتنمية المجتمعات البشرية، وأسلوب جديد لتطوير وتنمية الشبكة العمرانية العامة والتجمعات الحضرية، فان الجزائر اعتمدت في ذلك عدة أدوات، وسأركز على المرحلة التي قننت للتخطيط الحديث والحالي، حتى يتسنى لنا إعطاء صورة عن واقع التخطيط والتعمير وكذا تقييمه، ويبرز ذلك من خلال المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير ومخطط شغل الأراضي والذي تزامن كليهما مع بداية التسعينات ومع انطلاق مشاريع المدن الجديدة في الجزائر.

والتخطيط الحضري يجب أن يركز على الجوانب الاجتماعية والثقافية للبيئة الحضرية، حيث أن التخطيط الحضري عبارة عن محاولة لبناء الحياة الاجتماعية بشكل يضمن توازن الشخصية الإنسانية ونموها السليم في مجتمع متكامل وقادر على تلبية رغبات جميع أفراده، وتيسير فرص عمل الحياة لهم يشكل ملائم ومنسجم داخل نظام البيئة الحضرية20.

وانطلاقا مما سبق، سأحاول أن أعرج على أهم المخططات التي جاءت لرسم المجال العمراني وتنظيمه وكأدوات للتخطيط المجالي والتسيير الحضري ومنها:

1-1- : المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير :اعتمدت الجزائر هذا المخطط كوسيلة لتنظيم المجال العمراني ،و الذي عوض المخطط العمراني الموجه وذلك بعد أن اثبت عدم فاعليته ،و لذا جاء ليرسم ويحدد أفاق التوسع العمراني مستقبلا كخلية عمرانية للنسيج الحضري والمعماري على مستوى الوطن، وهو بهذا يقضي على الطابع التقني الانفرادي المستقل، أي أنه جاء من أجل ملا الفجوات التي أوجدها المخطط العمراني على مختلف الأصعدة الوطنية والإقليمية والمحلية.21كأداة للتخطيط المجالي والتسيير الحضري ويأخذ بعين الاعتبار المرجعية لمخطط شغل الأراضي 22وتتأكد أهدافه من خلال حماية الأراضي الفلاحية من الاكتساح العمراني ،و تحديد التوجهات الأساسية لتهيئة الأراضي المعنية ،و كذا تحديد شروط التهيئة والبناء والوقاية من الأخطار الطبيعية وحماية المساحات الخضراء وجميع المناطق الحساسة والمواقع الأثرية والمناظر الطبيعية ويكون ضبطها حسب القواعد المتوقعة والقوانين. فهو يهتم بالموقع الطبيعي العام للمدينة من حيث المناخ والتضاريس ،كما يهتم بالجانب الديمغرافي إضافة إلى اهتمامه بالجانب الاقتصادي وتوفير فرص العمل للسكان، والمخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير يتم إعداده من قبل المجلس الشعبي البلدي بمداولة يحدد فيها محيط التدخل، وهذه العملية يتم التحضير لها بقرار من الوالي المختص إقليميا ،و تشارك فيه جميع الفاعلين من الادارت العمومية والمصالح والجمعيات ذات المصلحة العامة ومنها مصلحة التعمير، الفلاحة والري والنقل والبريد والمواصلات والأشغال العمومية وكذا الجمعيات المحلية والمنظمات المهنية.كما يتم تعيين محقق مفوض على أن تتم العملية في مدة أقصاها 45يوما.و تتم المصادقة على المخطط تبعا لأهمية البلدية من حيث الكثافة السكانية، حيث نجد أن اقل من 200.000تعود المصادقة إلى الوالي، أما إذا كان حجم البلديات التي يغطيها المخطط تتراوح بين 200.000و500.000فالمصادقة تتم بمرسوم تنفيذي من الوزير الأول، بعد اخذ اقتراح الوالي. كما يقسم المخطط المنطقة التي تتعلق بها قطاعات محددة إلى ما يلي:القطاعات المبرمجة للتعمير، قطاعات التعمير المستقبلية، القطاعات المعمرة، وغير القابلة للتعمير.23وينجز المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير عبر ثلاثة مراحل:

*مرحلة الدراسة والتقييم للأوضاع السائدة حاليا ،والتقدير لأفاق التطور مستقبلا في المجالات الاقتصادية، والديمغرافية والاجتماعية.

*طرح النماذج والفرضيات المقترحة، مع إبراز السلبيات والايجابيات.

* تحديد الأهداف على المدى البعيد، وطرح الأهداف التي يمكن تحقيقها على المدى القريب والمتوسط.

1-2: مخطط شغل الأراضي: يعد مخطط شغل الأراضي احد الأدوات الرئيسة والحديثة في التخطيط المجالي والتسيير الحضري، وقد ظهر بموجب القانون24  ويعتبر أداة جيدة لا مركزية لاتخاذ القرار في تنظيم المجال، ومن بين أهدافه، نجد انه يحدد المساحة العمومية والعلو والأحجام وأنماط البناء والمساحات الخضراء  ويحدد الارتفاقات،  كما يعين مواقع الأراضي الفلاحية الواجب وقايتها وحمايتها25. ويتم إعداده بمبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي وتحت مسؤوليته26. وتتم الموافقة عليه بعد مداولة المجلس الشعبي البلدي أو المجالس الشعبية البلدية في حالة ما إذا كان المخطط يغطي بلديتين أو عدة بلديات27.

 تتم دراسة مشروع المخطط عبر حالتين:

إذا كان المخطط يغطي بلدية واحدة، فان الهيئة المكلفة بالدراسة هي مكاتب دراسات خاصة.

إذا كان المخطط يغطي أكثر من بلديتين، فان الهيئة المكلفة بالدراسة مؤسسة عمومية مشتركة.

ويخضع المخطط إلى المشاورة والتحقيق العمومي قبل المصادقة علية28.

ويخضع مخطط شغل الأراضي تقريبا إلى نفس الإجراءات التي يخضع لها المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، بدءا من المجلس الشعبي البلدي إلى الوصاية على مستوى الولاية، فالوزارة أو الوزارات تبعا لحجم البلدية وأهميتها. وعادة ما يتم المصادقة على المخططين في نفس الوقت.

-   قراءة سوسيولوجية في المخططين

ترسم إستراتيجية المخططين صورة التخطيط الحضري الحديث ،انطلاقا من محتواه النظري والذي يستند على إعطاء الأولوية للنمط المعيشي المطلوب والمرغوب فيه ،و يتجلى ذلك من خلال إدراج الجانب البيئي والاجتماعي في العملية ،و من هنا يبرز دور وأهمية المخططين العملية في تبني البعد الاجتماعي في التخطيط ،كون أن إلزام المفهوم الايكولوجي في التخطيط يعتبر أداة ووسيلة وتصور واقعي لخلق بيئة حضرية يتكيف معها الإنسان بل المجتمع بأسره، خاصة وأن المدن القائمة حاليا تواجه مشكلة غياب هذا العنصر، إضافة إلى مشاكل أخرى كضيق الفضاء وانتشار التلوث بأنواعه مما يرهن الصحة العمومية في المدينة، كما أن إعطاء الأهمية للاعتبارات الاجتماعية من توفير المتطلبات الأساسية للفرد من توفير السكن اللائق والشغل يثمن فكرة هذا التخطيط ،ويعطي ديناميكية متعددة الأبعاد للمجتمع الجديد ،ويساهم في الاستقرار والتمكين المستدام له ،كما أن التجسيد الفعلي لمحتوى المخططين سيحسن من المستوى المعيشي ويدفع بعجلة التنمية إلى الأمام،ويعكس بحق صورة التخطيط العمراني والحضري المبني على التكامل والشمولية والمرونة،مما يعجل بتشكيل بنية مجتمعية متوازنة، ويؤسس لمجتمع متكامل الجوانب يحدد مستقبله ومستقبل أجياله القادمة.

ثالثا: تخطيط المدن الجديدة في ظل توجهات الاستدامة العمرانية والتخطيط

1-مفهومالتخطيط والتخطيط والحضري:لقد استعمل مصطلح التخطيط قبل مائتي عام من قبل علماء الاقتصاد لمعالجة النمو الاقتصادي.29

فهو الأسلوب العلمي الذي يهدف إلى تقديم الحلول والبدائل للمشكلات الحالية أو المتوقعة في المجتمع، في إطار خطة منتظمة ذات سياسة وأهداف واضحة، مع الأخذ في الحسبان الإمكانيات والموارد، وكذا المحددات الحالية والمستقبلية سواء أكانت بشرية أو طبيعية.

والتخطيــط الحضـــري: هو الإستراتيجية التي تتبعها مراكز اتخاذ القرارات لتنمية وتوجيه وضبط نمو وتوسع البيئات الحضرية بحيث يتاح للأنشطة والخدمات والحضرية أفضل توزيع جغرافي للسكان وأكبر الفوائد من هذه الأنشطة الحضرية30.

فهو أسلوب يعنى بكافة مناحي المنطقة الحضرية ويشمل تخصصات متعددة مثل الإدارة والسياسة والقانون والاقتصاد وعلم الاجتماع والبيئة وغيرها. ويهدف التخطيط العمراني إلى إعطاء تقييم للحياة العمرانية والريفية على حد سواء، وإيجاد حلول للمشاكل العمرانية مثل التضخم السكاني، أزمات المرور، العشوائيات وتنظيم الحركة بين السكان والخدمات، فهو ينطلق من هدف أساسي وهو تنظيم الحياة العمرانية والتخطيط الحضري يرتبط عموما بوضع رؤية استراتيحية لبناء وتشييد التجمعات السكانية والمدن الجديدة.

1-1:مفهومالمدينة والمدينة الجديدة: إن أقدم المدن التي اكتشفت آثارها توجد بالوطن العربي وتحديدا في الخليج العربي، والعراق والشام ومصر القديمة والمغرب العربي31.

وقد تناول العديد من العلماء والباحثين المدينة بصفة عامة ومن كافة الاتجاهات، حيث عرفها البعض في ضوء الكثافة السكانية وهناك من تناولها في ضوء اصطلاحات قانونية ومنهم من رأى بأنها امتدادا للقرية.

ولذا عرفها ورث: بأنها المركز الذي تنتشر فيه تأثيرات الحياة الحضرية إلى أقصى جهة من الأرض، وفيها ينفذ القانون ويطبق على الناس.32

كما يعرفها مصطفى الخشاب بأنها وحدة اجتماعية حضرية محدودة المساحة ومقسمة إلى إدارات ي،قوم فيها الناس على الصناعة والتجارة ويقل فيها نسبة المستغلين بالزراعة وتتنوع فيها الخدمات والوظائف33.

وإذا ما أخدنا بالتعريف الذي وضعه علماء الاجتماع، فقد تم التركيز على عاملين اثنين وهما:

المكان الذي يجتمع فيه الناس في منطقة محددة من الأرض.

المكان الذي ينشط فيه أكثرية سكانية بنشاطات اقتصادية غير زراعية 34

وأهم ما يميز المدينة هي الكثافة السكانية العالية عكس الريف، إضافة إلى التنوع الاقتصادي بخلاف القرى التي يعمل سكانها في نفس المهنة، كالزراعة وتربية المواشي في حين تميز المدينة تعدد النشاط كالتجارة والخدمات35. بالإضافة إلى التنوع الثقافي، فهي بوتقة تختلط فيها الأجناس والثقافات. كما تبرز التشريعات القانونية التي تضبط العلاقات الاجتماعية في المدينة، وذلك بصفتها وسيلة أساسية لتنظيم علاقات سكان المدن وحياتهم الاقتصادية.  ومع الزيادة الديمغرافية وتوسع النشاط بالمدينة حيث تمتد حدودها وتسيطر على المناطق التي تقع خارج هذه الحدود36. وعلى الرغم من الوظائف التي تؤديها المدينة، إلا أنها انتقدت مؤخرا لأسباب عدة أهمها ضيف الفضاء، التلوث، انتشار الجريمة، وترييف المدينة. ولذا بدا التفكير في إيجاد بديل للمدن القائمة من خلال إنشاء تجمعات سكانية، أو ما يعرف بالمدن الجديدة والتي حلت كبديل لمعالجة المشاكل المطروحة في المدن القديمة.

والمدينة الجديدة: هي تلك المدينة التي تنشئ بناءا على قرارات حكومية وبطريقة موجهة، والهدف منها استيعاب الزيادة السكانية وخلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تخفيف الضغط السكاني على المدن الكبرى، وذلك من اجل دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.37

فهي صيغة جديدة في التخطيط العمراني تبنتها الدول المتقدمة والدول النامية لحل أزمتها الحضرية، تهدف إلى خلق مراكز عمرانية جديدة ترتكز على مبدأ الاستدامة وتحقيق الاستقرار على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، بقصد توزيع السكان عن طريق إعداد مناطق جدب مستحدثة خارج نطاق المدن القائمة، والمدينة الجديدة عموما هي نظام من العلاقات المترابطة من النشاطات الإنتاجية والاقتصادية والثقافية والإدارية.

1-2: أهمية تخطيط المدن الجديدة وظروف إنشائها: الأنواع والأهداف: لقد نشأت المدن وتطورت وفق عوامل مختلفة أهمها الاجتماعية الديمغرافية الاقتصادية والسياسية. وقد أدى ذلك إلى الزيادة في الطلب على تلبية الاحتياجات في جميع المجالات، فتسبب في استعمال مجال المدينة بشكل مفرط أوقعها في نمو متسارع بصورة غير مخططة وبطريقة فوضوية، مما أدى إلى تدني كفاءة الوظائف والأنشطة الاقتصادية الاجتماعية والعمرانية للمدينة وعجزها على تلبية متطلبات السكان، الشيء الذي تسبب في اختلال توازن المدن.

وحديثا، يمكن إضافة مجموعة أخرى من المشاكل والتحديات التي لم تضعها المدينة في الحسبان وتشمل الهجرة غير المقننة من القرى إلى المدن، الزحام المروري، والتلوث البيئي وظهور العشوائيات التي أدت بدورها إلى ترييف المدن، وبروز مشكلات متعددة كانتشار الفقر، البطالة والأمراض والإجرام بمختلف أنواعه.38

ولا شك أن الثورة الصناعية قد ساهمت في منتصف القرن الثامن عشر حتى القرن التاسع عشر في التوسع، والانتشار العمراني في كل الاتجاهات، الأمر الذي أدى إلى تدهور البيئة الحضرية والهيكل العمراني لمعظم المدن. هذا ما دفع إلى التفكير في إيجاد بديلا للمدن القائمة من خلال إنشاء مدن وتجمعات جديدة، تراعي الاستدامة العمرانية والبيئية.وقد أخذت حركة المدن الجديدة مكانة هامة لها في كثير من الدول المتقدمة لاسيما في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية ،و قد أضحت العملية التخطيطية نشاطا استراتيجيا من خلال التركيز على البعد الزمني للتنمية مما يطرح إمكانية اختيار الإجراءات المناسبة في الوقت الحالي، والنتائج المحتملة لها وتأثيرها على تشكيل الروابط الاجتماعية والعمرانية في المستقبل في إطار مبادئ وأهداف التنمية المستدامة39وقد بدأ العمل في إنشاء المدن الجديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكانت بريطانيا من الدول السابقة والرائدة في إنشاء المراكز الحضرية الجديدة والمدن الجديدة، ومن أهم روادها نجد هوارد وجيدز ،حيث بدأ فعلا إنشاء14مدينة جديدة 12منها في انجلترا و12في ويلز و2في اسكتلندا40

وتوسعت الدائرة لتشمل مختلف الدول الأوربية والأمريكية خصوصا بعد الحالة التي آلت إليها المدن من جراء الحرب العالمية الثانية، وكذا التطور الصناعي الذي شهد قفزة نوعية أدت إلى تلويث المدن، مما دفع بالدول إلى التفكير في إقامة مدن ايكولوجية جديدة تراعي الديمومة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان.  وقد اختلفت الرؤى من دولة إلى أخرى في إنشاء نوع المدينة وفقا لأهميتها وبعدها الاستراتيجي، وما اتفق عليه التخطيط الحضري الحديث وأثبتت التجارب العالمية في إنشاء المدن الجديدة ضرورة وجود ثلاثة أنواع من المدن:

1-3:أنواعالمدن الجديدة وأهدافها

1-3-1:   المدن المستقلة: يقوم التخطيط في إنشاء المدن الجديدة على وضع سياسات واستراتيجيات تتخذ على مستوى المراكز ،من اجل ضبط وتوجيه نمو المجتمعات الحضرية الجديدة، وفي هذا الإطار نشأت المدن المستقلة وفق قواعد ومقومات اقتصادية خاصة بها، حيث يستوجب قيامها في مواقع تبعد عن المدن القائمة بمسافة كافية، بما يحقق لها الاستقلال المادي والإداري، كما أنها مهمة في توفير العمالة وهجرة السكان نحوها وهو ما يؤدي إلى خلخلة في الكثافة السكانية نتيجة خلق فرص عمل جديدة للسكان الوافدين إليها.41وهي ذات قاعدة اقتصادية تهدف على المدى الطويل إلى إنشاء أقطاب للنمو الاقتصادي لها، ما يؤهلها لتجميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة حول نقطة معينة للاستفادة من مميزات التجمع. ويندرج نشأة المدن الجديدة في الجزائر ضمن السياسة الوطنية الرامية إلى تهيئة الإقليم وتنميته المستدامة42. وأهم ما يميزها أنها مناطق عمرانية جديدة تحتكم إلى معايير تكون كبيرة الحجم من حيث عدد السكان، والأنشطة المتواجدة فيها، وتكون لها قاعدة اقتصادية قوية ولها مقومات الاستمرار والاستقلال، وتؤدي وظائف متعددة فهي مركز لتكوين نواة لمجتمع جديد.

1-3-2:  المدن التابعة: وهي المدن التي تقع بالقرب من المدينة الأم، وتتخذ لامتصاص الكثافة السكانية المتزايدة على المدى القصير وتعمل على تخفيف العبء وخلق فرص عمل ومقومات اقتصادية ترتبط مع المدينة الأم، فهي تعمل على تحويل النمو السكاني وكسر حدة الكثافة السكانية العالية للمدن الكبرى، وتبقى تابعة للمدينة الأم من حيث الخدمات والمرافق وفرص العمل. وما تجدر الإشارة أليه، أن هذا النوع من المدن برز أساسا في الجزائر لحل مشكلة السكن وضيق الفضاء في المدن القائمة.

1-3-3المدنالتوأم: وتشبه كثيرا المدن التوابع، حيث تقام بالقرب من المدينة الأم ولها قاعدتها الاقتصادية، ولكنها تبقى على اتصال دائم ومتواصل مع المدينة الأم في بعض المستويات الأعلى من الخدمات، وتقع متاخمة للمدن الحضرية القائمة، وتعتبر امتدادا طبيعيا لها. وقد كان لسياسة إنشاء المدن الجديدة انعكاسا مباشرا على دول العالم النامي، لاسيما مصر السعودية ولبيبا والجزائر. تعتزم من خلالها إلى تحقيق أهداف محددة وهادفة، قد اتخذت الجزائر في ذلك إستراتيجية لنجاح سياسة التوطين الجديد.

1-4   الأهداف المحددة لتنمية المدن الجديدة

أ-الهدفالاجتماعي

- توفير الإسكان المتنوع الذي يلبي احتياجات مختلف الفئات، من حيث حجم الأسرة والثقافات والعادات الاجتماعية.

- توفير الخدمات الاجتماعية وكافة احتياجات السكان من الناحية الكمية والنوعية.

- العمل على أيجاد فرص عمل مناسبة للسكان.

- إعادة رسم خريطة السكان والتوزيع الجغرافي السليم والهادف في إطار تخطيط إقليمي وعمراني.

ب -الهدفالاقتصادي

- التشجيع على تدفق رؤوس الأموال وجدب المستثمرين إلى المناطق الجديدة، وتهيئة الظروف للمشاريع في المجال الصناعي والخدماتي على وجه الخصوص.

- خلق قواعد اقتصادية جديدة تهدف إلى تحقيق التوازن الاقتصادي على مستوى الإطار الاشمل.

- تحقيق تنمية اقتصادية تساهم في رفع مستوى دخل الفرد.

ج -الهدفالعمراني والبيئي

- تشكيل نمط من العمران يتوافق مع إستراتيجية التنمية المستدامة

- إدراج البعد البيئي في عملية التنمية العمرانية.

- ربط المدينة الجديدة بشبكة الطرق المختلفة.

- العمل على خلق بيئة حضرية أكثر تنظيما وجاذبية عمرانية تمتص جزءا من التكدس السكاني في المدن القائمة، وإدراج البعد البيئي في مختلف مراحل العملية التخطيطية.

- إيجاد الحلول لمشاكل المدن القائمة جزئيا والتي تعاني تدهور المرافق وضيق المساحات المتوفرة للتوسعات العمرانية.

- الاتجاه خارج منطقة العمران للتخفيف من حدة الضغط المبالغ فيه.

- حماية الأرض الزراعية المهددة في كثير من مدننا بالزحف العمراني المتواصل.

  كما قد تم إنشاء المدن الجديدة لأهداف سياسية واقتصادية وصناعية وكذا للتنظيم المجالي.

رابعا: الاستدامة العمرانية والحضرية للمدن الجديدة في الجزائر

1-الاستدامة في التخطيط الحضري والعمراني للمدن الجديدة: لقد واجهت المدن الجزائرية عدة اختلالات وفي مختلف المجالات العمرانية والاجتماعية والاقتصادية، أدى ذلك إلى اختلال في الكثافات السكانية بين الشمال والجنوب، وزاد من هجرة السكان، مما أدى بدوره إلى خلق فوضى في المدن الجزائرية وانتشار العمران الفوضوي نتيجة الحاجة إلى العقار. وقد تبنت الجزائر مبدأ الاستدامة العمرانية من خلال استصدار ترسانة من القوانين حاولت من خلالها إدراج المفهوم لتجنب أزمة التخطيط الحضري والعمراني مستقبلا. وقد انطلق تصور المدن الجديدة في الجزائر من خلال وضع آليات وقوانين تضبط سيرورة التخطيط الحضري الحديث، وقد اتخذت في ذلك مجموعة من القوانين43. وكلها جاءت بتعديلات حاولت من خلالها احتواء مشاكل المدن القائمة. واعتماد مبدأ الاستدامة في التعمير، والذي يحتكم بدوره إلى الاستخدام العقلاني للأراضي وإدراج البعد البيئي في العملية.وهذا ما يؤكد بوجود تحول مؤسسي من الحكومة لاعتماد مبدأ الحكامة، الذي يستند على الدراسة القبلية لمشروع المستوطنة الجديدة واستهداف مستقبل المدينة وتطورها الديمغرافي والاقتصادي، وهي فلسفة تقوم عليها التنمية المستدامة وتسعى لتحقيقها.

وقد انطلقت فكرة المدن الجديدة بالجزائر منذ عام 1995بعضها تم البدء بتهيئة المساحات الأرضية المخصصة، مثل المدينة الجديدة بوغزول الواقعة على بعد 170كم جنوب مدينة الجزائر العاصمة، وذلك ضمن إستراتيجية تنمية الجنوب الجزائري، وهذا ما أشار إليه قانون المدينة الجديدة.44وكذا مدن الهضاب العليا، وكان الهدف منها إنشاء عاصمة سياسية جديدة للجزائر، إلا أن المشروع أجهض ومازال يراوح مكانه نتيجة قلة الإمكانيات والتمويل. وقد ركز القانون على تنمية الهضاب العليا. كما تم الاهتمام بالجزء الشمالي في إطار أهداف التنظيم المجالي للعمران وقد نص قانون 90/29المؤرخ في 01/12/1990المعدل والمتمم للقانون 04/05/ المؤرخ في 14/08/2004المتعلق بالتهيئة والتعمير على حماية الأراضي الفلاحية من الاكتساح العمراني والوقاية من الأخطار الطبيعية وحماية المساحات الخضراء والمواقع الأثرية45  وهو دليل على تأكيد إدراج البعد البيئي في إنشاء المدينة ضمن قيم ومبادئ التنمية المستدامة المنصوص عليها في قمة ريو 1992.

ويأتي قانون رقم 3/10المؤرخ في 19يوليو 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة46.والذي يهدف إلى حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة من خلال تحديد المبادئ الأساسية وقواعد تسيير البيئة، وضمان إطار معيشي سليم من خلال الوقاية من كل أشكال التلوث والأضرار الملحقة بالبيئة * المادة 2منه*، كما استند هذا القانون على مفهوم التنمية المستدامة،والتي تعني التوفيق بين تنمية اجتماعية واقتصادية قابلة للاستمرار * المادة 4منه*.و قد انطلق تصور المدن الجديدة بالتركيز على تفعيل آليات الاستدامة في التهيئة الحضرية والعمرانية تضبط شكلها وبعدها البيئي ،و قد تم استصدار قانون المدينة الجديدة رقم 02/08المؤرخ في 2002والذي عرف المدينة الجديدة على أنها كل تجمع بشري ذي طابع حضري ينشأ في موقع خال يستند إلى نوى سكنية موجودة وهي تشكل مركز توازن اجتماعي واقتصادي وبشري بما يوفر من إمكانيات التشغيل والإسكان والتجهيز47.

إضافة إلى القانون التوجيهي للمدينة رقم 06/06المؤرخ في 20/2/2006والذي اندرج في سياق استكمال المنظومة التشريعية المتعلقة بتهيئة الإقليم وتنميته المستدامة، وقد أشار القانون في كثير من الأحيان إلى اعتماد أبعاد وأهداف التنمية المستدامة، كون أن المبادئ العامة لسياسة المدينة ترتكز على التنسيق والتشاور والتسيير الجواري، التنمية البشرية، التنمية المستدامة والحكم الراشد 48كما تضم أهداف سياسة المدينة تبعا لهذا القانون الرقي بالسكن، الخدمة العمومية والربط بين المدينة والتنمية المستدامة.49تحديد تفاعل مكونات المجال الحضري والاجتماعي50كما ألح القانون أيضا على الإشراك الفعلي للمواطن في البرامج المتعلقة بالتسيير51كل ذلك يعكس مدى اهتمام السلطات العمومية بإدراج الاستدامة في التخطيط الحضري والعمراني، وهو التزام من طرف الدولة لتبني التنمية المستدامة ومساير ة التطور العالمي في هذا المجال. ولغرض تحقيق فضاءا أكثر استدامة للمدن الجديدة، يتطلب عمليا الأخذ بالتجربة الدولية في عملية التخطيط والبناء والتسيير، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال اتخاذ آليات التنمية المستدامة وتحديد أبعادها وفق رؤية إستراتيجية ومستقبلية، والذي يستدعي ما يلي:

1-1الإدارة الرشيدة: أوما يعرف بالحكم الراشد، والذي يرتكز على ثلاثة أبعاد أساسية تتفاعل فيما بينها لتطوير أفراد المجتمع، ومنها البعد السياسي والمرتبط بطبيعة السلطة السياسية وشرعية ممثليها، والبعد التقني والمتعلق بعمل الإدارة العامة ومدى كفاءتها، والبعد الثالث وهو البعد الاقتصادي والاجتماعي والمرتبط ببنية المجتمع ومدى استقلاليته عن الدولة.

  والجزائر وكغيرها مطالبة اليوم بمسايرة مختلف التحولات السياسية والإقليمية منها والدولية، وذلك بهدف تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة، وتفعيل الأبعاد الثلاثة لفلسفة الحكم الراشد، والذي يتطلب المشاركة الفعلية لجميع المؤسسات في المجتمع من أجهزة الدولة، وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، مع الأخذ بمبدأ المحاسبة والشفافية.

1-2التنمية البشرية: لقد اختزل مفهوم التنمية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي على أنها نمو اقتصادي سريع ،و فعلا شهدت العديد من الدول معدلات نمو مرتفعة للدخل القومي ،ومع ذلك بقيت مستويات المعيشة منخفضة واتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء ،وزاد الفقر والجهل والمرض ،و في ضوء ذلك برز مفهوم التنمية البشرية والذي يعد مكملا للعملية التنموية الشاملة والمستديمة.و استنادا لبرنامج الأمم المتحدة فقد عرفت التنمية البشرية على أنها عملية توسيع الخيارات المتاحة للناس وتمكينهم من الحصول على الموارد اللازمة لتحقيق مستوى حياة كريمة 52. وعلى الرغم من الجهود التي بدلت في الجزائر لتفعيل الاستدامة البشرية والاجتماعية، من خلال التشجيع على التعليم والتكوين، إلا أنها تبقى غير كافية تتطلب المزيد من الجهد لتوفير الأرضية اللازمة للتجسيد الفعلي لمفهوم التنمية البشرية المستدامة بالمدينة الجديدة، كون أن التنمية البشرية أصبحت توجها إنسانيا للتنمية الشاملة، ومطلب أساسي لتنمية المدن واعمارها وتسييرها وتتجلى في:

- تكوين كفاءات قادرة على رسم معالم المدينة الجديدة.

- المساهمة في رفع الوعي البيئي والثقافي بالمدينة الجديدة.

- بناء مجتمع قادر على مسايرة التطور العالمي وصنع فرص التمكين المستدام.

- الحفاظ على هوية المجتمع وتقاليده وتطويره بما يخدم مصلحة المجتمع الجديد.

- تنفيذ خطط التنمية المستدامة بالمدينة الجديدة.

1--3  إشراك الفاعلين والمجتمع المدني في عملية التخطيط: تستند عملية التخطيط لإقامة تجمعات ومدن جديدة إلى أهمية ودور المجتمع المدني والفاعلين، بمعنى السماح بمشاركة واسعة واستشارة كل الأطراف الفاعلة ،ويتجلى ذلك أساسا في تحديد أولويات وأهداف واضحة قابلة للانجاز.صحيح أن الجزائر قد حاولت العمل ضمن هذا الإطار، من خلال استصدار نصوص قانونية53،إذ إن البلدية تشكل الإطار المؤسساتي لممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي والتسيير الجواري، ويتخذ المجلس كل التدابير لإعلام المواطنين بشؤونهم واستشارتهم حول خيارات وأولويات التهيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية54

وتشير المادة 12و13على التوالي إلى ضرورة السهر على وضع إطار ملائم للمبادرات المحلية التي تهدف إلى تحفيز المواطنين، وحثهم على المشاركة في تسوية مشاكلهم وتحسين ظروف معيشتهم، كما تستعين البلدية كلما اقتضت الضرورة بكل شخصية محلية بغرض الاستشارة بحكم مؤهلاته أو نشاطه55. والملاحظ أن المجالس الشعبية البلدية يحكمها التحزب وعدم الاستقرار والاختلاف في الرؤى نتيجة اختلاف المصالح، فالصراع الحزبي والسياسي في البلديات الجزائرية هو السمة الغالبة عليها، هذا ما دفع بأغلب المجالس إلى الانسداد، على الرغم من أن البلدية هي النواة الأولى لانطلاق المشاريع ومختلف البرامج الاجتماعية.

إن إستراتيجية التنمية المستدامة هي مسلسل للتخطيط الاستراتيجي ذو طابع تشاركي ومتجدد، يهدف إلى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية وبيئية بشكل متوازن ومتناسق ومندمج على جميع المستويات، فالمشاركة الفعلية للمجتمع المدني تساهم في تحديد رؤية مستقبلية ومستدامة للتخطيط الحضري.

1-4 البيئة كمحور أساسي في التنمية العمرانية المستدامة:يرتبط مفهوم البيئة بالتنمية المستدامة ارتباط كبيرا بل هو أساسها، وقد أولتها الحكومات والدول أهمية، لا سيما في الحفاظ على الأراضي من التدهور والاستغلال غير العقلاني لها ،وإقامة مناطق عمرانية بعيدة عن الأراضي الزراعية وحمايتها من التلوث والنفايات56.   وإذا ما أخدنا بالتشريع في الجزائر نجد أن القانون المتعلق بالتهيئة والتعمير قد أشار إلى ضرورة حماية الأراضي الفلاحية من الاكتساح العمراني والوقاية من الأخطار الطبيعية وحماية المساحات الخضراء والمواقع الأثرية.57

وبالنظر لمحتوى هذا القانون، نجد فعلا انه يؤسس لمدن وبناءات تحتكم فعلا للاستدامة، ولكن ما يلاحظ بالعين المجردة أن العديد من الأراضي الفلاحية قد اكتسحها العمران، مما قد يرهن الفلاحة الوطنية مستقبلا، والأمثلة كثيرة وكافية إذا ما أعطينا المثال بسهل متيجة بالجزائر العاصمة وبعض المدن الداخلية، ويرجع حسب رأينا إلى غياب موقف واضح وأسلوب ردع من قبل السلطات للتصدي لمثل هذه الظواهر، والتي قد تتسبب في أزمة غذائية على المدى المتوسط أو البعيد، خاصة وأن الغداء أصبح سلاحا في يد الدول المتقدمة.

فالاستدامة البيئية للعمران تنطلق حسب رأينا من معالجة المشكلة قبل وقوعها واستخدام أسلوب الردع ضد أصحاب النفوذ لغرض حماية الأرض وخاصة الزراعية منها من خطر الزحف العمراني ولإقامة تجمعات عمرانية مستدامة يستدعي:

- مراعاة قرب أو بعد المجال العمراني من الأرض الزراعية.

- مراعاة أهمية وصلابة الموقع لتفادي الانزلاق، خاصة وأن بعض المدن الجزائرية تواجه مشكلة الانزلاقات.

- الأخذ بعين الاعتبار جميع العناصر البيئية للمدينة، وإدماج البيئة في عملية صنع القرار.

- الأخذ بعين الاعتبار أن التنمية المستدامة هي تنمية اقتصادية واجتماعية وبيئية تشترط التوازن والتكامل فيما بينها.

1-5: الطاقة الجديدة والمتجددة: لقد أدى الاستخدام المفرط للموارد إلى بروز مشكلات كونية كالتغير المناخي والتلوث البيئي، وقد عولجت من قبل الدول في عدة لقاءات لاسيما مؤتمر ريو سنة 1992أين دعا إلى الطاقة البديلة والمتجددة.ولذا باشرت العديد من الدول خاصة المتقدمة منها استخدام الطاقة البديلة، كأحد الخيارات لتطوير قاعدتها الاقتصادية بأقل تكلفة وحماية البيئة الحضرية من الملوثات، ولذا بات اللجوء إلى الطاقة البديلة أمرا ملزما لتحقيق التنمية المستدامة، لا سيما في استدامة المراكز الحضرية.

والطاقة المتجددة هي تلك المصادر الطبيعية المتاحة لتوليد الطاقة وتتصف بالاستمرارية ولا تتعرض للنضوب.

إضافة إلى أن آثارها السلبية محدودة على البيئة.

وقد عملت الكثير من الدول بهذه التجربة وكانت لها آثارا ايجابية على محيطها العمراني والاجتماعي.

وتعتبر الطاقة الشمسية المصدر الرئيسي لكثير من مصادر الطاقة الموجودة في الطبيعة، حيث تستعمل في العديد من التطبيقات كالإنارة والتسخين والتدفئة وغيرها وكما تعتبر غير مكلفة.

وهذا ما تهدف إليه أساسا التنمية المستدامة للوفاء بإشباع حاجات البشر على المدى الطويل، مع الحفاظ على قاعدة الموارد البشرية والطبيعية والحد من التدهور البيني58

لعل أهم التجارب العالمية في إنتاج الطاقة البديلة ساهم بشكل كبير في تشكيل المدينة المستدامة.

ولتحقيق الاستدامة العمرانية في الجزائر يتطلب في البداية الاهتمام بالطاقة الجديدة، باعتبارها خيارا استراتيجيا لتوفير المتطلبات المستقبلية للتنمية في مجال الطاقة، ولها آثارا ايجابية على البيئة خاصة بالمراكز الحضرية الجديدة على اعتبار أن الجزائر تمتلك ما يكفيها من إمكانيات في استخراج هذه الطاقة واستخدامها، وتعد سياسة ناجحة لإقامة العمارة الخضراء، وتعد أيضا مقياسا للتنمية المستدامة.  وعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا المجال، إلا أنها تبقى غير كافية ويجب تعميمها على مختلف المدن، لا سيما المدن الجديدة.

ولضمان تنمية حضرية مستدامة يتطلب منا اخذ بعين الاعتبار مطلب الطاقة في تنمية المراكز الحضرية الجديدة، أو بالأحرى المدن الجديدة. ولن تتحقق أهداف التنمية المستدامة إلا بوجود شراكة حقيقية نابعة من إرادة مجتمعية شاملة، تضم كافة الأطراف المعنيين بعملية بناء منظومة استخدام الطاقة الشمسية في التنمية، لإيجاد تنمية خضراء حقيقية تتوفر على كل مقومات الحياة الجيدة والرفاهية، بعيدا عن الملوثات وإهدار الموارد. ونصل في الأخير إلى منظومة متكاملة للتنمية الخضراء، تظهر آثارها الاجتماعية والاقتصادية الايجابية على المجتمع المستدام.

إن تفاعل كل هذه العناصر يساهم في تصور ورسم مدينة الغد، وتشكيل عمران منتظم يرفع التحدي، ويجعل من المدينة الجديدة في الجزائر انجازا عمرانيا عالميا ووجهة للسياحة والمال والأعمال.

وانطلاقا مما سبق الإشارة إليه خلال محاور هذه المداخلة، نصل إلى أن المشروع التنموي المستدام يتطلب وضع خطة متكاملة الجوانب تستند إلى سياسة رشيدة تكون الدولة طرفا فيها، وتحتكم إلى مبدأ المشاركة والمشاورة للمجتمع المحلي لضبط سيرورة الخطة واستمرارها، وكذلك الشأن بالنسبة إلى تخطيط موقع جديد للتعمير والذي يدرج من أولوياته البيئة كعامل رئيسي لتجاوز مشاكل النمو الحضري غير المنتظم، وتحديد رؤية مستقبلية للمدينة الجديدة تعتمد الطاقة النظيفة على النحو الموجود والمطروح عمليا على الساحة الدولية والإقليمية.



وسأختصر من خلال هذا الجدول أهمية الاستدامة العمرانية وانعكاساتها على تطوير منظومة العمران يتماشى والتطور العالمي في هذا المجال.

 

المصدر: من إعداد الباحث

تقييم وخلاصة

تعد التجربة الجزائرية في إنشاء المدن الجديدة مبادرة لإيجاد الحلول لمشاكل المدن القائمة، وقد تجلت هذه التجربة في إقامة تجمعات حضرية كبيرة ساهمت إلى حد ما في التنمية العمرانية، وفي جوانب متعددة كحل أزمة السكن. لكن الملاحظ أن المخططات الجزائرية وعلى الرغم من تجديدها، فإنها لم تراع الاختلافات البيئية بين الشمال والجنوب، على الرغم من أن كل منطقة تنفرد بخصوصيات تتطلب معالجة خاصة، إضافة إلى غياب المتابعة في تقييم وجاهزية المخططات ميدانيا لاستباق المشاكل ومعالجة الاختلالات.

وما يلاحظ أيضا أن التجمعات العمرانية الجديدة انها أغفلت العامل البيئي والذي يعد عنصرا أساسيا في استدامة العمران ،على الرغم من أن القانون قد أشار إليه في أكثر من موضع، إذ نلمس الغياب الشبه كلي للمساحات الخضراء، وكذا أماكن الاستجمام والراحة التي تميز المدينة الحديثة كما هو بارز للعيان في كثير من الدول، إذ تم التركيز على بناء العمارات الإسمنتية لغرض احتواء مشكل السكن، دون مراعاة الجانب الكيفي والجمالي للمدينة الجديدة والتي من المفروض أن تحتكم إلى معايير الاستدامة العمرانية والبيئية، والتي تستند على تحسين نوعية الحياة في المدينة ويتضمن فضلا عن ذلك الجانب الثقافي والسياسي والمؤسسي والاجتماعي والاقتصادي دون ترك أعباء للأجيال اللاحقة.

إن الإخفاقات التي تعاني منها المدينة الجديدة في الجزائر، على الرغم من الدور الذي لعبته في تحويل النمو وفك الخناق عن المدن القائمة،هي لا محالة انعكاس لفشل مخططات التهيئة والتعمير نتيجة تداخل الصلاحيات، وتعدد الفاعلين، والاختلاف في الرؤى والأهداف دون تنسيق وتكامل، كون أنها لم تعمل بالمشروع الحضري الذي يميزه المرونة والتنسيق كما هو متعارف عليه في الدول المتقدمة، وهذا ما يتنافى حسب رأينا مع أهداف ومبادئ التنمية المستدامة التي تتطلب المشاركة والمشاورة مع جميع الفاعلين الاجتماعيين.

 وعلى الرغم من أن قانون التعمير في الجزائر قد أشار في كثير من الأحيان إلى إدراج البعد البيئي في عملية التخطيط، وجاء بترسانة من القوانين التي تلزم بضرورة الاستدامة العمرانية، إلا أننا نجد التماطل في تنفيذ هذه الإستراتيجية، ويرجع حسب رأينا إلى غياب رؤية موحدة ونقص التجربة وتداخل المصالح على الرغم من توفر السيولة.

ولأجل التحكم في التعمير، وإرساء تنمية مستدامة للمجال الحضري يتطلب في البداية، تحديد أولويات وأهداف واضحة قابلة للانجاز، واعتماد منهجية واقعية لإعداد الإستراتيجية وحسب الوسائل المتوفرة ،والالتزام الفعلي لكل مكونات الحكومة والفاعلين بتنفيذها ،والسماح بمشاركة واسعة واستشارة كل الأطراف المعنية، وتجاوز فكرة أن الدولة هي المسؤول الوحيد عن التنمية ،بل هي مسؤولية المجتمع بأكمله، وكذا ضرورة الاستعانة بالخبرة الدولية ،والأخذ بالتجربة العالمية في هذا المجال، بغية الوصول إلى تحقيق تنمية عمرانية مستدامة ،تراعي مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وترسم معالم مدينة الغد.

 1.- خالد مصطفى قاسم، 2007.   إدارة البيئة والتنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة،الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر. ص، ص 154-155 

2.المرجع نفسه، ص 157

3.مجد خير الدين خمش ،1999   علم الاجتماع، المنهج والموضوع.  دار النشر مجدلاوي، عمان. ص 217.

4. http//ar.wikepedia.org/wiki visite le 04/05/20144-   . الموسوعة الحرة، الاستدامة،    

5.أسامة عبد الرحمن، 1997. تنمية التخلف وإدارة التنمية، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، ص 15

6.  ا/ د عبد الحميد دليمي ،2007. الإعلام البيئي، محاضرة، سنة أولى ماجستير، معهد علم الاجتماع، جامعة قسنطينة 2.-.

7.علا محمد الخواجة ،2006. العولمة والتنمية المستدامة. الموسوعة العربية للمعرفة من اجل التنمية المستدامة، الطبعة الأولى، الأكاديمية العربية للعلوم. بيروت، لبنان، ص 414

8.  www.mstdama.comdu 24/04/18- د/ فتحي سيد فرج. دور التقدم العلمي في حل مشكلات التنمية المستدامة.  4

9..د عماري عمار، 2008، إشكالية التنمية المستدامة وأبعادها، المؤتمر العلمي الدولي. كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة سطيف،

10. علا محمد الخواجة، مرجع سابق، ص 421

11.  ابراهيم العيسوي 2003، دراسة في مفهوم التنمية ومؤشراتها، منتدى العالم الثالث، دار الشروق، القاهرة، ص 17   

12.  عبد الخالق عبد الله 1993، التنمية المستدامة والعلاقة بين البيئة والتنمية، المستقبل العربي، العدد 15، ص 97

13. iefpedia.com du 10/08/2013- التنمية المستدامة وأبعادها.  

14.  خالد مصطفى قاسم،مرجع سابق، ص 185

15. المرجع نفسه .ص.158

16. سعد طه علام ،2003، التنمية والدولة، القاهرة، مصر العربية، ص 81

17. خالد مصطفى قاسم،مرجع سابق. ص 183

18. محمد منير حجاب، 2000، الإعلام والتنمية الشاملة، دار الفجر والنشر والتوزيع. القاهرة. مصر العربية، ص18

19. Raven. Berg.hassenzahl.Environnement.2008*traduction de la 6édition américaine par marie –pascale colace anne-

20.والي محمد عبدا لهادي. 1983:التخطيطالحضري: تحليل نظرية وملاحظات واقعية: دار المعرفة الجامعية: الإسكندرية، ص ص20-21.

21. القانون 90/29المؤرخ في 01/12/1990المعدل والمتمم للقانون 04/05المؤرخ في 14/08/2004المتعلق بالتهيئة والتعمير.

22. المادة 16، المرجع نفسه.

23. المادة 18، المرجع نفسه.

24.القانون 90/29المؤرخ في 01/12/ 1990المتعلق بالتهيئة والتعمير، الجريدة الرسمية، العدد 52، 1990. 

25. المادة.31، المرجع نفسه.

26. المادة 34. المرجع نفسه.

27.  المادة 35، المرجع نفسه.

28.  المادة 36، المرجع نفسه

29.http//ar.wikipedia.org du 20/02/14   الموسوعة الحرة، تخطيط عمراني، 

30. يعقوب القطب ود، عبد الإله ابو عياش 1980، النمو والتخطيط الحضري في دول الخليج العربي، الطبعة الأولى. جامعة الكويت، ص 204

31.http://ar.wikipedia.org du 24/03/1431- الموسوعة الحرة، المدينة المستدامة. -

32. مصطفى عمر حمادة 2011، المدن الجديدة، دراسة في الانتروبولوجيا الحضرية، جامعة الإسكندرية، مصر، ص 30.

33. مصطفى الخشاب، 1982، الاجتماع الحضري، الطبعة الثانية. القاهرة، مصر العربية، ص 111.

34. د/ ميسون علي ابداح ،2011، المدينة الإسلامية، نشأتها وأثرها في التطور الحضاري، بدون طبعة، ص 11.

35.السيد: عبد العاطي، بدون تاريخ. علم الاجتماع الحضري مدخل نظري، دار المعرفة الجامعية. الإسكندرية.  مصر، ص216   

36. د/.إبراهيم،فتحي علي/أ.د.أبوراض،فتحي عبد ا لعزيز.  نوفمبر 2003، جغرافية التنمية والبيئة، دار النهضة العربية، بيروت  ،لبنان،.ص 97

37.مصطفى عمر حمادة، 2011، المدنالجديدة دراسة في الانتروبولوجيا الحضرية، جامعة الإسكندرية، مصر. ص 93

38. السيد: عبد العاطي، مرجع سابق.    ص   289

39.  التقرير العالمي للمستوطنات البشرية لعام 2009، تخطيطالمدن المستدامة، توجهات السياسة العامة.   .

40.LACOSTE.Y 2006...GEOPOLITIQUEDES GRANDES VILLES.HERODOTE.PARIS.N101P9.

41.عبد الرؤوف الضبع: علم الاجتماع الحضري قضايا وإشكاليات، دار الوفاء للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، ص 249

42.الجريدة الرسمية، عدد 34، المؤرخ في 14/05/ 2002 المتعلقة بالقوانين الخاصة بالتعمير، ص 5

43.قانون 90/29مؤرخ في 01/12/1990المتعلق بالتهيئة والتعمير، مرجع سابق

44. قانون 20/80المؤرخ في 08ماي 2002المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة، الجريدة الرسمية، رقم 34، سنة 2002.

45. المادة 16، المرجع نفسه

46.قانون 03/10مؤرخ في 19/07/2003المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، الجريدة الرسمية، ـالعدد 432003، ص 6

47.الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 34، 2002، ص 5، مرجع سبق ذكره

48.قانون 06/06المؤرخ في 20/02/2006المتضمن القانون التوجيهي للمدينة، الجريدة الرسمية، العدد 15،2006، المادة 2الفصل الأول.             

49.المادة 7الفصل الثالث، المرجع نفسه

50. المادة 9الفصل الثالث، المرجع نفسه                                                                                                                                                                          

51.المادة 17الفصل الرابع، المرجع نفسه

52.د/ إبراهيم العيسوي ،2001   التنمية في عالم متغير، دراسة في مفهوم التنمية ومؤشراتها، دار الشروق، القاهرة، ص 36

53.المادة 11. *قانون رقم 11-10مؤرخ في 20رجب عام 1432الموافق ل 22يونيو سنة 2011المتعلق بالبلدية

54.المرجع نفسه، المادة 12-13

55.د/ أشرف عمران 2012،البيئة بين الاستدامة الآمنة والمخاطر المستقبلية، الطبعة الأولى. القاهر ة.  ص 10.

56.المرجع نفسه، ص 17.

57.القانون رقم 90/29المؤرخ في 01/12/1990المعدل والمتمم للقانون 04/05/ المؤرخ في 14/08/2004المتعلق بالتعميرمرجع سبق ذكره 

. 58.  http//home.birzeit.edu.enviro  du  04/04/2014د/ عبد الرحمان محمد الحسن.التنمية المستدامة ومتطلبات تحقيقها

@pour_citer_ce_document

رابح هزيلي, «إستراتيجية التنمية المستدامة في تخطيط المدن الجديدة: الجزائر نموذجا »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2016-10-08,
Date Pulication Electronique : 2016-10-08,
mis a jour le : 17/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1581.