العنف عند الأطفال وأراء الأمهات حول عوامل عنف أطفالهن -دراسةعينة منأمهات-
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°22 Juin 2016

العنف عند الأطفال وأراء الأمهات حول عوامل عنف أطفالهن -دراسةعينة منأمهات-


يسمينة كتفي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

 

تهدف الدراسة الحالية الكشف عن العنف عند الأطفال كظاهرة اجتماعية بدأت تتسع دائرتها داخل الأسرة الحديث،حتى أصبحنا نسمع ونشاهد يوميا ظاهرة العنف عندهم، ضد من حولهم منالأصدقاء والأخوة وحتى ضد الآباء والأمهات؛ وإن اختلفت الأسباب والعوامل الداعية إلى ذلك، حيث يعد البحث عن  عواملانتشار ظاهرة عنف الأطفال جزءٌ من الحل، من خلال تحديد العوامل الحقيقية  في انتشار الظاهرة عند هم،  ومحاولة إيجاد بعض الحلول لها, حيث سندقق البحث في أبرز عوامله و مناقشتها من أجل تنشئة اجتماعية صالحة للطفل في الأسرة والمدرسة والمجتمع, ومحاولة الوقوف على أبرز الاقتراحات للحد من انتشار هذه الظاهرة.

الكلمات المفاتيح: العنف، الطفل،الأسرة، المدرسة، الطفولة الوسطى

La présente étude vise à détecter la violence chez les enfants lorsqu’ils traitent mal les parents, les grandes personnes, les frères et les amis.

On remarque quotidiennement le phénomène de la violence des enfants contre les pères, les mères et contre les enseignants. Malgré que les raisons changent ainsi que les agents mais ça représente un vrai danger pour la société et on est obligé de trouver des solutions.

Ce phénomène nous a poussés aévoquer ce sujet dans cet article dans lequel on va rechercherles raisons de cette violence pour aider l’enfant à se développer normalement, à la maison et au sein de la société. On va proposer des solutions pour mettre fin à ce phénomène.

Mot clés :l’école, milieu de l’enfant, la famille, l’enfant, La violence.

The present study aims at detectingviolence among children as a new social phenomenon. Daily ‚we hear about children who become violent towards their parents and teachers. Investigating the reasons behind this phenomenon is considered part of its solution.Through this study, we try to identify the real reasons and the contributing factors that led to the spread of this phenomenon, and to find some solutions in order to stop its read, and to create a better social upbringing of the child in the family, school and society.

Key words: violence- child- family - school- middle childhood.

Quelques mots à propos de :  يسمينة كتفي

أستاذة مساعدة أ قسم علم الاجتماع-كلية العلوم الاجتماعية والإنسانيةجامعة مسيلة

مقدمة

       العنف سلوك غير سوى يلحق الأذى بالآخرين ويضايقهم، وقد يتخذ هذا السلوك شكل العنف المادي والمتمثل في صورة الهجوم البدني على الأفراد، أو على شكل شتائم كما قد يكون معنويًا مثل السخرية واللمز والهمز.

وظاهرة العنف عند الأطفال, مصطلح يعني بصفة عامة معاملة الأطفال للوالدين أو غيرهما من الكبار والأقران معاملة غير لائقة, حيث أصبحنا نسمع عنه ونشاهده يوميًا ضد المحيطين بهم من الآباء والأمهات والمعلمين وحتى الأصدقاء, وقد تعددت الآراء حول تحديد عوامل العنف عند الأطفال، فالعديد من علماء التربية وعلم النفس التربوي يعتقدون أن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات سلوكية،هم الذين يقومون بالاعتداء على الآخرين، غير أن بعض الدراسات  في علم اجتماع التربية وعلم النفس التربوي تشير إلى أن معظم الذين يعتدون ويسيئون معاملة الآخرين لا يعانون من أمراض نفسية وغير ذلك، من التفسيرات العلمية لعوامل وأسباب العنف عند الأطفال، هذا ما سنحاول مناقشته في هذا المقال من خلال البحث عن العنف عند الأطفال, ومحاولة الوقوف على عوامل هذه الظاهرة, وأسباب انتشارها عند الأطفال من خلال التطرق إلى العناصر التالية: الإطار المفاهيمي والإشكالية وعوامل وأنواع العنف عند الأطفال حسب  آراء مجموعة من  الأمهات حول عوامله.

      وما يمكن التأكيد عليه أن الأسر التي تعاني من انتشار ظاهرة العنف، فالأمر سينتقل لأطفالها وأجيالها؛ حيث يقوم الطفل بتقليد السلوك الذي شاهده في الوسط الأسري غالبا؛ فالقيم التربوية التي يكتسبها الطفل في الأسرة يصعب تبديلها أو تغييرها.

أولا-الإشكالية والإطار المفاهيمي

1-إشكالية البحث:العنف الأسري ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد وجود الأسر، حيث بدأت دائرتها تتسع باستمرار تعقد الحياة الاجتماعية، متجاوزة بذلك حد الفروق بين الثقافات المختلفة، والأوساط الاجتماعية المتباينة، غير مقتصرة على فئة عمرية دون أخرى، بل تمارسها كل الفئات العمرية؛ بما في ذلك الأطفال، وإن اختلفت الأسباب والعوامل الداعية إلى ذلك.

وإن عوامل العنف عند الأطفال كثيرة ومتعددة وللأمهات وجهات نظر حول عوامل العنف عند أطفالهن، هذا ما أردت الكشف عنه في هذا المقال خلال الإجابة على التساؤلات التالية: ما هي عوامل العنف عند الأطفال حسب آراء عينة من أمهات أطفال عنيفين؟

- هل هناك علاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال؟

- هل هناك علاقة بين مشاهدة التلفاز وانتشار العنف عند الأطفال؟

2-أهداف وفرضيات البحث:

2-1-أهداف البحث: تهدفالدراسة الحالية إلى:

- تحديد عوامل العنف عند الأطفال.

- اكتشاف العلاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال.

- تحديد العلاقة بين مشاهدة التلفاز وانتشار العنف عند الأطفال.

2-2-فرضيات البحث: اعتمدت على الفرضيات التالية:

- يعود العنف عند الأطفال حسب آراء أمهاتهم إلى عوامل اجتماعية وجماعة الرفاق ومشاهدات التلفاز.

-  هناك علاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال.

- هناك علاقة بين مشاهدة التلفاز وانتشار العنف عند الأطفال.

3-تحديد المفاهيم:لقد اشتمل البحث على عدة مصطلحات ومفاهيم، ينبغي تحديد المقصود من كل منها، قبل الخوض في مضمون البحث والمتمثلة في المفاهيم التالية:

             3-1-العنف

3-1-1-المفهوم اللغوي: "العنف كلمة مشتقة من الفعل عنف العنف وهو الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وهو بالضم والشدة والمشقة، وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله، والتعنيف والتعبير واللوم"1.

3-1-2- المفهوم الاصطلاحي: يعرفه "علماء النفس على أنه نمط من السلوك ينتج عن حالة إحباط، ويكون مصحوبا بعلاقات التوتر ويحتوي على نية مبيتة لإلحاق الضرر المادي أو المعنوي بكائن حي، أو بديل عن كائن حي"2، أو هو"كل فعل يتسم بالعداء تجاه الموضوع أو الذات ويهدف إلى التدمير، ويعرف بأنه السلوك الذي يؤدي إلى إلحاق الأذى الشخصي بالغير، وقد يكون الأذى نفسيًا على شكل إهانة أو خفض قيمة أو جسميًا"3، كما يعرف "بأنه لغة التخاطب الأخيرة الممكنة مع الواقع والآخرين و حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل عادية، وحين تترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناعهم بالاعتراف بكيانه وقيمته"4.                   

3-1-3-المفهوم الإجرائي: عنيت بالعنف في الدراسة هو اضطراب في سلوك الطفل يؤدي إلى التعبير عن رغبته بطريقة غير سليمة؛ مما يتمخض عنه مخاطر على مستوى الطفل والمحيطين به.

3-2-الطفل

3-2-1- المفهوم اللغوي: "الطفل والطفلة الصغيران والطفل الصغير هو كل شيء بين الطفل والطفلة، والطفولة والطفيلية لا فعل له"5، وفي "الصحاح يتحدث أبو نصر الجوهري مادة الطفل فيقول ما مفاده ومحصله" الطفل والمولود، وولد كل وحشية أيضًا طفل والجمع أطفال، وقد يكون الطفل واحدًا وجمعًا،قال تعالى:"وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣١﴾[النور :31]، والطفل بالفتح الناعم يقال جارية طفلة أي ناعمة"6.    

3-2-2-المفهوم الاصطلاحي: الطفل هو " كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق"7، كما عرفه "ميثاق الطفل الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته في المادة الثانية من الجزء الأول، أن الطفل هو كل إنسان يقل عمره عن ثماني عشرة سنة"8.

أو هو كائن حي خبراته محدودة، مرتبط بعمره الزمني، ويعتمد على غيره في أشياء كثيرة حتى ينمو عضويًا ووظيفيًا واجتماعيًا9. والطفل عند علماء الاجتماع هو" الإنسان الكامل الخلق والتكوين لما يمتلكه من قدرات عقلية وعاطفية وبدنية وجسمية؛ إلا أن هذه القدرات لا ينقصها سوى النضج والتفاعل بالسلوك البشري في المجتمع لينشطها ويدفعها للعمل، فينمو الاتجاه السلوكي الإرادي لدى الطفل داخل المجتمع الذي يعيش فيه"10.

3-2-3-المفهوم الإجرائي: عنيت بالطفل في الدراسة هو الصغير في كل شيء الذي لم يكتمل نضجه الجسمي والعقلي والاجتماعي، وله قدرات عقلية وجسمية، تحتاج إلى تربية وتنشئة في الأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى من أجل تكوينه ليكون فردًا صالحاً في المجتمع. أو هو طفل مرحلة الوسطى الذي يصدر عنه سلوك العنف ضد من حوله من الوالدين والمعلمين والأصدقاء، ويحتاج إلى توجيه وتربية في الأسرة والمدرسة ليبتعد عن هذا السلوك.

3-3-مرحلة الطفولة الوسطى:مرحلة الطفولة المتوسطة هي فترة من العمر يمر بها الإنسان في حياته، تبدأ من السنة السادسة من عمره وتمتد إلى السنة التاسعة، أو هي مرحلة تمتد من بداية السنة السادسة من عمر الطفل وتمتد إلى نهاية السنة التاسعة من عمره.

ثانيا -الدراسات السابقة: وهي مجمل الدراسات ذات العلاقة بموضوع العنف عند الأطفال وضدهم في الأسرة، التي حاولت جمعها فيما يلي:

1-الدراسة الأولى: بعنوان السلوك العدواني لدى أطفال ما قبل المدرسة وعلاقته بأساليب التنشئة الوالدية والذكاء بمدينة الرياض،من أعداد منيرة صالح علي الغصون رسالة دكتوراه، قسم علم النفس التربوي، مقدمة لكلية التربية، الرياض، السعودية، 1412ه/1992، غير منشورة 

أهداف الدراسة: هدفت الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف نذكر منها:

- الكشف عن العلاقة بين السلوك العدواني لدى الأطفال وأساليب التنشئة الوالدية التي يتعرض لها الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة.

- التعرف على الفروق بين الجنسين في السلوك العدواني والذكاء والتنشئة الوالدية المتبعة، وذلك بقصد تقديم وسائل الإرشاد والتوجيه في تربية الأطفال، والتخفيف من حدة هذه الظاهرة، وضبط السلوك العدواني وتوجيهه نحو أنواع أخرى من النشاط والبناء.

منهج الدراسة:استخدمت الدراسة المنهج الوصفي في تحليل المشكلة، وتم جمع المعلومات بواسطة استبانه.

نتائج الدراسة: تبين من نتائج الدراسة ما يلي:

- أن العلاقة غير دالة بين السلوك العدواني وكل من التسلط أو الإهمال كأسلوب من أساليب التنشئة الوالدية.

- أن العلاقة غير دالة بين السلوك العدواني وإثارة الألم النفسي كأسلوب من أساليب التنشئة الوالدية.

- وجود علاقة موجبة ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.05) بين السلوك العدواني لدى الأطفال والتفرقة كأسلوب من أساليب التنشئة الوالدية المتبعة.

- وجود علاقة ذات دلالة إحصائية عند مستوى(0.05) بين السلوك العدواني لدى الأطفال والقسوة كأسلوب من أساليب التنشئة الوالدية المتبعة.

- دلت نتائج الدراسة على وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.05) في السلوك العدواني بين الجنسين لصالح الذكور، أي أن الذكور أكثر عدوانية من الإناث لدى أطفال عينة البحث.

2-الدراسة الثانية:بعنوان إيذاء الأطفال أنواعه وأسبابه وخصائص المتعرضين له: تحديات لمهنة الخدمة الاجتماعية دراسة استطلاعية بمدينة الرياض، من أعداد: منيرة عبد الرحمن بن عبد الله آل سعود، رسالة دكتوراه، قسم الدراسات الاجتماعية، كلية الدراسات العليا، جامعة الملك سعود، الرياض، السعودية، 1420ه، 2000م، غير منشورة.

أهداف الدراسة:هدفت الباحثة من خلال هذه الدراسة إلى:

١. التعرف على معدل حدوث حالات إيذاء الأطفال في المستشفيات في مدينة الرياض.

٢. التعرف على أنواع وأسباب الإيذاء الذي يتعرض له الأطفال في مدينة الرياض.

٣.  التعرف على خصائص الأطفال المتعرضين للإيذاء في مدينة الرياض، وخصائص الأسر التي يعيشون داخلها.

٤. تقديم تصور مهني مقترح للتدخل المهني مع حالات الأطفال المتعرضين للإيذاء منطلقًا من فلسفة مهنة الخدمة الاجتماعية وفي ضوء أهدافها ومبادئها.

نتائج الدراسة:تبين من نتائج الدراسة:

- أن أكثر أنواع إيذاء الأطفال التي تعامل معها الممارسون هي حالات الإيذاء البدني بنسبة تصل إلى (91.05%)، ويليها حالات الأطفال المتعرضين للإهمال بنسبة (87.3%)، ثم حالات الإيذاء النفسي، ويليها الإيذاء الجنسي، ثم من يتعرضون لأكثر من نوع من الأذى من هذه الحالات التي تعامل معها الممارسون في المستشفيات.

- غالبية الحالات التي تعامل معها الممارسون قد وقع فيها الإيذاء على الأطفال من قبل أحد الوالدين، بحيث تمثل نسبة من وقع عليهم الإيذاء من قبل الأم (75.6%)، بينما تبلغ نسبة من وقع عليهم هذا الأذى من الأب نسبة (73.2%)، كما تعامل الممارسون مع حالات من كلا الجنسين، وكانت نسبة كبيرة منهم تصل إلى (66.2%) ممن تقل أعمارهم عن عامين، وتتزايد نسبة الأطفال المتعرضين للإيذاء كلما صغرت أعمارهم.

- أبرز صفات أسر هؤلاء الأطفال المتعرضين للإيذاء من الذين تعامل معهم الممارسون هي ذات دخل منخفض، كما أنها مفككة.

- أن أسباب تعرض هؤلاء الأطفال للإيذاء تعود إلى وجود مشكلات زوجية بين والدي الطفل المتعرض للإيذاء بالإضافة إلى الأسباب والعوامل الأخرى.

3-الدراسة الثالثة:بعنوانالعنف ضد الأطفال في الوسط الأسري، -دراسة ميدانية لعينة أفراد من أسر مقيمة ببلدية براقي-من إعداد الطالب: حسان عربادي وإشراف عبد الغاني مغربي، رسالة لنيل شهادة الماجستير تخصص علم الاجتماع الثقافي، قسم علم الاجتماع، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر، الجزائر, 2005.

نتائج الدراسة:تبين من نتائج الدراسة ما يلي:

      إن قائمة العوامل والمؤشرات والمتغيرات المرتبطة بظاهرة العنف الممارس ضد الأطفال في الوسط الأسري، والتي تفيد في شرح وتحليل الظاهرة، ويمكن اعتبار بعضها كعوامل للتنبؤ بالظاهرة، وهي: السن، الجنس، المستوى التعليمي، الحالة المدنية، الوضعية المهنية ونوع الوظيفة، نوع المسكن، عدد غرف المسكن، الشعور بالراحة في المسكن، وغيرها من المؤشرات التي ترتبط بممارسة الأفراد للعنف المنزلي الموجه ضد الأطفال، على النحو التالي:

- تزيد ممارسة العنف المنزلي لدى كل من الذكور و الإناث مع انخفاض مستوى رضاهم بالوضعية المهنية، فالأفراد غير راضين بالوضعية المهنية أكثر ممارسة للعنف المنزلي من الأفراد الراضين بالوضعية المهنية، و يكون ارتباط مستوى الرضا بالوضعية المهنية بممارسة الإناث للعنف المنزلي أكبر من ارتباطه بممارسة الذكور للعنف المنزلي.

- تزيد ممارسة الذكور للعنف المنزلي مع انخفاض مستوى رضاهم بالدخل، فالذكور غير راضين بالدخل أكثر ممارسة للعنف المنزلي من الذكور الراضين بالدخل. في حين لا ترتبط ممارسة الإناث للعنف المنزلي بمستوى رضاهن بالدخل.

- تزيد ممارسة الأفراد للعنف المنزلي مع وجود أشخاص آخرين مع الأسرة في نفس الإقامة، و مع انخفاض مستوى تقييمهم للعلاقة مع هؤلاء الأشخاص، فالأفراد ذوي التقييم السيئ للعلاقة مع الأشخاص الذين يتقاسمون معهم نفس الإقامة أكثر ممارسة للعنف المنزلي من الأفراد ذوي التقييم الحسن للعلاقة معهم. ويرتبط مؤشر تقييم العلاقة مع الأشخاص الذين يتقاسمون نفس الإقامة مع الأسرة بممارسة الإناث للعنف المنزلي أكثر من ارتباطه بممارسة الذكور للعنف المنزلي.

- يرتبط تصور الأفراد لاستعمال الضرب في التعامل مع الأطفال بتصورهم لاستعمال العنف في التعامل مع الآخر.

- ترتبط ممارسة الأفراد للعنف المنزلي بتصورهم للعنف كأسلوب للتعامل مع الآخر، فالأفراد الذين يتصورون العنف أسلوبا ناجحا للتعامل مع الآخر أكثر ممارسة للعنف المنزلي من الأفراد الذين يتصورون العنف أسلوبا غير ناجح في التعامل مع الآخر.

- ترتبط ممارسة الأفراد للعنف المنزلي بتصورهم للضرب كأسلوب للتعامل مع الأطفال، فالأفراد الذين يتصورون الضرب أسلوبا ناجحا للتعامل مع الأطفال أكثر ممارسة للعنف المنزلي من الأفراد الذين يتصورون الضرب أسلوبا غير ناجح للتعامل مع الأطفال.

- ترتبط ممارسة الأفراد للعنف المنزلي بمستوى معرفتهم بالأساليب التربوية للتعامل مع الطفل، فالأفراد الذين لا يعرفون الأساليب التربوية الصحيحة للتعامل مع أطفالهم, الأقل استخداما للتعزيز الإيجابي، و الأكثر تصورا للتوبيخ، و التهديد، و الضرب، و العقاب، و الإكراه كأساليب تربوية للتعامل مع أطفالهم, أكثر ممارسة للعنف المنزلي من الأفراد الذين يعرفون الأساليب التربوية الصحيحة للتعامل مع أطفالهم، و يظهر ارتباط مؤشر مستوى المعرفة بالأساليب التربوية بممارسة الإناث للعنف المنزلي أكثر من ارتباطه بممارسة الذكور للعنف المنزلي.

- يرتبط مستوى معرفة الأفراد بالأساليب التربوية بمستواهم التعليمي، فالأفراد ذوي المستوى التعليمي الجامعي أكثر تصورا لاستخدام التعزيز الإيجابي و أقل تصورا للتدخل بالتوبيخ و التهديد و الضرب و الإكراه في المواقف التربوية من الأفراد من المستويات التعليمية الأخرى.

ثالثا-عوامل العنف عند الأطفال:لا يمكن فهم سلوك الإنسان إلا إذا عرفت العوامل التي دفعته للقيام بذلك السلوك، فالطفل كإنسان له عدة جوانب تساهم في نموه منها الجسمية والعقلية والنفسية، والاجتماعية، يتمتع بقدرات واتجاهات مختلفة، والجانب الاجتماعي قد يكون أكثر لأن له تأثيرًا في سلوكه بطريقة مباشرة والعنف كسلوك غير سوى عند الطفل له بالضرورة عدة عوامل أهمها:

1-العوامل البيولوجية: يؤكد أنصار النظرية البيولوجية من علماء النفس أن العامل البيولوجي يؤثر على سلوكيات الفرد، العوامل البيولوجية تتمثل أساسًا في الوراثة الغدد والضعف العقلي والعاهات، ويمكن إيجازها فيما يلي:

1-1-الوراثة:هي "انتقال الصفات العضوية من السلف إلى الخلف، وبالتالي انتقال بعض الأمراض العضوية والعقلية عن طريق الوراثة إلى الطفل والمساهمة في تكوين سلوكه"11، وفي نظر أنصار هذا الاتجاه أن المجرم يتحتم عليه أن يكون مجرمًا، ويؤكد لمبروزو رائد هذا الاتجاه أن الطفل يولد مجرمًا فهو صفة أو خاصية وراثية يرثها من والديه، فمهما تلقى من تربية سليمة لن يكون إلا مجرمًا، والإجرام هو نوع من السلوك العدواني أو العنف عند الأطفال، وهذه الدراسة أكدت على أن السلوك الإجرامي ناتج عن عوامل وراثية منها12:  

-" فحص شجرة العائلة وتناول الدراسات التي أجريت على بعض العائلات وتتبع أجيالها التي شاع بين أفرادها حالات الانحلال الخلقي.

- الدراسة الإحصائية لبعض الأسر تأخذ مجموعة من المجرمين تم إجراء البحث على أسلافهم وأقربائهم عن وجود ميل إجرامي لديهم أو وجود ظواهر غير عادية تتوافر لديهم.

- دراسة التوأم التي تقوم على المقارنة بين توأمين ناتجين عن بويضة واحدة، وتوأمين ناتجين عن بويضتين".

 لكن رغم ذلك أغفلت هذه الدراسات جانب البيئة الاجتماعية لأن كلاً من التكوين الفردي والأسري والاجتماعي لها دور في تكوين الشخصية الإنسانية.

1-2-الغدد:"جهاز الغدد له أهمية كبيرة في تنظيم النمو ووظائف الجسم، والغدد وإفرازاتها وتأثيرها الواضح في عملية النمو، وتؤثر في السلوك بشكل واضح، وترتبط وظيفة الغدد الصماء ارتباطًا وثيقًا بوظائف أجهزة الجسم المختلفة، وفي كم ونوع استمرار السلوك الذي يختاره الفرد"13، ومعروف أن التوازن في إفرازات الغدد تجعل الشخص سليمًا نشطًا يؤثر تأثيرًا حسنًا في سلوكه.

1-3-الضعف العقلي: الضعف العقلي "حالة نقص أو تخلف أو توقف أو عدم اكتمال النمو العقلي لعدة عوامل وراثية أو مرضية أو بيئية تؤثر على الجهاز العصبي للفرد يؤدي إلى نقص الذكاء، وتظهر آثاره على مستوى الأداء لدى الفرد، وأن للمرض العقلي درجات وأنواع قد يكون خفيفًا يضفي بعض الغرابة على شخصية المصاب أو يكون عنيفًا يدفع صاحبه إلى الانتحار أو الاختلاس أو العيش في دنيا الخيال"14، الأمراض العقلية أشكال كثيرة ومتنوعة منها الضعف العقلي والهوس والجنون.

1-4- العاهات: "توجد عاهات معينة كقصر القامة أو الطول أو العمى أو الصمم أو بتر أحد الأعضاء أو خلل عضوي في الجسم له بالغ الأثر على حياة الأطفال المصابين بها، نتيجة شعورهم بالنقص أو الحرمان الذي يلاحظونه في أنفسهم مقارنة بالآخرين من الأطفال العاديين، مما قد يؤدي بهم إلى عدم التكيف مع البيئة التي يعيشون فيها، وكثيرا ما تساهم نظرة المجتمع الخاطئة لهؤلاء في تفاقم حالتهم كأخذهم بالقسوة حينا وبالسخرية أو الشفقة حينا أخر؛ مما يفقدهم الثقة بأنفسهم وبمن حولهم"15،مما يجعلهم  يسلكونسلوك العنف كرد فعل على ما يعانونه من حرمان.

2-العوامل الاجتماعية: تتمثل في تلك الظروف الاجتماعية القاهرة التي يمر بها الأطفال داخل الأسرة وخارجها مما يشجعهم على ممارسة العنف ضد من حولهم والمتمثلة فيما يلي:

2-1-العوامل الأسرية: الأسرة نواة المجتمع وتمثل أول الجماعات المرجعية التي يقضي فيها الأطفال طفولتهم، وفيها تتشكل معالم شخصيتهم النفسية والاجتماعية والعقلية، حيث تتم عملية تكيفهم الاجتماعية الأولى، ولهذا فإن أي تصدع تتعرض له الأسرة بالضرورة يكون له بالغ الأثر على شخصية الطفل وسلوكه، وأن الاستقرار وتصدع الأسرة يرجع إلى عوامل عدة منها:

2-1-1-التفكك الأسري: إن الأسرة المفككة أيا كان سبب تفككها ينتج عنه اضطراب نفسي وعدم استقرار لدى أفرادها، مما يدفعهم إلى ارتكاب العنف.

2-1-2-السلوك التربوي للأسرة: هو السلوك التربوي المتبع في تربية الأطفال، وما يوثر هنا الأساليب التربوية الخاطئة والتي تتولد عنها بعض المشكلات التي تصاحب أعراضها سائر حياة الطفل، ومن أهمها أسلوب الحماية الزائدة وأسلوب القسوة وأسلوب التفرقة، وإن أساليب معاملة الوالدين للأطفال تعد السبب الرئيسي في دفع الأطفال إلى العنف، حيث أكد معظم المربين على أنها أساليب خاطئة تجر الطفل إلى رفضها والثورة عليها بأسلوب العنف. 

2-1-3-المستوى القيمي والخلقي السائد في الأسرة: الانهيار الخلقي في الوسط الأسري له بالغ الأثر على نفسية الطفل مما يساهم في فقدان سلم القيم العليا واختلال القيم والمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع، حيث تسعى بعض الأسر إلى تقليد النماذج الغربية التي تختلف ثقافتها وقيمها عن مجتمعنا، فيظهر الوالدين بصورة المنحرفين المقلدين لنماذج يستهجنها المجتمع.

2-2-الوسط الاجتماعي: يؤثر الوسط الاجتماعي تأثيرا كبيرا على تكوين شخصية الطفل، ويحدد مدى استجابته للمؤثرات الخارجية فالأحياء الفقيرة والمكتظة بالسكان يكثر فيها الانحراف من سرقة وتسول وجرائم، والعداء الشديد بين أفرادها غالبا فالكل يتهم الأخر بالسرقة والاحتيال، كلها عوامل لا تساعد على تربية الأطفال بطريقة سليمة؛ مما يشجع الطفل لتكوين اتجاهات خاطئة نحو وسطه الاجتماعي الصغير ثم المجتمع.

3-العوامل النفسية: العوامل النفسية تؤثر على الطفل مما يدفعه إلى العنف، ومن أهمها ما يلي:

3-1-الغيرة: اضطراب في السلوك يظهر في الوسط الأسري بين الأخوة، أولا يغار الطفل من أخيه الصغير لاعتقاده أنه سلبه مكانته الاجتماعية عند والديه، حيث تشتد كلما شعر بفقدان محبة والديه له، فيحاول الطفل بصورة لا شعورية الاعتداء على أخيه الصغير واعتباره منافسًا له، وضربه وتحقيره كلما سمحت له الفرصة، وإذا لم تضع الأم والأب حدًا لهذا الوضع فمن المؤكد أن الأمر سيتطور إلى أمور لا تحمد عقباها.

3-2-العناد: "اضطراب في السلوك من النزعات العدوانية، بحيث أن أواصر هذا السلوك تكون في مرحلة الطفولة، حيث أن الطفل يعتاد العناد كسلوك للتعبير عن رفضه لرأي وإرادة شخص آخر مثل الوالدين"16، أو المعلم أو الأخ الأكبر فيصبح العناد ميزة وعادة في الطفل في رفض أوامر الآخرين ولو كانت في صالحه، فينجر عن ذلك معاقبته وزجره؛ مما يدفعه إلى العنف ضد كل من أراد أن يغير من عناده.

3-3-الغضب: اضطراب في السلوك" ينتج عن وجود الإحباط ويمكن اعتبار الغضب مظهرًا من مظاهر العدوان يبدو على الفرد حين تتقيد رغباته أو يحدث تعرقل في تحقيقها17، وبما أن الغضب يؤدي إلى فقدان التوازن والثورة فالطفل قد يجره غضبه إلى تكسير الأثاث وضرب من أغضبه، وبالتالي يكون الغضب من عوامل العنف عند الطفل يجب توعيته بالابتعاد عنه كسلوك غير سوى يؤدي إلى المهالك.

4-العوامل المدرسة: إن المدرسة كمؤسسة تربوية تعمدها المجتمع لتنشئة أطفاله، يمكن أن تساعد الطفل على التكيف داخل الوسط الاجتماعي، ويمكن أن تكون عكس ذلك، وهذا ما يظهر في العوامل التالية:

4-1-فشل المعلم في أن يكون قدوة للتلميذ: إن أساليب التدريس الفضة التي يستعملها بعض المعلمين من ضرب على الوجه وعلى رؤوس الأصابع أو تحقير وإثقال كاهل التلاميذ بالواجبات المنزلية يفقدهم الثقة في المعلم، ويجعلهم ينفرون من الدرس والمدرسة.

4-2-فشل المدرسة في تسهيل اندماج التلميذ في وسطه التربوي: قد نفشل المدرسة في إدماج بعض التلاميذ بسبب عدم اهتمامها بالأنشطة التي يحبها التلاميذ، كجماعة النشاط والأندية الرياضية والرحلات والمعارض، وتركيزها فقط على تحصيل التلميذ دون النظر إلى ميوله واتجاهاته.

4-3-فشل التلميذ في الدراسة ونقص التحصيل الدراسي: إن التخلف الدراسي أو فشل التلميذ في الحصول على علامات تمكنه من النجاح مع زملائه بسبب تأخره العقلي أو ظروفه الاجتماعية القاهرة؛ مما قد ينتج عنه بعض السلوكيات كرد فعل لما يعانيه من إحباط مثل ضرب زملائه وأصدقائه أو الهروب من المدرسة أو التأخر أو الغياب بدون سبب والتمرد،والكذب على الوالدين والتحجج بالمرض والتعب من أجل التغيب عن المدرسة.

5-العوامل الإعلامية: إن لوسائل الإعلام المختلفة المسموعة والبصرية دورًا بارزًا في تربية الطفل وتوجيهه، فهي على اختلاف وسائلها من صحافة وإذاعة وتلفزيون ذات أهمية بالغة في تنشئة الطفل، وعدها الكثير من عوامل انحرافه إذا أساء استخدامها خصوصًا أنها كثيرة الانتشار وبإمكانه مشاهدته في كل مكان لعل من أبرزها ما يلي:

5-1-التلفزيون: التلفزيون يؤثر على الطفل بفعل ما يقدمه من برامج وأفلام الكرتون الخارقة المبالغة في الخيال، والأفلام البوليسية التي"تبرز أن الانجراف الذي قام به المجرم بطل الفيلم ما هو إلا جزء من البيئة والواقع الاجتماعي الذي يعيش في وسطه الطفل؛ لهذا فالفعل يعكس شرعية الانحراف والعدوان؛ مما يدفع الطفل المتفرج بتقمص شخصية البطل دون مراعاة النتائج18؛ مما يشكل تأثيرًا كبيرًا على سلوك الطفل ويجعله عنيف.

5-2الصحف: إن للصحافة دورًا مهمًا في تهيئة الرأي العام واستثارته لمحاولة التصدي لمشكلات المجتمع والعمل على حلها، ومن بينها مشكلة العنف، فتقوم بتوضيح حجم المشكلة والعوامل المؤدية إليها وكيفية مواجهتها، ويكون الهدف منها هو إعطاء الصورة الكاملة للجريمة، ولكن عندما يتناول الصغار هذه الجرائم بالقراءة فيقومون باستخلاص بعض المواقف المتشابهة، فقد لوحظ في الصحف الأجنبية ازدياد نسبة المساحة المخصصة لأخبار الجرائم، وتلجأ الصحف إلى سبل تشويق القارئ وجذب انتباهه إلى السلوك العدواني والمبالغة في وصف الجريمة وأساليب ارتكابها، إضافة إلى أنها تقوم بإضافة واقع من وحي الخيال للمحرر من أجل إثارة الجمهور19، وفي بعض الأحيان تلجأ الصحف إلى تصوير المجرم بصورة بطل تاريخي مما يثير الطفل فيتعاطف معه ويقلد سلوكه العنيف.

5-3- الإذاعة: هي الوسائل الأكثر تناولاً في المجتمع، بحيث أنها تعمل ساعات اليوم بأكمله تقريبًا؛ مما يجعل الصغار يلتفون حول سماع المذياع في أوقات متعددة أثناء اليوم، وهناك بعض التمثيليات من المواقف التي تمثل الجريمة والسلوك الانحرافي وتوضح ذكاء بعض الجرمين؛ مما يؤثر على المستوى الخلقي والاجتماعي للأحداث20، ويجعلهم يقلدون السلوك المنحرف؛ مما يعني أن  للإذاعة دورا كبيرا في التأثير على سلوك الطفل خصوصًا وأن المذياع الآن توفر في صورة محمول به مسجلة وبسعر زهيد جدا وبإمكان الطفل أن يوفره لنفسه دون علم الأسرة، وبإمكانه سماع ما شاء من البرامج الإذاعية المتنوعة الغنائية والترفيهية والتربوية، وحتى التي تنهي عن العنف بما أنه غير واع لدرجة التمييز بين الخطأ والصواب، قد يتقمص أدوار بعض المجرمين المحكي عنهم.

     ومهما تعددت عوامل العنف عند الأطفال من عوامل اجتماعية فنفسية فمدرسية فإن نتائجه واحدة هي انتشار ظاهرة العنف واتساعها سواء بين الأطفال أنفسهم أو بينهم وبين آبائهم وأساتذتهم وزملائهم وأصدقائهم، وبالتالي انحراف الطفل الصواب فيصبح خطرًا على نفسه والمجتمع معًا.

رابعا-أنواع العنف عند الأطفال: يعتبر العنف وعدم الاستقرار خاصيتين أساسيتين يتميز بهما النمو الانفعالي للطفل العنيف، حيث يظهر في كثرة الحركة واللامبالاة، والرغبة في إثارة الآخرين، والمشاكسة المستمرة والعدوان على من حوله، ويمكن تصنيفه إلى أشكال مختلفة ومتداخلة فيما يلي كما يلي:

1-العنف حسب الشكل الظاهري: يحتوي على نوعين عنف مادي وعنف معنوي.

1-1-العنف المادي: يوجه الطفل هذا النوع من العنف نحو الأفراد المحيطين به، بالضرب والاعتداء أو نحو الممتلكات المادية بالتحطيم والتكسير وبإتلافها وإلقائها بعيدا عنه، أو تمزيق الملابس، موجهًا جل غضبه وانفعاله ضد كل ما هو أمامه، ويتخذ العنف المادي عدة أشكال، وأنواع يمكن اختصارها فيما يلي21:

1-1-1-العنف اللفظي: هو الموجه للآخرين عن طريق اللفظ أو التشهير بالتهديد والنقد والتوبيخ الذي غالبًا ما يشمل السب والشتائم والمنابزة بالألقاب، واستخدام كلمات وجملاً لتهديد أو العصيان، مخالفة للعرف والتقاليد.

1-1-2-العنف التعبيري: يكون باستخدام إشارات، مثل إخراج اللسان أو تقطيب الحاجبين أو حركة قبضة اليد على اليد الأخرى المنبسطة. 

1-1-3-العنف الجسدي: ويكون باستخدام الضرب والرفس، وقد تكون للأظافر والأسنان دورها في ذلك.

1-1-4-عنف الخلاف والمنافسة: وعادة ما يكون نتيجة خلاف أثناء اللعب أو الدراسة، بسبب المنافسة، وينتهي بالغضب وتباعد الطرفين.

1-2-العنف المعنوي: هو العنف الذاتي ويكون موجهًا نحو الذات، وهذا عندما لا يجد العنف طريقًا له نحو الخارج، فيرتد عنف الطفل ضد ذاته، مسببًا الأذى لنفسه ولممتلكاته انتقامًا ونكاية في الآخرين وخاصة الوالدين، كأن يلجأ في بعض الأحيان إلى الإدمان على المخدرات أو الانتحار، وأشكال العنف المعنوي كثيرة ومتعددة، منها" توجيه الطفل العداء نحو ذاته مثل لطم الخد، وشد الشعر، وضرب الرأس بالحائط أو جرح الجسم بالأظافر أو إتلاف لممتلكاته، كتمزيق كتبه أو ملابسه وهذا يشير إلى وجود اضطراب في سلوك الطفل"22

2-العنف حسب المصدر: يقسم إلى نوعين العنف الفردي والعنف الجماعي:

2-1-العنف الفردي: العنف الفردي هو الموجه من شخص ما إلى شخص معين لإيقاع الأذى به؛ ولهذا النوع دوافع وأسباب منها: حب التملك، دافع السيطرة، دافع المنافسة أو بسبب القلق أو ضيق عام، وقد يكون ضد جماعة أو أشياء23، كأن يوجه الطفل عدوانه ضد صديقه أو أخيه أو الجيران.

2-2-العنف الجماعي: هو قيام جماعة بالاعتداء على غيرها، أو هو اتجاه جماعة ما لممارسة العنف، كما يحدث مثلا في حالات المظاهرات والتمرد والعصيان الجماعي الهدف منه إيقاع الأذى بالآخرين، وفي كثير من الأحيان يبدأ هذا النوع من العنف من خلال اللعب الجماعي الذي يقع فيه التنافس، فلكي تنال مجموعة من الرفاق أو الزملاء مثلا ثوابًا أو تعزيزًا ما،فإنها تتنافس مع جماعة أخرى، وقد يصل هذا التنافس إلى حد ممارسة العنف اللفظي أو الجسدي أو معا24مثل تشاجر أطفال حي ما ضد أطفال حي آخر.

3-العنف حسب العقل والعاطفة: يوجد نوعان من هذا العنف وهما25:

3-1-العنف العقلاني: حيث يكون له مبررات وأسباب عقلية في مواقف محددة.

3-2-العنفالعاطفي: يعتمد على الاندفاع في توجيه العداء دون مبررات عقلية.

4-العنف من حيث القصد: وهو نوعان العنف المقصود والعنف غير المقصود أو العشوائي وهما26:

4-1-العنف المقصود: ويكون نحو أهداف معينة وله أسباب ودوافعه، كأن يقوم الطفل بضرب كل من يحاول الاقتراب من أشيائه.

4-2-العنف العشوائي: وهو سلوك طائش دوافعه غامضة وأهدافه مشوشة ويصدر من الطفل نتيجة شعوره بالخجل والإحساس بالذنب، فيعتدي على من حوله، دون سبب واضح، وهو يشير إلى أعراض نفسية في شخصية الطفل.

ومهما تعددت أنواع العنف عند الأطفال من العنف حسب الشكل الظاهري إلى العنف من حيث العقل والعاطفة، فالعنف من حيث القصد وغيرها من الأنواع فإن نتائجه واحدة هي انتشار الظاهرة عند الأطفال التي تستدعي البحث عن عوامل وأسباب انتشارها من أجل التخفيف من حدتها.

           خامسا-منهج الدراسة وأدواته المعتمدة والعينة:

1-منهج الدراسة

 استخدمت المنهج الوصفي هو المنهج الذي "يعتمد على دراسة الواقع أو الظاهرة كما توجد في الواقع ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ويعبر عنها تعبيرا كيفيا أو كميا، فالتعبير الكيفي يصف لنا الظاهرة، ويوضح خصائصها. أما التعبير الكمي فيعطيها رسما رقميـا يوضـح مقدار هذه الظاهرة أو حجمها أو درجات ارتباطها، مع الظواهر الأخرى"27، المنهج الوصفي يهتم بوصف الظاهرة كما وكيفا مع جمع الجوانب المتعلقة بها فعمدت إلى دراسة ظاهرة العنف عند الأطفال وعوامل انتشارها من خلال اختيار مجموعة من الأمهات، ومحاولة معرفة آرائهن حول عوامل ظهور العنف عند أطفالهن.

2-أدوات جمع البيانات: اعتمد على الأدوات التالية

2-1-الاستمارة: لقد استخدمت استمارة مقابلة من خلال توجيه استمارة إلى عدد من الأمهات، ولقد راعيت في بناء هذه الاستمارة المعايير العلمية المتبعة في البحث العلمي، من خلال تعلقها بالموضوع وعدم خروجها عن إطاره. ولقد اعتمدت استمارة واحدة في الدراسة.حيث ضم 25سؤالا، وقسمتها إلى محورين محور البيانات العامة ويضم 4أسئلة، ومحور عوامل العنف عند الأطفال ويضم 21سؤالا، وتم توزيع الاستمارة وجمعها، في مدة زمنية دامت شهرا.

2-2-المقابلة: لقد استخدمت المقابلة الشخصية في بداية الدراسة الاستطلاعية في إطار التعرف على ميدان الدراسة، من خلال الزيارات الميدانية ومقابلة بعض أمهات أطفال مارسوا العنف، في مدة زمنية دامت أكثر من شهر (من 02جانفي إلى 26فيفري)، في هذه المقابلات تمكنت من مقابلة الأطفال ممارسي العنف والتحدث معهم

2-3-الملاحظة: قد اعتمدت على الملاحظة من خلال مشاهد العلاقات الاجتماعية في الوسط الأسري خلال الزيارة الاستطلاعية الميدانية، حيث قمت بملاحظات عامة على سلوك الأطفال ممارسي العنف مع أمهاتهم، تمت الاستفادة من هذه الأداة طول مرحلة البحث الميداني والتردد شبه يومي على الأمهات مع أطفالهن، حيث لاحظت ممارسة العنف اللفظي والجسدي بين الأخوة في المنزل على الرغم من وجود الأم. مع رفع الصوت بعض الأطفال وعدم سماع إرشادات الأم، كما أتاحت لي الأداة فرصة أكبر لملاحظة تصرفات الأطفال، حيث وظفت كل ذلك في تفسير وتعليل وتبرير كيفية وجود ظاهرة أو عناصر معينة على هذا النحو المركب دون أخر، من خلال تفسير نتائج البحث.

2-عينة الدراسة وخصائصها:استخدمت العينة القصدية حيث قصدت مجموعة من أمهات الأطفال (30أمّا) مارس أطفالهن العنف ضد الآخرين وشاع عنفهم في الحي الشعبي 56مسكنًا بمدينة المسيلة، حيث تمكنت من استرجاع 22استمارة فقط، بسبب رفض الأمهات الإجابة عن الاستمارة، وقد تميزت العينة بالخصائص التالية:

1-3-1- السن والمستوى التعليمي: تبين من النتائج المتحصل عليها بأن السن والمستوى التعليمي للوالدين متباين بين مفردات العينة، حيث نلاحظ تدني المستوى التعليمي للوالدين كلما ارتفع سنهما، وارتفاع المستوى التعليمي للوالدين كلما قل السن، وقد سجلت أكبر نسبة في المستوى التعليمي أمية بـ (55.55%) عند الآباء ممن تراوحت أعمارهم بين (30-40) و(40-50)، بنفس النسبة (40%) تليها نسبة (20%) ممن أعمارهم(50-60)، أما عند الأمهات، فبلغت الأمية (33.33%) بين من تراوحت أعمارهن بين (50-60) بنسبة (66.66%)، وبين (40-50) بنسبة (33.33%)؛ مما يعكس تدني المستوى التعليمي للوالدين كلما ارتفع سنهم، والمستوى التعليمي الثاني، فكان للمستوى الابتدائي حيث بلغ عند الآباء (22.22%) ممن تراوحت أعمارهم بين (30-40) و(40-50) بنفس النسبة (50%)، أما عند الأمهات فبلغت النسبة (44.44%) للفئتين (30-40) و (40-50) بنفس النسبة (50%)،وأدني نسبة مسجلة عند المستوى الثانوي (11.11%) وللآباء فقط دون الأمهات تعكس العقلية القديمة المسيطرة على المجتمع الجزائري بعدم تعليم المرأة خلال الـ80و الـ70، من القرن العشرين، ونلاحظ أن المستوى التعليمي للوالدين متدن جدًا، وارتفاع نسبة الأمية خاصة عند الآباء؛ مما يؤثر على طريقة تربية الطفل وتركيز الوالدين على أسلوب التربية التقليدية العقابية وإعادة نفس أسلوب التربية الذي تربيا عليه، والاكتفاء بتلبية الحاجات البيولوجية للطفل وضرورة السيطرة عليه؛ لأن الشفقة على حد تعبيرهم مضرة به.

1-3-2-مهنة الوالدين: تبين من النتائج المتحصل عليها أن معظم الآباء والأمهات يمارسون أعمالاً حرة، فمثلاً الأمهات معظمهن ربات بيوت (77.77%) وأخريات (22.22%)يمارسن أعمالاً حرة، مثل الخياطة والتطريز لتلبية بعض حاجيات الأسرة، أما الآباء فمعظمهم (55.55%)يمارسون أعمالاً حرفية، والبعض الآخر (33.33%)يمارسون التجارة.

 نلاحظ أن عمل الوالدين الدائم وانصرافهما عن الطفل طول النهار في أعمال البيت بالنسبة للأمهات أو خارج البيت بالنسبة للآباء وحاجة الطفل لتوجيه وتربية في هذه المرحلة من العمر، وغياب القدوة ويؤثر على سلوكيات الطفل ويجعله عنيفًا.

سادسا-عرض وتحليل ومناقشة النتائج:

   للتحقق من صدق وصحة فرضيات البحث، لجأت إلى طرق وأساليب بحث متعددة، والمتمثلة في الملاحظة والاستمارةوالمقابلة والتي من خلالها سأقوم بعرض وتفسير البيانات، ثم مناقشة الفرضيات.

1-عرضوتحليل ومناقشة النتائج المتعلقة بالتساؤل الأول: ما هي عوامل العنف عند الأطفال حسب آراء عينة من أمهات أطفال عنيفون؟

1-1-عرض وتحليل ومناقشة نتائج المقابلة: تمكنت خلال هذه المقابلات من مشاهدة عدد من الأطفال الذين يمارسون العنف في منازلهم ومع زملائهم وأصدقائهم من خلال مقابلة الحالة مع أمه، حيث كان معظم الأطفال في مرحلة الطفولة الوسطى التي تتراوح أعمارهم بين 8و9سنوات وهي كالتالي: 

1-1-1-المقابلة 01:الأم تشكو من عنف جميع أبنائها خاصة الطفل الذي وجدته برفقتها وهو طفل في الثامنة من عمره، تحصيله الدراسي متوسط، يبدو عليه الخجل والخوف، كل وقته بعد المدرسة أمام التلفاز، أو اللعب مع الأصدقاء.

العنف الذي قام به: الضرب والاعتداء على الجيران وتكسير الأشياء.

 موقف الأم من العنف: الشفقة عليه وعدم توجيهه أو تأنيبه على أخطائه.

     نلاحظ أن انشغال الأم عن تربية الحالة, وتغاضيها عن أخطائه وعدم توجيهه إلى السلوك الحسن جعله عنفًا، حيث أن إهمال الوالدين للطفل لانشغالهما, وترك أمر رعايته وتربيته للمعلم أو المربية أو مشاهدة التلفاز، كما قد تكون البرامج التي يشاهدها الطفل في التلفاز ليست في مستواه العقلي أو ذات برامج سيئة؛ مما يدفع الطفل لتقليدها حيث يعد التلفزيون الأب الثالث في الأسرة لتأثيره الكبير على المتلقي دون الحاجة لواسطة، ولانتشاره الواسع فلا يكاد يخلو بيت من وجوده مهما كان بسيطًا فهو أفضل وسيلة مؤثرة وبتكلفة أقل في كل أنحاء العالم، حيث" يبدأ الطفل بالانتباه إليه منذ بداية إدراكه للصوت والصورة, فالصورة تترك أثرًا سحريًا في العين التي يلتقطها، وهي أبلغ وأقوى من الكلمة المقروءة أو المسموعة"28.

كما أن القسوة والإهمال اللامبالاة في تنشئة الطفل، يبث في نفسه العنف؛ مما ينتج عنه عدم المحبة للوالدين وضعف الانتماء الأسري والاعتماد على الأقران وجعلهم قدوة له، وضعف شخصيته وتميزها بالعنف والعدوانية.

 

1-1-2– المقابلة 02:قابلت الأم مع طفليها التوأم، تؤكد الأم أن العنف أصبح ميزة جميع أطفال اليوم، فهي تشكو من عنف أبنيها التوأم، وتحصيلهما الدراسي المتوسط، يبدو عليهما التهور وعدم الخوف من الكبار، يشاهدا التلفاز بكثرة.

 العنف الذي قاما به: ضرب نفسهما والأخت الصغرى والزملاء في المدرسة وتكسير الأشياء. (ملاحظة ممارسة العنف اللفظي والجسدي أمام الأم تزامنا مع المقابلة)

 موقف الأم: التعنيف والضرب لأنهما لا يستقيما إلا بالعصا على حد قولها.

نلاحظ أن أسلوب التسلط والقسوة التي تتبعه الأم في تنشئة طفليها وتركهما طول اليوم أمام التلفاز وفي الشارع جعلهما يمارسان العنف الذي شاهداه أمامهما، خاصة من أمهما ضدهما، وقد أكدت أنها دائما في صف طفل ضد أخر، حيث  تعنف أحدهما ولا تعنف الأخر مما يؤجج عاطفة الكره والغيرة بينهما، فيصدر المعنف أعمال عنف كرد فعل عن عدم الرضا بالواقع حتى ضد نفسه بضرب رأسه على الجدار, وهي حالة اضطراب نفسي خطيرة تحتاج إلى معاملة خاصة, حيث أن معاملة الطفل من طرف الوالدين بقسوة وصرامة فيمنع من تحقيق رغباته، وقد يتخذ الوالدان أسلوب التنشئة العقابية واللوم والعتاب، و التدخل في كل شؤونه مع تحديد طريقة أكله ونومه وتعيين أصدقائه، دون مراعاة لرغبته أو لرأيه؛ مما يؤدي به إلى الشعور بأنه منبوذ في الأسرة وغير مرغوب فيه.

    1-1-3-المقابلة 03: قابلت الأم ومعها طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات البنت الكبرى لأمها مدللة متسلطة، مستواه الدراسي متوسط العنف الذي قامت به: ضرب نفسها وإخوانها وتمزيق أشيائها، وبكائها لأتفه الأسباب. (ملاحظة: العنف اللفظي والجسدي مع الأخوة وبكائها بعد ذلك تزامنا مع مقابلة الأم).

موقف الأم: لا توجهها أو تعاتبها على أفعالها خوفًا عليها لأنها رجل البيت على حد تعبيريها.

 نلاحظ غياب الأب وتحميل الطفلة ما لا تطيق جعلها تصدر أعمال عنف ضد الوضع القائم وتسلطها على الأخوة وبكائها لأتفه الأسباب يدل على عدم الرضا، وشوقها إلى الأب ومحاولة تقمص دوره في الأسرة، كما أن لعلاقة الطفل بأخوته أثرًا فعالاً في نموه النفسي والاجتماعي، حيث"يتأثر الأخوة بسلوكيات بعضهم وتؤثر فيهم العلاقة بين الوالدين، وللوالدين دورا كبيرا في توجيه العلاقات الأخوية وظهورها سواء من الناحية الايجابية أو السلبية، فالوالدين اللذان يميلان إلى طفل دون أخر أو يفرقان في المعاملة بين أطفالهما يزرعان في نفوس الأطفال الآخرين الشعور بالغيرة والحسد29؛ وبالتالي التفرقة بين الأطفال تولد الشجار الدائم بينهم والكراهية للنفس وللأخوة والتمرد على الوالدين؛ مما يؤدي إلى التصدع والشقاق في الأسرة ككل.

1-1-4-المقابلة 04: قابلت الأم ومعها طفل في الثامنة من عمره الابن الثالث في العائلة وله أخت صغرى، تحصيله الدراسي متوسط، مدلل العائلة.

العنف الذي قام به: ضرب أخته وحتى أمه، الخصومة الدائمة مع أبناء الحي والأقارب. (ملاحظة: شتم الطفل لأمه وتوعدها بضرب الأب تزامنا مع مقابلة الأم).

موقف الأم: عدم نهره وتوجيهه خوفًا من عقاب الأب.

 نلاحظ أن عنف الأب داخل الأسرة خاصة ضد الأم يقلده الطفل عن غير وعي؛ مما يؤدي إلى توتر العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة، وغياب الآداب الاجتماعية من احترام وتقدير وحب وتراحم خاصة بين الوالدين والأم والطفل، وبالتالي التفكك المعنوي للأسرة  يؤدي إلى انتشار العنف, حيث أن الأسرة المفككة أيًا كان سبب تفككها ينتج عنه اضطراب نفسي وعدم استقرار لدى أفرادها؛ مما يدفعهم إلى ارتكاب العنف، وغالبًا ما يتخذ التصدع الأسري صورتين هما: التصدع الفيزيقي ويحدث بسبب ابتعاد أحد الوالدين على الحياة الأسرية بالموت أو الهجر، والطلاق والسجن، مما يولد تذبذبًا واضطرابًا في المعاملة، الشيء الذي يؤدي إلى عدم إشباع الحاجات النفسية للطفل، وبذلك يصبح مهيئًا للانحراف والعنف، والتصدع السيكولوجي والناتج عن الإدمان على الخمر، والمرض العقلي أو النفسي والاضطراب الانفعالي للآباء والمناخ الأسري، المتميز بالصراع الداخلي؛ وبذلك يصبح الطفل مهيئا للعنف"30.

1-1-5-المقابلة 05: قابلت الأم ومعها طفل في التاسعة من عمره الابن الثاني في العائلة يعاني من ضيق التنفس، شديد الغيرة مدلل، مستواه الدراسي ضعيف.

العنف الذي قام به: يسب أمه وأباه ويضربهما، كثرة الخصومات مع أبناء الحي. (عنف لفظي بين الأخوة زمن مقابلة الأم)

موقف الأم: لا تقول له شيئًا خوفًا من تدهور صحته.

 نلاحظ أن الحالة الصحية للطفل وغياب القدوة الصالحة داخل الأسرة جعل الطفل عنيفًا ضد أقرب الناس إليه (الوالدين)، ويستغل حالته الصحية في فرض رأيه حتى على الكبار، نظرًا لأسلوب التربية المتبع والتدليل المفرط، وغياب الحب والترحم بين أفراد الأسرة خاصة بين الأخوة؛ مما أجج عاطفة الكره والغيرة، وهي اضطراب في السلوك  الطفل حيث "يكبح الطفل هذه الميول العدوانية بتأثير والديه أو تحت وطأة الشعور بالذنب إزاء أخيه،وهذا الكبت قد يبقى ذا تأثير نفسي محدود, وقد تذهب بعض الاضطرابات النفسية العنيفة بالطفل إلى حد الجنوح"31، وبالتالي انتشار العنف عند الأطفال قد يؤدي إلى جنوح الأحداث أو إلى انتشار العنف بنوعيه المقصود والعشوائي" كأن يعتدي الطفل على من حوله بدون سبب، وهو يشير إلى أعراض واضطرابات نفسية في شخصية الطفل32.

1-1-6-المقابلة 06: قابلت الأم ومعها طفل يبلغ من العمر تسع سنوات، مدلل العائلة يلبي له الأب رغباته، تحصيله الدراسي جيد.

 العنف الذي قام به: شتمه للمعلم وتوعده لمعلمة الفرنسية بالضرب خارج المدرسة، ضرب زملائه وأصدقائه.

 موقف الأم: تغاضيها بحجة أن ابنها شاطر فقط وليس عنيف، وأن المعلم هو الظالم والزملاء يغارون منه.

  نلاحظ أن المكانة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة والتدليل الحماية الزائدة، جعل الحالة يعنف حتى معلمته ومعلمه، وقلة وعي الوالدين وتشجيعهما لذلك؛ لغياب القدوة الصالحة في الأسرة وعدم تقديرهما للمعلم والوسط التربوي، وهذا يشجع الطفل إلى مزيدا من العنف، كما يشجع زملاءه إلى تقليده بما أنه مجتهد، كما أن طرق التدريس غير العلمية التي يستعملها بعض المعلمين مع عدد من التلاميذ يفقدهم الثقة في المعلم؛ مما يدفعهم إلى التحايل والكذب والهروب من المدرسة أو الغياب خوفًا من العقاب والتحقير أمام الزملاء، خصوصًا التلاميذ ذوي التخلف الدراسي، حيث تسقط عندهم هيبة المعلم ويتدنى احترامهم له، وقد يصل ذلك إلى درجة العداء ومحاولة الانتقام منه خارج المدرسة من خلال رميه بالحجارة أو نعته بلقب مشين له ولمركزه كمعلم، وهذا ما تؤكده إحصائيات" وزارة التربية الوطنية خلال الموسم الدراسي 2010- 2011حيث تعرض 4555أستاذا إلى العنف من قبل التلاميذ، مقابل 1942تلميذا تعرضوا للعنف من طرف الأساتذة وموظفي الإدارة، وبلغت حالات العنف ما بين التلاميذ أنفسهم 17645حالة وهي أرقام تنذر بالخطر ودفعت بالهيئة الوصية إلى إطلاق خطة وطنية للحد من انتشار الظاهرة، وتفيد آخر الأرقام التي أعدتها هيئة بن بوزيد (وزير التربية السابق) حول ظاهرة العنف الذي يمارسه التلاميذ تجاه الأساتذة وكذا الإداريين، قد تفاقم بشكل ملفت للانتباه مقارنة بالعنف الجسدي واللفظي الذي يذهب ضحيته التلاميذ بسبب سوء ممارسات بعض الأساتذة وتزداد هذه الظاهرة لدى تلاميذ مرحلة التعليم المتوسط الذين تورط 2899من ضمنهم في التطاول على الأساتذة سواء جسديًا أو عن طريق التلفظ بكلمات بذيئة وغير أخلاقية، مقابل 1455تلميذا يدرسون في الطور الثانوي، و201تلميذا يدرسون في الطور الابتدائي33.     

1-1-7-المقابلة 07:قابلت الأم ومعها طفلة في الثامنة من عمرها والبنت الصغرى في العائلة، لإخوانها الثلاث الذكور مدللة مستواها الدراسي جيد.

العنف الذي قامت به: تقوم بالتصفيق والتصفير أثناء الدرس، وطرق الباب على معلمي الأقسام الأخرى، والهرب من المدرسة بتسلق الجدار.

موقف الأم: لا تعاتبها على أفعالها، لأنها لم تفعل ذلك عن قصد كما أنها صغيرة ومجتهدة على حد قولها.

 نلاحظ أن أسلوب التدليل وغياب القدوة والسلوك الحسن خاصة من الوالدين والأخوة، وقلة التوجيه والتربية داخل الوسط الأسري، جعل الطفلة تصدر أفعال شغب وعنف حتى في الوسط المدرسي وتعرض نفسها للعقاب ولا تبالي بذلك، كما أن المبالغة في تدليل الطفل "يسلبه الرغبة في التحرر والاستقلال فنجد الوالدين يتدخلان في كل شؤون الطفل، ويقومون نيابة عنه بأداء كل واجباته"34، حيث يعتمد اعتمادًا كليًا على غيره في القيام بمختلف الأعمال؛ مما يعرضه للإحباط ويبدو على شخصيته الشعور بالنقص والتهور ولا مبالاة وعدم تحمل المسؤولية عند الاصطدام بمشكلات الحياة، كما قد تفشل المدرسة في إدماج بعض التلاميذ في الوسط التربوي بسبب تركيزها على التحصيل العلمي فقط دون النظر إلى ميولهم واتجاهاتهم، إضافة إلى اختلاف ثقافة الأسرة عن المدرسة وما يكون له من أثر على سلوك التلميذ فما يعد في الأسرة عاديًا قد يكون في المدرسة تجاوز خطير؛ مما يؤدي إلى انزعاج الطفل وثورته ضد الوضع القائم لأنه لم يعلم أين الصواب وأين الخطأ، حيث أرجع "وزير التربية (السابق) أبوبكر بن بوزيد أسباب تفشي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي إلى عوامل اجتماعية من بينها التفكك الأسري والفقر واضطراب العلاقة بين الوالدين وكذا الإخفاق الدراسي، مصرًا على أن تعاطي المخدرات والتدخين أيضا من الآفات الاجتماعية التي يجب محاربتها، ورفض الوزير إلقاء المسؤولية الكاملة في انتشار العنف على المدرسة، بحجة أنها تتأثر بكل ما يجري حولها من تغيرات"35.      

1-1-8-المقابلة 08: قابلت الأم برفقة طفل في الثامنة من عمره يتيم الأب، والأصغر في الأسرة، مدلل مستواه الدراسي ضعيف.

العنف الذي قام به: الشجار مع الأخوة والزملاء والأصدقاء ولعب دور الضحية، وسرقة النقود من المسجد.

موقف الأم: عدم معاتبته وتوجيهه إلى أخطائه، والشفقة عليه لعجزها عن تلبية حاجاته.

   نلاحظ أن الظروف التي تمر بها الأسرة كالفقر واليتم وقلة الوعي بخطر السرقة والعنف وخوف الأم على مستقبل ابنها، دفع الطفل إلى السرقة والعنف والتحايل على الآخرين، كما أن أسلوب التدليل التي تتبعه الأم في تنشئة الطفل يعد عاملاً من عوامل انتشار العنف؛ ويتمثل في التراخي والتهاون في تربيته, بحيث يتم إشباع حاجاته في الوقت الذي يريده هو، وبالكيفية التي يشتهيها والمسارعة في قضاء كل ما يطلبه مهما كان غير مقبول، ويترتب على ذلك تأخر في النضج الانفعالي والاجتماعي عند الطفل، ولا يستطيع مقاومة المشكلات؛ مما ينتج عنه شخصية اتكالية وأنانية، كما أن الظروف الاجتماعية للأسرة كالفاقة والفقر واليتم وتزايد الحاجات والاعتماد على دخل واحد والبطالة، وعدم إشباع الحاجات الأساسية، وتدهور الوضع الاجتماعي والنفسي لأفراد الأسرة؛ مما يزيد من سخط الأطفال وعدم رضاهم عن الفقر والعوز, فيعبرون عن ذلك بالعنف، وبالتالي الظروف الاجتماعية تساهم في تفاقم ظاهرة العنف، وقد أكدت بعض الدراسات أن الفرد الفقير الذي لا دخل له ولا عمل يتسم سلوكه بالعنف ـأكثر من غيره، كما قيل في الأثر إذا حل الفقر ببيت قال له الكفر خذني معك، في إشارة إلى أن الفقر قد يكون عاملاً مساعداً لانتشار العنف، كما قد تدفع الظروف الاجتماعية للأسرة إلى التفكير في موارد أخرى للرزق، فتضطر الأم للعمل خارج المنزل، وتترك أطفالها بلا رعاية ومراقبة؛ مما يدفعهم إلى الشجار والخصام، أو الانضمام إلى جماعة الرفاق فالطفل بحاجة إلى تكوين جماعة ينتمي إليها تكون في مستوى سنه وجنسه، مستقلة عن الآخرين تشبع حاجاته، حيث تعد "جماعة الرفاق كعامل من عوامل التأثير على شخصية الطفل...مثل جماعة اللعب والعصابة والشلة"36, وجماعة الرفاق بمختلف  أشكالها إذا لم يتم مراقبتها وتوجيهها قد تجر الأطفال إلى سلوك اتجاهات خاطئة كالعنف والسرقة والتسول، مثل ما نراه اليوم في الشوارع فالأطفال احترفوا السرقة والاحتيال والتسول جماعات وجماعات في الشوارع والأسواق وحتى في وسائل النقل الجماعي, فكم من طفل صغير شاهدته بأم عيني يطلب الصدقة وإذا لم يلق استجابة قام بالسرقة، وفي المساء تلتقي جماعة الرفاق لجمع المال المسروق والمتصدق به وتقسيمه فيما بينهم, دون علم الوالدين أو بعلمهم لا ندري والكل ينظر إلى الظاهرة دون أدنى تفكير بحلها، رغم أن النتيجة معروفة لدي الجميع أن منحرف اليوم هو مجرم الغد.       

1-1-9-المقابلة 09: قابلت الأم برفقة طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات، البنت الصغرى لأمها على أخواتها الثلاث البنات، تحصيلها الدراسي ضعيف، متعلقة بأمها، أبوها يكرهها ويعنفها كلما وجدها أمامه، يظهر عليها الاضطراب والخوف، والهرب من الغرباء مع الثورة والصراخ.

العنف الذي قامت به: عنفها ضد الأقارب والزملاء والأصدقاء، والبكاء والصراخ بدون سبب واضح. (ملاحظة: صراخ وبكاء الطفلة بمجرد دخول الأب، تزامنا مع مقابلة الأم).

موقف الأم: الشفقة على ابنتها وتحميل الأب المسؤولية لأنه يعنفها كلما وجدها أمامه.

  نلاحظ أن عنف الأب ضد الطفلة وتوتر العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة، وغياب المحبة والتقدير في الوسط الأسري دفع الحالة لممارسة العنف، وتقليد الأب ضد زملائها وأشيائها، حيث يتضح أن إتباع أسلوب القسوة في التنشئة يؤدي إلى انتشار العنف عند الأطفال، حيث يسعى الوالدان إلى أسلوب العقاب مستعملين الترهيب والعقاب بمختلف أنواعه البدني والمعنوي والنفسي كأسلوب أساسي في التنشئة اعتقادًا منهما أنه الأفضل، مثل الضرب بشدة كلما قام الطفل بأي خطأ أو السب والشتم والسخرية والتعنيف والحرمان عند الرسوب في الدراسة، وأشد أساليب القسوة ما كان له أثر نفسي؛ مما يفسد قلب الطفل ويولد فيه الحقد والكراهية "كتحقير الطفل أو تحقير أعماله والتقليل من شأنه أو أظهار الكراهية له، أو توعده وتخويفه بأمور كالظلام أو تأنيبه المستمر وأشعاره بالنقص والذنب"37, كل ذلك ينتج عنه شخصية عدوانية قاسية متمردة، غير منسجمة وخائفة لعدم الثقة بالنفس.

      يتضح مما سبق أن الأمهات –عينة الدراسة – تلاحظن تصرُّفاتِ أطفالهنَّ العنيفة والعدوانية، وخاصَّة الذكورَ، الذين تتراوح أعمارُهم ما بين السادسة إلى التاسعة، وتتسم هذه السلوكياتُ بالعنف الجسدي، والذي ينطوي على الرغبة في التفوق على الآخرين وإلحاق الأذى بهم بالركل والضرب، أو العنف اللفظي والمتمثل في إلقاء الشتائم والهمز واللمز بالألقاب القبيحة أو الصياح والصراخ، وقذف الأشياء وغيرها.

 كما أن الوضع الاجتماعي للأسرة وأساليب التنشئة الاجتماعية والمعاملة التي يحظى بها الطفل داخل الأسرة والمشكلات التي يعانيها، أدت إلى وجود عدة عوامل التي تبلورت وأنتجت طفلاً عنيفاً كنتيجة لنقص الحاجات وتعدد المشكلات، حيث أن الوضع الاجتماعي للأسرة والأساليب التربوية التي تتبعها في تنشئة الطفل من حماية زائدة أو الإهمال والقسوة والتفرقة وغيرها من الأساليب غير التربوية في التنشئة، وفشل المدرسة في إدماج الطفل في الوسط التربوي وغير ذلك من العوامل المساعدة على انتشار ظاهرة العنف عند الطفل.

    كما أن جماعة الرفاق ومشاهدة التلفاز تزيد من انتشار ظاهرة العنف عند الطفل، حيث يقدم الطفل على تقليد العنف المنزلي والعنف الذي شاهده في التلفاز والعنف الممارس مع جماعة الرفاق.

2-1-عرض وتحليل ومناقشة نتائج الاستمارة

2-1-1-العوامل الاجتماعية

- طبيعة السكن وعلاقة الطفل العنيف بأخوته:تبين من النتائج المتحصل عليها، أن طبيعة السكن له تأثير على علاقة الطفل بأخوته، حيث إن السكن الضيق وانعدام التهوية يؤثر على العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة بما فيهم الأطفال، حيث نجد علاقة الحب بين الأخوة (22.22%) ممن يسكنون فيلا، يوحي بتحسن العلاقات الاجتماعية  بين أفراد الأسرة، وانتشار عاطفة الكره بنسبة (44.44%) ممن يسكنون في الأسرة الممتدة مع الجد والجدة والأعمام،  بسبب شجار الصغار وقلة وعي الكبار؛ مما ينشر الكره حتى بين الطفل وأخيه، كما عبرت بعض الأمهات عن العلاقة العادية بين الأبناء وذلك بنسبة (33.33%)؛ مما يعكس هشاشة العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة، وكانت أدنى نسبة مسجلة (11.11%) عند من لا يحبهم ممن يسكنون في الشقة.         

   يتضح مما سبق أن ضيق المسكن وعنف الآباء ويؤثر على سلوكيات الطفل ويدفع إلى عدم محبة أخوته ومحاوله إعادة إنتاج العنف المضاد ضد كل من يحاول الإيقاع به، حيث إن لعلاقة الطفل بأخوته أثرًا فعالاً في نموه النفسي والاجتماعي، فالولدان اللذان  يفرقان في المعاملة بين أطفالهما، يزرعان في نفوس الأطفال الآخرين الشعور بالغيرة والحسد؛ حيث يشعر بعضُ الأطفال بالغَيْرة من نجاح أحدِ الأخوة، فيبدو عليه تصرُّفاتٌ عدوانيَّة نحوَه تظهر على شكل تشهير، أو إلقاء الشتائم؛ مما يولد الشجار الدائم بينهم والكراهية للنفس والأخوة والتمرد على الوالدين، وزرع التصدع والتفكك في الأسرة ككل.

كما أن أسلوب الحماية الزائدة المعتمد من طرف الوالدين والمبالغة في ذلك، ينزع من الطفل الشعور بالاستقلالية والحرية، فيعتمد اعتمادًا كليًا على الآخرين في القيام بمختلف الأنشطة والأعمال، مما يجعله يشعر بالنقص والفشل والرغبة في العنف، كما أن المسكن الضيق الذي لا يتوفر على الشروط الفيزيقية من تدفئة وتهوية، يؤثر على صحة الطفل وقد يدفعه ذلك إلى البحث عن مكان أفضل؛ فيلجأ إلى الشوارع ومصاحبة رفاق السوء فيكلفه ذلك غاليًا، ويمكن النظر للمسكن من جانبين38:

الجانب المورفولوجي: وهو تخطيطه وطريقة بنائه وعدد غرفه واتساعه وطريقة تهويته وكفايته ومرافقه.

الجانب الفيزيولوجي: يقصد به العلاقات الإنسانية والاتصالات بين أفراد المسكن؛ مما يحدد أنماط التعامل بين أفراده فالوسط الاجتماعي والمسكن، والظروف الاقتصادية من العوامل التي تؤثر على سلوك الطفل بالسلب أو الإيجاب، حيث يكون مصدرًا لتكوين الاتجاهات الخاطئة كالعنف والجريمة أو العكس.

وفي بحث قام به روبرت مرتون وآخرون، أجري على الأسر المقيمة في سكنات بأجرة متواضعة وجد أن الآباء المحرومين هم بالتحديد الأقل قدرة على توفير الإمكانات، ووسائل النجاح لأطفالهم، وهم الذين يمارسون على أطفالهم ضغوطات أكبر من أجل نجاحهم، ويحملونهم بذلك على السلوك المنحرف39.

   ويتضح مما سبق أن طبيعة السكن والوسط الاجتماعي له تأثيرا كبيرا على تكوين شخصية الطفل، ويحدد مدى استجابته للمؤثرات الخارجية، فالأحياء الفقيرة يكثر فيها الانحراف من عنف وسرقة وتسول؛ مما يشجع الطفل على تكوين اتجاهات خاطئة نحو وسطه الأسري؛ فالمحيط الاجتماعي الصغير ثم المجتمع.    

- علاقة الطفل العنيف بوالديه :  تبين من النتائج المتحصل عليها، أن علاقة الطفل العنيف بوالديه لها تأثير على العلاقات الاجتماعية بين الطفل العنيف وأفراد الأسرة ككل، حيث نجد النسب متقاربة عمومًا، فعلاقة الطفل بالأب تراوحت بين قاسية (45.11%)، والممتازة(20%)والسيئة(20%)، وأما الأخرى فهي عدم وجود الأب أصلاً والمتمثلة في حالة اليتم (05.11%)، أما علاقة الطفل بالأم، فتراوحت بين قاسية (40%)، والممتازة بنسبة (20%) وعادية (26%) وسيئة (14%)؛ مما يدل على أن الطفل يعاني من نقص في المحبة والتقدير من الوالدين خاصة من الأم.

    يتضح مما سبق أن عدم إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للطفل، تدفعه إلى سلوك العنف وإتباع الوالدين لأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة، من قسوة وإهمال في تنشئة الطفل، كالحرص عليه أحيانا وعدم محاسبته على السلوك الخاطئ أحيانا أو السخرية منه بدلا من الثناء علية إذا أنجز عملا؛ كلها أساليب تربوية خاطئة تبث في نفسه الرغبة في الانتقام، فينتج عنه عدم تقدير للوالدين وفقدان الانتماء الأسرى، والاعتماد على جماعة الرفاق وجعلها جماعة أولية له. وهذا ما يتفق مع نتائج الدراسات العلمية التي تؤكد أن هناك علاقة بين العنف والأمومة، فخلال الحقبتَينِ الماضيتَينِ تناولَتِ العديدُ من الدراسات السيكولوجية والتربوية ظاهرةَ العنف لدى الأفراد، وعلاقتها بقيمة الأمومة، وذلك بعد أن كشفتْ بحوث كثيرة أجريت في مجال السلوك الحيواني عن تولُّدِ العنف؛ نتيجة لاضطرابات في العلاقة مع الأم.

فقد أكدت الدارسات التي أجراها كلٌّ مِن هاري ومارجريت كوين (Harry Margaret Kuenne)، ومن خلال أدلة بحثية تجريبية: أن النمو السويَّ الأوليَّ للمخ هو المفتاح لفَهْم بعض أشكال العنف؛ فالقرود التي تعرَّضت لفترات انعزال أطول، وتعرَّضت للحرمان من مصاحبة الأم -تولَّد لديها عدوانيةٌ تجاه الذات، وهي ما ظهرت في قضمها لأجزاء من أطرافها، ثم تحوَّلت تلك العدوانية إلى عداء للآخرين، بلغ درجة شرسة"40.

ومن هنا يتضح دور الأمومة في درجة السوية التي تتشبع بها استجابات الطفل؛ ولعل ذلك لأنها مصدر الكثير من احتياجات الطفل الاجتماعية والنفسية، والتواصل الدائم لتلبية تلك الاحتياجات هو مصدر الحنان الذي يبحث عنه الطفل بصورة طبيعية، ونقيض ذلك وهو الحرمان من الأمومة، وفقدان الكثير من جوانب ذلك الحنان، إنما يؤدِّي إلى تولُّد أشكال العنف منذ سن مبكرة، تظهر واضحةً في ردود فعل الطفل تجاه الأشياء المحيطة به.

 "إن حمْلَ الأطفال والحنوَّ النفسي عليهم أصبح من أهم العوامل المسئولة عن النمو العقلي والاجتماعي السوي للأطفال، وبدون ذلك الالتحام الفيزيقي والنفسي، فإن نظام اللَّذة الخاص بالطفل، إنما يتعرض للارتباك، ويفضي الحرمانُ من ذلك إلى ميل نحو العنف41.

       في دراسة لميلتبر(H.Meltber)  حول الأساليب التربوية التي يعتمدها الآباء, واتجاهات الأطفال نحوهم، بين أن الأطفال المستوى الاجتماعي والاقتصادي المنخفض يمتاز شعورهم نحو والديهم بالتذبذب و العداء، و هم أقل شعورا بالأمن من أطفال المستويات العليا، تختلف اتجاهات الوالدين نحو أطفالهم واتجاههم نحو استخدام العقاب بحسب الطبقة الاجتماعية، و تؤثر الطبقة أيضا على قيم الوالدين وأساليبهم في التنشئة، و هو ما ينعكس على الأطفال، فالذين يتمتّعون مثلا بالتدريب على الاستقلالية، و الذين شجّعوا على الاعتماد على الذات، و التحرّر من الضغوط يتمتّعون بدافعية قويّة للإنجاز و الإبداع،و بمستويات عالية من الطموح، على العكس من هذا نجد قيم التوجيه و القهر التي يتلقاها الطفل في المستويات الاقتصادية و الاجتماعية الدنيا تنعكس في أشكال من السلبية، و الخضوع و الطاعة العمياء42.

- نوع العقاب وندم الطفل المعنف:تبين من النتائج المتحصل عليها، أن هنالك علاقة بين نوع العقاب الذي يتعرض له الطفل العنيف والندم على العنف الذي قام به، حيث أن أغلب الأمهات أكدن أن الطفل لا يندم على العنف بنسبة (55.55%)، ويكون العقاب بالشتم بنسبة (60%) والضرب بنسبة (40%)؛ فيما أكدت الباقيات (44.44%) أن الطفل يندم حيث يكون العقاب مختلف من خلال تحذيره وإنذاره وحرمانه من حقوقه.                

    يتضح مما سبق أن عقاب الطفل بعد العنف يزيد من عنفه وعدم ندمه على العنف الذي قام به، كماالعنف ضد الطفل له عواقب بعدية كثيرة منها: أن بعض الأطفال الذين يتعرضون لأعمال العنف، سبب لهم ذلك الأمر عقداً نفسية مما خلق لديهم ردود  فعل عكسية، مولداً في أنفسهم حب الجريمة وارتكابها عندما يكبروا، والبعض منهم يقدم على ارتكاب الجرائم برغم صغر سنه، ونجد أن بعض المجرمين من تجاوز عمر الطفولة قد أقدم على ارتكاب جرائم مختلفة، بدوافع غالباً ما تكون دفينة نتيجة لما تعرضوا له من أعمال عنف وشدة في طفولتهم ، وغالباً ما يكون الهدف أو الغاية من جرائمهم إنما هو التخلص والانتقام لذواتهم، لذا ينصح معظم المربين بالابتعاد عن عقاب الطفل قبل حسن العاشرة؛ كما أن النبي(صل الله علية وسلم) منع ضرب الطفل قبل سن العاشرة في إرشاده إلى كيفية تعليم الطفل الصلاة, بقوله: (صل الله علية وسلم)(علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر)(رواه أبو داود), كما أشار الرسول(صل الله علية وسلم) في عدة أحاديث إلى بعض أخلاقيات العقاب، مثل عدم الضرب على الوجه، وتجنب الضرب الشديد، فالعقاب الجسدي ليس الغرض منه القصاص من الطفل، ولكن الهدف منه أن يبتعد الطفل عن السلوك الخطأ، كما أن الطفولة ليست مرحلة تكليف وإنما مرحلة إعداد وتدريب وتعويد للوصول إلى مرحلة التكليف؛ لذلك إذا صدر عن الطفل عنف أو سلوك غير سوى لأول مرة؛ فينبغي التغافل عنه وعدم كشفه ولاسيما إذا ستره الطفل واجتهد في إخفائه، فإن عاد ثانية ينبغي أن يعاقب سرًا، ويقال له: إياك أن تعود لمثل هذا فتفضح بين الناس، ومع ذلك فلا تستخدم معه الأم لغة العقاب الشديد عند الخطأ، فينبغي أن يمنع من كل ما يفعله خفية، فهو لم يخفيه إلا وهو يعتقد أنه فعل قبيح، فإذا تُرك تعود فعل القبيح، كما يعود على المشي والحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل، ويعلم آداب الجلوس وآداب الحديث وأن يحسن الاستماع، وتوقير من هو أكبر منه سنًا بأن يوسع له المكان ويجلس بين يديه، وغيرها من الأخلاق الحميدة التي تحمي الطفل وتجعله حسن الخلق بعيدا عن سلوك العنف . 

2-1-2-جماعة الأصدقاء

- سن أصدقاء الطفل ودرجة ارتباطه بهم:تبين النتائج المتحصل عليها، أن هناك علاقة بين درجة ارتباط الطفل بأصدقائه وسن أصدقائه، فتباينت إجابات الأمهات عن ذلك، وكانت أكبر نسبة مسجلة عند درجة الارتباط سيئة (33.33%)،  كان الأصدقاء عبارة عن زملاء بالمدرسة بنسبة (66.66%)،وأكبر منه بنسبة (33.33%)، وعبرت الأمهات عن درجة ارتباط الطفل بأصدقائه بأنها قوية بنسبة (22.22%)، حيث انقسمت بين أصدقائه أكبر منه و زملاء المدرسة بنفس النسبة (50%)، فيما عبرت أخريات عن درجة ارتباط الطفل بأصدقائه بأنها قوية جدًا بنسبة (22.22%)، وذلك عند الطفل الذي أصدقاؤه من سنه.

 كما عبرت بعض الأمهات أن درجة ارتباط الطفل بأصدقائه ضعيفة بنسبة (22.22%) حيث كان الأصدقاء أقل منه سنًا،

     يتضح مما سبق أن درجة ارتباط الطفل بأصدقائه تزيد كلما كان الأصدقاء من نفس سن الطفل، وتقل درجة الارتباط كلما كانوا أكبر أو أقل منه، حيث يكون الطفل مرافقًا لأبناء الحي وتابعًا لهم، أو الذي مستواه الدراسي ضعيف له تأخر دراسي ويعاني من الوحدة والشعور بالنقص؛ لأنه يدرس مع أطفال أقل منه سنًا، فيؤدي إلى توتر العلاقات الاجتماعية بين الزملاء وعدم مخالطتهم وبالتالي هشاشة العلاقات بين جماعة الرفاق.  

- ممارسة أصدقاء الطفل للعنف والعوامل التي أدت إلى عنف الطفل:تبين النتائج المتحصل عليها، أن عنف الأصدقاء من العوامل التي أدت إلى عنف الطفل، حيث أكدت معظم الأمهات (55.55%) بأن أصدقاء الطفل لا يمارسون العنف، وأن عوامل العنف عند أطفالهن تعود لعنف الأب في الأسرة ومشاهدة العنف في التلفاز بنفس النسبة(40%)، فيما عبرت أخريات عن أسباب أخرى (20%) مثل الفقر والعوز الشديد والغيرة من الأصدقاء التي تدفع الطفل إلى العنف والثورة، وحتى للسرقة في بعض الأحيان، أما باقي الأمهات فأكدن أن أصدقاء الطفل يقومون بالعنف مثله وذلك بنسبة (44.44%)، كما أن عوامل العنف عند أطفالهن تعود لعنف الأب بنسبة (50%) ومشاهدة العنف في التلفاز بنسبة (25%). وفيما وضحت أخريات أسباب أخرى مثل المشكلات التي تتعرض لها الأم في الوسط الأسري، وغياب القدوة في الأسرة وعدم اهتمامها بتربية الطفل لانشغالاتها الكثير؛ مما دفع الطفل لتقليد العنف الذي شاهده أمامه من أفراد ناضجين مثل العم والخال والجد (25%).

   يتضح مما سبق أن الطفل العنيف يقلد ويعيد إنتاج العنف الذي شاهده في الوسط الأسري الذي يعيش فيه، فيقوم بتقليد الأب أو تقليد مشاهد رآها في التلفاز أو نتيجة الظروف الاجتماعية القاهرة التي تمر بها الأسرة وغياب السلطة الأبوية خاصة، كما أن الطفل بحاجة إلى تكوين جماعة ينتمي إليها تشبع حاجاته البسيطة، كما تؤكد بعض الدراسات أن عوامل العنف عند الأطفال تعود إلى عدة أسباب منها43:

- غياب الأب: لوحظ بأن الأطفال الذين يعيشون في بيوت يكون فيها الأب غائبا لمدة طويلة يظهرون عدوانًا شديدًا، وكأنهم يريدون إثبات قوتهم وسيطرتهم لغياب سلطة الأب وتساهل الأم.

- تقليد سلوك الآخرين العدواني: سواء من خلال مقابلة نماذج واقعية تمارس العداء أو التأثير بمشاهدة الأفلام والصور الكرتونية.

- الذكاء: ثبت بأن الأطفال الأقل ذكاءهم الأكثر عدوانًا.

-الشعور بالغضب: حيث يختلف الأطفال في التعبير عن الحالات الانفعالية، فالبعض يتجه إلى إتلاف ما يحيط به والبعض يلجأ إلى معاقبة نفسه.

-الشعور بالغيرة نتيجة الشعور بالنقص أو عدم الثقة بالنفس، فيتغير سلوك الطفل الغيور من الود والحب إلى العدوان، والرغبة في جذب الانتباه.

- استمرار الإحباط وعدم قدرة الطفل على تلبية حاجاته لمدة طويلة، فيلجأ إلى سلوك العدواني لتحقيق هدفه.   

- العقاب الجسدي يرسخ بعض الكبار في ذهن الطفل أن العدوان والقسوة أمر مسموح به.

2-عرضوتحليل ومناقشة النتائج المتعلقة بالتساؤل الثاني: هل هناك علاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال؟

2-1- شجار الوالدين وتقليد الطفل لذلك:تبين النتائج المتحصل عليها، أن هنالك علاقة بين شجار الوالدين أمام الطفل وتقليد الطفل لذلك، حيث أكدت أغلب الأمهات على حدوث شجار أمام الطفل، وأن الطفل يقوم بتقليده ضد من حوله، فيكون ضد الأم في شكل عنف لفظي وعنف جسدي بنفس النسبة (50%)، كما يكون ضد الأخ وضد الأصدقاء في شكل عنف جسدي بنفس النسبة (50%), ولما فتح المجال للأمهات للتعبير عن أفراد آخرين يمارس الطفل العنف ضدهم، فكان ضد أبناء الحي وأبناء العم بالنسبة للذين يسكنون في عائلة ممتدة (78%)، فيما عبرت أخريات أنه ليس هناك شجار بين الوالدين وذلك بنسبة (22%) لغياب الأب وعمله البعيد عند البعض أو لوفاة الأب أصلاً عند بعض الحالات.

    يتضح مما سبق أن الطفل في هذا العمر شديد التأثر بالوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه, خاصة الأب كشخص مثالي يراه الطفل قدوة يحب إتباعها من خلال إعادة إنتاج العنف ضد أمه وأخته وأصدقائه؛ لأن العنف الذي يمارسه طرف ضد طرف آخر ينتج عنه عنف مضاد كشكل من أشكال الانتقام للذات ورد الاعتبار لها، فالطفل الذي سلط عليه العنف أو شاهد أباه يمارس العنف ضد أمه، أكيد أنه سوف يمارس العنف هو أيضًا ضد أمه وأخته، ظنًا أنه يفعل الصواب؛ فكم من طفل تبكيه أمه بمرارة لأنه يضربها على صغره، ويشجعه أبوه على ذلك لجهل الأب وعدم وعي الطفل، فينشأ الطفل على هذا السلوك ويصبح عادة متأصلة فيه، فيمارسه ضد معمله وصديقه وكل من حاول النيل منه ظنًا منه بأنه سلوك عادي للدفاع عن النفس، وترجع أسباب العنف عند الأطفال لعدة عوامل منها ما تعلق بظروف الطفل الأسرية وأساليب تنشئته داخل الأسرة، وعدم استقراره داخلها وإحساسه بالحرمان، ويمكن تلخيص هذه الأسباب فيما يلي44:

- الرغبة في التخلص من سلطة الكبار والتي تحول دون تحقيق رغبة الطفل وشعوره بالحرمان.

- الحب الشديد والحماية الزائدة، فقد تظهر العدوانية على الطفل المدلل الذي لا يعرف لغة الرفض لكل رغباته، فلا يتحمل أبسط درجات الحرمان.

- تنشئة الطفل والقيمة الأخلاقية داخل محيط الأسرة، فإذا تعلم الطفل أن السلوك العدواني أسلوب مناسب لتلبية حاجاته فيلجأ عادة إليه، وكذلك تجاهل الأسرة لعدوان أطفالهم يدفعهم إلى التساهل والتمادي في العدوانية.

      ونذكر أعمال بلاك (J.Blake) وفرضيته حول الوظائف الأداتية للأطفال بحسب نمط الأسرة، وتقترب هذه الفرضية مع أعمال نيل (A.Neal) وجروت (H.T.Groat) الذين يعتبران أن الطفل يمثل تعويضا للعائلات المتميزة بالعزلة واللاقدرة الاجتماعية، وتتقاطع هذه الأعمال مع أعمال روسل(L.Roussel)، الذي يفسر العنف الممارس ضد الأطفال بمكانة الطفل داخل الأسرة، بالوظيفة المنتظرة منه من طرف والديه، إذ العنف ضده قد يكون تعبيرا عن الإحباط، الذي يتلقاه الآباء في حالة فشل الطفل في تحقيق طموحات والديه المعلقة عليه45.

 وتؤكد الكثير من الدراسات العلمية الحديثة أن العوامل الأسرية، وهي جميع ما يسريه الطفل من خبرات من ولادته أو حتى قبل ولادته إلى أن يبلغ، ومن ذلك ظروف التنشئة الاجتماعية، وخبرات القسوة والعنف من الوالدين أو المحيطين به، والحرمان والصد والزجر والإهمال، ولعل أهمها الحرمان العاطفي، ومن العوامل البيئة: ظروف التربية والدراسة والظروف الثقافية ومكوناتها من العادات والتقاليد والقيم والنظم واللغة المستخدمة. إذن التفاعل مع هذه العوامل يؤثر على الحالة النفسية والاجتماعية للطفل مما قد يجعله عدوانيا تجاه نفسه والآخرين من حوله، ويجب الإشارة إلى أن العدوان آو العنف لدى الأطفال سلوك مكتسب ومتعلم بشكل عام من الأسرة والمدرسة فالطفل يتطلع لمستقبل زاهر حينما يدخل المدرسة،  ومما لا شك فيه بأن تلك السنوات تمثل أهم سنوات عمره لتكوين مستقبل حياته، ويحاول كل طفل تطوير مقدراته الأكاديمية والاجتماعية حتى يصل لطور المراهقة وهو يتمتع بصحة ذهنية وجسدية جيدة، واني أرى انه كلما تعرض الطفل لأي نوع من أنواع العنف من بين معلميه أو أصدقائه فسوف يؤثر على مستقبل حياته؛ فالعنف بين الأطفال منتشر كثيرا بينهم و يحدث في معظم المدارس والأسر.

 2-2-وقوع الجريمة في الأسرة:تبين النتائج المتحصل عليها، أن معظم الأمهات أكدن عدم وقوع الجريمة في الأسرة وذلك بنسبة (55%)، فيما أكدت الباقيات أن هناك جريمة داخل الأسرة، وتمثلت في سرقة الأخ بنسبة (20%) قام بها الأخوة الكبار وأبناء العم، والعنف الجسدي للأب بنسبة (25%) قام بها الآباء ضد بعض أطفال ورجال الحي، تمخض عنها في بعض الأحيان تعويض الخسائر، كما عبرت إحدى الأمهات عن الهجرة غير الشرعية بنسبة (05%) تمثلت في الهجرة غير الشرعية للخال وتحول إلى الدين المسيحي للبعض الآخر.

    يتضح مما سبق أن ممارسة الجريمة في الوسط الأسري وسماع الطفل بها في هذه السن، يزيد من توتره وتعنفه في إشارة لإعجابه بشخصية المجرم؛ حتى ولو كان مصدر سخط الآخرين، وأن غياب أساليب التربية السليمة داخل الأسرة وقسوة وصرامة الوالدين، والتدخل في كل شؤون الطفل في طريقة أكله ونومه، وتحديد أصدقائه، دون مراعاة رغباته.

 كما أن عدم الاهتمام بتوزيع وقت الطفل وتنظيمه، يجعله عدوانيًا يتصف سلوكه بالغضب والعدوان، الحزن والبكاء والاتكال على الآخرين، وانتشار القيم المرفوضة مثل: الكراهية، الكسل، الكذب، الغش، الخداع؛ لذلك ينصح معظم المربين بضرورة شغل وقت الطفل فيما يفيد مثل: مهارات القراءة والحساب، والاتزان الاجتماعي والتحدث بثقة ودون قلق، واكتساب القيم المقبولة ثقافيًا مثل: الإخلاص الإيثار والنظافة، الأمانة والثقة والطموح.

3-عرضوتحليل ومناقشة النتائج المتعلقة بالتساؤل الثالث:هل هناك علاقة بين مشاهدة التلفاز وانتشار العنف عند الأطفال؟

3-1- وجود التلفاز في البيت ومشاهدة الطفل له: تبين النتائج المتحصل عليها، أن هنالك علاقة بين وجود التلفاز في البيت ومشاهدة الطفل له؛ نظرًا لأن وضعه في المنزل يؤثر في عدد مشاهداته، فاختلفت إجابات الأمهات في التعبير عن ذلك، وكانت أكبر نسبة لوجود التلفاز في غرفة الأطفال (55.55%)، فيشاهد الطفل كل شيء من المسلسلات والأفلام البوليسية(40%)، وأفلام الجريمة والعنف وأفلام الرعب بالنسبة (20%)، ومشاهدة أفلام الجنس بنسبة (40%)، أما عن وجود التلفاز في غرفة الاستقبال فكان بنسبة (22.22%) فتتراوح بين مشاهدة الطفل للأفلام البوليسية وأفلام العنف والجريمة بنفس النسبة (50%)، أما عن وجود التلفاز في غرفة الوالدين بنسبة (44.55%)، فيقدم الطفل على مشاهدة الأفلام البوليسية(50%) والحصص الاجتماعية والثقافية (50%).

          يتضح مما سبق أن وجود التلفاز في غرفة الأطفال زاد من عدد مشاهدات الطفل له؛ حتى أصبح يشاهد كل شيء يراه ولو كان لا يستوعبه مثل: الأفلام الجنسية والحصص الوثائقية التي لا يفهم منها شيئًا، فقط مشاهدة من أجل المشاهدة لغياب التوجيه والإرشاد إلى برامج أكثر نفعًا للطفل، فالتلفاز يؤثر على الطفل بفعل ما يقدمه من البرامج والأفلام البوليسية التي تنشر العنف والجريمة؛ مما يشكل تأثيرًا كبيراً على سلوك الطفل ويشجعه على العنف والانحراف، لذا على الوالدين التدخل  ومنع الطفل من مشاهدتها ودفعه لمتابعة البرامج التربوية والعلمية والتثقيفية والترفيهية، التي تكون في مستوى سنه وهي كثيرة ومتعددة مثل: الحصص الدينية التي تعلم الصلاة مثلا، أو الحصص الثقافية التي توسع من ثقافة الطفل وتزيد من معلوماته وتكسبه أذواق سليمة تساعده في حياته العلمية العملية.

3-2- مشاهدة الطفل للأفلام وتقليدها: تبين النتائج المتحصل عليها، أن هناك علاقة بين مشاهدة الطفل للأفلام وتقليده لأبطالها، حيث اختلفت إجابات الأمهات وأكدت بعضهن أن الطفل دائمًا يشاهد الأفلام والمسلسلات بنسبة (44.44%)، وتقليد أبطالها في المظهر والحركات بنفس النسبة (25%)، وشراء الصور(50%)، فيما أكدت أخريات أن الطفل يشاهد أحيانا الأفلام والمسلسلات بنسبة (22.22%)، ويقلدها في الأفكار بنسبة (33.33%)، وأخريات بنسبة (66.66%) من خلال تقليد أصواتهم وحفظ كلامهم وتكراره وتقمص شخصيتهم، فيما عبرت أخريات أن الطفل يشاهد الأفلام والمسلسلات نادرا بنسبة (22.22%) و انقسمت بين نعم  يقلد  حركاتهم وبين من لا يقلد بنفس النسبة (50%).

     يتضح مما سبق أن الطفل الذي يشاهد التلفاز دائما يكثر تقليده لمظهر وحركات أبطال الأفلام والمسلسلات ويشتري صورهم، فالطفل يتأثر بما تعرضه  أفلام الكرتون الخارقة المبالغة في الخيال وتصوير أبطالها على شكل رجال خارقون؛ مما يدفع الطفل المتفرج إلى تقليد وتقمص شخصية أبطالها دون مراعاة النتائج، أما الطفل الذي يشاهد أحيانا الأفلام والمسلسلات تقل نسبة تقليده و تقتصر على تقليد الأفكار وتقمص شخصية الأبطال، فيما تقل نسبة التقليد في حالة نادرا عندما يشاهد الطفل الأفلام والمسلسلات من خلال تقليد الحركات أو عدم التقليد أصلا لندرة مشاهدته لها.

وهذا يتفق مع الكثير من الدراسات العلمية التي تؤكد أن وسائل الإعلام توثر على سلوك الأطفال، خصوصاً من القنوات التلفزيونية والموجهة لأطفالنا حاليا، فعندما تغيب الأعين عن الأطفال وترك الإذن المطلق لهم بمشاهدة جميع الأفلام والقنوات واللعب بالألعاب الالكترونية، وبحرية مطلقة حيث أن أغلب  برامجه وأشرطته يحتويها عنف، ولا شك أن الطفل سريع التأثر وسريع التقليد فيقلد ما يشاهده من أفلام وبرامج وأشرطة، ويظهر ذلك على أخلاقياته وسلوكياته،   فهناك ظاهرة عنف بين الأطفال، وهناك ظاهرة عنف من الكبار تجاه الأطفال، و من الأطفال تجاه الكبار وكل شكل له تأثير سلبي جسدي ونفسي على الأطفال،  ويشتد هذا التأثير سلباً إذا ارتبط العنف ضد الأطفال بالظلم والقسوة والتعنيف الشديد أو كان  بوجود أقران الطفل من زملائه أو أصدقائه، مما يولد حالة عدوانية عند الطفل تعكس رغبته في الانتقام والتقليد لما يجده من معاملة قاسية وعدوانية.

     ويزداد العنف عند الأطفال بين بعضهم البعض إذا لم يجد الطفل من يدافع عنه أو يعاقب المعتدي؛ مما قد يدفع الطفل إلى الانطواء والشعور بالحزن والتوتر الشديد وعدم الثقةبالنفس.

ولقد أثبتت العديد من الدراسات أن العنف الموجود ببرامج التليفزيون يؤدى إلى عنف الأطفال بثلاث طرق46:

- التعلم عن طريق الملاحظة وهو أن يقوم الطفل بتقليد ما يشاهده في التليفزيون.

- ضعف الحساسية تجاه العنف وهو عندما يصبح الطفل أقل حساسية تجاه العنف ويشعر أنه شيء طبيعي.

- قلة الموانع ضد العنف لدى الطفل، من الطبيعي أن يكون لدى الإنسان موانع داخلية تمنعه من العنف، لكن في هذه الحالة يفقد الطفل هذا الموانع". 

     4-مناقشة النتائج المتعلقة بفرضيات البحث: حاولت خلال هذا البحث فحص الفرضيات التالية:

4-1-مناقشة النتائج المتعلقة بالفرضية الأولى: يعودالعنف عند الأطفال حسب آراء أمهاتهم إلى عوامل اجتماعية وجماعة الرفاق ومشاهدات التلفاز.

  لقد بينت نتائج البحث أن العوامل التي أدت إلى عنف الطفل كثيرة منها: الظروف الاجتماعية للأسرة تدفع الطفل للعنف كعنف أفراد الأسرة، ومشاهدة الطفل للبرامج ونوع البرامج التي يشاهدها يزيد في إعادة إنتاج العنف كمشاهدة أفلام العنف، وممارسة أصدقاء الطفل للعنف تزيد أيضا من أنتاج العنف عنده. 

   ويمكن تفسير ذلك بأن العوامل الاجتماعية والنفسية ومشاهدة التلفاز وجماعة الأصدقاء، تزيد من إنتاج العنف عند الطفل, فيقدم على تقليد العنف الذي مارسه الأفراد في الوسط المنزلي، كما يقوم بإنتاج عنف مضاد  شاهده في التلفاز، كما  يمارس العنف مع جماعة الرفاق، وبالتالي فان  الوسط الأسري والظروف الاجتماعية للأسرة من عوامل إنتاج العنف عند الطفل، حيث أن المستوى التعليمي للوالدين ومهنة الأب ووضعية السكن وأساليب التنشئة الاجتماعية السلبية المتمثلة في التدليل الحماية الزائدة والقسوة والإهمال وغيرها، بالإضافة إلى الحالة النفسية للطفل وتعرضه للعقاب في هذه السن وعدم توجيهه عند ارتكابه الأخطاء، يزيد من إنتاج العنف عنده حتى أنه لا يندم على العنف الذي صدر عنه, بل يقوم بالعنف ضد أمه وأخوته وأصدقائه ومعلمه.

كما أن سن أصدقاء الطفل ودرجة ارتباطه بهم يؤثر في إنتاج العنف، وأن ممارسة أصدقاء الطفل للعنف تزيد أيضا من إنتاج العنف عنده، حيث يقوم بالاتفاق مع جماعة الرفاق على تشكيل شلة من الرفاق والتحالف معا على أعمال عنف في الحي.

وبالتالي يمكن القول بأن العنف عند الأطفال يعود إلى عدة عوامل أسرية واجتماعية ونفسية، وجماعة الأصدقاء ولوسائل الإعلام خاصة التلفاز دورا كبيرا في انتشارها. 

4-2-مناقشة النتائج المتعلقة بالفرضية الثانية: هناكعلاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال.

   بينت نتائج الدراسة أن هناك علاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال حيث أن الطفل العنيف يقلد ويعيد إنتاج العنف الذي شاهده في الوسط الأسري الذي يعيش فيه، فيقوم بتقليد الأب أو العم أو الأم.

   ويمكن تفسير ذلك بأنه هناك علاقة بين العنف الأسري وعنف الأطفال، فشجار الوالدين أمام الطفل، يولد عنده عنف، فيقوم بتقليد الأب أو الأم أو الخال أو العم، كما أن وقوع الجريمة في الأسرة يزيد من إنتاج العنف.  

   وبالتالي يمكننا القول أن ظاهرة العنف الأسري التي اتسعت دائرتها في الوسط الأسري؛ حتى أصبح يمارسها كل أفراد الأسرة ضد بعضهم البعض منتقلة عن طريق التقليد، من جيل إلى أخر، وفي بعض الأسر تنقل بشكل عكسي فيضرب الابن أباه ووالدته؛ مما تمخض عنه انتشار ظاهرة العنف عند الأطفال.

 4-3-مناقشة النتائج المتعلقة بالفرضية الثالثة: هناكعلاقة بين مشاهدة التلفاز وانتشار العنف عند الأطفال.

     بينت نتائج الدراسة أن هناك علاقة بين مشاهدة التلفاز وانتشار العنف عند الأطفال حيث أن الطفل الذي يشاهد التلفاز دائما، يكثر تقليده لمظهر وحركات أبطال الأفلام والمسلسلات ويشتري صورهم، فالطفل يتأثر بما تعرضه أفلام الكرتون الخارقة المبالغة في الخيال، وتصوير أبطالها على شكل رجال خارقون؛ مما يدفع الطفل المتفرج إلى تقليد وتقمص شخصية أبطالها دون مراعاة النتائج، فكلما زاد عدد ساعات مشاهدة الطفل لأفلام العنف والجريمة والرعب، كلما زاد عنده إنتاج العنف.

   يمكن تفسير ذلك بأن هناك علاقة بين مشاهدة التلفاز وعنف الأطفال وبالتالي فان ما يشاهده الطفل يوميًّا في التلفاز من نماذجَ في الرسوم والصور المتحركة، والمسلسلات والأفلام التليفزيونية، التي تتَّصف بأعمال العُنف والعدوانيَّة وغالبًا ما يُحاكي الأطفال هؤلاء الشخصيات السلبيَّة، في تصرُّفاتهم العدوانيَّة وأفكارهم ولباسهم،

   وبالتالي يمكن القول بان للبرامج ونوع البرامج التي يشاهدها الطفل علاقة بإعادة إنتاج العنف لديه.

     خاتمة وتوصيات

     إن الظروف والأوضاع الاجتماعية  للأسرة وأسلوب التنشئة والمعاملة التي يحظى بها الطفل داخل الأسرة، والمشكلات التي يعانيها ساهمت في وجود العديد من العوامل التي توفرت داخل الوسط الأسري وخارجه، وأنتجت طفلا عنيفا، بسبب النقص في تلبية الحاجات النفسية والاجتماعية والمدرسية، وتراكم المشكلات الاجتماعية والنفسية  وتعددها، ومن ثمة تنطلق فكرة ضرورة الاهتمام بها والنهوض بدور كل فرد في الأسرة، وفي المؤسسات الاجتماعية الأخرى من مدرسة ومسجد وإذاعة وتلفاز وجماعة الرفاق، للارتقاء بأساليب تنشئة الاجتماعية  للحد من ظاهرة  العنف الأطفال؛ من خلال  إعطاؤه النصيب الأكبر في إطار العناية بالتربية بالقدوة الحسنة داخل الأسرة والمدرسة، وهذا من خلال تفعيل دور الأب ودور الأم والمعلم، وإبعاد الطفل قدر الإمكان عن مشاهدة التلفاز قبل سن العاشرة أو التقليل من عدد مشاهداته قبل هذه السن، والابتعاد عن أسلوب القسوة والتربية العقابية قبل سن العاشرة من عمر الطفل، والعمل على إشباع حاجاته والحد على مشكلاته، وإعداده ليكون فردًا صالحًا يعول عليه في بناء مستقبل مجتمعه وأمته، سعيًا إلى تحقيق الأهداف المنشودة للأسرة والمدرسة والمجتمع.

     وما يمكن تأكيده في الأخير أن  الأطفال الذين ينشئون أو يترعرعون في جو أسري عنيف؛  فإنهم غالبا  سوف يطبقون هم بدورهم ذلك السلوك في المستقبل ولهذا فإن هذه الظاهرة ستبقى  مستمرة ومتكررة عبر الأجيال وغالبا ما تمر علينا مرور الكرام ولا نعطي لها أهمية، سواء من طرف الأسرة والمؤسسات التربوية أو المجتمع ككل ،وحتى من طرف الضحية نفسها التي عودت على ذلك وهكذا تنتقل الظاهرة وتنتشر  لتصبح مع مرور الزمن تقليدا ينبغي إتباعه رغم خطورتها؛ و إذا لم تجد حلول جادة لمعالجتها ، شريطة أن يشارك في ذلك كل المختصين في علم الاجتماع والتربية وعلم النفس والأولياء، وكل من تؤرقه الظاهرة العنف عند الأطفال .               

توصيات:بالنظر للنتائج المتحصل عليها نوصي بما يلي:

- إشعار الطفل بالمحبة والتراحم بين أفراد الأسرة خاصة بين الوالدين،

- اعتماد مجموعة من القيم الأسرية في تقويم سلوك الأفراد داخلها مثل القدوة الحسنة والصدق والأمانة، ترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة.

- الابتعاد عن العنف المنزلي بكل أشكاله الجسدي واللفظي والمعنوي.

- دعوة المربين والمعلمين إلى التفكير في الحلول المناسبة والأكثر صلاحية للحد من ظاهرة العنف عند الطفل، وهذا من خلال معرفة المشكلات التي يتعرض لها الطفل داخل الأسرة وخارجها، بما يتوافق مع تلبية حاجاته وحل مشكلاته.

 - الحث على دعم العلاقة بين المؤسسات الاجتماعية، خاصة بين الأسرة والمدرسة، من خلال تفعيل دور الوالدين والمعلم، كأفراد جديرين بمهمة التربية ومحل ثقة الطفل خاصة في مرحلة الطفولة الوسطى. 

1.ابن منظور، لسان العرب المحيط، ج2، دار لسان العرب، بيروت، لبنان، ص103.

2.                        خليل وديع شكور، 1996، العنف والجريمة، ط1، الدار العربية للعلوم، بيروت، لبنان، ص30

3. أسماء عبد العزيز حسين، 2002، المدخل الميسر إلى الصحة النفسية والعلاج النفسي، ط1، دار عالم الكتب، الرياض، السعودية، ص472.

4.                         خليل وديع شكور، مرجع سابق، ص31.

5.المرجع السابق، ص599.

6.                         أحمد خليل جمعة، 2005، الأطفال والطفولة بين الأدب والثقافة، ط01، اليمامة، بيروت، لبنان، ص15.

7.منظمة اليونسف: الإعلان العالمي لبقاء الطفل ونمائه، الرأي المؤسسة الصحفية الأردنية، العدد 1، الأردن، 1990.

8.                         خالد مصطفى فهمي، حقوق الطفل ومعاملته الجنائية في ضوء الاتفاقيات الدولية، الإسكندرية، مصر، ص10.

9. حنان عبد الحميد العناني، 2001، تربية الطفل في الإسلام، دار صفاء، عمان، الأردن، ص12.

10.                      خالد مصطفى فهمي، مرجع سابق، ص13.

11.                      محمد عبد القادر قواسمية، جنوح الأحداث في التشريع الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ص88.

12.                      المرجع السابق، ص30-31.

13.                       حامد عبد السلام زهران: 1995، علمنفس النمو، ط5، عالم الكتب، القاهرة، ص48.

14.                      محمد زكي أبو عامر: 1995، دراسة في علم الإجرام والعقاب، دار الجامعية الحديثة، ص158.

15.                      محمد عبد القادر قواسمية: مرجع سابق ص93.

16.                      زكريا الشربيني، 1994، المشكلات النفسية عند الأطفال، ط1، دار الفكر، القاهرة، مصر، ص47.

17.                      المرجع السابق، ص130.

18.                     خليل وديع شكور: مرجع سابق، ص64.

19.               جلال الدين عبد الخالق والسيد رمضان، 2001، الجريمة والانحراف من منظور الخدمة الاجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، مصر، ص90-91.

20.                      المرجع سابق، ص90.

21.                     أسماء عبد العزيز حسين: مرجع سابق، ص472-473 بتصرف.

22.                      المرجع السابق، ص473.

23.                      حنان ع الحميد العناني، 2000،الطفل والأسرة والمجتمع، ط1، دار الصفاء، الأردن، ص99.

24.                      المرجع السابق، ص99.

25.                     أسماء عبد العزيز حسين: مرجع سابق، ص473.

26.                     المرجع السابق، ص473.

27.                      عمار بوحوش، محمد محمود الذنيبات، 2003،مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص 139.                                                    

28.                      منيرة صالح علي الغصون، السلوك العدواني لدى أطفال ما قبل المدرسة وعلاقته بأساليب التنشئة الوالدية والذكاء بمدينة، الرياض،رسالة دكتوراه, قسم علم النفس التربوي, مقدمة لكلية التربية بالرياض، السعودية، 1412 ه/1992, غير منشورة  .      

29.                     أسماء عبد العزيز حسين: مرجع سابق، ص61،

30.                     جلال الدين عبد الخالق والسيد رمضان: مرجع سابق، ص65.

31.                      زكريا الشربيني: مرجع سابق، ص37.

32.                     أسماء عبد العزيز حسين: مرجع سابق، ص473.

33.                       لطيفة بلحاج: 5آلاف أستاذ ضحية اعتداء التلاميذ خلال 9أشهر، الشروق اليومي، العدد 3484، الجمعة 25/11/2011 الوافق ل 29 ذي الحجة 1432ه.

34.                     محمد عبد المؤمن حسين، 1986، مشكلات الطفل النفسية، دار الفكر، القاهرة مصر، ص8.

35.                      لطيفة بلحاج: مرجع سابق،25/11/2011.

36.                     محمود حسين، 1981، الأسرة ومشكلاتها، دار النهضة العربية، لبنان، ص57.

37.                      محمد حسن، 1998، العشرة الطبية، دار الإسلامية للنشر، القاهرة، مصر، ص284.

38.                     القرني: تأثير العنف الأسري على السلوك الانحرافي لطالبات المرحلة المتوسطة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية العوم الاجتماعية، قسم علم النفس، مكة المكرمة’ السعودية, 2005 (بحث لم ينشر).

39. Merton Robert Karl. Elément de théorie et de méthode sociologique ,trad :Mendras Henri,

coll : U, éd : Armand Colin, Paris, 1997, pp 186, 187.

40.أمثال الحويلة: السلوكَ العدوانيَّ للطِّفل 15-1-2015الرابط www.alukah.net/social/0/7943/#ixzz3OVRrHnY6

41. العقبات تولد العنف الرابط //www.alukah.net/social/Restak, r: the origins of violence, new york, 1965, p: 92. .

42. العدوان عند للأطفال الرابط www.alukah.net/social/ Mendels, J.M. Concepts of Depression, Wiley, New York, 1970.

43 .Kellerhals Jean, Troutot P-Y, Lazega E. Microsociologie de la famille , coll : Que-sais-je

2 éd, P.U.F, Paris, 1993, p , pp 93, 94.

        44.حسان عربادي: العنف ضد الأطفال في الوسط الأسري، -دراسة ميدانية لعينة أفراد من أسر مقيمة ببلدية براقي-إشراف عبد الغاني مغربي، رسالة لنيل شهادة الماجستير تخصص علم الاجتماع الثقافي، قسم علم الاجتماع، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر، الجزائر, 2005, ص35.

           45.أسماء عبد العزيز حسين: مرجع سابق، ص473474-.

46 .Kellerhals Jean, Troutot P-Y, Lazega E.Ibid ,pp 93, 94.

@pour_citer_ce_document

يسمينة كتفي, «العنف عند الأطفال وأراء الأمهات حول عوامل عنف أطفالهن -دراسةعينة منأمهات- »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2016-11-10,
Date Pulication Electronique : 2016-11-10,
mis a jour le : 08/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1789.