الآليات القانونية لتحقيق المساواة في التوظيف في المؤسسة العمومية الجزائرية _ مقا...
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N° 23 Décembre 2016

الآليات القانونية لتحقيق المساواة في التوظيف في المؤسسة العمومية الجزائرية _ مقا...


عبد العالي بلعيفة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يعالج المقال الحالي، موضوع التشريع الجزائري، من حيث تقدير صلاحية المترشح للوظيفة العمومية في ضوء معايير الانتقاء التي تستند إلى مبدأ المساواة، ويطرح إشكالية محورية، تحوم حول مدى تجسيد هذا المبدأ في واقع التجربة والممارسة داخل المؤسسة الجزائرية، حيث اشتمل المقال على مبحثين، تناول أولهما: تكافؤ الفرص والكفاءة والجدارة، بينما عالج الثاني، كيفية التأسيس للمساواة وطرق تكريسها وآليات تحقيقها في التشريع الجزائري.

الكلمات المفاتيح:المساواة. الكفاءة. الجدارة. الاستحقاق. التوظيف. الوظيفة العمومية.

La législation algérienne accorde à l’administration l’appréciation de validité des candidats aux  fonctions publiques  sans distinction.

L’égalité : est celle des candidats, à commencer par les conditions de recrutement et de nomination dont l’importance est démontrée par la justice réalisée.

Cet article vise l’étude de l’équité dans la législation algérienne, suivant la problématique : Les mécanismes du recrutement fixés par la législation algérienne réalisent-ils l’égalité ?

La difficulté de réaliser l’égalité est dans la diversité des situations économiques et sociales des candidats ainsi que les caprices des responsables. Pour la difficulté de recherche, elle est due à l’absence de plans la traitant comme relation entre réalité et sociologie.

Mots clés :égalité- compétence-  être digne – mérites- recrutement- fonction publique

The Algerian law grants the administration the right to value the candidates’ validity applying for public office without discrimination.

Equality: is the candidates’ sameness, starting fom  recruitment and appointment conditions whose importance is demonstrated  by the achievement of  justice.

This article aims at the study of equality in the Algerian legistature as set in the question : Do recruitement mechanisms   set by the law realise equality ?

The difficulty in doing so lays in the diversity of the economic situations and the officials’ temper. As for the research diffuculties,  it is due to the lack of grounds dealing with it as a relationship between law and reality within sociology.

Key words :equality- competency- to be worth- recruitment-  merits- public office.

مقدمة

يعتبر مبدأ المساواة حق من حقوق الإنسان الأساسية، ومسلمة من المسلمات العالمية التي لا يختلف حولها اثنان، إذ تكمن أهميتها لمحورية في ما يحققه من عدالة بين الأفراد والجماعات والهيئات والمجتمعات والدول، ولهذا فقد أوصت به جميع المواثيق الدولية، والدساتير الوطنية حتى بلدان العالم الثالث، وتم تكريسه في مختلف التشريعات الوطنية والمجالات الاجتماعية.

هذا الاهتمام، لم يكن ليرى النور لولا تلك النضالات الجماهيرية، التي جسدتها مختلف الثورات الفكرية والاجتماعية، التي سادت عبر العصور التاريخية وفي مختلف المجتمعات، ولعّل ابرز من جسد هذا الاهتمام، وبلور فعاليته نذكر الثورة الفرنسية خلال القرن الثامن عشر. وفي هذا الإطار؛ يعد مبدأ المساواة في مجال التوظيف واحدا من أبرز هذه الحقوق، التي نودي بها وتم تكريسها دستوريا، في أغلب المجتمعات ومنها الدساتير الجزائرية.

فإذا كان العمل أو ممارسة وظيفة يعد شرطا أساسيا لإشباع حاجات العامل أو الموظف، يسمح له بتوفير الحد الادنى من العيش بكرامة، فإن ضمان وتوفير العدالة وإتاحة الفرص المتساوية أمام جميع المترشحين للحصول على وظيفة، إنما يشكل الأرضية الصلبة والقاعدة الأساسية التي في ضوئها تتم رعاية الاستقرار والأمن الاجتماعي، بوصفه غاية الغايات لأي عمل سياسي يبتغيه أي بلد.

لقد استطاع الغرب، خلال ثلاثة قرون، تحقيق قفزة نوعية في مجال تكوين وتشكيل وعي اجتماعي، تبلور في صورة ثقافة عامة، تنبثق من فلسفة حياة، تأخذ بمبدإ المساواة، على غرار بقية مبادئ حقوق الإنسان، وتتبني القواعد التشريعية والمعايير الموضوعية المحققة لعملية المنافسة والاستحقاق، كالكفاءة والجدارة.

غير أنه بالرجوع إلى معاينة الواقع، لا سيم افي العالم الثالث، وفي الجزائر تحديدا، نقفع لىصعوبة الأخذ بمبدإ المساواة وتطبيقه فعليا في ميدان الممارسة، وقد تعود الصعوبة الىطبيعة الأسس السوسيوثقافية التي ينهض عليها النسق الثقافي، والتي لا تعتمد على مبدإ المساواة بلتلجأ إلى اعتبارات اجتماعية أخرى، كالعلاقات القرابية والجهوية والانتماء العرقي والإيديولوجي ..الخ

وهنا يسعى هذا المقال الىمعالجة اشكالية تبحث على اجابة للتساؤل الآتي:

·  هل توجد آليات مشرعة لتحقيق مبدإ المساواة في التوظيف في المؤسسة العمومية الجزائرية؟

·  هل هناك أرضية سابقة، تغذي العلاقة بين النصوص القانونية والتوظيف، من منظور سوسيولوجي؟

في المقال الحالي سنحاول معالجة هذه الاشكالية عبر العناصر الآتية:

المبحث الأول: أسس مبدإ المساواة.

المبحث الثاني: الصعوبات السوسيو_قانونية لتطبيق مبدإ المساواة في المؤسسة العمومية الجزائرية.

المبحث الأول: أسس مبدأ المساواة

 

 

تكافؤ الفرص بروز الكفاءات الجدارة=المساواة


هذا المبحث يتناول أسس مبدإ المساواة التي هي: تكافؤ الفرص والكفاءة والجدارة حسب التسلسل الطبيعي لتأثير كل منها في الآخر. من أجل تحقيق المساواة. حسبما هو موضع في الشكل التالي.

 

يحقـــق

شكل رقم (01)يوضح كيفية تحقيق مبدإ المساواة في عملية التوظيف

جدول رقم (1) يبين "منطلقات مبدإ المساواة"

المصدر: من تصميم صاحب المقال

 

أولا. تكافؤ الفرص:أتناول فيه المقصود من تكافؤ الفرص وشروط تكافؤها.

1.                       المقصود من تكافؤ الفرص: يقصد بتكافؤ الفرص: القيم المتعادلة أو المتطابقة، ويسمى في المنطق، قانون إبدال القيم المتكافئة، بمقتضاه يمكن في القيمتين المتكافئتين إحلال أية قيمة كل منهما محل الأخرى، دون أن ينشأ عن ذلك أي تغيير1. ومن هنا يمكن تعريف تكافؤ الفرص في ميدان التوظيف بأنه:عملية إعطاء فرص متساوية لجميع المؤهلين، للحصول على الوظائف الشاغرة. يطبق مبدأ تكافؤ الفرص بدءا من الإعلان لجميع المؤهلين الراغبين في الالتحاق بالوظيفة، إلى الاختبارات والمقابلات إلى انتقاء أفضل المترشحين وجداول المفاضلة .

يستنتج مما سبق أن مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين يتحقق إذا تماثلت فرص التأهيل وطبقت طرق التوظيف المشرعة:

2.                       شروط تكافؤ الفرص: لكي يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص لابد من الشروط الموالية

‌أ.تماثل فرص التأهيل: إذا كانت فرص التأهيل متماثلة لجميع المواطنين، بمنحهم نفس الإمكانيات التي تؤهلهم، مع التطبيق الفعلي لما أقره المشرع الجزائري، من أن المساواة تبدأ " بإزالة العقبات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، التي تحد في الواقع من المساواة بين المواطنين2" وبتسخير الدولة لكل الإمكانيات المتاحة، من ثروات وطنية في سبيل قهر الثالوث الأسود: الفقر، والمرض، والجهل. بتوفير فرص العمل والعلاج المجاني، وإجبارية التعليم الأساسي، ومجانيته في جميع المراحل، وتوفير الإمكانيات والوسائل والعوامل المؤثرة في بروز ونمو القدرات الشخصية للمواطن، من بداية التعليم إلى ما تستطيع قدرات المتعلم الوصول إليه، مع توفير متطلباته الضرورية، مثل الكتب والوسائل البيداغوجية.

‌ب.                   تطبيق طرق التوظيف المشرعة:إذا طبقت طرق التوظيف كما نص عليها المشرع الجزائري قلبا وقالبا، بين جميع المواطنين المرشحين الذين تتوفر فيهم المؤهلات القانونية المطلوبة مع إعطاء الأولوية للمخزون الداخلي من الموظفين المؤهلين بالمؤسسة، وإن اقتضت الضرورة يلجأ إلى التوظيف الخارجي.

‌ج.                     عدم وضع شروط غير الشروط المشرعة للتوظيف:إذا لم توضع شروط خارجة عن شروط متطلبات الوظيفة. كوضع شروط تميز بين المواطنين الجزائريين خاصة من حيث المولد، أو العرق أو الجنس أو الرأي.

‌د.                       الإعلان عن التوظيف:إذا تم الإعلان عن التوظيف بكل الوسائل التي تجعل المعنيين بالترشح يعلمون به، في الزمان والمكان، وبالوسائط القانونية المعرَّفة.

يستخلص: أن مبدأ تكافؤ الفرص يتحقق بين جميع المواطنين المترشحين لدخول الوظيفة العمومية، لما يتساوون بدءا من تحقيق الحاجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى التأهيل للوظيفة، والإعلان عنها، وهو ما يحقق بروز الكفاءات المتوفرة في الوطن، الجديرة بالتعيين في الوظائف العمومية.

وهو ما يدعونا إلى التعرض  بالتفصيل للكفاءة فيما يلي:

ثانيا.الكفاءة:الكفاءة المراد تناولها هي الكفاءة الفردية، التي تتحقق نتيجة تكافؤ الفرص. وتقاس الكفاءة بأربع طرق، كماحددها المشرع الجزائري، وهي طرق كافية لتحديد الأكفأ: إذا صدق المشرفون والرئاسات القائمة على عملية القياس.

وقبل تحديد كيفية قياسها، يجب تحديد المقصود بالكفاءة. وتعريفها.

1.                       المقصود بالكفاءة: الكفاءة الفردية التي يتمتع بها المترشح والمتوقعة لشغل الوظيفة، ومقاسة بمعايير علمية وأسس عملية وموضوعية، سواء أثناء المفاضلة3أو بعد التكوين. ولذا فهي تعرف بــ:القدرة على "تحقيقالأهداف بالنوعية المناسبة والمطلوبة في الوقت المناسب في ظل الظروف المحيطة بأداء الموظفين"4لانجاز مجموعة المهام المحددة الواضحة، من العمل المسند للموظف، في إطار الوظيفة المكلف بها.

2.                       طرق قياس الكفاءة:تقاس كفاءة الموظف "بالحصول على البيانات والحقائق التي من شأنها أن تساعد الرئاسات على تحديد مدى كفاءة وأداء وإنجاز الموظف حتى يمكن اتخاذ قرار5" يخص التعيين أو التثبيت أو الترقية أو النقل أو الانتداب أو النجاح في التدريب.

حدد المشرع الجزائري أربع طرق لقياس كفاءة الموظف. أرتبها حسب شيوع تطبيقها في مؤسساتنا، كلها تستعمل للتقدير والحكم على كفاءة الموظف. مع ملاحظة أن الطريقة الرابعةيقل اللجوء إليها في الإدارة، وتستعمل في المؤسسات الإنتاجية. الأولى تطبق باستمرار خاصة عقب التوظيف الخارجي، للتعرف على مدى قدرة المرشح، على استغلال مؤهلاته والتأقلم مع الوضع الجديد في المؤسسة، أما الطرق الثلاثة الأخرى فهي تطبق من أجل الترقية، ويقدر بواسطتها مدى قدرة المرقى أو المراد ترقيته على أداء المهمة الجديدة التي ستسند إليه.

‌أ.الوضع تحت التجربة: تقرر هذه الطريقة في حالة التوظيف الخارجي، قبل التعيين النهائي بالتثبيت في الوظيفة. وهي المدة التي يعتبر فيها المعين أو المرقى متربصا أو متمرنا وتقدر بين ثلاثة وإثني عشرة شهرا، حسب الوظيفة.

إن فشل المتمرن في أداء مهامه يترتب عليه خياران أمام الجهة المكلفة بالتعيين: إن رأت عدم صلاحيته تماما، سرحته بدون تعويض أو إنذار مسبق، وإن رأت إمكانية تدارك الضعف، أعطته فرصة أخرى تقدر بنفس المدة الأولى، وتقرر في نهايتها نهائيا، التسريح أو التثبيت.

وفي حالة التوظيف الداخلي _الترقية_، إن فشل المرقى إلى الرتبة أو السلك الأعلى الموالي مباشرة في أدائه لوظيفته الجديدة، قد تعطى له فرصة ثانية، بنفس المدة الأولى، أو "ينزل" إلى رتبته الأصلية فقط.

‌ب.                     الامتحان المهني: بأن يجري امتحان مهني للمرشح للكشف عن كفاءته في ميدان عمله ومدى استيعابه للمعارف التي يفترض أن يكون قد اكتسبها، _خاصة_ في ميدان عمله كخبرة، أو اطلع عليها بسبب علاقتها مع طبيعة عمله.

‌ج.                      التقدير الشخصي: هي الطريقة التقديرية المستعملة كثيرا في مؤسساتنا الإدارية خاصة فيما يخص الترقية في الدرجة، وتقدر كفاءة الموظف رقميا، بعلامة تقدر بين (0و10) أو بين (0و20) حسب تقدير رئيسيه المباشر ومعرفة مديره الرئاسي الأعلى.

‌د.                        التقارير:ترفع تقارير عن الموظف من رئيسه المباشر يبين فيها قدرات المرؤوس، أثناء أدائه لعمله، وتستعمل خاصة في الوظائف التي يمكن فيها إظهار التميز أو التفرد أو النتائج التنافسية الخاصة.

في ضوء ما سبقيعتبر من: الظلم تخطي الكفاءة؛ لأنه ليس من "الحق" تجاهل من يمتلكون الكفاءة المتطابقة مع متطلبات الوظيفة، وتفضيل غيرهم بناء على منظور الولاء. رغم أنه لا أحد يستطيع أن يضمن الولاء الحقيقي أو المستمر. زيادة على ذلك فإن "الكفاءة لا يمكن الحصول عليها بسهولة، لأنها تتطلب وقتا طويلا وصبرا كبيرا ومزيجا من الجهد والتعب والخبرة الناتجة عن زمن من معايشة الأحداث والتجارب بما فيها من إيجابي وسلبي ولأنها تتطلب التعامل مع المشاكل ومن يصنعونها ومواكبتهم في الظروف الخطرة التي تمت فيها"6. فكيف في الأخير يفضل  الغير.

ومن كل ما سبق النتيجة المستخلصة تؤكد أنه لا يمكن تحقيق مبدأ الجدارة واقعيا إلا باللجوء إلى مفتاح الكفاءة حتى يمكن تصنيف الأكفاء في قوائم الاستحقاق لظهور الأجدر.

ثالثا.الجدارة: لكي نوضح الجدارة الموصلة إلى المساواة لابد أن نتناول، المقصود منها وكيفية تأسيسها وتطبيقها وفائدة التعيين المبني على الجدارة

1.                       المقصود بالجدارة: يقصد بالجدارة لغة: الأهلية، يقال جدر بهذا المنصب، أي كان أهلا له، ومن مترادفاتها استهل، أحقية، أهلية، استحقاق، أهل، أولى، استحق، يقال استحق الجائزة استأهلها وكان جديرا بها.7أما هنا فإن الجدارة المهنية تعني القدرة على القيام بالأعمال التي تتطلبها مهنة من المهن.8

تطلق عبارة الجدارة على المرشح أو الموظف المقتدر على أداء وظيفته. ويجمع فقهاء الإدارة العامة على تعريفها بأنها: تلك التي تجعل  اختيار الموظفين والاحتفاظ بهم يتم على أساس الصلاحية وليس بناءا على المحاباة.

مع الاشارة أن الجدارة لا يعتمد عليها بقدر ما يعتمد على الولاء في المناصب السياسية، لا يعتمد في المناصب العليا والنوعية على الجدارة بقدر ما يعتمد على التقدير الشخصي للمكلف بالتعيين، ومدى الولاء المنتظر من المرشح. وبتعبير آخر، مبدأ الجدارة يُعمل به الآن في الدول المتقدمة باختيار المترشح طبقا لمؤهلاته المحددة لكفاءته المتماشية مع متطلبات الوظيفة المراد شغلها. هذا الأسلوب هو أسلوب بديل لنظام التوظيف القديم، الذي كان سائدا عندهم والذي يقوم على الفروق في الأوضاع الاجتماعية، التي تبنى بصفة أساسية على الأصل العائلي والعرف الاجتماعي، والثروة، والنفوذ السياسي، والتعليم، وآداب السلوك9وعلى الولاء الحزبي والطائفي أوغيرها، حسب النظم التي عرفتها دولهم.

وفي الأخير يمكن إجمال مكونات مبدإ الجدارة في الجزائر على الأقل نظريا فيما يلي:

2.                       مكونات مبدإ الجدارة:الجدارة تتكون من خمسة عناصر مترابطة ومتكاملة. هي: تكافؤ الفرص. المساواة. المسابقات والامتحانات. الاستحقاق. واقعية التقارير.

‌أ.تكافؤ الفرص:تتكافأ الفرص بالمساواة بين المترشحين بدءا من الامتحانات والمسابقات والتأهيل والترقية، إلى الحقوق والالتزامات المتبادلة بين المؤسسة وموظفيها طوال المسار المهني.

‌ب.                   المسابقات والامتحانات: أساس للتباري وإظهار الأكفأ والأجدر لأنها تحول دون تدخل الأهواء الشخصية، والضغوط الخارجية على القائمين على عملية التوظيف أو الترقية.

‌ج.                     الاستحقاق:وسيلة للمفاضلة أو الفرز بين المرشحين المتبارين للظفر بالوظائف الشاغرة، إذا كانت الوظائف الشاغرة أقل أو مفردة، وتكون بإشراف لجنة و بطريقة شفافة وواضحة.

‌د.                       واقعية التقارير: هي متابعة المتمرن أو الموظف وتقرير مصيره، بالتثبيت أو الترقية أو التسريح. 

‌ه.                     المساواة:هي النتيجة الطبيعية الآلية للتطبيق الفعلي والتام للعناصر الأربعة السابقة. وهو ما أتناوله في المبحث الموالي بالتفصيل.

3.                       تأسيس التعيين على مبدإ الجدارة: هو أسلوب عملت به أوروبا تطبيقا لمبادئ الثورة الفرنسية، وإلحاح منظمات المجتمع المدني الحر، كبديل لنظام التوظيف القديم الذي يعتمد على الولاءات السياسية، والحزبية، والشخصية، وحتى الطائفية والقبلية كما سبق ذكره. وإذا نظرنا إلى الواقع اليومي نجد أن نظام الجدارة الحالي مرتبط أساسا بالامتحانات والمسابقات التي تظهر مدى صلاحية المترشحين للوظيفة العمومية، وهي طريقة مثلى تحقق اختيار أكفأ وأجدر المترشحين،ويعمل بها في الوظائف الإدارية الدنيا والوسطى، أما الوظائف العليا أو السامية والنوعية خاصة السياسية منها، فإنه لا يعمل بها، بقدر ما يعتمد على التقدير الشخصي للمكلف بالتعيين ومدى الولاء المنتظر من المرشح؛ لأن التعيين هنا يؤسس منذ البداية على الولاء الشخصيللمكلف بالتعيين ورؤسائه، أو الولاء العقائدي أو المذهبي أو حتى الطائفي أو القبلي.

4.                       كيفية تطبيق مبدإ الجدارة:مبدأ الجدارة في أغلب دول العالم يقوم على نظام الامتحانات، والمسابقات في التوظيف، مما يحقق رقابة فعالة في اختيار أكفأ المرشحين لشغل الوظيفة العمومية. من خلال

‌أ.الاستغناء عن خدمات الموظف في حالة التأكد من عدم كفاءته.

‌ب.                    عدم التمييز بين المواطنين على أي أساس كان، إلا المؤهلات المشروطة ومتطلبات الوظيفة.

‌ج.                     فتح المجال واسعا للتنافس على الوظائف الشاغرة، بالاختبارات والامتحانات.

‌د.                       اعتبار المسابقات والاختبارات الوسيلة الأنجع لاختبار المعارف والقدرات؛ لأن الفرصة فيها تتاح لكل من تتوفر فيه شروط ومتطلبات الوظيفة.

‌ه.                     التقييم والمفاضلة بين المرشحين، يتمان بإشراف لجنة خاصة محايدة ومستقلة.

‌و.                      اقتصار التعيين على المترشحين ذوي الكفاءة المطلوبة، الذين أفرزتهم المسابقات و/أوالامتحانات، والاستحقاق.10وليس كمكافأة على خدمة سياسة أو حزبية أو محسوبية.

    ولو عدنا إلى عالمنا العربي لوجدنا أنه لا ينظر إلى الجدارة بقدر ما ينظر إلى الانتماء السياسي والحزبي والعلاقات الأسرية والرشوة والجنس ..الخ. ويرجع سبب عدم الأخذ بمبدإ الجدارة إلى شيوع العشائرية، وقلة الرقابة أو انعدامها، ولا أدل على ذلك ما يجري بين أبناء الوطن العربي الواحد من حروب عشائرية ومذهبية وطائفية، بل أكثر من ذلك توزع المناصب محاصصة رسميا بين الشِّيَع والطوائف في لبنان، ولا يوجد في "مجلس التعاون الخليجي" قانون عمل بل "نظام الكفيل". فالشعوب العربية كلها تحكم بنُظم مَلكية بـ "التّاج أو بالتقادم "، وأشبَبُهم يطلق الرصاصِ الحي على المعتصمين من شعبه في الميادين العامة؛ أَلا يؤدى هذا ببعض المكلفين بعملية التوظيف بأن يختاروا من لا يقاومونهم في تحقيق أهدافهم الخاصة، وليوسعوا نفوذهم ويحققوا مصالحهم الشخصية أو يمارسوا التربح بمختلف أشكاله من خلال الوظيفة ؟. وقد نتج عن ذلك ظهور سلبيات كثيرة هددت وتهدد الإدارة العمومية، منها، تشويه سمعتها في المجتمع الذي من المفروض أن تكون في خدمته لا غير، ويأتي تشويه سمعتها بالدرجة الأولى من أولئك الذين عينوا في مناصب غير جديرين بها؛ لأنهم لم يستطيعوا أداء مهامهم على أكمل وجه، أو حسب متطلبات الوظيفة المكلفون بها، والأنكى والأمر من كل ذلك ترقيتهم من طرف رؤسائهم تحقيقا للمصالح الشخصية إلى وظائف قيادية. التي أصبحوا يتخذون باسمها قرارات خاطئة توازي كفاءتهم، فازداد السوء سوءا، وهذا ما ذهب إليه أيضا عبد الغفار يونس قائلا:11" بينت تجارب كثيرة من المؤسسات، أن العديد من الانتكاسات والمشاكل في العمل كان سببها سوء إدارة المؤسسة وضعف القرار المتخذ وعدم الخبرة، والقدرة على التعامل مع الآخرين مهما كانت صفاتهم. وهذا الأمر لا يعود إلى وجود مشكلة أو خلل في الوظيفة أو العمل فحسب؛ بل لأن هناك خللا في عدم قدرة من يديرها ويتحمل مسؤولياتها أيضا". هذا من بين ما دعى المشرع الجزائري إلى إلزام القائمين على التوظيف بتطبيق طرق محددة لقياس الكفاءات. هذه الطرق هي: الامتحانات، والاختبارات المهنية، والاستحقاق، والتسجيل على قائمة التأهيل. هي الطرق الأكثر شيوعا في الجزائر لقياس كفاءات المرشحين، وإثبات جدارتهم، للحصول على الوظيفة الشاغرة. ولهذا إذا طبقت المؤسسة التوظيف حسب الجدارة وبالكيفيات السابقة ستحقق الفوائد التالية:

5.                       فائدة التوظيف المبني على الجدارة: الجدارة محبذة؛ لأن فارسها أكد ذاته، و وصل إلى مأربه، واعترف محيطه بقدرته على انجاز ما يسند إليه بحق وحقيق، وبالتالي مسيرته الوظيفية تكون ميسورة بما يحققه من ترقيات ومكانات اجتماعية ومهنية بين زملائه. أما ما يتحقق واقعيا على مستوى المؤسسة. فهو: أن الأداء يجود ، وتنخفض معدلان دوران العمل، وتقصر فترة التكوين، والتغير التنظيمي يصبح سريع التغير،  والميزات السابقة تتيح للقيادات أن تتفرغ لأداء مهامها الأساسية، وهي العناصر التي اشرحها في السطور الموالية.

‌أ.الأداء الجيد: لأن الوظائف الحساسة أو ذات الأهمية الكبرى، كالتخطيط والتوجيه والرقابة، ميادينها واسعة ليس من السهل النجاح فيها بسهولة و يسر؛ النجاح فيها حياة للمؤسسة واستقرارا لعامليها.

‌ب.                   انخفاض معدلات دوران العمل: وهو ما يؤدي إلى المحافظة على المخزون الذي تملكه المؤسسة من المهارات والكفاءات والخبرات؛ فهو لا يستحق أن يهدر مهما كان نوعه.

‌ج.                     قصر فترة التكوين: نظرا للكفاءة و القدرة التي يتمتع بها المرقى أو المرشح، يصبح التكوُّن أو التعلُّم يسيرا ويحقق هدفه بسرعة ويثبَّت المعين الجديد بعد الفترة الأولى المقررة مباشرة، وتظهر عليه نتائج تكوينه.

‌د.                       سرعة التغيير التنظيمي:ذوو الكفاءات الجيدة يتجاوبون بسرعة مع أي تغيير في المؤسسة. كالنمو أو النقل أو الإحلال، دون آثار سلبية تذكر عليهم و على المؤسسة.

‌ه.                     تفرغ القيادات:إلى تحقيق مهامهم الأساسية، كالتخطيط والتوجيه والرقابة، أي التوجه إلى تحقيق وتطوير أهداف المؤسسة التي أنشئت من أجلها، بل إن انتشار الكفاءات في مؤسستهم يجعلهم يطورون الأهداف تجاوبا مع مقتضيات التحولات التي لم تكن في الحسبان. كل ذلك سببه النجاح في العناصر الأربعة السابقة، وهو ما يدعونا إلى التساؤل ما هي الأسباب التي تجعل المعنيين يتخطون الكفاءة والجدارة ؟

6.                       أسباب تخطي الكفاءة والجدارة:يمكن تصنيف أهم الأسباب التي تدفع القائمين على عملية التوظيف في المؤسسة العمومية إلى تخطي مبدأي الكفاءة والجدارة، إلى مجموعتين رئيسيتين: أسباب عامة وأخرى خاصة. ويتفرع كل منهما إلى العديد من الأسباب. نوجزها فيما يلي:

‌أ.الأسباب العامة :تعود الأسبابالعامة إلى المجموعة الكلية من رؤساء ومرؤوسين. ويمكن تلخيصها في سبعة أسباب:

ý                       فقدان الكفاءة والموهبة:فاقدوهما لا يقدرون على وضع إستراتيجية ترعى سمعة المؤسسة. فيحولون اهتمامهم من الحفاظ أو الرفع لمكانة المؤسسة إلى المحافظة على مصالحهم الشخصية وإستزادتها، فيصيرون وبالاً على مؤسستهم، فتنخفض مكانتها وسمعتها بين الجمهور الذي يتردد عليها، وهو ما قد يؤدي إلى فشلها في تحقيق أهدافها، ومواجهة منافسة المؤسسات الأخرى المتطلعة إلى المكانة الأسمى.

ý                      اتخاذ القرارات الخاطئة: الأدهى والأمر أن يتم ترقية غير القادرين على اتخاذ القرارات الصحيحة إلى المناصب القيادية، وهنا تكمن الكارثة؛ لأن وصولهم إلى المراكز العليا لاتخاذ القرار يجعلهم يتخذون قرارات غير ذات جدوى، خاصة تلك التي لا تعتمد على دراسات واستشارات، بل على السلطة التقديرية المنبثقة من اعتبارات شخصية، ومسايرة للرئاسات، للحفاظ على المصالح الضيقة وإظهارا للولاء المحنط.

ý                      العجز عن التحليل الصائب: وجود غير المناسبين للوظيفة ينتج عنه تبذير للجهد والمال، لعدم قدرة المقررين على تحليل القضايا واتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب، ولو اتخذت فيما بعد، فالوقت في عصر العولمة "سيفا إن لم تقطعه قطعك".

ý                      سوء المفاضلة: سوء المفاضلة تعود بالدرجة الأولى للأسباب الخاصة؛ مما يؤدى إلى إهدار الكفاءات والخبرات والمهارات، وخسارة للجهد والوقت من طرف الأكفاء، وتبذير المال المنفق عليهم من الأهل والبلد، وظلم في حق الوطن والمؤسسة الكافلة. 

ý                      انخفاض المعنويات: إذا كان القائم بالتوظيف مثلا قد وظف بدون أن يكون جديرا بالمنصب. توظيف غير الجدير بالوظيفة ينعكس على أدائه؛ لأن المهام الموكلة إليه أكبر من إمكانياته وقدراته، الأمر الذي يحُط من معنوياته عاجلا أو آجلا، ويصبح كسولا في أداء أدوارهويتأخر عن مواقيت عمله وينتهز الفرص للتغيب كلما سنح الظرف.12

ý                      عدم الالتزام بالأهداف: وهي الأهداف التي أنشئت المؤسسة من أجل تحقيقها، وبالتالي يصبح الموظف هدفه تحقيق الأهداف الشخصية كالمحافظة على الوظيفة وكل ما هو مرتبط بها، من سلطة وامتيازات.

ý                      انتشار الفساد: يمكن تلخيص مضار الفساد في التوظيف الداخلي والخارجي بما ذهب إليه سليمان محمد الطماوي، قائلا13: "إذا جعلت الترقية منوطة بالوساطة والمحسوبية فلن يعمل أحد؛ لأن من لا وساطة له لا يعمل؛ لأنه يعلم سلفا أنه تنقصه وسيلة الترقية، ولا المحظوظ ذو الوساطة؛ لأنه يعلم أن وسيلة ترقيته هي شيء آخر غير التفاني في العمل". هذه هي الأسباب العامة أما الخاصة فهي:

‌ب.                     : الأسباب الخاصة: هي أسباب تعود للرئاسات العليا في المؤسسة، فهي لا تلتزم بالمفاضلة حسب النصوص القانونية لمبدأي الكفاءة والجدارة، وتعمل بما يحقق لها مكاسب شخصية من خلال:

ü                     المحاباة: لأصحاب النفوذ والانتماء السياسي والحزبي، وذوي العلاقة الشخصية، والأسرية.

ü                     التربح: كالرشوة، ومقايضة المصالح الشخصية بين المتعاملين مع الإدارة، وأصحاب السلطة والنفوذ.  

ü                     استغلال السلطة والنفوذ: السلطة والنفوذ ممنوحتان للقائمين على الإدارة لاستغلالها بما يعود على المؤسسة بالنفع والفائدة، تجاوبا مع مواقف خاصة أو طارئة، لكنها قد تستغل في صالح متخذيها أكثر من صالح المؤسسة.

ü                     التطلع إلى نفوذ أكبر: فالمديرون يعينون من لا يعارضهم، خاصة إذا كانت المعارضة لا تحقق أهدافهم المرغوبة، لهم أو لأولياء نعمهم من رؤسائهم الذين يكنون لهم الولاء، مما يزيد من نفوذهم، ويزداد النفوذ كلما وظف أشخاص في وظائف ليسوا أكفاء لها، أو ليسوا مؤهلين لشغلها، فيصبحون تابعين لرئاساتهم  التي تملي عليهم طرق العمل، والسلوكيات المطلوبة أثناء أداء الوظيفة.

ü                     ضعف أو قلة الرقابة:يعود سبب قلة الرقابة أو ضعفها إلى قلة النصوص التشريعية المفصلة، سواء منها القانونية و/أو التنظيمية أو الاتفاقية. وهو ما يؤدي إلى التراخي في بذل الجهد الرقابي وفي متابعة المرؤوسين إلى حد التواطؤ معهم، حبا في ازدياد النفوذ والامتيازات الشخصية؛ حتى تصبح سلسلة الولاءات، كحبات المسبحة إن أُسقطت أي حبة منها، انفرطت وسقطت جميع حباتها، التسعة والتسعون؛ رئيس الجمهورية يختار الوزراء أو يقترحهم عليه الوزير الأول، فيتفقان على قائمة معينة. والوزراء يعينون أو يقترحون رؤساء مصالحهم، والأخيرين يعينون أو يقترحون مساعديهم، ومساعدوهم يختارون مرؤوسيهم، وتمتد السلسلة حتى تصل إلى الأسفل، فطريقة التعيين هذه تجعل البناء متواكلا على بعضه، إزالة حجر واحد، "حجر سنمّار" يطيح البناء كله، كما تقول الأسطورة أو يروي التاريخ. وتصبح مقولة "لمن ترفع شكواك يا شاك بضرك؟" صحيحة ‼؛ لأن الولاء آت من التستر المتبادل. من شاكلة "أستروني أستركم".بدليل أن المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، وهو الذي نستطيع أن نشبهه بمحكمة الاستئناف العليا للموظف، لم ينعقد منذ استرجاع السيادة الوطنية.

   بعد شرح تكافؤ الفرص، والكفاءة، والجدارة، الذين إن عُمل بهم سيوصلون آليا إلى النتيجة وهي: المساواة، وهي التي ستناقش في شكل الصعوبات السوسيو _ قانونية لتطبيق مبدإ المساواة في المؤسسة العمومية الجزائرية ،فيما يلي:

المبحث الثاني: الصعوباتالسوسيو_قانونيةلتطبيقمبدإالمساواةفيالمؤسسةالعموميةالجزائرية

المساواة في التوظيف المراد مناقشتها هي: المساواة بين جميع المواطنين الجزائريين التي حدد المشرع الجزائري آليات تحقيقها من الشروط التي يتطلبها دخول الوظيفة العمومية إلى طرق تطبيقها على أرض الواقع. المساواة لا تعني القسمة على اثنين، ولا تعني التنكر لذوي الحقوق ومن لهم أفضال على المجتمع، و هو ما يدعونا إلى التمييز بين المساواة والحقوق، سواء الحقوق الطبيعية أو المكتسبة.

تناول مبدإ المساواة ينطلق من التعرف على المقصود بها ومصدرها، استقراء متدرجا لمصادر التشريع الجزائري، من الشريعة الاسلامية، والإعلانات والمواثيق الدولية المقررة لحقوق الإنسان، والقوانين الوضعية الجزائرية، وينتهي بالتعرض إلى الآليات التي حددها المشرع الجزائري، تحقيقا للمساواة.

أولا: تحديد المفهوم: قبل أن أتعرض للمساواة في التوظيف، أتناول أولا مفهومها وتعريفها.

1.                       مبدأ المساواة: يدل مفهوم المساواة على حالة تماثل الحقوق و الالتزامات بين الأفراد في المجتمع. و قد كانت النظم السياسية القديمة تقْصره على حق الأفراد في المساواة أمام القانون، فيما يسن لهم من حقوق و التزامات، ثم تطور المفهوم فشمل المساواة الاقتصادية والاجتماعية14

   تشير كلمة المساواة إلى مجموعة من التوصيات التي يجب أن يتبعها الأفراد و الجماعات لتحقيق العلاقات الاجتماعية الإيجابية؛ لأن المساواة تدعو إلى تطبيق القيم الاجتماعية التي توصي بالعدالة في الحالات المتساوية. أما من حيث تطبيق مبدإ المساواة على أرض الواقع، فهو يختلف من مجتمع لآخر، حسب المثل و الأخلاق الاجتماعية الرفيعة، التي استطاع المجتمع انجازها، والتقيد بقراراتها الأخلاقية. مع التذكير أنه مهما كانت الاختلافات بين المجتمعات، فإن مبدأ المواطنة يبقى يحث على المساواة بين المواطنين أمام القانون15، خاصة من حيث تشابه المكانة الاجتماعية والحقوق والمسؤوليات والفرص المتكافئة16.

    المساواة في التوظيف هي أن يتساوى جميع المترشحين لتولي الوظائف في المؤسسة العمومية بمعاملتهم نفس المعاملة. بدءا من الشروط المطلوبة لدخول الوظيفة و عملية الاستقطاب، إلى وضعيات الموظف، بمنحهم نفس المزايا والحقوق وتحميلهم نفس الواجبات، مادامت الوظائف متماثلة. 

2.                       تعريف المساواة:عرّفت الإعلانات والمواثيق المقرِّرة لحقوق الإنسان والتشريع الوضعي الجزائري، بالإجماع، المساواة، بأنها: عدم التمييز بين المواطنين المترشحين إلى الوظيفة العمومية، انطلاقا من المبدأين الأساسيين في التعيين، وهما: "الكفاءة والجدارة"، ليحصل على الوظيفة الشاغرة الأجدر بها وهو الأكفـأ من بين المتسابقين.

 إذًا. المساواة في التوظيف، هي: عدم التمييز بين المترشحين من المواطنين، والتعيين في الوظيفة حسب الكفاءة والجدارة.   

 المنافسة الصادقة، المتساوية، تُخضع التعيين إلى مبدأين أساسيين. الأول: التعين حسب الكفاءة. والثاني: مبدأ المساواة في تولي الوظائف، مبدأي المساواة والكفاءة متكاملين. فالتعيين حسب الكفاءة، هو: تحقيق وتفعيل للمساواة والفرص المتكافئة. ومبدأ المساواة بمفهومه العام السابق الذكر هو التعيين حسب الكفاءة. وحتى تكون المساواة حقيقية، يجب أن تبدأ من الفرص المتاحة للمترشحين. الفرص المتاحة تنطلق من بناء الكفاءة، عن طريق التعلُّم والتكوُّن. لا يمكن معرفة الأكفأ بالوظيفة إلا بتطبيق مبدإ المساواة بين المترشحين، بدءا من الإعلان عن الوظيفة إلى التثبيت فيها، مرورا بالمفاضلة والتعيين والتدريب

وعليه سوف تتم مناقشة المساواة في التوظيف انطلاقا من الكفاءة والجدارة؛ لأن الفرص المتكافئة، هي الأرضية الفعلية التي  تبنى عليها المساواة، والـمُوصِلة إلى تحقيق الجدارة. وأبدأ بالتأسيس لمبدإ المساواة ، وأنتهي  بكيفية تطبيق المشرع الجزائري له .

ثانيا:التأسيس لمبدإ المساواة: تأسيسا لمنظور التشريع الجزائري لمبدإ المساواة في التوظيف، يجب محْص المصادر التي أقرها المشرع له، وهي مبادئ الشريعة الإسلامية17، والإعلانات والمواثيق الدولية المقرِرة لحقوق الإنسان18, ودساتير الجمهورية والتشريع الوضعي الجزائري. بهدف الاجابة على السؤال الذي طرحناه منذ البداية. هل مصادر التشريع الجزائري وقوانينه السارية، تقر المساواة في التوظيف ؟. هذا ما يراد الإجابة عليه فيما يلي:

1.                       التشريع الإسلامي: الإسلام يعتبر المساواة سمة لازمة للمجتمع الإسلامي وخاصية من خصائصه؛ لأنها صورة من صور العدالة المطلقة عنده، و الدلائل على ذلك كثيرة، سواء من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة. أكتفي بذكر أشهر هذه الأدلة تداولا بين عامة المسلمين، من القرآن الكريم قوله تعالى :" إنما المؤمنون إخوة"19وقوله عز وجل:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكركم عند الله أتقاكم"20. ومن السنة المحمدية قوله صلى الله عليه وسلم:" الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".

2.                       الإعلانات والمواثيق والاتفاقيات الدولية: المساواة في الجزائر تكريس للمبادئ الإنسانية العالمية، بدءا من إعلان حقوق الإنسان والمواطن، إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مرورا باتفاقيات منظمة العمل الدولية.

في إعلان الثورة الفرنسيةجاء أن"جميع المواطنين متساوون في الالتحاق بالوظائف العمومية لا فضل لأحدهم إلا بقدر ما يتمتع به من قدرات ومواهب21".

ولما ظهرت منظمة الأمم المتحدة أخذت به وأقرته في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص بصريح العبارة أن: "لكل شخص الحق في تقلد الوظائف العمومية بالتساوي مع الاخرين في بلده "22.

   كما أن منظمة العمل الدولية طلبت من كل الدول المصادِقة على الاتفاقية رقم 111بـ " تطبيق سياسة وطنية ترمي إلى تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة والمعاملة في الاستخدام والمهنة"23

3.                       القوانين الجزائرية:لم يبق مبدأ المساواة في التوظيف حبيس المواثيق الدولية المقررة لحقوق الإنسان، بل ارتقى تكريسه إلى النص عليه في التشريعات الوطنية باعتباره مظهرا من مظاهر الحقوق المدنية للمواطن. وقصد بالمساواة في الجزائر، عدم التميز بين المواطنين على أسس الجنس أو العرق أو الدين أو الانتماء السياسي، وأن يكون جميع المترشحين للوظيفة العمومية على مسافة واحدة من القائمين على عملية التوظيف. فقد تم النص عليها في جميع دساتير الجزائر، بما في ذلك دستورها لسنة 1963، الذي جعل من مهام الجمهورية الجزائرية "مقاومة كل نوع من التمييز"24،   وميثاقها الوطني لسنة 1976ذو الإيديولوجية الاشتراكية البحتة الذي كرس الشرعية الثورية، اهتم بالحقوق الأساسية وبالمساواة بين الجنسين، ولم يتطرق في ذلك الوقت إلى المساواة؛ لأن المساواة في تولي الوظائف ضمنها النظام الاشتراكي، بإلغاء الطبقية، الذي بدأت إرهاصات تطبيقه الأولى تظهر في الدستور 196325. الماركسيون يرون أنه "لا يمكن تحقيق المساواة بدون إلغاء الملكية لوسائل الإنتاج الفردية وتصفية الطبقات المستغِلة26، وهو المنحى الذي نحاه الميثاق الوطني لسنة 1976، بترسيخه لمبدإ المساواة حسب الشرعية الاشتراكية واعتبره أمرا مفروغا منه. لذلك عبر بـ "انطلاقا" في معرض حديثه عن المساواة. قائلا: "انطلاقا من مبدإ المساواة بين الجنسين، فإن الاشتراكية تعترف بالمكانة الأساسية التي تحتلها المرأة في الحلبة العائلية، بوصفها أما وزوجة ومواطنة"27.

وقد خص المرأة بالحديث في تلك الحقبة؛ لأن المساواة بينها وبين الرجل في العرف الاجتماعي كانت موضع جدل، فحسم الأمر لصالح المساواة بينهما، ثم نقل مبدأ المساواة من كونه "مبدأ أساسي إيديولوجي" فقط، إلى دسترته بالنص عليه في المادة 44من دستور 1976"وظائف الدولة والمؤسسات التابعة لها متاحة لكل المواطنين، وهي في متناولهم بالتساوي و بدون أي شرط، ما عدا الشروط المتعلقة بالاستحقاق والأهلية". و نفس المعنى تلقفه دستور 1989في المادة 48"يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أي شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون". أما دستور 1996فقد أكد المساواة باكتفائه بتكرير نفس الصيغة التي وردت في دستور 1989.

وبعد التأكد من تكريس مبدإ المساواة بين الجزائريين دستوريا. تستقرأ التشريعات الوضعية الجزائرية. بمراجعةالتشريع الجزائري، فيُعثر على أن أول قانون للوظيفة العمومية للجزائر المستقلة ممثلا في الأمر رقم 66/133. المؤرخ في 2جوانسنة 1966. المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.  قد أكد ما ينص عليه دستور 1963بوضوح بما لا يقبل أي تأويل، ولم يكتف بالتنصيص على المساواة في الوظيفة العمومية، بل اعتبر مبدأ المساواة إدانة و تطهيرا للإدارة الجزائرية من تركة العهد الاستعماري بالقول: " أن مبدأ المساواة هو إدانة للقواعد والعادات التي تثير عند الموظفين الشعور بحرمانهم من الحقوق، و وسيلة لتطهير الإدارة بتنمية الشعور الوطني و المهني فيها "28؛ لأن الإدارة في الفترة الاستعمارية، كانت في خدمة الأقلية الفرنسية وأداة قمعية لطمس الشخصية الوطنية ونهب خيرات الشعب الجزائري. وقد جندت فرنسا للإدارة الجزائريين الذين كانوا يؤمنون بفرنسا أكثر من إيمانهم بجزائريتهم، أي من منعدمي الشعور الوطني والمعتقدين أن الجزائر فرنسا، رغم أنها كانت تخصهم بوظائف دونية تمييزية يرفضها الفرنسيون، كحراس وبوابين ومترجمين ومنظفين وكتبة بسطاء، دون أن يكون لهم الحق في الترقية إلى مناصب اتخاذ القرار، وهذا ما زاد في توسع الهوة السحيقة بين الجزائريين والإدارة الاستعمارية، وقد رد ابن باديس على كل من هو في موكبهم قائلا : بأن شعب الجزائر مسلم وعربي ولم يحد عن أصله وم يمت ..الخ. 

لأن العامة من الجزائريين لا يميزون بين الوطنية الجزائرية والانتماء الإسلامي، خاصة أثناء الحقبة الاستعمارية، دفاعهم عن الوطن، دفاعا عن الإسلام، والوطن الجزائري حاضِنة الإسلام.

لكن مبدأ المساواة بعد 44سنة من استرجاع السيادة الوطنية، تجلى مفهومه أكثر، فأصبح أعمق معنى وأكثر وضوحا، فيما نصت عليه المادة 74من الأمر رقم 06/03. المؤرخ في 15جويلية 2006. المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية. في مجال المسار المهني، من حيث التوظيف والترقية، "أن يخضع التوظيف إلى مبدإ المساواة في الالتحاق بالوظائف العمومية". وفي مجال الضمانات وحقوق الموظف وواجباته، نصت المادة 27من نفس القانون _الأمر_ على أنه "لا يجوز التمييز بين الموظفين بسبب آرائهم أو جنسهم أو أصلهم أو بسبب أي ظرف من ظروفهم الشخصية أو الاجتماعية ".

لهذا يمكن استنتاج: أن التراث التشريعي الجزائري في كل الدساتير والتشريعات الوضعية بما في ذلك الميثاق الوطني لسنة 1976يعتبر مبدأ المساواة بين المواطنين في مجال التوظيف حقا من حقوق المواطنة، كمبدأ للتأسيس النظري. 

إذًا. مبدأ المساواة هو مبدأ يتسم بالمحلية والعالمية، باستثناء بعض الدول نذكرها لنعلمها ولا نقيس عليها، لشذوذها عن الاجماع العالمي، لا تنص على مبدإ المساواة بين المواطنين أمام القانون بصفة عامة، أو اكتفت بذكره في ديباجة دساتيرها مثل ما فعلت دول إفريقية كـ "مالي، السنغال، النيجر، القابون"29.

بعد أن تأكد، أن مبدأ المساواة في التوظيف الجزائري مؤسس على المواثيق والاتفاقيات الدولية، ومصادر التشريع والدساتير الجزائرية، وتشريعها الوضعي. من حقنا الآن أن نتساءل. عن كيفيةتطبيق مبدإ المساواة حسب مفهوم المشرع الجزائري.

ثالثا:كيفية تطبيق مبدأ المساواة حسب نظرة المشرع الجزائري:

رغم أهمية المساواة، فهي صفة ليست مطلقة. لذلكينظر المشرع الجزائري إلى المساواة: على أنها ليست مدى مطلقا. فقد أورد استثناءات ذكرها متفرقة في مختلف النصوص القانونية، التي سيتم التطرق إليها لاحقا في مجال الاستثناءات، كـ "التفضل" في المناصب المحجوزة للمجاهدين، و"الحرمان" لخائني الوطن من الوظيفة العمومية.

إذا كان المفهوم الذي اتخذه مبدأ المساواة في التوظيف عند ظهوره في أوروبا، هو مبدأ المساواة القانونية، أي أن تتوافر في المترشح لشغل الوظيفة العمومية كل ما يطلبه قانون التوظيف من شروط ومؤهلات علمية وخبرات عملية. فكيف ينظر المشرع الجزائري إلى تطبيق مبدإ المساواة، في الواقع ؟ . هذا ما سيتم تناوله فيما يلي:

   يرى المشرع الجزائري أن مبدأ المساواة في التوظيف، سواء الداخلي أو الخارجي، يمكن تحقيقه في الواقع بامتحان أو اختبار أو بإجراء سباق بين المترشحين، مع إعداد قائمة يرتب فيها المرشحون الناجحون حسب الاستحقاق، إذا كان عدد الناجحين أكبر من عدد المناصب الشاغرة.

وأبدأ بالتوظيف الخارجي: لأن المساواة فيه أكثر إلحاحا بين المترشحين، لعدم معرفتهم قدرات بعضهم البعض. أما التوظيف الداخلي فأرتبه في المرتبة الثانية؛ لأن منصب العمل مضمون، بقي الرقي الوظيفي وتحقيق الذات فقط، رغم أهمية المساواة طول المسار المهني. وتفصيل ذلك:

1.                       مدخل تأسيس المساواة: قبل أن التحدث عن المكونات التي تخضع لتطبيق مبدإ المساواة. يجب التحدث عن مجالات السباق. وهما اثنان: أولهما خارجي وثانيهما داخلي؛ ولكل منهما مجال مكوناته.

‌أ.  التوظيف الخارجي: للتوظيف الخارجي  ثلاثة أسس للمساواة،30هي:

ü                      المسابقة عن طريق الاختبار.

ü                      المسابقة على أساس الشهادة.

ü                      الامتحان أو الاختبار المهني.

‌ب.                       التوظيف الداخلي:يتم حسب النسب المقررة والطرق المحددة في القوانين الأساسية الخاصة بالترقية، إلى رتبة أو إلى سلك علويين مواليين. من خلال:

§المفاضلة بين الموظفين الذين تتوفر فيهم الأقدمية المطلوبة، مع التسجيل في قائمة التأهيل المعدة ضمن شروط جدول الترقية، مع استشارة اللجنة المتساوية الأعضاء.

§أو النجاح في امتحان أو فحص مهنيين.

§أو الحصول على شهادة.

يصنف الناجحون المقبلون عن طريق المسابقات والشهادات والامتحانات المهنية في قوائم حسب ترتيب الاستحقاق من قبل لجنة ويعينون حسب الترتيب، مقارنة بعدد الوظائف الشاغرة.

ملاحظة: يجب التذكير بــــ:

·القوانين الأساسية قد تختلف فيها هذه الشروط، خاصة إذا أريد تأسيس سلك جديد.

·إذا رفض الموظف التعيين حسب النظم اللائحية التنظيمية، يلغي تعيينه.

·لا يستطيع الموظف أن يحتج بصفته الفردية على القوانين الجديدة التي تسنها الجهة الوصية، محتجا بكونها غير متفق عليها في العقد.

·لا يمكن للموظف أن يتظلم لدى الرئاسات على تطبيق القوانين الجديدة، بل له أن يتظلم على القرارات التي تتخذها الإدارة لما يشعر بالغبن إزاءها. 

إذن المشرع الجزائرييرى أن المساواة تكمن في إجراء السباق، إذا توفرت ثلاثة شروط: أولها توفر مكونات السباق. وثانيها إذا توفر مؤطروا السباق. ثالثها: الاعتراف بالاستثناءات.

 وشرح الشروط الثلاثة  كما يلي:

2.                       أسس السباق: تتمثل مكونات السباق في ثلاثة عناصر: الشهادة والامتحان  والاستحقاق31.

‌أ.الشهادة:هي المؤهل العلمي المطلوب حسب متطلبات كل منصب شاغر. والشهادة أو المؤهل عنصر أساسي في عملية  التوظيف؛ لأنها تـثْبت مستوى معينا من الكفاءة لدى المترشح.

وتفحص التشريع الجزائري يثبت أنالقوانين تضبط العلاقة بين المؤهل والوظيفة من خلال الشهادات. مثلا معلم التعليم الابتدائي يشترط فيه شهادة "الليسانس". وأستاذ التعليم المتوسط يشترط فيه شهادة الدراسات العليا. وأستاذ التعليم الثانوي يشترط فيه شهادة "الماستر". هذا الترتيب يطلب خاصة في بعض التخصصات31دون أخرى، حسب الندرة والوفرة، محاولة من الجهة الوصية وضع "الرجل المناسب في المكان المناسب".

كما تأخذ الجهة الوصية بمبدإ الامتحانات والمسابقات، إذا كان عدد المترشحين المتوفر فيهم شرط الشهادة أوالمؤهل أكبر من عدد المناصب الشاغرة. وهي طريقة من طرق المفاضلة للالتحاق بالوظيفة العمومية، من جهة، والاستحقاق في التعيين والترقية من جهة أخرى.

وقد يضاف إلى المؤهل، "الخبرة"، كمتطلب من متطلبات الوظيفة، بهدف ترتيب المرشحين حسب الاستحقاق. أما إذا كان المرشحون للمناصب الشاغرة جميعهم تتوفر لديهم الشهادة والخبرة المطلوبتان، يلجأ أيضا إلى امتحان أو مسابقة من أجل الاستحقاق، وهو ما أشرحه بالتطرق إلى بقية مكونات المسابقة الموالية.

‌ب.                     الامتحان:يعتبر كمسابقة لحملة الشهادات المطلوبة، وكذلك الامتحان المهني لذوي الخبرة من الموظفين، بهدف ترتيبهم، إذا كان عددهم أكبر من المناصب الشاغرة، ويهدف الامتحان و/أو المسابقة إلى الفصل بين المترشحين بترتيبهم حسب الاستحقاق.

التحضير للمسابقات والامتحانات المقرر اجراؤهما يخضع لشروط دقيقة محددة بالمرسوم التنفيذي رقم 95/293المؤرخ في 30سبتمبر 1995. المتعلق بكيفيات تنظيم المسابقات والامتحانات والاختبارات المهنية في المؤسسات والإدارات العمومية.

‌ج.                      الاستحقاق: هو ترتيب الناجحين في الامتحان المهني و/أو المسابقة من حملة الشهادات. وكذلك لذوي الخبرة والأقدمية من الموظفين وكذلك المسجلين على قائمة التأهيل، والترتيب يتم عن طريق الفرز وقائمة التأهيل، وتشرف عليه لجنة مشكلة خصيصا لهذا الغرض، ليكون العمل نزيها ما أمكن.

   حتى لا يترك تطبيق مبدإ "المساواة"، للمساومة والارتجال والأهداف الشخصية، حدد المشرع الجزائري الآلية الممثلة في تنفيذ المادة 26من الأمر رقم 66/133المؤرخ في 2جويلية سنة 1966. المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وما تلته من قوانين، تناولت نفس ما تناولته هذه المادة، أي أن يتم التوظيف تبعا لكيفيتي: الفرز والجدولة الرتبية. وتفصيلهما حسب التالي: 

ü                      الفرز: بمعنى إخضاع جميع المرشحين المؤهلين للتوظيف للمفاضلة أو الانتقاء حسب أحد الكيفيات الثلاثة التالية: التي هي المسابقات والامتحان المهني وقائمة التأهيل.

o                        المسابقات: تتم عن طريق إحدى الكيفيتين التالتين أو كلهيما. وهما شهادة مع مسابقة، ومسابقة عن طريق الاختبارات.

‌أ.شهادة مع مسابقة: إذا كان عدد حملة الشهادة المطلوبة أكبر من عدد المناصب الشاغرة، تطلب الشهادة كتفضيل لذوي الكفاءة العلمية، وقد تضاف الخبرة  كأداة للتفضيل والفصل بين المرشحين، ككفاءة عملية تميز صاحبها عن الذي لم يضع شهادته على المحك الواقعي في ميدان تخصصه.

‌ب.                     مسابقة عن طريق الاختبارات: إذا كان عدد المرشحين أكبر من عدد المناصب الشاغرة، من غير حملة الشهادات المطلوبة.

o          الامتحان المهني: هو امتحان يجرى عادة للموظفين من داخل المؤسسة من أجل الترقية، تختبر فيه المعلومات المهنية والعامة حول العمل و محيطه

o     قائمة التأهيل: طريقة خاصة بالمخزون الداخلي من الموظفين الذين يثبتون الأقدمية المطلوبة ضمن شروط الترقية. وهي طريقة يفاضل من خلالها بين العاملين المؤهلين في المؤسسة بشروط، منها: أن لا يرقى المرشح مرتين متتاليتين بهذه الكيفية. يعمل بهذه الطريقة رغم ما فيها من سلبيات على الموظفين من داخل المؤسسة، لكن سلبياتها لا تطغى على إيجابياتها.

ü                      الجدولة الرتبية: بعد نجاح المشتركين بكيفية من الكيفيات الثلاثة الأخيرة السابقةإن تبين أن عدد الناجحين من المرشحين المؤهلين أكبر من عدد المناصب الشاغرة، تعد قائمة من قبل لجنة مكونة لهذا الغرض، يرتب فيها الناجحون حسب النقاط المتحصل عليها. تقرر اللجنة تعيين المقبولين المؤهلين في المناصب المفتوحة الشاغرة حسب الترتيب، فيعين من القائمة الأوائل، حسب الاستحقاق، بعدد يساوي المناصب الشاغرة. غير أنه يمكن أن تنص القوانين الأساسية الخاصة على غير ذلك استثناء، كما سيأتي ذكره في مجال الاستثناءات.

رابعا:مؤطروا السباق: مؤطروا السباق، هم مجموعة مختارة مشكلة قانونيا في لجنة مؤهلة محايدة، مهمتها الاشراف على إقرار التنظيم والمراقبة وتنفيذ الإجراءات القانونية لسير المسابقة، في كنف الشفافية المأمورين بها، ورفع تقارير عن طبيعة سير المسابقة إلى الرئاسات التابعين لها.

خامسا: المستثنون من مبدإ المساواة: المساواة في التوظيف ليست حقا مطلقا، إذ يمكن أن يستثنى من القاعدة، الحق في التوظيف لــ  جميع من توفرت فيهم الشروط القانونية ومتطلبات التأهيل، كل من استثناه المشرع الجزائري بنص صريح عام ومجرد.

يمكن جمع هذه الاستثناءات تحت أربعة عناوين رئيسية. هي:مااستثنته القوانين الأساسية العامة. ما استثنته القوانين الأساسية الخاصة. وما استثنته ضرورات سياسية. وما استثنته مقتضيات إدارية. كالآتي:

1.                       المستثنون بالقوانين الأساسية العامة: من العادة أن تنص القوانين الأساسية العامة على الشروط بالقول: "لا يمكن أن يوظف ما لم يكن " بمعنى أن يكون كامل الصفة المطلوبة، والمستثنى لا تذكره. وقد تستثني بقوة القانون، بالنص صراحة مثل: التحفظ على الجنسية. فقد الحقوق المدنية والسياسية. عدم اكتمال  18سنة من العمر.

‌أ..مزدوج الجنسية: فقد نصت المادة 51من دستور 2016على"التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية"هذه الفقرة المضافة في الدستور أثارت ضجة بين المغتربين من أصول جزائرية حاملي الجنسية المزدوجة، وأعضاء حزب جبهة التحرير الوطني التاريخي، مما يدل على التحول الذي حدث بين الجزائريين وداخل الحزب؛ الدهماء من الجزائريين كانوا يعتبرون التجنس بالجنسية الفرنسية خروجا عن "الملّة" حسب ما أُفتي به لهم، أما المناضل أثناء الثورة التحريرية فقد كان يفضل البقاء بدون جنسية على التجنس بجنسية العدو المحتل.

‌ب.                     المتحفظ على جنسيته الجزائرية: هذا الشرط ليس لدخول الوظيفة العمومية فقط، بل والاحتفاظ بصفة "موظف"، إن أسقطت منه الجنسية الجزائرية، أو من فقدها رغم أصليتها، يفقد وظيفته. أما إن كان مكتسبا لها، فيجب أن تكون ذات أقدمية سنتين على الأقل.

رغم اشتراط الجنسية الجزائرية الأصلية، يمكن الاستفادة من خبرات غير الجزائريين في الميادين التي لم يستطع الجزائريون امتلاكها بعد، لتقنيتها العالية أو للتكتم عليها.

‌ج.                      فاقد الحقوق المدنية والسياسية: كتعرض المترشح لإدانة مخلة بالحياء، تتنافى مع طبيعة الوظيفة، أو ثبوت الخيانة العظمى.

‌د.                        فاقد الصحة العقلية الكاملة: إن كان فقدانها يؤثر على الوظيفة المراد شغلها، مع أنها قد تتناسب مع وظائف أخرى، حتى يؤدى العمل أحسن أداء.

‌ه.                      الطفل: أو عدم إكتمال 18سنة: تشترط في الأشغال الخطيرة ولو برخصة الولي الشرعي. ليُحمل المسؤوليات ويؤدي الواجبات. وعادة يحسب تمام العمر المحدد، يوم الامتحان أو المسابقة أو التعيين32.

2.                        المستثنون بالقوانين الأساسية الخاصة: وهو ما جاءت به القوانين الأساسية الخاصة، بسبب طبيعة العمل، من ظروف وشروط، مثل: ما نص عليه القانون الخاص بالجمارك.

أ‌.  طبيعة الوظيفة: يمنع من التعيين أي كان في سلك الجمارك من يقل مجموع حدة بصره على 15/1033دون تعديل بالنظارات أو العدسات. ومن يكون الحد الأدنى لإحدى العينين 10/734. وأيضا إذا زاد عمر عون الحراسة المترشح لسلك الجمارك عن 28سنة.

رغم أن العمر الأعلى للمترشح لم تحدده بقية القوانين الأساسية العامة، إذ جعلته مفتوحا.

ب‌.                       الخصوصية:الإعفاء من التربص بسبب الخصوصية: بأن يثبَّت المرشح لحظة التعيين، دون الخضوع لفترة تربصية. هو استثناء خص كل طبيب عين بصفة "أستاذ باحث جامعي استشفائي". وهي حالة فريدة بين كل الوظائف المفتوحة في الوظيفة العمومية الجزائرية. السبب يعود إلى الفترة التي قضاها الطبيب في المستشفى بصفة "طبيب داخلي"، اعتبرت له فترة تربصية35.  

3.                        المستثنون لضرورات سياسية: قد تتدخل عوامل سياسية، تسبِّـــق بعض المترشحين لدخول الوظيفة العمومية، فتحجزها لهم؛ لأن الوظيفة العمومية واجهة الدولة، وتمثل نظام الحكم فيها، وتعكس تاريخ و وفاء ونظرة الشعب الأخلاقية والسياسية والإيديولوجية. ونذكر من الضرورات السياسية التي لا تعد مخالفة لمبدإ المساواة، بل وفاء لذوي الفضل على الأمة؛ المجاهدين من قدماء المحاربين وذوي حقوق الشهيد، والأجانب ذوي المواقف المشرفة مع البلد، كالمتعاطفين مع الثورة الجزائرية وأيام المحن والأزمات الحادة.

‌أ.  المجاهدون وذوو الحقوق: يعد مجاهدا؛ كل شخص شارك في ثورة التحرير الوطني مشاركة فعلية مستمرة وبدون انقطاع، ما بين أول نوفمبر 1954و19مارس 196236. اما ذوو الحقوق، فهم الأصول والأرملة أو الأرامل، ويضاف أبناء وبنات الشهداء لذوي حقوق الشهيد37. يرجع سبب تحديد تاريخ الجهاد لتكريم الأحياء، و تبجيل الأقربين للشهداء، اعترافا من المجتمع لهم بالتضحيات.

‌ب.                       المتعاطفون مع الثورة التحريرية: هم الأجانب ممن وقفوا مع الجزائر أيام الثورة التحريرية والأزمات، خاصة، السياسية الحادة. فهم ذوو أفضال على الوطن، مثل السيد "شولي" وزوجته. تحجز الوظائف لهم وللمجاهدين وذوي الحقوق والمتعاطفين، ويعطون الأولية في دخول الوظيفة العمومية، وفي الترقية والتكوين والتقاعد. فهذا أيضا لا يتعارض مع الالتزام باحترام مبدإ المساواة في تولي الوظائف، وهو ما قرره المشرع الجزائري.

وسبب حجز المناصب للمجاهدين والمتعاطفين؛ هو تسهيل إدماجهم في العمل وتمكينهم من العيش الكريم ومواصلة الكفاح لأجل بناء الوطن؛ لما تميزوا به من وطنية أكثر من غيرهم. بدليل تعريض أنفسهم لأشد المخاطر وهي الموت ولمساهمتهم بصورة أوضح من غيرهم من المواطنين في ثورة أول نوفمبر من سنة 1954, و هو اعتراف بالجميل من الأمة لمن ضحوا بأموالهم أو عرضوا أنفسهم للموت في سبيل الوطن. إلا أن الأمة يجب عليها أن تترصد للانتهازيين وتمنعهم من التسلل داخل هذه الفئة المستحقة كل التبجيل والتقدير والاحترام. أما  ذوو الحقوق فهم الأقربون المكْفولون من المجاهدين والشهداء؛لذلك وجب  على الأمة الكافلة تعويض الكُفلاء الحقيقيين38.

‌ج.                      الخائنون:(خيانة الوطن) الخيانة العظمي هي جناية. هذا الشرط اختلف في تحديده حسب كل مرحلة تاريخية من تاريخ الجزائر المستقلة. فالأمر رقم 66/133المؤرخ في 22جوانسنة 1966. المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ذكرها بصريح العبارة في مادته رقم 24"المناهضون لحرب التحرير" هم الذين كان سلوكهم معاديا لمصالح الوطن أثناء حرب التحرير الأخيرة. وهو استثناء عُمل به خلال السنوات الأولى لاسترجاع السيادة الوطنية للقرب الزمني مع مرحلة الاستعمار، لكون الوظيفة العمومية تمثل رمز السيادة الوطنية. والعاملون في الإدارة الفرنسية أيام حرب التحرير، كان معوَّلا عليهم رغم كونهم متعاقدون، يعملون في الوظائف الدونية في نظر الفرنسيين، كبوابين ومترجمين وكتاب في "المكاتب العربية"39، وهي وظائف مواجهة للجمهور الذي كانت فرنسا تطلق عليه "الأهالي" وهم السكان القاطنون بالجزائر قبل دخول فرنسا، تمييزا لهم عن الأوروبيين. لذلك لا يقبل ولا يعقل أن يبقى الجزائري الذي حارب أكثر من 7سنوات يجد نفس الوجوه ما زالت بيدها الإدارة  التي كانت بالنسبة للشعب الجزائري  رمز التبعية والتسلط والقهر.

وفرنسا اتخذت من الإدارة العمومية أداة قمع، بغية طمس الشخصية الوطنية، وجندت لها هذه الفئة من الجزائريين التي كانتتؤمن بفرنسا أكثر من إيمانها بوطنها الجزائر. وحتى لا تترك فرنسا الأمور تفلت من يدها جندت الأفراد الموثوق في وفائهم لها، هم ذوو الصفات الأساسية المطلوبة _في نظرها_؛ منها أن يكون بالضرورة خادما مطيعا وأمينا ومتفانيا في خدمة فرنسا ويحسن التحكم في محكوميه، من الجزائريين طبعا، مثل التي في "القايد" و"الباشاغا". إلى جانب الصفات التقليدية الأخرى وهي: الشجاعة. رجل بارود. رجل قبيلة.40

لكن بسبب الحاجة الملحة إلى الموظفين في بداية الاستقلال، فضلت السلطة الجزائريةآنذاك الجزائري على غيره. ولأن البيت الواحد _أحيانا_ انقسم إلى قسمين؛ منهم من أيد الثورة التحريرية، ومنهم من عارضها. سُكت عمن عارضوا الثورة التحريرية، بشرط ألا يكونوا قد حملوا السلاح وسفكوا دماء الجزائريين.

إذن. إبعاد خونة البلد لا يعتبر أيضا مسا بالمساواة، بدليل ما نصت عليه المادة 4من الاتفاقية رقم 111الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام الصادرة عن منظمة العمل الدولية. "لا يعتبر من قبيل التمييز أي تدابير تتخذ ضد كل فرد يشتبه عن وجه حق في قيامه بأنشطة فيها إضرار بأمن الدولة، أو يثـــبُت تورطه في هذه الأنشطة، شريطة أن يكون لهذا الشخص الحق في الطعن أمام هيئة مختصة، أقيمت وفقا للممارسات الوطنية"41.

‌د.                        المناصب العليا أو النوعية:يتم التعيين الاستثنائي في المناصب العليا أوالنوعية، بسبب ما يتمتع به مسئولوا الوظائف القيادية من "سلطة تقديرية" في تعيين المرشحين للوظائف العليا والنوعية. وقد برر المشرع الجزائري ذلك بـــما " يتمتع هؤلاء المعينون من تقنية أو بسبب اعتبارات أخلاقية كالثقة أو الشعور بمصالح الوطن42" ؛لأن بدايات استرجاع السيادة الوطنية ، كانت الشرعية مستمدة من "الشرعية الثورية" وهو المبرر الذي جعل الالتحاق بالوظائف العليا لا يعتمد على شروط مسبقة عامة ومجردة، بل كل ما تتطلبه هذه الوظائف العليا؛ وفاء المرشح و إخلاصه و ولاءه _موثوق فيه_  لصاحب السلطة _الشرعية الثورية_  الذي عينه في الوظيفة.

لكن مفهوم الولاء بهذا المعنى  يقتضي تفصيلا أكثر، أتناوله فيما يلي

‌ه.                       استدراك لمفهوم الولاء: الولاء في الأصل، ناتج عن تنازل الرئيس المباشر عن بعض مسؤولياته ومستلزماتها من سلطات إلى من اختاره مساعدا له، تنفيذا للخطة الموضوعة من طرف الرئيس الأعلى _أُمر بتحقيق أهدافها من رئاساته_، دون متابعة لصيقة، لتتفرغ هذه الرئاسات إلى الإشراف والتوجيه.

من هنا فالولاء كما عرفه أحمد زكي بدوي "مرادف للطاعة، ويدل على الصلات والعواطف _قانونية_ والإخلاص لما يعتقد الفرد أنه صواب"43الولاء قد يكون طبيعيا، فيصبح واجبا على كل مواطن نحو السلطة الحاكمة والوطن الذي يقيم فيه أو واقعيا مقابل تمتعه بالحماية والأمن. وهو مشتق من "الولاية" التي كما فسرها "ر.بودو وف.بوريكو"  بأنها  " كلمة نستعملها لما نتكلم عن الولاية لشخص أو لمؤسسة  لكي ندل على أننا نثق فيهما ونتقبل رأيهما وعلى أننا مستعدون للامتثال لهما"44.

رغم الولاء والثقة الممنوحتين يجب أن يتمتع "المعين" أيضا بالكفاءة اللازمة للمنصب حتى يستطيع أن يظهر "في عمله بدرجة عالية من الإتقان وأن تكون له فعاليته في كافة الأمور المعاجلة"45

الظاهر أن مفهوم الولاء في العالم العربي ومنه الجزائر لا يستخدم لتحقيق هذا النوع من الاخلاص لتنفيذ الخطط  وإظهار ما يتمتع به المعين من كفاءة ومهارة واستغلالهما في تحقيق الخطة المرسومة، بل الولاء أصبح يُلتزم به بغرض رد الجميل والعرفان للقائم بالتعيين، ما دام يحتل منصبا قياديا في المؤسسة.

   من هنا نستشف أن الولاء ليس للمؤسسة وتحقيق أهدافها، بل لمن له السلطة التي تضمن الامتيازات الوظيفية، والولاء بهذا المعنى يصبح بقاؤه مرهونا ببقاء القائم بالتعيين في الوظيفة القيادية التي تمنح الامتيازات، ومن ثم فهذا الولاء ليس حقيقيا، بل هو ولاء أعمى؛ لأن الولاء الحقيقي هو الولاء لـ:الله والوطن والمؤسسة وأخيرا لمن فوض الصلاحيات والسلطات، على الترتيب.

‌أ.  الله :لأنه المراقب العام لكل النوايا والأعمال، المانح لكل الخيرات، المحقق لكل الأماني، والولاء إذا كان لـ  لله يدل أن صاحبه صادقا في ولائه.

‌ب.                       الوطن: لأنه القبة التي يستظل تحتها الكل، بدءا من المفوِّض والمفوَّض له، حتى مَن يعُولون من أسر، مانح الانتماء والأمان والتشريف بالتكليف، المستأمِن على خيرات الأمة؛ الأمانة التي أبت السماوات والأرض أن تحملها.

‌ج.                       المؤسسة: هي الأمانة المانحة مباشرة لمصدر العيش، والمتفق معها على الوفاء لها لتحقيق أهدافها يوم توقيع الطرفين عقد العمل، مقابل ما قبلا به في ذات اللحظة من عمل وأجر.

‌د.المفوِّض: إن كان صادقا فهو المؤتـمَن الأول من الله والوطن والمؤسسة والمنتظر منه أن يمنح المؤسسة البقاء والنمو والتطور ومواجهة ما قد تمر به من صعاب والصبر على الأزمات؛ بالتضحية أحيانا ولو بجزء مما حصّل عليه منها مع مقاومة المغريات التي قد تُعرض من طرف المناوئين والمنافسين.

4.المستثنون بمقتضيات التنظيم الإداري: الإدارة قد تتطلب عوامل تقوية معينة، منها: القدرات الخاصة _ بدنية وعقلية_ وتفضيل جنس على آخر…الخ. لذلك قُبل الأجنبي واختلف الأجر وقدم الشرط الموضوعي على الشكلي وروعيت خصوصية الوظيفة:

‌أ.  توظيف الأجنبي: المقصود به غير حامل الجنسية الجزائرية. قد يوظف من لا يحمل الجنسية الجزائرية أو حتى المكتسبة. بسب تخصصات دقيقة تتطلبها وظيفة ما مازال الجزائريون لا يمتلكونها أو لتقنية جديدة عالية متحفظا على أسرارها من طرف مخترعيها أو مكتشفيها.

‌ب.                       اختلاف الأجر: المساواة في الوظائف العمومية لا تعني المساواة المادية دائما بين أصحاب المؤهل الواحد؛ لاختلاف متطلبات كل وظيفة من مسؤوليات وسلطات، رغم ما قد يكون بين الموظفين من فوارق فرص الترقية، ولعل المقولة التي جاء بها النظام الاشتراكي وذكرها الميثاق الوطني الجزائري لسنة 1976تصلح لتلخيص المعنى الذي أقصده في هذا السياق "مِن كل حسب قدرته، ولكل حسب عمله".46

‌ج.                       تقديم الشرط الموضوعي على الشكلي:قد يقع تنافي بين القدرة الموضوعية والشكلية، فيرجح ما يثبِّت الموضوعي. مثل المعفيين من الخدمة الوطنية لأسباب صحية لا يمكنهم المشاركة في مسابقات التوظيف للالتحاق بالأسلاك والرتب التي تتطلب الأهلية البدنية كالشرطة والجمارك وحراس الغابات والسجون ...الخ47. رغم قبولهم في وظائف أخرى.

‌د.خصوصية الوظيفة: الخصوصية المقصودة هنا، هي الخصوصية التي تميز بعض الوظائف على أخرى، كترجيح جنس على آخر، فقد يؤْثر الرجل على المرأة في مثل العمل الليلي48وباطن الأرض _المناجم _49وقد تؤْثر المرأة على الرجل في مثل حراسة زنزانات سجون النساء، أو مراقد الطالبات. إيثار لا يعتبر تمييزا لطرف على آخر، ونفس الشيء بالنسبة للجنسية الأصلية للسفير والقنصل،اللذين يجب أن تكون جنسيتهما غير مزدوجة وجزائرية أصلية. هذا الإيثار اقتضته المقتضيات الإدارية.

يمكن تلخيص المقتضيات الإدارية. في أن الوظائف المستثناة من سباق التوظيف حق من حقوق المستثنى لها. وتتمثل في:

ü                      الوظائف ذات الطبيعة الفنية البالغة التعقيد:لندرتها أو مفقوديتها في الوطن. كتوظيف الأجنبي فيها.

ü                      الوظائف ذات المسؤوليات القيادية العالية: لاعتمادها على عناصر الشخصية والخبرة والولاء، كالأمناء العامين.

ü                      الوظائف ذات الطبيعة السرية: لاعتمادها على عنصر الثقة ولما تتطلبه من مواصفات خاصة كالنباهة والتجلد وثبات الجأش.

ü                      الوظائف الضارة: التي تفتقر إلى الجاذبية وغير مشبِعة للحاجات النفسية والاجتماعية، بل قد تكون ضارة لها. مثل العمل ليلا وفي المناجم.

      لا شك أن كل المتفاعلين يتركون آثار تتبع كل عمل. وآثار تبعات المسابقات أو الامتحانات على طرفي العلاقة في الحق في المساواة هي:

سادسا: تبعات السباق: وهي ما يترتب على إجراء الامتحانات والمسابقات. من الضروري ذكرها استكمالا للحق في المساواة. هي:

1.                       إعداد قائمة احتياطية: بعد إعداد قائمة نهائية للمقبولين مساوية لعدد المناصب الشاغرة، مرتبين حسب النقاط المحصل عليها من أعلى علامة إلى أدناها مصادقا عليها من طرف لجنة القبول النهائي، تضاف قائمة أخرى احتياطية مكملة للتسلسل الترتيبي الذي توقفت عنده قائمة المقبولين، بهدف تعويض المقبولين المتخلفين عن تسلم الوظيفة، بحسب الترتيب أيضا. 

2.                       الحق في الطعن:رغم أن الوصاية رفضت الطعون في نتيجة الامتحانات الرسمية المعلنة، بسبب توقع الطاعنين احتمال الخطأفي الامتحانات المهنية والمسابقات. وبُرر الرفض بكثرة الطعون ولمجرد الطعن وتلقائيته وعدم تأسيسه غالبا، مما يؤدى إلى تأخير إعلان النتائج النهائية.

التبرير المقدم من الجهة الوصية بإلغاء حق الطعن، رغم ما فيه من صدق بعض الحجج المقدمة، هو إلغاء لـ "مبدأ"  مكرس لدى جميع فقهاء القانون؛ لأن المصححين والقائمين على الامتحانات والمسابقات غير معصومين من الخطأ على الأقل، إن لم نقل غير ذلك كأفعال متعمدة.

3.                       استمرار الحقفي المساواة:لا يتوقف مبدأ المساواة أمام باب الدخول للوظيفة العمومية، بل يمتد أثره مع المسار المهني للموظف، وما يترتب عليه من مراكز قانونية وحقوق والتزامات متبادلة. مثل الحق في التكوين والترقية والضمان الاجتماعي والتقاعد ...الخ

الخلاصة

   الوظيفة حق المواطن على دولته فرضته المواطنة وجعلته بمساواة، انطلاقا من التكافؤ في الفرص والجدارة، خدمة للمواطن والوطن، ومبدءا الكفاءة والجدارة متكاملين وموصلان للمساواة، والمساواة حائلة دون احتكار أي طبقة أو فئة للوظيفة العمومية، إن وضع المشرع آليات تحقيها.

الاجابة على سؤال الإشكال المطروح في بداية المقال إيجابية، والمتمثل في" هل توجد آليات مشرعة لتحقيق مبدأ المساواة في التوظيف في المؤسسة العمومية الجزائرية ؟ "؛ لأن الاستقراء توصل  إلى أن مبدأ المساواة في التوظيف في المؤسسة العمومية الجزائرية مؤسس على التشريع الاسلامي والإعلانات والمواثيق الدولية المقررة لحقوق الإنسان، ومكرس في كل الدساتير والتشريع الجزائري، منذ استرجاع السيادة الوطنية إلى الآن.

المشرع الجزائري رأى أن المساواة تحقق بالمسابقة  المبنية على المادة 26من الأمر رقم 66/133المؤرخ في 2جوان 1966.المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وما شاكلها49من قوانين تخص الوظيفة العمومية الجزائرية، التي انطلقت من أن آليات المساواة في التوظيف هي: الفرص المتكافئة، والجدارة، والاستحقاق.  

وحددت الفرص المتكافئة بإعطاء جميع المواطنين قيما متماثلة من الحاجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قبل تحديد الجدارة. وحددت الجدارة بالشهادة والامتحان قبل تحديد الاستحقاق. وحددت الاستحقاق بالفرز والجدولة الرتبية.

ورأى المشرع الجزائري أن المساواة ليست حقا مطلقا؛ لما للإدارة من حق على المواطن، ولما للمواطن من حق على الإدارة، و لما للوطن من حق على الإدارة والمواطن.

للإدارةحق تقدير مدى صلاحية المترشحين لشغل الوظائف العمومية، استجابة لمتطلبات كل منصب ومقتضيات القانون، وللمواطن حق على الإدارة أن تقدر الصلاحية وتنتقي بمساواة بناء على الكفاءة والجدارة والاستحقاق.

وللوطن حق الاستثناء في المساواة؛ بتبجيل المواطن على الأجنبي، ورد الجميل لمن خدموه، وردع من خانوه، وتفضيل ذكر أو أنثى، وتقديم الشرط الموضعي على الشكلي، بحجة مقتضيات المواطنة، والضرورات السياسية والتاريخية، والقدرات الشخصية، وطبيعة المنصب.

مهما كانت القوانين واضحة ودقيقة وعامة ومجردة فإن اختلاف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمترشحين، ونزوات القائمين على التوظيفقد تكون سببا في عدم المساواة.

    1.            أحمد زكي بدوي.معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية. مكتبة لبنان. بيروت. 1986. ص137.

    2.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. دستور الجزائر 1976. المادة 41.

    3.            استعملت "المفاضلة" بدل الاختيار؛ لأن المفاضلة تعني: تقديم مترشح على غيره بما يتمتع به من مواصفات شخصية متصلة بمتطلبات الوظيفة. أما الاختيار فقد يكون خاضعا لدوافع شخصية أو ضغوط خارجية على الشخصية القائم بالتوظيف.

    4.            حبيب الصحاف.معجم إدارة الموارد البشرية وشؤون العاملين. مكتبة لبنان. ناشرون. ط1.1997. ص63.

    5.            أحمد زكي بدوي .معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية. مكتبة لبنان .بيروت .1986.ص 265.

    6.            إبراهيم عباس الحلابي .تنمية الموارد البشرية وإستراتيجيات تخطيطها. دار الفكر العربي. ط1. 2013. ص70/71.

    7.            أحمد مختار عمر. الكنز الكبير. مطبعة سطور. ط1. 2000. ص326. (اكتفيت بالأكثر شيوعا في عصرنا).

10.            بزة رابح.واقع تسيير الموارد البشرية في المجتمعات المحلية. مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع. جامعة باتنة. الجزائر. غير منشورة. ص150.

11.            عبد الغفار يونس. السلوك التنظيمي وإدارة الموارد البشرية. دار الجامعة للنشر. مصر 2001.

12.            راجع. إبراهيم عباس الحلابي. تنمية الموارد البشرية وإستراتيجيات تخطيطها. دار الفكر العربي. ط1. 2013.ص79

13.            سليمان محمد الطماوي .مبادئ القانون الاداري . ص 356 .

14.            أحمد زكي بدوي . معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية. مرجع سابق.ص136.

15.            عبد الهادي الجوهري .قاموس علم الاجتماع. المكتب الجامعي الحديث. 1988. ص218.

16.            محمد عاطف غيث .قاموس علم الاجتماع .دار المعرفة الجامعية .1995.ص161.

17.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.المادة 1/2.من الأمر رقم 75/58المؤرخ في 26سبتمبر 1975. المتضمن القانون المدني الجزائري المعدل والمتمم.  

18.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .دستور 1996. المادة 132. "المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية. حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور ،تسمو على القانون".

19.            سورة الحجرات الآية 10.

20.            نفس السورة الآية 13.

21.            المادة 6. إعلان "حقوق الإنسان والمواطن للثورة الفرنسية "سنة 1789.

22.            المادة 21/2. الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948. الأمم المتحدة.

23.            المادة 2. الاتفاقية رقم 111الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة. منظمة العمل الدولية .اعتمدت يوم 25 جوان 1958.

24.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.المادة 10/5.دستور1963. 

25.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.دستور 1963.أنظر الفقرات الأخيرة من المقدمة.

26.            أحمد زكي بدوي .معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية .مكتبة لبنان .بيروت .1986.ص136.

27.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية .الميثاق الوطني. الجريدة الرسمية. رقم 61 .المؤرخة في 30جويلية 1976. ص901 .

28.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. الأمر رقم 66/133. المؤرخ في 2 جوان1966. المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية .الدخول المتساوي في الوظيفة العمومية. الديباجة. ص545.

29.            طلعت حرب محفوظ محمد.مبدأ المساواة في الوظيفة العامة. ص182.

30.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 26"وسيلة تحقيق المساواة " من الأمر رقم 66/133. المؤرخ في 2جوان1966.المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية .

31.             راجع القوانين الأساسية العامة التالية.

أ.  الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 26من الأمر رقم 66/133مرجع سابق.

ب. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.  المادتين 54و55من القانون رقم 78/12. مرجع سابق.

ج.  الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.  المادة 34من المرسوم رقم 85/59.مرجع سابق .

د.   الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.  المادتين 79/80من الأمر رقم 06/03 .مرجع سابق.

32.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 27من المرسوم رقم 10/286المؤرخ في 14نوفمبر2010. المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بإدارة الجمارك.

33.            المادة 51 .نفس المرجع.

34.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 16من المرسوم التنفيذي رقم 08/129. المؤرخ في 3مايو 2008المتضمن القانون الأساسي الخاص بالأستاذ الاستشفائي الجامعي.

35.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 5من القانون رقم 99/07المؤرخ في 5 أفريل 1999. المتعلق بالمجاهد والشهيد.

36.            المادتين 13/14نفس المرجع.

37.             الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المواد 1/7من المرسوم 66/146. المؤرخ في 2جوان 1966.المتعلق بالتعيين في الوظائف العمومية وإعادة ترتيب أفراد جيش التحرير الوطني ومنظمة جبهة التحرير الوطني.

38.            عمار عماري مقال بعنوان "بعض الملاحظات عن واقع الادارة العمومية الجزائري وسبل اصلاحها للاندماج ايجابيا في الحركة العمالية" .كلية الاقتصاد وعلوم التسيير. جامعة فرحات عباس سطيف .الشبكة العنكبوتية.

39.            عبد الحميد قرفي .الادارة الجزائرية. مقاربة سوسيولوجية ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة. 2008.ص 59.

40.            منظمة العمل الدولية .الاتفاقية رقم 111الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة.المادة 4.اعتمدت يوم 25حزيران 1958.

41.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. الأمر رقم 66/133. المؤرخ في 2جوان1966. المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية  الدخول المتساوي في الوظيفة العمومية. الديباجة ص545.

42.            أحمد زكي بدوي .معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية .مكتبة لبنان .بيروت.1986. ص136.

43.            ر.بودو وف .بوريكو .ترجمة سليم حداد .المعجم النقدي لعلم الاجتماع .ديوان المطبوعات الجامعية.2007  ص607.

44.            إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي .الموسوعة الاقتصادية والاجتماعية. عربي انجليزي.www.kotobarabia.com ص 413.

45.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. الميثاق الوطني. مرجع سابق .ص 91.

46.            الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. منشور رقم 16ك /م/ع/ ع /2006المتعلق بشروط الأهلية البدنية .المؤرخ في 29أبريل 2006.

47.            منظمة العمل الدولية. المادة  3من اتفاقيات.أرقام 4و 41 و89. بدأ نفاذ الاتفاقية الأولى بتاريخ: جوان 1921.

       استثنت نفس المادة بجواز عمل النسوة ليلا في "المنشأة التي لا يعمل فيها الأفراد من نفس الأسرة " و"حالة القوة القاهرة ، والخوف من تلف المواد عند انقطاع العمل ".

       وأستثني أيضا بالمادة 4من خلال اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقمي 41و89. وكذلك المادة رقم 29 من قانون رقم 90/11المؤرخ في  21أبريل سنة 1990المتعلق بعلاقات العمل .معدل. "يمنع المستخدم من تشغيل النساء ليلا". غير أنه أجاز لمفتش العمل المختص إقليما أن يمنح رخصة خاصة. عندما تبرر ذلك طبيعة النشاط وخصوصيات منصب العمل في مثل المستشفيات والسجون ودور الطفولة. مع الاشارة أنه يعتبر عملا ليلا في الجزائر: من بداية الساعة 9ليلا إلى غاية نهاية الساعة 5 صباحا.

48.            اتفاقية منظمة العمل الدولية. رقم 45. المادة 2.بدأ نفادها سنة 1937.

49.            راجع القوانين الأساسية العامة التالية :

أ. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 26من الأمر رقم 66/133مرجع سابق

ب. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادتين 54و55من القانون رقم 78/12مرجع سابق

ج. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادة 34من المرسوم رقم 85/59.مرجع سابق

د. الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المادتين 79/80من الأمر رقم06/03. مرجع سابق.

@pour_citer_ce_document

عبد العالي بلعيفة, «الآليات القانونية لتحقيق المساواة في التوظيف في المؤسسة العمومية الجزائرية _ مقا... »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2017-01-30,
Date Pulication Electronique : 2017-01-30,
mis a jour le : 09/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=2074.