الرقابة البرلمانية على الميزانية العامة في الجزائر
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N° 24 Juin 2017

الرقابة البرلمانية على الميزانية العامة في الجزائر


عزة عبد العزيز
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

أصبحت مهمة تحضير الميزانية العامة في أغلب دول العالم من اختصاص الجهاز التنفيذي حصريا بحكم ما يتمتع بهمن إمكانات ووسائل مادية وبشرية ضخمة تمنحه القدرة والفاعلية على القيام بهذه المهمة المعقدة.إذ نجد مجال تحضير الميزانية في الجزائريعود إلى وزير المالية تحت سلطة وإشراف الوزير الأول كما هو الشأن في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وإذا كانت وظيفة الرقابة التي يمارسها البرلمان على النشاط المالي للحكومة من بين أهم الصلاحياتالدستورية التي تتمتع بها السلطة التشريعية بصور مختلفة وفي مستويات زمنية متباينة، بدء من عرض مشروع قانون الميزانية لمناقشته أمام البرلمان وانتهاء بقانون تسوية الميزانية وفق إجراءات وقيود محددة في القانون. غير أن تنفيذ هذه الرقابة بمختلف أنواعها ومستوياتها غالبا ما تصادفه جملة من المعوقات والعراقيل الداخلية والخارجية، الموضوعية والإجرائية، والتي نحاول رصدها في هذه الدراسة والبحث عما يلائمها من حلول ومعالجات.

la tâche de préparation du budget est devenu généralement  dans la plupart des pays du monde de la compétence de l’organe exécutif exclusivement , et en vertu de celle dont jouissent le potentiel et les moyens de matériel et humain important lui donne la capacité et de l'efficacité pour mener à bien cette tâche complexe. Comme nous trouvons le domaine de la préparation du budget en Algérie au ministre des Finances sous l'autorité et la supervision du Premier ministre qui est le cas en France, la Grande-Bretagne et les États-Unis. si la fonction de contrôle qui exercé par le Parlement sur l'activité financière du gouvernement des plus importants des pouvoirs constitutionnels, que le législateur jouit de différentes manières et à différents niveaux  temporels  après le début du projet de loi sur le budget à discuter devant le Parlement et la fin de la liquidation du budget conformément aux procédures et restrictions spécifiques  par la loi. Cependant, la mise en œuvre d'un tel contrôle de différents types et niveaux souvent rencontré un certain nombre obstacles internes et externes, de fond et de procédure, qui se transforment surveillé dans cette étude et la recherche de ce qui leur convient des solutions et des traitements.

la tâche de préparation du budget est devenu généralement  dans la plupart des pays du monde de la compétence de l’organe exécutif exclusivement , et en vertu de celle dont jouissent le potentiel et les moyens de matériel et humain important lui donne la capacité et de l'efficacité pour mener à bien cette tâche complexe. Comme nous trouvons le domaine de la préparation du budget en Algérie au ministre des Finances sous l'autorité et la supervision du Premier ministre qui est le cas en France, la Grande-Bretagne et les États-Unis. si la fonction de contrôle qui exercé par le Parlement sur l'activité financière du gouvernement des plus importants des pouvoirs constitutionnels, que le législateur jouit de différentes manières et à différents niveaux  temporels  après le début du projet de loi sur le budget à discuter devant le Parlement et la fin de la liquidation du budget conformément aux procédures et restrictions spécifiques  par la loi. Cependant, la mise en œuvre d'un tel contrôle de différents types et niveaux souvent rencontré un certain nombre obstacles internes et externes, de fond et de procédure, qui se transforment surveillé dans cette étude et la recherche de ce qui leur convient des solutions et des traitements.

تتسم أغلب الأنظمة الدستورية المعاصرة في مختلف النظم السياسة الليبرالية والديمقراطيات الحرة بوجود ثلاث سلطات مهمة تتقاسم أعباء القيام بوظائف الدولة الأساسية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات، وهي: السلطة التشريعية ومهمتها سن القوانين في البلاد، والسلطة التنفيذية ومهمتها تنفيذ القوانين والسهر على تنظيم وسير المؤسسات العمومية والمرافق العامة ورعاية المصلحة العامة وحفظ النظام العام، والسلطة القضائية وتتولى مهمة الفصل في الخصومات والمنازعات الناشئة عن مخالفة القانون أو هدر الحقوق. وإذا كانت الوظيفية الأصيلة للبرلمان تتحدد أساسا في القيام بوظيفة التشريع بصفته يمثل السلطة التشريعية في الدولة ، فإنه أيضا يتولى وظيفة الرقابة السياسية على مختلف أوجه النشاط الحكومي فيها مهما كان شكل النظام المنتهج،  والتي لا تقل شأنا عن سابقتها كونه يمثل أداة ديمقراطية تعبر عن أسلوب مشاركة المواطنين في الحياة السياسية ومراقبة النشاط السياسي للحكومة من حيث مدى التزامها بتطبيق برنامجها السياسي الذي تعهدت به أمام المواطنين، أو نشاطها الإداري من حيث أداء وظائفها كسلطة عامة تتولى إدارة المرافق والمؤسسات العامة أو نشاطها المالي من حيث  استخدامها للموارد والأموال العمومية والتصرف بها لتسيير الشأن العام الذي يتحدد من الوجهة القانونية من خلال عرض قانون المالية  السنوي  متضمنا الميزانية السنوية  للدولة. أين تتولى وزارة المالية تحضيرَها وإ عدادها معتمدة على جملة من المعطيات والتوجيهات كالمخطط الحكومي الذي يتضمن الأهداف العامة المراد انجازها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى توقعات مختلف القطاعات لقسمي النفقات والإيرادات. حيث تعتبر الميزانية أداة لترجمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وهي تعبير عن برنامج العمل المعتمد الذي تعتزم الحكومة تنفيذه في السنة اللاحقة تحقيقا للأهداف المسطرة.

و إذا كان الدستور الجزائري قد خول البرلمان جملة من الصلاحيات والآليات الدستورية والقانونية للقيام بدوره في مجال الرقابة المالية على تنفيذ الميزانية العامة في الدولة تنم عن وعي المشرع الدستوري بأهمية الرقابة البرلمانية على استعمال الأموال العمومية والتي تبدأ أساسا بعد فراغ الحكومة من إعداد وتحضير مشروع قانون الميزانية، أين يباشر البرلمان  هذه الرقابة بصور عديدة وفي مستويات زمنية مختلفة، بدء من عرض مشروع قانون الميزانية لمناقشته أمام البرلمان وانتهاء بقانون تسوية الميزانية وفق إجراءات وقيود محددة في القانون.إلا أن تنفيذ هذه الرقابة بمختلف أنواعها ومستوياتها غالبا ما تصادفه جملة من الصعوبات والمعوقات الداخلية والخارجية الموضوعية منها والإجرائية، وهي ما يعكس الأداء الهزيل الذي يطبع الممارسة البرلمانية في الجزائر على وفق ما نراه ونشاهده في كل دورة برلمانية منذ مدة طويلة.

إن البحث في موضوع الرقابة البرلمانية على استخدام الأموال العمومية من قبل الحكومة في الجزائر يحوز أهمية بالغة دفعتنا إلى التحري والتنقيب في ثناياه بحكم اهتماماتنا بمجال الرقابة المالية عموما وبحكم ما يكتنفه من تعقيدات قانونية وواقعية تتجلى من ورائها صورة الرقابة المالية التي يباشرها البرلمان الجزائري على تنفيذ الميزانية العمومية ، فهل تمكن هذه الصلاحيات والآليات الرقابية المكرسة في الدستور الحالي البرلمان من تحقيق أداء رقابي جيد بما توفره من كفاية وفاعلية ؟،  وهل تؤهل هذه الأدوات الدستورية هذه المؤسسة العليا لأداء دورها المرجو في ممارسة رقابة مالية تستجيب للمعايير الدولية في الشفافية والمساءلة بما يحقق رقابة فاعلة وناجحة قبل وأثناء وبعد تنفيذ الميزانية العامة، قياسا إلى ما يمكن أن  يعكسه واقع التنفيذ من صعوبات تصطدم بها عملية الرقابة البرلمانية على تنفيذ الميزانية ؟.

ذلك ما سنحاول الإجابة عنه في هذه الورقة البحثية التي تعالج موضوع رقابة البرلمان الجزائري على تنفيذ الميزانية، مستخدمين في دراستنا هذه المنهج الوصفي والمنهج التحليلي الملائمين لمثل هذه الدراسات التي تعتمد على التوصيف والتحليل وإبراز الملاحظات والنتائج وما يتعلق بها من إعادة عرض للحلول والمعالجات. حيثسنتناول هذا الموضوع من خلال الخطة التالية:

المبحث الأول: نتاول فيه أنواع الرقابة البرلمانية على تنفيذ الميزانية وينقسم إلى مطلبين اثنين:

المطلب الأول: نتناول فيه الرقابة السابقة على تنفيذ الميزانية أو ما يعرف برقابة المصادقة

المطلب الثاني: نتناول فيه الرقابة على الحكومة أثناء وبعد تنفيذ الميزانية وهي ما يعرف بالرقابة المرافقة واللاحقة.

المبحث الثاني: يتناولمعوقات الرقابة البرلمانية على الميزانية العامة

المطلب الأول: يتناول المعوقات المتعلقة بمرحلة صدور قانون المالية

المطلب الثاني: يتناول المعوقات المتعلقة بالمناقشة والمصادقة.

خاتمة: تتناول مختلف النتائج المتوصل إليها في البحث والتوصيات المقترحة بشأنها.

المبحث الأول: أنواع الرقابة البرلمانية على تنفيذ الميزانية

  يمارس البرلمان دوره في مراقبة النشاط المالي للحكومة عنطريق آليات وأدوات قانونية حددها الدستور بشكل واضح وصريح تتمثل أساسا في مناقشة ميزانيةالدولة والتصويت عليها قبل تنفيذها أو ما يعرف بالرقابة السابقة) مطلب أول (، ومراقبة نشاط الحكومة أثناء تنفيذ الميزانية، وكذا التصويت على قانون ضبط الميزانية أو ما يعرف بالرقابة المرافقة كنموذج عن الرقابة اللاحقة (مطلب ثان).

المطلب الأول: الرقابة السابقة على تنفيذ الميزانية-رقابة المصادقة-

بعد مرحلة إعداد الميزانية وتحضيرها، يتم إيداع مشروع قانونالمالية لدى مكتب رئيس المجلس الشعبي الوطني لتبدأ العملية الرقابية للبرلمانوالذي يتولى إحالته إلى اللجنة البرلمانية المختصة لجنة -الميزانية والمالية، حيث تتولى دراسته ومناقشته مع ممثل الحكومة  )وزير المالية(، وتنهي أعمالها بوضع تقرير تمهيدي تضمنه ملاحظاتها واقتراحاتها، مع مراعاة أحكام المادة : 138/ 07منالدستور  التي يجيز فيها القانون لرئيس الجمهورية أن يصدر قانون المالية بموجبأمر[i] ، يتم عرض هذا التقرير على المجلس الشعبي الوطني الذي  يتضمن مجريات المناقشة داخل اللجنة وملاحظاتها وتعديلاتها، ويرفق بتقرير يتضمن توصيات اللجنة عن ميزانيتي التسيير  والتجهيز للدولة. يبلغ التقريران إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني ويوزعان على النواب ثلاثة أيام قبل انطلاق المناقشة العامة.

ثم يعرض المشروع لمناقشته أمام النواب في جلسة عامة تطرحفيها كل القضايا والمشاكل المتعلقة بالسياسة المالية، ومدى الالتزام بتنفيذ قانون المالية الساري المفعول من طرف كل الوزارات ومصالح الدولة، يمكن للنواب والحكومة وأعضاء اللجنة التقدم باقتراح تعديلات مكتوبة أمام للجنةالمختصة لمناقشتها مع الوزير المعني. تخول المادة 140-11من الدستور للبرلمان بغرفتيه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة حق التصويت على ميزانية الدولة. حيث تعد المصادقة على مشروع قانون المالية بمثابة الترخيص المالي للحكومة بتنفيذ الميزانية العامة للدولة. وتتم إجراءات هذه المصادقة من خلال المرور بمرحلتين أساستين هما: مرحلة مناقشة مشروع المالية (الفرع الأول)، ومرحلة التصويت على هذا المشروع (الفرع الثاني).

الفرع الأول: مناقشة المشروع أمام البرلمان

جاء في نص المادة 138/01من الدستور أن مشروع القانون يجب أن يكون موضوع مناقشة من طرف غرفتي البرلمان أي أمام المجلس الشعبي الوطني (فقرة أولى) ثم أمام مجلس الأمة على التوالي قبل التصويت عليه (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: المناقشة العامة على مستوى المجلس الشعبي الوطني

يعرض مقرر لجنة المالية والميزانية مقدمة التقرير التمهيدي عن مشروع قانون المالية في جلسة علنية بعد تقديم ممثل الحكومة (وزير المالية) الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية.حيث تُفتح مناقشة عامة حول مشروع قانون المالية والميزانية القطاعية أين يسمح لكل نائب باستثناء أعضاء اللجنة المختصة بالتدخل في الموضوع، تتبع تدخلات النواب بردود الوزراء وأو برد ممثل الحكومة.[ii]

تقدم التعديلات على مشروع قانون المالية من الحكومة ولجنة المالية والميزانية أو من عشرة (10) نواب من بينهم مندوب أصحاب التعديل. حيث يُودع النواب تعديلاتهم في أجل 24ساعة اعتبارًا من انطلاق المناقشة العامة عن مشروع القانون. يقدر مكتب المجلس مدى قبول التعديل حسب الشروط المحددة في النظام الداخلي ويقر قبول التعديل أو رفضه شكلا.

يحيل رئيس المجلس الشعبي الوطني تعديلات النواب المقبولة على لجنة المالية والميزانية وتبلغ التعديلات إلى الحكومة وتوزع على مجموع النواب. حيث تستمع اللجنة إلى مندوبي أصحاب التعديلات المقبولة من حيث الشكل والمحالة عليها بحضور وزير المالية، وتقرر على إثر ذلك الموافقة على التعديل أو التعديلات أو رفضها أو الاتفاق مع مندوب أصحاب التعديل أو التعديلات حول صياغة مشتركة.

يمكن للحكومة ولجنة المالية والميزانية تقديم تعديلات في أي وقت قبل التصويت على مشروع قانون المالية. وتدوِن اللجنة استنتاجاتها ومواقفها من التعديلات المحالة عليها في تقرير تكميلي[iii]

الفقرة الثانية: المناقشة العامة على مستوى مجلس الأمة:

يحول النص إلى لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية على مستوى مجلس الأمة الذي يصادق على النص المصَوَتِ عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني، في أجل أقصاه 20يوما ابتداء من تاريخ إيداعه لدى مجلس الأمة[iv].

تنصب مناقشة الغرفة الأولى على النص المعروض عليها، بينما تنصب مناقشة الغرفة الثانية على النص الذي صوتت عليه الغرفة الأولى. فطبقا للمادة 44-3من القانون العضوي 16-12المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، يدرس مجلس الأمة نص قانون المالية المصوت عليه في أجل أقصاه عشرون (20) يوما ابتداء من تاريخ إيداعه لدى مجلس الأمة.

بينما تدرس اللجنة الاقتصادية والمالية النص المصَوَتِ عليه بعد تقديم ممثل الحكومة وزير المالية مشروع قانون المالية للنسبة المعتبرة[v].

-يمكن للجنة أن تستمع في إطار أشغالها إلى أشخاص مختصين وذوي خبرة للاستعانة بهم في أداء مهامها، وتعد على إثر ذلك تقريرا يتضمن ملاحظاتها وتوصياتها.[vi]

بعد ذلك تباشر المناقشة العامة على النص المصوت عليه من قبل مجلس الشعبي الوطني من خلال استماع ممثل الحكومة إلى مقرر اللجنة المختصة، لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية ثم إلى المتدخلين حسب ترتيب تسجيلهم المسبق.[vii] وخلال مناقشة النص المصوت عليه مادة بمادة يمكن لرئيس الجلسة أن يعرض للمصادقة جزءا من النص إذا لم يمكن محل ملاحظات أو توصيات اللجنة المختصة.[viii]

على إثر ذلك تعد اللجنة المختصة تقريرا تكميليا تُضَمِنُهُ توصيات معللة على ضوء استنتاجاتها وملاحظات أعضاء مجلس الأمة. ويمكن لأعضاء مجلس الأمة تقديم ملاحظاتهم كتابيا في أجل ثلاثة (03) أيام بعد توزيع اللجنة المختصة تقريرها التمهيدي. كما تودع الملاحظات لدى مكتب مجلس الأمة الذي يبت فيها شكلا قبل إحالتها على اللجنة المختصة التي لها أن تستمع عند الاقتضاء إلى أصحاب الملاحظات المكتوبة.[ix]

الفرع الثاني: التصويت على مشروع قانون المالية

تخوِل الفقرة 11من المادة 138من الدستور للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة حق التصويت على ميزانية الدولة. تحكم عملية التصويت عدة أحكام مشتركة مع التصويت على مشاريع واقتراحات القوانين بصفة عامة (أولا) وأحكام خاصة بالتصويت على مشروع قانون المالية فقط (ثانيا).

 

 

أولا-الأحكام العامة

تتمثل هذه الأحكام العامة في إمكان إدخال التعديلات على النص على وفق ما جاء في القانون العضوي رقم 16-12والنظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لاسيما المادة 61منه. فبالنسبة للمجلس الشعبي الوطني يتطلب التصويت على نص المشروع بالأغلبية، فلا يصح التصويت إلا بحضور أغلبية النواب، ولم يتم تحديد الأغلبية مطلقة أو نسبية. تبعا لذلك فان الأرجح أن الأغلبية البسيطة هي المطلوبة، لأن المؤسس الدستوري عندما يتطلب عادة أغلبية مطلقة ينص عليه صراحة كما هو الأمر بالنسبة للتصويت على القانون العضوي.[x] بالنسبة لمجلس الأمة يكون أيضا بالأغلبية المطلقة كما ورد في التعديل الدستوري الأخير بدل ثلاثة أرباع (3/4) أعضائه في المادة السابقة.[xi]

إن ارتفاع نصاب التصويت يعبر عن رغبة المؤسس الدستوري في إعطاء النص المصادق عليه إجماعا من كافة القوى السياسية وليس الأغلبية فقط حسب ما يراه بعض الباحثين، كما أنه على مستوى تشكيلة مجلس الأمة هناك ثلث معين من طرف رئيس الجمهورية.[xii]

وعلى وفق ما صرحت به المادة 60من النظام داخلي لمجلس الأمة عندما لا يتوفر النصاب القانوني للتصويت، يحدد مجلس الأمة جلسة ثانية بالتشاور مع الحكومة، تتم بعدها عملية مراقبة مدى توفر النصاب القانوني قبل البدء في عملية التصويت.[xiii]

فيما يتعلق بمسألة تبليغ النصوص القانونية بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي الوطني، فإن النص المصوت عليه يرسل إلى رئيس مجلس الأمة في غضون (10) أيام ويبلغ الوزير الأول بهذا الإرسال.[xiv] كما يرسل رئيس مجلس الأمة النص النهائي الذي صادق عليه مجلس الأمة إلى رئيس الجمهورية في غضون عشرة (10) أيام الموالية للمصادقة ويُشْعِرُ رئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول بهذا الإرسال مع مراعاة أحكام المادتين 186و187من الدستور المتعلقين بإخطار المجلس الدستوري وكيفية إعطاء رأيه وإصدار قراره.[xv]

ثانيا-الأحكام الخاصة

إن القاعدة المعمول بها في هذه السياق هي أن يصوت البرلمان على ميزانية الدولة قبل بداية السنة المدنية الجديدة احتراما لمبدأ سنوية الميزانية. حيث يصوت المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون المالية بأغلبية الحاضرين في جلسة علنية وحسب أنماط التصويت المحددة في النظام الداخلي حيث يتم التصويت على:

ü                       أحكام مشروع القانون المعدلة في التقرير التكميلي

ü                       الأحكام المعدلة في التقرير التمهيدي

ü                       الأحكام التي بقيت كما وردت في مشروع القانون.

ü                       يعرض أخيرا مشروع القانون بكامله على التصويت.

كما قيد الدستور البرلمان من حيث الاختصاص الزمني في المصادقة على قانون المالية حيث نصت المادة: 138/07منه على ما يلي:

" يصادق البرلمان على قانون المالية في مدة أقصاها خمسة وسبعون يوما (75) من تاريخ إيداعه، طبقا للفقرات السابقة ..."

كما حدد القانون العضوي توزيع هذه المدة بين غرفتي البرلمان فمنح مدة سبعة وأربعين (47) يوما كحد أقصى للتصويت ابتداء من تاريخ إيداع مشروع قانون المالية، ومنح لمجلس الأمة عشرين (20) يوما كحد أقصى للمصادقة على النص المصوت عليه، أما الثمانية (08) أيام المتبقية فهي مخصصة للجنة المتساوية الأعضاء للبث في الخلاف الذي يمكن أن ينشأ بين الغرفتين حول نص مشروع قانون المالية.[xvi]

 

المطلب الثاني: الرقابة على الحكومة أثناء وبعد تنفيذ الميزانية.

إذا كان بإمكان البرلمان أن يقوم بالرقابة السابقة على النشاط المالي للحكومة من خلالالمصادقة على قانون المالية واعتماده بكل سهولة. فإن الأمر على خلاف ذلك في رقابته علىالحكومة أثناء وبعد تنفيذ الميزانية حيث تتخلله بعض الصعوبات من الناحية العملية والإجرائية قدتؤدي إلى عرقلة النشاط الحكومي، رغم ما يكتسيه الأمر من أهمية بالغة في المحافظة على الأموالالعمومية خلال كل مراحل التنفيذ.

الفرع الأول: الرقابة المرافقة

 إن ممارسة رقابة مرافقة فاعلة على النشاط الماليللحكومة يمثل تحديا كبيرا للبرلمان بما تنطوي عليه هذه المرحلة من صعوبات مختلفة تحول دون تحقيق هذا الدور نجملها فيما يلي:

- قلة الوقت الذي لا تسمح للبرلمان عادة بالتفرغ لمتابعة الحكومة ومراقبة نشاطها المالي أثناء مرحلة تنفيذ الميزانيةبسبب التفرغ للوظيفة التشريعية التي تستغرق أعلب الوقت والجهد، باعتبارها تمثل الاختصاص الأصيل والأساسي للبرلمان.

-  عدم توفر البرلمان على الإمكانات التقنية والبشرية اللازمة لمتابعة النشاط المالي للحكومة الذي يطبعه التعقيد والدقة.

- انشغال أعضاء البرلمان الذين ينتخبهم الشعب بمتابعة الأنشطة والأعمال التي يطبعهاالمردود السياسي الذي يخدمهم في المنافسات الانتخابية عكس المراقبة الدقيقة والمستمرةلحسابات ميزانية الدولة التي طائل من ورائها.[xvii]

لأجل هذه الأسباب تكتفي أغلب الدول بممارسة رقابة إدارية داخلية توكل لمختل المصالحالإدارية، خلال مرحلة التنفيذ كما هو الحال في فرنسا.[xviii]في حين تلجأ دول أخرى في إسناد مهمةالرقابة المرافقة للتنفيذ إلى جهاز الرقابة العليا كما هو الحال في بلجيكا التيتختص فيها محكمة الحسابات بمنح تأشيرات مسبقة لتسديد بعض النفقات العمومية، [xix]وفي إيطالياتمارس هذا الجهاز رقابة مسبقة على قرارات الحكومة ذات الأثر المالي الكبير. ورغم هذا فقد ظهرت بفرنسا محاولات لتدعيم الرقابة البرلمانية أثناء تنفيذ الميزانية، تضمنتهانصوص عديدة، نذكر منها القانون المؤرخ في 30ديسمبر 1958الذي يجيز لأعضاء اللجنة الماليةممارسة رقابة مستمرة على كيفية استعمال الاعتمادات المالية التي يرخص بها البرلمان والحصول علىكافة المعلومات والوثائق المتعلقة بذلك ، وكذا القانون المؤرخ في 12جويلية 1979، الذي يلزمالحكومة بتقديم المعلومات اللازمة للبرلمان حول الإيرادات بشكل يسمح له بإجراء المقارنة بينتقديرات الميزانية والإيرادات التي تم تحصيلها فعليا .  وفي هذا الصدد حاولت الجمعية الوطنية الفرنسية في العديد من المناسبات تقديم اقتراحاتلتعزيز هذه الرقابة منها:

- اقتراح قدم سنة 1995بغرض تشكيل جهاز برلماني يختص بتقييم النفقات العمومية.

- اقتراح آخر قدم سنة 1999بطلب من رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية بغرض تدعيمنقاشات البرلمان خلال دورة الربيع حول الميزانية بدراسة وضعية تنفيذ قانون المالية[xx] .

أما في الجزائر، فإننا لا نجد نصوصا قانونية محددة تخول للبرلمان ممارسة الرقابة أ ثناء مرحلةتنفيذ الميزانية، ومع ذلك فإنه يمكن أن     نستخلص إمكانية قيامه بذلك من خلال مختلف الوسائلالدستورية التي يملكها لرقابة نشاط الحكومة والتي تتم مباشرة أثناء السنة المالية، من خلال استجوابومساءلة الوزراء كممثلين للسلطة التنفيذية على وفق ما يقره الدستور [xxi]والقانون [xxii]عن كيفية تنفيذالميزانية أثناء مناقشة بيان السياسة العامة (فقرة أولى)، وقد يؤدي ذلك  إلى قيام المسؤولية السياسية للوزير محلالمساءلة أمام أعضاء البرلمان.كما يحق للبرلمان مراقبة الاعتمادات الإضافية التي تطلبها الحكومة(فقرة ثانية). وله أن يطلب إلىجهات الرقابة المستقلة كمجلس المحاسبة أو المفتشية العامة للمالية القيام بفحص ودراسة الملفاتذات الأهمية الوطنية التي تدخل في نطاق اختصاصهما.

 

 

الفقرة الأولى: بيان السياسة العامة

إن تصويت البرلمان على قانون المالية يعطيه سلطة أصلية في مراقبة تنفيذه الميداني، ونظرا لصعوبة مراقبة ذلك خلال السنة جعل المؤسس الدستوري مناسبة سنوية تمكنه من ذلك عندما ألزم الحكومة على تقديم عرض سنوي عن استعمال الاعتمادات المالية خلال تقديم بيان السياسة العامة الذي يعرف بأنه:"عبارة عن تقرير أو توضيح سنوي صادر عن الحكومة تبين فيه ما تم تطبيقه خلال السنة المنقضية من برنامجها وما هو في طور الإنجاز وتبين الصعوبات التي اعترضته والآفاق المستقبلية على أن تتبع ذلك مناقشة للبرنامج من قبل أعضاء البرلمان تمكنهم من الاطلاع على مضمون البيان والإعراب عن موافقتهم من سياسة الحكومة"، كما عرف بأنه: "إبلاغ الغرفة الأولى بما تحقق وما هو في طور التطبيق، وفي ذات السياق، للحكومة أن تبرز الصعوبات التي اعترضتها بخصوص ما لم يطبق، كما يستوجب عليها أن تبين الآفاق المستقبلية التي تنوي النهوض بها على الأمدين القريب والبعيد."

ومن ثم فإن بيان السياسة العامة يعبر عن إفصاح الحكومة عما قد أنجزته وما هو قيد الإنجاز، والعراقيل التي اعترضته (مادية كانت أم قانونية)، وكذا احتوائه على آفاق مستقبلية. فهو يُمكن المجلس الشعبي الوطني من إبداء رأيه وتحديد موقفه من أعمال الحكومة.[xxiii]

وعليه فإن بيان السياسة العامة يشتمل على ثلاث محاور: محور أول يتعلق ببيان ما تم إنجازه من مشاريع، والمحور الثاني يتعلق بتوضيح ما هو قيد الإنجاز وما هي الصعوبات التي اعترضته، أما الثالث فيتعلق بالتذكير بالآفاق المستقبلية للحكومة وما يستلزمها ذلك من إمكانات مادية وبشرية وقانونية.

تؤكد السوابق التاريخية أن المجلس الشعبي الوطني قد ناقش بيان السياسة العامة للحكومة لمرتين، كانت المناقشة الأولى على إثر تقديم بيان السياسة العامة في الدورة الخريفية لسنة 1998أين ركز فيه على الوضع الأمني في البلاد وتدابير مواجهة ومحاربة الإرهاب في الجزائر ومساعي الحكومة. أما الثانية فتمت بمناسبة تقديم بيان السياسة العامة في الدورة الخريفية لسنة 2001، بحيث تعرض لتدابير الإصلاحات التي عرفها قطاع العدالة، التربية، المالية، كما ركز على المراحل التي مرت بها عملية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وموضوع الشراكة، من خلاله سجل أعضاء المجلس الشعبي الوطني الضعف الحاصل في التكفل بمشاكل المواطنين مؤكدين على ضرورة التفكير في تدابير جدية لتفادي الكوارث.[xxiv]

إن بيان السياسة العامة يُتَوَج بمجموعة من الآليات الرقابية التي تمكن البرلمان من متابعة نشاط الحكومة خلال سنة كاملة، بما في ذلك النشاط المالي كالسؤال والاستجواب ولجان التحقيق. والتي تتم مباشرة أثناء السنة المالية من خلال استجوابومساءلة الوزراء كممثلين للسلطة التنفيذية على وفق ما يقره الدستور والقانون، وقد يؤدي ذلك إلى إقحام المسؤولية السياسية للوزير محلالمساءلة أمام أعضاء البرلمان.

يمكن أيضا اعتماد لجنة تحقيق برلمانية في أي مسألة تتعلق بالمصلحة العامة وبخاصة ما تعلقبالإيراد والإنفاق العام. حيث يمكن لهذه اللجنة أن تستمع إلى أي شخص وأن تعاين أي مكان وأنتطلع على أية وثيقة أو معلومة ترى أن لها علاقة بموضوع التحقيق، باستثناء ما يكتسي طابعا سرياأو استراتيجيا يهم الدفاع الوطني والمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي.[xxv]

تقوم هذه اللجنة بإعداد تقرير مفصل عن نتائج تحقيقاتها، يسلم التقرير إلى كل من رئيسالمجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة حسب الحال الذي يمكن أن يقرر نشره جزئيا أو كليا. كما يبلغ هذا التقرير قبل النشر إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. كذلك تتجلى رقابة البرلمان في مرحلة تنفيذ الميزانية بصورة واضحة لدى مناقشة قانون الماليةالتكميلي الذي تتقدم به الحكومة للبرلمان أثناء السنة المالية بغرض تكملة أو تعديل بعض الأوضاعالمستجدة.[xxvi]

إن عرض بيان السياسة العامة ومن خلال ما يرافقه من آليات، تساعد البرلمان على الحصول على معلومات يمكن من خلالها أن يراقب النشاط المالي الحكومي أثناء تنفيذ قانون المالية، فالوسائل تعتبر بمثابة وسائل إعلام للبرلمان.[xxvii]

الففرة الثانية: وجوب تقديم عرض سنوي عن استعمال الاعتمادات المالية

نصت المادة 179-01من الدستور على: "تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال الاعتمادات المالية التي أقرتها لكل سنة مالية" يحكم مسألة تقديم الحكومة لعرض عن استعمال الاعتمادات المالية مبررات قانونية (فقرة أولى) وأخرى عملية (فقرة ثانية

أ-الأسس القانونية

تتضح هذه المبررات في نص المادة 179من الدستور؛ بحيث نجدها ألزمت الحكومة بتقديم عرض عن استعمال الاعتمادات المالية.     وقد أورد دستور 1976في المادة 187-01ما يلي: "تقدم الحكومة في نهاية كل سنة مالية إلى المجلس الشعبي الوطني عرضا حول استعمال الاعتمادات المالية التي أقرها بالنسبة للسنة المالية المعنية." وأكده كذلك دستور 1989من خلال المادة 150-01: "تقدم الحكومة للمجلس الشعبي الوطني عرضا عن استعمال الاعتمادات المالية التي أقرتها لكل سنة مالية...". غير أن النظام الداخلي لكلا غرفتي البرلمان أو القانون العضوي رقم 16-12المنظم لعمل البرلمان لم يتم التعرض فيها إلى الأحكام المتعلقة بتفصيل إجراءات هذا العرض.

ب-المبررات العملية

هناك مبررات عملية تحكم إلزامية تقديم الحكومة عرض استعمال الاعتمادات المالية؛ تتعلق بتحويل هذه الاعتمادات عن طريق التنظيم من طرف الحكومة. فصلاحيات البرلمان فيما يخص توزيع الاعتمادات المالية تنتهي بتوزيعها على الوزارات بالنسبة لنفقات التسيير، وحسب القطاعات بالنسبة لنفقات التجهيز، أما التوزيع المفصل داخل كل دائرة وزارية أو قطاع عن طريق مراسيم تنفيذية، إلا أن الإشكال المطروح هو مدى إمكانية السلطة التنفيذية تعديل هذا التوزيع المقرر في قانون المالية في أي وقت شاءت. وعملا بقاعدة توازي الأشكال ما تقرر بموجب قانون المالية لا يمكن تعديله أو تكميله إلا بموجب قانون تكميلي للمالية، غير أن القانون ناقض نفسه عندما رخص بموجب المواد 32-33-36من القانون رقم 84/17للحكومة الخروج على هذا المبدأ ومكنها من تعديل التوزيع المقرر في قانون المالية الأصلي باستخدام إجراء نقل الاعتمادات المالية أو تحويلها.

هذا الإجراء يشكل مساسا بمبدأ التخصيص في النفقات الذي يترتب عنه تخفيض فاعلية المصادقة البرلمانية على الميزانية، حتى ولو كان الهدف من هذه الإجراءات هو التخفيف من حدة المصادقة وإدخال نوع من المرونة في التسيير.[xxviii]

الفرع الثاني: قانون تسوية الميزانية

تختتم السنة المالية بالنسبة للبرلمان بالتصويت على قانون يتضمن تسويةميزانية السنة المالية المعنية من قبل كل غرفة من البرلمان[xxix]، وهو ما يعرف بقانون ضبط الميزانيةالعمومية الذي يتضمن بوجه عام عرضا مفصلا لمختلف العمليات المالية المتعلقة بالإيراداتوالنفقات المنجزة خلال السنة المالية تقدمه كل الوزارات والهيئات العمومية.يقدم هذا العرض المفصل إلى البرلمان للمصادقة عليه بنفس الخطوات المتبعة في قانون المالية، ويكون مرفقا بالوثائق التقييمية اللازمة التي يعدها الجهاز الأعلى للرقابة المالية (مجلس المحاسبة)، ممثلة في التقرير المفصلحول ظروف تنفيذ الميزانية، والتقرير العام حول مطابقة حسابات الوزراء مع حسابات المحاسبينالعموميين.[xxx]حيث يترتب على هذا النوع من الرقابة نتائج سياسية وقانونية هامة:

فقانون تسوية الميزانية آلية قانونية للرقابة اللاحقة على تنفيذ الميزانية العامة للدولة التي أقرها البرلمان بموجب قانون المالية الأولي أو التكميلي، لذلك وجب على الحكومة تقديم قانون تسوية الميزانية (فقرة أولى) وفق إجراءات قانونية محددة (فقرة ثانية) لما له من أهمية بالغة في الرقابة على تنفيذ الميزانية العامة خلال السنة المالية المنصرمة والتي تمت المصادقة عليها في أول السنة من قبل البرلمان بغرفتيه (فقرة ثالثة).

 

الفقرة الأولى: وجوب تقديم قانون تسوية الميزانية

أوجب الدستور على الحكومة عرض قانون تسوية الميزانية على البرلمان حتى يتسنى له تحريك رقابته السابقة على النشاط المالي للحكومة وهذا ما يعبر عنه بالمبررات القانونية لوجوب تقديم قانون تسوية الميزانية لما له من أهمية بالغة في عملية الرقابة اللاحقة على الميزانية.

بالإضافة إلى نص المادة 179من الدستور التي ورد فيها:" 1...........

2. تختتم السنة المالية فيما يخص البرلمان بالتصويت على قانون يتضمن تسوية ميزانية السنة المالية المعنية من قبل كل غرفة من البرلمان". فقد نصت المادة 02من القانون رقم 84/17المتعلق بقوانين المالية [xxxi]على ما يلي:

"يكتسي طابع قانون المالية:

1-                       قانون المالية وقوانين المالية التكميلية والمعدلة

2-                      قانون ضبط الميزانية."

ومنه نستنج أن المشرع أعطى لقانون تسوية الميزانية طابع قانون المالية نفسه.

كما نص القانون 84/17في المادة 05منه على أنه يشكل قانون ضبط الميزانية الوثيقة التي يثبت بمقتضاها تنفيذ قانون المالية وعند الاقتضاء قوانين المالية التكميلية أو المعدلة الخاصة بكل سنة مالية.

ونصت المادة 76من ذات القانون على:

 "يجب أن يكون مشروع قانون ضبط الميزانية المقدم ضمن الشروط المحددة لهذا الغرض بموجب الأحكام القانونية السارية على وظيفة المراقبة من طرف مجلس المحاسبة مرفقا بما يلي:

أ‌-تقرير تفسيري يبرز شروط تنفيذ الميزانية العامة للدولة للسنة المعتبرة.

ب‌-                     جدول تنفيذ الاعتمادات المصوت عليها ورخص تمويل الاستثمارات المخططة."

كما نصت المادة 77منه على: «يقر قانون ضبط الميزانية حساب نتائج السنة المشتمل على ما يلي:

أ‌-  الفائض أو العجز الناتج عن الفرق الواضح بين إيرادات ونفقات الميزانية العامة للدولة.

ب‌-                       النتائج المثبتة في تنفيذ الحسابات الخاصة للخزينة.

ت‌-                       نتائج تسيير عمليات الخزينة."

ونصت المادة 78منه على:" تعود للخزينة نتائج السنة المثبتة بمقتضى قانون ضبط الميزانية".

مما سبق نستنتج أن مشروع قانون ضبط الميزانية يمثل اختتام للسنة المعنية ويكون ذلك بالتصويت عليه من قبل البرلمان، فهو يعد بمثابة فرصة للبرلمان لمتابعة الكيفيات التي تم بها تنفيذ الميزانية المصوت عليها من قبله. كما أَوْجَبَ الأمر رقم 95-20المعدل والمتمم بالأمر 10-02المتعلق بمجلس المحاسبة على الحكومة استشارة مجلس المحاسبة في المشاريع التمهيدية المتضمنة ضبط الميزانية[xxxii] وضرورة إرسال التقارير التقييمية التي يعدها المجلس لهذا الغرض إلى الهيئة التشريعية مرفقة بمشروع القانون الخاص بها.  

يضم قانون ضبط الميزانية نوعين من الأحكام:

ü                       معاينة لنتائج العمليات المتخذة من أجل تنفيذ الميزانية.

ü                       وضع حساب نتائج السنة.[xxxiii]

   بالرغم من جميع النصوص السالفة الذكر والأهمية البالغة في تفعيل النشاط الرقابي البرلماني على الأداء المالي للحكومة، إلا أن هذه الأخيرة تمتنع عن تقديم مشروع قانون ضبط الميزانية أمام البرلمان ليتمكن من التصويت عليه وفق نفس الأحكام التي تحكم وتنظم مشروع قانون المالية نفسه.

الفقرة الثانية: إجراءات إعداد قانون تسوية الميزانية والمصادقة

يمر قانون ضبط الميزانية بعدة مراحل وإجراءات دستورية وقانونية حتى تتم عملية دراسته والمصادقة عليه من قبل البرلمان هي:

أ-مرحلة الإعداد

طبقا لأحكام الدستور ولاسيما أحكام المادتين 120و160منه، وطبقا لأحكام القانون العضوي 16-12وطبقا لأحكام القانون رقم 84/17المتعلق بقوانين المالية وطبقا للأمر رقم 95/20المعدل والمتمم المتعلق بمجلس المحاسبة، يمر قانون ضبط الميزانية بالمراحل التالية:

-يتم إعداد وتحضير المشروع التمهيدي لقانون ضبط الميزانية من طرف الحكومة.

-يدرس مجلس المحاسبة ويقيم (يراقب) المشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية ويعد بشأن ذلك تقريرا تقييميا متضمنا لنتائج وملاحظات وتوصيات مجلس المحاسبة بخصوص نتائج عمليات تنفيذ قانون المالية السنوي والتكميلي له خلال السنة المعنية.

-يدرس مجلس الوزراء المشروع التمهيدي لقانون ضبط الميزانية قبل أن يحيله الوزير الأول في صورة مشروع قانون ضبط الميزانية إلى غرفتي البرلمان مرفقا بمذكرة عرض الأسباب وبالتقرير التكميلي لمجلس المحاسبة.[xxxiv]

ب-مرحلة المناقشة والمصادقة

بعد إحالة مشروع قانون ضبط الميزانية على البرلمان بغرفتيه تقوم لجنة المالية والميزانية بإعداد تقريرا حول هذا الأخير الذي يعرض للمناقشة في الجلسة العامة، حيث تبدأ المرحلة الثانية من الدراسة التي تنصب على مناقشة مشروع القانون مشروع قانون ضبط الميزانية وتقديم الملاحظات والتساؤلات من قبل النواب التي يتولى وزير المالية ممثل الحكومة الرد على التساؤلات المطروحة، ليعرض مشروع القانون المتضمن تسوية الميزانية لسنة (ن-3) للتصويت. وتجدر الإشارة أن التصويت على قانون ضبط الميزانية (ن-3) على مستوى مجلس الأمة يأخذ نفس مسار مشروع القانون العادي بشأن تبليغه لهذا الأخير إلى غاية النشر في الجريدة الرسمية.[xxxv]

الفقرة الثالثة: أهمية قانون ضبط الميزانية في الرقابة البرلمانية اللاحقة

يكتسي قانون ضبط الميزانية أهمية بالغة كونه وسيلة يستطيع البرلمان من خلالها بسط رقابته على النشاط المالي للحكومة أو ما يُعبر عنه بالرقابة اللاحقة على الرخصة البرلمانية والتأكد من سلامة تنفيذها. وتتجلى هذه الأهمية من ناحيتين الأولى سياسية والأخرى قانونية.

أ‌-من الناحية السياسية

تشكل مصادقة البرلمان على قانون ضبط الميزانية تزكية سياسية للنشاط المالي للحكومة.

أما إذا رفض البرلمان المصادقة على قانون ضبط الميزانية، فإن ذلك يرتب مسؤولية سياسية على عاتق الحكومة، ويتعين عليها أن تلتزم أمام البرلمان بتحسين تحضير الميزانيات الأولية والإضافية مستقبلا والعمل على تفادي الأخطاء التي وقعت فيها.

 

ب-من الناحية القانونية

إن مصادقة البرلمان على قانون ضبط الميزانية يجعل كل القرارات التي اتخذتها الحكومة في إطار تنفيذ الميزانية محصنة ضد أحكام القضاء الإداري وأمام هيئات الرقابة المالية. وفي حالة العكس تبقى سائر القرارات التي( أصدرتها الحكومة أثناء تنفيذ الميزانية السابقة غير محصنة وتكون معرضة للإلغاء أمام مجلس الدولة طالما أنها لم تحصل على مصادقة البرلمان وتبقى مسؤولية الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين المعنيين بها قائمة بصفة كاملة أمام هيئات الرقابة المالية .و رغم الأهمية القصوى التي يحوز عليها قانون ضبط الميزانية في مجال الرقابة اللاحقة التي يمارسها البرلمان على النشاط المالي للحكومة، فإن السواد الأعظم من المختصين في فرنسا يذهب إلى أن التصويت على قانون ضبط الميزانية العمومية لا يكتسي تلك الأهمية التي يحظى بها قانون المالية.إن ذلك الأمر يرجع في نظر الفقهاء إلى اعتبارات سياسية وعملية جعلت من قانون ضبط الميزانية مجرد إجراء شكلي محدود الفعالية حتى صارمع مرور الوقتمجرد قانون للحسابات أكثر من كونه قانونا رقابيا.

أما في الجزائر فإن المادة 179من دستور 1996المعدل والمتمم تلزم الحكومة بضرورة تقديم عرض عن استعمال الاعتمادات المالية التي رخص بها البرلمان، كما أقرت نفس المادة في الفقرة الثانية منها حق البرلمان في التصويت على قانون يتضمن تسوية الميزانية. ومن زاوية التشريع نجد القانون 84/17المتعلق بقوانين المالية[xxxvi]ينص على مضمون هذا القانون ويحدد الوثائق المرفقة به لكن تطبيق ذلك من حيث الواقع لا نجد له أي أثر إلى غاية سنة 2011.وقد أثيرت هذه المسألة أثناء مناقشة قانون المالية لسنة 2006أمام المجلس الشعبي الوطني، والتزم خلالها وزير العلاقات مع البرلمان بتقديم قانون لضبط الميزانية في السنة المقبلة يغطي فيها عشرة سنوات سابقة أي منذ سنة 1996، وهي السنة التي انتخب فيها أول برلمان تعددي، على أن يتم بعد ذلك العمل بهذا القانون بشكل دوري ومستمر خلال كل سنتين.

المبحث الثاني: معوقات الرقابة البرلمانية على الميزانية العامة

تبدو هيمنة الحكومة على التشريع في المجال المالي واضحة ومؤكدة بحكم ما تملكه من كفاءة ومقدرة ووسائل تتحكم بها في إعداد قانون المالية، فضلا عن المناقشة المحدودة التي يقوم بها البرلمان، وضعف دوره وتضاؤله فيما يتعلق بالرقابة المرافقة للتنفيذ، والرقابة اللاحقة. فقانون المالية في الجزائر تحيط به مجموعة من القيود والعراقيل التي تحد من دور البرلمان في تفعيل رقابته على الميزانية في مختلف مستوياتها، منها ما يتعلق بمرحلة صدور قانون المالية (المطلب الأول) وبعضها الآخر يرتبط بمرحلة المناقشة والمصادقة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: المعوقات المتعلقة بمرحلة صدور قانون المالية

   تعترض عملية صدور قانون المالية مجموعة من القيود والعوائق يمكن إجمالها في نقطتين أساسيتين هما: غياب النص المرجعي (الفرع الأول)، وعدم حصر مجال قانون المالية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: غياب النص المرجعي

يشكل الدستور المرجع الأساس بالنسبة للقانون واللوائح، والقانون يعتبر مرجعا بالنسبة للوائح والتنظيمات، وبالتالي لا يمكن إلغاؤها ولا تعديلها إلا بموجب قانون يعلوها درجة أو يساويها عملا بقاعدة توازي الأشكال. بإسقاط هذا المبدأ على القانون 84/17[xxxvii]نجد أن هذا الأخير لا يشكل إطارا إلزاميا في مواجهة القوانين المالية السنوية الأخرى بدليل ما نصت عليه المادة 132من قانون المالية لسنة 1994التي عدلت بعض الأحكام المتعلقة بقوانين المالية. وعلى هذا الأساس فمن المفترض أن يشكل قانون 84-17مرجعا بالنسبة لقوانين المالية السنوية، بل لقد أصبحت هذه الأخيرة تتحكم في مضمونه هذا القانون الإطار رغم أنه ليس لها نفس القوة الإلزامية طالما أنها صادرة عن نفس السلطة وبذات الإجراءات والكيفيات، وبذلك نجد أن العلاقة التدرجية قد أخذت الصورة العكسية، ومهما يكن الأمر فإن هذا القانون لم يعد يحترم في الكثير من ترتيباته. [xxxviii]

الفقرة الأولى: النص الدستوري وقانون 84/17[xxxix]

إن حل إشكالية عدم وجود نص مرجعي بالنسبة لقوانين المالية جاء به دستور 1996المعدل والمتمم سنة 2008؛ من خلال نص المادة 123، الموافقة للمادة 141بعد تعديل 2016أين أوجب على البرلمان أن يشرع في مجال قانون المالية بموجب قانون عضوي، وذلك لعدة اعتبارات نذكر منها:

-أن القوانين العضوية تسلط عليها الرقابة السابقة والملزمة للمجلس الدستوري للنظر في دستوريتها.

-أن القوانين العضوية تخضع لإجراءات متميزة كالتصويت الذي يكون بالأغلبية المطلقة للنواب في المجلس الشعبي الوطني وكذلك الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس الأمة.[xl]

-القانون العضوي له طبيعة دستورية سامية تجعله يحتل مرتبة تلي الدستور مباشرة، وتعلو القانون العادي، مما يترتب عنه أن القانون العضوي يمكن أن يلغي القانون العادي.

-أن أهم وظيفة للقوانين العضوية هي تكملة أحكام الدستور؛ فهي تتحقق وتنجز أحكامه، وتعمل على تحيين التدابير الدستورية

المتسمة بخصائص الجمود والاقتضاب والتجريد في صياغتها.[xli]

وبالرجوع إلى قانون المالية الجزائري نجده بالرغم من أنه قانون عادي والدستور ألزم التشريع في مجال قانون المالية بقانون عضوي كما رأينا سابقا، إلا أن هذا الأخير لم يلغ، مما يترتب عنه نتائج سلبية عديدة منها ما يتعلق بحدود مجال قانون المالية، والبعض الآخر مرتبط بتلاشي صلاحية البرلمان في متابعة تنفيذ القوانين المالية، كما يعكس نقص الإرادة في حصر النشاط المالي للدولة في حدود دستورية وقانونية صارمة.[xlii]

الفقرة الثانية: صدور قانون المالية انطلاقا من مشروع قانون

نظرًا لأن الحكومة هي من تضطلع بمهمة التسيير والتنفيذ، فهي تحتكر مجال قانون المالية؛ إذ بمفردها تقوم بتحضير مشروع قانون المالية، بينما لا يتعدى دور البرلمان المناقشة المحدودة زمنيا وإلا تدخل رئيس الجمهورية لإصداره بأمر.[xliii]ولما كانت مرحلة إعداد الميزانية تقوم على أساس التقدير (وضع تقدير النفقات وما يلزمها من إيرادات) وجب التزام الدقة إلى أبعد الحدود حتى لا تتفاجأ الدولة أثناء التنفيذ بغير ما توقعته الحكومة، ما ينجر عنه آثار وخيمة كان بالإمكان تفاديها أثناء مرحلة الإعداد.

تكشف الدراسات المقارنة أن تحضير قانون المالية يتم وفق نظامين رئيسين هما: النظام الأمريكي والنظام الأوروبي.

ففي النظام الأمريكي تكون عملية التحضير بيد الرئيس من خلال مكتب التسيير والميزانية office of management and budget، وهو جهاز تابع لرئاسة الجمهورية.

أما في النظام الأوروبي فإن وزير المالية هو الذي يتولى تحضير مشروع قانون المالية بعد مناقشته من باقي الوزراء برئاسة الحكومة تحت سلطة رئيس الجمهورية الذي يلعب دورا هاما في التحكم المالي، وهو النظام الذي أخذت به الجزائر، رغم أن القانون رقم 84/17[xliv]لم يشر إلى الجهة المختصة بتحضير الميزانية والمراحل الواجب إتباعها، مما استوجب البحث في نصوص أخرى مثل المرسوم التنفيذي رقم 95-54الذي المحدد لصلاحيات وزير المالية الذي نص على أن تحضير الميزانية يكون خلال تسعة (09) أشهر وتكون من اختصاص وزير المالية.[xlv] حيث تبدأ عملية تقديرات النفقات والإيرادات بالوحدات إلى أن تنتهي بالوزارات، التي ترفعها بدورها إلى وزارة المالية التي تقوم بدراسة الموازنة المرفوعة إليها للتأكد من صحة التقديرات وسلامة الأسس التي بنيت عليها، وكذلك عدم المغالاة أو الإنقاص في عناصر الإنفاق أو الإيرادات المفتوحة، ليتم بعد ذلك عرضها على مجلس الحكومة ثم مجلس الوزراء.[xlvi]

إن ما يعزز فكرة تفوق الحكومة على البرلمان في المجال التشريعي المالي هو نص المادة 44من القانون العضوي رقم 16-12التي جاءت بصيغة مفادها أن المبادرة بسن قوانين  المالية لا يشارك فيها البرلمان، بل هي اختصاص أصيل للحكومة، وذلك حين أوضح أن البرلمان يصادق على مشروع قانون المالية في مدة أقصاها 75يوما من تاريخ إيداعه، وعبارة مشروع قانون تعني أن مصدر النص هو الحكومة وليس البرلمان، الذي يحق له المبادرة باقتراح القانون بالإضافة إلى تقييد الدستور لمبادرة النواب نهائيا في هذا المجال من خلال نص المادة 139-01منه، حيث جاء فيها: "لا يقبل أي اقتراح قانون مضمونه أو نتيجته تخفيض الموارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية..."

نظرا لعدم اختصاص النواب في المجال المالي وافتقادهم للمعلومات الدقيقة التي يستوجبها هذا العمل، فإن وظيفتهم تقتصر على التصويت لا غير وهذا بعد المناقشة، وهو ما أكدته المادة 140-11من الدستور:"...التصويت على ميزانية الدولة."[xlvii]

إن عبارة "لا يقبل أي اقتراح قانون" الواردة في المادة 139من الدستور معناها اقتراح التعديل بحكم أن التعديل هو مبادرة قانونية كذلك، وانطلاقا من هذا التفسير يمكن حل التناقض بين المادة 139من الدستور والمادة: 44من القانون العضوي رقم16-12. [xlviii]

حتى تكون مبادرة النواب صحيحة يشترط تقديمها من طرف 20نائبا، وهو شرط كابح للمجلس؛ لأن عدد النواب الواجب توفرهم يعتبر كبيرا وتعجيزيا بالنسبة للأقلية البرلمانية، بخاصة إذا علمنا أن دستور 1963مثلا لم يأخذ بنظام المبادرة الجماعية، بل كان ممكنا للنائب المبادرة بمفرده باقتراح القوانين.[xlix]

من خلال ما سبق بيانه يمكن أن نخلص إلى أن قانون المالية هو قانون من حيث الشكل؛ إذ لا بد من إقراره من طرف البرلمان، أما من الناحية الموضوعية فهو عمل إداري.[l]

الفرع الثاني: عدم ضبط مجال قانون المالية

باستقراء نص المادة 67من القانون 84/17[li]يمكن أن نستخلص أن مجال قانون المالية السنوي لا يحتوي إلا على الأحكام المرتبطة بعمليات تحصيل الموارد وصرف النفقات التي تضمن السير الحسن للمصالح العمومية في حدود التوازنات المالية.[lii]

لكن بالاطلاع على قوانين المالية السنوية يبين أن مجالها لم يعد يعرف حدودا؛ إذ أصبحت تستخدم إما لاحتواء قوانين جديدة       وأحكام لا تتعلق بالمالية (الفقرة الأولى)، أو إلغاء أو تعديل تشريعات قائمة بذاتها (الفقرة الثاني).

الفقرة الأولى: احتواء قانون المالية على أحكام جديدة وأحكام لا تتعلق بالمالية

ابتداء من التسعينات أصبحت الحكومة تنتهج مسلكا جديدا في التشريع المالي؛ إذ أصبح مشروع قانون المالية المعروض على البرلمان يضم تقنينات كاملة وقائمة بذاتها، ومواد وأحكام لا تتعلق أصلا بالمالية.

أ-احتواء قانون المالية على أحكام جديدة

1-                       قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة

احتوى قانون المالية لسنة 1991في مادته 38منه على قانون بكامله هو قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.  حيث جاء نص المادة كما يلي: "تؤسس ضريبة على الدخل الإجمالي، وضريبة على أرباح الشركات تسري عليها الأحكام التالية..."

ضمت هذه المادة 408فقرة، شملت كافة أنواع الضرائب وليس الضريبتين الجديدتين فقط. إذن فهذه مادة واحدة من قانون المالية احتوت تشريعا بكامله به 408مادة هو قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.

2-                       قانون الرسم على القيمة المضافة

نص قانون المالية لسنة 1991في المادة 65منه على ما يلي: " يؤسس رسم على القيمة المضافة ورسم خاص بعمليات البنوك         والتأمينات تسري عليها الأحكام التالية: ..." تضم هذه الأحكام 175مادة احتوت قانونا بكامله هو قانون الرسم على القيمة المضافة.

 

3-                       قانون الإجراءات الجبائية

نصت المادة 40من قانون المالية لسنة 2002على أن الأحكام المتعلقة بالإجراءات الجبائية تبدأ من المادة 40إلى غاية المادة 200.

وتعليقا على هذه المادة يمكن إيراد مجموعة من الملاحظات نذكر منها:

-بالنسبة للمواد من 41إلى 200فإنها تخص الأحكام المتعلقة بقانون المالية وليس قانون الإجراءات الجبائية؛ وهو ما أدى بالمشرع إلى التدخل سنة 2003لتدارك الخطأ وأعاد ضبط الترقيم الخاص بهذا القانون.

-هذا القانون جاء من دون تبويب، وسدا لهذه الثغرة فوض قانون المالية وزير المالية مهمة التبويب بموجب أمر.[liii]

 ب-النص على أحكام جديدة لا علاقة لها بالمالية العامة

فيما يلي عرض لبعض المواد في قوانين المالية السنوية تتضمن أحكاما لا علاقة لها بالميزانية:

-نص قانون المالية لسنة 1995في مادته 113على رد المحال التجارية للعروض السينمائية التي أممت في سنة 1964إلى ملاكها الأصليين، وهذا لا علاقة له بالميزانية والمالية العامة.

-ألزم قانون المالية لسنة 1998في مادته 55الهيئات المستخدمة باستثناء المؤسسات والإدارات العمومية تخصيص نسبة 0.5% على الأقل من كتلة الأجور السنوية لفائدة نشاطات التكوين المهني المتواصل لمستخدميها.

-أنشأت المادة 66من قانون المالية لسنة 1999هيئة استشارية لدى الوزير المكلف بالمالية تحت تسمية: المجلس الوطني للجباية، وحدد نفس القانون تشكيلتها وصلاحياتها، وتجدر الإشارة أن هذه الصلاحية من اختصاص التنظيم وليس القانون، مما يعد إخلالا صارخا لقواعد توزيع الاختصاص.

-تضمن قانون المالية لسنة 2003أيضا أحكاما لا تتعلق بالمالية، حين خصصت المادة 95منه ممارسة نشاطات الاستيراد للشركات التجارية التي يساوي أو يفوق رأسمالها عشرة(10) ملايين دينار جزائري في حوزة أشخاص جزائريين مقيمين بالجزائر.

إذن: هذه عينة من الأحكام التي تتضمنها قوانين المالية والتي ليس لها علاقة مباشرة بعمليات الإنفاق والتحصيل وكذلك التوازنات المالية. هذه الظاهرة لا تقتصر فقط على الجزائر، بل نجدها أيضا في فرنسا تحت تسمية les cavaliers budgétaire، غير أنها لا تلبث إلى أن تلغى عن طريق المجلس الدستوري؛ كون قوانين المالية هناك تخضع للرقابة الدائمة على دستوريتها.[liv]

الفقرة الثانية: تعديل أو إلغاء تشريعات بكاملها

لم يعد قانون المالية يتضمن الأحكام المتعلقة بالمالية والجباية فقط، بل أصبح وسيلة تستخدم لتعديل أو إلغاء تشريعات قائمة بذاتها.

وفيما يلي نعرض بعض المواد التي وردت في قوانين المالية السنوية عدلت أو ألغت بعض التشريعات:

-فالمادة 165من قانون المالية لسنة 1988عدلت بعض الأحكام المتعلقة بالشيك.

-عدل قانون المالية لسنة 1991من خلال المادة 123منه أحكام المادة 103من القانون المتعلق بالتأمينات؛ حيث أوجب على المستوردين والمنتجين للمواد المخصصة للتغذية وغيرها، إبرام عقود تأمين ضد الأضرار التي قد تصيب المستهلكين.

-تضمن قانون المالية التكميلي لسنة 1992تعديل ثلاثة تشريعات كاملة متميزة هي:

-حيث عدلت المادة 73مادتين من قانون المحاسبة العمومية الصادر في تاريخ 15أوت 1990فيما يخص تحديد أنواع الآمرين بالصرف.

-كما عدلت المادة 74القانون المتضمن المخطط الوطني لسنة 1996الصادر في 18ديسمبر 1991.

-كما المادة 76تممت التشريع المتعلق بالتنازل عن الأملاك العقارية ذات الاستعمال السكني والمهني والتجاري التابعة للدولة       والجماعات المحلية.

- في حين عدلت المادة 03من قانون المالية لسنة 2010المادة 28من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.

-أما المادة 21من قانون المالية لسنة 2011ألغت أحكام المواد 142، 185،186و187من قانون التسجيل.

-بالنسبة للمادة 03من قانون المالية لسنة 2012فقد عدلت وتممت أحكام المادة 42من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.

- كما عدلت المادة 17من قانون المالية لسنة 2013أحكام المادة 92من قانون الإجراءات الجبائية.

- وتولت المادة 36من قانون المالية لسنة 2014تعديل أحكام المادة 123من المرسوم التشريعي رقم 93-18المؤرخ في 29ديسمبر 1993المتضمن قانون المالية لسنة 1994، المعدلة بموجب المادة 54من الأمر رقم 10-01المؤرخ في 20غشت المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2010، وبموجب المادة 27من القانون رقم 11-11المؤرخ في 18يوليو 2011المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2011، وبموجب المادة 71من القانون رقم 11-16المؤرخ في 28ديسمبر 2011المتضمن قانون المالية لسنة 2012.

-كما ألغت المادة 90من قانون المالية لسنة 2015أحكام المادة 87مكرر من القانون رقم 90-11المتعلق بعلاقات العمل المعدل       والمتمم.

المطلب الثاني: المعوقات المتعلقة بالمناقشة والمصادقة

يضطلع البرلمان الجزائري باعتباره ممثلا للشعب، يعبر عن انشغالاته ويساهم في ترشيد ممارسة الحكم بمهمتين أساستين هما: المهمة التشريعية والمهمة الرقابية.[lv]ففيما يتعلق المهمة التشريعية يقوم المجلس الشعبي الوطني بجل مراحل سن القانون، وعلى رأسها المبادرة بالقوانين المخولة لعدد من نوابه (20نائبا)، ويقوم المجلس بإصدار نوعين من القوانين هما: القانون العضوي والقانون العادي، مع مساهمة كبيرة من رئيس الجمهورية في التشريع من خلال الأوامر وكذا السلطة التنظيمية المستقلة.

 كما يمكن للمجلس الشعبي الوطني إدخال التعديلات التي يراها ضرورية على مشاريع أو اقتراحات القوانين المعروضة عليه، وتعتبر موافقته ضرورية لإقرار القانون ودخوله حيز التنفيذ.لكن إحداث مجلس الأمة إلى جانب المجلس الشعبي الوطني يطرح تساؤلات حول مساهمته في العمل التشريعي وهي كالآتي:

هل يمارس مجلس الأمة العمل التشريعي مناصفة مع المجلس الشعبي الوطني؟ أم يساعده فقط؟ أم يكمله؟ما هو تأثير مجلس الأمة في المناقشة والمصادقة على النصوص المعروضة عليه؟ فهل يجب على مجلس الأمة أن يبقى دائما على وفاق مع المجلس الشعبي الوطني؟ أي: هل هو ملزم بالموافقة على النصوص التي وافق عليها المجلس الشعبي الوطني ورفض تلك التي رفضها، أم له الحق في الاختلاف معه؟ في حالة الخلاف كيف تتم معالجته؟إن لم يتوصل إلى حل، ما تأثير ذلك على مسار اكتمال النص القانوني بصفة عامة، وقانون المالية بصفة خاصة؟، كل هذه التساؤلات نجيب عنها بالتطرق إلى المعوقات الإجرائية (الفرع الأول) والمعوقات الموضوعية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: المعوقات الإجرائية

تعترض عملية صدور قانون المالية جملة من القيود؛ إذ ألزم المؤسس الدستوري البرلمان بالمناقشة والمصادقة على مشروع قانون المالية في مدة زمنية محددة أقصاها 75يوما موزعة على كلا الغرفتين: 47يوما للمجلس الشعبي الوطني و20يوما لمجلس الأمة (الفقرة الأولى)، بالإضافة إلى تقييده أيضا حتى المصادقة بفرضه نصابا معينا (الففرة الثانية)

 

 

الفقرة الأولى: القيد الزمني

إن مشروع قانون المالية مقيد بأجل أقصاه 75يوما حتى تتم المصادقة عليه من قبل البرلمان، ويبتدئ هذا الأجل من تاريخ إيداع المشروع لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني، وهذا ما نصت عليه المادة 120-07من الدستور وكذا المادة 44من القانون العضوي رقم 99/02. إلا أن هذه ال 75يوما موزعة على كل من المجلس الشعبي الوطني 47يوما ومجلس الأمة 20يوما كما رأينا سابقا وتبقى ثمانية أيام تمنح للجنة متساوية الأعضاء في حال حدوث الخلاف بين الغرفتين إن وجد على فرض استدعائها من طرف الوزير الأول.

كما رأينا سابقا في المبحث الأول من هذا الفصل أن مجال قانون المالية واسع وفضفاض؛ فهو يتضمن تشريعات كاملة وأحكام جديدة لا علاقة لها أصلا بالمالية، كما يأتي على تعديل أو إلغاء تشريعات بكاملها، ونظرا لعدم كفاءة البرلمانيين في المجال المالي سواء في المجلس الشعبي الوطني أو في مجلس الأمة، فإن مدة (47) يوما لا تكفي أعضاء المجلس الشعبي الوطني كي يطالعوا القانون ويناقشوه ويُبْدُوا تحفظهم أو اعتراضهم حول هذا المشروع المعروض أمامهم.

كذلك مجلس الأمة لا تكفيه أيضا مدة (20) يوما للمصادقة على القانون المصادق عليه من طرف الغرفة الأولى.

إلا أن هذا الإشكال يمكنه حله من خلال زيادة الأجل الممنوح لكلا الغرفتين؛ حتى يتسنى لكلا الغرفتين الاطلاع المعمق على المشروع الذي قدمته الحكومة المتضمن قانون المالية، والمصادقة عليه بما يتوافق وتطلعات المواطن من هذا المشروع المهم. وإن كان تمديد هذا الأجل يؤجل دخول قانون المالية حيز التنفيذ إلى ما بعد الفاتح من جانفي من سنة تطبيق هذا القانون، مما يوحي بإحداث اضطرابات في التطبيق وبالضرورة التعطيل في تنفيذ برنامج الحكومة المصادق عليه، إلا أن نظام الموازنات الإثنا عشرية كفيل بخلق التوازن المرجو.[lvi]

في حالة حدوث خلاف بين الغرفتين في التصويت، يتم حل هذا الخلاف من طرف اللجنة متساوية الأعضاء في ظرف 08أيام.تعد اللجنة متساوية الأعضاء بمثابة لجنة الصلح التي تتولى دراسة النص موضوع الخلاف بهدف الوصول إلى حل نهائي ليعرض على الغرفتين للمصادقة دون المناقشة.[lvii]

أ‌-صلاحيات اللجنة متساوية الأعضاء

تضمن دستور سنة 1996أحكام تقريرية تتعلق باجتماع اللجنة متساوية الأعضاء في حال الخلاف بين الغرفتين، غير انه لم يتعرض إلى تشكيلة اللجنة حيث ورد ذكرها في المادة 87-02من القانون العضوي 99/02.

تجتمع اللجنة بطلب من الوزير الأول خلال ال 10عشرة أيام الموالية لتاريخ تبليغ الطلب، لدراسة واقتراح نص يتعلق بالأحكام محل الخلاف، الأمر الذي يعني استبعاد نظام الذهاب والإياب المطبق في بعض الدول مثل: فرنسا، بلجيكا وإنجلترا؛ بحيث تتمتع الغرفة العليا بحق التعديل مثل الغرفة الأولى. وفي حالة وجود خلاف تعطى الكلمة الأخيرة للغرفة الأولى بعد العمل ببعض مراحل الذهاب والإياب؛[lviii] لأن من مميزات نظام أحادي الغرفة السرعة في إجراء التصويت على القوانين، على خلاف نظام الغرفتين الذي يتطلب وقتا طويلا ويعتمد على مبدأ الحوار والصلح.[lix]

تقوم اللجنة متساوية الأعضاء بدراسة النص المحال عليها والنظر في الأحكام موضوع الخلاف، لذلك لها أن تستمع إلى كل عضو من أعضاء البرلمان، أو أي شخص ترى فيه مصلحة، ومن شأن شهادته أن توضح لها بعض الأمور، ثم يتم عرض اقتراح النص الذي تم إعداده من طرف اللجنة المتعلق بالحكم أو الأحكام محل الخلاف على الغرفتين للمصادقة عليه، ولا يمكن إدخال أي تعديل عليه إلا بموافقة الحكومة.

يعرض النص أولا على المجلس الشعبي الوطني للتصويت، ثم يحال على مجلس الأمة للتصويت، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق بينهما، تسحب الحكومة النص بصفة نهائية.

في حالة الموافقة ينظر مجلس الأمة في مشروع النص الذي تم إرساله بعد الموافقة إلى رئيس الجمهورية بهدف إصداره أو عرضه على المجلس الدستوري.[lx]

ب-تدخل اللجنة متساوية الأعضاء في مجال قانون المالية

من خلال نص المادة 120/04من الدستور، يتضح أن محل الخلاف بين الغرفتين والمتعلق بقوانين المالية لا يحال على اللجنة مثل ما هو الشأن بالنسبة للقوانين العادية، إلى جانب عدم تحديد المدة لاستدعاء اللجنة من قبل الحكومة، بالتالي فهي الوحيدة المخولة بتقدير وتحديد تاريخ الاجتماع، وذلك ما يظهر تفوق السلطة التنفيذية؛ فإذا لم تستدع اللجنة من طرف الوزير الأول لا يمكن أن تتدخل تلقائيا، مما يجعل النص عالقا على مستوى مجلس الأمة.إلى جانب سكوت المشرع عن تحديد المدة القانونية التي يشترط على اللجنة إرسال التقارير النهائية للبرلمان في حال دراسة النص والاتفاق عليه، وهو بطبيعة الحال في صالح الحكومة، مما يؤدي إلى التماطل في دراسة النصوص القانونية، إن لم يقع اهمالها أصلا. حتى من الناحية العملية ثبت تعطيل العديد من النصوص القانونية، بسبب عدم وجود نص قانوني يجبر الوزير الأول على استدعاء هذه اللجنة خلال مدة زمنية محددة، هذا ما حصل قبل التعديل الدستوري لسنة 2016.

إن عدم استدعاء هذه اللجنة هو تعطيل للقانون المصادق عليه من طرف الغرفة الأولى التي تمثل الإرادة الشعبية؛ لأنه بالرجوع إلى المادة 126من الدستور: يلزم رئيس الجمهورية أن يصدر القانون في أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ تسلمه إياه، ولا يمكنه تجاوز هذه المدة إلا في إحدى الحالتين:

-إخطار المجلس الدستوري من قبل السلطات المختصة

-طلب إجراء مداولة ثانية في قانون تم التصويت عليه، بشرط أن يقدم في الثلاثين يوما الموالية لتاريخ إقراره.[lxi]

إذا كان رئيس الجمهورية صاحب الصلاحيات الواسعة مقيدا بمواعيد لإصدار القانون، فكيف للوزير الأول صاحب الاختصاصات الأقل شمولا أن يتجاهل ذلك، مما يستوجب تحديد مدة لاجتماع اللجنة في حدود معقولة.[lxii]ذلك ما تداركه المشرع الدستور في تعديل 2016حينما نص في المادة: 138/04، عل تحديد أجل استدعاء هذه اللجنة المتساوية الأعضاء في حال وقوع الخلاف بين الغرفتين من قبل الوزير الأول وهو خمسة عشر يوما كحد أقصى، لتباشر نقاشاتها حول النقط محل الخلاف خلال خمسة عشر يوما أيضا.

الفقرة الثانية: القيد المتعلق بنصاب التصديق

تعتبر عملية التصويت على القوانين والمصادقة عليها من اختصاصات السلطة التشريعية بغرفتيها، وتأخذ عملية التصويت الصور التالية: التصويت مع المناقشة العامة، التصويت مع المناقشة المحدودة وكذا التصويت من دون مناقشة. وقد جاء تصنيف التصويت على هذا النحوà، المادة 29من القانون العضوي رقم 99/02

أ-التصويت مع المناقشة العامة

يعتبر إجراء عادي لدراسة ومناقشة مشاريع القوانين أو الاقتراحات المقدمة من قبل النواب، ويتم ذلك على مرحلتين:

-المناقشة العامة

-المناقشة مادة مادة

يتم الاستماع إلى ممثل الحكومة ثم يُفسح المجال للنواب، وتنصب المناقشة على النص بأكمله. وعلى ضوء المناقشة يقرر المجلس الشعبي الوطني التصويت إما على النص جملة وتفصيلا، أو مادة مادة، أو تأجيله. ينظر فيه المجلس بعد إعطاء الكلمة لممثل الحكومة واللجنة المختصة.[lxiii]يمكن للحكومة في هذا النوع من التصويت إدخال التعديلات الشفوية وبخاصة أثناء التصويت مادة مادة، وهو ما يؤكد هيمنة الحكومة وتفوقها.[lxiv]

ب‌-                     التصويت مع المناقشة المحدودة

يقتصر حق المناقشة على أصناف محدودة هم: ممثلي الحكومة، اللجنة المختصة، أو أصحاب الاقتراح، منعا للاختلافات التي من شأنها أن تعرقل العملية التشريعية ذات الأهمية الحساسة.[lxv]يمكن القول إن هذه الآلية في صالح الحكومة التي تستحوذ على المبادرات التشريعية، إلى جانب تدخلها عن طريق حضور أشغال اللجان المختصة،[lxvi] مع تقديم آرائها حول الاقتراحات المقدمة مع الاستفسارات والتوضيحات المقنعة والمواتية لمشاريعها. كما أن هذه الطريقة تضيق على النواب وتجعلهم يصادقون على المشروع دون أي اعتراض ويوافقون على تعديلات الحكومة تحسبا للآثار التي تترتب في حالة المعارضة من تأخير وتعطيل.[lxvii]

ج-التصويت من دون مناقشة

تنص المادة 37من القانون العضوي رقم 16-12على:

"يطبق إجراء التصويت من دون مناقشة على الأوامر التي يعرضها رئيس الجمهورية على كل غرفة للموافقة، وفقا لأحكام الفقرتين الأولى والثانية من المادة 142من الدستور، وفي هذه الحالة لا يمكن تقديم أي تعديل ويعرض النص بكامله للتصويت والمصادقة عليه دون مناقشة في الموضوع بعد الاستماع إلى ممثل الحكومة ومقرر اللجنة المختصة."          

يشكل هذا الإجراء القيد الحقيقي للنواب، ولا يطبق إلا في حالة الأوامر. وهو آلية لتدخل رئيس الجمهورية خاصة في المجال المالي، إلى جانب تخوف الحكومة من رفض المبادرة التشريعية في موضوع معين خاصة في حالة تمتعها بالأغلبية.[lxviii]

لقد تبنى المشرع الجزائري التصويت الإجمالي على الإيرادات العامة إلى جانب نفقات التسيير ونفقات الاستثمار، وهذا ما نستشفه من خلال نص المادة 70من القانون رقم 84/17المتعلق بقوانين المالية التي نصت على:

 "تكون إيرادات الميزانية العامة موضوع تصويت إجمالي. وفضلا عن ذلك يصوت بصفة إجمالية على ما يلي:

*نفقات التسيير الموزعة حسب كل دائرة وزارية.

*نفقات المخطط السنوي ذات الطابع النهائي الموزعة حسب كل قطاع.

*رخص تمويل الاستثمارات المخططة الموزعة حسب كل قطاع.

*إيرادات ونفقات كل ميزانية ملحقة.

*الحد الأقصى للنفقات المرخص بها حسب الشروط المحددة بموجب هذا القانون بالنسبة لكل صنف من أصناف الحسابات الخاصة للخزينة."

هذا على خلاف المشرع الفرنسي الذي نص على عدم جواز طرح الجزء الثاني للمناقشة قبل التصويت على الجزء الأول، بهدف منع أعضاء البرلمان من دراسة ومناقشة النفقات قبل معرفة مدى تقدير الإيرادات العمومية.[lxix]

بعد المناقشة تأتي عملية التصديق التي تعتبر ركنا هاما في العملية التشريعية، إذ من دونه لا يمكن اعتبار القانون نافذا، والتصديق على قانون المالية يعد رقابة سابقة تمارس من قبل البرلمان بتحديده الخطة الشاملة لأرقام حسابية (نفقات وإيرادات) لمدة سنة، والتي تتطلب الموافقة عليه وفقا للأهداف العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.[lxx]

يقصد بالتصديق الإجازة الصادرة عن البرلمان للحكومة التي تمكنها من القيام بعملية التحصيل وتنفيذ النفقات ضمن الحدود المرسومة وأوجه الاستعمال وفقا للقانون.إلا أن معنى الإجازة بالنسبة للإيرادات يختلف عنه بالنسبة للنفقات، حيث أن الإجازة للإيرادات تعني الإلزام في تحصيلها وفقا للقوانين والأنظمة، ولكنها لا تعني الإلزام بالتقيد بالأرقام الواردة في الميزانية العامة بل يمكن تجاوزها. في حين في النفقات تعني ضرورة التقيد بالأرقام المسجلة في الميزانية دون الالتزام بصرفها كليا أو جزئيا.

لقد ثار خلاف فقهي حول الطبيعة القانونية لإقرار القوانين منها قانون المالية من قبل السلطة التشريعية، فمنهم من رأى بأنه عمل تشريعي، بينما رأى البعض الآخر أنه عمل رقابي، وأن إقرار قانون المالية حتى وإن كان عملا تشريعيا إلا أنه يعتبر من أبرز وأنجع وسائل     وآليات الرقابة المالية التي يمارسها البرلمان على كل الأعمال التي تقوم بها الحكومة. فالميزانية تشمل مجمل إيرادات ونفقات الدولة، فيُحْظَرُ توريد أي إيراد للخزينة العمومية، أو تحصيل مبلغ ما لم ترخص به السلطة التشريعية كما لا يجوز القيام بعملية الإنفاق لأي مبلغ مهما كان حجمه دون الحصول على موافقة صريحة من البرلمان.[lxxi]

نظرا لاعتبار الميزانية خطة مالية تشمل أرقام تقديرية احتمالية، فإنه قد تطرأ ظروف قد تؤدي إلى إحداث خلل، أو إلى صعوبة في التنفيذ، الأمر الذي يستوجب اللجوء إلى عمليات التحويل عن طريق المراسيم، دون الرجوع إلى البرلمان. وبالرجوع إلى نص المادة 33من القانون العضوي رقم 16-12، فإنه يُشْرَعُ في مناقشة مشروع القانون بالاستماع إلى ممثل الحكومة، ثم إلى مقرر اللجنة المختصة ثم إلى المتدخلين حسب ترتيب تسجيلهم المسبق، ويُشْرَعُ في مناقشة اقتراح القانون بالاستماع إلى مندوب أصحاب الاقتراح، ممثل الحكومة ومقرر اللجنة المختصة ثم إلى المتدخلين حسب ترتيب تسجيلهم المسبق.

من خلال نص المادة يمكن ملاحظة أن ممثل الحكومة يتدخل في المناقشة مهما كانت طبيعة النص سواء كان مشروعا أو اقتراحا، كما يحق له تناول الكلمة بناء على طلبه أثناء المناقشة العامة كما توضحه الفقرتان الثالثة والرابعة من ذات المادة، كما أنه لا يمكن للمجلس أن يقرر إثر المناقشات التصويت على النص بكامله، أو التصويت عليه مادة مادة أو تأجيله إلا بعد إعطاء الكلمة إلى ممثل الحكومة واللجنة المختصة، وهذا ما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 33، وهو ما يساعد الحكومة في توجيه اختيار النواب نحو طريقة التصويت التي تريدها.

باستطاعة رئيسَيْ المجلسين سحب الكلمة من أعضاء البرلمان أو منعهم من تناولها، وهو ما جاء في نص المادة 75من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني و84من النظام الداخلي لمجلس الأمة، كما يمكن لهما (رئيسا المجلسين) وقف الجلسة أو رفعها، وهو ما أقرته المادة 59من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، والمادة 55من النظام الداخلي لمجلس الأمة. وهو ما يحد من فعالية تدخلهم، ويبد دور البرلمانيين أكثر إجحافا على مستوى اللجان الدائمة على عكس الحكومة، إذ لا يمكن لهم حضور اجتماعاتها أو المشاركة في مناقشاتها إلا إذا كانوا أعضاء فيها أو طُلِبَ منهم ذلك.

وأخيرا يشكل النصاب القانوني المشترط لمناقشة القوانين والتصويت عليها عائقا آخر أمام البرلمان، فالمعلوم أن مناقشة النص المعروض على مستوى المجلس الشعبي الوطني غير مقيد بنصاب قانوني، سواء على مستوى الجمعية العامة أو اللجان الدائمة. وبالتالي فالمناقشات تصح مهما كان عدد النواب الحاضرين، الأمر الذي ينقص من أهمية النص المعروض. أما التصويت على مستوى المجلس الشعبي الوطني لا يصح إلا بحضور أغلبية الأعضاء. وفي حالة عدم توفر النصاب تعقد جلسة بعد 6ساعات على الأقل و12ساعة على الأكثر، وحينئذ يكون التصويت صحيحا مهما كان عدد النواب الحاضرين. لكن هذا ينطبق فقط على القوانين العادية. بينما يتم التصويت على القوانين العضوية بأغلبية الأعضاء، ثم يحال النص إلى مجلس الأمة لمناقشته مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين، والمصادقة عليه بالأغلبية المطلقة أيضا.[lxxii]

من خلال ما سبق يتبين أن دور البرلمان في عملية المناقشة والتصويت على قانون المالية محدود جدا نظرا للقيود والعراقيل التي أدت إلى عدم التحكم في هذه العملية الأساسية.

الفرع الثاني: المعوقات الموضوعية

بعد ما تعرضنا في الفرع الأول من هذا المبحث إلى المعوقات الإجرائية التي تعترض صدور قانون المالية، نستعرض من خلال هذا الفرع أهم المعوقات الموضوعية التي تحول دون أداء رقابي جيد للبرلمان المتمثلة في: صدورقانون المالية بأمر في حالة الاختلاف بين الغرفتين (فقرة أولى)،ضعف المعلومات المقدمة من قبل الحكومة (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى: صدور قانون المالية بأمر في حالة الاختلاف بين الغرفتين

خول الدستور الجزائري بعد التعديل الأخير لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر سواء في الحالة العادية أي في المسائل العاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني، أو خلال العطل البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة أو في الظروف غير العادية (حالة الحرب، حالة الحصار، الحالة الاستثنائية). لكن التساؤل الذي يطرح في هذا المجال هو: ما هي الطبيعة القانونية للأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية في الظروف العادية؟

إن تحديد الطبيعة القانونية للأوامر المتخذة في الظروف العادية له أهمية بالغة لمعرفة نوع الرقابة التي يمكن ممارستها عليها، ومع ذلك لم يبين المؤسس الدستوري الجزائري طبيعة الأوامر المتخذة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني في المسائل العاجلة أو بين خلال العطل البرلمانية،[lxxiii] والأمر عكس ما هو الحال عليه في فرنسا، أين أكد المجلس الدستوري في قراره المؤرخ في 29فيفري 1972، أن الأوامر الصادرة في إطار المادة 142من الدستور لها طابع تنظيمي ما لم تتم المصادقة عليها لتصبح لها قيمة تشريعية.[lxxiv]               

أمام التزام المؤسس الدستوري الجزائري الصمت في هذه المسألة، فتح المجال أمام الفقه لتكييف هذه النصوص تكييفا قانونيا حيث يفرق الفقهاء عند التعرض لبيان الطبيعة القانونية لهذه الأوامر بين مرحلتين:

المرحلة (1): المرحلة فيما بين إصدار هذه الأوامر وموافقة البرلمان عليها

يوجد شبه إجماع فقهي على أن اللوائح الصادرة خلال هذه المرحلة تعتبر قرارات إدارية رغم تمتعها بنفس قوة القانون، وبالتالي فهي أعمال إدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري كبقية القرارات الإدارية الأخرى أخذا بالمعيار العضوي،[lxxv] أما فيما يخص الأوامر الرئاسية في الجزائر، فإن جانبا من الفقه الجزائري يضيف بأنه يمكن الطعن فيها أيضا أمام المجلس الدستوري طبقا للمادة 161من الدستور. غير أن جانب آخر من الفقه الجزائري يعتبر الأوامر أعمالا تشريعية ليس فقط من موافقة البرلمان عليها، بل من تاريخ اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية.[lxxvi]

المرحلة الثانية: المرحلة ما بعد موافقة البرلمان على الأوامر

ظهر خلاف فقهي حول هذه المسألة فهناك من يرى أنها تتحول من أعمال إدارية إلى أعمال تشريعية مما يجعلها غير قابلة للرقابة من طرف القضاء الإداري بل تخضع للرقابة الدستورية. وهذا الرأي هو الراجح ويحد ما يبرره في التجربة الجزائرية ألا وهو قرار المجلس الدستوري في 27فيفري 2000بعدم دستورية الأمر رقم 97-15المتضمن القانون الأساسي لمحافظة الجزائر الكبرى.[lxxvii]

أما الفريق الآخر فيصر على احتفاظ الأوامر بطبيعتها كأعمال إدارية حتى بعد موافقة البرلمان عليها، ذلك أن تلك الأوامر حتى وأنها تكتسب قوة التشريع إلا أنها تبقى في إطار الأعمال الإدارية، وهذا غير ممكن في النظام الجزائري، لأن الأوامر الرئاسية صدرت في شكل قوانين، وبالتالي الطعن ضدها لا يكون إلا أمام المجلس الدستوري، ولكن لا يمكن تصور إخطار المجلس من قبل الرئيس كونه صاحب الأمر    ولا من رئيسي الغرفتين لأن البرلمان قد وافق على الأمر، ما يجعل هذه الرقابة منعدمة عمليا. لأن سلطة رئيس الجمهورية لا تتوقف فقط عند إصدار أوامر لها قوة التشريع، بل يتعداها أيضا إلى إصدار قانون المالية وقانون المالية التكميلي بأمر في حال حدوث خلاف بين الغرفتين.

أ-إصدار قانون المالية بأمر

بالرجوع إلى نص المادة 44من القانون العضوي رقم 16-12في الفقرة الأخيرة منه نجدها تنص على أن لرئيس الجمهورية حق إصدار قانون المالية بموجب أمر له نفس قوة القانون في حالة فوات المدة الزمنية المخولة لكلا الغرفتين ولم يصادقا على مشروع قانون المالية   ولو لسبب جدي، وهذا الأمر يختلف عن الأوامر الصادرة في حالة شغور البرلمان وبين دورتي البرلمان كونها تعرض كلا الغرفتين للمصادقة عليها، بينما الأمر المتضمن قانون المالية لا يعرض على البرلمان للمصادقة عليه حفاظا على استمرارية نشاط الدولة.

إن قيام البرلمان بعدم الموافقة على مشروع قانون المالية أمر يستعصي حصوله نظرا للأغلبية المطلوبة وكيفية تحقيقها، لذلك لا يسبق   وأن صوتت السلطة التشريعية بعدم الموافقة على مشروع قانون المالية في النظام السياسي الجزائري.[lxxviii]

ب-إصدار قانون المالية التكميلي بأمر

تطبيقا لنص المادة 124من دستور 1996قبل التعديل الأخير فإن رئيس الجمهورية يلجأ عادة إلى إصدار قانون المالية التكميلي بأمر وذلك بين دورتي البرلمان، والتي استبدلت في التعديل الجديد بدورة واحدة، هذه الآلية كانت تمكن من اختزال الإجراءات، وأحسن مثال على ذلك قانون المالية التكميلي لسنة 2002الذي صدر قبل أسبوع من افتتاح الدورة الربيعية، رغم أن قانون المالية التكميلي له صفة قانون المالية ذاته بحكم المادة 02من القانون رقم 84/17في الفقرة الأولى. ما يجعل قانون المالية التكميلي يخضع لنفس أحكام وإجراءات قانون المالية خاصة المصادقة عليه في مدة 75يوما. يعرض نص قانون المالية التكميلي للموافقة عليه عن طريق التصويت دون مناقشة أو تعديل. نظرا لاتسام هذا القانون بالسرعة والاستعجال في التنفيذ، فيستحيل على البرلمان أن لا يوافق عليه.

الفقرة الثانية: ضعف المعلومات المقدمة من قبل الحكومة

إذا كان عبء تنفيذ الميزانية من الناحية العملية يقع على عائق الحكومة، فإن رقابة هذا التنفيذ عن طريق البرلمان صاحب الرخصة أمر لا مناص منه، فالغاية من ذلك هي التأكد من مدى احترام الحكومة للإجازة (الرخصة) التي منحها إياها البرلمان. فقد تكون رقابة التنفيذ إدارية تقوم بها الحكومة بنفسها، أو عن طريق أجهزة مستقلة كمجلس المحاسبة فضلا عن الرقابة السياسية التي يقوم بها البرلمان في الغالب، على أن تتم بشكل متواصل ومستمر، فهل أتيح ذلك للبرلمان الجزائري على النسق المطلوب؟

 إن الواقع العملي يشهد بعجز البرلمان الجزائري عن رقابة تنفيذ قانون المالية بفعل تملص الحكومة من خلال عدة تقنيات من التنفيذ  على وفق الخطة التي يضعها البرلمان ، وكذا لعدم توضيح كيفية ممارسة الرقابة البرلمانية اللاحقة، الأمر الذي أدى إلى إفراغها من محتواها الحقيقي.[lxxix]إن القاعدة العامة أن اعتماد قانون المالية من طرف البرلمان يشكل قيدا على الحكومة، فلا يمكن  لهذه الأخيرة إجراء أي تعديل فيه، غير أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمالية ونحوها،  الداخلية منها والخارجية، تمكن الحكومة من إحداث تغييرات عليه من خلال عدة تقنيات أهمها:  1-الحسابات الخاصة. 2-تحويل الاعتمادات. 3-قانون ضبط الميزانية (تسوية الميزانية).

أ-حسابات التخصيص الخاصة

تقوم الميزانية العامة للدولة على مبادئ عديدة أهمها: مبدأ وحدة الميزانية؛ أي إدراج كل النفقات والإيرادات في ميزانية واحدة، وكذلك مبدأ عدم التخصيص؛ الذي يُقصد به منع تخصيص مورد معين لتغطية نفقة معينة، بل تضاف الموارد بعضها إلى بعض من أجل تغطية مجمل النفقات. لكن هذين المبدأين لا يمنعان السلطة التنفيذية من إحداث حسابات خاصة على مستوى الخزينة العامة، بما فيها حسابات التخصيص الخاص التي تحمل عادة تسمية حساب أو صندوق، وتفتح وتقفل هذه الحسابات بموجب قانون المالية، وهذا ما نصت عليه المادة 48من القانون رقم 84/17[lxxx]، وليس على البرلمان إلا المصادقة عليها (منح الترخيص بشأنها)، والهدف من إنشائها هو توظيف موارد معينة لمواجهة النشاطات الهامة،[lxxxi] ومن أمثلة الحسابات الخاصة التي أُنْشِئتْ نتيجة الظروف السياسية نذكر:

-صندوق تعويض ضحايا الأعمال الإرهابية المحدث بموجب المادة 145من المرسوم التشريعي رقم 93/01  المؤرخ في 19جانفي 1993، المتضمن قانون المالية لعام1993.[lxxxii]

-  صندوق تعويض ضحايا وذوي حقوق ضحايا الأحداث التي رافقت الحركة من أجل استكمال الهوية الوطنية المحدث بموجب المادة 201من القانون رقم 02/11المؤرخ في 24ديسمبر 2002المتضمن قانون المالية لعام 2003.[lxxxiii]

أما من الناحية العملية، فمعظم الصناديق أو حسابات التخصيص الخاص تمول عن طريق اعتمادات الميزانية العامة، إذ أن المشرع لم يضع إلى حد الساعة الحدود التي تعهد بها في المادة 56-02من القانون رقم 84/17[lxxxiv]، تاركا بذلك كامل الحرية للسلطة التنفيذية في التصرف ونقل اعتمادات الميزانية العامة إلى هذه الحسابات، وتخضع هذه الحسابات التي تتضمن عشرات الصناديق إلى التصويت بصفة إجمالية، وهذا التصويت لا يشمل إلا الحد الأقصى للنفقات المتعلقة بجميع الصناديق، لذلك يبقى الترخيص البرلماني مبتورا؛ إذ لا يشمل كل النفقات الخاصة بكل حساب على حده، بل ينصب على صنف من الحسابات الخاصة بمجمله، مما يعطي للحكومة حرية كبيرة في التصرف في الأموال المحولة لهذه الحسابات الخاصة.

أما عن متابعة البرلمان لتنفيذ حسابات التخصيص الخاص، فقد أوجبت المادة 68من القانون رقم 84/17[lxxxv] على الحكومة إرفاق مشروع قانون المالية بوثائق عدة، من بينها قائمة الحسابات الخاصة للخزينة، تبين فيها مبلغ الإيرادات والنفقات والمكشوفات المقررة لهذه الحسابات، لكن الحكومة كانت تمتنع عن تقديم مثل هذه الوثائق للبرلمان، مما دفع المشرع إلى التدخل بموجب قانون المالية لسنة 2000في المادة 89أين فوض الآمرين بصرف حسابات التخصيص الخاص بإعداد برنامج عمل تحدد فيه الأهداف المسطرة وكذا آجال الإنجاز. كما أوجب وضع جهاز لمتابعة وتقييم حسابات التخصيص الخاص، يشترك فيه الوزير المكلف بالمالية مع الآمرين بالصرف المعنيين. غير أن المادة لم تحدد الجهة التي يرسل لها تقرير التقييم أهو البرلمان أم جهة أخرى؟ ولم يحدد أيضا مصير جهاز الرقابة الواجب إنشاؤه، مما يعطي الوزير المكلف بالمالية صلاحية متابعة هذا الجهاز على حساب البرلمان الذي يضمحل دوره بشكل كبير في ذات الموضوع.[lxxxvi]

إن الاعتمادات المتعلقة بحسابات التخصيص الخاص هي حصرية لا يجوز تجاوزها لحدود المبلغ الإجمالي المرخص به من طرف البرلمان، إلا أن المادة 55-02من القانون رقم 84/17أجازت في حالة الاستعجال إمكانية فتح اعتمادات أو مكشوفات إضافية عن طريق التنظيم من دون أن يتم تحديد الحد الأقصى لهذه الكشوفات، وتركت مسألة تقدير الاستعجال للسلطة التنفيذية وحدها. بل وحتى في الحالات العادية عندما يتبين لها أثناء التنفيذ أن حجم إيرادات حسابات التخصيص الخاص المنجزة أدنى من التقديرات، إذ يمكن للحكومة فتح مكشوف ضمن الحدود المنصوص عليها في قانون المالية وحسب الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم.[lxxxvii]

ب -عدم تقديم عرض عن استعمال الاعتمادات المالية

بالرغم أن المادة 179-01من دستور 1996المعدل والمتمم نصت على تقديم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا تبين فيه استعمال الاعتمادات المالية التي سبق وأن تم ترخيصها لها، وهذا ما يفهم من كلمة تقدم التي تفيد الوجوب لا التخيير، بمعنى أن الحكومة ملزمة بتقديم هذا العرض للبرلمان كونه يمثل النتيجة النهائية لما تم صرفه من نفقات وما تم تحصيله من إيرادات مقارنة بما تم رصده، غير أن الواقع العملي يكشف أن الحكومة لا تلتزم بهذا الواجب الدستوري، حتى أن عمل لجنتي المالية والميزانية على مستوى مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني يبقى غير مرتب لأثره لعدم حصولهما على جميع التقارير التي تمكنهما من القيام بالدور الرقابي خلال دراسة مشروع قانون المالية وقانون المالية التكميلي.

إذا كان عائق الحكومة يتمثل في أن تقديم عرض استعمال الاعتمادات المالية لا يكون إلا بعد إقفال نهائي للحسابات، وهي مسألة تشوبها بعض التعقيدات والصعوبة في إقفال كل الحسابات في آن واحد، خاصة حسابات التخصيص الخاص، إلا أنه على الأقل يمكن تقديم عرض عن الاعتمادات عقب إقفال ما أمكن إقفاله من حسابات، وتقديم عرض شبه كلي أفضل بكثير من عدم تمكين البرلمان من الاطلاع على ما تم تنفيذه جملة وتفصيلا.[lxxxviii]

إن امتناع الحكومة عن تطبيق النص الدستوري يعتبر تجريدا للبرلمان من سلطته الرقابية، وتقييم الحكومة لأدائها المالي وفقا للقانون المصادق عليه من قبل البرلمان، وما يدعم الحكومة في تصرفها هو غياب الجزاء القانوني عليه.

الملاحظ أن السلطة الجوهرية بالنسبة للرقابة المالية لا يمارسها البرلمان الجزائري بسبب امتناع الحكومة عن تطبيق أحكام المادة: 179 من الدستور، هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية على البرلمان بغرفتيه وعلى مكانته في المجتمع ؛[lxxxix] ويعود ذلك لعدم قدرة البرلمان بغرفتيه على إلزام أي حكومة لتقديم هذا العرض السنوي بخاصة وأن الدستور لا يفرض عليها أي عقوبة سياسية جراء ذلك التماطل ،كما أنه لم يوضح كيفية تعامل البرلمان مع ذلك الواقع، لذلك فإن هذا الواقع السيئ من شأنه تجريد البرلمان من سلطته الفعلية في التأثير على الحكومة، إذ لا يعلم ما إذا كان قانون المالية يطبق بالشكل الذي صوت عليه أم العكس لاسيما أن الجريدة الرسمية مليئة بأرقام تحويل الاعتمادات من جهة إلى أخرى.

إن مبدأ فتح اعتمادات إضافية من طرف الحكومة بمعزل عن البرلمان كان موضع جدل كبير بين فقهاء القانون الدستوري والقانون المالي، فمن جهة هناك ظروف طارئة وملحة تستلزم سرعة التدخل والتنفيذ، ومن جهة أخرى ثمة تخوف من إطلاق يد الحكومة بهذا الشأن نظرا لخطورته. وقد أجمع الرأي على أن إطلاق يد الحكومة دون قيد يؤدي إلى كثير من المساوئ لأنه يفسح المجال أمامها للتذرع بالظروف الطارئة؛ وبالتالي انتفاء الغاية من قانون المالية؛ حيث يصبح إقراره مسألة شكلية عديمة الجدوى.[xc]لم يذكر المشرع الجزائري أي جزاء قانوني يحمله الحكومة جراء عدم تقديمها لعرض استعمال الاعتمادات المالية المذكورة في المادة 179من الدستور، وبذلك فإن الحكومة تعتبر محصنة في هذا التصرف. كذلك فإن القانون العضوي 16-12والنظامين الداخليين لغرفتي البرلمان لم يتم فيها تسليط الضوء على كيفية تطبيق المادة 179من الدستور، ولم تتناول حتى مجرد التأكيد على هذا الحق المخول للبرلمان بإعادة ذكر نص المادة فقط ضمن أحكامها.[xci] وليس عرض استعمال الاعتمادات المالية فحسب ما لا تقدمه الحكومة، بل يمتد الأمر كذلك لمشروع القانون السنوي تسوية الميزانية.

ج‌-                     تجميد العمل بقانون ضبط الميزانية

وفقا للمادة 179-02الدستور: تختتم السنة المالية للبرلمان بالتصويت على قانون ضبط الميزانية بالنسبة للسنة المعنية، من طرف كل غرفة في البرلمان؛ أي أن الدستور – بعد تعديله الأخير-قد ضرب ميعادا سنويا دوريا يقوم فيه البرلمان بتقييم أداء الحكومة على مدار السنة المالية المنصرمة مقارنة بالتقديرات المرخص بها في إطار قانون المالية.[xcii]

لذلك يعتبر قانون تسوية الميزانية ذو أهمية كبيرة وذلك للاعتبارات التالية:

-يقر قانون تسوية الميزانية حساب نتائج السنة المالية، المشتمل على الفائض أو العجز الناتج عن الفرق الواضح بين إيرادات ونفقات الميزانية العامة، والنتائج المثبتة في تنفيذ الحسابات الخاصة للخزينة، وكذا نتائج تسيير عمليات الخزينة.

-يكتسب قانون ضبط الميزانية طابع قانون المالية إلى جانب قانون المالية السنوي والقوانين المالية التكميلية والمعدلة الخاصة بكل سنة مالية، فحتى وإن لم يحدد الدستور ميعاد تقديم قانون ضبط الميزانية، إلا أن المادة 68من القانون رقم 84/17نصت على أنه يكون من مرفقات مشروع قانون المالية السنوي.

-بعد قانون تسوية الميزانية الأساس الواقعي الذي يستند عليه عضو البرلمان في التصويت على رفع نفقة أو تخفيض إيراد.[xciii]

في هذا الإطار يطرح تساؤل مفاده هل يمكن تقنيا مناقشة قانون المالية بناء على احتمالات، ودون تقييم لنتائج السنة الماضية من أجل معرفة حركية المؤشرات الاقتصادية؟، [xciv] وهذا  بناء على ما جاء في تعبير أحد نواب المجلس الشعبي الوطني: "إن وثيقة ضبط الميزانية تعد بمثابة تقييم لنتائج الميزانية، وإرساء قواعد لمعرفة كيفية تسيير الأموال العمومية، وكيفية تنفيذ الميزانية فعليا والأرقام الحقيقية التي تم تسجيلها في الإيراد والإنفاق."[xcv]

رغم الأهمية التي يحظى بها قانون تسوية الميزانية وإلزامية الحكومة بتقديمه، إلا أن الواقع العملي أثبت غير ذلك؛ إذ أن الحكومات المتعاقبة منذ سنة 1978لم تقدم سوى 04قوانين لتسوية الميزانية بين 1981و1987المتعلقة بالسنوات 1978، 1979، 1980، 1981وعادت بعد ذلك لتقديمه سنوات 2011، 2012، 2013، 2014، 2015حيث قدمت الحكومة للبرلمان قانون ضبط الميزانية المتعلق بسنوات 2008، 2009، 2010،2011، 2012بالترتيب، ويرجع سبب هذا التخلف في بطء وتعقيد إجراءات الرقابة التي تمارس من طرف الأجهزة الأخرى. إن موقف الحكومة يعتبر إلغاء لصلاحية البرلمان في ممارسة حقه الدستوري في مراقبة مدى تنفيذ الحكومة لقانون المالية المصادق عليه من قبل أعضائه، ومنه يتضح الدور المحدود للرقابة البرلمانية اللاحقة، وعدم وجود جزاء قانوني لعدم تقديمه (قانون ضبط الميزانية)، مما يدعم مركز الحكومة ويجعلها تتفوق في المجال المالي. وبالرغم من فعالية الرقابة التشريعية إلا أنه يعاب عليها أن أعضاء السلطة التشريعية لا يملكون الوقت اللازم والخبرة الفنية والمحاسبية الكافية لمناقشة الحساب الختامي الذي قد يصل إلى آلاف الصفحات والأرقام مناقشة تفصيلية، [xcvi] وهو ما يجعل الحكومة تسيطر وتتفوق على البرلمان في المجال المالي بلا منازع.

   خاتمة

   لقد كفل الدستور الجزائري للبرلمان سلطة ممارسة الرقابة المالية على تنفيذ الميزانية العامة في الدولة، من خلال ما خوله من صلاحيات وآليات دستورية وقانونية لازمةللقيام بدوره بفاعلية في هذا المجال الحيوي، والتي قمنا بتتبع تفاصيلها بالدراسة والتحليل أين وقفنا على مواطن الضعف والقوة في هذا المجال، مما قادنا إلى تقييم فعالية هذه الصلاحيات والآليات الرقابية وتقييم الأداء الرقابي للبرلمان ككل. حيث سجلنا بعض الملاحظات الأساسية نوردها في مايلي:

1.                       أن سلطة البرلمان الجزائريغير كافية في ممارسة رقابة مالية تستجيب للمعايير الدولية في الشفافية والمساءلة بما يحقق رقابة فاعلة وناجحة قبل وأثناء وبعد تنفيذ الميزانية العامةبسبب ما يصطدم به نشاط البرلمان من صعوبات عملية تعترض سبيل الرقابة البرلمانية على الميزانية في واقع التنفيذ.

2.                      تبين لناأن القانون رقم 84/17المتعلق بقوانين المالية لم يعد صالحا من كل الجوانب سواء من الناحية القانونية أو الإجرائية. كون الحكومة هي من يتحكم في جميع المراحل والآليات بل وحتى في الرزنامة الزمنية المتعلقة بميزانية الدولة، ما يعني أن السلطة التنفيذية هي التي تعد الميزانية وهي من يسهر على تنفيذها دون أي تدخل للبرلمان باستثناء المناقشة العامة التي تتخللها الأسئلة الكتابية والشفوية بصورة غير مركزة ودقيقة.

3.                       أثبتت هذه الدراسة مستوى المردود الهزيل الذي يقدمه البرلمان الجزائري بغرفتيه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وهو يمارس دوره ومهامه الرقابية على ميزانية الدولة بسبب قلة كفاءة العنصر البرلماني، وقلة جودة العمل المقدم في هذا الشأن.

4.                        عدم قدرة البرلمان على مقارعة الحكومة في مجال قانون الميزانية، إعداد وتحضيرا ومناقشة، كونه لا يتمتع بجهاز متخصص ومستقل يتولى متابعة الميزانية العامة في كل تفاصيلها من مبدئها إلى منتهاها، وهو ما يجعله دائما في تبعية للحكومة فيما يتعلق بالمعلومات المرتبطة بالميزانية العامة للدولة في كل مراحلها.

   إن هذه النتائج التي توصلنا إلى إثباتها في هذه الدراسة دفعتنا إلى تقديم بعض الحلول والمعالجات لمختلف ما يعترض عمل البرلمان من صعوبات وعراقيل داخلية وخارجية، علها تفيد إلى حد ما في التخفيف من عبء هذه المعوقات التي باتت تؤرق أداء البرلمان في هذا الإطار، إذ كان يجب القيام بعمليات إصلاحية عاجلة ومتزنة تقدم حلولا لمختلف جوانب الخلل والضعف التي يعاني منها البرلمان الجزائري ليتمكن من تقديم أداء رقابي متميز وفاعل، رلاكزنا فيها على نقطتين أساسيتين تتمثلان في: ضرورة القيام بمراجعة دقيقة للنظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان لتطويره وكذا مراجعة الوسائل الدستورية الرقابية التي يضطلع بها البرلمان.

   أولا-ضرورة تطوير النظام الداخلي للبرلمان الجزائري

    يعتبر النظام الداخلي امتدادا للإطار الدستوري والقواعد الحاكمة لعمل النظام السياسي ككل، وما يميز القانون الداخلي هو أنه يعيش طويلا ما دامت الأسس الدستورية قائمة. فالنظام الداخلي يتأثر بالبيئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدستورية والقانونية التي ينشأ في إطارها، فهو خلاصة التفاعل مع متطلبات التطوير.

   من هذا المنطلق يصبح تطوير القانون الداخلي للبرلمان الجزائري أمرا من الأهمية بمكان وجب مراعاته في أسرع وقت.  إذ أن غموض القوانين الداخلية وعدم وضوح أحكامها وضعف صياغتها قد يؤدي إلى إشكاليات كثيرة لعل أبرزها وأخطرها على عملية سير العمل البرلماني وجودته إشكالية تفسير مقتضيات القانون الداخلي عند التطبيق، مما قد ينجر عنه إضرار بحقوق وواجبات أعضاء البرلمان وطريقة أدائهم. إن القانون الداخلي للمناقشات يجب أن لا يتعارض مطلقا مع حرية التعبير عن الرأي لكافة الأعضاء مهما اختلفت انتماءاتهم الحزبية

والسياسية.[xcvii]

   وإذا أدركنا أن القانون العضوي الذي يحكم البرلمان هو قانون ذو طبيعة دستورية سامية تجعله في مرتبة تلي الدستور مباشرة باتفاق جل فقهاء القانون الدستوري والإداري، وبتأكيد تطبيقات القضاء الدستوري المقارن، فإن ذلك يرتب آثار قانونية منطقية، إذ أن النظام الداخلي للبرلمان يكون خاضعا للإجراءات النصوص عليها في القانون العضوي. ومن ثَم فإن أي محاولة للإصلاح في القانون الداخلي للمجلسين حتى وإن كانت مبادرة من أعضائه لن تمر ما لم تخضع لقواعد ونصوص القانون العضوي الذي ينبغي أن يكون متوازنا بالأصل.

 

 

 ثانيا-مراجعة الوسائل الرقابية

   إن تعزيز القدرة الرقابية لأي برلمان لا يمكن أن تتم دون مراجعة آليات ووسائل هذه الرقابة خاصة بالنسبة للآليات التي تحرك المسؤولية السياسية للحكومة، وذلك بالتخفيف من القيود الواردة عليها، وكذا وضع شروط أثناء التصويت عليها حتى لا يتعسف البرلمان في استخدامها لأغراض حزبية. هذه الآليات تعتبر من أساسيات الإصلاح الدستوري صوب تقوية قدرة ومكانة المؤسسة التشريعية وتمكين أعضائها من القيام بدورهم الرقابي والتشريعي على أكمل وجه. وحتى تحقق الرقابة البرلمانية لأهدافها المنشودة لا بد من التأسيس لمتابعة دستورية مستقلة تساعد على لفت الانتباه للتطبيقات غير القانونية للميزانية من ناحية، وتزويد البرلمانيين بالمعلومات التي يحتاجونها لمناقشة الحسابات الضخمة في المجالات التنفيذية من جهة أخرى.

   ستؤدي هذه المراجعة الدستورية إلى تعزيز القدرة على إجبار أعضاء السلطة التنفيذية وفي مختلف المجالات لتزويد النواب بالمعلومات التي تساعدهم على الكشف عن عدم قانونية التطبيق والتي تتوج بالتقارير المطلوبة للمحاسبة الشديدة. فالميكانزمات الدستورية تؤدي إلى نتيجة حتمية مفادها تقوية استقلالية الرقابة البرلمانية في مراجعة الحسابات والرقابة على الميزانية. وفي هذا السياق وفي سبيل تحقيق رقابة برلمانية فاعلة على النشاط المالي للحكومة تقدم "المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد" إطار عمل يتضمن ما يلي:

!                       يجب أن تشمل الميزانية مجموع الإيرادات والنفقات والإنفاق على أي برنامج أو زيادات في الميزانية.

!                       تقديم تقارير في الوقت المناسب حول النفقات الفعلية ونتائجها.

!                       استدعاء كل من له علاقة (الوزراء والإداريين) الذين يملكون سلطات تنفيذية تتعلق بالبرنامج المالي أو تسييره.

أما عن سبل الرقابة فهي تتكون من:

·  تشكيل لجنة لمراجعة السياسة والبرامج والتعليمات باستدعاء أعضاء السلطة التنفيذية كشهود.

·  تقديم تقارير فعالة حول التنفيذ والأداء المالي ونتائجه.

·  استلام ومراجعة تقارير تدقيق الحسابات.[xcviii]

في هذا الإطار يمكن رصد مجموعة من الشروط التي يعتمد عليها العمل البرلماني، نذكر منها:

Ø                       ضرورة استقلال البرلمان:

تعتبر فكرة استقلال البرلمان أساسية ومهمة وتستند على ركيزتين جوهريتين هما: حرية التعبير؛ أي إمكانية التعبير بكل حرية مطلقة عن الآراء الفردية في البرلمان، وكذا تخصيص موازنة للبرلمان تخوله التمتع باستقلالية مالية كافية، كي لا يعتمد البرلمان دوما على السلطة التنفيذية.

Ø                        تزويد البرلمان بالمعلومات الكاملة

يستند العمل البرلماني إلى شفافية المعلومات والبيانات الخاصة بالموازنة، حيث يجب أن تتوخى وثائق الموازنة التي ترفعها الحكومة: الشمولية، التفصيل والدقة، ويجب أن تنبثق بيانات الاقتصاد الكلي التي ترافقها عن مصادر حكومية ودولية مستقلة عن السلطة التنفيذية، بمعنى التنويع في مصادر المعلومات حتى يعزز البرلمان من استقلاليته تجاه الحكومة.

Ø                       صلاحية التعديل في مشروع قانون المالية

   يجب أن تمنح للبرلمان صلاحية حق إدخال التعديلات على مشروع قانون المالية، بشرط إنشاء آلية مصالحة بين البرلمان والحكومة في حال تعارض الاثنين على أن يكون للبرلمان كلمة الفصل.[xcix]

 

بناء على هذه الملاحظات التي انكشفت لنا في هذه الدراسة وما أسعفنا أن ندلي به من حلول لهذه الصعوبات التي وقفنا عليها فإننا نقدم مجموعة من الاقتراحات والتوصيات في هذا الشأن نلخصها فيما يلي:

-                        وجوب إلغاء القانون رقم 84/17المتعلق بقوانين المالية وسن قانون عضوي يسمو عليه ويوسع من صلاحيات البرلمان فيما يتعلق بالرقابة الفاعلة على ميزانية الدولة، مع مراعاة نطاق قانون المالية على أن لا يتضمن إلا الأحكام المرتبطة به، واستبعاد كل ما هو دون مجال المالية والميزانية ولا يتعلق بعمليات الإيراد والإنفاق.

-                        على البرلمان إنشاء أجهزة مكلفة بكل المسائل المتعلقة بالمالية، وأن تتألف من كبار المختصين في هذا المجال على أن يكونوا مستقلين تماما في أداء مهامهم على السلطة التنفيذية، واختيار النواب الأكثر كفاءة من أجل العضوية في لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني، ولجنة الشؤون الاقتصادية والمالية لمجلس الأمة، مع تمكين النواب من التكوين في مجال الميزانية من أجل تفعيل الدور الرقابي من خلال دورات تكوينية خاصة.

-                        إشراك البرلمان في وضع قانون المالية التكميلي وتمكين النواب من الاطلاع على التحويلات التي تتم داخل الميزانية.

-                        إلزام الحكومة بتقديم قانون ضبط الميزانية في آجاله المحددة وهي السنة التي تلي تنفيذ السنة المالية المرتبطة بها من أجل تمكين البرلمان من مناقشة مضمونها على ضوء معطيات راهنة، وأن ترفقه مع مشروع قانون المالية.

الحد من اللجوء إلى صناديق التخصيص الخاصة وتأطيرها في قالب قانوني مما يدعم شفافيتها وإخضاعها لرقابة البرلمان.



[i]-المادة 138 من دستور 1996 المعدل والمتمم بموجب القانون 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2013 ، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد 14،، المؤرخة في 07 مارس 2016 ص 2 إلى37.

[ii]-المادة 60 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لسنة 2000 الجريدةالرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد 46، الصادرة بتاريخ 2000/07/30.

[iii]- المادة 61 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، السابق ذكره.

[iv]- المادة 62 من النظام الداخلي، السابق ذكره.

[v]-المادة 44 من القانون العضوي رقم 16-12 المؤرخ في 25/08/2016 يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة عملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 50.

[vi]- المادة 38 من النظام الداخلي لمجلس الأمة لسنة 1999 المعدل في سنة 2000 الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 77، بتاريخ .2000/12/17

[vii]-  المادة 39 من القانون العضوي رقم 16-12 السابق ذكره.

[viii]- المادة 40 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، السابق ذكره.

[ix]- المادة 39 من القانون العضوي رقم 16-12 السابق ذكره.

[x]- المادة 41 من القانون العضوي 16-12، السابق ذكره.

[xi]- المادة 141/8 من دستور 1996 بعد التعديل الدستوري لسنة 2016.

[xii]- بوسالم دنيا، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في ظل دستور 1996، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق /جامعة باجي مختار عنابة، سنة 2006، منشورة، ص 142.

[xiii]- المادة 60 من النظام الداخلي لمجلس الأمة 1999، السابق ذكره.

[xiv]-المادة 42 من القانون العضوي رقم16-12، السابق ذكره.

[xv]المادة 43 من القانون العضوي نفسه.

[xvi]-المادة 44-4 من القانون العضوي نفسه.

[xvii]  - Jean Claude MARTINEZ et Pierre Di Malta : Droit Budgétaire, éditions L.I.T.E.C, Paris, France, 1999. Page 901.

[xviii]- Jean-Claude MARTINEZ et Pierre Di Malta, Ibidem, page 903.

[xix]- Michel BOUVIER : « la Cour des comptes en Belgique», R.F.F.P, n° 36, année1991, L.G.D.J, Paris. Pp 13 -15.

[xx]- أثيرت في فرنسا إشكالية مدى دستورية قانون ضبط الميزانية، إذا تضمن على عمليات غير واردة في قانون المالية مثل إلغاءو تحويل الاعتمادات المالية أو تجاوز النفقات للاعتمادات المالية المخصصة لها، و تم إخطار المجلس الدستوري بشأن العديد منالقوانين بغرض إلغائها، مثل قانون ضبط الميزانية الخاص بسنة 1983 ،      و قانون سنة 1989 ، و لقد أقر المجلس الدستوري بشأنقانون سنة 1983 في القرار رقم 12 - 414 المؤرخ في 16 جانفي 1985 الذي أصدره أنه ليس من اختصاصهم ممارسة أي رقابةعلى شرعية القرارات التنظيمية التي أصدرتها الحكومة أ نناء تنفيذ الميزانية و الذي يبقى من اختصاص القضاء الإداري ، و هيئاتالرقابة المالية ، ونفس هذا المبدأ أكده في القرار رقم90 -300 المؤرخ في 20 نوفمبر 1991 بشأن قانون ضبط الميزانية لسنة 1989 .

Voir : Francis. J FABRE : Les grands arrêts de la jurisprudence financière, 4ème édition, Dalloz, Paris, France, 1996..Page 16

[xxi]- المواد 152 إلى 155من دستور1996 المعدل والمتمم بموجب القانون 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2016، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد رقم 14 بتاريخ 07 مارس 2016.

[xxii]-   المواد من 21 إ لى 62 من القانون العضوي رقم16-12،السابق ذكره.

[xxiii]- -الغربي إيمان، مجالات العلاقة الوظيفية بين البرلمان والسلطة التنفيذية على ضوء التعديل الدستوري الجديد سنة 2008، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر 1 بن عكنون، سنة 2011، غير منشورة، ص 149

[xxiv]- باهي مراد، الرقابة البرلمانية على مالية الدولة في النظام القانوني الجزائري، أطروحة دكتوراه، جامعة محمد خيضر بسكرة، بسكرة، الجزائر، منشورة، ص67.

[xxv]- المادة 180 من الدستور السابق.

[xxvi]- المادة: 38 من القانون العضوي رقم 16-12 السالف ذكره، والأمر رقم 15-01 المؤرخ في 23 يوليو 2015 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2015، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد 40.

 

[xxvii]-Pierre Hummel, Le contrôle budgétaire du parlement en cours d’exécution des lois de finance sous la 5ème république (mémoire de DEA) 1998-1999, p11.  

[xxviii]- بشير يلس شاوش، " رقابة البرلمان على الميزانية"مجلة الفكر البرلماني، عدد 3، جوان 2006، ص 36

[xxix]- المادة 179/02 من الدستور السابق.

[xxx]- المادة 192/03 من الدستور، والمواد 16 من الأمر 95-20 المتضمن تنظيم وصلاحيات مجلس المحاسبة المعدل والمتمم بالأمر 10-03 المؤرخ في 26/09/ 2010، الجريدة الرسمية رقم 50 مؤرخة في 05/08 /2010.

[xxxi]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، المؤرخ في 07 جويلة 1984، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد28، مؤرخة في 10 جويلية 1984.

[xxxii]- المادتان 18 و19 من الأمر 95-20 المعدل والمتمم،المرجع نفسه.

[xxxiii]- يلس بشير شاوش، المرجع السابق، ص 38.

[xxxiv]- هيئة التحرير في مجلس الأمة، "قانون ضبط الميزانية آلية برلمانية لحماية المال العام"، مجلة الفكر البرلماني، نشرية لمجلس الأمة عدد 36، فيفري 2015، ص 95 وما يليها.

[xxxv]- محمد بريك، الإطار القانوني المتعلق بقانون ضبط الميزانية، الجزائر، 2016، ص 01.

[xxxvi]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره.

[xxxvii]- االقانون نفسه.

[xxxviii]-يلس شاوش بشير، المرجع السابق، ص 30.

[xxxix]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[xl]-محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، الطبعة السادسة عشر 2008، دار هومه الجزائر، ص 142

[xli]- عمار عوابدي، "فكرة القانون العضوي وتطبيقاتها على القانون الناظم للبرلمان والعلاقات الوظيفية بينه وبين الحكومة"، مجلة الفكر البرلماني، العدد 2، نشرية لمجلس الأمة، الجزائر، مارس 2003، ص 59

[xlii]-يلس شاوش بشير، المرجع السابق، ص 31

[xliii]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، أطروحة دكتوراه، جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر،2010، منشورة، ص 360

[xliv]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[xlv]-زيوش رحمة، الميزانية العامة في الجزائر، أطروحة دكتوراه، جامعة مولود معمري تيزي وزو الجزائر، 2011، منشورة، ص 360 

[xlvi]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 363

[xlvii]- شامي رابح، مكانة مجلس الأمة في البرلمان الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان الجزائر، 2011-2012، منشورة، ص 143

[xlviii]- المرجع نفسه، ص 144

[xlix]-عبد الله بوقفة، الوجيز في القانون الدستوري، الدستور الجزائري، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 2010، ص 94.

[l]-أومايوف محمد، عن الطبيعة الرئاسوية للنظام السياسي الجزائري، أطروحة دكتوراه، جامعة مولود معمري تيزي وزو الجزائر، سبتمبر 2013، منشورة، ص 219.

[li]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[lii]-يلس شاوش بشير، المرجع السابق، ص31  

[liii]- المرجع نفسه، ص 33

[liv]- المرجع نفسه، ص 34

[lv]  - Mohamed MOINDEZ ; le parlement et le processus budgétaire dans les pays en développement 2011 ; p 23

[lvi]- شامي رابح، المرجع السابق، ص 146

[lvii]- زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 124

[lviii]- شريط الأمين، "حق التعديل في النظام البرلماني الجزائري"، مجلة الفكر البرلماني، عدد 10، 2005، ص 66

[lix]- الطاهر خويضر، "دور اللجان البرلمانية متساوية الأعضاء (دراسة مقارنة للتجربة البرلمانية الجزائرية)"، مجلة الفكر البرلماني، العدد الخامس، 2005، ص 83.

[lx]- المادة 138 من الدستور السابق ذكره، انظر كذلك: زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 129،

[lxi]- زيوش رحمة، المرجع نفسه، ص 130

[lxii]- مصطفى دريوش، "دور اللجان البرلمانية في العملية التشريعية"، مجلة الفكر البرلماني، عدد خاص لسنة 2003، ص 49

[lxiii]- زيوش رحمة، المرجع نفسه، ص 145

[lxiv]- المادة 34 من القانون العضوي 99/02، السابق ذكره.

[lxv]- المادة 37 من القانون العضوي 99/02، السابق ذكره.

[lxvi]- المادة 27-03 من القانون العضوي 99/02، السابق ذكره.

[lxvii]- زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 146

[lxviii]-المرجع نفسه، ص 146

[lxix]-المادة 42 من القانون العضوي الفرنسي لسنة 2001 المتعلق بقوانين المالية 

[lxx]- زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 151

[lxxi]-المرجع نفسه، ص 152

[lxxii]- المرجع نفسه، ص 156

[lxxiii]أومايوف محمد، المرجع السابق، ص 273.

[lxxiv]خرباشي عقيلة، العلاقة الوظيفية بين الحكومة والبرلمان بعد التعديل الدستوري ل 28 نوفمبر1996، دار الخلدونية الجزائر 2007، ص 58.

[lxxv]أومايوف محمد، المرجع السابق، ص 274.

[lxxvi]- المرجع نفسه، ص ص 57 و58.

[lxxvii]- المرجع نفسه، ص 275.

[lxxviii]- بوسالم دنيا، المرجع السابق، ص 145.

[lxxix]- خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 368.

[lxxx]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[lxxxi]-  المرجع نفسه، ص 374.

[lxxxii]- الجريدة الرسميةرقم 4، المؤرخة في 20 جانفي 1993.

[lxxxiii]- الجريدة الرسميةرقم 86 الجريدة المؤرخة في25 ديسمبر 2002.

[lxxxiv]- االقانون 84-17 نفسه

[lxxxv]- االقانون 84-17 نفسه.

[lxxxvi] - المرجع نفسه، ص 375

[lxxxvii]- المادة 57-03 من القانون رقم 84/17 المتعلق بقوانين المالية السابق ذكره

[lxxxviii]- خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع نفسه، ص 377

[lxxxix]-شريط الأمين ": علاقة الحكومة بالبرلمان "، وقائع الندوة الوطنية حول العلاقة بين البرلمان والحكومة، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الجزائر 24-23أكتوبر.2000، ص29.

[xc]-كمال دريد، نظام الغرفتين في التجربة البرلمانية، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق والآداب والعلوم الاجتماعية، قسم العلوم القانونية والإدارية، قالمة، سنة 2006، منشورة ، ص ص 147، 148.

[xci]-بوسالم دنيا، المرجع السابق، ص151.

[xcii]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 378

[xciii]- خرباشي عقيلة، العلاقة الوظيفية بين الحكومة والبرلمان، المرجع نفسه، ص 114

[xciv]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 378

[xcv]- الجريدة الرسمية لمداولات المجلس الشعبي الوطني، الفترة التشريعية الرابعة، العدد 162، صادرة بتاريخ 14 أكتوبر 1999، ص 23.

[xcvi]-محرزي محمد عباس، اقتصاديات المالية العامة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2003، ص 456.

[xcvii]- طارق عاشور، تطور العلاقة بين الحكومة والبرلمان في النظام السياسي الجزائري مذكرة ماجستبر جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر،1997-2007، منشورة، ص 112.

[xcviii]-شريط الأمين، "علاقة الحكومة بالبرلمان "، المرجع السابق، ص21

[xcix]-المرجع نفسه، ص21 وما بعدها.

المادة 138 من دستور 1996 المعدل والمتمم بموجب القانون 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2013 ، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد 14،، المؤرخة في 07 مارس 2016 ص 2 إلى37.

[1]-المادة 60 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني لسنة 2000 الجريدةالرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد 46، الصادرة بتاريخ 2000/07/30.

[1]- المادة 61 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، السابق ذكره.

[1]- المادة 62 من النظام الداخلي، السابق ذكره.

[1]-المادة 44 من القانون العضوي رقم 16-12 المؤرخ في 25/08/2016 يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة عملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 50.

[1]- المادة 38 من النظام الداخلي لمجلس الأمة لسنة 1999 المعدل في سنة 2000 الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 77، بتاريخ .2000/12/17

[1]-  المادة 39 من القانون العضوي رقم 16-12 السابق ذكره.

[1]- المادة 40 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، السابق ذكره.

[1]- المادة 39 من القانون العضوي رقم 16-12 السابق ذكره.

[1]- المادة 41 من القانون العضوي 16-12، السابق ذكره.

[1]- المادة 141/8 من دستور 1996 بعد التعديل الدستوري لسنة 2016.

[1]- بوسالم دنيا، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في ظل دستور 1996، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق /جامعة باجي مختار عنابة، سنة 2006، منشورة، ص 142.

[1]- المادة 60 من النظام الداخلي لمجلس الأمة 1999، السابق ذكره.

[1]-المادة 42 من القانون العضوي رقم16-12، السابق ذكره.

[1]المادة 43 من القانون العضوي نفسه.

[1]-المادة 44-4 من القانون العضوي نفسه.

[1]  - Jean Claude MARTINEZ et Pierre Di Malta : Droit Budgétaire, éditions L.I.T.E.C, Paris, France, 1999. Page 901.

[1]- Jean-Claude MARTINEZ et Pierre Di Malta, Ibidem, page 903.

[1]- Michel BOUVIER : « la Cour des comptes en Belgique», R.F.F.P, n° 36, année1991, L.G.D.J, Paris. Pp 13 -15.

[1]- أثيرت في فرنسا إشكالية مدى دستورية قانون ضبط الميزانية، إذا تضمن على عمليات غير واردة في قانون المالية مثل إلغاءو تحويل الاعتمادات المالية أو تجاوز النفقات للاعتمادات المالية المخصصة لها، و تم إخطار المجلس الدستوري بشأن العديد منالقوانين بغرض إلغائها، مثل قانون ضبط الميزانية الخاص بسنة 1983 ،      و قانون سنة 1989 ، و لقد أقر المجلس الدستوري بشأنقانون سنة 1983 في القرار رقم 12 - 414 المؤرخ في 16 جانفي 1985 الذي أصدره أنه ليس من اختصاصهم ممارسة أي رقابةعلى شرعية القرارات التنظيمية التي أصدرتها الحكومة أ نناء تنفيذ الميزانية و الذي يبقى من اختصاص القضاء الإداري ، و هيئاتالرقابة المالية ، ونفس هذا المبدأ أكده في القرار رقم90 -300 المؤرخ في 20 نوفمبر 1991 بشأن قانون ضبط الميزانية لسنة 1989 .

Voir : Francis. J FABRE : Les grands arrêts de la jurisprudence financière, 4ème édition, Dalloz, Paris, France, 1996..Page 16

[1]- المواد 152 إلى 155من دستور1996 المعدل والمتمم بموجب القانون 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2016، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عدد رقم 14 بتاريخ 07 مارس 2016.

[1]-   المواد من 21 إ لى 62 من القانون العضوي رقم16-12،السابق ذكره.

[1]- -الغربي إيمان، مجالات العلاقة الوظيفية بين البرلمان والسلطة التنفيذية على ضوء التعديل الدستوري الجديد سنة 2008، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر 1 بن عكنون، سنة 2011، غير منشورة، ص 149

[1]- باهي مراد، الرقابة البرلمانية على مالية الدولة في النظام القانوني الجزائري، أطروحة دكتوراه، جامعة محمد خيضر بسكرة، بسكرة، الجزائر، منشورة، ص67.

[1]- المادة 180 من الدستور السابق.

[1]- المادة: 38 من القانون العضوي رقم 16-12 السالف ذكره، والأمر رقم 15-01 المؤرخ في 23 يوليو 2015 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2015، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد 40.

 

[1]-Pierre Hummel, Le contrôle budgétaire du parlement en cours d’exécution des lois de finance sous la 5ème république (mémoire de DEA) 1998-1999, p11.  

[1]- بشير يلس شاوش، " رقابة البرلمان على الميزانية"مجلة الفكر البرلماني، عدد 3، جوان 2006، ص 36

[1]- المادة 179/02 من الدستور السابق.

[1]- المادة 192/03 من الدستور، والمواد 16 من الأمر 95-20 المتضمن تنظيم وصلاحيات مجلس المحاسبة المعدل والمتمم بالأمر 10-03 المؤرخ في 26/09/ 2010، الجريدة الرسمية رقم 50 مؤرخة في 05/08 /2010.

[1]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، المؤرخ في 07 جويلة 1984، المعدل والمتمم، الجريدة الرسمية عدد28، مؤرخة في 10 جويلية 1984.

[1]- المادتان 18 و19 من الأمر 95-20 المعدل والمتمم،المرجع نفسه.

[1]- يلس بشير شاوش، المرجع السابق، ص 38.

[1]- هيئة التحرير في مجلس الأمة، "قانون ضبط الميزانية آلية برلمانية لحماية المال العام"، مجلة الفكر البرلماني، نشرية لمجلس الأمة عدد 36، فيفري 2015، ص 95 وما يليها.

[1]- محمد بريك، الإطار القانوني المتعلق بقانون ضبط الميزانية، الجزائر، 2016، ص 01.

[1]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره.

[1]- االقانون نفسه.

[1]-يلس شاوش بشير، المرجع السابق، ص 30.

[1]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[1]-محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، الطبعة السادسة عشر 2008، دار هومه الجزائر، ص 142

[1]- عمار عوابدي، "فكرة القانون العضوي وتطبيقاتها على القانون الناظم للبرلمان والعلاقات الوظيفية بينه وبين الحكومة"، مجلة الفكر البرلماني، العدد 2، نشرية لمجلس الأمة، الجزائر، مارس 2003، ص 59

[1]-يلس شاوش بشير، المرجع السابق، ص 31

[1]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، أطروحة دكتوراه، جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر،2010، منشورة، ص 360

[1]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[1]-زيوش رحمة، الميزانية العامة في الجزائر، أطروحة دكتوراه، جامعة مولود معمري تيزي وزو الجزائر، 2011، منشورة، ص 360 

[1]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 363

[1]- شامي رابح، مكانة مجلس الأمة في البرلمان الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان الجزائر، 2011-2012، منشورة، ص 143

[1]- المرجع نفسه، ص 144

[1]-عبد الله بوقفة، الوجيز في القانون الدستوري، الدستور الجزائري، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 2010، ص 94.

[1]-أومايوف محمد، عن الطبيعة الرئاسوية للنظام السياسي الجزائري، أطروحة دكتوراه، جامعة مولود معمري تيزي وزو الجزائر، سبتمبر 2013، منشورة، ص 219.

[1]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[1]-يلس شاوش بشير، المرجع السابق، ص31  

[1]- المرجع نفسه، ص 33

[1]- المرجع نفسه، ص 34

[1]  - Mohamed MOINDEZ ; le parlement et le processus budgétaire dans les pays en développement 2011 ; p 23

[1]- شامي رابح، المرجع السابق، ص 146

[1]- زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 124

[1]- شريط الأمين، "حق التعديل في النظام البرلماني الجزائري"، مجلة الفكر البرلماني، عدد 10، 2005، ص 66

[1]- الطاهر خويضر، "دور اللجان البرلمانية متساوية الأعضاء (دراسة مقارنة للتجربة البرلمانية الجزائرية)"، مجلة الفكر البرلماني، العدد الخامس، 2005، ص 83.

[1]- المادة 138 من الدستور السابق ذكره، انظر كذلك: زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 129،

[1]- زيوش رحمة، المرجع نفسه، ص 130

[1]- مصطفى دريوش، "دور اللجان البرلمانية في العملية التشريعية"، مجلة الفكر البرلماني، عدد خاص لسنة 2003، ص 49

[1]- زيوش رحمة، المرجع نفسه، ص 145

[1]- المادة 34 من القانون العضوي 99/02، السابق ذكره.

[1]- المادة 37 من القانون العضوي 99/02، السابق ذكره.

[1]- المادة 27-03 من القانون العضوي 99/02، السابق ذكره.

[1]- زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 146

[1]-المرجع نفسه، ص 146

[1]-المادة 42 من القانون العضوي الفرنسي لسنة 2001 المتعلق بقوانين المالية 

[1]- زيوش رحمة، المرجع السابق، ص 151

[1]-المرجع نفسه، ص 152

[1]- المرجع نفسه، ص 156

[1]أومايوف محمد، المرجع السابق، ص 273.

[1]خرباشي عقيلة، العلاقة الوظيفية بين الحكومة والبرلمان بعد التعديل الدستوري ل 28 نوفمبر1996، دار الخلدونية الجزائر 2007، ص 58.

[1]أومايوف محمد، المرجع السابق، ص 274.

[1]- المرجع نفسه، ص ص 57 و58.

[1]- المرجع نفسه، ص 275.

[1]- بوسالم دنيا، المرجع السابق، ص 145.

[1]- خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 368.

[1]- االقانون 84-17 المتضمن قوانين المالية، السابق ذكره

[1]-  المرجع نفسه، ص 374.

[1]- الجريدة الرسميةرقم 4، المؤرخة في 20 جانفي 1993.

[1]- الجريدة الرسميةرقم 86 الجريدة المؤرخة في25 ديسمبر 2002.

[1]- االقانون 84-17 نفسه

[1]- االقانون 84-17 نفسه.

[1] - المرجع نفسه، ص 375

[1]- المادة 57-03 من القانون رقم 84/17 المتعلق بقوانين المالية السابق ذكره

[1]- خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع نفسه، ص 377

[1]-شريط الأمين ": علاقة الحكومة بالبرلمان "، وقائع الندوة الوطنية حول العلاقة بين البرلمان والحكومة، الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، الجزائر 24-23أكتوبر.2000، ص29.

[1]-كمال دريد، نظام الغرفتين في التجربة البرلمانية، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق والآداب والعلوم الاجتماعية، قسم العلوم القانونية والإدارية، قالمة، سنة 2006، منشورة ، ص ص 147، 148.

[1]-بوسالم دنيا، المرجع السابق، ص151.

[1]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 378

[1]- خرباشي عقيلة، العلاقة الوظيفية بين الحكومة والبرلمان، المرجع نفسه، ص 114

[1]-خرباشي عقيلة، مركز مجلس الأمة في النظام الدستوري الجزائري، المرجع السابق، ص 378

[1]- الجريدة الرسمية لمداولات المجلس الشعبي الوطني، الفترة التشريعية الرابعة، العدد 162، صادرة بتاريخ 14 أكتوبر 1999، ص 23.

[1]-محرزي محمد عباس، اقتصاديات المالية العامة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2003، ص 456.

[1]- طارق عاشور، تطور العلاقة بين الحكومة والبرلمان في النظام السياسي الجزائري مذكرة ماجستبر جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر،1997-2007، منشورة، ص 112.

[1]-شريط الأمين، "علاقة الحكومة بالبرلمان "، المرجع السابق، ص21

[1]-المرجع نفسه، ص21 وما بعدها.

@pour_citer_ce_document

عزة عبد العزيز, «الرقابة البرلمانية على الميزانية العامة في الجزائر»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2011-09-20,
Date Pulication Electronique : 2017-06-21,
mis a jour le : 17/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=2143.