قراءة في حكم المحكمة الدولية لقانون البحار في قضية خليج البنغال
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N° 24 Juin 2017

قراءة في حكم المحكمة الدولية لقانون البحار في قضية خليج البنغال


  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL

في 14مارس2012، أصدرت المحكمة الدولية لقانون البحار أول حكم لها في مجال تحديد الحدود البحرية بمناسبة النزاع القائم بين بنغلاديش وميانمار في خليج البنغال، والذي دأبت من خلاله المحكمة وقضاتها عبر تصريحاتهم وإعلاناتهم على تأكيد حرصهم على احترام الموروث القضائي السابق للمحاكم الدولية في هذا المجال. كما عكفت على الإسهام ولو بالقليل في القانون القضائي القائم، إذ تجدر الاشارة إلى أنه إلى غاية صدور هذا الحكم الحديث لم تتمكن أية محكمة دولية من تحديد حدود الجرف القاري فيما يتجاوز200ميل، فضلا عن كونها أول من عالج النتائج القانونية المترتبة عن المنطقة الرمادية. حقيقة لقد انعكس نجاح أول محاولة للمحكمة في مجال التحديد البحري سواء من خلال النهج الذي سلكته    أو بالنظر إلى وضاحة حكمها المتبنى بالإجماع تقريبا. إن المحكمة الدولية للبحار ستتبع بالتأكيد التقاليد القضائية وبالمقابل لن تجدد أكثر من المعقول، ولهذه الأسباب بالذات يمكنها أن تكون بديلا في مجال تحديد الحدود البحرية.

الكلمات المفتاحية: المحكمة الدولية لقانون البحار، خليج البنغال، تحديد الحدود البحرية، المنطقة الرمادية، الجرف القاري.


Le 14mars 2012, le tribunal international du droit de la mer(TIDM) a donné son premier jugement qui traite de la délimitation de la frontière maritime dans le différend entre le Bangladesh et le Myanmar dans le golfe du Bengale. Le tribunal était très désireux de souligner qu'il respectera la jurisprudence antérieure et la plupart des juges dans leurs déclarations ou opinions ont également souligné ce fait. Le tribunal a pris soin d'ajouter son peu à la jurisprudence existante. Il est à noter que jusqu'à cette décision très récente, aucune cour ou tribunal international n'a directement entrepris la tâche de délimiter le plateau continental au-delà de 200M, et il est le premier à aborder les conséquences juridiques d'une zone grise. Il est également vrai que la première tentative du TIDM à délimiter une frontière maritime a réussi à la lumière de son approche et la clarté de son jugement presque unanime. Le TIDM va suivre la tradition mais ne devra pas innover plus que nécessaire, Il pourrait être donc une alternative valable pour la délimitation des frontières maritimes.

Mots clés : TIDM, golfe du Bengale, délimitation maritime, zone grise, plateau continental.

On 14march 2012, the International Tribunal for the Law of the Sea (ITLOS) gave its first judgment dealing with maritime boundary delimitation in the Dispute between Bangladesh and Myanmar in the Bay of Bengal. The tribunal was very keen to emphasize that it will respect previous case law and most of the judges in their declarations or opinions stressed this fact. The tribunal has taken care to add its little bit to the existing case law. It is notable that until this very recent decision, no international court or tribunal has directly undertaken the task of continental shelf delimitation beyond 200M, and it is the first one to address the legal consequences of a grey area. It is also true that the first attempt of the ITLOS at delimiting a maritime boundary has been successful in light of its approach and the clarity of its near unanimous judgment. The ITLOS will follow the tradition and will not innovate any more than is necessary, it is therefore a valid alternative for the delimitation of maritime boundaries.

Keywords: ITLOS, Bay of Bengal, maritime boundary delimitation, grey area, continental shelf.

مقدمـة

كان من شأن تنامي تداعيات أزمة البترول في عشرية السبعينات تزامنا مع الثورة التكنولوجية الهامة في مجال استغلال الموارد الطبيعية البحرية، تزايد اهتمام الدول بمسألة بسط السيادة على مختلف المناطق البحرية فيما يتعدى نطاق البحر الإقليمي.كما عرفت ذات الحقبة حركة تحررية واسعة لدول كانت قابعة تحت وطأة الاستعمار ومتلهفة لممارسة مظاهر سيادتها بالشكل الذي يعكس وزن النضال والكفاح الذي خاضته. ونتيجة لذلك شهد العالم نشوء العديد من النزاعات الحدودية البرية منها والبحرية، علىشاكلة النزاع الحدودي البحري بين بنغلاديش وميانمار في خليج البنغال الذي دخل حوزة المحكمة بعدما يضاهي 35سنة من التوتر والتنازع.

هذه القضية عكرت صفو العلاقات الثنائية بين الجارتين في أكبر خليج على كوكب الأرض، وذلك منذ أن بادرت جمهورية البنغلاديش في أعقاب استقلالها بإصدار قانون داخلي دخل حيز النفاذ في 13أفريل 1974بخصوص مياهها الإقليمية و المناطق البحرية التابعة لها عبر المنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، والذي من خلاله تم الإعلان عن جملة من الإجراءات التنظيمية وأخرى تخص خطوات التصدي لمشاكل التلوث البحري وإجراءات الاستكشاف والاستغلال والمحافظة على الثروات الحية وغير الحية، فضلا عن التأكيد على نشر المعلومات ذات الصلة بطريقة قياسها للبحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة. فكان من شأن ذلك صدور تشريع مماثل من جانب إتحاد الميانمار في 09أفريل 1977يتضمن الإشارة للتوجيهات التفصيلية المتعلقة بالنقاط الثابتة التي يتم من خلالها رسم خطوط الأساس المستقيمة التي يقاس وفقا لها البحر الإقليمي وتدابير بخصوص المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، إضافة إلى تدابير تخص الملاحة وحق المرور البريء وكيفيــــة إدارة المنطقــــة المتاخمــــة1.

تعد قضية الحال المناسبة التي طالما انتظرتها المحكمة الدولية لقانون البحاروقضاتها بشغف لنظر هذا النوع من المنازعات الذي طالما شكل العمود الفقري لقضاء محكمة العدل الدولية في مجال البحار. لاسيما متى علمنا أنها من جهة، أول قضية تحديد حدود بحرية ترفع أمامها وتعمل بمناسبتها ولايتها الإلزامية بعيدا عن ميكانيزم الإجراءات الضرورية. ومن جهة ثانية أول منازعة حدود بحرية في آسيا، فضلا عن كونها من جهة ثالثة أول مناسبة يتم من خلالها تحديد الحدود الخارجية للجرف القاري خارج إطار 200ميل بحري.

فهل نجحت المحكمة الدولية لقانون البحار في أن تعكس من خلال حكمها في قضية خليج البنغال وحداوية المسار التطوري للقواعد الدولية في مجال البحار، والذي تشكل أحكام التحديد البحري نصيبا وافرا منه؟ وإلى أي مدى عكس هذا الحكم  فرضية الاختلاف أم التقارب و التجانس مع الموروث القضائي للمحاكم الدولية الأخرى؟

وإلى أي مدى يمكن الحديث عن أصالة حكم المحكمة، إن من حيث المنطق الذي انتهجته أو بالنظر للمسائل القانونية الأساسية التي انبنى عليها هذا الحكم؟

هل استطاع قضاة المحكمة أن يقدموا إضافة للقانون القضائي القائم بموجب محاكم التحكيم ومحكمة العدل الدولية خصوصا وكانوا أكثر جرأة في التعاطي مع بعض المسائل العالقة، أم أن الاحتشام حال دون ذلك؟

للوقوف على حقيقة هذا النزاع الذي يستحيل اختزاله في المعركة التشريعية التي خاضتها الدولتين المتنازعتين، من الضروري التعريج ولو بصفة مقتضبة على مختلف الجوانب المؤسسة للبعد الحقيقي لهذا النزاع. لذلك ارتأينا التعرض أولا لمسألة الإطار الجغرافي والاقتصادي للنزاع، ثم التحول لاستعراض وقائعه، ليتسنى لنا بذلك تحليل مختلف الجوانب القانونية التي انطوى عليها سواء من الجانب الاجرائي أم الموضوعي.

أولا: الخصائص الجغرافية والأسباب الاقتصادية للنزاع

يتعلق النزاع بتحديد الحدود البحرية بين بنغلاديش وميانمار في خليج البنغال نتيجة اختلافهما حول كيفية تقسيم المنطقة البحرية في الجزء الشمالي من الخليج. وللتذكير يعتبر خليج البنغال أكبر خليج مفتوح في العالم بالنظر إلى مساحته المتربعة على 2.172.000كلم2و بعرض 1600كلم. يقع في شمال شرق المحيط الهادي محصورا من الناحية الغربية بالهند وسريلانكا ومن الجهة الشرقية ببورما (ميانمار) وتايلاندا، ويحده شمالا البنغلاديش2.تلعب العوامل الجيولوجية دورا مهما في عمليات التحديد البحري، ومن ذلك نشير إلى أن الخليج في جزئه الشمالي يتصل بالكتلة اليابسة عن طريق امتداد قاري عريض يتجه نحو الضيق جهة الجنوب، كما يحتوي منحدرات متفاوتة التدرج تشهد على طريقة تكونه المترتبة عن تداخل شبه القارة الهندية مع آسيا منذ 50مليون سنة خلت3. للنزاع الحدودي بين الجارتين خصوصية جغرافية وجيولوجية كبيرة إذ تمتاز جغرافيا الخليج بكثرة تقعر سواحله مما أعاق عمليات التحديد البحري بين الدول المطلة على الخليج و جعلها نادرة. ومن أكثر الدول تضررا من هذه التقعرات والتحدبات بنغلاديش، حيث يطبع ساحلها تقعر رئيسي يمتد من النقطة الحدودية البرية مع الهند غربا إلى غاية الحدود البرية مع ميانمار شرقا، وتقعر ثانوي في أقصى الشمال الشرقي للخليج داخل التقعر العام أو الرئيسي الأمر الذي جعل ساحل بنغلاديش مستوعب كلية في هذه التقعرات. ينجر عن هذه المورفولوجيا عدم إمكانية تحديد أو ترسيم خط مياه مستقر أوخط أساس ساحلي في ظل عمليات الترسيب أو الفيضانات التي تخلـــق مناطــق ضحلـــة غير قابلــــــــة للملاحــــــــة4.

خاصية أخرى تؤثر في مجرى النـــزاع تتعلق باستمرار امتداد كتلة اليابسة جيولوجيا من إقليم بنغلاديش في اتجاه الخليج دون تقطع وعلى مدار اتساعه. وإضافة إلى ذلك يشكل الموقع الجغرافي لجزيرة التابعة لسيادة بنغلاديش جدلا محوريا بين الطرفين، إذ أن الجزيرة المذكورة تقــع قبالــــة نهايـــــــــة الحدود البريــــة للدولتين المتنازعتين على بعد أقـــل من 5أميـــال بحريـــــــة من سواحلهما.

أما الأهمية الاقتصادية للنزاع فتتعلق أساسا بالآفاق المستقبلية المتعلقة باستغلال الموارد الطاقوية الموجودة بالمنطقة المتداخلة بين الجارتين، لاسيـما بالنظر لحجم الاحتياطات المحتملـــة مـن الغــاز والبترول بخليــج البنغــال عـموما وعنــد 50ميــلا بحريـا جنـــوب غــرب جزيــــــرة سان مـارتــان  Martin".St" تحديدا5. فضلا عن ذلك تعاني الدول المطلة على الخليج من نقص وخلل كبيرين في التزود بالطاقة الكهربائية حتى أن الأمر بلغ حد التسبب في أزمة سياسية لبعض منها، وبالتالي تعتبر المناطق البحرية المتنازع بشأنها مصدرا لاكتساب الأمن الطاقوي بالنسبة للبنغلاديش و مصدرا لإنعاش الحركة الاقتصادية بالنسبة لميانمار التي تطمح لتصدير الغاز الطبيعي المستخرج من الخليج للصين والهند6.

ثانيا: وقائع القضية

تعتبر كل من بنغلاديش وميانمار الدولتين الجارتين في جنوب شرق آسيا طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة الثالثة لقانون البحار. ولقد أثر الموقع الوسط الذي تحتله بنغلاديش بين ميانمار والهند على امتداد مناطقها البحرية بالنظر لخصوصيـــــــــة خليج البنغـــال.

   يعود تاريخ انطلاق أولى المفاوضات بين الطرفين المتنازعين لتحديد حدودهما البحرية المشتركة إلى سنة 1974في أعقاب رفض بنغلاديش طريقة المسافة المتساوية المتفق عليها من جانب الهند وميانمار، والتي من شأن تطبيقها جعل بنغلاديش في وضع "دولة مغلقة" "State - Locked" وبالنتيجة فقدانها ما يقارب 5000كلم2من قاع البحر وما يحتويه من موارد طاقوية وسمكية7. وقد امتازت هذه المفاوضات بالتقطع قبل توقفها في 1986لأكثر من عقدين كاملين لتستأنف في نوفمبر 2007وتتواصل لغاية 2008، تمخضت خلال ما يقارب 36سنة من التفاوض الشاق والطويل عن التوقيع على محضرين "Agreed minutes"  الأول في 23نوفمبر 1974أعيد تأكيـد مضمونه  بموجب الثاني في 2008.

في ظل إصرار ميانمار على التطبيق الجامد لصيغة المسافة المتساوية، سعت بنغلاديش إلى إقناعها بإعمال فكرة الحل المنصف، واستطاعت الدولتان المتنازعتان التوصل إلى صيغة بديلة وملائمة للوضع الجغرافي العام أسفرت عن رسم خط الصداقة Freindship line""، وهو خط وهمي تم انتهاكه في 05نوفمبر 2008من قبل السفن الحربية لميانمار التي قامت بمرافقة شركة Daewoo  الكوريةالجنوبية المكلفة بعمليات التنقيب عن الموارد الطاقوية لفائدتها في جنوب غرب جزيرة سان مارتان " St.Martin" التابعة لبنغلاديش ،الأمر الذي ترتب عنه تصاعد في وتيرة التوتر تم على إثره فتح  المجال لستة جولات من المفاوضات على أعلى المستويات من 2008إلى 20108.

          وفي أعقاب فشل هذه المفاوضات التي تمت في إطار الفقرة الأولى من المادة 283من الاتفاقية والتي تفرض على الأطراف الالتزام بتسوية النزاع القائم بينهم بالاتفاق على الوسيلة السلمية التي بواسطتها سيتم حله أو تحديد كيفية تنفيذ الحل المتوصل إليه، قامت بنغلاديش بموجب إخطار كتابي مؤرخ في 08أكتوبر 2009بإعلام ميانمار بمباشرتها لإجراءات التحكيم إعمالا لأحكام المادة الأولى من المرفق الثامن من الاتفاقية بغية تسوية النزاع المتعلق بتحديد حدودهما البحرية في خليج البنغال9. وفي غمرة تفاجئها بذلك، أصدرت ميانمار تصريحها بقبول الولاية الإلزامية للمحكمة الدولية لقانون البحار ودعت بنغلاديش قبول تحويل الاختصاص لهذه الأخيرة. وعلى اعتبار أن  كل من خيار التحكيم أو محكمة البحار الدولية يقوم على أساس رضا أطراف النزاع بغض النظر عن الوقت الذي أبدي فيه التعبير عن هذا الرضا10، تم اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار لنظر النزاع الحدودي البحري بين بنغلاديش وميانمار في خليج البنغال لتحديد البحر الإقليمي، المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري على شاكلـــــة ما سيتم تناولــــــــــه فيما يلــــــــــي.

ثالـــــــثا: المشاكــــــل القـــــــانونيـة التي أثــارها الــــــنزاع

I-المشاكــل الإجرائيــة

   1/ إن أول مشكل إجرائي يمكن إثارته في هذا الخصوص مصدره التردد والممانعة الحقيقيين اللذين أبدتهما ميانمار بشأن إسناد الاختصاص للمحكمة الدولية لقانون البحار لنظر النزاع الحدودي البحري مع دولة بنغلاديش11. فبالرغم من قيامها في وقت سابق باختيار محكم إعمالا للمادة الثالثة من المرفق السابع من الاتفاقية12، بادرت في مرحلة لاحقة إلى استبدال خيار التحكيم بالمحكمة الدولية لقانون البحار. وبمجرد حيازة موافقة بنغلاديش من خلال إصدارها إعلانا يتطابق في محتواه بصفة شبه كلية مع الإعلان الصادر عن ميانمار يتضمن اختيار ذات المحكمة كوسيلة لتسوية النزاع الحدودي البحري يبين الجارتين في خليج البنغال نزولا عند مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 287من الاتفاقية13،تراجعت في غضون وقت قصير عن هذا الخيار، وقامت بسحب إعلانها المذكور14رغم أن المحكمة الدولية لقانون البحار وإعمالا للمادة 24فقرة 2من نظامها الأساسي، بمجرد استلام مسجل المحكمة للطلب الكتابي الصادر عن بنغلاديش والمحدد لموضوع النزاع وأطرافه، تولت إخطار ميانمار بفحوى هذا الطلب وقامت بتسجيله ضمن جدولها تحت عنوان القضية رقم 16، الشيء الذي يجعلنا نتساءل حول حقيقة ثبوت انعقاد الاختصاص للمحكمـة  المذكــــورة مـن عدمـــــــــه ؟

بداية حري بالذكر أن الاختصاص القضائي الدولي مبني على مراعاة سيادة الأطراف من حيث وجوده ومداه15.وتماشيا مع ذلك انبنى نظام التسوية القضائية في ثنايا اتفاقية مونتي قوباي على أساس مبدأ الرضائية "Ex consensu advenit vinculum" حرصا على الملائمة بين السيادة الوطنية من جهة والالتزام بالتسوية السلمية من جهة ثانية. وتحقيقا لهذا المقصد، أتاحت الاتفاقية المذكورة إمكانية انعقاد الاختصاص إما عن طريق التعهد السابق باللجوء إلى محاكم الطرف الثالث أو عن طريق التعهد اللاحق بعد نشوء النزاع. وعلى بينة من هذا القول يعلق اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار على وجود اتفاق لممارسة اختصاصها سواء تم في صورة اتفاق خاص compromise"" أم تعهد يدرج في ثنايا اتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف أم في صورة تصريح صادر بناء على الإرادة المنفردة لدولة بعينها طبقا للمادة 287من الاتفاقية. وحيث أن وقائع قضية الحال تفيد بأن طرفي النزاع قد أصدرا بشكل منفرد كما سبقت الإشارة إليه أعلاه، إعلاناتهما بخصوص عرض نزاعهما المتعلق بتحديد البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري في خليج البنغال على المحكمة الدولية لقانون البحار، فإن مجرد صدور مثل هذا الإعلان باختيار المحكمة المذكورة كاف لانعقاد ولايتها الإلزامية. ذلك أن الأسلوب الذي أوجدته الاتفاقية في إطار المادة 287فقرة أولى16يعبر عن نموذج ولاية جبرية تلقائية مبني في الأساس على نظام الخضوع الاختياري والذي تبرز من خلاله الإرادة المنفردة للدولة المصرحة، وبالتالي ينشئ وضعا قانونيا يتعلق باختصاص المحكمة التي وقع عليها اختيار تلك الدولة وبالنتيجة فهو ينطوي على عنصر الإلزام17. وطالما أن أساس اختصاص المحكمة الدولية يتجسد في القبول الطوعي لولايتها، فإن التصريح في هذه الحالة يعتبر بمثابة التزام بين الدولة المصدرة له والمحكمة من جهة، والتزام بين الأولى والدول التي ارتضت ذات الخيار من جهة ثانية، بمعنى أن الالتزام في هذه الحالة يعبر عن الرغبة المزدوجة لطرفي النزاع أي لكل من بنغلاديش وميانمار18.

وينجر عن هذا الجزم وجود علاقة تربط بين الدولتين طرفي النزاع وهي من قبيل العلاقة التعاقدية الناتجة عن واقعة التصريح بتأكيد من العبارات الصريحة للفقرة الرابعة من المادة 287من الاتفاقية والتي جاء فيها :» إذا كانت الأطراف في نزاع قد قبلت بنفس الإجراء لتسوية هذا النزاع، لا يجوز إخضاع النزاع إلا إلى ذلك الإجراء« . ويتدعم هذا الطرح عند الاستدلال بما خلصت إليه محكمة العدل الدولية في قضية حق المرور على الإقليم الهندي أين أكدت على أن العلاقة التعاقدية بين الأطراف والاختصاص الإلزامي للمحكمة الناتج عن تلك العلاقة يقوم بواقعة صدور التصريح، وأن الالتزام في هذه الحالة يعبر عن الرغبة المزدوجة للدولتين طرفي القضية19.غير أنه في هذا المقام نتساءل عن مصير الالتزام الناشئ بموجب تصريح ميانمار القاضي بقبول اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار سواء في مواجهة المحكمة ذاتها أو في مواجهة الدولة طرف النزاع أي بنغـلاديش في ظل واقعـــــــــــة سحبـــــه؟

في هذا الصدد، انطلاقا مما سبق أعلاه، فإن التصريح الصادر عن ميانمار يعكس خاصة الإرادة المنفردة للدولة المصدرة له، وعليه فهو يستبعد التلقائية على انعقاد الولاية الإلزامية للمحكمة بدليل أنه يحمل في طياته التعبير الصريح عن رغبة هذه الدولة في قبول تلك الولاية من جهة، وبصدوره تكون ميانمار قد قامت بتصرف إنفرادي"  unilateral act "دخلت بموجبه في نظام الخضوع الإجباري للمحكمة من جهة أخرى. بل أكثر من ذلك يلاحظ بأن التصريح الصادر عن ميانمار يوحي بإثــارة اختصاص المحكمـة بأثـر رجعــي ''retroactively''20.

وعلى سند مما تقدم، يترتب عن هذا الوصف القانوني للتصريح أي بنظره كتصرف انفرادي استحالة سحب الاختصاص من المحكمة الدولية لقانون البحار 21. وما يدعم هذه النتيجة، ما ورد في ثنايا الفقرة السابعة من المادة 287من الاتفاقية والتي أقرت صراحة بأنه: » لا يؤثر إعلان جديد أو إشعار بإلغاء إعلان أو انقضاء مفعول إعلان بأي وجه في الدعوى القائمة أمام محكمة ذات اختصاص بموجب هذه المادة، ما لم تتفق الأطراف على غير ذلك« . بل أن اشتراط هذه الفقرة في الجزء الأخير من حكمها ضرورة اتفاق الأطراف المتنازعة على واقعة إلغاء الإعلان الذي يمنح الإختصاص للمحكمة يعد كاف لوحده لاستبعاد إنتاج سحب التصريح أو الإعلان بشكل فردي لأثره، خاصة متى علمنا أن العريضة التي تقدمت بها بنغلاديش تم تسجيلها في جدول المحكمة، وإعمالا للأحكام ذات الصلة لا يمكن القيام بهذه العملية- أي التسجيل- إلا بناء على موافقة الأطراف على انعقاد الاختصاص لهذه الهيئة القضائية22، الشيء الذي ينفي على سبيل القطع تحقق الشرط المطلوب لإلغاء الإعلان وإعدام أثره. وتأكيدا لهذه النتيجة، يكفي التدليل بما انتهت إليه محكمة العدل الدولية في قضية نوتيبوهم" Nottebohm"حين                أقرت: »...[بأن] إيداع العريضة ليس إلا شرطا حتى ينتج شرط الولاية الإلزامية أثره اتجاه الطلب: فهي تملك اختصاص فحص كافة الجوانب التي تتعلق بالاختصاص، القبول أو بالموضوع. ولا يمكن للانقضاء اللاحق للإعلان نتيجة سقوط أجله أو إلغائه أن يسحب من المحكمة اختصاصا قائما«23

كما درج الثبات على هذا المسار لاحقا بمناسبة العديد من القضايا كقضية حق المرور، أين أكدت محكمة لاهاي بأن انتهاء أو إنهاء التصريح الصادر بقبول اختصاص المحكمة يكون عديم الأثر على مجرى الدعوى متى كان تاريخ هذا الإنهاء أو الانتهاء لاحقا عن تاريخ إيداع العريضة المحركة للدعوى24، وبأنه توجد قاعدة قانونية واسعة القبول ومكرسة التطبيق من قبل المحكمة قوامها أنه بمجرد رفع الدعوى فإن التصرف الانفرادي للدولة المدعى عليها المتعلق بإنهاء تصريحها بقبول ولاية المحكمة سواء بصفة جزئية أو كلية لن يكون من شأنه إنهاء أو وضع حد لاختصاص المحكمة 25، ذلك أن العبرة في تحديد اختصاصها-كما تبين من قضائها الثابت-هو أن تكون المحكمة كذلك أي مختصة وقت إيداع عريضة افتتاح الدعوى26. وإلى ذات النتيجة انتهت المحكمة الدولية لقانون البحار مركزة على أن تاريخ سريان التصريحات الصادرة عن طرفي النزاع وفقا للفقرة الأولى من المادة 287من الاتفاقية هو ذاته تاريخ افتتاح الدعوى أمام المحكمة في 14ديسمبر2009وذلك ما ينفي أدنى شك بشأن ثبوت اختصاصها27.

   2– أما بالنسبة للمشكل الثاني الواجب التصدي إليه في هذا التحليل فيرتبط هو الآخر باختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار وتحديدا مسألة الأساس القانوني الذي انبنى عليه حكم هذه المحكمة لتقرير ثبوت اختصاصها بنظر النزاع، خاصة متى علمنا أن هذا الحكم لم يوضح كفاية ولم يعكس بصفة واضحة موقف المحكمة المذكورة من الأساس الذي استندت إليه لتأسيس اختصاصها.

فمن الثابت أن مبدأ صلاحية تقرير الاختصاص هو مبدأ متأصل الجذور في القضاء الدولي، إذ يتعين على المحكمة المعروض أمامها النزاع أن تنظر تلقائيا "automatically" في مسألة اختصاصها نظر هذا النزاع28. ومتى ثبت لها ذلك، فإنها ستتصدى للقضية وتستأثر بتقرير هذا الأمر نزولا عند دواعي حكم المادة 58من النظام الأساسي لمحكمة البحار الدولية، سواء بادرت هذه الأخيرة إلى بحث موضوع اختصاصها من تلقاء نفسها أو نتيجة لدفوع تقدم بها أحـد الأطـــراف أو كليهما. ويكفي في هذا المقام التذكير بالتأكيد القاطع من المحكمة في قضيـة "Le Grand Prince" بين "البليز"Belizeوفرنسا عندما تصدت لمسألة اختصاصها"In limine litis" أين اعتبرت نفسها: »...[بأنها]تملك حق فحص مختلف جوانب مسألة اختصاصها سواء أثيرت هذه الجوانب صراحة من قبل الأطراف أم لا«29. بل وإلى أبعد من ذلك، ارتأت بأنه حتى في حالة عدم وجود اختلاف بين الأطراف المتنازعة بشأن مسألة اختصاص المحكمة، يتعين عليها التأكد من ثبوت اختصاصها في نظر النزاع30. وبالرجوع إلى العبارات الواردة في إعلانات قبول اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار، يتبن بجلاء بأن الدولتين المتنازعتين حددتا صراحة نطاق قبول ولاية المحكمة بما يعكس كفاية أن اتساع ومدى هذه الإعلانات أو التصريحات يخص نزاع بعينه يتمثل في تحديد مختلف المناطق البحرية في خليج البنغال وفيما  بين الدولتين فقط31. وبالنتيجة فموضوع النزاع بهذا الوصف وكما هو ظاهر من خلال استقراء الإعلانات المشار إليها يدخل حتما في إطار الفقــرة الأولى من المادة 287من الاتفاقيـــــة من جهة، ومن جهة ثانيــــــــة، فإن آليـــــة تحريك المحكمـــــة "The seize/la saisine "  بمــوجب تقديم طــلب  request""صادر عن دولة بنغلاديش في ظل الاعتراف الأسبق من حيث الترتيب الزمني الصادر عن ميانمار والقاضي بقبول الولاية الجبرية التلقائية للمحكمة، لا يتعلق بمجرد تقنية إجرائية وإنما يتعلق بثبوت اختصاص هذه الأخيرة نظر النزاع32. ذلك أن تحريك الاختصاص وفقا لتقنية الطلب لا يمكن أن يتحقق إلا إذا اتفق طرفي النزاع على اعتبار ولاية المحكمة ولاية إلزامية حقيقية33، وفـــــــي هذه الحــالة يتطابق مفهوم تحريك الدعوى مع مفهوم الاختصـاص "The competence"على اعتبار أن عامل تقديم عريضة من جانب واحد يؤدي إلى تحريك المحكمة ويترتب عنه بحكم الواقع ipso facto"" مباشرتها لإختصاصها34.

وحري بالذكر أن قضاء محكمة العدل الدولية أكد صراحة على أنه في إطار إعمال نظام البند الاختياري يمكن تحريك الدعوى عن طريق تقديم طلب أو عريضة. ففي قضية نوتيبوهم "Nottebohm" أوضحت المحكمة بأن الطابع الخاص لنظام الولاية الإلزامية يمكن من تحريك الدعوى أمامها دون اشتراط اتفاق خاص، بل أنه يصح القيام بذلك بموجب عريضة يتقدم بها أحد أطراف النزاع35.وبناء على ذلك، نخلص إلى أن نموذج نظام الولاية الجبرية التلقائية المبني على نظام الخضوع الاختياري يجعل إعلانات الدول الصادرة في هذا الخصوص [بمقتضى المادة 287/1من الاتفاقية] تؤدي وظيفة اتفاقات ضمنية تقبل بموجبها الدول سلفا انعقاد اختصاص الهيئة القضائيـة الواقع عليها اختيارهم بمجرد تقديم عريضـة36.

والملاحظ أن هذا التفسير يعزى إلى وجود ترابط وثيق بين مفهومي الاختصاص و تحريك الدعوى. فالأول يقصد به الأساس الذي يؤهل المحكمة الدولية نظر قضية ما وتسوية نزاع قائم بين أطرافه ويتم تحديده وتقريره من قبل المحكمة ذاتها. في حين ينصرف المعنى الثاني إلى حق صاحب الإدعاء في أن يتم سماعه من خلال عرض قضيته على المحكمة، وتحقيقا لهذا المقصد يشترط ضرورة وجود سند للاختصاص. وإلى هذا الشرط أشار القاضي "جورج أبي صعب" حيث ارتأى بأن سريان تحريك الدعوى لا يرتبط فقط بوجود عريضة افتتاح دعوى، وإنما كذلك بوجود سند للاختصاص أي التأكد من الوهلة الأولى"Prima facie" من أنه حقيقي37. وينجر عن هذا التلازم بين الاختصاص وتحريك الدعوى حدوث خلط بين المفهومين لاسيما في حالة كون العامل الوحيد لتحريك المحكمة ينجم عنه مباشرة انعقاد اختصاصها كما هو الشأن في الحالة المعروضة أعلاه.

على مبنى مما تقدم وبالاستناد إلى منطوق حكم المحكمة في قضية النزاع الحدودي بين بنغلاديش و ميانمار في خليج البنغال، يتضح بأنالمحكمة الدولية لقانون البحار اكتفت بتسجيل القضية المذكورة في جدولها بناء على التصريحات الصادرة عن طرفي النزاع القاضية بقبول الاختصاص الإلزامي لهذه المحكمة 38، إضافة إلى رسالة وزير خارجية بنغلاديش المؤرخة في 13ديسمبر 2009و التي ورد فيها : « بما أن بنغلاديش وميانمار قد منحتا موافقتهما المتبادلة لاختصاص المحكمة ووفقا لأحكام الفقرة الرابعة من المادة 287من الاتفاقية، فإن بنغلاديش يعتبر المحكمة [الدولية لقانون البحار] الجهة الوحيدة المختصة لتسوية النزاع بين الطرفين »39. وبالتالي يتبين بوضوح بأن الأطراف المتنازعة استندت إلى تصريحاتها الصادرة في سياق الفقرة الأولى من المادة 287من الاتفاقية لإظهار وجود اتفاق "agreement" يرمي إلى استبدال اختصاص محكمة التحكيم المؤسس على الإرادة المنفردة لبنغلاديش بخيار المحكمة الدولية لقانون البحار ، علما أن هذه العملية التي تمت من خلالها إعلانات قبول اختصاص المحكمة الأخيرة لم ترد على النحو المرجو من العبارات العامة التي قصدها واضعوا الاتفاقية نتيجة تقييد نطاق اختصاص هذه المحكمة بمجاليه المكاني والشخصي فقط أي وروده بصدد نزاع محدد40. وعليه يمكن الجزم بأن عملية نقل النزاع إلى المحكمة الدولية لقانون البحار قد تمت بتقديم عريضة افتتاح دعوى ممثلة في رسالة وزير الخارجية بنغلاديش التي تضمنت الإشارة إلى طريقة تحريك اختصاص المحكمـة إضافة إلى تسميــــــــــة قاض خاص"Ad  Hoc"، وكان من أثرها دعوة رئيس المحكمة الطرفين المتنازعين لإجراء مشاورات بشأن المسائل الإجرائية وتحصيل اتفاق بخصوص ذلك إعمالا لمقتضيات المادة 45من لائحة المحكمة، بوصفه فقط كقالب إجرائي للتشاور بخصوص نقاط ومسائل إجرائية تهم الطرفين تحت إمرة رئيس المحكمة دون أن يرقى لمصف الاتفاق بمعنى « compromise » أي ذلك الذي ينشىء حقوقا و التزامات قانونية دولية وفقا لأحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات41.

وإذا كان التطابق الشبه التام في إعلانات قبول اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار يفتح المجال لقراءتين مختلفتين فيما يخص تفسير أساس اختصاص المحكمة المذكورة، إذ يظهر من زاوية أولى أن قوام رضا الأطراف بهذا الخيار نابع عن هذه الإعلانات الواردة في إطار الفقرة الأولى من المادة 287من الاتفاقية، أي في إطار نظام الولاية الإلزامية التلقائية الناتج عن نظام الخضوع الطوعي، فإن الاستناد إلى أحكام الفقرة الرابعة من ذات المادة كما ورد في مضمون رسالة وزير خارجية بنغلاديش يعد دليلا مدعما لفكرة انعقاد الاختصاص للمحكمة وفقا لهذا الأساس42، خاصة وأن مدلول المادة 287فقرة أولى ينسحب كذلك على الإعلانات الخاصة  "Ad hoc declarations"المتعلقة بنزاعات معينة ومحددة كما هو الحال في هذه القضيــــــــــــــة43.

ومن زاوية أخرى، من جملة الأمور الملاحظة عند البحث في أساس اختصاص المحكمة والتي توحي بوجود تأويل أو قراءة مختلفة تلك الإشارة الصريحة الواردة في رسالة وزير خارجية دولة بنغلاديش بوجود اتفاق متبادل "mutual consent" بين الطرفين لتسوية نزاعهما الحدودي أمامالمحكمة الدولية لقانون البحار. الأمر الذي يدعم فرضية انعقاد الاختصاص لهذه الهيئة القضائية بطريق الاتفاق الخاص "Special agreement"44المترتب عن الإعلانات الصادرة عن الطرفين، خاصة وأنها لم ترد في وقت متزامن ولا بموجب صك واحد فضلا على أن بنغلاديش من خلال رسالة وزير خارجيتها تكون قد اتبعت أسلوب الإخطار "notification" لرفع دعواها بدلا من تقديم طلب رسمي "formal application"45. ذلك أن انعقاد الاختصاص بطريق الاتفاق الخاص يحدد نطاق اختصاص المحكمة لأنه يبين بوضوح موضوع النزاع والمسائل المراد إثارتها فضلا عن دخول النزاع حوزة المحكمة بمجرد استلامها إشعارا بهذا الاتفاق46.

تحصيلا لما سبق بخصوص مسألة الأساس القانوني الذي انبنى عليه اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار، خلصت هذه الأخيرة إلى تأكيد اختصاصها نظر النزاع، لكنها ارتأت تعمد عدم تبيان قناعتها حيال مسألة صادفتها في مواطن سابقة من قضائها تتعلق بإعطاء تفسير واضح ورأي جلي بشأن قضية الاتفاقات اللاحقة عن تحريك الدعوى بصفة فردية أمام أي من محاكم الطرف الثالث الوارد تعدادها بالاتفاقية، والتي يكون من شأنها نقل القضية إلى محفل آخر بناء على اتفاق لاحق بين أطراف النزاع47. ومع ذلك يرجح البعض في هذه القضية الكفة لمصلحة التفسير الأول، إذ أكد منطوق الحكم بأن تسجيل القضية في جدول المحكمة يعزي لمضامين إعلانات قبول الاختصاص الإلزامي للمحكمة وفقا للفقـرة الأولى من المــادة 287من الاتفاقيـــة فضلا عن رسـالة وزيــــــــــــر خارجية بنغلاديش48.

II/ المسائـــــــل المرتبطــــــة بموضـــــــوع النـــــــــــــــزاع

تتسم منازعات الحدود البحرية ببعد مزدوج، فهي في الآن نفسه تجمع بين التعقيدات التقنية والأبعاد أو الرهانات السياسية، الاقتصادية، التاريخية وحتى البيئية 49.ونتيجة لذلك يتعين على القاضي توخي الحذر عند اختياره الطرق والأساليب الملائمة للقيام بعملية التحديد بالنظر إلى حجم مصالح الدول الإقليمية وادعاءاتها التاريخية، والتي لا يمكن عزلها عن الإطار القانوني المؤسس سواء وفقا لمبادئ عرفية أو اتفاقية 50. ومتى كانت الحلول القضائية غير مقنعة أو لم تبلغ على الأقل متوسط الإشباع المصلحي للدول، أو يعجز سياقها القانوني عن بعث الإيمان بالموروث القضائي المتأتى عن المحاكم الدولية عبر اجتهاداتها وأحكامها، فإن مسألة تحديد الحدود البحرية ستظل رهينة نفور الدول من اللجوء إلى محاكم الطرف الثالث الملزمة، وبالتالي ترك الحال على ما هو قائم عليه " statut quo" تخوفا من فقدانها لسيطرتها على مناطق بحرية قد تستفيد منها واقعيا "de facto" حتى وإن اقتضى الأمر التكيف مع التوترات التي قد تنشأ فيما بينها نتيجة هذا الوضع.

في مثل هذه الوضعية وهذا السياق، تم اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار من قبل بنغلاديش وميانمار لتحديد كل من البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري، بالرغم من أن هذه المنطقة الأخيرة ارتأت المحكمة بشأنها ضرورة التمييز بين عملية التحديد التي تمس منطقة الجرف القاري في إطار 200ميل بحري وذات المنطقة البحرية خارج نطاق 200ميل بحري 51. وكما هو مألوف عادة ما يعكس نزاع من هذا القبيل اختلافا في وجهات النظر وتضاربا في ادعاءات الدول حول الطريقة الواجب اعتمادها وإتباعها لتقسيم المناطق البحرية المتنازع عليها، لذلك يتعين تتبع المنهج الذي قاد المحكمة إلى إصدار حكمها في هذه القضية من خلال التعرض إلى كل منطقة على حدي.

1/ تحديــــــــد البحــــــر الإقليمـــــــي

بالرجوع إلى الاتفاقيات الإطار التي تحكم عملية تحديد الحدود البحرية 52،يتضح بأن هذه العملية لا تستند على منهجية دقيقة بل خلافا لذلك، نجد بأن أحكام اتفاقية الأمم المتحدة الثالثة لقانون البحار أسست للإطار الاتفاقي دون أن تبين المسار التقني الواجب إتباعه لتجسيد ذلك، بحيث أوضحت فقط بأن عملية التحديد هي نتاج اتفاق مباشر بين الدول المعنية، ومتى تعذر تحصيل هذا الاتفاق تعين البحث عن الحل أو التسوية القانونية عن طريـــق القضــــاء الــــــدولي53.

أ/ القيمـــــة الإلزاميـــــــة لمحضري 1974و2008

 قبل مباشرتها لمسار التحديد، تعين على المحكمة الدولية لقانون البحارالإجابة على الإدعاء المقدم من قبل بنغلاديش والمتعلق بوجود اتفاق مع ميانمار لتحديد البحر الإقليمي تم التوصل إليه على مدار ثلاثة عقود من المفاوضات الثنائية في الفترة الممتدة من سنة 1974إلى غاية 2010أفرغت في شكل محضرين، الأول تم التوقيع عليه في 1974والثاني في 2008تضمنا من جملة أمور Inter alia" " وصف للخط الذي يحدد البحر الإقليمي للدولتين والضمانات المتعلقة بحرية ملاحة سفن ميانمار في محيط جزيرة سان مارتان"St Martin" التابعة لسيادة بنغلاديش54. وواصلت هذه الأخيرة استراتيجيتها المؤسسة على إقناع المحكمة بوجود هذا الاتفاق الصريح بتأكيدها بأن العبارات المستعملة في المحضر الأول وكذلك الظروف المحيطة التي تم خلالها اعتماده والتوقيع عليه أوحت لها بأنه يمثل إطار لاتفاق ملزم "Binding  agreement" أكدت ميانمار قبولها إياه بموجب التوقيع على المحضر الثاني في 2008رغم وجود بعض التعديلات الطفيفــة التي لم تمس بجوهـر الإتفاق55.

من جهتها نفت ميانمار هذا الإدعاء معتبرة محضر 1974لم يشكل في أي وقت اتفاق نهائي لتحديد حدود البحر الإقليمي بين الجارتين، ولا يعدو أن يكون شأنه شأن محضر 2008مجرد إطار « لأرضية توافقية » تمخضت عن المشاورات الثنائية و تبادل الآراء بين الوفدين مما يجعل هذا التوافق "understanding" ذو طبيعة تقنية بحتة56، لاسيما وأن ميانمار صراحة وفي مناسبات عدة خلال عملية التفاوض لم تتوان في التأكيد على أنه لن يتم الاتفاق على البحر الإقليمي بصفة مستقلة قبل التوصل إلى حل بخصوص المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، ومشيرة بأنه تماشيا مع ذات السياق، اتجهت مساعي الدولتين إلى محاولة إبرام معاهدة في هذا الخصوص بالشكل المشار إليه في الفقرة الخامسة من محضر 1974دون أن يكلل ذلك بالنجاح 57.

استنادا إلى قضائها السابق في قضية هوشيمارو "  Hoshinmaru"والتي بمناسبتها أكدت المحكمة الدولية لقانون البحارعلى الشروط المعتد بها لإمكانية اعتبار محضر رسمي بمثابة اتفاق ملزم، انتهت المحكمة إلى نتيجة مفادها غياب الطابع الملزم لمحضر 1974، مذكرة بأن المحاضر الرسمية قد تكون إلى حد بعيد مصدرا للحقوق والالتزامات بين أطرافها وبالتالي تعتبر في منظور القانون الدولي بمثابة اتفاق ملزم، غير أنه متى عكست هذه المحاضر اختلافا في وجهات نظر الأطراف بصدد مسائل معينة فإنه لا يمكن الادعاء بوجود اتفاق أو إذعان تطبيقا للمقولة: «طالما أنه صامت يبدو أنه موافق ، وماذا إذا كان بإمكانه التكلم » «Qui tacet consentir videtur si laqui debuisset ac potuisset »، وبذلك رفض قضاة المحكمـة منح الصفــــــة الإلزاميـــــــة لمحضري 1974و582008.

ب/ الإدعاء المؤسس على الاتفاق الضمني ووضعية إغلاق الحجة "L’Estoppel"

ادعت بنغلاديش بأنه حتى وإن جردت المحكمة المحاضر الموقع عليها من قبل وفدي الدولتين من طابعها الرسمي والإلزامي فإنها تبقى بمثابة اتفاق ضمني " Tacit agreement" أو بحكم الواقع " De Facto"بالنظر للتدابير التي اتخذها الطرفان على مدار ما يزيد عن 30سنة، مشيرة تحديدا إلى قيامها طيلة هذه الفترة بممارسة إدارة ورقابـة سليمة وهادئة للمنطقة الواقعة على جانب خط حدود بحرها الإقليمي دون أن يقابل ذلك رفض أو منازعة من جانب ميانمار. كما استدلت كذلك بسلوك صياديها وقواتها البحرية وقوات حفر السواحل إضافة لسلوك القوات البحرية التابعة لميانمار الذين عكسوا امتثالا متواترا واحتراما لخط حدود البحر الإقليمي كما ورد في محضر 1974، بالإضافة إلى التصريحات الواردة عن اتحاد ميانمار في 1985و2008.

لم تشاطر المحكمة منطق بنغلاديش فيما يتعلق بوجود اتفاق ضمني أو بحكم الواقع، واعتبرت أن الشهادات المقدمة من الصيادين لا تعدو أن تعبر إلا عن وجهات نظر شخصية ولا ترقى لوصف الدليل المادي على وجود حدود موضوعة بموجب اتفاق في منطقة البحر الإقليمي، كما أن التصريحات الصادرة عن الجنود وأطقم البحرية وخفر السواحل هي بمثابة تصريحات صادرة عن أعوان دولة ولهم بذلك مصلحة مباشرة في مجريــات الدعوى59.

وتتبعا لقضاء محكمة لاهاي، أوضحت المحكمة الدولية لقانون البحاربأن عناصر الإثبات الدالة على وجود اتفاق ضمني والذي قد يشكل أساسا لسند إقليمي يجب أن تكون مقنعة نظرا لأهمية مسألة وضع حدود بحريـة، وبالتالي لا يمكن الإدعاء بوجود اتفاق ضمني أو بحكم الواقع بسهولة، لذلك رفضت الاعتداد بالتفسير المقدم من بنغلاديش. وبعد أن استدلت بما خلصت إليه محكمة العدل الدولية في قضية نزاع الحدود البرية والبحرية بين نيكاراغوا والهندوراس أين أكدت بأن: «...إقامة حدود بحرية دائمة هي مسألة ذات أهمية بالغة ولا يمكن التوصل بشأنها إلى اتفاق بسهولة »60، منحت المحكمة الدولية للبحار عناية خاصة للغة المستخدمة في محضر 1974والظروف السياسية المحيطة باعتماده إضافة إلى الصفة القانونية للأطراف الموقعة عليه. واعتبرت بأنه من زاوية إجرائية بحتة، لا يمكن لدولة ميانمار أن تمنح لشخص المفوض برتبة عقيد في البحرية السلطة اللازمة التي تجعل دولته ترتبط بالالتزام المشروط وفقا لأحكام القانون الدولي61، أي ذلك الاتفاق الملزم قانونا والذي يرتب آثارا قانونية بالنظر إلى طبيعته ومحتواه بغض النظر عن تسميته أو شكله، مشيرة إلى أن ذلك هو متطلب المادة 15من الاتفاقية62.

وفي ضوء المعطيات التي تدل على أن موضوع وهدف محضر 1974المؤكد بموجب محضر 2008ينصرفان إلى تحديد البحر الإقليمي بين الدولتين الجارتين، فإن الأمر يتعلق بالنتيجة بخلق حقوق والتزامات لمصلحة وعلى عاتق الأخيرتين، وبالتالي فهذا المحضر لا يعدو أن يكون مجرد تقرير أو أرضية لتوافق مشروط تم بصدد عملية التفاوض وليس اتفاقا بالمعنى المبتغى من المادة 15من الاتفاقية، طالما أنه تبين صراحة وبعبارات لا لبس فيها أن ميانمار لم تخف في أية مرحلة من مراحل التفاوض بأن عملية تحديد البحر الإقليمي يجب أن تكون جزء من معاهدة دولية شاملة يرتبط موضوعها بتحديد حدود مختلف المناطق البحرية  الأخرى – في إشارة إلى المنطقة الاقتصادية و الجرف القاري – ، مما يفيد بأن ما توصلت إليه الدولتين المتنازعتين لا يتجاوز مجرد اتفاق تقني بخصوص مسائل معنية مرتبطة بالنزاع، ولا يعكس اقتران إرادتي الطرفين لخلق اتفاق ملزم طالما تخلق رضا ميانمار63.

كما رفضت المحكمة التفسير المعطى من جانب بنغلاديش لتصريحات اتحاد ميانمار في 1985و2008باعتبار أن الأول أكدت من خلاله هذه الأخيرة بأنها لا تقبل خط الحدود المقترح من بنغلاديش إلا بشرط التسوية الشاملة لكافة المسائل البحرية الأخرى، أما الثاني فأشارت من خلاله إلى ضرورة التعاون المتبادل في إطار حسن الجوار طالما أن الطرفين لم يتمكنا بعد من تحديد حدودهما البحرية، وبالنتيجة فالتصريحان لا يعكسان نية ميانمار بقبول حدود البحر الإقليمي64.

أما فيما يتعلق بمدى إمكانية الاستناد إلى وجود إغلاق حجة  ''Estoppel"فقد تأكد منذ عهد المحكمة الدائمة للعدل الدولي بأن وضيعة الإغلاق يجب أن تقوم على أساس إعلان أو تصريح واضح لا لبس فيه65، وأضافت لاحقا محكمة العدل في العديد من المناسبات ضرورة أن تكون التصرفات والتصريحات المستند إليها لإثارة وضعية إغلاق الحجـة «واضحة وثابتة »66، ومن ذلك توصلت في قضية شركـة الكهربــاء (ELSI) " Elettronica Sicula" بأنه متى تعلق الأمر بسكوت أحد الطرفين «من الصعب استنتاج وجود حالة إغلاق للحجة لمجرد عدم الإشارة كفاية إلى مسألة خلال أحد أطــوار [التفاوض] أو التبادل الدبلوماسي»67.

وعلى سند من ذلك، وردا على إدعاء بنغلاديش المبنى على إعمال هذه الوضعية نظرا لاستفادة ميانمار من مزايا محضر1974المتمثلة في وجود حدود بحرية مستقرة وحق المرور البريء عبر المياه الإقليمية التابعة لها، انتهت المحكمة الدولية لقانون البحارإلى أن بنغلاديش فشلت في تقديم أدلة واضحة توحي بأن الطرفان أدارا مياههما الإقليمية وفقا لما يقتضيه التطبيق المتواتر لمحضر 1974، وبالتالي غياب أفعال تشكل سلوك واضح وثابت من جانب ميانمار دفع بنغلاديش لتغيير موقفها بالشكل الذي يلحق بها ضررا استنادا لهذا السلوك ووفقا للإعمال الصحيح لقاعدة إغلاق الحجة. وعليه رفضت المحكمة الأخذ بهذا الإدعاء68 مسايرة بذلك ما تأكد في الممارسة القضائية الدولية إذ يؤخذ سلوك الدول بصفة كبيرة في الاعتبار، لأن إغلاق الحجة يمكن أن يقوم عبر سكوت الدولة، موافقتها، قبولها، تنازلها أو احتجاجها وبالتالي فهذه السلوكات إما قد تخلـق أو قد تـؤدي إلى سقــوط وزوال سند على الإقليـم69.

جـ/المنهجية المعتمدة في عملية تحديد البحر الإقليمي

قبيل انعقاد المؤتمر الأول للأمم المتحدة لقانون البحار شكلت مسألة الطريقة المثلى لتحديد البحر الإقليمي بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتجاورة عقبة تعذر على لجنة القانون الدولي تخطيها نظرا للطبيعة التقنية للمسألة. لذلك كان من الضروري استشارة لجنة الخبراء الذين اهتدوا إلى إحكام قاعدة المسافة المتساوية مع ضرورة إدخال بعض الاستثناءات في حال وجود جزر أو دواعي أخرى كالتي تخص الملاحة أو الصيد70.ومن جهته عجز القضاء الدولي عن الثبات على طريقة معينة إلى غاية عشرية التسعينات أين رجح حكم محكمة العدل الدولية الكفة لصالح إعمال طريقة المسافة المتساوية بمناسبة قضية غرينلاند وجون ماين  "Groenland et Jan Mayen" كخطوة أولى ضرورية ولازمة في مسار تحديد الحدود البحرية، لتتكرس بعدها بصفة متواترة سواء في قضاء هذه المحكمة أو محاكم التحكيم الدولية لدرجة التساؤل عما إذا أضحت هذه الطريقة تشكل جزء من القانون الدولي الإتفاقي71.

ويعتبر حكم محكمة العدل الدولية في قضية البحر الأسود المناسبة التي كرست من خلالها هيئة لاهاي الطابع الملزم لطريقة المسافة المتساوية في مجال تحديد الحدود البحرية كما يعد كذلك النموذج الذي احتذت به محكمة البحار الدولية بعناية عند فصلها في قضية خليج البنغال72. وبالتالي تعين على المحكمة إعمال أحكام المادة 15من الاتفاقية والتي تنص على أنه: "حيث تكون سواحل دولتين متقابلة أو متلاصقة، لا يحق لأي من الدولتين، في حال عدم وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك، أن تمد بحرها الإقليمي إلى أبعد من خط الوسط الذي تكون كل نقطة عليه متساوية في بعدها عن أقرب النقاط على خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي لكل من الدولتين. غير أن هذا الحكم لا ينطبق حين يكون من الضروري بسبب سند تاريخي أو ظروف خاصة أخرى تعيين حدود البحر الإقليمي لكل من الدولتين بطريقة تخالف هذا الحكم ".

يتبين من عبارات هذا النص أن المبدأ الأساس يرتكز على قاعدة المسافة المتساوية لكن ما لم يكن هناك مجال للحديث عن وجود سند تاريخي historic title" " أو ظروف خاصة " "special circumstances. والملاحظ في هذه القضية أن أي من الطرفين لم يتمسك بوجود سند تاريخي وعليه على المحكمة البحث فيما أذا كانت هناك ظروف خاصة تبرر وتفرض التحول إلى صيغة بديلة تتم على أساسها عملية تحديد البحر الإقليمي73.

في هذا الإطار، أثير موقع جزيرة سان مارتان "" St. Martinمن جانب ميانمار باعتباره ظرفا خاصا نتيجة كون هذه الجزيرة في حقيقة الأمر توجد مقابل سواحلها وهي لا تعدو أن تكون مجرد عنصر معزول عن النطاق الجغرافي لبنغلاديش. وب

@pour_citer_ce_document

, «»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2011-09-20,
Date Pulication Electronique : 2011-09-20,
mis a jour le : 17/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=2161.