قراءة في التعديل الدستوري 2016Study of the Constitutional Amendment of 2016
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N:02 vol 17-2020

قراءة في التعديل الدستوري 2016

Study of the Constitutional Amendment of 2016
ص ص 84-101
تاريخ الإرسال: 2018-11-28 تاريخ القبول: 2020-06-08

نصرالدين معمري
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

شكّل التعديل الدستوري الذي صدر بموجب القانون رقم 16/01الصادر بتاريخ 06مارس 2016قفزة نوعية على عديد مستوياتبالنظر للتغييرات الكثيرة التي مسّت بالخصوص تنظيم السلطات والعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وأيضا تنظيم السلطة القضائية، تزامنا مع الحقوق والحريات والرقابة الدستورية بمعدل 73مادة مسّها التعديل (من أصل 182مادة) مع إضافة 27مادة جديدة، وهو الأمر الذي رشح التعديل ليكون دستورًا جديدًاحسب بعض خبراء القانون الدستوري، ولو أنه حافظ على الهندسة الدستورية نفسها فيما يتعلق بالهيكل العام للدستور. ومسّت التعديلات مسائل جوهرية خاصة على مستوى مجلس الأمة (الغرفة الثانية في البرلمان الجزائري) الذي حقق مكاسب عديدة مقارنةً بوضعهِ السابق، فيما تعزّزت أيضا الرقابة البرلمانية تزامنًامع تعزيز دور المعارضة التي بات من حقها إخطار المجلس الدستوري في خطوة غير مسبوقة على مستوى دساتير الجزائر، فيما نص التعديل أيضا على استقلالية القضاء وتمت دسترة الكثير من الحقوق والحريات تماشياً مع الاتفاقيات الدولية. لذلك سنبحث مجالات التعديل وِفقاً للمباحث التالية: المبحث الأول: الديباجة والحقوق والحريات العامة، المبحث الثاني: تنظيم السلطات الثلاث في الدولة، المبحث الثالث: الرقابة الدستورية ومراقبة الانتخابات والمؤسسات الاستشارية

الكلمات المفاتيح

الدستور، التعديل الدستوري، القانون العضوي، البرلمان، السلطة القضائية، الحقوق والحريات

La dernière révision constitutionnelle promulguée par la loi n ° 16-01 du 06 mars 2016 représente   une   importante   étape   à   plusieurs   niveaux,   compte  tenu  des   nombreux changements apportés  à   l’organisation   des pouvoirs et la relation entre les pouvoirs exécutif et législatif en particulier,  compte tenu aussi  de l’organisation du pouvoir judiciaire qui est en liaison avec les droits, les libertés et le contrôle constitutionnel, puisqu’il enregistre un taux de 73 articles modifiés (sur 182 articles), avec l'ajout de 27 nouveaux articles. Cela a été désigné comme l’amendement d’une nouvelle constitution, selon certains experts en droit constitutionnel, bien qu'il conserve la même architecture constitutionnelle concernant la structure générale de la Constitution.

       Les amendements portent sur des questions particulièrement importantes au niveau du conseil de la nation, deuxième chambre du parlement algérien, qui a réalisé un progrès considérable par rapport au précédent. À cela s’ajoute, le contrôle parlementaire qui a, également, été renforcé parallèlement à la promotion du rôle de l’opposition, qui a le droit de saisi du Conseil constitutionnel au niveau des constitutions algériennes.  L'amendement   porte, aussi, sur   l'indépendance   du   pouvoir   judiciaire   et   la Constitutionnalisation   de   nombreux   droits   et   libertés conformément   aux   conventions Internationales. Nous tentons au moyen du présent travail d’éclaircir les domaines de révision à travers les points ci-dessous : 

Section 1 : Préambule ; droits et libertés publics

Section 2 : L’Organisation des trois pouvoirs de l'état

Section3 : Contrôle   Constitutionnel ;   Surveillance   des   élections   et   les   institutions

Consultatives.

Mots-clés :Constitution, La Révision Constitutionnelle, Loi organique, Parlement, Pouvoir Judiciaire, Droits et libertés.

The latest Constitutional Amendment was promulgated by Law No.16/01 of 06 March 2016, is significant leap on many levels, in view of the many changes that have been introduced. In particular, the latter encompassed the organization of powers and the relationship between the executive and legislative, as well as the organization of the judiciary, coinciding with rights and freedoms and constitutional control at the rate of 73 articles amended (among 182 articles) with the addition of 27 new articles. This Amendment is considered by some scholars of constitutional law as a new constitution, even though it maintained the same constitutional architecture as regards the general structure of the constitution.

             The Amendments touched upon issues of particular importance at the level of the Nation’s council, the second chamber of the Algerian parliament, which achieved many gains compared to its previous status. While also strengthened parliamentary control, coincided with the strengthening of the opposition's role, which has the right to notify the constitutional council in an unprecedented step at the level of constitutions of Algeria, the Amendment also stated the independence of the judiciary and the constitutionalisation of many rights and freedoms according to the international conventions.

             Therefore, we will discuss the Amendment according to the following parts: Preamble, public rights and freedoms; Organization of the three authorities of the State; Constitutional control and monitoring of elections and advisory institutions.

Keywords:Constitution, Constitutional Amendment, Organic Law, Parliament, Judiciary Authority, Rights and Freedoms.

Quelques mots à propos de :  نصرالدين معمري

 جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2.nasromamri@yahoo.fr

مقدمة

يتميّز السياق العام الذي تمّت فيه عملية التعديل الدستوري 2016بعديد أحداثعلى المستوى الداخلي والخارجي، فداخليًاجرى ما بين الانتخابات الرئاسية لعامي 2014و2019، وتمّ في سياق وعْكة صحية ألـمّت برئيس الجمهورية نُقل على إثرها إلى الخارج عدة مرات للعلاج، كما أنه جاء في ظل نشر الكثير من الصحف والمواقع الالكترونيةووسائل التواصل الاجتماعي لملفات فساد كبيرة وكثيرة مسّت حتى رموزاقريبة من الرئاسة. وعلى الصعيد الخارجي يمكن القول إن التعديل الدستوري كان ضمن سياق إقليمي يتميّز بتحولات سياسية عميقة في كل من تونس وليبيا ومصر، حيث سقطت أنظمةحكم حليفة وقريبة للنظام الجزائري، وترتّب على هذا الوضع تعرض البيئة الاستراتيجية للنظام السياسي الجزائري لتجريف غير مسبوق بعد وصول نخب جديدة إلى الحكم في كل من تونسومصر وليبيا وأيضا المغرب، تختلف في نسقها العقدي ومرجعياتها الفكرية كلية عن النخب الحاكمة في الجزائر، وهو ما ينعكس حتمًاعلى علاقات الجزائر مع محيطها الإقليمي في المستقبل المنظور1.   

وقد وصلت الإصلاحات السياسية في الجزائر إلى المحطة الأخيرة المتعلقة بتعديل الدستور بعد أن كُرِّست المحطات السابقة لتعديل المنظومة التشريعية التي عزّزت الإطار القانوني للتعددية الديمقراطية خاصة سنة 2012التي شهدت موجة من التعديلات مسّت خصوصاً عدة قوانين عضوية لها علاقة بتنظيم السلطات2، حيث تأجّل الإعلان عن مشروع التعديل عدة مرات على الرغم منأن المشاورات مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني قطعت أشواطا معتبرة، قبل إعادة إطلاق المشاورات3من جديد بقيادة مدير ديوان رئيس الجمهورية في شهر جوان 2014واستمرت أزيد من شهرين، قبل أن يصادق البرلمان الجزائري المنعقد بغرفتيه بتاريخ 07فيفري 2016على القانون المتعلق بتعديل الدستور بعد الرأي الذي أبداه المجلس الدستوري4بعدم مساس مشروع التعديل بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمسّ بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية5، وهو ما سمح بتمرير المشروع على البرلمان باعتبار أن رئيس الجمهورية استعمل صلاحيته وفقا للمادة 176من الدستور التي تُمكّنه من إصدار القانون المتضمن التعديل الدستوري مباشرةً دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان.

   ومعلوم أن التعديل الدستوري6أثار جدلاً  كبيرًابين المؤيدين الذي يرَونَ فيه جملة من المكاسب والمعارضين الذين يرَونَ بأنه دستور غير توافقي وسط مقاطعة رموز المعارضة البارزة المنضوية خصوصا تحت لواء "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" ، وتكتل الجزائر الخضراء -الذي يضم مجموعة من الأحزاب الإسلامية- الذي أكد الناطق باسمه "إنه وقع انقلاب على الإصلاحات السياسية والدستورية، وحدث تراجع كبير عن التعديل الجذري والشامل الذي وعد به رئيس الجمهورية، إذ أنه وبعد كل هذا المخاض والمشاورات والوقت والمزايدات بالإصلاحات الدستورية، يخرج علينا هذا المشروع بهذا الشكل الشاحب والهزيل، ليؤكد أنه دستور سلطة وليس دستور دولة، ودستور لحل مشكلات النظام وليس لتلبية احتياجات الشعب"7.

حيث أن الملاحظ في هذا الصدد بأن الدساتير التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال قد وُضِعت في مراحل استثنائية متأزمة، بينما التحضيرات والمشاورات بخصوص التعديل الجديد جاءت في مرحلة مغايرة نوعًاما، تتسم بالهدوء الاجتماعي ونضج التجربة عند الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وسط معارضة متبلورة غير متهورة، كانت تسمح بإعداد وثيقة دستورية متكاملة من شأنها الخروج بدستور يتجاوب والطموحات الشعبية والمتغيرات سواءعلى مستوى المحيط الطبيعي أو الخارطة السياسية العالمية والأفكار الجديدة المتعلقة بالحياة الدستورية. 

وجدير بالذكر أن التعديل الدستوري قد حاز على 499صوتًا، فيما صوَّتبـ (لا) نائبان اثنانوامتنع 16آخرينعن التصويت، حيث سجّلت جلسة التصويت التي تمت برفعالأيدي حضور 512نائباً وخمسة توكيلات، ليكون مجموع الحاضرين 517نائبًامن أصل 615نائبا، علمًا بأنالنصاب المطلوب للتصويت هو 388صوتًا. وقد مسّ التعديل تقريبا نحو 60%من دستور 1996الذي يتضمن 182مادة8: بدايةً من الديباجة، والمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وكذا الحقوق والحريات، مرورًابتوزيع السلطات وإعادة تنظيمها وتفعيلها، وأيضًاالرقابة الدستورية ومراقبة الانتخابات والهيئات والمجالس الاستشارية9.

لذلك فإننا سنبحث الإشكالية الآتية:

ما مدى توفيق المشرع الدستوري في تحقيق إصلاحات دستورية ضمن التعديل الدستوري 2016؟وللإجابة عنها سنتناول بالدراسة التعديلات الحاصلة وفق 03محاور أساسية تناسقًامع الأبواب الثلاثة المشكّلة لهيكل نص الدستور الجزائري.

المبحث الأول: الديباجة والحقوق والحريات العامة.

   خصص التعديل الدستوري ضمن الباب الأول المتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري فصلا كاملا (الفصل الرابع) للحقوق والحريات، وكرّس المؤسس الدستوري ما يسمى بـ" ضمانات الحقوق" وهي قائمة في صلب الدستور ولا تقتصر على الفصل المخصص لها، بحيث هناك مواد أخرى في الدستور تضمنها بصفة مباشرة أو غير مباشرة10، حيث استحوذت الديباجة11والباب الأول المتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري على قرابة الربع (1/4) من حجم التعديلات، حيث بلغ عدد المواد التي مسّها التعديل فيها 27مادة12، صِيغت بمعايير عالمية حسب ما هو معتمد في الدساتير المعاصرة، حيث تضمنت الكرامة الإنسانية ومنظومة العدالة والحريات والحقوق ومنع التعذيب والاعتقال وهي قفزة نوعية إلى ما يعرف بالجيل الرابع في الحقوق لتضمنها الإشارة إلى حقوق البيئة وحقوق الإعلام والثقافة والتوازن الجهوي ومنع عقوبة الحبس في حق الصحفيين. 

ويلاحظ بأن العناوين الرئيسية للتعديلات في هذا الإطار هي تأكيد تاريخ الشعب الجزائري الممتد عبر آلاف السنين وترسيخ دور جيش التحرير الوطني لقيادة الشعب الجزائري في كفاحه المستمر لتحقيق سيادة الدولة13، تزامنا مع دسترة المصالحة الوطنية وترسيخ قِيم السِلم، حيث تطرق التعديل لسياسة السلم والمصالحة الوطنية معتبرا أن "الشعب الجزائري واجه مأساة وطنية حقيقية عرضت بقاء الوطن للخطر، وبفضل إيمانه وتمسكه الثابت بوحدته قرر بكل سيادة تنفيذ سياسة السلم والمصالحة الوطنية التي أعطت ثمارها وهو مصمم على الحفاظ عليها"، وفي المقامنفسهأبرز أن "الشعب يعتزم على جعل الجزائر في منأى عن الفتنة والعنف وعن كل تطرف من خلال ترسيخ قيمه الروحية والحضارية التي تدعو إلى الحوار والمصالحة والأخوة في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية"14، ورغم استحسان البعض لهذه الخطوة باعتبار أن دسترة القيم من المسائل المتعارف عليها في مختلف دساتير العالم خاصة التي تلك التيطبّقت المصالحة الوطنية وفي مقدمتها جنوب افريقياالتيتضمنت ديباجة دستورها التذكير بالمآسيالتي عرفها الشعب خلال مرحلة التمييز العنصري،وأكدت على التمسك بقيم الحوار والديمقراطية، والأمر نفسه فيدستور الجمهورية الخامسة في فرنسا الذي

مازال ينص فيالمادة02منه على شعار الثورة الفرنسية وهي الحرية المساواة والأخوة15.

إلا أن الموضوع من جهة أخرى لاقى معارضة من بعض السياسيين (مثل عبد الله جاب الله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية) الذين اعتبروا إقحام موضوع المصالحة الوطنية -وهي حادث عابر-في تاريخ البلاد جاء لمحاولة معالجة أزمة تسبّب فيها توقيف المسار الانتخابي، وهذه إشارة لا لزوم لها في الدستور لأنها أولاً عابرة، وثانيًاغير مُنصِفة، ولا يجوز أن يشتمل الدستور على مسائل قد تكرّس الفُرقة والخلاف.

أولا: تمازيغت لغة رسمية لأول مرة

نصّ التعديل الدستوري لأول مرة على ترسيم تمازيغت كلغة رسمية بجانب اللغة العربية حيث جاء في نص المـادة 04"تمازيغتهي كذلك لغة وطنية ورسمية تعمل الدولة على ترقيتها وتطويرها بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني، يحدث مجمع جزائري للغة الأمازيغية يوضع لدى رئيس الجمهورية، يستند المجمع إلى أشغال الخبراء، ويكلّف بتوفير الشروط اللازمة لترقية الأمازيغية قصد تجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعد"16. ويُعدّ إقرار الأمازيغية لغة رسمية ووطنية نقلة نوعية في تعامل السلطة مع المطلب الأمازيغي ويدخل هذا القرار في سياق تطور سياسي شامل17، حيث تعود المسألة البربرية إلى الأربعينيات من القرن 20، إلى ما عرف بـ "الأزمة البربرية" بعدما نشب صراع عام 1949بين أعضاء من القبائل في حزب الشعب الجزائري (حركة انتصار الحريات الديمقراطية) وزعيمه مصالي الحاج، هذا الأخير اعتبر أن الأمة الجزائرية عربية وإسلامية، فرأى هؤلاء -ومنهم الزعيم الحالي لحزب جبهة القوى الاشتراكية حسين آيت أحمد- في هذا استفزازًاوتجاهلاً للتاريخ الجزائري ما قبل الإسلام وللهوية الأمازيغية، ونادوا بضرورة إدراج البُعد البربري في تنظيم الدولة المستقلة المقبلة، وقد انتهت هذه الأزمة بإقصائهم من قيادة الحزب واستبدل بهم قيادات قبائلية ليست من دعاة الأمازيغية.

وفي عام 1980أخذ المطلب الأمازيغي بُعدًا مميزًاوعلنيًافي شكل حركة احتجاجية في القبائل، وكان السبب المباشر في اندلاع أحداث القبائل (مظاهرات طلابية في جامعة تيزي وزو) في مارس 1980هو منع السلطات الكاتب "مولود معمري" من إلقاء محاضرة في جامعة تيزي وزو حول "الشعر القبائلي القديم"، وفي عام 1985-أي في عهد الشاذلي بن جديد-أقبلت السلطة على اعتقال العديد من نشطاء الحركة الأمازيغية. ومع توسع ظاهرة الإرهاب في التسعينيات، ازداد المطلب الأمازيغي إلحاحًا، وكأن النشطاء الأمازيغ أرادوا انتهاز فرصة ضعف السلطة لدفعها إلى الاستجابة لمطالبهم، وشهدت منطقة القبائل موجة من الاحتجاجات أهمها إضراب أطفال المدارس الذي أطلق عليه "مقاطعة المحفظة"، فهدّأ الرئيس اليمين زروال الوضع بإدخال اللغة الأمازيغية في التعليم بمنطقة القبائل، وأنشأ "المحافظة السامية للأمازيغية"، من جهة أخرى تم إحداث نشرات إخبارية في التلفزيون باللغات الأمازيغية، كما قام الرئيس اليامين زروال بإضافة البعد الأمازيغي باعتباره أحد المقومات الأساسية للهوية الجزائرية إلى جانب الإسلام والعروبة، وأدرجه في الدستور (تعديل 28نوفمبر 1996).

لكن المطلب الأمازيغي لم يُلَبَّ في رأي القبائل، وجاءت أحداث أفريل 2001لتُفجِّرالوضع في المنطقة، إذ أشعلت وفاة طالب ثانوي في مقر الدرك الوطني ببني دوالة في ولاية تيزي وزو فتيل الأزمة من جديد، وسط رفض المحتجين لكل ما يرمز إلى السلطة وإلى أشكال التنظيم السياسي الحديث كالأحزاب، وهو ما سمح لحركة "تنسيقية العروش" بالظهور كطرف مفاوض للسلطة لخّصت مطالبها في "لائحة القصر"18وهي عريضة من 15مطلبا، أهمها إخلاء الدرك لمنطقة القبائل، معاقبة الدركيين المتسببين في الأحداث، تلبية المطلب الأمازيغي بكل أبعاده الهوياتية والحضارية واللغوية والثقافية دون استفتاء ودون شروط، ومطالب أخرى اجتماعية وتعويضية (مثل تعويض أهل الضحايا)، وقد تُوّج الحوار بين السلطة والعروش باستجابة السلطة لأبرز مطالب لائحة القصر من خلال خطاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن ترسيم الأمازيغية كلغة وطنية بدون استفتاء شعبي19، قبل أن يتم ترقيتها مرة أخرى بترسيمها مجدّدا في تعديل 2016 كلغة رسمية بجانب اللغة العربية.

لكن وعلى الرغم منالتمكين القانوني الظاهر للأمازيغية في الدستور الطامح لترفيع مكانتها كلغة رسمية في البلاد، فإن التمعن في خلفية وسياق المراجعات الدستورية الدافعة لتكريسها، يكشف أنها جاءت نتيجة مسار عسير من النضالات الثقافية والمطالبات السياسية التي دفعت السلطة الحاكمة لاحتوائها وإعادة صياغتها في شكل حلول دستورية، وليس كخالصة نقاش واسع وعميق مع شرائح المجتمع المختلفة والفاعلين السياسيين وقوى المجتمع المدني، أو باستشارة الشعب مباشرة20.

غير أن الأمر بقدر ما نال استحسان عديد المتابعين بقدر ما أثار تحفّظ العديد من القانونيين والمتابعين أيضاً للشأن الأمازيغي، وهذا لعدة اعتبارات سياسية وقانونية وتاريخية يمكن تلخيصها في الاعتبارات الآتية:

-الأمازيغ في الجزائر ينقسمون إلى عدة مجموعات منفصلة جغرافياً21، ومن هنا فإن ترسيم الأمازيغية في ظل هذا التعدد اللغوي إضافة إلى اختلاف المواقف السياسية قد يفتح جبهة جديدة للصراع بين الأمازيغ حول طبيعة الأمازيغية الوطنية: هل هي أقرب إلى القبائلية أم إلى الشاوية أم إلى المزابية؟

-إشكالية الحروف التي تُكتب بها؟22حيث يطالب بعض الأمازيغ من الشاوية والمزاب أن تكتب بالحروف العربية، فيما يكتب القبائل أمازيغيتهم بحروف التيفناغ الجديدة (التي تبنّتها الأكاديمية البربرية بباريس وفقًاللتيفناغ القديمة التي يستعملها الطوارق)، قبل أن تقرر المحافظة السامية للأمازيغية كتابتها بالحرف اللاتيني.

ثانيا: تعزيز الحقوق والحريات الفردية والجماعية

يعزّز التعديل الدستوري جملة هائلة من الحقوق والحريات الفردية الجماعية ويساوي بين جميع المواطنين في تقلّد المهام والوظائف دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون23، حيث تدرّج في ترسيم ودسترة الحقوق24بمُنحنى يحترم المجالات المستهدفة التي توزعت تقريباً بين:

·  المجالات المرتبطة بالشباب والمرأة والتناصف بين الرجل والمرأة في سوق التشغيل، والكرامة الإنسانية وحرية المعتقد وحرية الرأي والابتكار والحريات الأكاديمية، والحق في الثقافة25.

·   المجال المتعلق بالجوانب الاقتصادية من خلال الحديث عن حرية الاستثمار والتجارة، تحسين مناخ الأعمال وضبط السوق وحماية حقوق المستهلكين ومنع الاحتكار والمنافسة غير النزيهة، والمساواة في أداء الضريبة ومعاقبة التهرب الجبائي وتهريب رؤوس الأموال26.

·  المجال المتعلق بالجرائم والإجراءات القضائية حيث تم الحديث عن عدم المساس بالحقوق والحريات الفردية والجماعية ذات الصلة بقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية وغيرها من القوانين وقانون الاجتماعات والمظاهرات العمومية وقانون الإعلام27.

·  المجال المتعلق بضوابط الممارسة السياسية حيث شملت التعديلات الدستورية الأحزاب السياسية والجمعيات والديمقراطية التساهمية على مستوى الجماعات المحلية، ونظام الانتخابات، وعدم تقييد الحقوق المدنية والسياسية للمواطن إلا بموجب قرار مُبرّر من السلطة القضائية28.

·  المجال المتعلق بالأسرة والبيئة حيث تكلّم التعديل الدستوري عن حقوق الطفل وقمع العنف ضد الأطفال وحق العامل في الضمان الاجتماعي وترقية التمهين، واستحداث مناصب الشغل، وحق المواطن في بيئة سليمة29والحفاظ عليها وواجبات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لحمايتها30.

وبقراءة سريعة في هذا الفصل يشير الخبير الدستوري مسعود شيهوب إلى أنه بخصوص مجال الحريات والحقوق الأساسية، فإن ما جاء به التعديل الدستوري الأخير لا ينقص عما يوجد في أرقى الدساتير في العالم، "بل تجاوزها أحيانا"، وأعطى مثالاًفي هذا الخصوص بترقية حقوق المرأة في الدستور الجزائري، من خلال إقرار مبدأ التناصف في الشغل وفي تقلّدها المسؤوليات، وفي ذلك حسبه، اندماج تام للجزائر مع المبادئ العالمية لترقية حقوق المرأة.

كما أشار إلى تنصيص الدستور لأول مرة على حق التظاهر السلمي وحق المواطنين في الوصول إلى المعلومات وعلى حرية الصحافة، ومنع حبس الصحفي وسلبه حريته، مثمنًافي السياقنفسه، تكريس الحقوق السياسية في الدستور الجديد من خلال منح الدعم المالي للأحزاب السياسية الممثلة في المجالس المنتخبة، وإقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال دسترة حرية الاستثمار والتجارة وكذا دسترة حق المواطن في السكن والشغل والضمان الاجتماعي، مع تحديد مسؤولية الدولة في التكفل بهذه الحقوق الدستورية. وخلافًاللعديد من الدول التي اختارت التوجه الرأسمالي وأهملت البعد الاجتماعي، فإن الجزائر حدّدت بدستورها توجّهًا واضحًانحو اقتصاد السوق مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، مما يعكس في رأيه الاهتمام الكبير الذي أولاه المشرع لهذا الطابع المستمَد من مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة، والذي عزّزه بآليات للتطبيق والمتابعة وبإصلاح للمجلس الدستوري، بما يضمن التطبيق السليم لأحكام الدستور31.

المبحث الثاني: تنظيم السلطات الثلاث في الدولة

غالباً ما ينال باب تنظيم السلطات خاصة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية الحيّز الأكبر في دائرة اهتمام الباحثين والفقهاء الدستوريين بالنظر لتعلق نظام الحكم بمدى توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطات، وقد كان لهذا التعديل أيضا غاية هي الوصول إلى توافق واسع بشأن تكريس وتعميق مبدأ أساسي يتعلق بالفصل والتعاون بين السلطات الذي يمثل العمود الفقري للديمقراطية، وأيضا دعم صلاحيات مجلس الأمة بمنحه حق المبادرة والتعديل في المجال التشريعي، وكذلك منح المعارضة السياسية وضعًا دستوريًا، مما يساهم حتمًافي بعث حركية جديدة في المؤسسات الدستورية، وتوسيع فضاء الحقوق وحريات المواطن، وتعزيز دولة القانون خاصة من خلال تحديث وظيفة المراقبة من قبل البرلمان على عمل الحكومة32.

وجاء الباب الثاني في التعديل الدستوري بعنوان "تنظيم السلطات" بمعدل 93مادة ( المواد 84- 177) متدرجا وفق 03فصول، الفصل الأول السلطة التنفيذية (المواد 84-111)، الفصل الثاني السلطة التشريعية ( المواد 112- 155) والفصل الثالث السلطة القضائية ( المواد 156-177)، وبلغة الأرقام فإن نصف الباب الخاص بالسلطات يعود للسلطة التشريعية التي كان العنوان الأبرز لتعديلاتها هو منح مجلس الأمة لأول مرة الحق في المبادرة بالقوانين في ظل تعزيز آليات الرقابة البرلمانية على الحكومة، وتبعًالذلك سنستعرض أهم ما جاء في تعديلات 2016بخصوص السلطات الثلاث وفقا لترتيبها المتّبعفي الدستور.

أولا: تعديلات السلطة التنفيذية

أعاد التعديل الدستوري 2016إعادة هندسة العلاقة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول على نحو يكرّس شكليًاالثنائية التنفيذية بصورة أوضح33، بعدما تم التشديد على بعض النقاط المتعلقة بشروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وعهدته الانتخابية، فقد أشارت المادتين 87و88إلى شرط الجنسية الجزائرية الأصلية حصرًادون سواها، بالإضافة إلى الجنسية الأصلية للأب والأم والزوجة، وهذا تماشياً مع المادة 63التي أشارت إلى أن "التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية" وأضافت في الفقرة الثانية منها "يحدد القانون قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية المذكورة أعلاه" بعد الجدل الكبير الذي أثير حول هذه المادة 34، خاصة في الشق المتعلق بحرمان الجالية والإطارات المهاجرة إلى الخارج، في الوقت الذي تم اشتراط أيضا الإقامة الدائمة بالجزائر دون سواها لمدة 10سنوات على الأقل مع تمديد مدة تولي رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة إلى 90يوماً، وضبط حالات انسحاب أو وفاة أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية بما يدعم مصداقية العملية الانتخابية35. هذا وتم التنصيص وفقا للمادة 88على أنه يمكن "تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة" وجعل العهدة الرئاسية ضمن ثوابت الأمة التي لا يمكن أن يمسّها أي تعديل دستوري والواردة في المادة 212مثل الطابع الجمهوريللدولة، النظام الديمقراطي القائم على التعددية، الإسلام، العربية، سلامة التراب الوطني، العلم والنشيد الوطنيين36.

في سياق آخر تم منح المزيد من الصلاحيات للوزير الأول الذي يُعيّن بعد استشارة الأغلبية البرلمانية وفقا للمادة 91/5الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية التي نصّت على "يعيّن الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية وينهي مهامه"37، فيما لا يمكن لرئيس الجمهورية تعيين أعضاء الحكومة إلا بعد استشارة الوزير الأول وفقا للمادة 93التي أكدت بأنّ الوزير الأول ينسّق عمل الحكومة التي تعدّ مخطط عملها الذي حذفت منه عبارة أنه "ينفّذ برنامج رئيس الجمهورية" 38، حيث أن التعديلات التي مسّت المادتين 80و8139استبدلت مخطط عمل الوزير الأول بمخطط عمل الحكومة التي باتت ملزمة بموجب المادة 98بتقديم بيان السياسة العامة لها أمام المجلس الشعبي الوطني40على أساس التأكيد على فكرة مسؤولية الحكومة عن مخطط عملها الذي يعتبر البرنامج السياسي لها، والذي تنال ثقة المجلس الشعبي الوطني على أساسه وتُحاسَب عليه في نهاية كل سنة بمناسبة تقديم الوزير لبيان السياسة العامة لفريقه الوزاري41، وقد نصت المادة 95على ضرورة تقديم الوزير الأول استقالة حكومته لرئيس الجمهورية في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة، في سياق إعادة التنظيم الداخلي للسلطة التنفيذية وتعزيز صلاحيات الوزير الأول الذي يرأس اجتماعات حكومته وبات بإمكانه التوقيع على المراسيم التنفيذية في صميم اختصاصاته دون الرجوع لموافقة رئيس الجمهورية بعد حذف عبارة "بعد موافقة رئيس الجمهورية" التي كانت سابقا في نص المادة 85/3.  

ثانيا: تعديلات السلطة التشريعية

وسّعت المراجعة الدستورية من صلاحيات البرلمان في مجال الرقابة البرلمانية، وأكدت على حقوق المعارضة، وألزمت الحكومة بضرورة الردّ في آجال محددة على الأسئلة الكتابية أو الشفوية، كما أصبحت الاتفاقيات الاقتصادية تمرّ وجوبًاعلى البرلمان، فيما ألزمت الحكومة بتقديم بيان السياسة العامة بشكل دوري، وبات مجلس المحاسبة ملزم بتقديم تقرير سنوي للبرلمان، بالإضافة إلى أنه منح لمجلس الأمة صلاحية التشريع ولو في مجالات محددة، كما وسّع حق الإخطار لأعضاء البرلمان، بعدما كان حصرًاعلى رئيس الجمهورية ورئيسي غرفتي البرلمان، بالإضافة إلى تقييد اللجوء إلى الأمريات الرئاسية بالظروف العاجلة، وكذا ضرورة استشارة الأغلبية البرلمانية من قبل رئيس الجمهورية لأجل تعيين الوزير الأول، وهذه النقاط قد تكون العناوين الرئيسية لمجمل التعديلات التي مسّت بشكل أساسي السلطة التشريعية، ولعل تلخصيها يمكن في إبراز محورين أساسين مهمين وهما منح مجلس الأمة حق التشريع والمبادرة، وكذا تعزيز آليات رقابة البرلمان للحكومة. 

يعتبر مجلس الأمّة– حسب أنصار البيكاميرالية-، صمام أمان ومكبح لإيقاف كل انزلاق قد يحدث بمناسبة التفاعلات الدستورية والسياسية بين الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي، حيث تعتبر نسبة ¾ أعضاء المجلس المشترطة سابقًاللمصادقة على أي نص قانوني في مجلس الأمة دليلاعلى قيام المجلس بهذه المهمة، ولكن في ظل التعديل الدستوري لعام 2016، تمَّت مراجعة هذا النصاب المتطلب للمصادقة لصالح الأغلبية المطلقة فقط43، وتخلي المؤسس الدستوري عن النسبة الثابتة العالية السابقة (3/4عدد الأعضاء) والتي كانت محل انتقادات شديدة تُحسب له على اعتبار أنها كانت أداةلتحكم السلطة التنفيذية في العملية التشريعية من خلال الثلث الرئاسي المعين44، مما يطرح تساؤلات وقراءات عدة عن الغاية من ذلك، وعن لُبّ التحولات الدستورية التي عرفتها الجزائر ، بحيث مُنح للغرفة العليا في البرلمان حق المبادرة بالتشريع في مجالات محددة، وكذلك حق التعديل45.فالمادة 136من التعديل غيّرت الوضع السابق بنصّها على أن "لكل من الوزير الأول والنواب وأعضاء مجلس الأمة حق المبادرة بالقوانين"46، قبل أن تُقيّد المادة 137حق مجلس الأمة في المبادرة بثلاث مجالات حصرًابنصّها على: "تودع مشاريع القوانين المتعلقة بالتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي مكتب مجلس الأمة"، وهو التقييد الذي لا يُعمّق ممارسة الغرفة الثانية لحقها في المبادرة على اعتبار أن التقسيم الإقليمي للبلاد مثلا قد لا يكون إلا مرة واحدة في ربع قرن47، ونفس الأمر بالنسبة للتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم، ولو أن التعديل أصاب في كون أعضاء مجلس الأمة (خاصة الثلثين المنتخبين) لهم باع واسع في التنظيم المحلي باعتبارهم منتخبون محليون وأعضاء في المجالس الشعبية البلدية والولائية. 

تهدف التعديلات المقترحة على الخصوص، إلى تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات من خلال دعم دور البرلمان في اتجاه تحقيق توازن أكبر بين غرفتيه، ومضاعفة صلاحياته من خلال:

- تخويل مجلس الأمة حق المبادرة وحق التعديل في المواضيع المحدّدة حصـرًا.

- دعم آليات رقابة البرلمان لعمل الحكومة بهدف توفير شروط الحكامة الجيدة من خلال دعم صلاحية المجلس الشعبي الوطني بتخصيص جلسة في كل دورة تشريعية لرقابة عمل الحكومة بحضور الوزير الأول وجوباً، ومنح كلا غرفتي البرلمان إمكانية إنشاء لجان إعلامية مؤقتة عبر كامل التراب الوطني، سعياً لتسهيل عمل البرلمانيين ميدانياً، وبعث ديناميكية لتحقيق مزيد من التعبئة حول تنفيذ مخطط عمل الحكومة48، وتحديد أجل لاجتماع اللجنة المتساوية الأعضاء بمبادرة من الوزير الأول في حالة خلاف بين غرفتي البرلمان49، وتحديد أجل لإجابة الحكومة على موضوع ساعة، وسؤال مكتوب يطرحه أعضاء البرلمان،  بحيث أن تحديد الآجال من شأنه ضمان أداء العمل البرلماني والحكومي بسرعة أكبر50.

- تعزيز مصداقية البرلمانيين ومشروعيتهم، وذلك بتكريس حضورهم الفعلي أشغال البرلمان من جهة51، ومنع تغيير الانتماء السياسي أثناء العهدة مع الحفاظ على طابعها الوطني، حرصا على احترام "العقد المعنوي" الذي يربط المنتخب بمنتخبيه، من جهة أخرى.52

-كرّس المؤسس الدستوري بموجب المادة 135من تعديل 2016نظام الدورة البرلمانية الواحدة ومدتها (10) أشهر، بدلاً من نظام الدورتين الربيعية والخريفية لتأكيد دوام واستمرارية أشغال البرلمان والاضطلاع بشكل فعال بمهام التشريع والرقابة الموكلة إليه.

- تمّ تقييد التشريع بواسطة الأوامر في المادة 142من التعديل، من خلال حصره في المسائل ذات "الطابع الاستعجالي" فقط دون سواها، إلا أنه يطرح التساؤل حول من له سلطة تقييم مدى توافر عنصر الاستعجال في الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية.

- مـنح المعارضة البرلمانية عدة حقوق53، لا سيما حق إخطار المجلس الدستوري، حول مدى مطابقة نصوص قانونية للدستور (بمعنى منازعة القوانين التي صادقت عليها الأغلبية البرلمانية) والمراسيم الرئاسية، وكذلك حق اقتراح جدول أعمال يعرض على المجلس الشعبي الوطني للنقاش، فهذه التعديلات التي تمنح المعارضة السياسية مركزاً دستورياً، كفيلة بإعطاء دفع للحياة السياسية وتعزيز الديمقراطية التعددية في بلادنا.

- تـوسيع مجال اختصاص القوانين العضوية، ونقل مواضيع أخرى من اختصاص القوانين العادية حاليا، إلى المجال العضوي، لمِا لها من أهمية ومن انعكاس على الحياة السياسية54.

ثالثا: تعديلات السلطة القضائية

إن الإشكالية القانونية المطروحة تتمحور حول مسألة استقلالية العدالة وحصانتها في الجزائر، أي الضمانات الجديدة التي أتى بها التعديل الدستوري 2016، مع التسليم بأن هذا الدستور قد دَسْتَرَ بعض المسائل التي تعدضمانات للمتقاضي كمبدأ التقاضي على درجتين، وتعليل الأوامر القضائية، وترقية حق المحامي في الحماية من أشكال الضغوط والتأثيرات التي تعيقه عن تأدية مهامه في إرساء العدالة، وأيضا تمكينه من الدفاع عن حقوق المتقاضين وفق مقتضيات القانون.

وقد أكد التعديل الدستوري على استقلالية السلطة القضائية وأن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلالية هذه السلطة، حيث نصت المادة 156: "السلطة القضائية مستقلة وتمارس في إطار القانون، رئيس الجمهورية ضامن استقلال السلطة القضائية". وبالنظر لصياغة نص الفقرة الثانية من المادة 156نجدها توحي بأن رئيس الجمهورية هو أهم ضامن لهذه الاستقلالية بل هو الضامن الحقيقي لها، وهو الأمر الذي قد يُقلّل من قيمة الضمانات الأخرى التي نصّ عليها الدستور55.

لكن ينتقد بعض المتابعين مدى التطبيق الفعلي لمبدأ استقلالية القضاء المكرَّسة منذ الدستور التعددي الذي صدر في 1989، حيث أن الواقع شيء آخر، فالقضاء الجزائري -في نظر هؤلاء النُقّاد-ضعيف، يُعرف بتبعيته وخضوعه للجهاز التنفيذي، ويتجلى ذلك من خلال انفراد رئيس الجمهورية بصلاحية التعيين والإقالة في أهم المناصب القضائية، مثل رئيس المحكمة العليا والنائب العام بها، رئيس مجلس الدولة ومحافظ الدولة، وهذه أبلغ صورة عن التبعية التي تعيب القضاء. ومن أخطر ما جاء في تعديل 2016ما تضمنته المادة 92التي أعطى فيها الرئيس لنفسه أيضا صلاحية التعيين في الوظائف القضائية الأخرى56، وهو ما لم يسبقه إليه أي رئيس، وهذا التوسيع في سلطة التعيين والإقالة لصالح المسؤول الأول في السلطة السياسية، هو إضعاف وتهميش للمجلس الأعلى للقضاء الذي يفترض -حسب المادة 174من الدستور -أن يكون المسؤول عن المسار المهني للقضاة والضامن لاستقلاليتهم57.

وعلى العكس من ذلك فإن التعديلات مسّت جوانب ايجابية كثيرة لخّصها المجلس الدستوري في قراره رقم 01/16المؤرخ في 28يناير 2016المتعلق بمشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري58والذي أكد بأن تعديل المواد وإضافة مادة جديدة تهدف إلى النص على أن رئيس الجمهورية ضامن لاستقلالية السلطة القضائية وتأكيد مبدأ التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية وتعليل الأوامر القضائية والصرامة في تنفيذ الأحكام القضائية، وحظر التدخل في سير العدالة وعدم قابلية نقل قاضي الحكم، وكذا الحماية القانونية للمحامي ودسترة محكمة التنازع للفصل في حالات تنازع الاختصاصبين هيئات القضاء العادي والقضاء الإداري، وأيضا النصعلى الاستقلالية المالية والإدارية للمجلس الأعلى للقضاء فهي تُعدّدعامة أساسية لحسن سير العدالة واستقلاليتها.

واعتبارًاأن دسترة هذه المبادئ القانونية تُجسِّد حماية القاضي والمتقاضي وذلك من خلال دعم استقلالية القاضي وتعزيز حقوق المتقاضين، ورأى المجلس الدستوري أيضا بأن إضافة المادة 170تدعم مبدأ حقوق الدفاع من خلال التأكيد على ضمانات قانونية يستفيد منها المحامي وتكفُل له الحماية من كل أشكال الضغوط.

المبحث الثالث: الرقابة الدستورية ومراقبة الانتخابات والهيئات والمجالس الاستشارية.

وعلى النسقنفسهشهد الباب الثالث من التعديل الدستوري الكثير من التعديلات التي صبّت في إطار تحسين فعالية بعض المؤسسات خاصة المجلس الدستوري كأعلى هيئة لمراقبة دستورية القوانين وتطابقها مع القانون الأسمى في البلاد، زيادة على النقلة النوعية بخصوص مراقبة الانتخابات ومحاولة تقديم حدّ أكبر من الضمانات وإلزام الحكومة كجهة تنظيم للمواعيد الانتخابية بالشفافية والنزاهة، تزامنا مع إرساء أرضية لعدد من المؤسسات الاستشارية التي تشمل فئات ومجالات حيوية في المجتمع.  

أولا: المجلس الدستوري

فيما يتعلق بالرقابة الدستورية فقد أفرد لها التعديل 10مواد (المواد من 182-191) أضفت تغييرات عديدة على مستوى استقلالية المجلس59وتشكيلته وأيضا شروط العضوية والاختصاصات وكذا توسيع سلطة إخطاره وحجية قراراته النهائية، اعتبارًاأن التعديلات التي تناولتها المواد 182 و183تهدف إلى تكريس استقلالية اﻟﻤﺠلس الدستوري ومنحه الاستقلالية الإدارية والمالية وتحديد اختصاصاته كقاضي الانتخابات في الاستشارات الوطنية وإعادة النظر في تشكيلته بزيادة عدد أعضائه من 09إلى 12عضوًاواستحداث وظيفة نائب الرئيس وإقرار ترجيح صوت رئيس اﻟﻤﺠلس الدستوري في حال تساوي الأصوات أثناء المداولات60. وقد فرض عليهم إلزامية التوقف عن مزاولة أي نشاط أو مهنة حرّة بمجرد انتخابهم أو تعيينهم وكذا أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية قبل مُباشَرة مهامهم لضمان تمثيل متوازن للسلطات الثلاث الممثلة في تشكيلته بغرض تمكينه من التكفل بالمهام الدستورية الجديدة الموكلة له والمترتبة عن توسيع الإخطار وآلية الدفع بعدم الدستورية61التي صدر بشأنها القانون العضوي 18/16بتاريخ 02سبتمبر 2018والذي يحدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية، فضلاً عن تمديد عُهدة أعضاء المجلس من 06إلى 08سنوات التي تهدف إلى ضمان استقرار اﻟﻤﺠلس الدستوري وتدعيم المركز القانوني لأعضائه لاسِيما من خلال أداء اليمين والتزامهم بالتحلي بالنزاهة والحياد وحفظ سرية المداولات62.

هذا وتم تشديد شروط العضوية من خلال المادة 184التي نصت على أنه " يجب على أعضاء المجلس الدستوري المنتخبين أو المعينين ما يأتي:

-بلوغ سن أربعين (40) سنة كاملة يوم تعيينهم أو انتخابهم.

-التمتع بخبرة مهنية مدتها خمس عشرة (15) سنة على الأقل في التعليم العالي في العلوم القانونية، في القضاء، أو في مهنة محام لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة"، وأضافت المادة 185حصانة قضائية لأعضاء المجلس بنصها على : "يتمتع رئيس المجلس الدستوري ونائب الرئيس، وأعضاؤه، خلال عهدتهم، بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية.ولا يمكن أن يكونوا محل متابعات أو توقيف بسبب ارتكاب جريمة أو جنحة إلا بتنازل صريح من المعني بالأمر أو بترخيص من المجلس الدستوري". والتعديلات الواردة تهدف إلى وضع شروط السن والتأهيل والكفاءة والخبرة لتولي وظيفة عضو اﻟﻤﺠلس الدستوري وتكريس الحصانة القضائية في المسائل الجزائية لفائدة أعضاء اﻟﻤﺠلس الدستوري خلال ممارسة عهدتهم لجعلهم في منأى عن كل أشكال الضغط التي قد تعيق استقلاليتهم في ممارسة اختصاصاتهم الدستورية.

ثانيا: مراقبة الانتخابات

دومًاكانت الانتخابات مربط الفرس في أي صراع بين السلطة والمعارضة بالنظر للاتهامات المستمرة حول تزوير الانتخابات التي ترفعها المعارضة في وجه السلطة، وفي خطوة جديدة أكد التعديل الدستوري على تكريس بعض مبادئ النزاهة والشفافية بدسترة تكليف الإدارة بتنظيم انتخابات شفافة حيث ورد في المادة 193" تُلزَم السلطات العمومية المكلفة بتنظيم الانتخابات بإحاطتها بالشفافية والنزاهة. وبهذه الصفة توضع القائمة الانتخابية عند كل انتخاب تحت تصرف المترشحين. يحدد القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات كيفيات تطبيق هذا الحكم." وتبعا لذلك أقرت المادة 194إنشاء هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات بنصها على أن " تُحدث هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات.

ترأس الهيئة شخصية وطنية يعينها رئيس الجمهورية63، بعد استشارة الأحزاب السياسية.

للهيئة العليا لجنة دائمة، وتنشر الهيئة العليا أعضاءها الآخرين فور استدعاء الهيئة الانتخابية"64.

وتتكون الهيئة العليا بشكل متساوٍ من القضاة الذين يقترحهم المجلس الأعلى للقضاء، وكفاءات مستقلة يتم اختيارها من ضمن المجتمع المدني، بحيث تسهر اللجنة العليا على شفافية الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية ونزاهتها، منذ استدعاء الهيئة الناخبة حتى إعلان النتائج المؤقتة للاقتراع. وفي سبيل ذلك لها عدة صلاحيات تتعلق بالإشراف على عمليات مراجعة الإدارة للقوائم الانتخابية، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة التشكيلات السياسية حول مراقبة الانتخابات وصياغة الطعون.

وكان القصد من إقرار المؤسس الدستوري إلزامية الإدارة بإحاطتها للانتخابات بالشفافية والنزاهة كقاعدة دستورية، ووضع معايير الاستقلالية واستشارة الأحزاب السياسية قبل تعيين رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات هو إرساء ضمانات دستورية لتأمين وتمكين التعبير عن الإرادة الشعبية، كما أن دسترة تسليم القوائم الانتخابية يضمن مبدأ الشفافية والنزاهة في الانتخابات وغايتها تكريس التداول الديمقراطي من خلال التعددية السياسية المكرسة دستوريا.65

من جانب آخر كان للمعارضة رأي مخالف حيث أجمعت على محدودية هذا الإجراء وعدم كفايته لضمان نزاهة العملية الانتخابية وتمسّكت بمطلب إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات وليس مراقبتها فقط66، بما يعني أن ما جاء في التعديل الدستوري - حسب المعارضة- لا يَفِي بالغرض ويجعل منها مجرد هيئة مساعدة من الناحية العملية لوزارة الداخلية لأن أعضاءها يعينهم رئيس الجمهورية، في حين أن المعارضة تريد هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات من تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة من قبل رئيس الجمهورية إلى مراجعة القائمة الانتخابية ودراسة ملفات المترشحين، وأن تضطلع بكل مراحل العملية الانتخابية وغيرها من الأعمال التحضيرية المتصلة بالانتخابات سواء كانت مادية أو مالية أو إعلامية والانتهاء بالإشراف على الانتخابات ثم فرزها وإعلان نتائجها67. فإحداث هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات تضم قضاة وشخصيات عامة وأكاديميين، بينما رئيسها يُعيّن من طرف رئيس الجمهورية بعد استشارة الأحزاب السياسية، يُفقِد الهيئة استقلاليتها، في حين نجاحها يتطلب وجود إرادة سياسية من السلطة للذهاب إلى انتخابات حرة ونزيهة بشرط استقلالية هذه اللجنة عن الإدارة وعن الأحزاب السياسية68.

ثالثا: المؤسسات الاستشارية

تضمن الفصل الثالث من الباب الثالث من التعديل الدستوري 2016المتعلق بالمؤسسات الاستشارية 13مادة صبّت كلها في إطار دسترة بعض المجالس وخلق أخرى جديدة بمجموع 07مجالس وهيئات دون الحديث عن المجلس الأعلى للغة العربية والمجمع الجزائري للغة الأمازيغية المذكورين في المادتين 03و04على التوالي من التعديل الدستوري69، واشتمل الفصل الثالث بداية المجلس الإسلامي الأعلى (المادة 196) والمجلس الأعلى للأمن (المادة 197) اللذان كانا من قبل، مرورًابنحو 05مجالس تشمل:

·  المجلس الوطني لحقوق الإنسان: لقد نتج عن المراجعة الدستورية في شهر فبراير 2016دسترة هيئة جديدة مكلفة بالدفاع وترقية حقوق الانسان في الجزائر سميت بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان خلفا لـ "الجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان" التي تم تأسيسها سنة 2009بموجب الأمر رقم 09/04الصادر في 27أوت 2009، المتمم بالمرسومالرئاسي رقم 180/10الصادر في 11جويلية 2010وحلّت محل "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" الذي أنشئ أول مرة سنة 1992وتم إلغاؤه سنة 2001.70

وتتمثل مهام المجلس الوطني لحقوق الإنسان في ترقية أي مسألة تتعلق على الصعيدين الوطني والدولي، وتقديم ملاحظات بشأنها تقييم النصوص السارية المفعول على ضوء المبادئ الأساسيةلحقوق الإنسان71، حيث نصت المادتان 198و199في هذا الإطار على أن يتولى المجلس مهمة المراقبة والإنذار المبكر والتقييم في مجال احترام حقوق الإنسان، ويدرس (دون المساس بصلاحيات السلطة القضائية) كل حالات انتهاك حقوق الإنسان التي يعاينها أو تُبلّغ إلى علمه، ويقوم بكل إجراء مناسب في هذا الشأن، حيث له أن يعرض نتائج تحقيقاته على السلطات الإدارية المعنية، وعلى الجهات القضائية المختصة إذا اقتضى الأمر ذلك، يبادر المجلس بأعمال التحسيس والإعلام والاتصال لترقية حقوق الإنسان".

·  المجلس الأعلى للشباب: نصت المادة 200على أنه " يُحدث مجلس أعلى للشباب، وهو هيئة استشارية توضع لدى رئيس الجمهورية، يضم المجلس ممثلين عن الشباب وممثلين عن الحكومة وعن المؤسسات العمومية المكلفة بشؤون الشباب." ووضّحت المادة 201دوره في تقديم الآراء التوصيات حول المسائل المتعلقة بحاجات الشباب، والمساهمة في ترقية القيم الوطنية والضمير الوطني والحس المدني والتضامن الاجتماعي في أوساط الشباب.

·  الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته: أُسّست هذه الهيئة عام 2006 بموجب القانون 06/ 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، قبل أن تتم دسترتها عام2016 72، والملاحظ أن غالبية اختصاصاتها ذات طابع استشاري، فعلى الرغم منتسميتها بالهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته إلا أن دورها يتعلق أساسا بالوقاية وليس بالمكافحةخاصة وأن المادة 22 من القانون 06/01 تنص على أنه يتعين على الهيئة عندما تتوصل إلى وقائع ذات وصف جزائي أن تحول الملف إلى وزير العدل الذي يختص بتحريك الدعوى العمومية عند الاقتضاء73.

·  المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي74: أُحدِث لأول مرة بموجب الأمر رقم 68/610الصادر في 06نوفمبر 1968حيث يعد من أهمالأجهزة الاستشارية، ومارس هذا المجلس وظيفته لغاية حلّه سنة 1976عبر مرسوم صادر في 30ديسمبر 1976، ليُعاد إنشاؤه مرة أخرى بموجب المرسوم الرئاسي رقم 93/225الصادر في 05أكتوبر 1993، لغاية دسترتِه في تعديل 2016، عَبَّرالنص عليه في المادتين 204و205 باعتباره مستشارًاللحكومة، حيث يتولى:

- توفير إطار لمشاركة المجتمع المدني في التشاور الوطني حول سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية،

-  ضمان ديمومة الحوار والتشاور بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الوطنيين،

- تقييم المسائل ذات المصلحة الوطنية في المجال الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والتكويني والتعليم العالي، ودراستها،

- عرض اقتراحات وتوصيات على الحكومة.

·  المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيا: استُحدث بموجب المادتان 206و207 قصد التكفل بمهمة مرافقة السلطات العمومية في تحديد السياسات الوطنية في ميدان البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، يشجع القانون الإبداعالتكنولوجي والعلمي والرقي بمستوى الكفاءات الوطنية في هذا المجال، وتقييم مدى نجاعة المنظومة البحثية الوطنية مع العمل على تثمين نتائج البحث ووضعها في خدمة الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة.

ويوضع هذا المجلس لدى الوزير الأول، ويتشكل من صفوة الباحثين والشخصيات العلمية والقدرات التقنية ذات الخبرة المؤكدة في مجال البحث العلمي بما في ذلك النخبة الوطنية المقيمة خارج الوطن، على أن يتم إشراك ضمن هذا المجلس مسيري المؤسسات الاقتصادية وإطارات من القطاع الاجتماعي والاقتصادي.

حيث يتولى المجلس على الخصوص المهام الآتية:

-                       ترقية البحث الوطني في مجال الابتكار التكنولوجي والعلمي،

-                       اقتراح التدابير الكفيلة بتنمية القدرات الوطنية في مجال البحث والتطوير،

-                       تقييم فعالية الأجهزة الوطنية المتخصصة في تثمين نتائج البحث لفائدة الاقتصاد الوطني في إطار التنمية المستدامة.

ترأس المجلس كفاءة وطنية معترف بها، يعينها رئيس الجمهورية.

يحدد القانون المهام الأخرى للمجلس وتنظيمه وتشكيلته".

فالمواد الجديدة تتعلق بتأسيس مجلس وطني لحقوق الإنسان وإحداث مجلس أعلى للشباب وتأسيس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ودسترة المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وإحداث مجلس وطني للبحث العلمي والتكنولوجي، وهذه المجالس والهيئة المستقلة المحدثة أو المدسترة تهدف إلى تحسين الحكامة منخلال عرضها على مؤسسات الدولة تقارير سنوية وآراء واقتراحات وتوصيات ذات طابع استشاري.

خاتمة

عرف التعديل الدستوري 07مارس 2016 عدةتغييرات عميقة مسّت جوانب عديدة تتعلق بالممارسة السياسية وتعميق الديمقراطية في البلاد، وأيضا تحسينات كثيرة تصبّ في تقوية الوحدة الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني، ويمكن إجمالها فيما يأتي:

- تمجيد التاريخ العريق والمعاصر للجزائر وإبراز قيمة جيـش التحرير الوطني والتأكيد على الهوية الوطنية بمكوناتها الثلاث.

- تعزيز الحريات الديمقراطية وتعميق مبدأ الفصل بين السلطات وتقوية مكانة المعارضة البرلمانية وتفعيل رقابة السلطة التشريعية للحكومة وأدائها مع اعتماد إجراءات جديدة لدعم مصداقية الانتخابات.

- دعم دولة القانون واستقلالية القضاء والتنصيص على إجراءات عديدة في صالح المتقاضين والدفاع.

- إعطاء الـمزيد من الاهتمام للقِيَم الـمرجِعية لمجتمعنا في أبعادها المتنوعة وذلك بتأطير التحولات الاقتصادية وأخلقة الممارسات في إطار الحوكمة.

- التحسينات المسجّلة على مستوى بعض المؤسسات الدستورية لتفعيلها وترقية دورها، خاصة المؤسسة التشريعية التي يعوّل عليها كثيرًالمواكبة التغييرات الحاصلة بمزيد من الحرص على استغلال كل الصلاحيات في مجالي التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية التي تبقى تملك الصلاحيات الأكبر في الممارسة العملية. 

هذا ونرى ضرورة تقديم عدة اقتراحات لسدّ بعض الفراغات التي لا تزال موجودة، ويمكن إجمال أهمها فيما يأتي:

- نقل فقرات كاملة من قوانين متفرقة عادية وعضوية إلى النص الدستوري جعل ظاهرة التضخم تصاحبه، حيث ارتفع عدد المواد لأورة مرة إلى 218مادة، والأجدر تفادي هذه الظاهرة في أي تعديل لاحق، خاصة وأن دسترة بعض القضايا تجعل تعديلها صعبا للغاية بعكس لو بقيت في قوانين عادية أو عضوية يسهل تعديلها.

- تجنّب الفصل في قضايا مصيرية تتعلق بالهوية عبر آلية التعديل الدستوري وتمريره على البرلمان، بينما يفترض منح الكلمة للشعب عبر الاستفتاء، حيث نجد بأن كل التعديلات التي مسّت اللغة الأمازيغية وترسيمها تمّت عبر البرلمان وليس عبر الصندوق والاستفتاء.

- ضرورة تحقيق توازن مؤسساتي بين السلطات الثلاث، ومنح الأولوية للسلطة القضائية في سبيل تحقيق استقلاليتها التامة، وتعزيز موقع الوزير الأول عبر الرجوع لتسمية "رئيس الحكومة" بصلاحيات فعلية، والتقليل من سيطرة رئيس الجمهورية وهيمنته على كل التعيينات الحاسمة في مفاصل الدولة.

- نقترح إلغاء مجلس الأمة بالنظر للحصيلة السلبية له طيلة (20) سنة سواءعلى المستوى التشريعي باعتباره محرومًامن حق الاقتراح سوى في 03مجالات ضيقة جدًّا، وعزوفه المطلق عن استعمال آليات الرقابة خاصة لجان التحقيق والاستجواب بحيث لم يستعملها ولو مرة واحدة. وبالنظر لتعقد العمل التشريعي والوقت الذي يستغرقه مشروع القانون بين الغرفتين، وكذا الإمكانات المالية الضخمة المسخّرة للغرفة الثانية (450مليار سنوياً)، وبالنظر لاستتبابالأوضاع واستقرار الخارطة السياسية وفي ظل تراجع عديد الأنظمة عن نظام الغرفتين مؤخرًا(مصر تونس، موريتانيا...) من المستحسن العودة لنظام الغرفة الواحدة. 

- إن المادة 142 المتعلقةبالتشريع بأوامر لا تضع جزاءً على عدم عرض رئيس الجمهورية للأوامر على البرلمان في أول دورة له، والأجدر ملء هذا الفراغ وتقييده بمدة زمنية معينة.

- التنصيص على إلغاء الأوامر إنْ لم يعرضها رئيس الجمهورية على البرلمان في أول دورة له وسدّ الفراغ في هذا الشأن، وتعديل القانون العضوي بما يسمح للبرلمان الحق في المناقشة في الموضوع.

- ضرورة تقييد سلطة الحكومة في مجال ضبط جدول الأعمال وإعطاء الأولوية في ذلك للبرلمان.

- تفعيل الدور الرقابي عن طريق الأخذ بأنواع أخرى من الأسئلة، خاصة فيما يتعلق بـ "أسئـلة الساعة" أو "الآنية" التي أخذ بها النظام المغربي أو "الأسئلة إلى الحكومة" كما تسمى في النظام الفرنسي. - إن التحديد الدستوري لآجال الرد على الأسئلة من طرف الحكومة يبقى مَعيبًالأنه لم يقترن بجزاء لتقرير المسؤولية الفردية أو الجماعية للحكومة، كما أن تخصيص جلسة أسبوعية للرد على الأسئلة لم تَرْقَ بعد لما يُقوي الرقابة البرلمانية، ففي فرنسا مثلاً تبرمج 03إلى 04جلسات أسبوعية للحكومة أمام البرلمان للإجابة على الأسئلة البرلمانية.

- إلغاء الارتباط الزمني لكلا من ملتمس الرقابة والتصويت بالثقة ببيان السياسة العامة، وجعل ذلك مُتاحًاللنواب والأعضاء في أي وقت من السنة، مع ضرورة ضبطها وفق إطارها القانوني والدستوري، تفادیًاللاستخدام العشوائي لهذه الآلية حتى لا تخرج عن الغایة التي وُجِدت من أجلها.

- فتح "المسؤولية الفردية" للوزراء لأنها تجعل كل وزیر یعمل بجدّ وكدّ من أجل تحسین أداء ووزارته وعملها، ولا یختفي وراء "المسؤولية التضامنية" التي یتخذها كذرع واقي على تقصيره.

- تبنّي التدابير التشريعية والمؤسسية اللازمة لتعزيز استقلال القضـاء استقلالاً تامًا، فلا ينبغي أن يكون أداة في لعبة السياسـة، أو لإجـازة أوامر السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية دون اعتبار للقانون.

ختامًانؤكد على الحاجة الماسّة إلى التطبيق السليم لمحتوى التعديلات التي وإن شابها بعض النقص، فإنها تشكل في عُمومها خطوة ايجابية لَبَّت في عديد الأحيان عدة مطالب سابقة للمعارضة وفقهاء القانون الدستوري، فيما تشكل نزاهة الانتخابات في رأينا مفتاحًالكل المسائل والمشاغل لأن كل الممارسات السياسية والديمقراطية مرتبطة بها، ولعلّ إنشاء "سلطة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات" ومنحها صلاحيات "وزارة الداخلية" في تنظيم العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، وصلاحيات "الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات" في مراقبة الانتخابات يشكل خطوة مشجعة في انتظار تعزيزها لاحقًابإجراءات لتعزيز هيبة مؤسسات الدولة واسترجاع ثقة المواطن فيها.


الهوامش

1.فتحي بولعراس، مشروع تعديل الدستور الجزائري: السياق، المواقف، والاحتمالات الممكنة، موقع مركز الجزيرة للدراسات http://studies.aljazeera.net، بتاريخ 03يونيو 2013.

2.مثل قوانين الانتخابات، الأحزاب، التنافي مع العهدة البرلمانية، الجمعيات، الإعلام، تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، الولاية...إلخ.

3.عرفت المشاورات أيضاً مشاركة قيادات من حزب جبهة الإنقاذ المحل تمثلت في كل من الهاشمي سحنوني ومدني مزراق كشخصيات وطنية، في مقابل ذلك أعلن 12حزبا سياسيا وعددا من الشخصيات الوطنية رفضهم للدعوة التي وجهتها لهم رئاسة الجمهورية والتي حظيت في المقابل بقبول 30شخصية من بين 36وجهت لها الدعوة و52حزبا من بين 64تشكيلة سياسية مدعوة إضافة إلى 37منظمة وجمعية و12أستاذا جامعيا من المصفّ العالي.

حول الموضوع أنظر: المشاورات السياسية حول مشروع تعديل الدستور، موقع وكالة الأنباء الجزائرية، http://www.aps.dz/ar/algerie، بتاريخ 08جويلية 2014.

4.رأي المجلس الدستوري رقم 01/16ر.ت د / م د مؤرخ في 28يناير 2016يتعلق بمشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري، ج ر رقم 06بتاريخ 03فيفري 2016.

5.علّل المجلس الدستوري رأيه بأن المشروع قيد التعديل يحقق جملة من القيم والاعتبارات الوطنية، مثل تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا، وهويتنا، وقيمنا الروحية والحضارية، كما يدعم الحقوق والحريات والواجبات، وكذا استقلالية العدالة، فضلا عن تعميق مبدأ الفصل بين السلطات، وتحسين العلاقات بين السلطات وتكاملها، بالإضافة إلى منح المعارضة البرلمانية الوسائل الدستورية التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية، بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري، ومن القيم التي تضمنها الدستور قيد التعديل أيضا بحسب التعليل، بعث المؤسسات المكلفة بالمراقبة، تجسيدا لمعايير الشفافية في التسيير، وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية، فضلا عن تكريس آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات، لدعم الديمقراطية التعددية.

انظر: رأي المجلس الدستوري 01/16، مرجع سابق.

6.عرفت الجزائر أيضا خمسة تعديلات جزئية في الدستور، حيث كان التعديل الأوّل عن طريق المجلس الشعبي الوطني وصدر في 07جويلية 1979، واحتوى التعديل على أربعة عشر مادة تختصّ برئيس الجمهورية وصلاحياته في عهد رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد 1979- 1991، تلاه تعديل آخر عن طريق المجلس الشعبي الوطني أيضا صدر في 12جانفي 1980واحتوى على مادتين، وقد استحدث بموجب هذا التعديل مجلس للمحاسبة المالية يختص برقابة التسيير المالي لمصالح الدولة والهيئات الحكومية، وجاء تعديل ثالث في 03نوفمبر 1988عن طريق استفتاء شعبي خاص باستحداث منصب رئيس الحكومة وصلاحياته· وكان رابع تعديل عن طريق البرلمان في 2001تمّ فيه ترسيم الأمازيغية كلغة وطنية بعد مظاهرات شعبية بمنطقة القبائل خلال أوّل عهدة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمّا التعديل الرابع فقد جاء عام 2008عن طريق البرلمان أيضا، حيث تمّ خلاله فتح الولاية الرئاسية للسّماح للرئيس بوتفليقة بالترشّح لولاية ثالثة، كما استبدل منصب رئيس الحكومة بمنصب الوزير الأوّل والإتاحة لرئيس الجمهورية تفويض بعض صلاحياته للوزير الأوّل· وفي أفريل 2013تمّ تنصيب لجنة من خبراء قانونيين لصياغة دستور جديد للبلاد بعد حزمة إصلاحات أطلقها الرئيس بوتفليقة مطلع العام 2011لمواجهة أثار الثورات التي سادت بعض البلدان العربية، والتي عرفت باسم ثورات الربيع العربي وتعثرت ثم أطلقت من جديد سنة 2015وتوجت بتعديل دستوري شمل 73مادة.

7.الحسين الزاوي، رهانات تعديل الدستور الجزائري، يومية الخليج، ملحق الأسبوع السياسي، http://www.alkhaleej.ae/supplements، بتاريخ 14/01/2016

8.ارتفع عدد مواد الدستور الجزائري من 182إلى 218مادة بعد تعديل 2016،وهو أكبر رقم بالمقارنة بجميع الدساتير السابقة، فدستور 1963(78مادة)، دستور 1976(199مادة)، دستور 1989(167مادة)، دستور1996(182مادة)، وتعديل 2016(218مادة).

وقد أعيد ترقيم المواد بناءً على المادة 02من التعديل التي نصت على "ينشر هذا القانون المتضمن التعديل الدستوري بعد تنسيق وإعادة ترقيم مواده في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية". وحول موضوع إشكاليات ترقيم المواد أنظر:

خالد شبلي، الإشكالات العملية التي يطرحها تنسيق وترقيم النّص القانوني من منظور الصياغة التشريعية، موقع شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات، http://diae.net، بتاريخ 13مارس 2016.

9.جاء التعديل الدستوري من الناحية الشكلية مُثقلاً بفقرات كانت موجودة أصلاً في قوانين عادية وعضوية متفرقة، حيث تم إدراج 100فقرة في شتى المجالات، بينما كان الأنسب دستورياً ترك تلك المواضيع للقوانين بدل دسترتها لأن هذه الأخيرة يسهُل تعديلها حسب الظروف والمقتضيات الوطنية. انظر:

مصطفى بلعور، الإصلاح الدستوري في الجزائر، دراسة في التعديل الدستوري لسنة 2016، مجلة البحوث السياسية والإدارية، جامعة الجلفة، العدد 10، 2017، ص 284.

10.                     كرنيش بغداد، جديد الحقوق والحريات وآليات ضمناها وترقيتها في التعديل الدستوري الجزائري لعام 2016، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة البليدة، العدد الثامن، ص 174.

11.                      إن المشرع الجزائري ارتقى بالديباجة إلى مستوى النص الدستوري، وجعل أحكامها ملزمة في وضع القوانين، وأن هذه الديباجة تجعل الدستور الجزائري أكثر تطوراً من الدستور الفرنسي، الذي تُعتبر فيه الديباجة مجرد مقدمة ذات طابع فلسفي،فطبيعة الديباجة التي تميز بها هذا التعديل أخرجها من الطابع الفلسفي السطحي إلى مستوى الأحكام الدستورية ملزمة التطبيق، كما يسجّل في نفس السياق تضمّن الديباجة أفكارا جديدة لم تكن مدرجة في الدساتير السابقة للدولة، وتأطيرها لمختلف المراحل التي مرّت بها الجزائر بما فيها مرحلة المصالحة الوطنية. كما تم التنصيص في الديباجة على حقوق وواجبات الشعب الجزائري وهويته الوطنية القائمة على الثوابت الثلاث؛ العروبة، الإسلام والأمازيغية. وتم لأول مرة، دسترة الآليات التي تعتمد عليها الدولة لترقية مقومات الهوية الوطنية، على غرار المجلس الأعلى للعربية، المجلس الإسلامي الأعلى وأكاديمية اللغة الأمازيغية، مع إلحاقها بمؤسسة رئاسة الجمهورية.

12.                     والمواد هي: الديباجة والمواد 3، 3مكرر، 7، 8، 14، 20، 21، 34، 36، 37، 38، 39، 42، 43، 44، 45، 47، 48، 51، 53، 54، 55، 58، 61، 64، 65.

13.                      الفقرات 2، 6،16و17من الديباجة التي أكد المجلس الدستوري بأنها جزء لا يتجزأ من الدستور، بما يعني أنها إطار قانوني ومرجع دستوري لباقي أبواب الدستور، وقدسبق للمجلس الدستوري أن اعتبر ديباجة دستور 1989من ضمن الكتلة الدستورية مما يجعلها من صلب الدستور، فمن الناحية القانونية، لا جديد يذكر سوى التنصيص عليها صراحة هذه المرة.

14.                      الفقرتين 8و9من الديباجة.

15.                      أنظر رأي حمزة خضريرئيسالجمعيةالجزائريةللدراساتالقانونيةوالدستوريةفيحوارهلجريدةالمشوارالسياسي، بتاريخ29جانفي 2016، http://www.alseyassi-dz.com.

16.                      تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة بموجب قانون عضوي.

17.                      تم ترسيم 12جانفي "عيد يناير" كمناسبة وطنية ويوم عطلة مدفوعة الأجر بقرار من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ابتداءً من جانفي 2018.

18.                      نسبة إلى منطقة القصر التي تقع في ولاية بجاية.

19.                      علّل الرئيس بوتفليقة في خطابه يوم 12مارس 2004استبعاده فكرة الاستفتاء الشعبي بقوله إنه لا يزال يتوجس "خوفاً من أن يكون الردّ غير إيجابي"، وعليه اختار "دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية"وفقاً لصلاحيته حسب المادة 176من دستور 1996بالمرور على البرلمان فقط.

20.                     أنظر حول الموضوع:

محمد أمين أوكيل، الهوية الأمازيغية ومسألة بناء الدولة الوطنية في الجزائر -مقاربة قانونية، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، المجلد 08، العدد 04، 2019،ص 336.

عبد النور بن عنتر، تداعيات ترسيم الأمازيغية لغة وطنية في الجزائر، موقع الجزيرة -ركن المعرفة (مقالات رأي وتحليلات)،http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions، بتاريخ 03/10/2004.

21.                     القبائل في بلاد القبائل (شرق العاصمة)، الشاوية في منطقة الأوراس (جنوب شرق العاصمة)، المزاب (المجموعة الأمازيغية الوحيدة ذات المذهب الإباضي) في منطقة غرداية (500كلم جنوب العاصمة)، الطوارق (أقصى جنوب البلاد)، الشناوة في منطقة شرشال (90كلم غرب العاصمة)، وهناك مجموعة بربرية أخرى قرب مدينة ندرومة على الحدود مع المغرب، وتتميز لغتها أو لهجتها الأمازيغية بقربها الكبير من الشلحية وهم أمازيغية الشلوح (بربر) في المغرب.

22.                    وعرف موضوع الحرف الذي ستكتب فيه الأمازيغية نقاشَا طويلًا في الجزائر، إذ طالب أساتذة وخبراء بكتابتها بالحرف العربي ضمانًا لتقارب اللغتين الرسميتين ونظرًا لكون العربية أكثر اللغات انتشارا في التعليم الجزائري، في حين طالب آخرون بكتابتها بالحرف اللاتيني لما لذلك "من فضل في انتشار اللغة عبر العالم". وانصبت المطالب عند باحثين آخرين على حرف تيفيناغ، بما أنه أصل هذه اللغة، معتبرين أنه من الواجب إحياء هذا الحرف كما وقع في المغرب. أنظر: الجزائر تستخدم الأحرف اللاتينية لإصدار أول نسخة أمازيغية من الدستور، موقع CNNبالعربية https://arabic.cnn.com/world/2016/05/11/amazigh-algeria-latin-font.

23.                     أثارت الفقرة 02من المادة 51التي تنص على أن "التمتع بالجنسية الجزائري دون سواها شرط لتولي المسؤوليات والوظائف العليا في الدولة والوظائف السياسية" جدلاً كبيراً، حيث يرى فيه البعض إقصاء للطاقات المهاجرة والكفاءات الموجودة بالخارج، بينما يراه المبرّرون بأنه اشتراط منطقيوبديهيسياسي او دستوريا باعتبار أن الجزائري الذي اختار التمتع بجنسية ثانية زيادة على الجنسية الجزائريةيكون قد اكتسبها على ضوء دفتر شروطيضع على عاتقه حزمة من الالتزامات تجعله غير قادر على الحياد فيالقضايا المتعلقة بين الجزائر والدولة التياكتسب جنسيتها في حالة تقلده لوظيفة سامية في الدولة. وقد حسم المجلس الدستوري الجدل بقوله في الرأي رقم 01/16بأن مبدأ المساواة هو الأصل وهو مُكرّس دستورياً، لكن لا حرج في استثناء بعض المسؤوليات والوظائف الحساسة بشكل حصري نظراً لخصوصيتها.

24.                      تمّ إضافة نحو 20حق جديد في الفصل الرابع من الدستور المتعلق بالحقوق والحريات (المواد من 32إلى 73).

25.                      أنظر المواد من 32إلى 42من التعديل الدستوري 2016.

26.                     أنظر المادة 43من التعديل.

27.                     أنظر المواد من 46إلى 51.

28.                     انظر المواد من 52إلى 60. 

29.                     جاء التعديل الدستوري 2016 ليسجل فارقا في موقف المؤسس الدستوري الجزائري من دسترة الحق في البيئة، فب الرجوع إلى الديباجة، نجدها نصّت:" يظل الشعب الجزائري متمسكاً باختياراته من أجل الحد من الفوارق الاجتماعية والقضاء على أوجه التفاوت الجهوري، ويعمل على بناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة".وبالرجوع إلى نص المادة 68 منه نجدها تؤكد ما ورد في الديباجة بقولها: "للمواطن الحق في بيئة سليمة. تعمل الدولة على الحفاظ على البيئة. يحدد القانون واجبات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لحماية البيئة". أنظر:

مهني وردة، التكريس الدستوري للحق في البيئة-دراسة مقارنة على ضوء نص المادة 68من القانون 16/01 المتضمن التعديل الدستوري الجزائري 2016، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، المجلد 15، العدد 27، 2018، ص ص 31-32.

30.                      أنظر المواد من 61إلى 73.

31.                       أنظر: الدستور الجديد يرفع من قدسية الحقوق والحريات، موقع جريدة المساء http://www.el-massa.com/dz، بتاريخ 12/03/2016.

32.                     أنظر: نص رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة تصويت البرلمان على تعديل الدستور، موقع الإذاعة الجزائرية http://www.radioalgerie.dz، بتاريخ 07/02/2016.

33.                     الملاحظ أن المشرع كرّس وأكد على أحادية السلطة التنفيذية بعدما تراجع عن فكرة ثنائية المؤسسات الدستورية أين كانت تُقسّم كل سلطة إلى قسمين متوازيين، بحيث السلطة القضائية تقوم على ازدواجية: قضاء عادي وقضاء إداري، والسلطة التشريعية مقسمة إلى: المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، والسلطة التنفيذية تنقسم إلى: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، قبل تغيير الأخير بالوزير الاول سنة 2008، وإعادة تفعيل بعض صلاحياته في تعديل 2006.  أنظر:

عبد العالي حاحة-آمال يعيش تمام، المركز القانوني لرئيس الجمهورية في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016، مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد 14، أكتوبر 2016، ص 75.

34.                     عرفت باسم المادة 51نسبة إلى رقمها في الدستور قبل تعديل 2016وأصبحت بعد الترقيم المادة 63.

35.                     وعدم تكرار سيناريو انسحاب المترشحين الذي وقع في الانتخابات الرئاسية 1999بانسحاب 06مترشحين مرة واحدة، وتأثير ذلك سياسياً وإعلامياً على مصداقية الانتخابات.   

36.                     سبق أن أشارت المادة 74من الدستور جدلاً كبيراً حيث كانت في الأصل تنص على أنه لا يمكن تجديد العهدة الرئاسية سوى مرة واحدة، قبل أن يلجأ رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى تعديل 2008بفتح العهدات الرئاسية ليتسنى له الترشح للعهدة الثالثة (العهدة الأولى 1999-2004) العهدة الثانية (2004-2009) والعهدة الثالثة (2009-2014) والعهدة الرابعة (2014-2019)، قبل أن يلجأ مجدداً إلى غلق العهدات والسماح بالإعادة مرة واحدة كما كانت في دستور 1996. وهو ما يؤكد "شخصنة" المادة وتعديلها حسب المقاس، وهو الانتقاد الذي دفع بالرئيس إلى ترقية قضية العهدة الرئاسية إلى منزلة الثوابت الجامدة التي لا يمسّها أي تعديل.

37.                     وجب التنبيه إلى أن الاستشارة هنا ملزمة كإجراء شكلي فقط، لكن نتائجها غير ملزمة لرئيس الجمهورية.

38.                     التي كانت واردة في المادة 79/2من دستور 1996.

39.                     أصبحتا 93و94بعد تعديل 2016.

40.                     لكنها غير ملزمة أمام مجلس الأمة حسب الفقرة الأخير من المادة 98التي تنص على "يمكن الحكومة أن تقدم إلى مجلس الأمة بيانا عن السياسة العامة".

41.                      كرّس المؤسس الدستوري بموجب المادة 98من الدستور، صيغة الوجوب لإلزام الحكومة بتقديم بيان عن السياسة العامة للمجلس الشعبي الوطني، لتمكين البرلمان من الاضطلاع بمهامه الرقابية ومتابعة مدى التزام الحكومة بتنفيذ مخطط عملها الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني ومحاسبتها في حالة عدم تنفيذه، وهذه الصياغة الجديدة لم تكن معتمدة في المادة 84من الدستور السابق، حيث اكتفت بالتنصيص على تقديم الحكومة لبيان السياسة العامة دون التأكيد على وجوبية تقديمه. انظر:

البرلمان في ضوء الإصلاحات الدستورية لسنة 2016، المديرية العامة للتشريع، المجلس الشعبي الوطني، سبتمبر 2016.

42.                     البيكاميرالية هي الثنائية البرلمانية، حيث هناك جدل كبير حول مدى جدوى مجلس الأمة في الجزائر بين المؤيدين لبقائه والمعارضين له، ولو أن مسيرة الغرفة الثانية لم تحقق أي جدوى أو جودة للعمل التشريعي بل زادته تعقيداً وبطئاً، كما زادت تكاليف الغرفة الثانية التي تبلغ ميزانياتها نحو 400مليار سنتيم سنوياً من متاعب الخزينة العمومية التي تكبّدت نحو 10آلاف مليار سنتيم منذ إنشائه سنة 1997. حول الموضوع أنظر:

معمري نصر الدين، تقييم تجربة مجلس الأمة في الجزائر، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2، العدد 25، ديسمبر 2017.

43.                     تراجَع المشرع في التعديل الدستوري 06مارس 2016عن نسبة التصويت الخاصة (¾) حيث قررت المادة 138/04" وفي كل الحالات يصادق مجلس الأمة على النص الذي صوت عليه المجلس الشعبي الوطني بأغلبية أعضائه الحاضرين بالنسبة لمشاريع القوانين العادية أو بالأغلبية المطلقة بالنسبة لمشاريع القوانين العضوية".

44.                     صوادقية هاني، مكانة مجلس الأمة على ضوء التعديل الدستوري 2016، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة البليدة، العدد 13، 2018، ص 235-236.

45.                     خالد شبلي، دراسة في ضوء اجتهاد المجلس الدستوري الجزائري والمراجعة الدستورية لعام 2016، موقع جريدة الشعب،http://www.ech-chaab.com/ar، بتاريخ 28/03/2016.

46.                     حيث أكد أستاذ القانون الدستوري كايس الشريف أنه تتجلى عملية إعادة الاعتبار للجهاز التشريعي من خلال توسيع نشاط مجلس الأمة الذي يمكن لأعضائه المبادرة بالقوانين مؤكداً بأن هذا التطور سيعطي أهمية بالغة للانتخابات المحلية، وعلى هذا الأساس سيتغير نمط إيداع المشاريع والمبادرة بالقوانين تبعاً للموضوع محل التشريع معتبراً أن مجلس الأمة لميعد غرفة تسجيل لمِا يتم المصادقة عليه في المجلس الشعبي الوطني وإنما أصبح هيئة تتمتع باختصاص التشريع والمناقشة والتعديل. أنظر:

التجربة الدستورية الجزائرية من أغنى التجارب في العالم، موقع http://www.elwatanmedia.com، بتاريخ 18/04/2016.

47.                     آخر قانون للتقسيم الإقليمي كان سنة 1984.   

48.                     ويلاحظ بأن النص على هذه اللجان تمّ في محور اللجان الدائمة ولم يتم تضمينه في المحاور المتعلقة بالرقابة بجنب الأسئلة والاستجواب ولجان التحقيق وغيرها، بما يؤكد على الطابع الاستعلامي الاستعراضي فقط لهذه اللجان، وهو ما يدفعنا للجزم بأنها لن تضيف شيئا في الممارسة وتطوير الأداء البرلماني على اعتبار أنها شملت فقط دسترة حق النائب في الاطلاع على نشاط الجهاز التنفيذي خاصة على مستوى الولايات التي انتُخِبوا فيها في ظل بعض الصعوبات التي كانت تعترضهم من طرف بعض الولاة.

49.                     كان دور الوزير الأول خطيراً للغاية حينما كانت له الصلاحية المطلقة في طلب اللجنة المتساوية الأعضاء متى شاء بدون أي قيد زمني، قبل أن يتم تقييد صلاحيته بموجب المادة 138/05من التعديل الدستوري 2016أين بات مُجبراً على طلب اجتماع اللجنة المتساوية الأعضاء في أجل أقصاه (15) يوماً من حدوث الخلاف. حيث بيّنت الممارسة بأنه في حالة ما إذا كان الخلاف جوهرياً فإن الوزير الأول غالبًا ما كان يتجاهل استدعاء اللجنة، مثل ما حصل مع القانون المتعلق بالإشهار الذي اعترض عليه مجلس الأمة في مجمله بتاريخ29 جويلية 1999، ولم يطلب الوزير الأول اجتماعا للجنة المتساوية الأعضاء لدراسة الأحكام محل الخلاف. حول الموضوع أنظر:

عبد السلام سالمي، نظام المجلسين في النظام الدستوري الجزائري، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة البليدة، أفريل 2006، ص 91.

شامي رابح، مكانة مجلس الأمة في البرلمان الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون الإدارة المحلية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بكر بلقايد-تلمسان، 2012، ص 79.

50.                      تم تحديد آجال الإجابة عن أسئلة أعضاء البرلمان الكتابية والشفوية وكذلك الاستجواب بموجب المادتين 151و152من طرف الحكومة في غضون ثلاثين (30) يوماً من تاريخ تبليغها بها، حتى لا يفقد السؤال غايته والهدف من طرحه وذلك بعد المشاكل السابقة، خاصة منها تراكم الأسئلة وتأخر رد الحكومة في الوقت المناسب مما يفقد السؤال أو الاستجواب أهميته.

51.                      نصت المادة 116على " يتفرغ النائب أو عضو مجلس الأمة كليا لممارسة عهدته، ينص النظامان الداخليان للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة على أحكام تتعلق بوجوب المشاركة الفعلية لأعضائهما في أشغال اللجان وفي الجلسات العامة تحت طائلة العقوبات المطبقة في حالة الغياب"، وهذا لوضع حد لظاهرة الغياب التي باتت مقلقة وأثرت سلباً على سير الأشغال، ومن المحتمل جدا أن يتم تسليط غرامات مالية على المتغيبين. وفي هذا الإطار تضمن النظام الداخلي لمجلس الأمة لسنة 2017في المواد من 114إلى 116 العقوبات المسلّطة على المتغيّبين بنصها على:

إذا تغيّـب عـضو المجلس عن أشغال اللجان الدائمة أو الجلسات العامة لثلاث (03) مرات مـتتالـية خلال الدورة بدون عذر مقبول يقع تحت طائلة العقوبات الآتية:

*يُوجَّه إليه تنبيه كتابي

*تُـنشَر قائمة الأعضاء المتغيبين عـن أشغال جلسات المجلس في الجريدة الرسمية للمناقشات وفي الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس.

*تُدوَّن أسماء الأعـضاء المـتغـيـبين عن أشغال اللجان الدائمة في محاضر اجتماعات اللجنة وتبلَّغ نسخ من ورقة حضـور أعضاء اللجـنة إلى كل من نائب الرئيس المكـلف بالـتـشريع ورؤساء المجموعات البرلمانية.

*يُخصَممبلغماليمنالتعويضةالبرلمانيةالتييتقاضاهاالعضوبعددالأيامالتيتَغـيَّبفيهاعنأشغالاللجانالدائمةوأشغالالجلساتالعامة.

إذا تكرر غياب العضو لثلاث (03) مرات متتالية أخرى خلال الدورة نفسها بدون عذر مقبولي ُحْرَم من الترشح لأي منصب في أجهزة وهيئات المجلس بعنوان التجديد المقبل (يحدد مكتب المجلس كيفيات تطبيق هذه المادة). في انتظار النظام الداخلي للغرفة الأولى الذي لم يُعدّل بعد (لغاية جوان 2019).

52.                      أنظر المادة 117من التعديل الدستوري.

53.                      أنظر المادة 114التي عددت 07بنود كامتيازات للمعارضة تسمح لها بالمشاركة الفعلية في الأشغال البرلمانية والحياة السياسية كحرية الرأي والإعانات المالية، مراقبة عمل الحكومة، تمثيل مناسب في أجهزة غرفتي البرلمان، إخطار المجلس الدستوري والدبلوماسية البرلمانية.

54.                      تم مثلاً ترقية القانون المتعلق بقوانين المالية (القانون 84/17) إلى قانون عضوي.

55.                     عبد المنعم نعيمي، استقلالية وحصانة العدالة في الجزائر كما يراها دستور 2016، موقع جريدة القانونية، جريدة قانونية الكترونية احترافية في المغرب، http://www.alkanounia.com، بتاريخ 26/02/2016.

56.                     نصت المادة 92الفقرة الأخيرة "وزيادة على الوظائف المنصوص عليها في الفقرتين 3مكرر و4أعلاه، يحدد قانون عضوي الوظائف القضائية الأخرى التي يعيّن فيها رئيس الجمهورية".

57.                      أنظر حوار القاضي السابق عبد الله هبول مع جريدة الخبر، اختصاصات المجلس الدستوري لا تجيز له فحص تعديلات بوتفليقة، موقع جريدة الخبر http://www.elkhabar.comبتاريخ 18/01/2016.

58.                     رأي المجلس الدستوري رقم 01/16، مرجع سابق، ص 25.

59.                      من مظاهر الاستقلالية الانفراد بوضع قواعد عمل هبكل حرية دون أن يخضع في ذلك إلى أي جهة كانت، حيث المادة 189/3على أنه: "يحدد المجلس الدستوري قواعد عمله"، على خلاف المجلس الدستوري الفرنسي الذي أخضع الدستور الفرنسي تنظيمه وقواعد عمله لقانون عضوي تتشارك في وضعه الحكومة والبرلمان بغرفتيه، فتنص المادة 63من الدستور الفرنسي الحالي: "يحدد قانون عضوي قو اعد تنظيم وعمل المجلس الدستوري والإجراءات المتبعة أمامه ولاسيما المواعيد المقررة لإبلاغه بالمنازعات". حول الموضوع انظر:

بومدين محمد، أثر التعديل الدستوري الجزائري 2016على تفعيل دور المجلس الدستوري في تعديل الدستور وتفسيره، المجلة الإفريقية للدراسات القانونية والسياسية، جامعة أحمد دراية، أدرار، العدد 02، ديسمبر 2018، ص 15.

60.                      تنص الفقرة 01و02من المادة 183على " يتكون المجلس الدستوري من اثني عشر (12) عضوا: أربعة (4) أعضاء من بينهم رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية، واثنان (2) ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني، واثنان (2) ينتخبهما مجلس الأمة، واثنان (2) تنتخبهما المحكمة العليا، واثنان (2) ينتخبهما مجلس الدولة.

في حالة تعادل الأصوات بين أعضاء المجلس الدستوري، يكون صوت رئيسه مرجحًا".

61.                     التعديل الدستوري لعام 2016لم يكتفِ بتوسيع جهات الإخطار إلى الوزير الأول ولعدد من أعضاء البرلمان فحسب (50نائبا بالمجلس الشعبي الوطني أو 30عضوا من مجلس الأمة)، بل أدرج آلية جديدة لم تعرفها التجربة الدستورية الجزائرية، ألا وهي "الدفع بعدم الدستورية" بموجب المادة 188من القانون 16/01المتضمن التعديل الدستوري متبنّياً ما أقرته التجربة الدستورية الفرنسية بعد التعديل الدستوري لعام 2008فيما يسمى "مسألة أولوية الدستورية". أنظر:

إبراهيم بلمهدي، آلية الدفع بعدم الدستورية في أحكام تعديل الدستور الجزائري 2016، مجلة الدراسات القانونية، تصدر عن مخبر السيادة والعولمة، جامعة يحيى فارسب المدية، المجلد 03، العدد 01، ص 162.

62.                     تنص الفقرات 3-4-5و6من المادة 183على "بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم، يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى، وأي نشاط آخر أو مهنة حرة.يعين رئيس الجمهورية رئيس ونائب رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات.

يضطلع أعضاء المجلس الدستوري بمهامهم مرة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات، ويجددنصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل أربع (4) سنوات. يؤدي أعضاء المجلس الدستوري اليمين أمام رئيس الجمهورية قبل مُباشرة مهامهم."

63.                     تم تعيين السيد "عبد الوهاب دربال" رئيساً للهيئة بموجب مرسوم رئاسي رقم 16/284مؤرخ في 03نوفمبر 2016، وتم إنهاء مهامه بموجب مرسوم رئاسي رقم 19/93مؤرخ في 11مارس 2019، ج ر العدد 15، على إثر الحراك الشعبي الذي انطلق منذ جمعة 22فيفري 2019والذي طالب بتغيير النظام وعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة.

64.                     تم نشر التشكيلة الإسمية للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بموجب مرسوم رئاسي رقم 17/07مؤرخ في 04جانفي 2017، بعد صدور مرسوم رئاسي رقم 17/05المتضمن تعيين القضاة أعضاء الهيئة، والمرسوم الرئاسي 17/06المتضمن تعيين الكفاءات المستقلة المختارة من ضمن المجتمع المدني أعضاء الهيئة. فيما تم بمقتضى مرسوم رئاسي رقم 19/94مؤرخ في 11مارس 2019، ج ر العدد 15، حلّ الهيئة وإلغاء كافة المراسيم المتضمنة تعيين أعضاء الهيئة.

65.                      أنظر رأي المجلس الدستوري، مرجع سابق، ص 26.

66.                     عثمان لحياني، المعارضة ترفض مناورة التعديل الدستوري، موقع العربي الجديد http://www.alaraby.co.uk، بتاريخ 07/11/2015.

67.                     عادل أمين، الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات محاولة لـ فرملة المعارضة، جريدة آخر ساعة، http://www.akhersaa-dz.com، بتاريخ 09/01/2016.

وجدير بالذكر أن تحفظات المعارضة في هذا المجال تم التكفل بها من خلال تشكيل "السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات" بتاريخ 14سبتمبر 2019منقبلرئيسالدولةعبدالقادربنصالحبناءًعلىالتقريرالمنجزمنقبل"الهيئةالوطنيةللحواروالوساطة" التي ترأسها كريم يونس.

68.                     سماعيني علال، تأثير الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات على نزاهة العملية الانتخابية في الجزائر، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، تصدر عن كل الحقوق والعلوم السياسية، جامعة البليدة 02، الجزائر، العدد 14، ص 151.

69.                     صدر القانون العضوي رقم 18/17يتعلق بالمجمع الجزائري للغة الأمازيغية، الجريدة الرسمية المؤرخة في 05سبتمبر 2018، العدد 54، ص 15.

70.                     صدر القانون رقم 16/13بتاريخ 03نوفمبر2016، الذي يحدد تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكيفيات تعيين أعضائه والقواعد المتعلقة بتنظيمه وسيره، وفي هذا السياق، يمكن القول بأن إعادة صياغة الإطار القانوني للمجلس الوطني لحقوق الإنسان يتجه نحو مطابقتها مبادئ باريس. حول الموضوع أنظر:

سمير شوقي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان كبديل للجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، مجلة الحقوق والعلوم الانسانية، تصدر عن جامعة الجلفة، المجلد 12، العدد 01، ماي 2019، ص ص 49-67.

71.                      درار عبد الهادي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان فيظل القانون 16-13ونظامه الداخلي، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية، تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة المسيلة، العدد التاسع، مارس 2018، ص 773.

72.                     نصت المادتان 202و203على أن "تؤسس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته" وتتولى الهيئة على الخصوص:

مهمة اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد تكرس مبادئ دولة الحق والقانون وتعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الممتلكات والأموال العمومية والمساهمة في تطبيقها.

ترفع الهيئة إلى رئيس الجمهورية تقريرا سنويا عن تقييم نشاطاتها المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته، والنقائص التي سجلتها في هذا المجال، والتوصيات المقترحة عند الاقتضاء".

73.                     بودهان موسى-لعلى بوكميش، دور القضاء وبعض الأجهزة ذات الصلة في مكافحة الفساد في التشريع الجزائري، تصدر عن مخبر الدراسات الافريقية للعلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية، العدد 15، 2018، ص 576.

74.                     تعتبر فرنسا من أوائل الدول التي عملت على تشكيل هذا المجلس، كما عملت الكثير من الدول العربية على إنشاءه لديها. حول الموضوع أنظر:

العايب سامية، النظام القانوني للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر، حوليات جامعة قالمة للعلوم الاجتماعية والإنسانية، المجلد 9،العدد 14، ص 421.

@pour_citer_ce_document

نصرالدين معمري, «قراءة في التعديل الدستوري 2016»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 84-101,
Date Publication Sur Papier : 2020-08-17,
Date Pulication Electronique : 2020-08-17,
mis a jour le : 17/08/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7059.