أدب " التغريدة " ورهانات الإستطيقا الرقمية في الفضاء الافتراضي بين "عولمة العرض" والموت الرمزي " للعبق الفني"The "tweet literature and digital aesthetics issues’ in the virtual space Between the "globalization of the presentation" and the symbolic death of the " artistic fragrant/AURA "
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N:03 vol 17-2020

أدب " التغريدة " ورهانات الإستطيقا الرقمية في الفضاء الافتراضي بين "عولمة العرض" والموت الرمزي " للعبق الفني"

The "tweet literature and digital aesthetics issues’ in the virtual space Between the "globalization of the presentation" and the symbolic death of the " artistic fragrant/AURA "
09-26
تاريخ الإرسال: 2019-07-28 تاريخ القبول: 2020-09-14

مريم ضربان
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تهدف هذه الورقة البحثية إلى توصيف الإشكاليات التحاقلية بين الأدب وأنواعه الرقمية، الإعلام وأجياله الميديولوجية، والجماليات ورهاناتها الفلسفية، هذه الثلاثية التي تدرس مجتمعة من خلال البيئة الرقمية أو "إيكوميديا" الفضاء الافتراضي على إثر ما استفاد به من وسائط تكنولوجية، فرضت منطقها التقاني على المحتوى بكافة أشكاله، ومن خصوصية الأدب الرقمي ومنه التفاعلي، كمعطى بحثي جديد ساير رقمية القضايا تأثيرا وتأثرا، أنه يتسم بحساسية الذوق والانزلاق الفلسفي نحو حقل الجمال والفن، الذي تتباين فيه التوجهات بين "عولمة أو دمقرطة العرض" التي ينادي بها "مارك جيمينيز" و"موت العبق" بسبب الاستنساخ والمكننة التي يصارع  لعودتها فلتر بنيامين إحياء لـ" النشوة الفنية" أو "ثقافة الجليل" في مسقطه الفكري النقدي "فرانكفورت"، مما ولد رهانات للإستطيقا الرقمية التي نجمعها في وصف أدب التغريدة في الفضاء الافتراضي وعلاقته بالحضور السوسيولوجي للمغرد" الرقمي " وميلاد ثقافة " الفائق hyper" .

الكلمات المفاتيح: أدب التغريدة، الإستطيقا الرقمية، الفضاء الافتراضي، عولمة العرض، العبق الفني

  Ce document de recherche vise à décrire la problématique interdisciplinaire entre la littérature et ses types numériques, les médias et ses générations médiatiques, et l'esthétique et ses défis philosophiques. Ce trio, qui est enseigné collectivement à travers l'espace virtuel «Ecomedia» a imposé sa logique technique sur tous les contenus et par toutes ses formes. Et parmi les particularités de la littérature numérique, en l’occurrence la littérature interactive, comme un nouveau champ de recherche qui présente la question d’influence et d’impact selon la révolution des NTIC, elle est caractérisée par une sensibilité gustative à la glissade philosophique vers les domaines de la beauté et de l’art. Dans laquelle les tendances varient entre "la mondialisation ou la démocratisation de la présentation" offrent " Marc Jimenez " et le concept de Walter Benjamin "la mort de parfumé AURA" en raison de la mécanisation avec laquelle Benjamin luttait pour son retour, afin de faire revivre "l'extase artistique" ou la "culture sublime" dans sa ville intellectuelle critique "Francfort", c’est ce qui a donné naissance aux sciences de l'art cyber-critique dans lesquelles nous rassemblons toutes ces questions pour présenter un nouveau type numérique nommé "Tweet littérature "dans l'espace virtuel

Mots-clés :littérature de tweet, esthétique numérique, espace virtuel, mondialisation de la présentation, artistique parfumé.

This research paper aims to describe the interdisciplinary problematics between literature and its digital types, between media and its medio logical generations, and between aesthetics and its philosophical challenges. This trio which is taught collectively through the virtual space “Ecomedia”, following its use of technological means, imposed by technical logic on content in all its forms, The digital literature appears and then the interactive literature, as a new research field, presents an issue of influence and impact according to the NTIC revolution, which  Is characterized by taste sensitivity to the Philosophical slide towards the fields of beauty and art, in which the trends varying between the "globalization or democratization of the presentation "offer “of art" that is mentioned by "Marc Jimenez" and Walter Benjamin’s concept "the death of fragrant"  Because of the mechanization that Benjamin was struggling for its return, to revive the "artistic ecstasy" or the “sublime culture” in his critical intellectual hometown “Frankfurt”, which gave the rise to  the cyber-critical art sciences , in which we collect all these issues to present a digital new type named by "Twit literature"  in  the virtual space.

Keywords: Tweet literature, digital literature, digital aesthetics, virtual space, globalization of presentation, artistic fragrant.

Quelques mots à propos de :  مريم ضربان

، كلية علوم الإعلام والاتصال جامعة الجزائر03، meridora.space@yahoo.com
  • مقدمة

     لا يمكن التعمق في أطروحات "بنيامين فلترWalter Benjamin" منذ مقاله الموسوم بـ "العمل الفني في عصر الاستنساخ الممكنن" المنشور سنة 1936م، وصراعه الفكري لعودة "الـ أووراAURA"أو الهالة الفنية التي يدافع عن انتشارها "مارك جيمينيز" رائد الجمالية المعاصرة، من خلال دمقرطة العرض للانتفاع الجمالي في حال صعوبة الحصول على الأصل من أي نوع فني كان، دون المرور بالمدرسة النقدية لفرانكفورت التي أولت اهتماما مع "هاربرت ماركيوز Herbert Marcuseبالصناعة الثقافية من خلال "براديغم العقلانية الإنتاجية"، التي اهتمت بتسطيح الفن من خلال قولبة الثقافة وجعلها خاضعة لمنطق العرض والطلب، دونما اهتمام بالمضمون وقيميته الرمزية، الفضاء الافتراضي، بدوره، وما سمح به من عمومية تشاركية للأذواق والأفكار، فكريا أو نشريا بلا رقابة أو عوائق مادية في ظل الاحتكار الورقي الممارس في وقت ميدياتيكي سابق لأسماء أدبية ثقيلة، سرع بوجود أنماط أدبية وليدة التقنية على غرار أدب التغريدة القصيرة" في فضاء "تويتر"Twitterالاجتماعي، والطويلة منها في موقع فايسبوك  Facebookإضافة إلى فن التدوينة التي نالت من اسم الموقع تسميات الاستخدام، النشر الالكتروني بدوره وفي بعده القانوني من خلال الملكية الفكرية للأديب وتعرضه للسرقة قانونيا، أفسد أصالة المصدر وهو الملاحظ اليوم في الصفحات الافتراضية، عند استغلال أسماء أدباء كبار، بأن تنسب إليهم عبارات ومقولات لتنال صدى الإعجاب والمشاركة في الفضاء الافتراضي كما الأمر عند دوستويفكسي وكافكا..الخ، كأحد تأثيرات "الثمالة الاتصالية" والحضور المفرط للمجتمعات الافتراضية، بالمقابل اشتهرت أسماء مغمورة، انتقلت من هذا العالم الافتراضي إلى الورقي مثل المغرد الرقمي/الكاتب الروائي ورقيا "راكان العنزي"*، "يوسف المردان" "رؤى الماوردي"، و"رزان العتيبي" وغيرهم، بنجاح اللازمة الرقمية الممنهلة **، و"بالوسم""Hashtag، ومنه نطرح الإشكالية البحثية الآتية :

  • كيف ساهم "أدب التغريدة الرقمي" من خلال توليفة الطرح الفكري المتناقض بين موت "العبق الفني" و"دمقرطة الفن" في إنتاج رهانات اسطيقية رقمية في الفضاء الافتراضي؟

ومنه نطرح التساؤلات الآتية:

  • ما هي الأسس الفلسفية الاستطيقية لصراع عبق الفن ودمقرطته؟
  • بماذا يحاجج التيار النافي للتقنية معارضة الموروث الرقمي؟
  • ما مفهوم الأدب الرقمي والتفاعلي و"أدب التغريدة" في بعده الاستعاري؟
  • ما هي الرهانات القانونية للنشر الالكتروني؟

-- وتتجلى محاور هذه المقالة العلمية في توصيف خلفية البراديغم النقدي وأطروحة الصناعة الثقافية، ثم الاهتمام بالتيار الوضعاني الجديد لصناعة المعنى، ومنه تجلي الأدب الرقمي والتفاعلي بمفهومه وأنواعه ومن ثم التعريف بـ "أدب التغريدة" في ظل العبق الفني والدمقرطة الفنية" بتياراتها وحججها، وأخيرا سوسيو-تقانية الفضاء الافتراضي بين النشر الالكتروني والرهان القانوني.

  • خلفية البراديغم النقدي وأطروحة الصناعة الثقافية

 إن النقلة الفلسفية النقدية التي أحدثتها أطروحات مدرسة فرانكفورت بألمانيا في الحقل الإعلامي من منظور ثقافي، مكنت من التأصيل للصناعات الثقافية كسمة - مورفولوجية-  لمجتمع الحداثة وثقافة "المابعد" باعتبار "الثقافة المصنعة" رأسمال المجتمع الجماهيري – الأداتي - وثروة الثقافة الجماهيرية فيه، حيث تنسب الأطروحات الفكرية لهذا البراديغم إلى كل من هاربرت ماكيوز و"ماكس هوركايمرMax Horkheimer، بما أصبغا على المدرسة من طابع فلسفي وخلفية ابستيمولوجية لنقد "مجتمع التشيؤ" وما تلاهما منالوضعانيين- الجدد، وإذا كانت هذه المدرسة قد تناولت الصناعة الثقافية من شقها الفلسفي الجدلي الماركسي- الهيجلي - في كسر الاحتكار الرأسمالي القائم على تنميط الثقافة، كمساس بحمولتها الرمزية في تكوين عضوية الهوية بشكل عام والهوية الثقافية والفنية بشكل خاص من منظور الخصوصية الثقافية، فإن الدراسات الإعلامية قد تناولت الصناعات الثقافية من بعدها الرافض لعولمة الثقافة بمداها الوظيفي، أما البعد المحتفي منها فيركز على شقها الإبداعي في التأسيس لعلم الإعلام الثقافي ومنه الاهتمام بالصناعات الثقافية في شكلها الجمعي، كتخصص بحثي قائم بذاته تعمل الوسائط الإعلامية فيه على استمرارية الثقافة والتعريف بها والحفاظ عليها كإرث إنساني يجب الدفاع على توازنه، خاصة في ظل الاغتراب الهوياتي والثقافي الذي سيطرت عليه بعض المنظومات التجارية الغربية، وكذا الفضاءات الافتراضية العمومية إلى جانب الوسائل الإعلامية الكلاسيكية، كل وسيلة حسب مالكها، وخصوصيتهاالميديولوجية حسب "ريجيس دوبري" Régis Debray، في محاولة علمية وعملية منه لتنويع المحتوى الثقافي خدمة للتراث المادي واللامادي للثقافة.

  مدرسة فرانكفورت، أو معهد الدراسات الاجتماعية الذي بدأ أطروحاته في ألمانيا خلال 1923م، انتقل عقب صعود هتلر إلى الحكم نحو أمريكا ليعود أدراجه مرة أخرى عقب نهاية الحكم النازي، ناقشت هذه المدرسة على إثر الشتات diaspora، مجالات التقنية والصعود القوي للإيديولوجيا كنسق هيمني، اتخذته المدرسة كمشروع معارضة فكري ونقدي صدا لعواقبهما الثقافية والاجتماعية، ومن هنا لا تصبح الثقافة في عرف المدرسة مستقلة عن حركة التاريخ والمجتمعات، كما لا يعني نقد الثقافة من منظورها تبيان قصورها، بقدر ما هو نقد لكل شيء يتسم بالوضاعة والانحطاط ومن ثم يعتبر مناهضا للثقافة (شابو، 2017، صفحة 49).

إذ يوضح مدخل "مدرسة فرانكفورت" الطبيعة العامة للدور المسيطر والضاغط الذي تلعبه وسائل الاتصال الجماهيرية في انتهاك حرية الأفراد وحرية التعبير، كما أسهمت في تعرية السلطة في المجتمعات الرأسمالية، والكشف عن دورها في طمس الفروق الاجتماعية والثقافية وتزييف وعي الجماهير بآليات القهر الاجتماعي والثقافي، وقد تسعى النظرية النقدية إلى كشف الجوانب الأيديولوجية التي تكمن خلف النظام المؤسسي، كما تسعى إلى الكشف عن الوعي المزيف الذي تقدمه و تروج له وسائل الإعلام في المجتمعات الرأسمالية (كنزاي، 2014، الصفحات 117-118-119).

   صناعة الثقافة كنظام :يميز "هوركايمر" و"ثيودور أدورنو Theodor Adorno" بين الصناعة الثقافية والثقافة الجماهيرية إذ يعتبران أن الصناعة بصحفها وإذاعتها أفلامها ومجلاتها تشكل نظاما un système، يتم العمل فيه بمنطق "تقاني"، فالسوق الجماهيرية تفرض مقولبات ونوعية هابطة ورديئة، ولكن يحدث أنه من فرط التلاعب ومن الحاجة التي تنشأ عن تلك المحتويات يتضافر النظام، ولا أحد يمكنه قول شيء حول البيئة التي تكتسب فيها التقانية كل هذه السلطة على المجتمع (مهنا، 2002، صفحة 174)، ذلك أن آلية قمع الطبيعة بفقدان الشعور الممارس من قبل المؤسسات الإدارية والبيروقراطية والاستهلاكية، يتجسد في توحيد أنماط السلوك وخلق حاجات مادية وروحية زائفة (بومنير، 2010، صفحة 47)، تقضي على قيمة الفرد وهنا يقف عند نفس الفكرة هاربرت تشيلر Harbert I.Shillerبمسمى "المتلاعبون بالعقول".

  إن العقلانية التقانية اليوم هي عقلانية السيطرة، فتراكم المنتجات الثقافية حسب جماليتها والتزامها يخدم النظام الإنتاجي والقياس الكمي الكامل، فالهوية الأساسية المقنعة التي تمارسها الصناعة الثقافية على الأفراد كسيطرة لا تقدم الجديد بل تعيد تقديمه بأشكال مختلفة ولكن متطابقة، وهو التغيير الذي يخفي هيكلا عظميا يجري فيه قليلا التبدل بقدر تبادل الربح نفسه، منذ أن تمكن هذا المفهوم من الهيمنة إلى الثقافة، ففي نظام الصناعة الثقافية تتم تغطية صيرورة حياة العمل من الرواية إلى مشهدتها كفيلم سينمائي إلى آخر مؤثر صوتي، وهنا يتم النظر بعين الريبة إلى أي مخطوط لا يتم تصنيفه في رأس قوائم الكتب الأكثر مبيعا Best Seller، هذا النظام الذي يشترط شكل ودور عملية التلقي "في إطار نموذج التأثير" كما تعبر عنه نسقية الرصاصة السحرية (مهنا، 2002، صفحة 175)، من الصناعة الثقافية في شقها المفرد السلبي، إلى الصناعات الثقافية تأصيلا وتأسيسا لعلم الإعلام الثقافي والاهتمام بالثقافة كإبداع ساهمت بفضله صيغة الجمع في تحسين الصورة السلبية للمصطلح إعلاميا (إريك ميغري، (تر) نصر الدين لعياضي، 2018، صفحة 378).

  • التيار الوضعاني الجديد لصناعة المعنى

 تم الطرح الفلسفي لقضايا الانترنت من خلال التصور القائم على تأثير الانترنت في الرابط الاجتماعي "الرباط" le lien social  أو التأثير في صناعة المعنىla création du sens  في إطار التطور الميديولوجي للوسيلة من الطباعة إلى التلفزيون، وانقسم الخطاب حول الانترنت إلى خطاب ناقد وخطاب محتفي، ويمكن اعتبار التيار النقدي امتدادا لما يسمى بـ"المدرسة النقدية" في علوم الإعلام والاتصال التي دشنتها مدرسة فرانكفورت في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، والتي عملت على نقد وسائل الإعلام الكلاسيكية "صحافة، إذاعة، تلفزيون وسينما، من خلال "الصناعات الثقافيةles industries culturelles وانتصار العقل الأدواتيla raison instrumentale  على العقل الكوني  la raison universelle  والإنسان الأحادي"l’homme unidimensionnel، والوظيفة التنويمية لوسائل الإعلام la fonction dormitive des medias، ولعل التيار الأكثر إدانة لتقنيات الاتصال والذي يوصف بالتيار الذي "يخشى التقنية" technophobeوهو الفرنسي الذي عرف رواده بالوضعانيين les situationnistesالذي يمثلهGuy de Bord  الذي أدان ظاهرة المشهديةle spectacle  وجان بودريار Jean Baudrillard  صاحب الاصطناع والمصطنع le simulacre  من خلال التلفزيون (العلوي، 2006، الصفحات 22-23).

    على صعيد الانترنت يمثل الخطاب الخائف من التقنية الكاتب "بول فيريليو Paul Virilio  - صاحب كتاب cybermonde la politique de pire- الذي يركز على انعكاساتها السلبية على القيم الإنسانية والعلاقات الاجتماعية الداحضة للطرح القائل بتلازمية "التطور التقني والرقي الاجتماعي والإنساني"، وهو الطرح الذي يقف عنده " تيودور أدورنو وفلتر بنيامين Walter Benjamin  في المشكلة الأساسية التي تطرحها العلاقة بين الفن والتكنولوجيا الحديثة في كتاب جدلية العقل سنة 1947مع هوركايمر أيضا، في التأثير السلبي لهذه التكنولوجيات على الأشكال الفنية المختلفة، قائلا أن "الصناعات الثقافية اليوم قد تعاملت مع الأعمال الفنية كما لو كانت شعارات سياسية فارضة عليها أسعارا رخيصة ولجمهور عريض، فالأعمال الفنية بمتناول الجميع تماما كالحدائق العامة" (مفرج، 2009)، في حين يناقضه التيار الإيجابي في السياق ذاته من خلال كل منBill Gates  بيل غايتس "آل غورAl Aore  وبيار ليفيP.Levy، الذين بشروا بمرحلة جديدة لمسار الأنسنة l’hominisation، والتي تتحدث على راديكالية التحولات التي ستحدثها الانترنت مزعزعة قوالب التفكير القديمة من خلال الحقيقة الافتراضية la réalité virtuelle  والذكاء الجماعي  l’intelligence collectiveوالجماعات الافتراضية la communautés virtuelles  والديمقراطية السيبرانية la cyberdémocratie  والثقافة السيبرانية  la cyberculture (العلوي، 2006، الصفحات 24-25)، وهنا تجلى اتصاليا الاهتمام بالثقافة من خلال معهدي "بالو ألتو Palo Altoمن خلال أوركسترا الاتصال الكامل والرمزي، ومنه "التفاعلية الرمزية"، ومدرسة برمنغهامBirmingham school  التي تسمى أيضا بمدرسة الدراسات الثقافية cultural studies school  وهي مدرسة نقدية ظهرت حديثا في برمنغهام تركز على ارتباط الإنتاج الثقافي والإعلامي المعاصر، بمصالح المؤسسات الصناعية والثقافية في البلدان الغربية الرأسمالية ويعد ستيوارت هول Stuart Hallمؤسسها (عزي، 2011، صفحة 37).

وتشهد الفضاءات الافتراضية حالة إشاعة للفوضوية في مجمل النشاطات الاتصالية، وتغليب الثقافة الاستهلاكية والترفيهية عن غيرها من المضامين وتسويقها تحت مظلة حرية التعبير والاتصال، وهي سياسات اتصالية مقصودة تهدف إلى الاسترخاء، والابتعاد عن التفكير المنتج وتشجيع الروح الاستهلاكية، وتنشيط وإثارة الكائنات الاتصالية حسب الغاية التي تريدها الجهات المتحكمة في بيئة الانترنت (عبد العظيم كامل الجميلي، ثناء إسماعيل العاني ، 2016، الصفحات 11-12).

وحديثنا عن البعد الفلسفي للصناعة الثقافية يؤسس لطرح "فلتر بنيامين" بعودة التفرد والأصالة، وعدم الإشاعة بالفن لصالح الكل دونما إبداع يحترم خصوصية الزمان والمكان، لهذا تم توصيف الورقة العلمية بالرهانات الاستطيقية فالرهاناتles enjeux  كما قدمها "برنار مياجBbernard Miège" بصيغة الجمع، كمخرجات تتسم بالديناميكية والأفقية في طرح القضايا المعقدة بمساراتها التي ترتبط بالإعلام والاتصال والوساطة والتفاعل (العلوي، 2006، الصفحات 20-21).

"الفن نقلُ الروح عن طريق المادة"

سلفادور دي مادرياجا

  • الأدب الرقمي، مفهومه وأنواعه " من الأدب الرقمي إلى التفاعلي إلى أدب التغريدة "

   الأدب مرآة المجتمع، توصيف يعبر عن علائقية الأدب ببيئته الاجتماعية، نظمه السياسية، مناخه، ديانته وقوانينه ( فيليب فان تيغيم،(تر) فريد أنطونيوس ، 1983، صفحة 182)، وحتى وسائله، كتفاعل جدلي بين الشبكة والذات أي بين العلاقات الاجتماعية والتجديد التكنولوجي قدمها" مانويل كاستلز Manuel Castellsفي ثنائية "أنماط الإنتاج/أنماط التمنية"، كعملية بناء معنى للهوية المجتمعية (عماد، 2012، الصفحات 94-95)، ومنه الهوية الأدبية، إذ لا يقتصر الأدب والفن على شكل واحد أو أشكال محددة، بل من طبيعتهما الثورية والتجديدية وكسر السائد، فحتى الجدران استخدمها الفنانون لخدمة فنهم بـتمظهر "فن الجداريات/أدب الجدران"، وهكذا يستخدم الفنان،استئناسا، كل ما هو متاح للتعبير عن نفسه وعن الإنسان آماله وآلامه، فالسرد الذي عرفناه في الرواية لم يقتصر عليها وحدها، فشق لنفسه مزيداً من الطرق الأخرى كالأقصوصة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً وهكذا، وحتى الشعر الذي عايشناه بشكله العمودي التقليدي استطاع أن يولد أشكالاً شعرية أخرى، كالتفعيلة، الهايكو وغيرهما. فالأديب والفنان لا يمكن أن يوضع في قفص أو في قالب واحد يقتصر عليه، بل يستخدم كل ما هو متاح له للتعبير عن نفسه (الرمادي، 2018).

هذا الوسيط الرقمي المؤدي "للتقارب والاندماج" كشكل مركب من كل مرصوص يفاجئ القارئ بتوظيف مختلف الوسائط (زيناي، 2017، الصفحات 272-273)، ليخلق بذلك فضاءات/أفضية جديدة تعبر عنها الأدبيات التواصلية بالفضاءات العمومية الافتراضية " Agoras en ligne وفق" المسمى الهابرماسي، حيث عمدت هذه المواقع على تقريب العلاقات البينيةبين الجماعات المختلفة من خلال بث الأفكار المشتركة والتعقيب عليها وتكوين مجموعات شبه متجانسة من خلال صفحات ومجموعات ومنتديات خاصة بها (محمد، 2012، صفحة 09)، وقد عرفت هذه الشبكات مرحلية كرونولوجية تم تقسيمها على النحو الآتي :

  • 1960-1970وهي مرحلة package switchingمع شركة ARPA
  • 1970– 1980استحداث نظامي IP/TPCوظهور منظومة التجميع GROUPS.
  • 1980-1990ظهور الخوادم "سيرفرز" وانتشارها إلى الاستخدام العام بدل العلمي.
  • 1999-2000ظهور خاصية النصوص الفائقة ونشأة مواقع التواصل الاجتماعي (المقدادي، 2013، الصفحات 21-24).

وقبل توصيف أدب التغريدة وخصوصياته يتعين علينا فهم البيئة التفاعلية ومنه الافتراضية لفهم الفرق بين الرقمية والرقمنة كنظام تعريفي "لوغاريتمي" للمنظومة التماثلية أو الميدياتيكية بثنائية (0.1)، وبين الأدب التفاعلي المطور لأنواع أدبية جنيسة رقميا بفضل خاصية التفاعلية والتوليدية، وبين الأدب الافتراضي في بعده الاستعاري والمضاميني لخصوصية الفضاء وهوياته المتشظية.

أولا: الأدب الرقمي

وهو الأدب الذي يقدم على شاشة الحاسوب، التي تعتمد الصيغة الرقمية الثنائية (0.1) في التعامل مع النصوص أيا كانت طبيعتها، أي أنه ذو طابع "خوارزمي" كنسق رياضي منطقي يتعامل بنظام رقمي مرقمن، فلو غيرنا ببرنامج معين تراتبية الأعداد لنص معين، لتغير كليا من حيث انتظام الحروف والكلمات والجمل (زيناي، 2017، صفحة 269)، وهو ما يحلينا لفهم منظومة النشر الالكتروني أو النشر الرقميElectronic Publishing  كاستخدام لتقنيات الحاسوب في تحويل المحتوى المنشور بطريقة تقليدية إلى محتوى منشور بطريقة الكترونية شاملا بذلك الرقمنة والنشر (بسو، 2014، صفحة 07)، والاختزان الرقمي للمعلومات مع تطويعها وبثها وتوصيلها وعرضها الكترونيا أو رقميا عبر شبكات الاتصال، كما أنه عملية إصدار عمل مكتوب بالوسائل الالكترونية وخاصة الحاسب سواء مباشرة أو من خلال شبكات الاتصال.

وللنشر الالكتروني أنواع يقسمها الدكتور عبد اللطيف صوفي إلى نوعين رئيسيين هما:

  1. النشر الالكتروني الموازي: وفيه يكون النشر الالكتروني مأخوذا عن النصوص المطبوعة والمنشورة وموازيا لها،أي انه ينتج نقلا عنها ويوجد إلى جانبها.
  2. النشر الالكتروني الخالص:وفيه لا يكون النشر عن نصوص مطبوعة، بل يكون الكترونيا صرفا، ولا يوجد إلا بالشكل الالكتروني، ومن حيث البث يمكن تقسيم هذا الأخير إلى قسمين هما:
  3. النشر الالكتروني على الخط on ligne
  4. النشر الالكتروني خارج الخط off line  (رزيقة، 2016، صفحة 170)

من هذه التوليفة الرقمية ظهرت رهانات استفادة الوسيط الرقمي من خصوصية الانترنت على غرار "التوليدية، التفاعلية واللاتزامنية"، هذه الثلاثية التي أحالت الأدب الرقمي من شكله التقاني إلى عنصر التفاعل والاستزادة لتجلي الأدب التفاعلي الذي لا يتحقق إلا بالتداول الفني بين القارئ الرقمي والمؤلف الرقمي في البيئة الرقمية، وهي التسمية التي تظل محل تضارب في المجال الأدبي بين الأدب الرقمي والتفاعلي والوسائطي، في حين أن علوم الإعلام والاتصال تفرق بين التفاعلية كبراديغمات مفعلة للتلقي بدل التأثير، وبين الرقمية كأنظمة مطورة للتماثليات والميدياتيكات التقليدية "من الكهربائية/المغناطيسية إلى الثنائية الرقمية"، وبين الواقعي والافتراضي كعوالم وأزمنة وأمكنة متداخلة وصفها "مارك أوجيه" Marc Augé بـ"أنثروبولوجيا الحداثة المفرطة "اللأمكنة"/non-lieux NON-PLACES.

ولأن سهولة البحث واستخدام الوسائط المتعددة والتعرف على معاني الكلمات والمصطلحات "بالإحالات الرقمية"، وتوفير الحيز المكاني مقابل الورق، تعد مزايا لهذا النشر، إضافة إلى النشر الذاتي بحيث يستطيع المؤلف نشر عمله على موقعه الخاص دونما التعامل مع دور النشر (رزيقة، 2016، صفحة 170)، من خلال ولادة المصنفات الرقميةكمصنفات إبداعية عقلية تنتمي إلى بيئة تقنية المعلومات،وتشمل:  برامج الحاسوب - برنامج المصدر - برنامج الآلة: - الخوارزميات  والإبداعات، التي صادف ظهورها إشكالية حقوق الملكية الفكرية بسرقة الإبداع والتخريب من طرف القراصنة الالكترونيينHACKER’S  المتسللين إلى الحسابات والحواسيب (عطوي، 2018، صفحة 61)، ولكن بعض الأدبيات اللغوية الميديولوجية ترى بأن الأدب نوع قائم بذاته ينهل من خصوصية التفاعل بمروره بمراحل ثلاث وهي:

  • الوسيط اللغوي: التوظيف اللغوي للمواهب الإنسانية.
  • الوسيط الطباعي: النسق الحرفي الخطي.
  • الوسيط الصوتي: إرفاق اللغوي بالموسيقى والأغاني (حميميد، 2018)في إطار الميديولوجيا ونسقها الفني (يقطين، 2005).

فالحديث عن العلاقة الارتباطية بين الانترنت كوسيط رقمي والثقافة بمكوناتها الفنية والأدبية، حول الظاهرة الثقافية من هامشية إلى مجال للإنتاج الثقافي من حيث:

  • تغيير قواعد إنتاج واستهلاك المواد الثقافية والفنية والأدبية: إذ لم يعد الكاتب أو الأديب مضطرا للتعامل مع دور النشر، في وقت يمنحه المجال "التدويني" فرصة لكتابة ما يريد، ونتج عن هذا النشر المتعدد ظاهرة "تخصيص استهلاك المحتوى الثقافي" في ترتيب للمضامين الثقافية المسموعة والمرئية في الوقت الذي يريد.
  • التراث الثقافي الافتراضي:"المتاحف والمكتبات الافتراضية والكتاب الدينامي، التي غيرت المعطى الزمني والمكاني.
  • مسار الدورة الثقافية: وهي المراحل التي يقطعها المنتج الثقافي من حالة الإبداع التي تسبق عملية الإنتاج ثم النشر والاستقبال والاستهلاك، إلى المشاركة ثم الإبداع والتحيين (مراد، 2015، الصفحات 20-21).

ثانيا الأدب التفاعلي وخصوصيته

  هو أدب يوظف معطيات التكنولوجيا الحديثة خاصة نظام النص المتفرعhypertext   في تقديم جنس أدبي جديد يجمع بين الأدبية والالكترونية عبر الوسيط الالكتروني، بما يكسب المتلقي صفة التفاعلية، من خلال الاستزادة أو التعديل على صعيد المساحة، في التفاعل مع النص الأصلي ويشمل:

  • القصيدة التفاعلية ب- المسرحية التفاعلية ج- الرواية التفاعلية

ومنصفات الأدب التفاعلي أنه يتسم بخصوصية نذكرها:

  •   نص مفتوح بلا حدود "زمكانية ".
  •  يمنح فرصة للإحساس بالتملك لدى المتلقي.
  •  التشارك في الإبداع بحق الإضافة.
  •  حق البدايات والنهايات المفتوحة (الباتول، 2014، الصفحات 50-51).

وعليه يتحقق الأدب الرقمي بأن يحافظ النص على سماته الورقية، ولكنه يصبح قابلا لمتطلبات الشاشة والانتقال بين صفحاتها، في حين أن الأدب التفاعلي يستند إلى لغة التعبير الجمالي، وبهذه الصفة تسقط عليه مجمل الخطابات الأدبية التي يسير في نطاقها، وإلى جانب اللغة يحتاج إلى العلامات غير اللغوية من صورة وصوت وحركة وترابط نصي (الباتول، 2014، صفحة 54)، وعليه فإن شرط الأدب "الرقمي- التفاعلي" مرتهن بالمساحة التي يتركها الكاتب الذي أصبح مبدعا يتقن التأليف والتوليف بين عنصري الكتابة والمؤثرات الصوتية والمرئية، مفسحا المجال أمام قرائه للانخراط والمشاركة في إنتاج النص ومن ثم قراءته فيصبح بحق نصا أدبيا مفتوحا للبناء والتأويل (دحو، 2017، صفحة 111)، وتدخل آليات التفاعل بين المتلقي ومؤلف النص الفني أو الإبداعي في ابستيمية "الدال"، باعتباره التنظيم الخاص الذي يتخده الوسيط الحسي medium ***إزاء ذلك العمل المثير في المتلقي(الذي يتمتع بالحساسية الفنية ويتخذ الموقف الإستطيقي) تاركا  انفعالا إستطيقيا aesthetic emotion (مصطفى، 2018، الصفحات 70-71).

فمن الحديث عن التشعب النصي hyper –text  الذي يسمح بالانتقال من موضوع إلى آخر بأي نوع من العلاقات سواء كانت لغوية أو سياقية، إلى ما يحيله من غابة كثيفة من النصوص تخرج من النمط السردي الخطي المتلاحق للنصوص المطبوعة، وهو تداعي لعمل الذاكرة البشرية ذات القدرة الهائلة على التشعب والانتقال والتفرع السريع من مفهوم إلى آخر، إلى التشعب الوسائطيhyper –media كتجاوز للعلاقات داخل النص وتشعب بين الوسائط يحيل إلى وسيط آخر في شكل صورة رسومات، فيديو ، أشكال ، موسيقى وهنا تطرح قضايا من قبيل العلاقة بين أنساق الرموز الموظفة للغة الموسيقى والسينما وغيرها في أن واحد (عماد، 2012، الصفحات 71-72).

ثالثا: أدب التغريدة، نوع رقمي وخصائص تفاعلية: 

موقع " تويتر twitter" الاجتماعي الذي ظهر كمشروع تطوير بحثي أجرته شركة Obviousالأمريكية في مدينة سان فرانسيسكو سنة 2004م (المقدادي، 2013، صفحة 38)، من خصوصية هذا الفضاء الافتراضي الاجتماعي أن التغريدة "التوترة" كما يسميها المجلس الأعلى للغة العربية، أنها تكتب في حدود 140حرف مسبوقة برمز@ ، ويرفق عادة بـ رمز # هاشتاغ، بحيث تكسب هذه الصفة النص آلية تجميع متابعين في رصد كل ما كتب مرفقا به، إذ تتسم النصوص بالتشابه فيما يتعلق بخصائص النص (عماد، 2012، الصفحات 75-76) trends/ingأي منطق التداول الإحصائي للتغريدة.

فمع ظهور أجهزة الهاتف المحمولة ظهر ما اصطُلح على تسميته "أدب الرسائل القصير SMS"، ودرسها عدد من النقَّاد على أنها شكل أدبي جديد له طريقته الخاصة في التعبير، والآن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة يستطيع الراصد للتعبير الأدبي والفني أن يدرسها كأدب وسائل التواصل الاجتماعي، في «تويتر» بظهور «أدب التغريدة»، كجنس جنس أدبي جديد يجمع بين الأدبية والالكترونية، فرغم المساحة الصغيرة نسبياً التي يخصصها «تويتر» للمغرد إلا أنها لم تمنع الأديب والفنان من التعبير عن نفسه، فخطَّت كثيرٌ من المعرفات خطَّها الأدبي الخاص في ذلك ولقوا إعجاباً ومتابعة كبيرة، فرأينا الشذرات الفلسفية والومضات الساخرة والعبارات الصغيرة في حجمها الكبيرة في معناها، والجمل الشعرية المكثفة-المعززة- الجديرة فعلاً بإلقاء مزيد من الضوء عليها ودراستها كأسلوب أدبي جديد ومختلف، فعلاوة على «التغريدات» الخاصة لبعض المعرفات هناك أيضاً عديد من «الهاشتاقات» "الوسوم" التي وضعت أصلاً لهذا الغرض وشهدت مساهمات واسعة (الرمادي، 2018)، هذا النوع الذي تطورت معه المنظومة الحقوقية بدورها من خلال حماية "حق المغرد" وإبداعه في دول الخليج العربي تحت مسمى الحق الأدبي للمغرد كحق دائم وغير مؤقت، بحيث له الحق في إبداع تغريدته وحذفها وتعديلها باسمه أو باسم مستعار (ثابت طارق، 2018، صفحة 148).

وللنص التغريدي أنماط سياقية وتواصلية يمكن تلخيصها في النقاط التالية :

  • أنماط تقنية:تفرضها طبيعة البيئة الرقمية وما تمنحها من خصائص تختلف عن بقية الفضاءات/الأفضية المشكلة للمجتمعات الافتراضية وهوياتها ومواطنيها "الفايسبوكيين، المغردين، المدونين، اليوتيوبيين)، ولا خيار في عملية توسيع النص إلا بالوسائط الميدياتيكية كما الأمر بترابطية موقعsound cloudبتويتر، والصور المعدودة في أربعة فقط بمقابل ثلاثين 30صورة في فايسبوك.
  • أنماط وظيفية:تتجلى في نقطة الارتكاز في تصنيف النصوص، وتترواح بين وظيفة (التعبير عن الذات) وظيفة (الاتصال) وظيفة (التوجيه)، وقد تجمع بين تعددية الوظائف.
  • الأنماط السياقية: التي تحيط نص التغريدة فهي تحتوي على سياقات لا يجب أن تتجاوز عناصر التنميط، فقد تحتوي على أنواع الأطر التفاعلية ويندرج ضمنها (النشاط المحسوس،العملي، النشاط العقلي– النظري)، كما تحتوي على النشاطات الاجتماعية التي تجعلها تتوصف ببيئة التواصل الاجتماعي (الفارسي، 2019).
  • الأنماط الإجرائية: أي نص التغريدة وتفسيره الذي يتطلب الإيجاز وتحديد الهدف بحكم عدم التحكم في توسيع النص تقنيا، حسب تويتر، والإجراء الموضوعي الذي يتطلب إما تماثلا أو عدم تماثل بين المغرد والمعلق فكريا وفنيا وزمنيا، والإجراء الاستراتيجي المحدد في ثلاثية الإجراء (الوصفي – الروائي – الجدلي)، على أن التغريدة لا تدخل دائما في النوع الروائي الذي تتسم بالطول الأفقي للنصوص (الفارسي، 2019، صفحة 31)
  • مزايا الأدب التفاعلي وأدب التغريدة: تتسم النصوص الأدبية التفاعلية ومنه أدب التغريدة بحكم خصوصيته التقنية بالمزايا الأدبية التالية:
  • الإيجاز الشذري:اعتماد الإيجاز بسبب سرعة العرض وكثرة المتاحات والتنافس الذي يفضي إلى التقليص من زمن البوح والاكتفاء بالجملة الخاطفة أو الصورة اللامحة.
  • الامتداد الزمني:أي إنتاج زمن إبداعي غير منقطع من خلال الكتابة المستمرة والدائمة للنصوص، وكذا الشمولية أي شمولية الهدف والاهتمام المضاميني.
  • التشتت الإبداعي:أي حصر الذات المبدعة والمتلقية في عالم دائم التحول حيث تتشتت اعتباراتها وتفقد الثقة واليقين في مكان محدد بعد أن تشعر بأن راهنها مجرد حالة عابرة أو مؤقتة قابلة للتغيير في كل لحظة، وهذا يتسبب في عدم نضج التجارب الأدبية والنماذج المختلفة إذ لا تجد كل تجربة الوقت الكافي لتنضج أدبيا (هاشمي، 2014، صفحة 89).
  • المنهلة الفائقة:الاعتماد على البعد الاستعاري باستخدام المتعالقات النصية صورة أو رابط أو فيديو، والاستعارة من بيئة الافتراض لتكوين الهوية الأدبية للتغريدة.
  • الارتكاز على قيم ضبابية غير واضحة من أجل إغراق الذائقة العامة بالدهشة التي يثيرها اللاتحديد، والانتقال من واقع إشكالي لآخر وإثارة الفضول، وفوضى الهدف والواقع اللإشكالي غير المتعين، الأمر الذي أدى إلى زعزعة معايير النقد ومنه فقدان الأمن الهوياتي والرمزي والأدبي الذي تخلفه الهويات الثقافية الثابتة (هاشمي، 2014، صفحة 86)، وهو القلق الوجودي المسمى بـ"شيوع القلق" بعد شيوع الحاجة بسبب الهوية المتغيرة للطبيعة الذاتية – أحدى أطروحات أنطوني جيدنر A.Giddensالتي تستدعي باستمرار بناء ومراجعة الهويات للتماشي والراهن، وإيجاد أدوار جديدة بالتشكل الذاتي الفردي المؤدية بدورها إلى تأزم الذات وانعدام الأمن الشخصي/الوجودي للذوات (عماد، 2012، الصفحات 28-29)، يصفها زيجمونت باومان Zygmunt Bauman بالسيولة liquidity.
  • الوظيفة الترابطيةللتفاعل تحتاج إلى الوصلات التي تكون باللون الأزرق، وهو ما يمكن اعتباره عتبات موازية للنص الأصلي (بولقندول، 2017، صفحة 275)
  • التجميع الآلي: "الهشتقة" hashtag"الوسوم" أو التجميع الشخصي من المؤلف لبعض الكلمات لتسهيل البحث والعودة والتجميع gatheringعلى عكس المنهلة وهي تجميع في المواقع من صناع الخوادم"بسبب عقود المحركات مع غوغل google".

رابعا: الخصوصية المضامينية لأدب التغريدة " تشظي الهويات الافتراضية واغتراب المعنى "

في قراءة أخرى لطبيعة هذا التواجد الاجتماعي، تولي دراسات الإعلام عبر الوسائط الحديثة أهمية لظاهرة التزاوج بين تكنولوجيات الاتصالالحديثة وتطبيقات شبكة الانترنيت، فيما بات يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي الذي أضافت بعدا ثقافيا واجتماعياوسياسيا للتكنولوجية الحديثة، وخلقت مجتمعات افتراضية، غير تلك المتعارف عليها لدى علماء الاجتماع وهي نتاج "التعقيد التقني" الذي تشهده المجتمعات الحالية،ومن بين التعريفات المميزة تلك التي وضعها المفكر العربي"  عابدالجابري " حين قال: " هذا العالم الجديد، عالم الإنترنت يضم جميع أنشطة عالمنا الواقعي المعتاد، أو في إمكانه أنيضمها جميعها ويضم أشياء جديدة أخرى، فقط، مع هذا الفارق، وهو أن جميع أشيائه وأنشطته تسمى بأسماء يسبقهاأحد المقطعين cyber   سيبر و  " tele"تيلي ، الأول يدل على التحكم، والثاني معناه عنبعد (حمزة، 2015، صفحة 226).

    أما هوية الأشياء التي يحتويها والأنشطة التي تتم فيه فتتحدد بالوصف الاعتباري   Virtue، بمعنى أن الاتصال فيه يتم عن بعد وعبر رموز وقد أعادت مواقع التواصل الاجتماعي "صياغة علاقة المحلي بالكوني وعلاقة الإنسان بالتقنية وعلاقة التكنولوجيابالأفكار أو الواقع أو ما يسميه الفيلسوف الفرنسي "ريجيس دوبريه" بالتداخل بين عالمين يبدوان متناقضين في العلومالإنسانية، عالم التنظيمات التي لها مظهر مادي ملموس ومحسوس مثل العائلة والعشيرة والقبيلة والمدرسة والمؤسسة وعالم المادة المنظمة مثل وسائل إعلام والانترنيت بشكل خاص (حمزة، 2015، صفحة 227).

إن الاستخدام المفرط لوسائل الاتصال الجديدة – في هذه المرحلة التي عرفت ميلادالهوية الافتراضية والاغتراب الافتراضي - التي تعاظم دورها واستخدامها في المجتمعات المعاصرة، مختلقة آثارا نفس-اجتماعية وثقافية منها الإدمان الاتصالي الذي يسميه فيليب بروتون Philippe Bretonبالثمالة الاتصالية "l’ivresse de communication، والغرق في العالم الافتراضي virtual societies  بغية تشكيل هويات افتراضية "fluidity of identity، عائمة وشفافة لمرتاديه، والتي أفضت إلى خلق تلاعب في مفهوم الهوية من خلال إخفائها واللعب بالأدوار identity playفي منتديات الدردشة والحوار، مواقع التواصل الاجتماعي من أجل معرفة  الآخر وأنثروبولوجيته ومواضيعه (بعزيز، 2012، صفحة 86)، وصلت حد تشظي الأنا إلى أنا آخر، تصفه هنا إلزا غودار  Elsa Godartبتحولات الأنا الافتراضي.

وهي الهويات التي تتجلى في أسلوبية التغريدة إذ يقول "علي حرب" في كتاب "تواطؤ الأضداد" الآن فيما نتعدى الحداثة بعناوينها ونماذجها نحو طفرات وموجات جديدة بمسميات ما بعد الحداثة وما فوق الحداثة والحداثة الفائقة، تنخرط المجتمعات البشرية في واقع كوني مختلف، من حيث زمنه المتسارع ومعطياته السيالة وحدوده المائعة وهوياته المتغيرة، الأمر الذي يحدث الإرباك والتصدع لجهة العلاقة بالأصول الثابتة والقيم الراسخة، إلى ثنائيات جديدة من قبيل الكوني والمحلي الواقعي والافتراضي الأحادية والشراكة، وبينما يرى "المسيري عبد الوهاب" أن هناك حداثة ما بعد لغوية ونصوصية ترى في اللغة وسيلة لإنتاج الحقيقة بدل معرفتها، إذ فرضت اللغة في النشر الالكتروني انتقالا من إنتاج للحقيقة قائم على آليات خطابية إلى أداة قمعية بفرض عوالم متحررة من المعيارية وقيود الرقابة ومن واقع تحكمه الأحادية القمعية إلى واقع تحت رحمة التعددية القمعية المفضية إلى التشتت والفوضى والتشظي (هاشمي، 2014، الصفحات 80-81).

هذا التواجد المفرط في الفضاءات الافتراضية والميدياتيكية وتسارع التبادل، تعدد الأمكنة، الرقمنة وتداخل الفواعل الاتصالية أدى إلى تحولات عميقة في مفهوم الرباط الاجتماعي وتحولات الروابط transformationsdes liens  (Serge. Proulx, Annabelle. Klein, dir , 2012, pp. 05-06)، فهل الفرد المشبك فعلا يتواصل، وهنا نصل إلى منطق اجتماعي موسوم بالافتراضية الواقعيةVirtual reality كفضاء للتدفقات space of flowsفي حين أنهم يعيشون في العالم الواقعي، أي فضاء الأمكنة المسكونة بالفعل، وهكذا ينشأ نوع من الشيزوفرنيا البنيوية stuctural schizophrenia  حيث يتصادم منطقان مكانيان وزمانيان، ويفقد الناس إحساسهم بذواتهم ويحالون استعادتها من خلال صياغة نماذج جديدة  (عماد، 2012، صفحة 98). 

الاستعارة والهوية الافتراضية :إن أسماء وعناوين المدونات العربية ومواقع تويتر وعناوين الدواوين والقصص الرقمية والتغريدات ليست غريبة عن الفضاء الذي تنشط فيه، فقليلا ما يعثر المتصفح عن مدونة تحيل لاسم صاحبها خاصة عند الفتيات، أذ يعود الأمر لعوامل ثقافية وعادات وتقاليد البيئة، فالسواد الأعظم منهن يطرحن حالة يعشنها بكلمتين من مثل " ظلال الموت، أحلامي المبعثرة " هذا الاستعمال المخفي لأسماء مستعارة يمنح المدونين حرية للنشر أكثر (صلاح عبد الحميد، يمنى عاطف، 2015، صفحة 85)، كما أن معاناتهم ناجمة عن آلام تقانية منها عدم الرد VUوالأيقونة الخضراء والصفراء والتجاهل الافتراضي وعدم الرؤية في ظل مرض التعقب والأثر الذي تفرضه "القصة" story والحق في الرؤية، والغياب عن الحاضرة الرقمية الذي أدخل أسلوب التغريدة في حقل سوسيولوجيا التواصل.

إن تمدد الجسد والحواس من خلال التكنولوجيا حسب الطرح الماكلوهاني، مما غير من سوسيولوجيا الحضور الافتراضي عبر الاندماج في التواصل مع أناس في أمكنة بعيدة مغيرا بذلك الوضع الذي نتساءل فيه عن الحدود التي يجب أن ترسم لأنفسنا، وفيما يفترض أن المكان الشخصي حولنا هو مكان خاص، والأمكنة الأخرى هي أمكنة عامة، حيث غيرت إيديولوجيا التواصل مفهوم الخصوصية الذي يلغى بمجرد الاتصال، هذه الايدولوجيا تجعلنا نتطبع مع فكرة أنه كي يكون الناس جزءا من المجتمع عليهم أن يكونوا متصلين "أون لين" (جوناثان بينغل( تر)محمد شيا، 2011، الصفحات 267-268).

لو أني أحببتك في زمن تويتر

لأصبح النسيان قضية ناجحة

 فالحب على صفحات تويتر يبدأ بتغريدة وينتهي بتغريدة

فطقوس الحب في زمن التكنولوجيا باردة جدا

الرسائل باردة

الأحلام باردة

الوعود باردة

اللقاءات باردة

وكل هذا ينتهي بضغطة زر واحدة

الكاتبة شهرزاد الخليج.

من التغريدة إلى الكتاب:هنا يتجلى مثال المغرد راكان العنزي، قبل أن تصنف في شكل رواية تحمل عنوان "11 :59PMإلا دقيقة بتوقيت القلب"، في شكل لازمة تعاد دائما "وأنا يا صديقي، دعنا نفترق وغيرها، وقد تبنت دور عديدة تغريداته في شكل رواية تحترم ذات الأسلوب- كدار ميلاد- مما أفسد أصالة الخطية/العمودية بمقدمتها وعرضها وخاتمتها أو السردية التي تعود عليها القارئ الورقي، بنقل حمولة فضاء يتسم بالتسارع accélération الذي قد يتقبل القارئ الرقمي فيه أسلوب السطر في حين أنه ينفصل كليا –برفض شعوري- في إيجاده ورقيا، وهو صنيع المخيال البصري للأفضية.

لكنّنا كنّا أصدقاء.. والأصدقاء _ دائمًا _ لا يجدون الكثير من الصعوبة في صناعة الأحاديث والحكايات.. والطرائف.. لذا نحن لم نعد صديقين جيدين.. ولا حتى صديقين فقط.. منذ اللحظة التي فقدنا فيها القدرة على صناعة الحديث.. منذ اللحظة التي صارت أحاديثنا إجابات على مقاس الأسئلة فقط.

وأنا يا صديقي | يوجعني أنك لم تتمسّك بي كما يجب.. ولم تفلتني كما يجب.. لا أنت الذي خرجت من قلبي.. ولا أنا الذي أستوعب أنك رحلت

راكان العنزي

  • الشكل الأول – تغريدات راكن العنزي في حسابه وكتابه المنشور ورقيا

01.png

 
  • الشكل الثاني والثالث  -  واجهة كتاب إلا دقيقة بتوقيت القلب في شكل pdf وورقيا

 

02.png

03.png

 

الشكل الرابع – حساب المغرد راكان العنزي وتغريداته

 

04.png

 

فهل يمكن قراءة التغريدة كاغتراب تقاني مات فيه سحر الشعور ؟أم أنه تعبير شعوري عن المكان الثالث the third space؟  إن الوعي بالاغترابوالقدرة على احتمال العزلة، يجعل الإنسان لا يعي اغترابه إلا إذا انفصل عن الحشد، وإذا تخلص من كل الروابط التي من شأنها أن تفقده الوعي بذاته (حماد، 1995، صفحة 128)، ولا يمكن فهم الاغتراب الفني بمعزل عن الاغتراب القيميaliénation morale، إذ تشكل أطروحات مارشال ماكلوهان Marshall McLuhanتحليلا لواقع يحكمه التغير التكنولوجي المتسارع وظهور وسائل الاتصال ورسائلها التي تحمل معايير ثقافية تستجيب للبيئات التي أنتجت فيها، تتجسد إحدى ملامحه فيما وصفه  عزي عبد الرحمن بالمكان الرمزي وتفكك العلاقة القيمية مع الأرض بالمنطقة العربية، حيث تتحول الأرض إلى مكان معياري تغيب فيه عناصر التفاعل الحضاري والثقافي والقداسة والتاريخ بفعل تغييب قيم الانتساب والفائدة من الأرض لصالح تسويق أمكنة رومانسية تمثل مجال جذب مقارنة بالمكان المحلي (عطاله، 2016، صفحة 92).

 ومنه يتولد لدى المتفاعل خاصة تكوين المخيال imaginaireكقيم تكونها أنماط الصور المكانية التي تكون خارج دائرة الواقع المعاش للفرد، فتدخل عليه مكانا رمزيا متباعدا ومألوفا مع تزيد الارتباط بهذه الوسائل، ويؤدي الإفراط في استخدامها إلى اغتراب عن المكان الحقيقي والتعلق بهذا الفضاء الذي تغيب فيه الخصوصية المكانية مبتعدا عن التصور الفيزيقي للمكان إلى تصور رمزي له (عطاله، 2016، صفحة 95)، على اعتبار أن الواقع غير مفصول عن التمثلات الرمزية المرتبطة به،وأن التفاعل في إطار شبكات التواصل الاجتماعي يقوم على إنتاج واستهلاك الإشارات والرموز في إطاررمزي جديد يجري فيه تدفق سريع للمعلومات والرسائل، وينبثق في إطاره " الواقع" "الواقع الافتراضي"، ويتمّ خلاله تعريفالتجربة الاجتماعية الخاصة بالأفراد والجماعات من جديد (كنيش، 2018، صفحة 06).

وعليه طرحت الحمولة المفاهيمية للهوية المغتربة إشكالية الاغتراب الفني وربطها بمتغير الجماليات أو الفن الرقمي والذي بدوره يعرف رهانات بين تيارات تختلف في تقبل الهوية الرقمية للأدب من رفضها، فالاستطيقا بهذا المعنى هي دوما التفكير حول التجربة الفنية، تفكير الظواهر الجمالية التي تكون من نتائجها أولوية الموضوع، منطقة الإنتاج، ضمن الأعمال الفنية بالذات (حمادي، 2011، صفحة 139)، ومن الحديث عن الاغتراب الرمزي يحلينا الأمر إلى الفن الذي يجعل الفرد يتماهى رقميا مع واقع لا يعنيه، أو فيما تعنيه الأدبيات الاتصالية وسوسيولوجيا التواصل بـ "الموت الرمزي للهويات" في إطار الهويات الفاعلة التي تحدثت عنها فاني جورج"Fanny Georgesفاني جورج " (Georges، 2008، صفحة 01)، كل هذا أدى إلى موت العبق للفن الذي تولده الحشود الرقمية بوحا بما يسمى بفن التغريدة.

  • العبق الفني والدمقرطة الفنية " التيارات والحجج

قبل الحديث عن العبق الفني يتوجب التأسيسللرأسمال الرمزي كمفهوم طوره عبد الرحمن عزي واستعان جزئيا بنظرية "بورديو بيار Pièrre Bourdieu" الخاصة بالرأسمال الثقافي، والرأسمال الرمزي (وسائل الاتصال الجماهيري) الذي يتضمن ثلاثية الرأسمال المادي أي رؤوس الأموال بوصفها بنية الإعلام الاقتصادية، والرأسمال الرمزي" أي وسائل الإعلام على اعتبار أنها بنية فوقية تقترب أو تبتعد عن الواقع المعاش ثقافيا أو اجتماعيا أو تاريخيا، وأخيرا الرأسمال القيمي" أي المعاني التي تشكل نظريا أساس الحراك الثقافي الاجتماعي، والتي تستمد أصولها المرجعية والمعرفية من المعتقد والممارسات التاريخية المترتبة عن ذلك (عزي، ثورة الصورة المشهد الإعلامي وفضاء الواقع ، 2008، الصفحات 107-108).

الاستطيقا : " من الجماليات إلى الفن ": عن علاقة علم الجمال بعلم الفن، مر المفهوم برحلة فلسفية منذ أرسطو وأفلاطون، أين تم ربط الجميل بالمثير، في وقت أن الفن كان يعني الصنعة، وبقي طرح الصنعة قائما عند فلاسفة النهضة، إلى القرن السابع عشر أين انفصلت الفنون الرقيقة عن الجميلة عن النافعة، وأخذت الكلمة معناها الفردي كفن بدل فنون، ليطرح "بومغارتن"Baumgarten  كلمة الاستطيقا تعبيرا عن الإدراك الحسي، وقد حاولت حركات فلسفية عديدة خلال الربع الأول من القرن العشرين، فصل الجمال عن الاستطيقا بمعناها القيمي والأخلاقي من اللذة والمثال والفكرة، إلى معناها التجريبي لدراسة الظاهرة الفنية ووظائفها في إطار العلم العام للفن، الاستطيقا التي رست في الأخير على ارتباط ابستيمولوجي بينها وبين علم اللغويات العام semantics– بين السيميولوجيا في بعد المعنى الرمزي، والسيمياء في منطوقها "اللسانياتLinguistics" - وليس فقط بالجمال "فلسفيا"، باعتبار أنه ليس بالضرورة أن يرتبط الفن بالجميل فقد يلجأ الفن إلى الجمال ليقدم وظائف لا جمالية، وعليه تعلقت الاستطيقا الآن بمشكلات التذوق والجمال والقبح، كما ارتبطت بالإبداع الفني والخيال والمادة والصورة وطبيعة الحكم الاستطيقي والنشوة الاستطيقية بشروطها الفيسيولوجية وتقسيمات الفنون وتداخلاتها. (مفرج، 2009، الصفحات 58-66)

أما الجماليات الرقمية أو الاستطيقا الرقمية l'esthétique numériqueفهي جماليات التهجين esthétique de l'hybridationبين إمكانات تقانية لانهائية منفتحة على ثقافة التهجين culture de l'hybridation، عبر نظام مرئي جديد وعلى طريقة جديدة للإنتاج والتواصل والتلقي (Soulages, 2001, p. 23).


‏لا أؤمن بإنتاج نسخ للوحات؛ ولا أؤمن بترجمة القصائد؛ الفن غيور للغاية.

‏- أندريه تاركوفسكي

أولا : مسار العبق : يعتقد فلتر بنيامين في نصه هذا أن إعادة الإنتاج الفني للعمل الفني تمثل شيئا جديدا، بحكم أنها ظاهرة تتقدم في مسار التاريخ، بشكل متقطع وعبر وثبات متراتبة ومتعاقبة تتخللها فترات دهرية طويلة، ولكن بوتيرة متزايدة فقد وصلت تقنيات إعادة الإنتاج إلى نمط جديد خصوصا بعد ظهور الطباعة الحجرية، غير أنه سرعان ما استعاض عن الطباعة الحجرية بالتصوير الفوتوغرافي بعد عشر سنوات من اكتشافها، ومهما اكتملت إعادة إنتاج الأعمال الفنية فإنها تفتقر إلى شيء يتمثل في وجودها الآن وهنا، أي وجودها المتفرد في المكان الذي توجد فيه، إنّ "الآن وهنا" العمل الفني الأصلاني يشكلان ما يسمى أصالته، ولكن هذا الأخير يؤسس لتقاليد جديدة استطاعتعلى نقل هذا العمل كعمل واحد ومماثل إلى يومنا هذا، وكل ما يتعلق بالأصالة يمتنع عن إعادة الإنتاج وليس فقط إعادة الإنتاج التقني، ومع ذلك فإن الظروف الجديدة التي يمكن أن يتموضع فيها "منتوج إعادة الإنتاج التقني" لا تلامس العمل الفني عينه، ولكن لا ريب في أنها تنقص من حضوره هنا والآن، وبهذا يمكننا أن نجمل كل هذه المواصفات في ماهية العبق أو الهالة، فما يضمحل في عهد إعادة الإنتاج التقني هو عبق العمل الفني ولا مندوحة أن لهاته العملية دلالاتها التي تتجاوز دلالة الفن عينه، وبهذا يمكننا القول أن تقنية إعادة الإنتاج تنزع الموضوع المعاد إنتاجه عن مجال الموروث (كمال، 2019).

 الفن في عصر الاستنساخ الآلي " الفن والتكنولوجيا وأدوات الاتصال "

أن التأسيس الفلسفي للفن والآراء الجمالية "لآدورنو" انطلقت من أعمال فالتر بنيامين خاصة إزاء علاقة الفن بأدوات الاتصال، والفن بالتقنية والفن بالتكنولوجيا، من حيث تطور عملية نسخ الأعمال الفنية خاصة السينما التي تطورت آليا وأثرت على الفن التقليدي، ولكن مهما ضاهت النسخة المنقولة من العمل الفني مع الأصل فإنها تفتقد عنصرا واحدا وهو وجوده في الزمان والمكان، دلك أن خامات العمل الفني التي تظهر في العمل المنسوخ تشير إلى زمانه ومكانه، وبالتالي ظروف زمانه ومكانه وإنتاجه التي تبين موقعه من التاريخ، والزمان والمكان هما عنصرين محوريين في العمل الفني عند أدورنو وقبله بنيامين فالتر، باعتبار أنهما يحددان العمل الفني وأصالته وقد أدى الاستنساخ إلى فقدان الأصالة ومنه فقدان هيبته وهالته التي يعبر عنها بنيامين فلتر بالهالة أو العبق  AURA، لأن العمل الفني يحتاج إلى التفرد، وينافي تعددية النسخ التي تخرجه من مجاله الخاص وتزعزع موروثه الثقافي، وتصفية العنصر التقليدي فيه خاصة في الأعمال التي تعيد التاريخ الثقافي وخلق قيم جديدة فرضتها طبيعة التقنية (بسطاويسي، 1998، الصفحات 111-112).

ويقترب مفهوم العبق من مفهوم الجليلsublime، وبين الجميل والجليل، الذي تحدث عنه أيمانويل كانط "كانط E. kant" معرفا الجميل بالعمل الفني المرتبط علائقيا بالجلال، والمنبثق من الشعور بالطبيعة والحالات الطقوسية والشعائرية الدينية، والعبق عند بنيامين هو الظاهرة المتفردة التي تخلق بيننا مسافة، حيث يغيب العبق في عصرنا في الأعمال الفنية المستنسخة إثر رغبة الجماهير بإشباع استهلاكها وتقريب الأشياء إليها ماديا وإنسانيا، فالعمل الفني يتميز بالثبات والتفرد، أما العمل المستنسخ فيتميز بالتكرار والزوال، والإنسان المعاصر لديه رغبة في "هتك الخصوصية" إذ لا يتقبل أن هناك ستر لكل شيء وبالتالي، يتجلى إهدار العبق الخاص تنمية لشعور الإدراك الحسي المعاصر، الذي تفرضه الطبيعة المعاصرة القائمة على المساواة الشاملة بين جميع الأشياء إلى درجة تطبيقه على الأعمال الفنية فيقوم باستنساخه، ومنه تجد القيمة الفنية المتفردة للعمل الفني الأصيل أساسها في الطقوس المصاحبة لنشأته والتي تمثل قيمته الوجودية، والعمل الفني لما دخل آلية الاستنساخ لأجل تلبية الكميات الهائلة لرغبات الجماهير التي يمكن صياغتها وفق مفهوم مسبق تقدمه السلطة السياسية، تحرر من أساسه الشعائري من خلال هذه المكننة مما أفقده استقلاليته وتفرده التي من المفروض كفن أن يسمو بها بعيدا عن العصر الذي تحكمه علاقات جزئية، ونتيجة لهذه التغيرات التقنية، التي أثرت على العمل الفني فقد تمايزه الفاصل بين المؤلف والجمهور من الإبداع الخلاق إلى العمل المهني فحسب، فالكل قادر على إنتاج الدور الفني ما زالت التقنية هي الفاصل (بسطاويسي، 1998، صفحة 114).

إن الحاسوب هو أداة الشاعر "

ميشل بوتور  ****michel butor   

ثانيا : دمقرطة الفن :إن التساؤل الذي طرحه "مارك جيمينيز" لنفسه وقرائه والذي فحواه "هل تعتبر وسائل الإعلام الجديدة المتمثلة في النصوص الفائقةhypertextes والإعلامية الفائقة hypermediasفرصة لإغناء التجربة الجمالية أم لإفقارها؟"، جعله يجيب عن راهنية الطرح الرقمي بإيجابية عن قوة هذه الوسائل في تحيين عناصر الماضي واستحضارها بفضل ذاكرات العقل البرمجي التي حلت محل الذاكرة البشرية، ذلك أنه من غير الممكن إبقاء الفكر الجمالي متجاهلا للابتكارات التكنولوجية المرتبطة بالمشاريع الفنية،ومنه يعبر عن هذا الحقل بمصطلحات أكثر راهنية من سبيل الفن السيبرانيcyber-art  والثقافة السيبرانيةcyberculture، والحنين إلى الماضي"النوستالجيا"Nostalgia، ذلك أن المنتظر من هذه التقنيات اليوم ليس أعمالا كاملة بقدر ما هو تنشيط للعمل الفني بما يحقق له تقدما وانفتاحا لاحتواء سياق ثقافي أوسع (مارك جيمينيز، (تر): كمال بومنير، 2012، صفحة 94).

 ومن بين من بحث العلاقة الجمالية بالتقنية أو عالم السيبرانيات cyernétiqueنجد فرانك بوبرFrank Popperمانحا العلاقة طابع الاستفادة من الوقت، إذ تساعد التقنية العمل الفني بإمكاناتها الواسعة في زمن فني محدود جدا، راصدا التفاعلات في إشكاليات منها:

  • البحث عن مطابقة الأغراض الفنية والسيبرانية.
  • ضرورة ترتيب الاتصال عن بعد بواسطة الحاسوب ومنه إعادة تحديد معارفنا الجمالية.

وعن دمج الفن بالتكنولوجيات الجديدة ظهرت أشكال المشاركة بين الفنان والمجتمع، المشاهد والمبدع في شكل خدمة "فن جماعي"، هذه التقنية التي تنفلت من كل رقابة مؤسساتية وسياسية، جعلت الفنان –على سبيل المثال– روي أسكوت Roy Ascott- يطرح إشكالية فنون التفاعل "ضمن هذا التغيير الذي يختمر، لم يعد الأمر يتوقف على ما إذا كان للفن مكانة في عالم تم فيه مزج وسائل المعلوماتية ووسائل الاتصال، أو بالأحرى إن كان بإمكانه نقل المفاهيم الجديدة للهوية الفردية إلى درجات جديدة من الوعي ومفاهيم جديدة للجماعة " (مارك جيمينيز، (تر): كمال بومنير، 2012، الصفحات 95-96).

لقد عرضت الفيلسوفة آن كوكلين "Anne Cauquelin" بدورها العلاقة معتبرة أن الفن المعاصر بهذا الوسيط قد شوش على الفنون التقليدية، فهو لم يعد تابعا للفنون الكلاسيكية، وعن الانترنت تقول "إن الموقع المادي أصبح اليوم يتمثل في الشبكة، وأما الموقع المفهومي فهو أنموذج الاتصال في الزمن الفعلي والمتفاعل، بين مستعملي الموقع، مما يؤدي إلى تداخل وقبول هذه العناصر المكونة، كاختفاء الموضوع الفني كموضوع ملموس، محصور ومحدود قصد تحقيق عملية لازالت في طور الانجاز، وكذا اختفاء المؤلف الفريد لصالح كوكبة من المتدخلين الذين يكون حضورهم الفيزيائي غير ضروريلابتعادهم آلاف الكليومترات، يعد –هذا- تخليا عن الإمكانيات المتميزة للفاعلين" (مارك جيمينيز، (تر): كمال بومنير، 2012، صفحة 97)، على أن الفن إذا انتشر وتمت دمقرطته في الفضاءات الاجتماعية وإن خسر عبقه فقد ربح أنه صار طاقة ثورية، كتسييس للفن بإيجابية الرفض للقمع السياسي (بومنير، مدخل إلى قراءة فلسفة فلتر بنيامين، 2013، صفحة 28)، ولعل ذلك يمثل دمقرطة فعلية للفنdémocratisation de l’art  كما يسميها مارك جيمينيزMarc Jimenez  بحيث لا يقتصر على نخبة أو صفوة متذوقة لوحدها هذه الأعمال الفنية، إذ أنه يصبح بإمكان الجماهير بدورها تذوق هذه الأعمال عندما تصبح متاحة للجميع (بومنير، مدخل إلى قراءة فلسفة فلتر بنيامين، 2013، صفحة 28)، لاغيا بذلك طرح بورديو بخصوص تراتبيات علم اجتماع التميز والاختلاف والذوق.

وبين حاجة الجماهير للفن، التي دافع عنها "بنيامين" وإن كانت تهدر الخصائص الأصيلة للفن، وبين شيوعه، يجب الاعتراف أنه في العصر الرقمي تتوقف الابتكارات الفنية على الابتكارات التقنية، واستمرار فنون معينة مرتبط بمدى استيعابها لتقيات العصر، فكل فن تقليدي لما ساير دخول العصر الرقمي تطور كالموسيقى التي اعتمدت على التسجيل الرقمي PCM Pulse Code Modulaion، كما وضعت وسائل تكنولوجية تمنع القراصنة من التسلل إلى المصنفات الموسيقية من قبيل " العلامات المائية الرقمية " لكسر القرصنة قبل دفع الرسوم للانتفاع. (مفرج، 2009، صفحة 75)

ومن بين المميزات التي اهتمت بشق عولمة العرض في العلاقة بين الفن والتقنية نجد:

  • تخفيف المحتويات من حيث الحيز المكاني.
  • عولمة العرض في أي نقطة من العالم وفي وقت وجيز جدا.
  • تحسين النوعية أو الجودة.

على أن العلاقة بين الفن والتقنية لا تقتصر عند الاستيعاب ولا المسايرة بل بمدى التعبير عن المشاعر والانفعالات وإعلاء القيم الأخلاقية والفنية ومستواها الأدبي الرفيع الذي يعبر عن آلام وأحلام وأحزان ومشاعر الناس (مفرج، 2009، صفحة 76)، ومنه لا مندوحة من اعتبار "أدب التغريدة" أدبا بمعناه التأثيري والفني والإبداعي، إذا عبر بفعل عن جمالية الحياة والشعور وإن اختلفت الوسائط للاعتراف به، من منظور جيمنيز ورواد الطرح المعمم له، ولكن إذا أفرغ الأدب من محتواه لمجرد صناعة الشخصية والشهرة فالعبق الفلتري أولى، إحياء للتفرد في وقت صار فيه الكل يكتب ولا أحد يقرأ، إضافة إلى الرعب والنقد الآني الذي يمارسه المعلق والقارئ الرقمي لبعض النصوص التي تجعل بعض الأعمال الأدبية مهزوزة ، فالفن الرقمي أو الشبكي يعمل على تقديم أي شيء«n’importe quoi»وأقل من لا شيء «moins que rien» ليتجرد من المفاهيميات أو الفن المفاهيمي l’art conceptuelالمنتشر فترة الستينات، بتعريض النية الوحيدة للمؤلف إلى التشاركية عبر آلية الحوار والتعليق (Edmond Couchot & Norbert Hilaire, 2003, p. 03)ومنه عدم الثبات في الإبداع.

ولما كان النشر الورقي محدود الكمية موازنة مع النشر الرقمي، فإن المسيرة النقدية ظلت مسايرة له دائمًا، هذا زيادة على أن ذلك الصنف من النشر كان أصلا يُخضع الإنتاج الأدبي لغربال الناشرين، الذين ما كانوا يسمحون لدورياتهم وصحفهم بأن تستقبل ما يُمكن أن يشين سمعتهم ومكانتهم الأدبية والمعرفية (رحوتي، 2018)-ضمن الهوية النشرية- خاصة وأن التكنولوجيا الرقمية ترفع بقوة من شأن التهجين l’hybridationليس فقط بين مكونات الصورة (أو الصوت)، ولكن أيضا بين الممارسات الفنية (الرسم، التصوير الفوتوغرافي، السينمائي، الفيديو، وفنون الصوت، والفنون النصية، وفنون الجسد، وما إلى ذلك) لذلك، يعد مستحيلا بالنسبة للبعض، رؤية فن جديد ومميز بشكل واضح، نظرا لإمكانية الوقوع في فخ المحاكاة الرقمية، وأن التكنولوجيا لا توفر سوى خدمات من شأنها تأكيد فرضية أن التكنولوجيا لا تقدم فنا أصيلا (Edmond Couchot& Norbert Hilaire، 2003، صفحة 03).

وهنا تتشكل ملامح رهانالملكية الفكرية  كحق غير مادي وكصفة (سمارة، 2005، صفحة 21)وسلطة يمنحها القانون لكل مبدع على منتجات فكره (الكمالي، 2004، صفحة 227)، وقد جرى في فقه القانون تقسيم الحقوق المالية إلى عينية وشخصية ولكن مع التطور وردت الحقوق الذهنية والفكرية les droits intellectuells  (شلقامي، 2008، صفحة 02)، فهي الحقوق التي تحسب على أشياء معنوية وعلى قيم غير مادية لأنها من نتاج الذهن والفكر، فتخول لصاحبها سلطة استغلال نتاجه الذهني والفكري مثل مجموعة الأفكار والآراء والعقل وتدخل في نطاق القانون المدني كملكية أدبية وفنية، ومنه تطورت المنظومة التشريعية للقضاء على القرصنة الفكرية والتدليس الالكتروني في كل ما يتعلق  بعناوين الشبكة والنطاق وأسماء وعناوين وميادين الفضاء الرقمي (العلوي، 2006، صفحة 152)

خاتمـة

نختم هذه المساهمة البحثية بالإجابة عن التساؤلات التي سبق وأن طرحناها في المقدمة بحيث نجد أنه من غير الممكن فهم ميكانيزمات الأدب وتطوره بمنأى عن الظاهرة الاتصالية والإعلامية ومتغيراتها من حيث أجيالها الميديولوجية في غياب مبدأ التحاقل بين علمي الاجتماع والفلسفة، وقد طرحت ظاهرة الأدب التفاعلي ومنه أدب التغريدة عديد الرهانات القانونية، الرمزية ، القيمية، الثقافية والجمالية خاصة تلك المتعلقةبتصنيع واستنساخ المحتوى الأدبي والإبداعي واحترامه كروح مثلما يراها الفيلسوف "شيشرون "Cicéron، وليس كمنتج تتم سلعنته وفق مقاييس العرض والطلب ومنه عولمته وإتاحته وتحشيده في الفضاءات/الأفضية الافتراضية المتشظية، لتفقده عبقه بالتسطيح وتمييع القيم الفنية وأذواقها لمجرد الظهور والحضور الافتراضي،  بدل الهدف الأساسي الأسمى وهو الوقوف التزاما بقضية الواقع الاجتماعي مهما تعددت إشكالاته

 


 أديب سعودي، مغرد على مستوى موقع تويتر على حسابه @r_alenazeنشر رواياته على نفس الأسلوب التغريدي ، مع دار ميلاد ، سنة 2017 و2018 على التوالي بروايتين الا دقيقة بتوقيت القلب PM11:59 و3NOV، "رؤى الماوردي" كاتبة على مستوى موقع فايسبوك ، ورزان العتيبي صاحبة :القصيدة المغردة "ومنه ديوانها " جمع مؤنث حالم " "قبل الغرق بأنفاس" ، وكذا يوسف المردان..

 مثل لازمة راكان العنزي وأنا يا صديقي  ، ولكني لا أتجاهلك ، دعنا نفترق ،تخيل ، التي تعاد عند بداية كل تغريدة، بطابع التوقيت للتوثيق. وبإضافة سطر عمودي بعد كل لازمة رقمية"  I" ممنهلةأو بالوسم  #لتسهيل trending الأعلى تفاعلا..

لكلعملٍفنيوجودٌفيزيائيأومثولٌمادي،فالفناندائمًايُجسِّدعملهفيمادةٍمعينةأوواسطةٍينتقلبهاالعملإلى الآخرين،وتتفاوَتهذهالواسطةالمادية-أوالفيزيائية-بينفنوآخر،فهيألوانٌوخطوطفيفنالتصوير،وأحجامٌمن حجارةأو خشبأومعادنفيفنَّيالنحتوالعمارة،وأصواتآلاتٍفيالموسيقى،وصوتٌبشَريفيالغناء،وحركاتٌجسَديةفيالرقص،وكلماتٌلغويةفيالشعروالدراما،وأضواءٌومرئياتوغيرهافيالسينما،هذهالوسائطالحِسِّيةهيخامةالفنانالأوليةالتييَجبُلبهاعمله،وهيلغتهالتييُخاطببهاجمهوره،إنهامادةتَنتميإلىعالمالطبيعةوتَخضعلقوانينالطبيعة؛ومنثمفهيتُمليعلىالفنانشروطها،وتتحكَّمفيحريتهوإمكاناتتعبيره، للتفاصيل انظر:  عادل مصطفى، دلالة الشكل ، دراسة في الاستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن، ص 13

عندما سئل الكاتب "الموسيقي" عن رأيه في تعدد وسائل الإعلام والاتصال وعلاقتها بالفن الموسيقي.

قائمة المراجع

فيليب فان تيغيم،(تر) فريد أنطونيوس. (1983). المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا (الإصدار ط2). باريس - بيروت: منشورات عويدات.

Edmond Couchot& Norbert Hilaire. (2003). "L’art numérique" Un art de l’hybridation.Paris: Champs-Flammarion,.

Fanny Georges. ( Juin, 2008). L'identité numérique dans le web 2.0. Le mensuel de l'Université(n°27)، صفحة 01.

François Soulages. (2001). dialogues sur l’art et la technologie , Autour d'Edmond Couchot.(service de la Recherche de 1Université Paris 8'Philosophie et Esthétique، المحرر) paris: L'Harmattan.

Serge. Proulx, Annabelle. Klein, dir. (2012). Connexions. Communication numérique et lien social.Presses universitaires de Namur.

ابراهيم بعزيز. (2012). الاستخدام المفرط لوسائل الاتصال الحديثة من طرف الأفراد ، الآثار والانعكاسات. تأليف تكنولوجيا الاتصال الحديثة وتأثيراتها الاجتماعية والثقافية (صفحة 86). الجزائر : دار الكتاب الحديث.

إحسان سمارة. (جوان, 2005). مفهوم حقوق الملكية الفكرية وضوابطها في الإسلام. مجلة العلوم الإنسانية ، صفحة 21.

أحمد رمضان بسطاويسي. (1998). علم الجمال لدى مدرسة فرانكفورت، أدورنو نموذجا. لبنان: مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

إريك ميغري، (تر) نصر الدين لعياضي. (2018). سوسيولوجيا الاتصال والميديا. المنامة، البحرين : هيئة البحرين للثقافة والآثار.

أشرف جلال حسن محمد. (2012). دور الشبكات الاجتماعية في تكوين الرأي العام في المجتمع العربي نحو الثورات العربية ، دراسة ميدانية مقارنة على الجمهور العربي في (مصر-تونس-ليبيا- سوريا- اليمن ). المنتدى السنوي السادس للجمعية السعودية للإعلام والاتصال "شبكات التواصل الاجتماعي وتشكيل الرأي العام" جامعة الملك سعود –الرياض (صفحة 09). القاهرة: جامعة القاهرة -كلية الإعلام.

توفيق شابو. (ديسمبر , 2017). النزعة النقدية الثقافية عند مدرسة فرانكفورت ، براديغمات : الإنسان - الثقافة – الفن،. مجلة اللغة العربية وآدابها ، المجلد الخامس (العدد الاول )، صفحة 49.

ثابت طارق. (2018). مدخل إلى قانون الملكية الفكرية. الأردن: مركز الكتاب الأكاديمي.

جمال مفرج. (2009). أزمة القيم ، من مأزق الأخلاقيات إلى جماليات الوجود. لبنان: الدار العربية للعلوم ناشرون.

جوناثان بينغل( تر)محمد شيا. (2011). مدخل إلى سيمياء الإعلام. لبنان: مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

حسن محمد حسن حماد. (1995). الاغتراب عند إيريك فروم. لبنان: مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

حسين دحو. (ديسمبر , 2017). النص الرقمي في الأدب العربي من الورقية إلى الرقمنة، وجه آخر لما بعد الحداثة. مجلة الأثر (العدد 29)، صفحة 111.

حميد حمادي. (2011). التجربة الفنية والفهم الجمالي عند ثيودور أدورنو، من النقد إلى الاستطيقا، مقاربات فلسفية. الجزائر: منشورات الاختلاف.

خالد غسان يوسف المقدادي. (2013). ثورة الشبكات الاجتماعية. عمان: دار النفائس.

سعيد يقطين. (2005). من النص إلى النص المترابط ، مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي. المغرب -الدار البيضاء : المركز العربي للكتاب.

شحاتة غريب شلقامي. (2008). الملكية الفكرية في القوانين العربية. القاهرة: دار الجامعة الجديدة.

شوقي العلوي. (2006). رهانات الانترنت. لبنان : مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

صالح رحوتي. (1412, 2018). تم الاسترداد من النشر الرقمي في المجال الأدبي، خاصياته تداعياته وأثاره : https://bit.ly/2RGjRWk

صديق بسو. (2014). النشر الالكتروني واللغة العربية. المحتوى الرقمي باللغة العربية ، النشر الالكتروني. عدد خاص ، صفحة 07. الجزائر: مجلة منشورات ، المجلس الأعلى للغة العربية.

صلاح عبد الحميد، يمنى عاطف. (2015). الإعلام والفضاء الالكتروني. القاهرة: دار أطلس للنشر والتوزيع.

طارق زيناي. (2017). إشكالية الأدب الرقمي، قراءة في الوسائط التواصلية. مجلة مقاربات ، المجلد الثاني (30)، الصفحات 272-273.

طيرشي كمال. (1801, 2019). تم الاسترداد من قراءة في كتاب فلتر بيامين: https://bit.ly/3077583

عادل مصطفى. (2018). دلالة الشكل، دراسة في الاستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن. المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي C.I.C.

عبد الرحمن عزي. (فبراير, 2008). الرأسمال الرمزي الجديد: قراءة في هوية وسوسيولوجية الفضائيات في المنطقة العربية. (مركز دراسات الوحدة العربية، المحرر) (العدد 57)، الصفحات 107-108.

عبد الرحمن عزي. (2011). دعوة إلى فهم المصطلحات الحديثة في الإعلام والاتصال. تونس: الدار المتوسطية للنشر.

عبد العظيم كامل الجميلي، ثناء إسماعيل العاني. (2016). الإعلام الجديد وإشكاليات التواصل الرقمي. العراق: دار الأيام.

عبد الغني عماد. (2012). الثقافة وتكنولوجيا الاتصال ، التغيرات والتحولات في عصر العولمة والربيع العربي. بيروت: مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

عبد الله الرمادي. (2018). أدب التغريدة. تاريخ الاسترداد 1412, 2018، من جريدة الشرق: http://www.alsharq.net.sa/2014/07/01/117093

عرجون الباتول. (2014). مدخل إلى الأدب العربي التفاعلي الجديد. المحتوى الرقمي باللغة العربية ، النشر الالكتروني. عدد خاص ، الصفحات 50-51. الجزائر : المجلس الأعلى للغة العربية.

علي بن حمد الفارسي. (2019). قراءة في إشكالية التصنيف ، التغريدة نموذجا. تاريخ الاسترداد 1801, 2019، من www.alarabiahconference.org/.../conference_research-55007689-1

غزلان هاشمي. (2014). النشر الالكتروني العربي بين التعارضات المركزية والهامشية. المحتوى الرقمي باللغة العربية ، النشر الالكتروني. عدد خاص ، صفحة 89. الجزائر: مجلة منشورات، المجلس الأعلى للغة العربية.

غوثي عطاله. (2016). الاغتراب القيمي والمخيال الإعلامي، قراءة في تأثيرات وسائل الإعلام. مجلة الحكمة للدراسات الإعلامية والاتصالية ، السداسي الثاني (العدد الثامن )، صفحة 92.

فريال مهنا. (2002). علوم الاتصال والمجتمعات الرقمية. لبنان: دار الفكر المعاصر.

فوزي شريطي مراد. (2015). التدوين الالكتروني والإعلام الجديد. الأردن: دار أسامة.

فوزية بولقندول. (2017). الرواية الرقمية، بين الخطاب التكنولغوي، والرمز الأيقوني. تأليف المجلس الأعلى للغة العربية (المحرر)، التكنولوجيات الجديدة ودورها في صناعة اللغة العربية واستعمالها. أعمال الملتقى الوطني، صفحة 275. الجزائر: جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة.

كمال بومنير. (2010). النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت ، من ماكس هوركايمر إلى أكسل هونيث. الجزائر: منشورات الاختلاف.

كمال بومنير. (2013). مدخل إلى قراءة فلسفة فلتر بنيامين ، دراسة ونصوص ، مسائل فلسفية. الجزائر: منشورات الاختلاف.

مارك جيمينيز، (تر): كمال بومنير. (2012). الجمالية المعاصرة ، الاتجاهات والرهانات. الجزائر: منشورات الاختلاف.

محدب رزيقة. (ديسمبر, 2016). النشر الالكتروني عبر الشبكة العنكوتية ودورها في تنمية البحث العلمي لدى طلاب قسم عل النفس المقبلين على التخرج ، دراسة ميدانية بجامعة تيزي وزو. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية (37)، صفحة 170.

محمد فوزي كنزاي. (2014). براديغم مدرسة فرانكفورت على المحك: منظور اتصالي. مجلة البحوث والدراسات الإنسانية (العدد09)، الصفحات 117-118-119.

محمد محمود الكمالي. (2004). آلية حماية حقوق الإنسان الفكرية. مؤتمر الجوانب القانونية والاقتصادية (صفحة 227). دبي: منظمة التجارة العالمية.

ملكية عطوي. (2018). محاضرات في الملكية الفكرية. الجزائر ، جامعة الجزائر 03قسم الاتصال: كلية علوم الإعلام والاتصال.

منال بن حميميد. (2018). النظرية النقدية المعاصرة والأدب الرقمي، كتاب "الأدب الرقمي أسئلة ثقافية وتأملات مفاهيمية لزهور كرام أنموذجا. 09-29. قسم اللغة والأدب العربي، كلية الآداب واللغات: جامعة المسيلة، محمد بوضياف.

هشام كنيش. (2018). تعبيرات ثقافية على منصات التواصل الاجتماعي بين استعمال الدين وتشكيل الهويات. المغرب: مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

هواري حمزة. (سبتمبر , 2015). مواقع التواصل الاجتماعي وإشكالية الفضاء العمومي. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية (20)، صفحة 226.

@pour_citer_ce_document

مريم ضربان, «أدب " التغريدة " ورهانات الإستطيقا الرقمية في الفضاء الافتراضي بين "عولمة العرض" والموت الرمزي " للعبق الفني"»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : 09-26,
Date Publication Sur Papier : 2020-10-25,
Date Pulication Electronique : 2020-10-25,
mis a jour le : 03/11/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7440.