طرق الخدمة الاجتماعية وتكاملها في مجال رعاية الطفولةSocial service methods and their integration in the field of childhood care.
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N:03 vol 17-2020

طرق الخدمة الاجتماعية وتكاملها في مجال رعاية الطفولة

Social service methods and their integration in the field of childhood care.
ص ص 27-46
تاريخ الإرسال: 2019-06-27 تاريخ القبول: 2020-09-16

العمري عيسات / عبد الكريم بلعزوق
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يعد موضوع الرعاية الاجتماعية للأطفال في الوقت الراهن من بين المواضيع المهمة لدى الأوساط العلمية في ميدان علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بصفة خاصة، بل وأصبحت تحتل مكانة بارزة في سلم الأولويات لسياسات الرعاية الاجتماعية سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، وذلك على اعتبار أن الأطفال هم مصدر الثروة في المجتمع على المدى البعيد؛ فهم جيل المستقبل ورجال الغد. هدفت الدراسة الى الكشف عن الدور التكاملي لطرق الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة، وتوصلت إلى أن الأخصائي الاجتماعي يقوم بممارسة تدخلاته المهنية في مجال رعاية الأطفال بالاعتماد على ثلاثة طرق وأساليب مهمة جدا؛ وهي طريقة خدمة الفرد وطريقة خدمة الجماعة وطريقة تنظيم المجتمع؛ بحيث تعمل هذه الطرق بصورة متكاملة هدفها هو رعاية الطفولة.

الكلمات المفاتيح: الخدمة الاجتماعية، رعاية الطفولة، طرق الخدمة الاجتماعية، الأطفال المعرضين للخطر.

La question de la protection sociale des enfants figure actuellement parmi les sujets importants de la communauté scientifique dans le domaine de la sociologie et des services sociaux en particulier. Elle est devenue une importance dans les politiques de protection sociale, que ce soit au niveau local ou international, tout en considérant que les enfants sont la source de richesse à long terme. Cette étude vise à révéler le rôle intégrateur des méthodes de service social dans le domaine du suivi de l'enfance. Nous avons pu constater que le travailleur social pratique ses interventions professionnelles dans le domaine de la garde d'enfants en s'appuyant sur trois méthodes importantes : la méthode de service à l'individu, la méthode de service communautaire et la méthode d'organisation communautaire. Ces méthodes fonctionnent de manière intégrée, dans le but de la garde des enfants.

Mots-clés :service social, garde d'enfants, méthodes de travail social, enfants à risque

The issue of children’s social care is currently among the important topics for the scientific community and mainly in the field of sociology and social service. It has even gained a prominent place in the scale of priorities for social welfare policies, whether at the local or at the international level, given that children are the long-term source of wealth in society. This study aims to explore the integrative role of social service methods in childcare, and concludes that the social worker practices his professional interventions in the field of childcare by relying on three important methods; the method of serving the individual, the method of community service, and the method of community organization. These methods work in an integrated manner for the purpose of childcare.

Key words:social work, childhood care, social work methods, children at risk

Quelques mots à propos de :  العمري عيسات

aissat.lamri@yahoo.fr , جامعة سطيف 2

Quelques mots à propos de :  عبد الكريم بلعزوق

bbakarim2@gmail.com [1], جامعة سطيف 2
[1]المؤلف المراسل

مقدمة

تعتبر الخدمة الاجتماعية مهنة حديثة ظهرت وتبلورت في القرن العشرين، ولو أن جذورها عميقة تمتد لتشمل تاريخ البشرية، فهي كانت تعبر عن نية صادقة في التكافل الاجتماعي بين أفراد وجماعات المجتمع، غير أن تعقد المشكلات التي تقابل أفراد المجتمع كان لزاما وحتميا ظهور الخدمة الاجتماعية ومتخصصين للعمل فيها وتناول هذه المشكلات بطرق علمية ومنهاج سليم، فكان الهدف العام للخدمة الاجتماعية على أنها تسعى للوصول إلى تحقيق التكيف الاجتماعي السليم للأفراد والجماعات مع إشباع حاجاتهم في ضل موارد المجتمع.

وعلى ضوء الهدف العام للخدمة الاجتماعية وهو العمل على تحسين ظروف المجتمع والمساهمة مع المهن والعلوم الأخرى في إحداث التغير الاجتماعي المقصود؛ نجدها تعمل مع الإنسان الذي هو محور العملية التنموية، أو ما اصطلح على تسميته في الخدمة الاجتماعية بالعميل، الذي له ثلاث أبعاد أساسية؛ من حيث أنه فرد متميز عن غيره  من الأفراد له شخصيته المستقلة  وأسلوبه في الحياة؛ ولدراسة هذا الموقف كان لزاما أن تكون هناك طريقة تؤمن بالفروق الفردية وهو ما يطلق عليه في الخدمة الاجتماعية بطريقة خدمة الفرد، ولكن الأفراد في المجتمع لا يعيشون في معزل عن بعضهم البعض وإنما يعيشون ويتفاعلون فيما بينهم من خلال وسط اجتماعي اصطلح عليه بالجماعة، ويكون العمل مع الجماعات باستخدام وتوجيه التفاعل داخلها مما يؤدي إلى خلق المواطن الصالح، ويطلق على ذلك في الخدمة الاجتماعية بطريقة خدمة الجماعة، وبالرغم من الاتفاق على مبدأ الاختلاف وأهمية الجماعات داخل المجتمع في تشكيل وتعديل اتجاهات وسلوك الأفراد، إلا أننا نجدهم يعيشون في مجتمع ويكتسبون صفات مميزة عن مجتمعات أخرى، فكان لزاما على الخدمة الاجتماعية أن تكون لديها نظرة متصفة بالشمولية والكلية فبرزت طريقة خدمة وتنظيم المجتمع لتنسيق برامج الرعاية الاجتماعية.

وفي مجال رعاية الطفولة التي تعد أحد مجالات الخدمة الاجتماعية تكون فيها الممارسة من خلال الجهود والخدمات التي يقدمها الأخصائي الاجتماعي من أجل رعاية الطفولة وحمايتها، وتُقَدم الرعاية والمساعدة للأطفال الذين يتعرضون للإهمال وسوء المعاملة على نطاق واسع في مؤسسات ومراكز الرعاية الاجتماعية المخصصة لهذا الغرض، ومن المفروض أنهم يجدون فيها نوعا آخر من المعاملة يحسون فيها بالاحترام والاهتمام ويشبعون من خلالها الكثير من احتياجاتهم، وهنا يقدم الأخصائي الاجتماعي خدماته التدعيمية باعتماده على الأسلوب المهني للخدمة الاجتماعية واستخدام طرقها الرئيسية الثلاثة وهي : طريقة خدمة الفرد، طريقة خدمة الجماعة وطريقة تنظيم المجتمع.

أولا - مشكلة الدراسة

تختلف نظرة الخدمة الاجتماعية لفئة الأطفال المعرضين للخطر عن باقي التخصصات والعلوم الأخرى التي تتعامل مع هذه الظاهرة، فهي تهتم أساسا بالطفل المحروم من الرعاية وعلاقاته مع باقي مؤسسات المجتمع، وتعتبره ضحية ظروف مختلفة أدت إلى تهميشه وحرمانه من مباهج الطفولة، وبتفاقم الظاهرة في الفترة الأخيرة سعى المتخصصون في الخدمة الاجتماعية إلى الاهتمام أكثر بالبحث عن مخارج لهذه الظاهرة؛ من خلال التأكيد على تحمل المسؤولية ورفع القاعدة الجماهيرية وتشجيع قيادات المجتمع على رعاية هذه الشريحة؛ وذلك بالإلحاح على ضرورة إصدار التشريعات والقوانين التي تحقق الحماية للطفل، وكذا إنشاء مؤسسات الرعاية وتحقيق جودة الرعاية داخل هذه المؤسسات من أجل التكفل الأحسن والإدماج الاجتماعي لهم.

وتحرص الخدمة الاجتماعية كجانب وقائي على أن يكون آداء الطفل  لدوره الاجتماعي يتفق مع ما ترتضيه القيم الأخلاقية والدينية، وإذا حدث هناك خلل تتدخل الخدمة الاجتماعية كجانب علاجي وتقدم مساعدتها للطفل في شكل ثلاث صور؛ من حيث أنه فرد ومن حيث أنه عضو داخل جماعة ومن حيث أنه يشترك في تنظيمات داخل المجتمع، وتقدم المساعدة بالاعتماد على مداخل أساسية ومهمة في عملية الرعاية التي تكون سواء على مستوى مؤسسات الرعاية أو الأسرة أو المدرسة أو باقي مؤسسات المجتمع الأخرى، وهناك العديد من النماذج والتجارب الدولية التي خطت فيها الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة خطوات ايجابية في رعاية هذه الشريحة وإعادة إدماجها في المجتمع.

       على ضوء كل ما سبق تبرز ضرورة تناولنا لموضوع الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة، كإحدى المجالات المهمة للممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية، حيث اخترنا تحديدا البحث في طرق الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الأطفال المعرضين للخطر، بحكم العلاقة الخاصة التي تجمع بين طرق الخدمة الاجتماعية من جهة وإشباع حاجاتهم الإنسانية من جهة أخرى، وكونهم كذلك يمثلون فئة أو شريحة هامة من شرائح المجتمع الأكثر حرمانا وفقرا وتهميشا؛ وعليه فإنه جدير أن نعلم:

كيف تسهم طرق الخدمة الاجتماعية في رعاية الأطفال المعرضين للخطر؟

على ضوء ذلك نطرح جملة الأسئلة الفرعية الآتية:

-                       ما المقصود برعاية الطفولة من منظور الخدمة الاجتماعية وماهي خصائصها؟

-                       ماهي أبرز المداخل الأساسية للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة؟

-                       ما الدور التكاملي لطرق الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة؟

-                       ماهي أبرز التجارب الدولية للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة؟

ثانيا- أهداف الدراسة

هدفت دراستنا إلى:

-التعرف على رعاية الطفولة وخصائصها من منظور الخدمة الاجتماعية.

-معرفة أبرز المداخل المهنية التي يعتمد عليها الأخصائي الاجتماعي في ممارسته للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة.

-التعرف على الطرق الرئيسية للخدمة الاجتماعية ودورها التكاملي في مجال رعاية الطفولة.

-التعرف على أبرز التجارب والنماذج الغربية والعربية للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة.

ثالثا - أهمية الدراسة

تأتي أهمية هذه الدراسة من الاهتمام المتزايد بالطفولة على مستوى العالم ككل، حيث تتجه الجهود في وقتنا الحالي في كل مكان من العالم نحو الاهتمام بهذه الشريحة والسعي الحثيث نحو توفير أكبر قدر ممكن من الرعاية والتكفل بها؛ باعتبارها فئة مهمشة في المجتمع، وهذا لتحقيق طفولة آمنة مستقرة وخالية من العقد والمشاكل والعنف بكل أشكاله. وتعد رعاية الأطفال المحرومين من الرعاية أو المعرضين للخطر من أهم الخطوات في تقدم المجتمع ورفاهيته وذلك من خلال تحسين ظروف تنشئتهم وحمايتهم من أي أخطار تهدد أمنهم، والتغلب على العقبات التي تعترض نموهم وتقدمهم، وتقع مسؤولية رعاية الأطفال وتقديم الخدمات على عاتق المجتمع بمختلف أفراده ومؤسساته.

رابعا-مصطلحات الدراسة

1-الخدمة الاجتماعية

من الملاحظ أن هناك العديد من التعريفات للخدمة الاجتماعية، وأنه لا يوجد تعريف موحد لها وقد يرجع ذلك إلى حداثة الخدمة الاجتماعية كمهنة أو تخصص وتطورها السريع، بالإضافة إلى أن كل مؤلف ينظر إليها من منظور معين أو يركز على جانب معين أو أهداف معينة في الخدمة الاجتماعية، وهكذا تتباين التعريفات بتباين المفكرين والمجتمعات، لدرجة صار من الصعب الاتفاق على تعريف واحد للخدمة الاجتماعية، وعليه سنحاول عرض أهم التعريفات للخدمة الاجتماعية بداية بالتعريف اللغوي:

1-1– الخدمة الاجتماعية: لغة

تعرف الخدمةعلى أنها المساعدة، والإنسان الخادم أي الذي يجب أن يخدم الآخرين، ويعرف بيار ماسي ومادلان قوينار Pierre MacieMadeleine Guinardالخدمةعلى أنها :  المعونة (AIDE)،السند (APPUI)، المساعدة(ASSISTANCE)، الدعم (SOUTIEN)، النجدة (SOUCOURIR)، إعطاء منح تقديم (DONER)، دفع (VERSER)، توزيع (DISTRIBUTION) وتعني هذه المفاهيم أن يكون الانسان في خدمة أخيه الانسان كلما تطلب الأمر ذلك (زرواتي،2000، 13).

1-2– الخدمة الاجتماعية: اصطلاحا

عرف عبد المنعم شوقي الخدمة الاجتماعية بأنها: نظام اجتماعي مرن يشترك بطرقه الأساسية مع بعض النظم الاجتماعية الأخرى، ويقوم بالعمل فيه مهنيون متخصصون، ويهدف إلى مقابلة احتياجات الأفراد والجماعات إلى النمو والتكيف في المجتمع إذا فشلت في ذلك النظم الاجتماعية الأخرى، كما يهدف إلى مساعدة تلك النظم على النمو والامتداد حتى تقابل حاجات الأفراد والجماعات والمجتمعات بطريقة أكثر كفاءة (خاطر، 2009، 132- 133).

بالنظر إلى هذا التعريف نلاحظ أن الخدمة الاجتماعية تنطوي على تقديم المساعدة للأفراد الذين فشلت باقي النظم الاجتماعية الأخرى في مساعدتهم، وهذا من أجل تحقيق حياة أفضل للمجتمع وأفراده.

ويعرفها رشيد زرواتي: هي المعرفة النظرية والعملية لمساعدة الفرد والجماعة والمجتمع فهي خدمة فردية وجماعية ومجتمعية؛ فأما المعرفة النظرية فهي دراسة الحالة ومحاولة الوصول إلى نظريات تفسرها والى قوانين تتحكم فيها، وأما المعرفة العملية فهي دراسة الحالة ثم التشخيص ثم العلاج ثم التنفيذ، وأما المساعدة فهي عبارة عن تلك الجهود المبذولة لفائدة الفرد والجماعة والمجتمع، فعلى نطاق الفرد: أي مساعدة الفرد كالأم والطفل الشاب، وأما على نطاق الجماعة: أي مساعدة الأسرة وجماعات العمل، وأما على نطاق المجتمع: أي مساعدة المجتمع في تطوره وذلك بتنظيمه وتنسيقه والتخطيط له (زرواتي،2000، 16- 17).

من خلال هذا التعريف نلاحظ أنه يوجد شقين للخدمة الاجتماعية؛ فالشق الأول: هو المعرفة النظرية من خلال القوانين والنظريات التي تتحكم في ممارستها، أما الشق الثاني: فهو يتعلق بالجانب العملي والممارسة المهنية باستخدام الطرق الثلاثة في التعامل مع الفرد أو الجماعة أو المجتمع.

كما ورد في الكتاب السنوي للخدمة الاجتماعية في أمريكا بأن الخدمة الاجتماعية: هي خدمة مهنية تُقَدم للناس بغرض مساعدتهم كأفراد وكجماعات للوصول إلى علاقات يرتاحون إليها ومستويات من المعيشة تتفق مع رغباتهم وقدراتهم وتنسجم مع تلك التي في المجتمع (خاطر، 2009، 131).

يتضح لنا من خلال التعريف أن الخدمة الاجتماعية عبارة عن ممارسة مهنية مثلها مثل باقي المهن الأخرى التي تتعامل مع الأفراد والجماعات والمجتمعات بهدف مساعدتهم على تحقيق التكيف والاندماج الاجتماعيين.

وعرف ويرنر بويم Werner Boehm   الخدمة الاجتماعية بأنها: هدفت إلى مساعدة الأفراد على آداء وظائفهم الاجتماعية، فرادى أو في جماعات، عن طريق الأنشطة الموجهة نحو علاقاتهم الاجتماعية، بما في ذلك التفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة، وتؤدي هذه الأنشطة ثلاث وظائف رئيسية هي: علاج ما لحق الأفراد من أضرار في قدرتهم، وتقديم الخدمات الفردية والجماعية، والوقاية من الآفات الاجتماعية واختلال الأداء الاجتماعي(أبو النصر، 2009، 49).

من خلال هذا التعريف نلاحظ أن الخدمة الاجتماعية تسعى إلى مساعدة الأفراد على آداء أدوارهم ووظائفهم سواء كانوا أفراد أو ضمن جماعات، كما تؤدي الخدمة الاجتماعية ثلاث وظائف أساسية وهي وقائية وعلاجية وإنشائية.

2-  الرعاية الاجتماعية

يعتبر مصطلح الرعاية الاجتماعية من المصطلحات الحديثة؛ غير أنه قديم قِدم النشاط الإنساني، فهو مفهوم إنساني فطري اهتدى إليه الإنسان ومارسه وفقا لفطرته السليمة، ليتطور هذا المفهوم إلى غاية أن أصبح من سمات الدول المتقدمة.

وقد تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم الرعاية الاجتماعية وسنحاول عرض أهمها بداية من التعريف اللغوي:

2-1-الرعاية: لغة

هي العناية التي يقدمها شخص لآخر، وهي تدل بالكلمة الفرنسية على الجمعية الخيرية التي تهتم بالرعاية الاجتماعية (بدوي، ب-د-ت 730). ومصطلح الرعاية مشتق من " يرعى "، "راع " بمعنى الكفالة والمسؤولية (أبو النصر،2009، 28)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " بمعنى أن الراعي عليه واجب اجتماعي وله السلطة في تدبير الأمور.

2-2-الرعاية: اصطلاحا

     هناك العديد من التعريفات للرعاية الاجتماعية، تنوعت بين تعريفات عربية وأجنبية، ومن بين هذه التعريفات نذكر:

عرفهامعجم المصطلحات في العلوم الاجتماعية على أنها: الخدمات التي تؤدى للفرد في حالات معينة، وقد تكون الرعاية طبية أو رعاية طفولة أو رعاية الأمومة أو رعاية أحداث... وقد تتم الرعاية داخل المنشآت أو عن طريق المنشآت وهي نوعان:

-                       رعاية وقائية: Préventive care.

-                       رعاية علاجية: Curative care(بدوي، ب-د-ت، 52).

     وتكون الرعاية داخل المنشآت من خلال أنها تقدم داخل مؤسسات الرعاية وتكون من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية والتربوية، كما يوجد كذلك الرعاية خارج المؤسسات وهي تقديم المساعدة التي يحتاج إليها الفرد دون أن يستدعي ذلك إقامته داخل المؤسسة.

وفي قاموس الخدمة الاجتماعية: هي برامج الدولة للخدمات التي تساعد الناس على مواجهة احتياجاتهم (الاجتماعية، التعليمية، الصحية) التي تعتبر أساسية وذلك للمحافظة على المجتمع ذاته (بركات،2017، 43).

من خلال هذا التعريف يمكن أن نعتبر أن الرعاية الاجتماعية هي عبارة عن برامج وخدمات؛ الهدف منها هو إشباع الاحتياجات المختلفة للناس والتي تعتبر أساسية في تطور المجتمعات، كما هدفت إلى مساعدة الأفراد والجماعات للوصول إلى درجة من المستوى المعيشي والصحي الملائم، كما هدفت كذلك إلى قيام علاقات تعاون وتبادل للخبرات لتنمية قدراتهم وصولا إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي.

وعرفها طلعت مصطفى السروجي:على أنها نظام اجتماعي باعتباره نسقا منظما للخدمات تعبر عنه مؤسسات اجتماعية في جميع المستويات، لها أدوار طبيعية وشرعية تتضح من خلالها مسؤولية الحكومة لمقابلة ومحاولة إشباع احتياجات أفراد المجتمع، ويتباين شروط تقديمها وتحديد المستفيد منها طبقا للأيديولوجية السائدة في المجتمع، وتعتبر البرامج والمشروعات وسائل علمية مخططة عن طريقها يمكن تحقيق الرعاية الاجتماعية من خلال مؤسساتها، وتؤثر الرعاية الاجتماعية وتتأثر بامتزاج القيم والأهداف والمبادئ التاريخية منها والقائمة في إطار واحد.(السروجي، 2004، 75).

هذا التعريف اعتبر الرعاية الاجتماعية إحدى مسؤوليات المجتمع بمختلف مؤسساته لتحقيق الحماية الاجتماعية، وذلك من خلال توزيعها على المستفيدين سواء كانوا أفراد أو أسر ممن كانت مواردهم غير كافية لإشباع حاجاتهم الإنسانية، ويتم ذلك من خلال مؤسسات خاصة بالرعاية الاجتماعية حكومية أو أهلية أو دولية وهي مؤسسات لها فلسفتها ولوائحها وبرامجها وأهدافها.

وعرفها روبرت موريسRobertMorris: بأنها مجموعة الجهود الحكومية والأهلية لتخفيف آلام الناس الذين  هم في حاجة إلى مساعدة، وغير القادرين على إشباع حاجاتهم الأساسية بواسطة أسرهم وسوق العمل(أبو النصر، 2009، 29)..

من خلال ما سلف ذكره حول تعاريف الرعاية الاجتماعية نلاحظ وجود شبه إجماع على أن الرعاية هي: مجموعة من الجهود والبرامج والخدمات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والأهلية والدولية، التي هدفت إلى مساعدة الأفراد والجماعات والنظم والاجتماعية على القيام بوظائفهم وإشباع حاجاتهم الضرورية، مع مراعاة العدالة والمساواة.

3ــــ الطفل

لقد تعددت واختلفت التعاريف حول مفهوم الطفل؛ فكل يعرفه حسب وجهة نظره وحسب تخصصه، وعليه يصعب إيجاد تعريف كامل وشامل لهذا المصطلح، ومنه نحاول ذكر أهم التعاريف ابتداء من التعريف اللغوي إلى بعض التعاريف الاصطلاحية.

3-1-الطفل: لغة

الطفل الرخص الناعم من كل شيء، أو الصغير من كل شيء (الفيروز أبادي، ب-د-ت،07)، ولا تطلق كلمة طفولة إلا على الكائنات الحية، فالكائنات الحية لها طفولة تبدأ مع مولدها وظهورها، أما الجماد فلا طفولة له ولكن بالجدة وإذا طال به العمر نصفه بالقدم (رشوان، 2007، 01).

وعليه فإن مصطلح الطفل يطلق على الكائنات الحية فقط، وليس على الجماد والأشياء، وتكون الطفولة حسب التعاريف السابقة بالنسبة للإنسان منذ يوم ولادته إلى غاية مرحلة البلوغ والاحتلام.

3-2– الطفل: اصطلاحا

لقد اعتبر العلماء والباحثين أن الطفل عبارة عن عالم من المجاهل المعقدة كعالم البحار الواسع الذي كلما خاضه الباحثون كلما وجدوا فيه كنوزاً وحقائق علمية جديد لا زالت متخفية عنهم، وذلك لضعف وضيق إدراكهم المحدود من جهة، واتساع نطاق هذا العالم من جهة أخرى، وعليه صعب عليهم إعطاء تعريف شامل وكامل للطفل، ونحاول في هذا الصدد الإلمام قدر الإمكان بذكر أهم التعاريف المقاربة لمفهوم الطفل والتي نوجزها فيما يلي:

3-2-1- الطفل في الشريعة الإسلامية

تُولي الشريعة الإسلامية اهتماما بالغا بالطفل بحيث يبدأ الاهتمام قبل خروجه من بطن أمه في مرحلة تكوين الجنين وتنتهي بالبلوغ (مصطفى، 2007، 07)، والبلوغ في الفقه الإسلامي هو البلوغ الطبيعي ببلوغ النكاح؛ وهو بأن تظهر في الغلام مظاهر الرجولة والقدرة على النكاح، وفي الأنثى الحيض والاحتلام، فإذا لم تظهر شيء من هذه العلامات الطبيعية كان البلوغ بالسن.

كما بين الله تعالى نهاية الطفولة في قوله "وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم "(سورة النور، الآية 59).

وفيالقرآن الكريم ورد لفظ الطفل بألفاظ عديدة معناها قريب من معنى الطفل نذكر منها:

-الصبي: كما ورد في قوله تعالى " يا يحي خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا" (سورة مريم ،الآية 12).

-الولد: كما في قوله تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد منكم أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف        "(سورة البقرة، الآية 233).

-وليد: كما في قوله تعالى " قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين "(سورة الشعراء، الآية 18).

-الفتى: كما في قوله تعالى " نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى "(سورة الكهف، الآية 13).

وفيالسنة النبوية الشريفة، وفضلا عما ورد في القرآن الكريم من ألفاظ مرادفة لمصطلح الطفل والتي سبق بيانها، نجدها قد زادت ألفاظا أخرى تدل على معنى الطفل، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " رفع القلم عن ثلاث :عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر  وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق " وكثر استعمالها عند الفقهاء، فمن هذه الألفاظ وأشهرها والأكثر استعمالا لها في جميع أبواب الفقه وفي شتى فروع الشريعة لفظ الصغير بمعنى الطفل(فخار،2015،19)، ولفظ الطفل يطلق في مفهوم الفقهاء على الصغير من وقت انفصاله إلى البلوغ(بختي،2013،24).

3-2-2- الطفل في القانون

تعريف الطفل في الاتفاقيات الدولية: اعتمدت اتفاقية حقوق الطفل وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25المؤرخ في 20نوفمبر 1989، ودخلت حيز التنفيذ في 02سبتمبر 1990بتصديق 20دولة عليها وفي 24جانفي 1997بلغ عدد الدول التي صادقت عليها 189دولة.

وبالرجوع إلىمحتوى هذه الاتفاقية يمكننا تعريف الطفل بناء على ما جاء في المادة الأولى: يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه (علام،2009، 63)، وعليه حتى يكون الشخص طفلا يجب أن يكون أولا غير بالغ سن الثامنة عشر، وأن لا يكون القانون الوطني يحدد سنا للرشد أقل من ذلك (فخار،2015، 26).

نجد أن اتفاقية حقوق الطفل وفي مادتها الأولى حددت مرحلة الطفولة إلى غاية سن الثمانية عشر كاملة بشرط أن يكون القانون الوطني كذلك يحدد سن الرشد بهذا السن وان لا يحدد اقل من ذلك أو أكبر.

تعريف المشرع الجزائريللطفل: هو كل شخص لم يبلغ الثامنة عشر 18سنة كاملة، ويفيد مصطلح حدث نفس المعنى (القانون12-15، 2015).

لقد حدد المشرع الجزائري سن الطفولة إلى غاية الثمانية عشر عاما كاملة، وهو ما يتوافق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في تحديدهم لهذا السن، كما أن المشرع الجزائري لم يفرق بين مصطلح الحدث أو الطفل وهما يحملان نفس المعنى.

3-2-3- الطفل لدى علماء الاجتماع وعلماء النفس

الطفولة من وجهة نظر علماء الاجتماع هي تلك الفترة المبكرة من الحياة الإنسانية التي يعتمد عليها الفرد على والديه اعتمادا كليا فيما يحفظ حياته، ففيها يتعلم ويتمرن للفترة التي تليها، وهي عبارة عن قنطرة يعبر عليها الطفل حتى النضج الاقتصادي والفسيولوجي والعقلي والنفسي والاجتماعي والخلقي والروحي، والتي تتشكل خلالها حياة الإنسان ككائن اجتماعي (رشوان،2007، 03).

وعليه فإن الطفل هو ذلك الانسان في المرحلة الأولى من الحياة، ويكون في هذه المرحلة معتمدا بشكل كبير على والديه؛ واعتماده على والديه ليس بشكل دائم؛ حتى يكتمل لديه النمو الاقتصادي والفسيولوجي والعقلي والنفسي والاجتماعي والخلقي والروحي حتى يصبح كائنا اجتماعيا فعالا.

ويعرف بعض العلماء السيكولوجيين الطفولة بأنها: المرحلة التي تبدأ بعد الفطام وتنتهي عند سن البلوغ أو الحلم أي الفترة التي تقع من (18و24شهر) إلى غاية بلوغ سن الرشد (18أو 21سنة) (فهمي،2014، 26).

واعتبر حسين عبد الحميد رشوان الطفولة: أنها الفترة التي نخطئ فيها ونرتكب الكثير من الهفوات، والإنسان يتعلم من الخطأ، ولذلك من حسن حظ البشر أن لهم فترات طفولة طويلة وكلما طالت هذه الفترة، وكلما كثرت الأخطاء كلما كان التعلم أكثر (رشوان،2012، 05).

من خلال التعاريف السابقة نجد أن مفهوم الطفولة من المفاهيم والمصطلحات التي تناولتها تخصصات مختلفة فتعددت التعاريف تبعا لذلك الاختلاف، وبالرغم من هذا الاختلاف فإننا لاحظنا أنه يوجد شبه إجماع بين العلماء على أن مفهوم الطفولة هي المرحلة العمرية التي تبدأ من الميلاد وحتى بلوغ سن الرشد، وهي الفترة التي يعتمد فيها الطفل على والديه اعتمادا كليا في تلبية حاجياته.

وهكذا يمكن القول أن الطفل هو الشخص الذي لم يبلغ سن الثامنة عشر من عمره وهو بحاجة ماسة لجو أسري يضمن له لمختلف أشكال الرعاية النفسية والاجتماعية والصحية والتعليمية حتى يصبح قادرا على الاعتماد على نفسه.

4- الأطفال المعرضون للخطر

لقد تعددت واختلفت التعاريف المتعلقة بالأطفال المعرضين للخطر، غير أنها تجتمع في مجملها في شكل الإساءة والحرمان والتهميش الذي يجعل من هذه الفئة معرضة للخطر بشقيه المادي والمعنوي، وسنتطرق لأهم التعريفات على النحو الآتي:

الأطفال المعرضين للخطر همالأطفال المساء إليهم أو الذين يتعرضون للإهمال ويحرمون من إشباع حاجاتهم الأساسية، وقد تكون هذه الإساءة جسدية من جانب الآباء أو من يتولون رعاية الطفل كالضرب المبرح والكي بالنار أو الجرح أو الكسر والتأخر في السعي لعلاج الطفل والإساءة النفسية لهم، وعدم توفر الرعاية المناسبة للطفل وعدم إرشاده والإيذاء النفسي بالنبذ أو التجاهل والعزلة وغيرها (حبيب،2010، 137).

من خلال هذا التعريف نجد أن الأطفال المعرضين للخطر هم الأطفال المهملين الذين يتعرضون لنوعين من الإساءة وهي الإساءة الجسدية من خلال العنف المادي والاعتداء بالضرب، أو يتعرضون للإساءة النفسية من خلال العنف المعنوي والإيذاء النفسي بمختلف أشكاله وهو ما يجعلهم في حالة خطر.

كما تم تعريف الأطفال المعرضين للخطر على أنهم الأطفال المعرضين لفقد الرعاية الأسرية الكاملة، وكذلك المحرومين من إحدى حقوقهم والأطفال المساء إليهم نتيجة التربية الخاطئة (عثمان،2017، 72).

وعليه فان الحرمان من الرعاية الأسرية يجعل الطفل عرضة للخطر، وهذا لعدم توفر الحماية والرعاية الأسرية التي توفر له العطف والحنان، وفقدان الأسرة بالنسبة للطفل تجعل منه فريسة سهلة للشارع، كما أن إساءة معاملة الطفل وحرمانه من حقوقه تشكل كلها أرضية خصبة لإعداد مجرم في المستقبل.

أما المشرع الجزائري عرف الطفلفيخطر (القانون12-15، 2015): هو الطفل الذي تكون صحته أو أخلاقه أو تربيته أو أمنه في خطر أو عرضة له، أو تكون ظروفه المعيشية أو سلوكه من شأنهما أن يعرضاه للخطر المحتمل أو المضر بمستقبله، أو يكون في بيئة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر، وتعتبر من بين الحالات التي تعرض الطفل للخطر:

ـــ فقدان الطفل لوالديه وبقائه دون سند عائلي.

ــــ تعريض الطفل للإهمال أو التشرد.

ـــ المساس بحقه في التعليم.

ــ التسول بالطفل أو تعريضه للتسول.

ـــ عجز الأبوين أو من يقوم برعاية الطفل عن التحكم في تصرفاته التي من شأنها أن تؤثر على سلامته البدينة أو النفسية أو التربوية.

ــــ التقصير البين والمتواصل في التربية والرعاية.

ـــ سوء معاملة الطفل، لاسيما بتعريضه للتعذيب والاعتداء على سلامته البدنية أو احتجازه أو منع الطعام عنه أو إتيان أي عمل ينطوي على القساوة من شأنه التأثير على توازن الطفل العاطفي أو النفسي.

ـــ إذا كان الطفل ضحية جريمة من ممثله الشرعي.

ـــ إذا كان الطفل ضحية جريمة من أي شخص آخر إذا اقتضت مصلحة الطفل حمايته.

ــــ الاستغلال الجنسي للطفل بمختلف أشكاله، من خلال استغلاله لاسيما في المواد الإباحية وفي البغاء وإشراكه في عروض جنسية.

ـــ الاستغلال الاقتصادي للطفل، لاسيما بتشغيله أو تكليفه بعمل يحرمه من متابعة دراسته أو يكون ضارا بصحته أو بسلامته البدنية و/ أو المعنوية.

ــ وقوع الطفل ضحية نزاعات مسلحة وغيرها من حالات الاضطراب وعدم الاستقرار.

ــ الطفل اللاجئ.

من خلال هذا التعريف نجد أن المشرع الجزائري قد وضح جوانب في شخصية الطفل وبيئته، التي تعتبرا مؤشرا على سقوطه في دائرة الخطر أو كان عرضة لها، فإذا توفرت هذه المؤشرات يمكن أن نطلق مصطلح الطفل في خطر، وقد حددها في الجوانب الشخصية منها الأخلاقي والتربوي والسلوكي، والجانب الأمني (الحماية)، وأما الجوانب البيئية فهي الظروف الاجتماعية المحيطة ببيئة الطفل والتي تعرض سلامته البدنية والنفسية والتربوية للخطر. 

خامسا - الإطار النظري للدراسة:

1-                      مفهوم رعاية الطفولة من منظور الخدمة الاجتماعية

تعدرعاية الطفولة نسقا فرعيا من النسق العام للرعاية الاجتماعية، والتي تسعى إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي للطفل وتهيئة الظروف المناسبة لنموه السليم، كما أن رعاية الطفولة تعني حمايتهم ووقايتهم من المخاطر التي يتعرضون لها وحماية حقوقهم.

وقد شهد العالم في العقدين الأخيرين تطورا ملحوظا في رعاية الطفولة؛ تمثل في إنشاء العديد من المؤسسات الاجتماعية والثقافية والصحية، خاصة بعد التغير الذي طرأ على مكانة المرأة نتيجة دخولها سوق العمل وتقلص مسؤوليتها ووظيفتها كأم وزوجة في رعاية وتربية أبنائها، مما تطلب تدخل الدولة وبذل الكثير من الجهود الحكومية لتوفير الخدمات البديلة لغياب المرأة عن الأسرة.

وتشملرعاية الطفولة بمفهومها الحديث مختلف الأنشطة والبرامج والخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والتربوية التي تقدمها المؤسسات سواء الحكومية أو الأهلية، وتستهدف هذه المؤسسات تنمية الأطفال في المجتمع في جميع النواحي الفكرية والجسمية والعاطفية، وقد أسهمت المنجزات التي تحققت في العلوم  الطبية والإنسانية خلال هذا القرن في تغيير اتجاهات المجتمع نحو الأطفال، ولعل أحدث الاتجاهات في حماية الطفل هو العمل على توفير جميع متطلباته في أسرته الطبيعية باعتبارها الوسط الوحيد لتنشئته تنشئة سوية، فقد أثبتت الدراسات والتجارب الخاصة بمؤسسات رعاية الطفولة بأن الوسط الطبيعي لنشأة الطفل ونموه هو وجوده بين أبويه وإخوته (الديلمي،2014، 162).

وعليه فإن مصطلح رعاية الطفولة يتضمن كل أنواع الأنشطة والخدمات التي توفر الرفاهية العامة للأطفال، من خلال نسق منظم للخدمات والمؤسسات المختلفة التي تستطيع تقديم المساعدات والخدمات اللازمة لهم، وهذا لتحقيق مستويات ملائمة للمعيشة المناسبة والصحة الجيدة والغذاء الكامل والتعليم والترفيه؛ بهدف تدعيم علاقاتهم الشخصية والاجتماعية التي تسمح لهم بتنمية قدراتهم وتحقيق نموهم، وتحسين حياتهم بحيث تنسجم وتتوافق مع حاجات المجتمع.

وقد عرفت منظمة رعاية الطفولة بالمكتب الإداري لرعاية الأطفال بالولايات المتحدة الأمريكية رعاية الطفولة: هي تلك الخدمات المتخصصة من أجل الرعاية الاجتماعية، والتي تعني أساسا بالطفل الذي تشبع حاجاته في الأسرة، أو داخل أي منظمات اجتماعية أخرى، وهذه الخدمات تصاغ بحيث تحقق الإشباع عن طريق تقوية وتعزيز مقدرة الوالدين على بذل الرعاية وتقديم ما يحتاجه الطفل من حب وإرشاد، وكذلك تقوية علاقات الأسرة بالمنظمات الاجتماعية؛ وذلك عن طريق استكمال الرعاية بمعالجة نواحي الضعف والخلل أو القصور في تلك الرعاية، أو التعويض عنها بتولي الرعاية المتوقعة للطفل من أسرته وضمان توفير وصياغة هذه الرعاية بقدر الإمكان(غباري،2011، 22).

وتأسيسا على هذا التعريف فإن رعاية الطفولة هي: جملة من خدمات الرعاية التي تقدمها الأسرة أو إحدى المؤسسات الاجتماعية لفائدة الأطفال من أجل إشباع حاجاتهم الإنسانية، وقد ركز التعريف على الجوانب النفسية والعاطفية، إضافة إلى التأكيد على دور الأسرة في رعاية أبنائها من خلال تقوية علاقاتها مع باقي المؤسسات الاجتماعية الأخرى من اجل استكمال الرعاية.

وقد عرفها محمد سلامة محمد غباري: على أنها الجهود والخدمات المنظمة والبرامج التي تحقق إشباع حاجات الأطفال الضرورية للنمو لكل نوعياتهم؛ لتحسين أحوالهم الاجتماعية والنفسية والعقلية والصحية؛ بهدف حمايتهم والنهوض بمستوياتهم ومساعدتهم للنجاح في آداء أدوارهم وأدوار آبائهم الاجتماعية؛ للاستفادة بأكبر قدر ممكن من الموارد والمساعدات التي يوفرها المجتمع بمؤسساته الأهلية والحكومية (غباري، 2011، 23).

وعليه فإن رعاية الطفولة تكون من خلال مجموعة من الخدمات والبرامج التي يقدمها المجتمع لفئة الأطفال المحرومين من الرعاية بمختلف أشكالها، وهذا من أجل إشباع حاجاتهم الإنسانية، وذلك بمقابلة الاحتياجات بخدمات الرعاية؛ وهذا كله من أجل تحسين أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم، ولا تتوقف الرعاية عند الأطفال بل تتجه نحو أسرهم وباقي أفراد ومؤسسات المجتمع.

2-                      خصائص وسمات رعاية الطفولة

من خلال التعاريف السابقة لرعاية الطفولة، نستخلص جملة من الخصائص والسمات التي نوجزها على النحو الآتي:

-                       الرعاية الاجتماعية للطفولة هي عبارة عن جهود وخدمات وبرامج منظمة تقدم للأطفال وأسرهم لمساعدتهم على النجاح وأداء أدوارهم وأدوار آبائهم الاجتماعية حتى ينجحوا في تنشئتهم وتنميتهم بصورة تربوية سليمة. حيث أن معظم مشكلات الطفولة ترجع إلى سوء العلاقات الأسرية، سواء كانت علاقة الآباء بالأبناء أو علاقة الآباء بالأمهات أو علاقة الأبناء بعضهم ببعض، فيصبح كل فرد عاجزا عن آداء أدواره، وتكون النتيجة هي عجز الآباء عن توفير الرعاية المطلوبة لأبنائهم مما يدفعهم للتشرد والانحراف، أو يجعلهم في أمس الحاجة إلى مساعدة مؤسسات رعاية الطفولة.

-                       تهتم الرعاية الاجتماعية للطفولة بتقديم خدمات الرعاية للأطفال الذين يعجز أبائهم عن الوفاء بالتزاماتهم التربوية ويعجزون عن إعالة أبناءهم من خلال تقديم جملة من خدمات الرعاية المكملة للرعاية والإشراف الوالدي بهدف النهوض بمستوى رعاية الأطفال ورفاهيتهم وحمايتهم من الإهمال وسوء المعاملة وسوء الاستغلال.

-                       اهتمام رعاية الطفولة بدرجة كبيرة بتوصيل مساعدات وموارد المجتمع إليهم، حيث أن المجتمع هو المسؤول والملزم بالعمل على تكامل وتعزيز قوة الأسرة بما يساعدها على تأدية واجباتها الوالدية، أو تقديم أوجه الرعاية البديلة إذا عجزت الأسرة عن ذلك عن طريق موارد المجتمع المختلفة؛ سواء كانت بالمؤسسات أو بالهيئات أو أي موارد أخرى موجودة بالمجتمع البشرية منها والمادية، فالجهود المنظمة والخدمات والبرامج اللازمة لرعاية الطفولة لكي تنجح في تحقيق أهدافها فهي تحتاج إلى تدعيم المجتمع لها بما يقدمه من مساعدات وموارد مختلفة لتحقيق الرفاه المناسب للطفولة بكل أنواعها (غباري،2011، 27).

-                       تعتبر برامج الرعاية الاجتماعية استثمار حقيقي لهذه الفئة على المدى البعيد، فهذه البرامج ليست للاستهلاك وفقط بل تسعى إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى، وكما يقال إنها نبتة اليوم وشجرة الغد، فأطفال اليوم الذين يتلقون الرعاية والمساعدة على إشباع حاجاتهم المختلفة والضرورية للنمو هم المورد البشري للمجتمع في المستقبل، فكلما قمنا بتقوية هذا المورد كلما كان المجتمع قويا في المستقبل، وعليه فإن رعاية الطفولة هي استثمار للمورد البشري بعيد المدى.

-                       يعتبر التنظيم الرسمي لبرامج وخدمات رعاية الطفولة من أهم سمات وخصائص الرعاية الاجتماعية للطفولة، فتكون ممارسة الرعاية في إطار رسمي من خلال منظمات وهيئات ومؤسسات المجتمع؛ وفقا لبرامج وخدمات تم التخطيط لها وتنفيذها وفقا لأنسب الأساليب والوسائل من جهة ومن جهة أخرى الأخذ في الاعتبار موارد وقدرات المجتمع.

يتضح لنا من خلال التعاريف المتعددة لمفهوم رعاية الطفولة وخصائصها بأن رعاية الطفولة هي أحد ميادين ومجالات الخدمة الاجتماعية التي من شأنها أن تقدم الحلول لمشاكل الأطفال الذين لم تتح لهم فرصة إشباع حاجاتهم الإنسانية، وذلك من خلال تقديم الخدمات والبرامج للأطفال المعرضين للخطر كما تهتم بتقديم أوجه الرعاية لأسرة الطفل وكذا ترتبط بتقديم الخدمات للبيئة الخارجية والمحيطة بالطفل، وتكون عملية المساعدة بالاعتماد على مداخل أساسية ومهمة.

3-                       المداخل الأساسية للخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة

تقوم الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية على مجموعة من المداخل الأساسية التي يتطلب على الأخصائي الاجتماعي إتباعها في العمل مع الأطفال المعرضين للخطر، حيث أنها تفيد في توجيه العمل والممارسة نحو تحقيق الأهداف مع هؤلاء الأطفال من حيث إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.

وفيما يلي عرض موجز لأهم المداخل التي تطرق اليها الباحث أحمد محمد موسى التي يمكن استخدامها في العمل مع هؤلاء الأطفال (موسى،2005، 86-93):

3-1-                المدخل النفسي الاجتماعي

   يساعد تطبيق هذا المدخل في التعرف على المشكلات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالطفل بالإضافة إلى ضرورة تحليل المشكلة للتعرف على العوامل المؤثرة فيها.

    ويرتبط هذا المدخل بعمليات أساسية يقوم بها الأخصائي الاجتماعي مع الطفل والأسرة، وكل من لهم تأثير في المشكلة خاصة في عملية الدراسة، وهذا بالإضافة إلى التركيز على الجوانب الإجرائية وعدم استهلاك الوقت والمجهود في دراسة أسباب المشكلة فقط، وبالآتي تصبح عمليات الدراسة والتشخيص والعلاج عمليات مترابطة مع بعضها البعض ومتداخلة يراعي فيها الأخصائي ضرورة الانتقال من مرحلة لأخرى.

     ويتضمن المدخل ضرورة تحقيق أهداف محددة في شخصية الطفل على رأسها تعديل سلوكه وتغيير اتجاهاته؛ ويركز المدخل النفسي الاجتماعي على استخدام أساليب مهنية محددة، منها أساليب مباشرة وتكون موجهة نحو الطفل كالنصح والضغط والسلطة المهنية والإيحاء وإتاحة الفرصة للتنفيس عن مشاعر الكراهية ومشاعر الإحساس وبالضغوط،  كما يستعمل كذلك الأخصائي الاجتماعي أساليب غير مباشرة وتكون موجهة نحو المحيط الخارجي للطفل من خلال التأثير على الأشخاص المحيطين به، وتعديل اتجاهاتهم مما يحقق القبول المتبادل بين الطرفين تمهيدا لإدماجه في الأسرة وباقي مؤسسات المجتمع.

3-2- المدخل التأهيلي

يعد المدخل التأهيلي المؤدي إلى تأكيد عودة الطفل لبيئته الطبيعية (الأسرة)، وكذلك رغبته الواضحة في الاندماج الاجتماعي مع المجتمع بما فيه من مؤسسات تعليمية وتدريبية. ويكون التأهيل للطفل من خلال استعادة الطفل لقدراته النفسية والاجتماعية والعقلية، وتستخدم بطريقة ايجابية من أجل إدماجه مرة أخرى مع الأسرة والمجتمع من خلال العمليات اللازمة لذلك؛ وعليه فإن عملية التأهيل بالنسبة للطفل الموضوع في مؤسسة الرعاية تبدأ منذ استقباله في المؤسسة من خلال البرامج والخدمات المقدمة له إلى غاية تحقيق الأهداف المرجوة.

    ويتعامل الأخصائي الاجتماعي مع الطفل ضمن إطار المدخل التأهيلي من خلال:

-                       النظر إلى الطفل نظرة متكاملة من كافة الجوانب.

-                       توجيه انتباه الطفل إلى ضرورة المشاركة في العمليات المختلفة التي يمكن أن تعيد تأهيله نفسيا واجتماعيا شرطا أساسيا لمساعدته بالمؤسسة.

-                       تبدأ عملية التأهيل منذ انضمام الطفل بالمؤسسة ويصبح من الأبناء المنتظمين بها.

-                       ضرورة مشاهدة الطفل ومناقشته في نتائج عمليات التأهيل سواء كانت تأهيل اجتماعي بالمقابلات والمناقشات أو من خلال برامج التدريب المهني لتحقيق التأهيل المهني عن طريق الأبناء الذين تم إلحاقهم بالعمل بعد تدريبهم.

-                       عدم اتخاذ قرار بمساعدة الطفل في مجال من مجالات التأهيل قبل إقناعه ومعرفته بالأدوار المطلوبة منه والنتائج التي يمكن أن يحصل عليها.

-                       ضرورة تكريس مبدأ العلاقة المهنية بين أعضاء فريق العمل في التأهيل من جهة والطفل من جهة أخرى، لأن أي عوامل سلبية في العلاقة المهنية يؤثر على باقي العمليات.

-                       تهيئة الطفل نفسيا واجتماعيا وتعليميا عند دخوله في بعض عمليات التأهيل حتى لا يكون هناك أضرار نتيجة شعوره بالضغط وعدم الرغبة في هذه العمليات.

3-3-المدخل المعرفي السلوكي

يعد المدخل السلوكي من المداخل الأساسية في التعامل مع الأطفال؛ لأنه يرتبط بمشكلة الطفل ودراستها حتى الوصول إلى جوانب العلاج المرتبطة بها، ويستخدم الأخصائي الاجتماعي هذا المدخل على النحو الآتي:

-                       تحديد مشكلة الطفل: من خلال جمع المعلومات الأساسية عن العملاء(الأطفال) ومعرفة المشكلات التي يعانون منها وظروفهم المختلفة.

-                       تحديد أولويات عمليات المساعدة مع الأطفال:ومن الضرورة مشاركة الطفل في تحديد تلك الأولويات وتكون الأولويات كما يلي: أ - العودة للأسرة. ب – العودة للمدرسة. ج – العلاج الطبي والأمراض. د – التدريب المهني لاكتساب مهنة معينة.

ويمكن القول أن الأولويات تختلف باختلاف حالة الطفل، ويمكن للأخصائي الاجتماعي أو لفريق العمل استخدام المقابلات بمختلف أنواعها والاستبيان في تحديد تلك الأولويات والملاحظة، كما يستخدم المقاييس العلمية المناسبة في هدا المجال.

-                       عمليات المساعدة أو العلاج: تعبر عملية المساعدة أو العلاج عن العلاقة المهنية والعلاجية بين الطفل والأخصائي الاجتماعي كمعالج للطفل في هذا المجال، ومن الضروري مراعاة الارتباطات بين الأخصائي والطفل، وكذا مراعاة البرامج والاعمال التي يجب أن يقوم بها الطفل كسلوكيات بديلة، وكذا مراعاة المهام المحددة والمتمثلة في الأنشطة المحددة والمسؤوليات التي يجب أن يقوم بها الطفل.

ما يمكن قوله بعد هذا العرض لأهم المداخل التي يعتمدها الأخصائي الاجتماعي في رعاية الأطفال المعرضين للخطر؛ انه يعتمد على مداخل متعددة في عملية المساعدة ولا يتقيد بنموذج معين أو مدخل واحد لأنه يتعامل مع نسق الطفل ومع عدة أنساق أخرى كالأسرة والجماعة والمجتمع، فهو يساهم في الوصول بهم إلى أقصى درجات النمو الجسمي والنفسي والعقلي والاستثمار في قدراتهم بما يحقق عائدا على الطفل وأسرته ومجتمعه.

4-الدور التكاملي لطرق الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة

       إن الخدمة الاجتماعية تؤمن إيمانا علميا بأن الإنسان كائن اجتماعي لا يعيش في عزلة عن جماعاته ومجتمعه وعن المجتمع العالمي، فالإنسان منذ أن يولد وهو يؤدي أدوارا متعددة في نطاق الجماعات التي ينتمي إليها وتختلف هذه الأدوار باختلاف مراحل نموه، كما أن هذه الأدوار الاجتماعية المختلفة بالنسبة للفرد الواحد أو بالنسبة للجماعة تزداد عددا وتعقدا مع التغيرات الحضارية المجتمعية. وتحرص الخدمة الاجتماعية كجانب وقائي على أن يكون أداء الفرد لدوره الاجتماعي يتفق مع ما يتوقعه وما ترتضيه القيم الأخلاقية والدينية، كما أنها تتدخل إذا أخل أداء الفرد لهذا الدور كجانب علاجي.

ولما سلف ذكره؛ فإنممارس الخدمة الاجتماعية يقدم خدماته في مجال رعاية الطفولة بإتباع طرق الخدمة الاجتماعية الثلاثة: خدمة الفرد، خدمة الجماعة وتنظيم المجتمع، وسنأتي على شرح كل طريقة من طرق الخدمة الاجتماعية على النحو الآتي:

4-1-                طريقة خدمة الفرد في مجال رعاية الطفولة:

في عام 1915نشرت ماري ريتشموند Mary Richmond   أول كتاب علمي في خدمة الفرد، وهي كذلك أول من وضع تعريفا لهذه الطريقة، وفي عام 1917تم الاعتراف بطريقة خدمة الفرد كأول طريقة في مهنة الخدمة الاجتماعية، ثم نشرت ماري ريتشموند كتابا هاما في عام 1922بعنوان ما هي خدمة الفرد؟

ويقصدبطريقة خدمة الفرد في الخدمة الاجتماعية حسب تعريف هيلين برلمان أنها: عملية تمارس في مؤسسات اجتماعية لمساعدة الأفراد على المواجهة الفعالة للمشكلات التي تعوق أدائهم لوظائفهم الاجتماعية (أبوالنصر، 2009، 81).

وعليه تعتبر طريقة خدمة الفرد إحدى الطرق الرئيسية في مهنة الخدمة الاجتماعية؛ وهي هدفت إلى مساعدة الأفراد الذين لديهم مشكلات فردية أو يواجهون عقبات في أدائهم الاجتماعي، وهي ترتكز على قاعدة علمية معرفية منبثقة من العلوم الإنسانية والاجتماعية، وتمارس من طرف أخصائيين اجتماعيين أعدوا الأعداد المهني المناسب لتحقيق أهداف الخدمة الاجتماعية عامة وأهداف خدمة الفرد خاصة.

ويقصد بطريقة خدمة الفرد في مجال رعاية الطفولة: أنها الطريقة التي يمارسها أخصائي خدمة الفرد مع الأطفال الذين تواجههم مشكلات بيئية أو ذاتية تجعلهم عاجزين عن التوافق الاجتماعي، بما يجعلهم في أمّس الحاجة للعون والمساعدة التي يجدونها في مؤسسات رعاية الطفولة التي أعدت خصيصا لرعايتهم، بعد أن زودت بالإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق أهدافها، ولن تنجح تلك المؤسسات في تحقيق أهدافها إلا على يد أخصائي اجتماعي الذي أعد الإعداد السليم للممارسة هذه المهنة الشاقة التي لا ينجح فيها إلا من آمن بها وأحبها وعندئذ يهون كل جهد ويسهل كل صعب في سبيل نجاح تلك المهنة الإنسانية العظيمة (غباري، 2011، 292-293).

وعند ممارسة الأخصائي الاجتماعي لطريقة خدمة الفرد مع فئة الأطفال الذين يعانون من مشاكل مختلفة ونقص في إشباع احتياجاتهم المختلفة، فلابد عليه أن يتأكد من أن المهمة صعبة، وهنا يستعين بالخبرات والقدرات والمهارات التي اكتسبها خلال فترة إعداده ومساره العلمي والعملي.  وتمر طريقة خدمة الفرد في مجال رعاية الأطفال بثلاث عمليات أساسية وهي: الدراسة، التشخيص والعلاج.

– عمليةالدراسة: تكون الدراسة في خدمة الفرد من خلال جمع الحقائق والمعلومات والمعطيات التي عن طريقها يتم توضيح الموقف (المشكلة) من جميع جوانبه، وتتم عملية جمع الحقائق حسب خطة موضوعة وبطريقة منظمة، تبدأ منذ أول يوم لقاء الأخصائي الاجتماعي مع الطفل أو أي طرف آخر من أطراف المشكلة، وتستمر في جميع المقابلات الآتية، حيث أنها عملية مستمرة لا تنتهي إلا بانتهاء عملية المساعدة.

- عملية التشخيص:يقصد به تفسير وتحليل الحصيلة والمعطيات والمعلومات التي تم جمعها في مرحلة الدراسة؛ بهدف معرفة العوامل والأسباب التي أدت إلى المشكلة (الموقف) الذي يعاني منه الطفل؛ حتى يتمكن الأخصائي من وضع الخطة العلاجية المناسبة، والتشخيص المتكامل حسب محمد سلامة محمد غباري يشتمل على مجموعة من الخطوات نوجزها على النحو الآتي:

-                       تحديد المجال العام للمشكلة أي نوعها العام.

-                       تحديد النوعية الخاصة للمشكلة.

-                       تحديد نوعية العوامل المؤثرة في المشكلة ونعني بها العوامل البيئية والذاتية.

-                       تفسير العوامل المتداخلة في المشكلة وتوضيح مدة تفاعلها أفقيا ورأسيا.

-                       تحديد مناطق العلاج بمعنى تحديد المناطق المراد التأثير فيها وتغيرها.

وبعد هذه الخطوات يصل الأخصائي الاجتماعي إلى الصورة النهائية للتشخيص بعد أن شخص المشكلة وحدد جوانبها ورسم خطة علاجية.

- عملية العلاج: عرفت فاطمة الحاروني العلاج على أنه: العمل على تحسين الوظيفة الاجتماعية للعميل عن طريق العلاقة المهنية والحصول على الخدمات التي يشير بها التشخيص السليم وذلك بواسطة السيطرة على البيئة والتأثير في السلوك (الجميلي،1996، 191).

وبعد عمليتي الدراسة والتشخيص يكون الأخصائي الاجتماعي قد تحصل على كم لا بأس به من المعطيات والمعلومات حول الموقف، وكذا العميل، وفي هذه المرحلة يقوم برسم خطة تحتوي على مجموعة من العمليات والخدمات التي تستهدف التأثير الايجابي في ذات العميل أو في ظروفه المحيطة، لتحقيق أفضل أداء ممكن لوظيفته الاجتماعية أو لتحقيق أفضل استقرار ممكن لأوضاعه الاجتماعية في حدود إمكانيات المؤسسة.

وعليهيمثل الفرد وبيئته وحدة متكاملة لا يمكن الفصل بينهما؛ فما يحدث للطفل يؤثر في بيئته وينعكس عليه، لذا كان من الطبيعي أن ينقسم العلاج إلى نوعين تبعا لنوع العوامل المسببة لمشكلات العميل وموقفه وهما العلاج البيئي والعلاج الذاتي (الجميلي، 1996، 195-196):

-                       العلاج البيئي:ويقصد به تلك الجهود التي تبذل للتخفيف من الضغوط الخارجية والخدمات العملية التي تقدم للعميل سواء من المؤسسة أو من مصادر البيئة المختلفة، وفي هذا النوع توجه الجهود إلى القوى الكامنة في بيئة العميل لتحسين قدرته على التلاؤم الاجتماعي والأداء الوظيفي في الحياة، وينقسم العلاج البيئي إلى قسمين: خدمات مباشرة وخدمات غير مباشرة.

- العلاج الذاتي:يهدف العلاج الذاتي إلى تقوية ذات العميل بما يمكنه من التوفيق بين مطالبها ومطالب المجتمع ومقتضيات الواقع؛ لكي تنهض بمسؤولياتها على النحو الذي يجنب العميل مواقف الصراع والقلق والتوتر، وإذا كان الهدف الأساسي للعلاج الذاتي هو تقوية الذات فإن هناك أهدافا فرعية تعاون في تكامل العلاج، وتتلخص هذه الأهداف في: وصول العميل إلى الاتزان الانفعالي والدراية الذاتية، وإدراك الواقع الخارجي وسلامة الاتجاهات الفكرية والنفسية وإقامة علاقات موضوعية في محاولات تعامله والقدرة على التكيف والتوفيق بين الرغبات المختلفة.

4-2-                طريقة خدمة الجماعة في مجال رعاية الطفولة

يعد والتر بتيت Walter Petitأول من أطلق مسمى خدمة الجماعة على العمل مع الجماعات، وفي عام 1935اعترف المؤتمر القومي للخدمة الاجتماعية بطريقة خدمة الجماعة Social Group Work، وفي عام 1936أنشئت الجمعية الأمريكية لدراسة خدمة الجماعة والتي عرفت بعد ذلك باسم الجمعية الأمريكية لأخصائي العمل مع الجماعات.

     وقد عرف كل من ولسن وريلاند Wilson & RYLANخدمة الجماعة على أنها عملية وطريقة بواسطتها يؤثر الأخصائي الاجتماعي على حياة الجماعة عن طريق توجيه التفاعل المتبادل نحو الوصول إلى الأهداف المشتركة (أبوالنصر، 2009، 83-84).

وتمارس خدمة الجماعة في مجال رعاية الطفولة وفق نوعين من الأساليب:

– البرامج التعليمية:من خلالها يتم التثقيف والتعليم بهدف فهم العلاقات المتبادلة في الأسرة، ومعرفة مدى وكيف تكون علاقة سوية وسليمة، بالإضافة إلى التوعية بكيفية مواجهة المواقف الإشكالية العادية، وبذلك نقضي على مسببات الصراع الأسري، وتزيل عوامل التوتر بما يؤدي إلى اتزان الأسرة واستقرارها ويجد الأطفال البيئة المناسبة للتنشئة الاجتماعية.

وأسلوب خدمة الجماعة في ذلك هو العمل مع الأسرة كجماعة لحل بعض المشكلات التي يرى الأخصائي أن حلها على أساس جماعي أيسر وأفضل من حلها مع بعض الذين يجدون صعوبة في تربية أطفالهم، خاصة صعوبات التكيف وبذلك يمكن تزويدهم بالمعلومات اللازمة وتثقيفهم بالمبادئ التربوية بصورة سهلة وبسيطة، وكذلك العمل مع جماعات الأطفال الذين يواجهون بعض المشكلات في منازلهم أو في مدارسهم أو في مؤسساتهم وتزويدهم بالمعلومات والمعارف اللازمة لسهولة تكيفهم وتعليمهم كيفية مواجهة تلك المشكلات.

– البرامج الاستشارية الجماعية أو العلاجية الجماعية: فهي هدفت إلى خلق بيئة أو وسط اجتماعي يصطبغ بصبغة انضباطية خاصة، بحيث يتسنى للأطفال اكتساب خبرات انفعالية تصحيحية جديدة بفضلها تستقيم لهم الأمور في حياتهم اليومية، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات الجماعية للآباء والأمهات الذين يواجهون مشكلات عدم تكيف أبنائهم، وذلك بتكوين جماعات صغيرة يكتسبون من خلالها الكثير من الخبرات والاستشارات الجماعية التي قد تؤثر فيهم بدرجة اكبر من تقديم الاستشارات بصورة فردية، خاصة إذا كانت هذه الجماعات تعاني من نوعيات متشابهة من مشكلات عدم تكيف أبنائهم، هذا بالإضافة إلى تكوين جماعات النشاط المختلفة التي يشغل فيها الطفل وقت فراغه.

وتعتبر حياة الطفل في نطاق الحياة الجماعية الموجهة من أفضل الأساليب التي تتيح له فرصة إشباع احتياجاته من الرعاية؛ من خلال ممارسة الأنشطة المختلفة لبرنامج الجماعة، وفي ظل قيادة واعية قادرة على المعاونة وإحداث التكيف والنمو الاجتماعي، وتتضمن هذه الخدمات النقاط الآتية (الجميلي، 1994، 95-96):

-تنظيم وإعادة شبكة العلاقات الاجتماعية للحدث حتى يتكيف مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه.

-إكسابه الصفات الاجتماعية الحسنة، من خلال القدرة على التفكير الواقعي المدرك لحقائق الأمور والقدرة على القيادة ومعرفة حقوقه وواجباته وإدراك المسؤوليات.

-إدراك أهمية النظام وتقديره في الحياة.

-الرغبة في الخدمة العامة بحيث يكون لديه الاستعداد لتقديم الخدمات في المجتمع الذي يعيش فيه، وتقدير أهمية وقيمة العمل سواء كان فكريا أو يدويا.

     وعليه فإن طريقة خدمة الجماعة في مجال رعاية الأطفال هدفت إلى نمو الطفل من خلال انتمائه كعضو في جماعات الأطفال المتواجدة على مستوى مؤسسات الرعاية، والتي يمارس فيها أنشطة جماعية بالإضافة إلى نمو الجماعة وذلك من خلال التفاعل الجماعي المشترك الذي يحدث بينهم.

4-3- طريقة تنظيم المجتمع في مجال رعاية الطفولة

في عام  1921نشر إدوارد ليندمان Edward Lindemannكتاب علمي عن تنظيم المجتمع  Community Organizatio،وفي عام 1939قدم روبرت لين Robertleenتقريرا عن مفهوم تنظيم المجتمع وضرورة ممارستها كطريقة من طرق الخدمة الاجتماعية، حيث قدمه للمؤتمر القومي السنوي للخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي سنة 1946تم الاعتراف بطريقة تنظيم المجتمع كطريقة ثالثة من طرق الخدمة الاجتماعية وذلك في المؤتمر القومي السنوي للخدمة الاجتماعية، ويطلق عليها أحيانا على هذه الطريقة مصطلح Community Social Workأي طريقة الخدمة الاجتماعية في خدمة المجتمع.

       وقد عرفت هدى بدران طريقة تنظيم المجتمع في كتابها المعنون بتنظيم المجتمع: هي طريقة من طرق الخدمة الاجتماعية يستخدمها الأخصائي الاجتماعي للتأثير في القرارات المجتمعية التي تتخذ على جميع المستويات لتخطيط وتنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بحيث يؤدي هذا إلى تقوية الترابط بين أهل المجتمع الواحد وبين المجتمع المحلي والمجتمع الأكبر (المهدلي،1993، 129).

      ومنه فإن طريقة تنظيم المجتمع هي إحدى طرق الخدمة الاجتماعية والتي يكون عملها مع الوحدات الرئيسية والكبرى في المجتمع، وهذا من أجل مساعدتهم على إشباع حاجاتهم المختلفة وحل المشكلات التي يتخبطون فيها وتنمية قدراتهم ومواردهم المتوفرة والمتاحة، ويكون ذلك بالاعتماد على مشاركة المواطنين والتنسيق والتعاون مع قيادات ومنظمات المجتمع ويكون من خلال التخطيط الاجتماعي المنظم.

   والأخصائي الاجتماعي عندما يمارس طريقة تنظيم المجتمع في مجال رعاية الطفولة فإن عمله يكون على النحو الآتي:

-                       الوقوف على المشكلات السائدة في مجال رعاية الطفولة في المجتمع والعوامل والأسباب التي تؤدي إليها والمقترحات التي يمكن عن طريقها مواجهة تلك المشكلات، وكذلك المشاركة في التخطيط لخدمات رعاية الطفولة على المستوى المحلي التي تكفل مواجهة احتياجات الأسرة والطفولة القائمة في المجتمع كما ونوعا، كما انه يقود عملية تحريك المجتمع للوقوف بجانب الجهود التي تبذل في مجال رعاية الطفولة وذلك بالمشاركة الفعلية في تنفيذ الخطط والبرامج المدعومة بالمال أو بالعلم أو بالخبرة أو بالجهد ...الخ.

-                       تنسيق الخدمات القائمة أو المرتقبة في مجال رعاية الطفولة ورفع درجة الأداء الفني لهذه الخدمات، مستخدما في كل ذلك الأساليب والوسائل المتعددة لتحقيق أهداف رعاية الطفولة مثل: البحوث الاجتماعية والمؤتمرات واللجان، والاستعانة بآراء الخبراء والأخصائيين الاجتماعين والنفسانيين وعلماء الاجتماع ورجال القانون والمعلمين ورجال الشرطة والأطباء ورجال الدين والوزراء للوقوف على آرائهم في الموضوعات المثارة في مجال رعاية الطفولة، والاستفادة بمقترحاتهم لتدعيم الخدمات في هذا المجال.

من خلال ما سبق؛ فإن الخدمة الاجتماعية في مختلف أشكال مساعدتها تتعامل مع الفرد في ثلاث صور؛ فتارة تتعامل معه على حدة وتستخدم لذلك طريقة خدمة الفرد، وتارة تتعامل معه أثناء تواجده في الجماعات، وتستخدم في ذلك تأثير الجماعة على الفرد لتغيير سلوكه وهنا تستخدم طريقة خدمة الجماعة، وتتعامل معه حينما يشترك في تنظيمات داخل المجتمع وتستخدم هنا طريقة تنظيم المجتمع، ونجد أن التكامل والتداخل بين طرق الخدمة الاجتماعية يدلل الواقع الميداني ذاته داخل المؤسسات الاجتماعية المختلفة كما يحسها كل من مارس المهنة من الأخصائيين الاجتماعيين، فتكامل طرق الخدمة الاجتماعية أمر حتمي تفرضه طبيعة المهنة وفلسفتها(الجميلي، 1994، 89).

ومنه فإن طرق الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة السالف ذكرها والمقسمة إلى ثلاث طرق رئيسية هي مقسمة نظريا فقط، غير أنها أثناء ممارستها مهنيا فإن تلك الطرق تتكامل وتتداخل فيما بينها لأنها تستند إلى فلسفة واحدة وهي فلسفة الخدمة الاجتماعية، والتي تتضمن قيما ومبادئ وأساليب عمل، كما تتضامن طرق الخدمة الاجتماعية فيما بينها لتحقيق تغيرات مقصودة في بعض الأفراد والجماعات والمجتمعات من شانها أن توفر الرفاهية والسعادة النسبية للفرد كفرد أو كعضو في جماعة أو مجتمع.

ومن ناحية التطبيق فلا يمكن للأخصائي الاجتماعي أن يمارس إحدى طرق الخدمة الاجتماعية فقط دون الاستعانة بالطرق الأخرى وذلك لاعتماد الوحدات التي تتعامل معها الخدمة الاجتماعية ( فرد – جماعة – مجتمع ) على بعضها، فالفرد يعتمد على الجماعة في إشباع حاجاته كما تعتمد الجماعة على المجتمع، ويعتمد المجتمع على جهود أفراده .والفرد كوحدة منفصلة عن الجماعة لا وجود له، كما انه كوحدة غير منتمية إلى مجتمع لا وجود له أيضا، فهناك جانب جماعي وآخر مجتمعي لا يمكن إهمالهما؛ فالجانب الجماعي من شخصية الفرد يشبع عنده احتياجات معينة لا يستطيع الجانب الفردي إشباعها، كذلك يقوم الجانب المجتمعي بإشباع احتياجات معينة لدى الأفراد، من هنا نرى أن هناك تكاملا بين الطرق المختلفة للخدمة الاجتماعية ويكون هذا التكامل من خلال منهج للممارسة العامة للخدمة الاجتماعية.

ومنه يتضح أن الأخصائي الاجتماعي يعتمد في ممارسته في مجالات الخدمة الاجتماعية عامة ومجال رعاية الطفولة خاصة على المهارات والمعارف التي اكتسبها في تقديمه لخدمات الرعاية الاجتماعية أثناء تدخلاته العلاجية والوقائية والتنموية للعملاء، مستخدما بذلك عدة أساليب وطرق الخدمة الاجتماعية دون التركيز على طريق أو أسلوب وإغفال الأخرى بل يكون الاهتمام موجه نحو مختلف مستويات الممارسة (الفرد، الأسرة، جماعة، مجتمع). وتكون الممارسة بالتنسيق بين المتخصصين من خلال عمل الفريق، وذلك لأجل تحقيق جملة من الأهداف أهمها (مطر، 2016، https://www.3alamfree.com/147911.html:

-                       مساعدة الناس لزيادة كفاءتهم وقدرتهم على حل المشاكل أو التكيف معها من خلال مساعدتهم على اختيار أفضل البدائل لمواجهة تلك المشكلات.

-                        مساعدة الناس فى الحصول على المواردالمتاحة وتوجيههمإلى الاستفادة من المؤسسات التي تقدم الخدمات التي يحتاجون إليها.

-                       زيادة استفادة الناس من المؤسسات وزيادة تجارب تلك المؤسسات معهم.

-                       تسهيل التفاعلات بين الأنساق المختلفة في البيئة الاجتماعية.

-                        التأثير في التفاعلات بين المؤسسات المجتمعية من خلال القيام بأنشطة تنسيقية.

-                        التدخل بفاعلية لصالح السكان الأكثر تعرضا للخطر أي الأكثر تعرض للمشكلات.

5-                      أبرز التجارب والجهود الدولية في مجال رعاية الأطفال المعرضين للخطر

هناك العديد من التجارب والنماذج العربية وغير العربية التي ركزت على ممارسة الخدمة الاجتماعية كوسيلة أو طريقة في مجال رعاية الأطفال المعرضين للخطر في مجتمعاتهم كهدف أساسي وهام، وقد اختلفت برامج ومشاريع المجتمعات بهذه الفئة، فمنهم من اعتبر أن رعايتهم تكون بإيداعهم في مراكز مع أقرانهم المنحرفين، ومنهم من رأى بضرورة الفصل بينهم، وهناك من أكد على ضرورة تخصيص أماكن ومؤسسات لإعادة إدماجهم في المجتمع من جديد بصورة اجتماعية مقبولة، وتجعلهم يندمجون مع غيرهم من أفراد المجتمع ويتعاونون معهم. وفيما يلي عرض لأبرز التجارب والجهود الدولية الخاصة برعاية هذه الفئة في بعض الدول العربية والغربية.

5-1-                تجارب وجهود لدول غربية

ـــــــ رعاية الطفولة في البرازيل: نجحت البرازيل في السنوات الأخيرة في الانتقال بنهج عملها مع الأطفال  والأسر الضعيفة، حيث ابتعدت عن الاعتماد على الرعاية السكنية، واتجهت نحو توجيه تركيز أكثر على الأسر، وقد استندت هذه النقلة على إطار قانوني وخطة عمل وسياسات  رعاية شاملة؛ تسعى في مجملها إلى تعزيز قدرة الأسرة على تنشئة ورعاية الأطفال بشكل فاعل، كما تم التعامل مع الفقر وتأثيره على الرعاية والحماية على محمل الجد، حيث كانت الاستجابة له من خلال برامج رعاية اجتماعية شاملة في أغلب الحالات، وكانت الخدمة الاجتماعية كوسيلة لتنفيذ هذه البرامج؛ بحيث يتم تعيين أخصائي اجتماعي للأطفال والأسر الضعيفة، يقوم على مساعدتهم للحصول على مجموعة من الخدمات مثل: التحويلات النقدية، وتقديم المشورة، والنصح والمساعدة في توفير السكن والعمل، ومعالجة تعاطي الإدمان، كما تقوم فرق من الأخصائيين الاجتماعيين بالمساعدة أيضا في بناء الوعي المجتمعي بالرعاية والحماية من المخاطر وتحديد الأطفال الضعفاء، كما يجرب العمل على إعادة إدماج الأطفال الذين يعيشون أو يعملون في الشوارع أو دور الرعاية مع أسرهم او توفير رعاية مؤقتة بالتبني لهم في الوقت الذي يتم فيه توفير البرامج الاجتماعية الأسرة الأصيلة.

وريثما تظهر النتائج الكاملة لهذه الجهود فقد بدأت بعض المؤشرات الايجابية بالظهور، حيث انخفض عدد الأطفال الذين يعيشون في دور الرعاية البديلة نتيجة الفقر، كما قل استخدام الرعاية السكنية بشكل عام، ويجري التعامل مع الحالات الفردية للأطفال المحرومين من الرعاية الكافية بسرعة أكبر، حيث أصبح الوقت الذي يمضيه الطفل في مراكز العبور السكنية أقل من ذي قبل، كما توزعت مجموعة واسعة من الأخصائيين الاجتماعيين في جميع أنحاء البلاد، بحيث أسهم هذا في رفع مستوى خدمات حماية الأطفال، ويوجد حاليا 12مليون أسرة تتلقى الحماية الاجتماعية ويستفيد منها نحو 48مليون نسمة بشكل عام (قامت CsákyCorina  بكتابة التقرير لصالح  منظمة عائلة لكل طفل Child  Family for Every، https://familyforeverychild.org).

- التجربة البريطانية في رعاية أطفال الشوارع:إن الدول الأوروبية المتقدمة لم تسلم أيضاً من ظاهرة أطفال الشوارع، ومن ثم فقد وضعت المملكة المتحدة (بريطانيا) برنامجاً شاملاً للتعامل مع هذه الظاهرة، استعرضته لويز مينكي مديرة الدعاية بجمعية أطفال الشوارع في بريطانيا في مؤتمر عقده المجلس القومي للأمومة والطفولة بالقاهرة، ويهدف البرنامج البريطاني لتمكين الأطفال وإعادة إدماجهم وتغيير النظرة المجتمعية لهم من مجرمين إلى ضحايا، حيث تم التعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لتدريب أطفال الشوارع وتعليمهم الحرف اليدوية، وهو المشروع الذي استفاد منه 500ألف منهم، وأكدت أن الشراكة الدولية في هذا المجال سيكون لها مردود كبير، خاصة أن هناك حوالي 70منظمة دولية تعمل في هذا المجال، ولها مشروعات في 130دولة، مشيرة إلى أن هناك انتهاكات يتعرض لها أطفال الشوارع، لذلك تم تدريب أفراد الشرطة على التعامل معهم للحد من هذه الانتهاكات، والتفاوض مع الأطفال واستقطابهم ليصبحوا أشخاصاً فاعلين في البرامج والمشروعات، مشيرة أيضاً إلى ضرورة تفعيل توصيات تقرير المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تشير إلي ضرورة تعزيز الشراكات متعددة الأطراف وتطوير نظم حماية أطفال الشوارع، وإعادة دمجهم في المجتمع للقضاء علي العنف، وطرح مجموعة من التشريعات والسياسات المحلية وتوفير الميزانية اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات التي هدفت إلي إدراج أطفال الشوارع في المجتمع(مطاوع، 2016،https://alwafd.news).

من خلال هذا المشروع نجد أن بريطانيا أولت أهمية بالغة لرعاية أطفال الشوارع من خلال تأكيدها علي الشراكة المجتمعية بين مختلف المؤسسات الاجتماعية من منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والقطاع الحكومي في مواجهة الظاهرة، سواء علي المستوي المحلي أو علي المستوي الدولي، وهو ما يطلق عليه في الاتجاهات الحديثة للخدمة الاجتماعية بالخدمة الاجتماعية الدولية؛والتي تكون فيها البحوث والدراسات من خلال التعاون والتبادل الدولي في مجال التنمية في كثير من المناطق والدول، وتساهم في إثراء المعرفة والممارسة داخل وبين الدول ومثل هذه البحوث تضع في اعتبارها الحاجات المحلية ويمكن أن تساعد في بناء منظمات أكثر فاعلية في العالم (مطر، 2016، https://www.3alamfree.com/147911.html)، وتكون هذه البحوث موجهة نحو إحدى مجالات الخدمة الاجتماعية في أولوياتها رعاية الطفولة؛باعتبار أن ظاهرة أطفال الشوارع وهي فئة من الأطفال المعرضين للخطر، هي ظاهرة تتطلب تكاثف الجهود على المستويين المحلي والدولي، مع التأكيد على تفعيل الجانب القانوني من خلال دور المفوضيات الدولية لحقوق الانسان من جهة ومن جهة أخرى تكوين وتدريب الفاعلين الاجتماعيين على رأسهم الأخصائيين الاجتماعيين  لأجل حماية الأطفال من مختلف الأخطار التي تلحق بهم أثناء تواجدهم في الشارع.

5-2-                تجارب وجهود لدول عربية

- مؤسسة الرعاية الاجتماعية لبنات الغد المصريةهي مؤسسة غير حكومية تأسست لتوفير حياة أفضل للبنات والأمهات الصغيرات ممن قضين معظم حياتهن بالشارع. هؤلاء البنات تم رفضهن من قبل أولياء أمورهن أو عائلاتهن أو المجتمع الذي يعشن فيه لأسباب اقتصادية واجتماعية، ومن ثم تهميشهن واستغلالهن عقلياً وجسدياً في كثير من الحالات من قبل ذويهم، ومضايقتهن من قبل الشخصيات الذكورية في محيطهن. وهدفت المؤسسة إلى تقديم منظومة متكاملة من خدمات الرعاية لخدمة الأطفال بلا مأوى والمعرضين للخطر، وخاصة البنات اللائي تتراوح أعمارهن بين (1- 15سنة). وتقدم المؤسسة دورات تدريبية لتنمية الطاقات الإبداعية والابتكارية لدى الأطفال عن طريق أخصائيين اجتماعيين. ويوجد من أطفال الشوارع الذين تم رعايتهم في هذه المؤسسة من حصل على الجوائز الدولية في الرسم والغناء والشعر، ويتمحور البرنامج اليومي للمؤسسة حول عدد من الأنشطة التي تعمل على إعادة تأهيلهم واندماجهم في المجتمع مرة أخرى، ومن اجل زيادة انتمائهم للمكان وتعزيز قيمة العمل الجماعي والاعتماد على الذات. كما أن إحدى بنات المؤسسة حصلت على المركز الأول في مسابقة ناشيونالجيوجرافيك (National Geographic) للتصوير الفوتوغرافي لعام 2010، وأيضاً المركز الأول في مسابقة مركز التكعيبة للتنمية الثقافية للتصوير الفوتوغرافي لعام 2012. وتعمل المؤسسة على دمج أطفال مؤسسة (بناتي) مع أقرانهم من أطفال المدارس الخاصة والحكومية، لتخفيف حدة الحواجز الاجتماعية وتغيير مداركهم تجاه التعليم والتفكير المبدع وذلك منذ نوفمبر 2009.  أما عن آليات العمل في مؤسسة بنات الغد، فهناك وحدة متنقلة بالمؤسسة يتمثل دورها في الوصول لأطفال الشارع من خلال زيارات منتظمة يقوم بها فريق من الأخصائيين الاجتماعيين وفقاً لخريطة جغرافية لأماكن تواجد هؤلاء الأطفال في منطقة القاهرة الكبرى.

 وتتم أبحاث الشارع على طوال العام ويتم حفظ البيانات التي يتم تجميعها والتي تشتمل على (أسماء الأطفال، أماكن تمركزهن، الخدمات التي تقدم لهم بالشارع، تقييم حالة كل طفل، تأثير البيئة المحيطة عليهم الخ). وهناك أيضا مركز الاستقبال ويقع المركز في محيط تواجد أطفال الشوارع بمنطقة القاهرة القديمة (الملك الصالح) ،حيث يتم استقبال الأطفال والأمهات بشكل يومي، ويتم عقد جلسات اجتماعية ونفسية لهؤلاء الأطفال خلال أوقات الزيارات من طرف الأخصائيين الاجتماعيين والنفسانيين؛ ويتم منح كل طفل الغذاء والكساء والألعاب لتشجيعهم على العودة مرة أخرى إلى المركز وترك مجتمع الشارع تدريجياً. وأخيرا مركز الإقامة وهو يستوعب ما بين (150- 200) طفل؛ ويقوم المركز بتوفير عدد من الخدمات مثل البرامج التعليمية التي صممت وفقاً للمستوى التعليمي لكل طفل، أسس النظافة الشخصية السليمة، والرعاية الصحية والنفسية (ب ذ م، 2013، https://www.masress.com/october).

وعليه تعتبر مؤسسة بنات الغد المصرية نموذج في رعاية الأطفال المعرضين للخطر خاصة البنات، حيث أن الجمعية تقدم خدماتها المختلفة بما يناسب جنس الطفل ومستواه التعليمي والاقتصادي، كما أن الجمعية تقدم خدماتها من خلال أخصائيين اجتماعيين تكونوا في معاهد الخدمة الاجتماعية، بحيث تكون خدماتها ذات جودة، وما حققته الجمعية من انجازات دليل على السير والتنظيم المحكم لهذه الجمعية وإتباع الطرق والأساليب العلمية للخدمة الاجتماعية في عملية الرعاية.

– الرعاية الاجتماعية لمجهولي النسب في العراق:يعتبر الأطفال مجهولي النسب أحد فئات الأطفال المعرضين للخطر، وهم ضحية تصرف بعض الأفراد، ولاعتبارات إنسانية وشرعية فقد خصصت لهم في العراق جهات اجتماعية تقوم برعايتهم ومواصلة عملية تنشئتهم اجتماعيا في أسر بديلة أو لدى عائلات مصطنعة اجتماعيا، بغية تعويضهم الحنان أو الجو الأسري بشقيه الأبوي والأموي، فلا يستطيع الانسان العيش بمفرده بعد ولادته بساعات قليلة، وهذا يتطلب تدخل الدولة في إعالة من لا أسر لهم. وتم إنشاء دور مخصصة لتقديم الرعاية لمجهولي النسب. وتم إنشاء في العراق دور مخصصة لتقديم الرعاية لمجهولي النسب وهي مقسمة إلى ثلاث أشكال وهي (راضي، 2016، 454):

-دور الدولة للأطفال: تستقبل الأطفال من عمر يوم واحد وحتى السنة الرابعة وهي على شكل حضانات أولية.

-دور الدولة للصغار: تستقبل الأطفال من عمر 05سنوات إلى عمر 12سنة.

-دور الدولة للأحداث: تستقبل الأحداث من عمر 13سنة إلى عمر 18سنة.

 وتقدم مؤسسات الرعاية جملة من الأنشطة والخدمات التي تسهم في رعاية وإشباع حاجات مجهولي النسب ومن أهمها:

-توفير الصحف والمجلات الدورية باستمرار.

-القيام بإعداد النشاطات الثقافية كالشعر والنشرات الجدارية وعرض الأفلام وغيرها.

-نشاطات فنية لتدريب مجهولي النسب على الموسيقى والغناء والنحت والسيراميك والطباعة الخ .

-نشاطات ترفيهية كالقيام بالسفر وإقامة الحفلات في المناسبات الوطنية والدينية.

-تأسيس نادي ومكتبة تضم كتب مختلفة تتناسب مع أعمارهم ومستوياتهم التعليمية.

-نشاطات رياضية وبدنية لتشكيل الفرق الرياضية لكرة القدم والطائرة والسلة إضافة إلى تعليمهم السباحة وغيرها، بالإضافة إلى أنشطة وخدمات أخرى؛ ويشرف على الأنشطة الاجتماعية أخصائيين اجتماعيين من خريجي الجامعات ومن حملة شهادتي البكالوريوس أو دبلوم في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية.

إن نظام الرعاية الاجتماعية لمجهولي النسب في العراق ومن خلال هذا النموذج؛ نجد أنه تم الفصل بين الأطفال حسب الفئات العمرية وهو شيء ايجابي ويسهل من عملية تقديم الخدمات والرعاية، حيث أنه لكل فئة عمرية خصائصها النفسية والاجتماعية والفيزيولوجية؛ وبالآتي تتطلب خدمات رعاية خاصة لكل فئة حتى تسهل من عملية الإشباع، والملاحظ أن الغالب على الأنشطة وخدمات الرعاية هي الأنشطة ذات الطابع الاجتماعي والفكري، من أجل تحقيق الاندماج الاجتماعي للطفل وإشباع حاجاته الاجتماعية والعقلية.

            يتضح لنا من خلال مما سبق أن هذه الدول التي تعتبر كنماذج دولية سخرت مشاريع وبرامج ضخمة في سبيل حماية هذه الشريحة المهمشة من المجتمع، وقد اعتمدت في تنفيذ برامجها على الخدمة الاجتماعية التي تعتبر كوسيلة أساسية ومهمة في تطبيق هذه البرامج والمشاريع؛ من خلال طرق وأساليب علمية حديثة، وهذا لتحقيق الهدف الأساسي والمهم وهو رعاية الأطفال المعرضين للخطر وإدماجهم في المجتمع.

خاتمة

تأسيسا على ما سبق فإن الخدمة الاجتماعية تعد إحدى المهن والعلوم التي أصبحت على المستوى العالمي تعمل ضمن منظومة متكاملة التي تعالج قضايا مختلفة منها قضايا الطفولة، وهذا من خلال قيام الأخصائي الاجتماعي بعمله مع هذه الفئة المهمشة من المجتمع بإتباع مبادئ الخدمة الاجتماعية وطرقها في وقاية الأطفال وعلاج مشكلاتهم، وتكون الطرق الرئيسية للخدمة الاجتماعية متكاملة مع بعضها البعض فلا يمكن الاعتماد على طريقة وإغفال أخرى بل هي طرق متلاحمة، ويتطلب على الأخصائي الاجتماعي الذي يجمع في ممارساته بين الطرق الثلاثة للخدمة الاجتماعية على أن يكون على قدر كبير من الخبرات والحقائق التي ترتبط بكافة مجالات الحياة الاجتماعية  بما يتناسب ما أفرزه الانفجار المعرفي وما توصلت إليه الإنسانية من تقنيات، وربط ذلك بخدمة ورعاية الانسان باعتباره محور عملية التنمية وتحقيق الأهداف المجتمعية في ضوء التغيرات والتحولات العالمية؛ حتى تجعل منه قادرا على التعامل مع أسرة ومؤسسة الطفل والنظم الاجتماعية الأخرى والقوانين التي توضح مكانة الطفل وأسلوب رعايته، والملاحظ أن مستوى الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية في الدول العربية يختلف وبدرجات متفاوتة.

والجزائر واحدة من الدول التي للأسف لازالت تعاني فيها الخدمة الاجتماعية من التهميش وعدم الاعتراف بها سواء على المستوى النظري كالهيئات العلمية والجامعات والمعاهد أو على مستوى الممارسة، وهذا بالرغم من الأهمية الكبرى التي تحتلها في مختلف مجالات الحياة، ولعل أبرز التجارب والنماذج الدولية التي تم التطرق إليها والتي تمارس فيها الخدمة الاجتماعية كعلم ومهنة متخصصة أدت إلى حل العديد من المشاكل وإشباع احتياجات الفئات المستهدفة بطرق وأساليب علمية، كما يتطلب الوضع الحالي من تشخيص الموقف الراهن للخدمة الاجتماعية ومكانتها بين مختلف العلوم والتخصصات الأخرى، وزيادة البحث بما يمكن من تطوير مكانتها بين العلوم والمهن في المجتمع بما يتناسب وأحدث الاتجاهات العالمية في الخدمة الاجتماعية، وهذا لتحقيق التكامل بينها وبين باقي العلوم من جهة، وقيام الخدمة الاجتماعية بدورها في عملية التنمية الشاملة في المجتمع من جهة أخرى

قائمة المصادر والمراجع

أولا- المصادر

  1. القرآن الكريم.
  2. الحديث النبوي الشريف.

ثانيا- المراجع

  1. أبو النصر، مدحت. (2009)، فن ممارسة الخدمة الاجتماعية، دار الفجر للنشر والتوزيع، مصر.
  2. بختي، العربي. (2013)،حقوقالطفل في الشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
  3. بدوي، أحمد زكي. (ب-د-ت)، معجم المصطلحات في العلوم الاجتماعية، لبنان.
  4. بركات، محمد اسماعيل. (2017)، الرعاية الاجتماعية في مواجهة مشكلات عمالة الأطفال، دار الوفاء للطباعة والنشر، مصر.
  5. الجميلي، خيري خليل. (1994)، الخدمة الاجتماعية للأحداث المنحرفين، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  6. الجميلي، خيري خليل. (1996)، الأساس النظري في خدمة الفرد، المكتب العلمي للكمبيوتر، مصر.
  7. حبيب، جمال شحاتة. (2010)، قضايا واتجاهات حديثة في تعلم وممارسة الخدمة الاجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  8. خاطر، أحمد مصطفى. (2009)، الخدمة الاجتماعية نظرة تاريخية مناهج الممارسة المجالات، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  9. الديلمي، سليمان علي. (2014)، الرعاية والخدمة الاجتماعية، دار الحامد للنشر والتوزيع، الأردن.
  10. راضي، سعاد. (2016)،"الرعايةالاجتماعية لمجهولي النسب دراسة ميدانية في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية"، مجلة البحوث التربوية والنفسية، العدد 50، جامعة بغداد، العراق.
  11. رشوان،حسين عبد الحميد أحمد.(2007)، الطفل دراسة في علم الاجتماع، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  12. رشوان، حسين عبد الحميد أحمد. (2012)، أطفال الشوارع، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  13. زرواتي، رشيد. (2000)، مدخل الى الخدمة الاجتماعية، مؤسسة ابن سينا للطباعة والنشر، الجزائر.
  14. ساكي، كورينا. المقال متاح على الموقع: https://familyforeverychild.org. تم الإطلاع عليه بتاريخ 20/02/2019 على الساعة 12.00.
  15. السروجي، مصطفى طلعت. (2004)، السياسة الاجتماعية في إطار المتغيرات العالمية الجديدة، دار الفكر العربي، مصر.
  16. عثمان، محمد أحمد. (2017)، تقييم الأداء المهني للممارس العام ببرنامج تمكين الأسرة لحماية الأطفال المعرضين للخطر، المكتب الجامعي الحديث،ّ مصر.
  17. علام، ناصر. (2009)، أطفال الشوارع (قنبلة قيد الانفجار)،مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع، مصر.
  18. غباري، محمد سلامة محمد. (2011)، أطفالنا إحتياجاتهم ومشكلاتهم وطرق العلاج، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  19. فخار، حمو بن إبراهيم. (2015)،"الحماية الجنائية للطفل في التشريع الجزائري والقانون المقارن"، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر.
  20. فهمي، محمد سيد. (2013)،أطفال بين الخطر والإدمان، المكتب الجامعي الحديث، مصر.
  21. الفيروز أبادي، مجد الدين. (ب-د-ت)، القاموس المحيط، الجزء الرابع، ص 07، متاح على الموقع: http://ar.lib.eshia.ir/20003/4/7
  22. القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل، العدد 39 رقم 5، بتاريخ 3 شوال 1436 الموافق :19 يوليو 2015 الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
  23. مصطفى، فهمي خالد. (2007)، حقوقالطفل ومعاملته الجنائية في ضوء الاتفاقيات الدولية، دار الجامعة الجديدة، مصر.
  24. مطاوع، نادية.(2016)، أطفال الشوارع ثروة مدفونة، مقال متاح على الموقع: https://alwafd.newsتم الإطلاع عليه بتاريخ 10/02/2019 على الساعة 15.00.
  25. مطر، حازم. (2016)، الاتجاهات الحديثة للخدمة الاجتماعية، المقال متاح على الموقع:

   https://www.3alamfree.com/147911.html، تم الاطلاع بتاريخ 26/02/2020 على الساعة 16.00

  1. المهدلي،محمد محمود. (1993)، طريقة تنظيم المجتمع في الخدمة الاجتماعية، دار الفكر الجامعي، مصر.
  2. مؤسسات خاصة تسعى لانتشال الأطفال المتشردين، مقال متاح على الموقع https://www.masress.com/octoberتم الإطلاع عليه بتاريخ 10/02/2019 على الساعة 15.00.
  3. موسى، أحمد محمد. (2005)، الادماج الاجتماعي للأطفال بلا مأوى، مكتبة زهراء الشرق، مصر.

 

@pour_citer_ce_document

العمري عيسات / عبد الكريم بلعزوق, «طرق الخدمة الاجتماعية وتكاملها في مجال رعاية الطفولة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 27-46,
Date Publication Sur Papier : 2020-10-25,
Date Pulication Electronique : 2020-10-25,
mis a jour le : 25/10/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7458.