الحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري قراءة تحليلية على ضوء التشريعات العماليةSocial protection of the Algerian journalist Reading analysis in the light of labor legislation
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N:03 vol 17-2020

الحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري قراءة تحليلية على ضوء التشريعات العمالية

Social protection of the Algerian journalist Reading analysis in the light of labor legislation
ص ص 277-294
تاريخ الإرسال: 2019-10-12 تاريخ القبول: 2020-09-23

الوليد رفاس
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

 تحاول هذه الدراسة التعرف على واقع الحماية الاجتماعية للصحفيين الجزائريين العاملين في مختلف المؤسسات الإعلامية على ضوء مجموعة من النصوص القانونية والتشريعات العمالية، انطلاقا من أن تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للصحفي تجعله يقوم بأدواره اتجاه المجتمع على أكمل وجه، وقد اقتصرت دراسة الحماية الاجتماعية للصحفيين من منظور قانوني على ثلاثة مجالات: الاستفادة من التأمين الاجتماعي والحصول على أجر عادل وتوفير ظروف السلامة الصحية والمهنية خلال العمل.

وتسعى الدراسة إلى لفت الانتباه نحو خصوصية مهنة الصحافة التي ترتفع فيها درجات المخاطر والتوتر مقارنة مع باقي المهن الأخرى، بحيث يحتاج الصحفي الجزائري إلى المزيد من آليات الحماية الاجتماعية أكثر من الفئات العمالية الأخرى.

الكلمات المفاتيح

الحماية الاجتماعية، الصحفي الجزائري، التشريعات العمالية

Cette étude tente de cerner la réalité de la protection sociale des journalistes algériens travaillant dans les différents types de médias en rapport avec les textes juridiques et les lois du travail y afférant.

Nous partons du principe que l'amélioration des conditions socio-professionnelles du journaliste lui permet de jouer pleinement son rôle envers la société. L’étude se limite aux trois domaines institués par des textes de loi : être couvert par l'assurance sociale, bénéficier d’un salaire équitable et jouir des conditions de sécurité de protection au travail.

L'étude cherche à attirer l'attention sur la spécificité de la profession du journalisme, qui présente un degré de risque et de stress élevé par rapport aux autres professions. Le journaliste algérien a plus besoin d’autres mécanismes de protection sociale que les travailleurs d’autres domaines d’activité.

Mots-clés :protection sociale, journaliste algérien, législation du travail

This study attempts to identify the reality of social protection for Algerian journalists working in various media institutions in the light of a number of legal texts and labor legislations. The study aims at improving the social and professional conditions of journalists, in three areas: making use of social insurance, obtaining a fair wage, and providing health and occupational safety conditions during work.

This study seeks to draw attention to the specificity of the profession of journalism in which the degrees of risks and tension are high compared to the other professions.  The Algerian journalist needs more social protection policies.

Keywords:social protection, Algerian journalist, labor legislation

Quelques mots à propos de :  الوليد رفاس

 جامعة محمد لمين دباغين سطيف02،walidreffas19@gmail.com

مقدمة

شكلت مسألة الحماية الاجتماعية للعمال اهتمام كل المجتمعات البشرية عبر التاريخ، حيث استمرت وتجددت بتنوع الحاجات وطبيعة الظروف السائدة في كل فترة، وقد اتبع كل مجتمع نظاما خاصا به يسير وفق فلسفته، فكانت نظم الحماية الاجتماعية لفائدة العمال تتأثر بالظروف الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والدينية السائدة. وبهذا أسست العديد من الدول هياكل الحماية الاجتماعية للتخفيف من المخاطر التي قد يتعرض لها العمال، مبنية على منظومة قانونية تُعرف بـ "التشريعات العمالية".

ويُعد الصحفي من بين الفئات العمالية الذي وجب الوقوف على الوضعية المهنية التي يعيشها، وهذا بالنظر إلى طبيعة الأدوار المحورية التي يقوم بها في المجتمع، باعتباره يحتل موقعا هاما في عملية التحكم في تدفق المعلومات، مما يجعله عرضة إلى العديد من الضغوط والقيود والمخاطر في بيئته لاسيما في مواقع التوتر، مما قد يودي بحياته في بعض الأحيان، علما أنه يعُول أسرة متكونة من مجموعة أفراد، لذلك كان لابد من دراسة واقع الحماية الاجتماعية للصحفيين الجزائريين العاملين في مختلف المؤسسات الإعلامية استناد لما نصت عليه مختلف التشريعات العمالية.

أولا: الإطار المنهجي للدراسة

1. مشكلة الدراسة:يكون العامل محاطا بالعديد من المخاطر في بيئة عمله، وتأخذ هذه المخاطر صورا عديدة كالموت، المرض، العجز عن العمل وفقدان العمل، فالفرد العامل محاط بالعديد من المخاطر في بيئة عمله، وبانتشار هذه المخاطر الاجتماعية كان لا بد على الدولة أن تتدخل في هذا المجال، من خلال وضع آليات من شأنها حماية العامل من مختلف المخاطر التي قد يتعرض لها، وذلك أملا في تخفيف إحساسه بعدم الأمان والتقليل من العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن حدوث إحدى المخاطر الاجتماعية الطارئة.

إن الحديث عن الحماية الاجتماعية للعمال يجرنا إلى التطرق لإحدى أصعب المهن التي يتعرض ممتهنيها للعديد من المخاطر خلال تأديتهم لها، ألا وهي مهنة الصحافة المصنفة ضمن أصعب المهن، فقد احتلت صدارة قائمة أصعب الوظائف في العالم وأكثرها تسببا في الضغط العصبي والتوتر وأمراض القلب والضغط الدموي، حسب دراسة نشرتها مجلة "فوربس" (Forbes) الأمريكية، تضمنت قائمة من عشرة مهن تُسبب التوتر وترفع من احتمال الإصابة بالمخاطر. وقد فسرت المجلة تصدر مهنة الصحافة المهن الصعبة نظرا لما تُسببه في استنزاف طاقات كبيرة من الجهد الفكري والبدني، فغالبا ما يلجأ المحللون إلى تصنيف المهن الشاقة وفقا لمعايير معينة أبرزها خطورة العمل الذي تخلفه المهنة.

 وعليه نجد أن الصحفي في الجزائر معني بالحماية الاجتماعية بصورة بالغة، نظرا لخصوصية مهنة المتاعب لاسيما من خلال محيطها المحفوف بالكثير من المخاطر الاجتماعية. واليوم أضحى الصحفي الذي يكشف الحقائق ويُميط اللثام عن المتلاعبين بمصير أفراد المجتمع في مختلف الميادين، عُرضة للمخاطر التي قد تودي بحياته في أغلب أماكن عمله.  ففي الجزائر تطور مفهوم الحماية الاجتماعية واقترن بمجال الإعلام أكثر، عقب التغييرات التي جاء بها دستور 23فيفري 1989الذي أقر التعددية السياسية، من خلال إعادة النظر في كافة السياسات القائمة لاسيما قطاع الإعلام، أين تُرجم ذلك بإصدار مجموعة من القوانين أهمها قانون الإعلام رقم 07/09سنة 1990الذي أسس لسياسة إعلامية جديدة قوامها التعددية الإعلامية وحرية الصحافة، واضعا بذلك حدا لاحتكار الدولة لوسائل الإعلام فظهرت الكثير من المؤسسات الإعلامية الخاصة في الصحافة المكتوبة، أين ارتفع العدد من 49عنوانا سنة 1988إلى 74عنوانا سنة 1991، بسحب إجمالي قدر بـ 1437000نسخة في اليوم (كنزاي، 2010، 462)، ليُهيمن القطاع الخاص على المشهد الإعلامي في الجزائر، وقد تصادفت هاته الحقبة مع صدور العديد من التشريعات العمالية أبرزها القانون المنظم لعلاقات العمل رقم 90/11الصادر شهر أفريل سنة 1990،حيث نصت العديد من بنوده على ضرورة توفير الحماية الاجتماعية للعامل بما فيهم الصحفي.

وستحاول هذه الدراسة، من منطلق تحليل مختلف التشريعات العمالية، التعرف على واقع الحماية الاجتماعية داخل المؤسسات الإعلامية في الجزائر، من خلال الإجابة على الإشكالية التالية: هل يتمتع الصحفي العامل في المؤسسات الصحفية بالحماية الاجتماعية اللازمة؟، وهل تُعد النصوص القانونية المتعلقة بالحماية الاجتماعية كافية لضمان هذه الحماية للصحفي الجزائري؟

2. التساؤلات الفرعية: لتفكيك إشكالية الدراسة لابد من طرح تساؤلات فرعية، وقد تم بناءها على أساس مجالات الحماية الاجتماعية التي تبنتها منظمة العمل الدولية في ميدان التشغيل، واختصرتها في محاور معينة، وهي:

المحور الأول:الضمان الاجتماعي، فلكل عامل الحق في التامين الاجتماعي.

المحور الثاني:الحق في الأجر، لكل عامل الحق في أجر عادل يكفله رفقة أسرته ويحفظ كرامته.

المحور الثالث:الحماية الصحية والسلامة المهنية من خلال توفير الظروف الملائمة للعمل.

ولأن الدراسة مرتبطة بمنظور قانوني، كانت الأسئلة الفرعية للدراسة على النحو التالي:

-  إلى أي مدى ضمنت قوانين التأمينات الاجتماعية الحماية الاجتماعية للصحفيين في الجزائر؟

-  هل كفلت تشريعات العمل نظام دفع أجور الصحفيين على أساس مبدأ العدل والمساواة؟

-  هل اشتمل قانون علاقات العمل رقم 90/11على شروط السلامة الصحية والمهنية للصحفيين العاملين؟

3. أسباب اختيار موضوع الدراسة:تعود أسباب اختيار موضوع الدراسة إلى مايلي:

- تدهور الحماية الاجتماعية للصحفي في الجزائر والذي يفترض أن يتطلع للقيام بأدوار تساهم في تنمية المجتمع.

- طبيعة الأوضاع الاجتماعية والمهنية التي يعيشها الصحفي في مؤسسته، وكذا المشاكل والأزمات المالية التي أصبحت مهنة المتاعب تعرفها مؤخرا بعد شح الإشهار خلال السنوات القليلة الماضية، وهذا في ظل غياب حماية قانونية واجتماعية للصحفي من استغلال أرباب العمل الذين همهم الوحيد السبق الصحفي.

- عدم دراية أغلب الصحفيون بحقوقهم المتعلقة بالحماية الاجتماعية، وجهلهم بالإجراءات التنظيمية المتعلقة بالضمان الاجتماعي وسلم الأجور ونظام التعويضات وطب العمل وكذا العطل والراحات القانونية وغيرها.

4. أهداف الدراسة:تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:

- التعرف على مضامين التشريعات العمالية التي تكفل الحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري.

- كشف مختلف الخطوات والإجراءات القانونية الضامنة لحق الصحفي في الاستفادة من خدمات صناديق التأمينات الاجتماعية.

- الإشارة إلى دور هياكل الحماية الاجتماعية في حماية حق الصحفي في الحصول على أجر عادل يحفظ كرامته.

- لفت الانتباه إلى ضرورة توفير الجو الملائم للصحفي ومختلف ظروف الصحة والسلامة المهنية في محيطه.

5. أهمية الدراسة:تأتي أهمية الدراسة من أهمية الموضوع في حد ذاته المرتبط بمتغيرين فاعلين في تنمية المجتمع، أحدها الحماية الاجتماعية والآخر الصحفي الجزائري، كون أن الحماية الاجتماعية لها دور في تكريس قيم التضامن والتآزر بين مختلف الفئات والأجيال ودعم أواصر الاستقرار والتماسك الاجتماعي، والمساهمة في التنمية من خلال تحسين المستوى المعيشي للأفراد والأسر عن طريق تعزيز الحقوق المادية للعامل على غرار الأجر ونظام التعويضات وغيرها.

والصحفي له دور في استقرار وتماسك المجتمع فهو يسعى لتقديم خدمات جليلة لأفراده، عن طريق تزويدهم بالأخبار والمعلومات والحقائق الآنية وكل ما يجري في بلدهم، وتثقيف وتعليم فئة مهمة من المجتمع، ويتحمل مسؤولية المحافظة على مقومات السيادة الوطنية والمرجعية الدينية واللغوية وعادات وتقاليد أفراد المجتمع، كما يتقمص دور السياسي الرقيب الراصد والمنبه والمحذر للهفوات التي قد تقع فيها السلطة. 

وحتى يقوم الصحفي بأدواره القائمة على استقرار وتنمية المجتمع، يجب أن توفر له الدولة عن طريق المنظومة التشريعية مختلف آليات الحماية الاجتماعية على غرار التأمينات الاجتماعية، وتحسين أجره وتوفير له ظروف السلامة الصحية الملائمة، وعليه نصل للمعادلة التالية: توفير حماية اجتماعية للصحفي زائد القيام بأدواره الأساسية يساوي استقرار المجتمع وتحقيق التنمية لأفراده.

6. منهج الدراسة:استدعت طبيعة المشكلة المطروحة إلى استخدام المنهج الوصفي التحليلي، الذي يساعد على وصف وتحليل طبيعة الظاهرة محل الدراسة، والمتعلقة بالحماية الاجتماعية للصحفيين العاملين في المؤسسات الإعلامية في الجزائر، إلى جانب كشف مجموعة الإجراءات والنصوص التنظيمية الخاصة باستفادة الصحفيين من التأمينات الاجتماعية، وكذا التعرف على سلم الأجور المعمول به، ومختلف ظروف السلامة الصحية والمهنية الواجب توفرها في محيط الصحفي.

وطالما ارتبط الأمر بدراسة النصوص القانونية المتعلقة بالتشريعات العمالية والبحث فيها من أجل التعرف على واقع الحماية الاجتماعية للصحفيين الجزائريين، تم استخدام أسلوب تحليل الوثائق والمستندات المتمثلة في النصوص القانونية من قوانين ومراسيم وقرارات، حيث تم الاعتماد على القراءة القانونية لمختلف المواد القانونية المعنية بموضوع الدراسة، هذا ما قادنا إلى استخدام المنهج التاريخي الذي يسعى إلى دراسة أحداث ماضية وتفسيرها وتحليلها، بهدف التوصل إلى قوانين عامة تساعدنا على تحليل أوضاع الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، وهو بذلك يصف الحوادث بطريقة موضوعية ويحاول أن يربطها في سياق زمني من أجل تقديم ظاهرة مستمرة. ولقد تم استعمال المنهج التاريخي في هذه الدراسة من خلال التطرق إلى الخلفيات التاريخية لتطور الحماية الاجتماعية في الجزائر عن طريق القوانين والنصوص التشريعية.

ثانيا: الإطار النظري للدراسة

 1. المقاربة المفاهيمية للدراسة: اشتملت الدراسة على مجموعة من المفاهيم الأساسية وجب تحديدها. 

1.1. الحماية الاجتماعية:تضاربت التعاريف حول مفهوم الحماية الاجتماعية، ولم يتفق المفكرون على تعريف موحد، لأن مصطلح الحماية الاجتماعية يُعد من المصطلحات الحديثة،وقد اختلفت تعريفات الحماية الاجتماعية باختلاف العلماء وانتمائهم السياسية وإيديولوجية دولهم، فمفهوم الحماية الاجتماعية في دولة رأسمالية يختلف عنه في دولة اشتراكية كما يختلف في الدول الإسلامية. ومن بين التعاريف التي خصت مصطلح الحماية الاجتماعية نذكر أهمها:

- عرفت الأمم المتحدة الحماية الاجتماعية بأنها: "ذلك النسق المنظم من الهيئات والمؤسسات والبرامج التي تهدف إلى دعم أو تحسين الظروف الاقتصادية أو الصحية أو القدرات الشخصية المتبادلة لمجموع السكان" (سيد فهمي، 1998، 23).

- عرفها "كلوم" (Klom) سنة 1974بأنها تلك: "الحماية التي تستطيع توفير مناصب عمل للفقراء وتحسين مستوى الرفاهية، فالعمل هو مقياس الرفاهية" (فارس، 2001، 94).

- عرفها "ولتر فريد لاند" (Land Walter Fried) على أنها: "نسق من الخدمات الاجتماعية والمؤسسات الاجتماعية المصممة من أجل تقديم المساعدات للأفراد والجماعات حتى يحصلوا على مستويات من الحماية المرضية" (سيد فهمي، 1998، 21).

- في حين عرفها "بلانشارد" (Blanchard)على أنها: "النظام الذي يتوفر فيه العناصر التالية: عنصر الإلزام وتعني إجبارية التأمين، تحمل الحكومة لجزء من تكاليف التأمين، قيام الحكومة بدور المؤمن وهي هيئة التأمين" (إبراهيم عبد ربه، 1988، 487).

- وحسب "دوفرو" (Devereux) الحماية الاجتماعية هي: "مجموعة معينة من أدوات السياسة وضعت لتخفيف الفقر وإدارة المخاطر في المجتمعات الفقيرة والضعيفة" (لعرج مجاهد، طويطي، 2017، 66).

- وقال "روبرت هولتسمان" (Robert Hotsman) المدير المسؤول عن الحماية الاجتماعية في البنك الدولي: "ينبغي على الجهات العاملة في ميدان التنمية تخطي المفهوم القائل بأن الحماية الاجتماعية معنية بالمال فقط، حيث أنه يمكن أن يساعد الناس في التغلب على أعراض الفقر لفترة ما دون فعل ما يستحق الذكر في سبيل القضاء على أسبابه" (علاش، 2004، 08).

يتضح من كل هذه التعاريف، أن مفهوم الحماية الاجتماعية مفهوم شامل مرتبط بالأمن الاجتماعي الإنساني، وذلك بتحقيق إشباع الحاجات الإنسانية بدء من الحاجات الفيزيولوجية والمادية وحتى الشعور بالأمن والاحترام، وتقديم المساعدات الاجتماعية للفرد العامل في مؤسسته من خلال إيجاد آليات محكمة بنصوص تشريعية تهدف إلى توفير العديد من التأمينات الاجتماعية وحماية الأجور، وتحقيق الرعاية الصحية وظروف العمل الملائم.

2.1. الصحفي الجزائري حسب التشريعات الإعلامية: لم تتفق مختلف التشريعات الإعلامية الوطنية في تحديد تعريف موحد للصحفي، فقد اختلفت باختلاف الظروف السياسية، الإيديولوجية والاجتماعية السائدة خلال فترات صدور القوانين المنظمة لقطاع الإعلام في البلاد.

- حسب القانون الأساسي للصحفيين المهنيين رقم 68/525: عرف المشرع الجزائري "الصحفي" في المادة الثانية من  الأمر رقم 68-525المؤرخ في 09سبتمبر1968التي نصت على أنه:"يعتبر صحفيا مهنيا كل مستخدم في نشرة صحفية يومية أو دورية تابعة للحزب أو الحكومة أو في وكالة وطنية أو هيئة وطنية للأنباء المكتوبة أو الناطقة أو المصورة، متفرغا دوما للبحث عن الأنباء وانتقائها وتنسيقها وعرضها واستغلالها، والذي يتخذ من هذا النشاط مهنته الوحيدة والنظامية وذات الأجر، كما يعتبر في عداد الصحفيين المهنيين، المراسلون المصورون والمراسلون السينمائيون والمراسلون الرسامون...". كما اشترط المشرع ألا يخرج الصحفي عن إطار الحزب والحكومة، طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من الأمر السالف الذكر التي جاء فيها: "يجب على الصحفي أن يمارس وظيفته ضمن توجيه نشاط نضالي...".

- حسب قانون الإعلام رقم 82/01:حددت المادة 33منه هوية الصحفي المحترف بنصها: "كل مستخدم في صحفية يومية أو دورية تابعة للحزب أو الدولة أو في هيئة وطنية للأنباء المكتوبة أو الناطقة أو المصورة، ويكون متفرغا دوما للبحث عن الأنباء وجمعها وانتقائها وتنسيقها واستغلالها وعرضها، ويتخذ من هذا النشاط مهنته الوحيدة والمنتظمة التي يتلقى مقابلها أجرا". وقد أضافت المادة 34إلى قائمة الصحفيين المحترفين المراسل الذي يمارس نشاطه سواء في التراب الوطني أو خارجه ويكون مستوفيا للشروط المنصوص عليها في المادة 33. وما يميز هذا القانون تغيير مفهوم الصحفي من الصحفي المهني إلى الصحفي المحترف، كما فصل القانون بين فئتين من الصحفيين، حيث جاء الفصل الأول تحت عنوان "الصحفيون المحترفون الوطنيون"، مركزا بذلك على الروح النضالية والشعبية لنظام الحزب الواحد وارتباطها بسيادة الدولة، في حين خصص الفصل الثاني للمبعوثين الخاصين ومراسيلي الصحف الأجنبية.

- حسب قانون الإعلام رقم 90/07: نصت المادة 28منه على أن: "الصحفي المحترف هو كل شخص يتفرغ للبحث عن الأخبار وجمعها وانتقائها واستغلالها وتقديمها خلال نشاطه الصحفي الذي يتخذه مهنته المنتظمة ومصدرا رئيسيا لدخله"، وأهم ما ميز هذا القانون هو إبعاد صفتي الموظف والمناضل عن الصحفي الجزائري.

- حسب القانون العضوي للإعلام رقم  05/12: تنص المادة 73 من القانون العضوي رقم 05/12على أنه: "يُعد صحفيا محترفا في مفهوم هذا القانون كل من يتفرغ للبحث عن الأخبار وجمعها وانتقائها ومعالجتها و/ أو تقديم الخبر لدى أو لحساب نشرية دورية أو وكالة أنباء أو خدمة اتصال سمعي بصري أو وسيلة إعلام عبر الانترنيت ويتخذ من هذا النشاط مهنته المنتظمة ومصدرا رئيسا لدخله"، كما نصت المادة 74من القانون ذته على أنه: "يُعد صحفيا كذلك كل مراسل دائم له علاقة تعاقدية مع جهاز إعلام"، أي أن الصحفي هو كل من يتفرغ لجمع وتقديم الأخبار في الصحف ووكالة الأنباء والصحف السمعية البصرية والالكترونية لتكون مصدر دخله الرئيسي، ولا يستثني المراسل الدائم المتعاقد مع مؤسسته.

وعلى العموم فقد عدّالمشرع الجزائري أن الصحفي هو كل من أتخذ الصحافة مهنة له بصورة أساسية ومنتظمة، حيث يعتبر الأجر الذي يتقاضاه في عمله المصدر الوحيد لقوته. ومنه يمكن القول، بأن الصحفي هو من يزاول العمل الصحفي في مؤسسة إعلامية لقاء أجر معين ويتخذ من هذا العمل مهنة معتادة له، وتقوم بينه وبين المؤسسة التي يعمل فيها رابطة تعاقدية.

3.1. التشريعات العمالية:يتداخل المصطلح المركب" التشريعات العمالية" مع العديد من المصطلحات المشابهة، فيكاد يحمل تشريع العمل مضامين قانون العمل نفسها، كما له ارتباطات مع مصطلحات أخرى على غرار مصطلح "التشريع الصناعي".

- التشريع هو: "قيام السلطة المختصة في الدولة بوضع القواعد القانونية في صورة مكتوبة، حيث تقوم هذه السلطة بوضع قواعد ملزمة لتنظيم العلاقات في المجتمع طبقا للإجراءات المقررة لذلك، والتشريع بهذا المعنى هو الذي يعتبر مصدرا للقانون" (محاماة نت،https://www.mohamah.net/law)، علما أن التشريع يعتبر من المصادر الرئيسية لقانون علاقات العمل.

- العمل هو: "كل نشاط أو مجهود أو نتيجة أو غاية معينة يلتزم العامل بتحقيقها أو انجازها لصالح أو لحساب رب العمل.  وبما أن العمل يعتبر محل عقد علاقة عمل، فهو ليس التزاما بشيء مادي معين، بل الالتزام ببذل مجهود بدني أو فكري معين. وهو كذلك الجهد الذي لا يمتلك عليه رب العمل حقا مباشرا كحق الملكية، بل أن حقه يقتصر فقط على المطالبة بالتعويض في حالة إخلال العامل بالتنفيذ" (ديب، 2003، 165).

- العامل: سكتت أغلب التشريعات العربية وحتى الدولية عن تحديد تعريف للعامل، فقد امتنع المشرع الفرنسي وضع تعريف للعامل في قانون العمل (مأموني، 2004، 08)، ليضع المشرع الجزائري تعريفا للعامل: "يعتبر عمالا أجراء في مفهوم هذا القانون كل الأشخاص الذين يؤدون عملا يدويا أو فكريا مقابل مرتب في إطار التنظيم ولحساب شخص آخر طبيعي أو معنوي، عام أو خاص يدعى المستخدم" (المادة 02، قانون علاقات العمل 90/11). ولقد كان تشريع العمل نتيجة تحركات العمال وضغطاتهم على الدولة لتتدخل بقوانين وتحميهم من استغلال المخالفين، وذلك عن طريق التشريعات التي لا تحمي مصالح العمال فقط، بل تهتم أيضا بأعمال أصحاب العمل المستخدمين وحتى المهن الحرة.

وعليه، يمكن القول بأن التشريعات العمالية هي مجموعة النصوص القانونية التي تنظم العلاقات الفردية والجماعية بين العمال والمستخدمين كلما كانت هذه العلاقات ناتجة عن عمل تابع تبعية قانونية.

2. الحماية الاجتماعية للصحفي في ظل قوانين التأمينات الاجتماعية: كرّست نصوص تشريع العمل في الجزائر أحكاما خاصة من أجل الحماية الاجتماعية للصحفي أثناء تنفيذ العلاقة المهنية، من كل أشكال الخطر التي قد تمسه خلال تأدية مهامه، فحماية الصحفي أمر يكتسي أهمية بالغة بحكم دوره المحوري في تنمية المجتمع، لذلك سيتم استعراض مختلف قوانين التأمينات الاجتماعية وموقع الصحفي منها.

1.2. التأمينات الاجتماعية:تتمثل الحماية الاجتماعية للصحفي العامل في المؤسسة الإعلامية في الالتفات إلى حالته الأسرية ودوره الاجتماعي، ومراعاة وضعيته المهنية والاجتماعية، بتمديد الحماية القانونية لأسرة الصحفي العامل – زوجته، أبنائه وذوي حقوقه عند وفاته-، ويعرف التأمين الاجتماعي على أنه: "كل تأمين إجباري تقوم به الدولة وتفرضه على فئة معينة لصالح أفراد آخرين قد يتعرضون من خلال عملهم عند الفئة الأولى لإصابة في الأشخاص أو أموالهم" (حسن منصور، د س ن، 40).

ويستفيد الصحفي العامل من الحماية الاجتماعية بواسطة نظام الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية، وذلك برعايته في الحالات المرضية التي قد يمر بها الصحفي العامل، بحيث تتكفل أنظمة الضمان الاجتماعي بتمكينه من تعويضات نقدية وعينية حسب طبيعة الحالة المرضية التي قد تكون مرضا أو حادث عمل أو عطلة أمومة أو عجزا أو وفاة، استنادا للاتفاقية الدولية رقم 102لسنة 1952التي نصت على الحد الأدنى للضمانات الاجتماعية، بحيث يغطي الضمان الاجتماعي ثمانية أخطار اجتماعية لفائدة العمال، إذ عمل المشرع الجزائري على توحيد نظام التأمين بموجب القانون رقم 83/11المتعلق بالتأمينات الاجتماعية المعدل والمتمم، وكذا القانون رقم 83/13الخاص بحوادث العمل والأمراض المهنية، كما خص التقاعد والمعاشات بالتنظيم بموجب القانون رقم 83/12(ديدان، 2012، 03).

الصحفي مهما كان موقع نشاطه الذي ينتمي إليه سواء كان داخل المؤسسة الإعلامية يقوم بمهام التحرير أو الشؤون الإدارية بها، أو كان خارجها في مختلف مواقع التغطيات الصحفية كالندوات، الملتقيات، الاجتماعات ومختلف الأحداث والوقائع، مُعرضا للمخاطر حسب طبيعة الظروف الموجودة في أماكن العمل، لذلك وجب تمكينه من تغطية تعويضات مصالح التأمين الاجتماعي، والمتمثلة في التأمينات التالية (خليفي، 2008، 108-116) :

-التأمين على المرض.

-التأمين على الولادة أو الأمومة.

-التأمين على العجز.

-التأمين على الوفاة.

-التأمين على حوادث العمل والأمراض المهنية.

-التأمين على التقاعد.

-التأمين على البطالة.

1.1.2. التأمين على المرض:يعتبر خطر المرض من أهم الأخطار التي تغطيها قوانين التأمينات الاجتماعية، وهذا نظرا لتأثير خطر المرض على قدرة الصحفي في العمل، مما يؤدي به إلى فقدان دخله في حال توقفه عن العمل تطبيقا للمبدأ القائل "لا أجر بدون عمل"، هذا من جهة. كما يؤدي المرض من جهة إلى زيادة التكاليف الخاصة بالعناية الصحية المرتبطة به سواء تعلق الأمر بالصحفي أو بأفراد أسرته، مما يعرضه إلى بؤس الحاجة والعوز، وحسب نص المادة 63من القانون رقم 83/13المتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنية، ميّز المشرع الجزائري نوعين من التأمين على المرض: هناك التأمين على المرض العادي، وهناك التأمين على المرض المهني، ووضع لكل نوع منهما أحكاما خاصة، حيث يغطي التأمين على المرض المهني هو التأمين الذي يغطي المخاطر التي تنتج عن المرض المتصل بالممارسة العادية للنشاط المهني يصيب الأفراد بصفاتهم وليس بذواتهم، أما في التأمين على المرض العادي فهو الذي يغطي المخاطر التي تنتج عن المرض الذي لا يتصل بالعمل ولا بظروفه.

وقد نصت المادة 07/1من القانون رقم 83/11على أن تشمل أداءات التأمين على المرض الأداءات العينية، والتي تتمثل في التكفل بمصاريف العناية الطبية والوقائية والعلاجية للمؤمن له وذوي حقوقه، حيث تكون نسبة التعويض على المرض العادي 80% لفائدة المستفيد من التأمين بمناسبة تلقيه العلاج في الهياكل العمومية للصحة (المادة 59، قانون رقم 83/11)، إلا أن انخراط المؤمن له اجتماعيا في التعاضديات الاجتماعية المنشئة بموجب القانون رقم 90/33المؤرخ في 25/12/1990المعدل والمتمم، يسمح له بالاستفادة من التعويض بنسبة 100%.

وعليه يستفيد الصحفي الأجير المصرح به لدى صندوق الضمان الاجتماعي للأجراء "CNAS" من تعويضات الهيئة بشكل طبيعي، لأنه بحاجة ماسة لامتيازات هذا الصندوق نتيجة للأمراض التي يكون عرضة لها، فقد أكدت دراسات علمية سابقة في أمريكا سنة 1960وفي إسبانيا سنة 1991، بأن الصحفي عرضة للإصابة بأمراض القلب ومشاكل في التنفس، إضافة غلى ارتفاع نسبة الإصابات بالنوبات القلبية بين الصحفيين. كما أشارت الدراسة ذاتها إلى أن عددا مخيفا من الأمراض الجديدة بدأ ينتشر بين الصحفيين منذ بدأ العمل على أجهزة الكمبيوتر مثل الإرهاق الشديد، الانفجار في المخ، القرحة في المعدة وعدم القدرة على التركيز (المشاكلوالتحديات التي تواجه الصحفي، https://www.yabeyrouth.com/5440) .

2.1.2. التأمين على الولادة أو الأمومة:تهدف التأمينات الاجتماعية بصفة عامة إلى ضمان مستوى مناسب لمعيشة كل مؤمن له اجتماعيا، عندما يفقد القدرة على الكسب سواء كان ذلك بصفة مؤقتة أو دائمة لسبب لا دخل لإرادته فيه، ولما كان الحمل والولادة من الأسباب التي تفقد المرأة العاملة قدرتها على العمل، أدرجه المشرع الجزائري كغيره من التشريعات الدولية ضمن الأخطار الاجتماعية. حيث يسعى التأميـن علـى الـولادة إلـى ضمـان تمتع المــرأة الصحفية بفتـرة حمـل مـريحــة وظروف ولادة حسنة، والحفاظ على صحتها وصحة مولودها، وذلك بتمكينها من الاستفادة من الأداءات العينية والنقدية الناتجة عن وضع الحمل، أين يغطي هذا التأمين جميــع المصاريف المترتبة عن الحمــل والولادة سواء ما تعلق منها بنفقــات العـلاج والرعاية الصحية للمرأة، أو ما تعلق منها بالتعويض عن دخلها الذي فقدته نتيجة لإنقطاعها عن العمل بسب الحمل والولادة.

وبالرجوع إلى القانون رقم 90/11المتعلق بعلاقات العمل، فإن العاملات تستفدن خلال فترات ما قبل الولادة وما بعدها من عطلة الأمومة طبقا للتشريع المعمول به، إلى جانب الاستفادة من تسهيلات حسب الشروط المحددة في التنظيم الداخلي للمؤسسة المستخدمة (بن صابر، 2010، 252). كما نصت المادة 29من القانون رقم 83/11السالف الذكر على أنه: "تتقاضى المؤمن لها شريطة أن تتوقف عن كل عمل مأجور أثناء فترة التعويض، تعويضة يومية لمدة أربعة عشر أسبوعا متتاليا، تبدأ على الأقل ستة أسابيع منها قبل التاريخ المحتمل للولادة، وعندما تتم الولادة قبل التاريخ المحتمل، لا تقلص فترة التعويض المقدرة بأربعة عشر أسبوعا" (المادة 29، القانون رقم 83-11).  وفي السياق ذاته، نصت المادة 23من القانون ذاته على أداءات التأمين المتعلقة بالولادة والتي تشمل كفالة المصاريف المترتبة عن الحمل والوضع وتبعاته. وعليه تستفيد الصحفية الحامل أيضا من المصاريف الطبية والصيدلية بنسبة مائة بالمائة، وكذا مصاريف إقامة الأم والمولود في المستشفى لمدة أقصاها 08أيام وفقا لما ذكرته المادة 02من القانون نفسه. 

3.1.2. التأمين على العجز:العجز هو عدم القدرة على العمل، فهو حالة تصيب الإنسان في سلامته الجسدية فتؤثر في قواه البدنية ومقدرته على القيام بالعمل، ويقاس مدى فقد القدرة على العمل بالنظر إلى الشخص السليم المعافى. ويُعد الشخص عاجزا عن العمل عجزا كليا، إذا فقد قدرته عن العمل كليا في مهنته الأصلية حتى ولو كان قادرا على الكسب بوجه عام. كما يعتبر عاجزا عن العمل عجزا جزئيا كل من فقد القدرة جزئيا عن العمل أو الكسب بوجه عام. وتقدر درجة العجز من طرف طبيب مختص أو لجنة خاصة، حيث تُحسب على أساسها مبلغ المعاش وفقا للقواعد الخاصة المبينة في قوانين التأمينات الاجتماعية، كما تؤخذ بعين الاعتبار الحالة العامة البدنية والعقلية للعامل المعني إضافة إلى مؤهلاته وتكوينه (هدفي، د س ن، 493). وحسب المشرع الجزائري، فإن الصحفي الذي ثبت عجزه عن أداء مهامه، يمكنه الحصول على دخل يفوق نصف الدخل الذي كان يتحصل عليه من عمله قبل إصابته بالعجز، بعد مقارنته مع أجر  نظيره الصحفي العامل في نفس فئة المهنة التي كان يمارسها (هدفي، د س ن، 137)، وهو ما يتضح من نص المادة 40من المرسوم رقم  84/27المؤرخ في 11/02/1984المحدد لكيفيات تطبيق العنوان الثاني من القانون رقم 83/11المتعلق بالتأمينات الاجتماعية المعدل والمتمم، والتي تنص: "يُعد في حالة عجز المؤمن له الذي يعاني عجزا يخفض على الأقل نصف قدرته على العمل أو الربع، أي يجعله غير قادر أن يحصل في أية مهنة كانت على أجر يفوق نصف أجر منصف أحد العمال من نفس الفئة المهنة التي يمارسها سواء عند تاريخ العلاج الذي تلقاه، أو عند تاريخ المعاينة الطبية للحادث، وذلك تطبيقا للمادة 32من القانون رقم 83/11المؤرخ في02جويلية 1983والمتعلق بالتأمينات الاجتماعية"، ما يعني أن المشرع اشترط لاعتبار المؤمن له اجتماعيا في حالة عجز أن يفقد على الأقل نصف قدرته عن العمل أو الكسب. والملاحظ أن المشرع الجزائري اعتمد عند تحديد مفهوم العجز على المعيار المهني أي عدم القدرة على القيام بنشاط مهني معين بالذات.

إن الهدف من اعتبار العجز ضمن المخاطر الاجتماعية يتمثل في منح المؤمن له اجتماعيا معاشا ثابتا بعدما اضطره العجز إلى الانقطاع عن العمل، ويصنف العجز حسب ما نصت عليه المادة 36من القانون رقم 83/11المتعلق بالتأمينات الاجتماعية إلى ثلاثة أصناف أساسية تتمثل في:

الصنف الأول: العجزة الذين مازالوا قادرين على ممارسة نشاط مأجور.

الصنف الثاني: العجزة الذين يتعذر عليهم إطلاقا القيام بأي نشاط مأجور.

الصنف الثالث: العجزة الذين يتعذر عليهم إطلاقا القيام بأي نشاط مأجور ويحتاجون إلى مساعدة من غيرهم (المواد 36- 37-3839، قانون رقم 83/11).

يمكن القول بأن الصحفي هو أكثر الفئات العمالية بحاجة إلى هذا النوع من التأمين، وهذا نظرا لخطورة بيئة عمل الصحفي التي تكون في أماكن التوتر من الحروب والنزاعات وهو ما يطلق عليه اسم الإعلام الحربي، فالصحفي المكلف بتغطيات هذا النوع من الأخبار معرض لفقدان حياته في أي لحظة، أو حتى فقدان عضو من أعضائه البدنية في ساحات المعارك، وهو ما قد يسبب له عجزا كليا أو جزئيا.  وفي هذا الصدد تجدر الإشارة لما تعرضت إليه صحفية قناة الشروق "مواقي سميرة" بمناسبة تأديتها لعملها المتمثل في تغطيتها الصحفية لمعركة الموصل ضد عناصر من تنظيم داعش غرب منطقة "تلعفر" بالعراق، أين أُصيبت على مستوى الرأس برصاص قناص داعشي.

4.1.2. التأمين على الوفاة: اعتبر القانون رقم 83/11المتعلق بالتأمينات الاجتماعية الوفاة خطر من الأخطار الاجتماعية التي تهدد المجتمع، والتي يجب مواجهة أثارها من خلال تعويض ذوي الحقوق نتيجة هذا الخطر عن طريق تقديم معاش وتعويضات لهم، فقد نصت على ذلك المادة 66من القانون رقم 83/11التي جاء فيها على أنه: "يستفد ذوي حقوق المؤمن له اجتماعيا من الأداءات المشار إليها في المادتين 08و26أعلاه بالنسبة للزوج والأولاد والأصول". وبالرجوع إلى نص المادة 08من القانون نفسه، يتبين أن الزوج والأولاد والأصول يستفيدون من الأداءات العينية المقررة في باب التأمين على المرض بما تشمله من تغطية للنفقات الطبية والعلاجية والصيدلانية أو تعويض المصاريف التي تنفق بمناسبتها، ويستفيد زوج المؤمن له المتوفى من الأداءات العينية في باب التأمين على الولادة والتي تتمثل في تعويض المصاريف الطبية والعلاجية، بالإضافة إلى التكفل بمصاريف الإقامة في المستشفى أو تعويضها (المادة 08، قانون رقم 83/11). كما نص المشرع الجزائري بموجب المادة 47من القانون رقم 83/11باستحقاق معاش الوفاة لذوي حقوق المتوفى بنصها: "يستهدف التأمين على الوفاة إفادة ذوي حقوق المؤمن له المتوفي، المعرفين في المادة 67أدناه، من منحة الوفاة". واستنادا للمادة 48من القانون ذاته، يقدر مبلغ رأس مال الوفاة بـ 12مرة مبلغ الأجر الشهري الأكثر نفعا المتقاضى خلال السنة السابقة لوفاة المؤمن له اجتماعيا والمعتمد كأساس لحساب الاشتراكات، ويدفع مبلغ رأسمال الوفاة دفعة واحدة فور وفاة العامل، ويدفع رأسمال الوفاة لذوي حقوق المتوفى وفق الشروط القانونية، وفي حالة تعددهم توزع منحة الوفاة بينهم بأقساط متساوية (المواد 48- 49- 50، قانون رقم 83/11)، ويستفيد ذوي حقوق صاحب معاش العجز أو معاش التقاعد، أو معاش التقاعد المسبق أو ريع حادث عمل، ضمن الشروط المنصوص قانونا في المادة 51من القانون رقم 83/11على أن لا يقل هذا المبلغ عن نسبة 75% من الأجر الوطني الأدنى المضمون.

ويبقى هذا التأمين مفيدا لأسرة الصحفي وذوي الحقوق ويحفظ كرامتهم بعد وفاته، فلم يسلم رجال الإعلام خلال العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر بعد سنة 1992، من تبعاتها السلبية، حيث راح عدد كبير من الصحفيين ضحية الاغتيالات بسبب خصوصية مهنتهم التي تتطلب الشجاعة الصحفية لفضح كل من يهدد استقرار ووحدة الوطن.  

5.1.2. التأمين على حوادث العمل والأمراض المهنية: لقد عرّفت المادة 06من القانون رقم 83/13المتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنةٌ حادث العمل بنصها: "يعٌتبر كحادث عمل كل حادث انجرت عنه إصابة بدنية ناتجة عن سبب فجائي وخارجي وطرأ في إطار علاقة عمل"، حيث وجب على المؤمن له المصاب بحادث أن يثبت بأن الضرر ناتج عن حادثة مفاجئة وذات أصل خارجي أدى إلى ضرر بدني للعامل المصاب، كما يجب أن يثبت العلاقة السببية بين الضرر والإصابة القائمة. وهناك مجموعة من الشروط لعدّحدث ما حادث عامل، أهمها وقوع الحادث أثناء العمل أو بمناسبته من خلال الارتباط الزماني للعمل، أي وقوع الحادث في زمن العمل والارتباط المكاني للعمل أي وقوع الحادث في مكان العمل (سماتي، 2013، 25).

كما نصت المادة 63من القانون رقم 83/13السالف الذكر، على أنه: "تعتبر كأمراض مهنية كل أمراض التسمم والتعفن والاعتلال التي تعزى إلى مصدر أو تأهيل مهني خاص"، وعليه يتضح جليا أن المشرع قام بتحديد قائمة الأمراض المهنية باعتماده على نظام القرينة البسيطة في ذلك، فقد نصت المادة 64من القانون نفسه على أن: "تُحدد قائمة الأمراض ذات المصدر المهني المحتمل وقائمة الأشغال التي من شأنها أن تتسبب فيها، وكذا مدة التعرض للمخاطر المناسبة لكل مدة الأعمال بموجب التنظيم"، ويجب على العامل المتعرض لمرض مهني أن يثبت ذلك حتى يعتبر مرضا مهنيا في ظرف 48ساعة دون احتساب أيام العطل. حيث أوضحت المادة 05من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 05/05/1996المحدد لقائمة الأمراض المحتمل أن يكون مصدرها مهنيا وملحقيه 01و02، من خلال نصها: " تُصنف الأمراض ذات المصدر المهني المحتمل إلى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: ظواهر التسمم المرضية الحادة والمزمنة،

المجموعة الثانية: العدوى الجرثومية،

المجموعة الثالثة: الناتجة عن وسط أو وضعية خاصة".

وبما أن مهنة الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب، فالصحفيين بحاجة ماسة إلى هذا النوع من التأمينات الاجتماعية، لأن مهنة البحث عن الحقيقة والحصول على الأخبار والمعلومات يجعل الصحفي يعيش حالة مستمرة من الترقب، القلق، الانتظار، التوقع، اليأس، الإحباط والانكسار، وهو ما يسبب له التعب والإرهاق الذي يؤدي بالدرجة الأولى إلى إنهاك صحة الصحفي من خلال الإصابة بأمراض القلب، الضغط الدموي، السكري، تصلب الشرايين وأمراض أخرى غالبا ما تكون بين الصحفيين كنقص الرؤية وغيرها.

6.1.2. التأمين على التقاعد:التقاعد منظم بموجب القانون رقم 83/12المؤرخ في 02/07/1983المتعلق بالتقاعد، حيث يستفيد من هذا النظام كل العمال سواء كانوا أجراء أو ملحقين بالأجراء أو عمالا غير أجراء مهما كان قطاع النشاط الذي ينتموا إليه ومهما كان شكل العلاقة التي تربطهم بأصحاب العمل ومهما كان الأجر الذي يتقاضوه (بن رجال، 2010، 88). ويقصد بالتقاعد ذلك الحق المالي والشخصي الذي يستفيد منه العامل مدى الحياة على شكل معاش مباشر يمنح للعامل على أساس نشاطه ويضاف إليه زيادة الزوج المكفول، ويمكن أن يكون معاشا منقولا إلى من كان يتكفل بهم المتقاعد المتوفى أثناء حياته (بن صابر، 2010، 269) وهم: الزوج الباقي على قيد الحياة، والأولاد القصر البالغين من العمر أقل من 18سنة، وأصول المؤمن له أو أصول الزوجة المكفولين عندما لا تتجاوز مواردهم الشخصية المبلغ الأدنى لمعاش التقاعد. ويستفيد الصحفي العامل من التقاعد الكلي إذا استوفى الشروط الآتية:

- سن إحالة العامل على التقاعد، وهو ما يدخل في إطار الحماية الاجتماعية، فقد حدد القانون رقم 83/12المذكور أعلاه بموجب المادة 06منه سن الإحالة على التقاعد هو 60سنة بالنسبة للرجل و55بالنسبة للمرأة (بن رجال، 2010، 89).

- لكي يستفيد العامل من معاش التقاعد، يجب أن يكون قد عمل 15سنة على الأقل، وتعتبر هذه المدة بمثابة الحد الأدنى لمدة العمل، أما الحد الأقصى هو إتمام 32سنة عمل فعلية (بن رجال، 2010، 91).

وتجدر الإشارة إلى وجود نوع آخر من التقاعد يسمى بالتقاعد المسبق كرّسه المرسوم التشريعي رقم 94/10المؤرخ في 26/05/1994، بعدما فرضته حتمية التسريح الجماعي للعمال لأسباب اقتصادية، ولا يمكن للعامل الاستفادة من التقاعد النسبي إلا بعد بلوغ العامل الأجير 50سنة من العمر وأدى مدة عمل فعلية نتج عنها دفع اشتراكات تعادل 20سنة على الأقل، مع العلم أنه يتم التخفيض في سن العامل ومدة العمل بخمس سنوات بالنسبة للمرأة العاملة، أي 45سنة مقابل 15سنة عمل فعلية، ولا يكون هذا النوع من التقاعد إلا بإرادة العامل، وبالتالي فإن قرار الإحالة على التقاعد المتخذ من قبل صاحب العمل بصفة منفردة يُعد باطلا (بن صابر، 2010، 277).

7.1.2. التأمين على البطالة:يطبق التأمين على البطالة كمبدأ عام على عمال المؤسسات الاقتصادية الذين يفقدون عملهم بصفة لا إرادية ولأسباب اقتصادية، إما في إطار تقليص عددهم أو في إطار إنهاء النشاط القانوني للمؤسسة، ويمكن توسيع مجال تطبيقه ليشمل الموظف في المؤسسات والإدارات العمومية، بموجب نص خاص طبقا للمادة 02من المرسوم التشريعي رقم 94/11المؤرخ في 26/05/1994المتضمن إحداث نظام التأمين على البطالة لفائدة الأجراء الذين يفقدون عملهم بصفة لا إدارية ولأسباب اقتصادية. ولكي يستفيد العامل الأجير من التأمين على البطالة لا بد أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط حددتها المادة 06والمادة 07من المرسوم التشريعي رقم 94/11في النقاط الآتية:

- أن يكون منخرطا في الضمان الاجتماعي مدة قدرها 03سنوات على الأقل.

- أن يكون عونا مثبتا في الهيئة المستخدمة قبل التسريح لسبب اقتصادي.

- أن يكون قد سدد اشتراكاته بانتظام في نظام التأمين عن البطالة منذ 06أشهر على الأقل قبل إنهاء علاقة العمل.

- ألا يكون قد رفض عملا أو تكوينا تحويليا قصد شغل منصب عمل آخر.

- ألا يكون مستفيدا من دخل عن أي نشاط مهني.

- أن يرد اسمه في قائمة العمال الذين هم محل تسريح في إطار التقليص من عدد العمال أو إنهاء نشاط المستخدم، تحمل تأشيرة مفتش العمل المختص إقليميا.

- أن يكون مسجلا كطالب للعمل لدى المصالح المختصة في الإدارة العمومية المكلفة بالتشغيل منذ شهرين على الأقل.

- أن يكون مقيما بالجزائر.

يستفيد العامل من تعويض شهري عن البطالة يُحسب على أساس أجر مرجعي يساوي نصف المبلغ  المحصل عليه بجمع متوسط الأجر الشهري الخام الذي تقاضاه العامل طوال 12شهرا التي سبقت تسريحه مع الأجر الوطني الأدنى المضمون، وهذا استنادا للمادة 13بنصها: "يحسب التعويض على البطالة على أساس أجر مرجعي يساوي نصف المبلغ المحصل عليه بجمع متوسط الأجر الشهري الخام المنصوص عليه في المادة 10أعلاه مع الأجر الوطني المضمون"، وطبقا للمادة 16من المرسوم التشريعي رقم 94/11المتعلق بالتأمين عن البطالة، لا يمكن أن تقل مدة التكفل بالعامل عن 12شهرا. كما لا يمكن أن تتعدى مدة التكفل 36شهرا، وهذا وفقا لما جاءت به المادة 03من المرسوم التنفيذي رقم 94/189المحدد لمدة التكفل بتعويض التأمين عن البطالة.

كما تُستثنى فئة من الأفراد الاستفادة من امتيازات التأمين على البطالة، وهذا استنادا للمواد 03،04و05من المرسوم التشريعي رقم 94/11السالف الذكر، حيث يتعلق الأمر بـ :

- الأجراء الذين هم في انقطاع مؤقت عن العمل بسبب البطالة التقنية أو البطالة بسبب العوامل المناخية أو في انقطاع مؤقت أو دائم عن العمل بسبب عجز عن العمل أو حادث أو كارثة طبيعية.

- الأجراء الذين بلغوا السن القانونية التي لم تسمح لهم بالإحالة على التقاعد. 

- الأجراء الذين تتوفر فيهم الشروط الضرورية للحصول على حقوق معاش التقاعد المسبق.

- الأجراء ذوو عقد عمل محدود المدة والعمال الموسميون أو العاملون في البيت والعاملون لحسابهم الخاص أو ذوو عدة مستخدمين أو الذين فقدوا عملهم بسبب نزاع في العمل أو تسريح تأديبي أو استقالة أو ذهاب إرادي.

وفي ميدان الإعلام تعتبر مهنة الصحفي غير مستقرة وهذا بحكم أن القطاع الخاص على 90% من مجموع العناوين الصحفية، علما أن الحماية الاجتماعية تقل في القطاع الخاص، حيث يكون الهم الوحيد للمؤسسات الإعلامية تحقيق الربح المادي والبقاء في السوق، باعتبارها مؤسسات اقتصادية، ولو حساب الصحفي الذي يجد نفسه في وضعية معقدة مع أرباب العمل جعلته غير قادر على المطالبة بحقوقه المهنية، حيث يعتبر أرباب العمل مطالبة الصحفي بحقوقه  بمثابة إعلان عن فسخ الصحفي لعقده مع مؤسسته، ليصبح الصحفي محروما من المطالبة بتوفير الحماية الاجتماعية وتحسين ظروفه.

2.2. استفادة الصحفي من حق التأمينات الاجتماعية: يستفيد أي صحفي عامل في أي مؤسسة إعلامية، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو للقطاع الخاص من خدمات التأمين الاجتماعي، وهذا باعتباره يحمل صفة العامل الأجير، استنادا لنص المادة 02من قانون علاقات العمل 90/11التي نصت: "يعتبر عمالا أجراء كل الأشخاص الذين يؤدون عملا يدويا أو فكريا مقابل مرتب في إطار التنظيم ولحساب شخص آخر طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص يدعى المستخدم". ويستفيد الصحفي الأجير من امتيازات الضمان الاجتماعي منذ تاريخ اليوم الأول من تنصيبه، وفقا لما أقرته المادة 03من القانون رقم 83/11التي نصت على أنه: "يستفيد من أحكام هذا القانون كل العمال سواء كانوا أجراء أم ملحقين بالأجراء، أيا كان قطاع النشاط الذي يعملون فيه والنظام الذي كان يسري عليهم قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التطبيق".

ومن أهم امتيازات قانون التأمينات الاجتماعية استفادة ذوي الحقوق للمؤمن له اجتماعيا. فبموجب المادة 66من القانون رقم 83/11، يضمن لذوي حقوق المؤمن له اجتماعيا الحق في الاستفادة من الخدمات العينية للتأمينات الاجتماعية في باب التأمين عن المرض، وذلك بتغطية النفقات الطبية والعلاجية بما فيها تلك المتعلقة بخطر الولادة بالنسبة لزوج المؤمن له اجتماعيا دون باقي ذوي الحقوق، لكن لا يستفيد من التقديمات المتعلقة بحالة العجز سوى الشخص المؤمن، باعتبارها مقررة لمصلحته ومرتبطة بصفته.

 وعليه، فإن الاستفادة تشمل أفراد أسرة الصحفي العامل إلى جانب الأشخاص المكفولين من طرفه، أو الذين يتولى رعايتهم لاسيما الحواشي من الدرجة الثالثة من الإناث الذين ليس لهم أي دخل، حيث حددت المادة 67من القانون رقم 83/11المعدلة والمتممة بالمادة 30من الأمر رقم 96/17الأشخاص الذين لهم صفة ذوي الحقوق، حيث يتعلق الأمر بكل من:

- زوج المؤمن له الذي لا يمارس نشاطا مهنيا مأجورا.

- الأولاد المكفولون البالغون أقل من ثمانية عشرة سنة.

- الأولاد البالغون أقل من خمس وعشرين سنة والذين أبرم بشأنهم عقد تمهين يمنحهم أجرا يقل عن نصف الأجر الوطني الأدنى المضمون. 

- الأولاد البالغون أقل من واحد وعشرين سنة والذين يواصلون دراستهم.

- الأولاد المكفولون والحواشي من الدرجة الثالثة المكفولون من الإناث بدون دخل مهما كان سنهم.

- الأولاد مهما كان سنهم الذين يتعذر عليهم ممارسة أي نشاط مأجور بسبب عاهة أو مرض مزمن.

وتجدر الإشارة إلى أن حق ذوي حقوق المؤمن له اجتماعيا في الاستفادة من خدمات التأمينات الاجتماعية في باب الأداءات العينية، يبقى مكفولا حتى في حالة وفاته، بحيث يستفيد ذوي الحقوق الذين تثبت لهم هذه الصفة بالإضافة إلى ذلك، من منحة الوفاة المقررة في المادة 47من القانون رقم: 83/11التي يتم توزيعها عليهم بصفة متساوية في حالة تعددهم.

3.2. شروط استفادة الصحفي من التأمينات الاجتماعية:حسب قانون التأمينات الاجتماعية لابد من توافر عدة شروط حتى يستفيد الصحفي العامل من تعويضات مصالح الضمان الاجتماعي، حيث تتمثل هاته الشروط في القيام بالخطوات التالية:

- قيام صاحب العمل أي "المؤسسة الصحفية" التصريح بنشاطه لدى صندوق الضمان الاجتماعي: وهو المنصوص عليه في المادة 06من القانون رقم 83/14والمعدلة بالمادة 05من القانون رقم 04/17المتعلق بالتزامات المكلفين في مجال الضمان الاجتماعي.

- قيام صاحب العمل بالتصريح بانتساب العمال لدى صندوق الضمان الاجتماعي، طبقا لنص المادة 08من القانون رقم 83/14.

- قيام صاحب العمل بدفع الاشتراكات لدى صندوق الضمان الاجتماعي، طبقا لنص المادة 85من القانون رقم 83/11والمادة 17من القانون رقم 83/14.

- التزامات صاحب العمل المتعلقة بالتصريح بالأجور، وهو ما جاء في نص المادة 13من المرسوم رقم 85/35المؤرخ في 09/02/1985المتعلق بالضمان الاجتماعي للأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون عملا مهنيا.

وفي حالة استوفاء جميع الخطوات السابقة، يمكن للصحفي الاستفادة من خدمات هيئات الضمان الاجتماعي، أين يُثبت للصحفي صفة المؤمن له اجتماعيا عن طريق بطاقة إلكترونية (المادة 03، المرسوم التنفيذي رقم 10-116) تسمى "بطاقة الشفاء" تمنحها له إحدى مصالح صندوق الضمان الاجتماعي للعمال الأجراء "CNAS".


3. الأجر كآلية من آليات حماية الصحفي اجتماعيا:لا يكفي توفير الحماية المهنية والاجتماعية للصحفي العامل، بل لا بد من النظر والالتفات لحالته المادية، بتمكينه من أجرة مناسبة لما يقدمه من مجهود كبير في مهنة المتاعب التي تحدق بها الكثير من المخاطر، وهذا يستدعي بناء سياسة الأجور في قطاع الإعلام خاصة الخاص منه، على أسس عادلة ومعايير موضوعية، تأخذ بعين الاعتبار عدة معطيات منها مدة العمل، طبيعته وحجمه. إلى جانب تحفيز الصحفي على النشاط والاجتهاد من خلال إحداث نظام تعويضات قائم على مبدأ المساواة طبقا للتشريع المعمول به وكذا الاتفاقيات الجماعية للعمل.

يعتبر الأجر من الحقوق الأساسية للصحفي العامل والتي كرستها التشريعات العمالية، لاسيما بعد صدور قانون علاقات العمل سنة 1990، وإلغاء أحكام القانون الأساسي العام للعامل رقم 78/12المؤرخ في 05/08/1979، حيث أعاد القانون رقم 90/11تنظيم علاقات العمل مع التغيرات والإصلاحات التي حدثت في البلاد، فجاءت نصوصه لينة وقابلة للتعديل والتكيف مع الواقع المعاش، أين يتم تحديد الأجور ومختلف التعويضات الأخرى بصفة حرة بين العمال والمؤسسات المستخدمة إما بالتفاوض أو عن طريق الاتفاقيات الجماعية أو بالاعتماد على التصنيف المهني لمناصب العمل المحددة من قبل المؤسسة، وهذا تطبيقا لمبدأ الحرية التعاقدية في علاقات العمل.

وأقرت المادة 80من القانون رقم 90/11المذكور أعلاه حق العامل في الأجر، الذي يعتبر التزاما قانونيا على صاحب العمل بنصها بان: "للعامل الحق في أجر مقابل العمل المؤدى، ويتقاضى بموجبه مرتبا أو دخلا يتناسب ونتائج العمل". ويتكون الأجر من عنصرين، الأول ثابت يرتبط بالتصنيف المهني ضمن السلم المعمول به في تصنيف الوظائف ويكون الثاني متغير يتكون من مجموع التعويضات والحوافز المالية والعلاوات المرتبطة بإنتاجية العمل ونتائجه، بما فيها الأقدمية ومختلف الظروف الاجتماعية. ويشترط في أجر العامل توفر الخصائص التالية:

- دفع الأجر مقابل العمل: تنص المادة 53من القانون 90/11على أنه لا يمكن أن يتقاضى العامل أجر فترة لم يعمل فيها، وتنص المادة 80من القانون نفسه، أن للعامل الحق في أجر مقابل العمل المؤدى، فالأجر إذن مقابل العمل ولا أجر بدون عمل.

- مبدأ المساواة في الأجر: نصت المادة 84من القانون رقم: 90/11بأنه: "يجب على كل مستخدم ضمان المساواة في الأجور بين العمال لكل عمل مساوي القيمة بدون أي تمييز"، وعليه سعى المشرع إلى إزالة كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة في دفع الأجر، مع أن المساواة في الأجور تبقى نسبية، لوجود مقاييس تؤخذ في الاعتبار منها: التأهيل العلمي، الخبرة المهنية، الأقدمية، القدرات الشخصية لكل عامل، ظروف العمل والمردودية، وبالتالي لا يوجد ما يمنع صاحب العمل من منح العامل امتيازات إضافية لتحفيزه على العمل (بوخالفة، 2018، 37).

- دفع الأجر نقدا: يجب أن يحدد ويدفع الأجر نقدا، ودفعه بالعملة الوطنية.

- دورية الأجر: يدفع الأجر كاملا ودوريا للعامل دون أي نقصان ما عدا الحالات التي يكون العامل قد استفاد فيها من تسبيق على أجره أو اقترض مالا لدى صاحب العمل على أن يسدده بالتقسيط، ويجب على رب العمل أن يدفع للعامل قسيمة الأجر تتضمن مبلغ الأجر وجميع عناصره (المادة 86، قانون رقم 90-11).

يتبين من خلال كل ما سبق أن المشرع الجزائري شدّد على الإجراءات الشكلية فقط من خلال وجوب دفع الأجر نقدا وعند حلول آجال استحقاقه مع إعطاء للأجور أفضلية عن باقي الديون، ومنع حجزها إلا لأسباب أقرها القانون، مع وجوب تسليم قسيمة راتب تبين العناصر المشكلة للأجر والالتزام بالاقتطاعات لاسيما اقتطاع الضمان الاجتماعي (محمد الصغير، 2011، 19-23). لكن هل هناك في الواقع حماية حقيقة لأجور الصحفيين وهل تم خلق آليات رقابية على أرباب العمل وأصحاب المؤسسات خاصة الخاصة منها، في ظل تقاضي معظم الصحفيين لرواتب متدنية لا تغطي في الكثير من الأحيان تكاليف عملهم المرتبطة بالأنترنت، كومبيوتر محمول، تكاليف التنقل...، وتعتبر رواتب الصحفيين متدنية مقارنة ببعض المهن الأخرى، إذ يترواح الراتب ما بين 25ألف دج إلى 35ألف دج. وفي هذا الشأن نشرت شبكة الصحفيين الدوليين بتاريخ 10أفريل 2018، تقريرا عن أجور ورواتب الصحافيين في العالم العربي بين سنتي 2007و2017، حيث صُنفت تونس والجزائر من بين الدول الأضعف في شمال إفريقيا فيما يخص أجور الصحفيين. وأكد التقرير أنه لا يوجد أي قوانين تلزم المؤسسات الإعلامية بدفع أجر محدد للصحفيين. فمنذ سنة 2010، يتقاضى الصحفي راتبا يبدأ من 25ألف دينار وهو ما يساوي 217دولارا، ويرتفع في بعض المؤسسات ليصل 130ألف دينار أي نحو 1000دولار (بلقيس، 2018، https://ijnet.org/ar/story)، ويمكن الاستناد إلى مؤشرين للدلالة على تدني أجور الصحفيين في الجزائر، هما:

- انتقال الصحفيين من مؤسسة إعلامية إلى أخرى في فترات وجيزة.

- عمل الصحفي الواحد في العديد من المؤسسات لاسيما في الصحافة المكتوبة وبأسماء مستعارة.

4. السلامة الصحية والمهنية للصحفي العامل في الجزائر: أعطت الجزائر أهمية بالغة للحالة الصحية للعمال والظروف التي يعملون فيها، وذلك بالاعتناء بهم ووضع تحت تصرفهم وسائل الحماية الفردية والجماعية عن طريق إدراج طب العمل المكرس بالمرسوم التنفيذي رقم  93/120المؤرخ في 15/05/1993، فقد اهتمت المنظومة الصحية الوطنية بالظروف الصحية للعامل، أين فرضت على المؤسسات ضرورة توفير الجو الملائم من خلال السلامة البدنية والصحية للعمال، وهو ما يُجنبهم المشاكل الصحية التي تؤثر سلبا على مردوديتهم، والالتفات بقدر كبير للحالة الصحية للعامل في أماكن العمل وفقا لما أشار إليه المرسوم التنفيذي رقم 91/05المؤرخ في 19/01/1991المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على حفظ الصحة والأمن في أماكن العمل، وهذا من خلال التدابير الآتية:

1.4. طب العمل:يهدف طب العمل إلى الحيلولة دون تعرض العامل لأي وهن بدني أو ذهني، وحمايته من الأمراض المهنية وحوادث العمل، وذلك من خلال الالتزام بالتدابير التالية:

- الوقاية الصحية بواسطة الفحوص الدورية التي تتولاها مصالح طب العمل.

- مراقبة آماكن العمل من حيث توفر شروط النظافة والأمن ووسائل الإسعاف.

- تحسين ظروف العمل بما ينعكس ايجابيا على صحة العامل.

- حماية البيئة والمحيط الطبيعي الذي يعمل فيه العامل.

وتؤكد المادة 05من قانون علاقات العمل رقم 90/11على أن توفير الوقاية الصحية والأمن وطب يعتبر حق من حقوق العمال من خلال نصها بأن: "يتمتع العمال بالحقوق الأساسية ...الوقاية الصحية والأمن وطب العمل...".

2.4. الراحات والعطل:تُقر أغلب التشريعات العمالية الحديثة على غرار التشريع الجزائري، حق العمال في الراحة بوصفه حقا ثابتا، يترتب عليه تمتع الصحفي إضافة إلى العطل المرضية بفترات للراحة، نجد أبرزها مناسبات الأعياد الوطنية والدينية، رأس السنة الميلادية، عطلة نهاية الأسبوع وكذا العطل السنوية المقدرة بـ 30يوما حسب التشريعات المعمول بها. وقد تدخل الدستور رقم 16/01بنصه صراحة في المادة 69منه: "الحق في الراحة مضمون، ويحدد القانون كيفيات ممارسته"، وقد وضع قانون 90/11القواعد الأساسية للراحات والعطل في  21مادة كاملة ضمن الفصل الرابع المعنون بـ "الراحة والعطل القانونية والغيابات" وفي الفرع الأول الموسوم بـ "العطل والراحة القانونية" من المادة 32إلى غاية المادة 52، حيث اعتبر المشرع الجزائري الحق في العطلة والراحة حقا إلزاميا على المستخدم، وفصّل في الإجراءات التنظيمية الخاصة بمدة العطلة ومدى إلزاميتها، بحيث لا يجوز التنازل عن العطلة ولا يجوز تعويضها بأجر، كما لا يجوز إرجاؤها إلا في حالات استثنائية وفي حدود مرة واحدة.

وبالنظر إلى خصوصية العمل الصحفي، نجد أن العديد من الصحفيين وفي الكثير من المرات لا يستفيدون من بعض أيام الراحة والعطل التي نصت عليها التشريعات العمالية، هذا لأن الصحفي مرتبط بمتابعة الأحداث والوقائع يوميا في أي وقت يكون معها، فمثلا لا يمكن عدم العمل في يوم عطلة نهاية الأسبوع وقد تزامن مع حدث مهم ومؤثر في المجتمع كزيارة رئيس دولة.

5. خطورة بيئة العمل الصحفي في الجزائر: يُعرفعلىبيئة العمل أنها ليست منعزلة عن العالم الخارجي فهي البيئة المادية المباشرة للعامل،  الذي يمضي فيها فترة طويلة من حياته، فمازالت الأمراض والحوادث المهنية من أهم أسباب الإصابات والوفيات وسط العمال، حيث بلغ عدد الوفيات حوالي 02مليون عامل، وكل حالة وفاة تُقابلها من 500إلى 2000إصابة مرتبطة بالعمل كل عام في العالم (خالدي، 2018، 200)، لذلك يمكن تفادي أغلب الوفيات وحوادث العمل من خلال اعتماد إجراءات الوقاية السليمة لبيئة العمل و توفير ظروف السلامة البدنية والصحية للعمال.

وقد تدهورت بيئة العمل الصحفي في الجزائر بعد إعلان حالة الطوارئ في الجزائر سنة 1992ودخول البلاد في أزمة أمنية وسياسة عُرفت بـ "العشرية السوداء"، أين شهدت تلك الفترة موجة أعمال العنف لم يسلم منها الصحفيون، عقبتها موجة من الاعتقالات مست الكثير منهم، وكذا توقيف ومصادرة الكثير من المؤسسات الإعلامية على غرار الجرائد، إلى جانب المتابعة القضائية للعديد من الصحفيين مثلما حدث مع جريدتي "الشروق العربي" و"الخبر". وقد وصل تأزم الأوضاع المهنية لرجال مهنة المتاعب إلى درجة اغتيال الكثير منهم، بداية من سنة 1993، حيث كان الصحفي "الطاهر جاووت" أول ضحية، لترتفع بعدها حصيلة الضحايا إلى 70صحفيا خلال أربعة أعوام من مجموع 700صحفي مما أدى بأغلبية الصحفيين إلى الكتابة بأسماء مستعارة حفاظا على حياتهم (فهيم، 1998، 65)، مما أسفر عن هجرة الكثير من الصحفيين إلى بلدان أخرى بحثا عن أمن أكثر ومكان يستطيعون فيه الكلام والتعبير بكل حرية وديمقراطية.

واستمر تدهور بيئة العمل الصحفي إلى غاية بداية الألفية الثالثة التي عرفت بعضا من الاستقرار في الأوضاع الأمنية، لكن انتقل بعدها تدهور محيط العمل الصحفي إلى الوضع الاقتصادي نتيجة للأزمة المالية الاقتصادية التي ألقت بظلالها على البلاد منذ بداية انخفاض أسعار النفط شهر جوان 2014(سعيفان، 2017، 02)، الأمر الذي انعكس سلبا على ميزانيات أغلب المؤسسات الإعلامية، فقد تراجع طبع عدد من الصحف الواسعة الانتشار عام 2014، وهذا ما أثر سلبا على الحماية الاجتماعية للصحفيين الجزائريين عقب تخفيض رواتبهم الشهرية وتأخير دفعها في بعض الأحيان إلى عدة أشهر، وتقليص عدد أيام العطل والراحات وتغييب العلاوات والتعويضات، دون الحديث عن طب العمل وظروف السلامة الصحية والمهنية في مناطق العمل التي تشهد توترا كبيرا أين يكون فيها الصحفي معرضا للمخاطر على غرار الحروب والملاعب والمحاكم والكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، إضافة إلى العمل في موضوعات خطيرة وحساسة كالتحقيق في وضعية السجناء أو الهجرة غير الشرعية أو التسول أو المخدرات...وغيرها، ورغم وجود النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية للصحفي كغيره من العمال، إلا أن هذا لم يكن كافيا من أجل تطبيقها في مختلف المؤسسات المهنية، لذلك يتوجب إيجاد آليات رقابية وخلق طرق جديدة تفرض على أرباب العمل وملاك المؤسسات الإعلامية تطبيق إجراءات الحماية الاجتماعية للصحفيين العاملين.

ثالثا: نتائج الدراسة

بعد العرض المفصل لموضوع هذه الدراسة الخاص بالحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري، تم التوصل إلى أن التشريعات العمالية الوطنية لم تغفل الالتفات إلى حماية الصحفي العامل اجتماعيا، ماديا وصحيا، فقد سن المشرع الجزائري العديد من النصوص القانونية التي أكدت على إجراءات الحماية الاجتماعية للعامل بما فيه الصحفي. ويمكن من خلال ما سبق بيانه استخلاص أهم نتائج الدراسة في النقاط التالية:

 - أقر المشرع الجزائري الحماية الاجتماعية من خلال توحيد نظام التأمين بموجب القانون رقم 83/11المؤرخ في 02/07/1983المتعلق بالتأمينات الاجتماعية المعدل والمتمم، وسن قانونا خاصا بحوادث العمل والأمراض المهنية هو القانون رقم 83/13المؤرخ في 02/07/1983المعدل والمتمم، كما خص التقاعد والمعاشات بالقانون رقم 83/12المؤرخ في 02/07/1983المعدل والمتمم.

- كفل قانون التأمينات الاجتماعية الصحفي الجزائري تعويضات نقدية وعينية حسب طبيعة الخطر، وهذا في حالة تعرضه لأي طارئ يمنعه من مزاولة نشاطه ويحرمه من الأجر أو الدخل، ومن بين هذه التأمينات التي كرسها قانون التأمينات الاجتماعية نذكر: التأمين على المرض، التأمين على الولادة أو الأمومة، التأمين على العجز، التأمين على الوفاة، التأمين على حوادث العمل والأمراض المهنية، التأمين على التقاعد، التأمين على البطالة.

- كشفت تنظيمات الضمان الاجتماعي عن الشروط القانونية والإجراءات التي تسمح للصحفيين العاملين الاستفادة من خدمات التأمينات الاجتماعية.

- أقر قانون علاقات العمل رقم 90/11حق الصحفي في الحصول على أجر، وبسط حمايته على حقوق الصحفي المادية بوجوب دفع الأجر له نقدا وعند حلول آجال استحقاقه، وتعطى للأجر أفضلية عن باقي الديون، مع منع حجزه إلا لأسباب ذكرها القانون، إضافة إلى وجوب تسليم قسيمة الراتب تبين العناصر المشكلة للأجر.

- اهتم المشرع الجزائري بالظروف الصحية للعمال بما فيهم الصحفي إلى حد ما، وذلك عندما فرض على أرباب العمل ضرورة توفير السلامة البدنية والصحية للعمال، من خلال سن نصوص قانونية حول طب العمل والعطل والراحات.

- التأثير السلبي للأزمة المالية الاقتصادية، التي حلت بالبلد منذ بداية انخفاض أسعار النفط شهر جوان 2014، على المؤسسات الإعلامية التي أصبحت تعاني العجز المادي بسبب شح الإشهار، وهو ما انعكس سلبا على الحماية الاجتماعية للصحفيين من خلال تقليص أجورهم وتأخير دفعها في وقتها المحدد وتقليص عدد أيام العطل والراحات.

- تدهور بيئة العمل الصحفي في الجزائر بالموازاة مع افتقار التشريعات الوطنية لنصوص خاصة حول تدابير الحماية والسلامة المهنية في مجال العمل الصحفي، حيث يكاد يكون غياب تام لتطبيق المراسيم المنظمة لطب العمل وكذا ظروف السلامة الصحية والمهنية.

- تتميز بيئة العمل الصحفي بالخطورة، التي غالبا ما تشهد التوتر ويكون فيها الصحفي معرضا للمخاطر أكثر من غيره على غرار تغطياته في أماكن خطيرة كالحروب، النزاعات، الملاعب، المحاكم والكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، إلى جانب التحقيق في موضوعات حساسة كالهجرة غير الشرعية، المخدرات، التسول، وضعية السجناء...وغيرها.

خاتمة

إن عرض مختلف الجوانب القانونية والإجرائية التي تنظم وتحكم النصوص القانونية المتعلقة بالحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري، تكشف عن إرادة المشرع الجزائري في جعل مختلف قوانين التأمينات الاجتماعية وقانون العمل... وغيرها تكفل الحماية الاجتماعية للصحفي باعتباره يتحلى بصفة العامل كغيره من الفئات العمالية، ولكن بالنظر إلى خصوصية مهنة الصحافة يؤكد على أن النصوص التشريعية وحدها غير كفيلة بتوفير الحماية الاجتماعية الحقيقية للصحفي، لذلك وجب إيجاد آليات جديدة تفرض الحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري.

وفي الأخير يمكن اقترح مجموعة من التوصيات التي تصب في مجملها حول تطوير الحماية الاجتماعية للصحفيين الجزائريين، تتمثل في النقاط التالية:

- إشراك الهيئات الاستشارية من نقابات وأرباب العمل والوزارات المعنية المتمثلة في وزارة الاتصال ووزارة العمل والضمان الاجتماعي في عملية صنع القرار حول المسائل المتعلقة بالحماية الاجتماعية للعمال.

- العمل على إيجاد مصادر مالية داخلية لإنعاش صناديق الحماية الاجتماعية على غرار هيئات الضمان الاجتماعي والتقاعد وهذا لاستفادة العمال –الصحفيون- من مستحقاتهم المالية في وقتها.

- تزويد أرباب العمل وملاك المؤسسات بخبراء وتقنيين في مجال الصحة والسلامة المهنية، وتطبيقها في المؤسسات الصحفية بنجاح، وبالتالي التقليص من المخاطر الاجتماعية في بيئة العمل الصحفي.

- العمل على توعية الصحفيين حول برامج الحماية الاجتماعية وكذا حقوقهم المكفولة قانونيا من خلال الأيام الدراسية والملتقيات وتنشيطها من طرف مختصين في المجال.

- الاستعانة بخبراء في مجال الإعلام والاتصال وتوظيفهم في أقسام خاصة بالاتصال ضمن الهيكل التنظيمي لمؤسسات الحماية الاجتماعية، وهذا قصد ممارسة أدوار العلاقات العامة مع الجمهور الخارجي.

- الاستعانة بخدمات وسائل الإعلام الجماهيرية سواء التقليدية كالتلفزيون، الإذاعة والصحيفة أو الإلكترونية كمواقع التواصل الاجتماعي على غرار الفايسبوك، التويتر، اليوتيوب من أجل نشر كل مالا يتعلق بجديد القرارات والإجراءات والبرامج المتعلقة بالحماية الاجتماعية

قائمة المراجع والمصادر

النصوص القانونية والمراسيم

1. المرسوم الرئاسي، رقم 89-18 المؤرخ في 28/02/1989، المتضمن نشر نص تعديل الدستور الموافق عليه في الاستفتاء المؤرخ في 23 فيفري 1989، العدد 09.

2. المرسوم الرئاسي، رقم 92-44، المؤرخ في 09/02/1992، المتضمن إعلان حالة الطوارئ، العدد 10.

3. الأمر، رقم 68-525 المؤرخ في 09 سبتمبر1968، المتضمن القانون الأساسي للصحفيين المهنيين، العدد 65.

4. الأمر، رقم 96-17، المؤرخ في 06/07/1996، المتعلق بالتأـمينات الاجتماعية المعدل والمتمم، العدد 42.

5. القانون العضوي، رقم 12-05، المؤرخ في 12/01/2012، المتعلق بالإعلام، العدد 02.

6. القانون، رقم 90-07 المؤرخ في 03/04/1990، المتضمن قانون الإعلام، العدد 14.

7. القانون، رقم 90-11 المؤرخ في 21 أفريل 1990، المتضمن قانون علاقات العمل، العدد 17.

8. القانون، رقم 82-01، المؤرخ في 06/02/1982، المتضمن قانون الإعلام، العدد 06.

9. المرسوم التنفيذي، رقم 93-120، المؤرخ في 15/05/1993، المتعلق بتنظيم طب العمل،العدد 33.

10. القانون، رقم 88-07، المؤرخ في 26/01/1988، المتعلق بالوقاية والأمن وطب العمل،العدد 04.

11. القانون، رقم 16-01، المؤرخ في 06/03/2016، المتضمن التعديل الدستوري، العدد 14.

12. القانون، رقم 83-11، المؤرخ في 02/07/1983، المتعلق بالتأمينات الاجتماعية المعدل والمتمم، العدد 28.

13. القانون، رقم 83-13، المؤرخ في 02/07/1983، المتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنية،العدد 28.

14. القانون، رقم 04-17، المؤرخ في 10/11/2004، المتعلق بالتزامات المكلفين في مجال الضمان الاجتماعي المعدل والمتمم، العدد 72.

15. القانون، رقم 78-12، المؤرخ في 05/08/ 1978، المتضمن القانون الأساسي العام للعامل، العدد 32.

16. المرسوم التنفيذي، رقم 94-11 المؤرخ في 26 ماي 1994، المتعلق بالتأمين علي البطالة لفائدة الأجراء الذين يفقدون عملهم بصفة لاإرادية ولأسباب اقتصادية، العدد 34.

17. المرسوم التنفيذي، رقم 91-05، المؤرخ في 19/01/1991، المتعلق بالقواعد العامة للحماية التي تطبق على حفظ الصحة والأمن في أماكن العمل، العدد 04.

الكتب والمراجع

18. إبراهيم عبد ربه، ابراهيم علي. 1988، مبادئ التأمين التجاري والاجتماعي، دار النهضة العربية للطباعة، بيروت، لبنان.

19. بن صابر، بن عزوز. 2010، الوجيز في شرح قانون العمل الجزائري نشأة علاقة العمل الفردية والآثار المترتبة عنها، دار الخلدونية، الجزائر.

20. بن رجال، آمال. 2010، حماية العامل عند انتهاء علاقة العمل في القانون الجزائري، د د ن، الجزائر.

21. حسن منصور، التأمينات الاجتماعية، نشأة المعارف، الإسكندرية، مصر.

22. خليفي، عبد الرحمن. 2008، منازعات العمل والضمان الاجتماعي، دار العلوم للنشر، الجزائر.

23. ديب، عبد السلام. 2003، قانون العمل الجزائري والتحولات الاقتصادية، دار القصبة للنشر، الجزائر.

24. ديدان، مولود. 2012، مدونة التأمينات الاجتماعية، دار بلقيس للنشر، الجزائر.

25. سماتي، الطيب. 2013، حوادث العمل والأمراضالمهنية، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر.

26. سيد فهمي، محمد. 1998، الرعاية الاجتماعيةوالأمنالاجتماعي، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، مصر.

27. فارس، عبد الرزاق. 2001، الفقر وتوزيع الدخلفيالوطنالعربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان.

28. محمد الصغير، علي. 2011، تشريع العمل فيالجزائر، دار العلوم للنشر والتوزيع، عنابة، الجزائر.

29. هدفي، بشير، الوجيز في شرح قانون العمل علاقات العمل الفردية والجماعية، دار ريحانة للنشر والتوزيع، الجزائر.

المقالات العلمية

30. بوخالفة، غريب. 2018، "عنصر الأجر في علاقة العمل"، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد 02، الجزائر.

31. خالدي، محمد. 2018، "قراءة تحليلية في وضع السلامة والصحة المهنية بالجزائر وفقا لمعايير العمل الدولية مجلة إدارة الأعمال والدراسات الاقتصادية، العدد 04، الجزائر.

32. فهيم، هشام. 1998، "أزمة الصحفيين في الجزائر بين الاغتيال والفنادق الآمنة"، مجلة الدراسات الإعلامية، العدد 92، الجزائر.

33. كنزاي، محمد فوزي. 2010،" الإطار السياسي للصحافة المكتوبة في الجزائر انتصار الحركة التوكفالية في مقابل الحركة الميكيافيلية"، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، العدد 5، الجزائر.

34. لعرج مجاهد، نسيمة. طويطي، مصطفى. 2017، "تحليل واقع الحماية الاجتماعية في الجزائر"، مجلة البحوث الاقتصادية المتقدمة، العدد 02، الجزائر.

الرسائل الجامعية

35. مأموني، فاطمة الزهراء. 2004، «العامل الأجير والمؤسسة الاقتصادية محاولة لتحديد عنصر التبعية"، رسالة ماجستير غير منشورة في القانون الاجتماعي، كلية الحقوق، جامعة وهران، الجزائر.

الملتقيات العلمية

36. سعيفان، سمير. 2017، "تداعيات هبوط أسعار النفط على البلدان العربية"، ندوة علمية، المركز العربي للأبحاث والسياسات، الدوحة، قطر.

37. علاش، أحمد. 2004، «دور دولة الرعاية الاجتماعية في الحد من آثار الفقر"، الملتقى الدولي حول ظاهرة الفقر، جامعة سعد دحلب، البليدة، الجزائر.

المواقع الالكترونية

38. بلقيس عبد الرضا، معدل أجور ورواتب الصحافيين في العالم العربي بين الأعوام 2007 إلى 2017، https://ijnet.org/ar/story.

39. موقع إستشارات قانونية، مجانية محاماة نت، https://www.mohamah.net/law.

40. مدونة كلية العلوم السياسية والإعلام جامعة الجزائر ITFC، المشاكل والتحديات التي تواجه الصحفي، http://itfctk.ahlamontada.net/t56-topic.

@pour_citer_ce_document

الوليد رفاس, «الحماية الاجتماعية للصحفي الجزائري قراءة تحليلية على ضوء التشريعات العمالية»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 277-294,
Date Publication Sur Papier : 2020-10-26,
Date Pulication Electronique : 2020-10-26,
mis a jour le : 26/10/2020,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7704.