هيدغر: الحقيقة، الأشياء والكلمات -قراءة في درس 1924-1925-Heidegger: truth, things and Words-Review of 1924-25’ courses-
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 18-2021

هيدغر: الحقيقة، الأشياء والكلمات -قراءة في درس 1924-1925-

Heidegger: truth, things and Words-Review of 1924-25’ courses-
ص ص 151-162
تاريخ الإرسال: 2020-01-11 تاريخ القبول: 2020-12-22

نعيمة حاج عبد الرحمان
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تُصرّح بعض نصوص هيدغر، مفكّر الكينونة بامتياز، أنّ أرسطو هو الفينومينولوجي الأوّل الذي عرفه تاريخ الفلسفة الغربيّة وهو ضروريٌّ في الإشكاليّة الهرمينوطيقيّة.إنّ سبب وقوف هيدغر عند لحظة أرسطو هو تأويل ماضي الفلسفة لتملّكه وفهم ما قاله أرسطو عن الكائن والكينونة ومحاولة فهم معنى الكينونة عنده. في أفلاطون: السفسطائي Platon: le sophiste، فحص هيدغر الكيفيّات الخمس للكشف في الكتاب السادس من الأخلاق إلى نيقوماخوس واستنتج أنّ الحكمة هي أسمى إمكانية ينتزع من ورائها الدازاين العالم من تواريه لأنّها مجرّد نظر لما هو دائم وثابت أي لكينونة الكائن.

الكلمات المفاتيح

الكينونة، الكائن، الحكمة، الكشف، الدازاين

Certains textes de Heidegger, le penseur de l’être par excellence, incontournable dans la problématique herméneutique, considèrent Aristote comme le premier phénoménologue dans l’histoire de la philosophie occidentale. Heidegger s’était focalisé sur Aristote (Stagirite) afin d’interpréter le passé de la philosophie, pour se l’approprier et comprendre le sens de l’être. Dans Platon : Le Sophiste, Heidegger examine les cinq modes du dévoilement du livre VI (Éthique à Nicomaque) et conclut que la sagesse est la meilleure possibilité qui permette au Dasein d’arracher le monde à son occultation car elle est un pur voir de l’être de l’étant.

Mots clés :être, étant, sagesse, dévoilement, Dasein.

Some texts of Heidegger, the ultimate thinker of Being, conceive Aristotle as the first phenomenologist in the history of Western philosophy, then ineludible in the hermeneutical problematic. Heidegger stands at the Stagirite’ instant in order to interpret the past of philosophy, to appropriate it and understand the meaning of Being. In Plato’ Sophist, Heidegger examines the five modes of revealing of the Book VI of Ethics to Nicomachus and concludes that wisdom is the preeminent possibility that allows Dasein (there-being) to remove the world from its occultation because it is a pure vision of the Being of beings.

keywords:Being, beings, wisdom, revealing, Dasein

Quelques mots à propos de :  نعيمة حاج عبد الرحمان

جامعة أبو القاسم سعد الله الجزائر 2، naima.philo@yahoo.fr

تمهيد

مارتن هيدغر (1889-1976) هو قارئ مميّز وغير عاديّ للفلاسفة القدماء عموما ولأفلاطون وأرسطو على وجه الخصوص. يُحكى أنّه لم يكن يملك في كوخه الصغير بالغابة السوداء سوى عشرة كتب من بينها الجمهورية والميتافيزيقا. هذا إن دلّ على شيء فإنّه يدلّ على المكانة التي خصّصها للإغريق. 

يتناول هيدغر في درسهأفلاطون: السفسطائي1Platon: le sophiste، النظرية الأرسطية حول الفضائل العقلية المذكورة في الكتاب VIمن الأخلاق إلى نيقوماخوس، وهي نظرية عالجها من قبل، تحديدا في عام 1922، في تأويلات فينومينولوجية لأرسطو 2، الذي يعرض فيه وضع الهرمينوطيقا. وإذا كان موضوع الوضع الهرمينوطيقي هو النظرة (la vue) أي أنّه وضع محدد بـ"وجهة نظر" فذلك يدلّ على أنّ   الهرمينوطيقا هي فينومينولوجيا، (Heidegger, 1992).

إنّ ربط هذه الإشكالية الهرمينوطيقيةبشخصية ولحظةأرسطو بالذات له سببين اثنين: 1/ لفهم الذات ينبغي العودة إلى الماضي ليس لتعاطي البحث التاريخي ولكن لتأويل الماضي، ماضي الفلسفة، لتملُّكِه.32/ لفهم ما قاله أرسطو عن الكائن والكينونة ومحاولة فهم معنى الكينونة عنده خصوصا وعند أفلاطون واليونان عموما، (Heidegger, 2001).

ليست مدونة أرسطو، بالنسبة لهيدغر، كبقية المدونات. إن تأمل أرسطو هو الضامن الوحيد الذي يُمَكّن الإشكالية الهرمينوطيقية من تحقيق إجرائها الخاص. فالخاصية الفينومينولوجية لهذه الإشكالية هي التي تفرض على هيدغر تفحص وتقصي النصوص اليونانية، عموما، ونصوص أرسطو، بوجه خاص. إن في فقدان المفاهيم الأساسية الإغريقية وظيفتها التعبيرية الأصلية أساس إجراء الهرمينوطيقا الفينومينولوجية. فهذه الأخيرة تعمل على الكشف عن المنابع الموضوعية الأولى، وهي منابع قصديّة (intentionnelles)، التي زوّدت تلك المفاهيم معانيها. ولكن كيف يتمّ الكشف عن تلك المنابع الأولى؟ يتمّ الكشف عن هذه المنابع القصدية بالتفكيك والتقويض Destruktion، la déconstructionأي تفكيك التصورات الموروثة،(Taminaux, 2000). فكيف قرأ هيدغر النظريّة الأرسطيّة حول الفضائل العقليّة؟ وما هو الإجراء الذي قام به خلال هذه القراءة؟

1/سيعرِّف هيدغر أولا لفظة آليثيا (αλήθεια، alétheia). 2/ سيحدد الكيفيات المختلفة للـ آليثويين (αλήθεύειν، alètheuein) أو وسائل النفس الخمسة للوصول إلى الحق والتي هي كالآتي: العلم، إبستيمي (épistémè)، الحكمة، سوفيا (σοφία)، الفن، تكني (τέχνη)، التعقل، فغونيسيس (φρόνησις)، العقل، نوس (νου̃ς). 3/ سيعيد طرح إشكالية أرسطو الآتية: ما هو الماليستا آليثويين (μαλιστα αλήθεύειν، malista aletheuein) الذي من شأنه أن يخرج الكائن من انسحابه أكثر من الكيفيات الأخرى؟ بعبارة أوضح، ما هو الشكل الأكثر كشفا من بين هذه الأشكال الخمسة؟ وما هو البِلْتِستي إكسيس (βελτιστη έξις، beltisté exis)، أي ما هو الاستعداد أو الهيئة الأفضل للا- تحجب الكائن؟ 4/ سيحلّل الكيفيات المختلفة للآليثويين ومن ثمة سيتوصّل إلى أن الحكمة هي الحالة الفضلى بالنسبة للإنسان لأنها لا- تحجب محض وبسيط.45/ سيستنتج نوعين من اللوغوس، اللوغوس الدلالي، اللوغوس سيمانتيكوس (λογός σημαντικός) واللوغوس الرائي، اللوغوس أبوفانتيكوس (λογός αποφαντικός). 6/ وهنا، سينجح هيدغر في تبيان، من خلال أرسطو، بأن اللوغوس الرائي هو موضع الكذب أو الخطأ أي بسودس (ψευδος). 

1- الآليثيا: القول وأشكال الكشف

أ- تعريف الآليثيا 

لتعريف لفظة "الحقيقة"، سيطرق هيدغر باب الإيثيمولوجيا5، فيكشف عن أصلها اللغوي عند القدماء. يسمي اليونان الحقيقة آليثيا (άλήθεια) وهي كلمة تتكون من شقين: (آ – ليثيا). الـ (آ)، هي ما يعرف بالألف الحرمانية أو الألف المانعة. أمّا (ليثيا)، فتعني إخفاء، حجب. ومنه نصل إلى المعنى الاشتقاقي لكلمة آليثيا وهو "ألا يكون أبدا خفيا أو محجبا"6. إن الدور الذي تلعبه الألف الحرمانية في الكلمة اليونانية، (άλήθεια) يشير إلى أن الحقيقة كما يفهمها اليونان ليست جاهزة أو معطاة وإنما ينبغي انتزاعها7والفوز بها بعد معاناة. على هذا الأساس، يقوم أرسطو بعمليّة مزدوجة: فهو يؤكد أن "الحق" بمعنى اللامحجوب (le dévoilé) هو خاصية الكائن وكينونة الكائن، من ناحية؛ ويربط بين حالة لا تحجب الكائن هذه وكينونة هذا الأخير وبين كيفية كون الموجود الإنساني، أي هذا الكائن القادر على رفع الحجاب (dévoiler، alètheuein)، أي كشف الكائن الحي الوحيد الذي يتكلم، من ناحية أخرى، (Taminaux, 2000). ومنه، فليس الكائن ما هو ببساطة هنا وإنما ما ينبثق، ما يأتي إلى الظهور حين يخرج من الاحتجاب فيستقر في اللااحتجاب ويدوم فيه. الكائن، بالمعنى الأرسطي، هو المتجلّي، هو الذي يظهر. ولأن كلمة veritasالتي ترجم بها الرومان كلمة آليثيا لا تحافظ على ميزة اللااحتجاب المذكورة أعلاه، قرر هيدغر عدم ترجمة آليثيا بـ véritéفاستبدلها بكلمة أخرى تحمل في ثناياها صفة الكشف والظهور فاقترح Unverborgenheitالتي تعني اللا-حجب ليسمع ما كان يَرِنُّ في الكلمة اليونانية آليثيا، حتى وإن كان الأمر غير مفكَّرٌ فيه حتى من طرف اليونان أنفسهم، (Zarader, 1986).

ب- الآليثيا والليغين

إنّ التدقيق في معنى كلمة "آليثيا" يدفعنا إلى التساؤل عن الكيفيّة التي تتمّ بها المعرفة يونانيّا. فكيف يتعرّف اليونانيّ على الكائن وكيف يعرفه؟

إن العالم منغلق على نفسه وهو لا ينفتح إلا من خلال انفتاح الدازاين عليه عن طريق النظرة التي بموجبها نتوصّل إليه، أي أنّه في غياب الدازاين وعدم وقوع نظرته على الكائنات أي على الأشياء فلا انفتاح للعالم أي لا انفتاح للأشياء أي عدم انكشافها بل استمرار اختبائها. لا تحدث المعرفة إلا بعد قيام الألف الحرمانية بدورها أي بعد تجلّي الكائنات للدازاين. أرسطيّا، المعرفة هي عملية إخراج ما كنا نجهله من اختبائه إلى لا اختبائه عن طريق الخطاب أي الكلام (la parole). هكذا يتجلى الأليثويين أي فعل الكشف في الليغين أي في فعل الكلام. "لقد كان فعل الكلام هذا، بالنسبة للإغريق، ظاهرة جد ملحة ومألوفة إلى درجة أنهم استخلصوا منه تعريف الإنسان وتحديده بكونه الحيوان الذي يملك الكلام: (ζω̃ον λογον έχον, zoon logon echon). ومن خلال قراءته لـ De Animaيعيد هيدغر إبراز التعريف الأرسطي للكلام على أنه تصويت فموي يحمل هرمينيا، أي عبارة ذات معنى تقول شيئا ما مفهوما أي ذو دلالة حول العالم. فالكلام هو طريقة كون الإنسان وهو عند أرسطو فعل الكشف. هكذا، فالكلام هو طريقة تكون عليها النفس كشفا. ومنه يصل هيدغر إلى النتيجة الآتية: لقد أوَّل أرسطو، بناء على هذه القاعدة الأنطولوجية للكلام في (De Anima)، ولأول مرّة، الطرق المختلفة لفعل الكشف في الكتاب السادس VIمن الأخلاق إلى نيقوماخوس،(Heidegger, 2000-2001 ; Aristote, 2004).  

ج- أشكال الكشف  

يرى أرسطو أنّ هناك "سبلا مختلفة تسمح للنفس (ψυχή) قول الحقيقة بطريقة الإثبات أو النفي،(Aristote, 2004). عدد هذه السبل خمسةٌ وهي ليست شيئا آخر سوى أشكالا للكشف: الفن، تَكْني (la τεχνη)، العلم، إبستيمة  (έπιστημη)، التعقل، فغونيسيس (φρόνησις)، الحكمة، سوفيا (σοφία) والعقل، نوس (νου̃ς). إنّ رؤية الشيء أي رؤية الكائن أي البراغما (πρα̃γμα) بلغة أرسطو، تجعل الدازاين يكشف عنه في الإثبات أو النفي أي في الخطاب من خلال هذه الكيفيات المرتبطة باللوغوس.8

ثلاث ملاحظات تفرض نفسها في هذا المقام: 1/ يستعمل هيدغر الفضائل العقلية في بعدها الأنطولوجي وليس في بعديها الأخلاقي أو الإبستمولوجي لأنّه ينظر إليها بما هي كيفيات لانكشاف الكائن كما هو.2/ إذا كان يسند أرسطو كيفيات الكشف الخمس هذه إلى النفس، فإنّ هيدغر يسندها إلى الدازاين الإنساني. لذلك فهو يترجم عبارة أرسطو « alètheuei è psychè » بـ "الدازاين كاشف"، « le Dasein est dévoilant » أو بالعبارة التي يستعملها في الكينونة والزمان "الدازاين في الحقيقة"، « le Dasein est dans la vérité »، مؤكّدا أن اللاتحجب (le dévoilement) هو خاصية كينونة الدازاين. 3/ إذا كان هيدغر يستعمل كلمة "كائن" (étant) فإن أرسطو لا يستعملها صراحة، (Taminaux, 2000). من هنا يعرض هيدغر معنيين للحقيقة: 1/ الحقيقة كصفة للكائن الذي يتجلّى أمامنا ويجيء لملاقاتنا؛ 2/ الحقيقة كتحديد أنطولوجي للدازاين الذي يكشف الحجاب عن الكائن من خلال النظر إليه ثمّ الكلام عنه. أما فيما يخص اختفاء الكائن فله ثلاثة مظاهر: 1/ الجهل (l’ignorance)؛ 2/ الرأي الشائع (l’opinion dominante)؛ 3/ الضلال (l’erreur).9أمّا عن عبارة "الكينونة-الحقة" أو "الكينونة-في-الـ-حقيقة"، باعتبارها تحديدا للدازاين، فهي تعني أنّ الدازاين يضع الكائن اللامتحجب، الذي يتناوله عادة، تحت تصرفه أي تحت اليد، (Heidegger, 2001).

انطلاقا من فعل الكلام، والذي "يعد بالنسبة لليونان التعريف الجوهري للإنسان"10، سيميّز أرسطو الأشكال الخمسة للكشف استنادا إلى جزأين أساسين هما: الجزء العلمي11(la partie scientifique), (έπιστημονικον) ، وهو الجزء الذي "يسمح بإعداد العلم (le savoir)"12"وبفضله نتأمل كائنا لا يمكن أن تكون مبادئه، آركاي (άρχαι)، خلافا لما هو عليه"، وهو الكائن الذي يتصف بالدوام، آيديون (αίδιον) أو الكينونة دائما (l’être-toujours)"؛ والجزء المفكر أو الحاسب13، (λογιστικον) (la partie calculatrice) وهو الجزء الذي "يسمح بتهيئة البولوأسثاي (βουλεύεσθαι) (أي) الرؤية المتعقِّلة (la considération circonspect)، أو النظر العقلي (la reflexion)"14: "إنه هذا [...] الذي بفضله نفكر في الكائن الذي [...] يمكن أن يكون خلاف ما هو عليه"15.                 

إنّ ما دفع أرسطو إلى فحص هذين النوعين الأساسين من الانفتاح أي الجزء العلمي والجزء الحاسب هو محاولة معرفة ما هو الكشف بامتياز: فمن بين هذين النوعين المذكورين، ما هو النوع الذي يملك قدرة أكبر على إخراج الكائن وتحريره من اختفائه وتحجبه. بعبارة أخرى يجب تحديد النوع، من بين هذين النوعين، الذي يعدّ الهيئة أو الاستعداد الأفضل لإطلاق الكائن- في كل مرة- من الاختباء وإبقائه هكذا لا محجبا،(Heidegger, 2001).وهذا ما سيجيبنا عنه بعد تحليل أشكال الكشف المختلفة.

بداية، سيعمل أرسطو على تحليل الأشكال الأربعة للكشف والمتمثلة في: العلم، الفن، الحكمة والتعقل. لذلك، سيطرح في كل مرة، سؤالين رئيسيين:1/ كيف يظهر الكائن الذي تكشفه مختلف أشكال الكشف هذه؟ (وهو سؤال خاص بالكائن)؛ 2/ هل يبرز الكشف الموافق- في كل مرة- أيضا، مبدأ هذا الكائن؟ (وهو سؤال خاص بالمبدأ 16)، (Heidegger, 2001).

ج-1- العلم (έπιστήμη)

العلم هو كشف من النوع الأول أي الذي ينتمي إلى الجزء العلمي17. ولتحليل الإبستيمة، سيتساءل أرسطو أولا عن "الكائن" الذي تكشفه الإبستيمة وثانيا عمّا إذا كان، ما يشكل في كل مرة كشفا، يبرز ويجلي أيضا مبدأ الكائن. بخصوص السؤال الأول، يخبرنا أرسطو أن كائن الإبستيمة أي موضوعها هو كائن يكون دائما (un étant qui est toujours)18، هو الضروري (le nécessaire)، الأزلي (l’éternel)، الثابت الذي لا يخضع لقوانين التغير. وعليه، فهو ليس العرضي أو المتغيّر لأن الكائن الخاضع للصيرورة لا يمكن التحكّم فيه وبالتالي لا يمكن معرفته. إن الذي يُعْرَفُ هو فقط الكائن الذي هو على ما هو عليه، هو، بعبارات أخرى، كائن دائم الوجود، أي الكائن الذي هو دائما كما هو أي الكائن بحق، (Heidegger, 2001).  

إنّ خصائص موضوع العلم التي ذكرناها توّا هي ما يفسّر اعتبار "الإبستيمة ديداكتي (διδακτη) قابلة لأن تُعَلَّم [و] مَثِتُون μαθητόν)) يمكن تعلمها"19. ولهذا السبب، يمكن نقل العلم إلى الآخرين بفضل طريقين حسب أرسطو هما الاستنتاج، سيلوجسموس (συλλογισμος) والاستقراء، إبَغوغي (έπαγωγή)، لأن الوصول إلى نتيجة انطلاقا مما عرف قبلا هو، حسب أرسطو طريقة التواصل التي تنتمي للإبستيمة. وبناء على ذلك، سيرفض أرسطو القول أنّ الإبستيمة هي الكشف بامتياز. لماذا؟ لأنّ اعتبار الاستقراء هو البداية أي هو الذي ينبثق من المبدأ يعني أنّه أكثر أصالة من الإبستيمة. إنه الذي يِؤدي وبأصالة إلى العام، الكاثولو (καθολου)،(Heidegger, 2001).

وعليه، يخلص أرسطو إلى أن الإبستيمة لا توضح المبدأ بما أن كشفها للكائن-الدائم، كما هو، أمر مستحيل، فهو يظل محجوبا بالنسبة لها. لذلك، فليست الإبستيمة هي الإمكانية الفضلى لإطلاق الكائن من الحجب ونقله من الإختباء إلى اللاإختباء، وإنما الحكمةهي التي من خلالها يتحرر الكائن من اختفائه في ظل الجزء العلمي، (Heidegger, 2001). ولكن قبل فحص الحكمة سنتوقف أولا عند الفن:

ج-2- الفن:(τήκνη)  

الفن هوكشف من النوع الثاني أي ينتمي إلى الجزء الحاسب. يقدم لنا أرسطو تعريفا للفنفي الفصل الرابع من كتابه الأخلاق إلى نيقوماخوس قائلا: "إن ميزة كل فن هي خلقُ عمل. وهو يبحث في الوسائل التقنية والنظرية لخلق شيء ينتمي إلى صنف الممكنات والتي يقوم مبدأها في الإنسان الذي ينجز وليس في العمل المنجز"20. ويوضح قوميز-مولرGomez-Mullerهذه الفكرة قائلا: "الفن أو المعرفة التي تخص ما يُصنَع (poiétique) والتي يترجمها اللاتينيون إلى Arsهي شكل من المعرفة موجه نحو إنتاج عمل أو أثر أي آرغون (έργον)، أي موضوع، وهو خلافا لكائنات الطبيعة، لا يحمل مبدأه في ذاته وإنما في الفاعل الذي ينتجه."21يتجه الفن نحو الأشياء التي ليست بعدُ ما ستصبح عليه، نحو الأشياء التي يمكن أن تكون بوجه مختلف لأنها تستوجب، أولا، أن تُصنَع،(Heidegger, 2001).

يُسَمَّى كائن (موضوع) الفن بويِئيتون (ποιητόν). ولكلمة بويِئيتوس (ποιητός, ή, όν) معنيين: الأول، لنعت ما هومخلوق في مقابل ما يوجد بذاته، والثاني للتحدث عن الأعمال اليدوية المصنوعة.22ومنه فبويِئيتون (ποιητόν) هو ما لا يوجد بعد ولكنه يُصنع أي يُنتج. "عندما ينبغي إنتاج شيء ما، فإن التفكير (أي العقل) مطلوب. فينبغي أخذ الـ لماذا (le pour-quoi) أي المنتوج، بعين الاعتبار قبل كل إنجاز. [...] هكذا فإن الآيدوس (εί̃δος) الخاص بما سينجز، باعتباره خطة بناء هو محدد قبل الإنتاج. [...] يوجد إذن مبدأ الكائن المتعلق بالفن أي آيدوسه، في النفس، [...] أي في المُنتج نفسه"23. لنأخذ مثال الإسكافي: لمّا يصنع الإسكافي حذاء فهو يسلمه لشخص آخر بغرض استعماله لاحقا. وفور صنع الحذاء فهو بارا (παρα) أي خارج الفن. فالفن هو الملكة التي تنتج الأشياء في الخارج. وبما أن غاية الفن غير متوفرة بشكل دائم لأنها تتقيد بما نفكر في إنتاجه فإن الفن كشف غير محض. لأن ما يصنعه الفن هو موضوع الفن أي كائنه فقط باعتبار هذا الكائن الذي لم ينجز بعد. فحالما ينجز الكائن الفني فإنه يسقط خارج قبضة الفن فينفلت منه فيصبح برانيا. لذلك اعتبر أرسطو الفن كشفا غير حقيقي،(Heidegger, 2001).وهكذا يلتحق مصير الفن بالإبستيمة لنستنتج مع أرسطو: ليست كيفيتا الكشف التي أتينا على دراستهما، أي الإبستيمة والفن، هما الأعلى.  فماذا عن الكيفيتين الباقيتين، التعقل والحكمة؟

ج-3- التعقل: (φρόνησις)

التعقل هوكشف من النوع الثاني أي من الجزء الحاسب. "التعقل24، فغونيسس25(φρόνησις) باليونانية،هو حالة حقيقية، مصحوبة بالعقل (raison) تحث على الفعل (l’action) عندما يتعلق الأمر بالأشياء الحسنة أو السيئة بالنسبة للإنسان"26.أما فيما يخص كائن-التعقل أو موضوعه فهو ما يمكن أن يكون خلافا لما ليس هو والذي له علاقة بالمتبصر أو الفطن، الفغونموس (φρόνιμος)، أي الممعن في النظر. وإذا كنا قد استنتجنا أن غاية، تيلوس (τελος)، الفن هي أمر خارجي (un à côté de)، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للتعقل. لأن غاية هذا الأخير هي الإنسان عينه،(Heidegger, 2001)."إن الدازاين هو مبدأ التمعن في التعقل"27.

إن ميدان التعقل هو الفعل (l’agir) وموضوعه هو العملي، بغاكتون (πρακτόν). "وبما أن التعقل يرتبط بالمبدأ والغاية ويصونهما فهو يعتبر أفضل كيفية للكشف في ظل ذلك الكائن الذي يمكنه أن يكون مخالفا لما هو ليس عليه. [...]"ولكن التعقل ليس كيفية للكشف مستقلة في ذاتها، تقصد اللا-اختفاء بلا قيد ولا شرط"، إنها كيفيةٌ للكشف عمليةٌ، بْغاكْتِكي (πρακτική)"28. ومع ذلك، فإن هيدغر يستعمل، صراحة، كلمة آغِتي (areté) فقط في الصفحات الخاصة بالتعقل ما يجعل تامينو يستخلص ما يلي: هذا الاستعمال الصريح للكلمة يجعلنا نقترح أنه يسند ويعزو للتعقل شرف الفضيلة، (Taminaux, 2000). أليس التعقل هو أساس إدراك الفرق الأنطولوجي؟ أليس التعقل هو الذي ينبهنا إلى أن الكينونة تختلف عن الكائن وأنه لا ينبغي أخذ الكائن على أنه الكينونة كما فعل ذلك فلاسفة الغرب طوال تاريخ الفلسفة حسب هيدغر؟

بناء على ما سبق، يجب القول إن التعقل هو الكيفية الأكثر كشفا، ولكن فقط في ظل الكائن الذي يمكن أن يكون مخالفا لما هو عليه. ولكنه ليس كيفية الكشف التي تقصد اللا-اختفاء بلا قيد ولا شرط.

لا نتردد هنا عن التنويه بالمجالين المختلفين اللذين يدور فيهما خطابا أرسطو وهيدغر. فإذا كان خطاب أرسطو تَحكُمه الأخلاق فإن خطاب هيدغر تحكمه الأنطولوجيا. فهيدغر ذاته يؤكد أن تأويله لأرسطو قائم على فينومينولوجيا الدازاين لذلك يرى تامينو أنه: "حيث يقول أرسطو إن التعقل هو هيئة" كاشفة (alèthéique) خاصة بالفعل (l’action) وتتعلق بالأشياء الحسنة بالنسبة للكائنات الإنسانية [...] لا يتردد هيدغر في ترجمة هذه العبارة إلى: هيئة الدازاين الإنساني والتي من خلالها أسيطر على شفافيتي الخاصة."29. بناء على ما سبق، ينبغي أن نعلم، كما يبين ذلك تامينو جيدا، أن فينومينولوجيا الدازاين هذه، والتي ليست سوى أنطولوجيا، تسجل لحسابها التعليم الأرسطي خصوصا عندما يتعلق الأمر بالتعقل وتفوّقه على الفن، لأنه يجب فهم التعقل باعتباره نظرة الدازاين لكينونته الأخص أي باعتباره الضمير الأخلاقي الذي يجعل الإمكانية الأخص لأكون أنايا، لأكون ذاتي بشفافية، بينما الفن لا يكشف سوى كائنات والتي طريقة كونها ليست أبدا طريقة كون الدازاين، (Taminaux, 2000).

وبما أن التعقل هو أفضل كيفية للكشف في ظل الجزء المفكر والحاسب وأن في الجزء العلمي بقيت كيفية واحدة لم تُفحَص بعد ولم يُقرَّر مصيرها، ألا وهي الحكمة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو معرفة مَن مِن بين هاتين الكيفيتين (التعقل والحكمة)30تعد هي الإمكانية الأعلى للدازاين. لقد خصّص أرسطو الأبواب 6-13من الكتاب VIمن الأخلاق إلىنيقوماخوس للإجابة على هذا السؤال. تحافظ الحكمة على "امتياز، مقارنة بالتعقل، بحيث أن هذا الكشف يشكل إمكانية خاصة أو قل إمكانية خاصة وبحصر المعنى للدازاين: وجود إنسان العلم"31.وللوصول إلى هذه الفكرة، إنطلق أرسطو من "الفهم الطبيعي للدازاين اليوناني ذاته"32. أما بالنسبة لهيدغر، فإن "أرسطو هو أول من رأى في الحكمة، من ناحية، الإمكانية الأنطولوجية الأعلى للدازاين بصفة عامة وللدازاين الإغريقي بصفة خاصة، ومن ناحية أخرى، أدق العلوم"33.  لذلك، سيسلك هيدغر نفس طريق أرسطو ليتساءل "كيف يوجد ميل للحكمة لدى الدازاين الإغريقي ذاته"34.

ج-4- الحكمة (σοφία)

الحكمة هي كشف من النوع الأول أي الجزء العلمي. فما الحكمة؟ وماذا يقصد بالحكيم، السوفوس35(σοφός)؟ للإجابة على هذا السؤال سيوضح أرسطو أولا قب-مفهوم الحكيم، أي مفهوم الحكيم كما يفهمه الدازاين الإغريقي اليومي، أي الدازاين الإغريقي من عامّة الناس، ليمدنا فيما بعد بمفهومه الخاص.

-                       الحكيم حسب الدازاين الإغريقي اليومي

هناك أربعة مطالب من خلالها يعبر الدازاين الإغريقي اليومي على ما يفهمه من "حكيم" و"حكمة" هي: 1/مطلب الكلية (l’exigence de totalisation)36، أي أنّ الحكيم هو الذي يدرك الكل دون الوقوف عند الأجزاء. 2/ مطلب التوضيح (l’exigence de clarification): "الحكيم هو من يملك إمكانية كشف ما هو صعب للكشف"37. 3/مطلب التعمق (l’exigence d’approfondissement): الحكيم هو الذي لا يبقى سجين السطحيات والعموميات والبديهيات. إنه ذلك الذي يتمتع بالقدرة على بلوغ جوهر الأشياء وأسسها.

 4/مطلب الموضوعية (l’exigence d’objectivité)الحكمة هي إبستيمة خالصة تسعى إلى بلوغ الحق دون قيد أو شرط، (Heidegger, 2001)

وعليه، فالحكيم، حسب الدازاين الإغريقي

اليومي هو من يدرك الكل دون الوقوف عند جزئياته، وهو من بإمكانه توضيح ما يستعصي على الآخرين ومن يستطيع بلوغ جوهر الأشياء، وفوق كل ذلك، هو من يطلب الحكمة خالصة لذاتها دون قيد أو شرط. فإذا كان هذا هو مفهوم الحكيم كما يراه الإنسان الإغريقي البسيط والعادي فما هو رأي أرسطو في ذلك؟

-                       الحكيم بالمعنى الأرسطي

بداية، فحص هيدغر هذه المطالب الأربعة التي تشكّل قبـ-مفهوم الحكمة وناقشها أرسطيا. بعدها، استخلص وجود نوعين من الدازاين:

 1/ الدازاين اليومي أو الدازاين المباشر (immédiat) وهو الذي "يتمسك بما هو مباشر"، بـ «ما يظهر للعيان مباشرة"؛

 2/ الدازاين الحكيم وهو الذي يتمسك بكل ما يظل محجوبا ومختفيا بالنسبة للدازاين المباشر. فالدازاين الحكيم هو من يتمسك بما هو أبعد مما يظهر للنظرة الأولى أي أنه لا يكتفي بما تقدمه له الحواس والواقع المباشر بل يتطلّع دائما إلى أبعد من ذلك أي ما يتجاوز الحواس. لذلك فالحكمة "تتشكل في حركة مضادة للإحساس، آيِستيسس (αίσθησις). ومن هنا، فإن الإحساس ليس ملغى ولكنه يؤخذ كنقطة إنطلاق. إنه يهيئ الأرضية38، ولكن بكيفية لا يتوقف النظر عندها. يعتبر الإحساس قدرة، كيريون (κύριον) (cf, Met., A,1, 981b11 ; Eth Nic.,VI, 21139a18) [أي] أمرا يملكه الدازاين على وجه الإطلاق ولكنه ليس أمرا بفضله يمكن رؤية الكائن باعتباره كائنا"39.وهكذا، فإن الإحساس الذي يعد الذروة عند الدازاين اليومي، ليس إلا النقطة التي ينطلق منها الدازاين الحكيم ليتهيأ في حركة-مضادة، من أجل التوجه نحو هذا " الشيء الذي بفضله يمكن رؤية الكائن ذاته ككائن، نحو هذا البعيد، القصيّ (cet éloigné).

هكذا، يتبين موقف أرسطو إزاء الفكرة السائدة والمسيطرة في عصره والقائلة بسلطة الإحساس. وهو نقد لاذع للمدرسة الحسية بشكل خاص التي تقول إن "العلم هو الإحساس" والتي يتزعمها بروتاغوراس. فأرسطو لا ينفي كل دور للإحساس ولكنه يصفه بغير الكاف. فالإحساس ملكة لابد منها ولكنها غير كافية لأنها تتركنا سجناء لما هو مباشر فقط (الكائن) ولا تسمح لنا بولوج ما هو غير معطى وغير مباشر (الكينونة). الحكيم هو من "اتخذ كموضوع للبحث كل ما يتعلق، وبأعلى درجة، بأسس الكائن في كينونته"40. وليست هذه الأسس سوى تحديدات الكائن الأولى أي مبادئه.

تتمثل لحظة الحكمة الرابعة في استقلالية الكشف، فالحكمة في حد ذاتها مستقلة، فهي تقصد وتهدف الآغاتون (α̉γαθόν) ولكن من دون أن يعني ذلك أنها استعمال، كْغيسيس (χρη̃σις) أو فعل، بْغاكسِيس (πρα̃ξις) ولكنها نظر، ثِيوغاين (θεωρει̃ν)محض. يقول أرسطو: "يعد الآغاثون آيتيون (αίτιον)" أي علّة. يعلّق هيدغر قائلا: "لقد نجح [أرسطو]، للمرة الأولى، في تبيين أن الآغاثون ليس شيئا آخر سوى تحديد أنطولوجي للكائن كما هو معرف من خلال الغاية. إنه في حدود ما يجد كائن ما كماله وتمامه في غايته، فإنه يصبح مثلما ينبغي أن يكون عليه (ευ̉̃)، فلا علاقة للآغاثون إطلاقا مع الفعل بل يتعلق الأمر بتحديد الكائن بقدر ما هو مكتمل قائم في امتلائه. بداية، لا حاجة للكائن الذي هو دائما لأن يُنتَج: فهو أولا، دائما هنا، مكتمل وثابت، (Heidegger, 2001).

ومن ثمة ينبغي تصحيح فهم الآغاثون. من هنا وصاعدا، ينبغي فهم الآغاثون كاسم للكينونة أو كخاصية أنطولوجية للكائن. بالنسبة لأرسطو، فإن هذه الخاصية تخص الكائن الذي يكون دائما والذي هكذا هو بالنسبة لذاته المبدأ والهدف.41وهكذا، سيَعْرِفُ الفكر مع أرسطو تحولا وتغييرا في معنى عبارة آغاثون. من الآغاثون كقيمة، مثلما نجده عند أفلاطون، إلى الآغاثون كتحديد أنطولوجي للكائن. وسيصل أرسطو وللمرة الأولى إلى "فهم أنطولوجي أساسي للآغاثون" والذي لا علاقة له إطلاقا مع الفعل وإنما هو "تحديد للكائن طالما هو مكتمل ". إننا نشهد مع أرسطو انتقالا في فهم الآغاثون من فهمه باعتباره "قيمة" إلى الآغاثون باعتباره "حدا فلسفيا"42.

-  سمو الحكمة

يلاحظ أرسطو "أن كل أشكال المعرفة بمعناها الواسع ضرورية للدازاين مثل الحكمة، فلا يمكن اعتبار شكل ما أفضل من الأشكال الأخرى". لكنّ الحكمة هي الشكل الأسمى"43،ذلك أن الحكمة عند أرسطو، "هي الإمكانية الأعلى بالنسبة للإنسان (لأنها) Τω̃ν ε̉ξ α̉ρχη̃ς αίτίων ε̉πιστήμη (cf. Met. A,3, 983a 24. sq)"44. فما الذي يعنيه هذا الكلام؟

إن لقرار أرسطو، فيما يخص تفوق وسمو الحكمة بما هي الإمكانية الأعلى للكشف، علاقةٌ بالكائن ذاته الذي تكشفه (dé-couvre)، الكائن الأعلى والمتمثل في الكينونة الدائمة (être-permanent) من ناحية، ومن ناحية أخرى علاقةٌ بامتياز النظر المحض الخاص بها، بالحكمة، لأنها مجرد نظر، (Heidegger, 2001).

لذلك كله ينبغي إدراك أن "الحكمة" الأرسطية تتعلق بكائنات توجد دائما وأبدا أي تتعلّق بزمانية لا متناهية. بينما زمانية دازاين هيدغر هي زمانية متناهية، (Taminaux, 2000). مع هيدغر، سيُعرَف ما يمكن أن نطلق عليه اسم تغيير وجهة الحكمة، من السماء وأبديتها إلى طريقة كون الدازاين ذاته وتناهيه أي زمانيته المنتهية (finie) والفانية (mortelle). ولأن الإنسان، حسب أرسطو، لا يمكنه المكوث دائما في التأمل المحض بالقرب من آياي (α̉εί) أي الكائن الدائم (l’étant en permanence) لأنه كائن فان فهو يحتاج دائما لأوقات الراحة والاسترخاء بعيدا عن هذا التأمل والتفكر، وهي الفكرة التي تقودنا مباشرة إلى الكيفية أو الهيئة الخامسة للكشف والمتمثلة في العقل، نوس (νου̃ς)45.فماذا عن هذه الإمكانية؟

ج-5- العقل (νου̃ς)

   "يعد العقل أعلى مقصد للإنسان. ينبغي إدراكه حقا على أنه إلهي. والحياة في ظل العقل هي نظر، (θει̃ον)(b 30sq)"46.ولكن يجب التمييز، عند أرسطو، بين العقل الإلهي (le νου̃ςdivin) (العقل المحض= العقل الحقيقي) والعقل الإنساني (والذي لا يعتبر عقلا حقيقيا). ما يميز العقل الإنساني عن العقل الإلهي هو الكلام والمناقشة (la parole et la discussion).

2- اللوغوس الدلالي واللوغوس الرائي  

"إن ميزة القول [...] هي [...] تناولُ "شيء ما" بما هو "شيء ما" تناولا خطابيا. في مقابل ذلك، فإن ما هو بسيط، آبلون (α̉πλου̃ν)، على الإطلاق، لا يمكن تناوله خطابيا بما هو شيء آخر"47. ينتج عن هذا النص إذن مفهومان جديدان: سينثِتُس (σύνθετος) المركب وآبلون (α̉πλου̃ν) البسيط. الأول خاصية البشر والثاني خاصية غير البشر أي خاصية الإله أو الآلهة. العقل الإلهي هو العقل المدرك للبسيط بينما العقل البشري هو العقل الذي يمكنه إدراك المركب فقط أي إدراك شيء ما بما هو شيء ما أي بما هو آخر ومن ثم لا يمكن بلوغ حقيقته لأن لا قدرة له على بلوغ الشيء كما هو. وذلك ما يبين لنا كيف يمكن للقول أن يكون ربطا معا وتعانقا، (Maldiney, 1975).

انطلاقا من هذه الفكرة، يبدأ هيدغر في § 26، وذلك من خلال أرسطو، في استخلاص نتائج هامة وحاسمة، ليس فقط تجاه أرسطو وإنما تجاه كل تاريخ الفلسفة. "ليس باستطاعة القول، بما هو قول، من ذاته أن يكشف، أن يقوم بفعل الكشف، أن يكون حقيقيا. فليس للكلام أولا معنى الإظهار (αποφαινεσται)، أن يُري الكائن. ولكنها فقط مهمة قول جد محدد ألا وهو القول الرائي"،(Heidegger, 2001).

وعليه، فلا يوجد قول واحد. ذلك أنه بالإضافة للقول الرائي يوجد القول الدلالي، القول الذي لا يهتمّ بالرئاية والإظهار والذي لا يمكننا القول عنه إن كان حقا أو خطأ. بعبارة أخرى فإن القول الدلالي هو القول بصفة عامة بينما القول الرائي فهو جزء معين من القول والمتمثل في الحكم (le jugement). وإن هذا النوع من اللوغوس هو قلب ومركز القول حسب تعبير أرسطو. وهكذا، يتحول القول من دلالي إلى رائي إذا وفقط إذا كان الكشف (le dé-couvrir) فعل الكشف (α̉ληθεύειν) والحجب (le dessimuler) فعل الحجب، بسودسثاي (ψεύδεσθαι) حاضرا فيه (أي في القول) بمعنى، يشكل جزءا من طبيعته. فلا يتواجد الكشف (α̉ληθεύειν) ولا الإخفاء (ψεύδεσθαι) في كل قول. يقدم لنا هيدغر مثال الطلب، فهو ليس لا حق ولا خاطئ. يعني الطلب شيئا ولكنه مع ذلك لا يترك شيئا لرؤيته (يتناسب ذلك مع الخطابة والشعر)، (Heidegger, 2001).

يشرح هيدغر هذه المسألة قائلا: "يعلن أرسطو أن اللوغوس، الخطاب (le discours) هو رائي يعني أنه يترك-الرؤية" أو بالأحرى يسمح-بالرؤية (il laisse-voir)، بالطريقة التي فيها يكون الكشف حاضرا. ولما يستند المنطق التقليدي إلى هذا التحليل فهو يسمح لنفسه بالضياع والضلال لحساب خطأ جوهري يؤكّد أن أرسطو قد يكون أعلن أن الركيزة الحقيقية للحقيقة هي الحكم. ولكن، لما عثرنا، أثناء دراسة جد معمقة، على أبحاث تخص الكينونة-الحقة (l’être-vrai)، مستقلة عن الحكم، دُعّمَت حينها الفكرة القائلة إن أرسطو يتناقض مع تصوره الخاص عن الحقيقة. نحن ننوي [...] بلوغ فكرة أساسية عن علاقة اللوغوس بالآليثيا. يتبين هنا أولا، وبوضوح، أن أرسطو لا يتكلم أبدا في نهاية الأمر عن الحكم، بل عن الكلام (la parole) وأن الكلام لا يُظهر، لا يُصبح خطابيا (discursive)، ولا رائيا إلا حينما يكون الكشف أي الكينونة-الحقة، حاضرا فيه. ليس الكلام السند أو الركيزة الأولى والوحيدة للحق (α̉ληθες) إنه كما يمكن للحق أن يكون فيه ولكنه ليس ضروريا، فاللوغوس أيضا ليس الموضع الذي في ظلّه يكون الكشف في مسكنه، فيجد أرضه"48.

يتهم هيدغر، من خلال هذا النص، المنطق الأرسطي بأنه لم يفهم أرسطو، ويدعونا إلى الذهاب إلى عمق الأشياء: فقبل الحكم، يوجد الكلام (la parole) ومنه:

 1/ إستحالة حبس تصور الحقيقة في الحكم؛

 2/ استرجاع بل تحرير هذا التصور كما رآه الإغريق بمعنى توسيعه إلى غاية أن يجد أساسه الأول والأصلي المتجذر في الإحساس وليس في القول لأنه فقط، عند هذا المستوى، يمكننا أن نأمل في بلوغ كنه "حقيقة" الكينونة والتي تنكشف لنا دون الوقوع في الوهم.

3- القول الرائي هو موضع الخطأ ψευ̃δος

"نادرا ما يكون اللوغوس، عندما تكون له بنية الرئاية، (أي قول) "شيئا ما بما هو شيء ما، موضع الحقيقة بل بالعكس الشرط الخاص لإمكانية أن يكون هنالك شيء مثل الخطأ. لأن هذا اللوغوس، هو في الواقع، إظهار (un montrer) يترك رؤية ما يتكلم عنه بما هو شيئ ما (en tant que quelque chose)، فتظل إمكانية اختفاء ما يُتَكَلَّم عنه عن طريق الـ "بما هو" قائمة، بمعنى آخر أن يكون هناك وهم (Täuschung)"49.

هذا النص الهيدغري هو بمثابة انقلاب على "حقيقة" سيطرت طيلة تاريخ الفلسفة الغربية (بعد أرسطو طبعا): سيتجاوز هيدغر المقولة الشهيرة التي تُعرّف الحقيقة على أنّها تطابق الفكر مع الواقع. فعوض القول أن اللوغوس هو الموضع الخاص بالحقيقة، سيبيّن هيدغر أن اللوغوس هو موضع الخطأ: فطالما يُظهر لنا اللوغوس ما يتكلم عنه بما هو شيء ما، فإن هذا الـ "بما هو" أي هذا القول الرائي هو الذي يُعَدُّ موضع الاختفاء، الوهم، الخطأ (ψευ̃δος)."فحيث لا يوجد مكان للقول، أي للقول الرائي، وحيث لا يوجد استدلال خطابي (discursif)، أي حيث لا نكتشف "شيئا ما" بما هو "شيء ما"، يوجد حقيقة. وإذافالحقيقة توجد في الإحساس وفي الفكر (pensée) (νοει̃ν). يقدم لنا هيدغر مثالا عن "اللوح" (le tableau) بما هو "أسود" (noir). فلما تقول: (le tableau est noir) فهنا نضع "اللوح" مع "أسود" بالكيفية التي سيشكلان بها واحدا (un). فحيثما يوجد تركيب (σύνθεσις)، يوجد خطأ (fausseté) كما يمكن أن توجد حقيقة. فهو يعتبر التركيب سبب الخطأ، لأننا نقول شيئا ما عن شيء ما، (Heidegger, 2001).

بناء على ما سبق، فإن أرسطو، بالنسبة لهيدغر، هو الذي أدرك، وللمرة الأولى، وجود علم يختلف عن كل العلوم الأخرى: فهذه الأخيرة "تتناول الكائن خطابيا (discursivement) باقتطاع جزء واحد منه"50. فهي تهتم بالأونطي أي بالكائن أما العلم الذي يتحدث عنه أرسطو فهو "علم يتأمل الكائن في كينونته"51. هذا العلم الذي هو أنطولوجيا ليس شيئا آخر سوى الحكمة،(Heidegger, 2001).وهنا يتوقف هيدغر قليلا ليقارن بين أرسطو ومعلمه أفلاطون (مثلما فعل ذلك طوال هذا الجزء من الكتاب ليذكر، في كل مرة، أن أرسطو هو الذي فعل هذا أو ذاك للمرة الأولى)52. بالنسبة لهيدغر فإن أرسطو كان يقيم الفرق الأنطولوجي بين الكينونة والكائن، علما أن هيدغر لم يستعمل صراحة عبارة الفرق الأنطولوجي في هذا النص، بينما أفلاطون لم يدرك ذلك.

خلاصة  

لا وجود في عالم أرسطو ومن خلاله عالم هيدغر لعالمين: العالم الفوقي (l’au-delà) والعالم التحتي (l’ici-bas). بل يوجد عالم واحد فقط منغلق على نفسه ومختبئ ويوجد الدازاين الذي حينما ينظر، أي يرى العالم وما فيه من كائنات أي أشياء، يخرج هذا العالم من اختبائه فيكشفه. ومنه يمكننا إدراك معنى الكشف: انتزاع العالم من اختبائه. وإدراك معنى الآليثيا باعتبارها طريقة كون الدازاين أي طريقة كون الكينونة-هنا وليست طريقة كون كائن أسمى أو كائن مطلق.

يضع هيدغر، من خلال هذا النص، الحقيقة (آ-ليثيا) في فم الإنسان حين يفضح العالم من خلال الكلام. وهكذا، فإن الفضاء الذي تلتقي فيه الآليثيا والدازاين هو هذا الـ آ، أي الألف الحرمانيةمن آليثيا. وإن الكلام هو الذي يكشف الكائن ويحرره من الاختباء. فهو عند أرسطو تصويت فموي يحمل معنى ودلالة. إنه كشف يتجلى في أربعة أشكال هي: العلم والحكمة والفن والتعقل.

وبعد تمييزه لنوعين من الدازاين يصل هيدغر إلى أن الحكمة هي أسمى إمكانية ينتزع من خلالها الدازاين العالم من اختبائه وتواريه لأنها مجرد نظر لما هو دائم وثابت أي كينونة الكائن. وبما أن الدازاين كائن فان فليس باستطاعته أن يكون نظرا خالصا بالقرب من الثابت الدائم. ومنه، نصل إلى الشكل الخامس من الآليثويين والمتمثل في العقل.

فيما يخص علاقة اللوغوس بالآليثيا، فإن أرسطو لا يتحدث إطلاقا عن الحكم –أولا- بل عن القول. هكذا، يصل هيدغر إلى النتيجة الآتية: لم يفهم المنطق التقليدي أرسطو جيدا: فقبل الحكم، يوجد القول.ومن هنا، ضرورة تحرير مفهوم الحقيقة من تأويله وفهمه التقليدي واسترجاع ما رآه اليونان، ذلك أن الأساس الأول والأصلي للحقيقة يتواجد في الإحساس وليس في القول، أي يتواجد في الأشياء ذاتها.

لقد كان أرسطو، خلافا لمعلمه، يدرك الفرق الأنطولوجي بين الكائن والكينونة، وعلى هذا الأساس يمكن اعتباره الفينومينولوجي الأول في تاريخ الفلسفة الغربية. لقد كان أرسطو فينومينولوجيّا قبل الفينومينولوجيا

قائمة المصادر والمراجع

1/ باللغة العربيّة

- أرسطو، (ب-د-ت)، الأخلاق إلى نيقوماخوس، ترجمة: لطفي السيد، دار صادر، بيروت.

2/ باللغة الفرنسية

-  Heidegger, Martin, 1986, Être et temps, traduction : Vezin, François, Nrf, Gallimard, Paris.

-  Heidegger, Martin, 1992, Interprétations phénoménologiques d’Aristote, Mauvezin, France.

-  Heidegger, Martin, 2001, Platon : Le Sophiste, traduction : Courtine, Jean-François et d’autres, Nrf, Gallimard, Paris.

-  Aristote, 2004, Éthique à Nicomaque, traduction : Bodéüs, Richard, GF Flammarion, Paris.

-  Aristote, 2000, Métaphysique, traduction : Tricot, Jules, Vrin, Paris.

-  Bailly, Anatole, 1987, Abrégé du dictionnaire GREC FRANÇAIS, Hachette, Paris.

-  Romeyer-Dherbey, Gilbert, 1999, La parole archaïque, PUF, Paris.

-  Gomez-Muller, Alfredo, 2005, Chemins d’Aristote, Félin, Paris.

-  Greisch, Jean, 2000, L'Arbre de vie et l'Arbre du savoir, Cerf, Paris.

-  Greisch, Jean, 2002, Ontologie et Temporalité, Esquisse d’une interprétation intégrale de Sein und Zeit, PUF, Paris.

-  Maldiney, Henri, 1975, Aîtres de la langue et demeures de la pensée, L'âge d'homme, Lausanne.

-  Taminaux, Jacques, 2000, "De l’héritage heideggérien, Phénoménologie française et phénoménologie allemande", Cahiers de philosophie de Paris XII-Val de Marne, N°4, Le Harmattan/ Dokumente Verlag, France/Deutschland.

-  Zarader, Marlène, 1986, Heidegger et les paroles de l’origine, Vrin, Paris.  

 

 


الهوامش

1.  Heidegger, 2001.

2.أفلاطون: السفسطائيهو درس ألقاه هيدغر بماربورغ Marbourgبمعدل أربع ساعات في الأسبوع خلال سداسي شتاء 1924-1925. تعد سنة 1924 ذات أهمية بالغة في الأثر الهيدغري لأنها تتزامن مع بداية التحرير الفعلي للـكينونة والزمان. ولئن كان ظاهر موضوع العنوان هو أفلاطون، فإنه قد خصص ثلث هذا الدرس – والذي يمثل الجزء الأول من العمل - لأرسطو. ويمكن اعتبار هذا الجزء، مديحا من طرف هيدغر لأرسطو، الذي يعتبره الفينومينولوجي الأوّل الذي عرفه تاريخ الفلسفة الغربية. أنظر أيضا:

Greisch, 2000, p. 300.

Heidegger, 1992.

تأويلات فينومينولوجية لأرسطو، عرض حال لوضع الهرمينوطيقيا، هو تقرير حرّره هيدغر نهاية خريف عام 1922 للإجابة على طلب بول ناتورب Paul Natorpالذي وجهه له من ماربورغ Marbourgكي يحدد له وضعية الحالة الحاضرة لتأويلاته الفينومينولوجية حول أرسطو. وكان هذا التقرير أساس تعيين هيدغر بجامعة ماربورغ خلال صيف 1923.

3.Taminaux, 2000.

4.ستظلّ قراءة هيدغر لأرسطو، والتي تقول عن نفسها إنها تتأسس على فينومينولوجيا الدازاين، قراءة من بين القراءات. فحيث كان يركز هيدغر على الفضيلة الأسمى والمتمثلة في الحكمة فإن آرنت Hannah Arendtتركز على السياسة. وحين كان يقرأ هيدغر الأخلاق إلى نيقوماخوس في ظل أنطولوجيا دازاين وحيد، لم تكف آرنت عن أن تقف عند ما يشكل الحيوان السياسي (bios politikos) في هذا المؤلف في ظل التعددية (la pluralité). وحيث يعزو هيدغر للإنتاج (la poièsis) صفة الانحراف والخسارة، تؤكد آرنت أن الإنتاج يجعل إمكانية دوام سكن إنساني محض... (Taminaux, 2000).

5.تتميّز أعمال هيدغر خلال فترة العشرينيّات بلغة وأسلوب خاصّين. ما يميّزهما هو النهل من الإيثيمولوجيا، التسليم بأنّ اللفظ القديم والواضح هو الأغنى من حيث المعاني، اللجوء إلى كلام العامّة اللاتقني، حصر الكلمات البسيطة في مشكلات أوّلية وأصليّة... كلّ ذلك يؤدّي بالمفكّر إلى إجبار اللفظ على الإفصاح عن كميّة الإنارة والطاقة التي يحملها.

6.Heidegger, 2000, p.25.

7.عملية الانتزاع هذه هي التي جندت أفلاطون وحرَّكته ضد السوفسطائيين والخطباء في عصره.

8.اللوغوس هنا، ليس بمعنى (la raison) ولكن بمعنى كلام (λέγειν).

9. نفضل ترجمة كلمة (erreur) إلى ضلال من ضل (errer) على ترجمتها إلى خطأ.

10. Heidegger, 2001, p.35.

11.أرسطو، (ب-د-ت)، ص. 115.

12Heidegger, 2001, p.35.

13. أرسطو، (ب-د-ت)، ص. 115.

14.نفسه.

15.Heidegger, 2001, p. 36.

16.« L’α̉ρχηest ce qui est déjà, ce à partir de quoi tout étant est véritablement ce qu’il est », Heidegger, 2001, p. 138.

17.يرى هيدغر أن (ε̉πιστημονικον) هنا يقصد بها حصرا "المعرفة العلمية".

Heidegger, 2001, p. 38.  

18. Heidegger, 2001, p. 38.

19.Heidegger, 2001, p. 41.

20. Aristote, 2004, IV, 4.

21. Gomez-Muller, 2005, p. 35.

22.Bailly, 1987, p. 713.

23Heidegger, 2001, p. 47.

24.يترجمها لطفي السيد إلى "التدبير". Aristote, 2004, VI, 5.

25.. (φρόνησις) ما نسميه بالفرنسية (la circonspection) أو (le coup d’œil circonspect) أو (la prudence) بكل بساطة.

26.Aristote, 2004, VI, 1140b5.

27.Heidegger, 2001, p. 56.

28.Heidegger, 2001, p. 59-60.

29.Taminaux, 2000, p. 51.

30. 30. يرى أرسطو أن أفضل هيئة في الجزء العلمي هي الحكمة وأفضل هيئة في الجزء الحاسب هي التعقل.

31.Heidegger, 2001, p. 65.

32.Heidegger, 2001, p. 67.

33Heidegger, 2001, p. 66.

34. Heidegger, 2001, p. 67-68.

35.Aristote, 2000, A, 2.

36.« Παν, (le) tout, la réunion des parties au complet », Heidegger, 1986, p. 583. 

37.Heidegger, 2001, p. 96.

38. يسمّي هوسرل هذه الأرضية بـ (glaubensboden)، (un "sol de croyance").

Greisch, 2002, p. 105

39. Heidegger, 2001, p. 99.

40.Heidegger, 2001, p. 99.

41Taminaux, 2000, p. 56.

42.Heidegger, 2001, p. 99-122.

43.Heidegger, 2001, p. 130.

44.Heidegger, 2001, p. 130.

45.يترجمها لطفي السيد إلى "العقل" و "الفهم".

46Heidegger, 2001, p. 172.

47.Heidegger, 2001, p. 173.

48Heidegger, 2001, p. 174.

49.Heidegger, 2001, 175.

50.Heidegger, 2001, p. 200.

51. Heidegger, 2001, p. 199.

52.لنرجع مثلا إلى الصفحات التالية:69-72–123–200.

@pour_citer_ce_document

نعيمة حاج عبد الرحمان, «هيدغر: الحقيقة، الأشياء والكلمات -قراءة في درس 1924-1925-»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 151-162,
Date Publication Sur Papier : 2021-03-07,
Date Pulication Electronique : 2021-03-07,
mis a jour le : 07/03/2021,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7941.