الخطاب الشعري السياسي لنزار قباني بلاغة وحِجاج The political poetic discourse of Nizar Qabbani -rhetoric and argumentation-
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 18-2021

الخطاب الشعري السياسي لنزار قباني بلاغة وحِجاج

The political poetic discourse of Nizar Qabbani -rhetoric and argumentation-
ص ص 133-144
تاريخ الإرسال: 2019-07-18 تاريخ القبول: 2021-05-18

هاجر فرطاسي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

      أقر العرب منذ القدم بسلطة الشعر وقدرته على التغيير، وآمنوا بالدور التأثيري للشاعر الذي قد يجعل المتلقي مستعدا لتقبل أفكاره وتبني مواقفه، وقد لجأ إليه الشعراء في معالجتهم للقضايا السياسية لأنه يتمتع  بميزات تمكنه من الولوج إلى أعماق المتلقي والتأثير فيه، وهو غني بالآليات البلاغية واللغوية ذات الأبعاد الحجاجية، التي تجعل منه خطابا حجاجيا قادرا على إقناع الآخر وتوجيهه، ويعد الشعر السياسي أكثر الأنواع الشعرية إظهارا للجانب الحجاجي للخطاب الشعري، ولذلك تم في هذه الدراسة انتقاء نموذجين شعريين من الشعر السياسي   لـ" نزار قباني" وإخضاعهما  للتحليل بالاستعانة بأبرز الآليات التي توصلت إليها نظرية الحجاج.

الكلمات المفاتيح:التداولية، الحجاج، الخطاب الشعري السياسي، نزار قباني

Les Arabes ont su depuis l’aube des temps que la poésie a la capacité de tout changer. Ils ont cru aussi au rôle et à l’impact que peut avoir un poète qui par le billet de ses mots change à son gré des évidences. Les poètes l’utilisent en politique grâce à sa littérature riche et son influence sur le public en matière de conviction et d’argumentation. La poésie politique se distingue alors par son aspect argumentatif. Dans cette étude, nous avons choisi quelques exemplaires de la poésie politique de Nizar QABBANI afin de les analyser en utilisant les outils que les théories de l’argumentation ont développés. 

Mots clés :pragmatique, l’argumentation, discours poétique politique, Nizar Qabbani

From the ancient time, the Arabs affirmed and believed in the power of poetry to bring changes, and they believed in the important role of the poet who can change by his poems the facts and gain success. The poets have used poetry to deal with political cases because it has the adequate characteristics to affect the reader and it has the linguistic and metaphoric richness to bring the necessary arguments to convince the others. The political poetry is considered as the most argumentative kinds of poetry that show the argumentative side of poetry. As a result, we have chosen for this study some samples from the political poetry of Nizar QABBANI and analyzing them by using the most important techniques achieved by the theory of argumentation.

Keywords:pragmatic, argumentation, political poetry, Nizar Qabbani  

Quelques mots à propos de :  هاجر فرطاسي

 المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة،fertassihadjer@yahoo.fr

مقدمة

إنّ الخطاب الشعري خطاب يحمل دلالات كامنة في ذاته، وفي نفس كل من مبدعه ومتلقيه، وفي عناصر السياق المختلفة المحيطة بعملية إنجازه، وقد أدرك الدارسون أنّ له أبعادا أخرى غير الأبعاد الجمالية التي  تميزه عن الخطابات العادية، فهو  خطاب تواصلي تتوافر فيه كل عناصر العملية التواصلية، ولكن تميزه سيطرة الوظيفة الشعرية المنبثقة من اللغة الخاصة التي تصدر عن شخص موهوب يشعر      بما لا يشعر به الآخرون، ويعبر بطريقة يعجز غيره عن التعبير بها، ولمّا نبحث في حقل المناهج النقدية عن مقاربة تمكن من دراسة الخطاب الشعري من كل الجوانب، سنجد المقاربة التداولية التي تسمح للباحث بالغوص في عمق الخطاب الشعري دون أن يغفل أيّ عنصر           من عناصر إنجاز العملية الإبداعية، هذه المقاربة التي بدأت كمنهج لدراسة الخطاب العادي لكنها أثبتت قدرتها على مقاربة الخطابات الشعرية، وذلك لإحاطتها بكل ما يتعلق بالخطاب الشعري، إذ لم تحصر اهتمامها في جانب واحد من جوانب العمل الإبداعي مثلما فعلت المناهج الأخرى، وذلك انطلاقا من أن العملية الإبداعية عملية تواصلية قائمة على عناصر لكل واحد منها دوره الخاص به، وهي المتكلم والمتلقي والرسالة واللغة والقناة والسياق، وكل هذه العناصر جديرة بالدراسة، وهذا ما وفرته التداولية بمقولاتها المتعددة سواء أكان الأمر متعلقا بقصدية المتكلم، أم بإفادة المتلقي، أم بالسياق، أم بالأفعال الكلامية بأنواعها، أم بالحجاج.        

وفي هذه الدراسة سيتم الكشف عن الوظيفة الحجاجية للخطاب الشعري السياسي بالاعتماد على نظرية الحجاج التي تعد مبحثا هاما                 من مباحث التداولية، إذ تقدم آليات إجرائية متنوعة تبرز كيفية تأثير الخطاب الشعري في المتلقي، والشعر السياسي لنزار قباني هو مثال للشعر الذي لم تمنع شعريته من ظهور  بعده الحجاجي، حيث يعد نزار من أبرز شعراء العصر الحديث الذين واكبوا التطورات الحاصلة      على الساحة السياسية من جهة، وعلى الساحة الأدبية من جهة أخرى، فكان شعره شعرا حداثيا "يقوم على الاقتراب المباشر من الحدث اليومي والتجربة العادية، ولغة الحياة، واستعمال الرموز التاريخية والأسطورية"(أبو سنة، 1982، صفحة 123)، وهو شعر نابع من قلب عربي تجرع مرارة الظلم، فأراد أن يعبر عما يحدث في العالم العربي، ويكشف الحقائق التي تزيد الجراح عمقا، ولكن  في الوقت ذاته هو يبحث عن الأمل الذي يخفف عمق الألم، وقد استطاع بشعره السياسي أن يبني جسرا متينا يصله بمتلقيه، ويمكنه من تحريك قلوبهم، فهم الذين اعتادوا على قربه منهم ومحاكاته لآلامهم وآمالهم، وألفوا لغته التي اعترفوا بقوتها وسحرها، وآمنوا بقدرة شعره على التأثير فيهم، فالشعر على حد تعبير سامية الدريدي "لا يؤثر في الآخرين ويغير من سلوكهم ومواقفهم، ويبدل من واقعهم إلا إذا كان منخرطا في نظرية بلاغية تسلم للشعر بهذه القدرة العجيبة وتعترف بسلطانه على النفوس والعقول من جهة، ومخاطِبا من جهة أخرى متلقين يعترفون للشاعر بمنزلة الريادة ويعدونه بمثابة الرائد القادر على الفعل والتأثير" (الدريدي، 2008، صفحة 74).  

ونظرا لغنى الخطاب الشعري السياسي بالآليات الحجاجية، سيتم التركيز على الآليات البلاغية وتتبع دورها في بلورة البنية الحجاجية الكامنة في الخطاب الشعري، مع التطرق إلى مفهوم السلم الحجاجي القائم على تراتبية الحجج، وكيفية ترتيب الحجج البلاغية فيه، وستحاول هذه الدراسة الإجابة عن تساؤلات مهمة هي: هل يمكن أن يكون للمجاز بعد حجاجي خاصة وأن علماءنا الأوائل أقروا بأنه أبلغ     من الحقيقة؟  وكيف يرفع المجاز من درجة الحجة في السلم الحجاجي؟ وهل يظهر ذلك جليا في الخطاب الشعري السياسي لنزار قباني؟

1-                       نظرية الحجاج والخطاب الشعري السياسي

تقدم نظرية الحجاج آليات إجرائية متنوعة يمكن الاستفادة منها في مقاربة الخطاب الشعري مقاربة تداولية، هذا الخطاب الذي قيل         إنه بعيد كل البعد عن الحجاج، إذ هما خطان متوازيان لا يلتقيان، حيث "أكّد بعض الفلاسفة على عدم وجود حجاج في الشعر، لأنّه لا يمكن الحديث عن حجاج فردي أو ذاتي له سماته الخاصة المميزة، ذلك أن الحجاج ضرب من المعارف الشائعةبحيث إن أحطنا بقوانينه تحصلنا على خطاب حجاجي مشابه لأي خطاب حجاجي آخر لا تميز فيه، في حين أن الشعر يقوم على الفردية والذاتية وحقيقته تناقض حقيقة الحجاج"(الدريدي، 2008، صفحة 75)، وقد حاولت "سامية الدريدي" في كتابها "الحجاج في الشعر العربي القديم" إثبات العلاقة بين الشعر والحجاج، وردت على طرح هؤلاء الفلاسفة بقولها إن كون الشعر "تجربة فردية لا ينفي مطلقا انطلاقه مما هو جماعي مشترك، وإنما تكمن قدرة الشاعر أساسا في ضروب التغيير أو التعديل التي يدخلها على الشائع المعروف، فيأتي في صورة جديدة أو كالجديدة، صورة نسجتها الموهبة والثقافة وثراء الأحاسيس والرؤية المتميزة للعالم والأشياء واللغة أيضا" (الدريدي، 2008، صفحة 75)، فرغم الذاتية التي تميز الخطاب الشعري إلا أنه لا يخرج عن التقاليد اللغوية المشتركة التي يطبعها بأحاسيسه وكل ما ينبع من خياله المبدع باعتباره "نسيجا لغويا يتيح للطاقات التعبيرية الكامنة أن تنفجر من صميم الفيض اللغوي" (حجازي، 2005، صفحة 130)، وهذا وإن جعله خطابا فريدا إلا أنه لا يخرجه من كونه خطابا يعتمد على اللغة ويخضع لقوانينها ويستعملها بما يتناسب ومقاصده.

إنّ للحجاج دورافي التأثير والتخاطب والتواصل وله علاقة وطيدة بالروابط اللغوية والبلاغة، إذ نجد الحجاج الذي يعتمد على الروابط اللغوية في عملية الإقناع، فهو ليس خارجا عن اللغة بل هو موجود في داخلها "كما أن الجملة كمورفيمات ومونيمات وتعابير وصيغ فضلا   عن محتواها القضوي الإخباري يمكن أن توجه للمتلقي تأثيرات إقناعية حجاجية سلبية أو إيجابية" (حمداوي، 2012، صفحة 93)، ونجده يعتمد كذلك على تقنيات البلاغة في الإقناع والإفهام، وكلّ من هذين النمطين من الحجاج نلمسه بوضوح في الخطاب الشعري، (صحراوي، 2008): فاللغة العربية مثلا تشتمل على عدد كبير من الأدوات والروابط الحجاجية التي لا يمكن أن تعرف صفاتها الحجاجية إلا بالإحالة       على قيمتها الحجاجية داخل الخطاب، نذكر من هذه الأدوات ألفاظ التعليل (الاسمية والحرفية) والإضراب،والاستدراك،والنفي،والقصر والحصر وغيرها، مثل: لكن، بل، إذن، حتى، لا سيما، إذ، لأن، بما أن، مع ذلك، ربما، تقريبا، إنما، ما، إلا ...إلخ، ومنها الصيغ الصرفية (صفة المبالغة واسم التفضيل...)، ومنها بعض الظواهر الدلالية (مفهوم الموافقة والمخالفة...)... (صحراوي، 2008)، هذه الروابط يلجأ إليها الشاعر ويعتمد عليها في طرح ما يريد من أجل الوصول إلى المتلقي وتحقيق التأثير والتواصل، ومثلما يعتمد على الروابط اللغوية يعتمد على تقنيات البلاغة كعلم البيان والمعاني من أجل الإقناع، هذه الأخيرة التي تكثر في الخطاب الشعري فتميزه عن الخطاب العادي وتزيد من غموضه الأمر الذي يجعله خطابا حجاجيا ويبطل ما قيل عن عدم حجاجيته.

(بيرم، 2013): وعلى أساس ما تقدم أضحت قدرة الشعر على النهوض بوظيفة حجاجية بينة واضحة لا لبس فيها... (بيرم، 2013)،        كما أصبح من الممكن توظيف ما وصلت إليه نظرية الحجاج في دراسة الخطاب الشعري عن طريق الوقوف على الروابط الحجاجية اللغوية التي تتحكم في اتساق تراكيب الخطاب وانسجام معانيه، وتقنيات البلاغة التي ترتقي به وتجعله مميزا عن الخطابات العادية.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنه تم التركيز في هذه الدراسة على الشعر السياسي لأنه يحمل رسائل تختلف باختلاف التوجهات والإيديولوجيات، ويسعى إلى تغيير الواقع العربي الذي أنهكته الأزمات السياسية الداخلية والخارجية، وكان "نزار قباني" من الشعراء الذين آمنوابفكرة قوة الشعر وسيطرته على متلقيه، وقدرته على تغيير الواقع الأليم عن طريق شحذ الهمم وتحريك الضمائر، فهو القائل إنَّ: "الشاعر يجب أن يغير العالم، وظيفة الشعر هي أن يغير العالم" (فاضل، 1989، صفحة 34)، وأراد بقصائده السياسية أن يصور حاضر العرب ويذكرهم بماضيهم الزاخر بالبطولات، لعله يوقظ فيهم البطولة القديمة، ويبث فيهم الأمل في بعث أمجاد الماضي، لقد انطلق إذًا في شعره السياسي مؤمنا بقدرة اللغة على التأثير، ومتيقنا من قدرة الشعر على التحريض ودفع الآخر إلى التغيير، وفيما يلي إبراز للجانب الحجاجي  في شعره، من خلال دراسة قصيدتين من أشهر قصائده السياسية: "منشورات فدائية على جدران إسرائيل" (قباني، 1999، صفحة 167)، و"المهرولون مع السادات" (الدغيدي، 2006، صفحة 198)، واللتين تجسدان ثنائية الأمل والألم، وتصوران التناقضات التي يعيشها العربي جراء          ما يلحقه من انكسارات متتالية، إذ يبقى متأرجحا بين أمل في النصر ويأس مستمر. 

2-                       الآليات البلاغية ذات الأبعاد الحجاجية في الشعر السياسي لنزار قباني  

إن الخطاب الشعري خطاب مميز بأساليبه البلاغية التي تجعل لغته فريدة من نوعها، فلا تكون "بوضوح اللغة العادية اليومية،             ولا تكون بالغموض الذي يهلك المعنى ويقتله، وينفر المتلقي ويقلقه، بل هي لغة تقع في منطقة وسطى بين الوضوح والغموض، إذ تحمل معنى، لكنه يستدعي من أجل بلوغه كفايات لغوية وأدبية قدرات عقلية ونفسية يبدو أنها أكثر رقيّا وسموّا من تلك التي يتطلبها الكلام اليومي العادي" (المودن، 2014، صفحة 272)، ومثلما تجعل هذه الأساليب لغة الخطاب الشعري مميزة قد تجعلها أيضا محملة بالحجج            التي تسعى إلى التأثير في الآخر، والشعر السياسي لـ"نزار قباني" نموذج للخطاب الشعري الحجاجي الذي يتبنى فيه صاحبه موقفا ويسعى جاهدا إلى إقناع الآخر به، معتمدا على مختلف الآليات الحجاجية المتاحة له، ولعل الآليات البلاغية هي أكثر الآليات الحجاجية التي يلجأ إليها الشاعر لأنها تجمع بين غايتين هما: التغلغل في الشعور عبر تراكيب تنشد الجمال، والتأثير في الآخر بتراكيب قائمة على استدلالات منطقية ترضي العقل وتقنعه، ومن أبرزها: التشبيه، الاستعارة، الكناية، التمثيل، والتكرار. 

2-1-التشبيه

اعتمد الشاعر على التشبيه في شعره وذلك لأغراض جمالية وأخرى حجاجية، (المودن، 2014): فالتشبيه بعدّه جزءَمن الصور البيانية له دور إقناعي، وقوته تتأتى من قدرته على التقريب بين عنصرين من نظامين مختلفين مع محاولة جاهدة لطمس ما بينهما             من فروق... (المودن، 2014)، وهو يحمل بذلك حججا تدفع بالمتلقي إلى التأثر والاقتناع، وقد ورد التشبيه في شعر "نزار" على شكل حجج لنتيجة مذكورة، أو على شكل نتيجة لحجج مذكورة، إذ نجده في قصيدة "منشورات فدائية على جدران إسرائيل" يدافع بكل حماس             عن أحقية الشعب الفلسطيني في الأرض، ويركز على البقاء في فلسطين، ولذلك أورد حجتين اتخذتا شكل التشبيه في قوله:

فهذه بلادُنا
فيها وُجِدنَا منذ فجر العمرْ
فيها لعِبنْا...وعشِقْنا... وكتبنَا الشِعرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيش البحرْ
مُشَرِّشُونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقُوقِ...في زيتونِها
في قمحها المُصْفَر
مُشَرِّشُونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيَسْاَنِها
باقونَ كالحَفْر على صُلبانِها باقون في نبيها الكريم، في قرآنها 
وفي الوصايا العشْرْ ...

النتيجة: البقاء في فلسطين

الحجة 1: مشرشون نحن في خلجانها مثل حشيش البحر

الحجة 2: باقون كالحفر على صلبانها

إذ اعتمد في كل حجة على مشبه به تظهر فيه صفة البقاء،والصمود،والثبات بجلاء، فلا خلجان دون حشيش ولا صليب دون حفر، وكل قارئ يستحضر هذين المشهدين يدرك تلك العلاقة الوطيدة بين الفلسطيني وأرضه.

وعندما يقول:

  ما بيننا ...وبينكُمْ...لا ينتهي بعامْ. ..

لا ينتهي بخمسةٍ ...أو عشْرةٍ ولا بألفِ عامْ. ..
طويلةٌ معاركُ التحرير...كالصيامْ
ونحنُ باقونَ على صدروكمْ كالنَقْش في الرخامْ ...

يعتمد على تشبيهين أحدهما مفرد "طويلة معارك التحرير كالصيام"، والآخر تمثيلي "ونحن باقون على صدوركم كالنقش على الرخام" كحجتين لنتيجة تظهر في التركيب السابق وهي:

النتيجة: طول المعارك بين الفلسطينيين والعدو

الحجة 1: المعارك كالصيام

الحجة 2: الفلسطينيون كالنقش على صدور الصهاينة التي تشبه الرخام.   

فالمعارك ستظل قائمة لأنها مفروضة وواجبة كأيام الصيام، ولأن الفلسطينيين صامدون كالنقش الذي لا يزال محفورا، ولأن صدور الصهاينة رخام متحجر لا شعور له ولا يهمه عدد الأرواح التي ستسقط في هذه المعارك.

ولكن هذا الإيمان القوي بالنصر سيتحول إلى انكسار وغضب بعد توالي الهزائم على العرب، وسيسعى "نزار" إلى إقناع الآخر بالخيبات المتكررة، وذلك في قصائد عديدة أبرزها: "المهرولون مع السادات"، وقد استعمل التشبيه كنتيجة، وذلك لما يقول:

سَقطَت للمرّةِ الخمسين عُذْريّتُنا

دونَ أنْ نهتزَّ أو نَصْرُخ

أو يُرْعِبَنا مَرْأى الدّمَاء

ودَخلْنا في زَمانِ الهَرْولَة

ووقفْنا بالطّوابيرِ كأغْنامٍ أمامَ المِقْصَلة

النتيجة: ووقفنا بالطوابير كأغنام أمام المقصلة

أي: تبعية وذل وهوان ورضىبكل الآلام التي يسببها الكيان الصهيوني

الحجة: التعود على السكوت والانهزام، وتظهر هذه الحجة جلية في قوله: "سقطت للمرة الخمسين عذريتنا"

2-2-الاستعارة

إن الإقناع بالاعتماد على الاستعارة مقبول، (المودن، 2014): لأنه لا يبتعد كثيرا عن الحقيقة والصدق والعقل، فالاستعارة تظل محافظة على أصلها الدلالي وسندها العقلي، وتظل متضمنة وجه الشبه بين طرفيها، وتشتغل بغاية الإقناع بدعوى يدعيها المتكلم... (المودن، 2014)، و يعدّ"طه عبد الرحمن" الاستعارة قولا حجاجيا قائما على التفاعل بين طرفي الخطاب وفي هذا الصدد يقول: "القول الاستعاري حجاجي وحجاجيته من الصنف التفاعلي" (عبد الرحمان، 1998، صفحة 310)، وقد استخدم "نزار قباني" الاستعارة كوسيلة حجاجية             في شعره السياسي، فلما قال في قصيدته "منشورات فدائية على جدران إسرائيل":

في هذه الأرض التي تلبس في مِعْصَمها
إسوارةً من زهرْ
استعمل استعارة مكنية لتصوير جمال فلسطين، هذا الجمال الذي هو حجة لكل فلسطيني من أجل البقاء في بلاده، فهذه الصورة البيانية لها بعد حجاجي إذ استخدمـهــا الشاعر كحجة للتشبث بفلسطين وذلك بعد أن قال: "نحن باقون هنا"

ولو تمعنا قول الشاعر:

لا تسكرُوا بالنصرْ
إذا قتلتُمْ خالداً
فسوف يأتي عَمْرو
وإن سحقتُمْ وردةً
فسوفَ يبقى العطرْ

نجد أن الاستعارة المكنية "لا تسكروا بالنصر" هي نتيجة مدعمة بحجج هي الأخرى تعتمد على الخيال وتشير إلى معان ضمنية، ويمكن تلخيص هذا كما يلي:

النتيجة: سعادتكم بالنصر مؤقتة.

الحجة 1:الأبطال موجودون

الحجة 2: المبادئ راسخة ومستمرة

وتظهر الحجة كذلك في الاستعارة التصريحية "قَطعتُم الأشْجارَ مِن رُؤوسِها ... وظلّت الجُذُور"، فالصهاينة لم يقضوا على القضية الفلسطينية، لأنهم قتلوا الرجال ولم يتمكنوا من الوصول إلى المبادئ الراسخة المتجذرة في عمق المجتمع الفلسطيني.

ولو انتقلنا إلى قصيدة "المهرولون" لوجدنا الاستعارة بنوعيها مستعملة إما كحجة وإما كنتيجة للتعبير عن حقيقة واحدة هي الخضوع والهوان والذل والضياع، فلما يقول:

كَمْ حلمْنا بِسَلامٍ أخْضَر

وهِلال أبْيَض

وببَحْر أزرَق...وقلُوع مُرسله

ووَجَدْنا فجْأة أنفُسَنا...في مِزبَلَه

نجد الحجة في الاستعارة التصريحية "ووجدنا فجأة أنفسنا... في مزبله"، إذ شبه العالم بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة بالمزبلة، فحذف المشبه وصرح فقط بالمشبه به "المزبلة" لتصوير حالة الفوضى التي آل إليها العالم اليوم بسبب الظلم، حيث لم يعد للقيم الإنسانية معنى، وأصبح العربي يشعر وكأنه لا شيء أو شيء لا قيمة له، ويمكن تلخيص هذا فيما يلي:

الحجة: الفوضى وانعدام القيم الإنسانية

النتيجة: ذل وهوان وشعور العربي بالظلم

أما الاستعارة المكنية فتظهر في قوله:

وانْتَهى العُرْس

ولم تحْضرْ فلسطينُ الفَرح

بل رأتْ صُورَتَهَا مبثوثة عبْرَ كلّ الأقنِية

ورأتْ دَمْعَتَها تعْبُر أمْواجَ المُحيط

إذ جعل من الدمعة كائنا يتحرك ويعبر المحيطات، حتى يعبر عن عموم الحزن لدى الشعوب العربية التي فرض عليها الذل، وهنا تبدو الاستعارة كنتيجة وهي الحزن، لحجة قوية هي ضياع فلسطين وقبول العرب بالذل.

2-3-الكناية

عندما يعرف "الجرجاني" الكناية يقول: "المراد بالكناية ها هنا أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني، فلا يذكره باللفظ الموضوع له     في اللغة ولكن يجيء إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود، فيومئ به إليه ويجعله دليلا عليه" (جرجاني، 1992، صفحة 54)، ومن خلال هذا التعريف يظهر الجانب الحجاجي للكناية إذ يستعمل لفظها للدلالة على المعنى المقصود وبالتالي يكون حجة يستعين بها المتكلم لإقناع المخاطب والتأثير فيه.

فالتركيز في الكناية قد يؤدي إلى اعتبار المعنى الذي يشير إليه لفظها حجة، أما المعنى الضمني لها والذي يقصده المتكلم هو النتيجة، فعندما يقول الشاعر في قصيدة "منشورات فدائية على جدران إسرائيل":

فيهَا وُجِدْنا مُنذُ فَجْر العُمر

هو يثبت تجذر الشعب الفلسطيني وأصالته في أرضه وهذا هو المعنى المخفي وراء تركيب هذه الصورة البيانية، وحجته في ذلك طول المدة التي وجد فيها هذا الشعب في الأرض والذي يفهم من المعنى الحرفي للتركيب "منذ فجر العمر".

وهذا ما يلاحظ أيضا عندما يبرز الشاعر تطفل الصهاينة على الأراضي الفلسطينية عن طريق قوله:

فمَا لكُم خُبزٌ هُنا وَلا حُضُور

المعنى الحرفي لهذا التركيب هو حجة الشاعر في إثبات تطفل الصهاينة على أرض فلسطين، إذ ليس لهم عادات ولا تاريخ يثبت وجودهم في هذه الأرض الطيبة.

وعندما يقول:

إنْ سَحَقتُم وَرْدة فَسَوْف يَبْقى العِطْر

هي حجة نلمس من خلالها نتيجة ضمنية هي استمرار المقاومة رغم المجازر المرتكبة، وحجته وردت على شكل مثال مأخوذ من الطبيعة وهو عند سحق الوردة سيعم عطرها المكان.

ولما نبحث عن حجج قوية في قصيدة "المهرولون" سنجد معظمها كنايات تحمل حججا ونتائج ضمنية، كان الشاعر ذكيا في سبكها وتركيبها، ويظهر ذلك جليا في قوله: "وَتسَابَقْنا لتقْبيلِ حِذاءِ القَتلة"، فهو يثبت تبعية الدول العربية للكيان الصهيوني وحلفائه، وحجته     في ذلك تسابق هذه الأخيرة لإرضاء أعدائها وإبرام الاتفاقيات معهم رغم كل الجرائم المرتكبة  في حق الشعوب العربية المسلمة، والكناية الآتية: "سَقَطت كلُّ مَواويلُ البُطُولة" حجة قوية يؤكد من خلالها "نزار" على نتيجة حتمية هي انهزامية العرب وتهديمهم لكل ما بناه آباؤهم قديما.

 2-4-التمثيل

لجأ "نزار قباني" في شعره السياسي إلى التمثيل أو ما يعرف حديثا بالرمز،واستخدمه كوسيلة حجاجية لها بعد جمالي،وقد عرف "محمد العمري" التمثيل بقوله: "هو استقراء بلاغي، والمثل حجة تقوم على المشابهة بين حالتين في مقدمتها ويراد استنتاج نهاية إحداهما بالنظر إلى نهاية مماثلتها" (العمري، 2002، صفحة 82)،إذ يورد حادثة تاريخية أو دينية أو ظاهرة طبيعية، ويجعل المتلقي يسقطها على ما لديه من معان، وهذه العملية عملية استقرائية لها أبعاد حجاجية، وتسهم بشكل كبير في الإقناع، ومثال ذلك قول "نزار" في "منشورات فدائية على جدران إسرائيل": 

لأنَّ مُوسَى قُطِعَت يَدَاه

 ولم يَعُدْ يُتقِن فَنّ السّحْر

لأنَّ مُوسى كُسِرَت عَصَاه

ولمْ يَعُد بِوسْعه شقّ البَحْر

فهو يوجه خطابا للصهاينة يثبت فيه عدم قدرتهم على السيطرة على فلسطين من خلال الاعتماد على رمز ديني يدفع بالقارئ إلى استذكار معجزات سيدنا موسى عليه السلام، ثم ينفي حدوث هذه المعجزات مع الصهاينة اليوم في فلسطين، لأن زمن المعجزات ولَّى وهم يحتاجون إلى معجزة للسيطرة على هذه الأرض الطاهرة.

ويعتمد الشاعر كذلك على الرمز الديني في إثبات بطولة الرجل العربي وشجاعته وتقواه، حيث يستحضر شخصية الرسولصلى الله عليه وسلم، وشخصية الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك عندما يقول:

رجالُنا يأتونَ دونَ موعدٍ

في غضبِ الرعدِ، وزخاتِ المطرْ

يأتونَ في عباءةِ الرسولِ، أو سيفِ عُمرْ

وإذا ما ذهبنا إلى الرموز التاريخية نجد لها بعدا حجاجيا، حيث بحث الشاعر في التاريخ عمّايمكن إسقاطه على ما يجري في فلسطين ووجد حقائق يمكنها أن تتغلغل إلى عمق القارئ وتقنعه بما يذهب إليه، فلما يقول:

لنْ تجْعَلُوا مِنْ شَعْبِنا

شعْبَ هُنود حُمْر

يستحضر المتلقي ما وقع للهنود الحمر من إبادة، ويدرك وجه الشبه الذي يجمع الفلسطينيين والهنود الحمر، فهم أصحاب حق تعرضوا للظلم، ولكن الشاعر يقدم من خلال هذا الرمز حجة لعدم إمكانية إعادة تاريخ الهنود الحمر مع الفلسطينيين، إذ إن الشعب الفلسطيني مختلف عن الهنود الحمر. 

ومن الملاحظ من خلال قراءة الشعر السياسي لـ "نزار قباني" تركيزه على الرمز التاريخي وتوظيفه بشكل كبير، ويبدو هذا جليا             في قصيدة "المهرولون" لما يقول: "سَقطَتْ غرناطَة للمرّة الخَمْسين من أيْدي العَرب، سَقطَت حطّين من غيرِ قتال، لمْ يعدْ في يَدنا أندلسَ واحِدَة نَمْلِكُها"، وهنا نستحضر بطولات أجدادنا في غرناطة،وحطين والأندلس، ونقارنها بالحاضر المر الذي نعيشه فكل قوانا خارت وكل أمجادنا ضاعت، ودخلنا دائرة التخلف التي لم يعرفها أجدادنا قط لا في غرناطة،ولا في حطين،ولا في الأندلس. 

وإلى جانب الرمز التاريخي نجد جملة من الرموز اللغوية التي يمكن القول إن لها بعدا حجاجيا كقول الشاعر:

 تَركُوا عُلْبَة سرْدِين بِأيْدينا

تُسَمّى غَزّة

عَظْمَة يابِسَة تُسَمّى "أريحا"

فُنْدُقا يُدْعَى فلسطين

بِلا سَقْفٍ بلا أَعْمِدة

فعلبة سردين رمز لغوي يدل على صغر المدينة التي تركت للفلسطينيين، وعظمة يابسة تحمل كل معاني الذل فالعرب قبلوا بقطع صغيرة من الأراضي الفلسطينية واكتفوا بها وسكتوا، وهنا يمكن استحضار المثل العالمي المشهور "جوّع كلبك يتبعك"، وفندق بلا سقف بلا أعمدة رمز يدل على انتزاع كل رموز السيادة من الفلسطينيين، والسماح لهم بالإقامة فقط وكأنهم في فندق، ولو بحثنا عن الجانب الحجاجي في هذه التراكيب، سنجد أن كل ما قدمه الشاعر من رموز  لغوية هي حجج قوية لنتيجة واضحة هي؛انهزامية العرب وتخليهم        عن حقوقهم ورضاهم بالذل والهوان.

2-5-التكرار

اتفق الدارسون على الوظيفة الحجاجية للتكرار، فهو يسهم في تأكيد المعاني إذ له "وظيفة تتجاوز وظيفة الإخبار والإبلاغ  إلى وظيفة التأثير والإقناع، وهي وظيفة تنتج عن التكرار بما يثير من دلالات الإلحاح، والمبالغة في التأكيد، بل قد تدفع بعض حالات التكرار إلى تغيير سلوك المخاطَب، فلا يراد منه الاقتناع فقط وإنما يراد منه أحيانا تغيير السلوك غير المرغوب فيه، أو الممارسة الفورية لفعل ما يلح عليه التكرار ويدفع نحوه، وهذه قضية التفت إليها البلاغيون المحدثون اليوم" (علي سليمان، 2013، صفحة 187)، (العبد، 2013): وأشار إليها العلماء القدامى الذين رأوا للتكرار أو ما يسمى أيضا بالترديد والترداد وظائف خطابية عدّة، عبر عنها بالإبانة والإفصاح والكشف، وتوكيد الكلام، وتقرير المعنى وإثباته... (العبد، 2013).

وقد وظف "نزار قباني" التكرار في شعره السياسي لأغراض حجاجية، حيث خدم ذلك الاتجاه العام لمختلف قصائده، سواء أكانت لإبراز ثبات الشعب الفلسطيني وإصراره على استرجاع الحق المسلوب، أم كانت للتأسف على حال الأمة العربية وتصوير الانكسار الذي تعيشه.

ولو نقف على كلمة "باقون" في "منشورات فدائية على جدران إسرائيل" والتي تتضمن معنى الاستمرار في التشبث بالحق الضائع، سنجدها قد تكررت ثلاثين مرة، وتكرارها هذا يؤكد على حقيقة البقاء التي لا يريد العدو فهمها، حيث ركز عليها الشاعر وأكسبها بعدا حجاجيا                عن طريق تكرارها، إذ يتحدى العدو وحجته في ذلك التمسك المستمر والتجذر في أرض فلسطين أي البقاء فيها دائما.

ولم يعتمد الشاعر على التكرار الشكلي لهذه اللفظة بل لجأ كذلك إلى التكرار بالمضمون عن طريق استعمال مرادف لها هو "مشرشون"، والتي تكررت بدورها تكرارا شكليا ثلاث مرات، وهذا ما يؤكد قيام القصيدة على مبدإ البقاء والاستمرار في الثبات التي اعتمدها الشاعر كحجة يتحدى بها العدو.

ويواصل الشاعر إثباته لحق الفلسطينيين في الأرض من خلال تكرار كلمة "سرقتم" الموجهة للعدو، وهي حجة يؤكد بها على أولوية الشعب الفلسطيني بأرضه، ويزيد على هذه الحجة حجة المؤامرة العالمية التي حيكت ضد الشعب الفلسطيني،وذلك عن طريق تكرار عبارة "صفق العالم"، وما يثبت كذلك هذا التآمر هو تركيز الشاعر على "أمريكا" واعتماده على التكرار بالمضمون لما يقول: "إن أمريكا على شأنها ليست هي الله العزيز القدير" ويكرر هذا المعنى بعبارة أخرى ولكن بإضافة معنى آخر "إن أمريكا على بأسها لن تمنع الطيور أن تطير" فـالله عز وجل هو القادر على التحكم في مخلوقاته، وأمريكا على بأسها ليست العزيز القدير ولن تتمكن من منع تحرير فلسطين.


إن فلسطين من حق الشعب الفلسطيني، ومن خلال هذا التكرار الذي اعتمده الشاعر تظهر ثلاث حجج تثبت هذه الحقيقة، أولها سرقة إسرائيل للأرض عن طريق القوة، وثانيها مساندة العالم لهذا الاغتصاب، وثالثها مساندة أمريكا على وجه الخصوص للعدو.

ويصر "نزار" على هذه الحقائق في قصيدته "المهرولون"، ولكن بنبرة المنكسر الحزين اليائس، الغاضب من هذا العالم الذي سيطر عليه الظلم، فيلجأ إلى التكرار الشكلي بتكراره كلمة "سقطت" اثنتي عشرة مرة، حتى يبين سقوط الأمة العربية وسكوتها عن حقها، وتكرار كلمة "سرقوا" ليؤكد على أحقية الشعب الفلسطيني بالأرض واغتصابها منه، ولإبراز المؤامرة الدولية ومساندة أمريكا للصهاينة كرر كلمات عديدة مثل: "الدولار"، "أمريكا"، كما كرر كلمة "خمسين" للتعبير عن طول مدة خضوع العرب وتعودهم على الهزائم والانكسارات.

وهذا التكرار يقدم لنا حججا واضحة لنتيجة حتمية هي ذل العرب وهوانهم وانكسارهم، ومن أبرز هذه الحجج: هزائم العرب المتكررة، واغتصاب الصهاينة للأراضي العربية دون التحرك لاسترجاعها.

3-                        السلم الحجاجي والقرائن الحجاجية في الشعر السياسي لنزار قباني

قبل الخوض في دراسة القرائن الحجاجية في النموذجين الشعريين لـ"نزار قباني" وبناء السلالم الحجاجية لكل منهما، لابد               من الوقوف على الخطوط العريضة لهذين المفهومين، (بوقرة، 2013): فالسلم الحجاجي يطرحتصورا لعمل المحاججة من حيث هو تلازم بين قول الحجة والنتيجة، وفي تلازمها تعكس تعددا للحجة في مقابل النتيجة الواحدة، على أن هناك تفاوتا من حيث القوة فيما يخص بناء هذه الحجج... (بوقرة، 2013)، فعندما تتسابق مجموعة من الحجج لتحقيق نتيجة واحدة فهي "تنتمي إلى فئة حجاجية واحدة، ويمكن ترتيبها على أساس قوتها، وهي بذلك تشكل سلما حجاجيا" (Bracos, 2006, p. 162)، ومن خلال هذا يتضح لنا أن السلم الحجاجي قائم          على ترتيب الحجج التي تخدم نتيجة واحدة تصاعديا من الأضعف إلى الأقوى، ويرمز له بالشكل الآتي (العزاوي، 2013، صفحة 194):                                                                       

 حيث إن "ب "و"ج" و"د" حجج تخدم النتيجة "ن"

      ويشير "طه عبد الرحمن" إلى قواعد السلم الحجاجي والشرطين اللذين ينبغي توفرهما فيه، فهو مجموعة غير فارغةمن الأقوال مزودة بعلاقة ترتيبية ومستوعبة للشرطين الآتيين (عبد الرحمان، 2000، صفحة 105):

·  كل قول يقع في مرتبة ما من السلم يلزم عنه ما يقع تحته، بحيث تلزم عن القول الموجود في الطرف الأعلى جميع الأقوال الأخرى.

·  كل قول في السلم كان دليلا على مدلول معين كان ما يعلوه مرتبة دليلا أقوى.

ولترتيب الحجج المؤدية إلى نتيجة واحدة في السلم الحجاجي، يتم الاعتماد على ما يعرف بالقرائن الحجاجية التي تساعد  في التمييز        بين الحجج القوية والحجج الضعيفة، وهي حاضرة بنسب متفاوتة في جميع الأجناس الخطابية، ويلجأ إليها المتكلم لفرض نسق من المحاججة يهدف به إلى توجيه مشاركه عملية التلفظ إلى دائرة معينة من الإقناع قصد الحصول على مقاصده أو تبليغ مبتغاه                  من الخطاب، (الميساوي، 2013): ولكي يدرك هذا الهدف يبني المتكلم خطابه وفق خطة حجاجية تنظم البنية الهندسية للخطاب حتى تصير العملية الإقناعية هادفة وموجهة لبنية الخطاب اللسانية والبراغماتية... (الميساوي، 2013)، ويلجأ في بناء هذه الخطة إلى القرائن الحجاجية، هذه القرائن التي صنفها المنظرون الغرب مثل "موشلر" (الميساوي، 2013، صفحة 113) إلى قسمين: الروابط الحجاجية والعوامل الحجاجية، ولو نظرنا في اللغة العربية سنجد عوامل وروابط حجاجية كثيرة، فمن العوامل والتي تصادفنا كثيرا  الشرط           الذي "يساعد على تقييد المعنى بفضل طبيعة العلاقة التلازمية بين جزئيه" (الدريدي، 2008، صفحة 116) بالاعتماد على الأدوات (من، ما، مهما، كيفما، أيان، أنى، متى، أيّ، حيثما، إن، إذما، إذا، لو، لولا...)، القصر عن طريق التقديم والتأخير أو إنّما أو النفي والاستثناء، بالإضافة إلى الألفاظ من قبيل: "ربما، تقريبا، كاد، قليلا، كثيرا" (العزاوي، 2013، صفحة 199)، ومن الروابط الحجاجية: بل ولكن و"الغاية منهما تمكين العلاقة بين الحجة ونتيجتها، وجعل المتلقي يعتقد بصحة العلاقة بينهما والانتقال به من التشكيك في الإمكان إلى ضرورة الاعتقاد بالتلازم" (قادم، 2013، صفحة 1289)، حتى، لا سيما، لأن، بما أن، إذ، كما يمكن إضافة الفاء التعليلية لأنها تسهم في ربط الحجة بالنتيجة.

وعند الغوص في معاني الشعر السياسي لـ "نزار قباني" ستدرك أن الشاعر بنى قصائده على أفكارٍ أراد إقناع المتلقي بها، لرفع معنوياته ودفعه قدما نحو الأمام مثلما فعل في "منشورات فدائية على جدران إسرائيل"، أو لتصوير الواقع العربي المر وتبصير الشعوب بالمؤامرات التي تحاك حولهم مثلما فعل في "المهرولون"، معتمدا على آليات حجاجية متنوعة خاصة البلاغية منها.

ومن أهم الأفكار التي ركز عليها الشاعر في قصيدة "منشورات فدائية على جدران إسرائيل" والتي يمكن اعتبارها نتيجة لمجموعة من الحجج "الصمود وعدم الاستسلام" وهي فكرة مسيطرة على كل القصيدة، فالشاعر يريد إبراز قدرة الشعب الفلسطيني على الاستمرار،        لذلك قام بتنويع الآليات الحجاجية والتي تدعم نتيجة واحدة هي صمود الشعب الفلسطيني، فنجد الرابط الحجاجي الفاء التعليلية والذي يربط بين الحجة والنتيجة، في موضعين وهما "فنحن باقون هنا"، "فهذه بلادنا"، إذ قدّم الشاعر حجتين لعدم إمكانية القضاء على الشعب الفلسطيني، وهما مسبوقتان بالفاء التعليلية، الحجة الأولى تمثلت في البقاء الدائم في فلسطين وعدم التخلي عنها، والحجة الثانية تمثلت في التذكير بأحقية الشعب الفلسطيني بأرض فلسطين، ونجد إلى جانب الرابط الحجاجي كذلك عاملا حجاجيا تمثل في القصر عن طريق تقديم ما حقه التأخير، حيث قدم الشاعر الخبر على المبتدإ في قوله: "مشرشون نحن في خلجانها"، "مشرشون نحن في تاريخها"، "مشرشون نحن في وجدانها"، وفي هذا التقديم يظهر الشاعر حججا أخرى لصمود الشعب الفلسطيني، وهي تمسكه بكل شيء في فلسطين.

ولو نتمعن بقية التراكيب في القصيدة نجدها تراكيب بلاغية ذات أبعاد حجاجية، إذ اعتمد الشاعر على التمثيل والكناية والاستعارة والتشبيه والتكرار، وكل هذه التراكيب يمكن اعتبارها حججا لنتيجة ضمنية هي صمود الشعب الفلسطيني وعدم استسلامه، كما نجد آليات أخرى لغوية حجاجية كالصفة التي لها دور في الإقناع لما تحمله في ثناياها من حجج، فلما يقول "نزار": "باقون في نبيِّها الكريم" تحمل الصفة "الكريم" بعدا حجاجيا، حيث إنَّ الفلسطيني متشبث بدينه وبالأنبياء لأنهم بأخلاقهم السامية يجعلون كل من يؤمن بهم يناضل  في سبيل إعلاء كلمة الحق، وصيغة اسم الفاعل التي لا تحمل دلالة الوصف فقط، بل لها غايات حجاجية ويظهر ذلك في القصيدة، فعندما يعتمد "نزار" على لفظ  "باقون" ويعيد استعماله في مواضع كثيرة، وهو على وزن فاعل من الفعل الثلاثي "بقي" لا  يدل هذا على الوصف فقط بل للكلمة بعد حجاجي، فالعدو لن يتمكن من إخراج الفلسطينيين من أراضيهم لأنهم ثابتون فيها، و"باقون" أدت هذا المعنى لأنها تدل على الثبات والصمود والتحدي، وكذلك الأمر عندما يستعمل كلمة "مشرِّشون" التي تحمل معنى البقاء، ولكنها أكثر قوة لأنها مصوغة من فعل على وزن "فعَّل" والذي يدل على المبالغة.


أما ترتيب هذه الحجج في السلم الحجاجي فيتوقف على قوة كل منها، فالتعبير المجازي أقوى من التركيب الحقيقي، والتمثيل أقوى     من الاستعارة، والاستعارة أقوى من التشبيه، والمعنى المكرر أقوى من غير المكرر:

كل معاني الصمود والوقوف في وجه العدو ستصطدم بالواقع الأليم الذي تعيشه الأمة العربية، والذي يصوره "نزار" في قصيدته "المهرولون" هذا الخطاب السياسي الذي يقوم على فكرة هامة هي سقوط العرب وخضوعهم للصهاينة، والتي سنحاول فيما يلي تتبع حججها وبناء سلم حجاجي مناسب لها وفق الشروط التي تم الاتفاق عليها سابقا.

إنّ الشاعر يريد تصوير ما يحدث للعرب اليوم، وإثبات ما توصل إليه عن طريق استعانته بأساليب لغوية وبلاغية ذات أبعاد حجاجية، وتوظيفه لقرائن حجاجية متنوعة، إذ استعمل الرابط الحجاجي الفاء التعليلية والذي يربط بين الحجة والنتيجة، في ثلاثة مواضع وهي "فقد يبست فينا عروق الكبرياء"، "فما من رجل ينقذ الرمز السماوي ولا ثم الرجولة"، "فلقد غاب عن الزفة أولاد البلد"، حيث قدّم الشاعر ثلاث حجج لضياع حق الشعب الفلسطيني، وهي مسبوقة بالفاء التعليلية، الحجة الأولى تمثلت في فقدان العرب لتلك النخوة العربية القديمة التي كانت ترفض الذل، والحجة الثانية تمثلت في عدم وجود مسؤول عربي واحد قادر على الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، أما حجته الثالثة فهي الغياب الفعلي للعرب عن الساحة السياسية المتعفنة وحضورهم الشكلي فقط، كما استخدم الرابط الحجاجي "لكي" في قوله: "لم يعد ثمة أطلال لكي نبكي عليها"، فالنتيجة هي عدم تحسر العرب على أي شيء اليوم، وحجته أنه لا يوجد ما نتحسر عليه، وهو بهذه العبارة يؤكد على خسارة العرب لكل شيء، وسقوطهم المتجدد، وإلى جانب هذه الروابط الحجاجية نجد العوامل الحجاجية كالقصر بالنفي والاستثناء في قوله: "ما وجدنا وطنا نسكنه إلا السراب"، وهنا تظهر لنا حجة قوية لنتيجة واحدة هي سلب الفلسطيني أرضه، ونجد كذلك القصر ببل في قوله: "لم تحضر فلسطين الفرح بل رأت صورتها مبثوثة عبر كل الأقنية"، وهو بهذا يبين أن الشعب الفلسطيني منزوع الحرية وأصبح في أيدي الصهاينة والخونة، وليس له القدرة على فعل شيء سوى التفرج على ما يخطط له، وهذه هي نتيجة التخاذل العربي،            وإذا ما بحثنا عن حجج أخرى وجدناها ممثلة في صور بيانية ورموز نستطيع ترتيبها في السلم الحجاجي حسب درجة قوتها والتي تتوقف       على درجة بلاغتها:

خاتمة

إنّ الخطاب الشعري السياسي لنزار قباني خطاب يجمع بين الوظيفة الجمالية والوظيفة الحجاجية، فهو قائم أساسا على المجاز الذي يمنحه بعدا جماليا وآخر حجاجيا، حيث يعدّبمختلف صوره -حسب ما ذهبت إليه نظرية الحجاج الحديثة-من الآليات البلاغية الحجاجية، لأنه يجعلها أشد قوة وتأثيرا، وهذا ما أكد عليه العلماء العرب الأوائل منذ القدم، وقد استطاع نزار من خلال شعره السياسي إثبات هذا الأمر حين استعمل قلمه المزيّن بالبلاغة العربية الراقية كسلاح سياسي يدافع به عن قضايا الأمة العربية، ويمكن تلخيص النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة في النقاط
التالية:

-   اعتمد "نزار قباني" في خطابه الشعري السياسي على اللغة الإيحائية وذلك باستخدام الصور البيانية المعروفة منذ القدم، والرموز الدينية والتاريخية، فكانت آليات بلاغية حجاجية تعمل على إقناع الآخر ودفعه إلى التغيير.

-   يعدّالمجاز بمختلف صوره من الآليات البلاغية الحجاجية المسيطرة على القصيدة، وهو يرفع من درجة الحجة في السلم الحجاجي.

-   يظهر نزار قباني من خلال خطابه الشعري السياسي أن قضيتهلم تكن المرأةفقط، بل كل ما تعلقبالأمة العربية، إذ يضع يده على جراحها ويرغب في التخفيف عنها، يبعث فيها الأمل أحيانا، ويلومها أحيانا أخرى، فهو المحب الذي يلقي لومه على من يحب رغبة في إصلاحه وإبعاده عن كل ما يسبب له الأذية، وهو المحب الذي يرغب في رؤية من يحب بعيدا عن الآلام والأحزان.

       وفي الأخير لا بد من القول إن الدراسات العربية القديمة قد تطرقت إلى مختلف المفاهيم المعروفة اليوم في الاتجاه التداولي، وينبغي الاستفادة مما وصلت إليه واستغلاله في الأبحاث الحديثة، فاللغة العربية لها ما يميزها عن اللغات الأخرى،والتراث العربي غني باجتهادات عظيمة، إذا ما تمت العودة إليها،والتدقيق فيها سيتم التوصل إلى بناء نظرية عربية متكاملة تراعي خصوصية اللغة العربية في هذا المجال وترفع اللبس والغموض الذي يقع فيه كل باحث، وهذا القول لا يعني تعصبا ورفضا للآخر، بل هو رفض لتقزيم الذات والذوبان في الآخر

المراجع والمصادر

الكتب والمراجع

 أبو بكر العزاوي. (2013). الحجاج في اللغة. تأليف إسماعيل حافظ علوي، الحجاج مفهومه ومجالاته. الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع.

أحمد قادم. (2013). رسالة ابن غرسية مقاربة بلاغية حجاجية. تأليف إسماعيل حافظ علوي، الحجاج مفهومه ومجالاته. الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع.

أنيس الدغيدي. (2006). القصائد الممنوعة لنزار قباني. القاهرة: كنوز للنشر والتوزيع.

جهاد فاضل. (1989). فتافيت شاعر وقائع معركة مع نزار قباني . بيروت: دار الشروق.

حسن المودن. (2014). بلاغة الخطاب الإقناعي نحو تصور نسقي لبلاغة الخطاب. الأردن: دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع.

خليفة الميساوي. (2013). الوصائل الحجاجية في المقاربات اللسانية الغربية. تأليف إسماعيل حافظ علوي، الحجاج مفهومه ومجالاته. الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع.

سامية الدريدي. (2008). الحجاج في الشعر العربي القديم من الجاهلية إلى القرن الثاني للهجرة بنيته وأساليبه. الأردن: عالم الكتب الحديث، جدارا للكتاب العالمي.

طه عبد الرحمان. (1998). اللسان والميزان أو التكوثر العقلي. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.

طه عبد الرحمان. (2000). في أصول الحوار وتجديد الكلام. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.

عبد القاهر جرجاني. (1992). دلائل الإعجاز. القاهرة: مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع.

عبد الله بيرم. (2013). التداولية والشعر قراءة في شعر المديح في العصر العباسي. الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.

محمد إبراهيم أبو سنة. (1982). دراسات في الشعر العربي. القاهرة: دار المعارف.

محمد العبد. (2013). النص الحجاجي العربي دراسة في وسائل الإقناع. تأليف إسماعيل حافظ علوي، الحجاج مفهومه ومجالاته. الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع.

محمد العمري. (2002). في بلاغة الخطاب الإقناعي مدخل نظري وتطبيقي لدراسة الخطابة العربية. المغرب: أفريقيا الشرق.

محمد علي علي سليمان. (2013). الحجاج عند البلاغيين العرب. تأليف إسماعيل حافظ علوي، الحجاج مفهومه ومجالاته. الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع.

مسعود صحراوي. (2008). التداولية عند العلماء العرب دراسة تداولية لظاهرة الأفعال الكلامية في التراث اللساني العربي. الجزائر: دار التنوير للنشر والتوزيع.

نزار قباني. (1999). الاعمال السياسية الكاملة (المجلد 3). بيروت: منشورات نزار قباني.

نعمان عبد المجيد بوقرة. (2013). القيمة الحجاجية في النص الإشهاري. تأليف إسماعيل حافظ علوي، الحجاج مفهومه ومجالاته. الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع.

Martine Bracos. (2006).introduction à la pragmatique les théories fondatrices: actes de la langage,

pragmatique cognitive, pragmatique intégrée. Bruxelles: De Boek et Larcier , édition université

المقالات العلمية

جميل حمداوي. (2012). "المقاربة التداولية في الأدب والنقد". مجلة العربية والترجمة، العدد(9)

عبد الرحمان حجازي. (سبتمبر, 2005). "مفهوم الخطابة في النظرية النقدية المعاصرة". علامات في النقد، 15(57)


 

@pour_citer_ce_document

هاجر فرطاسي, «الخطاب الشعري السياسي لنزار قباني بلاغة وحِجاج »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 133-144,
Date Publication Sur Papier : 2021-06-30,
Date Pulication Electronique : 2021-06-30,
mis a jour le : 30/06/2021,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=8313.