الحماية الدولية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة بين الأحكام القانونية والواقع العدوانيInternational protection of water resources during international conflicts between legal provisions and aggressive reality La protection internationale des ressources en eau Pendant les conflits armés entre dispositions légales et réalité agressive
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 19-2022

الحماية الدولية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة بين الأحكام القانونية والواقع العدواني
La protection internationale des ressources en eau Pendant les conflits armés entre dispositions légales et réalité agressive
International protection of water resources during international conflicts between legal provisions and aggressive reality
ص ص 130143

خضرة مخلوفي / مصطفى بن عبد العزيز
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تتمتع الموارد المائية بأهمية كبيرة باعتبارها أساس البقاء لجميع الأحياء، إلا أنها كثيرا ما تتعرض للاعتداء أثناء النزاعات المسلحة، رغم تمتعها بنوع من الحماية ضمن مبادئ ونصوص القانون الدولي الإنساني، والتي تعززت بإقرار المسؤولية الجنائية الدولية للأفراد بعد اعتماد نظام روما المنشئ لمحكمة الجنائية الدولية الذي اعتبر الاعتداء على المياه جريمة حرب تستوجب المتابعة الدولية. تهدف الدراسة إلى إجراء مقارنة بين الأحكام القانونية والواقع، من خلال التطرق للاعتداءات التي تعرضت لها المياه أثناء النزاعات المسلحة بعد دخول نظام روما الأساسي حيز النفاذ سنة 2002 ولم تحترم فيها أحكام القانون الدولي الإنساني، بل ارتكبت اثناءها جرائم حرب في حق المياه، وخلصنا إلى وجود كم هائل من الانتهاكات مقابل ندرة المتابعات الدولية للمنتهكين، وبالتالي عجز النظام القانوني الدولي الحالي عن توفير الحماية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة بسبب غياب الإرادة السياسية الفعلية وليس لقصور النصوص القانونية.

معلومات حول المقال

تاريخ الاستلام 29-04-2021

تاريخ القبول 15-12-2021

 

الكلمات المفتاحية

الموارد المائية

النزاعات المسلحة

القانون الدولي

 

Les ressources en eau ont une grande importance pour la survie de tous les êtres vivants, mais elles sont souvent attaquées pendant les conflits armés. Bien qu’elles bénéficient d’une protection dans le cadre des dispositions du droit international humanitaire, leur protection est renforcée par la reconnaissance de la responsabilité pénale internationale des individus après l’adoption du Statut de Rome créant la Cour pénale internationale. Cette dernière considère l’agression contre l’eau comme un crime de guerre qui nécessite un suivi international. L’étude vise à exposer des exemples réalistes de crimes commis contre les ressources en eau pendant les conflits armés, depuis l’entrée en vigueur du Statut de Rome en 2002 jusqu’au jour d’hui. Elle a conclu que le système actuel est incapable de protéger les ressources en eau pendant les conflits armés, non pas par manque de textes juridiques, mais par manque de volonté politique effective pour protéger cette ressource vitale car la Cour pénale internationale n’a poursuivi que quelques violations liées à l’eau. 

      Mots clés

Ressources en eaux

Conflits armés

Droit international

Water resources have a great importance for the survival of all neighbourhoods, but they are often attacked during armed conflicts, despite the existence of International humanitarian law, which was strengthened by the issuance of the two protocols annexed to Geneva Conventions and the establishment of International criminal responsibility for individuals after the adoption of the Rome statute, which considers water assault a war crime that requires international follow-up. The study aims to expose realistic examples of crimes committed against water resources during armed conflicts, since the entry into force of the Rome Statute in 2002 until today. It concluded that the current system is unable to provide water resources protection, not for the lack of legal texts, but for the lack of effective political will to protect this vital resource. The International Criminal Court did pursue on only a few water related violations.

Keywords

Water resources

Armed conflicts

Low international

Quelques mots à propos de :  خضرة مخلوفي

د. خضرة مخلوفي[1]       Dr . Khadra Makhloufi  جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، الجزائرamina.makhloufi@yahoo.com
[1] المؤلف المراسل 

Quelques mots à propos de :  مصطفى بن عبد العزيز

د. مصطفى بن عبد العزيز        Dr . Mustapha Banabdellaziz  جامعة الجزائر 3، الجزائرmbenabdellaziz@yahoo.fr

مقدمة

الماء هو مصدر الحياة على سطح الأرض ولا يمكن لأي كائن أن يستغني عن وجوده، فهو رمز القوة والازدهار والتقدم للأمم والدول لأنه عامل جوهري في جميع عناصر العملية التنموية، ونظرا لأهميته الكبيرة عنيت الدول بتوفير إطار قانوني له يضمن توفره بكمية ونوعية مناسبة، يسمح بتلبية الحاجات الأساسية المتصلة به سواء أثناء السلم أو أثناء النزاعات المسلحة.

أظهر الواقع تعدد حالات الاعتداء على الموارد المائية بنوعيها، الطبيعية أو المنشأة، أثناء الحروب الأهلية والنزاعات الدولية، عن طريق استعمالها كأسلحة أو وسائل حرب لتحقيق مكاسب عسكرية أو اعتبارها موضوعا لأعمال عسكرية، بغض النظر عن الأضرار والدمار الذي ينتج عن هذه الأعمال، سواء على البيئة الطبيعية على اعتبار أنها نظام بيئي لها روابط متشعبة مع بقية الأنظمة البيئية، أو على الأشخاص بحرمان المدنيين الذين ليس لهم أي صلة بالنزاعات من هذا المورد، وتعريضهم للمخاطر المتصلة بتراجع كميته ونوعيته وهو ما يقوض بقاءهم وسبل معيشتهم.

إشكالية الدراسة

عرف القرن الواحد والعشرين تغير في مظاهر الحروب والنزاعات، فقد تراجعت الحروب العدوانية الدولية، وظهر نوع آخر من الحروب كالتدخل الأجنبي  لأغراض إنسانية أو لمواجهة الارهاب الدولي، كالحرب على العراق، وتزايدت الاضطرابات والحروب الأهلية المتصلة بثورة الشعوب ضد حكامها للمطالبة بتغيير أنظمة الحكم أو للتداول على السلطة أو للمطالبة باحترام حقوق الإنسان، كالثورات الشعبية التي عرفتها الدول العربية في إطار الربيع العربي، ومهما كان الدافع وراء اندلاع النزاع المسلح فهذا لا يغطي حقيقة تعرض الموارد المائية للاعتداء، وعلى هذا الأساس فإننا نهدف من خلال هذه الدراسة تحليل الإشكالية الرئيسية التالية:

«ما مدى كفاية النظام القانوني الدولي الحالي لتوفير الحماية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة؟»

أهمية الدراسة

تظهر الأهمية العملية لدراستنا من خلال السعي لتقديم نظرة عامة عن القواعد والمبادئ القانونية المعتمدة حاليا، والتي من المفترض أنها تحمي الموارد المائية والمنشآت التي تحويها من الانتهاكات والاعتداءات أثناء النزاعات المسلحة والمستقرة في القانون الدولي الإنساني، ومتابعة التطور الذي عرفته إلى غاية إقامة المسؤولية الجنائية الدولية للأفراد عن الاعتداء على الموارد المائية بعد اعتماد نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، كما تهدف الدراسة إلى تقديم صورة واقعية من خلال رصد الانتهاكات التي تعرضت لها المياه عبر مختلف مناطق العالم  منذ دخول نظام روما الاساسي حيز النفاذ سنة 2002 إلى غاية اليوم.

حدود الدراسة

تغطي هذه الدراسة جميع النزاعات المسلحة الموجودة في الفترة الزمنية مابين 2002-2020 التي تعرضت فيها المياه للاعتداء وارتكبت في حقها جرائم حرب في مفهوم القانون الدولي الانساني ونظام روما الأساسي، رصدتها قاعدة بيانات التطور الزمني للنزاعات المائية المعد من قبل معهد الباسيفيك بقيادة خبير المياه بيتر جليك(Peter Gleick)، التي تتولى تجميع المعلومات عن الأعمال التي تعرضت إليها المياه منذ 3000 سنة قبل الميلاد إلى غاية أواخر 2019 حسب آخر التحديثات.

منهج الدراسة

ومن أجل دراسة الموضوع تم اعتماد المنهج الوصفي الذي يقوم على رصد ومتابعة الوضعية التي تعيشها الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة من الناحية القانونية والواقعية، بتسليط الضوء على أحكام القانون الدولي الإنساني التي يمكن أن توفر الحماية للمياه أثناء النزاعات المسلحة وتعزز نظام الحماية بعد إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والتعريج على النزاعات المسلحة التي وجدت بعد دخول نظام روما الأساسي المنشئ لهذه الأخيرة حيز النفاذ، وتعرضت أثناءها قواعده المتصلة بالمياه للانتهاك باستهداف الموارد المائية، ومعرفة ما إذا وفر وجود المحكمة الجنائية الدولية مزيد من الحماية لها بمتابعة ومعاقبة المنتهكين، ومحاولة تقديم توصيات تساعد على منحها المزيد من الحماية أثناء النزاعات المسلحة.

مقومات الحماية الدولية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة

بالرغم من عدم وجود تنظيم مستقل خاص بالموارد المائية وكيفية التعامل معها أثناء النزاعات المسلحة، إلا أن القانون الدولي الإنساني يقوم على مجموعة من المبادئ العامة يمكن أن تمنح للمياه وضعية خاصة وتوفر الحماية القانونية لها باعتبار أنها تدخل ضمن أهدافه العامة المتمثلة في حماية ضحايا الحرب وتنظيم الأعمال العدائية، حيث يعتبر المياه من الحاجات الضرورية التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين (Tignino, 2009).

وقد حضت المياه بالاهتمام الواسع في منتصف السبعينات، حيث اضطلعت اللجنة المعنية بالقانون الدولي لموارد المياه التابعة لجمعية القانون الدولي بدراسة هذه المسألة، في سياق زيادة الاهتمام بالأثر السلبي للحرب الحديثة على البيئة الطبيعية وحماية المنشآت التي تحوي قوى خطيرة (Wouters, Sergei, 2008)، وذلك خلال مؤتمرها السابع والخمسين المنعقد في مدريد سنة 1976 والذي خرج بالقرار المتعلق بحماية الموارد والمنشآت المائية في أوقات النزاع المسلح[1].

الحماية الدولية للموارد المائية قبل 1976

يسمح تتبع التطور التاريخي للحماية الدولية للموارد المائية من ملاحظة أهمية فترة السبعينيات من القرن الماضي في مسار الحماية، فهي تتضمن إلى جانب القرار المتعلق بحماية الموارد والمنشآت المائية في أوقات النزاع المسلح، سالف الذكر، إبرام البروتوكولين الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف لسنة 1949 واللذان يشكلان منعرج حاسم في هذا الإطار.

فقبل هذه الفترة، لم تنل الموارد المائية الاهتمام اللازم الذي يتناسب وأهميتها الحيوية، وظلت حرب المياه خارج إطار التنظيم الدولي لكن هذا لا ينفي وجود محاولات لحماية هذا المورد، فضلا عن فرض المبادئ التي استقرت في القانون العرفي، الموجود حينها، لالتزامات على الأطراف المتحاربة بعدم المساس بها، كلائحة ليبر لسنة 1863 التي حظرت استعمال السم بأي طريقة من طرف القوات الأمريكية أثناء حرب الانفصال لكنها لم تحترم في بقية النزاعات التي وجدت لاحقا(عواشرية، 2014).

وقد برزت في أوائل القرن العشرين أيضا قواعد ومبادئ تحكم النزاعات المسلحة وعالجت مسألة المياه، كاتفاقيتي لاهاي لـ 1899 و1907 المتعلقتين بقوانين وأعراف الحرب البرية اللتان تحظران تسميم إمدادات المياه، واتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949، لاسيما المادة 55/2 من اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في أوقات الحرب التي تحظر على القوات المحتلة الاستيلاء على الموارد المائية، بصفة ضمنية، باعتبار أنها تدخل ضمن الامدادات الضرورية للسكان المدنيين.

وعدم احتواء القانون الدولي الإنساني على قواعد صريحة متعلقة بالموارد المائية، لا ينفي إمكانية استفادتها من الحماية القانونية التي توفرها المبادئ العامة التي يقوم عليها هذا القانون، لأنها عنصر أساسي لاستمرار الحياة في المناطق التي تعيش نزاعات مسلحة، ومورد ضروري لبقاء السكان المدنيين، (الحسيني، 2009)، ومن هذه المبادئ يمكن أن نشير إلى:

مبدأ الإنسانية

يشكل هذا المبدأ أساسا للعديد من الالتزامات في القانون الدولي الإنساني، لاستناده على مبدأ احترام الكرامة الإنسانية التي تقتضي المحافظة على الصحة بمنع استعمال أنواع معينة من الأسلحة، واستبعاد الأساليب العسكرية ذات الضرر الكبير، ويفرض التزام ضمان الوصول للموارد المائية، وبناء عليه فإن قطع التزويد بالمياه يعتبر فعل لا إنساني لأنه لا يؤثر فقط على المتحاربين بل يضر بالمدنيين أيضا، فهذا المبدأ يمكن أن يوفر حماية كبيرة للموارد المائية الضرورية للبقاء وللكرامة الإنساني (Tignino, 2011).

مبدأ التمييز

يرمي هذا المبدأ إلى ضرورة التمييز بين المقاتلين والمدنيين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، واعتماده يفرض احترام مجموعة من الالتزامات أثناء القيام بالعمليات العسكرية منها: حظر الهجمات المتعمدة على غير المقاتلين، حظر استهداف الأهداف غير العسكرية، ضرورة حماية المقاتلين العاجزين عن القتال من أعمال الانتقام، وحظر المساس بالأعيان المدنية، وإتيان هذه المحظورات يعد من قبيل الانتهاكات الجسيمة نظرا للضرر الذي تسببه، لذا فهي تعتبر من جرائم الحرب وفقا للقانون الدولي الإنساني (عزيز، 2018).

مبدأ تقييد حقوق المتحاربين

بالرغم من أن الضرورة الحربية تقتضي إلزامية استخدام السلاح من أجل الحصول على مكاسب حربية وعسكرية بغرض إضعاف العدو، إلا أن هذا الأمر ليس مفتوحا على إطلاقه، بل هو مقيد بمبدأين أساسيين، مبدأ تقييد حق الأطراف في اختيار وسائل وأساليب القتال وحظر الآلام غير المبررة، وكلاهما مكمل للآخر، وهما يمنحان بصورة غير مباشرة نوع من الحماية القانونية للموارد المائية ومنشآتها أثناء النزاعات المسلحة، وذلك لأن تفعيل المبدأين يعني تقييد العمليات العسكرية التي تسبب أضرارا بالمياه، وعدم قبولها لأنها تخالف أبسط قواعد القتال نظرا للأضرار الواسعة المترتبة عنها والتي تتجاوز غالبا حد المكسب العسكري المراد تحقيقه(الحسيني، 2009).

مبدأ التناسب

وفقا لهذا المبدأ لا يجوز للمتحاربين أن يلحقوا بخصومهم أضرارا لا تتناسب مع الغرض من الحرب والمتمثل في تدمير أو إضعاف القوة العسكرية، وبعبارة أخرى، التناسب هو تحقيق التوازن بين المزايا العسكرية الملموسة والمباشرة الناجمة عن نجاح العمليات العسكرية  وبين الآثار الضارة المحتمل حصولها في صفوف المدنيين والأعيان المدنية من جراء هذه العمليات، ومن شأن هذا المبدأ أن يمنح نوعا من الحماية للموارد المائية من أضرار النزاعات والحروب، من خلال منع الأطراف المتحاربة من إتيان أي عمل عسكري أو هجوم مسلح يهدف أو يحتمل أن يعرض موارد المياه أو المنشآت المائية لخسائر وأضرار لا تتناسب مع المزايا العسكرية المباشرة للهجوم، أي تحقيق النصر على العدو، مع مراعاة إحداث أقل قدر من المعاناة للمدنيين، وهو ما يستلزم الحفاظ على الموارد التي لاغنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، والتي من بينها المياه(الحسيني، 2009).

مبدأ الحيطة والحذر

يعتبر مبدأ الحيطة والحذر مكملا لمبدأ التناسب، فلا يمكن تحقيق هذا الأخير إلا بالتزام الأطراف المتحاربة عند التخطيط لأي هجوم عسكري بمبدأ الحيطة، ومن جملة الاحتياطات واجبة المراعاة، ضرورة المعرفة الدقيقة لطبيعة الهدف، فلا ينبغي أن يكون من الأعيان المدنية أو الممتلكات التي تتمتع بحماية خاصة، ويجب اختيار مناهج ووسائل الحرب المستعملة للتقليل من الضحايا في صفوف المدنيين وممتلكاتهم، وهذا المنطق أساسي في القانون الدولي الإنساني وهو يقوم على مبدأ الآثار الأكيدة التي يمكن أن يخلفها أي هجوم ولكن مؤخرا ونتيجة للضغوطات التي بدأ يفرضها ظهور القانون الدولي للبيئة والقانون الدولي للمجاري المائية أصبح يؤخذ بمبدأ الآثار غير الأكيدة، لذا يقع على أطراف النزاع التزام باعتماد معايير للاحتياط في عملياتها العسكرية  ولا يمكنها الاحتجاج بعدم إمكانية التأكد من النتائج على البيئة لعدم اعتماد تلك المعايير، إذن فاحتمال الحاق أضرار بالمياه كافي من أجل ضرورة اتخاذ معايير للاحتياط وهو ما يوفر لها الحماية أثناء النزاعات المسلحة لامتداد آثارها للصحة الإنسانية(Tignino, 2011)، وعليه يستخلص غياب النص القانوني الصريح المتعلق بحماية الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة قبل 1976، فالحماية القانونية اقتصرت على تطبيق المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني على أنها عنصر أساسي لاستمرار الحياة في المناطق التي تعيش نزاعات مسلحة، وضروري لبقاء السكان المدنيين (الحسيني، 2009).

الحماية الدولية للموارد المائية بعد 1976

شكل صدور قرار حماية الموارد والمنشآت المائية في أوقات النزاعات المسلحة منعرجا حاسما حيث أسس لاعتماد البروتوكولين الملحقين باتفاقية جنيف لـسنة 1949 المتعلقة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية، واللذان تضمنا نصوصا قانونية صريحة متعلقة بحماية الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة تشتمل على حظر مجموعة من الممارسات يمكن أن تضر بالموارد المائية، منها ما جاء تأكيدا لمبادئ سابقة، ومنها ما استحدث من خلالهما، وهذه المحظورات نوعين حظر تدمير المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة وحظر مهاجمة المنشآت والأشغال الهندسية التي تحوي قوى خطيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن القرار الصادر عن اللجنة المعنية بالقانون الدولي لموارد المياه التابعة لجمعية القانون الدولي أشار في البند الأول منه إلى حظر تسميم المياه أو جعلها غير صالحة للاستهلاك البشري كوسيلة حرب،  بما في ذلك منع إلقاء أي مواد أو جثث أو مركبات يمكن أن تؤثر على نوعية الموارد المائية، سواء كانت تستعمل لأهداف مدنية أو عسكرية نظرا لأضرارها الواسعة على البيئة والإنسان(Postel, Wolf, 2001)، وبالرغم من أهمية هذا الحظر في حماية الموارد المائية خاصة وأن التسميم من الأعمال المنتشرة كثيرا أثناء النزاعات، لسهولة إحداثه واتساع آثاره الضارة، إلا أن البروتوكولين الملحقين باتفاقيات جنيف لم يتضمنا أي إشارة إليه وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل نقطة سوداء تعكر جميل الإضافة التي جاءا بها.

حظر تدمير المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة

فقد تناول حظر تدمير المواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة كلا البروتوكولين، المواد 54 و14 على التوالي، فنصت المادة 54/2 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1977 أنه «يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها، المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري ... مهما كان الباعث سواء بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر» وعليه يحظر المساس بالمياه بأي شكل من الأشكال كونها من الأعيان المدنية المهمة لبقاء السكان المدنيين(الحسيني، 2009).

حظر مهاجمة الأشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي قوى خطيرة

فقد ورد هذا الحظر في البروتوكولين الأول والثاني في المادتين 56 و15 على التوالي، وأشارا لثلاثة أنواع من المنشآت يحظر مهاجمتها، حتى لو كانت تابعة للقوات العسكرية، وهي السدود، الجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، نظرا للأضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد التي يمكن أن تخلفها مثل هذه الأعمال سواء على البيئة الطبيعية أو السكان المدنيين، كما لا يجوز تعريض الأهداف العسكرية الأخرى الواقعة عند الأشغال الهندسية أو المنشآت أو على مقربة منها للهجوم، إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يتسبب في انطلاق قوى خطيرة منها يمكن أن ترتب خسائر فادحة بين المدنيين، ويمنع أيضا اتخاذها هدفا لهجمات الردع.

وعليه يلاحظ أن البروتوكولين السابقين قد جاءا بنصوص صريحة ومحظورات محددة لا تنطوي على أي غموض ولا تحتاج لأي تأويل عن مضمون الحظر التي انطوت عليه، بل وأكثر من ذلك، فقد اعتبرت المادة 85/3/ب/ج من البروتوكول الأول أن إتيان هذه المحظورات من الانتهاكات الجسيمة التي تعد بمثابة جرائم حرب تستوجب متابعة مرتكبيها جنائيا.

ولكن من جهة أخرى، كثيرا ما يتمكن مرتكبو مثل هذه المحظورات من التملص من المسؤولية بالتحجج بالأهداف والمزايا العسكرية التي تبيح إتيانها(المواد 54/5، 56/2/أ/ ب/ ج من البروتوكول الأول)، ففي حرب الخليج سنة 1991 تم استهداف منشآت الطاقة الكهربائية العراقية، واعتبرت وزارة الدفاع الأمريكية الأمر مشروعا لأنها أدت إلى إضعاف القوة العسكرية للقوات العراقية بالرغم من الآثار الكارثية التي نجمت عنها نتيجة انقطاع الكهرباء، توقف تزويد المدنيين بالمياه الشروب، تعطل محطات تصفية ومعالجة المياه وانتشار الأوبئة الأمراض المتصلة بالمياه في المنطقة.

( Tignino, 2011(

تعزيز الحماية الدولية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة عن طريق نظام المسؤولية الجنائية الدولية

إلى جانب المحظورات المنصوص عليها صراحة في قواعد القانون الدولي الإنساني، تدعمت حماية الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة أواخر القرن العشرين بعد صدور نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية بإقامة المسؤولية الجنائية للأفراد عن الاعتداء عليها.

إقامة المسؤولية الجنائية للأفراد عن الاعتداء على الموارد المائية أمام المحكمة الجنائية الدولية

لقد شكل اعتماد نظام روما الأساسي وإنشاء المحكمة الجنائية الدولية سنة 1998 أرضية صلبة تستند عليها المسؤولية الجنائية للأفراد، بما فيهم القادة العسكريين، عن الانتهاكات التي يرتكبونها اثناء النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي، حيث أقرت المادة80 (2/ب/4) منه بأنها تعد من جرائم الحرب، الهجومات التي تشن عمدا، إذا علم قبل مباشرتها، بأنها ستحدث فقدا في الأرواح أو إصابات للمدنيين أو أضرارا بالأعيان المدنية أو أضرارا جسيمة بالبيئة الطبيعية واسعة النطاق وطويلة الأمد، تفوق المزايا العسكرية المتوقعة فعلا بصفة مباشرة والناتجة عن العمل العسكري.

يلاحظ أن نص المادة 08 سالفة الذكر، وبالتحديد الفقرة 2/ب/4 قد أشارت ضمنيا للمياه على اعتبار أنها تعد من مكونات البيئية الطبيعية، كما أنها تدخل ضمن الضروريات التي يحتاجها المدنيون يمنع الإضرار بها بصفة عامة، وتعد من قبيل الضروريات أيضا الموارد المائية والمنشآت التابعة لها كخزانات المياه والجسور التي فوق الأنهار، محطات توليد الطاقة الكهربائية، محطات تحلية مياه البحر ومحطات تصفية المياه المستعملة، فكلها تعتبر من قبيل نظم إمداد المدنيين بالمياه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (زناتي، 2015/2016).

كما أشارت المادة لحالات أخرى تدخل ضمن جرائم الحرب المتصلة بالمياه يمكن أن تمتد إليها ولاية المحكمة وتكون محل متابعة جنائية دولية منها:

-ما جاء في الفقرة 2/ب/ 17التي تضمنت حظرا عاما على استعمال السموم أو الأسلحة المسمومة دون تحديد كيفية استخدامها، وبهذا يكون قد تم ملء الفراغ الذي جاء في البروتوكولين الملحقين باتفاقيات جنيف، سالفي الذكر، بخصوص هذه المسألة، وعليه فإن إتيان مثل هذا الفعل يمكن أن يكون محلا للمتابعة الجنائية الدولية والداخلية.

-وأيضا ما جاء في الفقرة /2ب/ 24 التي تتعلق بالعمليات العمدية التي تتضمن توجيه ضربات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية، بما فيها المنشآت المائية، من غير تمييز بين المنشآت المدنية والأهداف العسكرية.

-كذلك مضمون الفقرة 2/ب/25، والتي حظرت التجويع العمدي للمدنيين، كأسلوب من أساليب الحرب، بحرمانهم من المواد الأساسية التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة بما فيها المياه.

ويجدر أن ننوه هنا بأن الأفعال التي سبق تناولها تتعلق بالنزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي، أما بالنسبة للنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي فقد نصت عليها المادة 08 الفقرة هـ/12/13 وهي تشتمل على حظر تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها بما فيها المياه، وحظر استعمال السموم أو الأسلحة المسمومة.

شروط ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لاختصاصها

حتى تتمكن المحكمة من مباشرة اختصاصها لابد أن تتوافر في الأفعال التي تعد كجريمة حرب، حسب المواد 12، 13، 14 من نظام روما الأساسي، الأركان التالية:

- أن يتم ارتكاب أحد الأفعال المحظورة التي وردت في المادة 08 المتصلة بالمياه سالفة الذكر.

-أن يتوفر ركن العمد لدى مرتكب الجريمة، وأن لا تشكل أفعاله أعمالا عسكرية أو أن توجه لأهداف عسكرية محاذية للموارد المائية فتؤثر عليها بصفة غير مباشرة.

-أن يصدر السلوك في سياق نزاع مسلح ذي طابع دولي أو غير دولي، ويخرج عن هذا الأخير أعمال الشغب أو أعمال العنف المنفردة والمتقطعة، وتنطبق على النزاعات المسلحة التي تقع في دولة بها نزاع مسلح طويل الأجل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو فيما بين هذه الجماعات(الم 08/02/و).

-أن يكون مرتكب الجريمة على علم بالظروف الواقعية التي تثبت وجود نزاع مسلح ذي طابع دولي أو غير دولي.

وقبل أن تنظر المحكمة في موضوع أي قضية، يشترط أن تنظر مسبقا في مسألة مكان ارتكاب الجرائم، حيث يلزم نظام روما من أجل منح الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية أن ترتكب الأفعال محل الجرائم السابقة على إقليم دولة طرف في نظام روما الأساسي، أو من طرف أحد رعاياها أو بمعرفته، أو في إقليم دولة غير طرف لكن قبلت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في الجريمة قيد البحث والتحقيق(الم12)، وهناك حالة ثالثة يمكن أن تمنح للمحكمة الاختصاص بنظر نزاع دون النظر في عضويتها أو قبولها وذلك عندما يحال ملف القضية محل الجريمة للمدعي العام من قبل مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حالة ارتكاب أفعال تهدد السلم والأمن الدوليين (الم13/ب).

وعليه إذا توفرت هذه الأركان في نزاع مسلح ولم تقم المحاكم الوطنية بالمعاقبة عليه فإنه يجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس اختصاصها عليه استنادا لمبدأ التكامل (المنظمة الاستشارية القانونية الآسيوية الإفريقية، 2017).

يجدر التأكيد هنا بأن المحكمة الجنائية الدولية تختص بمحاكمة الأفراد وليس الجماعات أو الدول، يمكن أن يحال على المحكمة الجنائية الدولية أي شخص يتهم بأنه ارتكب الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، فالهدف من آليات المساءلة الجنائية الدولية، هو ملء ثغرات الإفلات من العقاب ولكن في الوقت ذاته ليست بديلا عن الآليات الوطنية (المنظمة الاستشارية القانونية الآسيوية الإفريقية، 2017).

وكخلاصة للمحور الأول، يوفر القانون الدولي الإنساني نوعا من الحماية للموارد المائية بتوفير النص القانوني المجرم لأفعال الاعتداء على الموارد المائية، باعتبار الاعتداء عليها جريمة حرب توجب المتابعة والعقاب لمرتكبيها، وقد سمح اعتماد نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية لإيجاد ألية قضائية دولية لها الاختصاص بمتابعة مرتكبي الجرائم ضد المياه إذا توفرت أركانها وتقاعس القضاء الداخلي على القيام بذلك.

واقع الحماية الدولية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة في عهد المحكمة الجنائية الدولية عبر العالم

رغم وجود نظام قانوني يوفر حماية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة يصل إلى حد تجريم بعض الأفعال التي يمكن أن تتعرض لها أثناءها، وإمكانية إقامة المسؤولية الجنائية الدولية بشأنها كونها جرائم حرب وفقا للبروتوكول الملحق الأول باتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن المياه غالبا ما تستعمل كأسلحة أو وسائل حرب أو كأهداف عسكرية أو تكون ضحية أثناء النزاعات المسلحة.

وفي سبيل توضيح مدى استفادة الموارد المائية من الحماية التي توفرها النصوص القانونية، سالفة الذكر، أثناء النزاعات المسلحة من الناحية الواقعية، خاصة بعد دخول نظام روما الأساسي لسنة 1998 حيز النفاذ سنة 2002 أين يمكن للمحكمة أن تتحرك لنظر تلك الانتهاكات في حال لم يعاقب عليها القانون الداخلي، فإننا قمنا بدراسة مسحية تقوم على رصد وتجميع وإحصاء عدد الانتهاكات التي تعرضت لها الموارد المائية حسب توزيعها الجغرافي مراعين في ذلك العناصر التالية:

-التركيز على الانتهاكات التي تتضمن حالات تسميم للمياه بأي مادة، تدمير الموارد المائية والمنشأت المائية التي تحويها، تدمير أو الاستيلاء أو تعطيل إمدادات المياه الضرورية لبقاء المدنيين، أي تلك التي ورد الحظر بشأنها في نظام روما الأساسي وتشكل جرائم حرب يمكن للمحكمة إقامة المسؤولية الجنائية الدولية بشأنها.

-التركيز على النزاعات المسلحة التي وجدت في الفترة من 2002 إلى غاية اليوم (بعد سريان نظام روما الأساسي) ذات الطابع دولي أو غير الدولي، بما فيها النزاعات المسلحة طويل الأجل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو فيما بين هذه الجماعات.

-عدم مراعاة عضوية الدولة في نظام روما من عدمه، لإمكانية وجود حالة قبول الدولة لاختصاص المحكمة بشأن الجريمة المتابعة، دون شرط الانضمام المسبق لنظام روما، وحالة إمكانية إحالة القضية من مجلس الأمن في حال تهديد السلم والأمن الدوليين لأنه لا يمكن إثارة هذه المسائل إلا من طرف المحكمة بعد تحريك الدعوى الجنائية بشأن انتهاك ما.               

-الاعتماد على البحث الشخصي في موقع المحكمة الجنائية الدولية عن القضايا التي نظرت فيها أو هي طور التحقيق للتعرف على موقف المحكمة من الانتهاكات[2].

-الاعتماد على المعلومات التي وردت في قاعدة البيانات المتعلقة بالتطور الزمني للنزاعات المائية المعد من قبل معهد الباسيفيك[3] بقيادة خبير المياه بيتر جليك المحينة إلى غاية أواخر 2019، المعنية برصد الانتهاكات التي تتعرض لها المياه أثناء النزاعات المسلحة في مناطق متعددة من العالم، ضمن الجدول الذي يحدد تاريخ الانتهاك ومكانه ونوعه والبلد والمنطقة التي وجد فيها، من 3000 قبل الميلاد إلى أواخر 2019[4]،(Water Conflict Chronology, 2019).            وبناء على هذه الاعتبارات فإنه تم التوصل إلى وجود عشرات الانتهاكات المائية في عدة نزاعات مسلحة موزعة جغرافيا حسب المناطق، سيتم توضيحها كما يلي:

الاعتداءات على الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة في قارة إفريقيا وموقف المحكمة الجنائية الدولية منها

لطالما عرفت قارة إفريقيا بعدم الاستقرار بسبب النزاعات والإضطرابات الداخلية، خاصة في منطقة شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، فهل تحركت المحكمة الجنائية الدولية لنظر الجرائم الدولية المرتكبة في حق المياه أثناءها؟

منطقة شمال إفريقيا

عرفت هذه المنطقة نزاعين مسلحين أساسيين يتمركزان في ليبيا والسودان تعرضت فيهما الموارد المائية للاعتداء على قواعد الحماية المقررة لها.

- النزاع في ليبيا

نشأ النزاع المسلح في ليبيا بعد ثورة الشعب ضد نظام الرئيس معمر القذافي إثر الاحتجاجات الشعبية التي شبت بدأً من 15/02/2011 مسايرة الوضع الذي ساد في معظم الدول العربية، تعرضت المياه فيه للاعتداء حيث رصدت 07 حالات انتهاك لقواعد حماية الموارد المائية، تتراوح بين القصف العمدي وتدمير المنشآت المائية، وقطع الإمدادات المائية الضرورية لبقاء المدنيين في مناطق متفرقة من الدولة، خاصة العاصمة طرابلس، آخرها الغارات الجوية ما بين أبريل ويونيو 2019 أين تعرضت البنية التحتية للمياه للتدمير ما حرم سكان طرابلس من هذا المورد.

ورغم أن المحكمة بصدد التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت في ليبيا بعد إحالة ملفها من طرف مجلس الأمن في فبراير 2011 بموجب القرار رقم 1970 كونها غير عضو في نظام روما إلا أن المياه ليست من بين القضايا المثارة (المحكمةالجنائية الدولية، 2011).

- النزاع في السودان

أدت الحرب الأهلية التي نشأت في السودان وبالخصوص في إقليم دارفور والتي تعود أسبابها أساسا إلى تناحر القبائل المحلية على المياه والأرض، إلى ارتكاب العديد من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني(جحيش، 2008)، مرتبطة بالاعتداء على الموارد المائية في الفترة الممتدة من 2003 إلى 2014 وبعض الحالات المتفرقة إلى غاية الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، تتراوح بين التفجير والتدمير العمدي لآبار المياه، تدمير المرافق والبنية التحتية المتصلة بالمياه من أجل حرمان المدنيين منها في عدة مناطق مثل تينا، جبل مرة، زالنجاي، ملكال ومنطقة دارفور عموما، إضافة إلى تسميم المياه وتلويثها سواء بالمواد السامة أو بإلقاء الجثث فيها.

ونتيجة لجسامة الانتهاكات التي ارتكبت تم إصدار مذكرة توقيف واعتقال أعوام 2008 و2009 و2010 من المحكمة الجنائية الدولية بحق عمر البشير وأخرون، وتجدر الإشارة إلى أن السودان ليس طرف في اتفاقية روما أحال مجلس الأمن الدولي ملف دارفور للمحكمة الجنائية بموجب القرار1593  لوجود تهديد للسلم والأمن الدوليين، وقد ورد ضمن جملة التهم المثارة تعمد توجيه هجمات ضد الأعيان الضرورية التي يمنع المساس بها لأهميتها في حياة المدنيين، وتعمد تسميم المياه بما فيها الآبار (المحكمة الجنائية الدولية، 2008) في إطار جرائم الحرب المتابعين عنها، وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل سابقة دولية في مجال الحماية الدولية للموارد المائية.

 في إفريقيا جنوب الصحراء

شهدت هذه المنطقة اضطرابات ونزاعات مسلحة متعددة حيث رصدت انتهاكات متصلة بالمياه في خمس دول.

- النزاع في جمهورية إفريقيا الوسطى

أدى العنف الطائفي المستمر في جمهورية إفريقيا الوسطى بين الميليشيات الإسلامية والمسيحية لعدة عمليات اعتداء على الموارد المائية بتلويثها عن طريق قتل مدنيين مسلمين وإلقاء جثثهم في آبار المياه سنة 2014، لم تتناول المحكمة الجنائية الجرائم المرتكبة في حق المياه مع أنها بصدد التحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية منذ 2002، (Cour Penale Internationale A, 2018).

- النزاع في دولة ساحل العاج

أثمر النزاع القائم في دولة ساحل العاج بين الرئيس لوران غبابوا ومعارضيه المتمردين إلى عنف واسع النطاق (International Criminal Court)[5]، نتج عنه عمليات قتل وتدمير واسعة النطاق امتدت للموارد المائية من خلال تلويثها، حيث عثر على أربعة أبار تحتوي على جثث في منطقتي زراغبو وبها بلي في الفترة مابين 2002-2003.

كما قامت الحكومة سنة 2004 بالهجوم على قوات المتمردين في مدينة بوراك، وقطعت المياه على المنطقة يومين قبل الهجوم الجماعي مع الاستمرار في ذلك طيلة أسبوع كامل وهو ما يتضمن حرمان للمدنيين من الموارد التي لا غنى عنها لبقائهم، ورغم أن المحكمة في طور التحقيق في الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبت بعد فتح المدعي العام لتحقيق من تلقاء نفسه في 03/10/2011 إلا أنها لم تثر جرائم الحرب ضد المياه (International Criminal Court)[6].

- النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية

عاشت الكونغو حربا أهلية في الفترة (1997-2003) انتهت بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الجبهات المتصارعة، وإقامة حكومة انتقالية وانتخاب الرئيس جوزيف كابيلا سنة 2006(بوبشيش، 2013).

أما عن آثار هذا النزاع على الموارد المائية، فإن حوالي ثلث منشآت المياه والبنية التحتية المائية ومرافق المائية قد دمرت بالكامل وتعرضت للنهب، وهو أمر من المفترض أن تنظر فيه المحكمة الجنائية الدولية على أساس أن جمهورية الكونغو هي عضو في نظام روما منذ 01/06/2004 وأنها أحالت قضية الانتهاكات التي ارتكبت للمحكمة من تلقاء نفسها في أبريل من نفس السنة لكن لا توجد أي إشارة للجرائم المرتكبة ضد الموارد المائية بأي شكل من الأشكال (المحكمة الجنائية الدولية)[7].

- النزاع في الصومال

عرفت الصومال نزاعا داخليا طويلا منذ 1991 نتيجة الإطاحة بحكم محمد سياد بري وانتهى الأمر بالتدخل الأجنبي من قبل القوات الإثيوبية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي والقوات الكينية (الموسوعة الحرة)[8].

يلاحظ من خلال توثيق التسلسل الزمني للنزاعات المائية أنه خلال الفترة من 2012 إلى 2017، ارتكبت حركة الشباب المتشددة المتمردة عدة عمليات ضد الموارد المائية باعتبارها مصادر مهمة لبقاء المدنيين، ويتشاركون في استعمالها مع قوات حفظ السلام أو القوات الحكومية، تنوعت بين التسميم، تدمير البنية التحتية للمياه، مضخات المياه، الآبار، وتدمير السدود على طول نهر شبيلي كسلاح لجعل الطرق غير صالحة للاستعمال من قبل القوات الحكومية.

وبالمقابل، ردت الحكومة بنفس الأسلوب للتضييق على المتمردين فقامت سنة 2017 بقطع المياه عن مجتمع باري أثناء مواجهات عسكرية، وهوجمت مصادر المياه من قبل القوات الإثيوبية في مناطق بولوبورتو وحلران لنفس السبب، وبالرغم من أهمية الموارد المائية في هذه المنطقة التي تعاني من الجفاف وضرورة المحافظة عليها كأعيان مدنية، لكن لا توجد أي متابعة دولية بشأنها.

- النزاع المسلح في مالي

عرفت دولة مالي نزاع مسلح طويل الأجل بين السلطة الحاكمة وحركات مسلحة تسعى للسيطرة على مقاليد الحكم منذ جانفي 2012 (Cour Pénale Internationale, 2013) ،  وجدت خلاله حالات اعتداء متعددة على الموارد المائية أبرزها قطع امدادات المياه على مدينة تمبكتو سنة 2013 لاستهداف المسلحين المرافق العامة، وقيام القوات الحكومية بعمليات إعدام بمدن سيفاري وموبتي ونيونو وإلقاء الجثث في آبار المياه، وتدمير المسلحين سنة 2017 مضخات المياه في كوا ودجن وموبتي ما حرم السكان منها، ورغم تحرك المحكمة الجنائية الدولية بشأن الانتهاكات المتعلقة بالتراث الثقافي سنة 2012 ومعاقبة مرتكبيها في إطار قضية أحمد الفقي المهدي (مخلوفي، 2019) إلا أنها لم تحرك ساكنا لحماية المياه.

الاعتداءات على الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة في قارة آسيا وموقف المحكمة الجنائية الدولية منها

عرفت قارة أسيا مؤخرا اندلاع العديد من النزاعات المسلحة ومعظمها يوجد في دول عربية سواء في منطقة آسيا الغربية أو جنوب القارة الأسياوية.

منطقة آسيا الغربية

لطالما عانت هذه المنطقة من عدم الاستقرار لوجود الكيان الصهيوني المعروف بطموحاته التوسعية إضافة للاضطرابات الداخلية التي عاشتها عدة دول.

- النزاع في فلسطين

في إطار النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي تم توثيق حالات متعددة تعرضت فيها الموارد المائية الفلسطينية للاعتداء، ففي 2003 استهدف هجوم إسرائيلي بالطائرات الحربية آبار إمدادات المياه، وخطوط الأنابيب، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تخدم مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، ومع ما يحمله هذا الانتهاك من جسامة لم يتحرك مجلس الأمن لمتابعة الجناة أمام المحكمة الجنائية الدولية بالرغم من دخول نظام روما الأساسي حيز النفاذ قبل سنة من هذه الأحداث.

كما وجدت حالات تدمير أخرى في مناطق متفرقة من فلسطين كالضفة الغربية، الخليل، قرى وادي الناصرية، العقربية، وبيت حسن بوادي الأردن سنة 2011، وأدى الحصار الذي فرض على غزة والهجمات التي باشرتها القوات الإسرائيلية إلى حرمان غزة من مياه الشرب، وتضررت محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وتوقفت منشآت تحلية المياه والعديد من المنشآت المائية والآبار عن تزويد المواطنين بها، وعرقل نقص الكهرباء بقية المنشآت عن العمل بفاعلية، وقامت  باستهداف المنشآت المائية في الفترة مابين 2013-2014، واستعملت إسرائيل المياه كسلاح بحرمان 1500 فلسطيني من إمداداتها  في 17 مقاطعة في الخليل بالضفة الغربية لدفع السكان للنزوح وفتح المجال أمام التوسع الإسرائيلي.

وكحوصلة لجملة الإنتهاكات، فمنذ 2002 استهدفت العمليات الإسرائيلية الموارد المائية الفلسطينية بصفة مباشرة ستة مرات، وكلها تنطوي على خرق للقانون الدولي، ومن أجل وقف الانتهاكات المرتكبة ومعاقبة المنتهكين عن جميع الجرائم، أحالت فلسطين الوضع للتحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية في 22 ماي 2018 بعد انضمامها لنظام روما في  01/04/2015،  ومن بين الجرائم المحالة للمحكمة، الاستيلاء غير المشروع وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة بما فيها الموارد الطبيعية استنادا للمادة 08/ب/04 من نظام روما، مع ترك المجال مفتوحا أمام المحكمة للتحقيق في جرائم أخرى لم ترد في مذكرة الإحالة وارتكبتها إسرائيل منذ 13/06/2014 (Almalk, 2018) وعليه كانت الإحالة صريحة في الإشارة للموارد المائية، ولازالت القضية في مرحلة الدراسة الأولية، ولعل المستقبل سيحمل معه تطورا كبيرا في مسألة حماية المياه .

-النزاع في العراق

تعرضت شبكات المياه لأضرار كبيرة خلال الغزو الذي قادته الو.م.أ وقوات التحالف في العراق للإطاحة بنظام صدام حسين، ولتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل -حسب مزاعمهم-، وشكلت السدود الكبرى أهدافا عسكرية للقوات الأمريكية خاصة في العاصمة بغداد منذ بداية الحملة سنة 2003، لتمتد الأضرار لمعظم الأقاليم العراقية سواء نتجت عن أعمال قوات الاحتلال أو كرد فعل مناهض للاحتلال.

إلى غاية خروج قوات التحالف من العراق في 18/12/2011، رصدت عشرة حالات اعتداء على الموارد المائية بالتدمير أو التسميم أو التفجير، إما بهدف حرمان المدنيين منها أو باعتبارها أهداف عسكرية نتيجة استعمالها من طرف قوات التحالف أو الثوار، ورغم فتح المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق في النشاطات التي أتاها الجنود البريطانيين سنة 2014، منها الاعتداء على الأعيان المدنية، إلا أنها ترى عدم كفاية الادلة لإثبات أركان الجريمة لاسيما ركن العمد (Cour Pénale Internationale B, 2018).

وحتى بعد نهاية التدخل الأجنبي ظل العنف ملازم للعراق لفترة طويلة بسبب وجود تنظيم القاعدة وداعش، ورصدت خلالها 14 حالة اعتداء على الموارد المائية، منها سبعة حالات استهدفت المنشآت المائية كسد الفلوجة، الموصل، حديثة وثرثار، واستعملت مياهها كأسلحة لإغراق المناطق المجاورة أو لحبس المياه عن السكان المدنيين ما قوض أمنهم المائي والغذائي ولم توجد أي إحالة لهذه المسائل للمحكمة الجنائية الدولية والأغلب أن المحاكم الداخلية لم تنظر فيها.

- النزاع في سوريا

تسببت الاضطرابات التي شبت في سوريا منذ 2011 إلى اندلاع نزاع مسلح داخلي مع تدخل قوات أجنبية متعددة، أدى إلى دمار واسع للبنية التحتية في العديد من المدن، حيث وثقت 19 حالة اعتداء على الموارد المائية ومنشآتها بجميع الأشكال والوسائل بصفة عمدية وعرضية، آخرها سنة 2019 أين دمرت حوالي 29 محطة مياه تخدم حوالي 610،000 شخص نتيجة أعمال العنف في شمال غرب سوريا في الفترة من يناير إلى يوليو، ولم تقام المسؤولية الجنائية الدولية بشأنها. 

- النزاع في اليمن

عاش اليمن أيضا انتفاضة الربيع العربي عام 2011، ونتج عنها نزاع مسلح أدى إلى تهديم البنية التحتية الضعيفة أصلا ونتج عنه أزمة إنسانية شديدة، ومقارنة بجميع الحالات التي سبق تناولها يعد الوضع في اليمن هو الأسوأ على الاطلاق في جميع المجالات بما فيها الموارد المائية.

فقد عرفت الفترة من 2011 إلى يناير 2019 حوالي 121 حالة اعتداء على الموارد المائية ومنشآتها بمختلف أنواعها، بما فيها خزانات المياه، الآبار، مصانع تعبئة المياه العذبة، مصانع تحلية المياه، شاحنات نقل المياه، وحتى المشاريع المائية قيد الانجاز لم تسلم من التدمير دون تمييز بين الملكية العامة أو الخاصة، منها ما حدث نتيجة قصف أو تفجير عمدي، ومنها ما كان كآثار عرضية متصلة بأهداف عسكرية، ومعظمها يعد من الموارد التي لاغنى للمدنيين عنها ومن الأعيان المدنية الضرورية لبقاء المدنيين، ومنشآت تحوي قوى خطيرة كسد السوادية  والأقران والهياثم والمحالي والعوض وسد سكام.

ولم تسلم الآليات التي تستعمل في حفر الآبار أيضا من الهجمات العسكرية ما يعني وجود عمل ممنهج يستهدف الموارد المائية، في بلد يعد من أفقر بلدان العالم مائيا، فنصيب الفرد اليمني هو دون خط الفقر المائي بمتوسط 130 متر مكعب(محمد، سبع الليل، 2019)، وهذا ما يفاقم الجريمة الدولية المرتكبة في هذا البلد في حق المياه، والتي تستوجب تحرك المحكمة الجنائية الدولية لوقف الانتهاكات ومعاقبة المعتدين، خاصة وأن اليمن طرف في نظام روما الأساسي منذ سنة 2000.

منطقة جنوب آسيا

عرفت هذه المنطقة ثلاثة نزاعات مسلحة تضمنت اعتداءات على الموارد المائية تتمثل في:

- النزاع في باكستان

في إطار النزاع المسلح الذي تعيشه هذه الدولة منذ سنة 2000، رصدت ثمانية حالات اعتداء على الموارد المائية من سنة 2002 إلى 2016 يدور جلها حول عمليات تفجير ونسف لإمدادات المياه أو لمصادرها كالآبار وأبراج المياه ولم تتحرك أي متابعة دولية بشأنها.

- النزاع في أفغانستان

شنت الو.م.أ حملة عسكرية ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في إطار حربها على الإرهاب، تحولت لاحقا لتدخل أجنبي ضمن حلف الناتو على أفغانستان (2019،,International Criminal Court), ، تجاوزت عمليات القصف التي قامت بها قوات التحالف الأهداف العسكرية وامتدت للموارد المائية حيث استهدفت منشأة الطاقة الكهرومائية في سد كاجاكي بإقليم هلمند، وقطعت الكهرباء عن مدينة قندهار في 2001، وبالمقابل لم تتواني حركة طالبان عن الاعتداء على الموارد المائية خلال الفترة ما بين 2009 و2017 ورصدت خمسة حالات تستهدف الموارد المائية بشكل عمدي بما فيها المنشآت التي تحوي قوى خطيرة، كنسف سد شوراباك في قندهار.

وقد فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في 30/10/2017 عن جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ارتكبت منذ 01/05/2003 -تاريخ دخول نظام روما حيز النفاذ في حق أفغانستان بعد تصديقها عليه- لكن لم تكن الموارد المائية من بين القضايا المثارة (International Criminal Court, 2019).

- النزاع في النيبال

ترجع أسباب الحرب الأهلية في النيبال ما بين 1996 و2006 إلى قيام الحزب الشيوعي الماوي بتمرد في 13/02/1996 بهدف إسقاط الملكية وتأسيس جمهورية شعبية، انتهت الحرب بالتوقيع على اتفاق سلام بتاريخ 21 نوفمبر 2006 (المصطبة، 2019).

لم تسلم الموارد المائية من الاعتداء أثناء هذا النزاع المسلح، ففي 2002 تم تفجير منشأة كبيرة لإنتاج الطاقة الكهرومائية تبلغ قدرتها الإنتاجية 250 كيلووات في مقاطعة بوهوبور، كما دمر الماويون أكثر من سبعة مشاريع صغيرة للطاقة المائية، مستجمع للتزويد بالمياه، وخطوط أنابيب المياه الموجهة لخالانغا في غرب نيبال.

وفي 2006 دمرت العديد من خزانات المياه الصالحة للشرب وخطوط الأنابيب التي توفر المياه لأكثر من 20.000 شخص في منطقتي نارايان وياخاركوت من طرف الحزب الشيوعي، إلى جانب حصيلة إنسانية ضخمة تقدر 18000 قتيل ونزوح 150000 شخص دون تحريك أي متابعة دولية بشأنها (المصطبة، 2019)[9].

الاعتداءات على الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة في قارة أوربا وأمريكا اللاتنية وموقف المحكمة الجنائية الدولية منها

رصد معهد الباسيفيك نزاعا وحيدا في منطقة أوربا الشرقية، وأخر في أمريكا اللاتنية وهما النزاع الأوكراني الروسي، والنزاع الكولومبي تضررت فيهما الموارد المائية بشكل كبير.

النزاع الأوكراني في أوربا الشرقية

عرفت أوكرانيا ثورة شعبية في 2014 أفضت إلى عزل الرئيس الأوكراني فيكتور ياكونوفيتش، فاستغلت روسيا الوضع وقام جنودها بالسيطرة على مواقع مهمة في شبه جزيرة القرم، لتضم هذه الأخيرة عقب الاستفتاء الذي أجري بها في مارس 2014 بعد تصويت السكان لصالح الانضمام لروسيا الاتحادية، ثم تصاعدت المظاهرات المؤيدة لروسيا من قبل جماعات انفصالية في مناطق متعددة من أوكرانيا انتهت بنشوب نزاع مسلح بين الحكومة الأوكرانية والجماعات الانفصالية المدعومة من روسيا دام إلى غاية 2019  (Cour Pénale Internationale B, 2018).

ونتيجة للجرائم التي ارتكبت أثناء هذا النزاع فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في الانتهاكات التي وجدت، وبالرغم من أن أوكرانيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي لكن الحكومة قدمت إعلانا أول بموجب الم 12/03 من نظام روما في 17/04/2014 عن الجرائم التي ارتكبت من 21/11/2013 إلى 22/02/2014 وإعلان ثان يتعلق بالجرائم المرتكبة على أراضيها من 20/02/2014 فصاعدا، ومنذ ذلك الحين والمحكمة تجمع المعلومات عن جرائم حرب متعددة من بينها جريمة تعمد شن هجومات مع العلم بأنها سوف تسبب ضررا مفرطا وفق الم 08/02/ب/04 من نظام روما دون تقديم تفاصيل عنها(Cour Pénale Internationale B, 2018) لكن وجدت معلومات عن وجود استهداف للمياه ومنشأتها بشكل مباشرة، كاستهداف سد ياخموت بزرع ألغام أرضية حوله سنة 2014، وضرب محطة تصفية المياه في منطقة شاشستيا سنة 2015، كما شهدت سنة 2017 سلسلة من الهجمات وجهت لأنظمة الطاقة والمياه تسببت في حرمان ثلاثة ملايين شخص من المياه المأمونة نتيجة الأضرار المتكررة التي طالت محطة تصفية المياه  بدونيتسك، وخط أنابيب مياه دونب ساوث، ومحطات الطاقة التي توفر الكهرباء لأنظمة معالجة وتوزيع المياه، ومحطة ضخ المياه بالكربونيت، وعرف شرق أوكرانيا هجمات متعمدة ومستمرة على مرافق الكهرباء والمياه ما حرم ملايين الأشخاص من المياه المأمونةـ وعليه يمكن أن تكون الموارد المائية ضمن القضايا المثارة وهو ما يمكن أن يشكل مكسبا كبيرا في إطار حماية المياه.

النزاع الكولومبي في أمريكا اللاتينية

ترجع النزاع في كولومبيا إلى منتصف الستينيات من القرن الماضي، عندما اشتد قمع الدولة للشيوعيين في المناطق الريفية، المغذى من الو.م.أ (في إطار الحرب الباردة بين الو.م.أ والاتحاد السوفييتي)، وبالرغم من توقيع اتفاقية سلام بين الحكومة وقوات الجيش الثوري الكولومبي سنة 2016 إلا أن العنف لازال مستمرا إلى غاية بدايات 2020(Amnesty International, 2017).

وفي إطار دراستنا التي تغطي الفترة من 2002 إلى غاية اليوم، تم توثيق انتهاكات فادحة للقانون الدولي الإنساني متصلة بالموارد المائية، رغم أن المحكمة الجنائية الدولية بصدد التحقيق في جرائم حرب منذ سنة 2009 لأن كولومبيا عضو في نظامها الأساسي إلا أن المياه ليست من بينها (Cour Pénale Internationale B, 2018)، والأغلب أنه لم يتم مقاضاة المنتهكين عنها على المستوى الداخلي (هيومان رايت ووتش، 2018).

قامت القوات المسلحة الثورية بعدة جرائم في حق المياه في سنوات 2002، 2003، 2009، 2013، 2014، 2015 تتنوع بين التسميم، كتسميم الامدادات المائية سنة 2002 في مدينتي بيتاليتو وليبورنيا، وتدمير شبكات المياه ومحطات معالجة مياه الشرب، لعل أخطرها تدمير إمدادات المياه والمنشآت المائية بالجزيرة الخضراء سنة 2014 و2015 ما أدى إلى حرمان 13000 شخص من خدماتها، وقصف خط أنابيب للنفط في 2015 تسبب في تسرب النفط لنهر ميرا، وأُعلنت حالة طوارئ في المنطقة نتيجة حرمان 15000 شخص من مياه الشرب لتلوث مصدر مياههم الأساسي.

يستخلص مما سبق أن الحماية الواقعية والفعلية للموارد المائية تعرف ضعفا كبيرا، وأن المبادئ الدولية المقررة بشأنها أثناء النزاعات المسلحة غالبا ما تنتهك أمام مرأى ومسمع الحكومات والدول، وحسب رأينا فإن هذا الأمر راجع لعدم وجود آليات دولية فعالة تعمل على فرض احترامها بالقوة، خاصة وأن الأمر في معظم الأحيان يتعلق بالدول ككيانات قانونية ذات سيادة لا يجوز التدخل في شؤونها الداخلية، فحتى سلطة المحكمة الجنائية الدولية غير كافية لتحقيق الردع، وكثيرا ما تستبعد المياه من جرائم الحرب التي تحقق فيها.

ولكن يلاحظ أن المحكمة منذ 15/09/2016 قد وسعت اختصاصاتها بعد إعلانها عن وضع قائمة أولويات تضم الجرائم المصنفة في خانة «تدمير البيئة، استغلال المصادر الطبيعية والسلب غير القانوني للأراضي» تعمل على التركيز عليها إلى جانب الجرائم ذات البعد الإنساني، وهو ما يفسر تضمين مذكرة الإحالة المقدمة من فلسطين للجرائم المتعلقة بالبيئة والموارد المائية خصوصا (البيطار، 2016)[10].

خاتمة

يستخلص في نهاية الدراسة أن الموارد المائية تتمتع بحماية قانونية واسعة أثناء النزاعات المسلحة خصوصا ضمن نصوص البروتوكولين الملحقين باتفاقيات جنيف لسنة 1977 تتلخص عموما في ثلاثة محظورات أساسية هي: حظر استعمال السم كوسيلة للحرب، حظر تدمير المواد التي لا غنى عنها لحياة السكان المدنيين، وحظر مهاجمة المنشآت التي تحوي قوى خطيرة حيث تصب معظم مبادئ القانون الدولي الإنساني في إطارها.

تدعمت الحماية الدولية للموارد المائية بإنشاء آلية قضائية دولية تتمثل في المحكمة الجنائية الدولية، والتي اعتبرت المحظورات السابقة جرائم حرب تختص بنظرها، إلا أن هذه المحظورات كثيرا ما ارتكبت واقعيا، وهذا ما أظهرته الحالات التي تم رصدها في مناطق متعددة من العالم، أغلبها لم تتحرك المحكمة بشأنها لكن وجدت بعض الحالات التي هي بصدد نظرها ضمن انتهاكات أخرى لم تفصل فيها لحد اليوم كقضية السودان، أوكرانيا وفلسطين.

وعليه تخرج الدراسة بالنتائج والتوصيات التالية:

نتائج

-رغم شمول وتعدد نصوص وأحكام القانون الدولي الإنساني التي توفر الحماية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة غير أنها لا تحترم في الغالب، والحالات المرصودة هي الدليل على ذلك.

-عجز النظام القانوني الدولي الحالي عن حماية الموارد المائية خلال النزاعات المسلحة واقعيا، رغم أهميتها في استمرار الحياة الإنسانية والطبيعية في مناطق النزاع، بالسماح للجناة الإفلات من العقاب عن جرائمهم في حق المياه.

-عدم وجود إرادة سياسية فعلية لحماية الموارد المائية، وهذا يظهر من خلال قلة الحالات التي تعرضت فيها المحكمة الجنائية الدولية لحماية الموارد المائية، مع أن الاعتداء عليها يحدث بشكل كبير وعلى نطاق واسع، فجلها أثيرت في سياق جرائم أخرى، ولم نجد أي إشارة مباشرة للموارد المائية وإنما استخلصناها ضمنيا كونها أثارت قضايا الأعيان المدنية أو المنشآت التي تحوي قوى خطيرة.

توصيات

-لابد من تدعيم قواعد القانون الدولي الإنساني بنصوص قانونية جديدة خاصة بالموارد المائية فقط وعدم ربطها بمسائل أخرى.

-حث الأنظمة الوطنية على إدماج مضمون القواعد القانونية الدولية المتعلقة بحماية الموارد المائية في قوانينها، بما فيها نظام روما الأساسي، لتسهيل تحرك القضاء الوطني بشأنها من أجل معاقبة المنتهكين.

-إنشاء آليات جديدة تحت مضلة الأمم المتحدة خاصة بالمياه، مهمتها رصد الاعتداءات على الموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة، شبيهة بعمل وكالات الغوث الدولية تكون لها فروع في مختلف الدول، تتدخل عندما توجد اعتداءات على الموارد المائية في أي نزاع مسلح تشكل مصدرا موثوقا للمعلومة، وتساعد المحكمة الجنائية الدولية في متابعة الانتهاكات وسرعة التحقيق فيها.



[1] من بين أهم ما جاء في القرار: المادة 1 « المياه التي لا غنى عنها للمحافظة على الصحة والبقاء على قيد الحياة للسكان المدنيين لا ينبغي أن تسمم أو أن يتم جعلها غير صالحة للاستهلاك البشري.»

المادة 2 «منشآت التزويد بالمياه الضرورية كحد أدنى لبقاء لسكان المدنيين لا يمكن قطعها أو تدميرها.

المادة 6»3 - في الأراضي المحتلة، يحظر الاستيلاء، التدمير أو الضرر العمدي لمنشآت المياه مع ضرورة صيانتها والمحافظة على فعاليتها إذا كان ذلك أساسي لصحة وبقاء السكان المدنيين.»

[2]لمن يريد التعمق في هذه المسألة يمكن الرجوع إلى موقع المحكمة الجنائية الدولية. https://bit.ly/3i8ox32

 

[3] معهد الباسيفيك أو المحيط الهادئ هو منظمة بحثية،  مستقلة، غير حكومية، غير ربحية مقرها بكاليفوريا، الولايات المتحدة الأمريكية أنشئ سنة 1987،يهدف لإيجاد حلول للتحديات المائية العالمية ينشط على المستوى المحلي والوطني والدولي، يسعى لتطوير سياسات مائية مستدامة، يضم مجموعة كبيرة من خبراء المياه، ويعمل بالتشارك مع العديد من المنظمات الدولية والوطنية ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالمياه (Pacifique Institute)، ويعتبر مصدر للمعلومات حول النزاعات المائية تعتمد على معطياته معظم الدراسات الأكاديمية وكذا المنظمات الدولية والوطنية المعنية بقضايا المياه

 

[4] سيلاحظ القارئ قلة التوثيق فيما سيأتي من البحث لأن كل المعلومات موجودة في جدول التطور الزمني للنزاعات المائية الموجود على موقع معهد الباسيفيك، وكذا موقع المحكمة الجنائية الدولية.

- Pacifique Institute. https://bit.ly/2YChQhW  

-International criminal court. https://bit.ly/3i8ox32

 

[5]URl: https://bit.ly/33I4Ad0

 

[6]URl: https://bit.ly/33I4Ad0

 

[7]https://bit.ly/3hC030F

 

[8]https://ar.wikipedia.org

 

[9]URL:https://bit.Ly/33gl0oe

 

[10]URL: https://bit.ly/35SY9X

 

المراجع

-بوبشيش، رفيق. 2013،النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية: سماته ودوافعه، المجلة الجزائرية للأمن والتنمية، العدد 04.

-الحسيني، فراس. 2009، الحماية الدولية لموارد المياه والمنشآت المائية أثناء النزاعات المسلحة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.

-المنظمة الاستشارية القانونية الآسيوية الإفريقية، 2017، المحكمة الجنائية الدولية: التطورات الأخيرة، نيودلهي.

- جحيش، عبد السالم محمد سليمان. 2018، دور الأطراف الخارجية في النزاعات الدولية: دراسة حالة النزاع في إقليم دارفور، المركز الديمقراطي العربي، ألمانيا.

-زناتي، مصطفى. 2015/2016، الحماية الدولية لموارد المياه والمنشآت المائية أثناء النزاعات المسلحة، (دكتوراه منشورة)، الجزائر 1.

-عزيز، حسن.2018، مسؤولية المقاتل عن انتهاك القانون الدولي الإنساني، مركز الدراسات العربية، مصر.

-عواشرية، رقية. 2014، الحماية الدولية للمياه والموارد المائية زمن النزاعات المسلحة، الشريعة والقانون، العدد 59، جامعة الإمارات العربية المتحدة، الإمارات العربية المتحدة.

- القنطار، بسام. 2016 المحكمة الجنائية الدولية توسع اختصاصاتها... الجرائم البيئية تحت قوس لاهاي، https://bit.ly/35SY9Xc.

- المحكمة الجنائية الدولية.2011، التقرير الأول المقدَّم من المدِّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 1970، https://bit.ly/2RDT0Kl.

-المحكمة الجنائية الدولية. 2008، التقرير الثامن للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عملاً بقرار المجلس رقم 1593/ 2005، https://bit.ly/2ZLZcod.

-المحكمة الجنائية الدولية. الوضع في جمهورية الكونغو، قضية رقم. ICC-01/04، https://bit.ly/3hC030F.

- مخلوفي، خضرة. 2019، «تعامل المحكمة الجنائية الدولية مع جريمة الاعتداء على التراث الثقافي-حالة المالي أحمد الفقي المهدي-»، ملتقى المحكمة الجنائية الدولية: جدلية العدالة واللاعقاب حصيلة عقدين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة سطيف 2، الجزائر.

- محمد، سحر. سبع الليل، أحمد. 2019، من اليمن إلى مصر.. الأمن المائي حلم يراود البلدان النامية، المستقبل أون لاين، https://bit.ly/3mu166B.

- المصطبة. أهم المعلومات عن الحرب الأهلية في النيبال، https://bit.ly/33GL0Oe.

- هيومان رايت ووتش. 2018، تأثير المحكمة الجنائية الدولية على القضاء الوطني دروس من كولومبيا، جورجيا، غينيا والمملكة المتحدة، الوم أ، https://bit.ly/2QYC5CD.

-الموسوعة الحرة. الحرب الأهلية الصومالية، ويكيبيديا، https://ar.wikipedia.org.

-Amnesty International.  2017, La situation des droits humains en Colombie, Déclaration écrite, https://bit.ly/3g4RhrY. 

-Cour Pénale International A. 2018, Situation en république Centrafricaine II, https://bit.ly/3hGOOEm.

-Cour Pénale Internationale B. 2018, Rapport sur les activités menées en 2018 en matière dexamen préliminaire, https://bit.ly/3g3qr3q. 

-International Criminal Court. Situation in Cote dIvoire. https://bit.ly/33I4Ad0 

-International Criminal Court. 2019, Situation in the Islamic republic of Afghanistan, Pre-trial chamber II, https://bit.ly/2ZKE0z2

-International Criminal Court. https://bit.ly/3i8ox32.

- Pacifique Institute. Water Conflict Chronology, https://bit.ly/2YChQhW.  

-Postel, Sandra. Wolf, Aaron. 2001, “Dehydrating Conflict”, Foreign Policy, September/October.

-Tignino Mara. 2009, “Water Security in Times of Armed Conflicts”, Hexagon Series on Human and Environmental Security and Peace, Vol.4, Springer.

- Tignino, Mara. 2011, Leau et la Guerre : Elément pour un Régime Juridique, Bruylant, Bruxelles.

-Maliki, Riad. 2018, Referral by the State of Palestine Pursuant to Articles13 (a) and 14 of the Rome Statute, The State of Palestine, https://bit.ly/32DkcPS.

-Wouters, Patricia. Vinogradov, Sergei. 2008, “Water Security, Hydro Solidarity, and International Law: A River Runs Through It, Yearbook of International Environmental Law, Vol. 19, Oxford University Press, New York.

@pour_citer_ce_document

خضرة مخلوفي / مصطفى بن عبد العزيز, «الحماية الدولية للموارد المائية أثناء النزاعات المسلحة بين الأحكام القانونية والواقع العدواني»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 130143,
Date Publication Sur Papier : 2022-12-06,
Date Pulication Electronique : 2022-12-06,
mis a jour le : 06/12/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9033.