معيار (مشاكلة اللفظ المعنى) في تأويل الزركشي للمفردة القرآنيةThe standard of (conformity of the pronunciation and meaning) in the interpretation of al-Zarkashi for the Quranic word La norme (similitude prononcé-sens) dans l’interprétation d’al-Zarkashi pour le mot coranique
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 20-2023

معيار (مشاكلة اللفظ المعنى) في تأويل الزركشي للمفردة القرآنية
La norme (similitude prononcé-sens) dans l’interprétation d’al-Zarkashi pour le mot coranique
The standard of (conformity of the pronunciation and meaning) in the interpretation of al-Zarkashi for the Quranic word
ص ص 159-165
تاريخ الاستلام 2022-12-28 تاريخ القبول 06-11-2023

عراس فيلالي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يعد «الزركشي» (-794هـ) واحدا من أهم أعلام أواخر القرن الثامن الهجري حيث كان له أثر بالغ على النقد والبلاغة وإعجاز القرآن، وذلك من خلال طريقته الخاصة في التأويل والوصف والتحليل، وقد اتبع الرجل -من ضمن أدواته البحثية- معيارا تأويليا فاحصا التزمه في غالب تعليلاته لنظم الجمل وبعض المفردات، وهو (مشاكلة اللفظ المعنى)، وسنحاول من خلال هذا العمل عرضَ أهمِّ القضايا اللغوية المتعلقة بالمفرد في تأويل «الزركشي» للنص القرآني خصوصا، مبرزين الآلية التي انتهجها للتعليل والترجيح والإقناع

Azarkachi est considéré comme l’un des érudits les plus éminents de la fin du huitième siècle de l’hégire grâce à son influence sur la critique, la rhétorique ainsi que sur tout ce qui a trait au dogme de l’inimitabilité du coran. Ceci est dû à son sens particulier d’interprétation, de description et d’analyse. Ce maitre-penseur a adopté (parmi ses approches critiques) une norme de critique avec laquelle il s’est engagé dans ses justifications dans le mode des phrases ainsi que quelques mots. Ceci est connu sous le nom (similitude prononcé-sens). Nous essayerons à travers de ce travail d’exposer les principales questions linguistiques relatives au lexique dans l’interprétation de Azarkachi du texte coranique, en soulignant le mécanisme qu’il a suivi pour l’explication, la préférence et la persuasion

Al-Zarkashi (-794 AH) is considered as one of the most important scholars of the late eighth century AH, as he had a great impact on criticism, rhetoric, and the miraclousness, through his own method of criticism, description, and analysis. Among many methods, he followed one and kept him in most of his analyses of organizing phrases and certain terms the conformity of the pronunciation and meaning. through this work, we will try to present the most important linguistic issues related to the singular in al-Zarkashi’s criticism of the Qur’anic text in particular, highlighting the critical mechanism he used for reasoning and persuasion

Quelques mots à propos de :  عراس فيلالي

Dr. Arres Filali المدرسة العليا للأساتذة، آسيا جبار، قسنطينة، الجزائر arresfilali28@gmail.com

مقدمة

لقد كانت قضية اللفظ والمعنى منذ فجر العربية من أبرز اهتمامات الباحثين الأوائل والأواخر؛ من زمن «سيبويه»(180هـ) فـ«الجرجاني» (471هـ) إلى غاية «الزركشي» و«السيوطي» (911هـ)، بل إنّ نقد الباحثين في اللغة لا يخلو من هذه الثنائية البارزة؛ إذ نلاحظ أنّ جل مباحث النقد العربي قائمٌ على هذين الكيانيْن سواء ارتبط بعضُهما ببعض، أو استقل بعضهما عن بعض، وتتربع على جملة واسعة من العلوم كالإعراب والصرف والنظم والاتساع والتأويل، والمحكم والمتشابه والبلاغة، ولا نبعد إذا قلنا أنّ عمود الشعر العربي قائمٌ أكثرُه على هذه الثنائية، (البخيتاوي، 2013م).

ولقد استُعملت بادئ الأمر في عهد «أرسطو» (322ق.م) تحت مسمى (الهيولى والصورة)، (العمرو والعجلان، (1425هـ-1426هـ))؛ ثم انتقلت إلى الفكر العربي تحت مسمى (إشكالية اللفظ والمعنى عن طريق «كلثوم بن عمرو العتابي»(210هـ) و»بشر بن المعتمر الهلالي» (210هـ)، و»الجاحظ» (255هـ) و»ابن المدبر»(279ه)، (فيلالي، 2018).

وقد انشغل بعض النقاد بها واختلفوا فيها اختلافا خطيرا حتى سماها «إحسان عباس» (1423هـ) بالثنائية المضللة؛ (عباس، 1983) لأنها جعلت نقاد القرن الرابع الهجري ينحازون إلى طرف دون آخر؛ راصدين أدلتهم وحججهم في سبب إيثار ذلك الطرف على أخيه، وعلى العموم فقد استعمله العقلاء على أنه معيار نقدي فاحص، حاولوا من خلاله التأليف بين اللفظ والمعنى، فجعلوهما عملتيْن لوجه واحد، وحاصل ما وصلوا إليه أنّ المعنى تابع للفظ، فالطول في اللفظ يستلزم معنى طويلا، والزيادة في اللفظ تقتضي الزيادة في المعنى، والغرابة في الأول عائدة إلى وجود غرابة في الثاني وهلم جرا.

وقد استعمل المصطلح من وجهة نظر نقدية عند نقادنا العرب منهم: «الآمدي» (370ه) و»القاضي»(392هـ) و»المرزوقي»(421هـ) تباعا، حيث كان من أهم معايير عمود الشعر العربي (غركان، 2004)  الدّالِ على فحولة الشاعر وتقدّمه على أقرانه، يقول المرزوقي في الكشف عنهما وبيانهما: (فإذا حُكِمَا بحسن التباس بعضها ببعض، لا جفاء في خلالها ولا نُبُوٍّ، ولا زيادة فيه ولا قصور، وكان اللفظ مقسومًا على رتب المعاني: قد جُعل الأخصُّ للأخصِّ، والأخسُّ للأخسِّ فهو البريء من العيب) (المرزوقي، 1424هـ-2003م).

ولقد انتبه «الزركشي» إلى هذا المعيار الدقيق في تفكيك المركب والمفرد في كتاب الله -عز وجل-، وزاد على ما نظر له النقاد متكئا على طبعه النقدي السليم؛ وتمرسه العلمي الدقيق، فأنتج لنا تحليلا متفردا في هذا البحث، أثرى به خزانة الدراسات العربية، وسنحاول رصدَ هذا المنجز الإبداعي في عمله، وتجليةَ ما يتعلق بالمفرد فحسب، وإن كان الرجل قد اهتم بالمفرد والمركب، وأولاهما عناية بالغة في كتابه، غير أنّ تركيزنا يصب في مجال المفرد؛ لأننا لاحظنا اهتمام الدارسين بالوظيفة النحوية، أو كل ما يتعلق بالنحو الوظيفي، مغفلين الجانب الإفرادي أو ما سميناه في هذا البحث بالوظيفة الصرفية عند الزركشي.

مشاكلة اللفظ للمعنى في المفرد

الزيادة في المبنى تقتضي زيادة في المعنى

لعل أوّل من أشار إلى هذه القضية في تراثنا النقدي -فيما وقفت عليه- هو «سيبويه»؛ حيث تحدث عن الصيغ الموضوعة لتكثير الفعل فقال في كتابه: (... تقول: كسَرتُها وقَطَعْتُها، فإذا أردت كثرة العمل قلت: كسَّرتُه وقطَّعته ومزَّقته) (سيبويه، 1408هـ-1988م)

ولقد استثمر النقاد هذا القول البلاغي في تعليلاتهم لجملة من المفردات، ويتضح تناول «الزركشي» لهذا المعيار من خلال تفرّده في تأويل هذه الزيادة؛ حيث لا نجده يكتفي بإطلاق لفظ الزيادة في المعنى فقط، وإنما يتعداه إلى تأويلات دقيقة تنمّ عن ذوق نقدي وبلاغي أصيل.

فمن النماذج التي اكتفى بتضمنها معنى زائدا قوله: فـ (مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍ ﴾(القمر: 42)، فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ [قَادِرٍ] لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُ قَادِرٌ مُتَمَكِّنُ الْقُدْرَةِ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ عَنِ اقْتِضَاءِ قُدْرَتِهِ وَيُسَمَّى هَذَا قُوَّةُ اللَّفْظِ لِقُوَّةِ المعنى. وكقوله تعالى: ﴿وَٱصۡطَبِرۡ﴾(مريم: 65)، فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ مِنَ [اصْبِرْ]، (الزركشي، 1376هـ-1957م)

فنلاحظ من خلال هذين النموذجين التزامه بمبدأ الزيادة فقط، واقتصاره على عبارة (أبلغ) و(القوة) فحسب، ولقد استشف النقاد هذا لأنهم تعاملوا مع اللغة مثل تعاملهم مع العلاقات الإنسانية، فاللغة كيان يخضع لقوانين علمية تقترب من قوانين البشر، (كشاش، 1420هـ، 1999م)، وعليه فالمعنى يتمدد تمدد اللفظ، ويُختزل مع اختزاله، كالروح والجسد، و «الزركشي» يجعل اللفظ قالبا للمعنى فينبغي أن يكون وعاءً من جنسه.

وله الكثير من المفردات التي ناقشها على شاكلة (واصطبر)، كما في (يصرخون ويصطرخون) ﴿يَصۡطَرِخُونَ﴾(فاطر: 37)، (الزركشي، 1376هـ-1957م)، ويتجلى اتكاؤه على من سبقه ك»الزمخشري» و»الفراهيدي» في قوله:(وقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَكُبۡكِبُواْ فِيهَا﴾(الشعراء: 94)، وَلَمْ يَقُلْ: [وَكُبُّوا] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْكَبْكَبَةُ تَكْرِيرُ الْكَبِّ. جَعَلَ التَّكْرِيرَ فِي اللَّفْظِ دَلِيلًا عَلَى التَّكْرِيرِ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّهُ إِذَا أُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ [يَنْكَبُّ] كَبَّةً مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَسْتَقِرَّ فِي قَعْرِهَا) (الزركشي، 1376هـ-1957م).

غير أننا نلتمس نماذجَ أخرى لم يكتف بتقليدها وسام الزيادة فحسب، وإنّما نفد إليها بذكائه في التأويل والاستنباط؛ حيث فحص وناقش وحلل واستخلص، فمن هذا الصنف قوله: (وَقَوْلِهِ: (﴿لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ﴾ (البقرة: 286)، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ السَّيِّئَةُ ثَقِيلَةً وَفِيهَا تَكَلُّفٌ زِيدَ فِي لَفْظِ فِعْلِهَا)، (الزركشي، 1376هـ-1957م)

فالزيادة عنده هاهنا زيادة تكلف واستثقال، وهي نكتة بلاغية يضيفها «الزركشي» إلى هذا المعيار التحليلي الصارم الذي ينتهجه، وتتجلى هذه الإضافات أيضا في بعض التقييدات التي يجعلها العلماء في أواخر قواعدهم العلمية؛ حيث نرى القاعدة -بعد استفاضة في شرحها وبيان وجوهها- يأتي العلماء إلى استخراج ما شذ عن بابها، أو محاولة إيجاد مبررات علمية  في سبب الخروج عن القاعدة، فمن ذلك وقوف «الزركشي» على صيغة التكثير في (فَعَل) المضعف،  وأنّه دال على الكثرة لا المَرَّة كما في (أفعل)، فـ(نزّل) الكتاب/الغيث، غير (أنزل) الكتابَ/ الغيث؛ إذ الأولى تدل على نزوله متواترا، والثانية تدل على نزوله دفعة واحدة، يقول: (فإن قلت: ﴿فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا﴾ (البقرة: 126)، مُشْكِلٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ [فَعَّلَ] لِلتَّكْثِيرِ، فَكَيْفَ جَاءَ [قَلِيلًا] نَعْتًا لِمَصْدَرِ [مَتَّعَ] وَهَذَا وَصْفُ كَثِيرٍ بِقَلِيلٍ وَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ). ثم يجيب باطمئنان شديد: (قلت: وصفت بِالْقِلَّةِ مِنْ حَيْثُ صَيْرُورَتِهِ إِلَى نَفَادٍ وَنَقْصٍ وَفَنَاءٍ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

من خلال هذا النموذج نرى قاعدتيْن اثنتيْن،كانت الثانية تابعة للأولى؛ حيث اقتضت القاعدة الأولى جعل صيغة (فَعَّلَ) للتكثير، ثم جاءت القاعدة الثانية مصرحة بامتناع تقليل الكثير، وجاء النقد والاستخلاص في الأخير إلى أنّ سبب هذا الخروج هو زوال ذلك الكثير وفنائه، فهو رغم كثرته مقيد، والقاعدة رغم اطرادها تخضع دائما إلى السياق، فدلالتها على الأصل لا يعني التزامها وجها دلاليا واحدا.

وعلى هذه الشاكلة يسير «الزركشي» في تتبعه لزائدات المباني، ولا تخلو كل تتبعاته من مثل هذه الإضافات التأويلية والبلاغية الحسنة.

مشاكلة المعنى للّفظ رغم إبدال الحروف المتكافِئة في المخرج

هذا باب لطيف جدا من أبواب تداخل المعاني لتداخل الألفاظ، يريدون به تطابق المعنى ولو كان اللفظ مغايرا في بعض ألفاظه، غير أنهم يشترطون في اللفظ المغايرِ أن تكون حروفُه المبدلَةُ من جنس المبدَلِ منه في المخرج، فالعرب تُبدل الحروف بعضَها مكان بعض، ويبقى المعنى نفسُه، قال «ابن مالك»: (وقَعَ التكافؤ  في الإبدال بين الطاء والدال والتاء، وبين الميم والباء، وبين الثاء والفاء، وبين الكاف والقاف، وبين اللام والراء ...) (الجياني، 1967م).

ولقد استثمر «الزركشي» هذه القاعدة في معيار مشاكلة المعاني، فقال: (مِنْ كَلَامِهِمْ إِبْدَالُ الْحُرُوفِ وَإِقَامَةُ بَعْضِهَا مَقَامَ بَعْضٍ يَقُولُونَ: مَدَحَهُ وَمَدَهَهُ، وَهُوَ كَثِيرٌ أَلَّفَ فِيهِ الْمُصَنِّفُونَ وَجَعَلَ مِنْهُ ابْنُ فَارِسٍ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ﴾(الشعراء: 63)، فَقَالَ: فَالرَّاءُ وَاللَّامُ مُتَعَاقِبَانِ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: فَلَقُ الصُّبْحِ وَفَرَقُهُ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

فنلاحظ أنّ القاعدة مطردة عند بعض علمائنا الأوائل ك «سيبويه» و «ابن جني» و«ابن فارس» وغيرهم، وهي باب في التفسير اعتمده العلماء في البرهنة على أنّ الجذر اللغوي قد يحمل أصلا، لا يختلف مع بقية الأصول حتى لو اختلف في تركيبِه حرفٌ يكون من نفس مخرج الحرف المبدل منه، مثل (جاس) و(حاس)، و(أزَّ) و(هزّ)، و(بصع) و(بزع)، و»الزركشي» هاهنا يذكر تطابق معنى (المدح) و(المده)، كما فعل من قبله الفراهيدي، (الخليل، د ط)، وإنما فعل هذا كونهما (الحاء والهاء) من مخرج الحلق، وكذا الراء واللام في (فرق)، و(فلق)، كونهما من الحروف البينيّة التي جعلها علماء الأصوات بين الرخوة والشديدة والمجموع جميعها في قولنا (لن عمر) (الجزري، 2020م).

وعلى اعتبار تناوب الحرفين في بعض الألفاظ يؤوّل الشيخ معنى قوله تعالى: ﴿وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۢ﴾ (الأنعام: 100)، فيقول: (إن خرقه واخترقه وخلقه واختلقه بمعنى هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فِي الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ، وَقَوْلُ قُرَيْشٍ فِي الْمَلَائِكَةِ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

إنّ اعتمادَ منهجِ المشاكلة في الإبدال منهجٌ في التأويلِ أصيلٌ، حري أن تعقد له دراسة مستقلة؛ وذلك أنّ وقوفنا على حرفين فقط وهما (الراء) و(اللام) أسفر عن منهج كامل في تحليلات الرجل وتعليلاته، بل مازلنا نراه يعتمد على الحرفين في التخريج والتأويل حيث يقول: (وَزَعَمَ «الْفَارِسِيُّ» فِي تَذْكِرَتِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنِّيٓ أَحۡبَبۡتُ حُبَّ ٱلۡخَيۡرِ ﴾(ص: 32)، أَنَّهُ بِمَعْنَى حُبِّ الْخَيْلِ، وَسُمِّيَتِ الْخَيْلُ خَيْرًا لِمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنَ الْعِزِّ وَالْمَنَعَةِ كَمَا رُوِيَ:» الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ»، وَحِينَئِذٍ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

لقد قادت قاعدة المشاكلة هذه «الزركشيَّ» إلى النبوغ في التأويل السهل الميّسر، فهي أداة بحث كاشِفة، تتغلل في المفردة وتقلبها على وجوه متعددة لتستخرج منها كلَّ معانيها الوافية، وهو لا يتحرّج في تطبيق هذا المعيار على نصوص العربية؛ لأنّ له ما يدعمه من كلام العرب، ومن معاجم اللغة، غير أنّ تحرّجه نراه سافرا في تورّعه من أن يعتمد القارئ الصيغة للتعبّد دون استناد عنده إلى دليل شرعي صحيح، فالرجل وقّاف على شرع الله، يعتمد اللغة في الشرح والتأويل والاستنباط، لكن يظل قريبا من النّقل والأثر، فما لا يثبت بنص قاطع لا يجوز التعبّد به، وقد نبّه على هذا في مواضعَ عدةٍ، تماما كما فعل مع لفظتي (جاسوا) و(حاسوا)، في قوله تعالى: ﴿فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ﴾ (الإسراء: 05)، قال: (قُلْتُ: ذَكَرَ «ابْنُ جِنِّيٍّ» فِي «الْمُحْتَسِبِ»: أَنَّهَا قِرَاءَةُ «أَبُو السَّمَّالِ»، وَقَالَ: قَالَ «أَبُو زَيْدٍ» - أَوْ غَيْرُهُ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا هُوَ [فَجَاسُوا] فَقَالَ: حَاسُوا وَجَاسُوا وَاحِدٌ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرَّاءِ يَتَخَيَّرُ بِلَا رِوَايَةٍ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ).

ثم بعد أنّ فنّد القراءة دون رواية قال: (وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ «ابْنُ جِنِّيٍّ» غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ إِلَّا بِالرِّوَايَةِ ... وَقَائِلُ ذَلِكَ والقارئُ بِهِ هُوَ أَبُو السَّوَّارِ الْغَنَوِيُّ، لَا أَبُو السَّمَّالِ ... وَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِذَلِكَ تَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْغَرَضُ كَمَا جَازَتْ بِالْأُولَى فَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ وَأَسَاءَ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

فلا عجب أن يخلص «الزركشي» إلى هذه التأويلات المرضية؛ كونها تقوم على أداة بحثية متينة، تثبت أمانتها ورصانتها كلما عُرضت الألفاظ عليها.

الفصل والوصل في اللفظ يدل على الفصل والوصل في المعنى

من أغرب ما اهتدى إليه «الزركشي» هذا التخريج العجيب؛ وهو أنّ الفصل اللفظي إنما يتم بسبب فصل في المعنى، وسنحاول الوقوف على ما وقف عليه في هذا الباب، يقول: (اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْصُولَ فِي الْوُجُودِ تُوصَلُ كَلِمَاتُهُ فِي الْخَطِّ كَمَا تُوصَلُ حُرُوفُ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، وَالْمَفْصُولُ مَعْنًى فِي الْوُجُودِ يُفْصَلُ فِي الْخَطِّ كَمَا تُفْصَلُ كَلِمَةٌ عَنْ كَلِمَةٍ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

ولا يسعنا تتبع ما قام به الشيخ جملة وتفصيلا، وإنما نورد بعض الألفاظ التي ذكرها محاولين استجلاء معنى المشاكلة في الوصل والفصل، يقول: (فَمِنْهُ «إِنَّمَا» بِالْكَسْرِ كُلُّهُ مَوْصُولٌ إلا واحدا: ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَأٓتٖۖ ﴾ (الأنعام: 134)؛ لِأَنَّ حَرْفَ (مَا) هُنَا وَقَعَ عَلَى مُفَصَّلٍ: فَمِنْهُ خَيْرٌ مَوْعُودٌ بِهِ لِأَهْلِ الْخَيْرِ، وَمِنْهُ شَرٌّ مَوْعُودٌ بِهِ لِأَهْلِ الشَّرِّ، فَمَعْنَى (مَا) مَفْصُولٌ فِي الْوُجُودِ وَالْعِلْمِ) (الزركشي، 1376هـ-1957م)

فالفصل على هذا الاعتبار يعني الفصل والتفصيل على حسب قاعدة «الزركشي»، والوصل يعني الإلصاق والإجمال، هذا ما يبدو من خلال شرحه لمعنى الفصل هنا، ولعل نماذج أخرى كفيلة ببيان هذه القاعدة، يقول: (مِنْهُ «أَنَّمَا» بِالْفَتْحِ كُلُّهُ مَوْصُولٌ إِلَّا حَرْفَانِ: ﴿وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ﴾ (الحج: 62).﴿وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ﴾ (لقمان: 30)، وَقَعَ الْفَصْلُ عَنْ حَرْفِ التَّوْكِيدِ؛ إِذْ لَيْسَ لِدَعْوَى غَيْرِ اللَّهِ وَصْلٌ فِي الْوُجُودِ، إِنَّمَا وَصْلُهَا فِي الْعَدَمِ وَالنَّفْيِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الْمُؤْمِنِ: ﴿أَنَّمَا تَدۡعُونَنِيٓ إِلَيۡهِ لَيۡسَ لَهُۥ دَعۡوَةٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَلَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ (غافر: 43)، فَوَصَلَ أَنَّمَا فِي النَّفْيِ، وَفَصَلَ فِي الْإِثْبَاتِ لا لِانْفِصَالِهِ عَنْ دَعْوَةِ الْحَقِّ).(الزركشي، 1376هـ-1957م)

إذن، فلأنّ دعوى غير الله باطلةٌ فصل الله تبارك وتعالى (أنّ ما)؛ إذْ الفصلُ فيها دليل على انقطاعها وتمزقها وعدم وجودها حقيقة، ووصلها في العدم لأنّ إثباتها في الباطل أجدر، ونفيها في الحق أحق. هكذا حاول «الزركشي» تخريج هذا النمط من التشاكل في الفصل والوصل،ـ ومن جنس ما ذهب إليه هنا صنيعه في لفظة (كلما)، والجدول التالي مختصرٌ لما قام به :

جدول (01):نموذج تأويل الزركشي للفصل والوصل في لفظة (كلما)

كلّ ما

 

 

كلّما

-﴿كُلَّ مَا رُدُّوٓاْ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُواْ فِيهَاۚ﴾ (النساء: 91)، فَمَا رُدُّوا إِلَيْهِ لَيْسَ شَيْئًا وَاحِدًا فِي الْوُجُودِ بَلْ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ ...، وَصِفَةُ مَرَدِّهِمْ لَيْسَتْ وَاحِدَةً بَلْ مُتَنَوِّعَةً فَانْفَصَلَ (مَا) لِأَنَّهُ لِعُمُومِ شَيْءٍ مُفَصَّلٍ فِي الْوُجُودِ.

-﴿وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ﴾ (إبراهيم: 34)، فَحَرْفُ (مَا) وَاقِعٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مُفَصَّلَةٍ فِي الْوُجُودِ

-﴿كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةٗ رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُۖ﴾ (المؤمنون: 44)، وَالْأُمَمُ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْوُجُودِ فَحَرْفُ (مَا) وَقَعَ عَلَى تَفَاصِيلَ مَوْجُودَةٍ لِتُفَصَّلَ ج1، ص418

 

-﴿كُلَّمَا جَآءَهُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُهُمۡ فَرِيقٗا كَذَّبُواْ وَفَرِيقٗا يَقۡتُلُونَ ﴾ (المائدة: 70)، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ...

- ﴿كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا﴾ (البقره: 25)، هَذَا مَوْصُولٌ لِأَنَّ حَرْفَ مَا جَاءَ لِتَعْمِيمِ الْأَزْمِنَةِ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهَا فِي الْوُجُودِ وَمَا رُزِقُوا هُوَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ ...

ج1، ص418

إنّ هذه النماذج كفيلة بإيضاح أنّ اجتهاد «الزركشي» في التأويل بمعيار المشاكلة مجدٍ وموصل إلى نتائج مرضية، هي دليل على أنّه يتحرى الحق بهذا المنهج التأويليٍّ والموضوعي؛ حيث يجعله الحكمَ الكاشفَ عن جوهر المفردة، لا يحيد عن قانونه، ونتائجُه لا تتعارض مع معنى الآية، أو مع ما رجح العلماء على أنّها المعنى المقصود منها.

لعلنا لا نغالي إذا قلنا أنّ الزركشي قد دعا إلى ربط التركيب اللفظي بالوظيفة اللغوية؛ فإذا كان علماء اللسان قد عنوا بالنحو الوظيفي، ورأوا أنه ربط التراكيب المختلفة بوظيفتها اللغوية، فـ»الزركشي» ها هنا يؤسس إلى (صرف وظيفي)، ويُحيل إلى أنّ بنية اللفظة له معنى في ذاته بصرف النظر عن حروفه ومعناه، فصيغة (أفعل) مثلا عد لها «أبو حيان الأندلسي» حوالي أربعةً وعشرين معنى، (الأندلسي، 1413هـ ـ 1993م)، وقل ذلك في حروف الزيادة كـ (است) والهمزة والتضعيف وما كان على وزن (فعلان) وهلم جرا ...

وهذا الصنيع من العلماء دليل بارز على اهتمامهم بالوظيفة المترتبة عن تصريفات الكلمة، وهي إحالة إلى الاهتمام بالوظيفة الصرفية الناجمة من المفردة، يقول أحد المحدثين في دراسة لظاهرة التحول في الصيغ الصرفية فيما يتعلق منها بالجانب الدلالي: (فإن الزيادة لها علاقتها المباشرة بالمعنى حقيقة أو مجازًا، وكذلك ما في الصيغ من الصيرورة والسلب والإزالة والاستحقاق وسواهما) (ياقوت، 1986م)

و«الزركشي» في هذا الباب لا يستنكف من  إدخال معيار المشاكلة لإبراز الدلالة اللغوية الذي تفرزه اللفظة سواء طُوّلت أو وُصلت أو قُطعت، بل إن ربط البنية اللغوية بوظيفتها قد جعل لكل غرض أو وظيفة تؤدى بواسطة اللغة وجها من التصريفات خاصا بها، وهذا ما سماه «عبد القاهر الجرجاني» – عند توضيحه لحقيقة النظم في الكلام – بمصطلح الوجوه والفروق، (الجرجاني، 1413هـ-1992م)؛ أي أنَّ وجوه البنيات تختلف بحسب فروق المعاني، غير أن «الجرجاني» يتحدث عن التراكيب والنظم، والزركشي ها هنا يتحدث عن اللفظ والاشتقاق.

خاتمة

لقد أسفر البحث عن جُهد منهجيٍّ مُتقَنٍ في الكشف والتأويل قام به صاحب البرهان، وركّز هذا البحث على الجانب الإفرادي في العبارة القرآنية، وإلا فقد اعتنى الرجل في كتابه بمعيار المشاكلة من أبوابه الصوتية والصرفية والنحوية، وربط كل من هذه الجوانب الثلاثة بالوظيفة الدلالية، ولا يسعنا ها هنا أن نجليَ جميع الجوانب الخاصة بهذه الأداة الإجرائية الصارمة، إلا أنّ هذه العيّنة الخاصة بالمفرد قد أبانت عن أداة تأويلية دقيقة، بإمكانها الولوج إلى أي نص، لتُظهر جميع الجوانب الإبداعية الخاصة به، وقد خصّها «الزركشي» بكتاب الله عز وجل، ليجعله النموذج المُحتذى به؛ لأنّ تطبيقها فيما بعد على النص البشري كفيلٌ ببيان محاسنه وعيوبه على حد سواء

ابن الجزري. (2020م). الجزرية،المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه (المجلد الطبعة الثانية). (تحقيق: عبد المحسن بن محمد القاسم، المحرر)

ابن مالك الطائي الجياني. (1967م). تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد. (تحقيق: محمد كامل بركات، المحرر) بيروت: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر.

أبو حيّان الأندلسي. (1413هـ ـ 1993م). تفسير البحر المحيط (المجلد الطبعة الأولى). (تحقيق عادل أحمد عبد الموجود و علي محمد معرض، المحرر) بيروت: دار الكتب العلمية.

أبو علي المرزوقي. (1424هـ-2003م). شرح ديوان الحماسة (المجلد الطبعة الأولى). (تحقيق: غريد الشيخ، وضع فهارسه العامة: إبراهيم شمس الدين، المحرر) بيروت، لبنان: دار الكتب العلمية.

إحسان عباس. (1983). تاريخ النقد الأدبي عند العرب (المجلد الطبعة الرابعة). بيروت، لبنان: دار الثقافة.

الفراهيدي الخليل. (د ط). كتاب العين. دار ومكتبة الهلال: بيروت.

آمال بنت عبد العزيز العمرو، و محمد بن إبراهيم العجلان. ((1425هـ-1426هـ)). الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بتوحيد الربوبية. المملكة العربية السعودية، جامعة محمد بن سعود الإسلامية.

بدر الدين بن بهادر الزركشي. (1376هـ-1957م). البرهان في علوم القرآن (المجلد الطبعة الأولى). (تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المحرر) دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركائه.

رحمن غركان. (2004). مقومات عمود الشعر الأسلوبية في النظرية والتطبيق. دمشق: اتحاد الكتاب العرب.

سيبويه. (1408هـ-1988م). الكتاب (المجلد الطبعة الثالثة). (تحقيق: عبد السلام محمد هارون، المحرر) القاهرة: مكتبة الخانجي.

عبد القاهر الجرجاني. (1413هـ-1992م). دلائل الإعجاز (المجلد الطبعة الثالثة). (تحقيق: محمود شاكر، المحرر) جدة: دار المدني.

عراس فيلالي. (2018). مسارات النقد العربي القديم (عرض لمراحل تطور النقد وأبرز قضاياه) (المجلد الطبعة الثانية). عين سمارة، قسنطينة: منشورات فاصلة.

عماد محمد محمود البخيتاوي. (2013م). مناهج البحث البلاغي عند العرب، دراسة في الأسس المعرفية (المجلد الطبعة الأولى). بيروت: دار الكتب العلمية.

محمد سليمان ياقوت. (1986م). ظاهرة التحويل في الصيغ الصرفية. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.

محمد كشاش. (1420هـ، 1999م). الحب والإعراب، دراسة موازنة بين نحو الجَنان ونحو اللسان. بيروت: المكتبة العصرية، صيدا

@pour_citer_ce_document

عراس فيلالي, «معيار (مشاكلة اللفظ المعنى) في تأويل الزركشي للمفردة القرآنية»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 159-165,
Date Publication Sur Papier : 2024-01-24,
Date Pulication Electronique : 2024-01-24,
mis a jour le : 24/01/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9701.