البطالة في الجزائر: بين الأسباب وطرق المعالجةUnemployment in Algeria: Between Causes and RemediesLe chômage en Algérie : entre les causes et les solutions
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


N°02 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 21-2024

البطالة في الجزائر: بين الأسباب وطرق المعالجة
Le chômage en Algérie : entre les causes et les solutions
Unemployment in Algeria: Between Causes and Remedies
164-171
تاريخ الاستلام 2024-02-26 تاريخ القبول 16-10-2024

توفيق بوخدوني / شريفة العيد
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie
تعتبر ظاهرة البطالة من الظواهر الأكثر انتشارا في معظم بلدان العالم، وذلك باعتبارها أصبحت من الأسس التي يقوم عليها الاستقرار الاجتماعي لأفرادها، فانعدام وجود مناصب شغل دائمة ومستقرة وثابتة بالنسبة لها يجعل أغلب أفرادها أكثر عرضة وقابلية لمختلف المشاكل النفسية والاجتماعية في المجتمع.
إذ حاولنا من خلال هذه الدراسة التعرف على أهم الأسباب والعوامل بروز هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري والتي أصبحت هاجس كل فرد بطال، والتي أرهقت كاهل الدولة من أجل إيجاد الحلول وسبل وطرق معالجتها، لأنها من الظواهر السلبية التي يترتب عليها الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تحدث في داخل المجتمع.
معلومات حول المقال
 
الكلمات المفتاحية:البطالة ,الاسباب ,طرق المعالجة 
Le phénomène du chômage est l’un des plus répandus dans la plupart des pays du monde, car il est désormais considéré comme un pilier essentiel de la stabilité sociale des individus. L’absence de postes de travail permanents, stables et sécurisés rend la majorité des individus plus vulnérables aux divers problèmes psychologiques et sociaux au sein de la société.
À travers cette étude, nous avons tenté d’identifier les principales causes et facteurs de l’émergence de ce phénomène dans la société algérienne, qui est devenu une préoccupation majeure pour chaque individu sans emploi et un fardeau pour l’État dans sa quête de solutions et de moyens pour y remédier. En effet, il s’agit d’un phénomène négatif qui engendre de nombreuses problématiques sociales au sein de la communauté.      
 
Mots clés: Le chômage ,Causes,Méthodes de traitement  
The phenomenon of unemployment is considered one of the most prevalent phenomena in most countries around the world, as it has become one of the foundations upon which the social stability of its individuals relies. The lack of permanent, stable, and steady job positions makes most of its individuals more susceptible to various psychological and social problems within society.
Through this study, we attempted to identify the most important reasons and factors leading to the emergence of this phenomenon in Algerian society, which has become a concern for every unemployed individual. It has burdened the state in finding solutions and ways to address them, as it is one of the negative phenomena that lead to many social problems occurring within society.
 
Keywords:Unemployment ,Causes,Treatment methods  

Quelques mots à propos de :  توفيق بوخدوني

Dr. Toufik Boukhdouni   جامعة محمد الصديق بن يحي جيجل، الجزائر  toufik.boukhdouni@yahoo.com

Quelques mots à propos de :  شريفة العيد

Dr. Chérifa Elaid   جامعة 08 ماي 1945 قالمة، الجزائر  chérifa.elaid@univ-alger2.dz
مقدمة
تعتبر البطالة من المظاهر العالمية غير أن حجمها يتفاوت من بلد لآخر، كما تتفاوت درجة المعاملة الإنسانية التي يتلقاها الفرد العاطل من مجتمعه ونسبة العاملين في أي مجتمع، إذ تعتبر مقياس هام لمستوى الصحة النفسية التي يعيشها السكان ومن المعلوم أن البطالة مشكلة عويصة تعاني منها كل الشعوب على اختلاف أجناسهم.
لكن هذا لا يعني أنه ليس هناك حل نافع للحد من آثارها على المجتمع، وقد أصبحت من أخطر المشاكل التي تواجه المجتمعات لكونها تشكل إهدار العنصر العامل البشري، مع ما يتبع ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية وخيمة كما تشكل بيئة خصبة لتفشي التطرف وأعمال العنف والذي يمكن اعتباره سبب رئيسي في انخفاض مستوى معيشة أغلبية المواطنين، فجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة وأن تعطيل تلك الطاقة الجسدية أدت إلى البطالة بسبب الفراغ، مما أدى إلى مشاكل كثيرة في بعض بلدان العالم إلى مشاكل أساسية معقدة، أطاحت ببعض الحكومات، وتؤكد الإحصاءات أن هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب وبالتالي يعانون من الفقر، الحاجة، الحرمان وتدهور أوضاعهم الصحية.
مشكلة الدراسة
ظاهرة البطالة من أهم التحديات التي تواجه اقتصاديات جميع دول العالم، وذلك راجع لكونها من المشاكل ذات الأبعاد التاريخية والجغرافية ومدى ارتباطها بمراحل التطور الاقتصادي، إذ حظي هذا الموضع باهتمام المفكرين والباحثين الاقتصادیین على اختلاف مدارسهم وأفكارهم عبر الفترات الزمنية المتعاقبة، باعتبار تنوع أشكالها هو أحد العناصر المفسرة لتنوع التحاليل حول فهمها وتفسيراتها وأبعادها.
فتعددت بذلك تفسيراتها واقتراح الحلول لمواجهتها بتعدد هذه المدارس و الاتجاهات الاقتصادية، واختلفت السبل و الطرق الكفيلة لتجاوزها والتي ارتبطت أساسا بالدورة الاقتصادية، فمواجهة هذه الأزمة تعتبر من بين أهم التحديات التي يجب رفعها في الظروف الراهنة وخاصة في المستقبل، هذه المشكلة التي مست عدد كبير من مختلف فئات الجزائريين بمختلف شرائحه، فالبطالة في الجزائر تعد السبب الرئيسي والأول لتفشي ظاهرة الفقر والجوع والحرمان، ما ترتب عنها من انتشار عدة أفات اجتماعية خطيرة والتي هددت أمن المجتمع ككل، فقد أكدت دراسة مشتركة بين الديوان الوطني للإحصاء والبنك العالمي بأن مسألة الفقر في الجزائر سببها عدم الحصول على منصب عمل قبل التركيز على تدهور القدرة الشرائية، خاصة وأن البطالين في الجزائر لا يستفدون من أي تعويضات أو حماية اجتماعية، كما هو الشأن في بعض البلدان المتقدمة، من هذا المنطلق تحاول الدراسة الإجابة عن ما يلي:
-ما المقصود بمصطلح البطالة؟ 
-وما هي أنواعها، أسبابها وآثارها؟ 
-وما هي الحلول المقترحة لمعالجتها؟
أهمية الدراسة
تكمن أهمية الدراسة إلى تنبيه عن مدى خطورة ظاهرة البطالة ومعرفة أهم الأسباب التي ساهمت في ظهورها، هذه الأخيرة التي انتشرت بشكل مخيف ورهيب في السنوات الأخيرة في الجزائر والتي مست وأثرت على مختلف شرائح وفئات المجتمع، نظرا لما ترتب عنها من آثار سلبية داخله والتي تعتبر السبب الأول لانتشار مختلف المشكلات الاجتماعية خاصة الانحراف والجريمة، كل هذا من أجل إيجاد حلول محاربتها والتصدي لها والتخفيف من أثارها في المجتمع. 
أهداف الدراسة
نهدف من خلال هذه الدراسة إلى معرفة ما يلي:
-الإحاطة الشاملة بموضوع البطالة عامة وفي الجزائر خاصة.
-محاولة تحليل واقع البطالة في الجزائر والخروج بأهم التوصيات والاقتراحات التي من شانها أن تساعد على تقليص نسبتها مقارنة بالدول الأخرى المجاورة. 
تعريف البطالة
إن البطالة مظهر من مظاهر الخلل في البناء الاقتصادي وتعتبر ظاهرة اقتصادية واجتماعية لها أبعاد تاريخية، وتعين وجود فئة نشيطة بدون عمل أي قادرين على العمل ولا يعملون بسبب عدم وجود فرص للعمل بالرغم أنهم يبحثون عن العمل بشكل متواصل وجدي. (الزواوي، 2004)
في علم الاجتماع» عرفت بأنها حالة خلو العامل من العمل مع قدرته عليه ليس خارجا عن إرادته، وهي التعطل الاختياري الذي يعود إلى نقص العمل».
أنتوني غيدنز «يقول أن البطالة تعني أن الفرد يقع خارج نطاق قوة العمل». (جامع، 2008)
أنواع البطالة 
للبطالة أنواع مختلفة وفيما يلي أهمها:
توجد عدة أنواع من البطالة وهي تختلف بناءا على مجموعة من العوامل مثل الفترة الزمنية والأسباب الرئيسية والتأثيرات الاقتصادية، وفي ما يلي بعض أنواع البطالة الشائعة:
البطالة الطوعية (Frictional Unemployment)
تحدث عندما يبحث الأفراد عن وظائف جديدة أو يتغيرون بين الوظائف بشكل طبيعي، إذ يمكنها أن تحدث هذا لعدة أسباب مثل انتهاء صلاحية عقد العمل أو الرغبة في الانتقال إلى وظيفة أفضل.
البطالة الهيكلية (Structural Unemployment)
تحدث نتيجة التغيرات الهيكلية في الاقتصاد، مثل تقلبات في الصناعات أو التكنولوجيا التي قد تجعل بعض المهارات غير مطلوبة، مثلا إذا كانت الصناعة الأساسية للمنطقة تتغير من الصناعة التصنيعية إلى الخدمات قد يؤدي ذلك إلى بطالة هيكلية للعمال غير المؤهلين للعمل في الخدمات.
البطالة الدورية (Cyclical Unemployment)
تحدث بسبب تقلبات الدورة الاقتصادية. عندما ينخفض الطلب الاقتصادي وتقل الأنشطة الاقتصادية، يقوم الشركات بتخفيض عدد العمالة لديها، مما يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، وبمجرد ارتفاع الطلب مرة أخرى قد يتم استعادة بعض الوظائف المفقودة.
البطالة الهيكلية (Seasonal Unemployment)
تحدث بشكل دوري بسبب التغيرات الموسمية في الطلب على العمالة، مثلا في بعض الصناعات مثل السياحة أو الزراعة يكون الطلب على العمالة أعلى في بعض الأوقات من السنة وأقل في أوقات أخرى.
البطالة الطويلة الأمد (Long-term Unemployment)
يشير إلى الأفراد الذين يبحثون عن عمل لفترة طويلة ولم يجدوا فرص مناسبة للعمل، هذا قد يكون بسبب عوامل مثل قلة المهارات أو العوائق الجغرافية أو غيرها من العوامل الاقتصادية والاجتماعية.
 أسباب تفشي ظاهرة البطالة 
تفاوت أسباب البطالة باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية في كل بلد ومجتمع، ومن بين الأسباب الشائعة للبطالة يمكن تقسيمها إلى عدة فئات:
البطالة الدورية
يمكن أن تكون البطالة ناتجة عن تقلبات في الاقتصاد مثل الركود الاقتصادي أو التباطؤ الاقتصادي الذي يؤدي إلى تقليل الإنتاج وتقلص الفرص الوظيفية.
البطالة التقنية
تنجم عن تطور التكنولوجيا والتحولات في أساليب الإنتاج، حيث يتم استبدال العمالة البشرية بالآلات والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تقليل عدد الوظائف المتاحة في بعض القطاعات.
قلة المهارات
يمكن أن يكون البطالة ناتجة عن عدم توافق المهارات التي يمتلكها الأفراد مع متطلبات سوق العمل، وقد لا يكون المتقدمون للعمل لديهم المهارات اللازمة للوظائف المتاحة.
التفاوت الجغرافي
قد يكون هناك تفاوت في توزيع الفرص الوظيفية بين المناطق الحضرية والريفية، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة في بعض المناطق.
السياسات الاقتصادية
قد تؤثر السياسات الحكومية والتشريعات العمالية على سوق العمل، سواء كان ذلك عن طريق زيادة تكلفة التشغيل للشركات أو عن طريق تشجيع الاستثمارات وخلق فرص العمل.
عوامل اجتماعية
مثل تفاوت الفرص بين الجنسين وتمييز العمر والانحياز العرقي، وغيرها من العوامل التي قد تؤثر على فرص العمل وتزيد من معدلات البطالة بين بعض الفئات الاجتماعية.
هذه بعض الأسباب الشائعة للبطالة وغالبا ما يكون البطالة ناتجة عن تفاعل متعدد الجوانب بين هذه العوامل وغيرها.
الآثار الناجمة عن البطالة 
إن البطالة تؤثر على المجتمع ككل وعلى الفرد باعتباره البنية الأساسية في المجتمع وفيما يلي تلخيص لأهم الآثار على كليهما:
تباطؤ النمو الاقتصادي
مثلا خلال الفترات الاقتصادية الصعبة مثل الركود يقل الإنتاج والاستهلاك، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات وتقليل الطلب على العمالة مما يزيد من معدلات البطالة.
تغيرات في السوق العملية
مثلا تقدم التكنولوجيا في قطاع معين قد يؤدي إلى اندماج وظائف محددة أو استبدالها بالآلات الذكية، مما يترك بعض العمال بدون وظائف، وبالتالي زيادة معدلات البطالة في هذا القطاع.
قلة التعليم والمهارات
 كمثال نقص التعليم أو تأهيل العمال قد يؤدي إلى انخفاض جودة العمالة وعدم توافق المهارات مع متطلبات سوق العمل، مما يزيد من صعوبة الحصول على فرص عمل.
السياسات الحكومية
مثال ذلك سياسات الحكومة التي لا تستثمر في التعليم وتدريب العمال، أو التي تعمل على تقليل النشاط الاقتصادي قد تزيد من معدلات البطالة بشكل سلبي.
عوامل ديمغرافية
مثلا الزيادة السريعة في عدد السكان دون مواكبة الاقتصاد لتلبية احتياجاتهم الوظيفية قد تؤدي إلى زيادة في معدلات البطالة، بالخصوص بين فئات الشباب الذين يبحثون عن فرص عمل جديدة.
آثار البطالة على الفرد والمجتمع
على الفرد
-التأثير النفسي: يمكن أن تسبب البطالة ضغط نفسي كبير على الأفراد مما يؤدي إلى الاكتئاب والقلق وانخفاض مستويات الثقة بالنفس.
-التأثير الاجتماعي: قد تؤدي البطالة إلى العزلة الاجتماعية وفقدان الاتصال بالمجتمع مما يمكن أن يؤدي إلى شعور بالعزلة والعدم الانتماء.
-التأثير الاقتصادي: يمكن أن تؤدي فترات البطالة الطويلة إلى ضياع الدخل والإفلاس الشخصي، مما يؤدي إلى مشاكل مالية خطيرة وصعوبة في تلبية الاحتياجات الأساسية.
على المجتمع
-زيادة الفقر: تزيد معدلات البطالة من مستويات الفقر في المجتمع، مما يؤثر على الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
-الاضطرابات الاجتماعية: قد تؤدي البطالة إلى زيادة في معدلات الجريمة والاضطرابات الاجتماعية، حيث يمكن أن يلجأ بعض الأفراد إلى الأنشطة الإجرامية كوسيلة للبقاء.
-تراجع الاقتصاد المحلي: تؤثر معدلات البطالة العالية على الاقتصاد المحلي بشكل سلبي من خلال تقليل الإنتاجية وزيادة الاعتماد على الدعم الحكومي.
وعليه يمكننا أن تكون البطالة عبئ جد ضخم على الأفراد والمجتمعات، وقد تتطلب استجابات فعالة على المستويين الفردي والجماعي للتعامل مع تحدياتها والحد من تأثيرها السلبي.
النظريات المفسرة لظاهرة البطالة 
هناك اختلاف في وجهات النظر والطرح بين الباحثين في تفسير النظريات البطالة حسب وجهة نظر كل مدرسة:
النظرية الكلاسيكية
في مقاربة اقتصادية متمايزة، يتم ربط مشكلة البطالة بعدة عوامل تتضمن المشكلة السكانية وتراكم رأس المال والنمو الاقتصادي، إلى جانب الطاقة الإنتاجية والاقتصاد القومي. يربط هذا التحليل بالتأثير المتبادل بين هذه العوامل، حيث يمكن أن يؤدي تراكم رأس المال إلى تحسين الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة، لكنه في الوقت نفسه قد يزيد من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وفي هذا السياق يؤكد أصحاب النظرية الاقتصادية على أهمية تحقيق التوازن الاقتصادي بموجب قوانين العرض والطلب، مما يجعل البطالة على نطاق واسع غير ممكنة بالنظر إلى القوانين السائدة في السوق، وبالتالي ينظر الاقتصاديون إلى تراكم رأس المال في الأجل الطويل كمفتاح لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في المجتمع.»
النظرية النيوكلاسيكية
تميل النظرية النيوكلاسيكية إلى الاعتماد على نظرية التوازن العام، حيث يفترض أن التوازن يتحقق في سوق السلع والخدمات وسوق العمل نتيجة لارتباط حجم العمالة بالعرض والطلب على العمل، إذ يعتبر التحليل النيوكلاسيكي مبني على فكرة تجانس وحدات العمل وحرية تنقل اليد العاملة ودور المنافسة في شراء وبيع قوة العمل.
ومع ذلك فإن هذا التحليل النيوكلاسيكي قد يعتبر محدود في التفاعل مع تحديات البطالة وتغيرات سوق العمل الحديثة، فإنه يفترض حالة التوظيف التام دون إيلاء اهتمام كبير لمشكلة البطالة، وذلك بالنظر لتبنيه لقانون ساي للأسواق الذي قد لا ينطبق تمامًا على الواقع.
بالإضافة إلى ذلك ينظر التحليل النيوكلاسيكي إلى التغير التكنولوجي كمتغير خارجي يتطور بشكل منفصل عن مستوى التطور الاقتصادي، لكن الواقع يظهر أن التكنولوجيا تتفاعل بشكل وثيق مع الاقتصاد وقد تؤثر بشكل كبير على سوق العمل ومعدلات البطالة.
هذه المقاربة المغايرة تسلط الضوء على تحديات نظرية التوازن العام النيوكلاسيكية وتشير إلى أهمية إعادة النظر في النظريات التقليدية لفهم تأثيرات متغيرات الاقتصاد الحديثة على سوق العمل ومعدلات البطالة.
النظريـات الحديثـة للبطالـة
بينما يقدم منحنى فيليبس ونظرية أوكون نظريات حديثة تفسر علاقات معدلات البطالة بالتضخم والنمو الاقتصادي، تطرح أفكار كوندراتيف وجوزيف شومبتر تفسيرًا تكنولوجيًا للبطالة، إذ تعتمد هذه النظريات على فهم الأثر الذي يمكن أن تكون للتقنية والابتكار على السوق العمل، حيث تقترح أن تقدم التكنولوجيا والتحسينات الإنتاجية قد تؤدي إلى زيادة في البطالة بسبب استبدال العمالة البشرية بالتكنولوجيا.
بالإضافة إلى ذلك تقدم نظرية البحث عن العمل وتجزئة سوق العمل تفسيرات لارتفاع معدلات البطالة بناءا على عوامل هيكلية ومؤسسية في سوق العمل، مثل عدم التوافق بين مهارات العمال ومتطلبات سوق العمل وتوزيع غير عادل للدخل والثروة.
وعليه من خلال هذه النظريات المتعددة يعتبر فيليبس أنه من الممكن تحقيق توازن بين معدلات البطالة والتضخم، حيث يظهر أن هناك تناقضًا حتميًا بينهما. بالتالي، إذ يقترح الاعتدال بين سياسات مكافحة البطالة وسياسات مكافحة التضخم لتحقيق استقرار اقتصادي متوازن.
الحلول المقترحة للحد من ظاهرة البطالة
تعتبر مكافحة البطالة في البلدان المتخلفة تحديا هاما إذ تتطلب استراتيجيات متعددة ومتكاملة، وفي ما يلي بعض الحلول المقترحة:
-تعزيز التعليم والتدريب المهني: تقديم فرص تعليمية وتدريبية عالية الجودة تساعد على تزويد الشباب بالمهارات والمعرفة اللازمة لدخول سوق العمل وتوليد فرص عمل جديدة في القطاعات ذات الطلب المرتفع.
-تعزيز ريادة الأعمال ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: تقديم الدعم المالي والتقني والاستشاري للمقاولين الصغار والمتوسطين لتشجيعهم على إنشاء وتوسيع الشركات وخلق فرص عمل جديدة.
-تنمية البنية التحتية: استثمارات في البنية التحتية الأساسية مثل الطرق والمواصلات والاتصالات تسهل عمليات الإنتاج وتجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
تعزيز القطاعات الاقتصادية الحديثة: دعم وتشجيع القطاعات الاقتصادية الناشئة مثل التكنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة التي تعتبر مصدر جد مهم للوظائف والنمو الاقتصادي.
-التحفيز الحكومي وتطبيق السياسات الاقتصادية الفعالة: تحسين بيئة الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم حوافز ضريبية ومالية للشركات والمستثمرين.
-تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي والدولي: تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول المجاورة والشركات العالمية قد تسهم في توسيع قاعدة الأسواق وزيادة فرص التوظيف.
-تعزيز المساواة والشمولية: تبني سياسات تعزز المساواة بين الجنسين وتوفر فرص العمل للفئات الهامشية والمهمشة مثل الشباب والنساء وذوي الإعاقة.
-تطوير السياحة والزراعة: استثمار في القطاعات ذات القدرة على توفير فرص عمل مثل السياحة والزراعة، وتعزيز التسويق للمنتجات المحلية لزيادة الإنتاج والتصدير.
-تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد: تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في القطاع العام والخاص لتعزيز الثقة بين المستثمرين وخلق بيئة استثمارية مستقرة ومواتية.
-الاستثمار في الابتكار والبحث والتطوير: دعم الأبحاث والابتكارات التكنولوجية والعلمية التي يمكن أن تسهم في إيجاد حلول جديدة للمشكلات الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة في الصناعات الناشئة.
إذن فتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي يتطلب جهود مشتركة ومتكاملة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مع التركيز على تنمية القدرات البشرية وتحسين بيئة الأعمال لدعم النمو الاقتصادي المستدام وإيجاد فرص عمل شاملة للجميع.
واقع البطالة في الجزائر
تعد مشكلة البطالة مشكلا حقيقيا تعاني منه الجزائر في السنوات الأخيرة حيث بلغت نسبة البطالة سنة 1999 ب 29.3% مقارنة بسنة 1996 والتي قدرت ب 33%، كنتيجة لإعادة الهيكلة الاقتصادية والتي يترتب عنها تسريح العديد من العمال وفقدان منصب عمال بين فترة 1989 و 1990، هذا حسب معطيات تقرير المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي سنة 2004، ثم انخفضت إلى 27.30% سنة 2001، لتنخفض أكثر سنة 2003 إلى 23.7%، أما عدد السكان الناشطين في هذه الفترة حسب معطيات المكتب الدولي للتشغيل يقدر بحوالي 9.7% مليون في سبتمبر 2005، أي بنسبة 24.7% أكثر بقليل من سنة 2004، أما نسبة التشغيل 34.7%، لتقدر نسبة البطالة بـ 17.3% سنة 2005، بعد أن كانت 17.7% في سنة 2004، فيما لا يزال سعي الحكومة الجزائرية متواصل وفق مخططاتها ومشاريعها التنموية الفترة الممتدة إلى غاية 2014، إلى تقليص دائرة البطالة قدر الإمكان عبر مراحل تدريجية وبلوغ المستوى المطلوب. (الدين، 2003)
أسباب البطالة في الجزائر
-التوزيع غير المتوازن للسكان في الجزائر يعتبر واحد من العوامل الرئيسية وراء مشكلة البطالة في البلاد، فقد يتسبب التمركز السكاني الكبير في المناطق الساحلية مثل الجزائر، وهران، عنابة، قسنطينة، وغيرها في تحديد توفر فرص العمل والموارد الاقتصادية في هذه المناطق، بينما تظل المناطق الداخلية والصحراوية ذات كثافة سكانية منخفضة وتفتقر إلى فرص العمل والموارد الاقتصادية.
-عدم التوازن في توزيع فرص العمل والإمكانيات الاقتصادية يؤدي إلى انتقال السكان من المناطق النائية إلى المناطق الحضرية، مما يزيد من الضغط على سوق العمل في هذه المناطق ويؤدي إلى زيادة معدلات البطالة، خاصة بين الشباب.
-تواجه المؤسسات التعليمية تحديات في توفير برامج تعليمية تتماشى مع احتياجات سوق العمل. فعدم توفر التدريب المهني والمهارات العملية الضرورية يمكن أن يؤدي إلى تخريج أفراد غير مؤهلين للعمل، مما يزيد من فجوة المهارات ويؤدي إلى زيادة معدلات البطالة.
-ضعف نمو المشاريع الاقتصادية وإفلاس بعض المؤسسات الاقتصادية يقلل من الفرص المتاحة للعمل ويزيد من معدلات البطالة، كما يقلل من الاستثمارات في تطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة.
ولمعالجة مشكلة البطالة في الجزائر يجب تبني سياسات حكومية تعزز التوزيع العادل لفرص العمل والاستثمارات في جميع المناطق، بالإضافة إلى تحسين جودة التعليم وتوفير برامج تدريبية تتناسب مع احتياجات سوق العمل، كما يتطلب الأمر دعم ريادة الأعمال وتشجيع تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
إحصائيات البطالة في الجزائر
بلغ معدل البطالة بالجزائر 11.7% في سبتمبر 2018، مقابل 11.1% في أفريل 2018 أي بزيادة 0.6% نقطة خلال هذه الفترة لكنها بقيت مستقرة مقارنة بسبتمبر 2017 أي (11.7% أيضا) حسب ما أعلن عنه الديوان الوطني للإحصائيات.
وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 12 مليون شخص في سبتمبر الماضي مقابل 1.378 مليون شخص في أفريل 2018 و1.44 مليون شخص في سبتمبر 2017.
 وارتفع معدل البطالة لدى الرجال منتقلا من 9% في أفريل 2018 إلى 9.9% في سبتمبر 2018 حسب الديوان الوطني للإحصائيات، أما فيما يخص معدل البطالة لدى النساء عرف انخفاض ضعيف حيث انتقل من 19.5% في أفريل 2018 إلى 19.4% في سبتمبر 2018، وقد تم ملاحظة فوارق  معتبرة حسب العمل ومستوى التكوين والشهادة المتحصل عليها، حسب نتائج التحقيق الذي أعده الديوان تحت عنوان «النشاط الاقتصادي والتشغيل والبطالة» في سبتمبر 2018، أما فيما يخص معدل البطالة لدى الشباب من الفئة العمرية 16 إلى 24 سنة بلغ 29.1% في سبتمبر الماضي مقابل 26.4% في أفريل، أما لدى الفئة 25 سنة وما فوق فقد بلغ 8.9% في سبتمبر 2018، حيث قدرت بـ 7.4% لدى الرجال و 15.2% لدى النساء، وبخصوص توزيع الشهادات المتحصل عليها فإن توزيع نسبة البطالة سجلت 668.000 بطال غير حاصلين على شهادة أي نسبة 45.7% من مجموع البطالين، ويعتبر كل بطال شخص عمره بين 16 و59 سنة دون عمل مع تصريحه بالاستعداد للعمل وشروعه في البحث عن شغل خلال فترة معينة. (غاردنيز، 2000)
بعض الحلول المقترحة للحد من ظاهرة البطالة في الجزائر
تحسين مناخ الاستثمار يعتبر خطوة أساسية لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل عن طريق توفير بيئة استثمارية ملائمة ومشجعة، حيث يتمكن رواد الأعمال من تأسيس المشاريع الجديدة وتوسيع نطاق الأعمال القائمة مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتوظيف المزيد من العمال.
-إزالة القيود التنظيمية والقانونية تسهم في تشجيع الاستثمار وتقليل التكاليف الإدارية على الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال تبسيط الإجراءات وتخفيض البيروقراطية يمكن للشركات تحقيق كفاءة أكبر وتحسين فعالية أعمالها مما يعزز فرص التوظيف ويساهم في تحقيق النمو الاقتصادي.
-التركيز على المشروعات المصغرة والمتوسطة يعد حل فعال لخلق فرص العمل، حيث تعتبر هذه المشاريع محرك رئيسي للتنمية الاقتصادية المستدامة وتشغيل العمالة، وبفضل حجمها الصغير والمرونة التي تتمتع بها يمكن أن تكون هذه المشاريع أكثر قدرة على استيعاب القوى العاملة المحلية وتلبية احتياجات السوق المحلي.
-تشجيع التعليم الفني والمهني يسهم في تطوير مهارات العمالة وتلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة، وذلك من خلال توفير التدريب المهني المناسب والتأهيل للشباب يمكن تجهيزهم بالمهارات والخبرات اللازمة للعمل في القطاعات ذات الطلب المرتفع على العمالة الماهرة.
-تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل يمثل خطوة حاسمة نحو تعزيز فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة بتحقيق المساواة بين الجنسين وتوفير فرص العمل المتساوية يمكن تعزيز دور المرأة كقوة عاملة فعالة وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
-تأهيل الشباب حديثي التخرج من خلال توفير برامج تدريبية وتعليمية تتوافق مع احتياجات سوق العمل يساهم في تلبية متطلبات الشركات والمؤسسات، ويزيد من فرص التوظيف للشباب الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة.
خاتمة:
من خلال كل ما عرضناه في هذه الورقة البحثية عن مفهوم البطالة ومسبباتها في الجزائر يمكن القول: 
من خلال النظر إلى دراستنا حول مفهوم البطالة ومسبباتها في الجزائر، يتضح أن البطالة تمثل أكثر من مجرد حالة عدم وجود عمل للأفراد، بل هي نتيجة لتشابك مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتداخل مع بعضها البعض لخلق بيئة غير ملائمة لتوفير فرص العمل، إذ تعتبر البطالة ظاهرة معقدة تتطلب فهم جد شامل للظروف والعوامل التي المؤثرة فيها.
إذ شهدت الجزائر تطورات اقتصادية واجتماعية كبيرة على مر السنين، ولكن رغم ذلك فإن مشكلة البطالة ما زالت تشكل تحديا جد كبير، فقد أظهرت الإحصائيات والبيانات المقدمة في الدراسة أن معدلات البطالة في الجزائر قد تجاوزت الحدود المقبولة، مما يعكس تأثيرها السلبي على المجتمع بشكل عام. تترتب على البطالة تداعيات وتأثيرات سلبية على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك النواحي المادية والمعنوية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعليه فمن الضروري بشكل ملح إيجاد حلول فعالة لمعالجة هذه المشكلة العابرة للحدود، والتي تتطلب تدخلا شامل من قبل الحكومة والمجتمع بأسره، وينبغي على الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة أن يتحدوا الجهود للعمل على توفير فرص العمل وخلق بيئة اقتصادية مشجعة للاستثمار والنمو الاقتصادي، كما يجب أن لا يتم التسامح مع هدر الطاقات الشابة التي تتخرج كل سنة، بل يجب استغلالها بشكل فعال لتعزيز التنمية المستدامة وبناء مستقبل مزدهر للبلاد.
لذا فإن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في الجزائر يتطلب التركيز على معالجة جذور مشكلة البطالة وتقديم الحلول الفعالة التي تضمن توفير فرص العمل للشباب وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع ككل
ادوارد غاردنيز. فرص العمل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. صندوق النقد الدولي: مجلة التمويل والتنمية، د ط، 2000.
خالد الزواوي. البطالة في الوطن العربي المشكلة والحل. مصر: مجموعة النيل العربية، 2004.
محمد علاء الدين. البطالة. مصر: دار النهضة العربية، د ط، 2003.
محمد نبيل جامع. البطالة قنبلة موقوتة. مصر: جامع الإسكندرية، د ط، 2008.

@pour_citer_ce_document

توفيق بوخدوني / شريفة العيد, «البطالة في الجزائر: بين الأسباب وطرق المعالجة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : 164-171,
Date Publication Sur Papier : 2024-12-23,
Date Pulication Electronique : 2024-12-23,
mis a jour le : 23/12/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=10273.