دور نظم المعلومات الجغرافية في دراسة الولوجية الجغرافية حالة الجماعة القروية مولاي عبد الله بظهير الجديدة (المغرب)
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°18 Juin 2014

دور نظم المعلومات الجغرافية في دراسة الولوجية الجغرافية حالة الجماعة القروية مولاي عبد الله بظهير الجديدة (المغرب)


pp : 283 - 296

عبد المجيد هلال
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

    تعدّ شبكة الطرق وكفاءتها من المعايير الأساسية التي تحدّد مستوى تطور المجالات الريفية نظرا لدورها الكبير في سهولة أو صعوبة النقل والتنقل بشكل عام، فسهولة التنقل لها أثر إيجابي مباشر على الحياة الاجتماعية، كما أنّالنقل يعتبر بمثابة عملية متممة للإنتاج عبر نقل السلع والمنتجات إلى الأسواق الريفية ومختلف نقط البيع. لذا تعد دراسة حالة الطرق ذات أهمية بالغة لما لها من دور فعال في ولوجية هذه المناطق وتنميتها اقتصاديا واجتماعيا وربطها بالمناطق والحواضر المجاورة.

وتعتبر نظم المعلومات الجغرافية بمثابة أداة لها إمكانيات عالية في التحليل المجالي سواء تعلق الأمر بالظواهر الحضرية أو الريفية؛ وفي هذا السياق سنحاول من خلال تناول تراب الجماعة القروية مولاي عبد الله بالظهير الجنوبي مدينة الجديدة إبراز مظاهر ولوجية الدواوير السكنية بهذا المجال الريفي، مركزين على سهولة أو صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية، وتوزيع وتسويق المنتجات والمواد التجارية الاستهلاكية الأساسية، وتحديد الزمن المستغرق وفقا لحالة شبكة الطرق كوسيلة للولوجية الجغرافية بشكل عام.


الكلمات المفتاحية:نظم المعلومات الجغرافية، النظام العالمي لتحديد المواقع، الولوجية، التنقل في المجال، جغرافية التجارة، ولوجية العلاجات الصحية.

   Le réseau routier est l’un des critères pertinents permettant de mesurer à la fois les potentialités du développement et d’insertion d’un espace rural dans le système des transports et de mobilité ou au contraire l’enclavement conséquent de cet espace. Ce qui influe positivement ou négativement sur la vie économique et sociale communale. L’exemple de la commune rurale Moulay Abdellah dans l’arrière pays sud d’El Jadida se prête bien à la mesure de l’accessibilité des entités rurales dans son aspect géographique, économique et temporel. Les paramètres choisis pour cet effet s’articulent autour de l’accès aux services de santé, de la distribution-redistribution des produits de consommation et du temps d’accès tout en tenant compte du réseau routier comme moyen d’accessibilité. 


Mots clés : SIG, GPS, accessibilité, mobilité dans l’espace, géographie de commerce, accessibilité aux soins.

  The road network and its qualities is one of the relevant criteria to measure either the potential of the development and of the insertion of a rural area, due to its huge importance in the system of transport and mobility in general, or the enclosing of that space. Leisure of mobility has direct positive or negative impacts on the social life. The example of the rural district Moulay Abdellah in southern suburbs city of El Jadida lends itself well to the measure of the accessibility of the rural entities in its geographical, economic and temporal aspect. The parameters chosen for this purpose articulate around the access to the services of health, the distribution-redistribution of consumer goods and the access time while taking into account the network road as means of accessibility.


Key Words: SIG, GPS, accessibility, mobility in space, geography of commerce, health care accessibility.

تقديم

تعني الولوجية1 سهولة وصول الأشخاص والبضائع والمنتجات من مكان جغرافي معين إلى آخر2؛أي عدم قطع مسافات طويلة وعدم هدر وقت طويل وتكاليف كثيرة، وكذا عدم وجود معيقات وإكراهات في طرق ومسالك التنقل بالمجال الريفي. ومعلوم أنّ الولوجية لا تتعلق أساسا بسهولة الوصول إلى مكان معين وإنما بصعوبته أيضا3 بل أحيانا باستحالته، وتدخل في هذا الإطار عناصر متعددة وعديدة منها ما هو موحد بين جميع المجالات الجغرافية ومنها ما هو خاص بمجال دون آخر، كما أنّ الولوجية تعني طبعا صعوبة التنقل تبعا لإكراهات زمكانية.

وتأتي أهمية دراسة الولوجية من حيث كونها من بين أهم الخصائص التي تبرز نمو وتطور العديد من الأماكن الجغرافية. وهي ظاهرة تهم إمكانية الوصول إلى مكان معين والتنقل والمواصلات، وتموضع أماكن الانطلاق وأماكن الوصول بصفة خاصة؛ فاختيار أحسن موقع جغرافي للتجهيزات والمرافق الأساسية يلعب دورا مهما في تنظيم وهيكلة المجال، ومن بين المعايير الأساسية التي تؤخذ بعين الاعتبار عند التخطيط لولوجية الأماكن اعتماد أقصر المسافات داخل المجال الجغرافي. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى وجود نوعين من المسافات على الأقل، هما المسافة الجغرافية أو المجالية والمسافة الزمنية.

وتعتمد طريقة القياس على تحديد الأماكن وعلى معطيات كمية وكيفية ذات بعد مجالي، مثل المسافات والطبوغرافيا...، كما تؤخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مثل حالة الطرق وبنيتها وحالة العربات وقوانين السير...

في هذا السياق، تعدّ شبكة الطرق وكفاءتها من المعايير الأساسية التي تحدد مستوى تطور المجالات الريفية نظرا لدورها الكبير في سهولة أو صعوبة النقل والتنقل بشكل عام، وفي هذا الصدد نشير إلى أنّ الوضع السوسيو اقتصادي لتراب جماعة مولاي عبد الله - الإطار المجالي لهذا البحث (شكل رقم 1) - لم يكن يتطلب وجود شبكة طرق ريفية متطورة، فالتنقلات والاحتياجات كانت قليلة، ذلك أن الكثافة السكانية في الستينيات من القرن الماضي لم تكن تتجاوز 80نسمة في الكلم المربع4.

لكن بعد إنجاز المحطة السياحية لسيدي بوزيد في نهاية الستينيات وإقامة المركب المينائي الصناعي بالجرف الأصفر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وتزايد الغزو الحضري لمدينة الجديدة، شهدت المنطقة تحولات عميقة ومتسارعة وحصل تغيير جذري في المشهد الجغرافي5، حيث استقطب المجال الترابي لجماعة مولاي عبد الله خلال السنين الأخيرة أكثر من 57%من المشاريع الاستثمارية التي تم الترخيص لها بتراب مدينة الجديدة ومحيطها6، كما انتقل عدد ساكنة جماعة مولاي عبد الله من 24725نسمة خلال إحصاء 1982إلى 45780نسمة وفقا لنتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى سنة 2004، ووصلت الكثافة السكانية إلى 284ن/كلم². وقد كان لهذه الدينامية الديموغرافية والسوسيو اقتصادية نتائج متعددة لعلّ من أهمها زيادة الحاجة لتوفير السكن والعديد من الخدمات الجماعية، وكذا الرفع من مستوى كفاءتها وإتاحة ولوجيتها لكلّ الفئات العمرية ومختلف الطبقات الاجتماعية، ثم زيادة الحاجة لإقامة شبكة طرق قوية تتحمل الحركة المتزايدة بين مدينة الجديدة وميناء الجرف الأصفر.

شكل رقم 1: توطين جماعة مولاي عبد الله


المصدر بتصرف: هلال عبد المجيد، في دراسات مجالية، العدد 7، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، 2013، ص 17.

ومن جهة أخرى شهد علم الخرائط تطورا مهما في مجالات مختلفة خلال العقود الأخيرة، حيث أظهر استعمال برامج نظم المعلومات الجغرافية في العديد من البحوث العلمية عن إمكانات عالية لهذه الأداة في جمع وإدخال ومعالجة وتحليل المعلومات ذات البعد المجالي، سواء تعلق الأمر بظواهر ريفية أم حضرية. ومنهناجاءت أهميةتوظيفهذهالتقنيةفي دراسة وتحليل ولوجية الأماكن الجغرافية بظهير مدينة الجديدة، منخلالبرنامج "ماب أنفو"7 وكذا استعمال "النظام العالمي لتحديد المواقع"8 كرافد أساسي من روافد التوطين الخرائطي الرقمي.

           وهكذا تحتوي الإشكالية العامة لهذه الدراسة على أكثر من سؤال، ونجمل الأسئلة الفرعية المنبثقة من الإشكالية المحورية كما يلي:

- ما هي خصائص شبكة الطرق بهذا المجال الريفي الذي شهد تحولات ديمغرافية وسوسيو اقتصادية أدت إلى زيادة الاحتياج لتوفير العديد من المرافق والبنيات التحتية؟

- كيف يمكن أن تؤثر حالة الطرق وخصائصها في الأبعاد السوسيو اقتصادية بالمجال المدروس؟

- ما مدى إمكانية استخدام نظم المعلومات الجغرافية في دراسة وتتبع حالة الطرق والتعرف على الاختلافات المجالية في الولوجية إلى الخدمات الاجتماعية والتداولات الاقتصادية؟

1- المنهجية المتبعة في الدراسة

          تصدرالعملالميدانيأحدأهممصادرالمعطيات، إذ تمّ اعتماد الزمن الميداني في القياسكمؤشرلسهولة أو صعوبةالوصولإلىالخدماتالعامة وكذا نقط توزيع البضائع،حيثتنسبسهولةالوصولإلىالزمنالمستغرقللانتقالمنمكان جغرافي إلى آخر،مثلامنالدوارإلىمناطقالخدماتالعموميةبمركز مولاي عبد الله وبالعكس.

          في هذا السياق، تم قياس المسافة المقطوعة قياسا زمنيا بالدقائق من خلال السير على الطرق والمسالك بتداول السيارة. وتتلخص أساليب وإجراءات هذه الدراسة بشكل عام في تسجيل متوسطات السرعة المختلفة لأجزاء الطرق وفقا لموقعها في المجال (وجود مناطق سكنية متجمعة قرب الطريق، مجالات فارغة من التعمير على جنبات الطريق، عرض الطريق...)، ثم تسجيل الوقت المستغرق في كل جزء من الطريق، فضلا عن مقابلات مع الساكنة وتصوير وتسجيل العديد من المعطيات التي يمكن أن تفيد في الدراسة.

وفي أفق قياس زمن الوصول ميدانيا، تم اتباع مراحل وخطوات أساسية يمكن تلخيصها كما يلي:

1-1تحديدالنقطة المرجعية الجغرافية للدواوير السكنية

               لتحديد المركزالجغرافي؛أيمركزثقل الدوار، تم الاعتماد على النقطة التييتجمعحولهاأكبرعددمنالمساكن الريفية بالنسبة للدواوير المتجمعة. أمّا بالنسبة للمتفرقة منها أو المساكن الخطية أو المتناثرة فالمركز الجغرافي لا يرتكز على الدوار بقدر ما يستند إلى المكان العام المتردد عليه من طرف سكان الدوار (مسجد، محل تجاري، مدرسة، ضريح، مصدر مائي...).

شكل رقم 2 : مواقع النقط المرجعيةالجغرافية لدواوير من عينة الدراسة.


نقط مراكز بعض الدواوير من جماعة مولاي عبد الله، وجزء من قاعدة المعطيات الموازية وفقا لنظام الإحداثيات العالمي"WGS84"

نقطة مركز كل دوار في برنامج نظم المعلومات الجغرافية انطلاقا من العمودين XوYبقاعدة المعطيات المرافقة

WGS84: هو النظام الجيوديزي العالمي لسنة 1984، وهو المستخدم كأساس لقياسات جهاز GPS، هذا الأخير يقوم بحساب الإحداثيات الجغرافية وفقا لهذا النظام الجيوديزي. وطبعا يمكن تحويل الإحداثيات إلي أي مرجع وطني أو محلي من خلال برامج تشغيل جهاز الاستقبال GPSأو برامج نظم المعلومات الجغرافية.


1-2ربط النقطة المرجعية الجغرافية لكل دوار بموقع الخدمة عبر مسارات معينة

               بعدتعيينالنقط المرجعيةالجغرافيةكنقاطرئيسةللانطلاق منداخلكل دوار، تم استعمال جهاز الاستقبال للنظام العالمي لتحديد المواقع (GPS)  الذي أفاد في رسم مسارات الطرق التي تربط ما بين بعض مراكز دواوير المجال المدروس ومواقع الخدمات العامة، فضلا عن تحديد مجموعة من النقط فوق المسار بغية وصف الطريق فيما بينها من حيث نوعها، حالتها، معدل السرعة بها...

               وقد تم اختيار 21دوارا من مجموع 57دوارا تتواجد بجماعة مولاي عبد الله وفقا للإحصاء الرسمي الأخير سنة 2004، إضافة إلى المراكز الحضرية وشبه الحضرية (مركز مولاي عبد الله، سيدي بوزيد وأولاد الغضبان). وقد حاولنا في اختيارنا للدواوير المدروسة مراعاة توزيعها ما بين المنطقة الساحلية والداخلية وكذا موقعها بالنسبة للطرق المعبدة.


شكل رقم 3: يبرز استعمال "جهاز الاستقبال للنظام العالمي لتحديد المواقع" في توطين مراكز الدواوير ورسم الشبكة الطرقية.



               المعطيات الميدانية التي تم الحصول عليها عن طريق استعمال "GPS"بهدف توطين مراكز الدواوير ورسم الشبكة الطرقية:

- الخط الذي توجد به أرقام، يمثل المسار الذي رسمه "GPS"وهو موضوع بسيارة سلكت نفس المسار في المجال.

- الأرقام تعبر عن النقط التي تم أخذها بواسطة "GPS"، بعضها يمثل مراكز بعض الدواوير، والبعض الآخر يمثل بداية ونهاية قطع متجانسة بالمسلك أو الطريق من حيث نوعها، حالتها، معدل السرعة بها...

1-3قياس الزمن الميداني من مراكزالدواويرإلى مواقع الخدمات

               اعتمدت طريقة القياس الميداني على المؤشر الموجود داخل السيارة، حيث تم تسجيل الزمن المستغرق بالدقائق وقراءةالمسافة المقطوعةبالكيلومتر ومتوسط سرعةالسيارة لكل مسار وتسجيل تلك القراءات لتحليلها، وتعكس هذه المؤشرات مدى الولوجية إلى مناطق الخدمات العامةالمختلفة.

2- المناقشة والنتائج المتوصل إليها

               لمناقشة النتائج المتوصل إليها اخترنا في محور أول الحديث عن حالة الطرق، وفي المحورين المواليين اخترنا قطاعين رئيسيين هما قطاع الصحة وقطاع التجارة.

2-1حالة الطرق: مؤشر على الولوجية إلى الخدمات الاجتماعية والتداولات الاقتصادية

               بعد التعرف على حالة كل جزء من الطريق وإدماجها ضمن قاعدة معطيات نظام المعلومات الجغرافية، يمكن الحصول على مجموعة من المعطيات المميزة لكل جزء من الطريق، الشيء الذي يعكس القدرة العالية لنظم المعلومات الجغرافية في الرصد والتوثيق وإظهار المعطيات الوصفية لحالة شبكة الطرق؛ ثم التحليل المجالي. وبالتالي إدراك القيمة المضافة في إدارة وتخطيط وصيانة الطرق، الشيء الذي ينعكس على دعم اتخاذ القرار في شقيه التخطيطي والتدبيري.

ونسوق في هذا الصدد مثالين لبعض المعلومات الجغرافية الوصفية التي يمكن الاعتماد عليها في تحليل حركة وتنقلات السكان وتوزيع البضائع والمنتوجات على بائعيها محليا. يتعلق المثال الأول بتحديد عوامل تساهم في صعوبة النقل والتنقل، أو استحالتهما تبعا لإكراهات تتزامن مع فصل الشتاء، حيث تتحول بعض الأجزاء من الطرق غير المعبدة إلى مستنقعات وبرك مائية كما يوضح الشكل رقم 4من خلال الصورة وبعض المعطيات الميدانية الوصفية بالجدول المرفق (نقطة تجمع للمياه خلال فصل الشتاء، لم تخضع الطريق للصيانة منذ إحداثها، مسلك غير معبد...).

شكل رقم 4: تتواجد بالمسلك المؤدي من وإلى مركز دوار أولاد المقدم نقطة (الرمز ID3) تتحول إلى مستنقعات في فصل الشتاء.



 أما المثال الثاني فيتعلق بوسيلة النقل أو الشحن التي يمكن استعمالها على اعتبار أنّ هناك مناطق بها ممرّات ومسالك غير معبدة ضيقة تعرقل المرور بين نقطتين أو أكثر في طريق المرور كما توضح الصورة بالشكل رقم 5.

شكل رقم 5: يتواجد بالطريق المؤدي من وإلى مركز دوار كرادة ممر ضيق (الرمز ID12) تمر معه السيارات الصغيرة بصعوبة.



بناء على حالة الطرق والمسالك إذن، يتدخل الزمن في الوصول إلى مختلف الخدمات الاجتماعية والتداولات

الاقتصادية، حيث أنّ للزمن المستغرق للوصول إلى نقطة محدّدة دورا مهما في الحياة اليومية للسكان خصوصا بالنسبة للإسعافات المستعجلة وعمليات الولادة وتدخلات الوقاية المدنية...، كما أن للزمن المستغرق أيضا دورا مهما في عمليات توزيع ونقل المواد والسلع والمنتجات التي يستعملها السكان إلى الأسواق الريفية ومحلات البيع بالتقسيط بالدواوير السكنية.

               وبالتالي فحالة الطرق تعد بمثابة مؤشر بارز في سيرورة الوصول في ظروف لائقة، وبقدر ما تعانيه حالة ووضعية الطرق والمسالك من إكراهات ومعيقات بقدر ما تساهم بنصيبها في إضعاف مؤشرات الولوجية الجغرافية والتأثير بشكل سلبي على إطار العيش. غير أنّ هذا الأخير لا يتأثر فقط بإكراهات مجالية-زمنية، بل بمؤشرات أخرى متعددة نذكر منها على الخصوص: توفر التجهيزات والمرافق الخدماتية الأساسية، وشبكة النقل، وشبكات الماء والكهرباء، ودينامية الساكنة والخصوصيات السلوكية المجتمعية، وتجارة المواد الاستهلاكية الأساسية.

2-2القيمة المضافة لنظم المعلومات الجغرافية في ميدان جغرافية التجارة

تتحدّد أهمية ومكانة البنيات التجارية ضمن النسيج الاقتصادي وفق مجموعة من العوامل أهمها تلك الاجتماعية (كالعادات الاستهلاكية، والتردد الكمي والنوعي للاستهلاك...) والاقتصادية (كمستوى النمو الاقتصادي، والدخل الفردي...) والجغرافية (كموقع الدواوير الريفية ضمن المجالات المحيطة بها...). فالموقع الجغرافي له دور فعال في ازدهار أو ركود البنيات التجارية (ككثافة المحلات التجارية وتنوع حجمها وتجهيزاتها، وحسن تنظيمها وجودة معروضاتها...)9. لذلك نلاحظ أنّ ملامح استعمال الخرائط الرقمية والمعطيات ذات البعد الجغرافي بدأت تتضح في أعمال العديد من الشركات والمقاولات سواء تلك التي تقدم هذه الخدمة تحت الطلب أم تلك التي تستعملها كأداة في سياستها التجارية والتسويقية. حيث تم في هذا الصدد إنجاز بحوث ميدانية لمجموعة من الشركات الكبرى10 التي تنشط بالمغرب، كما تم إنجاز تطبيقات عملية للتتبع المباشر للسيارات في الخرائط الرقمية عن طريق وضع جهاز النظام العالمي لتحديد المواقع (Appareil GPS portable) بالسيارات وأجهزة للاتصالات تقوم بإرسال معلومات حول الإحداثيات الجغرافية، والسرعة، اسم الطريق...، وذلك بهدف تحديد المسارات (L’optimisation d’itinéraires)؛ أي اختيار الممرات المناسبة والمسارات الطرقية، التي يمكن أن تأخذها سيارة أو شاحنة في المجال لتوزيع البضائع والمنتجات، بناء على متغيري المسافة والزمن.

               وقصد الوقوف على أهمية بعض العناصر الجغرافية في التداولات التجارية بالمجال الريفي المدروس، عملنا على جمع معطيات وإحداثيات المحلات التجارية استنادا للبحث الميداني واستخدام جهاز النظام العالمي لتحديد المواقع، ثم معطيات وصفية تتعلق بالطرق (أسماء الطرق، أنواعها، عرضها، وحالتها حسب فصول السنة، أماكن أشغال التهيئة، السرعة المسموح بها في الطريق...).

شكل رقم 6: نتائج القياس الميداني لسرعة تنقل سيارة ما بين بعض دواوير جماعة مولاي عبد الل


وتشير النتائج الأولية التي أمكن التوصل إليها من خلال التمثيل النقطي للمحلات التجارية على الخريطة إلى تمركز هذه المحلات بالشريط الساحلي الذي يضم أهم الطرق والتجمعات العمرانية والكثافات السكانية، وكذا السوق الأسبوعي (يوم الأحد) وجل المرافق الجماعية، وينخفض عدد المحلات التجارية كلما اتجهنا نحو الداخل وكلما ابتعدنا عن الطرق المعبدة وتقاطعاتها، لما توفره من سهولة تردد السكان وإمكانيات الولوجية الجغرافية (شكل رقم 7). ولا شك أنّ هذا التوزيع المتفاوت يتولد عنه تفاوت في الولوجية إلى المنتجات والمواد الفلاحية والتجارية الأساسية وبالتالي تفاوت في دعم وتطوير هذه الأنشطة التي تشكل رافدا أساسيا من روافد تطوير المجال الريفي وتحسين إطار العيش به.

شكل رقم 7: جانب من قاعدة المعطيات والخريطة المرافقة تتضمن بالإضافة إلى المعطيات المذكورة بيانات أخرى11.

 


من ناحية أخرى، وفي ظلّ صعوبة التمييز بين المحلات التي تمارس فيها أنشطة التجارة والإنتاج والخدمات، وإدراك أصحاب المحلات أنّهم يمارسون بها أنشطة تجارية بالدرجة الأولى، عملنا على إدراج مختلف المحلات في نطاق البنيات التجارية، ثم تصنيفها بعد الجرد الميداني إلى ثلاث فئات رئيسة: محلات تجارة المواد الأساسية، محلات الإنتاج والصيانة والإصلاح، ومحلات خدمات تجارية مختلفة


جدول رقم 1: تصنيف المحلاّتحسب طبيعة النشاط التجاري سنة 2011.


أنواع المحلات

العدد

%

تجارة المواد الاستهلاكية الأساسية (التغذية العامة، ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻤﻨﺯﻟﻴﺔ، تجهيزات إلكترونية، ملابس، أحذية...)

172

60

الإنتاج والصيانة والإصلاح (اللحام، النجارة، الخياطة، الأفرشة، مواد البناء، إصلاح وسائل النقل...)

62

22

خدمات تجارية مختلفة (فنادق، مقاهي ومطاعم، محطات البنزين، مهن وخدمات حرة، أبناك، صيدلية...)

51

18

المجموع

285

100


المصدر: البحث الميداني.

           وقد تبيّن من خلال التحليل المجالي غلبة النوع الأول من المحلات بنسبة 60%وتمارس بجلهم تجارة المواد الغذائية على مستوى المجال المدروس ككل، حيث إﻥّ هذا النوع من ﺍﻟﻤﺤـﻼﺕ يقوم بتقديم سلع يحتاجها المستهلك بصفة يومية أو شبه يومية، مما يعكس جانبا من خضوع بنية الأنشطة لقانون العرض والطلب.

وتستأثر المحلات الخاصة بالإنتاج والصيانة والإصلاح إضافة إلى محلات الخدمات التجارية المختلفة ب 40%من إجمالي المحلات التجارية، ويلاحظ أن هذا النّوع من المحلات يغيب بشكل شبه تام بالدواوير الريفية الداخلية التي تصلها مسالك طرقية غير معبدة، في حين يتواجد بالتكتلات العمرانية الساحلية (مولاي عبد الله، سيدي بوزيد وأولاد الغضبان)، كما يتواجد بحجم أقل على جنبات الطرق المعبدة.

شكل رقم 8: أصناف البنيات التجارية.


وفي نفس السياق، تبيّن من خلال دراسة أخرى12 أن السوق الأسبوعي لمولاي عبد الله يعاني من منافسة غير متكافئة مع سوق الأحد لمدينة الجديدة الذي يعقد هو الآخر في نفس اليوم (يوم الأحد)، مما يجعل مدينة الجديدة تهيمن حتى على البنيات التجارية ذات الطبيعة الريفية. وهذا أيضا ما تبيّن لنا من خلال المقابلات التي أجريناها مع الساكنة المحلية وما عايناه ميدانيا بالملاحظة المباشرة، حيث يتوجه الكثير من سكان الدواوير القريبة من مدينة الجديدة إلى سوقها الأسبوعي، وإلى بنياتها التجارية العصرية التي يعتبرونها أفضل بالنسبة لجودة المعروضات والمنتوجات. ونفس الشيء على مستوى الأنشطة الناذرة والممتازة مثل وكالات شركات التأمين، أطباء مختصين... إذ يظل الارتباط وثيقا كذلك بمدينة الجديدة على مستوى سد حاجيات سكان تراب جماعة مولاي عبد الله.

هكذا، يمكن بناء نظام معلومات جغرافي شامل خاص بالبنيات التجارية من معرفة استراتيجية للمجال المستهدف من قبل المقاولات المنتجة التي ترغب في تدبير أنجع لعلاقتها التجارية مع محيطها الجغرافي، حيث إنّ التمثيل الكرتوغرافي وتحليل المعطيات السوسيو ديموغرافية والسلوكية والاقتصادية والإحصائية تعدّ بمثابة عناصر ومفاتيح لتحسين شبكة توزيع وبيع المنتوجات، لكونها تساعد المقاولات في معرفة الحالة الطرقية المؤدية إلى بائعي المنتوج محليا، ودرجة تنافسية المنتوج، ونوعية وسيلة الشحن التي يمكن إرسالها وفقا لحالة الطرق والعوامل الجغرافية الطبيعية والبشرية، والتخطيط القبلي لمسار جولات توزيع البضائع...

ومن شأن ذلك أن يزيد من مستوى المنافسة في أسواق المنتجات مما يمكّن ،لا محالة، سكان المجال الريفي من الاستفادة من هذه الفرص التنافسية في الولوجية إلى المواد الأساسية. ولا شكّ أنّ توفّر معطيات من قبيل تقييم حالة الطرق الريفية سيساعد أيضا أصحاب القرار على توجيه أهداف التنمية المحلية نحو المناطق الأقل ولوجية إسهاما منهم في التنمية المتوازنة والمستدامة. كما أن إنجاز دراسات جغرافية من هذا القبيل من شأنه أن يجعل البحث العلمي الجامعي أكثر انفتاحا وارتباطا بالقضايا الحديثة، كمسألة الجيوماركتينك(Le géomarketing) التي تشكل الخرائط والمعطيات ذات البعد الجغرافي وسائلها الأساسية13. وقد لامست ميدانيا من خلال مشاركتي في بحوث لتطبيق الجيوماركتينك14 افتقارها النظرة الشمولية وغلبة المقاربة التقنية للمعلوميات والنظرة التجارية، مما يفتح آفاقا واعدة للبحث العلمي وخلق فرص شغل لمتخرجين جغرافيين متمكنين من تقنيات البحث الميداني والخرائطية ونظم المعلومات الجغرافية والتخطيط التنموي وتصور المشاريع ومواكبتها وتقييمها على أرض الواقع.

2-3القيمة المضافة لنظم المعلومات الجغرافية في تحليل سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية

تركزالتحليلفيهذهالدراسةعلىتوزيعمواقعالخدماتالصحيةومواقعالدواويرالسكنية داخلمجالالدراسة،كعاملأساسيلسهولةالوصولإلىالخدمات. وذلك لما للموقع المناسب والمسار الأقرب من أهمية بالغة، حيث يشكلان رافدين أساسيين من روافد العدالة الاجتماعية في بعدها الجغرافي15.

وقد اعتمدت طريقةقياس الزمن الميداني في الوصول إلى الخدمات الصحية،إذ تمّ تعيين المستشفى الإقليمي الموجود بمدينة الجديدة وهو مستشفى محمد الخامس الذي يخدم إقليم الجديدة كلّه بما في ذلك ساكنة المجال المدروس، والمركز الصحي لمولاي عبد الله الذي يخدم سكان الدواوير الموجودة بتراب جماعة مولاي عبد الله.

تمّ قياس الزمن الميداني للوصول إلى هاتين الخدمتين وذلك بتعيين المركز الجغرافي لكلّ دوار، وهو يشكّل نقطةبداية وانطلاقا من الدواوير إلى مراكز الخدمات الصحية (شكل رقم 9). وتبيّن المعطيات المرافقة نتائج القياس الميداني للزمن المستغرق من مراكز بعض الدواوير السكنية إلى مستشفى محمد الخامس بمدينة الجديدة والمركز الصحي لمولاي عبد الله.


شكل رقم 9: مواقع الخدمات الصحية ونتائجالقياسالميدانيللسرعة والزمن منمراكز بعض الدواوير


إن أول ما يثير الانتباه من خلال قراءة الشكل أن زمن الوصول إلى الخدمات الصحية يختلف تبعا للقرب أو البعد من المجال الحضري لمدينة الجديدة. فداخل هذا الأخير يتأثر زمن الوصول إلى الخدمات الصحية بمجموعة من العوامل، نذكر منها على الخصوص كثافة المرور بالشوارع، ثم توقيت المرور وخاصة في أوقات الذروة، ولاسيما مع تضاعف حظيرة السيارات بمدينة الجديدة أكثر من 6مرات منذ سنة 1983،وانتقال عدد سيارات الأجرة بصنفيها الأول والثاني من 457سنة 1997إلى 855سنة 200616، إضافة إلى وجود إشارات المرور بالطريق والتي وصل عددها إلى ثمانية من المدخل الجنوبي للمدينة في اتجاه مستشفى محمد الخامس، وأخيرا السرعة القصوى المسموح بها في الطريق... وبالتالي فمحصّلة تداخل هذه العوامل تؤثر في زمن الوصول كلما تمّ الاتجاه من المجال الريفي المدروس جنوبا نحو مركز المدينة شمالا وخاصةموقع مستشفى محمد الخامس القريب من وسط المدينة.

أما بالمجال الريفي المجاور لمدينة الجديدة، فقد تبيّن أنّ هناك معايير أخرى يمكن من خلالها تقييم سهولةالوصولإلىالخدمات الصحية، ومن بين هذه العوامل نذكر حالة الطرق والمسالك غير المعبّدة على الخصوص، حيث خلصنا من خلال سؤالنا للساكنة المحلية حولرأيهم عن حالة الطرق أنّ نسبا قليلة أشارت إلى أنّ حالتها متوسطة أو جيدة، وهذا مؤشر مهم على الولوجيةإلى الخدماتالصحية.

وطبعا هناك عوامل أخرى يمكن من خلالها تقييم سهولة الوصول إلى الخدمات الصحية، نذكر منها على الخصوص: توفر وفعالية وسائل النقل الجماعية، استعمال السيارات الشخصية، استعمال سيارات الإسعاف...إلخ. وهذا ما أكّدته دراسة ميدانية استهدفت المرضى الوافدين على مستشفى محمد الخامس من بعض الجماعات المكوّنة لإقليم الجديدة17، حيث تبيّن أنّ عدم توفّر وسائل النقل تشكّل نسبة 20%من الأسباب الأساسية التي تعيق ولوجية شبكة العلاجات الصحية بالنسبة للمرضى المنتمين لجماعة مولاي عبد الله (شكلرقم 10). وعموما نستنتج أنّه كلّما كان الموقع الجغرافي للدوار قريبا من الخدمة الصحية يقل زمن الوصول وتصير درجة الصعوبة قليلة، وبالتالي يعتبر زمن الوصول مؤشرا لسهولة الوصول إلى الخدمات الصحية.

شكل رقم 10: عراقيل وصعوبات ولوجية العلاجات الصحية ببعض الجماعات من إقليم الجديدة.

المصدر: هلال عبد المجيد ومنيب مريم، 2012، مرجع سبق ذكره.

               وقد تبيّن كذلك أنّ الفوارق في التوزيع المجالي للخدمات الصحية والموارد البشرية الطبية تؤدي هي الأخرى دورا في الولوجية إلى الخدمات الصحية، ذلك أنّ جماعة مولاي عبد الله لا زالت تعاني انعدام الطب المتخصص، إضافة إلى قلة الأطر الطبية من فئة الطب العام، حيث لا تتوفر إلاّ على طبيبين وثمانية ممرضين بالمركز الصحي لمركز مولاي عبد الله، وطبيب واحد وثلاثة ممرضين بالمستوصف الصحي بسيدي بوزيد18؛ أي بمعدل طبيب واحد لكلّ 15260فردا، وممرض لكل 4162فردا، مع غياب تاملدار الولادة، مما يستدعي توجه المرضى إلى مركز التشخيص المتعدد التخصصاتالتابع للمستشفى الإقليمي محمد الخامس بمدينة الجديدة. وهذا ما بينته لنا المقابلات التي أجريناها مع ساكنة الدواوير الريفية، إذ لا زالت النساء الحوامل وكذلك المرضى يقطعون مسافات مهمة طلبا للعلاج والولادة بالمستشفى الجهوي محمد الخامس أو عيادات خاصة بمدينة الجديدة في ظل ندرتها بمركز الجماعة.

         وهكذا، يستدعي هذا الوضع تحسين الخدمات الصحية من خلال دعم الأطر الصحية بإضافة موارد بشرية أخرى، وتحقيق كل المستلزمات الضرورية لتيسير استفادة الساكنة المحلية من العلاجات الضرورية عن قرب لأنّ الاهتمام بصحة الأسر يعدّ استثمارا تنمويا يؤدي إلى تحقيق العيش الكريم. ولا تعد البنيات الصحية وحدها كافية لتقييم مؤشر التنمية، لأنّ مفهوم التنمية واسع ومتداخل وتندرج ضمنه كذلك البنيات التحتية بمختلف أنواعها كشبكات الماء الصالح للشرب والتطهير، التي تبقى على العموم ناقصة أو منعدمة بظهير مدينة الجديدة19، وأيضا شبكات الطرق التي تمثّل شرايين تنقل المرضى والأشخاص بشكل عام وبالتالي تحسين مؤشّر الولوجية الجغرافية.

               نستشف ممّا سبق أيضا، أنّ تقنية نظم المعلومات الجغرافية تتيح إمكانيات لا يستهان بها في ميدان تحليل مؤشرات القرب من الخدمات الصحية أو البعد عنها، وذلك ليس فقط على مستوى تشخيص واقع الحال، وإنّما على مستوى رسم استراتيجيات التخطيط الصحي كذلك (توطين البنيات الصحية وتوزيع الأطر الطبية وفقا للكثافات السكانية، تشييد بنيات صحية جديدة...).

خاتـمة

               لقد كان من المفروض أن تعرف المنطقة المدروسة كمجال متحول تغيرات شمولية تتعدّى الجوانب الصناعية والسياحية إلى الجوانب الاجتماعية، إلاّ أنّ واقع الحال يثبت عكس ذلك، حيث ظلت التجهيزات والخدمات الاجتماعية ضعيفة موازاة مع الدينامية الاقتصادية والديموغرافية التي شهدها المجال الساحلي على الخصوص. فما هو متوفر بتراب جماعة مولاي عبد الله يعرف تفاوتا ما بين التجمعات السكنية الساحلية (سيدي بوزيد، مولاي عبد الله وأولاد الغضبان) من جهة، والدواوير الداخلية التابعة للجماعة من جهة ثانية، مما يجعل الارتباط وثيقا بمدينة الجديدة ليس فقط على مستوى الولوج إلى المرافق والخدمات الأساسية، ولكن أيضا على مستوى البنيات التجارية، وهذا ما يساهم في تزايد تبعية جماعة مولاي عبد الله لمدينة الجديدة، وبالتالي هجرة السكان من الدواوير الريفية كلّما توفّرت الفرص.

إنّ التنمية سواء بالعالم القروي أم الحضري تعتبر بمثابة سيرورة جماعية مركّبة يتداخل فيها البعد الاقتصادي مع البعد الاجتماعي، ونجاحها يتوقف على مدى تكامل البعدين المذكورين عوض تنافرهما في الزمان والمكان. لذا، فتنمية الجماعة القروية لمولاي عبد الله لا ترتكز فقط على الاهتمام بالقطاع الصناعي والسياحي بالشريط الساحلي، بل تستدعي الاهتمام كذلك بالبنيات التحتية ممثّلة في الطرق والمسالك والمرافق الأساسية ممثلة في البنيات الصحية في أفق تحسين مؤشرات الولوجية الجغرافية وبالتالي تحسين مؤشرات جودة إطار العيش بظهير مدينة الجديدة.

كما أنّاستخدام تقنيات نظم المعلومات الجغرافية يساهم كثيرا في تطور الأعمال بالمؤسسات العمومية والخاصة، والتي تنعكس إيجابا على المجتمع، حيث تبين هذه الورقة أنه يمكن استخدام هذه التقنيات في معالجة كل المعطيات ذات البعد المجالي مثل مساعدة الأعمال التجارية على توسيع أسواقها والاهتمام بزبائنها، إضافة إلى أنّ التخطيط للخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية يمكن إنجازه عبر نظم المعلومات الجغرافية، لما تتمتّع به من قدرة على تحليل توزيع السكان ودراسة كيفية وصولهم إلى المراكز المعدة للخدمات الصحية؛ أي تعريف نقط قوة ونقط ضعف الولوجية إلى الخدمات الاجتماعية.

اعتمادا على المعلومات المستعرضة يمكن تلخيص القيمة المضافة لنظم المعلومات الجغرافية في متوالية أساسية قوامها ثلاثة مراحل وخطوات متكاملة ومترابطة فيما بينها: رؤية جيدة للظواهر في المجال، وتحليل جيد، فقرار صائب.

ونؤكد في الختام، أن دراسة وتحليل الولوجية الجغرافية لا يقتصر فقط على المؤشرات والجوانب التي أثرناها، ولكن على جوانب أخرى يمكن أن تشكل موضوع دراسات وبحوث أخرى لمناقشة الجوانب المختلفة لموضوع الولوجية سواء من حيث الوسيلة أو الغاية

الهوامش

1 - يلاحظ غياب مرادف عربي موحد لمصطلح "L’accessibilité"،إذ تقابله عدة مصطلحاتعربية منها: الموصلية، الإيصالية، النفوذية... وتبقى الولوجية هي أكثر هاته الألفاظ تداولا واستعمالا.

2-  Bavoux J.-J., Beaucire F., Chapelon L., Zembri P.: «Géographie des transports», Armand Colin, Collection U, Paris, 2005, p 41.

3 - Borgès Da Silva R., Contandriopoulos A.-P., Pineault R., Tousignant P.: «Pour une approche globale de l'évaluation de l'utilisation des services de santé: concepts et mesures», In: Pratiques et Organisation des Soins, Vol. 42,  n° 1/janvier-mars 2011, p 14. 

4 - Fosset R. et Noin D. : «Utilisation du sol et population rurale dans les Doukkala», In: Revue de géographie du Maroc, n° 10, 1966, p 13.

5 - هلال عبد المجيد، وادريم مصطفى: "مظاهر تطور السكن الريفي بالمجال الجنوبي لمدينة الجديدة"، أعمال ندوة السكن القروي: التحولات وآفاق التنمية، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية  بالجديدة، سلسلة ندوات ومناظرات، العدد 10، 2011، ص-ص 94-103.

6- هلال عبد المجيد: "مشاريع التعمير الاستثنائي ورهان التنمية العمرانية المستدامة: حالة مدينة الجديدة ومحيطها". ورد في: دراسات مجالية، العدد 7، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش، 2013، ص 21.

7 - استعملنا في هذه الدراسة الإصدار 8.5من برنامج"MapInfo". هذا الأخير يتيح كباقي برامج نظم المعلومات الجغرافية إمكانية ربط مختلف المواقع الجغرافية والظواهر بقواعد المعطيات، ويسمح بإنجاز مجموعة من الوظائف أهمها ترقيم الخرائط، إنجاز قواعد للمعطيات وخرائط موضوعاتية، والتحليل المجالي وعرض واستخراج جداول ورسوم بيانية... وبشكل عام يستخدم في إعداد واستغلال المعطيات ذات البعد المجالي وتمثيل الظواهر الموجودة في حيز مجالي معين من خلال عدة ملفات أو ما يعرف باسم الطبقات "couches/layers"، حيث تكون كل طبقة ممثلة لنوع محدد من الظواهر الجغرافية، ويمكن عرضها على شاشة الحاسوب في نفس الوقت للحصول على تمثيل للواقع الموجود في المنطقة الجغرافية المعنية.

8 - GPS(Global Positioning System): يستخدم لتحديد المواقع الجغرافية والملاحة وتحديد الوقت وسرعة العربات... ويستعمل في تطبيقات عسكرية، كما له تطبيقات مدنية أيضا في ميادين عدة منها: اللوجيستيك والنقل، الخرائطية، الفلاحة والصيد، البحث العلمي...

9- حزوي محمد: "تقنية البحث الميداني لدراسة البنيات التجارية"، أعمال ندوة الهجرة والتنمية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس-سايس، سلسلة رقم 18، مختبر الأبحاث والدراسات الجغرافية والتهيئة والكرطوغرافية، 2012، ص 128.

10يمكن الاطلاع في هذا الشأن على المواقع الالكترونية التالية (تم الولوج إليها بتاريخ 13أكتوبر 2013):

- http://www.geoconseil.ma/index.php?option=com_content&view=article&id=16&Itemid=13&reference=15

- http://fr.slideshare.net/fchraibi/gnav-sales-and-distribution-2010

- http://www.geoconseil.ma/index.php?option=com_content&view=article&id=16&Itemid=13&reference=4

11- النشاط الرئيسي لساكنة الدوار، السوق الأسبوعي المفضل من طرف الساكنة المحلية، عدد المحلات التجارية التي أغلقت أبوابها، مدى الربط  بشبكات الماء والكهرباء، الإذاعات المفضلة للاستماع...

12 - Agence urbaine d’El Jadida : « Etude de la zone périurbaine de la ville d’El Jadida, mission 1: Rapport diagnostic prospectif», 2009, p 41.

13 - Latour P., le Floc’h J.: «Géomarketing : Principes, méthodes et applications». Editions d'Organisation, France. 2001, p 171.

14 - اشتغلت كرئيس فريق للبحوث الميدانية ضمن شركة Geoconseil(المواقع الإلكترونية المشار إليها سلفا).

15 - الأسعد محمد: "الإقليمية ومسألة العدالة الاجتماعية في التخطيط المكاني بالمغرب"، أعمال الملتقى الرابع للجغرافيين العرب: نحو استراتيجيةلتخطيط التنمية المجالية في العالم العربي بأبعادها المحلية والقومية والعالمية، منشورات الجمعية الوطنية للجغرافيين المغاربة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الجزء الأول، التنمية المحلية، 2008، ص 31.

16 - هلال عبد المجيد: "دينامية البيئة والمجتمع بساحل الجديدة"، أطروحة دكتوراه في الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، 2010، ص-ص 276، 277.

17 - هلال عبد المجيد، منيب مريم: "تحليل الولوجية إلى الخدمات الصحية من خلال حالة إقليم الجديدة:مقاربة جغرافية في خدمة التخطيط"، أعمالاليومالدراسيالوطنيحول "علوم تنظيم المجال وأولويات البحث العلمي في ظل التطورات الراهنة"، 6دجنبر 2012، قيد الطبع فيمؤلفجماعييحملعنوان "جوانبمنالاهتماماتالراهنةلعلومتنظيمالمجال"، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.

18 - إحصائيات المندوبية الإقليمية للصحة بالجديدة برسم سنة 2011.

19 - Ouadrim M., Hilal A. : «Accès à l’eau et enjeux de développement durable, cas des espaces périurbains défavorisés de la ville d’El Jadida», In : Pistes d’une recherche appliquée, Série Cahiers de la recherche scientifique, n°3, publications de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines –Mohammedia, 2013, pp.213-231.

@pour_citer_ce_document

عبد المجيد هلال, « دور نظم المعلومات الجغرافية في دراسة الولوجية الجغرافية حالة الجماعة القروية مولاي عبد الله بظهير الجديدة (المغرب) »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : pp : 283 - 296,
Date Publication Sur Papier : 2014-06-01,
Date Pulication Electronique : 2014-06-23,
mis a jour le : 03/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=1195.