براديغم السياسة عند النساء المنتخبات في المجالس الشعبية الجزائرية. مقاربة جندرية
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N° 25 Décembre 2017

براديغم السياسة عند النساء المنتخبات في المجالس الشعبية الجزائرية. مقاربة جندرية


أنور مقراني
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يروم الباحث من مقاربة موضوع النساء المنتخبات، تحليل براديغم السياسة لديهن، والذي يوجه تصرفاتهن في الشأن السياسي. فالانتخابات التي تمثل مناسبة سياسية إنما تختزل أبعادا ثقافية واجتماعية يجري إعمالها عند الترشح والاقتراع، وهي تعبر عن الجهود التغييرية التي تقودها الدولة كما النخب المختلفة لأجل صياغة توافق يسمح بتوسيع دائرة المشاركة السياسية. 

إن تطبيع المشاركة السياسية تقود إلى الاستفهام عن الكيفية التي تعبّر بها النساء المنتخبات عن نجاحهن في هذا المجال، لهذا سعى الباحث إلى تحليل بنية المخيال الاجتماعي النسوي من خلال ثلاثة مفهومات: الشخصية الجندرية، المعتقدات الجندرية، والضبط الاجتماعي الجندري. إن التشكل السوسيولوجي لبراديغم السياسة عند النساء المنتخبات، واقع في حلقة متصلة من العوامل المتداخلة كالتنشئة الاجتماعية والتمكين التعليمي والاقتصادي الذي يرفع من موارد النساء للانخراط في العمل السياسي. من هذا المنطلق تتنزل هذه الدراسة اعتمادا على المنهج الاستطلاعي لموضوعات: العائلة والتعليم، التجربة السياسية، المشروع الفردي والمشروع السياسي.

الكلمات المفاتيح: البراديغم، المشاركة السياسية، الشخصية الجندرية، الضوابط الجندرية.

En abordant le sujet des femmes élues, le chercheur vise à analyser leur paradigme politique qui dirige leurs actions dans les affaires politiques. Les élections qui représentent une occasion politique, réduisent des dimensions culturelles et sociales qui sont mises en œuvre lors de l’élection et du vote, et reflètent les efforts déployés du changement qui est chapeauté par l'État ainsi que les diverses élites afin de formuler un consensus qui permet l'expansion de la participation politique.

La normalisation de la participation politique conduit à la question de savoir comment les femmes élues expriment leur succès dans ce domaine, pour cela le chercheur a cherché à analyser la structure de l'imaginaire social des femmes à travers trois concepts: la personnalité du genre, les croyances du genre, et le contrôle social du genre. La formation sociologique du paradigme dans la politique des femmes élues est dans un continuum de facteurs interdépendants tels que : la socialisation et l'autonomisation éducative et économique qui augmente les ressources de la femme pour s'engager dans l’action politique. De ce point de vue, cette étude repose sur la méthode exploratoire pour les sujets: famille et éducation, expérience politique, projet individuel et projet politique.

Mots-clés: paradigme, participation politique, personnalité de genre, contrôle de genre

From approaching the subject of elected women, the researcher aims to analyze their political paradigm which directs their actions in political affairs. Elections that represent a political occasion reduce cultural and social dimensions that are being implemented when candidating oneself and voting, and they reflect the change-led efforts of the state as well as the various elites in order to formulate a consensus that allows the expansion of political participation.

The normalization of political participation leads to the question of how elected women express their success in this field, so the researcher sought to analyze the structure of women's social imagination through three concepts: gender personality, gender beliefs, and gender social control. The sociological formation of the paradigm in the politics of elected women is in a continuum of interrelated factors such as social upbringing and educational and economic empowerment that increases the resources of women to engage in political action. From this point of view, this study is based on the exploratory method to the subjects: family and education, political experiment, individual project and political project.

Keywords: paradigm, political participation, gender personality, gender controls

Quelques mots à propos de :  أنور مقراني

أستاذ محاضر أ. جامعة محمد لمين دباغين. سطيف2

مقدمـــة:

يتناول البحث موضوع  النساء وبراديغم السياسة، ويعتقد المؤلف أن الوقت الراهن يعرف موجة اجتماعية وسياسية تعمل على تكريس مفهوم الجندر ضمن خطاطة التغيير الاجتماعي الذي يستهدف من جهة إعادة الاعتبار للنساء ضمن المنطوقات السياسية والاقتصادية حتى يمكن إدماجهن ورفع مساهمتهن بما يخدم التنمية. ومن  جهة ثانية إن التوجه نحو الجندر مدفوع اليوم بشيوع المفهوم  وأولويته في السياسات الدولية في جميع المجالات، وانخراط الدول في مسعى التمكين السياسي والاقتصادي للنساء في التنمية والمجتمع عامة، يمثل أحد أهم الرهانات التي تحاول منظمة الأمم المتحدة توسيع انخراط الدول النامية فيها.

إن الدور المنوط بالمرأة الجزائرية اليوم (سيما وأن تاريخها النضالي إبان حرب التحرير)، يشرعن لها أن تكون في مقدمة اهتمامات النخب السياسية، فإذا كان الخطاب الرسمي يلح على ضرورة ترقية دورها والانفتاح الذي نتلمسه في كل مجال نحوها ولو بشكل نسبي   أو محتشم في أحيان أخرى، إلا أنه لم يعد من قبيل المفاجأة أو التزمّت أن تتقلد مناصب المسؤولية السامية في البلاد، ولم تعد صورة المرأة العاملة والمثقفة والسياسية مقززة لشرائح اجتماعية كما كان عليه الوضع سابقا، بل بالعكس انحسرت تلك الأفكار نتيجة التغيرات التي شهدها المجتمع الجزائري خصوصا بعد 1988تاريخ الانفتاح الديمقراطي، ومنه أمكن أن نشاهد اليوم على شاشات التلفزيون برلمانيات ووزيرات تمكن من دخول الحقل السياسي، يلعبن دورهن التسييري كما الرقابي و التشريعي. من هنا لنا أن نتساءل عن تأثير مثل هذه النماذج النسوية في تشجيع تحرر المرأة ودفعها للمشاركة السياسية، والتقييم الاجتماعي لهذا الدور الذي تلعبه في الحياة السياسية.

أولا: مشكلة الدراسة:

تعد قضية المرأة من الناحية المعرفية والبحثية حالة مستجدة على الفكر الأكاديمي، لأسباب سيجري عرضها في هذا البحث، لكن الأكيد أن تناولها استغرق قي المقاربات والقوالب النظرية الجاهزة بين تلك التي تبحث في الإصلاح وبين تلك التي تسعى إلى توثيق علاقة الأشياء-المرأة-الإنسان. وبين هذا وذاك كانت الخطابات واللغة والرموز تعبيرا عن تناقضات البراديغمات وليست منتجا خالصا لإشكاليات المرأة في الوعي الحضاري المعاصر. "فالمرأة في الدراسات موضع البحث ليست قضية بحث نظري فكري أو مجرد بقدر ما هي قضية حيوية عملية وحركية وسياسية، بل إنه لا يخفى أن في العالم الإسلامي أضحت المرأة وملحقاتها من مؤسسات اجتماعية تشريعية وثقافية ومعرفية حلبة اصطراع حضاري ومحك الاختبار الجدي لعالمية المشروع العلماني التغريبي. أما في الغرب ذاته فإن قضية المرأة... تشكل بدورها محك اختبار صلاحية أو صحة ونفاذ هذا المشروع في عقر داره"1.

إن جدارة البحث في براديغم السياسة عند النساء متأتي بالأساس من السؤال الكبير الذي قاد فكر فاطمة المرنيسي إلى مساءلة الحاضر بالماضي: كيف نجحت نساء الأزمنة القديمة، اللواتي يفترض فيهن أنهن أقل تأهيلا منا، في حين فشلنا نحن العصريات بشكل  مثير للشفقة؟، فبعد أن تقصت في كتابها "السلطانات المنسيات" فاعلية الدور النسائي في القرار السياسي العربي الإسلامي، تلاحظ الكاتبة أن " ثمة نوع من قبول اللعبة الديمقراطية  في كثير من البلدان الإسلامية، حيث تمثل الشعوب في مجالس ومؤسسات تعين عن طريق الانتخابات العامة، وتتوجه ملايين النساء المسلمات إلى صناديق الاقتراع في كل مرة يعلن فيها عن انتخابات...والبرلمانات الإسلامية و"مجالس الشعب" أو"الثورة" في معظم حالاتها تماثل مقصورات الحريم: كلها من جنس واحد. جنس واحد يفكر ويجهد نفسه لتنظيم مسألة الجنس الآخر وفي غيابه....وفي الوقت الذي يفترض فيه أننا أكثر تحصيلا للمؤهلات وأكثر مكرا وأكثر تصنعا فها نحن بأريحية مبعدات عن السياسة"2.

إن تناول مفردات براديغم السياسة، ليس بحثا عن استنساخ جديد للعوائق الثقافية والاجتماعية التي تعيد إنتاج نفس الأطر وبنفس آليات الانسحاب النسوي من السياسة، ولكن على العكس من ذلك فالباحث يسعى إلى تحديد هذا البراديغم من خلال استعراض محتوى الخطاب السردي الذي تنتجه النساء عن السياسة من  جهة، ومن جهة ثانية من خلال تفكيك الأدوار النسوية المترنحة بين المجالين العام والخاص، والتي تبين قدرتهن على التفاوض لصالح تعزيز حضورهن الفاعل في المجال العام، فالخطاب الدولاتي لما بعد الاستعمار المشجع على المشاركة والعمل السياسي في بناء الدولة اشترط عدم تأثير ذلك على الأدوار النسائية في المجال الخاص، وبذلك "أنتجت تناقضات الخطاب الوطني الحداثي فيما يتعلق بالنساء تحديداً تلاويناً مختلفة ومتنوعة للمسألة النسوية...فبينما أنتجت تلك التجارب خطابات ومشاريع وطنية "ونسائية أيضاَ" -قامت على بديهية دعم مشاركة النساء للانخراط في المجال العام والمشاركة السياسية   والاقتصادية - فقد افترضت أيضاً - بدرجات مختلفة - حتمية الإبقاء على أوضاع النساء المتدنية في المجال الخاص كركيزة أساسية للهوية المحلية"3.

إن سؤال براديغم السياسة هو في الواقع بحث في مكانة السياسة قولا وممارسة لدى النساء الجزائريات، وأيضا هو إعادة تصور للفهم النسوي للسياسة الذي لا يمكن حصره بالفهم التقليدي الهابرماسي المحدود بالحزب والتواصل السياسي داخل هيئاته، ولكن باستقلالية براديغم السياسة عند المنتخبات باعتباره انخراطا في بيروقراطية الدولة المستقلة عن الفضاء العمومي.

وبناء على ما تقدم، يطرح البحث السؤالين المواليين:

-هل براديغم السياسة عند النساء واقع تحت سلطة أدلجة جندرية تروم توطين المركزية الأنثوية في المجال العمومي؟

    -هل يرتبط براديغم السياسة عند النساء المنتخبات بالتقسيم الجندري للعمل السياسي؟

ثانيا-مبررات الدراسة وأهدافها:

تحاول الدراسة تفكيك الخطاب النسوي عن السياسة، وتفترض أن مفهمة النساء عن الموضوع متسقة في براديغم يتغذى على التجارب الذاتية والجمعية للنساء، وأيضا على التغييرات التي تلحق البناء الذكوري للمجتمع. إن مفهومي التقسيم الجندري للعمل والإيديولوجية الجندرية مهمين في تحليل تصور النساء لتغلغل الجندر في البنيات المجتمعية والبنيات السياسية والقانونية للدولة. فالإيديولوجية التي تحاول أن ترسم صورة مجتمع المواطنة والتسامح والتنوع،  تتشبع يوما بعد يوم من خلال هياكل تنشيئية وتعليمية وإعلامية تقوم بالتعزيز المتواصل لهذه التمايزات والاختلافات الجندرية بحيث تصبح مقبولة ومتبادلة النقاش في المجال العام كما الخاص. وفي ذات السياق يمثل المجال الاقتصادي الامتحان الأمثل لهذه السيرورة التنشيئية، حيث أن الكفاءة والتأهيل والمخاطرة تمثل من الناحية الأفقية تساويا عادلا للفرص للذكور كما للإناث. إن صورة العمل وما ينجر عنه من تقاسم لمجالاته وامتيازاته وتحدياته تقدم صورة واضحة عن مدى قدرة العالم الاقتصادي على تبني وإشاعة النموذج الجندري في السياقات الأخرى كما هو الحال بالنسبة للسياسة

ثالثا- تحديد المفاهيم:

1- مفهوم البراديغم:

يعتبر مفهوم البراديغم حديث الاستخدام في الإبستيمولوجيا، ما جعل دلالاته وتعريفاته تتعدد أيضا، كما وتستخدم الجماعة العلمية مسميات مرافقة للمفهوم كمثل النموذج والتمثل والصورة، وغيرها.

يحدد توماس كوهن(Thomas S.Kuhn) النموذج اعتمادا على مصفوفة معرفية(disciplinary matrix)، مكونة من أربعة عناصر:

-التعميمات الرمزية(generalizations symbolic): هي تلك الرموز "والتعبيرات المستخدمة التي نشرت بسهولة وبشكل منطقي دون ارتياب أو اعتراض من جانب أعضاء المجموعة"4.

- الأجزاء الميتافيزيقية(metaphysical parts): وهي الالتزامات المشتركة لمعتقدات الجماعة العلمية

- القيم: تمنح إحساسا اجتماعيا للمجموعة العلمية

-النموذج(paradigm): يشير إلى تقنيات الحلول للمشكلات التي يحصل عليها الباحثون من  خلال الحقل المعرفي الذي يشتغلون فيه. وبذلك يتعرف البراديغم بأنه "مجموعة أمثلة معترف بأنها عمل علمي-وهي أمثلة تشتمل على قوانين ونظريات وتطبيقات وعدة تجريبية-تقدم "نماذج" تولد تقاليد محددة ومتماسكة في البحث العلمي"5. والانخراط في البراديغم يفترض الالتزام بشعور هوياتي قوي، مخصص بالأساس لسجل من حشد القيم، "والمعني بها هو  قيم الدقة، والتماسك الداخلي والخارجي، والبساطة، والفائدة الاجتماعية للعلم، ... وأن هذه القيم ينبغي أن تكون موجودة لدى جميع الباحثين من نفس الجماعة (communauté)"6، وإن تأثر استعمالها وتأويلها بالخاصيات الشخصية والبيوغرافية لأفراد الجماعة.

يؤسّس آلان توران (Alain Touraine) لمفهوم البراديغم من خلال تحليل معالم التحول الاجتماعي الكبير، منذ القرن التاسع عشر وإلى اليوم، والذي تلاحقت فيه الأطر البراديغمية من السياسة إلى الاقتصاد إلى الثقافة، فيقول: "إن الانهيار المتلاحق لمقولات التحليل والعمل الاجتماعية ليست حدثا غير مسبوق، فقد كنّا، في بدايات الحداثة، نتمثل الواقعات الاجتماعية ونعبّر عنها بمصطلحات سياسية،  كالنظام والفوضى والسيادة والسلطة والدولة والثورة. ولم نستبدل بهذه المصطلحات السياسية، إلا بعد الثورة الصناعية، أخرى اقتصادية واجتماعية، كالطبقات والكسب والتنافس والتوظيف والمفاوضات الجماعية. لكن التغيرات الراهنة هي من العمق بحيث تقودنا إلى التأكيد أن براديغما جديدة هي في صدد الحلول مكان البراديغما الاجتماعية على غرار ما حلّت هذه الأخيرة مكان البراديغما السياسية"7. ومنه تصبح البراديغما الجديدة تصورا يسمح بفهم التكوينات التمثّلية والمخاييل الاجتماعية للذوات والجماعات، ولتسمية الفاعلين الجدد، والنزاعات الجديدة، ما يمكن في الأخير من إقامة نظرة أو  مشهد جديد ومحاين للواقع الحقيقي.

يتعرف البراديغم في هذه الدراسة من الناحية الإجرائية بأنه الفهومات المشتركة بين الجماعة النسوية، والأطر التعليمية والمواطنية والإيديولوجية التي تستند إليها النساء في تحديد الخاصيات النسوية الحزبية المنتخبة. هذه الأطر ترتبط باستيعاب الجندر في المنطوق النسوي وتطبيقاته العملية في الحياة الاجتماعية والسياسية. ومنه يصبح براديغم السياسة مضخّما بالمعاني والفُهوم الجندرية التي تستهدف إعادة ترتيب المجال العام من خلال فرط الرعاية الأسرية، الاستغراق في النجاح المؤطر والمؤسساتي (التعليم، الوظيفة، السياسة)، وأخيرا الاعتياد والفاعلية المواطنية التي ترسخ قيم العدالة والمساواة والحرية والنجاح ما يحد من الهيمنة الذكورية في المجال السياسي.

2-تحليل سوسيولوجي لمفهوم الجندر:

ينصرف مفهوم الجندر إلى تعريف وضعيات اجتماعية تحتاج إلى إعادة تقويم، كما يسمح بتجاوز البنى التقليدية والذهنيات الذكورية التي طبعت المجتمع العربي، والتي أدت دورا في إعادة بناء التوافقات والتراتبات الاجتماعية ضمن منطق إنساني يقر بتنوع العالم الذكوري وتوحد وانغلاق العالم الأنثوي. إن الكلام عن الجندر يستحضر في الواقع الرواسب التاريخية والثقافية الكامنة في المدنية والتقدم الذي يتبدى في مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهو أيضا يعري جانبا من سلوكاتنا الاجتماعية والسياسية التي تنمط الأشياء وفقا للطبيعة العرفية والتقليدية. من هنا يصبح الكلام عن الجندر في الوقت الحالي، انغماس في سيرورات التحول الديمقراطي وتأكيد على أن الحالة الديمقراطية الصلبة التي تقر بالأحزاب والإصلاحات الدستورية والحرية، ليست سوى تمظهرات مغلطة ومكرسة للامساواة الاجتماعية لفئات اجتماعية  متنوعة. إن الديمقراطية السائلة التي تحمل وتعرف التمايزات والاختلافات بين الأفراد تؤمن الثقة في تأصيل أكثر عمقا للديمقراطية.بهذا المعنى يشترط مفهوم الجندر "أن يؤخذ المعيار والبعد  التحليلي لأي موضوع كان من  زاوية الجنسين معا وينظر لأدوارهما المختلفة باختلاف الثقافة، والزمان، والمكان من قاعدة التكامل والتكميل وليس المفاضلة"8.

كما يعرف الجندر من خلال دوره في التنظيم الاجتماعي، حيث يستطيع الأفراد تعريف أنفسهم باعتبارهم أفرادا ومن ثم تنظيم علاقاتهم الاجتماعية مع بعضهم ومع المجال الذي ينتمون إليه، مثلما يظهر النوع في عملية الترميز لأحداث وظواهر اجتماعية ذات معنى بالنسبة للفاعلين، بهذا المعنى فإن الجندر أوليا هو عملية حركية وليست سكونية "وهذا يتضمن أن النوع ينتج ويعاد إنتاجه بصورة مستمرة. أي أنه يمكن القول بأن النوع يمثل أو "يمارس" ولا يتم التعبير عنه فقط... ثانيا إن النوع ليس مجرد خاصية ترتبط بالأفراد، بل إنه يحدث على كل مستويات البناء الاجتماعي...ثالثا، إن هذا التعريف للنوع يشير إلى أهميته في تنظيم علاقة اللامساواة"9.

إن تناول الجندر يحمل في ذاته استفهاما عن كيفيات المشاركة السياسية وعن المنطوقات الذهنية والفردية التي ينبغي أن تحمل وتنجز المشروع الديمقراطي. فاليوم يكثر الكلام عن الانتقال والإصلاح الديمقراطي وإشاعة الحرية، فيما يسقط من الحسبان توفير المجال والظروف التي يمكن أن تحضن هذا المشروع، حيث يبقى "قيام مجتمع عربي إنساني خال من الفقر واليأس، حلما بالنسبة إلى الكثير من المواطنين العرب، وهو حلم  ينبغي أن يتحقق لجميع. فإذا كان الأمن في المنطقة هو علامة الخلاص من الخوف، فإن الرفاه هو الهدف الذي لا يتحقق دون الخلاص من الحاجة"10.

يحمل مفهوم الجندر عددا من المكونات، نحاول فيما يأتي تعريف تلك التي جرى استخدامها في الدراسة والتي من بينها:

أ-الشخصية الجندرية:تعرف بأنها التوفق النفسي والاجتماعي للسلوك الجندري مع المعايير الاجتماعية السائدة، وتستمد النساء عناصر الشخصية من التنشئة الاجتماعية الأسرية والمؤسساتية التي تقع خارج فضاء العائلة. بهذا المعنى تظهر الشخصية الجندرية من خلال  تعبيرهن وممارستهن لأدوارهن وحيازتهن للأمكنة الاجتماعية باعتبارها استجابة للمعرفة الجندرية التي حازتها من خلال تكوينها أو من تربيتها الأسرية او من تأثير التعزيز الدولاتي للمساواة في التشريعات والقوانين والمجالات المختلفة.  

ب-المعتقدات الجندرية: تستند المعتقدات إلى المشتركات المجتمعية، والتي تتكون من خلال سيرورة التنشئة الاجتماعية للفرد، وأيضا من خلال عمليات التغيير الاجتماعي التي تقوم بها برامج وسياسات قومية ودولية. يشير مفهوم المعتقدات الجندرية إلى وجود سمات ومشتركات شخصية بين النوع الواحد-النساء-(تختلف إلى حد التناقض مع الذكور من حيث الأدوار والأمكنة والموارد)، تعمل على توجيه سلوك النساء ونشاطهن وأعمالهن، وتؤثر على طموحاتهن وتقديرهن لذاتهن ودافعيتهن للإنجاز.

ج-الضبط الاجتماعي الجندري:يستخدم علماء الاجتماع مفهوم الضبط الاجتماعي للإشارة إلى وجود سلطة أو مؤسسات أو مجتمع تعمل على إخضاع الأفراد للمعايير الاجتماعية المتفق حولها، بما يمكن من تنظيم سلوكهم الفردي والجمعي. والضبط الاجتماعي يستخدم أيضا للإشارة إلى الإجماع الذي يتحقق في المجتمع اعتمادا على المكافأة والجزاء التي يمثلها أما مؤسسة رسمية أو اتفاقا ثقافيا بين الأفراد والجماعات أو الأمة الواحدة. وقد قصد الباحث بمفهوم الضبط الاجتماعي الجندري الاتفاق الاجتماعي الذي  تنشّأ من خلال عملية تعزيز تاريخية وتعليمية واقتصادية وتشريعية، وحاز على معايير ضابطة له سواء من خلال معايير رسمية(قانون الأسرة، القانون العضوي للانتخابات، قانون العمل)، أو من خلال معايير عرفية تنهل من الثقافة السائدة(الموقف من تعليم الإناث، أسبقية التعليم  والمهنة على الزواج، توسيع خيارات المهنة،...)

عطفا على ما سبق، يتعرف الجندر في هذه الدراسة، بأنه نظام مستقل عن الأفراد تأسس على فهوم ذاتية وجمعية تشكلت بفعل سيرورة الأدلجة الجندرية، ومن خلال التمكين الاقتصادي للنساء اللاتي يتمتعن بالحماية والدعم القانوني والسياسي والعائلي. وبهذا تحيل المخاييل الاجتماعية النسوية إلى الأدوار والمكانات الإنسانية بعيدا عن الثنائية الذكرية/الأنثوية، ما يجعل الممارسات والتصرفات الأنثوية تبحث في تقليص اللامساواة في المجالين العام والخاص.

3-مفهوم المشاركة السياسية:

يعتبر مفهوم المشاركة السياسية للمرأة حديث الحضور في الأدبيات العربية، وهو مشبع بالخطابات والمضامين السياسية الضيقة التي تحاول حصر المساهمة النسوية في الشأن العام من خلال شروط الترشح والانتخاب والحقوق السياسية عموما. وتماشيا مع تيار الدمقرطة العالمية، تبنّت الدول العربية مفهوم التمكين للمرأة الذي "يرتبط بمفهوم تحقيق الذات أو حضورها، وتعزيز قدراتها في المشاركة والاختيار الحر، ...أي إيصال المرأة إلى موقع اتخاذ القرار في المجتمع وفي البرلمان، وتعزيز دورها في هذه المواقع لتكون قادرة على تغيير واقعها وتغيير الآخرين أفرادا أو جماعات أو مجتمعا بأكمله"11.

هذا وتركز الأدبيات السياسية لمفهوم المشاركة السياسة "على أشكال الحشد المدني، حيث تؤكد على دور المواطنين في الديمقراطية التمثيلية لكل دولة-أمة، بما في ذلك  قنوات التأثير على الانتخابات، الحكومات والأحزاب"12. وبذلك تصبح المشاركة مقترنة بقدرة المواطنين نساء ورجالا على التأثير في صناعة القرارات الحكومية من خلال الأشكال المؤسساتية التي يكفلها وينظمها القانون، كمثل الأحزاب والقوى الاجتماعية المنظمة في إطار المجتمع المدني. وفي نفس الوقت تعمل الاحتجاجات والمظاهرات ومجموعات الضغط المختلفة (كما هو حال اللوبيات الاقتصادية والسياسية) على عرقلة أو توجيه أو تعديل أو حتى إلغاء خطط حكومية يتلقفها المواطنون على أنها تلحق  الضرر بالمصالح الاجتماعية العامة.

وتقتضي المشاركة السياسية وجود مجموعة بشرية تتكون من المواطنين والمواطنات الذين يتوفر لديهم الشعور بالانتماء إلى هذه المجموعة البشرية وبضرورة التعبير عن إرادتهم متى توفرّت لديهم الإمكانيات المادية والمعنوية ووسائل أو آليات التعبير. غير أن المشاركة السياسية لا يمكن أن يكتب لها النجاح إذا لم تأخذ في الحسبان العوامل المحفزة بعين الاعتبار منها القدرة  والدافع لدى الفرد، والفرص التي يوفرها المجتمع اعتمادا على نسق التقاليد والعادات والإيديولوجيات السائدة، إضافة إلى الظروف السائدة على المستوى السياسي والاجتماعي، وهنا ينبغي الإشارة إلى أهمية التنشئة الاجتماعية التي تخلق للفرد سلوكا مشاركاتيا، حيث تزوده بالمثيرات التي يستقبل من خلالها قيم المشاركة، وكلما زادت هذه القيم كان لنا أن نتوقع مشاركة متنوعة في أنشطة ومجالات مختلفة بأكثر حماس وعمق.

رابعا-منهجية وتقنية الدراسة:

إن التشكل السوسيولوجي لبراديغم السياسة عند النساء، واقع في حلقة متصلة من العوامل المتداخلة كالتنشئة الاجتماعية والتمكين التعليمي والاقتصادي الذي يرفع من موارد النساء للانخراط في العمل السياسي، وهو ما قد يبعد التحليل عن التفسيرات التي تعتمد الكوابح الذكورية والدينية والثقافية لعلاقة المرأة/السياسة. من هذا المنطلق تتنزل هذه الدراسة اعتمادا على المنهج البيوغرافي لثلاثين(30) امرأة منتخبة في المجالس البلدية والولائية، وقد تم استجوابهن عن موضوعات محددة: العائلة والتعليم، والتجربة السياسية، والتطوع، الحرية، المسؤولية، المشروع الفردي والمشروع السياسي.

اعتمدت الدراسة تقنية سيرة الحياة التي تعرّف بأنها "كل سيرة فردية منتجة من طرف فرد اجتماعي، الذي يحيل في روايته إلى انتماءات اجتماعية مختلفة، وهيئات متنوعة: العائلة، المدرسة، العمل، الرفاق، الحي، جمعيات. تترجم هذه السيرة المشروع الفردي الذي يمر بالتجربة الجمعية...بهذا المعنى تعتبر سيرة الحياة تجربة ذاتية، فردية واجتماعية"13. تمثل تقنية سيرة الحياة محاولة معرفية لأجل تشكيل فهم جديد لعلاقة تكاملية بين الذات العارفة(النساء المنتخبات) وبين المجتمع الكلي، ما يسمح للباحث من الإمساك بما قد يتفلت من المعيار الاجتماعي السكوني (الحتمية). "إن الأولوية الممنوحة للبعد الاجتماعي لشخصية الفرد المبحوث، لا تستهدف البحث في الفهم الفرداني لهذا الشخص أو الأشخاص من خلال سيرة الحياة، وإنما "استخلاص، معلومات، توصيفات، تعقب المسار، من تجارب حياة اجتماعية من الذي أو الذين يحيون أو يعايشون في هذا الموضوع الاجتماعي ما يساعد على فهم الأداء والديناميكية الداخلية"14.

وبذلك يصبح البحث في الفرد مستهدفا فهم الفعل الاجتماعي الفرداني، الذي يعتبر منتجا وقارئا وجيها لكل الأحداث والصور والأشكال الفردية والجماعية التي حصلت بمناسبة تبلور براديغم السياسة عند المبحوثات، وهي بهذا المعنى محكومة من خلال فترتين متمايزين حالة الديناميكا الاجتماعية التي ينخرط فيها الفرد مع المجال الاجتماعي الأسري والعلائقي، وفترة السكون التي تعني إعادة قراءة شخصانية لحاصل التجربة الاجتماعية التي تجري إعادة موضعتها في سلم المعايير والتمثلات والهويات، وتطوعها وتطبعها النساء المنتخبات بخصائصها الفردية).

أخيرا اعتمد الباحث في تحليل الأجوبة على طريقة التكاثف الأفقي الذي يسمح باستخلاص المعاني والكلمات التي تشكل رؤية وفكرة المبحوثات عن موضوع محدد.

خامسا- عينة الدراسة ومجالها الزمني والمكاني:

اعتمدت الدراسة على العينة القصدية(النمط غير الاحتمالي)، والتي اختيرت من خلال متغيرين أساسيين: الانتماء الحزبي، وصفة المنتخبة في المجالس البلدية والولائية وقد بلغ عددهن ثلاثون(30) حالة، شملت نساء منتخبات من ولايات سطيف، الطارف، مسيلة، ينتمين لأحزاب مختلفة ((جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، التحالف الوطني الجمهوري، العمال، الفجر الجديد، حمس، العدالة والتنمية الاجتماعية، العدل والبيان). وهؤلاء تم استجوابهن مباشرة في أماكن مختلفة، الأول في البلديات، ثانيا أماكن عملهن الدائمة(فهن أستاذات، موظفات، مقاولات،..)، وأخيرا في تكوين خاص بالمنتخبات أشرفت عليه وزارة الداخلية والجماعات المحلية جرى بمدينة سطيف. وقد استغرق استجواب الحالات المدروسة فترة زمنية امتدت من 05فيفري إلى 23فيفري 2017.

سادسا-الأطر القانونية للمشاركة السياسية للمرأة الجزائرية :

نصت الكثير من القوانين والمواثيق الدولية على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مجال المشاركة السياسية، وقد نادتمعظم الدساتير التي عرفتها الجزائر بهذا المبدأ ، وأهمها دستور1996. من الناحية التاريخية تأسست المشاركة السياسية النسوية غداة الاستقلال(1962)، حيث حصلت فيه  المرأة "على حق الترشيح والتصويت، ونجحت في دخول البرلمان15 في نفس العام، حيث انتخبت حينها 10نساء من بين194 نائبا بما يمثل 5% من مجمل أعضاء المجلس"16.

إن أول دساتير الجزائر المستقلة الصادر سنة 1963، نص في مادته رقم 12"على المساواة بين كل المواطنين، والجنسين ولهما نفس الحقوق ونفس الواجبات"17، ثم توالت الدساتير المنادية بهذا المبدأ، كما هوحال دستور 22نوفمبر 1976ودستور 23فيفري  1989ثم دستور 28نوفمبر 1996، جميع هذه الدساتير عملت على هدم التمييز بين الرجل والمرأة وأكدت ضرورة المساواة بينهما، وعززت بذلك  مبدأ المشاركة السياسية للمرأة كحق دستوري.

أما دستور 2008فقد أعطى حظا أوفر ونسبة مشاركة أكبر للمرأة، وهو يأتي كترجمة فعلية للاتفاقيات والقوانين التي صادقت عليها الدولة الجزائرية في أشغال المنظمات الدولية. وقد استتبع هذا الدستور بالقانون العضوي 12/03المحدد لكيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة18، ويعتبره البعض قانونا ناجحا من خلال رفع عدد النساء المشاركات في العملية الانتخابية، وكذا عدد النساء في المجالس المنتخبة سواء البلدية، الولائية والمجلس الشعبي الوطني. كما أنه يمثل آلية إيجابية لتحصين ودعم تواجد النساء المنتخبات في المؤسسات الديمقراطية، ويسمح لهن بالمشاركة السياسية الكاملة وبعدالة ومساواة.  

لقد أصبح تفعيل دور المرأة سياسيا من المواضيع التي شغلت الباحثين بشدة في العشريتين الأخيرتين وأصبح الاهتمام بها في المقام الأول سواء في العالم عامة والجزائر خاصة ، ويرجع ذلك لتنامي ضغط المجتمع الدولي من خلال الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بتمكين المرأة سياسيا وعلى جميع الأصعدة والمجالات. ومنه أخذ الخطاب السياسي في التغير، داعما لحقوق المرأة في العمل السياسي في ظل التحولات الديمقراطية الذي تشهده الدول العربية من خلال ما يسمى بثورات الربيع العربي، ولهذا فالمتابع لخطابات السياسيين ولبرامجهم السياسية الحزبية أو الانتخابية يسجل حصول تغير جذري في موقفهم من مشاركة المرأة في العمل الوطني والسياسي بل أصبحت تأتي في مقدمة الأولويات عندهم.

وفي هذا المجال نعود إلى الخطابات التي ألقاها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مناديا في العديد من المناسبات بدعم المرأة ومنحها كامل حقوقها وخاصة السياسية، وماء جاء في إعلانه لتعديل الدستور بموجب القانون 08-19المؤرخ في 15نوفمبر  2008كانت بمثابة مكاسب سياسية حققتها المرأة الجزائرية19.

وبالعودة إلى المشاركة السياسية للمرأة طيلة خمسين سنة منذ الاستقلال(والتي كانت بدايتها المشاركة في التصويت) إلى يومنا هذا،  يسجل الحضور الهامشي للمرأة في الحياة السياسية، سواء تعلّق الأمر بوجودها في المجالس المنتخبة أو في هيئات اتخاذ القرار. ولكن العام 2012 مثل أهم مرحلة في هذا الشأن، فقد كان لصدور القانون العضوي 02-2012 الذي يحدّ كيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، الأثر الكبير في الرفع من نسبة تمثيل المرأة في المجلس الشعبي الوطني إلى نسبة 31%، حيث يبلغ عدد النائبات بعد انتخابات 10 ماي  2012، 146 امرأة بما يجعل الجزائر تحتل المرتبة الأولى عربيا والثمانية والعشرين عالميا. ومن دون الخوض في الجوانب التي أدت إلى تبني هذا القانون الذي يكرّس باسم القانون مبدأ نسب تمثيل المرأة (أو ما يعرف بالكوتا)20.

يعتبر نظام الكوتا "شكلا من أشكال التدخل الإيجابي، لمساعدة المرأة على التغلب على العوائق التي تحد من مشاركتها السياسية مقارنة بأقرانها الرجال"21، وقد تزامن ظهوره مع التطور الملموس في مفهوم المساواة، أين تم الانتقال من المساواة كمبدأ إلى المساواة كهدف. وينتظر من هذا القانون أن يلعب دورا على المستوى القريب والمتوسط في إعادة انخراط النساء وموضعتهن كقوى فاعلة في التنمية الوطنية، وأيضا مشاركات في صوغ وتقرير السياسات الوطنية في مختلف المجالات وهو ما "سيسمح لعدد هائل منهن بالانخراط في العمل السياسي وهو يعطي الفرصة أكثر من السابق لظهور كفاءات نسوية للتسيير والقيادة والمشاركة"22.

يبين الجدول الموالي، المقاعد التي تحصلت عليها النساء في انتخابات المجلس الشعبي الوطني بين سنوات 1997و2012

جدول (1) تمثيل النساء المنتخبات في المجلس الشعبي الوطني(البرلمان)23

نتائج الانتخابات البرلمانية

2002-1997

2002-2007

2012-2007

2017-2012

العدد الإجمالي للمقاعد

380

389

398

462

عدد مقاعد النساء

15

26

31

146

نسبة النساء (%)

3,9

6,6

7,7

31,6

ويظهر الجدول تصاعد الحضور النسوي للنساء في المجلس التشريعي مقارنة بالسنوات الماضية، وهذا المنحى الإيجابي لا يفسر فقط بنظام الكوتا فحسب، لأن الانتخابات السابقة على إقرار  هذا  النظام تبين بما لا يدع للشك توجها مجتمعيا محبذا للمشاركة النسوية في الانتخابات ترشحا وانتخابا. هذا التوجه يفسر واقعيا بالقرار النسوي الأصيل الذي يستند إلى انفتاحية المجال السياسي والمجتمعي الذي يكتنز تسامحا نحو الحضور النسوي في المجال السياسي. هذا التوجه الإيجابي لشغل المرأة مناصب انتخابية، يتعزز بشكل بطيء في مجلس الأمة والمجالس الشعبية البلدية والولائية24. فعلى سبيل انتقل عدد النساء من ستة (06)نساء (2.7%) في مجلس الأمة سنة 2006إلى عشرة (10) نساء (6.9%) في عام 2012. فيما ارتفعت حصة النساء من مقاعد المجالس الشعبية البلدية من 04% سنة 2002إلى 16.6%  عام 2012(4119امرأة)، فيما زادت نسبة تمثيلهن في  المجالس الولائية في نفس الموعدين الانتخابيين إلى 29.7% (595) بعدما كانت 4.2%. غير أن هذا التغيير المجتمعي في المناسبة الانتخابية لا ينبغي أن يحجب حقيقة الدور النسوي المنساق نحو الموضوعات المركزية للأحزاب السياسية، فلم يسجل أبدا  طرح" مسألة وضعية المرأة كقضية في أية حملة انتخابية، حتى إن المناضلات في الأحزاب يركّزن على الشعارات الحزبية، ويتهربن من الدفاع عن القضايا التي تخدم المرأة على الغم من أنّهن لا يختلفن بذلك عن "إخوانهن" في ممارسة وظائفهن داخل المؤسسات السياسية والخاصة. ويعني نظام الاختيار أن هذه العناصر المحددة لا يمكن المخاطرة بتحديها"25.

 وبناء على هذا النتائج الإيجابية المحققة لفائدة النساء فقد صنف برنامج الأمم المتحدة للتنمية الجزائر في المرتبة الأولى عربياً والمرتبة الــــ 27عالمياً من حيث تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. وكانت الانتخابات التشريعية التي أجريت بالجزائر عام 2012قد شهدت ارتفاع نسبة النساء المشاركات في البرلمان الجزائري إلى %31.38حيث ارتفع تمثيل المرأة في البرلمان إلى 145امرأة من أصل 462مقعداً، وذلك بعد التعديلات التي أقرتها الحكومة الجزائرية في الإصلاحات السياسية الأخيرة التي تمنح للمرأة نسبة مشاركة تتراوح بين %30وال %50  في المجالس المنتخبة.

-هذا وقد انطلق رسميا بالجزائر العاصمة يوم 30سبتمبر2015برنامج تعاون بين الجزائر والأمم المتحدة، حول "تعزيز فعالية المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء " بحضور ممثلين عن مختلف الشركاء المعنيين بتطبيقه. ويهدف المروع إلى "دعم الحركيات المؤسساتية والمجتمع المدني الرامية إلى الدفاع عن حقوق الإنسان للنساء في الجزائر في صالح مساواة فعلية بين الجنسين ». ويضم ثلاث محاور: ترقية المشاركة السياسية للنساء -الوقاية من العنف ضد النساء- بث قيم المساواة من خلال وسائل الإعلام"26. وتتمثل الأطراف المعنية بتنفيذ هذا البرنامج على المستوى الوطني في وزارات التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، والاتصال، والداخلية، فض ا عن غرفتي البرلمان وممثلي المجتمع المدني.

سابعا-الأدلجة الجندرية، النساء والمجال العمومي:

تتعرف الحالات النسوية المدروسة من خلال المتغيرات المبينة في التحليل، وهي بمثابتة تمايزات تؤطر وتوجه التصرفات والمخاييل والمواقف النسوية نحو الموضوعات المثارة. هذه المتغيرات تتمثل في العمر، العمل الجمعوي، الانخراط الحزبي، المهنة، المستوى الدراسي، التجربة العائلية الحزبية، والتي تسمح بفهم براديغم السياسة على أنه حاصل تفاعل الأدلجة الجندرية في المجالين الخاص والعمومي.

يشير مفهوم الأدلجة الجندرية، إلى الرؤية المركزية الأنثوية للعالم الاجتماعي المحشوة بالقيم والآراء والتصورات المغالية في تبنيها للنزعة الجندرية، ويقوم على فهم خاص للمساواة ولقيمة الأدوار الاجتماعية الأنثوية، وتتميز الأدلجة بنفاذيتها الأفقية لعالم النساء اعتمادا على الأشكال المؤسساتية والتشريعية والإعلامية والاقتصادية، حيث يصبح الجندر مفهوما وممارسة مغاليا في قراءة وتوصيف وضعية وحقوق النساء بشكل يحرف الجندر عن مضمونه المعرفي والاجتماعي الصحيح.   

جدول (2) يبين عمر النساء المنتخبات ومستواهن التعليمي

        المستوى التعليمي

    العمر

ثانوي

جامعي(تدرج)

جامعي(ما بعد التدرج)

المجموع

24-34

/

26.09

50%

23.33%

35-45

40%

43.47%

/

40%

46  سنة وأكثر

60%

26.09%

50%

33.33%

أخرى

/

04.35%

/

03.33%

المجموع

100%

100%

100%

100%

الملاحظ أن المستوى التعليمي الجامعي يغلب على النساء، مثلما أن العمر في علاقته مع هذا المتغير يسمح لنا باستنتاج أن هناك اهتماما مبكرا بالسياسة تبديه النساء متوافق مع اكتمال الدراسة الجامعية. وبذلك فإن التعليم موردا مهما في إشاعة العمل السياسي وأيضا استقطاب النساء إليه. من هنا هل يمكن القول أن الجامعة حاضنة مهمة لتنشئة النساء على السياسة.؟ هذا الملمح الاستفهامي يجد تفسيره في تحول الجامعة منذ العام 1999، إلى استثمار سياسي للدولة، فتوطين وإقامة الجامعات في كل ولاية بما يزيد عن ستين مؤسسة، زيادة عدد الملتحقين بالجامعة خصوصا من الإناث، توسع الحضور الأنثوي في التخصصات الجامعية، اهتمام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتكريس مبدأ العدالة والمساواة والحرية والاستقلالية من خلال المشروع الجامعي، لعب دورا في اهتمام النساء بالعمل السياسي. من جانب آخر استطاع الخطاب الدولاني ان ينتج في المخيال الاجتماعي النسوي صورة الدولة المنفتحة والمهتمة بالوضعية النسوية والراغبة في ترقيتها، سيما وأن الدولة انخرطت في الاتفاقيات والمؤسسات الدولية المهتمة بترقية المرأة في العالم.

لقد كان عمر المبحوثات إذن دالا على أن المشروع السياسي يمثل اهتماما مبكرا للنساء، فأغلب النساء المستجوبات تقل أعمارهن عن 45سنة ويمثلن أكثر من (63%) و(83.33%) منهن يحزن على تعليم جامعي(تدرج وما بعد التدرج)  فيما يحضر تخصص الحقوق بقوة في الدراسة الجامعية. الملمح الإيجابي لعينة الدراسة يكمن في متغير المهنة، حيث أن المنتخبة هي عاملة بالأساس لهذا فأغلبهن(86.67%) يشتغلن في قطاعات نشاط مختلفة: الوظيفة العمومية(50%)،أعمال حرة(16.67%)، المقاولة(10%)،  تقاعد(06.67%)، عقود الإدماج (03.33%).

تسمح لنا هذه القراءة بالقول أن استراتيجية النساء تتمثل في الاستفادة من الأدلجة الاجتماعية، فالتعليم الذي يحظى بقبول اجتماعي واسع، ويمثل خطوة مهمة للاستقلالية وللتفكير النقدي، ولإعادة ترتيب مراكز الهيمنة والتوجيه الاجتماعية، يستتبعه احتضان اجتماعي لفكرة ما بعد التعليم الجامعي. فالمجتمع الذي ينظر بإيجابية للتعليم، لم يعد يقبل بانتهاء الاستثمار العائلي عند هذه الحدود بل يزيد عليه حيازة مهنة قادرة على التوطين والتطبيع مع سوق العمل.

إن علاقة النساء بالمؤسسة سواء كانت تعليمية أو مهنية، مترسخ في المخيال الاجتماعي الجمعي بفعل رواسب التعزيز الإيديولوجي الذي أعملته  الدولة في البنى الاجتماعية منذ الاستقلال، لهذا فالنساء المنتخبات من خلال مسارهن التعليمي والمهني، ومنطوقات تفكيرهن هنّ في الواقع مُعيدات إنتاج لسيرورة الهيمنة. فالدولة التي تعرفت منذ البدء بالباترياركية والحارسة للتوافقات الاجتماعية والموزعة أيضا للخيرات للمواطنين، عملت على تنميط مهمّة المؤسسة في مشروعها الدولاتي باعتبارها الحيز المعنوي والرمزي للعقد الاجتماعي والسياسي بكل تجلياته، ومن خلال المؤسسة  تزحف الدولة بشكل  إيديولوجي نحو كل التكوينات الاجتماعية مهما كانت تراتبيتها الثقافية والعرقية والدينية. وهو  ما  مكّنها من كسب مزاج اجتماعي تابع ومتبني لكل الإستراتيجيات والسياسات التي ستقررها، والتي يتم تلقينها وغرسها بين جدران المؤسسة.

إذا اعتبرنا متغير التعليم حافزا اجتماعيا للنساء للاهتمام بالسياسة، فإن المجال العام يمثل مكانا تتجلى فيه صور الانخراط وأيضا التكوين وحيازة القدرة على التغلغل في البنيات الاجتماعية. إن إستراتيجية النساء إذن لا تقف عند تصورات التعليم كعامل ترقية، ولكن الانتماء الجمعوي والحزبي يسمح لهن بالانغماس داخل البنى السلطوية للدولة، بما يوفره من موارد زبائنية وعلائقية كبيرة داخل نسيج الإدارات والهياكل الولائية والبلدية والحكومية سواء على المستوى المحلي أو القومي.

جدول (3) يبين الانتماء الحزبي للنساء المنتخبات

الانتماء للحزب السياسي

نعم

لا

المجموع

جبهة التحرير الوطني

46.6%

33.33%

40%

التجمع الوطني الديمقراطي

20%

40%

30%

التحالف الوطني الجمهوري

06.67%

06.67%

06.67%

العمال

06.67%

/

03.33%

الفجر الجديد

06.67%

/

03.33%

حمس

06.67%

/

03.33%

العدالة والتنمية الاجتماعية

/

06.67%

03.33%

العدل والبيان

06.67%

/

03.33%

آخر

/

13.33%

06.67%

المجموع

50%

50%

100%

الانتماء الجمعوي للنساء يبدو نسبيا في معدل مقبول، ولكن ما يشد في الجدول أن حزب جبهة التحرير الوطني، يتميز عن باقي الأحزاب الأخرى، بقدرته على نقل الوضعية النسوية من الحالة الجمعوية التطوعية إلى الحالة الحزبية. وهو  ما يمكننا من استنتاج أن الجمعيات تلتقي في كثير من النقاط في النسيج الحزبي لجبهة التحرير التي تمتلك مسارا تاريخيا في هيكلة الجمعيات المتحلّقة بها. من جانب آخر، يمثل العمل الجمعوي في علاقته بالحزب، دالّة على توافق مشروعاتي بين النساء وبين الحزب، فهذا الأخير معروف باتجاهه الوطني وله تاريخ طويل من توطين النساء في الأجهزة الحكومية وحتى الوزارية، كما أن مشروعه السياسي يقترب كثير من الخط العلماني الذي يلقى قبولا اجتماعيا كبيرا تثبته  هيمته على العلمية السياسية في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

في الوقت نفسه نسجل تضادا في التاريخ الجمعوي بين منتخبات جبهة التحرير من جهة والتجمع الوطني وباقي الأحزاب الأخرى، واللافت أن استقطاب النساء يمثل إستراتيجية متباينة بين هذين القطبين. ففيما الأول يعمل على الرجوع إلى منابعه التقليدية والتاريخية في إنتاج النساء الحزبيات، نجد أن باقي الأحزاب والتي نشأ أغلبها في فترة متأخرة إلى العمل التعبوي والحزبي الجواري.

إن اختيار عينة الدراسة، وتوزيعها الحزبي، لا يحمل أي مصادفة، لأن الانتخابات المحلية التي أجريت العام 2012، اكتسحتها جبهة التحرير بأغلبية كبيرة يليها التجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما يفسر حضور منتخباتهن بقوة في هذه الدراسة. فــ 50% من مجموع الحالات المدروسة المنتمية لجبهة التحرير، انخرطن في الفترة 2004-2010التي تمثل النجاح الساحق للحزب في الانتخابات التشريعية لعامي 2002و2007. غير أن ما يسجل كملاحظة جوهرية أن أكثر من 53% من الحالات انتمين للأحزاب بعد العام  2012، وما يؤشر إلى أم الرأسمال الاجتماعي والعلائقي الذي تشكله النساء في المجال العام من خلال العمل التطوعي والجمعوي هو أساس انتقالهن من حالة المنتخبة الحرة إلى المنتخبة المؤطرة. وفي الواقع يدعو ذلك إلى استنتاج أن الأحزاب تستفيد من موارد النساء لأجل صياغة إستراتيجية نفاذ للبنى الاجتماعية بعيدا عن النوازع الثقافية والأبوية التي ولّى تأثيرها في صياغة مفهمة البراديغم النسوي. باختصار إن النساء يُطبعن الأحزاب السياسية بخاصيات الكفاءة والعلائقية والحاجة التبادلية التي تعني تغلغل الحزب اجتماعيا من جهة وتنظيم وتدبير الجماعة النسوية في أطر شرعية وموجهة.

تبين خطابات النساء أن المجال العمومي يغلب عليه منطوقات الكفاءة والقدرة والتأهيل، ما يعني أن الجماعة السياسية مشتركة في تعريفها لمفهوم المرأة المنتخبة، ذات الخاصيات المواطنية والتي يتقرر انتقالها من مرتبة الترشح إلى مرتبة المنتخب اعتماد تفضيلات الناخبين، وبهذا يتعرف النجاح باعتباره حصيلة منطقية لسيرورة التجربة النسوية في عوالم العمل والتعليم. أيضا في سؤالنا عن تقييم النساء لنظام الكوتا؟ يتباين موقفان، الأول يخص دور نظام الكوتا الذي يمثل مسارا حكوميا أعاد التوازن المجتمعي المطلوب لأجل التعديل بين الزيادة الديمغرافية والاقتصادية والتعليمية للنساء مع ما يقابله في الشأن السياسي. أما الموقف الثاني فهو يسعى إلى زيادة نسبة النساء في المجالس المنتخبة، في ظل حالة سلمية ميزت تمرير مقترح تعديل قانون الانتخابات العام  2012. تصور النساء لنظام الكوتا، يقود  إلى استنتاج الاستعباد الجنساني الرجولي كمعيق موضوعي للمشاركة النسوية،  كما تدعي النساء شفافية الأطر الانتخابية والحزبية، ومن ثم  فإزاحة إكراهات المجال العام، يدفع إلى تبنّيهن للفردنة النسوية التي تبرر الخبوت المشاركاتي للنسق النسوي الذي يتطبع بالانهزامية والانسحاب، والاستغراق في المجال الخاص(المرأة المتزوجة/العاملة).

وبذلك تندفع النساء إلى الطموحات السياسية التي تستجيب لدوافع فردانية محضة يؤطرها المجال العائلي، غير أن  هذه اللازمة تخفي في الواقع ضبابية العمل السياسي عند النساء. فالمشاركة السياسية ليست في ذاتها اكتسابا لثقة جماهيرية، ولكنها تتجاوز ذلك إلى المشاركة في صناعة القرار في الدوائر العليا للدولة. وهذا الهدف يبقى بعيد المنال ويحتاج إلى فترة زمنية معتبرة لأجل تكريسه، "وعلى الرغم من قوانين التكافؤ والمساواة، وتسلم بضعة من النساء أرفع المسؤوليات، فإن الرجال لا يزالون يحتفظون بما يشبه الاحتكار للتمثيل العام ولسلطة اتخاذ  القرار"27. وبالنتيجة يقود مسار الأدلجة الجندرية إلى حالة التطبيع التي عرفها المجتمع في كل مراحله خصوصا فترة الاستقلال. وهنا يمكن التمييز بين أدلجة المخيال العائلي، وخبوت المركزية الذكورية السياسية.

يتردد استخدام لفظ العائلة عند النساء، في كثير من التبريرات التي قدمنها عن مشروعهن السياسي، كما أن العائلة ليست مرادفة فقط للعائلة النووية ولكن كثير من النساء يشرن في كل مرة إلى المنطوق القرابي الذي دفع بهن لاختيار وجهة السياسة. فالعائلة بهذا المعنى هي من تحضن بل وتشارك في صناعة المرأة المنتخبة، وأن الرصن العلائقي الذي تمدد من الجيرة إلى الحي إلى المؤسسات التعليمية والمهنية، يقضم ويستبعد كل التمايزات الجنسية التي قد تتجلى بشكل أو بآخر في هذا المجال. إن السند العائلي ليست تجربة أنثوية فردية، ولكنه سيرورة تنشيئية متمددة في المجال العائلي بكل تجلياته، وهو شائع بشكل أفقي بين الأسر الجزائرية. بينما يختفي التضاد في التصور النسوي بين المركزية الذكورية التي يرين أن المجال لم يعد يحملها، وأنها تمثل رواسب ضعيفة التأثير في الوسطين الاقتصادي والسياسي. غياب التضاد هذا يقابله أدلجة من نوع خاص، وهي اعتبار المركزية الأنثوية طاغية في الفهم المجتمعي العام، وإنكار لكل التمايزات والعوامل الأخرى الكامنة في سيرورة التطبيع الاجتماعي مع العملية الانتخابية.

في الأخير ترتسم الأدلجة في البناء النسوي كما المجتمعي عبر تعزيز تاريخي وتعليمي وتنشيئي، تقوم به الدولة كما المجتمع المدني، لأجل توطين فهم خاص عن العمل السياسي. فالمشاركة النسوية كما الذكورية ترشحا تمثل مخرجا منطقيا لتوليف وتشبيك القوى الاجتماعية المختلفة. غير أن تحويل هذا التشبيك إلى مناسبة ترقوية تؤصّل للحيازة الاجتماعية الذكورية كما الأنثوية لمناصب حكومية عليا، هو اليوم الرهان الذي ينبغي الاشتغال عليه.

ثامنا-براديغم السياسة والتقسيم الجندري للعمل:

إن التأكيد على المساواة والعدالة من طرف الحكومة يأتي في سياق تغير عالمي، وأيضا هو استجابة لتحولات اجتماعية واقتصادية داخلية. فسيرورة التقدم والتنمية المنتهجة منذ الاستقلال والتعزيز المتواصل للعملية لديمقراطية منذ العام 1988، يعمل على انخراط مستديم لفئات اجتماعية كانت إلى وقت قريب مهمشة من البرامج الحكومية سواء منها الاقتصادية أو السياسية وحتى الثقافية. إن نزعة الحكومة لأجل الاستغراق أكثر في مشروع التحول، تضمنت أيضا إعادة توجيه الاشتغال النسوي نحو الأهداف المجتمعية. إن تحليل البراديغم النسوي في علاقته بتقسيم العمل الجندري، يحمل ضمنا افتراضا بأن سوق العمل -وما يترتب عنه من  توليفات وقطائع بين الذكورية والأنثوية، وبين الخطابات السياسية والاقتصادية وبين تجلياتهما الواقعية- هو من يقرر فهم البراديغم السياسي. بكلام  آخر إن الوقائع الاقتصادية التي تحصل بين متبادلي أو متنازعي الموارد المادية في سوق العمل، هي من يقرر المستوى الجندري لتقسيم العمل، وهي بالتالي من يعزز أكثر مفردات البراديغم النسوي(اللامساواة والهيمنة).

تعتبر سياسات التنمية البشرية رؤى حكومية تختزل مفهومي المساواة والعدالة بين الجنسين، من هنا تحوز الفتيات يسيطرن على معظم التخصصات العلمية والإنسانية في الجامعات، بنسبة 59 % في قسم التدرج مقابل ـ 38 % لدى الذكور، لكن هذه النسبة تقل في قسم ما بعد التدرج لتبلغ 48 %، بينما تصل نسبة الذكور إلى 52 %يبيّن هذا التفاوت في نسبة تسجيل الطالبات يبن القسمين (التدرج وما بعد التّدرج) أنّ هناك اتجاها أكبر لدى الفتيات المتخرّجات من الجامعة نحو الحياة العملية أو الحياة الأسرية، ولكن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ضعف الوجود النسوي في الحياة المهنية، أمكن الاستنتاج أيضا أن نسبة النساء حاملات الشهادات الجامعية تمثّلن نسبة هامة من البطالين"28. وراء هذه الهندسة التعليمية تختفي ملامح انكفاء أنثوي على سوق العمل، حيث تتراجع نسبة حضورهن في القطاع الخاص بالخصوص، وأيضا في المستويات المهنية العليا، فالتعليم والتكوين أفترض فيهما أن يعكسا تمدد المساواة بين الجنسين في المجالين العام والخاص، غير أنهما غذيا حضورا لافتا للنساء في المهن الإدارية، ومهن الصناعات التقليدية، فيما يتراجع بشكل حاد تواجدهن في القطاع الزراعي.كما أن الخبرات المهنية والتأهيلية كانت بعيدة كل البعد عن منطق التسيير الإداري، الذي لا يزال ينتج الذكورية في مناصبه التسييرية العليا على حساب النساء، فتقرير منظمة العمل الدولية يصنف الجزائر في الرتبة 106عالميا، بنسبة شغل للنساء 4.9%"29. وبذلك تنتج الوضعية المهنية جدرانا زجاجية للنساء خلافا لما تقرره البحوث والمؤسسات العالمية من "أن هناك أرباح جندرية يمكن جنيها من خلال إشراك المزيد من النساء في صنع القرار وزيادة مشاركة العمالة من النساء"30.

جدول(4) يبين قيم التقسيم الحندري للعمل السياسي

          القيم

مصدر التقييم

إيجابية

سلبية

المجموع

ذكورية

03

02

05

تمركز أنثوي

12

02

14

مجتمع

08

01

09

ثقافة

04

03

07

الدين

/

01

01

الحكومة

03

/

03

المجموع

30

09

39

إن تفيئة إجابات المبحوثات، تبين أن القيم الإيجابية عن العمل السياسي للمرأة، طاغية على مخيالهن، كما أن نزعة تمركز  أنثوي تسيطر على إجاباتهن،  وتحاولن تبيان أن الكفاءة والتأهيل والقدرة والنجاح مرتبط بالخاصيات النسوية. على هذا الأساس تتكاتف المصادر القيمية كي تعزز هذا التمركز، فالتغيير القيمي يشمل المجتمع والثقافة والذكورية والحكومة، وهذا الكل المندمج هو ما خلق لديهن الصورة المتسامحة والمعترفة في آن واحد بعدم ممارسة المجال الخاص والعام أي تفضيلات جنسية تقصي النساء منهما.

ومنه تفترض النساء أن المجال السياسي غير مغلق وغير مقسم وغير موسوم بالذكورية، ويستدعين في ذلك حاصل التجربة النجاحية لكثير من النساء اللاتي تولين مناصب عليا في اتخاذ القرار، كما أن إجابتهن تبتعد كثيرا عن الموجهات الدولية، فلم يجر أبدا أن استشهادهن بدور الحركات والمؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون المرأة، بل إنهن يؤكدن على الميكانيزمات والروافد الداخلية البحتة لتغيرات النسق الاجتماعي.وهذا ما يجعل الاعتقاد بأن الجندر في المخيال الاجتماعي النسوي يحمل بعدا تعريفيا يتجاوز بكثير المنطوق التقليدي الذي يوجد عليه في بعض الدول المتخلفة. ومثلما بيناه آنفا في تحليلاتنا، فإن الوضعية النسوية في الجزائر تستمد خصائصها وتحولاتها وتعزيزها الاجتماعي من خلال التجربة التاريخية والتراثية لقرابة قرن من الزمن، وأيضا لمسار علموي أدى بنجاح وظيفته الكامنة في تغيير الذهنيات والطبائع الذكورية والتقليدية.

تعتبر النساء أن تقسيم العمل، متموضع على مفهومات القدرة، الذات، الثقة، الكفاءة،  وأن هذه الموارد ليست في مستوى مصادمة ذكورية، ولكنها وعلى العكس من  ذلك تحاول تفسير المجال السياسي على أنه منفتح وغير منحاز، وأن عملية الولوج إليه تتم انطلاقا من كسب ثقة المواطنين الذين لا يتم تمييزهم على أساس الجنس، وهذا التفسير مقترن إلى حد بعيد بالوظيفة الجمعوية الأفقية التي لا تخص الاهتمام بالنساء بل أن موضوعاتها تخص الجندر في عمومه.

وبرغم الإيجابية التي تبديها النساء نحو تقسيم العمل الجندري، فإن ذلك لم يمنع من  حصول ارتياب الجندر نحو السياسة، فحيازة التجربة والتعليم وتسامح المجال، مع  ما يقابله من ضعف التنشئة السياسية الحزبية، منع النساء من تمييز خاصيات ومتطلبات الوظيفة المنتخبة التي لا تشبه الوظيفة المهنية. إن مقابلة النساء بين المهنة التي شغلنها في المجال الاقتصادي أو الإداري مع  وظيفة المنتخب، تقدم صورة سلبية عن حاصل المشاركة النسوية في صنع السياسات  المحلية أو التشريع لها ضمن الجماعات المحلية. هذا الخلط التعريفي الذي تعبر به النساء كوسيلة دفاعية للقفز عن الخوف السياسي الذي اعتراهن في ترشحهن لأول مرة، يقود إلى تقبل فكرة ابتذال التمركز الأنثوي للعمل السياسي، الذي ينتفي منه التحديد الموضوعي ومن ثم الإمساك بغاياته بعيدا عن وسائله المتاحة في مجتمع متفتح ومتسامح.  

خاتمة:

إن الاقتراب من النساء المنتخبات في المجالس البلدية والمحلية، يمثل رهانا ليس فقط للعمل البحثي الذي يرومه المؤلف، ولكن هو أيضا مناسبة تقييمية لمسعى التمكين السياسي للنساء الذي تبنته الدولة في إصلاحاتها الدستورية والسياسية. إن المقابلات المعمقة التي جرت مع هؤلاء المنتخبات تكشف أن الحرية والمساواة والترقية مفاهيم مكثفة ببعد تاريخي واجتماعي أصيل، وتختزل مسارا تنشيئيا مدنيا وتاريخيا عززته الدولة في مسارها التحديثي للمجتمع الجزائري منذ الاستقلال. فالحضور النسوي سواء كان اسميا(تسميات الشوارع، والمؤسسات الحكومية)، شخصانيا(تولي مناصب عليا في الدولة)، أشاع في المزاج المجتمعي القبول بتكافؤ الحظوظ بين الذكور والإناث. إن تحولات الأسرة الجزائرية اليوم يغذي مفهمة خاصة للنساء التي تتحول إلى مشروع عائلي وأسري تستثمر لأجل توسيع مكانتها ودورها في جميع السياقات.

إن عودة المسار الانتخابي (انتخابات رئاسية عام 1995، تعديل الدستور 1996، والانتخابات التشريعية 1997) كانت كلها مواعيد تحشيدية للمواطنين الذي انخرطوا في مسار ديمقراطي مدفوع بالهاجسين الأمني والاقتصادي، كما أنها كانت من الناحية السوسيولوجية لحظة فارقة في تبدل المزاج الشعبي من التشاكلات التي رافقت الزمن الأول للديمقراطية. من ناحية ثانية تعرفت هذه الانتخابات بقدرات النساء على الحشد والحضور والمشاركة الانتخابية القوية، في الوقت عينه لعبت النسوة خاصة منهن الكبيرات في السن والنساء المتزوجات في المدن والأرياف دورا في ترغيب الموطنين على المشاركة في الاقتراع.

تصاعد الحضور النسوي، استمر بعد ذلك في ظل الخطاب الدولاتي الذي تأسس العام 1999، والذي كان مبنيا على قبول مبدأ التمايزات الهوياتية والجنسية والمعتقدية، والعمل على إشراك جميع الفواعل الفردية والجماعية لصالح مشروع المصالحة الوطنية. من هنا      لم ينحصر حيز التغيير الاجتماعي في المعالجة السياسية لأسباب الأزمة التي تفجرت بعد العام 1992، ولكن تبعته خطاطة إصلاحية بدأت بقانون الأحوال الشخصية (حق المرأة في الخلع)، زيادة حصة النساء في المناصب العليا في الدولة،  وأخيرا تقنين نظام الكوطة في النظام الانتخابي، من دون إغفال التحولات المجتمعية والثقافية التي عرفتها البلاد من زيادة فرص الشغل، والتعليم، وإطلاق مشاريع البنية التحتية والبرامج السكنية. كل هذه الخطط دعمت الاستقرار الاجتماعي وأيضا منحت فرصة أكبر لغزو بطئ للنساء على المجال العمومي(مؤسسات حكومية، مجتمع مدني، فواعل اقتصادية خاصة).

إن براديغم السياسة عند النساء المنتخبات تعبير عن تفاهمات وتحميلات اجتماعية وجندرية تسعى إلى تفريغ الشحنة الأنثوية المتفوقة حضورا وفعلا في السياق التعليمي والاقتصادي في العملية السياسية. سمحت سيرورة الأدلجة للمجتمع من أن تتحول التمايزات والتباينات الجنسية بين الإناث والذكور إلى مسار مجتمعي يبدأ من العائلة والمجال الخاص، حيث يتشكل الشارع والمؤسسات التعليمة والمهنية إلى حاضن لطموحات نسوية تبتغي المساواة والعدالة، وتكريس الجدارة والكفاءة والتأهيل.  إن منطق النجاح النسوي في هذه المجالات أدى إلى تفتح غير مسبوق في البنية الاجتماعية،  ولكنه في المقابل أدى إلى شيوع أنانية نسوية متمركزة على صورة الأنثى، ومستبعدة كل العوامل الموضوعية التي يمكن أن تنجح ليس فقط تمكين النساء في المجال العام، بل معاودة إنتاجهن الاجتماعي والسياسي.

إن مفهوم براديغم السياسة الذي تبناه الباحث في هذه الدراسة، ليس رديفا لمفهوم المشاركة السياسية التي تعني حاصل انخراط أنثوي في العملية الانتخابية تصويتا وترشحا، وعلى العكس من ذلك يتعرف البراديغم بأنه الصورة الذهنية التي تشكلها النساء عن السياسة انطلاقا من عملية ديناميكية يتعزز فيها الجندر في المجالين الخاص والعمومي. إن مفهوم الجندر اليوم يقع في مجالات التعليم والاقتصاد والثقافة والتاريخ، ويعيد صياغة المواقف والتصرفات المجتمعية نحو النساء، كما أنه يعيد تعريف مفهوم التمكين السياسي من كونه إشراكا للنساء وزيادة قدرتها على اتخاذ قرارات حياتية تخص عالم السياسة،  إلى تمكين واعي يستهدف تحويل علاقات القوة بين النساء والرجال، ويسمح بتشكيل تراتبية اجتماعية جديدة تقوم على الكفاءة والأهلية والموارد والتفضيلات التي تعكسها الشخصية الجندرية النسوية.

هذه الدراسة ليست في وارد الحكم على النجاح النسوي في المجال السياسي، ولكنها تمثل انخراطا  موضوعيا في التصور الذي تحمله النساء عن السياسة. وهو تصور تفاؤلي تعززه الأطر الاجتماعية والسياسية والدولاتية، وهو أيضا تصور ابتذالي لمرامي العمل السياسي، الذي يحتاج زمنا لإعادة ترتيب مضمون وهدفية مشروع الجندر، كي يتيح ليس المشاركة الصورية في المؤسسات المنتخبة، ولكن أيضا التشكيل الجندري للشخصية النسوية في المجال السياسي

1.هبة رؤوف، التحيز في دراسات المرأة. بحث مستخلص من كتابات الدكتورة منى أبو الفضل، في كتاب: إشكالية التحيز. رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد، الجزء الثاني، تحرير عبد الوهاب المسيري، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الولايات المتحدة الأمريكية(سلسلة المنهجية الإسلامية)، 1997، ص747.

2.فاطمة المرنيسي، السلطانات المنسيات. نساء رئيسات دولة  في الإسلام. جميل معلّى وعبد الهادي عباس(مترجم)، دار الحصاد للنشر والتوزيع، دمشق، 1998، ص ص 16-17.

3.هند أحمد زكي، المسألة النسوية في مصر وتونس قبل وبعد الربيع العربي، إعادة إنتاج لأطر قديمة أم آفاق جديدة للمشاركة؟، مبادرة الإصلاح العربي، برنامج دعم البحث العربي-الدورة الثالثة، ديسمبر 2015، ص4، متوفر على الرابطhttp://www.arab-reform.net/ar/node/864  تاريخ الاطلاع 10/02/2017، الساعة 14:30سا

4.Thomas S.Kuhn, The Structure of Scientific Revolutions, Second Edition, Enlarged, The University Of Chicago Press,  Chicago, 1970 p182.

5.ميشال دوبوا، مدخل إلى علم  اجتماع العلوم، سعود الموالى(مترجم)، المنظمة العربية للترجمة/ مركز  دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 2008، ص151

6.. Anne Lieutaud,  « L’expérience de mutation de paradigme chez le chercheur, un chemin de créativité conduisant à l’innovation épistémologique », RECHERCHES QUALITATIVES – Hors-série – ,numéro20, Prudence empirique et risque interprétatif , Actes du colloque du Réseau international francophone de recherche qualitative (RIFReQ) tenu à l’ Université Paul-Valéry, Montpellier 3, 17-19 juin 2015,Association pour la recherche qualitative, 2016,p240, En Ligne http://www.recherche-qualitative.qc.ca/Revue.html, Consulter le 15/09/2017 à 21h:20

7.آلان تورين، براديغما جديدة لفهم عالم اليوم، ترجمة جورج سليمان،  المنظمة العربية للترجمة/مركز  دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 2011،ص349

8.عصمت محمد حوسو، الجندر، الأبعاد الاجتماعية والثقافية، دار الشروق للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 2009، ص63.

9.إيمي. إس. وارتون، علم اجتماع النوع. مقدمة في النظرية والبحث، هاني خميس أحمد عبده(مترجم)، المركز القومي للترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2014، ص24

10.غادة علي موسى، إ"عادة النظر في استراتيجيات الأمن الإنساني في المنطقة العربية"، في كتاب:  أوراق مختارة. المؤتمر الدولي للأمن الإنساني في الدول العربية، 14-15/03/2005، عمان الأردن، اليونسكو، فرنسا: 2008، ص13.

11.شاهر إسماعيل الشاهر، "المشاركة السياسية للمرأة في سورية"، مجلة نقد وتنوير-مقاربات نقدية في التربية والمجتمع، إصدار خاص،  مركز نقد وتنوير للدراسات الإنسانية، الكويت،، فبراير 2015، ص02

12.Pippa Norris, «Political activism: New challenges, new opportunities”, The Oxford Handbook of Comparative Politics, Ed: Oxford University Press, 2005, p10.

13.Danielle desmarais et Autres, Transformations de la modernité et pratiques (auto)Biogra- phiques, Presse de l’université du Québec, Canada, 2012, p74

14.Daniel Bertaux, L’enquête et ses méthodes. Le récit de vie, Armand Colin, Paris, 3éme édition, 2010, p47

15.يلتبس على القارئ ورود تسمية برلمان في عام 1962، والصحيح هو المجلس التأسيسي.

16.منظمة المرأة العربية، المرأة في القوانين الانتخابية للدول العربية الأعضاء بمنظمة المرأة العربية، منظمة المرأة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، فبراير 2016، ص24.

17.المادة رقم 12من دستور 1963 .

18.بن عشي حفصية وبن عشي حسين: ضمانات المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية في ظل القانون العضوي المحدد لكيفيات  توسيع حظوظ تمثيلالمرأة في المجالس المنتخبة، مجلة المفكر،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بسكرة، الجزائر،العدد 11، 2014، ص100.

19.بن عشي حفصية، المرجع السابق ، ص109.

20.بلقاسم بن زنين: المرأة الجزائرية و التغيير: دراسة حول دور وأداء السياسات العمومية، إنسانيات،مركز البحث في الأنثروبوجيا الاجتماعية والثقافية،وهران. الجزائر مقالة منشورة على الموقع:http://www.crasc.dz/insaniyat/index.php/ar/52-57-58-2012/1211، تاريخ الاطلاع 17فيفري  2017.

21.تافرون ريتا وستينا لارسرود: النظم الانتخابية ونظام الكوتا "الخيارات غير المناسبة"، عماد يوسف(مترجم)، مركز تصميم من أجل المساواة، دون مكان نشر، 2007، ص 5.

22.كانونيسفيان، "المشاركة السياسية للمراة في المجالس المحلية المنتخبة بين  آليات التمكين السياسي وفعالية العضوية(دراسة ميديانية بالمجلس الشعبي الولائي لولاية سطيف)"، في كتابالمشاركة السياسية للمرأة الجزائرية. دراسات وأبحاث، إشراف: نادية سعيد عيشور، مكتبة إقرأ، قسنطينة، الجزائر، الطبعة الأولى، 2016، ص392

23.République Algérienne démocratique et populaire, Ministère des Affaires Etrangères Algérie. Objectifs du Millénaire pour le Développement. Rapport National 2000 – 2015,Rapport établi par le gouvernement Algérien. Alger : Juin 2017), p71

24.Ibid, p70.

25.نصير سمارة، رشيد تلمساني، "المرأة والسياسة في الجزائر"، في كتاب المرأة العربية من العنف والتمييز إلى المشاركة السياسية، تحرير وتقديم: عبد الإله بلقزيز، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، (سلسلة كتب المستقبل العربي(70)، الطبعة الأولى، 2014، ص150

26.منظمة المرأة العربية، المرأة العربية: تمكين وإنجازات. تقرير عن النصف الثاني من عام 2015، منظمة المرأة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، فبراير 2015، ص24.

27.برتران بادي، دومينيك فيدال،عالم  اللّامساواة. أوضاع العالم  2016، نصير مروة(مترجم)، مؤسسة الفكر العربي، بيروت،  الطبعة الأولى، 2015، ص172.

28.بلقاسمبن زنين، "المرأة الجزائرية و التغيير: دراسة حول دور وأداء السياسات العمومية"، مرجع سبق ذكره.

29.منظمة العمل الدولية، السيدات في مجال الأعمال والإدارة. تزايد قوة الدفع، نسخة مختصرة من التقرير العالمي، منظمة العمل الدولية، جنيف، 2015، ص09.

30. منظمة العمل الدولية، المرأةفي قطاع الأعمال والإدارة: اكتسابالزخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقياتقريرإقليمي، منظمةالعمل الدولية، بيروت، 2016، ص09

@pour_citer_ce_document

أنور مقراني, «براديغم السياسة عند النساء المنتخبات في المجالس الشعبية الجزائرية. مقاربة جندرية »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2017-12-24,
Date Pulication Electronique : 2017-12-24,
mis a jour le : 17/10/2018,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=2396.