أساليب تربية الطفل في الأسرة من منظور الإسلامthe family education methods in the Islam point of view
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 18-2021

أساليب تربية الطفل في الأسرة من منظور الإسلام

the family education methods in the Islam point of view
ص ص 84-97
تاريخ الإرسال: 2018-06-05 تاريخ القبول: 2020-11-11

ياسمينة كتفي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

 التربية هي العلم الذي يهتم بإعداد النشء للحياة المستقبلية، حيث يكون هذا الإعداد منذ اللحظات الأولى من عمر الفرد، والأسرة كمؤسسة قاعدية تساهم بجزء كبير في بناء شخصية الفرد وتقويم سلوكه حيث تمثل الرقيب على كل ما يتلقاه الطفل من المؤسسات الاجتماعية الأخرى، وقد تختلف أساليب التربية الأسرية من أسرة إلى أخرى، حسب اتجاهات ومعتقدات وأفكار الوالدين على وجه الخصوص، هذا ما دفعني لإثارة الموضوع،وتسليط الضوء على أساليب تربية الطفل في الأسرة من المنظور الإسلامي، إذ إنالأسرة تقوم بعملية التربية لأطفالها من خلال إكسابهم العادات،والقيم،والأخلاق الإسلامية؛ مما يؤثر على سلوك الفرد في الحياة  الاجتماعية.

الكلمات المفاتيح

 الأسرة،التربية، الطفل، أساليب التربية، التنشئة

L’éducation est cette science qui s’occupe de la préparation des enfants pour l’avenir. Elle commence dès le premier âge et la famille, en tant qu’institution de base, contribue largement à former la personnalité de l’individu et à transformer son comportement. Elle joue le rôle du contrôleur sur tout ce qu’il reçoit de la part des autres institutions sociales. Les méthodes d’éducation diffèrent d’une famille à une autre, selon les orientations, les croyances et les idées des parents en particulier. C’est ce qui m’a poussée à invoquer le sujet et à mettre en lumière les méthodes d’éducation pour l’enfant au sein de la famille du point de vue Islamique, puisque c’est la famille qui mène le processus de l’éducation de ses enfants, en leur faisant acquérir les coutumes, les valeurs et l’éthique islamiques. Cela affecte le comportement de l'individu dans la vie sociale.

Mots clés :la famille, l’éducation, l’enfant, les méthodes d’éducation, la socialisation

The education is a science that interests in raising children for the future. This raising starts from the early age. The family, as a basic institution, participates in forming one’s personality and in strenghtening their behaviors. The family always supervises what individual receives from the other social institutions. Education methods are different among families according to the parents’ concepts, ideas and beliefs. Therefore, I raise this topic to highlight the children education methods in the family in the Islam point of view. In fact, it’s the family who processes the children raising; it makes them acquire the Islamic costumes, values and morals so that it influences the individual in the society.

Keywords: family, education, child, education methods, socialization

Quelques mots à propos de :  ياسمينة كتفي

جامعة محمد بوضياف- مسيلة، ketfiy@yahoo.fr

مقدمة

   الأسرة هي ذلك الوسط الاجتماعي التربوي الأول، الذي يولد،ويعيش ويقضي الطفل فيه أهم لحظات حياته، وتكون مسؤولةعن كل تصرفاته، فهي الخلية الأولى في المجتمع،ونواة الحياة الاجتماعية؛ فالأسرة إذًا هي مؤسسة تربوية اجتماعية أولية ومرجعية، وجدت لحفظ النوع والنسل الإنساني، ولا يمكن للإنسان أن يعيش خارج نطاقها مهما كان طور حياته، طفلًا،أو شابًا،أو مسنًا فالإنسان يحتاج إلى أن يعيش في جماعة ينتمي إليها.

 تشترك الأسرة مع المدرسة والمجتمع في عملية التطبيع الاجتماعي للطفل، والأسرة هي الجماعةالإنسانية الأولى التي يتعامل معها الطفل، والتي يعيش معها السنوات التشكيلية الأولى من عمره، هذه السنوات التي يؤكد علماء النفس والتربية أن لها أكبر الأثر في تشكيل شخصيته تشكيلًا يبقى معه مدى الحياة، ويعود ذلك إلى الأساليب التربوية الفعالة التي تتبعها في تربية الطفل؛ حتى ينشأ شخصيةسوية متكاملة الجوانب الاجتماعية،والنفسية،والعقلية،والروحية، متكيفة مع المجتمع محققة التوافق الاجتماعي والنفسي، هذا ما سنحاول إثراءه في هذه الورقة من خلال التعرف على أساليب التربية الأسرية في المنظور الإسلامي.

أولا- الإشكالية والإطار المفاهيمي

1- الإشكالية:إن الأساليب والطرق التي تتبعها الأسرة في تربية الطفل هي التي لها النصيب الأكبر في التأثير على شخصية الطفل بل هي العامل الرئيس في بناء شخصيته المستقبلية، فإذا كانت الأساليب المستخدمة هي أساليب سليمة وصالحة،فقد ينشأ الطفل ليصير رجلًا صالحا، وإذا لم يصاحب هذه الطرق المثال،والنموذج العملي،والقدوة الطيبة فقد ينشأ الطفل لا يفرق بين القول والعمل، ولا يكون جادًا في حياته، ولقد جاء الإسلام بمنظور خاص في تربية الطفل وتنشئته حتى يتشرب المبادئ والقيم الإسلامية السامية، وهذا ما حاولت مناقشته في هذه الورقة البحثية من خلال الإجابة على التساؤلات التالية: ما هي ميادين تربية الطفل؟ وماالأساليب الفعالة للتربيةداخل الأسرة في المنظور الإسلامي؟

2- تحديـد المفاهيـــــم: لقد اشتمل البحث على عدة مفاهيم ومصطلحات، يجدر بنا أن نحدد المقصود من كل منها، قبل الخوض في مضمون البحث.

2-1- الطفل

2-1-1- المفهوم اللغوي: "الطفل والطفلة الصغيران والطفل الصغير هو كل شيء بين الطفل والطفلة والطفولة والطفيلية لا فعل له"(ابن منظور، (دت)، ص599). 

وفي الصحاح يتحدث أبو نصر الجوهري مادة الطفل فيقول ما مفاده ومحصله ‹الطفل المولود، وولدكل وحشية أيضا طفل والجمع أطفال، وقد يكون الطفل واحد وجمعا، قال الله تعالى:﴿وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣١﴾[النور :31]"(خليل جمعة،  2005، ص15).

 2-1-2- المفهوم الاصطلاحي: هو "الصغير في كل شيء، أو هو كائن حي خبراته محدودة، مرتبطة بعمره الزمني ويعتمد على غيره في أشياء كثيرة، حتى ينمو عضوا ووظيفيا واجتماعيا (عبد الحميد العناني، 2001، ص12).

كما "عرفه ميثاق الطفل الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته في المادة الثانية من الجزء الأول: أن الطفل هو كل إنسان يقل عمره عن ثماني عشر سنة"(مصطفى فهمي، (دت)، مصر، ص10).

  والطفل عند علماء الاجتماع هو "الإنسان الكامل الخلق والتكوين لما يمتلكه من قدرات عقلية، وعاطفية وبدنية وجسمية؛ إلا أن هذه القدرات لا ينقصها سوى النضج والتفاعل بالسلوك البشري في المجتمع لينشطها ويدفعها للعمل فينمو الاتجاه السلوكي الإرادي لدى الطفل داخل المجتمع الذي يعيش فيه"(مصطفى فهمي، (دت)، ص13).

أما الطفل في الشريعة الإسلامية فهو كل طفل لم يستوف سن البلوغ والبلوغ يكون بالسن أو بالعلامة وعلامة الأنثى الحيض وعلامة الذكر الحلم، قال تعالى ﴿وَإِذَابَلَغَ ٱلۡأَطۡفَٰلُ مِنكُمُ ٱلۡحُلُمَ فَلۡيَسۡتَ‍ٔۡذِنُواْ كَمَا ٱسۡتَ‍ٔۡذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚكَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٥٩﴾ [النور:59].

    يتضح مما سبق أن الطفل هو صغير الإنسان الذي لم يكتمل نضجه الجسمي الفسيولوجي والنفسي والاجتماعي والعقلي واللغوي، وله قدرات عقلية وبدنية وجسمية تحتاج إلى تربية وتنشئة وإرشاد في الأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى من أجل تكوينه ليكون فردا صالحا في المجتمع.

  2-2- التربية

2-2-1- المفهوم اللغوي: يقال فلان رب البيت، ورب الدابة وهن ربات الحجال أي صاحبها، قال تعالى: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢﴾[الفاتحة :02]، وكل من ملك شيئا فهو ربه، وفي حديث أشراط الساعة (أن تلد الأمة ربتها) قال الرب يطلق في اللغة على المالك والسيد، والمدير والمربي، والقيم والمنعم ولا يطلق غير مضاف إلا على الله عز وجل"(ابن منظور: (دت)، ج01، ص399).

2-2-2- المفهوم الاصطلاحي: يعرفها مقداد يالجن بقوله: "إن التربية تنفيذ عملي لفلسفة التربية، بتنشئة الطفل وتكوينه جسميا وعقليا ونفسيا وروحيا وأخلاقيا، وذلك باستخدام جميع الطرق والوسائل والأساليب والحقائق العلمية التي تساعد على تنشئة الطفل وتكوينه على ذلك النحو في كل مرحلة من مراحل نموه، حتى نهاية نضجه وكماله الإنساني في ضوء الفلسفة التربوية التي تتبعها هذه التربية أو تلك، لتكوين الإنسان وتشكيله على النحو الذي ترى تشكيله عليه في المجتمع الذي تريد بناءه عن طريق تشكيل الأفراد وتكوينهم، أو هو علم إعداد الإنسان على حسب ما يريد دينه ومجتمعه وأمته"(يالجن ، (دت) ،   ط1، ص59). 

كما يعرفها عبد الواحد علواني بقوله: التربية تعني ما هو أوسع وأشمل من التعليم أو التدريب، إنهاعملية شاملة تتناول الإنسان جسمه،ونفسه،وعقله، وعاطفته،سلوكه،وشخصيته،مواقعه،ومفاهيمه، مثله وطريقة حياته وطرائق تفكيره، وهي تعني أكثر ما تعني بأن تهيئ (الفرد) لحياته، وأن تعينه على أن يحيا حياة إنسانية كريمة بالمعني المادي والروحي الفردي والجماعي (علواني، 2001، ص30-31).

يعرفها دوركايم بقوله: التربية تكوين الطفل تكوينا اجتماعيا، كما يعرفها جون ديوي هي الحياة نفسها وليست إعداد للحياة، وبأنها عملية نمو وعملية تعلم وعملية بناء وتجديد مستمرين للخبرة وعملية اجتماعية (يالجن، 2003، ص12-13).

   التربية تعني عملية توجيه وتعليم شاملة تقوم بها الأسرة المسلمة، وذلك بإتباع مجموعة من الأساليب التربوية وفق المنظور الإسلامي، بهدف تنشئة الطفل وإعداده للحياته الاجتماعية.

2-3- الأسرة

2-3-1- المفهوم الاصطلاحي "هي جماعة من الأشخاص يتحدون بروابط الزواج أو الدم أو التبني، أو هي على حد قول أجبرن رابطة اجتماعية من زوج وزوجة وأطفالهما أو بدون أطفال، أو من زوج بمفردة مع أطفاله، أو زوجة بمفردها مع أطفالها، ويضيف إلى هذا بأن الأسرة قد تكون أكبر من ذلك فتشمل أفرادا كالأجداد والأحفاد، وبعض الأقارب على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة مع الزوج والزوجة والأطفال"(لطفي، (دت)، دس، ص20).

   الأسرة هي ذلك الوسط الاجتماعي التربوي الأول الذي يولد ويعيش فيه الطفل ويقضي فيه أهم لحظات حياته، فالأسرة تقدم للطفل تكوينا جسميا،وعقليا،واجتماعيا،وخلقيا،ودينيا،وعاطفيا،ونفسيا، وتكون مسؤولةعن كل تصرفاته لأنها هي المهد الأول لنشأة أفكاره ومهاراته.

ثانيا- أهمية التربية الأسرية: "مع أن الأسرة وحدة اجتماعية اقتصادية هامة إلا أن دورها التربوي أكثر أهمية، إذ إنهاتقوم بعملية التربية لأطفالها من خلال إكسابهم المهارات والعادات والقيم والأخلاق، والاتجاهات والسلوك العام؛ ومما لا شك فيه أن أهمية الأسرة في العملية التربوية تنعكس على سلوك الفرد في الحياة الاجتماعية"(ناصر، (دت)، ص63).

وقد أوضح بارسونز أهمية دور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية، إذ يرى أن على الوالدين تقع مسؤولية تشكيل شخصية الطفل في المراحل النمائية الأولى في حدود قدراته الوراثية، من خلال ما توفره الأسرة من فرص للنمو، وما يتعلمه الطفل من بيئته المنزلية من القواعد والتوقعات والقيم والاتجاهات وأنماط السلوك الأساسية السائدة في مجتمعه؛ مما يساعد على الضبط الاجتماعي، ويقلل من فرص الانحراف الاجتماعي، الذي اعتبره بارسونز نتيجة طبيعية لفشل عملية التنشئة الاجتماعية (أحمد السيد، 1997، ص 31).

"يقول علماء النفس أن الرجل هو امتداد لطفولته، فالطفولة السوية تؤدي إلى رجل سوي، والأسرة هي التي تضع نواة وأسس شخصية الفرد في السنوات الخمس الأولى من حياته"-( عبد العزيز حسين، 2002، ص93) ، حيث "يتعاظم دور الأسرة في تربية الطفل وتنشئته تنشئة اجتماعية سوية في مرحلة الطفولة المبكرة، باعتبارها أول نواة وجماعة أولية ومؤسسة اجتماعية يعيش في ظلها الطفل، ومن خلالها يكتسب العديد من الخبرات التي تشكل الأساس للعديد من المفاهيم عن نفسه،وعن الآخرين،والعالم من حوله، إذ إنه يرى المجتمع الخارجي من خلال عيون الوالدين والأخوة الذين يشكلون الأسرة النووية الصغيرة وبما أن معظم ما يتعلمه الطفل في سنواته الأولى له صفة الثبات والاستمرارية، فإن نظرة الطفل ومفهومه عما يجري من حوله في بيئته الاجتماعية القريبة والأبعد في السنوات اللاحقة، تعتمد إلى حد كبير على ما تكون لديه من مفاهيم وقيم واتجاهات في الطفولة المبكرة، أي في أسرته بشكل أساسي"(محمود الناشف، 2006،  ص22).

ثالثا- ميادين تربية الطفل في الأسرة: للتربية مجالات وميادين كثيرة ومتعددة ينبغي الإحاطة بها في تربية الطفل وإعطاء كل جانب حقه ومستحقه من التربية والتوجيه؛ لبناء شخصية إنسانية متكاملة الجوانب المادية،والروحية،والمعنوية،والصحية،والعقلية والنفسية؛ لأنه إذا اختل تكوين جانب من هذه الجوانب يؤثر على بقية الجوانب، فتنشأ شخصية غير سوية منهكة القوة، كثيرة العيوب، ومن أهم الميادين التي ينبغي الإلمام بها في التربية والتي ندرجها كالتالي:

1- التربية الجسمية: "حين نتحدث عن الجسم فليس المقصود هو عضلاته وحواسه ووشائجه فحسب؛ وإنما نقصد كذلك تلك الطاقة الحيوية المنبثقة من الجسم، والمتمثلة في طاقة الدوافع الفطرية والنزعات والانفعالات، طاقة الحياة الحسية على أوسع نطاقها"(الطحان،2006، ص59) ، بحيث يتم إشغال الطفل في هذه المرحلة باللعب الهادف  لتفريغ الفائض من طاقته، وتنمية الجسم من خلال ممارسة الرياضة كالسباحة وركوب الخيل والرماية وتشجيع اللعب الجماعي؛ مما يحفظ صحة الطفل ويقيه من الأمراض ولذا يفضل  دائمًا شغل وقت وجهد الطفل أيضا بعمل تربوي مفيد، كتنظيف حديقة المنزل، رسم الأزهار وتلوينها وكتابة الحروف، كما بإمكان ضم الطفل إلى بعض النوادي الرياضية حسب الجنس والرغبة، كأن نضم الفتى إلى ناد رياضي وتضم الفتاة إلى بعض النوادي التي تعلم المهن والحرف النسائية مثلًا، من أجل أن لا يضيع وقته في مشاهدة التلفاز أو اللعب في الشوارع، ولا نقصد بذلك عدم ترك الفراغ للطفل في اللعب، فاللعب ضروري، لكن أيضًا يجب أن يكون اللعب هادفًا، يقول أبو حامد الغزالي في تأكيد ضرورة اللعب للطفل: "(ينبغي لأن يؤذن للطفل بعد الانصراف من الكتاب أن يلعب لعبًا جميلًا يستريح فيه من تعب الكتب بحيث لا يتعب في اللعب، فإن منع الصبي اللعب، وإرهاقه إلى التعلم دائمًا يميت قلبه، ويبطل ذكاءه، وينغص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه)"( الطحان،2006، ص 62).

كما أن الطفل في سن الصغر يكون عرضة للأمراض أكثر من غيره، وهو في الوقت نفسه -غالبًا- لا يدرك بصورة حسنة وضعه الصحي أو العناية به، فعلى المربي أن يتفقده ويتحسسه، كما يعتني بهيئته ومنظره، فقد رأى الرسول (صل الله عليه وسلم) أجسام أبناء جعفر بن أبي طالب(ض) نحيفة ونحيلة فقال لأسماء بنت عميس (مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة؟ تصيبهم الحاجة) فقالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم، فقال: (أرقهم)، قالت فعرضت عليه، فقال: (أرقهم). (أخرجه مسلم) (الضارع: النحيف الضاوي الجسم)، فقد استفسر الرسول (صل الله عليه وسلم) عن سبب نحافة جسم الطفل" (بن شاكر الشريف، 2006، ص74).

وينبغي على الوالدين تقديم الوقاية الصحية للطفل قبل المرض، وتعليمه كيف يقي نفسه من الأمراض، من خلال إرشاده إلى طرق النظافة وطهارة الجسم من الخبث، والطهارة من الحدث وترغيبه في الوضوء ونظافة لباسه وغذائه في كل الأحوال.

وتتحقق التربية الجسمية والصحية بمراعاة الأمور التالية (يالجن، 2003، ص 73-74):

- تغذية الطفل حسب ما يحتاج إليه في كل مرحلة من مراحل النمو بالطريقة المناسبة.

- وقاية الطفل من أسباب الأمراض الجسمية والنفسية قبل الولادة وبعدها.

- تكوين بصيرة بمبادئ الصحة العامة وطريقة تجنب أسباب الأمراض وذلك عند ما يبلغ مرحلة مناسبة لتكوين هذه البصيرة.     

- إتاحة الفرص لممارسة الرياضة في ضوء القيم الإسلامية.

- توجيه الناشئين إلى وجوه استخدام الصحة.

2- التربية العقلية: "التربية العقلية تؤدي إلى نمو العقول وزيادة القدرات العقلية أو الإدراكية، فإن التربية العقلية تؤدي من هذه الناحية إلى زيادة أكبر ثروة وأكبر رأس مال في حياة الأمة" (يالجن، (دت)، ص85): 

"العقل في الإسلام هو قوة مدركة في الإنسان خلقها الله فيه ليكون مسؤولاعن أعماله على أساس قدرته للإدراك والتميز عن الحق والباطل والخير والشر والحسن والقبيح، ثم تكليفه بناء على ذلك أن يتبع طريق الحق والخير والحسن، وأن يتجنب طريق الباطل والقبح والضلال والانحراف قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ١٠﴾{الملك:10} فالعقل قوة مدركة فطرية في الإنسان، يستعمل لثلاث معان، الإدراك، العمل بمقتضى الإدراك وهو العقل العملي أو الحكمة والعقل القلبي، والإنسان يحس بالفرق بين الإدراك العقلي، وهو إدراك منطقي تسلسلي واستدلالي بينما إدراك القلب مباشر وفجائي وإلهامي قال تعالى:﴿مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ ١١﴾{النجم:11}" (الطحان،2006، ص 66-67).

فالتربية الإسلامية تلح على ضرورة التفكير والتخيل في ملكوت الله وأعمال العقل حيث يعمل الوالدين على تشجيع الطفل على التفكير والتخيل والإبداع، وتقديم التربية العقلية للطفل وعدم شغل ذهنه بتوافه الأمور، وتعليمه كيف يفكر بطريقة ايجابية ذكية، إرشاده إلى طرق تنمية تفكيره الإبداعي، وتوسيع ذاكرته وإدراكه ووعيه بواقعه المحيط به.

وتتحقق التربية العقلية بمراعاة الأمور التالية( يالجن، 2003، ص74-75):

-   وقاية العقل من أسباب الأمراض العقلية وأسباب التخلف العقلي.

-   تنمية القدرات العقلية في مراحل التربية للطفل.

-   تدريب العقل على منهجية التفكير المنطقي الإسلامي للوصول إلى الحقائق المادية والمعنوية.

-   تكوين عقلية علمية ابتكاريه.

والتربية العقلية هي توجيه لعقل الطفل وتبصيره بالعلوم والمعارف التي يجب معرفتها للتميز بين الحق والباطل الخير والشر، في إطار ضوابط معينة، كتعلم التأمل في المخلوقات مما يزيد إيمانه ويرسخ اعتقاده بوجود خالق للكون ومراقبة قدرته على التخيل والإدراك.

3- التربية الروحية: التربية الروحية هي تربية للروح وتزكية للنفس، "أول ما تعني حمايتها مما يشوه جوهرها وأسباب مرضها، وتعني ثانيًا تنميتها بتغذيتها ورياضتها بالعبارات المختلفة بأساليب خاصة، وتعني كذلك تطهيرها وتخليتها من الرذائل، ثم تحليتها بالفضائل المختلفة، وترقيتها لتستطيع التقرب إلى خالقها؛ ولتكون على صلة مستمرة به في السر والعلن؛ ولتستمد منه العون والإشراق والطمأنينة؛ لأن الحياة الروحية هي التي تضفي على حياة الإنسان القوة والإشراق والبهجة في الدنيا والأمل السعيد في الآخرة(يالجن، (دت) ، ص 241).

فالتربية الروحية هي الأكثر تأثيرًا في بناء شخصية الطفل التي تبدأ ببناء العقيدة والعبادة حيث تربط الطفل من أول أمره بالله وتحفظه من الضياع والانحراف، وللأسرة دور كبير في تعليم الطفل وتوجيهه نحو عقيدته وتعليمه العبادات المطلوبة للتقرب من الخالق، كما تعلمه كيف يميز بين الخير والشر والمسموح والممنوع.

"يقول الإمام الغزالي (اعلم أن ما ذكرنا من أمور العقيدة، ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوئه، ليحفظه حفظًا، ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئًا فشيئًا، فابتدأوه الحفظ، ثم الفهم، ثم الاعتقاد والإيقان والتصديق به؛ وذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان، فمن فضل الله سبحانه وتعالى على قلب الإنسان أن يشرحه في أول نشوئه للإيمان، في غير حاجة إلى حجة أو برهان، ثم يدلنا على الطريقة في ترسيخ العقيدة، فيقول: والطريق إلى تقويته يكون بالانشغال بتلاوة القرآن وتفسيره وقراءة الحديث ومعانيه ويشتغل بالعبادات، فلا يزال اعتقاده يزداد رسوخًا بما يقرع سمعه من أدلة القرآن وحججه وبما يرد عليه من الشواهد الأحاديث وفوائدها وبما يستطيع عليه من أنوار العبادات ووظائفها)(الطحان،2006، ص324). 

وتقوم التربية الروحية على ثلاث أمور هي العقيدة والعبادة والمعاملة، فتبنى العقيدة على الأيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر بالقدر خيره وشره، وهذا يغرس في الطفل بعض الصفات الإنسانية والاجتماعية، كالإيثار والتضحية والمحبة والرحمة والشفقة والتعاون والتقوى.

أما العبادة فتتمثل في تربية الطفل وتعويده القيام بها كأداء الصلاة في وقتها، تعويده على الصدقة من مصروفه الخاص، وصيام بعض أيام رمضان.

أما المعاملات فتشمل التزامه ببعض الآداب الاجتماعية كزيارة الأقارب واحترام الجار، وتعلم الطفل هذه الأمور دون تعنيف ولا عقاب حتى يحب أدائها، "فالطفولة ليست مرحلة تكليف وإنما هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد للوصول إلى مرحلة التكليف، وعبادة الله تفعل فعلًا عجيبًا في نفس الطفل، تشعره بالاتصال بالله عز وجل وتهدئ من ثورات نفسه وتلجم انفعالاته، جاء في كيفية تعليم الصلاة عن النبي (صل الله عليه وسلم) قال:(علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر) (أبو داود)" (الطحان، 2006ص327).

وتتحقق التربية الروحية للطفل بما يلي(يالجن، 2003، ص 76-77):

-   تكوين الشعور لدى الناشئين بحاجتهم إلى الله باستمرار في السراء والضراء.

-   تكوين الوعي الكامل بأهمية الحياة الروحية وضرورتها للحياة الإنسانية.

-   تطهير النفس وتزكيتها من جميع الرذائل والنيات والغايات السيئة.

-   تحليه النفس وتزكيتها بالفضائل ومكارم الأخلاق.

-    تنشئة النفس على عبادة الله برغبة كاملة وإخلاص تام.

-   تدريبهم على ذكر الله على كل نعمة بعد تبصرهم بها وإشعارهم بقيمتها.

-   تدريبهم على الرياضة الروحية وعلى الحوار التعبدي بالأساليب التربوية.

ومن الأساليب التي تعين الأسرة على ربط الطفل بالله؛ تعويده الصلاة في وقتها جماعة في المسجد وأداء بعض النوافل بطريقة جماعية، من صلاة وصيام في البيت وأذكار الصباح والمساء، وورد القرآن والحديث كل يوم، وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة، كما لا ندعو الأسرة إلى التضييق على الطفل وإجباره على العبادة وتحميله ما لا يطيق، بل تحبيبه فيها وتعويده عليها حتى يشب على أدائها فتصير جزء منه هو جزء منها أذا لم يؤديها أحس بالضيق، فلا تطيب نفسه ولا يهنأ باله إلا بأدائها ولا يكون ذلك إلا إذا اتبعت الأسرة أسلوب المكافئة أول الأمر، كما يقول مقداد يالجن:"ينبغي على الأسرة أن تبدأ هذه التربية بالتعليم والممارسة معًا ابتداء من المرحلة الابتدائية، وذلك بتعليم الصلاة وأداء الصلاة بالترغيب والتشجيع دون استخدام القوة والقهر والضرب ولا يعاقب إذا ترك أداء بعض العبادات شيئًا فشيئًا حتى إذا ما اعتاد أداءها ونشأ عليها فلا يصعب عليه أداؤها عند البلوغ أو عندما يكلف بالواجبات(يالجن، (دت)، ص 242).

4- التربية الأخلاقية: إن الوصول إلى الخلق الحسن هو الغرض الحقيقي للتربية "وحسن الخلق زينة الإنسان، وهي التي تجعله محبوبًا في المجتمع، وهي من أسباب سعادة الإنسان في هذه الحياة ولدخوله الجنة في الآخرة وسوء الأخلاق من أسباب شقاوة الإنسان ودخوله النار في الآخرة"(يالجن، 2003، ص 77).

وإن الأخلاق التي ينشأ عليها الطفل هي التي يرها كل يوم في سلوك الوالدين، وتنطبع عليه بشكل تلقائي، فالطفل كما هو معلوم يولد على الفطرة، والوالدان هما المسؤولانعن توجيه هذه الفطرة إلى بر الأمان، من النقش الحسن والبناء الأخلاقي القويم، فيلقن الطفل الآداب الأخلاقية من تحية واحترام الوالدين وطاعتهما، والأدب مع الأخوة، وتوقير الكبير، ورأفة بالجار والقريب، وتطهير قلبه من الأخلاق الذميمة كالغيرة،والحسد،والحقد،وزرع الأخلاق الحسنة؛ من صدق،وأمانة،وحب الخير للناس،والوفاء بالوعد وغيرها من الآداب الأخلاقية، التي تزكي النفس وترتقي بها إلى بناء شخصية سوية معتدلة خالية من الأمراض النفسية بعيدة عن لغو الكلام وفحشه، لكي نرسخ في نفس الطفل الأخلاق الحسنة منذ الصغر، لكي نرسخ في نفس الطفل الأخلاق الحسنة منذ الصغر ينبغي" أن يكرم على الخلق الجميل ويجازى عليه بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس" (الطحان،2006،ص341)، من أجل تعزيزالسلوك الحسن في نفسه.

وتتحقق التربية الأخلاقية بالأمور التالية (يالجن، 2003، ص78):

-   تكوين الحب للفضائل وحسن الأخلاق ثم تكوين الكراهية،والنفور،والاشمئزاز من الرذائل،والشرور والجرائم.

-   تنشئة الصغار على ممارسة الفضائل الأخلاقية والآداب الاجتماعية الحسنة.

-   تدريب الناشئين على تطهير النفوس من الرذائل والنيات السيئة.

-   تحلية النفس بالفضائل ومكارم الأخلاق من حيث الظاهر والباطن،من خلال القدوة الحسنة والسلوك الحسن.    

-   تبصيره بطريقة تحكيم العقل وتحكمه في النوازع البشرية، وذلك أن التبصر بالحقائق الأخلاقية وقيمها المختلفة لا يكف، يستطيع المرء تحكيم العقل وتحكمه في سلوكه إذ لا بد لتحقيق ذلك من تطبيق المبادئ التربوية.   

5- التربية الاجتماعية: التربية الاجتماعية للطفل تعني" تنشئة الطفل تنشئة تكفل له الاندماج مع عادات وتقاليد وطبيعة مجتمعه، وتضمن التكيف مع ظروفه وتهيئته ليكون من عوامل تقدم هذا المجتمع وتطوره نحو الأفضل (علواني، 2001، ص155).

أو هي "ظاهرة سلوكية وجدانية التي تربي الطفل على أداء الحقوق،والتزام الآداب،والرقابة الاجتماعية،والاتزان العقلي، وحسن السياسة والتعامل مع الآخرين، ومن الثابت تجربة وواقعا أن سلامة المجتمع وقوته وتباينه وتماسكه مرتبطان بسلامة أفراده وإعدادهم" (ناصح علوان، (دت)، ص 357).

والتربية الاجتماعية تبدأ من الأسرة من خلال سهر الوالدين على أن يسلك الطفل السلوك السليم بالتوجيه والضبط وتعلم الآداب الاجتماعية والأدوار الاجتماعية وتكوين الضمير الاجتماعي لديه، وتظهر التربية الاجتماعية في أربعة أشكال هي كالتالي (علواني، 2001، ص156):

- اكتساب السلوك المرغوب فيه مثل مهارات القراءة،والحساب،والاتزان الاجتماعي، والتحدث بثقة دون قلق.

- اكتساب القيم المقبولة ثقافيا مثل الإخلاص، الإيثار، النظافة، الأمانة، الضمير الحي، الثقة الطموح.

- الكف عن السلوك غير المرغوب فيه مثل الطبيعة العدوانية، التواكلية، البكاء، الغضب، التبول.

- الكف عن القيم المرفوضة مثل الكراهية، الكسل، النرجسية، الكذب الغش، والخداع."

كما ينبغي على الأسرة أن تعمل على غرس الانتماء القومي في نفس الطفل من حب الوطن والاعتزاز بقوميته العربية الإسلامية حتى لا ينشأ الطفل محبطا منهزما، بل ينشأ معتزابتراثه وماضيه،ومن أساسيات تربية الطفل قوميا؛ربط المآثر القومية بالأعمال والإنجازات الحضارية بشكل إيجابي، أي بشكل يدفع الأجيال إلى إنجازات أكبر، التأكيد أن القومية لا شأن لها ما لم يكن الأفراد المنتمون إليها أصحاب شأن وتميز.

6- التربية النفسية: التربية النفسية هي" تربية الطفل منذ أن يعقل على الجرأة،والصراحة،والشجاعة،والشعور بالكمال، وحب الخير للآخرين، والانضباط عند الغضب والتحلي بكل الفضائل النفسية والخلقية على الإطلاق، وهدفها تكوين شخصية الطفل وتكاملها واتزانها؛ حتى يستطيع إذا بلغ سن التكليف، أن يقوم بالواجبات المكلف بها على أحسن وجه وأنبل معنى (ناصح علوان، (دت)، ص299).

ويعمل الوالدان على تربية الطفل منذ نعومة أظافره على الجرأة والإقدام والحياء من الله والناس، ويحررانهمن الاضطرابات النفسية، كالخجل،والخوف،والانطواء،والشعور بالنقص،وأمراض القلوب من؛حسد،وبغض،وحرص،وكبر؛ حتى تنشأ نفسه طاهرة عفيفة تقودها النفس المطمئنة بعيدة عن قيادة الهوى أو إغراء الشيطان أو النفس الأمارة بالسوء.

"فالنفس إذا سكنت تحت الأمر وزينها الاضطراب بسبب معارضة الشهوات سميت النفس المطمئنة، وإذا لم يتم سكونها صارت مدافعة للنفس الشهوانية سميت النفس اللوامة، فإذا تركت الاعتراض وأذعنت لمقتضى الشهوات ودواعي الشيطان سميت النفس الأمارة بالسوء.

وكل من استولت عليه النفس صار أسيرا في حب شهواتها محصور هواها، مقهورا مغلولا زمامه في يدها، تجره حيث شاءت فتمنع قلبه من الفوائد شعار هذه الفئة ﴿فَإِذَاقَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ٢٠٠﴾ {البقرة: 200} (الطحان،2006، ص 72).  

يتم ترويض نفس الطفل على قمع الشهوات، وأول شهوة تظهر في الطفل هي شهوة حب الطعام والغيرة من أقرانه، فيتعلم حب الآخرين والابتعاد عن الشبع حتى لا تنمو فيه غريزة إتباع الهوى دون قيد أو شرط، كما يفضل شغله بأمور أخرى كقول الحق ونصر المظلوم، فينشأ على الصراحة التامة والجرأة الكاملة، ضمن حدود الأدب والاحترام ومراعاة شعور الآخرين، وإنزال الناس منازلهم، وإلا فإن الجرأة ستنقلب إلى وقاحة والصراحة إلى قلة أدب.

وعلينا أن نميز بين الحياء والخجل للفرق الواضح بينهما فالخجل هو؛انكماش الطفل وانطواؤه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين، أما الحياء فهو؛التزام الطفل مناهج الفضيلة وأدب الإسلام فليس من الخجل في شيء أن نعود الولد منذ نشأته على الاستحياء من اقتراف المنكر، وارتكاب المعصية وليس من الخجل في شيء حين نعود الطفل على توقير الكبير وغض البصر عن المحرمات، وكف الأذن أن تسترق سرا أو تكشف خبثا.

7- التربية الجنسية: التربية الجنسية هي تعليم الطفل الأمور المتعلقة بتناسل الجنس البشري وكيفية المحافظة عليه، وأن ذلك يكون على مراحل؛ لأن الطفل الصغير لا يستوعب هذه الأمور وهو صغير، لكون "الطاقة الجنسية عنده في حالة كمون، ولا يجب القلق عند اكتشاف الوليد لأعضائه التناسلية في مرحلة الرضاعة، أما في الطفولة المبكرة  فينبغي على الوالدين والمربين مراعاة العديد من الأمور منها تعريف الطفل بأسماء أجزاء الجسم وضمنيًا الأعضاء التناسلية بشكل طبيعي وصريح، مع الإشارة إلى التحفظ الاجتماعي على هذه التسميات من باب قواعد الأدب الاجتماعي، كذلك ينبغي الإجابة على أسئلة الطفل دون إفراط أو تفريط، وتعريف الطفل بالفروق بين الجنسين دون ربط الشأن الفردي بجنس الفرد، أي دون انتقاص من جنس عن آخر، ويجب علاج مواقف العبث الجنسي بحكمة وصرف الطفل وتحويل نشاطه إلى نشاط بناء آخر، كاللعب والجري وكذلك تدريب الطفل على ضبط النفس خلقيا(علواني، 2001،ص 291-292).  

إن أول ما يربى عليه الطفل في سن مبكرة تعريفه بأعضائه التناسلية وعدم المبالغة في ذلك، وتوعيته بضرورة سترها أمام الناس، وعدم النظر إلى عورتهم، وتعليمه الاستئذان عند الدخول عليهم" وتعليم الطفل وتوعيته ومصارحته منذ أن يعقل القضايا التي تتعلق بالجنس وترتبط بالغرائز وتتصل بالزواج حتى إذا شب الطفل وترعرع وتفهم أمور الحياة عرف ما يحل وعرف ما يحرم، وأصبح السلوك الإسلامي المتميز خلقًا وعادة فلا يجري وراء شهوة ولا يتخبط في طريق انحلالالمجتمع"(ناصح علوان، (دت) ، ص499).      

"لاشك أن مجتمعاتنا تخلو من ثقافة جنسية صريحة، وبالتالي فإنها تخلو من تربية جنسية صريحة، وما تحفل به بعض مناهجنا الدينية أو العلمية أو الأدبية من دراسات ونصوص حول الجنس لا تشكل تربية بمعنى الكلمة، إنما هي آليات الجنس والتناسل والوراثة في الجانب العلمي، وتشريعات الزواج والبلوغ في الجانب الديني، وبعض الجماليات المقننة في الجانب الأدبي، أما الغرب فهو من بداية القرن العشرين يطور مناهج خاصة في هذا المجال، ونحن هنا لا ندعو إلى تطبيق هذه المناهج إنما نود أن نبين ضرورة أن يكون قرارنا بهذا الصدد علميا وواقعيا، فمع هذا الاهتمام المتخصص في الغرب، فإن للأمر مثالبه الجمة التي نشأت بسبب تطبيق التربية الجنسية، مثل: تفشي العلاقات الجنسية الحرة بين طلبة المدارس في أعمار مبكرة جدا، لذلك فإن التربية الجنسية بقدر ما هي ضرورية بقدر ما هي دقيقة وخطيرة أيضا"(علواني،  2001، ص 260).

التربية الجنسية في المجتمعات متباينة بين الإفراط والتفريط، ففي الدول الغربية تم تناولها بإسهاب وإشاعتها بين الطلاب حتى صارت شيئا متداولا وعاديا، أما في الدول العربية مثلا فتم تناولها بتكتم وتخوف كبيرين ومنع الإفاضة فيها حتى بطريقة علمية، رغم أنلدينا تراث إسلامي يحث على ضرورة تعليم الطفل وتوعيته ومصارحته مبكرا بالبلوغ الجنسي والنضج،والاستنان عند الدخول على الآخرين وغيرها.

للتربية ميادين كثيرة ومتعددة تستطيع من خلالها الأسرة تنشئة الطفل تنشئة متكاملة تستجيب لحاجاته وتحد من مشكلاته وتكون فردًا صالحًا ذا شخصية متزنة وذلك من خلال التربية الجسمية،والصحية،والعقلية،والاجتماعية،والنفسية،والأخلاقية والروحية،والجنسية.  

رابعا- أساليب تربية الطفل: من أهم أساليب تربية الطفل في الأسرة وفق المنظور الإسلامي ما يلي:   

1- التربية بالقدوة: التربية بالقدوة الحسنة أفضل طرق وأساليب التربية وخاصة في المراحل الأولى من عمر الطفل، "والقدوة في هذه المرحلة من الأم والأب أولًا وجميع أفراد الأسرة ثانيًا، والواقع أن قدرة الطفل على الالتقاط أكبر مما نظن عادة، ومن المعلوم أن تقليد اللغة يأتي بعد التقاطها،والتقاط أنماط السلوك المتعارف بين أفراد الأسرة أسهل من التقاط مفردات اللغة، وإن ترسيخ مبدأ الشورى والتعاون ومبدأ قوامة الرجل في الأسرة واحترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير أحسن الأنماط السلوكية التي يلتقطها الطفل في هذه المرحلة، وينشأ وفقًا لها، فالطفل الذي يعيش منذ نعومة أظفاره في أسرة القوامة فيها للرجل تترسخ في نفسه مكانة الأب الصحيحة في الأسرة والطفل الذي يرى والديه يتشاوران ويستثيران أولادهما يترعرع ويشب على مبدأ الشورى في الحياة الاجتماعية(أحمد الشنتوت،  1999، ص 29-30).

وفي مرحلة الطفولة يكون الطفل "شديد التعلق بأمه وأبيه، وهو أشد تعلقا بالشخص الذي يتخذ موقفا إيجابيا فعالا في حياته، فلا يقتصر دوره على مجرد الاستجابة لحاجات الطفل؛ وإنما يأخذ أيضا المبادرةفي استثارته اجتماعيا وانفعاليا ومعرفيا، وذلك بالبقاء دائما على اتصال به يحضنه،ويعانقه،ويتحدث معه،ويلاعبه ويداعبه،ويشترك معه في ألعابه، وباختصار يكون معه عنصر اطمئنان وأمان"(الطحان،2006ص 308-309).

وفي هذه المرحلة كثيرًا ما يقلد الطفل والديه لحركاتهما دون وعي لما يفعله، فمثلًا نجده يقلد أباه في الوضوء والصلاة، وحتى في الأمور الضارة كالتدخين، فيجب على الأب أن يحتاط عند إقدامه على فعل مشين أن يتجنبه على الأقل أمام طفله كما يجب على الأبوين فرض الاحترام المتبادل بينهما،بحيث يعطيا ذلك النموذج والقدوة في التعامل مع الأبناء وتدعيم المحبة بينهما، وإشاعة روح التقدير والاحترام لفرض الاحترام بينهم  وأن يحرص الأبوان وبالأخص الأب على خلق جو يسوده الإيمان والأمان والحب، بعيدًا عن المجون والفجور وفساد الأخلاق الذي يبعث على فساد الأبناء وانحرافهم، فإذا كانت الأم مدرسة فينبغي أن يكون الأب ذلك  الجدار المتين والحصن الأمين على الأسرة يجد كل فرد فيه الحماية،والسند في حالة اضطراب الظروف الاجتماعية.

وتتحقق التربية بالقدوة بمراعاة الأمور التالية (محمد خليل بيومي، 999، ص199):

- إعطاء المثل والقدوة في الايجابية والتضامن الاجتماعي، والمشاركة الوجدانية وإشراك أبنائهم تدرجيا في القيام ببعض هذه الممارسات الايجابية بما تسمح به قدراتهم، ومستوياتهم العمرية.

- إتاحة الفرص لأبنائهم التي تتيح لهم الاستقلالية، وتحمل المسؤوليات الاجتماعية.

- تنمية الغيرية والإيثار، ومحاربة الأنانية والتمركز حول الذات.

- تدعيم العلاقات الاجتماعية من خلال التزاور مع الآخرين والتفاعل الاجتماعي واللعب الجمعي، وإذكاء روح الفريق بينهم.

ولقد أكدت الدراسات على أن أسلوب القدوة من أهم الأساليب التربوية وأكثرها تأثيرا على سلوك الطفل في الوسط الأسري خاصة من الأبوين فهما أكثر أفراد الأسرة احتكاكًا بالطفل، و تبقىبصماتهما راسخة فيه مدى الحياة، يكتسبصفاتهما؛الخلقية،والنفسية والعادات؛ فالوالدين هما القدوة الأولى للطفل في كثير من الأحيان، وعليهما  أن يعدانفسيهما مؤسسة تربوية، والمدرسة الأولى التي يتكون فيها الطفل جسميًا،وعقليًا،وخلقيًا،واجتماعيًا،ودينيًا،وعاطفيًا،  فلهماالدور التربوي الأكبر في تربيته  إذا كانت الأسرة نووية، فالطفل يأخذ التربية من أمه وأبيه فقط، أو المربية أو الحاضنة، إذا كانت الأم تعمل خارج المنزل، أما إذا كانت الأسرة ممتدة فقد يتدخل في تربيته بعض المقربين كالجد والجدة،والعم والعمة،والذين بفضلهم يتعلم وعن طريقهم يكتسب بعض السلوكيات والعادات الأسرية.

2- التربية بالتعويد والممارسة: وهي أن يجتهد الأبوان في تعويد الطفل وتلقينه الآداب الاجتماعية من خلال التربية والمراقبة الدائمة له وتوجيهه إذا أخطأ؛ "لأن اعتياد فعل الشيء، أو قوله عن طريق التكرار، يحول إلى ما يقرب من الصفات الشخصية للإنسان بعد اعتياد الشيء ولو كان صعب المنال وقد قال الشاعر: تعود صالح الأخلاق إني      رأيت المرء يألف ما استعادا

لذلك كان تحويل السلوك المطلوب إلى عادة من الوسائل المهمة في التربية، وهذا يحتاج إلى إصرار من المربى على تحويل السلوك المرغوب فيه إلى عادة، فيكرره كثيرًا, ويتابع ذلك متابعة شديدة، ثم بعد فترة يصير ذلك عادة لدى الطفل يفعله عند حدوث دواعيه، من غير أن يطلب ذلك منه، فالمسلم الذي تعود مثلًا على قول (الحمد لله) بعد العطس، لو جاءه العطاس وهو مستغرق التفكير في أمر سيطر عليه، فإنه يقول الحمد لله بعد العطاس-العطس- وإن كان غير منتبه، لأنه صار عادة له، وهكذا... ولذلك جاء في الحديث(الخير عادة، والشر لجاجة، من يرد الله به خيرَا يفقه في الدين) (أخرجه ابن حيان في صحيح)" (بن شاكر الشريف،  2006، ص 51).

أن أسلوب التربية بالتعويد والممارسة من الأساليب التربوية الهامة وأكثرها تأثيرا على سلوك الطفل من خلال تعويده على ممارسة جملة من السلوكيات والتي تنطبع في حياته فيما بعد وتصير سلوكاتابعا له.

لقد أثار هذا الأسلوب اهتمام كثير من العلماء والمفكرين في عدد من الدراسات العلميةالتي نادتإلى انتهاجالآباء له كأسلوب في التربيةالصحيحة، حيث يتم تربية أبناء متوافقين نفسيا واجتماعيا؛ إلا أن تجسيده في الواقع يتطلب نوعا من الفن والمهارة والصبر، واستعمال مثل هذا الأسلوب ما هو إلا دليل على وعي الآباء ومستواهم الثقافي،وثمرة تحسن المستوي العلمي لدور الآباءفي المجتمع.

2- التربية بالقصة والموعظة: "استخدم  القرآن الكريم القصة استخدامًا واسعًا في تثبيت القيم الإيمانية وترسيخها،وتعميقها في نفوس المؤمنين، ونستطيعأن نبسط قصص القرآن كما نستطيع أن نؤلف للطفل قصصا مناسبة تؤكد على الفضائل،والمشاعر النظيفة،والمواقف الطيبة التي نريد تثبيتها وتوجيه الطفل  إليها، ويروى عن أبي حنيفة-رحمه الله- قوله إن الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه؛ لأنها آداب القوم والشاهد في ذلك قوله ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰلَمِينَ ٩٠﴾ [الأنعام 90]" (الطحان، 2006، ص 320)

"ومن الأمور المفيدة جدًا في هذا المجال أن يستفيد المربي من كتب التراجم، فإن فيها قدرًا هائلًا من القصص الحقيقية الغنية بكل ما نحتاج إليه في تربية الطفل وخاصة غزوات الرسول (صل الله عليه وسلم)   وتراجم الصحابة (رضوان الله عليهم) والأبطال والقادة، وقد كان سلفنا الصالح (رضوان الله عليهم) يجعلون من غزوات الرسول (صل الله عليه وسلم)   وسراياه مادة عظيمة لتربية أطفالهم، فعن إسماعيل ابن محمد بن سعد قال: كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله (صل الله عليه وسلم)  ويعدها علينا، وسراياه ويقول:(يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها)، وعن علي بن الحسين يقول:(كنا نعلم مغازي النبي (صل الله عليه وسلم)  وسراياه كما نعلم السورة من القرآن)، أما افتعال القصص فليس له التأثير نفسه، لأن الأولى يسندها تحققها في الواقع وليس مجرد تخيلات"( بن شاكر الشريف، 2006، ، ص 46).

أما إذا كانت القصص خيالية فينبغي اختيار القصص الهادفة التي ترسخ الأخلاق والقيم الاجتماعية، كالصدق والأمانة والشجاعة والإقدام والعطف على الفقراء والمساكين، من أجل تنمية الضمير الخلقي لدى الطفل، الذي يتعلمالمعايير الأخلاقية من أبطال القصص ويتأثر بهم ويحاول تجسيدها في الواقع،ويقرأ له الأب أو الأم بصوت عال حتى يعتاد على الإصغاء.

"وإن القراءة للطفل في سن مبكرة ستجعل الصغير ينتبه إلى ثلاثية: هو والقارئ، والكتاب، إلى أن يستطيع أن يعتمد على نفسه في قراءته، ويتوق لذلك ويتشوق إليه، وذلك يعنينا من دون شك على الإسراع في تعليمه القراءة، أي ما يحب ويتمنى أن يحققه في سن مبكرة؛ ولهذا ظهر لون من الكتب لأطفال ما قبل السنة الأولى من العمر والثانية والثالثة بجانب تلك التي يتداولونها في دار الحضانة والرياض، وقبل أن يتعلموا قراءة الكلمات والحروف"(يوسف. 2001، ص77-78).

كما يفضل أن يشجع الطفل على القراءة والمطالعة إذا كان يستطيع القراءة لوحده ويسمع الأب والأم قراءته؛ مما يبث الثقة في نفسه ويقدم تلخيص العبر والعظات عن القصة التي قرأها،ومن خلاله نكتشف مدى سعته وفهمه لما قرأ من وراء تلخيصه. ويفضل غرس حب القراءة في نفس الطفل كحب الحلوىواللباس الجديد، فيولد في نفسه دافع ذاتي شغوف بالقراءة والإطلاعوحب العلم، وينبغي تزويده بمكتبة صغيرة تحتوي كتب كثيرة مخصصة للأطفال حتى يتيسر له فهمها. 

"القراءة ذات أهمية كبرى إذا استطاع الآباء والمربون أن يعودوا الأطفال عليها، لأنها الوسيلة الكبرى لتلقى ألوان الثقافة في مرحلة التأسيس المعرفي، ومن المتعارف عليه بأن القراءة عملية عقلية، تشمل تفسير الحروف المكتوبة، وربطها بالمعاني، وتفسير تلك المعاني وفقا لخبرات القارئ الشخصية...وهذه الطريقة تربي في الأطفال القدرة على الاستقلال بالقراءة، والاعتماد على النفس والاستمتاع بالأحداث والقصص،وتساعدهم في كثير من الأحيان على حل المشكلات، وتهذيب مقاييس التذوق الأدبي، كما أنها تسهم في الإعداد العلمي للأطفال، والتوافق الاجتماعي والشخصي والنفسي لهم"(خليل جمعة،  2005، ص320-321).

لقد أكد كثيرمن التربويين والعلماء على فعالية أسلوب التربية بالقصة والموعظة وتأثيرها على سلوكالطفل،حيث تترك القصة أثرا على أفعال الطفل وتصرفاته من حيث لا يدري، كما يفضل بعض المفكرين تشجيع الطفل  على الاستماع للقصص عند القراءة له وتعويده على المطالعة، إذا كان يستطيع القراءة  لوحده،ويسمع الأب والأم قراءته؛ مما يبث الثقة في نفسه ويقدم تلخيص العبر والعظات عن القصة التي قرأها أو سمعها، حيث نكتشف مدى سعة فهمه لما قرأ، وكما يفضل غرس حب القراءة في نفس الطفل، كحب الحلوى واللباس الجديد، فيولد في نفسه دافعًا ذاتيًا وشغوفًا بالقراءة والاطلاع وحب العلم.

4- التربية بالثواب والترغيب: إن الطفل يتأثر كثيرًا بالترغيب والثواب الذي يناله من الأسرة على فعل ما، فهو يحبللثناء، ويرغب فيه متى أنجز عملًا ولو كان بسيطًا، فنراه " في حاجة إلى الثواب لحظة إقدامه على فعل أو قول ما يراد منه، وذلك لضعف إرادته أمام المغريات، ولضعف قوته عن الاحتمال؛ لذلك هو في حاجة إلى ما يحمله على التمسك والتجلد والإقدام.

وتتعدد كيفية الإثابة ما بين معنوي وآخر مادي، وكلاهما مطلوب، ولا يغني أحدهما عن الآخر خاصة في هذه المرحلة، وينبغي على المربي إذا وعد بثواب أو جائزة أن يوفي بما وعد من الثواب، فإن إخلاف الوعد فيه ضرر كبير على الطفل، من جهة أنه لا يثق في وعد المربي، ومن جهة التأثير السيئ في الإقتداءبه، ومما يعين المربي على الوفاء ألّايعد بما لا يمكن تحقيقه في الواقع، أو يصعب تحقيقه كما لا يعد بأمر كبير لا يتناسب مع المطلوب كالوعد بمبلغ مالي ضخم، أو القيام برحلة بالطائرة مثلًا؛ مما يجعله يتقاعس عن الوفاء"(بن شاكر الشريف، 2006، ، ص 57).

كما ينبغي أن لا نبالغ في الثواب والمكافئة حتى يتمرد الطفل،ويصبح يؤدي أبسط الأمور بالمقابل دائما؛ فيصبح نفعي لا يحب الخير للآخرين، ويقوم بمعظم الأعمال من أجل الحصول على الثواب أو المكافأة، "لأن الثواب أيضا من أخطر الأمور المؤثرة على بنية الفرد، وإذ نشوه فكرته فيتحول إلى نوع من الإفساد وخلخلة البنية الإنسانية، سواء من حيث التفكير أو السلوك، إذ إنهعندما يقدم ويطبق بشكل غير مسئول وخارج اعتباراته، يورث الفرد أخلاقا وطباعا تقلل من فاعليته كعنصر في المجتمع، بل وتحد من إحساسه بالانتماء إلى المجتمع، وتقضى على روح التعاون والمسؤولية لديه فعمل الخير هو خدمة شخصية من الفرد لشخصه بالدرجة الأولى، وليس مجرد تفضل على الآخرين, وما نشعر به من نكران للجميل عند الآخرين لا يدل على مساوئ الآخرين، إنما يدل على الفهم الخاطئ والقناعة غير المكتملة، إنه دلالة على أن ما نقوم به من أعمال (الخير) يدخل في إطار المقايضة، وليس الفضل والإحسان، حتى إذا كانت المكافأة ليست من جنس العمل أو مستواه لأن طلب التقدير أيضا فيه نوع من المقايضة.

أما الثواب في الآخرة فقد يصبح مادة للتجارة في الدنيا، على نحو ما عرف بصكوك الغفران مثلا في أوربا، فباسمه قد تجرى عمليات تحايل واستغلال وإفساد واسعة النطاق، وذلك من خلال تأويلات وتفسيرات مغرضة لأناس مغرضين يعرفون كيف يستثمرون هذا الأمر بطريقة تدر عليهم الفوائد حتى لو أضرت بالمجتمع «(علواني، 2001، ص134-135). 

لقد أكد معظم المربين على أهمية أسلوب الثواب والترغيب في التأثير على سلوك الطفل، ونبهوا إلى ضرورة عدم المبالغةفي الترغيب والمكافأة حتى لا يصبحنفعيًا وأنانيا يحب نفسهدون الآخرين، فعلى الأبوين حث الطفل وترغيبه في العمل مهما كان بسيطًا، وربطه دائمًا بحب الإنجاز لذاته وقيمته، وحب الخير للناس دون انتظار الجزاء منهم، والتذكير بالجزاء على العمل الحسن عند الله تعالى.

5- التربية بالترهيب والعقاب:  يعتمد  أسلوب الترهيب والعقاب في تربية الطفل من خلال نهيه ودفعه عما لا ينبغي عليه فعله من السلوكيات السيئة، وذلك من خلال تبصيره بالسلوكيات التي لا ينبغي القيام بها، ومعاقبته إذا لم يلتزم بالأوامر، ويجب أن لا نبالغ في استعمال القسوة والترهيب المفرط على الطفل، حتى لا يعيش في حالة رعب وخوف من كل شيء، ولكن لا إفراط ولا تفريط،" فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة فينبغي التغافل عنه ولا يهتك سره ولا يكاشف ولاسيما  إذا ستره الطفل واجتهد في إخفائه، فإن عاد ثانية فينبغي أن يعاقب سرا ويقال له: إياك أن تعود لمثل هذا فتفضح بين الناس، ومع ذلك فلا تستخدم معه لغة التعنيف الشديد عند الخطأ،وينبغي أن يمنع من كل ما يفعله خفية، فهو لم يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح، فإذا ترك تعود فعل القبيح، كما يعود على المشي والحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل، ويعلم آداب الجلوس وآداب الحديث، وأن يحسن الاستماع، توقير من هو أكبر منه سنا بالاستماع له، وأن يوسع له المكان ويجلس بين يديه(بن شاكر الشريف،2006ص 59).

"ولا ينبغي أن تتجه همة المربي أول شيء في العقاب، إذا قرر معاقبة الطفل إلى العقاب البدني على أنه العقاب المفضل، بل هو كما قالوا آخر الدواء الكي، والعقاب البدني في هذه السن الصغيرة غير مرغوب فيه، وله أضرار كثيرة، كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في مقدمته حيث يقول:( الشدة على المتعلمين مضرة بهم، وذلك أن إرهاق الحد في التعليم مضر بالتعلم لاسيما في أصاغر الولد؛ لأنه من سوء الملكة، ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم، سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمله على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره، خوفًا من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك وصارت له في هذه عادة وخلقًا، وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمدن...فينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده أن لا يستبد عليهم في التأديب وينبغي للمربي أن يتدرج في عقوبة الطفل فتكون لديه عقوبات متعددة، ليست على منوال واحد في الشدة، فيستخدم منها في كل موقف ما يناسبه) (الطحان،2006، ص341).

كما يفضل التنوع في أنواع العقوبة ولا نجعلها في كل الأحوال عقوبة بدنية حسية كالضرب أو أساليب تحقير الولد وجرح كرامته بسوء اللفظ والفعل، وهو لا يؤدي إلى النتيجة المرجوة من العقاب؛ لأن الهدف من العقاب ليس القصاص ولكن الغرض التوجيه والتنبيه إلى الخلق الحسن، وضمان عدم العودة إلى السلوك السلبي، فنكتفي بأن تكون العقوبة لفظية باللوم والعتاب على السلوك وليس على صاحب السلوك، أو كأن يلجأ الوالدان إلى أساليب أخرى كالإعراض عن الطفل، وعدم الكلام معه لمدة من الزمن، وعدم البشاشة في وجهه أو الضحك معه والإقبال على غيره من إخوته، وجعل العقوبة البدنية آخر حل، مع تجنب الضرب بالعصا أو السوط، ونكتفي ببعض الضربات باليد على دبر الولد أو على أطراف يديه أو رجليه.

"تربية الطفل على الخشية والخوف من الله وغضبه،وعدم الخوف من شيء أو على شيء أخر، وتربيته على التعلق بالله، وطلب العون منه وحده، والتعلق بالآخرة ونعيمها ورضوان الله المؤدي إلى النعيم.

والخوف عند الطفل غريزة فطرية في حدود معينة، هو لبناء شخصية الطفل، ووقايته من الحوادث، والخوف غير التخويف الذي هو خطأ بالغ خاصة عندما يُخوّفالطفل من الطبيب أو الشرطي أو الأب (الطحان،2006،ص316)، فيتعلم الخوف من الأشخاص بدل الخوف من الله، وينشأ فردا خائفا خاضعا لمن يخاف منه تابعا له، معقدا يعاني من رهاب الخوف، لذلك ينصحمعظم المربين التغاضي عن أساليب التربية الخاطئة مثل القسوة،والتسلط،والقهر،والإهمال، واستبدالها بأساليب التربية العلمية مثل:التربية بالقدوة،والتعويد والقصة.

يرى علماء التربية أن أسلوب الترهيب والعقاب من الأساليب التي يلجأ إليها المربونفي حالة فشل كل الأساليب التربوية الأخرى، لذلك نبهواإلى ضرورة الحذر من  التذبذب في العقاب نتيجة عدم التفاهم بين الوالدين في إتباع طريقة محددة في التربية، فتارة يعاقب الطفل، و تارة أخرى يثاب على نفس السلوك، أو أن تكون الأم متسامحة كثيرا على أخطاء الطفل، والأب صارم يعاقبه على أتفه الأسباب، و ينجم عن هذا الأسلوب التربوي عدة أعراض مثل عدم قدرة الطفل على التمييز بين الخطأ و الصواب، و ينشأ على الخوف و التردد، و لا يستطيع الحسم في الأمور التي تواجهه ولا يمكنه التعبير عن آرائه و مشاعره لتناقضها وعدم ثباﺗﻬا .

تلعب أساليب التربية في الأسرة من منظور الإسلام دورا أساسيا في تحديد سلوك الأفراد، من خلال النماذج القدوة التي تقدمها للصغار، فأنماط السلوك التي تدور داخل الأسرة هي نماذج تؤثر سلبا وإيجابا في تربية الطفل، إن أهم سمة تميز علاقة الآباء بالأبناء هي علاقة أبوية سلطويةممزوجة بالحنان والعطف من طرف الآباء، غرضها فرض الطاعة والاحترام، إن هذا النمط من التربية الذي يركز على؛الاحترام والطاعة،والخضوع لسلطة الوالد والكبار، يتعمم ليشمل كل رموز السلطة كأن يكون ذلك معلما أو مديرا أو قائدا أو رئيسا أو غير ذلك، كما أن الأساليب التربوية عموما تتراوح بين التربية بالموعظة،التوجيه،والمديح،والترغيب والثواب إلى؛الترهيب والعقابالذي  قد يتعدى إلى التأديب البدني كطريقة لبناء وتقويم سلوك الطفل داخل الأسرة.

خاتمة

الطفل ليس سليل أبويه فقط بل هو سليل الأساليب التربوية الفعالة المتبعة في تنشئته داخل الأسرة، وما اشتملت عليه من أفراد محيطين به، وما اتبعته من أساليب ووسائل في تربيته، وهي كثيرة ومتعددة حيث يتدرج الطفل في أساليب التربية بين اللين والشدة حسب المراحل العمرية، بداية بالتربية بالقدوة الحسنة، وذلك بان يكون أفراد الأسرة قدوة الطفل في السلوك الحسن وفعل الخيرات،والصدق،والأمانة؛ لتفعيل أسلوب التربية بالقدوة، والتربية بالتعويد والممارسة،وذلك بتعويد الطفل على الآداب الاجتماعية والعادات الطيبةمن خلال ممارستها أمامه، الحرص على سلامة العلاقات الإنسانية و الاجتماعية داخل الأسرة، وخاصة بين الوالدين وضرورة إخفاءحالات التوتر والصراع على الطفل، والتربية بالقصة والموعظة، من خلال رواية القصص الهادفة للطفل ووعظه وإرشاده من خلالها, وترسيخ مبدأ الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة.

 والتربية بالثواب والترغيب من خلال إثابة الطفل على الأفعال الحسنة وترغيبه في الأخلاق الفاضلة دون إفراط في حجم الثواب، والتربية بالترهيب والعقاب وذلك بترهيب الطفل إذا أخطأ وإدانة السلوك الذي أقدم عليه دون المبالغة في حجم العقاب فليس الهدف القصاص؛ بل الهدف أن يبتعد الطفل عن السلوك السلبي ويقتنع بأنه عمل غير لائق حتى لا يعود إلية مرة أخرى، والابتعاد قدر الإمكان عن أسلوب التربية بالعقاب والترهيب، وتجنب العقاب بكل أشكاله الجسدي واللفظي والمعنوي، خاصة العقاب الجسدي وإن كان ولابد فيجب التنويع في العقاب من الإنذاروالتوبيخ والإعراض عنه بالوجه، ولا يكون العقاب الجسدي إلا في الأخير، كما يقول المثل: أخر الدواء الكي، كما يتم تقبيح السلوك وليس فاعل السلوك، من أجل أن يترفع عنه الطفل ولايعود إليه مرةثانية،ويقتنع بقبحه وضرورة الابتعاد عنه، وعن طريق هذه الأساليب يكتسب الفرد العادات والتقاليد والاتجاهات والقيم السائدة في بيئته الاجتماعية التي يعيش فيها.

   إنّالأساليب التربوية الفعالة في تربية الطفل داخل الأسرة في المنظور الإسلامي كثيرة ومتعددة تتراوح بين الشدة واللين، مع الأخذ بقاعدة الوسط الذهبي فلا إفراط ولا تفريط هو الأسلوب المثالي المعتدل في معاملة الطفل، أي تفادي القسوة الزائدة التي تؤدي بالأبناء إلى الانغلاق على الذات وتضعف شخصيتهم، وتفادي التدليل الزائد الذي يؤدي إلى ضعف شخصيتهم أيضا، ويجعلها غير قادرة على مواجهة الواقع بمفردهم، وبالتالي يمكن الاعتماد على هذه الأساليب في التربية السليمة للطفل

قائمة المراجع

-1ابن منظور، (دت)، لسان العرب المحيط، دار لسان العرب، بيروت، لبنان.

2- ابن منظور.  (دت)، لسانالعرب، ج01، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة، مصر.

3-  أحمد السيد، سميرة. 1997، علم اجتماع التربية، ط3، دار الفكر العربي، مصر.

4-أحمد الشنتوت، خالد. 1999، دور البيت في تنشئة الطفل المسلم، ط4، المطبعة العربية، الجزائر،

5- الطحان، مصطفى محمد.2006، التربية ودورها في تشكيل السلوك، ط1، دار الوفاء، الكويت.

6-  بن شاكر الشريف، محمد.  2006، نحو تربية إسلامية راشدة من الطفولة حتى البلوغ، ط1، دار عالم الكتب، السعودية.

7- لطفي، عبد الحميد.  (دت)، علمالاجتماع، دار النهضة العربية، لبنان.

8- محمد خليل بيومي، محمد. 1999، سيكولوجية العلاقات الأسرية، دار قباء، مصر.

9- محمود الناشف، هدى. 2006، الأسرة وتربية الطفل، ط1، دار المسير، الأردن.

10- مصطفى فهمي، خالد. (دت)، حقوق الطفل ومعاملته الجنائية في ضوء الاتفاقيات الدولية، الإسكندرية، مصر. 

11- ناصر، إبراهيم.  (دت)، علم الاجتماع التربوي، دار الجيل، لبنان.

12- ناصح علوان، عبد الله.  (دت)، تربية الأولاد في الإسلام، ج1، دار الشهاب، الجزائر. 

13- يالجن، مقداد. (دت)، جوانبالتربية الإسلامية، ط1، دار عالم الكتب، السعودية. 

14- يالجن، مقداد. 2003، أهداف التربية الإسلامية وغاياتها، ط3، دار عالم الكتب، السعودية.

15- يوسف، عبد التواب. 2001، تنمية ثقافة الطفل، دار الفكر، سوريا،

16- عبد الحميد العناني، حنان. 2001، تربية الطفل في الإسلام، دار صفاء، عمان، الأردن.

17- عبد العزيز حسين، أسماء. 2002، المدخل الميسر في الصحة النفسية، ط1، دار عالم الكتب، السعودية.

18- علواني، عبد الواحد. 2001، تنشئة الطفل وثقافة التنشئة، دار الفكر، لبنان.

19-خليل جمعة، أحمد. 2005، الأطفال والطفولة بين الأدب والثقافة، ط01، اليمامة، لبنان.

@pour_citer_ce_document

ياسمينة كتفي, «أساليب تربية الطفل في الأسرة من منظور الإسلام»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 84-97,
Date Publication Sur Papier : 2021-03-07,
Date Pulication Electronique : 2021-03-07,
mis a jour le : 07/03/2021,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=7887.