المركز القانوني للشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودةThe legal status of the partner with a stake working in a limited liability company
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 19-2022

المركز القانوني للشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

The legal status of the partner with a stake working in a limited liability company
ص ص 300-309
تاريخ الإرسال: 2019-06-02 تاريخ القبول: 2021-12-15

لحسن مدراوي
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

بالرجوع لأحكام القانون التجاري بعد صدور القانون رقم 15-20المعدل والمتمم للقانون التجاري.يمكن القول أنّ المشرّع الجزائري سمح بإمكانية المساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مما يجعله مضطلعا بالدور الفعال في الرقابة على أعمال القائمين بالإدارة والبت في قرارات الجمعية العامة للشركة، مع إمكانيةتقرير مسؤوليته تبعا لطبيعة خطئه فيما إذا كان خطأ مدنيا أو جزائيا، و تبعا لصفته في الشركة فيما إذا كان شريكا أو مسيرا.

الكلمات المفاتيح 

 الشركة،الشريك،حصة بعمل، دوره، المسؤولية

En se référant aux dispositions du droit commercial après la promulgation de la loi modifiée et complémentaire no. 15-20du droit commercial, on peut dire que le législateur algérien a permis la possibilité de contribuer à une part de travail dans la société à responsabilité limitée, ce qui confere à l’actionnaire titulaire du droit de travail un role efficace dans le contrôle des administrateurs et d’intervenir dans les decisions de l’assemblé générale, avec la possibilité de déterminer sa responsabilité en fonction de la nature de sa faute, qu’il s’agisse d’une faute relevant du civile ou du pénale, et en fonction de son statut dans la Société, qu’il soit associé ou dirigeant.

Mots-clés :Société, Associé, d’ apport en travail, rôle, responsabilité

By referring to the provisions of the Commercial Law after the issuance of Law No. 15-20, amended and complementary to the Commercial Law. It can be said that the Algerian legislator has allowed the possibility of contributing a share of work in a limited liability company, which makes the partner share an active role in controlling the work of the administrators anddeciding on the decisionsof the General Assembly of the company, with the possibility of determining his responsibility depending on the nature of his fault whether it is a civil or criminal error, and depending on his status in the company whether he is a partner or a manager.

Keywords: Company,partner,business share, role,responsibility

Quelques mots à propos de :  لحسن مدراوي

 مخبر المرافق العمومية والتنمية،جامعة جيلالي اليابس.lahcene.medraoui@univ-sba.dz

مقدمة

قصد إنعاش الإقتصاد الوطني وتطوير القدرات الإنتاجية والمالية للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة سعى المشرّع الجزائري جاهدا لتذليل العراقيل التي تعترضهم، وهذا ما نستدل عليه بالقانون التجاري لسنة 2015من خلال إلغاء الحد الأدنى لرأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وإشراك كل شخص تكون لمساهمته الدور الفعال في تطوير القدرات الإنتاجية والمالية للشركة، وذلك بالسماح للشركاء في المساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة حتى يتسنى الإستفادة من قدراتهمفي مجال التسيير والإدارة.

وبهذا يكون المشرّع الجزائري قد خرج عن الأحكام العامة القاضيةبإقتصار المساهمات في شركات الأموال على المساهمة العينية والنقدية، كمارتّب المشرّع الجزائري للشريك بحصةعمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة جملة من الحقوق والإلتزامات من شأنها تعزيز مركزه القانوني.

غير أنها تبقى دون جدوى نظرا لعدم إدراج حصة بعمل ضمن رأس مال الشركة، ما من شأنه تقليص دورالشريك بحصة عمل في الرقابة على أعمال التسيير والبت في القرارات التي تتخذها الجمعية العامة.

وحتى لا يستعمل الشريك بعمل سلطاته على وجه خاطئ أقرّ المشرّع الجزائري إمكانية متابعته عن أخطائه الشخصية، أو بالتضامن مع غيره من الشركاء تبعا لأحكامالمسؤولية المدنية  وحتى متابعته جزائيا تطبيقالأحكام المسؤولية الجزائية الواردة ضمن القانون التجاري أو قانون العقوبات.

لذلك، تكمن أهمية هذه الدراسة لتزامنها مع ما جاء به المشرّع الجزائري في المادة 567مكرر من القانون 15-20المعدّل والمتمّم للقانون التجاري، والتي فتحت المجال لإمكانيةمساهمة الشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مما يتطلّب مناتسليط الضوء على المركز القانوني للشريك بحصة بعمل على ضوء أحكام القانون التجاري قبل وبعد صدور القانون 15- 20المعدل والمتمم للقانون التجاري.

ومنه يطرح التساؤل حول الدور المنوط للشريك بحصة عمل في الشركة ذاتالمسؤولية المحدودة وحدود مسؤوليته المدنية والجزائية ؟

لدراسة الموضوع تم الإعتماد على المنهج التحليلي بشكل أساس، وذلك من خلال تحليل ما تضمّنته النصوص القانونية والتشريعية من أحكام، كما إعتمدنا على المنهج الوصفي لتحليلها. على أن تتم الإجابة عن التساؤل المطروح من خلالتحديد وضعية الشريكبحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة من خلال تبيان الأحكام العامة المنظمة للمساهمة بحصة عمل مع إبراز خصوصيتها في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ثم التطرق لدور هذا الشريك كجهاز رقابي في هيئة التسيير إمّا بصفة منفردة أو أثناء مداولات الجمعية العامة العاديةوغير العادية في العنصر الأول، بالإضافة إلى تقرير المسؤولية المدنيةوالجزائية للشريك بحصة عمل سواء أكان  مسيّرا أو غير مسير في العنصر الثاني.

أولا: وضعية الشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

نظرا للأخطار المحتملةنتيجة تعاملات الشركة ذات المسؤولية المحدودة تبعا للمسؤولية المحدودة للشريك (ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء السادس، الشركة المحدودة المسؤولية، 2010، صفحة 35)، وعدم إدراج الحصة بعمل ضمن رأس المال (البقيرات، 2015، صفحة 92)، يدفعنا للتساؤل عنالدور المنوط بالشريك بحصة عمل في صناعة قرارات الشركة والبت فيها نحاول إجابة عليها في مايلي:

1- مدى قابلية المساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

بالرجوع لأحكام القانون التجاري بعد تعديل 2015،

يمكن القول أنّ المشرّع الجزائري سمح بإمكانية المساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، كما أخضعها لأحكام عامة وخاصة نوردها في مايلي :

أ- الأحكام العامة المنظمة للمساهمة بحصة عمل.

قد تكون حصة الشريك تقديم عمل، و في هذه الحالة لا يقدّم الشريك مبلغا من المال أو حصة عينية وإنما يقوم بعمل معين لحساب الشركة تنتفع منه ويعود عليها بالفائدة، (القليوبى، 2011، صفحة 61)كالخبرة الفنية، أو إدارة المصانع أو القيام بأعمال البيع (البقمى، 1406ه، صفحة 128).

كما أن العبرة ليست بطبيعة العمل، وإنما بمدى أهميته بالنسبة لىنشاط الشركة، (جويحان، 2008، صفحة 61)والعمل الذي يصح عدّه حصة في الشركة هو العمل الفني أو الإداري المؤهل مثل عمل المهندس والمدير و المسير، وليس مجرد العمل التبعي المأجور ولو كان صاحبه يحصل على نسبة من الأرباح، (معلال، 2016، صفحة 27)أما العمل اليدوي البسيط (دويدار، 1995، صفحة 128)أو الذي لا قيمة له فإنه لا يعدّ حصة في رأس المال، ويعدّ مقدمة في حكم الأجير ويتحدد أجره بنسبة من الأرباح (القليوبى، 2011، صفحة 62).

وعلى الشريك المتقدّم بعمل أن يرصد جهده ونشاطه كله للشركة، (الحمادي، 2007، صفحة 179)كما عليه الإمتناع من ممارسة العمل نفسه الذي تعهد به إلى الشركة لحسابه الخاص أو لحساب الغير لما ينطوي عليه ذلك من منافسة للشركة (عمورة، 2016، صفحة 135).

وإذا تبين أن الشريك المقدم لحصة عمل قد قام بعمليات لحسابه الخاص أو لحساب الغير دون موافقة الشركاء فلهم حق طلب إخراجه من الشركة، بالإضافة لأخد العمليات لحسابهم، واستفاء الأرباح الناتجة عنها أو مطالبته بالتعويض (معلال، 2016، صفحة 27).

غير أن هذا المنع لا يعني حرمان الشريك بحصة عمل من القيام لحسابه الخاص بأعمال أخرى شريطة ألا يترتب عن ذلك نقص في المجهود الذي إلتزم القيام به كحصة في الشركة، إلاأنه (فضيل، أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري (شركات الأشخاص )، 2009، صفحة 37)عند القيام بعمل لحسابه الخاص، يجب عليه أن يمارس نشاط مختلف عن العمل الذي يقدمه للشركة، (جرادة، 2009، صفحة 114) (زايدي، 2020، صفحة 55)مادام مختلفا في موضوعه عن نشاط الشركة (دويدار، التنظيم القانوني للتجارة ( نظرية الأعمال التجارية – نظرية التاجر – موجبات التاجر القانونية – المؤسسة التجارية – الشركات التجارية)، الكتاب الثاني، 1997، صفحة 371).

ويلزم الشريك بحصة عمل بالعنايةالمألوفة التي يبذلها الرجل العادي في مثل هذه الأعمال، ويكون مسؤولا عن تقصيره وفقا للقواعد العامة (السنهوري، (ب-د-ت)، صفحة 275).

كما يعدّ التزام الشريك بتقديم عمله كحصة في الشركة من قبيل الالتزامات المستمرة التي يجب أن تنفذ يوميا، فإذا مرض أو أصبح عاجزا كليا عن تأدية عمله أعتبر متخلفا عن أداء حصته (فضيل، أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري (شركات الأشخاص )، 2009، صفحة 37)فتسقط عنه صفة الشريك ولو كلف غيره للقيام بعمله (القليوبى، 2011، صفحة 62).

كذلك لا يجوز أن تقتصر حصةالشريك بعمل على ما يكون له من نفوذ أو سمعة مالية، إذ يعد ذلك استغلالا غير مشروع للنفوذ أو السمعة المالية، بل يجب أن يكون العمل الذي يقوم به الشريك على درجة من الجدية والأهمية في تحقيق غرض الشركة حتى يمكن قبوله كحصة فيها (العكيلي، 2010، صفحة 40).

أما فيما يخص تقدير قيمة الحصةبعمل كما سبق وأشرنا فإن الحصة بعمل لا تدخل في تركيب رأس مال الشركة (الجبر، 1996، صفحة 183)، وإنما يكون تقدير قيمتهابموجب القانون الأساسي للشركة (البقيرات، 2015، صفحة 92)، وإذا لم يعين نصيب الشريك بحصة عمل تقدر قيمته تبعا لما تستفيد الشركة من هذا العمل. (السنهوري، (ب-د-ت)، صفحة 286)

ولعل السبب في عدم اندراج الحصة بعمل في رأس المال فلأنّها (الجبر، 1996، صفحة 183)لا تقدّم الضمان الكافي للدائنين على خلاف الحصة النقدية والحصة العينية ، (القليوبى، 2011، صفحة 66)ومن ناحية أخرى لعدم قابلية الحصة من التصرف فيها أو لدائنيها أن ينفذوا عليها، (عمورة، 2016، صفحة 135)زيادة على الطابع الشخصي لحصة العمل التي تتعارض مع الاعتبار المالي (بقدار، 2015، صفحة 170).

ب- الأحكام الخاصة بالمساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

الأصل العام أن المساهمة بحصة عمل في الشركة هي خاصية تتميز بها شركات الأشخاص دون غيرها من شركات الأموال (البقيرات، 2015، صفحة 92)نظرا للطابع الشخصي للحصة بعمل التي تغلب فيه صفة الشريك على الاعتبار المالي (بقدار، 2015، صفحة 170).

غير أنه عند الرجوع للقواعد المنظمة لشركات الأموال بصفة عامة والشركة ذات المسؤولية المحدودة بصفة خاصة يمكن القول أن المشرع خرج عن هذه القاعدة من خلال إمكانية المساهمة بحصة عمل ضمن أحكام نموذجين من شركات الأموال: شركة التوصية بالأسهم بالنسبة للشريك المتضامن دون الشريك الموصي (فضيل، أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري (شركات الأشخاص )، 2009، صفحة 38)، والشركة ذات المسؤولية المحدودة باعتبارها موضوع دراسة.

أما فيما يخص المساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة فقد مرّ المشرّع الجزائري بمرحلتين مرحلة الحظر من خلال نص المادة 567من القانون التجاري قبل تعديل 2015والتي كانت تستبعد  إمكانية المساهمة بحصة عمل مراعيا في ذلك الاعتبار المالي على خلاف شركات الأشخاص (بوقرقور، 2011-2012، صفحة 41)لكون القانون يلزم الوفاء الكامل برأس المال عند تكوين الشركة فيما يخص المقدمات النقدية والعينية حتى يطمئن الغير الذي يتعامل مع الشركة إلى وجود الضمان العام عند تأسيس الشركة مادامت مسؤولية الشريك مسؤولية محدودة بقدر حصصهم في رأس المال مما يتنافى مع طبيعة العمل كحصة في رأس المال إذ أن طبيعته تأبى أن يوفى بها جميعا عند التأسيس وإنما يؤدي على التعاقب أثناء حياة الشركة (عناية، 2008، صفحة 474).

بالإضافة إلى أن رأس المال يجب أن يتكّون من أموال قابلة للتقييم النقدي ويجوز الحجز عليهاوهوما لا يمكن تصوره بالنسبة لحصة العمل والتي تأبى طبيعتها إمكانية تقييمها بالنقود أو أن تكون محل للحجز.

فمثلا لا تدخل الخدمات التي يقدمها المؤسسون أو الغير عند التأسيس في تكوين رأس المال مهما كانت أهمية هذه الخدمات، لعدم إمكانية تقديرها بالنقود على نحو يجعلنا نقول أن رأس المال زاد بمقدار هذه الخدمات المقدمة (بوقرقور، 2011-2012، صفحة 42).

غير أنه بتعديل القانون التجاري لسنة 2015عدل المشرّع الجزائري أحكام المادة 567من القانون التجاري بالمادة 567مكرر من القانون 15-20المعدل والمتمم للقانون التجاري من خلال السماح بإمكانية المساهمة بحصة عمل مع الإشارة بأنها لا تدخل ضمن رأس مال الشركة. بينما سكت عن إمكانية تقرير زيادة في رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بحصة عمل، إذ المبدأ العام أن الزيادة تقتضي إدراج حصص جديدة (نقدية، عينية ) ضمن رأس المال وهذا لا يتحقق كأصل عام في حالة زيادة في رأس مال الشركة بحصة عمل بصفة مستقلة عن الحصص الأخرى .(المادتين 573، 574من القانون التجاري).

وما يخلق اللبس حول مبتغى المشرّع الجزائري من السماح بالمساهمة بحصة عمل في هذا النوع من الشركات، مع التشديد على عدم اندراجها ضمن رأس المال (زكري، 2016-2017، صفحة 148)وعدم التقيد بحد أدنى لرأس المال،ما يفتح المجال لإمكانية تكوين رأس المال بمبلغ صوري (زكري، 2016-2017، صفحة 146). لاسيما أنه ليس هناك نص يمنع أن تكون جميع الحصص المقدمة في الشركة عبارة عن مقدمات صناعية أو عمل (ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء الأول، الأحكام العامة للشركة، 2008، صفحة 126). وإن كان الواقع العملي يستبعد إمكانيةتآسيس شركات مستغنية عن رأس المال (دويدار، 1995، صفحة 128).

كما أن السماح بالمساهمةبحصة عمل في هذا النوع من الشركات من شأنه تحقيق شرط الأسد لانعدام عنصر المسؤولية المقررة للشريك في تحمل تبعات المشروع ما لم يضمن القانون الأساسي للشركة ترتيب نسبة من خسائر يتحملها الشريك في حالة تصفية الشركة أو في حال عدم تقرير أجرة لشريك بحصة عمل عن عمل مؤدى تشكل خسارة له في حالة فقدانه الجهد المبذول خدمة للشركة، (عمورة، 2016، صفحة 140)وعليه في غياب هذين الحالتين يترتب عنه بطلان حصة الشريك دون بطلان الشركةمع مراعاة الحد الأدنى لعدد الشركاء (القليوبى، 2011، صفحة 37)وهذا لانعدامالركن الخاص المقرر لتكوين الشركة والمتمثل في نية الاشتراك في الشركة من خلال تحمل نتائج المشروع من حيث عنصر الأرباحوالخسارة من جهة (عمورة، 2016، صفحة 136)ولعدم إمكانية ترتيب مسؤولية الشريك بحصة عمل عن خسائر الشركة تبعا لطبيعة المسؤولية المحدودة للشريك تجعل غير مسؤول عن تبعات المشروع من جهة أخرى.(المادة 564من القانون التجاري).

2- دور الشريك بحصة عمل كهيئة رقابية في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

 يترتب عن السماح للشركاءيإمكانية المساهمة بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة آثار على المركز القانوني للشركة، بفعل الدور الذي يلعبه الشريك بحصة عمل في مجال الرقابة على أعمال التسيير والتصويت على القرارات التي تتخذها الجمعية العامة نوردها في مايلي:

أ- دور الشريك بحصة عمل في رقابة على أعمال التسيير

أعطى المشرّع الجزائري لكل شريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وبصرف النظر عن طبيعة الحصة المساهم بها حق في مراقبة أعمال الشركة (بلوله، 2017، صفحة 212)من خلال تمكينه من الحصول على نسخة مطابقة للأصلمن القانون الأساسي للشركة وقائمة بأسماء المديرين، وعند الاقتضاء قائمة أخرى بأسماء مراقبأو مراقبي الحسابات إن وجد في الشركة (عمورة، 2016، صفحة 294)، كما يحق له الاطلاع على وثائق الشركة كحساب الاستغلال العام وحساب الخسائر والأرباح والميزانيات والجرد والتقارير المعروضة على الجمعيات العامة ومحاضر هذه الجمعيات الخاصة للسنين الثلاث الأخيرة، باستثناء تقرير الجرد الذي يشترط على الشريك للاطلاع عليه أن يأخذ نسخ منه حتى يتمكن من الإطلاع عليه جيدا، كما يحق للشريك أن يستعين بخبير معتمد (فضيل، شركات الأموال في القانون الجزائري، 2008، صفحة 72) لإنارته عندما يستعمل حقه في الاطلاع على وثائق الشركة (عمورة، 2016، صفحة 295).

كما يمكنه أن يطلب من المحكمة، بعريضة مسببة تعيين حارس قضائي وفي جميع الحالات لا ينبغي أن تشل دعوى الشريك الفردية سير الشركة، وإلا جاز للشركاء الآخرين تحميله المسؤولية المدنية بسبب ذلك والحصول على التعويضات وإذا انتهت الشكوى المقدمة ضد المسير بانتفاء وجه الدعوى أو البراءة، جاز للمسير أن يرفع دعوى بالوشاية الكاذبة ضد الشريك المشتكي (بلوله، 2017، صفحة 213). وعلى العموم فالأصل العام أن حق الاطلاع هو حق مقرر لجميع الشركاء حتى يتسنى للشريك إبداء موقفه أثناء مداولات الجمعية العامة، غير أن الواقع العملي يبرز بأن هذا حق بدون جدوى بالنسبة للشريك المساهم بحصة عمل بحكم عدم احتساب صوته أثناء القرارات التي تتخذها الجمعية العامة، غير أنه يظهر دوره بشكل واضح في ممارسة دعوى المسؤولية ضد المسيرين بحكم توفر فيه الصفة والمصلحة لتحريك هذه الدعوى.

ب- دور الشريك بحصة عمل عند البت في قرارات الجمعية العامة

نظر لطبيعة المسؤولية المحدودة للشريك في رأس المال (بلوله، 2017، صفحة 196) وخوفا من استغلال الأغلبية العددية للشركاء في اتخاذ القرارات الحساسة بالنسبة للشركة، اعتمد المشرع الجزائري نظام مغاير في التصويت في القرارات المتخذة في شركة المساهمة وشركة التوصية بالأسهم من خلال اقتصار الأغلبية المطلوبة على جانب عنصر رأس المال، مما يقتضي استبعاد دور المساهم بحصة عمل في القرارات التي تتخذها الجمعية العامة بحكم أن حصته لا تندرج ضمن رأس المال،وهذا ما يظهر من خلال اقتصار إمكانية التقرير لأغلبية الشركاء الذين يملكون نصف رأس المال عند عزل المدير ويعتبر كل شرط مخالف لذلك كأنه لم يكن (المادة 579فقرة 01من القانون التجاري) ، كما يتطلب في حالة تقرير التنازل عن حصة أحد الشركاء لشريك أجنبي الحصول على موافقة أغلبية الشركاء الذين يملكون ثلاثة أرباع رأس المال (حزيط، 2014، صفحة 140)، أما فيما يخص كيفية التصويت عن القرارات التي تتخذها الجمعية العامة فبالنسبة لقرارات الجمعية العامة العادية إشترط المشرّع الجزائري الحصول على موافقة الشركاء الذين يمثلون أكثر من نصف رأس مال الشركة. فإذا لم تحصل الأغلبية في المداولة الأولى وجب إجراء مداولة ثانية بأغلبية أصوات مهما كان مقدار رأس المال الممثل من قبل الشركاء(المادة582من القانون التجاري).

ج- دور الشريك بحصة عمل عند البت في القرارات التي تمس تعديل رأس مال الشركة

لا يقتصر دور الشريك بحصة على البت في قرارات الجمعية العامة العادية بل يتعداها ليشمل كل ما يطرأ على القانون الأساسي للشركة من تعديل، غير أنه وقصد ضمان مصالح الشركة والشركاء والغير، إعتمد المشرع الجزائري إجراءات مغايرة لإجراءات المتبعة في الجمعية العامة العادية مراعيا في ذلك طبيعة القرار المتخد في الشركة، وصفة الشريك ونسبة مساهمته في رأس المال(المواد 573، 574، 575من القانون التجاري) .

فنجد المشرع في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يعطي للجمعية العامة غير العادية وحده الحق في اتخاذ القرارات التي تمس تعديل رأس المال مع استبعاد الشريك بحصة عمل في البت في قراراتها لعدم اندراج مساهمته في رأس المال، وهذا ما يستدل عليه من خلال إلزام المشرع الجزائري في حالة قرّرت الشركة تعديل رأس المال إما بالزيادة أو النقصان بصفة اختيارية عليها الحصول على موافقة أغلبية الشركاء الذين يملكون ثلاثة أرباع رأس المال ما لم يقضي القانون الأساسي للشركة بخلاف ذلك، هذا في حالة قررت الشركة تعديل رأس المال إما بزيادة أو بنقصان بصفة اختيارية (المادة 586من القانون التجاري).

غير أنه قد تطرء أمور تجعل الشركة ملزمة بإحداث تعديل في رأس مالها،كما في حالة خسارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة لثلاث أرباع رأس مالها، فيتعين على المدير أو المديرين عرض أمرها على الشركاء قصد إبداء موقفهم (عمورة، 2016، صفحة 302) حول حل الشركة قبل حلول الأجل أو أن يتفقوا على استمرارها بالرغم مما منيت به من خسائر، مع إلزام الشركاء أن يخفضوا رأس مال الشركة بالنسبة للخسارة التي أصيبت بها (بوقرقور، 2011-2012، الصفحات 112-113).

أما في حالة ما تقرر تحويل الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى شركة التضامن إستوجب المشرع الجزائري الحصول على إجماع الشركاء (بلوله، 2017، صفحة 215) من دون التقيد بحد لرأس المال الذي يجب أن يمتلكه الشريك المصوت قصد تقرير تحويل الشركة من عدمه، مما يقتضي إشراك الشريك بحصة بعمل في التصويت على قرار التحويل(المادة 591من القانون التجاري) .

ثانيا: مسؤولية الشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

تكتسب الشركة ذات المسؤولية المحدودة إسمها من طبيعة المسؤولية المحدودة للشريك بقدر مساهمته في رأس مال الشركة (الشحي، 2019، صفحة 51)، مما يستبعد إمكانية مساءلة الشريك بحصة عمل لعدم إندراج مساهمته في رأس مال الشركة (الجبر، 1996، صفحة 183)، غير أنه حتى يحمي المشرع الجزائري حقوق الغير المتعامل مع الشركة من تعسف الشركاء في إستعمال سلطاتهم على وجه خاطئ، أقرّ إمكانية متابعة الشريك بحصة عمل مسيرا كان أو قائما بالرقابة على أعمال التسيير ورتب له جزاءات مدنية وجزائية نوردها في مايلي:

1- المسؤولية المدنية للشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

قصد ضمان عدم إنحراف الشريك بحصة عمل عن المهام المنوطة له بصفته مسيرا للشركة أو قائما بالرقابة على أعمال التسيير ميز المشرع بين نوعين من المسؤولية، مسؤولية الشريك المسير، ومسؤولية الشريك غير المسير نوردها في مايلي:

أ- المسؤولية المدنية للشريك غير المسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

فالأصل العام أن الشريك غير مسؤول عن ديون الشركة إلا في حدود القيمة المالية للحصة التي يقدمها، دون أمواله الخاصة (بوقرقور، 2011-2012، صفحة 10) مما يقتضي كأصل عام عدم مسائلة الشريك بحصة عمل في حالة خسارة الشركة أموالها بدون خطأ منه لعدم وجود حصة مساهم بها ما عدا الجهد المبذول في خدمة الشركة (ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء الأول، الأحكام العامة للشركة، 2008، صفحة 139) (عمورة، 2016، صفحة 140).

 إذ كان الأصل  أن الشريك في الشركة ذات المسؤولية لا يسأل إلا بقدر الحصة المقدمة (ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء السادس، الشركة المحدودة المسؤولية، 2010، صفحة 35) لا يفهم به أنه باستطاعته القيام بأي عمل دون أن يكون مسؤولا عنه (بوقرقور، 2011-2012، صفحة 11)، بل يبقى الشريك مسؤولا شخصيا عن أخطائه تبعا لأحكام المسؤولية الشخصية، وبالتالي لا يستفيد من أحكام المسؤولية المحدودة إلا إذا كان تصرفه في الشركة سليما ومنطبقا على أحكام القانون. أما إذا شاب هذا التصرف انحراف عن القانون أو تخلله غش بحق الغير، يصبح الشريك مسؤولا عن نتائج تصرفه مسؤولية شخصية إتجاه جمع أمواله، وبالتضامن مع غيره من الشركاء والمديرين الذين ارتكبوا نفس الخطأ (ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء السادس، الشركة المحدودة المسؤولية، 2010، الصفحات 35-36). كمخالفة أحكام القانون التجاري المتعلق بتقدير قيمة المقدمات العينية (بوقرقور، 2011-2012، الصفحات 15-16).

أما بالنسبة لمسؤولية الشريك الوحيد في المؤسسة ذات الشخص الوحيد وذات المسؤولية المحدودة وكما هو مبين من اسمها فهذه المؤسسة تتكون من شريك وحيد وعليه فالمبدأ العام لا يمكن للشريك الوحيد  أن يكون مساهما بحصة عمل بصفة كلية، بحكم طبيعة المسؤولية المحدودة للشريك الوحيد بحسب مساهمته في رأس المال (البقيرات، 2015، صفحة 134) مما يفقد المؤسسة عنصر الضمان إذا تأسست المؤسسة بحصة عمل، خاصة إذا عهد بمهمة التسيير لغير الشريك الوحيد، كما أن الواقع العملي يستبعد  إمكانية المساهمة في الشركة دون وجود أموال نقدية أو قابلة للتقويم بالنقود (بوقرقور، 2011-2012، صفحة 42)،كما لا يكون هناك حاجة للمساهمة بحصة عمل مختلطة بحصة أخرى عينية أو نقدية بحكم وجود شريك واحد وبالتالي ليس هناك فائدة من الفصل بين حصصه لسببين أولها عدم اندراج حصة عمل ضمن رأس المال (البقيرات، 2015، صفحة 92) والثاني وجود مستفيد وحيد من الأرباح وهو الشريك الوحيد .

ب- المسؤولية المدنية للشريك المسيرّ في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

المساهم بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يكون في أغلب الأحيان مسير للشركة، وهذا نظرا لأهمية عمله فتسند له مهمة تسيير الشركة، وحتى لا يتهرب هذا الأخير من المسؤولية بحكم مسؤوليته المحدودة في الشركة. رتب المشرع الجزائري مسؤولية المديرين إتجاه الغير والشركاء والشركة إما على أساس المسؤولية الشخصية أو التضامنية (دويدار، التنظيم القانوني للتجارة ( نظرية الأعمال التجارية – نظرية التاجر – موجبات التاجر القانونية – المؤسسة التجارية – الشركات التجارية)، الكتاب الثاني، 1997، صفحة 652)، وتطبيقا لأحكام المسؤولية الشخصية عن أخطائه إذا كان الذي يسير الشركة مدير واحد (فضيل، شركات الأموال في القانون الجزائري، 2008، صفحة 58) وفي حالة تعدد المديرين يسألون مسؤولية تضامنية عن أخطائهم ما لم يعارض أحدهم ويثبت معارضتهم قبل تمام العمل الذي تولد عنه ضرر للشركة أو للغير (البقيرات، 2015، صفحة 133).

وعليه فيكون المدير مسؤولا في حالة مخالفة أحكام القانون والتنظيمات المطبقة على الشركة (بلوله، 2017، صفحة 208) كمخالفة قواعد القانون التجاري المتعلقة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة، أو مخالفة الأحكام المنصوص عليها في القانون الأساسي للشركة (فضيل، شركات الأموال في القانون الجزائري، 2008، صفحة 58) .

بناءا على ذلك فإنه يجوز لكل شخص أصابه ضرر جراء تصرفات المسير أن يتابعه بصفة مباشرة وشخصية أمام القضاء على أساس المسؤولية التقصيرية. بطلب التعويض عن الأضرار التي تلحق بهم شخصيا أو تلك التي تلحق بالشركة ذاتها (دويدار، التنظيم القانوني للتجارة ( نظرية الأعمال التجارية – نظرية التاجر – موجبات التاجر القانونية – المؤسسة التجارية – الشركات التجارية)، الكتاب الثاني، 1997، صفحة 652).

غير أنه يجوز للمدير التخلص من مسؤوليته أو التخفيف منها متى أثبت أنه قدم معارضة في حالة صدور خطأ عن مدير آخر أو أثبت أنه بذل العناية اللازمة في قيامه بمهامه، أو أثبت خطأ الشركاء في حدوث الضرر (قاسي عبد الله، 2012، صفحة 07).

2- المسؤولية الجزائية للشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

حتى لا يستغل الشريك بحصة عمل سلطاته بصفته مسيرا للشركة أو قائما بالرقابة على أعمال التسيير ويرتكب أفعال مجرمة معاقب عليها قانونا، أقر المشرع الجزائري إمكانية متابعة الشريك بحصة عمل جزائيا بصرف النظر عن صفته مسيرا كان أم لا،نوردها في مايلي:

أ- المسؤولية الجزائية للشريك المسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

نظم المشرع الجزائري أحكام المسؤولية الجزائية للمسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة في المواد من800إلى 805من القانون التجاري، حيث أجازت هذه المواد معاقبة المديرين الذين تعمدوا توزيع أرباح صورية بين الشركاء بدون جرد أو بواسطة جرد،أو لم يعملوا على انعقاد الجمعية العامة للشركاء في أجل ستة أشهر (البقيرات، 2015، الصفحات 133-134)، أو الذين يقدمون ميزانية مغشوشة ويخفون الوضع الحقيقي للشركة، أو استعملوا أموالا لا تتنافى ومصلحة الشركة أو لم يضعوا في كل سنة مالية الجرد وحساب الاستغلال العام وحساب الخسائر والأرباح والميزانية وتقارير المسيرين وعند الاقتضاء تقارير مندوبي الحسابات ومحاضر الجمعية العامة، أو إذا أغفلوا التأشير على العقود والمستندات الصادرة عن الشركة والمعدة للغير وبيان تسميتها مسبوقة أو متبوعة بلفظ الشركة ذات مسؤولية محدودة أو الاسم المختصر ش.م.م مع ذكر رأسمالها وعنوانها ومقرها الرئيسي ...إلخ (فضيل، شركات الأموال في القانون الجزائري، 2008، الصفحات 50-51).

وكما يكون المسيّر مسؤولا كذلك بموجب أحكام قانون العقوبات وتمتد هذه العقوبات إلى المسير الفعلي (بلوله، 2017، صفحة 210) أو المستتر الذي يقوم بتسيير الشركة تحث ظل أو بدلا عن مسيرها القانوني .

كما تقوم مسؤولية مسير الشركة أيضا اتجاه الغير في حالة الإفلاس والتسوية القضائية للشركة، بحيث يجوز إذا أسفرت تفليسة الشركة عن عجز فيما لها من أموال بأن يطلب الوكيل المتصرف القضائي حمل الديون المترتبة عليها على نسبة القدر الذي تعينه إما على كاهل المديرين سواء كانوا من الشركاء أم من الغير، أو من أصحاب الأجور أم لا (عمورة، 2016، الصفحات 292-294)، وبالتالي يتحمل المسيرون ديون الشركة نتيجة لأخطائهم (مشرفي، 2011-2012، صفحة 189).

غير أنه يمكن المديرين أن يتنصّلوا من المسؤولية الملقاة على عاتقهم، متى أقاموا الدليل على بذلهم عند إدارة الشركة عناية الوكيل المأجور من النشاط والحرص (عمورة، 2016، صفحة 292) .

ب- المسؤولية الجزائية للشريك غير المسيّر في الشركة ذات المسؤولية المحدودة

فيما يخص المسؤولية الجزائية للشركاء غير المسيرين في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن القول إنّ المشرّع الجزائري، لم يتضمن القانون التجاري أحكام تفصيلية بخصوص المسؤولية الجزائية للشركاء غير المسيرين في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وإنما نستدل عليها من خلال نصين، نص المادة 800فقرة 02ونص المادة 805من القانون التجاري.

فقد جاءت المادة 800من القانون التجاري بعقوبة على كل من زاد لحصص عينية قيمة تزيد عن قيمتها الحقيقية عن طريق الغش. وعليه فيفهم من هذه الصياغة أنه يمكن إيقاع هذه العقوبة على الشريك بحصة عينية من دون الشركاء المساهمين بحصة عمل، إلا إذا كان الشريك المساهم بحصة عمل مساهما أيضا بحصة عينية، وهذا لانعدام دور المساهم بحصة عمل في تقويم قيمة المقدمات العينية.

كما يمكن إخضاع الشريك بحصة بعمل غير المسير إعمالا لأحكام نص المادة 805من القانون التجاري التي أحالت إلى أحكام المواد من 800إلى 804من القانون التجاري متى باشر أعمال التسيير تطبيقا لنظرية التاجر الظاهر فيعامل معاملة المسير الفعلي إلى جانب المسير الظاهر، وهذه الحالة يصعب إثباتها في الواقع.

بالإضافة للأحكام الجزائية التي يعاقب عليها الشريك غير المسير الواردة في القانون التجاري يمكن ترتيب المسؤولية الجزائية للشريك شأنه شأن مسير الشركة في حالة الإفلاس والتسوية القضائية بالإضافة للأحكام الجزائية المقررة في قانون العقوبات متى توافرت أركانها المنصوص عليها قانونا (بن عجمية، 2011-2012، الصفحات 192-193).

خاتمة

مما تقدم يمكن القول أنّ المشرّع الجزائري ضمن ما جاء به أخر تعديل للقانون التجاري لسنة 2015أورد أحكاما متناقضة مع النصوص الواردة ضمن القانون التجاري التي لم يمسّها التعديل من خلال السماح بإمكانية المساهمة بحصة عمل، مع إلغاء حد أدنى لرأس المال ما يفتح مجال لإمكانية تكوين الشركة ذات المسؤولية المحدودة بدون رأس المال بل عبارة عن حصص عمل وهذا ما يتعارض مع الواقع العملي الذي يتطلب لتأسيس شركة أو أي كيان قانوني رأس المال نقدا عينيا ضامنا لتعاملاته، و لا يتحقق بإلغائه الحد الأدنى لرأس المال هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالمشرّع الجزائري لم يراع أثناء تعديله للقانون التجاري لسنة 2015بموجب القانون رقم 15-20تنظيم أحكام جديدة فيما يخص كيفية حساب الأصوات المعبر عنها أثناء التصويت في قرارات الجمعية العامة مكتفيا بالرجوع للنصوص السابقة التي لم يمسّها التعديل ما يجعلنا في حيرة فيما إذا كان الشريك بحصة عمل له الدور في البتّ في قرارات الجمعية العامة بحكم أن الأغلبية المطلوبة للتصويت تحسب بنسبة مساهمة في رأس المال وهذا ما من شأنه استبعاد أصوات المساهمين بحصة عمل أثناء مداولات الجمعية العامة لعدم اندراج حصة عمل ضمن رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مما لا يبقى للشريك بحصة عمل سوى دور الرقابة على أعمال التسيير من خلال حقه في الاطلاع على وثائق الشركة من دون إبداء رأيه أثناء مداولات الجمعية العامة، ما عدا الحالة التي يتقرر فيها تحويل الشركة ذات المسؤولية المحدودة لشركة التضامن فيكون للشريك بحصة عمل دور في البت في قرار الجمعية العامة ليتطلب الحصول على إجماع الشركاء دون الأخذ بعين الاعتبار نسبة مساهمتهم في رأس المال، أو في الحالة التي يضمن فيها القانون الأساسي للشركة أو بعقد لاحق إشراك جميع الشركاء بتصويت وفق معيار عدد شركاء دون التقيد بنسبة مساهمتهم في رأس المال، ما لم يتعارض هذا الشرط مع نص صريح ضمن الأحكام المنظمة للشركة ذات المسؤولية المحدودة.

كما أن الأخذ بمفهوم المسؤولية المحدودة للشريك وتطبيقها على شريك بحصة عمل من شأنه إبعاد أحكام المسؤولية المدنية، ما عدا الخسائر التي يتكبدها في حالة لم يتم تقرير أجرة عن العمل المؤدى .

غير أن ذلك لا يعنى تهرّب الشريك بحصة عمل من المسؤولية عن أخطائه الشخصية أو بالتضامن مع غيره من الشركاء والمسيرين بل تمدد مسؤوليته لتشمل جميع أعمال الشركة متى قام بأعمال التسيير بصفته المسير القانوني، أو بدل مسير تحت ظل إعمالا لقواعد الإفلاس بالتدليس والتقصير بالإضافة لإمكانية متابعته جزائيا طبقا للأحكام الجزائية المقررة في قانون العقوبات ذلك متى توافرت أركانها المنصوص عليها قانونا.

وفي الأخير أمام هذا التضارب التشريعي بين النصوص الواردة في القانون التجاري قبل وبعد تعديل 2015فيما يخص المركز القانوني للشريك بحصة بعمل يقتضي من المشرع الجزائري تبيان موقفه فيما إذا كان يقصد إبقاء أحكام المسؤولية المحدودة للشريك والنسبة المطلوبة للتصويت على قرارات الجمعية العامة بنفس الصياغة استبعاد مسؤولية الشريك بحصة عمل مع استبعاد الدور المنوط له في صناعة القرارات والبت فيها، أم إعطاء الشركاء حرية إدراج في القانون الأساسي للشركة تحديد نسبة الخسائر التي يمكن أن يتحملها الشريك بحصة بعمل مع إمكانية إشراكه في صناعة القرارات والبت فيها، وفي حالة العكس يقتضي من المشرع الجزائري مراجعة أحكام المسؤولية المحدودة للشريك بحصة عمل، ومفهوم الأغلبية المطلوبة للتصويت على قرارات الجمعية العامة المستندة على عنصر رأس المال وهذا بتقرير أغلبيتين: أغلبية رأس المال وأغلبية عدد الشركاء كما فعل المشرع الجزائري ضمن أحكام شركة التوصية بالأسهم، أو بالاكتفاء بأغلبية الشركاء كما فعل في الحالة التي تقتضي تحويل الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى شركة التضامن

قائمة المراجع

1-أبي عمر عبد الله بن محمد الحمادي. (2007). الشركة ذات المسؤولية المحدودة في الفقه الإسلامي وقانون دولة الإمارات العربية المتحدة- بحث مقارن. دار المؤيد. الرياض.

2-الطيب بلوله. (2017). قانون الشركات (سلسلة القانون في الميدان ). (محمد بن بوزه، المترجمون) برتي للنشر. الجزائر.

3-إلياس ناصيف. (2008). موسوعة الشركات التجارية، الجزء الأول، الأحكام العامة للشركة. منشورات الحلبي الحقوقية. لبنان.

4-إلياس ناصيف. (2010). موسوعة الشركات التجارية، الجزء السادس، الشركة المحدودة المسؤولية. منشورات الحلبي الحقوقية. لبنان.

5-إيمان زكري. (2016-2017). "حماية الغير المتعاملين مع الشركات التجارية"( أطروحة دكتوراه غير منشورة). كلية الحقوق والعلوم السياسية. جامعة أبوبكر بلقايد. تلمسان. الجزائر.

6- حسن عبد الحليم عناية. (2008). موسوعة الفقه والقضائية في الشركات التجارية، المجلد الثاني: (شركات الأموال" المساهمة"، شركة المختلطة شركة التوصية بالأسهم شركات ذات المسؤولية المحدودة). دار محمود. مصر.

7-خالد زايدي. (2020). القواعد الأساسية في الشركات التجارية. دار الخلدونية. الجزائر.

8-سميحة القليوبى. (2011). الشركات التجارية. دار النهضة العربية. مصر.

9-صالح بن زابن المرزوقى البقمى. (1406ه). شركة المساهمة في النظام السعودي- دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي. د.د.ن، د.ب.ن.

10-عبد الرزاق أحمد السنهوري. (ب-د-ت). الوسيط في شرح القانون المدنى، الجزء الخامس: العقود التي تقع على الملكية، المجلد الثاني: الهبة والشركة والقرض والدخل الدائم والصلح. دار الأحياء التراب العربي. لبنان.

11-عبد القادر البقيرات. (2015). مبادئ القانون التجاري ( الأعمال التجارية – نظرية التاجر – المحل التجاري – الشركات التجارية). ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر.

12-عبد القادر مشرفي. (2011-2012). "سلطات المسير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة والمؤسسة ذات الشخص الواحد وذات المسؤولية المحدودة" (مذكرة ماجستير غير منشورة). كلية الحقوق. جامعة وهران. الجزائر.

13-عزيز العكيلي. (2010). الوسيط في الشركات التجارية- دراسة فقهية قضائية مقارنة في الأحكام العامة والخاصة. دار الثقافة. عمان.

14-علي يوسف الشحي. (2019). "مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة- دراسة مقارنة"، (مذكرة ماجستير غير منشورة). كلية القانون.جامعة الإمارات العربية المتحدة.

15-عمار عمورة. (2016). شرح القانون التجاري الجزائري(الأعمال التجارية – التاجر – الشركات التجارية). دار المعرفة. الجزائر.

16-فؤاد معلال. (2016). شرح القانون التجاري المغربي الجديد. دار الأفاق المغربية. المغرب.

17-كمال بقدار. (2015). "مظاهر حماية الغير في الشركات التجارية وفق القانون التجاري الجزائري". مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية ، 02(28).

18-محمد حزيط. (2014). المسؤولية الجزائية للشركات التجارية في القانون الجزائري والقانون المقارن. دار هومه. الجزائر.

19-محمد حسن الجبر. (1996). القانون التجاري السعودي. مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر. الرياض.

20-معن الرحيم عبد العزيز جويحان. (2008). النظام القانوني لتخفيض رأس مال شركات الأموال الخاصة. دار الحامد. عمان.

21-منال بوقرقور. (2011-2012). "أثار الاعتبار المالي في الشركة ذات المسؤولية المحدودة"(مذكرة ماجستير غير منشورة ). كلية الحقوق والعلوم السياسية. جامعة 20أوت 1955. سكيكدة. الجزائر.

22-ميلود بن عجمية. (2011-2012). "التسيير في شركات التوصية"(مذكرة ماجستير غير منشورة). كلية الحقوق. جامعة وهران. الجزائر.

23-نادية فضيل. (2009). أحكام الشركة في القانون التجاري الجزائري (شركات الأشخاص ). دار هومه. الجزائر.

24-نادية فضيل. (2008). شركات الأموال في القانون الجزائري. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر.

25-نضال جمال جرادة. (2009). الوجيز في شرح أحكام القانون التجاري الفلسطيني. د.د.ن. فلسطين.

26- هاني محمد دويدار. (1997). التنظيم القانوني للتجارة ( نظرية الأعمال التجارية – نظرية التاجر – موجبات التاجر القانونية – المؤسسة التجارية – الشركات التجارية)، الكتاب الثاني. د.د.ن، د.ب.ن.

27- هاني محمد دويدار. (1995). مبادئ القانون التجاري- دراسة في قانون المشروع الرأسمالي. دار النهضة العربية.لبنان.

28-هند قاسي عبد الله. (2012). "مسؤولية مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة"(مذكرة ماجستير غير منشورة). كلية الحقوق. جامعة الجزائر01.

@pour_citer_ce_document

لحسن مدراوي, «المركز القانوني للشريك بحصة عمل في الشركة ذات المسؤولية المحدودة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 300-309,
Date Publication Sur Papier : 2022-04-29,
Date Pulication Electronique : 2022-04-29,
mis a jour le : 29/04/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=8769.