الأنساق الثقافية في الخطاب الكاريكاتيري الجزائري The cultural Patterns in Algerian Caricature Discoure Les systèmes culturels dans le discours de la caricature Algérienne
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 19-2022

الأنساق الثقافية في الخطاب الكاريكاتيري الجزائري
Les systèmes culturels dans le discours de la caricature Algérienne
The cultural Patterns in Algerian Caricature Discoure
ص ص 87-101

بختة ختال / كحلي عَمَّارة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تنهض هذه الدّراسة بمكاشفة الأنساق الثقافيّة في الخطاب الكاريكاتيريّ، لأنّها تتخفّى خلف بساطة الطّرح الأيقونيّ، والحوار الإيحائيّ العميق، محمّلة بصيرورة تأويليّة هدفها الإبلاغ والإقناع، فهو خطاب غايته الحجب لا الكشف، تتوارد أفكاره بأسلوب المبالغة السّاخرة النّاقدة، مصوّرا الهويّة الجماعيّة الاجتماعيّة، فثمّة أداء فنّيّ تعمل ممارسته النقدية الثّقافيّة على محاكاة الواقع، وتحويله جماليّا عبر فعل «الرّسم»، هذا الوعي الثّقافيّ الجماليّ مؤسّس على رؤية غايتها الولوج إلى المستهلك الثّقافيّ. وذلك بتحليل أعمال كاريكاتيريّة جزائريّة وفق المقاربة السيموثقافية.

معلومات حول المقال

تاريخ الاستلام 14-01-2020

تاريخ القبول 04-10-2021

 

الكلمات المفتاحية

الخطاب

 الكاريكاتير

 الأنساق القافية

 المستهلك الثّقافيّ

 الجزائر

Cette étude cherche à révéler les Systèmesculturels dans le discours de la caricature, Ils ont tendance à se dissimuler derrière une simple thèse iconique et un dialogue suggestif profond, dans le but de dévoiler les systèmes, chargées d’un processus interprétatif, qui vise essentiellement à informer et à convaincre. En fait, c’est un discours dont l’objectif permet de voiler et non dévoiler. Ses idées sont exposées à travers une hyperbole satirique et critique, donnant une image de l’identité collective de la société. On y remarque une performance artistique, dont la pratique critique culturelle vise simuler la réalité et la transformer esthétiquement par le biais du dessin. Cette conscience esthétique, régie par l’analyse de caricatures algériennes selon l’approche sémio-culturelle, favorise une vision ciblant le consommateur culturel

      Mots clés

discours

 caricature

systèmes culturelles

consommateur culturel

 

 

 

This study seeks to expose the cultural patterns In the discourse of the caricature through a cursory reading given that they lurk behind the iconic matter and the deep suggestive dialogue in the sake of giving rise to those discourses that convey a certain interpretative process, which aims essentially to inform and convince. In fact, it’s a discourse which tends to hide but not to expose, and its ideas are exposed through a satirical and critical hyperbole. Therefore, it depicts the social collective identity by an artistic performance, since its cultural critical practice aims to simulate the reality by transforming it through the act of conception. The caricature aesthetic cultural awareness is the real basis to conquer the cultural consumer. by analysing algerian caricature works according to the semio-cultural approach.

Keywords

Discourse

 caricature

 cultural patterns

 cultural consume

  

 

Quelques mots à propos de :  بختة ختال

د.بختة ختال[1] Dr . Bakhta Khettalجامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، الجزائر bakhta.khettal.etu@univ-mosta.dz
[1] المؤلف المراسل  

Quelques mots à propos de :  كحلي عَمَّارة

د. كحلي عَمَّارة  Dr . Ammara Kahliجامعة جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، الجزائر ammara.kahli@univ-mosta.dz

مقدمة

إنّ البحث عن  الأنساق الثّقافيّة الصريحة والمضمرة في الخطاب الكاريكاتيريّ، والّتي صاغها محترفوه في أيقونات تشكيليّة ولسانيّة ضمّنتها أفكارهم الّتي تتّخذ من الحياة الاجتماعيّة مصدر إبداعاتهم، وتجعل من الكاريكاتير رسالتهم اليوميّة المحمّلة بالهمّ الإنسانيّ، في قالب  ساخر، كأسلوب نقدي يكشف عيوب المجتمع، فهو مزيج  من الموهبة والثقافة والوعي، هذا التوجه النقدي يستلزم إخضاعه للمساءلة  النّقدية الثّقافيّة وأنساقها المتخفيّة وراء جماليتها، ومحاولة إظهارها بفعل تشريح بنيتها السردية، والسّرد هنا يتعين بالكلمة والصّورة، فتعيين الأنساق الثّقافيّة لا في الأعمال الأدبيّة والفنّيّة، بل في كلّ عمليّات التّلقّي، بما في ذلك تلقّي الصّورة بصفتها «تتسم بالتعدّد الدلاليّ(Polysémie) أي أنّها تقدّم للمشاهد عددا كبيرا من المدلولات.»(العماري محمد، 2019).

ونظرا لطبيعة الخطاب الكاريكاتيريّ النّاقدة والساخرة استوجب اللّعب على متاخمة حدود الحقيقة، والعمل على صياغتها وفق تمظهرات الواقع، والسّيطرة على التّلّقي بالنّظر إلى النسق المهيمن على الخطاب ومساحة تحرّكه ضمن سياقات الثقافة والإيديولوجيا والعقديّة، لذلك اعتمدت الصّورة الكاريكاتيريّة على سياقات متعدّدة، وعلى خطوط غير منتظمة تسعى للاكتمال من متلّق ذي قاموس بصريّ ثقافيّ ثريّ، فالكاريكاتير في الأصل خطوط مغايرة لما هو معهود في  الخطاب؛إذ يعدّ  شكلا من أشكال الخروج عن النّصّ على اعتبار أنّ النّص بالمعنى التّقليديّ هو الحروف المكتوبة لا المرسومة «لا يحمل في ذاته دلالة جاهزة ونهائيّة، بل هو فضاء دلاليّ وإمكاني تأويليّ ولذا فهو لا ينفصل عن قارئه ولا يتحقّق من دون مساهمة القارئ، فكلّ قراءة تحقق إمكانا دلاليا لم يتحقق، وكلّ قراءة هي اكتشاف جديد»(خافاني محمد، عامر رضا، 2019)؛ حيث يرى  كلّ من يوري لوتمان Youri Mikhailovic  Lotman  (1922-1993) ، وايفانوف  Vyacheslav Ivanov(2017-1929)أنّ الظّواهر الثّقافيّة هي موضوعات تّواصليّة وأنساق دّلاليّة» (حمد، 2017) تُشغل المتلّقي بالبحث عن مساحات الاختلاف بالمعنى النّقديّ.

إنّ الغوص في مفاصل هذا البحث الّذي يكشف الأنساق الثّقافيّة الّتي ركّز عليها الفنّ الكاريكاتيريّ الجزائريّ، قد يسهم في معرفة إضافيّة جديدة لإثراء تخصّص الفنّ عموما والكاريكاتير خصوصا؛ حيث تنبع قوّة التّمثّلات المتواترة في» أنّها تنقل العالم كما يراه الرّسّام ليصبح العالم كما يراه الجمهور من خلال قدرة الكاريكاتير على صنع الأيقونة أو الكود الثّقافيّ الخاصّ لموضوع معيّن»(إسماعيل، 2014)، وتعزّز بذلك التّنوّع المعرفيّ للمشتغلين عليه سواء تعلّق الأمر بالفنّان ذاته أو بالباحثين؛ حيث ينبني النّسق الثّقافيّ على أسس قيمي، معبّرا عن توجّه الفنّان الفكريّ وكاشفا عن أثر الثّقافة الأمّ، محاولا استظهار ما تخفّى، بتفعيل المشهد الكاريكاتيريّ الّذي يأخذ «بعده في تحفيز المتلقّي على الانفعال بالصّورة على المستويين البصريّ والعقليّ» (عبد صابر، 2010)، فالرّؤية البصريّة هنا مكمّلة للرّؤية العقليّة، على أساس أنّ الدراسات النّقدية الثّقافيّة هي منصّة تنظير للممارسة الفنّيّة البصريّة أيضا، وبذلك تلعب دورا مهما في إعادة تفحّص المجتمع بتفكيك جملة من العناصر المكوّنة للنّسق الثّقافيّ، وإرجاعها إلى الثّقافة العميقة للمجتمع، وبما أنّ الكاريكاتير مؤسس في الغالب على نسقين هما: نسق أيقوني ونسق لغوي، فإنّ هناك من «يشيرون  إلى التبعية الثنائية لفن الكاريكاتير التشكيلية والصحفية»،(سلامة عاطف، 2019)، وبالتالي يتعاضدان للوصول إلى أهدافه، ومن ثم يمكن  طرح الإشكال التالي: ما هي الأنساق الثّقافيّة الصريحة والمضمرة الّتي تكتنف  خطاب الفنّ الكاريكاتيريّ الجزائريّ؟  وهل الشفرة الأيقونية تنتشر في فضاء الصّورة للإدراك المتتابع، أم أنّ فكّ عناصرها مسألة متروكة لاختيار المتلّقيّ؟ وكيف تُسهم المقاربة السيميوثقافية في تفكيك شفرة تلك الأنساق؟

في مفهوم النّسق الثّقافيّ

حظيت الدّراسات النّقديّة باهتمام بالغ في مجالات مختلفة، جعلت من المنجز الفنّيّ محور اشتغالها، حيث أفرز توجهات جديدة تستدعي آليات مستحدثة لتفكيك شفراته، والقبض عليه لوضعه تحت التّشريح، فجاء مصطلح الدّراسات الثّقافيّة الّذي لم يعد يهتمّ بالنّص كنصّ قابل للتّحليل، بل أصبح يبحث  في النّصّوص بأنواعها عن أنظمة ثقافيّة «تمارس شتّى أنواع الهيمنة والتّحكّم في المتلقّي الفرديّ والجماعيّ بطرق متخفّية، وترسم تمثّلاته الذّهنيّة وآفاقه التّأويليّة»(همام محمد، 2019)؛ إذ لم يعد للجماليّة أهمية في النصوص إلاّ ما أفصحت عنه من خلال الحمولة الثّقافيّة الّتي وشحت أنساقها المعلنة والمضمرة،  والّتي قد تفلت من المبدع في سياق الإنتاج ومسارات التّلقّي.

لقد أكّد النّاقد عبد الله الغذامي A.Al ghadami(1946) هذا النّهج النّقديّ حينما اعتبر أنّ النّقد الثّقافيّ ما هو إلاّ «أحد علوم اللّغة وحقول الألسنيّة، معني بنقد الأنساق المضمرة الّتي ينطوي عليها الخطاب الثّقافيّ بكلّ تجليّاته وأنماطه وصيغه»(الغذامي، 2005). وقد انطلق الغذامي من فرضيّة اتّصال الثّقافة بالمجتمع والّتي تؤثّر في النّشاط الإنسانيّ وإبداعاته، لذلك فالنّقد الثّقافيّ «يبحث في التّرابط والإحالة إلى ما هو خارج العمل من أبعاد ثقافيّة» (دخيل، 2018)، ذلك أنّ المنتج الإبداعيّ يخرج عن دائرة الممارسة ويجنح إلى البحث في ما وراء  الفعل الثّقافيّ بكلّ اختصاصاته، من هنا أنتج النّقد الثّقافيّ مجموعة من الأنساق الثقافيّة متعددة التوجهات كالدينيّة والأخلاقيّة والسياسيّة، وبالتالي أصبحت تتحكّم في الممارسات الإنسانيّة بما في ذلك الثّقافة المحلّيّة؛ لأنّ الثّقافة تتضمّن «الأنماط الظّاهرة والباطنة للسّلوك المكتسب عن طريق الرّموز، إذا ما كانَ في مجتمع معيّن من علوم ومعتقدات وفنون وقيم وقوانين وعادات وغير ذلك»(بدوي ،1982).

فيما يعرّف النّسق بأنّه «ما يتولّد عن حركة العلاقة بين العناصر المكوّنة للبنية، إلّا أنّ لهذه الحركة نظاما معيّنا يمكن ملاحظته وكشفه (...) أو أنّ لهذه العناصر المكوّنة للّوحة من خيوط وألوان تتألّف وفق نسق خاصّ بها»(بوقرة، 2009). أما النّسق الثّقافيّ فإنه ينطبق على مكوّنات الثّقافة، الّتي لا تعتبر نسقا إلاّ إذا رسخَت الأفكار والقيّم والأعراف والإيديولوجيات، لذلك فعمليّة التّكرار تعزّز النّسق الثّقافيّ، وتعكس نظرة مجموعة من البشر لأمور تتعلّق بحياتهم. فالنّقد الثّقافيّ يستند إلى أسس معرفية تتمثّل في نقد: الهوية، النّسويّة، السّلطة أو الهيمنة بمختلف تمثّلاتها سواء: سلطة الدّولة، المجتمع والعائلة.

لذلك شكّلت الدّراسات النّقديّة قفزة نوعيّة في تقفّي الأثر الفنّيّ الإبداعيّ، لتمارس الفعل النّقديّ تبعا للتّطوّرات الاجتماعيّة والسّياسيّة المتاخمة لحدود الإبداع، وكذا تطوّر المدارس الأدبيّة والفنّيّة وتداخل الأجناس الفنّيّة. كلّ هذه الأسباب، أدّت إلى ظهور آليّات نقد جديدة تستجيب لمتطلّبات الحركة الإبداعيّة المتجدّدة، فحسب «رولان بارت Roland Barthes(1980-1915) ليس هناك نصّ بريء» (آل وادي، 2010)، فكلّ نصّ يحتاج إلى المساءلة، ولذلك اقترح بارت وجود شفرات خمس تعدل المعاني كلّما مضينا في قراءة النّص، وتتصل هذه الشفرات الخمس بالجوانب التأويليّة Hermeneutics، الدلاليّة Semantics، والرمزيّة Symbolism، والجوانب الخاصة بالحدث Action، والإشارة  Reference(كريزويل، 1993)، ضف إلى الدراسات الثقافيّة الّتي اهتمت بكلّ وسائل الاتصال الحديثة كالميديا Media، والثقافة الشعبيّة Popular Culture، والثقافات الفرعيّة  Sub-Culturesوالمسائل الإيديولوجيّة  والجنوسة (الجندر) (إسماعيل، 2014).

فوجود هذه ألأنساق البصريّة ذات الإشعاع الدلاليّ، تجعل القراءة تتطلب جهدا ثقافيّا لتفكيكها، على ضّوء   بعض الممارسات من خلال تحليل الأوساط الحاملة لها.

في مفهوم الخطاب الكاريكاتيريّ

الخطاب الكاريكاتيريّ

لقد ظلّ مفهوم الخطاب رهن الدّراسات الألسنيّة إلى وقت طويل؛ إذ فسّره فرديناند دي سوسير Ferdinandde Saussure(1913-1857) بأنّه مرادف للكلام، فيما خصّته المدرسة الفرنسيّة بمرادف الملفوظ ذي الدّلالة، أمّا في مفهوم إميل بينيفست (1976-1902)Emile Benveniste فإنّه يتطلّب متكلّما ومستمعا؛ حيث يكون للأوّل نيّة التّأثير في الثّاني((Maingueneau, 1976، لكن الخطاب تعدّى كونه متتالية من الجمل، فقد صار لكلّ خطاب لغته ووسائله، وهو ما لخّصه  فيريكلو (Norman Fairclough,1941) في أنّ الخطاب هو اللّغة المستخدمة لتمثيل ممارسة اجتماعيّة محدّدة، فهو يظهر في لغة الإشارات والرّسومات والصّور وغيرها من أنماط اللّغة غير اللّفظيّة،(Fairclough, 2003)، والّتي بإمكانها تحقيق أهداف التّواصل، وذلك تبعا للتّخصّصات، فالخطاب الكاريكاتيريّ يحترف الصّنعة الفنّيّة، والتّوهّج الفكريّ الآنيّ للأحداث بتأبيد اللّحظة، من خلال خطاباته السّاخرة المؤسّسة على فعل التّشويه والمبالغة التّشكيليّة والتّضمينيّة للفعل الفنّيّ الإبداعيّ، رسالة حملتها أيقوناته البسيطة التّمظهر، عبر سنن في كثير الأحيان تجنح إلى فعل التّخفّي، خلف جماليّة التّلقّي وآلياتها التّي تؤثّر في المتلقّي بالرّسالة المُبَلغة، فالاستقبال مشروط بالاستجابة، الّتي تعدّ هنا في ذاتها شكلا من أشكال الأخذ والرّد؛ لأنّ صاحبيْ سّلطة  التّلقّي هما المرسل والمتلقّي في آن واحد. وهذا ما أدّى إلى تغيير أسلوب الخطاب الكاريكاتيريّ في التّعاطي مع الطّرح وممارساته عبر الصّحف قديما وحديثا، أو من خلال وسائل التّواصل الاجتماعيّ في الوقت الرّاهن، فهو لوحة فنية ترصّع مساحاتها شخوص إنسانيّة وعلامات، تهتم بالإفصاح «عن المسكوت عنه وتعرية الطّابوهات (...)خطاب ساخر في شكله وفاعل في محتواه، وقادر على توعية الشّعب وتقريب مشكلاته»(الحسين، 2009).

الكاريكاتير في الجزائر

تجمع معظم القواميس على أنّ مصطلح «كاريكاتير caricatureبالإيطاليّة  Caricatura، مشتقّ من الجذر اللّاتينيّ Caricareويعني الحشو»( Anne Goliot et autres,2008)، وهو يرتبط بالمبالغة في إظهار العيوب، برسم تشكيليّ ساخر غايته تشكيل «معاني  بارعة لتسكن ذهن الإنسان وتجبره على التّفكير في ما بداخل دائرة الواقع، وتدعوه إلى تشكيل الدّائرة من جديد بفكر وعقل جديدين من أجل واقع أفضل»(الحسين، 2009)، كما أنّ الكاريكاتير «فنّ قديم  يرجع إلى بداية معرفة الإنسان بالرّسوم والنّقوش الّتي سجّلها على الكهوف، وقد عثر على الكثير من الرّسوم الّتي تحتوي عناصر الكوميديا والسّخرية في فرنسا وإيطاليا وأمريكا الجنوبيّة وفي صحراء الطّاسيلي الجزائريّة»(حمادة، 1999).

وقد وضّح وليم.ه.بيك William H.pick  أنّ الفراعنة جسّدوا صورا ساخرة وأوضاعا معكوسة على ورق البردي وشقفات الأواني الفخّاريّة، من بينها قطّ يرعى الغنم وأسد يلاعب حمارا الشّطرنج(بيك، 1997)، كما شهد تطوّرا في القرن السّابع عشر حتى القرن الثّامن عشر؛ حيث عُدّ العصر الذّهبيّ لهذا الفنّ، ليلج إلى دهاليز السّلطة في فرنسا خصوصا  بفضل أبرز أيقونات الكاريكاتير العالميّ (دومييه  Daumier) و(جافارني Gavarni)، إذ ذاع صيته في إنجلترا وأمريكا وباقي الدّول (الهاشمي، 2003)، هذا، وعرفت مصر انطلاقته الأولى على يد يعقوب صنوع، وعبد المنعم رخا،  وجورج البهجوري، ثم انتقل إلى بقية الأقطار العربيّة كسوريا ولبنان والأردن والعراق وفلسطين (طاهر، 2003).

ظهر الكاريكاتير في الجزائر مع بداية الاستقلال في الصّحف كالشّعب، والجمهورية La Republique، الّتي عمل فيها كلّ من الطيب عراب  وأمحمد إسياخم، والكاريكاتيريّ محمد حنكور خلال فترة السّتّينات والسّبعينات(حمدان، 2013)؛  وقد أبانت السّاحة الفنّيّة الإعلاميّة عن بروز فنّانين كان لهم الفضل في توصيف الفنّ الكاريكاتيريّ وتميّزوا بريشة ساخرة ونذكر منهم: «رياض، (مزاري محمد) ماز، ملواح، وعبدو عبدالقادر( أيوب)3(...) وأحمد هارون مؤسّس شخصيّة مقيدش، وجمال النون المدعو جمال نكاكعة، وديلام علي، وهشام أحمد بابا  بالإضافة إلى «خليل بن ديب وسليم ( منور مرابطين)، والّذين اختاروا الهجرة» (Kotek, Kotek, 2005).

لكن بعد 1988، صدر قانون الإعلام رقم 07- 90(القانون المتعلق بالإعلام رقم 90-07، المؤرخ 03أفريل 1990، (ج. ر.ج، العدد (14)، المؤرخة في 094أفريل 1990) مسهما في انفتاح حقل الإعلام  على حرّيّة التّعبير التي تعدّ المدخل الرّئيس في ممارسة الإعلام والفنّ معا، و»هذه الحرّيّة هي نتاج تفاعل الآراء وتقاطع الأفكار وتضاربها نتيجة تنوع الفكر الإنسانيّ من جهة، والدّفاع عن المصالح من جهة أخرى» (بلواضح، 2014)، مما أتاح ظهور العديد من الصّحف المستقلّة السّاخرة في بداية التّسعينات مثل «المنشار» Manchar(1990) النصف شهرية الصادرة باللغة الفرنسية، والّتي اعتمدت على الكاريكاتير والأمثال في التعاليق، والصّح آفة(1992) الأسبوعيّة بوهران، وبوزنزل(1992)، والقرداش (1992)، والوجه الآخر(1993)، والّتي حملت صفحاتها رسوما كاريكاتيريّة مرافقة للمقالات»(بوعمامة، 2019)، فيما ظلّت بعض الأسماء المشتغلة على الكاريكاتير وفيّة للصّحف، منهم عبد الباقي بوخالفة4، في الشروق والبلاد، وبن سعيد في  جريدة الرائد، ومحمد جلال في صحيفة المحور الجزائرية، و»أيوب» في الخبر والشروق اليومي، وغالم سليم في الجمهورية بوهران، علي ديلام  في  Liberté  ليبرتي  والوطن  El Watan، وHicفي كلّ من الوطن ولومتان Le Matinوغيرهم، إذ تناول رسامو الكاريكاتير  كلّ المواضيع مع اختلاف صيغ المعالجة والأساليب التشكيليّة المعتمدة، من هذه المواضيع: مظاهر وإيقاع الحياة، النفاق الاجتماعيّ والبيروقراطية، الفقر والبطالة، الهجرة السريّة، مشاكل التعليم، التظاهرات الرياضيّة والثقافيّة، ارتفاع الأسعار، ضعف الخدمات والكوارث الطبيعيّة، الأعياد والانتخابات، والأوضاع السياسيّة في الجزائر والعالم ..الخ. بينما تموقع البعض الآخر في الوسط الفنّيّ ليمارس طقوسه الإبداعيّة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ مثل: كريم بوطورة، طاهر جحيش، كريم بوقمرة، بن حريزة، صخراوي طارق، يوسف عيمور، ياسين أحمادي المدعو Brinsouff، غيلاس عينوش، نور اليقين فرحاوي، أمين عبد الحميد المدعو Nime...وغيرهم. وهو ما أفرز حالة من الإبداع والتّنوّع في الأساليب الّتي تشتغل على الخطّ واللّون، وعلى ازدواجية اللّغة (عربية وفرنسية)، في حين آثر بعض السّاخرين الابتعاد عن الأضواء.

أنساق ثقافيّة في الكاريكاتير

إنّ الكاريكاتير هو «بناء خاصّ، وواقع آخر مركّب من الواقع الأصليّ المرجعيّ مضاف إليه الفنّ»(جوادي، 2007)، فالكاريكاتير يحمل علامات مثل النّكتة والأمثال، تتشكّل منها الأنساق الثّقافيّة الّتي يندفع إليها الجمهور لاستهلاك المنتج الثّقافيّ؛ إذ يراها الغذامي «حيلا جماليّة تعتمد المجاز ينطوي تحتها نسق ثقافيّ ونحن نستقبله لتوافقه السّريّ، وتواطئه مع نسق قديم منغرس فينا»(الغذامي، 2005)، فبالإضافة إلى «عناصر الاتصال لدى جاكوبسن Roman Jakobson(1982-1846): (الشفرة، السياق، الرسالة، المرسل، المرسل إليه)، أجرى الغذامي تعديلا على هذا التقسيم، وأضاف العنصر (السابع) يتمثل في العنصر النسقيّ»(بن سباع، 2016).

من هنا فإنّ الكاريكاتير يستثمر لغة قادرة على الاحتيال للوصول إلى المتلقّي عبر علاقات تشكّل جسرا للتّواصل، وتتوقّع تفاعلا بين الفنّان والمتلقّي، فآلية الإنتاج تتعالق مع آلية التّبليغ بغية تحقيق إشباع فرديّ وجماعيّ،  والمتلقّي لا يستسيغ إلاّ ما يمليه عليه العقل وما يتوافق مع أهوائه ومعتقداته، ففنّ الكاريكاتير هو تعبير يتجاوز «الكتابة أحيانا؛ لأنّه يتيح للمتلقّي قدرا من المشاركة؛ خصوصا حين يكتفي بذاته وبعناصره، ويستعيض عن اللّغة بشفرة من الخطوط تختزل ما لا تقوى ثرثرة المتلقّي عن إنجازه، فهو فنّ اللّا امتثال»(سلامة، 2016).

هناك الكثير من الإيحاءات الّتي اختارها الكاريكاتير الجزائريّ أسلوبا في تمرير رسائله، يستلهم إبداعاته من شرائح المجتمع على اختلاف ألسنتهم ودرجات ثقافتهم، يحاكي الواقع برؤية متخفيّة، لذلك شكّلت أيقوناته مسرح التّأويل الثّقافيّ، حيث ربطته بثقافة الصّورة الّتي «تعني تدعيم الاتّصال المرئي تجسيدا لكلّ ما هو موجود في الكون القادر على الاستمرار والبقاء عبر الزمن»(خلاف، 2015).

وبناء على ما سبق، تسعى هذه الدراسة إلى استنطاق تمثلات الأنساق الثقافية في الخطاب الكاريكاتيري من خلال عينات من الكاريكاتير الجزائري المنشور في الجرائد اليوميّة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك).

تمثلات النسق الذكوري والأنثوي في الكاريكاتير الجزائري

الشكل (01): عيد الحب

المصدر:جريدة المحور، العدد 2715 الصادر 15/2/.2016

يعدّ الرجل والمرأة قطبيْ الإنسانيّة، وتحوز المرأة نصف المجتمع، الّذي يعاني من الدّونيّة منذ زمن، فينظر إلى كلّ فعل حسن نظرة ذكوريّة، وخلاف ذلك نظرة مؤنّثة، فلا مبرّرات لسلوك المرأة في عرف المجتمع، فإذا كان هذا ديدن المجتمعات القديم، فإنّ الحال لم يتغيّر إلى اليوم، فقد عجت كلّ الأشكال ألأدبيّة والفنيّة وكل الوسائط البصريّة بالمضامين، الّتي حملت نسق (الفحولة الذكوريّ والأنثوي).

يأتي كاريكاتيرمحمد جلال  في جريدة المحور احتفالا بعيد الحب الموافق لـ14فيفري، حيث اختار الكاريكاتيري بيئة ريفية لنسج ملامح شخوصه، الظاهرة من خلال اللّباس(طاقية، عباءة وغطاء الرأس)، موظفا المخزون النسقيّ لأيقونة الزّوج، بمزاجه السّاخر المصحوب بالإيماءات، الحامل لحزمة من الأزهار من خلال تقاسيم الوجه الضّاحك، كرد فعل استباقي لقمع أنوثة زوجته وكرامتها (ينظر الشكل:1) وهي تنتظر التّكريم «هذا الورد ليّا»، ليعلو محيّاها قلوبا تحلّق دلالة على عاطفيّتها واندفاعها، مستحضرة باب الهدايا في قاموسها الثّقافيّ، فمعالم الإغراءات مادّيّة أكثر منها حسّيّة، ولكن «قد يأخذها الإيهام فتشكّ في قواها البصريّة؛ أي في كفاءتها فترتاب في الوقت ذاته بنفسها أو بما تراه»(نعيمة، 2016).

 فالظاهر أنّ الملفوظ اللغوي (هذا للبقرة باش تكثر الحليب) حسب «جوليا كريستيفا  Julia Kristeva(1941) يفتح جيبا معرفيّا تتشابه فيه الأحداث وتتوّحد في المعاني والمدلولات في إنتاج وإنشاء العلامات والرّموز، فقد يأخذ الملفوظ(...)ليعبّر عن حال بذاتها يريد تبليغها كما هي بذلك الملفوظ الّذي اتفقت طبقات المجتمع على معرفته الدّلالية والأصليّة»(مداس، 2018)، يظهر  كمضمر نسقي، لذلك يوغل الزّوج في قمع أنوثتها وكرامتها، مثيرا للمضمر السيّميائيّ ومعلنا تساوي المرأة بالمرعى، وهنا تظهر أهمية النسق اللسانيّ في توجيه القارئ  نحو قراءة محدّدة ويربط بين مختلف مقاطع النسق الأيقوني، بتضافر ما هو لغوي بما هو غير لغوي. حيث تفصح اللّغة عن تفضيليّة البقرة على المرأة، من خلال صورة التّشبيه، وهو نوع من الاستعارات البصريّة الّتي تشكل «جزءا لا يتجزّأ من دراسة نظام العلامات كجزء من الحياة الاجتماعيّة، نظرا لقدرتها الفائقة على الإقناع(...) لربط الدّوال بالمدلولات»(إسماعيل،2014).

العبارة أحالت المرأة إلى عالم الاغتراب، أدركت فيه الهُوّة بين واقعها المفروض وبين ما تنشده، والذي يطلق عليه المثاقفة، فثقافتنا لا تحترف الأعياد وكذا معنوية الهديّة.

وقد أسهم الرّسم الكاريكاتيريّ في إيجاد العذر لبعض الأزواج بالتّعليق القاسيّ المليء بالتّهكّم على شريكته، وهي صور تتكرّر في المشهد الكاريكاتيريّ، تتفنّن في تصوير الرّجل كمن أضاع عمره في سجن، أو إظهاره مع امرأة بشعة تبرز سوء حظّه وغيرها كثير، حتّى لو كان الأمر غايته السّخرية، فتلك الصّور أبعدت المرأة من الارتباط بالمجتمع كعنصر له كيانه ومبادئه وأفكاره، وساهمت في «تشكيل القوالب النّمطيّة»(أسامة، 2016) الجاهزة وتسويقها في شكل أيقونات تمارس «السُّخْرية والعنف الثّقافيّ على المرأة»(الغذامي، عبد االله،2019). باعتبار أنّ المجتمع الجزائريّ مجتمع ذكوريّ -على شاكلة المجتمعات العربيّة- الّذي غلب على مستوى تفكيرها الصّور النّمطيّة للمرأة كالقبح والثّرثرة والخداع والأنانيّة، والضّعف، والقهر، وهي صّور ذهنيّة انغرست في التّفكير الجمعيّ، وأدّت إلى تعطيل احترام الرّجل للمرأة في المجتمع.

أمّا كاريكاتير جريدة ليبرتي  Liberte   للكاريكاتيري علي ديلام في الشّكل(2)، فجاء  بنفس الطرح وبالمناسبة ذاتها(Saint Valentin)،  فقد اختار الرسام توظيف بيئة حضرية لمسرح أيقوناته باللباس العصري حسب ما تظهره الصّورة، التي لا تعكس ثقافة المجتمع الجزائري سواء للرجل أو المرأة. ولكنّه أظهر نفس النظرة التحقيرية -التي سبق ذكرها- على الرغم من اختلاف البيئة الحاضنة، فالهيمنة الذكورية «مازالت قائمة عبر ما يسميه بيار بورديو Pierre Bourdieu(1930-2002) العنف الرمزي، ذلك العنف الناعم واللامحسوس واللا مرئيّ (...) والّذي يمارس في جوهره بالطرق الرمزيّة الصرفة للاتصال والمعرفة أو أكثر تحديدا بالجهل والاعتراف أو بالعاطفة كحدّ أدنى، وذلك كلّه متأصل في العقول والأجساد، أدمج على شّكل ترسيمات لا واعية من الإدراك الحسيّ»(بورديو، 2009).

الشّكل (02): Saint Valentin

المصدر: Liberte، العدد 7770، يوم 14/2/2018.

فيما يسوق لنا الكاريكاتيري بن سعيد من جريدة الرائد (الشّكل:3) -في إطار امتحانات التوظيف- ظاهرة تغيير القيم في المجتمع، وذلك تبعا إلى تنامي دور المرأة في المجتمع، بدخولها الحياة الاقتصاديّة، والتّفوّق الدّراسيّ معتبرة إيّاه جواز سفر، يقود إلى التّحرّر من قيود الرجل. ممّا جعلها تستغل أنوثتها لتحقيق أهدافها؛ حيث أنّ الجسد الأنثويّ انتقل من قدسيّة الغياب والتّخفّي المحفوف بالحصانة الأسريّة والعرف الاجتماعيّ إلى الظّهور في صور مغايرة، وهو ما أشار إليه أحد المرشّحين وهو يهم بالكشف عن ساقيه ساخرا:» قشط يا شريكي لازم تلبس لقصير باش تخدم».  يوحي إلى استعمال الجسد للغواية، الّذي يعتبره «ميشال فوكو Michel.Foucault(1984-1926) دعامة لتمرير خطابات ثقافيّة واجتماعيّة من خلال وظائفه وتحرّكاته عبر تقنين نوعيّة اللّباس بوصفه دالّا حاملا لمدلولات شتّى، فالجسد الأنثويّ حامل للعلامات معروض للملاحظة والمراقبة»(بريمي، 2016)؛ حيث تظهر الفتاة بلباس تكشف عن مفاتنها، وهي على أبواب مكتب التّوظيف؛ إذ تسعى الصّورة إلى توظيف الجانب الإغرائي لجسد المرأة «فالغواية الأنثويّة تمرّ أساسا عبر المجال الجسديّ الفيزيقيّ، وعبر قانون المظهر، ونادرا ما تمرّ من خلال الكلام أو الرّوح»(الزاهي، 1999)، وهو مشهد التمرد على سلطة الفحولة (الأبوية) وعلى سلطة الثقافة المحافظة،  فظهر «نسق مضاد للنسق السائد، بخروجها عن الرقابة المجتمعية وسلطتها»(المناصرة، 2012).

فاللّباس يعتبر لغة وقيمة ثقافيّة، وقد وقعت هذه اللّغة في عدّة سجالات تنّم عن وضع «معرفيّ وعقديّ ودينيّ، حتى وإن كان اللّباس أمرا شخصيّا، إلاّ أنّه يخضع لعادات قوميّة وضرورات عمليّة، فهو ليس مجرد هيئة ولكنّه بيان ثقافيّ ودينيّ»(عزي، 1996)، فقد أظهرت الصّورة نوعا من السطو على الموروث الثّقافيّ الجزائري للّباس الّذي «يخفى جمال المرأة في الشّارع»(بن نبي، 1986)، حسب مالك بن نبي (Malek Ben Nabi, 1905-1973). هذا من جانب، من جهة أخرى، فإنّ ثقافة المجتمع الحاملة لتقاليد متوارثة تؤكّد على قوامة الرّجل على المرأة، وأنّ» أدوار الرّجل والمرأة في إطار محكوم بفكر تقليديّ ثقافيّ مجتمعيّ ملخّصه أنّ العطاء والتّضحية من سمات المرأة بينما الرّجل هو القَيّم على الحياة المهنيّة والأسريّة»(أسامة، 2016)، لأجل ذلك، قلصت المرأة من أدوار الرّجل في حياتها، نافية للمثل الشّعبيّ «ظلّ راجل ولا ظلّ حيط». ممّا يعني أنها تجاوزت الذاتي (الزوجة) إلى الثقافي بدخولها إلى المجتمع، كمرحلة انتقالية خفّفت من حدّة السيطرة الذكورية تجاه الجنس الآخر، ممارسة نوعا من التفكيك لنسق الفحولة المهيمن، وأخذت من الرجل السلطة(المنصب).  فمظاهر نسق الفحولة «من معانيها الهيمنة والتسلط، وقد تكون المرأة فَحْلَة (سليطة)» (الدواس، 2009).

الملاحظ في هذا التوصيف أنّ توظيف الحامل الثّقافيّ   الاجتماعيّ لذات المرأة، ميزه التّوزيع الوظيفيّ للجسد (الهيئة)، بين المحلّي والوافد، فالشّكل (1) يوضّح ملامح «امرأة منبثقة من الفعل اليوميّ بجزيئاته وتفاصيله(...) إنّها امرأة لا تدرك إلاّ باعتبار كلية جسديّة وإبعادها الوظيفيّة، إنّها تغسل وتنظّف(...)فلا وجود لهذه المرأة إلاّ من خلال ما يحيط بها»(بنكراد، 1999)، أما الشّكل(3) فعكس خصائص المرأة المتمثلة في « الإغراء في شكله الكلّي، ولهذا فإنّها تحضر عبر جسدها بكامل طاقاته التعبيريّة: شكل العينين (...) واستفزازية اللّباس).»(بنكراد، 1999)، هذه النظرة الدونية روّجت لها الثّقافة البصريّة عبر الإعلانات، وشبكات التّواصل الاجتماعيّ، فتأرجحت-هنا- رسالة الفنّان «بين المحو والإثبات (...) وبين سؤال الواقع وتساؤل ثقافة الواقع»(فيدوح، 2019).

هذه الأسئلة عكست نسقا أخلاقيا، وهوسا تاريخيا يمثل موقع المرأة في المجتمع. حتى وإن مسّ المجتمع نوع من الثقافة المستحدثة التي اعتبرت نتاج الصراعات ذات الأبعاد الجنوسية.

الشّكل رقم3: توظيف..

المصدرhttps://bit.ly/3nUAX0Y    

وهذا ما يوضّح أنّ فنّاني الكاريكاتير أسهموا عموما في تثبيت هذا النّسق وتصدير خطاب الإقصاء، مع العلم أنّ الفنّ الكاريكاتيريّ هو عمل تنويريّ، و»ممارسة هذا الفنّ وظيفة رئيسة في الحضارات فهو مرتبط بشكل وثيق بالحقيقة الكاملة لا الحقيقة الحولاء، وبالكشف لا بالضّحك منها أو عليها، فالفنّ يلعب دور المحفّز مثله مثل الإيمان عندما يكون أصيلا»(النابلسي،1999).

 قد يوعز ذلك، إلى أنّ الرّيشة السّاخرة ظلّت فنّا رجاليّا بامتياز لارتباطها بعالم السّياسة، ونقد الظّواهر المختلفة في الحياة، وبالتالي سيطرة السّلطة الذّكوريّة على الفنّ الكاريكاتيريّ، وذلك في ظلّ العزوف الأنثوي عن مداعبة الريشة الساخرة إلاّ ما ندر، في العالم والعالم العربي وبخاصة في الجزائر. 

الهويّة اللغوية في خطاب الكاريكاتير

الشّكل (04): البكالوريا

المصدر: الشروق اليومي، العدد 2322، 10/5/2008.

ورد الشّكل(4) بجريدة الشروق اليومي للرسامعبد الباقي بوخالفة المدعو باقي،   حيث انفتح هذا النص البصري على التأويل، من خلال العنوان» البكالوريا» في أعلى الصّورة، فقد حاول الفنّان رصد حيثيات امتحان شهادة البكالوريا،  بإظهار تيمة اللّغة، بوصفها رافدا ثقافيّا تتأسّس به الهوّية الثقافيّة، فقد تحدّث الكثير عن اللّغة وإشكالاتها، وتأثيرها في البنية الاجتماعيّة، فـ «كلّ ما يحدث للبشر، إنّما يحدث لهم في لغتهم اليوميّة، فيما يقولون وفيما يكتبون»(بن شيخة، 2014)،  وهي أيضا في نظر هيدغر (1976-1889) Heidegger  Martin«مسكن الكائن»(فيدوح، 2019)، لكن خلف الصّورة الكثير من الضّيم المتواري في أيقونة «الأدب العربيّ» المدونة على السبورة، أظهرها النسق اللّسانيّ «اسمع...فوتلي الكالكيلاتريس تحت الطّابلة». الجملة تبدأ ب «اسْمَعْ»، فعل من صيغ الأمر الّذي ماضيه سَمِعَ؛ حيث أنّ «للماضي الثّلاثيّ المجرّد ثلاثة أوزان، فَعَلَ، فَعِلَ، فَعُل»(الغلاييني، 2007)، وفي عامّيتنا نستعمل الأفعال الثّلاثيّة في زمن الأمر، على الوزن الذي يوافق العربية الفصحى، بتسكين الفاء واللّام وفتح العين، مثل: اسْمَعْ.  بعد الابتداء بساكن استعانة بهمزة الوصل. يتبعها جملة «فوّتلي (فوّت لي)» والّتي تفيد التّمرير، متبوعة بكلمتي الكالكيلاتريس calculatrice(آلة حاسبة)، وتحت (الطّابلة) table، فثمّة في الصورة شفرة تواصليّة بين الباث والمتلقّي، تبرز معالم تمظهر اللّهجة الجزائريّة المختلطة بين العربية والفرنسيّة، الّتي يعتبرها الكاتب كاتب ياسين Kateb Yacine(1989-192) «غنيمة حرب»(واسيني، الأعرج،2020)، فالاستعمار يعمل «على نحو مخاتل، فهو يخترق ما هو أكثر من الدوائر السياسيّة، ويتجاوز مجرد الاحتفال بالاستقلال، تعمل آثار الاستعمار على تشّكيل كلّ من اللّغة والتّعليم والحساسيّة الفنيّة، وتشكيل الثقافة الشعبيّة على نحو متنام»(دخيل، 2018)، لذلك  فهي تضمر النّسق الثّقافيّ المستتر لثقافة المتبوع، وارتهانها بالتقمّص وبالانصهار، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تفكيك ما بقي،  فالثقافة عامل مهمّ للشعوب فلا يمكن أن تحقّق غايتها في غياب الاهتمام باللغة وفقدانها «دليل على الارتماء في ثقافة الآخر، والنيل من ثقافة الذات، سواء عبر مسار المكون الحضاري، أو عبر أنساق العلامة المركبة من عنصرين (دال اللغة)  فيما يسميه جاك لاكان Jaques Lacan(1981-1901) بالكلمات (مدلول الأفكار) للهويّة»(فيدوح، 2019)،فاللغة هي وعاء الفكر وفضاء التواصل وعماد الثقافة، وهي»الّتي تسمّي وتعيّن الأشياء، وهي الكون الفعلي والوسيط الذي يعبّر عن كينونتنا في هذا العالم»(بريمي،2016).

لذلك عدت اللغة رمزا من رموز الهوية الثقافية، وأحد ثوابت الأمم العظيمة.                                                                                 

الثّقافة في خطاب الكاريكاتير

 

 

الشّكل (05):محاضرة...ثقافية

المصدر:  http:// bit.ly/3qnsS5r

يقترح الكاريكاتيريّ أكرم بوطورةفي الصّورة المنشورة على صفحته عبر  موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، موضوع الثقافة؛ حيث يظهر المسح البصريّ للشّكل (5) ثلاثة صفوف من الكراسي في منظور خطيّ يوحي بالتّلاشي، بينما يَظهر الأثر السّيميائيّ والثّقافيّ  للّون الأحمر  الرّفعة طالما أنّ بساط الملوك وكراسيهم ميزها الأحمر، ويتدرّج اللّون في القاعة إلى الرّماديّ الّذي يضمر التّلغيز، إلى أن وشّم الأسود فضاء المشهد دلالة على الأوضاع الّتي تحتضن الثّقافة  الشّكليّة «فالأسود (...) والأحمر ألوان تكوّن تناضد عدد كبير من طبقات العتمة الّتي تدفع للتّفكير بتجسيد مادّيّ معيّن للظّلمات المحيطة»(فونتاني، 2003)، هذه الشّاعرية اللّونيّة الّتي تحاكي المشاعر الإنسانيّة وتلفّ الفكرة بوشاح من القيم الجماليّة المتنوّعة؛ حيث تتوزّع الأبعاد، وتخضع الألوان للمعيار الأنثروبولوجيّ .

ومن أجل التّمويه وظّف الفنّان المشهد الجبهي واستخدم التّناظر الكلّيّ  مستعينا بالعمق للإيهام البصريّ، إذ يعُدّ هذا النوع من الرّسم ضمن المتناظرات الّتي استغنى عنها الفنّ منذ عصر النّهضة، فعمد إلى إظهار زرّين من أزار الكراسي كعيون أشخاص لتوهم الرّائي بالحضور كصّورة ذهنيّة، وأضفى على المشهد  نوعا من الألفة الحسّيّة بين المكان والموضوع، ضمّنها تلك الألوان والخطوط، وترك للعين حرّيّة الإشباع البصريّ ممّا ساهم في جماليّة التّلقّي، بينما ترتسم في الكرسيّ المجاور نسيج العنكبوت كدال بصري يرتبط بسياق يحدد  الأماكن المهجورة، المرتبط دلاليّا بالهشاشة والتقادم  والتهميش الثّقافي، والنظرة القاصرة إلى الثّقافة على أنّها هامشيّة ومجرّد طقوس فلكلوريّة.

في حين ضمّ الأيقون اللّسانيّ جملة» محاضرة...ثقافيّة»، متضمنا علامة الانقطاع أو نقط الإضمار للدّلالة على كلام محذوف، بغية التماس خيال المتلقّي، واستدعائه للمشاركة في أفق التّوقّع، فالثّقافة كلمة مطّاطيّة لها الكثير من المضامين، أراد من خلالها الفنّان إثارة مجموعة من التّساؤلات عبر وساطة فنّ الكاريكاتير، فــ «وحده الفنّ قادر على جعل أصوات الصمت مسموعة»(بن شيخة، 2014).

فيما يتوسّط المشهد شخصية «المثقف»، وبقيت الكراسي فارغة إشارة رمزيّة على الخواء الفكري والثقافي، الّذي» تجاوز حدود الطّبقات المحرومة من التّعليم والثّقافة وجرى تعميمه (بوسائل لا حصر لها) كنمط حاكم وعابر للطّبقات جميعا، فقيرها ومتوسّطها وغنيّها»(إدريس، 1988).

ويبدو أنّ الكرسي في الصّورة وُجد للدلالة على  رمز القوة (السّلطة)، فالحديث هنا عن سلطة الفكر والثّقافة، الّتي أوجزها الشّاعر أوفيد Ovidفي حواريّة  مع  الإمبراطور الرّوماني؛ «حيث نَفى الإمبراطور الشّاعر أوفيد،  لأنّه شاعر؛ أي من مبدعي (الكرسي الثّالث) حسب أفلاطون، فقد انتقم أوفيد في منفاه من الإمبراطور بوساطة اللّغة الشّعريّة، فقال جملته الشّهيرة (أنا شاعر، وهو مجرّد إمبراطور)، ولم يكترث الإمبراطور لذلك، ولكنّنا في العصر الحديث نحفظ جملة أوفيد، ولا نتذكّر اسم الإمبراطور»(المناصرة عز الدين،2019)، بمعنى أنّ الشّاعر بقي شاعرا  والإمبراطور بقي مجرّد كرسيّ، فالمثّقف هو المؤثّر الفاعل في الفكر الّذي يمكنه من حمل رسالة التنوير في المجتمع، ففي رأي المنظر الايطالي» انطونيو غرامشي Antonio Francisco Gramsci(1891-1937) أنّ«كلّ إنسان مثقف، وإن لم تكن الثقافة مهنته»(الزاوي، 2009)، وأنّ الفكر يؤثّر سلبا وإيجابا في الثّقافة، وفي مسار المجتمع ككلّ، فقد هاجم «جوليان بيندا Julien Benda  المثقفين قائلا: لا داعي لأعيد للأذهان كيف شجب الأسقف فينلون Phenelon  حروب لويس الرابع عشر، وفولتير  Voltaireتدمير البلاطيين (...)،وباكل  Backel  تعصب انجلترا ضدّ ثورة فرنسا، ونيتشه Neitzchالأعمال الوحشية لألمانيا ضدّ فرنسا»(حمير، 2021)، وهنا يبدو أنّه لا يمكن الفصل بين النّسق الثّقافيّ والنّسق الاجتماعيّ، عكس ما أشار إليه بارسونز Talcott Parsons(1979-1902) حين أراد الفصل بينهما متحجّجا بأنّ  النّسق الثّقافيّ (...) لا يتألّف من أكثر ممّا يؤكّده علماء الاجتماع عن القيم الجمعيّة، بينما يمثّل النّسق الاجتماعيّ النّظام العقليّ لعالم التّفاعل الاجتماعيّ (فوكو وآخرون، 2008).

 ولذلك  يرسل أحد الكتاب خطابه ليعبر عن النسق المكبوت قائلا: «أنتم أهل البلد تكرهون أذكياءكم  وأدباءكم والناجحين منكم(...) تحسدون الأدباء والشعراء والخطباء العارفين بالحكمة والمعنى»(زنيتلي، 2012)، فالخطاب هنا موجه للعام والخاص، بما فيها المؤسسات الثقافية التي ساهمت في خلق المثقف الحديث، ليظهر النسق السلطوي المهيمن على الممارسات الثقافية، فغابت الثقافة وحضر المثقف وحيدا، منفصلا ومبتعدا عن القضايا الأساسية، ممارسا نوعا  من نسق التعالي الفكري،  هذا الغياب خلق هامشا لتّأثير ثقافة النسق الرقمي، الّتي تهدّد» كيان الثقافات المحيطة(Peripheral Culturs) فحولت كلّ شيء إلى ثقافة سلبيّة مدفوعة الثمن، وخلق تجارة ثقافة بوصفها شبكات ذات مغزى موجهة إلى الثقافة الفرعيّة الدونية Sub- cultureبغرض خلخلة هويتها»(فيدوح،2019)، فتقوقع الثّقافة والفكر والفنّ الهادف في المجتمع، حال دون المضي في بناء نهضة ثقافيّة وفكريّة وفنّيّة لها تأثيرها وإشعاعها إقليميّا ودوليّا .

نسق الانتماء في خطاب الكاريكاتير

 

الشكل رقم6: هو ينهب ...وأنا نطلب

المصدر: http://bit.ly/37Nu6B2

يطرح عراب الكاريكاتير في الجزائر عبدو عبد القادر المفارقة (خيانة الأمانة والانتماء) في ذات الشّكل (6)، فكلّ إنسان يسكن في بقعة من الأرض يجد لها انتماء وولاء عظيما في النّفس، لا تغيرّه الظّروف، عملا بالمثل الشّعبيّ «وَطْني وطْني ولا رقاد القطني» عمليّة استدعاء لمشاعر الانتماء الّتي تربط الإنسان بالجذور، على رأي ابن الرّومي: (ضيف).

لي وَطَنُ آلَيْتُ ألا أَبيعَه ولاَ أَرَى غَيْري لَهُ الدهر مالكا

حيث يفصح (الشّكل:6)  المسح البصري عن مشهد  من الواقع، إذ تحيل أيقونة «مقام الشّهيد (الجزائر) في خلفية المشهد على هويّة المكان، يظهر كنسق فرعي متفرع من النسق الرئيس (الانتماء)، يفصح عن نسق الانتماء المكانيّ، فهو يشير إلى المدينة، فحسب رولان بارت فإنّ «المدينة بحدّ ذاتها خطاب، فهي تتحدث إلى سكانها ونحن نتحدث إلى مدينتنا»(حميدان زياد،2021)، فيما يجلس مشرّدَان يستندان إلى الحائط ويلتحفان الأرض مجلسا، ويلبسان رثّ الثياب تظهر الحالة المزرية لهما، بينما تفرّ شخصية «بلباس رسمي وهي تشير لرجل أعمال أو مسئول، فالهرب إلى الخارج والاستهلاك الاستفزازي، والتعالي هي السمات المحددة لهذا الصنف في الرسم الكاريكاتيري، وهو ما يسمى بالنموذج الأساسي Paradigmالذي هو مجموعة من الدوال الأساسية المرتبطة بعضها بالبعض، والّتي تصنع صورة سائدة لموضوع ما، أو شخصيّة  ما»(إسماعيل، 2014)، كما في هذه الشخصيّة  الحاملة صُّرَة من النّقود كما دلت عليه علامة (عملة الدولار الأمريكي). وهنا يشير الفنان إلى نسق خيانة (الأمانة)، والمضاد للقيم وبناء المجتمعات.

كما حملت أيقونة «الصُّرَة» أكثر من دلالة ضمنيّة، تمثلّت في ظهور عملة (الدولار) بدل (الدينار) وهي إشارة ضمنيّة إلى تهاوي الدينار الجزائري، كما دلت الصُّرَة على سرقة تطلعات الشّاب، وطمأنينة العجوزين اللذين بقيا ثابتين متّمسكين بالأرض رغم غُبْنهما، يعلّقان «...هو ينهب... وأنا نطلب»؛ حيث يشير النسق اللساني إلى خيرات البلاد(ينهب)، و(يطلب) إلى انعدام العدالة في توزيع الريع، وتنامي التسول كظاهرة اجتماعيّة في المجتمع.

وقد طرح الفنّان ثنائيّة (شابّ وشيخ)، فربط الشّاب  بالإعاقة، الّتي تشير إلى حقول دلالية أخرى، كالعزوف عن العمل، وقبول أي عمل في ما وراء البحر(الهجرة)، وحالهم كحال ( الرّسول صلى الله عليه وسلم) وهو يودّع مكّة : «ما أطيبك من بلد وما أحبّك إليّ، ولولا  أنّ قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك رواه الترمذي(رمضان،2010)، فيما يجلس الشيخ يراقب الوضع بحسرة، ورغم ذلك ظل ردّ فعل المحرومين في هذا الوطن على شّاكلة «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» (الغامدي، 2010)، وهو ما مثله الفضاء الّذي شكّله اللّون الأزرق السّماويّ.

فالصّورة هنا «ليس معطى جاهزا بريئا لكنهّا حمّالة أوجه مائعة، بإمكانها أن تقول في لحظة ما تعجز آلاف الألفاظ عن البوح به»(نعيمة،2016).

لقد اختزل الفنّان الواقع في حضور مأساويّ ساخر، وناقد مشحون، بَينه من خلال علاقة بين المشرد والحائط، والّتي أسست لخطابات اجتماعية وسياسية وانساق ثقافية قابلة للتأويل من منطلق   المركز والهامش، تتضمن أسئلة خفيّة.

 وهذا ما جعل الكاريكاتيري عبد الباقي بوخالفة   يؤكد نفس الفكرة في (الشّكل:7)  بأبعاد دلالية، موظفا (المجاز)ويخص المجاز الجزء ليعبّر عن الكلّ، ممثلا لغالبية الشّعب الجزائريّ، من خلال احتضان المواطن لخارطة الجزائر، مظهرا نسق الانتماء الوطني، كأنّ الباث يرسل خطابا مبطنا: «إياك أن تُسقِط الجزائر»، فتخلى عن الخبز الذي هو أساس العيش، وحافظ على الخريطة كدال على الوطن والانتماء، فالجزائري تاريخيا لم يتخلى عن وطنه وهي غريزة متأصلة، مرجعيته الثورات التحريريّة، «فالانتماء هو المهيمن، ليس كلفظ ولكن كمعنى»(ثابت ، 2018).

بينما استعان بألوان ذات خلفيّة سوسيو ثقافيّة، كالأصفر الّذي يحيل على خطورة الوضع، ومثله في بركة الزيت «ياجدك الحالة راهي مزيتة»، فحسب رولان بارت فإنّ» الخطاب الرمزي يشغل في عمق حركيته البنيات اللغويّة التي هي إما بنيات لا شعورية وإما بنيات ثقافيّة مؤطرة تاريخيا»(ثاني عبد الله، 2007)، فأسّست الصّورة الكاريكاتيريّة لخطاباتها، بتوجيه نقدها للنمط المتمكن المبني على ثنائيّة الإضمار والإفصاح تتوخّى بذلك حشد آليّات الإقناع في المتلقّي أو المستهلك الثّقافيّ. بتتبّع الدّلالة القائمة على العلاقة بين النّسقين الأيقونيّ وغير الأيقونيّ، باعتبارهما مكمّلين لبعضهما في إطار المجاورة البصريّة والتّضمينيّة، لذلك يعدّ الرّسم الكاريكاتيريّ بأنّه حقل جامع للأيقونات والتّماثل البصريّ، مبني على الاشتغال اللحظي الموصول بالواقع، وتحويل الانتباه من الصّورة إلى الفكرة، ومن الراهن إلى الكامن.

 

 

الشكل 7: الوضع الاجتماعي

المصدر:الشروق اليومي، العدد 3167، يوم 08/01/2011.

وفي ذات السياق أشار رسام جريدة El Watan   هشام بابا أحمد، إلى تيمة المواطنة في (الشّكل:8)، فجاءت الصورة معنونة «Réconciliation LaVéritable Nationale»، يحتضن العلم الجزائري. فإن «استبطان الوعي الجمعي لتلك الدلالات والمعاني(...) هو ما يعمل على تماسك المجتمع، بحيث إذا أتيح لهذا الوعي التعبير عن ذاته عبر اللّغة والرموز تبين مقدار تماسكه.»(حميدان زياد، 2021).

هذا التصالح   أفرزه الحراك الشعبي 2019، ك»تجسيد عقلي وعملي لمفهوم المواطنة وترسخها بين مكونات الشعب، وهي الولاء أو الانتماء للوطن (...) وتقديم الصالح العام على المصلحة الشخصية»(كمال المنوفي، 2007).

يتضح مما سبق أنّ رسام الكاريكاتير يؤثث مساحات صوره على تراكمات معرفيّة ونفسيّة واجتماعيّة وثقافيّة وأنثروبولوجية، يحاكي الواقع في تمثلاته، فيتحول الحدث من بساطة الطّرح الأيقوني، إلى فكرة وحقل حامل للأنساق تختفي وتظهر، لا تتطلب إلا قارئا يهتم بتحرير المحسوس فيها.

 

 

الشّكل(8):المصالحة الوطنية

المصدر:http://bit.ly/3kUQSf7

خاتمة

إنّ الكاريكاتير فعل فنّيّ تمازجت فيه الأجناس الفنّيّة، كنوع من وسائل النقد والاحتجاج تحت مظلّة السّخرية بأنواعها، وهي مفردة في الفنّ تحقق التهكم والمبالغة والمجاورة للإيحاء بالحقيقة؛ حيث أصبح مظهره ومرجعيّته وسيلة في ربط الفنّ بالواقع لبناء الثّقافة. كما أنّه أسّس لأرضيّة خصبة في مجال الفنّ والاتّصال، يعيد من خلالها تثبيت دورة المجتمع معتمدا على لغة خطابيّة تعتمد أساسا على ثقافة المتلّقيّ، تستعين بالنّسقين البصريّ واللّسانيّ في نماذج فكريّة مهمّشة وعلنيّة، وأحيانا مغلوطة تفضحها المبالغة الكاريكاتيريّة في تصوير السّياقات ومحاولة استفزاز وتحريك السّاكن في الأنساق الثّقافيّة.

 كما أنّ الكاريكاتير -هذا الفنّ الّذي تبنته الصِّحافة-  قد أسهم في تصدير خطاب الإقصاء بالنّسبة لثنائيّة الرّجل والمرأة ممّا أدّى إلى تعطيل مسارات المرأة في المجتمع، حتى وإن مارست نوعا من التحرر، وحافظ على هذه النّمطيّة في التّصوير إلى الآن، كما ظهرت متاعب اللّغة بوصفها هوية وثقافة، في خطاب الكاريكاتير، والّذي أبرز هيمنة  العاميّة كمزيج بين الألسن، تحتفظ بكلماتها الأصيلة العربية الممزوجة بالكلمات الدخيلة،  كما أنه وجه إرسالياته عبر بقعة الضوء الموجّهة إلى الأمن الثّقافيّ والفكريّ الّذي يعدّ من أخطر  تهديدات الأمة، فقد أحيل على هامش استراتيجية التّنمية، الّذي  أهملته  السياسات المتعاقبة، وأفرغته من محتواه، وأنتجت  بذلك خطابا ثقافيّا فلكلوريّا مناسباتيّا، ممّا أسهم في صناعة  منظومة فكريّة مهترئة، يفترض التخطيط لحاضر ومستقبل جيل محصن فكريّا، ومع كلّ هذا فإنّ المواطن الجزائريّ يضمر بذور حبّ الوطن في جيناته الّتي تصنع منه محاربا في  الشّدائد، مشيرا لإشكاليّة الهويّة في أغلب الصّور الكاريكاتيريّة، هويّة تحتاج لكثير من التّمسّك حتّى لا تضيع في عالم أصبحت أطرافه متقاربة المستويات الثقافيّة والاجتماعيّة والإيديولوجية، بالإضافة إلى وجود  تيمات تتعدّد في الحياة يتعامل معها الكاريكاتير بحرفية تصنع منه خطابا مؤسسا،  منفتحا على الواقع؛ حيث تضطلع أنساقه  بوظيفة مضاعفة لإظهار الصريح والمضمر، صانعا آليّات التّواصل والتّأثير. لذا وجب الاهتمام بالكاريكاتير كفن كاشف لتناقضات المجتمع وإخضاعه للكتابات النقدية الأكاديمية وإخراجه من التهميش.



 يوري لوتمان (1922- 1993): كاتب وفيلسوف وعالم لغوي من أستوانيا، درس في جامعة سانت بطرسبورغ الحكومية،  من مؤسسي مدرسة تارتو السيميائية Tartuبموسكو سنة 1964، رفقة كل من , Gasparov Uspensky, Ivanov, Toporov,Piatigorsky، فكانت أذواق لوتمان انتقائية، وغزير الإنتاج وصلت أعماله إلى 800مقال وكتاب باسمه، في الأدب  والأنظمة النظرية في علم الجمال والشعر والفن والسينما والأساطير والتاريخ. حيث تم نشر الطبعة الروسية لكتابه Culture and Explosion« الثقافة والانفجار» (Kul’tura iVzryv) في سنة 1992، الذي يمثل ذروة أفكاره المكرسة لتطوير نظرية سيميائية الثقافة، كما صاغ مصطلح«simiophere» سنة 1984. ينظر:  (Lotnan Juri,2009,pp 07-17).

 ايفانوف Ivanov Vyacheslav(1929-2017): كاتب  روسي  وعالم في فقه اللّغة، من مؤسسي مدرسة تارتو السيميائية، اهتم بالدراسات الهندية الأوروبية، واللغويات، والترجمة الآلية، والأنثروبول الثقافي، والثقافة. السيميائية والدراسات الأدبية / الثقافية، والنظريات الأدبية والجمالية الروسية. له مسيرة أكاديمية طويلة بدأت في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، نشر إيفانوف أكثر من عشرين من الكتب وأكثر من ألفي مقال، وشغل عدة مناصب منها: رئيسًا لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (1959-1961)، مؤسسًا لمدرسة الأنثروبولوجيا الروسية في جامعة الدولة الروسية العلوم الإنسانية في موسكو (2003-2017). ينظر :(Igor, Pilshchikov et autre, 2018, 106–139. )

 

 ديلام علي: من مواليد 1967 بالجزائر، رسام كاريكاتير جزائري وتشكيلي، متحصل على شهادة في الاركيولوجيا من معهد الاركيولوجيا في العاصمة، وعلى شهادة من المدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة، عمل في عدة صحف:, Le MatinAlgerRepublicain, Liberté، له العديد من المشاركات في: باريس 1999، الجزائر2002، جنيف 2007.  ينظر:(Mansour Abrous, .p.248)

 

 بابا أحمد هشام: المدعو HIC من مواليد 1969 بالجزائر، رسام كاريكاتير جزائري حاصل على شهادة مهندس دولة في تخصص البيئة من جامعة باب الزوار سنة 1994، اشتغل في العديد من الصحف الجزائرية المستقلة منها: El Watan2009,,L’anthentique 1998 Le Matin2004,، ينظر: (Mansour, Abrous, p.248)

 

أكرم بوطورة: رسام كاريكاتيري حر، يشتغل على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحة الفيسبوك، حاصل على دكتوراه في علم المكتبات من جامعة قسنطينة، من مواليد تبسة، يعمل كأستاذ محاضر، شغل منصبي رئيس قسم وعميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة العربي التبسي، له عدة إصدارات منها: كتاب المعلومات العلمية والتقنية. ينظر: (akrem, boutora, 6/3/2021, https://bit.ly/38iNdmu)

 

 عبدو عبد القادر: المدعو أيوب، رسام كاريكاتير جزائري، من مواليد 1955، يعتبر من مؤسسي الكاريكاتير في الجزائر، عمل لوقت طويل في جريدة الخبر اليومية، والتحق بالنهار الجديد في 2007، له العديد من المشاركات والجوائز، أهمها جائزة الخبر عمر اورتيلان 2001.(Mansour Abrous , 2011, p28. )

 

 المجاز: في اللّغة هو التجاوز والتعدي، أورده الغامدي ضمن ستة مصطلحات أساسيّة في النقد الثقافيّ وهي: عناصر الرسالة (الوظيفة النسقيّة) - المجاز (المجاز الكلّي) -التوريّة الثقافيّة- ونوع الدلالة –الجملة النوعيّة- المؤلف المزدوج. ينظر: (الغدامي، عبد الله، الصفحة 65).

 

المراجع

القانون المتعلق بالإعلام رقم 90-07، المؤرخ 08رمضان 1410الموافق 03نسيان/أفريل 1990، (ج. ر. ج، العدد (14)، المؤرخة في 09رمضان 1410الموافق لـ 4أفريل 1990).

إدريس، يوسف، 1988، فقر الفكر وفكر الفقر، دار المحرر الأدبي للنشر والتوزيع، القاهرة.

أسامة عبد المنعم، ياسمين، 2016، صورة المرأة العربية في الصحافة الأمريكية والبريطانية، العربي للنشر والتوزيع، د م.

إسماعيل، حسام الدين محمد، 2014، ساخرون وثوار، دراسات علاماتية وثقافية في الإعلام العربي، العربية للنشر والتوزيع، القاهرة.

آل وادي شناوة، علي، 2011، النقد الفني والتنظير الجمالي، دار صفاء للنشر والتوزيع- دار الصادق الثقافية، ط1، الأردن، العراق.

بريمي، عبد الله، 2016، مطاردة العلامات، بحث في سيميائيات شارل ساندرس بورس التأويلية - الإنتاج والتلقي، كنوز المعرفة، ط1، عمان.

بلواضح، الطيب، 2014،حق الرد والتصحيح في التشريعات الإعلامية والصحفية، دار الكتب العلمية.

بن شيخة - المسكيني، أم الزين، 2014، تحرير المحسوس، لمسات في الجماليات المعاصرة، ط1، منشورات ضفاف/دار الأمان/ منشورات الاختلاف، بيروت/الرباط/الجزائر.

 بن نبي، مالك، 1986، شروط النهضة، تر: عبد الصبور، شاهين، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، دمشق.

بوعمامة، العربي، 2019، الصحافة الساخرة في الوطن العربي، منشورات ألفا، ط1، الجزائر.

بورديو، بيار، 2009، الهيمنة الذكورية، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان.

بوقرة، نعمان، 2009، المصطلحات الأساسية في لسانيات النص وتحليل الخطاب، جدارا للكتاب العلمي، ط1، الأردن.

ثابت، طارق، 2018، النسق الشعري وبنياته، منطلقات التأسيس المعرفي والتوظيف، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان.

ثاني عبد الله، قدور، 2007، سيميائية الصورة، مغامرة سيميائية في أشهر الإرساليات البصرية في العالم، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، عمان.

الحسين، إبراهيم، 2009، التربية على الفن، حفريات آليات التلقيّ التشكيليّ الجماليّ، تقديم: عبد الكريم، غريب، منشورات عالم التربية، ط1.

حمادة، ممدوح، 1999، فن الكاريكاتير من جدران الكهوف إلى أعمدة الصحافة، دار عشتروت للنشر، دمشق.

حمد خضر، عبد الله، 2017، مناهج النقد الأدبي، السياقية والنسقية، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان.

حمدان مراد، سوسن، 2013، الفن الامازيغي البدائي وأثره على الفن التشكيلي في الجزائر، منشورات الابريز، الجزائر.

رمضان سعيد عطا، محمد، 2010، خلاصة التحقيقات في الرد على الشبهات والتصورات، دار الكتب العلمية، لبنان.

الزاهي، فريد، 1999، الجسد والصورة والمقدس في الإسلام، إفريقيا الشرق، ط1، المغرب.

زنيتلي، محمد،2012، عودة حمار الحكيم، محاورات حرة مع حمار حر، دار المعرفة، ط2، الجزائر.

ضيف، شوقي، (ب-د-ت)، الشعروطوابعه الأدبية على مر العصور، دار المعارف، ط1، القاهرة.

عبد صابر، محمد، 2010، السرد الرسائلي، قراءة في سيرة الجسد وصهيل المطر الجريح، تقد: قباني، نزر، عالم الكتب الجديد، ط1، أربد.

الغامدي بن علي، عبد الرحمن، 2010، قيمالمواطنة لدى طلاب الثانوية وعلاقتها بالأمن الفكري، جامعة النايف العربية للعلوم الأمنية، ط1، الرياض.

الغذامي، عبد الله، 2005، النقد الثقافي (قراءة في الأنساق الثقافية العربية)، المركز الثقافي العربي، ط3، لبنان، المغرب.

الغلاييني، مصطفى، 2007، جامع الدروس العربية، تح: احمد، جاد، دار الغد الجديد، ط1، مصر.

فوكو، ميشال.  وآخرون، 2008، التحليل الثقافي، تر: أحمد، مصطفى.  وآخرون، مر: أبو زيد، احمد، المركز القومي للترجمة، ط1، القاهرة.

فونتاني، جاك، 2003، سيمياء المرئي، تر: علي، اسعد، دار الحوار، ط2، اللاذقية، سوريا.

فيدوح، عبد القادر، 2019، تأويل المتخيل (السرد والأنساق الثقافية)، ط1، صفحات للدراسات والنشر، سوريا- الإمارات المتحدة العربية.

طاهر مشهود، كاظم، 2003، فن الكاريكاتير، لمحات عن بداياته وحاضره عربيا وعالميا، أزمنة للنشر والتوزيع، ط1، الأردن.

كريز ويل، إديث، 1993، عصر البنيوية، تر: جابر، عصفور، دار سعاد، الصباح، ط1، الكويت.

لزاوي، أمين، 2009، صورة المثقف في الرواية المغاربية، المفهوم والممارسة، دار النشر راجحي، د. ط.

مداس، أحمد، 2018، قراءة في النص ومناهج التأويل، مركز الكتاب الأكاديمي.

المناصرة، حسين، 2012، مقاربات في السرد، عالم الكتب، ط1، اربد، الأردن.

النابلسي، شاكر، 1999، أكله الذئب (السيرة الفنية لناجي العلي)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت

نعيمة، سعدية، 2016، التحليل السيميائي والخطاب، علم الكتب الحديث، اربد، الأردن.

بيك، هيك وليم، 1997، فن الرسم عند قدماء المصريين، الدار المصرية اللبنانية، ط1، القاهرة.

الهاشمي، مجد، 2003، الكاريكاتيرفن الحياة، دار المناهج للنشر والتوزيع، ط1.

جوادي، هنيّة، 2007، «المرجعيّة الروائيّة في روايات الأعرج الواسيني»، (رسالة ماجستير منشورة في الأدب العربي)، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر.

الدواس خلف، مرسل، 2009، «النسق المضمر في الرواية القطرية»، (رسالة ماجستير منشورة في الأدب العربي)، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر، قطر.

دخيل، عبد الكريم، 2018، «ممارسات النقد الثقافي في الفن العالمي المعاصر»، (رسالة ماجستير   منشورة في الفنون التشكيلية)، كلية الفنون الجميلة، جامعة البصرة، العراق.

بن سباع، محمد، 2016، «النقد الثقافي عند عبد الله الغدامي، من نقد النصوص إلى نقد الأنساق»، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد (23).

بنكراد، سعيد، 1999، «نساؤنا ونساؤهم»، مجلة علامات، العدد (12).

حيمر حسين، 2021، «من مثقف السلطة الى سلطة المثقف»، مجلة مينرفا، المجلد 5، العدد (2).

خلاف، جلول، 2015،»الكاريكاتير بين الحق في الإعلام والحق في الصورة-تداعيات أزمة الرسوم بين لولاند بوسطن الدانماركية وشارلي ايبدو الفرنسية»، مجلة العلوم الاجتماعية، المجلد 12، العدد (1).

عزي، عبد الرحمن، 1996، «الإعلام والبعد الثقافي من القيم إلى المرئي»، المجلة الجزائرية للاتصال، العدد (13).

سلامة، عاطف، 2016، «دور الكاريكاتير في التعريف بالقضية الفلسطينية ونصرتها»، أعمال المؤتمر الدولي الثالث، فلسطين ...قضية وحق، طرابلس.

-المراجع باللغة الأجنبية

Fairclough. N, 2003, Analysing Discoures: Textural Analysis for Social Research, RoutledgeTaylor,Francis Group,London,  NewYork.

Goliot-LétéAnne et autres, 2008, Dictionnaire de limage, 2éditionVuibert.

Igor, Pilshchikov et autres ,  2018, (1929–2017) and his Studies , Studia Metrica et Poetica 5.(1).

Joel et Dan, Kotek, 2005, An Nom de Lantisionisme : Limage des juifs etdIsraëldans la caricature, éditions complexe.

Lotnan, Juri, 2009, Culture and Explosion,Semiotics-Communication and Cognition,édit : MarinaGrishakova, trans : du russe Wilma Clark, Mouton de Gruyter, Berlin ; New York.

Maingueneau Domminique, 1976, Initiation aux Méthodes du Lanalyse de Discours (Problèmes et Perspectives), Classique Hachette.

Abrous, Mansour, 2011, Algérie : Arts, PlastiquesDictionnaire(1900-2010) ; Le Harmattan ; paris ;2011

-المواقع الالكترونية

كمال المنوفي، 2007/2/13، الإسلام والتنمية، دراسة ميدانية لإشكالية  العلاقة، في الموقع: https://bit.ly/3lTtYXk، الساعة، 12:00.

عبد الله الغذامي، 30/6/2019، مفهوم النقد الثقافي، في الموقع : https://bit.ly/38FKORU، على الساعة، 22:45.

محمد همام، 22/7/2019، لا تسامح النسق(من أجل نقد ثقافي)، مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، في الموقع: http://bit.ly/3hhX3Ix، على الساعة، 10:30.

عز الدين المناصرة،16/10/2019، شعرية الكرسي، أنا شاعر وأنت مجرد كرسي، في الموقع: http://bit.ly/38DhewA، على الساعة، 23:34.

محمد خافاني، رضا عامر، 22/10/2019، المنهج السيميائي، آلية مقاربة الخطاب الشعري الحديث وإشكالياته، في الموقع:https://bit.ly/34Kt46J، على الساعة، 12:45.

عاطف سلامة، 15/11/2019، ثقافة النص في الرسم الكاريكاتيري وتأويلات المتلقي، في الموقع: http://bit.ly/3mUxSwG، على الساعة 11:30.

محمد العماري، 18/11/2019، الصورة واللغة (مقاربة سيميوطيقية)، في الموقع: https://bit.ly/2JmuSvt، على الساعة، 12:30.

الأعرج واسيني، 22/9/2020، آسيا جبار..جيل اللغة الفرنسية غنيمة حرب، في الموقع : http://bit.ly/34XFwQJ،على الساعة، 23:42.

زياد حميدان، 6/3/2021، سيميولوجيا ساحات الثورة ميدان التحرير فضاء لثورة 25يناير أنموذجا، في الموقع: https://bit.ly/2Oxyr4c، الساعة، 12:30.

dz.linkedin, akrem, boutora, 6/3/2021, sur le lien :https://bit.ly/38iNdmu, date dentréeàlheure : 22:30.

@pour_citer_ce_document

بختة ختال / كحلي عَمَّارة, «الأنساق الثقافية في الخطاب الكاريكاتيري الجزائري »

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 87-101,
Date Publication Sur Papier : 2022-12-05,
Date Pulication Electronique : 2022-12-05,
mis a jour le : 05/12/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=8995.